الشرق الأوسط بين مطرقة الاحتباس الحراري وسندان موجات الجفاف

بعينين يملأهما الحزن والحسرة يتذكر قاسم مزرعته التي كانت تمتلأ بكل أنواع الخضروات والثمار، فالمزرعة التي تقع في محافظة البصرة والتي تبلغ مساحتها هكتارًا واحدًا كان إنتاجها يكفي لإطعام أسرته المكونة من ثمانية أفراد، لكن اليوم يتصاعد الغبار من تحت قدميه وهو يمشى على أرضه بعد أن أدى تفاقم الحرارة  والجفاف المرتبط بتغير المناخ، إلى فقدان ما يقرب من 90% من محاصيله الشتوية، بما في ذلك البامية والباذنجان[1].

قاسم هو واحد من آلاف المزارعين الذين فقدوا سبل عيشهم بسبب موجات الجفاف الشديدة التي ضربت معظم البلدان العربية. والتي تعد إحدي الآثار الناتجة عن تغير المناخ والإحتباس الحراري. فوفقًا لدراسة حديثة نشرت خلال الشهر الجاري، فإن موجات الجفاف الشديدة التي حدثت منذ عام 2020 وحتي اليوم دمرت حياة الملايين من البشر في كل من سوريا والعراق وإيران. وما كانت تلك الموجات الحارة لتحدث لولا الاحتباس الحراري الذي سببه الإنسان.

وأضافت الدراسة التي أجرتها مجموعة World Weather Attribution إن أزمة المناخ تعني أن حالات الجفاف الشديدة وطويلة الأمد لم تعد نادرة، ففي نهري دجلة والفرات، اللذان يغطيان أجزاء كبيرة من سوريا والعراق، كانت تحدث موجات الجفاف الشديدة بهذه الدرجة مرة واحدة كل 250 عاماً تقريباً. لكن اليوم ومع الاحتباس الحراري فمن المتوقع حدوثها مرة واحدة كل عقد من الزمان. فما هو الجفاف وكيف يتأثر البشر به؟ [2]

ما هو الجفاف؟

يعرف الجفاف بأنه فترة غير معتادة من الطقس الجاف الناجم عن انخفاض في معدل هطول الأمطار وارتفاع درجات الحرارة. ويؤثر الجفاف بالسلب على كافة مناحي الحياة. ويقدر أن حوالى 55 مليون شخص حول العالم يتأثرون بالجفاف كل عام، مما يهدد سبل عيشهم، ويزيد من خطر إصابتهم بالأمراض والوفاة والهجرة الجماعية.

عندما ترتفع درجات الحرارة يتبخر الماء، بصورة أسرع، وبالتالي يزيد خطر الجفاف أو إطالة فتراته. وتؤثر ندرة المياه على 40% من سكان العالم. وتشير التقديرات إلى أن ما يصل إلى 700 مليون شخص يواجهون خطر النزوح نتيجة للجفاف بحلول عام 2030. [3]

ما الذي يسبب الجفاف؟ 

يحدث الجفاف نتيجة لمجموعة من الأسباب الطبيعية والبشرية نذكرها على النحو التالي:

الأسباب الطبيعية

1-التغير في درجة حرارة المحيطات:

تعتبر ظاهرتي النينو والنينا من الأنماط المناخية التي يمكن أن تسبب الجفاف في بعض أنحاء العالم. فظاهرة النينو التي ترتفع فيها درجة حرارة المياه السطحية في المحيط الهادئ على طول الساحل الأوسط لأمريكا الجنوبية يمكن أن تؤدي إلى الجفاف في جنوب غرب الولايات المتحدة وجنوب أفريقيا. كما أن ظاهرة النينا التي تنخفض فيها درجة حرارة المياه السطحية، تؤثر على أنماط العواصف، مما يؤدي إلى الجفاف في كل من إندونيسيا وأستراليا.

2- التيار النفاث:

هو عبارة عن رياح قوية تتدفق عالياً في الغلاف الجوي، ويمكن أن يؤدي التغير في التيار النفاث إلى حدوث الجفاف في بعض المناطق عن طريق جلب الهواء الجاف من أجزاء إلى أجزاء أخرى حول العالم.

الأسباب البشرية

1-تغير المناخ :

الاحتباس الحراري يجعل الطقس أكثر تطرفًا، وبالتالي يجعل الأماكن أكثر جفافاً عن طريق زيادة نسبة التبخر.

2- إزالة الغابات:

تلتقط النباتات والأشجار المياه وتطلق البخار في الغلاف الجوي، مما يؤدي إلى تكوين السحب ثم المطر. وقد لاحظ العلماء وجود علاقة ما بين إزالة الغابات والجفاف.

3- ارتفاع الطلب على المياه:

هناك عدة أسباب قد تجعل الطلب على المياه يفوق العرض، كالزراعة المكثفة والزيادة السكانية مما يؤدي إلى حدوث الجفاف في المناطق التي تعاني من ندرة المياه[4].

10 تهديدات يشكلها الجفاف على البلدان

يمكن أن يؤثر الجفاف الشديد على:

1-إمدادات المياه: تعرف حالات الجفاف من نقص كمية المياه المتاحة. فأثناء فترات الجفاف، قد يكون وصول المجتمعات المحلية إلى المياه محدودًا لأغراض الاستخدام المنزلي كالشرب والطهي والتنظيف وسقي النباتات. وقد يؤدي الجفاف إلى ارتفاع تكاليف المياه أو التقنين أو تدمير مصادر المياه المهمة كالآبار.

2- الزراعة: يؤثر الجفاف على الماشية والمحاصيل، بما في ذلك الذرة وفول الصويا والقمح. وعلى الصعيد العالمي، ضرب الجفاف العديد من مناطق سلة الغذاء الرئيسية في وقت واحد في عام 2012، مما زاد من عدم استقرار أسعار الغذاء. وفي البلدان التي تواجه بالفعل انعدام الأمن الغذائي، يمكن أن يؤدي ارتفاع التكاليف إلى اضطرابات اجتماعية، والهجرة، والمجاعة.

3- النقل: يمكن أن يؤدي الجفاف إلى انخفاض منسوب مياه الأنهار، مما يهدد التجارة النهرية. فمراكب النقل تحتاج إلى ما لا يقل عن تسعة أقدام من المياه للعمل. وغالبًا ما يصاحب الجفاف فيضانات شديدة. كما أن لحرائق الغابات التي يغذيها الجفاف تداعيات على السفر عن طريق إغلاق الطرق والسكك الحديدية.

4- الطاقة: يمكن أن يثير الجفاف مخاوف بشأن إنتاج الكهرباء من المحطات التي تتطلب مياه تبريد للحفاظ على عمليات إنتاج آمنة، وقد تصبح الطاقة الكهرومائية أيضًا غير متوفرة أثناء فترات الجفاف. وعندما تتزامن موجات الحر مع فترات الجفاف، يمكن أن ينمو الطلب على الكهرباء، مما يؤدي إلى تفاقم الضغط على الشبكة [5].

5- خطر المجاعة: يؤدي الجفاف إلى انعدام الأمن الغذائي بتضرر المحاصيل. وعندما لا يتمكن جزء كبير من السكان من الحصول على الغذاء، يُعرف هذا بالمجاعة ويؤدي إلى انتشار سوء التغذية الحاد والمرض والوفاة في جميع أنحاء المنطقة المتضررة.

6- سوء التغذية: يؤدي نقص الأغذية إلى سوء التغذية الحاد، فالأطفال الذين يعانون من سوء التغذية يصبحون عرضة للأمراض والتأخر الشديد في النمو. كما أنهم أكثر عرضة للوفاة بسبب حرمانهم من الفيتامينات والمعادن الأساسية اللازمة لنموهم السليم.

7- زيادة الأمراض: يؤثر الجفاف على الوصول إلى مصادر مياه الشرب النظيفة، مما يؤدي إلى تفشي الأمراض المعدية كالكوليرا والتيفويد. ويمكن أن تنتشر هذه الأمراض أيضًا في الأماكن التي تعاني من ضعف في أنظمة الصرف الصحي. وضعف شبكة الصرف الصحي هو أحد الآثار الجانبية الأخرى لعدم توفر المياه النظيفة.

8- حرائق الغابات: تتسبب الظروف الجافة في حرائق الغابات التي تعرض المنازل للخطر، وتؤثر على جودة الهواء، وتؤدي إلى تفاقم أمراض الرئة المزمنة.

9- النزوح البيئي: بدون الحصول على المياه النظيفة أو الغذاء، يضطر الكثيرون إلى مغادرة منازلهم وتركها بشكل دائم من أجل البقاء على قيد الحياة. وتشير منظمة الصحة العالمية إلى أن “ندرة المياه تؤثر على 40% من سكان العالم. وأن ما يصل إلى 700 مليون شخص معرضون لخطر النزوح نتيجة للجفاف بحلول عام 2030”.

10- الصراع: وجدت الأبحاث أن الجفاف يؤدي إلى تفاقم الصراعات. فهجرة الأشخاص بشكل جماعي من مناطق الجفاف والمجاعة يمكن أن تؤدي إلى زيادة التوترات السياسية والصراعات بسبب زيادة التنافس على الموارد. [6]

سوريا والعراق وموجات الجفاف

أدى انخفاض وعدم انتظام معدلات هطول الأمطار خلال موسمي الشتاء 2020/2021، المصحوب بدرجات حرارة أعلى من المتوسط، إلى ظروف جفاف في شمال  وشرق سوريا، أدت تلك الموجات إلى خسائر كبيرة في إنتاج المحاصيل والثروة الحيوانية، إضافة إلى الانخفاض غير المسبوق في مستويات المياه في نهر الفرات. إن الانخفاض في مستويات النهر دائما ما يعقبها انخفاض في القدرة الإنتاجية لقطاع الطاقة. فينقطع التيار الكهربائي، مما والذي أثر على حياة أكثر من ثلاثة ملايين شخص في جميع أنحاء الشمال الشرقي السوري. [7]

ووفقًا لدراسة أجرتها منظمة السلام الهولندية “باكس”، فقد شهدت سوريا ثلاث موجات جفاف منذ عام 1980، كانت أشدها بين عامي 2006 و2010، فبحسب الدراسة، وخلال صيف 2021 شهدت سوريا مرة أخري مستويات منخفضة من هطول الأمطار وانخفاضًا حادًا في تدفق المياه إلى نهر الفرات. وقد أثر انخفاض هطول الأمطار على الغطاء النباتي وتربية الماشية لافتقارهم إلى المراعي ومصادر المياه.

وتشير الدراسة إلى أن المجتمعات الرعوية في سوريا تعاني بشكل متزايد من تأثير تغير المناخ وانخفاض أسعار الماشية، مما يدفع هذه المجتمعات إلى حافة الفقر [8].

لم يختلف الحال كثيرًا في العراق،  ففي نهاية عام 2021، سجلت المنظمة الدولية للهجرة ما يقرب من 20 ألف شخص نازح بسبب ندرة المياه وملوحتها وسوء نوعيتها في 10 محافظات من أصل 19 محافظة عراقية [9]. كما شهدت واحدة من كل 15 أسرة عراقية في أواخر عام 2021 هجرة فرد واحد على الأقل من أفرادها للبحث عن فرص اقتصادية جديدة وفقًا للمجلس النرويجي للاجئين. ومع تزايد حدة التغيرات المناخية وموجات الجفاف من المرحج أن يتزايد النزوح بشكل كبير. [10]

وتعاني الدولة الواقعة في الشرق الأوسط من آثار ارتفاع درجات الحرارة منذ عدة سنوات، حتى أن التقارير الحكومية تحذر من أن نهري دجلة والفرات قد يجفان تمامًا بحلول عام 2040. [11] وفي تقريرها الصادر في مارس 2023 أوضحت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ أن حالات الجفاف أصبحت أكثر تواتراً وأن حدوثها وشدتها سيستمران في الزيادة بسبب تغير المناخ[12]. كما حذرت دراسة أجرتها وكالة ناسا من أن احتمال حدوث موجات جفاف كبرى -تدوم لعقد أو أكثر- من المتوقع أن تزيد نسبتها من 12% إلى أكثر من 60%. [13]

الجفاف في المنطقة العربية

تعد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من بين أكثر المناطق عرضة لتغير المناخ في العالم. فوفقًا لتقرير الأمم المتحدة لن تنجو أي بلد من مخاطر التغيرات المناخية فدول الخليج ستواجه استنزاف الموارد المائية في غضون الخمسين عام المقبلة، كما تواجه أنظمة إنتاج الغذاء والمياه في جميع أنحاء بلاد الشام انهيارًا  وشيكًا. [14]

ووفقًا لمعهد الموارد المائية فإن منطقة الشرق الأوسط تعاني من ندرة المياه بصورة كبيرة. فالبحرين والكويت ولبنان وعمان وقطر يتعرضون للإجهاد المائي بسبب انخفاض العرض المقترن بالطلب من الاستخدام المنزلي والزراعي والصناعي. وتشير التقديرات إلى أن 83% من السكان يتعرضون للإجهاد المائي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا[15]. ومن المتوقع أن يعيش مليار شخص إضافي في ظل الإجهاد المائي بحلول عام 2050.

