كيف يؤثر تغير المناخ على الصحة العامة للبشر؟

هذه المقالة هي الجزء 13 من 18 في سلسلة مقدمة في تغيرات المناخ وتأثيراتها البيئية

يعد تغير المناخ أحد أكبر تهديدات الصحة العامة وأشدها قسوة. فوفقًا لبيان منظمة الصحة العالمية، فإنه من المتوقع أن يفقد حوالي 250 ألف شخص حياتهم سنويًا بسببه. فارتفاع درجة الحرارة وانعدام الأمن الغذائي والمائي وتلوث الهواء، يؤدي إلى زيادة التعرض للأمراض الحادة والمزمنة. فكيف يؤثر تغير المناخ على صحتنا؟[1]

تأثير التغيرات المناخية على الصحة الجسدية

حسب تقرير للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، فإنه من المتوقع أن يؤدي الاحترار العالمي إلى تفاقم الظروف الصحية خاصة في المناطق الاستوائية. ففي أفريقيا على سبيل المثال، تؤدي الزيادة في درجة الحرارة إلى زيادة أعداد البعوض، فتتضاعف الإصابات بالأمراض التي تنقلها الحشرات كالملاريا وحمى الضنك.[2]

إضافة إلى ارتفاع نسبة التعرض لضربات الشمس والإرهاق نتيجة لتفاقم موجات الحر. يتسبب تلوث الهواء الناتج عن حرائق الغابات بأمراض الجهاز التنفسي والقلب والأوعية الدموية. فخلال عام 2019 وحده، تسببت الجسيمات الدقيقة المتطايرة في الغلاف الجوي في وفاة حوالي 1.8 مليون شخص على مستوى العالم.

تتسبب الفيضانات والأعاصير الأكثر توترًا في انتشار الأمراض التي تنقلها المياه وزيادة أعداد النزوح. فخلال عام 2005 ساهم إعصار كاترينا في موت ما يقرب من ألفي شخص، وتشريد حوالي 1.5 مليون شخص.[3]

تغير المناخ والصحة العقلية

ترتبط ـ غالبا ـ الكوارث الطبيعية المرتبطة بالمناخ كالفيضانات والأعاصير وحرائق الغابات بالاضطرابات النفسية المتعلقة بالتوتر. فالأفراد الذين تعرضوا لمواقف مهددة لحياتهم معرضون أكثر لخطر الإصابة باضطراب ما بعد الصدمة.[4]

ووفقًا لاستطلاع رأي أجرته الجمعية الأمريكية للطب النفسي، فإن أكثر من ثلثي الأمريكيين (67٪) قلقون للغاية بشأن تأثير تغير المناخ على الكوكب. وأكثر من نصفهم (55٪) قلقون من تأثيره على صحتهم العقلية.[5]

من المرجح أن يصبح سلوك الأفراد المعرضين لارتفاع درجات الحرارة أكثر عدوانية. ووجدت إحدى الدراسات علاقة بين التعرض للهواء الملوث وزيادة خطر الإصابة بالقلق والفصام واضطراب الشخصية.[6]

تأثير تغير المناخ على نظام الرعاية الصحية

يؤثر تغير المناخ على كل جانب من جوانب نظام الرعاية الصحية. فالاحترار العالمي على سبيل المثال يعيق الوصول إلى الخدمات الصحية فضلًا عن التأثير على جودتها. كما يؤدي أيضًا إلى ارتفاع تكاليف الرعاية الصحية. أنظمة الرعاية الصحية مسؤولة عن رعاية الأشخاص الذين يواجهون تأثيرات فورية. وكذلك الأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة كأمراض القلب والأوعية الدموية وأمراض الجهاز التنفسي.

كشفت إحدى الدراسات التي أجريت في الولايات المتحدة على مجموعة من الأحداث المناخية التي حدثت في الولايات المتحدة، وعددها 10 أحداث. أن التكاليف المتعلقة بالصحة، بما في ذلك دخول المستشفيات وزيارات أقسام الطوارئ والتكاليف الطبية الأخرى، بلغت حوالي 10 مليارات دولار خلال عام 2018.

تأثير تغير المناخ على القوى العاملة في مجال الرعاية الصحية

يتعرض أخصائيو الرعاية الصحية لمخاطر الصحة البدنية والعقلية لتغير المناخ بشكل أكثر حدة من عامة السكان. كما أنه لا يؤدي إلى تعطيل حياتهم فحسب، بل يجعل وظائفهم أيضًا أكثر صعوبة. مما يزيد من خطر الإرهاق. غالبًا ما تمنعهم العواصف والفيضانات وحرائق الغابات والأحداث المتطرفة الأخرى من الذهاب إلى مرافق الرعاية الصحية. مع زيادة عدد الأشخاص الذين يتعرضون للإصابة بالأمراض نتيجة التغير المناخي، ستكون هناك حاجة ماسة لزيادة القوى العاملة المجهزة للتعامل مع مرضى الأحداث المناخية.

