ما هو الوباء المعلوماتي وكيف تحمي نفسك منه؟

تسببت جائحة كورونا في وفاة أكثر من ستة ملايين شخص حتى نهاية شهر ابريل 2022 (تاريخ كتابة هذا المقال). [1] كما تسببت الجائحة في أكبر ركود اقتصادي منذ الحرب العالمية الثانية. [2] وفي نفس التوقيت، ظهر «وباء معلوماتي – Infodemic» غير مسبوق. يصف مصطلح الوباء المعلوماتي الانتشار السريع للشائعات ونظريات المؤامرة عبر المنصات المختلفة عبر العالم. فتابع معنا المقال التالي لتتعرف أكثر على الوباء المعلوماتي وأسبابه وكيف تحمي نفسك منه؟

ما هو الوباء المعلوماتي؟

تمت صياغة مصطلح الوباء المعلوماتي لأول مرة في عام 2003 من قبل «ديفيد روثكوبف – David Rothkopf » وهو كاتب صحفي في الواشنطن بوست. وليس هناك تعريف ثابت للوباء المعلوماتي. ولكن طبقًا لقاموس ميريام وبستر فهو انتشار سريع وبعيد المدى للمعلومات الدقيقة وغير الدقيقة حول شيء ما، كمرض معين مثل جائحة كورونا على سبيل المثال. ويعد الوباء المعلوماتي الذي صاحب جائحة كورنا هو أحدث وباء معلوماتي غزا العالم في العصر الحديث. وقد أكد المدير العام لمنظمة الصحة العالمية «تيدروس أدهانوم غيبريسوس – Tedros Adhanom Ghebreyesus» في العديد من المرات أن منظمة الصحة العالمية لا تحارب وباء كورونا فقط ولكنها تحارب الوباء المعلوماتي المصاحب له أيضًا. [3]

أسباب انتشار الوباء المعلوماتي  

أجمعت العديد من الدراسات على أن وسائل التواصل الإجتماعي و نقص المعرفة العلمية هي الأسباب الرئيسية لانتشار الوباء المعلوماتي. ولا شك أن كلا السببين مرتبطين بشكل وثيق. فكافة المعلومات تنشر على وسائل التواصل الاجتماعي في الوقت الحالي. ولذلك تعد وسائل التواصل الإجتماعي هي الوسيلة الأولى لمتابعة الأخبار العالمية حاليًا. ونتيجة نقص المعرفة لا يتم تمييز أي من المعلومات صحيح وأيها خاطئ. وفيما يلي نستعرض كل سبب على حدة.

دور وسائل التواصل الإجتماعي في انتشار الوباء المعلوماتي

لا يخفى على أحد الدور الذي تلعبه وسائل التواصل الاجتماعي اليوم في نقل اخبار العالم. فطبقًا لآخر إحصائية فإن عدد مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي وصل إلى ما يقارب 3.36 مليار في عام 2020. ومن المتوقع أن يصل هذا العدد إلى 4.41 مليار مستخدم بحلول عام 2025.[4] لكن بعكس المجلات العلمية فليس كل ما ينشر على مواقع التواصل يتم مراجعته من قبل المتخصصين. ونتيجة لذلك تنتشر المعلومات المغلوطة على وسائل التواصل الإجتماعي بشكل كبير. فطبقًا لإحدى الدراسات فإن مواقع التواصل الإجتماعي مسؤولة بشكل مباشر عن 50 % من اجمالي المعلومات المغلوطة المنتشرة حول فايروس كورونا المستجد. فعلى سبيل المثال قامت إحدى الدراسات بتحليل المئتي فيديو أصحاب أكثر مشاهدات على موقع يوتيوب في الفترة ما بين يناير 2020 وحتى ابريل 2020 حيث كانت تلك الفترة بداية انتشار الفايرس عالميًا. وقد وجدت هذه الدراسة أن هناك 115 فيديو من الفيديوهات المئتان الأكثر مشاهدة تحدثوا عن وباء كورونا بشكل مباشر. وقد احتوى 39 فيديو منهم على معلومات مغلوطة عن الوباء. أي أن 37% من هذه الفيديوهات احتوت على معلومات مغلوطة حول فايروس كورونا المستجد. [3]

دور نقص المعرفة العلمية في انتشار الوباء المعلوماتي

ساعد نقص المعرفة العلمية في انتشار الوباء المعلوماتي بشكل كبير. فربما لو كان المجتمع أكثر وعيًا بالطريقة العلمية، لاستطاعوا التحقق مما اذا كانت المعلومات التي يسمعونها صحيحة أم خاطئة. فطبقًا لدراسة أمريكية فإن نصف الأمريكيين لا يستطيعون تمييز الأخبار الصحيحة من الأخبار الخاطئة حول فايروس كورونا. وإذا كان نصف المجتمع الأمريكي المتفتح إلى حد كبير لا يستطيع تمييز الأخبار الصحيحة من الأخبار الخاطئة فكيف الحال بالدول الأفريقية مثلًا، التي يعد الوصول فيها للانترنت رفاهية لا يمتلكها أغلب الناس.[3]

وقد تسبب نقص المعرفة العلمية في وفاة 800 شخصًا بشكل مباشر في ايران نتيجة تناول منظفات ومعقمات اعتقادًا منهم أن هذه المنظفات قادرة على منع اصابتهم بوباء كورونا. [8]

لو أن المرء ليس مسؤولا إلا عن الأمور التي يعيها، لكانت الحماقات مبرأة سلفا عن كل إثم. لكن الإنسان ملزم بالمعرفة. الإنسان مسؤول عن جهله. الجهل خطيئة.

ميلان كونديرا – رواية المحاورة

دور الانحياز التأكيدي في انتشار الوباء المعلوتي

في سلسلة من التجارب ، شرع الأستاذ المساعد بقسم علم النفس «جوردون بينيكوك – Gordon Pennycook» وزملاؤه في إحدى الورقات البحثية في استكشاف التناقض بين ما نؤمن به وما نشاركه. أولًا قام العلماء بعرض العديد من الأخبار المزيفة على المشاركين التي تتفق م سياساتهم. ومن ثم قامو بتحديد ما إذا كان بإمكان المشاركين التمييز بين الأخبار الصحيحة والأخبار المزيفة.

وقد كان المشاركون في هذا التجربة أصحاب قدرة مميزة على تمييز الأخبار الصحيحة من الأخبار المزيفة. ولكن بالرغم من ذلك، كان من المحتمل أن يشارك المشاركون مقالًا خاطئًا يمثل وجهة نظرهم السياسية بمقدار الضعف مقارنةً بتصنيفها على أنها دقيقة. على وجه التحديد ، اخطأ الأشخاص في تصنيف ما يقرب من 20٪ من العناوين الكاذبة التي تتطابق مع سياساتهم وقامو بتصنيفها على أنها أخبار صحيحة. وعلى الرغم من ذلك، قام ما يقرب من 40٪ من الأشخاص بمشاركة نفس الأخبار المزيفة. أي أن الناس على استعداد لمشاركة مقالات يعلمون أنها كاذبة لمجرد أنها تتفق مع سياسيتهم فيما يمكن تصنيفه كانحياز تأكيدي (أحد أشهر الانحيازات المعرفية الموجودة). [5]

كيف تقلل عدد المنشورات المزيفة التي تنشرها

قام دكتور بينيكوك وزملاؤه بتحديد بعض التكتيكات التي قد يستخدمها رواد منصات التواصل الاجتماعي حتى يعطي الناس الأولوية للدقة في مشاركاتهم. قام الباحثون بتجنيد أكثر من 5000 مستخدم على تويتر شاركوا مقالات من المواقع التي تنقل المعلومات المضللة بانتظام. أرسل الباحثون رسائل خاصة إلى مستخدمي تويتر هؤلاء وطلبوا منهم تقييم دقة العنواين الرئيسية قبل كل نشر. لقد تم إعداد هؤلاء المستخدمين للتفكير بشكل أكبر في الدقة بعد هذا الطلب، ونتيجة لذلك زادت دقة مشاركات هؤلاء المستخدمين بنسبة 5 إلى 10٪ . قد تبدو الزيادة من 5 إلى 10٪ صغيرة ، ولكن عندما تفكر في العدد الهائل من منشورات توتير ، فإن مثل هذا الانخفاض في مقدار المعلومات الخاطئة قد يكون كبيرًا جدًا. لذلك فإن تبني مبدأ بسيط مثل تقييم دقة المقال قبل نشره يقلل عدد المنشورات المزيفة ولو بشكل قليل. [6]

كيف تميز الاخبار المزيفة على مواقع التواصل

نظرًا لأن عبء تمييز المنشورات الصحيحة من المزيفة يقع على عاتق كل فرد فينا، فإليك بعض الاستراتيجيات لمساعدتك في تقييم صحة المعلومات الطبية بشكل عام:

قيم مصدر المعلومة

لا يوجد وقت كافٍ للخوض في الكم الهائل من المعلومات التي نواجهها ، لذا فإن أسرع طريقة لفرز القمح من القشر هي التأكد من أن الشخص الذي يدعي الادعاء هو خبير حسن السمعة. الخبراء هم المنقذون الذين ينقذون الناس من الغرق في المعلومات الخاطئة ، وهذا هو السبب في أن مقدمي الأخبار الكاذبة ينتقصون من المهنيين المؤهلين. ومع ذلك ، فإن أوراق الاعتماد الأكاديمية ليست مؤشرًا مضمونًا لجودة المعلومات. على الرغم من الخراب الذي قد يجلبه ذلك إلى حياتهم المهنية ، فإن هناك بعض الخبراء المحتالين. بينما يرتكب آخرون أخطاء صادقة. ولكن النتيجة هي أن احتمالية أن تكون نصيحة الخبير سليمة أعلى بكثير من نصيحة غير الخبراء، خاصةً عندما يتم دعم رأي أحد الخبراء من قبل خبراء آخرين. [7]

كن حذرًا من وسائط الأخبار المتحيزة

شهدت العقود الأخيرة انتشارًا للوسائط الإخبارية مثل القنوات الإخبارية والمواقع الإلكترونية التي تعد بمثابة آلات دعاية للأحزاب السياسية. في هذه الحالة، غالبًا ما تكون المعلومات التي تستهلكها متحيزة بهدف التلاعب بالمستهلك لتلبية أجندة سياسية. كيف تعرف أن الوسط الإخباري المفضل لديك متحيز؟ إحدى النصائح الواضحة هي أن الوسط الإخباري يشيد باستمرار بحزب سياسي واحد بينما يهاجم الحزب المعارض بلا هوادة. نصيحة أخرى هي الطريقة التي يتم بها نقل المعلومات: يجب أن تكون النغمة مهنية وموضوعية ، وليست مشبعة بالعاطفة والغضب والرأي الشخصي. [7]

المصادر

[1] worldometers

[2] worldbank

[3] science direct

[4] statista

[5] nature

[6] psychology today

[7] psychology today

[8] BBC

كورونا تتسبب في ارتفاع معدلات الجوع حول العالم

أدت جائحة كورونا خلال عام 2020 والعام الحالي، إلي زيادات حادة وواسعة النطاق في انعدام الأمن الغذائي العالمي، وواجه عدد كبير من البلدان مستويات متزايدة من انعدام الأمن الغذائي الحاد، مما أثر على الأسر في كل بلد تقريبًا. وأظهرت الاستطلاعات الهاتفية التي أجراها البنك الدولي في 48 دولة، أن عددًا كبيرًا من الناس يعانون من نقص السعرات الحرارية والتغذية الضعيفة، والتى من الممكن أن يكون لها أكبر الآثر على النمو المعرفي للأطفال.[1]

معدلات انعدام الأمن الغذائي حول العالم

في منتصف عام 2010، بدأ معدل الجوع في الارتفاع محطماً الآمال، ومما يثير القلق أن المعدل قد ارتفع في عام 2020 من حيث القيمة النسبية والمطلقة متجاوزًا النمو السكاني، وتشير التقديرات إلي أن حوالي 9,9% من الأشخاص عانوا من نقص التغذية عام 2020، مقارنة ب8,4% في عام 2019.

وأظهرت التقديرات أن أكثر من نصف الأشخاص الذين يعانون من نقص التغذية يعيشون في آسيا ويقدر عددهم بنحو 418 مليون شخص؛ كما أن أكثر من ثلث الأشخاص يتركزون في أفريقيا ويقدر عددهم حوالي  282 مليون شخص،  ونسبة أقل في أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي ويقدر عددهم بنحو60 مليون شخص.

وبالنسبة للقياسات الأخري فإن أكثر من 30% من سكان العالم، افتقروا إلى الوصول إلى الغذاء الكافي على مدار عام2020،  لكن أكبر ارتفاع في معدلات الجوع كان في أفريقيا، حيث يقدر معدل انتشار نقص التغذية  بنسبة 21% وهو أكثر من ضعف مثيله في أي منطقة أخرى.

آثار انعدام الأمن الغذائي على الأطفال والبالغين

في عام 2020، أشارت التقديرات إلى أن أكثر من 149 مليون طفل دون سن الخامسة يعانون من التقزم، أو أقصر من أن يتناسب طولهم مع أعمارهم، وأن أكثر من 45 مليون طفل يعانون من الهزال، وما يقرب من 39 مليون يعانون من زيادة الوزن. وعلى الصعيد العالمي فإن ما يقرب من ثلث النساء في سن الإنجاب يعانين من فقر الدم.

أزمة الغذاء الناجمة عن فيروس كورونا

في أجزاء كثيرة من العالم، تسبب الوباء في فترات ركود وحشية وعرّض الوصول إلى الغذاء للخطر.[2] وأشار التقرير العالمي لأزمات الغذاء لعام 2021إلي أن وباء كورونا قد زاد بشكل كبير من خطر الجوع الشديد في بعض مناطق العالم.[3]

 ومع ذلك، فإن معدل الجوع بدأ في الزيادة في العالم قبل حدوث الجائحة. ووفقًا للاتجاهات الحالية، تقدر حالة الأمن الغذائي والتغذية في العالم أن هدف “القضاء على الجوع بحلول عام 2030”  من أهداف التنمية المستدامة، سيفتقده ما يقرب من 660 مليون شخص.[4]

وتشير دراسة حديثة لمنظمة الأمم المتحدة إلى أن الجوع في المنطقة العربية مستمر في الارتفاع، مما يهدد جهود المنطقة لتحقيق خطة التنمية المستدامة لعام 2030، بما في ذلك هدف القضاء على الجوع، وأن أكثر من 51 مليون شخص في المنطقة يعانون من الجوع.  [5]

أزمة الغذاء وإهدر الطعام

تقدر منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة أن حوالي 815 مليون شخص في العالم يعانون من نقص التغذية المزمن. وعلى الجانب الأخر فإن ما يقرب من ثلث الطعام حول العالم يتم إهداره، وحسب بعض التقديرات فإن حوالي 1,3 مليار طن من الطعام يهدر كل عام في جميع أنحاء العالم.

كل هذه النفايات لها تكاليف اقتصادية وبيئية واجتماعية ضخمة، فعلى سبيل المثال تعتمد الزراعة على العديد من الموارد كالطاقة والمياه، وإهدار الطعام يعني إهدار لتلك الموارد.[6]

الحلول المقترحة للحد من الجوع 

بحلول عام 2030 فإن حوالي 660 مليون شخص قد لا يزالون يعانون من الجوع، وقد يرجع ذلك إلى الآثار الدائمة لوباء فيروس كورونا على الأمن الغذائي العالمي.[7]

وتحذر الشبكة العالمية لأزمات الغذاء من أن الاتجاهات البيئية والاجتماعية والاقتصادية طويلة الأجل التي تتفاقم بسبب تزايد الصراع وانعدام الأمن تؤدي إلى عدم قدرة النظم الغذائية الزراعية على الصمود.