بناء القدرة على الصمود في مواجهة الجفاف

عند معالجة حالات الجفاف، فإن أول ما يتبادر إلى الذهن هو الحاجة إلى تخزين المياه لنوبات الجفاف. ولكن تبين أن الحفاظ على رطوبة التربة أمرًا بالغ الأهمية لاستدامة أنظمتها وحمايتها من تأثير الجفاف. لذلك فمن الأهمية بمكان الحفاظ على الغابات والمناظر الطبيعية وغيرها من النظم الطبيعية التي تعمل على تحسين صحة التربة والاحتفاظ بالمياه.

وينبغي على الدول أن تستثمر بشكل استباقي في نظم المعلومات والاستشعار عن بعد كأنظمة الإنذار المبكر، وحلول أخري كتحلية المياه. هذا بالإضافة إلى التوسع في خطط إعادة استخدام المياه وإعادة تدويرها، وتجميع مياه الأمطار. [16] في الوقت الحالي فإن جميع المناطق حول العالم معرضة لحدوث الجفاف، ولكن تبقي البلدان العربية والنامية أكثر عرضة للآثار الاجتماعية والاقتصادية للجفاف بسبب أن نسبة كبيرة من سكانها يعملون في الزراعة.

المراجع:

(1)context

(2) worldweatherattribution

(3)who

(4), (6)rescue

(5)c2es

(7)reliefweb

(8)paxforpeace

(9)un

(10)nrc

(11)climatechangenews

(12).ipcc

(13)svs

(14)brookings

(15)wri

(16)worldbank

التمييز في الأجور بين الرجال والنساء يمنح كلوديا جولدين جائزة نوبل في الاقتصاد

على مدى القرن الماضي، تضاعفت نسبة النساء العاملات في العديد من البلدان ذات الدخل المرتفع بثلاث مرات. ويعد هذا أحد أكبر التحولات الاجتماعية والاقتصادية في سوق العمل في عصرنا الحديث. وبالرغم من أن المساواة بين الجنسين ليست مجرد حق أساسي من حقوق الإنسان، ولكنها أساس ضروري لعالم ينعم بالسلام والرخاء والاستدامة. لا يزال ثمة اختلافات كبيرة بين الجنسين في سوق العمل، أبرزها التمييز في الأجور بينهما. لذا منحت جائزة نوبل في الإقتصاد للأمريكية كلوديا جولدين لأبحاثها البارزة في تناول إشكالية عدم المساواة بين الجنسين في سوق العمل. وقدمت كلوديا من خلالها أول وصف شامل لدخل المرأة ومشاركتها في سوق العمل عبر عدة قرون.

التاريخ وعلاقته بفهم الفروق بين الجنسين في سوق العمل

على الصعيد العالمي، تعمل حوالي 50% من النساء في وظائف مدفوعة الأجر، بينما بلغت نسبة الرجال حوالي 80%. أي يشغل الرجال أعمالًا بنسبة أكثر من النساء بحوالي 30%، وعندما تعمل المرأة فإنها عادة ما تتقاضي أجر أقل.

على المديين القصير والطويل، يعد فهم الكيفية وأسباب اختلاف مستويات العمالة والأجور بين النساء والرجال أمر مهم للغاية. نظرًا لتعلق تلك الفجوة بأسباب اجتماعية واقتصادية، وبالاستخدام الأكثر كفاءة لموارد المجتمع. إذا لم تتح للمرأة نفس فرصة المشاركة في سوق العمل، أو شاركت بشروط غير منصفة، فهذا يعني  إهدار العمل والخبرة. ومن غير المجدي اقتصاديًا ألا تذهب الوظائف إلى الشخص الأكثر جدراة. كما أن اختلاف الأجر مقابل أداء نفس العمل، يحبط النساء ويحجمهن عن العمل.

أثبتت جولدين من خلال الجمع بين ما بين التاريخ والنهج الاقتصادي، أن عدة عوامل مختلفة أثرت تاريخياً -ولا تزال تؤثر- على العرض والطلب على العمالة النسائية. واشتملت تلك العوامل على الفرص المتاحة للمرأة للجمع بين العمل مدفوع الأجر والأسرة، والقرارات المتعلقة بالتعليم وتربية الأطفال، والابتكارات التقنية، والقوانين والأعراف، والتحول الهيكلي للاقتصاد. وفي المقابل، أتاحت نتائجها فهمًا أفضل لأسباب اختلاف معدلات التوظيف والأجور بين النساء والرجال، وذلك من خلال دراستها التي اشتملت على فترة زمنية قدرها مائتي عام.

إصلاح تشوهات النظرة التاريخية

على مدى القرون القليلة الماضية، شهد المجتمع تغيرات سياسية واجتماعية وتقنية كبيرة. وتمتعت الدول الصناعية المعاصرة بنمو اقتصادي مطرد منذ الثورة الصناعية وحتي اليوم. وقد يكون من السهل أن نعتقد أن مشاركة المرأة في قوة العمل سوف تتبع نفس الاتجاه. ولكن أبحاث جولدين أظهرت عكس ذلك، فقد خلقت فهمًا لكيفية تغير ظروف المرأة مع تحول الاقتصاد من الاقتصاد الزراعي التقليدي إلى المجتمع المعاصر. ومع ذلك، فقد تشوهت بعض السياقات التاريخية الاقتصادية، بسبب عدم ذكر عمل المرأة في المصادر التاريخية. وكان من الضروري برأي جولدين إزالة هذه التشوهات.

تمكنت جولدين من توضيح الصورة العامة من خلال تحليل البيانات التاريخية. وركزت من خلالها على تاريخ الولايات المتحدة، والتي اتضحت الصورة تمامًا من خلالها. فقد تمكنت من تحديد الأنماط الرائدة التي لم تتحدى المعرفة القائمة فحسب، بل وغيرت أيضا وجهة النظر حول الأدوار التاريخية والمعاصرة للمرأة في سوق العمل، والتي شبهته بحرفU.

منحنى على شكل حرف U

قبل نشر كتاب جولدين الرائد في عام 1990، كان الباحثون قد درسوا بيانات القرن العشرين. وخلصوا إلى وجود علاقة ارتباطية إيجابية بين النمو الاقتصادي وعدد النساء في الوظائف مدفوعة الأجر. وبعبارة أخرى، مع النمو الاقتصادي، كان عدد النساء العاملات أكبر. ومع ذلك، نظرًا لإغفال دراسة البيانات الأقدم من هذا القرن، ظلت هذه العلاقة غير واضحة لفترة طويلة من الزمن.

كانت ملاحظة جولدين الأولى هي أن معدلات توظيف النساء توظف بشكل غير صحيح في كثير من الأحيان في البيانات الموجودة. على سبيل المثال، في السابق كان من الشائع أن توثق مهنة المرأة في السجلات العامة على أنها “زوجة”. ولكن حتى لو كانت متزوجة، فمن غير المعتاد ألا تقوم بأي عمل آخر غير العمل المنزلي. فقد اعتادت النساء أن تعملن  جنبًا إلى جنب مع أزواجهن في الزراعة أو في مختلف أشكال الأعمال الأخري كالصناعات المنزلية القائمة على المنسوجات ومنتجات الألبان. ومع ذلك لم يتم تسجيل عملهن بشكل صحيح في السجل التاريخي.

من خلال تجميع قواعد بيانات جديدة باستخدام مسوحات أكثر دقة وقدمًا، وباستخدام الإحصاءات الصناعية والتعدادات، تمكنت جولدين من تصحيح البيانات المتعلقة بمشاركة المرأة في سوق العمل. لقد أثبتت أن نسبة النساء العاملات في الولايات المتحدة كانت أكبر بكثير في نهايات القرن التاسع عشر مما تظهره الإحصاءات الرسمية. على سبيل المثال، أظهرت تصحيحاتها أن معدل توظيف النساء المتزوجات كان أكبر بثلاث مرات تقريبًا من المعدل المسجل في التعدادات السكانية.

ومن خلال الكشف عن بيانات تعود أصولها إلى نهاية القرن الثامن عشر، تمكنت أيضاً من الكشف عن حقيقة تاريخية جديدة مدهشة ومثيرة. فقبل ازدهار التصنيع في القرن التاسع عشر، كانت النساء غير المتزوجات أكثر ميلاً إلى المشاركة في العمل. كان أحد أسباب تغير ذلك هو أن الصناعة جعلت من الصعب على العديد من النساء المتزوجات العمل من المنزل وبالتالي صعبت من الجمع بين العمل والأسرة. وقد وثقت جولدين ذلك بطريقة مبتكرة، باستخدام بيانات من أكثر من عشرة آلاف ربة منزل في فيلادلفيا في القرن الثامن عشر.

وإلى جانب الزيادة المعروفة سابقاً في بداية القرن العشرين، أظهرت جولدين أن مشاركة المرأة التاريخية في قوة العمل في الولايات المتحدة يمكن وصفها باستخدام منحني على شكل حرف U لفترة مائتي عام منذ نهاية القرن الثامن عشر. ولأن النمو الاقتصادي كان مستقرًا طوال هذه الفترة، فقد أظهر منحنى جولدين أنه لا يوجد ارتباط ثابت تاريخيًا بين مشاركة المرأة في سوق العمل والنمو الاقتصادي. وبأي حال من الأحوال لا يقتصر هذا الوضع على الولايات المتحدة الأمريكية فحسب، بل يوجد في العديد من الدول الأخري.

وتتيح هذه الأفكار إمكانية رسم خريطة أفضل لمكانة المرأة في سوق العمل على المستوى الدولي وفهمها. وبعبارة أخرى، لا ينبغي لنا أن نعتمد على أن النمو الاقتصادي سيؤدي تلقائياً إلى تقليص الفوارق بين الجنسين في سوق العمل. لكن ما الذي يفسر الاختلافات؟

هل تقبلين هذا الرجل ليكون زوجك؟

بحلول بداية القرن العشرين وجد اختلافًا كبيرًا في معدلات توظيف النساء المتزوجات وغير المتزوجات. ففي حين أن حوالي 20% من جميع النساء يعملن بأجر، فإن حوالي 5% فقط من النساء المتزوجات يفعلن ذلك. وأظهرت جولدين أن التقدم التقني ونمو قطاع الخدمات وزيادة مستويات التعليم أدى إلى زيادة الطلب على العمالة النسائية. ومع ذلك، فإن الوصمة المجتمعية والتشريعات والحواجز المؤسسية الأخرى حدت من تأثير هذا الطلب. إضافة إلى أنها تمكنت من إثبات أن الزواج لعب دورًا أكبر مما كان يُعتقد في السابق.

أشارت جولدين إلى أن التشريع المعروف باسم “موانع الزواج” غالباً ما يمنع النساء المتزوجات من مواصلة عملهن كمعلمات أو موظفات في المكاتب. وعلى الرغم من الطلب المتزايد على العمالة، فقد تم استبعاد النساء المتزوجات من بعض المهن في سوق العمل. وقد بلغ هذا النوع من التشريعات ذروته خلال أزمة الكساد العظيم في ثلاثينيات القرن العشرين والسنوات التي تلتها. ولكنه لم يكن السبب الوحيد، بل توقعات النساء لمهنهن المستقبلية كان عاملاً مهمًا أيضًا في تبيطيء تقليص الفجوة بين معدلات توظيف الرجال والنساء.

أهمية التوقعات والتأثر بالفوج

يتكون سوق العمل من أجيال وأفواج مختلفة واجهت ظروفًا مختلفة عند اتخاذ قراراتها الحياتية. لذا عملت جولدين على تطوير منهجًا قائمًا على الفوج أو الجيل لتحليل ما يحدث عندما يدخل الفوج سوق العمل. ففي أوائل القرن العشرين، على سبيل المثال، كان من المتوقع من معظم النساء أن يعملن لبضع سنوات فقط قبل الزواج. بعد ذلك تخرجن النساء من سوق العمل بعد الزواج، مما أثر على اختياراتهن التعليمية. وأظهرت جولدين أنه في فترات التطور السريع، قد تتخذ المرأة قرارات بناء على توقعات لا تؤتي ثمارها فيما بعد.

وفي النصف الثاني من القرن العشرين، أدت التغيرات المجتمعية بالنساء المتزوجات غالباً إلى أن يعُدن إلى العمل بمجرد أن يكبر أطفالهن. وكانت فرص العمل المتاحة لهن آنذاك مبنية على اختيارات تعليمية ربما اتخذوها قبل خمسة وعشرين عامًا، وفي وقت لم يكن من المتوقع فيه، وفقًا للمعايير الاجتماعية المعاصرة، أن يحصلن فيها على مهنة.

العديد من الفتيات الصغيرات في الخمسينيات كان لديهن أمهات ربات بيوت، وعندما كبرن، عادت أمهاتهن إلى سوق العمل. كانت البنات قد اخترن بالفعل مساراتهن التعليمية. بمعنى آخر، لم تتوقع الفتيات أن يكون لهن مهنة عندما خططن لمستقبلهن. ولم يتضح إلا بعد فترة طويلة أنهن يمكن أن يحصلن على مهنة.

في معظم فترات القرن العشرين، قللت النساء من تقدير أهمية عملهن.ولم تبدأ التوقعات والنتائج في التقارب حتى السبعينيات. ونتيجة لذلك، استثمرت النساء الشابات في تلك الفترة بشكل أكبر في تعليمهن. وفي العقود الأخيرة، تزايدت احتمالات التحاق النساء بالدراسة، ففي البلدان ذات الدخل المرتفع، تحصل النساء بشكل عام على مستوى تعليمي أعلى من الرجال.