من الضروري تدريب القوى العاملة في مجال الرعاية الصحية على تحدي المخاطر ومعالجتها. تحتاج القوى العاملة إلى التكيف لتقديم الرعاية الصحية في ظل الظروف المناخية القاسية. وجدت إحدى الدراسات أن آثار تغير المناخ جعلت ثلث العاملين في مجال الرعاية الصحية في إحدى المناطق الاسترالية، يفكرون في الانتقال إلى مكان آخر.[7]

الإجراءات

يجب اتخاذ إجراءات جادة لحماية صحة الناس ورفاهيتهم في جميع أنحاء العالم، خاصة الفئات السكانية الضعيفة. فالحد من كميات الغازات الدفيئة له العديد من الفوائد الصحية، ويمكن أن ينقذ آلاف الأرواح.

التخفيف من حدة تغير المناخ من شأنه أن يمنع انتشار الأمراض، ويوفر مليارات الدولارات من التكاليف المتعلقة بالصحة، خاصة في المجتمعات التي تعاني من الآثار السلبية لتغير المناخ.[8]

المصادر

(1)journal
(2)un
 (7),(3)commonwealthfund
(4)ncbi
(5)psychiatry
(6)bmj
(8)projecthope

تطبيقات البيانات الضخمة في الصحة العامة

هذه المقالة هي الجزء 12 من 17 في سلسلة مقدمة في علم البيانات وتطبيقاته

تتميز البيانات الضخمة بحجمها الكبير واختلافها وتنوعها. والصحة العامة هي علم منع الأمراض وزيادة العمر والصحة والكفاءة من خلال مجهود مجتمعي منظم. تخيل أنك تذهب إلى مستشفى لعمل فحص سنوي طبيعي للاطمئنان على حالتك الصحية. يأخذ منك الطبيب أو المختص بعض البيانات والتحاليل ثم بعدها تتلقى رسالة بوجوب الذهاب إلى قسم القلب لأنك قد تعاني قريبًا من مشكلة ما تخص القلب وأنت لم تكن تشتكي سابقًا. يعد هذا الموقف هو أهم ما ستوفره البيانات الضخمة بالتعاون مع الذكاء الاصطناعي في المستقبل القريب لكل الناس. بعد أن أصبح متوفر حاليًا ولكن في نطاق محدود.

واتضح أنه من الممكن استخدام البيانات الضخمة في تطبيقات متعددة في الصحة العامة على سبيل المثال، استخدام وسائل التواصل الاجتماعي و تطبيقات التتبع في صناعة قاعدة بيانات للأمراض وتوزيع اللقاحات بشكل أفضل.

أصبح مهمًا استخدامها في هذه الأثناء في توزيع لقاح كورونا. وأيضًا تتبع الحالات المرضية المُصابة بفيروس كورونا المستجد عن طريق «contact tracing application – تطبيقات تتبع الاتصال». فمثلًا أطلقت شركات مثل جوجل وأبل برامج تستخدم إشارات البلوتوث للتواصل مع مستخدمين آخرين ترسل الإشعارات في حالة الإصابة. وتقول الحكومات أن معلومات الإصابات فقط هي التي تُرسل ولكن لا توجد ثقة حتى الآن في الحفاظ على البيانات فمن الممكن أن تجبر الحكومة الناس على مشاركة بياناتهم.

الملفات الصحية الإلكترونية

بدأ تسجيل الملفات الصحية للمرضى إلكترونيًا عام ٢٠٠٣م. وأُنشئت أنظمة كاملة للعمل على هذه الملفات في عام ٢٠١٤م بتشجيعات على استخدام التقارير الإلكترونية والتحاليل والإحصائيات. في عام ٢٠١٥ و٢٠١٦م، طُورت أنظمة البيانات المفتوحة، وعلى أثرها تطورت المشاريع السحابية في تحليل البيانات وتنظيمها للمساعدة على التعرف على تهديدات الصحة والكشف عن أمراض متوقعة. 

في عام ٢٠١٨م،  بدأت استراتيجيات جديدة واستخدام مصادر بيانات غير تقليدية وتكنولوجيا جديدة وتواصل اعتمادً على بيانات من الهاتف الخاص ووسائل التواصل الاجتماعي فيما يعرف بالبيانات الضخمة. وتقنيات جديدة مثل الذكاء الاصطناعي سمحت البيانات الضخمة لها مع زيادة حجمها واختلافها وتنوعها باستخدام تعلم الآلة في تحليل وتنبؤات أفضل لها. 

مصادر البيانات الضخمة المُستخدمة في تطبيقات الصحة العامة:

  1. ملفات المرضى. 
  2. الدراسات والأبحاث. 
  3. قواعد البيانات والملفات المسجلة إلكترونيًا. 
  4. مراكز البحث.
  5. الأجهزة التي تُلبس مثل الساعات الذكية. 
  6. أجهزة التليفون المحمول. 
  7. المنظمات الحكومية ومنظمة المدفوعات.
  8. البيانات من وسائل التواصل الاجتماعي التي من الممكن أن تتنبأ بالمرض وتطوره والمضاعفات. 