وبالتالي لمواجهة هذه التحديات فإنه لا بد من تكثيف الجهود لتعزيز أنظمة الأغذية الزراعية المرنة والمستدامة اجتماعيا وبيئيا واقتصاديا.[8]

ولا بد من اتخاذ إجراءات عاجلة لا سيما إجراءات لمعالجة الأسباب الرئيسية لانعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية وأوجه عدم المساواة التي تؤثر على وصول الغذاء إلي الملايين.[9]

المراجع

(1)worldbank

 (2),(4) who

(3)fsinplatform

(5)unicef

)(6)ucdavis

(7),(9)fao

(8)weforum

Image source:worldbank

المتحور دلتا، ما الذي نعرفه عن التحور المهيمن صانع ريمونتادا كوفيد 19 الجديدة؟

المتحور دلتا هو أحد أكثر تحورات فيروس كورونا شهرةً. بسبب الكارثة الإنسانية التي ألحقها بالهند. كذلك الزيادة في معدلات انتشاره على مستوى العالم. فقد تسبب في زيادة ملحوظة في أعداد الوفيات والإصابات بالهند. حتى أن المستشفيات اكتظت بالمرضى ولم تعد بها أماكن لاستقبال مرضى جدد. كما لم تتوفر أماكن كافية لحرق الجثث وفقاً للتقاليد الهندوسية وحدث نقص شديد في اسطوانات الأكسجين المستخدمة في إسعاف المرضى. [2] كذلك فقد سارع الكثير من أبناء الشعب الهندي لأخذ اللقاح ليساعدهم في حربهم ضد ذلك العدو الذي لا يرحم. حتى يتجنبوا المصير الذي يشاهدوه في الطرقات وعلى التلفاز والإنترنت وبين أقاربهم. الأمر الذي نتج عنه نفاذ كميات اللقاح المتوفرة في حينها. [3] كما أنه أثار ذعراً من نوع آخر حول إحتمالية قلة فاعلية لقاحات وعلاجات كوفيد-19 تجاهه. ومع استمرار انتشاره في كثير من دول العالم؛ أصبح كثير من قادة الدول يترقبون في حذر وصوله إلى دولهم وصورة الضحايا في الهند لا تغادر أذهانهم.

اكتشاف المتحور دلتا

في أواخر 2020 بدأت إصابات كوفيد-19 في الهند في الارتفاع. وهناك تم اكتشاف المتحور دلتا لأول مرة. وكان في مارس 2021 مسئولاً فقط عن 4% من الإصابات. إلا أنه في غضون شهرين فقط أصبح مسئولاً عن 70% من الإصابات. [2]

رسم يوضح ارتفاع عدد الحالات التي تسبب بها المتحور دلتا من مارس 2021 (<7%) إلى مايو 2021 (>70%). [2]

تصنيف منظمة الصحة العالمية للمتحور دلتا

بشكل عام تتطور كل الفيروسات بشكل مستمر بسبب حدوث طفرات كنتيجة لأخطاء تحدث أثناء عملية التكاثر ونسخ الشفرة الوراثية. الغالبية العظمى من تلك الطفرات لا يكون له تأثير على الفيروس. لكن بعضها قد يعطيه ميزات تطورية تمكنه من الانتشار بشكل أسرع أو يجعله مقاوماً لمضادات الفيروسات واللقاحات أو يتسبب في أمراض أو أعراض مختلفة أو أكثر خطورة من المشهور عنه.

وكأثر من آثار جائحة كوفيد-19 قامت منظمة الصحة العالمية بتتبع طفرات الفيروس المسئول وتحوراته وقامت بتصنيفها إلى قسمين:

1- تحور مثير للقلق Variant of concern:


لكي يكون تحور سارس-كوف-2 مصنفاً كتحور مثير للقلق؛ ينبغي أن تنطبق عليه أحد أو كل الشروط التالية:

1- زيادة شديدة في معدلات انتشاره وانتقاله.

2- زيادة في ضراوته وتغير في الأضرار التي يُلحقها بالمريض والصورة المرضية المشهورة عن المرض الذي يسببه.

3- انخفاض فاعلية أساليب الصحة العامة المعتمدة في الحد من أثره وانتشاره مثل: العلاجات المستخدمة، اللقاحات، وسائل التشخيص المعملية.

2- تحور مثير للاهتمام Variant of interest:

لكي يكون التحور مصنفاً كمثير للاهتمام؛ فلابد أن يتحقق به شرطان:

1- أن تحدث به طفرة جينية مُتوقع علمياً أن تتسبب في تغييرات تزيد من قدرته على الانتشار أو مقاومة الأدوية والمناعة أو تزيد من ضراوته وشدة المرض الذي يسببه.

2- يتسبب في حدوث إصابات محدودة في مناطق معينة أو منتشرة في عدد من الدول يزداد عددها مع الوقت بشكل ينذر بحدوث موجة جديدة من الإصابات.

وهذا التصنيف لا يعد بديلاً عن التصنيفات والتسميات المعتبرة في علم الفيروسات والتي تتولاها هيئات علمية دولية كبرى. ولكن هو محاولة للمساعدة في تبسيط النتائج التي يتوصل لها المختصون. ومن ثم يتمكن المسئولون وأصحاب القرار من اتخاذ قرارات وإجراءات بشكل أسرع وأكفأ في مواجهة أي تحور قد يشكل خطورة. وكذلك لتسهيل فهم التحورات على غير المختصين ومن ثم يزداد الوعي بها. وأيضاً كمحاولة لمنع التحيز والتمييز ضد سكان بلدان معينة تم اكتشاف هذا المتحور بها أول مرة.

كما قامت منظمة الصحة العالمية بابتكار نظام يسهل تسمية التحورات المهمة من فيروس سارس كوف 2 SARS-CoV-2 المسئول عن كوفيد-19. حيث يتم تسمية التحورات بالحروف اليونانية كالتالي:

ألفا Alpha، بيتا Beta ، جاما Gamma، دلتا Delta،…. وهكذا.

ويندرج المتحور دلتا تحت المتحورات المثيرة للقلق وفقاً لمنظمة الصحة العالمية. [4]

صورة تعبيرية عن تنوع تحورات سارس-كوف-2. [15]

ما هي التحورات التي أنتجت المتحور دلتا؟

إن دلتا يحمل عدة طفرات في الجين المسئول عن إنتاج البروتين الشوكي (إس جين S gene). تتسبب في تحورات في البروتين الشوكي الذي يمكن الفيروس من دخول الخلية والذي هو أيضاَ هدف الأجسام المضادة التي يكونها جهاز المناعة سواء لدى المتعافين أو من تلقوا اللقاح. [7، 9]

بشكل عام يحمل المتحور دلتا تحورات في ثلاثة مناطق من البروتين الشوكي Spike protein:

1- نطاق الارتباط بالمستقبِل Receptor-binding domain (RBD):
هذا الجزء مسئول عن الارتباط بمستقبلات الإنزيم المحول للأنجيوتنسين 2 Angiotensin Converting Enzyme 2 Receptor (ACE2 R) والتي يرتبط بها الفيروس على سطح الخلية حتى يتمكن من الدخول إلى الخلية.
ويمتلك المتحور دلتا ثلاث طفرات في هذا الجزء: الأولى تساعده في تفادي الأجسام المضادة والثانية تمكنه من الارتباط بكفاءة أكثر بالمستقبل ومن ثم الارتباط بالخلايا ودخولها بسرعة والانتشار أسرع و الثالثة تساعده في الارتباط بالمستقبلات وفي تفادي الأجسام المضادة.

2- موضع ا
لتكسير بالفيورين Furin Cleavage Site:
يتركب البروتين الشوكي من جزئين: جزء الارتباط بالمستقبل Receptor-binding subunit S1 وجزء الالتحام بالخلية Fusion subunit S2 وبينهما موضع التكسير بالفيورين. والذي يلزم تكسيره بعد ارتباط S1 بالمستقبل حتى يتمكن الجزء S2 من الالتحام بسطح الخلية. والمتحور دلتا يحمل طفرات بهذا الموضع تسهل عملية التكسير بالفيورين ومن ثم الدخول للخلية وبالتالي تساعده على الانتشار أكثر وأسرع.

3- نطاق النهاية الأمينية (الموضع مولد الضد الفائق) N-Terminal Domain (Antigen supersite):
يعتبر هذا الجزء من البروتين الشوكي أحد أهم نقاط ضعف الفيروس حيث يعتبر هدفاً للأجسام المضادة. لكن المتحور دلتا يتميز بامتلاكه عدد من الطفرات بهذا الجزء مما يجعله قادراً نسبياً على تفادي الأجسام المضادة والهروب منها. [7، 9]

معدل انتشار المتحور دلتا

لكن عزيزي القاريء هل يمكن أن يكون انتشار دلتا في الهند هو مجرد صدفة وإستعداد جسدي ما لدى المصابين في الهند كما حدث مع المتحور جاما في البرازيل سابقاً؟ والذي لم ينتشر بكثافة في أماكن أخرى في العالم كما انتشر بالبرازيل.

بناءاً على البيانات التي تم التوصل إليها فإن المتحور دلتا هو أكثر متحورات سارس-كوف-2 قدرة على الانتشار. إذ يبلغ معدل انتشاره تقريباً ضعف سلالة ووهان الأصلية. ويمكن تصنيفه كفائق الانتشار Superspreader. فقد أصبح المتحور دلتا في شهور قليلة المتحور المهيمن على عدوى كوفيد-19، ومن ثم حل محل التحورات الأخرى في معظم البلدان؛ مثل: أمريكا والهند وانجلترا واسكتلندا وإسرائيل وغيرهم. [9]

حيث انتشر دلتا في بريطانيا وحدها بمعدل أعلى ب 40 – 50 % من معدل انتشار المتحور ألفا والذي تم اكتشافه في بريطانيا سابقاً. وكان معدل انتشاره يفوق سلالة ووهان الأصلية بمعدل 50% [5]
كذلك في أستراليا ارتفعت نسبة إصابات كوفيد-19 المسئول عنها المتحور دلتا من 1% إلى 84% في غضون ثلاثة شهور فقط. أما بالنسبة لروسيا فإن نسبة الإصابات المسئول عنها المتحور دلتا ارتفعت من 0% إلى 95%. [2]

وحتى وقتنا الراهن فإن متحور دلتا مسئول عن ما يزيد على 80% من الإصابات في الولايات المتحدة. ومع كون ما يقرب من 50% فقط من الشعب الأميريكي قد تلقى اللقاح فإن ذلك مثار قلق هناك. خصوصاً أنه وفقاً للإحصائيات فإن معدلات الإصابة بدلتا تتناسب عكسياً مع نسب متلقّي اللقاحات في الولايات. [9، 10] وقد أعاد مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها CDC إصدار توصيات بإرتداء الكمامات في الأماكن المغلقة حتى لمن تلقوا اللقاح بشكل كامل مع ظهور إصابات بين من تلقوا اللقاح وذلك من أجل الحد من انتشار العدوى. [11]

يٌعد أحد أكبر الألغاز التي يثيرها المتحور دلتا هو تمكنه من الهيمنة على العدوى بالمقارنة بمتحورات كورونا المنتشرة الأخرى. وذلك على الرغم من أن بعضها يمتلك تحورات تمكنها من تجنب الأجسام المضادة التي ينتجها جهاز المناعة بفعالية أعلى من قدرة المتحور دلتا. [6]

تأثير المتحور دلتا عل شدة أعراض كوفيد والحاجة للحجز في مستشفى

قد أفادت بعض التقارير بإختفاء أعراض قديمة شهيرة عند الإصابة بالمتحور دلتا مثل: الكحة وفقدان حاستي الشم والتذوق وبوجود أعراض جديدة مصاحبة له؛ مثل: ضعف أو فقدان السمع، تكوّن جلطات مسببة موت الأنسجة وبالتالي غنغرينا. لكن حتى وقتنا الراهن لا يوجد دليل قاطع على ارتباط وثيق بين هذه الأعراض والإصابة بالمتحور دلتا، كذلك ارتباطه بمعدلات وفيات أكثر. ما يزال كل هذا محل بحث. بينما الأعراض مثل الصداع وإلتهاب الحلق والحمى مازالت ضمن الأعراض التي تظهر مع إصابات كوفيد-19 المسئول عنها المتحور دلتا [9]
لكن يبدو أن المتحور دلتا يزيد من إحتمالية الحجز بالمستشفى، حيث وجدت إحدى الدراسات أن الإصابة بالمتحور دلتا تزيد من إحتمالية الحاجة للحجز بالمستشفى بمعدل الضعف بالمقارنة بالمتحور ألفا والذي كان أشد من سلالة ووهان الأصلية. [12]

اللقاحات والمتحور دلتا – انخفضت فاعليتها لكن ما تزال قادرة على الحماية

منذ بدايات اكتشاف اللقاحات وهي تعد أحد أهم دفاعات البشر ضد الإصابة بالعدوى ووسيلة فعالة لإنقاذ حياة البشر وحمايتهم. لذلك عندما ظهرت جائحة كوفيد-19 وجه كثير من البشر آمالهم وتطلعت أبصارهم إلى مختبرات العلماء منتظرين منهم لقاح للحماية من تلك الجائحة الكارثية.
وقد كان وظهرت عدة لقاحات للوقاية من كوفيد-19. ولكن كما ذكرنا عزيزي القاريء فإن الفيروسات تتحور وبعض تحورات سارس-كوف-2 تكون في الهدف الذي تستهدفه اللقاحات في عملها. وهذا يثير تساؤلاً حول فاعلية اللقاحات في الوقاية من المتحور دلتا.

لقد لاحظت دراسة معملية انخفاض فعالية الأجسام المضادة المتكونة عند المتعافين أو من تلقوا اللقاح ضد سلالة دلتا بالمقارنة بالسلالة الأولى المعروفة بسلالة ووهان. مع ذلك ما تزال هذه الأجسام المضادة قادرة على توفير نوع من الحماية ضد فيروس دلتا. [8]

كما لاحظت دراسة أخرى باسكتلندا أن التطعيم بلقاح أسترازنيكا أو فايزر-بيونتك حتى وإن كان ذو فعالية أقل ضد المتحور دلتا فإنه يقلل من شدة الإصابة بالمتحور دلتا ويقلل كذلك من نسب الحاجة للحجز بمستشفى. [12]

كما أنه وُجد في دراسة أخرى في بريطانيا -لا تزال تحت التحكيم- أنه رغم إنخفاض كفاءة اللقاحات في توفير حماية من المتحور دلتا إلا أنها مازالت توفر حماية مقبولة. حيث كانت الحماية التي يوفرها لقاح فايزر-بيونتك مثلاً ضد المتحور دلتا حوالي 88%. كذلك فإن لقاح أسترازينيكا كان فعال بنسبة 67% ضد دلتا. كما وجدت الدراسة أيضاً أن اللقاحات تقلل من شدة الأعراض ومن ثم تقلل معدلات الحجز بالمستشفيات. حيث وجدت الدراسة مثلاً: أن استخدام اللقاحات يقي من الأعراض الخطيرة التي تتطلب حجز بمستشفى بنسبة تتراوح بين 71% و94% بعد الجرعة الأولى وبين 92% و96% بعد الجرعة الثانية. [13]

وعندما قارنت دراسة بين فاعلية الأجسام المضادة الموجودة عند متعافين من كوفيد-19 والمٌتكونة نتيجة لقاحات؛ وجدت أن فعالية الأجسام المضادة المتكونة نتيجة لقاحات أعلى في الحماية من المتحور دلتا. [7]

من ثم يمكن القول أن لقاحات كوفيد-19 لا تزال توفر نوع من الحماية حتى من المتحور دلتا.

كيف نواجه المتحور دلتا ونوقف تحور الفيروس؟

ربما تتسائل الآن عزيز القاريء عن كيفية مواجهة دلتا وخفض معدل التحورات عموماً. إن الاستراتيجية المتاحة أمامنا هي الحد من انتقال الفيروس بقدر الإمكان. من ثم نُوقف قدرته على التحور إلى أشكال أشد ضراوة وخطورة. والأسلحة التي في جعبتنا كأفراد حالياً هي الالتزام بالتباعد الاجتماعي وإرتداء الأقنعة الواقية وتناول اللقاحات المتوفرة. [9] وبالنسبة للمنظمات والجهات المسئولة ففي جعبتهم فرض وتطبيق لوائح وقوانين تحد من انتشار الفيروس. كذلك إتخاذ خطوات تسرع من عمليات التطعيم وتساعد في الترصد والكشف المبكر عن التحورات الجديدة التي قد تشكل خطورة جديدة. وهي أسلحة فعالة إلى حد كبير إذا ما أحسننا استخدامها قبل فوات الأوان.