إن الطريقة التي تترك بها النساء العمل لفترة طويلة بعد الزواج تفسر أيضاً السبب وراء زيادة متوسط ​​مستوى تشغيل النساء بنسبة ضئيلة للغاية. فعلى الرغم من التدفق الهائل للنساء إلى سوق العمل في النصف الأخير من القرن العشرين، وتغيير الأعراف المجتمعية، والأنماط الجديدة في سوق العمل وزيادة مستويات التعليم قد أثرت على مستوى توظيف المرأة، فإن الابتكارات الأحدث قد غيرت بشكل أساسي فرصها في التخطيط والحصول على مهنة.

قوة حبوب منع الحمل

لقد تغيرت توقعات سوق عمل المرأة في نهاية الستينيات، عندما تم اكتشاف حبوب منع الحمل. وحبوب منع الحمل هي وسيلة سهلة الاستخدام لتنظيم الأسرة ومنع الحمل وتستطيع المرأة التحكم فيها بشكل مستقل. ووجدت جولدين أن حبوب منع الحمل أدت إلى تأخر الزواج والإنجاب. كما أنها ساعدت النساء الشابات على اتخاذ خيارات مهنية أخرى، وبدأت نسبة متزايدة منهن في دراسة العديد من التخصصات المختلفة كالاقتصاد والقانون والطب. وهذا يعني أنها ساعدتهن على التخطيط لمستقبلهن بشكل أفضل.

الفجوات التاريخية في الأرباح

بدأت جولدين بجمع الإحصائيات من مجموعة من المصادر، وأنتجت أول سلسلة طويلة عن الفجوة في الأجور بين الرجال والنساء. وباستخدام احصائيات شملت مائتي عام، أثبتت أن الفجوة في الدخل بين الجنسين تقلصت بشكل كبير خلال الثورة الصناعية (1820-1850)، وكذلك عندما زاد الطلب على الخدمات الإدارية والكتابية (1890-1930). وعلى الرغم من النمو الاقتصادي وزيادة مستويات التعليم بين النساء ومضاعفة نسبة النساء العاملات بأجر، ظلت فجوة الدخل على حالها بين عامي 1930 و1980.

وباستخدام هذه الإحصائيات، تمكنت جولدين أيضًا من إظهار أن قضية التمييز في الأجور التي أثرت على النساء زادت بشكل ملحوظ مع نمو قطاع الخدمات في القرن العشرين. فقبل ذلك، كانت النساء عادة ما تعمل في قطاعات يعتمد الأجر فيها على العمل بالقطعة (اليومية). وكان العاملون في هذه الأنواع من الصناعات، سواء كانوا ذكورًا أو إناثًا، يحصلون على أجور تتناسب مع إنتاجيتهم. لكن مع نهاية القرن التاسع عشر وعام 1940، ارتفع الفرق في الأجور بين الجنسين. وبعبارة أخري زاد التمييز في الأجور، بشكل مدهش إلى حد ما، في نفس الوقت الذي تضاءلت فيه الفجوة في الدخل بين الرجال والنساء. وكان أحد أسباب ذلك هو التخلي المتزايد عن عقود العمل بالقطعة لصالح أنظمة الأجور الشهرية.

تأثير الأبوة

من خلال دراسة كيفية تغير الاختلافات في الدخل بين الرجال والنساء بمرور الوقت، أوضحت جولدن ورفاقها من الباحثين، ماريان برتراند ولورانس كاتز، في مقال نشر عام 2010 أن الفروق الأولى في الدخل تكون صغيرة. ويتغير الحال بمجرد ولادة الطفل الأول، إذ ينخفض ​​الدخل على الفور ولا يزيد بنفس المعدل بالنسبة للنساء اللاتي لديهن طفل. لا يحدث الأمر ذاته مع الرجال، حتى لو كان للطرفين نفس التعليم والخبرة. وقد أكدت الدراسات التي أجريت في بلدان أخرى استنتاج جولدين، إذ يمكن للأبوة الآن أن تفسر بشكل شبه كامل الفروق في الدخل بين النساء والرجال في البلدان ذات الدخل المرتفع.

أظهرت جولدين أن تأثير الأمومة هذا يمكن تفسيره جزئيًا بطبيعة أسواق العمل المعاصرة. حيث تتوقع العديد من القطاعات أن يكون الموظفون الذكور متاحين دائمًا ومرنين في مواجهة متطلبات صاحب العمل. ولأن المرأة تتحمل في كثير من الأحيان مسؤولية أكبر من الرجل في رعاية الأطفال، ما يجعل من التقدم الوظيفي وزيادة الدخل أكثر صعوبة. كما أن المهام التي يصعب دمجها مع العمل بدوام جزئي تزيد من صعوبة الحفاظ على وظائفهن فيخترن في بعض الأحيان تقليل ساعات الدوام بها. ولذلك أدت كل هذه العوامل إلى عواقب بعيدة المدى على دخل المرأة.

لمحة عن المستقبل

من خلال البحث في الأرشيفات وتجميع البيانات التاريخية وتصحيحها، تمكنت جولدين من تقديم حقائق جديدة ومثيرة. كما منحتنا فهمًا أعمق للعوامل التي تؤثر على فرص المرأة في سوق العمل. وقد أظهرت نتائج دراساتها أن الاختلافات بين النساء والرجال في سوق العمل تحددها عوامل متنوعة خلال فترات التطور المجتمعي المختلفة. ويتعين على صناع السياسات الذين يريدون التأثير على هذه الاختلافات أن يفهموا أولاً سبب وجودها. كما أظهرت نتائجها أن التغيير يستغرق وقتاً طويلاً. لأن الاختيارات التي تؤثر على المهن بأكملها تعتمد على توقعات قد يتبين لاحقاً أنها خاطئة.

مصادر: بيان جائزة نوبل العلمي الرسمي

بودكاست جرعة موسيقي عن المخدرات الرقمية

للمخدرات الرقمية التي يتعرض لها الشباب والمراهقون عبر الأنترنت تأثير خطير على الصحة النفسية والعصبية، ولقد أثيرت في السنوات الأخيرة ظاهرة المخدرات الرقمية وهى نوع جديد من الإدمان لم يخضع للرقابة الأسرية ولا الأمنية، وتعد من أشد أنواع الإدمان في وقتنا الحالي، لذلك سنتناول في بودكاست جرعة موسيقي، تعريف المخدرات الرقمية وأنواعها وكيف يتم الترويج لها؟ والأسباب التي تدفع الشخص إلى تجربتهاوطرق العلاج التي يتم اتباعها لمعالجة الأشخاص الذين يلجأون لهذا النوع من المخدرات؟ كما سنتطرق إلى دور الأسرة في الحفاظ على حياة أبنائها من الاتجاه إلى السلوكيات المنحرفة، وكيف يمكن لهم توعية أبنائهم بخطورة المخدرات والسلوكيات الإدمانية المختلفة؟

الحلقة الأولى

الحلقة الثانية

الحلقة الثالثة والأخيرة

المراجع التي تم الإستعانة بها أثناء كتابة الحلقات:

cosmosmagazine(1)

(2) medicine.uq.edu.au

(3)tech

thetreatmentspecialist(4)

(5)onlinelibrary

(6)نبيلة داوود، الإدمان على المخدرات الرقمية: عواملها وطرق الوقاية والحد منها، مجلة الرواق للدراسات الإجتماعية والإنسانية، مج8، ع1، يونيو 2022م.

(7) فاطمة الزهراء ليراتني، المخدرات الرقمية: نمط مستحدث وقصور في المواجهة التشريعية، مجلة العلوم الإنسانية، جامعة العربي بن مهيدي، مج 9، ع2، 2022.

(8) مروة محمد فؤاد عثمان، تصور مقترح لاستخدام المدخل الوقائي من منظور الممارسة العامة لوقاية المراهقات من مخاطر إدمان المخدرات الرقمية، مجلة الخدمة الاجتماعية، الجمعية المصرية للاخصائيين الاجتماعيين، ع57، ج5، يناير 2017.

(9)ترك بن عبد العزيز المتروك، المخدرات الرقمية علاج أم إدمان، مجلة وادي النيل للدراسات والبحوث الإنسانية والإجتماعية والتربوية، جامعة القاهرة، كلية الآداب:  الخرطوم، مج 26، ع26، 2020م.

(10) محمد براء باسل محمد، المخدرات الصوتية وإمكانية تجريم تعاطيها في التشريعات الوطنية: الواقع والمأمول، مجلة العلوم القانونية والسياسية، الجمعية العلمية للبحوث والدراسات الاستراتيجية، ع2، 2022م.

كيف يخدع البلاسيبو عقولنا؟

منذ ما يقرب من أربعة قرون من الزمن، ذكر الطبيب الإسكتلندي وليام كولين، في سلسلة محاضراته التي ألقاها عام 1772، أنه وصف دواءًا وهميًا لمجموعة من المرضي من أجل إرضائهم وليس علاجهم، وعلى الرغم من ملاحظاته التي تشير إلى أن الأدوية الوهمية قد يبدو لها آثارًا مفيدة لبعض المرضي، إلا أن مصطلح البلاسيبو أو تأثير الدواء الوهمي لم يتم إدخاله في الطب حتى أوائل القرن العشرين.[1]

ماذا نعني بالبلاسيبو أو تأثير الدواء الوهمي؟

البلاسيبو هو عبارة عن دواءً يبدو حقيقيًا، ولكنه مصنع بحيث لا يكون له أي فائدة علاجية. في أغلب الأحوال قد يكون عبارة عن ماء أو محلول ملحي أو سكر أو حتي إجراء جراحي مزيف.[2]

كيف يعمل البلاسيبو

 لا تزال طريقة عمل البلاسيبو غير مفهومة تمامًا، ولكنها تشمل تفاعلًا عصبيًا بيولوجيًا معقدًا يتضمن كل شيء بدءًا من الزيادات في الناقلات العصبية التي تمنحك الشعور بالسعادة والرضا، كالإندورفين والدوبامين، إلى نشاط أكبر في مناطق معينة من الدماغ مرتبطة بالحالات المزاجية وردود الفعل العاطفية والوعي الذاتي .[3]

فيم يستخدم

غالبًا ما تُستخدم الأدوية الوهمية في التجارب السريرية، لاختبار فاعلية العلاجات الجديدة، وللمساعدة في فهم تأثيراتها المحتملة، سواء الفوائد الإيجابية أو الآثار الجانبية المحتملة، في معظم الحالات، لا يعرف الشخص أن العلاج الذي يتلقاه هو في الواقع دواءًا وهميًا لكن يعتقد أنه تلقي العلاج الحقيقي.[4] على سبيل المثال، يحصل الأشخاص في مجموعة واحدة على العقار الفعلي، بينما يتلقى أخرون عقارًا غير نشط أو دواءً وهميًا، لكن لا يعرف المشاركون في التجربة السريرية ما إذا كانوا يتلقون علاجًا حقيقيًا أم وهميًا. بهذه الطريقة  يمكن للباحثين قياس فاعلية الدواء من خلال مقارنة تفاعل المجموعتين. إذا كان كلاهما لديه نفس رد الفعل سواء أكان تحسنًا أم لا يعتبر الدواء غير فعال.[5]

تأثير البلاسيبو

ركزت العديد من الأبحاث في دراستها لتأثير الدواء الوهمي على العلاقة ما بين العقل والجسم، فواحدة من أكثر النظريات شيوعًا هي أن تأثير الدواء الوهمي يرجع إلى توقعات الشخص، فكلما كان شعوره أقوي، كلما زادت احتمالية تعرضه لتأثيرات إيجابية.[6]

ووفقًا للدراسة التي أجريت في كلية الطب في جامعة هارفارد لعام 2010، والتي طبقت على مجموعة من المرضي الذين يعانون من متلازمة القولون العصبي، والذين تم تقسيمهم إلى مجموعتين المجموعة الأول تلقت استشارات طبية فقط، أما المجموعة الثانية فقد تلقت نفس الاستشارات إضافة إلى أقراص وصفت بوضوح على أنها مهدئات، فقد أظهرت الدراسة أن 59% من الأشخاص الذين تلقوا الدواء الوهمي عن عمد تحسنت حالتهم بعد ثلاثة أسابيع. [7]

على الرغم من أن الباحثين يعرفون أن البلاسيبو غير حقيقي، إلا أن مجموعة من العوامل المختلفة قد تساهم في التأثير والتي منها:

1-الاستجابة الهرمونية

أحد التفسيرات المحتملة هو أن تناول الدواء الوهمي يؤدي إلى إطلاق الدماغ لمادة الإندورفين التي تعمل كمسكن للألم، حيث أن له بنية مشابهة لتلك الموجودة في المورفين والمسكنات الأفيونية الأخري.

2- التكيف

حيث أن الإرتباط ما بين محفزين ينتج عنه استجابة مكتسبة، على سبيل المثال إذا كنت تتناول حبة دواء لالتهاب المفاصل، وتم إعطائك دواءًا وهميًا يشبه تلك الحبة، فقد تعتقد أنها تعمل على تخفيف وتسكين الألم لأنه تم إيهامك بذلك.