أهم تطبيقات البيانات الضخمة

  •  التنبؤ المبكر بالأمراض المزمنة وأيضًا الوبائية ومكانها وحاملي المرض والتتبع. والرعاية الشخصية وبيانات الجسم من الممكن ان تتنبأ بالتأثيرات الجانبية للأدوية. 
  • «personalized medicine – الطب الشخصي»: أصبح الاهتمام بصحة كل شخص بمفرده أمرًا بالغ الأهمية اعتمادًا على البيانات الشخصية ومعلومات الجينات ونظام الحياة. 
  •  التجارب الإكلينيكية: حيث اختيار العينة المناسبة للدراسة وتتبع الوقت الحقيقي للأوبئة والتبليغ عنها بشكل أسرع. 
  • الاستفادة من توقع تكلفة علاج المرضى: عن طريق تتبع نظام الحياة المسجل يتم التنبؤ بإمكانية التسجيل على أي أنظمة التأمين، حيث تقريبا ٥٪ فقط من الأمريكيين يستخدمون كل موارد التأمين. 

أمثلة على تطبيقات البيانات الضخمة في الصحة العامة

  • تعاونت الشركتان «Apple وIBM» في عمل يسمح لأجهزة ال «IPhone وIpad» مشاركة بيانات الأشخاص على الخدمة السحابية «IBM watson» لخدمة تحليل البيانات، والهدف هو الوصول إلى البيانات في الوقت الحقيقي والعمل كبنك للبيانات، ويمكن للمستخدم مشاركة بياناته الصحية مع طبيبه. 
  • أنتجت شركة فايزر للأدوية دواء «xalkori»  وحصل على موافقة هيئة «FDA – الغذاء والدواء الأمريكية» للاستخدام في عام ٢٠١١م. وهو دواء خاص بمرضى سرطان الرئة. استخدم المصنعون تحليل البيانات الضخمة حيث استخدموا المعلومات الجينية والأبحاث الإكلينيكية وتقارير التاريخ المرضي والعلاج السابق للمرضى لتصنيع هذا الدواء. تحاول أيضًا شركة فايزر استكشاف إمكانية تطوير أدوية اعتمادً على البيانات ونظام الحياة.
  •  «Carolinas Healthcare System»: مركز يدير ٩٠٠ مركز عناية بالصحة، يزوره آلاف الأشخاص كل يوم ويحلل بيانات المرضى والزائرين وعن طريق خوارزمية معينة في الحال تتعرف على المرضى الذين لديهم خطورة لمرض معين وتوصله بالأطباء كأولوية. 

مميزات استخدام البيانات الضخمة في الصحة العامة

يمكن الحصول على كمية ضخمة من البيانات تساعدنا في الكشف عن انتشار الأمراض والأوبئة بالاعتماد على إنترنت الأشياء. والميزه الاكبر هي إمكانية الاستحواذ على بيانات الفرد في وقتها الحقيقي لتتبع انتشار الأمراض المزمنة والأوبئة. 

قوانين تحكم التعامل مع البيانات

تأسس قانون «HIPAA» في ٢١ أغسطس ١٩٩٦م وينص على أنه من الممكن استخدام البيانات الضخمة في تقديم أفضل خطة علاجية وتأمين أفضل وتوفير للأموال. 

في عام ٢٠٠٦م، أُدرِجت الخصوصية والأمان ووُضعت بنود تحكم الاستخدام. في عام ٢٠٠٩م تطور تصور هذا القانون إلى «HITECH» تم تأسيسه بهدف استخدام سجلات المرضى في الرعاية الصحية وحماية المعلومات الشخصية للمريض. 

٢٠١٣م، استخدام البيانات أصبح مسموح بدون سيطرة على هذه البيانات من قِبل الجهات المسئولة. 

تحديات تواجهها تطبيقات البيانات الضخمة في الصحة العامة:

  • التفرقة: إحتمالية وجود بيانات ليس لها علاقة ببعضها البعض، ولا يمكن إخراج معلومات مفيده منها، لذلك يجب أن يكون هناك استمرار تنظيف وترتيب للبيانات ووجود هيئات مسؤولة عن تجميعها وترتيبها. 
  • امتلاك ومشاركة البيانات: من يمتلك البيانات ويتحكم فيها؟
  • الحصول على بيانات دقيقة. 

من أكبر المشاكل التي طرأت واستغل فيسبوك فيها المستخدمين هي تجربة تغيير ما يظهر على الصفحة الرئيسية لك لفيسبوك ومتابعة تأثيره عليك من تغيير المزاج للأسوأ أو للأحسن وظهوره على منشوراتك على فيسبوك فيما بعد. 

لن يقف عند هذا الحد وسيستفيد أصحاب الأعمال من البيانات لتطوير الأعمال واكتساب الأموال.

لكن العلوم الجديدة والمتطورة دائمًا ما يكون لها عواقب وتحديات. ولكن الناتج على المجتمع من مميزاتها تجعلنا نواجه هذه الصعوبات والتحديات من أجل تحقيق أقصى استفادة منها.

المصادر:
atriumhealth
datapine

Exit mobile version