يكمُن الخطر الحقيقي عزيزي القاريء في أنه بوجود أفراد لم يتلقوا اللقاح أو مع عدم الالتزام بالإجراءات الوقائية من كوفيد 19 فإننا نسمح بوجود إصابات بالفيروس. مما يخلق وسطاً يساعده على التحور أكثر فأكثر بشكل سريع ولا يمكن توقع أثر أو مشاكل أو خطورة هذه التحورات مستقبلاً. في الواقع إن المتحور دلتا قد ظهر منه تحور جديد هو دلتا بلس والذي هو قيد البحث والتتبع حالياً أيضاُ. [14]

المصادر:

  1. WHO says delta variant driving Covids fourth wave in Middle Easts :مصدر الصورة البارزة للمقال
  2. Demystifying the Delta Variant with Data – Johns Hopkins Coronavirus Resource Center
  3. Covid-19 vaccination: Is India running out of doses?
  4. Tracking SARS-CoV-2 variants (who.int
  5. How Dangerous Is the Delta Variant, and Will It Cause a COVID Surge in the U.S.?
  6. Why Do Variants Such as Delta Become Dominant?
  7. Reduced sensitivity of SARS-CoV-2 variant Delta to antibody neutralization
  8. Infection and Vaccine-Induced Neutralizing-Antibody Responses to the SARS-CoV-2 B.1.617 Variants | NEJM
  9. How Dangerous Is the Delta Variant (B.1.617.2)? | ASM.org 
  10. CDC COVID Data Tracker
  11. Interim Public Health Recommendations for Fully Vaccinated People
  12. SARS-CoV-2 Delta VOC in Scotland: demographics, risk of hospital admission, and vaccine effectiveness
  13. Public library – PHE national
  14. S.Korea on alert for new Delta Plus COVID-19 variant
  15. Delta variant brings new pandemic threat to Germany 

4 تأثيرات لا تعرفها عن مواقع التواصل الاجتماعي

4 تأثيرات لا تعرفها عن مواقع التواصل الاجتماعي

تشكل مواقع التواصل الاجتماعي جزءًا هامًا ورئيسيًا في عالمنا الحالي، فهي بالكاد مكوّن أساسي لا تخلو منه حياة الأفراد اليوميّة، لما تقدمه لنا من تسهيلات قد يسّرت التعاملات اليومية المتكررة أكثر من أيّ وقت مضى، بل وفي بعض الظروف قد تمثل حلولًا لمشاكل عالمية مثل الذي يحدث الآن أثناء جائحة كورونا. فقد قدّمت لنا وسائل التواصل الاجتماعي خدمات لا غنى عنها في التخفيف من وطأة الظهور المفاجئ للوباء والجو العام من العزلة التي فرضته ظروف الحجر الصحي. وبمرور الوقت، طالت مدة الأزمة وأصبحت تلك المواقع هي الواقع الجديد الذي ينبغي تقبله والتعايش معه، الأمر الذي بدوره أنتج العديد من الظواهر التي أثرت بشكل مباشر أو غير مباشر على صحة الأفراد النفسية والعقلية.

1. أثر مواقع التواصل على الصحة النفسية

قد يسبب الاستخدام المفرط لتلك المواقع الكثير من الآثار السلبية من ازدياد شعور القلق أو الإحساس المتزايد بالوحدة والعزلة لعجز التواصل الافتراضي عن سد فجوة التواصل الحقيقي أو حتى مقارنة أنفسنا بالآخرين والشعور بالإحباط عند رؤية منشورات يعبرون فيها عن سعادتهم بينما لا نستطيع نحن الشعور بتلك السعادة. جميع هذه التأثيرات قد تحدث منفردة أو مجتمعة، وتختلف حدتها حسب المدة التي نقضيها في تصفح تلك المواقع.(1)

2. ظاهرة ال FOMO «الخوف من أن يفوتك أمر ما-Fear of missing out»

ظاهرة ال FOMO هي قلق اجتماعي نابع من الاعتقاد بأن الآخرين قد يحظون ببعض المتعة بينما الشخص الذي يعاني من القلق غير موجود. توصف أيضًا بأنها الرغبة في البقاء على اتصال دائم مع ما يفعله الآخرون. كما أنها تعرف بالخوف من الندم من أن يفوت المرء فرصة للتفاعل الاجتماعي أو تجربة جديدة أو استثمار مُربح. (2)

وفي ظل الاستخدام المتزايد لمواقع التواصل الاجتماعي لاقت هذه الظاهرة انتشارًا واسعًا خاصة بين فئة الشباب. كما أن آليات عمل هذه المواقع تهيئ بيئة مناسبة لانتشار هذه الظاهرة، حيث أن تلك الآليات تسعى إلى تحسين تجربة الأفراد من خلال إطالة مدة تصفحهم على المواقع وزيادة نسبة التفاعلات والأنشطة بين المستخدمين مما أدى إلى توفير تيار مستمر من الأنشطة التي قد لا يستطيع الفرد الواحد المشاركة بها، فيتولد عند الفرد إحساسًا بتفويت شيء ما. أمثلة على تلك الآليات هي خاصية «إضفاء الطابع الشخصي على المحتوى-personalisation of content»، خاصية «الإتاحة المؤقتة لنشرة الأخبار-temporarily available feeds» وخاصية «الإشعارات- notifications» و«الإنذارات-alerts».
(3)

قد تكون جميع تلك الآثار المذكورة حتى الآن مألوفة لنا أو اختبرنا بعضًا منها بدرجة أو بأخرى، ولكن هل سمعت من قبل عما يعرف ب «فترة الانتباه- attention span» وإلى أي مدى تأثرت بالاستخدام المفرط لوسائل التواصل الاجتماعي؟

3. فترة الانتباه

فترة الانتباه هي كمية الوقت الذي نقضيه بكامل التركيز على مهمة محددة قبل تشتّت الانتباه. حسب دراسة أجرتها ميكروسوفت فإن متوسط فترة الانتباه للفرد هو 8 ثوانٍ بعد أن شهد هبوطًا حادًا من 12 ثانية في عام 2000. (4) وترجع أسباب ذلك إلى الطفرة التقنية التي شهدتها تلك الفترة من ظهور الهاتف المحمول بالتزامن مع ظهور مواقع التواصل الاجتماعي وخاصية الاتصال الدائم بالانترنت. تلعب «فترة الانتباه- attention span» دورًا هامًا في قدرة الفرد على التعلم وتحقيق الأهداف. فبزيادة تلك الفترة، يزداد تركيز الفرد وبالتالي تزداد قدرته الذهنية على أداء المهام المعقدة. (5)

لكن على ما يبدو، فإن الأمر لم يتوقف عند ذلك الحد. فقد وُجد أن آثار مواقع التواصل الاجتماعى قد تصل إلى مستوى أعمق من ذلك على المدى البعيد.

4. أثر مواقع التواصل على إدراك الواقع

تمضية ساعات متواصلة في التصفح على فيسبوك ومشاركة أجمل اللقطات ونشر أسعد أخبارنا وانجازاتنا وتلميع ذواتنا باستمرار قد يخلق صورة زائفة عن هويتنا الحقيقية ويغير نظرتنا تجاه من نكون نحن فعلًا. التعرض المستمر لذلك العالم المصطنع قد يغير مفهوم الواقع الحقيقي بالنسبة لنا، بل وقد يغير سلوكنا أيضًا. ولعل أحد الظواهر التي ينجلي بها تأثير وسائل التواصل على السلوك هو «تأثير بروتيوس». هل سمعت عنه من قبل؟

تأثير بروتيوس يحدث في التفاعلات الافتراضية على مواقع التواصل حين يصنع أحد المستخدمين ال«أفاتار- avatar» الخاص به، فإنه يؤثر على إدراك وتصورات الناس وسلوكهم الواعي أو غير الواعي. (6)

حسنًا قد تكون فزعت بعض الشيء، أو ربما قررت حذف حساباتك من تلك المواقع أو حتى تركها للأبد ولكن عليك أن تعلم مع ذلك أنها ليست بذلك السوء، على الرغم من قدرتها كأداة جديدة نسبيًا على البشر في إحداث آثار سلبية، فهي في آخر الأمر أداة، وكأي أداة أخرى فنتائج استخدامها تعتمد على الطريقة المستخدمة بها، إن اُستخدمت بشكل جيد أو سيء. لذا فتفكّر جيدًا في كيفية استخدامك وهل تستخدمها فعلًا بالشكل الأمثل الذي يضمن لك تحقيق أقصى استفادة من تلك الأداة؟

مصادر:
(1) IEEE
(2) wikipedia
(3)Researchgate
(4)Time
(5)wikipedia
(6)elakademiapost

تطبيقات البيانات الضخمة في الصحة العامة

هذه المقالة هي الجزء 12 من 17 في سلسلة مقدمة في علم البيانات وتطبيقاته

تتميز البيانات الضخمة بحجمها الكبير واختلافها وتنوعها. والصحة العامة هي علم منع الأمراض وزيادة العمر والصحة والكفاءة من خلال مجهود مجتمعي منظم. تخيل أنك تذهب إلى مستشفى لعمل فحص سنوي طبيعي للاطمئنان على حالتك الصحية. يأخذ منك الطبيب أو المختص بعض البيانات والتحاليل ثم بعدها تتلقى رسالة بوجوب الذهاب إلى قسم القلب لأنك قد تعاني قريبًا من مشكلة ما تخص القلب وأنت لم تكن تشتكي سابقًا. يعد هذا الموقف هو أهم ما ستوفره البيانات الضخمة بالتعاون مع الذكاء الاصطناعي في المستقبل القريب لكل الناس. بعد أن أصبح متوفر حاليًا ولكن في نطاق محدود.

واتضح أنه من الممكن استخدام البيانات الضخمة في تطبيقات متعددة في الصحة العامة على سبيل المثال، استخدام وسائل التواصل الاجتماعي و تطبيقات التتبع في صناعة قاعدة بيانات للأمراض وتوزيع اللقاحات بشكل أفضل.

أصبح مهمًا استخدامها في هذه الأثناء في توزيع لقاح كورونا. وأيضًا تتبع الحالات المرضية المُصابة بفيروس كورونا المستجد عن طريق «contact tracing application – تطبيقات تتبع الاتصال». فمثلًا أطلقت شركات مثل جوجل وأبل برامج تستخدم إشارات البلوتوث للتواصل مع مستخدمين آخرين ترسل الإشعارات في حالة الإصابة. وتقول الحكومات أن معلومات الإصابات فقط هي التي تُرسل ولكن لا توجد ثقة حتى الآن في الحفاظ على البيانات فمن الممكن أن تجبر الحكومة الناس على مشاركة بياناتهم.

الملفات الصحية الإلكترونية

بدأ تسجيل الملفات الصحية للمرضى إلكترونيًا عام ٢٠٠٣م. وأُنشئت أنظمة كاملة للعمل على هذه الملفات في عام ٢٠١٤م بتشجيعات على استخدام التقارير الإلكترونية والتحاليل والإحصائيات. في عام ٢٠١٥ و٢٠١٦م، طُورت أنظمة البيانات المفتوحة، وعلى أثرها تطورت المشاريع السحابية في تحليل البيانات وتنظيمها للمساعدة على التعرف على تهديدات الصحة والكشف عن أمراض متوقعة. 

في عام ٢٠١٨م،  بدأت استراتيجيات جديدة واستخدام مصادر بيانات غير تقليدية وتكنولوجيا جديدة وتواصل اعتمادً على بيانات من الهاتف الخاص ووسائل التواصل الاجتماعي فيما يعرف بالبيانات الضخمة. وتقنيات جديدة مثل الذكاء الاصطناعي سمحت البيانات الضخمة لها مع زيادة حجمها واختلافها وتنوعها باستخدام تعلم الآلة في تحليل وتنبؤات أفضل لها. 

مصادر البيانات الضخمة المُستخدمة في تطبيقات الصحة العامة:

  1. ملفات المرضى. 
  2. الدراسات والأبحاث. 
  3. قواعد البيانات والملفات المسجلة إلكترونيًا. 
  4. مراكز البحث.
  5. الأجهزة التي تُلبس مثل الساعات الذكية. 
  6. أجهزة التليفون المحمول. 
  7. المنظمات الحكومية ومنظمة المدفوعات.
  8. البيانات من وسائل التواصل الاجتماعي التي من الممكن أن تتنبأ بالمرض وتطوره والمضاعفات. 

أهم تطبيقات البيانات الضخمة

  •  التنبؤ المبكر بالأمراض المزمنة وأيضًا الوبائية ومكانها وحاملي المرض والتتبع. والرعاية الشخصية وبيانات الجسم من الممكن ان تتنبأ بالتأثيرات الجانبية للأدوية. 
  • «personalized medicine – الطب الشخصي»: أصبح الاهتمام بصحة كل شخص بمفرده أمرًا بالغ الأهمية اعتمادًا على البيانات الشخصية ومعلومات الجينات ونظام الحياة. 
  •  التجارب الإكلينيكية: حيث اختيار العينة المناسبة للدراسة وتتبع الوقت الحقيقي للأوبئة والتبليغ عنها بشكل أسرع. 
  • الاستفادة من توقع تكلفة علاج المرضى: عن طريق تتبع نظام الحياة المسجل يتم التنبؤ بإمكانية التسجيل على أي أنظمة التأمين، حيث تقريبا ٥٪ فقط من الأمريكيين يستخدمون كل موارد التأمين. 

أمثلة على تطبيقات البيانات الضخمة في الصحة العامة

  • تعاونت الشركتان «Apple وIBM» في عمل يسمح لأجهزة ال «IPhone وIpad» مشاركة بيانات الأشخاص على الخدمة السحابية «IBM watson» لخدمة تحليل البيانات، والهدف هو الوصول إلى البيانات في الوقت الحقيقي والعمل كبنك للبيانات، ويمكن للمستخدم مشاركة بياناته الصحية مع طبيبه. 
  • أنتجت شركة فايزر للأدوية دواء «xalkori»  وحصل على موافقة هيئة «FDA – الغذاء والدواء الأمريكية» للاستخدام في عام ٢٠١١م. وهو دواء خاص بمرضى سرطان الرئة. استخدم المصنعون تحليل البيانات الضخمة حيث استخدموا المعلومات الجينية والأبحاث الإكلينيكية وتقارير التاريخ المرضي والعلاج السابق للمرضى لتصنيع هذا الدواء. تحاول أيضًا شركة فايزر استكشاف إمكانية تطوير أدوية اعتمادً على البيانات ونظام الحياة.
  •  «Carolinas Healthcare System»: مركز يدير ٩٠٠ مركز عناية بالصحة، يزوره آلاف الأشخاص كل يوم ويحلل بيانات المرضى والزائرين وعن طريق خوارزمية معينة في الحال تتعرف على المرضى الذين لديهم خطورة لمرض معين وتوصله بالأطباء كأولوية. 

مميزات استخدام البيانات الضخمة في الصحة العامة

يمكن الحصول على كمية ضخمة من البيانات تساعدنا في الكشف عن انتشار الأمراض والأوبئة بالاعتماد على إنترنت الأشياء. والميزه الاكبر هي إمكانية الاستحواذ على بيانات الفرد في وقتها الحقيقي لتتبع انتشار الأمراض المزمنة والأوبئة. 

قوانين تحكم التعامل مع البيانات

تأسس قانون «HIPAA» في ٢١ أغسطس ١٩٩٦م وينص على أنه من الممكن استخدام البيانات الضخمة في تقديم أفضل خطة علاجية وتأمين أفضل وتوفير للأموال. 

في عام ٢٠٠٦م، أُدرِجت الخصوصية والأمان ووُضعت بنود تحكم الاستخدام. في عام ٢٠٠٩م تطور تصور هذا القانون إلى «HITECH» تم تأسيسه بهدف استخدام سجلات المرضى في الرعاية الصحية وحماية المعلومات الشخصية للمريض. 

٢٠١٣م، استخدام البيانات أصبح مسموح بدون سيطرة على هذه البيانات من قِبل الجهات المسئولة. 

تحديات تواجهها تطبيقات البيانات الضخمة في الصحة العامة:

  • التفرقة: إحتمالية وجود بيانات ليس لها علاقة ببعضها البعض، ولا يمكن إخراج معلومات مفيده منها، لذلك يجب أن يكون هناك استمرار تنظيف وترتيب للبيانات ووجود هيئات مسؤولة عن تجميعها وترتيبها. 
  • امتلاك ومشاركة البيانات: من يمتلك البيانات ويتحكم فيها؟
  • الحصول على بيانات دقيقة. 