3- التوقع

فقد وُجد أن الأشخاص الذين لديهم دوافع عالية ويتوقعون نجاح العلاج يكونون أكثر عرضة لتأثير الدواء الوهمي، فيمكن أن يؤثر حماس الطبيب الذي يصف العلاج على استجابة المريض. إذا بدا الطبيب إيجابيًا بشأن التأثيرات المحتملة للعلاج فمن المرجح أن يري المريض فوائد من تناوله.

  4- الوراثة

قد تؤثر الجينات أيضًا في كيفية استجابة الأشخاص للعلاجات الوهمية. فبعض الناس لديهم استعداد وراثي للاستجابة بشكل أكبر للأدوية الوهمية. [8]

هل للبلاسيبو آثار جانبية؟

لطالما كان البلاسيبو مصدرًا للإنبهار والإرتباك في الطب الحيوي على مدي الستين عامًا الماضية. على الرغم من تسارع وتيرة البحث العلمي خلال العقد الماضي، مع إيلاء اهتمام خاص للآليات العصبية الحيوية، إلا أن تطوير نظرية شاملة لتأثير الدواء الوهمي لم تحظي بالكثير من الإهتمام [9].

في بعض الأحيان يمكن أن يستجيب الشخص للعلاج الوهمي وقد تتحسن بعض أعراضه، إلا أن بعض الآثار الجانبية قد تحدث له نتيجة تناوله للدواء الوهمي.

على الرغم من  أن الأدوية الوهمية ليست علاجًا حقيقيًا، إلا أن بعض الدراسات أظهرت وجود العديد من الآثار الجانبية لبعض الحالات كالاكتئاب والألم واضطراب النوم وتهيج القولون، وزيادة معدل ضربات القلب وارتفاع ضغط الدم[10].

هل من الأخلاقي استخدامه؟

وفقًا لبعض الباحثين فإن استخدام البلاسيبو عن عمد وعدم إخبار المريض بذلك ينطوي على ممارسات غير أخلاقية، ويمكن أن يدمر العلاقات طويلة المدي ما بين المريض وطبيبه، ويقلل من المصداقية والثقة. في بعض الأحيان قد يقتنع الطبيب بأن البلاسيبو له قيمة علاجية حقيقية،  وبالتالي لا يجب استخدامه والاعتماد عليه بأي حال من الأحوال.[11]  

المصادر

 (1)britannica

(2)betterhealth

(5), (3)harvard

(4)betterhealth

(6), (8),(10)verywellmind

 (7)livescience

(9)ncbi

(11)onlinelibrary

الجاموفوبيا.. لماذا نخاف من الارتباط؟

“أشعر بالاختناق وبقلبي ينبض، أخاف من الارتباط، لا أريد الزواج”، بهذه الكلمات يصف الأشخاص الذين يعانون من الجاموفوبيا أو رهاب الزواج معاناتهم. نحن لا نتحدث عن العصبية العابرة التي يمكن أن تحدث لأي شخص يفكر في التزام طويل الأمد، ولكننا نتحدث عن نوع من الخوف يصيبك بالذعر والقلق ويمكن أن يغير من مسار حياتك، إن فكرت ولو للحظة في الزواج أو الالتزام. فما هو رهاب الزواج وكيف يمكننا التغلب عليه؟[1]

ما هو رهاب الزواج؟

 تعرف الجاموفوبيا أو رهاب الزواج بأنها الخوف الشديد وغير العقلاني والمستمر من الدخول في العلاقات العاطفية طويلة الأمد كالزواج. قد لا يتمكن الأشخاص الذين يعانون من هذا النوع من الرهاب من إقامة علاقات طويلة وقد يجدون صعوبة في الحفاظ على الصداقات والعلاقات الأفلاطونية الأخرى.

من المحتمل أن يعاني الأشخاص المصابون برهاب الزواج من الخوف الشديد والقلق والذعر والفزع، إذا ما شعروا أنهم في علاقة ملزمة، أو أن هناك شخصًا يتوقع أو يريد التزامًا منهم. ويختلف هذ النوع من الرهاب عن القلق المعتاد الذي يمكن أن يشعر به أي شخص فيما يتعلق بالالتزام، وخاصة الزواج.

على الرغم من أن رهاب الزواج غالبًا ما يشير إلى العلاقات الرومانسية، إلا أن الأشخاص الذين يعانون من هذا النوع من الرهاب قد لا يتمكنون من الدخول في علاقات مهنية تتطلب منهم الالتزام، كتوقيع عقد عمل طويل الأجل يتضمن التزامًا أو الدخول في عمل مع شخص آخر.

لماذا قد يصاب الأشخاص بهذا النوع من الرهاب؟

يمكن ربط الخوف من الالتزام بالعديد من المخاوف الأخرى، وهي كالتالي:

1-الخوف من التعرض للأذى

يعتبر أحد الأسباب الأكثر شيوعًا والذي يمكن أن يحدث لأسباب متعددة، منها على سبيل المثال: إن نشأت في منزل أو بيئة شعرت فيهم بعدم الأمان، أو إذا تعرضت فيهم للإساءة أو الإهمال، أو إن كنت لا تحب أن تظهر ضعيفا، أو إذا تعرضت للأذى في علاقة سابقة، كل هذه الأسباب تولد لديك الشعور بالخوف من الدخول في العلاقات العاطفية.

2- الخوف من الارتباط بالشخص الخطأ

يجد بعض الناس صعوبة الدخول في العلاقات العاطفية، بسبب خوفهم من أن يرتبطوا بالشخص الخطأ، أو أن يندموا على اختيارهم، أو أن يكون هناك شخص أفضل لهم أو أن يجدوا أنفسهم يعيشون حياة غير سعيدة في المستقبل دون أي فرصة للهروب.

3- الخوف من الهجر

قد يخشى الشخص الذي أهمل من قبل الوالدين أو الشريك السابق التخلي عنه في المستقبل، مما يدفعه إلى رفض العلاقات والتخلي عنها.

4- الخوف من انتهاء العلاقة

يمكن أن يساهم الخوف من انتهاء العلاقة أو الخوف من الشعور بالفشل في إصابة الشخص بالجاموفوبيا.

5- الخوف من الصدمات السابقة أو التجارب السلبية

إذا كنت قد تعرضت لصدمة سابقة خلال علاقة عاطفية، كعدم إخلاص شريكك، أو تركك بشكل غير متوقع، أو الإساءة إليك بطريقة ما، فقد تخشى المرور بتجربة مماثلة.

6- الخوف من فقدان الحرية أو الاستقلال

يشيع هذا السبب ويمكن أن يتطور إلى رهاب الزواج، فقد يخشى الفرد الدخول في علاقة ملزمة تؤثر سلبًا على حياته الاجتماعية أو على استقلاليته. [2]

علامات وأعراض رهاب الزواج

يعاني الأشخاص الذين يعانون من رهاب الزواج من خوف شديد عندما يواجهون الواقع، وفي بعض الأحيان، حين يفكرون في علاقة أو زواج ملزم. تتضمن بعض الأعراض التي قد يعاني منها الشخص الشعور الفوري بالقلق أو الخوف أو الذعر. ومن الشائع أيضًا أن يعاني الأشخاص من بعض الأعراض الجسدية الأخرى مثل:

1-ألم الصدر وإحساس بالاختناق.

2- دوخة وفرط التنفس.

3- سرعة ضربات القلب.

4- التعرق والارتجاف.

5- الشعور بأنك توشك على الموت.

غالبًا ما يكون الأشخاص الذين يعانون من هذه الحالة قادرين على الدخول في علاقات، ولكن عندما تبدأ الأمور في اتخاذ مسار جاد تظهر لديهم علامات الخوف والقلق، وفي حالات أخري يتجنب المعانون من هذا الرهاب الدخول في العلاقات تمامًا.

أسباب رهاب الزواج

ينتج رهاب الزواج نتيجة لعدد من العوامل المختلفة، وتشير بعض الأبحاث إلى أن القلق بشأن الالتزامات المالية والمتطلبات الاجتماعية الأخرى المرتبطة بالعلاقات يمكن أن يساهم في الخوف من الالتزام والزواج. وتوجد العديد من الأسباب الأخرى التي يمكن أن تؤدي إلى إصابة الشخص بالجاموفوبيا مثل:

1- التجارب السلبية

بالنسبة لبعض الأشخاص، تعتبر التجارب السلبية أو المؤلمة التي مروا بها في الماضي دافعة إلى الخوف الشديد من الالتزام، كالأطفال الذين نشأوا في أسر مع آباء غير سعداء أودائموا الشجار أو اللذين تعرضوا للعنف المنزلي. فهم يخشون المرور بنفس الموقف في كبرهم، كما أن الأشخاص الذين مروا بتجارب العلاقات السامة والخيانة الزوجية قد يخشون التعمق في علاقة جديدة.

2- أنماط التعلق غير الآمنة

قد تساهم أنماط التعلق في مرحلة الطفولة المبكرة أيضًا في تنمية الخوف من الالتزام في مرحلة البلوغ، فارتباط الطفل بالمسؤولين عن رعايته في مرحلة الطفولة يمكن أن تؤثر على شخصيته في تكوين العلاقات.

3- الوراثة

تشير الأبحاث إلى أن الجينات تؤدي دورًا هامًا في ظهور أعراض رهاب الزواج وحالات القلق الأخرى. إذ إن السمات الموروثة قد تجعل الشخص أكثر عرضة لهذا النوع من أنواع الخوف. [3]

ما مدى شيوع الجاموفوبيا؟

بالرغم من أن عدد الأشخاص الذين يعانون من رهاب الزواج غير معلوم، إلا أن الإحصائيات تشير إلى أن حوالي 12.5% من البالغين في الولايات المتحدة يعانون من رهاب من نوع ما، كالخوف من الطيران أو العناكب.[4]

علاج رهاب الزواج

إذا كانت لديك أعراض رهاب الزواج، يجب أن تعي أن هناك علاجات متاحة تساعد في التخلص من رهابك كما هو الحال مع حالات الرهاب الأخرى. ومن بين العلاجات الأكثر شيوعًا:  

1-العلاج السلوكي المعرفي

هو شكل من أشكال العلاج النفسي. يعمل على مساعدة الشخص المصاب على استبدال أفكاره السلبية بأخرى إيجابية. كما يساعده على التخلص من خوفه والعمل على تكوين علاقات صحية مع الأشخاص. وقد ثبت أن العلاج المعرفي السلوكي فعال في علاج القلق، وغالبًا ما يكون العلاج الأول لاضطرابات القلق.

2- العلاج بالتعرض

هو نوع من أنواع العلاج يتم فيه تعريض الأشخاص لمصدر خوفهم تدريجيًا، مع الاقتران بتقنيات الاسترخاء الأخرى كالتنفس العميق والتخيل. وبمرور الوقت تقل المخاوف تدريجيًا حتي تتلاشى تمامًا. وقد أظهرت الأبحاث أن العلاج بالتعرض يساعد في تقليل أعراض الرهاب بعد العلاج فورًا، وأن هذه التأثيرات غالبًا ما تستمر لسنوات.

3- الأدوية

يمكن للأدوية أن تساعد في تخفيف بعض أعراض القلق. في معظم الحالات يتم استخدام الأدوية جنبًا إلى جنب مع بعض أشكال العلاج النفسي الأخرى.[6]

في النهاية، يمكن أن يكون لرهاب الزواج تأثيرا خطيرا على قدرة الشخص على تكوين العلاقات والحفاظ عليها مما يؤدي به للشعور بالعزلة والوحدة. وبالتالي يؤثر ذلك على صحته العقلية والجسدية.

 المصادر

(1), (4)healthline

(2)cpdonline

(3), (5)verywellmind

كيف تؤثر الأنشطة البشرية على توازن دورة الكربون؟

هذه المقالة هي الجزء 4 من 18 في سلسلة مقدمة في تغيرات المناخ وتأثيراتها البيئية

تلعب دورة الكربون دورًا رئيسًا في تنظيم درجة حرارة سطح الأرض ومناخها. فمن خلالها يتم التحكم في كمية غاز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي. والذي يساعد على الاحتفاظ بالحرارة المتولدة من الشمس. لكن في بعض الأحيان قد تؤدي الزيادة في نسبته إلى ارتفاع درجة حرارة سطح الكوكب بشكل غير طبيعي.[1]

وفقًا لتقرير مرصد Noaa الذي تم إصداره في مايو من العام الماضي 2022. فقد وصلت نسبة غاز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي لذروتها. حيث بلغت 420.99 جزء في المليون، بزيادة قدرها 1.8 جزء في المليون عن عام 2021. مما تسبب في زيادة التأثيرات الناجمة عن الاحتباس الحراري، كنوبات الحرارة الشديدة، والجفاف، وحرائق الغابات.[2]

الكربون وأهميته

تعرَّف دورة الكربون بأنها العملية التي يتم من خلالها انتقال ذرات الكربون وتبادلها بين الغلاف الجوي والأرضي والمائي. ونظرًا لأن كوكبنا وغلافه الجوي يشكلان بيئة مغلقة، فإن كمية الكربون في هذا النظام لا تتغير.[3]

يعد ثاني أكسيد الكربون من أهم الغازات المسؤولة عن درجة حرارة سطح الأرض. إذ يعمل مع كل من غازي الميثان والهالوكربونات على تسخين الكوكب، عن طريق امتصاص كميات هائلة من الطاقة المنبعثة من الأرض، ثم إعادة إرسالها مرة أخري.

بدون الغازات الدفيئة، ستكون الأرض أكثر برودة ولن نستطيع العيش عليها. يقدر العلماء بأن غاز ثاني أكسيد الكربون يساهم بحوالي 20% من تأثير الاحتباس الحراري على كوكب الأرض. ويمثل بخار الماء حوالي 50%، بينما تمثل السحب حوالي 25%.

تعمل جزيئات ثاني أكسيد الكربون على تحقيق التوازن اللازم للحفاظ على تركيز بخار الماء. عندما تنخفض تركيزات ثاني أكسيد الكربون، تبرد الأرض، ويتساقط بعض بخار الماء من الغلاف الجوي. وبالمثل عندما تزداد تركيزات ثاني أكسيد الكربون، ترتفع درجة حرارة الجو، ويتبخر المزيد من بخار الماء في الغلاف الجوي. مما يؤدي إلى زيادة معدل الاحتباس الحراري.

لذا فقد وجد العلماء أن ثاني أكسيد الكربون هو الغاز المتحكم في درجة حرارة سطح الكوكب، وفي كمية بخار الماء في الغلاف الجوي. وبالتالي في حجم وتأثير الاحتباس الحراري.[4]

دورة الكربون السريعة والنظم البيئية

تعمل دورة الكربون كحلقة ينتقل من خلالها الكربون على مدى سنوات أو عقود. فعلى سبيل المثال في السلسة الغذائية تمتص النباتات الكربون الموجود في الغلاف الجوي من أجل عملية التمثيل الضوئي،. ثم تستهلك الحيوانات هذه النباتات ويتراكم الكربون بيولوجيًا في أجسامها. ثم يعاد إطلاق الكربون مرة أخري عن طريق عملية التنفس أو التجشؤ أو التحلل عندما تموت الحيوانات في النهاية.

 قد يتم تخزين الكربون في أعماق الأرض لعدة قرون. حتى يصبح وقودًا أحفوريًا يستخدمه الإنسان في أنشطته البشرية، ومن ثم يتم ضخ المزيد من الكربون في الغلاف الجوي.[5]

دورة الكربون البطيئة

من خلال سلسلة من التفاعلات الكيميائية والنشاط التكتوني. يستغرق الكربون ما بين 100-200 مليون سنة للتنقل بين الصخور والتربة والمحيطات والغلاف الجوي. في المتوسط، يتحرك حوالي 10-100 مليون طن متري من الكربون خلال دورة الكربون البطيئة كل عام.

في المحيط، تتحد أيونات الكالسيوم مع أيونات البيكربونات لتكوين كربونات الكالسيوم. بعد موت الكائنات الحية، تغرق في قاع المحيط وبمرور الوقت تتكون طبقات من الرواسب التي تتحول في النهاية إلى صخور، والتي تحتوي على حوالي %80 من إجمالي نسبة الكربون الموجودة في الصخور. بينما تتكون نسبة ال%20 الأخرى من الكائنات الحية التي تم دفنها في طبقات من الطين منذ ملايين السنين .

عندما تندلع البراكين فإنها تعيد إطلاق الغاز مرة أخري في الغلاف الجوي عن طريق ذوبان الصخور. ومن ثم يتم بدء الدورة مرة أخرى. في الوقت الحاضر، تطلق البراكين كمية من ثاني أكسيد الكربون تقدر بنحو 130 إلى 380 مليون طن متري سنويًا. وللمقارنة، فإن الكمية التي يطلقها البشر من الغاز عن طريق حرق الوقود الأحفوري تقدر بحوالي 30 مليار طن سنويًا. أي أكثر بحوالي 300 مرة من البراكين.[6]

الأنشطة البشرية وانبعاثات الكربون

في عام 1896، كان العالم السويدي سفانتي أرهينيوس أول من ربط ارتفاع غاز ثاني أكسيد الكربون الناتج عن حرق الوقود الأحفوري بتأثير الاحترار. بعد ما يقرب من قرن من الزمن. أدلى عالم المناخ الأمريكي جيمس إي هانسن بشهادته أمام الكونجرس بأن “تأثير الاحتباس الحراري هو ما يغير مناخنا”. [7]

الأنشطة البشرية لها تأثير هائل على دورة الكربون. حيث يؤدي حرق الوقود الأحفوري وتغيير استخدام الأراضي إلى إطلاق كميات كبيرة من الكربون في الغلاف الجوي.[8] ففي عام 2020 ، قدرت انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في الولايات المتحدة بحوالي 79٪ من جميع انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.[9]

تعد انبعاثات الكربون وغازات الاحتباس الحراري الأخرى، المحرك الرئيسي لتغير المناخ. ففي عام 2022 وحده، بلغت الزيادة في نسبة الانبعاثات الناجمة عن حرق الوقود الأحفوري وصناعة الأسمنت حوالي 1%، مقارنة بالسنوات السابقة.[10]،  بينما بلغت نسبة الزيادة الناتجة عن توليد الكهرباء والصناعة حوالي 2% خلال عام 2018.[11]

يتطلب تحقيق الأهداف العالمية للحد من الاحترار منا جميعًا العمل لتقليل الانبعاثات. وذلك حتى نستطيع الوصول إلى صافي الصفر بحلول عام 2050. إذ إن ظلت الانبعاثات في الزيادة، فسوف يستمر ارتفاع درجة حرارة سطح الكوكب.   

المصادر

(1)serc.carleton

(2)noaa

(3)oceanservice

(4)nasa

(8),(5)noaa

(6)nasa

(7)nationalgeographic

(9)epa

(10)weforum

(11)npr

كيف تؤثر الشمس على مناخ الأرض؟

هذه المقالة هي الجزء 3 من 18 في سلسلة مقدمة في تغيرات المناخ وتأثيراتها البيئية

تعد الشمس هي مصدر معظم الطاقات التي تحرك العمليات البيولوجية والفيزيائية في العالم من حولنا، إنها مسؤولة بشكل مباشر عن الحفاظ على درجة حرارة سطح الكوكب، وجعله صالحًا للعيش، وبالتالي فإن التغير في كمية الطاقة الشمسية الواردة والصادرة قد تؤثر على المناخ.[1]  

ما هو الإشعاع الشمسي؟

الإشعاع الشمسي هو الطاقة المنبعثة من الشمس، والتي يتم إرسالها في جميع الاتجاهات عبر الفضاء على شكل موجات كهرومغناطيسية.  بعد مروره عبر الغلاف الجوي، يصل الإشعاع الشمسي إلى سطح الأرض المحيطي والقاري وينعكس أو يمتص. ثم يعاد مرة أخري إلى الفضاء الخارجي في شكل إشعاع طويل الموجة.[2]

الاختلاف الموسمي

نظرًا لأن الأرض مستديرة، فإن الشمس تسقط على السطح بزوايا مختلفة. فعندما تكون أشعة الشمس عمودية، فإن سطح الكوكب يحصل على أقصي قدر ممكن من الطاقة، و كلما كانت أشعة الشمس مائلة، كلما طالت مدة انتقالها عبر الغلاف الجوي، وأصبحت أكثر تشتتًا وانتشارًا.

تدور الأرض حول الشمس في مدار بيضاوي وتكون أقرب إلى الشمس خلال جزء من السنة. وعندها ترتفع درجة الحرارة في الجزء الجنوبي من الكرة الأرضية ويحدث الانقلاب الصيفي، بينما تنخفض درجة الحرارة ويصبح الطقس باردًا في نصف الكرة الشمالي.

في النهاية يصبح نظام مناخ الأرض مدفوعًا بالإشعاع الشمسي، فالاختلافات الموسمية في المناخ تنتج في النهاية عن التغيرات في  مدار الأرض.[3]

أنواع الطاقة التي تأتي من الشمس

تبعث الشمس العديد من أشكال الإشعاع الكهرومغناطيسي بكميات مختلفة. فحوالي 43 % من إجمالي الطاقة المشعة المنبعثة من الشمس توجد في الأجزاء المرئية من الطيف الكهرومغناطيسي. بينما يقع حوالي 49% من الطاقة المنبعثة في منطقة الأشعة تحت الحمراء، و حوالي 7% في منطقة الأشعة فوق البنفسجية، وأقل من 1% من الإشعاع الشمسي يكون على شكل أشعة سينية وموجات جاما وموجات الراديو.

يتم نقل الطاقة من الشمس عبر الفضاء، وبمجرد وصولها إلى الأرض، يتم امتصاص جزء صغير من الطاقة بشكل مباشر، بينما تنعكس البقية مرة أخرى إلى الفضاء.

 الأسطح الموجودة على سطح الأرض تمتص الطاقة بدرجات متفاوتة بناءًا على لون السطح وملمسه، فالأسطح ذات الألوان الداكنة تمتص كميات كبيرة من الأشعاع المرئي، بينما تعكس الأسطح ذات الألوان الفاتحة أو الملساء الإشعاع، فالإختلاف في إنعكاس الطاقة يؤثر على درجة حرارة الطقس بصورة كبيرة.

تحقيق التوازن الاشعاعي

تساعدنا الميزانية الإشعاعية على معرفة مقدار الطاقة التي تتلقاها الأرض من الشمس، ومقدار الطاقة التي تعكسها الأرض مرة أخري إلى الفضاء الخارجي، وبالتالي فإن درجة حرارة الأرض لا ترتفع بدرجات متفاقمة، لأن جزء من هذه الطاقة يعود مرة أخري إلى الفضاء.

عندما تصل الطاقة الشمسية الواردة إلى حد الاتزان، فإن درجة الحرارة العالمية تكون مستقرة نسبيًا، إما إذا حدث خلل في كمية الطاقة الواردة والصادرة فإن الأرض تفقد توازنها الإشعاعي، وبالتالي ترتفع درجات الحرارة أو تنخفض نتيجة لذلك.

نتيجة للتأثيرات التي يحدثها الإنسان من الصناعات وإزالة الغابات، فإن تركيز غازات الدفيئة في الغلاف الجوي يزداد، وبالتالي تقل كمية الطاقة الصادرة إلى الفضاء، وترتفع درجات الحرارة التي تعمل على ذوبان الجليد مما يجعله أقل إنعكاسًا، وفي النهاية تتسارع وتيرة تغير المناخ.

النشاط الشمسي وتغير المناخ

لطالما عرف العلماء أن التغير في مقدار الطاقة الشمسية يغير من توزيع الطاقة في الغلاف الجوي للأرض، لكن تأثيرها المباشر على المناخ كان ولا زال موضع تساؤل. ففي أوائل الثمانينيات أجري العلماء قياسًا للإشعاع الشمسي بواسطة الأقمار الصناعية،  ووجدوا انخفاضًا في إجمالي كمية الطاقة الشمسية التي تصل إلى الأرض بنسبة 0.1 %، كما قرر العلماء الذين يدرسون الاختلافات قصيرة المدى في ناتج طاقة الشمس، أن كمية الطاقة الشمسية الإضافية التي تصل إلى الأرض صغيرة نسبيًا، ولا تكفي لتفسير العوامل الأخيرة لتغير المناخ.

خلال فترة الاكتشاف الأولية لتغير المناخ العالمي ، لم يكن حجم تأثير الشمس على مناخ الأرض مفهوما ومع ذلك، منذ أوائل التسعينيات، قام العلماء بإجراء أبحاث مكثفة لمعرفة مدي دورها، ووجدوا أن الشمس تلعب دورًا صغيرًا في تغير المناخ مقارنة بالأنشطة البشرية التي تعد العامل الأساسي لتغير مناخ الأرض.[4]

المراجع

(1)ucsusa
(2)iberdrola
(3)energy
(4) beyondweather

كيف يؤثر تغير المناخ على الصحة العامة للبشر؟

هذه المقالة هي الجزء 13 من 18 في سلسلة مقدمة في تغيرات المناخ وتأثيراتها البيئية

يعد تغير المناخ أحد أكبر تهديدات الصحة العامة وأشدها قسوة. فوفقًا لبيان منظمة الصحة العالمية، فإنه من المتوقع أن يفقد حوالي 250 ألف شخص حياتهم سنويًا بسببه. فارتفاع درجة الحرارة وانعدام الأمن الغذائي والمائي وتلوث الهواء، يؤدي إلى زيادة التعرض للأمراض الحادة والمزمنة. فكيف يؤثر تغير المناخ على صحتنا؟[1]

تأثير التغيرات المناخية على الصحة الجسدية

حسب تقرير للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، فإنه من المتوقع أن يؤدي الاحترار العالمي إلى تفاقم الظروف الصحية خاصة في المناطق الاستوائية. ففي أفريقيا على سبيل المثال، تؤدي الزيادة في درجة الحرارة إلى زيادة أعداد البعوض، فتتضاعف الإصابات بالأمراض التي تنقلها الحشرات كالملاريا وحمى الضنك.[2]

إضافة إلى ارتفاع نسبة التعرض لضربات الشمس والإرهاق نتيجة لتفاقم موجات الحر. يتسبب تلوث الهواء الناتج عن حرائق الغابات بأمراض الجهاز التنفسي والقلب والأوعية الدموية. فخلال عام 2019 وحده، تسببت الجسيمات الدقيقة المتطايرة في الغلاف الجوي في وفاة حوالي 1.8 مليون شخص على مستوى العالم.