من أكبر المشاكل التي طرأت واستغل فيسبوك فيها المستخدمين هي تجربة تغيير ما يظهر على الصفحة الرئيسية لك لفيسبوك ومتابعة تأثيره عليك من تغيير المزاج للأسوأ أو للأحسن وظهوره على منشوراتك على فيسبوك فيما بعد. 

لن يقف عند هذا الحد وسيستفيد أصحاب الأعمال من البيانات لتطوير الأعمال واكتساب الأموال.

لكن العلوم الجديدة والمتطورة دائمًا ما يكون لها عواقب وتحديات. ولكن الناتج على المجتمع من مميزاتها تجعلنا نواجه هذه الصعوبات والتحديات من أجل تحقيق أقصى استفادة منها.

المصادر:
atriumhealth
datapine

لقاح فيروس كورونا الجديد من شركة Pfizer .. هل اقتربنا من الحل؟

مع التخوف الشديد من بداية موجة جديدة من الإصابات بفيروس كورونا، ظهر خبر مُبشر! حيث أعلنت شركة فايزر (Pfizer) وشريكتها الألمانية شركة بيونتك (BoiNtech) عن لقاح فيروس كورونا الجديد، والذي أثبت نجاحه في المرحلة الثالثة من التجارب السريرية.

وُجد أن اللقاح المنتظر فعال بنسبة تصل إلى 90% في مقاومة كوفيد-19 عند المتطوعين، في أول اختبار مؤقت لفاعليته، دون دليل على تعرضهم للإصابة بـ (SARS cov-2). شملت الدراسة حوالي 43,538 متطوعًا مع نسبة تصل إلى 42% من خلفيات متنوعة، كما أنه لم تظهر أي مخاوف تتعلق بسلامتهم، وما زال يتم جمع البيانات المتعلقة بالسلامة والفعالية. (1)

متى يتوفر اللقاح؟

حاليًا، من المفترض أن يتم التقدم بطلب للحصول على ترخيص الاستخدام في حالات الطوارئ (EUA) إلى إدارة الغذاء والدواء (FDA)، وذلك بعد التأكد من معايير السلامة والفعالية المطلوبة، والذي من المتوقع حدوثه خلال الأسبوع الثالث من نوفمبر. وفقًا للتوقعات الحالية، يتوقع أن يتم إنتاج 50 مليون جرعة بنهاية عام 2020 و1,3 بليون جرعة خلال عام 2021، كما ستنشر كل من شركة ( فايزر – Pfizer) (وبيونتك- BoiNtech) دراستهما في ورقة بحثية. (1)

تفاصيل عن اللقاح الجديد

اللقاح الجديد مبني على تقنية mRNA، والذي أظهر دلائل على فعاليته في الوقاية من فيروس كورونا. أُجري أول تحليل مؤقت للفعالية في 8 نوفمبر، من قبل لجنة مراقبة البيانات الخارجية المستقلة (DMC) للمرحلة الثالثة من التجارب السريرية. بعد مناقشات مع (إدارة الغذاء والدواء – FDA)، اختارت الشركات التخلي عن التحليل المؤقت المكون من 32 حالة، وإجراء أول تحليل مؤقت لما لا يقل عن 62 حالة. عند اختتام المناقشات، وصل عدد الحالات القابلة للتقييم إلى 94 حالة، وأجرى DMC تحليله الأول على كل الحالات. تشير حالة الانقسام بين الأفراد الذين تم تلقيحهم وأولئك الذين تلقوا الدواء الوهمي إلى أن معدل فعالية اللقاح أعلى من 90٪ خلال 7 أيام بعد الجرعة الثانية، وهذا يعني، أن الحماية تتحقق خلال 28 يوم بعد بداية التطعيم بمعدل جرعتين. ومع استمرار الدراسات؛ فقد تختلف نسبة فعالية اللقاح النهائية. (1)

اللقاح في المستقبل القريب

لم تبلغ (DMC) عن أي مخاوف تتعلق بالسلامة، كما توصي باستمرار الدراسة، وجمع البيانات الإضافية كما هو مخطط له، وسيتم مناقشة البيانات النهائية مع السلطات في مختلف أنحاء العالم. بدأت المرحلة الثالثة من التجارب السريرية في 27 يوليو وسجلت 43,538 متطوعًا حتى الآن، كما تلقى 38,955 متطوعًا الجرعة الثانية خلال 8 نوفمبر، ومن المفترض أن تستمر مراقبة المتطوعين على المدى الطويل لمدة عامين إضافيين. ما زال اللقاح قيد الدراسة، ومن المتوقع أن تستمر هذه الدراسة خلال التحليل النهائي، عندما تتراكم 164 حالة مؤكد إصابتها بالفيروس، كما أن الدراسة تقيم إمكانية توفير اللقاح المرشح للحماية للأفراد الذين سبق لهم الإصابة بكورونا، وكذلك الوقاية ضد أعراضه الشديدة. ستقييم الفعالية مرة أخرى بناءً على الحالات المتراكمة بعد 14 يوم من الجرعة الثانية. سيساعد جمع كل هذه البيانات في التطوير، عبر اجراء التجارب والمقارنات بين اللقاحات الجديدة.

ما هي تقنية mRNA وهل هي آمنة؟؟

كما قلنا في بداية المقال، فإن اللقاح الجديد صُنِّع بتقنية جديدة تسمى mRNA، ولم يتم الموافقة عليها من قبل للاستخدام البشري؛ فهذه هي المرة الأولى التي يتم استخدامها على البشر، ففي العادة، تعمل اللقاحات العادية على استخدام أجزاء من الفيروس؛ لتحفيز جهاز المناعة للمقاومة، والتغلب على الفيروس. لكن باستخدام هذه التقنية؛ فإن (mRNA) يحفز جهاز المناعة على استهداف بروتين معين اسمه (spike)، الموجود على سطح فيروس الكورونا، هذا البروتين يساعد الفيروس على مهاجمة خلايا الإنسان. نظريًا فإن تَعطُّل هذا البروتين يعني عدم الإصابة بالفيروس. ومن مميزات هذه اللقاحات أنه يمكن تصنيعها سريعًا، كما أن تكلفتها منخفضة مقارنة بالتقنيات المستخدمة في اللقاحات الأخرى. (1)

الأعراض الجانبية للقاح تتشابه مع الأعراض الاعتيادية للقاحات، مثل ارتفاع درجة الحرارة والصداع وغيرها من الأعراض المعتادة، حيث لم يُصرح بوجود أعراض جانبية خطيرة. ولكن يظل القلق قائمًا فيما يتعلق بها، حيث أنها لم تستخدم على البشرمن قبل؛ لذا فإن مؤشرات السلامة هامة للغاية.

مازالت الدراسة مستمرة، لم نحصل بعد على صورة أوضح للبيانات حول هذه النسبة العالية من الفعالية، فهذا التحليل يشتمل بيانات 94 شخص مصابًا بالكورونا، وليس هناك أي دليل على أن اللقاح يمنع الإصابة بالفيروس عند المتطوعين الذين حصلوا على اللقاح الفعلي وليس العلاج الوهمي، من المرجح أن يظهر عليهم أعراض قليلة، لكن يبدو أن اللقاح يقلل من المضاعفات.

اللقاحات الجديدة

الجميل في الأمر أن لقاح فايزر ليس اللقاح الوحيد الذي يبدو واعدًا؛ فهناك لقاحات جديدة ما زالت قيد الدراسة السريرية، أملًا في الحصول على نتائج جيدة. مثل لقاح جامعة (أكسفورد – Oxford) و(شركة – Astrazenc) في المملكة المتحدة، ومن المرجح أن تصدر النتائج المؤقتة للقاح خلال أسابيع، ومن المرجح أن يتوفر اللقاح بكميات محدودة في نهاية 2020، ويعتمد تصنيع اللقاح على تقنية اللقاحات ناقلات الفيروسات الغدية (adenovirus Vector Vaccin). (2)

لقاح شركة (Moderna) في الولايات المتحدة، الذي سينهي المرحلة الثالثة في نهاية نوفمبر، ومن المرجح أنه سيكون متاح في الربع الأول من 2021، ويعتمد على تقنية (mRNA)، كما أنها بدأت تجاربها في شهر مارس الماضي وكانت أول شركة تبدأ في تطوير لقاح للكورونا.

لقاح شركة (Novavax) في الولايات المتحدة، كانت المرحلة الثالثة من الاختبارات السريرية جيدة، ضمت 100,000 متطوع من المملكة المتحدة، ومن المفترض أن يكون متاح في النصف الثاني من عام 2021. ويعتمد على تقنية لقاح البروتين المساعد (protein adjuvant (vaccine، والذي يعزز جهاز المناعة.

لقاح شركة (janssen pharmaceuticals) وهي جزء من شركة ( Johnson & Johnson) في الولايات المتحدة، نتائج المرحلة الثالثة كانت جيدة، ومن المرجح أنه سيكون متاح خلال النصف الأخير من 2021، وهو لقاح بتقنية اللقاحات النقابات للفيروسات الغدية (adenovirus Vector Vaccine).

لقاح شركة (valneva) الفرنسية ستصنع الجرعات في إسكتلندا، ومن المفترض أن يكون متاح خلال النصف الأخير من عام،2021 إذا كانت البيانات الخاصة بالسلامة والفاعلية جيدة كما أن اللقاح مصنوع تقنية الفيروس الخامل (inactivated virus). (2)

لقاح شركة (sinovac) الصينية، اللقاح في المرحلة الثالثة من التجارب السريرية، والذي يُجرى في كل من البرازيل وتركيا وإندونيسيا، ومن المتوقع أن تظهر البيانات المؤقتة في نوفمبر. لكن تم توقيف التجارب السريرية في البرازيل؛ بسبب ظهور أعراض جانبية، كذلك تم استخدامه من قبل، خلال حالات الطوارئ في المدينة الصينية (جياشينغ -Jiaxing)، ويستخدم تقنية الفيروس الخامل. (2)

إذًا ماذا بعد؟

يبدو الأمر مثيرًا للتفاؤل، وهو كذلك بالفعل! لكن هناك بعد الصعوبات التي ربما ستواجه توزيع اللقاح، ما زال هناك الكثير من الدراسات والأسئلة الغير مجابة بعد. فيما يتعلق باللقاحات الجديدة وبالأخص لقاح فايزر الجديد. كما أن اللقاحات لها مستويات مختلفة من الفعالية، حيث توفر الجرعة المثالية كما يسميها مطورو اللقاح ،مناعة معقمة، والتي تحمي الناس بشكل تام من الإصابة بالعدوى، ولكن العديد من اللقاحات لا تلبي هذا الغرض، ربما تقلل من ظهور المرض، حتى لو استمر البعض في الإصابة به. كما أن طرح ملايين اللقاحات عالميًا، يمثل كابوسًا لوجسيتيًا، سواء في النقل أو التخزين أو التوزيع، فاللقاح لا بد أن يُشحن ويحفظ في -70 درجة مئوية! وهي درجة أبرد من درجات حرارة تبريد اللقاحات الأخرى. لذا فالأمر سيشكل عقبة في الكثير من البلدان، بالإضافة إلى التخوف من عدم توفر المواد للقاح. (3)

ولكن رغم ذلك؛ فإن النتائج الإيجابية ستكون مؤشرًا جيد لباقي الشركات المصنعة للقاحات الجديدة. ربما يبدو الأمر معقدًا، أو سيأخد الكثير من الوقت على عكس المتوقع، ولكنه يعطي أملًا كبيرًا لتجاوز هذه الجائحة في المستقبل القريب، وحتى لو أخذ العالم جميعه اللقاح؛ فإن الفيروس سيبقى موجودًا! لذا لا بد أن التعامل بحذر، والاستمرار في التباعد الاجتماعي، واتباع وسائل الحماية الإعتيادية من غسل الأيدي وارتداء الكمامات، حتى تتضح الرؤية أكثر، ويصبح هناك بيانات واضحة للتعامل اللقاحات وطرق توفيرها واستخدامها في البلدان المختلفة.

اقرأ أيضًا: هل يمكن لفيروس كورونا أن يسكّن الألم؟

المصادر

  1. Pfizer and BioNTech Announce Vaccine Candidate Against COVID-19 Achieved Success in First Interim Analysis from Phase 3 Study | Pfizer. (2020). Retrieved 12 November 2020, from here.
  2. Grover, N. (2020). 6 key questions about the Pfizer/BioNTech Covid-19 vaccine. Retrieved 12 November 2020, from here.
  3. We just got the world-changing news that Pfizer’s coronavirus vaccine works. Here’s what you need to know and why you shouldn’t throw your mask away just yet. (2020). Retrieved 12 November 2020, from here.

هل يمكن لفيروس كورونا أن يسكّن الألم؟

هل يمكن لفيروس كورونا أن يسكّن الألم؟

«ريف بريتوريوس» رجل أمريكي يبلغ من العمر 49 عام، تعرض لحادث سير في عام 2011 جعله يعاني من عدة كسور في فقرات الرقبة وضرر بالغ في الأعصاب. يعاني «ريف» من آلام مستمرة في ساقيه، وصفها بأنّها تشبه وقوع الماء الساخن على ساقيه باستمرار. لقد كانت شدة الألم توقظه من نومه كل ليلة. في التاسع عشر من يوليو الماضي أصيب ريف بفيروس كورونا في مكان عمله. لقد خفف المرض من شعور «ريف» بالألم وجعله يختفي تمامًا في كثير من الأحيان. ولأول مرة منذ تعرضه لحادث السير كان «ريف» قادرًا على النوم بشكل متواصل، ولكن سرعان ما عاد الألم مجددًا عندما بدأ «ريف» يتعافى من فيروس كورونا. [1]

كيف يمكن لفيروس كورونا أن يسكّن الألم؟

نُشرت دراسة في مجلة «pain» لمجموعة باحثين من جامعة أريزونا للعلوم الصحية تدرس كيف يُسَكّن الألم، عن طريق تثبيط مسار «VEGF-A/neuropilin-1» بواسطة البروتين الشائك الموجود على سطح فيروس كورونا. لفهم نتائج الدراسة دعونا أولًا نذكر بعض المعلومات المهمة:

1. عندما تُصاب أجسادنا بضرر كوخزة الإبرة أو العدوى مثلًا، هناك بروتين يدعى «عامل النمو البطاني الوعائي_ VEGF» هذا البروتين موجود في أجسامنا وله علاقة بتخليق ونمو الأوعية الدموية كذلك له القدرة على الارتباط بمستقبلات «النيوروبيلين-neuropilin receptors» هذا الارتباط يُحدِث سلسلة من التفاعلات التي تحفز «العصبونات-neurons» فنشعُر بالألم.

2. السطح الخارجي لفيروس كورونا يتكون من بروتين رئيسي يدعى «البروتين الشائك» هذا الذي يُعطي الفيروس المظهر التاجي تحت المجهر، يرتبط هذا البروتين بعدة مستقبلات موجودة في جسم الإنسان أهمها «ACE2 receptor» ليسبب المرض. [2]

نعود من جديد لفهم ما فعله باحثو جامعة أريزونا للعلوم الصحية: عمل الباحثون على اختبار صحة فرضية أنّ «البروتين الشائك» لفيروس كورونا يعمل على مسار الألم «1-VEGF-A/Neuropilin»، فأجروا مجموعة تجارب لحيوانات التجارب عن طريق استخدام بروتين«VEGf-A» كمحفز للعصبونات لخلق الإحساس بالألم ومن ثم أضافوا «البروتين الشائك» لتلك الحيوانات. لقد وجد العلماء أن البروتين الشائك يمكنه أن يرتبط بمستقبلات «neuropilin-1» فيحِل محل بروتين «VEGF-A» ويمنعه من الارتباط، وبالتالي يثبط هذا سلسلة التفاعلات التي تسبب الألم. يقول الباحثون أنّ نتائج الدراسة تدل على أنّ فيروس كورونا يُمكنه أن يسكّن الألم، ولكن هذا لا يلغي احتمالية وجود طريقة عمل أخرى للفيروس يمكن أن يسبب بها الألم. [3]

كيف يمكن أن نستفيد من نتائج هذه الدراسة؟

1. يمكن لهذه الدراسة تفسير سبب عدم شعور البعض بفيروس كورونا رغم الإصابة به، فسر ذلك الدكتور «خانا-khanna» أحد المشاركين في هذه الدراسة بأنه يمكن لحاملي الفيروس ممن لا تظهر عليهم أعراض الإصابة ألّا يشعروا بالمرض لأن الفيروس أخفى الألم، إثبات أن هذا التسكين للألم هو ما يساهم في انتشار الفيروس بسرعة ستكون له قيمة عظيمة.

2. كذلك تكمن أهمية هذه الدراسة في أنّه يمكنها فتح الباب لاكتشاف مسكنات جديدة للألم. رغم النتائج المذهلة لهذه الدراسة، إلّا أنّه لا زلنا نحتاج دراسات أخرى تُجرى على الإنسان، بدلًا من حيوانات التجارب للتأكد ممّا يحدث حقًا.

لا شك أنّ جائحة الكورونا أثّرت سلبًا على البشرية أجمع، ولكن من يدري لربّما هذا الفيروس يعلمنا طريقة جديدة نسكّن بها آلامنا.

المصادر

[1] scientificamerican

[2] The University of Arizona

[3] International Association for the Study of Pain

طفرة جديدة تمكن فيروس كورونا من إصابة الدماغ

صارت أعراض الإصابة بفيروس كورونا معلومة لدينا جميعًا، إذ تشمل الأعراض زيادة في الحرارة، الإسهال، السعال الجاف، لكن الأمر أصبح أكثر غرابة عندما حدثت طفرة جديدة

طفرة جديدة لفيروس كورونا

كان أول إبلاغ عن أعراض غريبة متعلقة بالجهاز العصبي في شهر مارس من العام الجاري، حيث تم الإبلاغ عن حالات فقدان مفاجئة للتذوق والشم معًا، حيث يؤثر الفيروس على مستقبلات الشم والتذوق، مانعًا إياها من تمييز الروائح والنكهات المختلفة.

تأثير الفيروس على الدماغ

لكن الأمر يصل إلى درجة أكثر خطورة عندما يتعلق الأمر بالدماغ البشري، فهذا العضو هو أكثر الأعضاء حساسية للتغيرات، وأكثرها مدعاة للقلق حينما يُهدد بأي خطر، إذ أنه هو المتحكم في كافة أعضاء الجسد.

كُتب تقرير في عن امرأة في الخمسينات من عمرها عانت من الهلوسة، أعطت نتائج التحاليل لاختبار فيروس كورونا نتيجة إيجابية، حيث سبب لها الفيروس هلوسات شديدة، فكانت ترى القردة تركض في أنحاء البيت، كما اعتقدت أن زوجها محتال، وسرعان ما تتابعت التقارير والأبحاث المنذرة بخطر كبير، إذ أبلغ العديد من الباحثين في مراكز بحثية مختلفة عن حالات هلوسة، وارتباك، دُوار، فقدان التركيز، تورم في المخ، بل وحتى سكتات دماغية!

بعض الأبحاث

قام بعض الباحثين بتجربة فريدة من نوعها، حيث قاموا بتوصيل الأقطاب الكهربائية بأدمغة المصابين بفيروس كورونا، لقياس نشاط دماغهم، أُجريت التجربة على 620 مريض في 84 دراسة مختلفة، بمتوسط عمر يبلغ ال 61 عامًا، وعن طريق فحص نتائج ال EEG، تبين معاناة بعضهم من تورم في الدماغ نتيجة إصابتهم بالفيروس، علمًا بأن بعض هؤلاء المرضى كانوا قد أبلغوا عن حالات الإغماء، الغيبوبة، التلعثم، بل وحتى نوبات الصرع. كانت أكثر الحالات شيوعًا هي تباطؤ في الموجات الكهربائية للدماغ، مما يعني أن الفيروس يؤثر مباشرة على عمل المخ.

الخلاصة

بتنا نعلم التأثير الواضح لفيروس كورونا على المخ والجهاز العصبي، ولكننا لسنا متأكدين إن كانت الأعراض متعلقة بتأثير الفيروس على الدماغ مباشرة، أم أنه رد فعل مناعي يقوم به الجهاز المناعي أثناء مقاومة الفيروس، وهذا أمر في غاية الأهمية، فهذا هو ما سيحدد طريقة العلاج، فهذان منحيان مختلفان كليًا، وكما يبدو أن المعركة بين الأطباء وبين هذا الفيروس بدأت تأخذ منحًى آخر، حيث أن الفيروس يطوّر من نفسه ليصبح أكثر عنفًا وضراوة عن طريق هذه الطفرة، لكن النصر لنا لا محالة، فقد تغلبنا على الطاعون من قبل، فهي مسألة وقت لا أكثر.

المصادر

sciencealert
technologynetworks
nature

اقرأ أيضًا زيادة حجم دماغ قرد باستخدام جين بشري

ما الفرق بين نزلات البرد والإنفلونزا والكورونا؟

في بداية هذا العام، ومع انتشار فيروس كورونا، ظن البعض بأن الطقس الحار كفيل بأن يقلل من حدة انتشار الفيروس، ولكن مع الأسف، بتنا متأكدين بأن تغير الفصول لا يؤثر على فيروس كورونا، وأنه لا يختفي بمجرد تعرضه لضوء الشمس أو حتى في الأجواء الحارة، والجدير بالذكر أن أعلى معدل للإصابات على مستوى العالم كانت خلال شهور الصيف وخاصة في شهر يوليو! ومع وجود أنباء عن بداية موجة جديدة وبداية قدوم فصل الشتاء وانتشار نزلات البرد وحالات الإنفلونزا؛ فالجميع يشعر بالقلق مما تحمله الأيام القادمة؛ ويتساءل عن الفرق بين نزلات البرد والإنفلونزا والكورونا؟ لكن في البداية، ربما علينا أن نعرف ما هي نزلات البرد والإنفلونزا والكورونا؟

الإنفلونزا

على الرغم من أنها تسمى الإنفلونزا الموسمية، إلا أننا يمكننا أن نصاب بها في أي وقت من السنة، ولكن وفقًا لمراكز السيطرة على الأمراض CDC فإن موسم الإنفلونزا يبدأ مع قدوم الخريف وتبلغ ذروته في الشتاء، وربما يستمر حتى إبريل أو مايو. تصيب الأطفال والبالغين على حد سواء، وربما تكون أوسع انتشارًا بين الأطفال؛ بسبب ضعف مناعتهم، وهي فيروسات تسمى (Influenza virus) تصيب الجهاز التنفسي، وهناك أربع سلالات من هذه الفيروسات و لكن الأكثر انتشارًا بين البشر هما (A، B). (١)

تنتقل العدوى عن طريق التواصل مع شخص مصاب بالإنفلونزا أو عن طريق ملامسة الأسطح الملوثة، وبالطبع يزداد تعرض البشر لها كلما ضعفت مناعة الشخص. الأطفال وكبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة هم الأكثر عرضة لها، وتظهر الأعراض من ١-٤ أيام بعد الإصابة بالعدوى، كذلك تظهر الأعراض أسرع مقارنة بالبرد أو الكورونا.

أعراض الإنفلونزا

من أشهر الأعراض المصاحبة للإنفلونزا والتي تكون غالبًا شديدة مثل: الحمى والتهاب الحلق. الإرهاق الشديد. السعال والصداع. آلام الجسد الحادة. انسداد الأنف أو سيلانه. اضطرابات المعدة والتي تكون أكثر انتشارًا بين الأطفال.

نزلات البرد

فيما يخص نزلات البرد فالعديد من الفيروسات تسببها ولكن من أشهرها (Rhinovirus)، يمكننا كذلك أن نصاب بنزلات البرد في أي وقت من السنة ولكن الذروة تكون في أوائل الخريف وعادة تكون من سبتمبر حتى نوفمبر ومن مارس حتى مايو.

أعراض نزلات البرد

أعراض البرد تتشابه مع أعراض الإنفلونزا ولكنها تكون أقل حدة منها مثل: آلام الجسد. التهاب الأذن وينتشر أكثر بين الأطفال. السعال والصداع. انسداد الأنف أو سيلانه. الحمى وتكون نادرة في حالات البرد. (٢)

الكورونا

أما الكورونا، هو من فيروسات الجهاز التنفسي أيضًا، لكنه من نوع أخر من الفيروسات وهي ( SARS-CoV). وكما أظهرت المؤشرات؛ فإنه لا يرتبط بتوقيت أو فصل معين. كما أن ظهور الأعراض تختلف من شخص لأخر، وتظهر أعراضه خلال ١٤ يوم من العدوى؛ فبعض الحالات لم تُظهر أي أعراض، والبعض الأخر أظهر أعراضًا والتي تتشابه كثيرًا مع الإنفلونزا مثل: الصداع والسعال. وآلام الجسد الحادة والحمى. ومن الأعراض التي عانى منها الكثير من المصابين بالكورونا هي فقدان حاسة الشم والتذوق. (٣)

بسبب التشابه الكبير بين الثلاثة؛ فغالبًا السؤال التالي الذي يتبادر الآن لذهنك، كيف يمكننا أن نعرف ما إذا كان هذا العَرض يخص الإنفلونزا أم البرد أم الكورونا؟ مع الأسف، ما زال العلماء يبحثون أكثر بشأن الكورونا، وبالأخص مع تشابه أعراضها مع الإنفلونزا ونزلات البرد؛ لذا التحاليل هي التي تحدد ما إذا كنت مصاب بأي منهم. في حالات البرد، غالبًا الأعراض تختفي من تلقاء نفسها خلال عشرة أيام، كما أنه يمكنك أن تستشير الصيدلي؛ ليصف لك بعض الأدوية لتخفف من الأعراض، ولكن إذا زادت الأعراض؛ توجه إلى الطبيب وسيطلب منك بعض التحاليل، سواء كانت مسحة للحلق أو مزرعة إذا ما كان هناك اشتباه بعدوى بكتيرية، وحينها ستأخذ الدواء المناسب لحالتك. في حالة الإنفلونزا،هناك اختبارات تسمى الاختبارات التشخيصية السريعة للإنفلونزا (RIDTs)، والتي تحدد وجود أي نوع من الإنفلونزا سواء كانت من نوع A ,B، وهو اختبار يستغرق ١٥ دقيقة ونتائجه ليست دقيقة تمامًا، وتكون عن طريق أخذ مسحة من الحلق أو الأنف والتي يقوم بها الطبيب. كذلك هناك اختبارات معملية كثيرة لتشخيص للإنفلونزا، من ضمنها عمل مزرعة للفيروس أو من خلال تفاعل سلسلة البلوميريز (RT-PCR). (4)

كما في حالة نزلات البرد؛ فالإنفلونزا كذلك لا يوجد لها علاج، كما أن المضادات الحيوية لا تعالج العدوى الفيروسية! هناك بعض الأدوية التي تقلل من شدة الأعراض، بالإضافة لوجود أدوية مضادة للفيروسات والتي يحددها الطبيب بناءً على كل حالة، ولكن على عكس كورونا، الأنفلونزا لها لقاحات وتؤخذ مع بداية موسم الإنفلونزا، تحديدًا في شهر أكتوبر. اللقاحات تقلل من الإصابة بها كما أنها أمنة على الأطفال والكبار، ويفضل أن يأخذها الحوامل والأطفال وكبار السن والمصابين بالأمراض المزمنة كوقاية لهم. يمكن تشخيص حالة الكورونا من خلال تحليل PCR أو (الأشعة السينية – X ray) أو من خلال تحليل الدم، وعلاجها يعتمد على تقليل حدة الأعراض.

طرق حديثة لتشخيص الكورونا

في هذه الأيام يبحث العلماء عن وسيلة فاعلة لتشخيص الفيروس في مرحلة مبكرة، حيث قام فريق من الباحثين في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا MIT بتطوير نموذج جديد من (الذكاء الصناعي- Artificial intelligence)، يُمكنهم من الكشف عن وجود الفيروس من خلال صوت السعال. أظهرت الأدلة أنه من خلال استخدام الذكاء الاصطناعي، يمكننا أن نفرق بين الأنواع المختلفة من السعال، والتي لا يمكن أن تُميزها الأذن البشرية. من خلال وضع هذا النموذج في الهواتف الذكية، يمكننا ببساطة أن نكتشف وجود الفيروس في مرحلة أبكر، وهذا النموذج سيساعد كثيرًا لأن أغلب الحالات لم تُظهر أي أعراض مصاحبة للإصابة. ما زالت الأبحاث في مرحلة التطوير، ولكنها ستكون بداية جديدة في تشخيص الفيروس باستخدام التطور الهائل في التكنولوجيا الحديثة. (5)

الكورونا بين الحاضر والمستقبل

حاليًا ومع انتشار الفيروس؛ فالأمر لا يحتمل التفكير الأفضل أن تستشير طبيبك، وأن تأخذ الإجراءات المناسبة سواء عن طريق غسل الأيدي أوارتداء الكمامة الخاصة بك أو الحرص على التباعد في الأماكن المزدحمة، وعلى قدر الإمكان حاول أن تقوي من مناعتك عن طريق تناول الأكل الصحي الغني بالڤيتامينات، وتجنب الطعام السريع وبالأخص مع دخول الجامعات والمدارس. ربما تحمل الأيام القادمة بعض التحديات الجديدة في وجود كورونا، ولكن مع الحذر والتعامل بطريقة صحيحة؛ ستكون الحالات أقل، ولا بد أن نتذكر بأن الأمرلم ينتهي تمامًا، ومع ظهور أمل اللقاح الجديد لا بد ألا ننسى حذرنا.

اقرأ أيضًا

هل سيكون فيروس كورونا أكثر خطورة في الشتاء؟

المصادر

1. Conditions, D., Warzecha, M., Press, T., Warzecha, M., Duong, D., & Press, T. (2020). Is it a cold, COVID, or the flu?. Retrieved 6 November 2020, from here.

2. Cold Versus Flu. (2020). Retrieved 6 November 2020, from here.

3. Differential diagnosis: cold, flu or COVID-19?. (2020). Retrieved 6 November 2020, from here.

4. Influenza Virus Testing Methods | CDC. (2020). Retrieved 6 November 2020, from here.

5. Nield, D. (2020). MIT Team’s Cough Detector Identifies 97% of COVID-19 Cases Even in Asymptomatic People. Retrieved 6 November 2020, from here.

هل سيكون فيروس كورونا أكثر خطورة في الشتاء؟

هل سيكون فيروس كورونا أكثر خطورة في الشتاء؟

ارتداء الواقيات الطبية أصبح أمر شائع في العديد من الأماكن العامة، كما أصبح الأطباء أكثر مهارة في علاج ضحايا الفيروس، وبفضل الجهود التي بُذلت من قبل الكوادر الطبية، والأبحاث العلمية التي أجريت على قدم وساق يقدر آشيش جها، عميد كلية الصحة العامة بجامعة براون، أن الأشخاص المصابين اليوم أقل عرضة للوفاة بحوالي 30 إلى 50 في المائة بفيروس COVID_19 عما كانوا عليه في مارس أو أبريل.

بالرغم من كل هذه الأخبار السارة، إلا أن القلق يسيطر على الكثير من الناس، إذ أن فصل الشتاء اقترب، وربما يشهد العالم موجة أخرى من فيروس COVID 19 تكون أكثر فتكًا من سابقتها، ولعل السؤال “هل سيكون فيروس كورونا أكثر خطورة في الشتاء؟” هو ما نحتاج الإجابة عنه.

سيناريو لأسوأ الاحتمالات!

طلب كبير المستشارين العلميين للمملكة المتحدة، باتريك فالانس كتابة تقرير حول هذا الموضوع، ذكر فيه نموذجًا لسيناريو “معقول” لأسوأ الاحتمالات، يرى فيه أن المملكة المتحدة يمكن أن تشهد 120 ألف حالة وفاة جديدة بفيروس كورونا في موجة ثانية من الإصابات طوال الشتاء، وكان ذلك بعد أن وُضع نطاقًا يتراوح بين 24500 و 251000 حالة وفاة، وقدر أنه سيبلغ ذروته في يناير وفبراير.

فيروسات الإنفلونزا و COVID 19:

روبرت دينجوال، أستاذ علم الاجتماع في جامعة نوتنغهام ترنت، وفي قسم Nervtag (مجموعة تهديدات الفيروسات التنفسية الجديدة والناشئة) التابعة لوزارة الصحة، قال لصحيفة إندبندنت: “هناك افتراض بأن فيروس كورونا سوف يتصرف مثل الإنفلونزا ولكن لا يوجد دليل يثبت ذلك”.