تتسبب الفيضانات والأعاصير الأكثر توترًا في انتشار الأمراض التي تنقلها المياه وزيادة أعداد النزوح. فخلال عام 2005 ساهم إعصار كاترينا في موت ما يقرب من ألفي شخص، وتشريد حوالي 1.5 مليون شخص.[3]

تغير المناخ والصحة العقلية

ترتبط ـ غالبا ـ الكوارث الطبيعية المرتبطة بالمناخ كالفيضانات والأعاصير وحرائق الغابات بالاضطرابات النفسية المتعلقة بالتوتر. فالأفراد الذين تعرضوا لمواقف مهددة لحياتهم معرضون أكثر لخطر الإصابة باضطراب ما بعد الصدمة.[4]

ووفقًا لاستطلاع رأي أجرته الجمعية الأمريكية للطب النفسي، فإن أكثر من ثلثي الأمريكيين (67٪) قلقون للغاية بشأن تأثير تغير المناخ على الكوكب. وأكثر من نصفهم (55٪) قلقون من تأثيره على صحتهم العقلية.[5]

من المرجح أن يصبح سلوك الأفراد المعرضين لارتفاع درجات الحرارة أكثر عدوانية. ووجدت إحدى الدراسات علاقة بين التعرض للهواء الملوث وزيادة خطر الإصابة بالقلق والفصام واضطراب الشخصية.[6]

تأثير تغير المناخ على نظام الرعاية الصحية

يؤثر تغير المناخ على كل جانب من جوانب نظام الرعاية الصحية. فالاحترار العالمي على سبيل المثال يعيق الوصول إلى الخدمات الصحية فضلًا عن التأثير على جودتها. كما يؤدي أيضًا إلى ارتفاع تكاليف الرعاية الصحية. أنظمة الرعاية الصحية مسؤولة عن رعاية الأشخاص الذين يواجهون تأثيرات فورية. وكذلك الأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة كأمراض القلب والأوعية الدموية وأمراض الجهاز التنفسي.

كشفت إحدى الدراسات التي أجريت في الولايات المتحدة على مجموعة من الأحداث المناخية التي حدثت في الولايات المتحدة، وعددها 10 أحداث. أن التكاليف المتعلقة بالصحة، بما في ذلك دخول المستشفيات وزيارات أقسام الطوارئ والتكاليف الطبية الأخرى، بلغت حوالي 10 مليارات دولار خلال عام 2018.

تأثير تغير المناخ على القوى العاملة في مجال الرعاية الصحية

يتعرض أخصائيو الرعاية الصحية لمخاطر الصحة البدنية والعقلية لتغير المناخ بشكل أكثر حدة من عامة السكان. كما أنه لا يؤدي إلى تعطيل حياتهم فحسب، بل يجعل وظائفهم أيضًا أكثر صعوبة. مما يزيد من خطر الإرهاق. غالبًا ما تمنعهم العواصف والفيضانات وحرائق الغابات والأحداث المتطرفة الأخرى من الذهاب إلى مرافق الرعاية الصحية. مع زيادة عدد الأشخاص الذين يتعرضون للإصابة بالأمراض نتيجة التغير المناخي، ستكون هناك حاجة ماسة لزيادة القوى العاملة المجهزة للتعامل مع مرضى الأحداث المناخية.

من الضروري تدريب القوى العاملة في مجال الرعاية الصحية على تحدي المخاطر ومعالجتها. تحتاج القوى العاملة إلى التكيف لتقديم الرعاية الصحية في ظل الظروف المناخية القاسية. وجدت إحدى الدراسات أن آثار تغير المناخ جعلت ثلث العاملين في مجال الرعاية الصحية في إحدى المناطق الاسترالية، يفكرون في الانتقال إلى مكان آخر.[7]

الإجراءات

يجب اتخاذ إجراءات جادة لحماية صحة الناس ورفاهيتهم في جميع أنحاء العالم، خاصة الفئات السكانية الضعيفة. فالحد من كميات الغازات الدفيئة له العديد من الفوائد الصحية، ويمكن أن ينقذ آلاف الأرواح.

التخفيف من حدة تغير المناخ من شأنه أن يمنع انتشار الأمراض، ويوفر مليارات الدولارات من التكاليف المتعلقة بالصحة، خاصة في المجتمعات التي تعاني من الآثار السلبية لتغير المناخ.[8]

المصادر

(1)journal
(2)un
 (7),(3)commonwealthfund
(4)ncbi
(5)psychiatry
(6)bmj
(8)projecthope

كيف يمكننا التخفيف من آثار تغير المناخ؟

هذه المقالة هي الجزء 18 من 18 في سلسلة مقدمة في تغيرات المناخ وتأثيراتها البيئية

تسبب الاحترار العالمي منذ الثورة الصناعية وحتى اليوم في حدوث ظواهر مناخية عنيفة في جميع أنحاء العالم، والتي أعقبها حدوث عواقب وخيمة على الطبيعة والإنسان. فوفقًا لتقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بشأن تغير المناخ فلابد من التخفيف من الانبعاثات والوصول إلى صافي الصفر من الانبعاث الكربوني بحلول عام 2030. ولتحقيق هذا الهدف وأهداف أخرى طموحة وطويلة الأجل تساهم في التخفيف من آثار تغير المناخ، وجب علينا تغيير الطريقة التي نستخدم بها الطاقة والممارسات الحياتية الأخرى. [1]

ماذا نعني بالتخفيف من آثار تغير المناخ؟

التخفيف من آثار تغير المناخ يعني العمل على تقليل كميات الغازات الدفيئة الموجودة في الغلاف الجوي، والتي تعمل على زيادة درجة حرارة سطح الكوكب وجعلها أكثر تطرفًا.[2]

الاتفاقيات الدولية المبرمة بشأن العمل المناخي

بدأ الاعتراف بواقع تغير المناخ عام 1979 عندما عقد المؤتمر العالمي الأول للمناخ في جنيف. وقد كان الغرض الأساسي من مؤتمر جنيف تقييم الآثار والمخاطر المستقبلية للتغيرات المناخية. كان هذا هو المؤتمر الأول من نوعه الذي يتناول الآثار السلبية لتغير المناخ.

أنشئت عام 1988 الهيئة الحكومية الدولية المعنية بشأن تغير المناخ من قبل المنظمة العالمية للأرصاد الجوية بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة للبيئة. وكان الهدف منها تزويد الحكومات والهيئات الرسمية بالمعرفة العلمية والمعلومات التى يمكن من خلالها صياغة السياسات المناخية.

اعتمدت عام 1992 اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، والتي دخلت حيز التنفيذ عام 1994. ومنذ ذلك الحين كانت هي القوة الدافعة للعمل المناخي. الهدف الرئيس للاتفاقية هو تثبيت تركيز غازات الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي، لمنع التأثيرات الشديدة على النظام المناخي. إضافة إلى  خفض الانبعاثات بحلول عام 2000. كما حددت الالتزامات تجاه جميع الأطراف المعنية، ووضعت مسؤوليات واضحة على عاتق البلدان المتقدمة لتنفيذ السياسات الوطنية للحد من الانبعاثات البشرية. علاوة على ذلك، ألزمت الأطراف من الدول المتقدمة بمساعدة الأطراف من الدول النامية الضعيفة مالياً وتقنياً في اتخاذ الإجراءات المناخية.

اعتمد بروتوكول كيوتو خلال مؤتمر الأطراف الثالث عام 1997، ودخل حيز التنفيذ عام 2005. وكان الهدف منه خفض انبعاثات البلدان المتقدمة خلال فترة التزام قدرها خمس سنوات بين عامي 2008 و 2012. كما وضعت السياسات وأنظمة المراقبة ذات الصلة.

وفي عام 2015 اعتمدت اتفاقية باريس التي دخلت حيز التنفيذ عام 2016. وكان هدفها الأساسي الحد من زيادة درجة الحرارة العالمية، ومواصلة الجهود للحد من ارتفاعها إلى أكثر من 1.5 درجة مئوية.[3]

استراتيجيات تخفيف التغيرات المناخية

يتضمن التخفيف من حدة التغيرات المناخية الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، التي تعمل على رفع درجة حرارة سطح الكوكب. وتشتمل استراتيجيات التخفيف على مجموعة من الإجراءات التي يجب على الحكومات والدول والشركات اتخاذها. كالاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة، وتحسين المدن لجعلها أكثر استدامة، والترويج لوسائل النقل المستدامة والأنظمة الزراعية الصديقة للبيئة.[4]

1- الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة

تشير التقديرات إلى أن حوالي 1.4مليار شخص حول العالم يعتمدون على مصادر الطاقة التقليدية كالفحم والخشب  لتلبية احتياجاتهم الأساسية. ومع زيادة الاعتماد على هذه المصادر تتضرر النظم البيئية، وتؤدي إلى ملايين الوفيات المبكرة بخاصة بين النساء والأطفال. من المتوقع أن ينمو الطلب العالمي على الطاقة بأكثر من 50% بحلول عام 2035، وبالتالي يحتاج هؤلاء المستخدمين إلى مصادر طاقة لا تضر بهم أو ببيئتهم.[5]

أحد عوامل الجذب في الطاقة المتجددة هو القدرة على تجديدها والحصول عليها بشكل طبيعي، لذلك فهي أكثر استدامة. كما أنها مناسبة لخطة التخفيف من آثار تغير المناخ. فمقارنة بالوقود الأحفوري فإن العديد من مصادر الطاقة المتجددة تنبعث منها غازات دفيئة أقل بكثير. اعتمدت الولايات المتحدة عام 2020 على الطاقة المتجددة كمصدر أساسي للطاقة بنسبة 12%.

 وتكمن أهمية مصادر الطاقة المتجددة كالطاقة الكهرومائية والشمسية والرياح في خلوها من أي انبعاثات كربونية تقريبًا بمجرد تشغيلها. تكمن الانبعاثات الكربونية بمصادر الطاقة هذه في إنتاج وصيانة ونقل المواد والمنشآت، لذلك تعد مسارا مثاليا للتخفيف الذي يجمع بين مصادر الطاقة المتجددة وتخفيض الاستهلاك للطاقة.

2- تدابير الحفاظ على الطاقة

قد تكون كفاءة استخدام الطاقة وتدابير الحفاظ عليها من أهم الإجراءات الفاعلة للتخفيف من حدة التغيرات المناخية. ففي عام 2019 شكلت انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون حوالي 80٪ من إجمالي انبعاثات الغازات الدفيئة في الولايات المتحدة. لذلك فإن ايجاد طرق لاستخدام طاقة أقل سيساعد في التخفيف من آثار تغير المناخ.

إحدى تدابير الحفاظ على الطاقة هو بناء المدن لشبكات النقل العام. بحيث نوفر الطاقة التي تستخدم في قيادة السيارات الفردية، أو بناء بنية تحتية تسهل ركوب الدراجات.[6]

3- احتجاز الكربون وتخزينه

تعمل هذه التقنية على التقاط وتخزين ثاني أكسيد الكربون قبل إطلاقه في الغلاف الجوي. ويمكن لهذه التقنية التقاط ما يصل إلى 90٪من ثاني أكسيد الكربون المنبعث من حرق الوقود الأحفوري في توليد الكهرباء والعمليات الصناعية كإنتاج الأسمنت.

في الوقت الحالي، تعد تقنية احتجاز الكربون وتخزينه هي التقنية الوحيدة التي يمكن أن تساعد في تقليل الانبعاثات الناتجة عن المنشآت الصناعية الكبرى. وبالتالي معالجة الآثار السلبية لتغير المناخ. عند دمج هذه التقنية مع تقنيات الطاقة الحيوية لتوليد الطاقة، فإن احتجاز وتخزين الكربون لديه القدرة على توليد انبعاثات سلبية وإزالة ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي. يجادل العديد من العلماء وواضعو السياسات بأن هذا أمر بالغ الأهمية إذا كان العالم يريد الحد من ارتفاع درجة الحرارة إلى أقل من 2 درجة مئوية، وهو الهدف من اتفاقية باريس.[7]

4- إعادة التدوير

تعمل إعادة التدوير على التقليل من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري عن طريق تجنب استخدام الطاقة لإنتاج مواد جديدة. ولها فوائد مشتركة تتمثل في الحفاظ على الموارد الطبيعية، وتقليل النفايات، ومنع تدهور الأراضي الذي يصاحب الحصول على مواد خام جديدة مثل المعادن.[8]

في جميع أنحاء العالم، يتم اتخاذ العديد من التدابير للتخفيف من آثار تغير المناخ من قبل الدول التي تحاول الوفاء بالتزاماتها بموجب اتفاقية باريس وبروتوكول كيوتو.[9]

المصادر

(1) Reducing greenhouse gases: our position | Policy and insight (friendsoftheearth.uk)
(What’s the difference between climate change mitigation and adaptation? | Stories | WWF (worldwildlife.org)
(3) springer
(4),(5)Climate Change Mitigation | GEF (thegef.org)
(8),(6) Climate Change Mitigation Strategies — Earth@Home (earthathome.org)
(7) What is carbon capture and storage and what role can it play in tackling climate change? – Grantham Research Institute on climate change and the environment (lse.ac.uk)
(9)Introduction to Mitigation | UNFCCC

كيف يمكننا التكيف مع تغير المناخ وسط عالم مشتعل؟

هذه المقالة هي الجزء 17 من 18 في سلسلة مقدمة في تغيرات المناخ وتأثيراتها البيئية

من مدن أوروبا التي غمرتها الفيضانات، إلى ضواحي كاليفورنيا المتفحمة بالنيران. ومن دلتا بنغلادش الغارقة بالمياه إلى الجزر التي تواجه ارتفاع منسوب مياه البحار. عواقب وخيمة انطوت على عدم كبح الزيادة في درجات الحرارة العالمية والتكيف مع كوكب أكثر حرارة. فخلال الثلاثين عامًا الماضية كان الهدف المهيمن هو خفض الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري. لذلك أضحت خطوات التكيف مع تغير المناخ ضرورة ملحة للحد من المخاطر.[1]

ماذا نعني بمصطلح “التكيف”؟ ولم اختلف عليه المناصرون؟

 يشير مصطلح التكيف مع تغير المناخ إلى أي نشاط يمكن من خلاله تقليل المخاطر والآثار السلبية لتغير المناخ، أو يساعد البشر على التكيف معه. ويتضمن التكيف إجراء تعديلات في قراراتنا وأنشطتنا وتفكيرنا بسبب التغيرات في مناخنا [2].