لكن مع مرور الوقت، ومن الواضح أن Covid-19 لا يتبع نهج فيروسات الأنفلونزا، والتي من المعروف أنها تنتشر بين ديسمبر ومارس، حيث يساعدها الهواء البارد الجاف على الانتشار أكثر، وذلك على عكس الهواء الساخن الرطب).

ما سبب عدم انخفاض عدد الإصابات في فصل الصيف؟

يقول روبرت دينجوال: “في الوقت الحالي، لا يبدو أن هناك تأثيرًا موسميًا، فقد أصيبت أستراليا بـ Covid-19 في كل من أشهر الصيف والشتاء”.
كما ويتفق ميشيل هيد، باحث في الصحة العالمية بجامعة ساوثهامبتون، على أن الحالات في أماكن أخرى من العالم تشير إلى أن الشتاء لن يزيد الأمور سوءًا لمجرد أن الطقس بارد، كما تشير الأعداد المتزايدة من الإصابات في البلدان ذات الطقس الحار بالمناطق الاستوائية إلى أن أشعة الشمس والرطوبة ربما لا تكون عاملاً كبيرًا من حيث انتقال العدوى.

وهذا من شأنه أيضًا أن يفسر سبب عدم انخفاض الحالات في الصيف، كما كان مُتوقع في البداية، ويوضح الدكتور سيمون كلارك، الأستاذ المشارك في علم الأحياء الدقيقة بجامعة ريدينغ: “في فبراير، قال الكثير من الناس أن أشعة الشمس في الصيف ستقتل فيروس كورونا، لكن الطقس ليس باردًا في البرازيل وكاليفورنيا وكلاهما لديه عدد كبير من الإصابات”.

إذا لم يكن للطقس نفسه تأثير على انتشار الفيروس، فهل نتوقع نفس معدل الإصابات كما هو الحال الآن؟

حتى إذا لم يكن للطقس أي تأثير على انتشار الفيروس، إلا أن هناك عوامل سياقية أخرى يجب مراعاتها والتي قد تجعل التعامل مع فيروس كورونا أكثر صعوبة مع دخول فصل الشتاء.

على سبيل المثال، التغييرات في السلوك البشري أو الضغوط على NHS (هيئة الخدمات الصحية الوطنية-National Health System). أكد التقرير الذي طلبه باتريك، أنه لا تزال هناك درجة عالية من عدم اليقين بشأن كيفية انتشار الفيروس هذا الشتاء، ولكن الأبحاث تشير إلى أن الفيروس قد يعيش لفترة أطول في ظروف أكثر برودة ومن المرجح أن ينتشر عندما يقضي الناس وقتًا أطول في الداخل، كما تمت الإشارة إلى قلق الخبراء بشأن هيئة الخدمات الصحية الوطنية التي ستتعرض لضغوط شديدة، ليس فقط بسبب عودة ظهور فيروس كورونا ولكن أيضًا من الأنفلونزا الموسمية الأمر الذي قد يراكم أعباء العمل المنتظمة غير المتعلقة بفيروس كورونا وحده.

التباعد الاجتماعي أكثر صعوبة!

في فصل الشتاء سيكون التباعد الاجتماعي أكثر صعوبة، وهذا بالتأكيد مصدر قلق، لأنه وبالإضافة إلى التدابير الأخرى مهم للغاية في منع انتشار الفيروس، يقول الدكتور كلارك: “قد تجلس في الحديقة مع أصدقائك في هذا الوقت من العام، لكن لن تفعل ذلك في ديسمبر، الشتاء لا يتيح الفرصة للخروج كثيرًا”.

جينا ماكيوتشي، مُحاضرة في علم المناعة بجامعة ساسكس، توافق على أن الشاغل الرئيسي لن يكون تأثير درجة الحرارة على الفيروس ولكن تأثير درجة الحرارة على السلوك البشري، حيث التواجد في الخارج أفضل من التواجد في الداخل والاستمتاع بالطقس اللطيف يجعل ذلك أسهل، وهذا لن يكون متاح في الطقس البارد.
وجدت دراسة أجراها باحثون في اليابان، أن الأشخاص المصابين كانوا أكثر عرضة 19 مرة لنقل العدوى عندما كانوا في الداخل أكثر من الخارج.

ما هو تأثير الرطوبة النسبية على انتشار الفيروس؟

في الواقع، تنتقل معظم فيروسات الجهاز التنفسي بسهولة أكبر في الداخل، والسبب الأكثر ترجيحًا هو الانخفاض الكبير في الرطوبة النسبية، يؤدي الارتفاع في درجة الحرارة الداخلية إلى زيادة كمية الماء التي يمكن للهواء أن يحتفظ بها، لكن مستوى الرطوبة يظل ثابتًا، مما يؤدي إلى خفض الرطوبة النسبية.

تشير دراسة أجريت في شهر مارس من قبل الباحثين في جامعة سويسرا، جنبًا إلى جنب مع العمل المخبري على الفئران في جامعة ييل، إلى أن الهواء الداخلي الجاف يساعد في الحفاظ على فيروس الإنفلونزا، وفي الوقت نفسه يضعف قدرة الجهاز المناعي على محاربته عندما يتطلب الأمر ذلك.

تشير الأبحاث الوبائية من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وجامعة هارفارد وفيرجينيا للتكنولوجيا وجامعة كونيتيكت إلى أن فيروس كورونا أيضًا أكثر عدوى في ظل الرطوبة النسبية المنخفضة.
تعرف الرطوبة النسبية بأنها كمية بخار الماء الموجودة في الهواء بدرجة حرارة معينة، نسبة إلى الكمية القصوى التي يستطيع الهواء أن يحملها بنفس درجة الحرارة، وهي تتأثر بشكل مباشر بدرجة الحرارة.

أخيرًا:

موسم الإنفلونزا في نصف الكرة الجنوبي من مايو إلى سبتمبر كان معتدلاً بشكل صادم، ويكاد يكون غير موجود في العديد من البلدان، والتفسير المحتمل هو أن الأقنعة الطبية والتباعد الاجتماعي للحماية من فيروس كورونا منعت أيضًا الإنفلونزا إلى حد كبير، وهذا يبشر بالخير بالنسبة لنصف الكرة الشمالي إذا استمر الناس في اتخاذ تلك الاحتياطات. وزير الصحة مات هانكوك، وضح أن الحكومة اشترت ما يكفي من لقاح الإنفلونزا لإطلاق (أكبر برنامج لقاح ضد الإنفلونزا في التاريخ) وتعمل على إعداد برنامج تطعيم ضد فيروس كورونا في حالة العثور على لقاح ناجح. وذكر بيان حكومي: “نبقى يقظين وستضمن الحكومة توفير الموارد اللازمة لتجنب ذروة ثانية من شأنها أن تطغى على NHS”.

المصادر:

technologyreview
independent
bbc
bbc

اقرأ المزيد حول: كيفية انتشار فيروس كورونا داخل الأنسجة البشرية

لماذا تظهر أعراض فيروس كورونا على بعض المصابين ولا تظهر على البعض الآخر؟

أظهرت بعض الدراسات الحديثة على فيروس كورونا المستجد أن 80% من الحالات المصابة لا تظهر عليها أي أعراض سواء خفيفة أو شديدة. فما سبب ذلك؟ لنجب على هذا السؤال، يجب أولًا التعرف على مواجهة جهاز المناعة لفيروس كورونا، فهو خط دفاع الجسم عن الفيروس والمساهم في ظهور الأعراض وعدم ظهورها.

استجابة المناعة مع فيروس كورونا

فلنأخذ فيروس كورونا -2 المعروف بسارس مثالًا واضحًا على أنواع فيروسات كورونا، فعندما يصل إلى خلايا الإنسان يتكاثر للحفاظ على بقائه، وليصل إلى ذلك يُثبت جزيئات غلافه الخارجي على مستقبل بروتين مطابق يسمى  ACE2 ليشبه وضع المفتاح في القفل. توجد مستقبلات  ACE2 عادة في الرئتين والكليتين والأمعاء والقلب. وبمجرد إصابة الشخص بالفيروس تظهر الأعراض في غضون 14 يومًا وهي ما تعرف بفترة الحضانة للمرض، ويمكن أن يُظهر الجسم استجابة مناعية قوية في فترة الحضانة تمنع الإصابة بالعدوى، وتُقلل الكمية الفعلية للفيروس في الجسم ومنعها من الوصول إلى الرئتين وبالتالي لم تتطور أعراض الفيروس لدى المصاب ويُطلق عليه الحامل الصامت وتشير الأبحاث أن الأطفال والشباب الأصحاء هم الأكثر عرضة لحمل المرض دون أعراض.

أمّا إذا استمر فيروس بعد نقطة الدخول إلى الجسم من الأنف أو العينين والحنجرة، فقد يتجه إلى الرئتين، وفي الرئتين يلتصق بمستقبلات ACE2 ويتكاثر، مما يؤدي إلى تحفيز جهاز المناعة لتنظيف الخلايا المصابة. ومع الاستمرار التفاعل بين الفيروس والمناعة الذاتية، تنتج الخلايا المبطنة لمجرى الهواء التنفسي كمية كبيرة من السوائل تملأ أكياس الهواء مما يصعب عملية تبادل الغازات، ونقل الأكسجين إلى الدم والتخلص من ثاني أكسيد الكربون، وتتلف بعض الأنسجة التي تحتوي على مستقبلات ACE2  ويحدث التهابًا بالرئة ومن هنا تظهر أعراض المرض مثل الحمى والسعال وضيق التنفس.

السبب القاتل لفيروس كورونا

يمكن أن تتفاقم الأعراض نتيجة للاستجابة المناعة المفرطة تتسبب في ما يعرف بعاصة السيتوكين -هي مجموعة من البروتينات ترسل إشارات لخلايا الجهاز المناعي للاستجابة المباشرة- التي تعتبر رد فعل كارثي مفرط يسبب الكثير من الالتهابات وتلف الأعضاء تصل إلى درجة الموت نتيجة لمتلازمة ضيق التنفس الحادة (ARDS).

هل ينتقل فيروس كورونا من مصاب بدون أعراض

إذًا فجهاز المناعة هو الوحيد المواجه لتلك المعركة، والمحدد لظهور الأعراض الخفيفة أو الشديدة أو حتى عدم ظهورها، ولكن هل يمكن نقل المرض لشخص حامل للفيروس بدون ظهور أعراض عليه؟ أشارات الدراسات البحثية أن مرضي كوفيد 19 يميلون لحمل الفيروس بمقدار أكبر ولمدة قصيرة قبل ظهور الأعراض عليهم، ويشير ذلك إلى إمكانية نقلهم الفيروس قبل شعورهم بالأعراض، ومع ذلك لا يوجد دليل جيد على أن الأشخاص الذين لا يعانون من الأعراض يمكنهم نقل الفيروس لغيرهم. وإلى الآن يعمل الأطباء على فهم أجهزة المناعة وكيفية تعاملها مع فيروس كورونا.  

المصادر:

bmj

Nature

CEBM

sciencealer

انظر أيضًا:

دراسة جديدة توضح كيفية انتشار فيروس كورونا داخل الأنسجة

هل حقن المطهرات يقتل كورونا كما ادعى ترامب؟


هل حقن المطهرات يقتل كورونا كما ادعى ترامب؟

إنها ليست المرة الأولى التي يخوض فيها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في مواضيع طبية دون تحري الدقة، ذلك أنه أشاد منذ أسابيع بعقار (هيدروكسي كلوركين) الذي بينت الدراسات لاحقًا عدم فعاليته وتزايد أعداد الوفيات بين متناوليه. إلا أن اقتراحاته الأخيرة يوم أمس أثناء اجتماعه بعدد من العلماء لمناقشة أثر الضوء والحرارة والمنظفات في قتل فيروس كورونا المستجد، كانت صادمة ومفزعة للكثيرين. إذ اقترح ترامب، موجهًا كلامه للعلماء والأطباء الحاضرين في اجتماع مصور شاهده الملايين.

https://www.youtube.com/watch?v=DHkzqejFKbM&feature=youtu.be&fbclid=IwAR2C9I-91mtsJHnxSiLNsmQ7jcRDuakXQ1kZdhz71_onZbwq449jjavIL8I

استخدام المطهرات في القضاء على فيروس كورونا عبر حقنها في جسم الإنسان داخل الرئة، معللًا ذلك بأن الفيروس يصيب الرئتين بشكل كبير، وأن المطهرات بإمكانها القضاء عليه خلال دقيقة. ولم يكتفِ ترامب بذلك الاقتراح، بل أضاف أن تعريض المريض لكميات كبيرة من الضوء أو الأشعة فوق البنفسجية داخل الجسم من شأنه القضاء على المرض أيضاً، وذلك عبر “إدخالها عبر الجلد أو بطريقة أخرى” حسب تعبيره. وأثارت اقتراحات ترامب فزعًا بين الأطباء ومختصي مجال الصحة، ذلك أن المطهرات والمنظفات يجب ألا تستعمل داخليًا تحت أي ظرف، فهي مثلما تسمم الميكروبات فإنها سامة للإنسان على حد سواء، كما تتسبب بالحروق والتآكل في القناة الهضمية معرضة الأفراد إلى مضاعفات خطيرة تصل إلى الوفاة. أما التعرض لكميات كبيرة من الأشعة فوق البنفسجية فيتسبب بمضاعفات خطيرة منها إحداث تثبيط في الجهاز المناعي، معرضًا الأشخاص لمختلف أنواع العدوى، بالإضافة إلى مرض سرطان الجلد، ومشاكل في العين، وغيرها. وأعرب الكاتب العلمي الحاصل على شهادة الدكتوراة في الأشعة فوق البنفسجية الطبية (ديفد روبرت جريمس) عن استيائه عبر تغريدة قائلًا أنه لا يمكن إدخال الأشعة فوق البنفسجية إلى داخل جسم الإنسان، وأضاف أن هذا غير معقول فيزيائيًا ولا بيولوجيًا.

تغريدة للدكتور ديفد روبرت جريمس يرد فيها على ادعاء ترامب حول قتل فيروس كورونا بإدخال الأشعة فوق البنفسجية إلى داخل جسم الإنسان

ولعل الاستياء الكبير من اقتراحات ترامب الأخيرة ينبع من احتمالية اتباع بعض الناس لهذه النصائح وتطبيقها، فقد عبر (كريغ سبنسر) مشرف الصحة العالمية في طب الطوارئ في مركز نيويورك/ كولومبيا الطبي الجامعي، عن مخاوفه أن الناس سيظنون أنها فكرة جيدة، وأن ذلك سيتسبب في الوفيات.

ويذكر جهاز إحصائيات السموم الوطني في الولايات المتحدة الشهر الماضي، أن حالات التسمم بواسطة المنظفات في الولايات المتحدة ارتفعت بنسبة ٢٠٪ مقارنة معها في نفس التوقيت من العام الماضي، وذلك بسبب هوس الناس في تعقيم بيوتهم منذ بدء جائحة كورونا، مستخدمين في سبيل ذلك طرق غير آمنة من خلط للمنظفات واستخدامها بشكل غير صحيح أو ابتلاعها، لذا توصي الأكاديمية بوست قراءها الأعزاء بالاستخدام الآمن للمنظفات وقراءة التعليمات على ظهر عبوات الاستخدام والحرص على التهوية الجيدة وإبعاد المنظفات عن متناول الأطفال، وعدم أخذ النصائح الطبية إلا من الأطباء والجهات الطبية الموثوقة.

المصادر:

webmd

epa

هل نجح MIT في تصميم جهاز تنفس صناعي منخض التكلفة؟

أزمة نقص أجهزة التنفس الصناعي

تُعد نقص أجهزة التنفس الصناعي واحدة من أكثر الحاجات الطارئة التي تواجهها المستشفيات الآن بعد تفشي فيروس كورونا، فيمكن لتلك الأجهزة الحفاظ على حياة الكثير من المرضى وإبقائهم على قيد الحياة من خلال المساعدة في عملية التنفس الحيوية، إلا أن الجهاز الواحد تصل تكلفته إلى 30.000 دولار.

معهد  MIT  يساهم بحل

لذلك يعمل الآن فريق بحثي من المهندسين والأطباء والتقنيين وغيرهم في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا بكامبريدج المعروف بـ MIT على تطبيق بديل آمن وغير مكلف يمكن استخدامه في حالات الطوارىء، ويمكن تصميمه سريعًا حول العالم. ففي 12 مارس شُكل فريق لتصميم جهاز باسم ( MIT E-Vent) كرد فعل سريع لجائحة كورونا من المتخصصين للاتفاق على تصميم جهاز تنفس صناعي بتكلفة 100 دولار فقط.

آلية عمل جهاز التنفس الصناعي الخاص بمعهد  MIT

يتناسب الجهاز المصمم مع جهاز التنفس اليدوي وهو عبارة عن كيس نفخ ذاتي يستخدم لتوفير هواء للتنفس للمرضى من خلال الضغط عليه باليد، فيحمل الهواء بضغط إيجابي داخل الرئتين، وتمتلك المستشفيات منها بالفعل، إلا أنه يصعب الاستمرار بضغطها لفترة طويلة حيث من يفعل ذلك يكن الطبيب أو التمريض، لذلك طور المعهد ضواغط ميكانيكية مدفوعة من خلال محرك صغير لدفع الهواء باستمرار خلال أنبوب موضوع في مجرى التنفس للمريض. ولكن كان من المهم جدًا أن لا يتسبب هذا النظام التشغيلي بإتلاف الكيس المرن وأن يكون قابلًا للتحكم فيه، لأن الخطأ غير المتوقع فيه قد يكون مميتًا. كما أشار المعهد البحثي على التفكير بجميع العوامل الطبية التي يقوم عليها طريقة التنفس الصناعي خاصة في الأجهزة منخفضة التكلفة، فهي تتطلب عناية كبيرة من قبل الأطباء المتخصصين لضبط المعايير الفردية اللازمة لكل مريض مثل حجم الهواء المدي لإتمام عملية الشهيق بالضغط اللازم، بالإضافة إلى دعم إيجابي في نهاية التنفس لإتمام الزفير، وإن لم تكن تلك الضوابط في الحسبان فقد تتسبب في إصابات خطيرة أو حدوث حالات وفاة.

لم تكن تلك المرة الأولى لمعهد  MIT لصناعة جهاز تنفس صناعي يدوي لاستخدامه في حالات الطوارىء حيث قدم أول جهاز محمول منه لحالات الانعاش اليدوي من قبل طلاب عام 2010، لكنه لم يتجاوز مرحلة النموذج الأولي، توالت أيضًا التصميمات من فرق بحثية أخرى، والآن تعمل الفرق معًا في المعهد على التصميم النهائي.

المصادر المتاحة لتصميم جهاز التنفس الصناعي

 أعلن الفريق البحثي عن انتاج أربع مجموعات من المواد والتي سوف تنشر على الموقع الخاص بهم كمصدر متاح وهي عبارة عن: أقل جهاز تنفس صناعي آمن يعتمد على الارشادات السريرية، تصميم تقني مرجعي لتلبيه الأحد الأدنى من المتطلبات، استراتيجيات التحكم المرجعي وتصميم الإلكترونيات ودعم الأفكار، نتائج الاختبارات على النماذج الحيوانية. تقدم تلك المواد بهدف تزويد من لهم القدرة على تصنيع الأجهزة في البدء، كما يمكن للأطباء تقديم خبراتهم عبر المشاركة على الموقع. وكضمان للجودة  فرض المعهد حقوق للاستخدام لتصنيع الجهاز التنفسي وهو أن لا يستخدم أي من إشعارات أو علامات المعهد التجارية على الأجهزة إلا بعد موافقة مسبقة مكتوبة.

المصادر:

MIT E-Vent 1

MIT E-Vent 2

Scitechdaily

مواضيع ذات صلة

ما مدى فعالية دواء أفيجان ضد فيروس كورونا المستجد؟

يعمل دواء أفيجان كمضاد للفيروسات عن طريق تثبيط بوليمراز الحمض النووي الريبوزي، وهو فعال ضد مجموعة واسعة من فيروسات الإنفلونزا بما فيها السلالات المقاومة للأدوية، كما يعمل على مكافحة فيروسات الحمض النووي الريبوزي الأخرى مثل الفيروسات الرملية arenaviruses وفيروسات بونيا bunyaviruses وفيلو filoviruses التي تسبب حمى نزفية قاتلة، لكن ما مدى فعالية دواء أفيجان ضد فيروس كورونا المستجد؟

دراسة أفيجان في الصين

قام فريق من المركز الوطني لأبحاث الأمراض المعدية في الصين بمقارنة دواء أفيجان مع دواء لوبينافير/ريتونافير. استُخدم دواء لوبينافير المضاد لفيروس نقص المناعة المكتسبة ضد فيروس سارس عام 2003، وأضاف المصنعون إليه دواء ريتونافير لزيادة فترة تأثيره وتقليل آثاره الجانبية. كان المشاركون في الدراسة مرضى من مستشفى شنتشن في الصين، ضمت المجموعة الأولى 35 مريضاً مشخصاً بفيروس كورونا حيث تناولوا في اليوم الأول 1600 ملغم من دواء أفيجان مرتين باليوم بالإضافة إلى استنشاق الإنترفيرون، في اليوم الثاني وما بعده خُففت الجرعة إلى 600 ملغم مرتين يومياً مع الاستمرار في استنشاق الإنترفيرون. أما المجموعة الثانية فضمت 45 مريضاً تناولوا لوبينافير/ ريتونافير بجرعة 400 ملغم / 100 ملغم مرتين باليوم بالإضافة إلى استنشاق الإنترفيرون.

نتائج الدراسة

أظهرت الدراسة أنَّ مرضى المجموعة الأولى الذين تناولوا دواء أفيجان تخلصوا من الفيروس بمعدل 4 أيام، بينما احتاج المرضى في المجموعة الثانية إلى 11 يوماً للتخلص من الفيروس. كما أظهرت المجموعة الأولى تحسناً كبيراً في تصوير الصدر مقارنة بالمجموعة الثانية بمعدل تحسن مقداره 91.43 % مقابل 62.22 %. بالإضافة إلى ذلك كانت الآثار الجانبية في مجموعة أفيجان أقل من المجموعة الثانية.

العوامل المحددة للدراسة

رغم أنَّ السمات الصحية للأشخاص في المجموعتين كانت قابلة للمقارنة إحصائياً، إلا أنَّ هناك اختلافات مهمة بينهما أثارت الشكوك حول نتائج الدراسة، فمثلاً كان عدد اليافعين والمتمتعين بلياقة بدنية أكثر في المجموعة الأولى التي تناولت الأفيجان وتلقوا العلاج مباشرة بعد ظهور الأعراض، كما كان عدد المصابين بالحمى أقل في هذه المجموعة. ونظراً لصغر حجم الدراسة فإنَّ هذه الاختلافات الطفيفة بين المجموعتين قد تؤثر على النتائج.

تقدم هذه الدراسة الصغيرة بعض النتائج المثيرة لكن الاختلافات في شدة المرض والعمر بين المجموعتين، وعدم تعمية النتائج للباحثين تلقي بظلال الشك على هذه النتائج، لذلك يحتاج الأطباء إلى التجارب العشوائية قبل البدء باستخدام الدواء سريرياً ضد فيروس كورونا المستجد.

نُشرت هذه الدراسة في مجلة الهندسة بتاريخ 18/3/2020 ثم قام الناشر بحذف الدراسة مؤقتاً مؤكداً على توفير بديل لها قريباً أو إعادة نشرها مع توضيح سبب الحذف.

الدراسات خارج الصين

أعلنت الشركة المنتجة لدواء أفيجان بدء المرحلة الثانية من التجارب السريرية في الولايات المتحدة لاختبار فعالية الدواء ضد مرض كورونا، حيث سيشارك في الدراسة 50 مصاباً بالفيروس بالتعاون مع مستشفى بريغهام ومستشفى ماساتشوستس العام وكلية الطب في جامعة ماساتشوستس. أما في اليابان فقد بدأت الشركة المرحلة الثالثة من التجارب السريرية لاختبار مدى أمان أفيجان وفعاليته ضد فيروس كورونا المستجد.

المصادر:

NCBI

Medical News

Engineering

Fujifilm.US

Clinical Trial

مترجم: عالم ما بعد فيروس الكورونا للكاتب يوفال نوح حراري

عالم ما بعد فيروس الكورونا للكاتب يوفال نوح حراري يوضح فيه يوفال نوح حراري ماهية عالم ما بعد فيروس الكورونا مستعرضا تخوفاته وما نحتاجه لتشكيل عالم أفضل بدلًا من عالم منعزل شديد الرقابة يقتص من حرياتنا، فيقول:

“إن مطالبة الناس بالاختيار بين الخصوصية والصحة هو في الواقع أصل المشكلة، لأنه خيار زائف. يمكننا -وينبغي أن- نتمتع بالخصوصية والصحة معًا. يمكننا أن نختار حماية صحتنا ووقف وباء الفيروس التاجي؛ ليس عن طريق إنشاء أنظمة مراقبة استبدادية، ولكن عن طريق تمكين المواطنين.”

يوفال نوح حراري

إليكم المقال:

تواجه البشرية الآن أزمة عالمية، ربما كانت أكبر أزمة في جيلنا، ويُحتمل أن تشكّل القرارات المُتخذة خلال الأسابيع القليلة المقبلة من الشعوب والحكومات عالمنا لسنوات قادمة. لن ينحصر تأثيرها على أنظمة الرعاية الصحية فقط ولكن ستشكّل اقتصادنا وسياستنا وثقافتنا. يجب علينا أن نتصرف بسرعة وحسم، ويجب أن نأخذ بعين الاعتبار العواقب طويلة المدى لأعمالنا. عند الاختيار بين البدائل، يجب أن نسأل أنفسنا ليس فقط عن كيفية التغلب على التهديد المباشر، ولكن أيضًا عن نوع العالم الذي سنعيش فيه بمجرد مرور العاصفة. نعم، ستمر العاصفة، وستبقى البشرية على قيد الحياة، سيظل معظمنا على قيد الحياة – لكننا سنعيش في عالم مختلف.

ستصبح العديد من تدابير واجراءات الطوارئ قصيرة الأجل من عناصر الحياة الأساسية في المستقبل. هذه هي طبيعة حالات الطوارئ، فهي تسرّع من العمليات التاريخية والقرارات التي قد تستغرق في الأوقات العادية سنوات من المداولات، ولكن تُمرر في حالات الطوارئ في غضون ساعات. يُدفَع بالتقنيات غير الناضجة وحتى الخطرة للخدمة، فمخاطر عدم القيام بأي شيء أكبر. تبدو دُوَل بأكملها كفئران في تجارب اجتماعية واسعة النطاق. ماذا قد يحدث عندما يعمل الجميع من المنزل ويتواصلون فقط عن بُعد؟ ماذا قد يحدث عندما تُقدّم كل المدارس والجامعات محتواها مباشرة على الإنترنت؟

في الأوقات العادية، لن توافق الحكومات والشركات والمجالس التعليمية على إجراء مثل هذه التجارب. لكن هذه الأوقات ليست عادية. في وقت الأزمة هذا، نواجه خيارين مهمين بشكل خاص. الخيار الأول بين المراقبة الشمولية وتمكين المواطنين. والثاني بين العزلة القومية والتضامن العالمي.

المراقبة الحيوية أو “المراقبة تحت الجلد”

من أجل وقف الوباء، يجب على جميع السكان الامتثال لإرشادات معينة. هناك طريقتان رئيسيتان لتحقيق ذلك. إحدى الطرق هي أن تراقب الحكومة الشعب، وتعاقب أولئك الذين يخالفون القواعد. اليوم، ولأول مرة في تاريخ البشرية، تتيح التكنولوجيا مراقبة الجميع طوال الوقت. قبل خمسين عامًا، لم يكن باستطاعة المخابرات السوفيتية KGB مراقبة 240 مليون مواطن سوفيتي على مدار 24 ساعة، ولا يمكن للـ KGB معالجة جميع المعلومات التي تم جمعها بشكل فعّال. اعتمدت وكالة المخابرات السوفيتية (KGB) سابقًا على عملاء ومحللين بشريين، ولم تتمكن من توظيف شخص لمراقبة كل مواطن. ولكن يمكن للحكومات الآن أن تعتمد على أجهزة استشعار وخوارزميات قوية في كل مكان بدلاً من الأشخاص.

استخدمت عدة حكومات بالفعل أدوات المراقبة الجديدة في معركتها ضد جائحة فيروس الكورونا. أبرز حالة هي الصين؛ من خلال مراقبة الهواتف الذكية للأشخاص عن كثب، والاستفادة من مئات الملايين من كاميرات التعرف على الوجوه، وإلزام الأشخاص بفحص درجة حرارة أجسامهم وحالتهم الطبية والإبلاغ عنها. لا يمكن للسلطات الصينية أن تحدد فقط حاملي الفيروس المشتبه بهم، ولكن أيضًا تتبع تحركاتهم وتتعرف على أي شخص اتصلوا به. تحذّر مجموعة من تطبيقات الهاتف المحمول المواطنين من اقترابهم من المرضى والمصابين.

لا يقتصر هذا النوع من التكنولوجيا على شرق آسيا. إذ سمح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مؤخرًا لوكالة الأمن الإسرائيلية بنشر تكنولوجيا المراقبة المخصّصة عادة لمحاربة الإرهابيين لتعقب مرضى فيروس الكورونا المستجد. وعندما رفضت اللجنة الفرعية البرلمانية المعنية الموافقة على الإجراء، صدمها نتنياهو بـ “مرسوم الطوارئ”.

المراقبة البيومترية، يمكنك أن تجعل قضية المراقبة البيومترية بمثابة إجراء مؤقت يُتّخذ أثناء حالة الطوارئ. لكن للأسف، للتدابير المؤقتة عادة سيئة في تجاوز حالات الطوارئ

قد نتجادل بأنه لا يوجد جديد في كل هذا. ففي السنوات الأخيرة، استخدمت كل من الحكومات والشركات تقنيات أكثر تعقيدًا من أي وقت مضى للتتبع والمراقبة والتلاعب بالناس. ومع ذلك، إذا لم نكن حذرين، فقد يمثل الوباء فاصلاً هامًا في تاريخ المراقبة. ليس فقط لأنها ستسمح بنشر أدوات المراقبة الجماعية في البلدان التي رفضتها حتى الآن، ولكن أكثر من ذلك لأنها تشير إلى تحوّل كبير من المراقبة “فوق الجلد” إلى “تحت الجلد” أي من المراقبة الفوقية للمراقبة الداخلية. ما نعلمه حتى الآن، هو معرفة الحكومة للروابط التي ينقرها إصبعك على شاشة هاتفك الذكي. ولكن مع اجراءات الفيروس الطارئة، يتحول الاهتمام إلى رغبة في معرفة درجة حرارة إصبعك وضغط الدم تحت الجلد.

إحدى المشاكل التي نواجهها في تشكيل موقفنا من المراقبة تكمن في عدم معرفتنا لكيفية مراقبتنا، وما قد تجلبه السنوات القادمة. تتطور تكنولوجيا المراقبة بسرعة فائقة، وما بدا أنه خيال علمي منذ 10 سنوات أصبح قديمًا اليوم. كمثال، تخيّل حكومة افتراضية تطالب بأن يرتدي كل مواطن سوارًا بيولوجيًا يراقب درجة حرارة الجسم ومعدل ضربات القلب على مدار 24 ساعة في اليوم. تُجمَع البيانات الناتجة وتُحلَّل بواسطة الخوارزميات الحكومية، وستعرف الخوارزميات أنك مريض حتى قبل أن تعرف أنت. كما ستعرف أيضًا أين كنت، ومن قابلت. يمكن تقصير سلاسل العدوى بشكل كبير، بل ويمكن كسرها تمامًا. بمقدورنا القول أن مثل هذا النظام قادر على إيقاف الوباء في غضون أيام. تبدو الأمور رائعة، أليس كذلك؟

لم تدرك أن هذا سيعطي الشرعية لنظام مراقبة جديد مرعب. إذا كنت تعلم، على سبيل المثال، أنني نقرت على رابط Fox News بدلاً من رابط CNN، فيمكن هذا أن يخبرك شيئًا عن آرائي السياسية، وربما يكشف لك عن شخصيتي “وهو ما حدث مع Cambridge analytica”. ولكن إذا تمكنت من مراقبة ما يحدث لدرجة حرارة جسدي وضغط الدم ومعدل ضربات القلب أثناء مشاهدة مقطع الفيديو، فيمكنك معرفة ما يجعلني أضحك أو أبكي، وما قد يجعلني غاضبًا حقًا.