وفي وقت سابق خلال محادثات المناخ التي عقدت في عام 2002، ظهرت بعض الأحاديث عن حاجتنا إلى التكيف مع تغير المناخ، لكن كان للعديد من النشطاء البيئيين رأي آخر! إذ رأوا أن جهود التكيف مع الظروف المناخية المتطرفة بمثابة استسلام وإلهاء عن الحاجة إلى الحد من الانبعاثات.[3]

لماذا نحن بحاجة إلي التكيف؟

كان التكيف مع المشكلات البيئية محورًا للدراسات الأنثروبولوجية منذ مطلع القرن العشرين. وقد تم تطبيق مصطلح التكيف لأول مرة خلال التسعينات. ويتمثل الهدف الرئيسي للتكيف في رفع قدرتنا على الصمود، والذي بدونه تقل احتمالية نجاتنا ويزيد عدد الضحايا.[4]

يؤدي تغير المناخ إلى زعزعة استقرار المجتمعات واقتصاداتها، مما يقوض جهود التنمية المستدامة ويفاقم التحديات البيئية. وقد شهدت العديد من البلدان تأثيرات محلية وعالمية واسعة النطاق، تصاعدت حدتها ووتيرتها أكثر من أي وقت مضي[5]. فمنذ عام 2008 وحتي اليوم، تم تهجير ما يقرب من 21.5 مليون شخص سنويًا، بسبب المخاطر المفاجئة المرتبطة بالمناخ، كالفيضانات والعواصف وحرائق الغابات والجفاف وتآكل السواحل.

وهناك اتفاق كبير بين العلماء على أن تغير المناخ من المتوقع أن يؤدي إلى زيادة أعداد النازحين في المستقبل.[6] كما أظهرت نتائج بحثية إلى أن حوالي 132 مليون شخص سيواجهون الفقر المدقع بسبب تغير المناخ بحلول 2030. لذلك يشدد البعض على أهمية التكيف مع الظروف المناخية حتى نتمكن من حماية الفئات الأكثر ضعفًا في مجتمعاتنا. [7]

الفئات الأكثر ضعفًا هم الأكثر تأثرًا

مع أن الدعوة إلى التكيف مع التغيرات المناخية واضحة، إلا أن بعض المجتمعات ما زالت غير قادرة على التكيف. وذلك بسبب عدم وجود موارد لتلبية الاحتياجات الأساسية كالرعاية الصحية والتعليم. فعلى سبيل المثال، تُقدَّر تكاليف التكيف التي تحتاجها البلدان النامية بحوالي 300 مليار دولار سنوياً بحلول عام 2030. لكن في الوقت الحالي، تُنفَق ما نسبته 21% فقط من التمويل المتعلق بالمناخ الذي تقدمه البلدان الأكثر ثراءًا لمساعدة الدول النامية على التكيف والقدرة على الصمود، أي حوالي 16.8 مليار دولار سنويًا.

استراتيجيات التكيف مع التغيرات المناخية

 حتي نتمكن من حماية أنفسنا ومجتمعاتنا، يجب علينا التكيف مع عواقب الظواهر الجوية المتطرفة. لذلك توجد العديد من الطرق التي نستطيع من خلالها التكيف مع ما يحدث الآن وما سيحدث في المستقبل[8] والتي منها:

1- أنظمة الإنذار المبكر

وهي عبارة عن تقنيات يمكن من خلالها التنبؤ بوقوع العواصف وموجات الحر وغيرها من الظواهر الجوية المتطرفة. ووفقًا لإحدي التقارير، فإن التحذير بفاصل 24 ساعة فقط يمكن أن يقلل الضرر الناتج بنسبة 30 %! كما أن الاستثمار بقيمة 800 مليون دولار وتزويد البلدان النامية بمثل هذه الأنظمة، ستحمي من خسائر قد تبلغ من 3 إلى 16 مليار دولار سنويًا.

2- البنية التحتية الخضراء

تحسين الظروف المعيشية في المجتمعات الضعيفة يعني تحسين بنيتها التحتية وتعزيز قدرتها على التكيف. ووفقًا لتقرير اللجنة العالمية المعنية بالتكيف، فإن البنية التحتية الخضراء والمقاومة للظروف المناخية القاسية قادرة على توفير 4 دولارات من الفوائد مقابل كل دولار واحد من التكلفة.

3- تحسين الإنتاج الزراعي

يمكن أن يساعد الاستثمار في المحاصيل المقاومة للجفاف وتحديث أنظمة الري في حماية المزارع الصغيرة من ارتفاع درجات الحرارة.

4- حماية المانجروف

وهو عبارة عن مجموعة من أشجار المانجروف التي تنمو على طول السواحل لحمايتها. وتعمل أشجار المانغروف على التقليل من آثار العواصف التي تهدد المجتمعات الساحلية. ووفقًا لتقرير اللجنة العالمية المعنية بالتكيف، فإن غابات المانجروف قادرة على حماية حوالي 18 مليون شخص من خطر الفيضانات الساحلية، وتقليل الخسائر التي تقدر بأكثر من 80 مليار دولار سنويًا.

5- الاستثمار في البنية التحتية للمياه

تشير التقديرات إلى أن حوالي 3.6مليار شخص ليس لديهم ما يكفي من الماء لسد احتياجاتهم خلال شهر واحد من العام. وقد يؤدي عدم اتخاذ التدابير اللازمة إلى تعريض حوالي 1.4 مليار شخص إضافي لنقص المياه بحلول عام 2050. لذلك يمكن أن يؤدي الاستثمار في البنية التحتية للمياه ومجمعات المياه الطبيعية إلى توسيع نطاق الوصول إلى المياه النظيفة. [9]

يبدو أن التكيف مع التغير المناخي أمر لا بد منه في ظل أعباء اقتصادية هائلة تحول من مواجهة التغيرات المناخية. فلنا أن نطرح سؤالنا الأول الذي حاولنا توضيح خلفياته في هذا المقال بقليل من العمق. هل سيصبح التكيف هو الحل؟ أم سيزيد من تعقيد المشكلة كما زعم بعض الناشطين؟ الرأي لك.

المصادر

(3),(1)nationalgeographic
(2)nrcan
(4)globalization and health
(5)wwf
(6) unhcr
(7)world bank
(8)un
(9)grist

كيف تؤثر ملكية وسائل الإعلام على استقلال المحتوي الإعلامي؟

هذه المقالة هي الجزء 7 من 7 في سلسلة 7 قضايا إعلامية لا يسعك جهلها

تعد مسألة ملكية وسائل الإعلام والتحكم فيها أمرًا بالغ الأهمية، نظرًا لأنها تحدد محتوى وسائل الإعلام. ففي الوقت الذي يروج فيه الصحفيون للديمقراطية في ممارسة حرية التعبير و الصحافة، فإن هذه الحرية واستقلال الصحفيين، وفقًا لبعض النقاد، يتأثران بمجموعة من العوامل المختلفة كالاهتمامات المالية والسياسية  لأصحاب الوسائل الإعلامية أو أرباب العمل. تتشكل هذه السيطرة، بما في ذلك نمطها وهيكلها، بشكل أساسي من خلال الحقائق السياسية والجيوسياسية المنتشرة، وهذا هو سبب أهمية الاستقلالية التحريرية  لوسائل الإعلام على المستويين المحلي والعالمي.[1]

ملكية وسائل الإعلام والسيطرة عليها

عندما كان يدرس التوقعات التي كانت تحيط بالعديد من ابتكارات الاتصالات في الماضي، وضع البروفيسور لورانس ليسينج، أستاذ القانون بجامعة هارفرد، مجموعة من النقاط التي تقودنا إلى فهم ملكية وسائل الإعلام والتحكم فيها، والتي منها: مراعاة السياسات العامة المحددة التي تحكم الإعلام في أي بيئةٍ معينة.  فبالنسبة إلى الأمريكيين، معظم وسائل الإعلام الجماهيرية في الولايات المتحدة مملوكة للقطاع الخاص وتعمل من أجل الربح. وعلاوةً على ذلك، يُموَّل جزء كبير من وسائل الإعلام من خلال الإعلانات؛ ومن ثًم يحكمها شرط إتاحة فرصة للمعلنين للوصول إلى أولئك الذين قد يرغبون في شراء منتجاتهم. وعند ظهور تقنيات إعلامية جديدة على الساحة، يُفترض أن هذا النمط من السيطرة والملكية الخاصة أفضل النظم، سواءٌ أكانت نتيجته سيئة أم جيدة؛ مما يقودنا غالبًا إلى إغفال النظم البديلة التي لها تكاليف وفوائد مختلفة جدًّا.

عندما نفكر في البيئة الجديدة لوسائل الإعلام كالإنترنت، فمن السهل أن تغمرنا مشاعر الدهشة والتعجب عندما توضع كل تكنولوجيا جديدة في أيدينا. في الحقيقة تركز العديد من النقاشات على تأثير الأنواع الجديدة على أنماط حياتنا. لكن هل يمكننا فصل التقنيات الحديثة المنتشرة في البيئة الإعلامية عن نظام الملكية والسيطرة؟

يشير باحثو الدراسات الإعلامية إلى أن الإجابة عن هذا السؤال الأخير هي بالطبع لا؛ ففهم تطوُّر أي تكنولوجيا اتصالات معينة يتطلب تحليلًا للقرارات السياسية التي تُشكل هذا التطوُّر.

نماذج بديلة لملكية وسائل الإعلام

في حين يعتقد العديد من الأمريكيين بأن وسائل الإعلام تملكها الشركات الخاصة وتعتمد على الإعلانات كمصدر للتمويل في المقام الأول. فإن هذا ليس النموذج الوحيد للملكية والسيطرة على وسائل الإعلام في المجتمعات الديمقراطية.  فعلي الرغم من أن عبارة “مملوك للحكومة” ترتبط بالأنظمة التي تستخدم وسائل الإعلام المملوكة للدولة لأغراض دعائية، إلا أن هذه النتيجة تختلف للغاية في المجتمعات الديمقراطية. ففي المملكة المتحدة وكندا واليابان ومجموعة كبيرة من المجتمعات الديمقراطية الأخرى، معظم وسائل الإعلام هي ملكية عامة ومُموَّلة من قِبل الحكومة وتُكرِّس نفسها للمصلحة العامة لا لتحقيق الربح للشركات الخاصة فعلى سبيل المثال، هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) في المملكة المتحدة، هي في الأصل ملكية عامة وتُموَّل من خلال رسوم ترخيص يدفعها الجمهور،  ويُشرف عليها مجلس أمناء يخضع أعضاؤه للمساءلة أمام الجمهور ويقدمون ضمانًا لاستقلال الهيئة عن الحكومة.[2]

مَن يمتلك وسائل الإعلام؟

أشار  بن باجديكيان في كتابه “احتكار وسائل الإعلام الجديدة” الذي نشر في عام 2004، أن حوالي 100 شركة سيطرت على وسائل الإعلام في الولايات المتحدة. ففي عام 1983 سيطرت حوالي 50 شركة على غالبية وسائل الإعلام الإخبارية. وبحلول عام 1992 تركزت غالبية ملكية  وسائل الإعلام على حوالي 22 شركة. وفي عام 2014 تركزت أنماط الملكية على حوالي 6 شركات فقط لإدارة وسائل الإعلام.[ 3]   

تعتبر ملكية وسائل الإعلام أمرًا بالغ الأهمية، نظرًا لأن مالكي الوسيلة الإعلامية يقررون ما الذي سيتم إيصاله إلى الجمهور من معلومات، وما الذي سيتم حجبه عنهم[4]. يُنظر أحيانًا إلى ملكية وسائل الإعلام على أنها انعكاس للظروف السياسية في مجتمع ما. فالأنظمة الاستبدادية أو الديكتاتورية  تسيطر على الإعلام بشكل مباشر، بينما تسمح الأنظمة الديموقراطية بتعدد نمط الملكية.

يلعب الاقتصاد أيضًا دورًا مهمًا في تحديد هيكل ملكية وسائل الإعلام. حيث تعتمد جميع وسائل الإعلام الخاصة – وبعض وسائل الإعلام العامة – على الإعلانات لتحقيق الربح[5].