من المهم أن نتذكر أن الغضب والفرح والملل والحب هي ظواهر بيولوجية مثل الحمى والسعال. يُمكن للتكنولوجيا نفسها التي ترصُد السعال أن تحدد الضحكات أيضًا. إذا بدأت الشركات والحكومات في جمع بياناتنا البيومترية “الحيوية” بشكل جماعي، فيمكنهم التعرف علينا بشكل أفضل بكثير مما نعرف حتى أنفسنا، ومن ثَمّ لا يمكنهم فقط التنبؤ بمشاعرنا ولكن أيضًا التلاعب بها وبيعنا أي شيء يريدونه – سواء كان ذلك منتجًا أو شخصية سياسية. ستجعل المراقبة البيومترية أساليب Cambridge Analytica تبدو وكأنها من العصر الحجري. تخيّل كوريا الشمالية في عام 2030، عندما يضطر كل مواطن إلى ارتداء سوار المراقبة البيومترية على مدار 24 ساعة في اليوم. حينها، إذا استمعت إلى خطاب القائد العظيم والتقط السوار علامات الغضب، فقد انتهت حياتك.

لن تتوقف معرفتي عند كوني خطرًا صحيًا على الآخرين، ولكن ستمتد إلى معرفتي بأي العادات تساهم في تحسين حالتي الصحية

يمكنك بالطبع أن تجعل قضية المراقبة البيومترية بمثابة إجراء مؤقت يُتّخذ أثناء حالة الطوارئ. ستزول المراقبة حالما تنتهي حالة الطوارئ. لكن للأسف، للتدابير المؤقتة عادة سيئة في تجاوز حالات الطوارئ، خاصة وأن هناك دائمًا حالة طوارئ جديدة تلوح في الأفق. على سبيل المثال، أعلنت إسرائيل، حالة الطوارئ خلال حرب الاستقلال عام 1948، والتي بررت مجموعة من الإجراءات المؤقتة مثل الرقابة على الصحافة ومصادرة الأراضي إلى اللوائح الخاصة لصنع الحلوى (أنا لا أمزح). كسبت حرب الاستقلال منذ فترة طويلة، لكنها لم تعلن أبدًا انتهاء حالة الطوارئ، وفشلت في إلغاء العديد من الإجراءات “المؤقتة” منذ عام 1948 (أُلغي مرسوم الطوارئ في عام 2011).

عندما تنخفض الإصابة بفيروس الكورونا المستجد إلى الصفر، يُمكن لبعض الحكومات المتعطشة للبيانات أن تتذرّع بحاجتها إلى إبقاء أنظمة المراقبة البيومترية في مكانها لخشيتها من حدوث موجة ثانية من الفيروس مثلاً، أو لوجود سلالة جديدة من فيروس إيبولا تتطور في وسط أفريقيا، أو لأن …. أعتقد أنك قد فهمت الفكرة. كانت هناك معركة كبيرة تدور رحاها في السنوات الأخيرة حول “حق الخصوصية”، وقد تصبح أزمة الفيروس نقطة تحوّل في المعركة. فعندما يُتاح للأشخاص الاختيار بين الخصوصية والصحة، فعادة ما يختارون الصحة.

شرطة الصابون

إن مطالبة الناس بالاختيار بين الخصوصية والصحة هو في الواقع أصل المشكلة، لأنه خيار زائف. يمكننا -وينبغي أن- نتمتع بالخصوصية والصحة معًا. يمكننا أن نختار حماية صحتنا ووقف وباء الفيروس التاجي؛ ليس عن طريق إنشاء أنظمة مراقبة استبدادية، ولكن عن طريق تمكين المواطنين. في الأسابيع الأخيرة، نظمت كوريا الجنوبية وتايوان وسنغافورة بعض أنجح الجهود المبذولة لاحتواء وباء الفيروس التاجي. فبالرغم من استخدام هذه البلدان لبعض تطبيقات التتبع، إلا أنها اعتمدت بشكل أكبر على تكثيف اختبارات الفيروس، وعلى تقارير صادقة، وعلى التعاون المتبادَل مع جمهور تمت توعيته. المراقبة المركزية والعقوبات القاسية ليست الطريقة الوحيدة لجعل الناس يمتثلون للإرشادات المفيدة. يمكن للمواطنين إذا عرفوا الحقائق العلمية، ووثقوا في السلطات العامة وما تخبرهم به من حقائق، أن يفعلوا الشيء الصحيح حتى بدون أن يراقبهم الأخ الأكبر “تعبير من رواية 1984 يستخدم للإشارة إلى مراقبة السلطة للمواطنين بهدف توجيههم والسيطرة عليهم”. عادة ما يصبح جمهور من أصحاب الدوافع الذاتية المستنيرة أكثر قوة وفعالية بكثير من جمهور من الخاضعين لقوة الشرطة والجاهلين. ضع في اعتبارك مثال غسل الأيدي بالصابون، “هل يستوجب علينا تعيين شرطة خاصة لإجبار المواطنين على غسل أيديهم بالصابون؟”. كان هذا أحد أعظم التطورات على الإطلاق في نظافة الإنسان، إذ ينقذ ملايين الأرواح كل عام. بينما نعتبر غسل الأيدي بالصابون أمرًا مُسلّمًا به الآن، لكن لم تُكتَشف أهميته علميًا إلا في القرن التاسع عشر. في السابق، حتى الأطباء والممرضات انتقلوا من عملية جراحية إلى أخرى دون غسل أيديهم. واليوم يغسل مليارات الأشخاص أيديهم يوميًا، ليس لأنهم يخافون من شرطة الصابون، ولكن لأنهم يفهمون الحقائق. أغسل يدي بالصابون لأنني سمعت عن الفيروسات والبكتيريا، أفهم أن هذه الكائنات الدقيقة تسبب الأمراض، وأنا أعلم أن الصابون يمكن أن يزيلها. ولكن لتحقيق مثل هذا المستوى من الامتثال والتعاون، فأنت بحاجة إلى الثقة. يحتاج الناس إلى الثقة بالعلم، والثقة بالسلطات العامة، والثقة بوسائل الإعلام. على مدى السنوات القليلة الماضية، قوّض السياسيون غير المسؤولين عمدًا الثقة في العلوم والسلطات العامة ووسائل الإعلام. الآن قد يميل هؤلاء السياسيون غير المسؤولين إلى السير في الطريق السريع نحو الاستبداد، بحجة أنه لا يمكنك الوثوق في الجمهور لفعل الشيء الصحيح.

عادة، لا يمكنك إعادة بناء الثقة التي تآكلت لسنوات بين عشية وضحاها. ولكن ما نحن فيه ليس بأجواء عادية. في الأزمات، يمكن للعقول أيضًا أن تتغير بسرعة. يُمكن أن تقع في شجار مرير مع أشقائك لسنوات، ولكن بمجرد حدوث طارئ، تكتشف فجأة خزّانًا خفيًّا من الثقة والوُد، وتُهرعوا لمساعدة بعضكم البعض. لم يفت الأوان لإعادة بناء ثقة الناس في العلوم والسلطات العامة ووسائل الإعلام، بدلاً من بناء نظام مراقبة. يجب علينا بالتأكيد الاستفادة من التقنيات الجديدة أيضًا، ولكن هذه التقنيات يجب أن تُمكّن المواطنين. أنا أؤيد مراقبة درجة حرارة جسمي وضغط دمي، ولكن لا ينبغي استخدام هذه البيانات لترسيخ حكومة قوية، ولكن ينبغي أن تُمكنني هذه البيانات من اتخاذ خيارات شخصية أكثر استنارة، وكذلك تُمكنني من محاسبة الحكومة على قراراتها.

إذا تمكنت من تتبع حالتي الطبية الخاصة على مدار 24 ساعة في اليوم، فلن تتوقف معرفتي عند كوني خطرًا صحيًا على الآخرين، ولكن ستمتد إلى معرفتي بأي العادات تساهم في تحسين حالتي الصحية. وإذا تمكنت من الوصول إلى إحصاءات موثوقة حول انتشار الفيروس وتحليلها، فسأتمكن من الحكم ما تخبرني به الحكومة من حقائق وما إذا كانت تتبنى السياسات الصحيحة لمكافحة الوباء أم لا. عندما يتحدث الناس عن المراقبة، تذكّر أن نفس تكنولوجيا المراقبة يمكن للحكومات استخدامها لمراقبة الأفراد – ويمكن للأفراد أيضًا استخدامها لمراقبة الحكومات.

وبالتالي فإن وباء الفيروس التاجي هو اختبار رئيسي للمواطنة. يجب على كل منا في الأيام المقبلة أن يختار الثقة في البيانات العلمية وخبراء الرعاية الصحية مقابل نظريات المؤامرة التي لا أساس لها والسياسيين الذين يخدمون أنفسهم. إذا فشلنا في اتخاذ القرار الصحيح، فقد نجد أنفسنا نبيع أغلى حرياتنا، معتقدين أن هذه هي الطريقة الوحيدة لحماية صحتنا.

نحن بحاجة إلى خطة عالمية

الخيار الثاني المهم الذي نواجهه هو بين العزلة الوطنية والتضامن العالمي. إن كلا من الوباء نفسه والأزمة الاقتصادية الناتجة عنه مشكلتان عالميتان. لا يمكن حل أي منهما بشكل فعال إلا من خلال التعاون العالمي.

أولاً وقبل كل شيء، من أجل هزيمة الفيروس، نحتاج إلى مشاركة المعلومات عالميًا. هذه هي الميزة الكبرى للبشر على الفيروسات. لا يمكن للفيروس التاجي في الصين والفيروس التاجي في الولايات المتحدة تبادل النصائح حول كيفية إصابة البشر. ولكن يمكن للصين أن تُعلم الولايات المتحدة العديد من الدروس القيّمة حول الفيروس التاجي وكيفية التعامل معه. ما يكتشفه طبيب إيطالي في ميلانو في الصباح الباكر قد ينقذ الأرواح في طهران في المساء. عندما تتردد حكومة المملكة المتحدة بين العديد من السياسات، يمكنها الحصول على المشورة من الكوريين الذين واجهوا بالفعل معضلة مماثلة قبل شهر. ولكن لكي يحدث هذا، نحتاج إلى روح من التعاون والثقة العالميين.

يجب على البلدان أن تبدي استعدادًا لتبادل المعلومات بشكل مفتوح وتواضعًا للحصول على المشورة، ويجب أن تمتلك القدرة على الثقة في البيانات والأفكار التي تتلقاها. نحتاج أيضًا إلى جهد عالمي لإنتاج وتوزيع المعدات الطبية، وعلى الأخص مجموعات الاختبار وأجهزة التنفس. فبدلاً من محاولة كل دولة القيام بذلك محليًا وتكديس أي معدات يمكنها الحصول عليها، يمكن لجهد عالمي مُنسّق أن يُسرّع الإنتاج إلى حد كبير، ويضمن توزيع المعدات المُنقِذة للحياة بشكل أكثر عدالة. مثلما تقوم الدول بتأميم الصناعات الرئيسية خلال الحرب، فقد تتطلب منا الحرب البشرية ضد الفيروس التاجي “إضفاء الطابع الإنساني” على خطوط الإنتاج الضرورية. يجب أن تستعد الدولة الغنية صاحبة العدد القليل من حالات الإصابة بالفيروس لإرسال معدات ثمينة إلى بلد فقير يعاني من كثرة الحالات، واثقة من أن الدول الأخرى ستهب لمساعدتها إذا احتاجت المساعدة لاحقًا.

حتى لو قامت الإدارة الحالية في نهاية المطاف بتغيير مسارها ووضعت خطة عمل عالمية، فإن القليل سيتّبع زعيمًا لا يتحمل المسؤولية مطلقًا، ولا يعترف أبداً بالأخطاء، ينسب كل الفضل لنفسه ويترك كل اللوم للآخرين.

قد نفكر في جهد عالمي مماثل لتجميع العاملين في المجال الطبي. يُمكن للبلدان الأقل تأثراً في الوقت الحالي أن ترسل موظفين طبيين إلى المناطق الأكثر تضرراً في العالم، من أجل مساعدتهم وقت الحاجة، ومن أجل اكتساب خبرة قيّمة. وتبدأ المساعدة في التدفق في الاتجاه المعاكس بانعكاس التحولات الوبائية لاحقًا.

هناك حاجة حيوية للتعاون العالمي على الصعيد الاقتصادي أيضًا. بالنظر إلى الطبيعة العالمية للاقتصاد وسلاسل التوريد، سنصبح أمام فوضى وأزمة عميقة إذا حاولت كل حكومة بشكل منعزل معالجة الوضع في تجاهل تام للحكومات الأخرى. نحن بحاجة إلى خطة عمل عالمية وبسرعة.

شرط آخر هو التوصل إلى اتفاق عالمي بشأن السفر، فتعليق جميع الرحلات الدولية لأشهر سيتسبب في صعوبات هائلة، ويعرقل الحرب ضد فيروس كورونا. تحتاج الدول إلى التعاون من أجل السماح لعدد قليل على الأقل من المسافرين الأساسيين بمواصلة عبور الحدود مثل العلماء والأطباء والصحفيين والسياسيين ورجال الأعمال. يُمكن القيام بذلك من خلال التوصل إلى اتفاقية عالمية بشأن الفحص المسبق للمسافرين في بلدهم. ستكون أكثر استعدادًا لقبول المسافرين في بلدك إذا تأكدت من فحصهم بعناية قبل صعودهم على متن الطائرة.

في الوضع الحالي ولسوء الحظ، لا تفعل البلدان أي من هذه الأشياء. لقد أصيب المجتمع الدولي بالشلل الجماعي. أليس منكم رجل رشيد؟ كان المرء يتوقع أن يرى قبل أسابيع اجتماع طارئ للقادة العالميين للتوصل إلى خطة عمل مشتركة. تمكن قادة مجموعة السبع من تنظيم مؤتمر بالفيديو هذا الأسبوع فقط، ولم تسفر عنه أي خطة من هذا القبيل.

في الأزمات العالمية السابقة – مثل الأزمة المالية لعام 2008 ووباء إيبولا 2014 – تولت الولايات المتحدة دور القائد العالمي. لكن الإدارة الأمريكية الحالية تخلت عن منصب القائد. لقد أوضحت أنها تهتم بعظمة أمريكا أكثر من اهتمامها بمستقبل البشرية.

لقد تخلت هذه الإدارة حتى عن أقرب حلفائها، عندما حظرت جميع رحلات السفر من الاتحاد الأوروبي، ولم تكلف نفسها عناء إعطاء الاتحاد الأوروبي إشعارًا مسبق – ناهيك عن التشاور مع الاتحاد الأوروبي حول هذا الإجراء الجذري. قامت بتخريب علاقاتها مع ألمانيا عندما قدّمت مليار دولار إلى شركة دواء ألمانية لشراء حقوق احتكار لقاح جديد Covid-19. حتى لو قامت الإدارة الحالية في نهاية المطاف بتغيير مسارها ووضعت خطة عمل عالمية، فإن القليل سيتّبع زعيمًا لا يتحمل المسؤولية مطلقًا، ولا يعترف أبداً بالأخطاء، ينسب كل الفضل لنفسه ويترك كل اللوم للآخرين.

إذا لم يُملأ الفراغ الذي خلفته الولايات المتحدة من قبل دول أخرى، فلن تتوقف صعوبة الأمر على إيقاف الوباء الحالي فحسب، بل سيستمر إرثه في تسميم العلاقات الدولية لسنوات قادمة. ومع ذلك، فكل أزمة هي فرصة. نأمل أن يساعد الوباء الحالي البشرية على إدراك الخطر الحاد الذي يشكله الانقسام العالمي.
تحتاج البشرية إلى الاختيار. هل نسير في طريق الانقسام، أم سنتبنى طريق التضامن العالمي؟ إذا اخترنا الانقسام، فلن يؤدي ذلك إلى إطالة أمد الأزمة فحسب، بل سيؤدي على الأرجح إلى كوارث أسوأ في المستقبل. إذا اخترنا التضامن العالمي، فسننتصر على الفيروس التاجي وعلى جميع الأوبئة والأزمات والتحديّات المستقبلية التي قد تهاجم البشرية في القرن الحادي والعشرين.

تُرجم عن مقال الكاتب يوفال نوح حراري في Financial Times

Exit mobile version