ولملكية وسائل الإعلام يوجد نوعان:

1- ملكية خاصة: حيث تكون الشركات مملوكة لأفراد أوعائلات.

2- ملكية عامة: حيث تكون الوسيلة الإعلامية مملوكة للدولة أو لمؤسسات عامة.[6]

ملكية وسائل الإعلام وحرية الصحافة

في ديسمبر من العام 1766، أقر البرلمان السويدي تشريعًا يُعرف الآن بأنه أول قانون في العالم يدعم حرية الصحافة وتداول المعلومات، والذي ألغي آنذاك دور الحكومة السويدية في رقابتها على المطبوعات، وسمح بنشر الأنشطة الرسمية للحكومة على الملأ. يعد القانون منذ ذلك الحين حجر الزاوية للديمقراطيات في جميع أنحاء العالم. وأصبح الهدف منه هو قدرة المواطنين على التعبير عن المعلومات ونشرها دون خوف أو رهبة من الانتقام.   

لم يكن من الممكن أن تظهر فكرة أن الصحافة يجب أن تكون حرة إلا بعد أن أصبحت الصحافة صناعة لها قواعدها. ففي القرن الخامس عشر أدى اختراع الطباعة الآلية إلى انتشار الكتب والصحف والمطبوعات الأخرى التي نشرت الأفكار بشكل أسرع من أي وقت مضى. ومع ذلك، قامت بعض السلطات السياسية والدينية بقمع المنشورات التي اعتبروها سببًا فى زعزعة الرأي العام حينها.[7]

تختلف القوانين التي تحكم وسائل الإعلام بشكل كبير من بلد إلى آخر. واحدة من أصعب القضايا التي تواجهها جميع الحكومات هي مدى حرية وسائل الإعلام والسيطرة عليها. والمحتوي الذي يجب نشره، ومن الذي له سلطة اتخاذ القرار. لا يوجد نظام إعلامي في العالم خالٍ تمامًا من أي رقابة من نوع ما. فغالبًا ما تضع جميع الأنظمة الإعلامية لوائح تنظيمية لنشر الأخبار.[8]

المراجع:

(1)unesco
(2) أندريا إل برِس وبروس إيه ويليامز، كتاب: مقدمة إلى بيئة الإعلام الجديدة، ترجمة: أحمد شكل، 2017.
(3)revisesociology
,(6), (4)studysmarter
(5)aceproject
(7)britannica
(8)sciencedirect

كيف يمكن للنماذج المناخية أن تخبرنا بمستقبل المناخ؟

هذه المقالة هي الجزء 14 من 18 في سلسلة مقدمة في تغيرات المناخ وتأثيراتها البيئية

في عام 1922، اقترح عالم الفيزياء البريطاني لويس فراي ريتشاردسون، في كتابه التنبؤ بالطقس بواسطة العملية العددية، طريقة جديدة للتنبؤ بالطقس باستخدام المعادلات التفاضلية، من خلال تصويرالغلاف الجوي على أنه شبكة من الخلايا العنكبوتية.

تم تناول أفكار ريتشاردسون في الأربعينيات من القرن الماضي عندما ابتكر العلماء في جامعة بنسلفانيا جهاز الكمبيوتر والذي قاموا على أثره ببناء تطبيق لمعرفة التوقعات الجوية. وفي أواخر الستينات من القرن الماضي طور الباحثون أول نموذج مناخي يمكن من خلاله توقع أنماط الطقس. إذًا فكيف يمكننا توقع التغيرات المستقبلية في نظام المناخ بواسطة النماذج المناخية؟.[1]

ما هي النماذج المناخية؟

نموذج المناخ هو عبارة عن مجموعة من الأنظمة المصممة  لمحاكاة مناخ الأرض لفهم سلوكه والتنبؤ به. والتي تعتمد إلى حد كبير على مجموعة من المعادلات الرياضية التي تستند إلى مجموعة من  القوانين الفيزيائية، التي تحكم نشاط الغلاف الجوي والمحيطات وتفاعلاتها مع أجزاء أخرى من نظام مناخ الأرض.[2]

لماذا يستخدم العلماء النماذج المناخية؟

يستخدم العلماء النماذج المناخية لفهم أنظمة الأرض المعقدة، حيث تسمح لهم هذه النماذج بإختبار الفرضيات واستخلاص النتائج بشأن أنظمة المناخ في الماضي والمستقبل. كما يمكن أن تساعد هذه النماذج في تحديد ما إذا كانت أنماط الطقس المتغيرة كالعواصف والفيضانات ناتجة عن التغيرات المناخية، أم أنها جزء من النظام المناخي الطبيعي.[3]

لفهم الأسباب الكامنة وراء التغيرات المناخية، يحتاج العلماء إلى إجراء تجارب. لنفترض أن عالم المناخ لديه فضول لمعرفة ما يمكن أن يحدث إذا احتوي المحيط الهادئ على ضعف كمية الملح الموجودة به، ففي حالة إذا ما قام بإطلاق العنان لأطنان من الملح في قاع المحيط فقد تكون العواقب وخيمة، ولكن بدلًا من ذلك يقوم العلماء بإنشاء نسخة حاسوبية من الأرض مبنية على الكمبيوتر يمكن من خلالها إجراء التجارب لمعرفة ما سيكون عليه مناخ الأرض في المستقبل.[4]

يعتمد العلماء في فهمهم لأنظمة الأرض على أحد الأنواع الثلاثة الشائعة للنماذج المناخية البسيطة، وهي:

1- نماذج توازن الطاقة: والتي تساعد على التنبؤ بالتغيرات المناخية اعتمادًا على ميزانية طاقة الأرض، حيث يستخدم العلماء معادلة تمثل كمية الطاقة الواردة مقابل الصادرة، ثم يأخذ العلماء هذه المعادلة ويضعونها في نماذج مربعة تمثل جزء من الأرض داخل شبكة ثلاثية الأبعاد، للتعبير عن المناخ في منطقة أو قارة.

 2- نماذج التعقيدات الوسيطة: تتشابة إلى حد كبير مع نماذج توازن الطاقة ولكنها تشمل العديد من الهياكل الجغرافية للأرض كاليابسة والمحيطات والجليد، وتسمح هذه النماذج بقياس تفاصيل أقل من حيث الزمان والمكان عن نماذج توازن الطاقة، لذا فهي  تستخدم في قياس التغيرات ذات الترددات المنخفضة في نظام مناخ الأرض، كالتقلبات الجليدية، وتيارات المحيطات، والتغيرات التي تحدث في الغلاف الجوي.

3- نماذج الدوران العامة: تعد من أكثر النماذج تعقيدًا وأكثرها دقة لفهم نظام مناخ الأرض والتنبؤ بأي تغيرات تحدث فيه. تتضمن هذه النماذج معلومات تتعلق بكيمياء الغلاف الجوي ونوع الأرض ودورة الكربون ودوران المحيطات والتركيب الجليدي للمنطقة المعزولة. يعتبرهذا النموذج من أكثر النماذج تعقيدًا نظرًا لأنه يتطلب قدرًا أكبر من الوقت والذي قد يستغرق عدة أسابيع لتشغيل كل محاكاة.[5]

كيف تعمل؟

خلال النماذج المناخية يتم تقسيم سطح الأرض إلى شبكة ثلاثية الأبعاد من الخلايا، تغطي عدة مناطق من العالم، تستخدم في كل خلية مجموعة من القوانين الفيزيائية والكيميائية لمحاكاة حركة الهواء والماء والطاقة،  ويحدد حجم الخلية دقة النموذج فكلما كان حجم خلايا الشبكة أصغر، كلما كانت التفاصيل الموجودة في النموذج أكثر دقة.[6]

ماذا يمكن أن تخبرنا به النماذج المناخية عن الماضي والمستقبل؟

لعقود عدة، كان العلماء يجمعون بياناتهم عن المناخ بإستخدام النوى الجليدي والأشجار والشعاب المرجانية، والتي اكتشفوا من خلالها تفاصيل الماضي كالنشاط البشري، والتغير في درجات الحرارة، لكن يعتمد العلماء حاليًا على النماذج المناخية لتعميق فهمهم لمناخ الأرض، إضافة إلى اعتمادهم على البيانات المناخية السابقة التي تساعدهم على تقييم الفرضيات حول التغييرات المناخية المستقبلية.

ما مدى دقة النماذج المناخية؟

نظرًا لأن العالم لا يستطيع الانتظار عقودًا لقياس دقة تنبؤات النماذج المناخية، يختبر العلماء دقة النماذج بإستخدام الأحداث الماضية. وعلى الرغم من وجود قدر ضئيل من عدم اليقين، إلا أن العلماء يجدون أن النماذج المناخية الحالية دقيقة للغاية لأنها تستند إلى مبادئ فيزيائية راسخة لعمليات نظام الأرض.

لماذا النماذج المناخية مهمة؟

تساعد النماذج المناخية على فهم نظام المناخ في الماضي والحاضر والمستقبل، وبالتالي فهي تجعلنا أكثر فهمًا لأنظمة الأرض.

من الممكن أن تساعد التنبؤات والنتائج في معرفة الطرق والأساليب التي يمكن من خلالها التخفيف من تأثير التغيرات المناخية، كما أنها تساعد صانعي القرارات على تحديد القضايا البيئية ذات الأولوية بناءًا على الأدلة العلمية.[7]

المصادر

discovermagazine(1)

(2)rmets

(7),(5),(3)climate

(4)frontiersin

(6)climate.gov

لماذا يهدد تلوث الهواء حياة الملايين الآن؟

سبعة ملايين شخصًا حول العالم يفقدون حياتهم كل عام نتيجة لتلوث الهواء، ووفقًا لتقرير منظمة الصحة العالمية فإن تسعة من كل عشرة أشخاص يتنفسون هواءًا ملوثًا،[1] ويعد تلوث الهواء واحدًا من أكبر عوامل الخطر للموت المبكر في العالم، إذ يعاني أولئك الذين يعيشون في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل أكثر من غيرهم، [2] ووفقًا لأحدث تقرير عن حالة الهواء العالمي والصادر في عام 2019  فإن ما يقرب من 4.5 مليون شخص فقدوا حياتهم نتيجة لتعرضهم لهواءًا ملوثًا.

الضباب الدخاني والسخام

هذان هما أكثر أنواع تلوث الهواء انتشارًا، يحدث الضباب الدخاني عندما تتفاعل الانبعاثات الناتجة عن احتراق الوقود الأحفوري مع ضوء الشمس، كما يتكون السخام من جزيئات صغيرة من المواد الكيميائية أو الدخان أو الغبار أو المواد المسببة للحساسية والتي تكون على شكل غاز أو مواد صلبة ويتم حملها في الهواء.

يمكن أن يؤدي الضباب الدخاني إلى حدوث العديد من الأعراض كتهيج العينين والحلق وإلحاق الضرر بالرئتين، خاصةً بين الفئات العمرية الخاصة كالأطفال وكبار السن، أوالأشخاص الذين يعملون أو يمارسون الرياضة في الهواء الطلق. بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من الربو أو الحساسية، فمن الممكن أن تؤدي هذه الملوثات إلى زيادة حدة الأعراض، أوحدوث نوبات الربو.

وبشكل خاص تعتبر أصغر الجزيئات المحمولة في الهواء في السخام ، سواء كانت غازية أو صلبة، خطيرة للغاية، لأنها يمكن لها أن تخترق الرئتين ومجرى الدم وتؤدي إلى تفاقم التهاب الشعب الهوائية، وتؤدي إلى نوبات قلبية،. ففي عام 2020 ، أظهر تقرير صادر عن كلية الصحة العامة بجامعة هارفورد أن معدلات الوفيات الناجمة عن فيروس كورونا في المناطق التي يزيد فيها تلوث السخام كانت أعلى منها في المناطق التي يقل فيها التلوث قليلًا، مما يدل على وجود علاقة بين الموت والتعرض طويل الأمد للجسيمات.[3]

ملوثات الهواء الخطرة

يشكل عدد من ملوثات الهواء مخاطر صحية خطيرة، والتي من الممكن أن تكون قاتلة في بعض الأحيان،  ومن أكثرها شيوعًا الزئبق والرصاص والديوكسينات والبنزين، فعلى سبيل المثال يمكن أن يسبب البنزين المصنف على أنه مادة مسرطنة من قبل وكالة حماية البيئة، تهيج العينين والجلد والرئتين وذلك على المدى القصير ومن الممكن أن يسبب اضطرابات الدم وذلك على المدى الطويل.

يمكن أن تؤثر الديوكسينات، الموجودة بكميات صغيرة في الهواء، على الكبد وتضر بالجهاز المناعي  العصبي والغدد الصماء، كما يهاجم الزئبق الجهاز العصبي المركزي.

وبالنسبة للرصاص فمن الممكن أن يؤدي إلى تدمير أدمغة الأطفال، وحتي التعرض إلى الحد الأدني منه من الممكن أن يؤثر على معدل ذكاء الأطفال وقدرتهم على التعلم.

الهيدروكربونات العطرية متعددة الحلقات هي واحدة من المركبات السامة والتى تنتج عن عوادم المركبات ودخان حرائق الغابات، ومن الممكن أن تؤدي إلى تهيج العينين والرئة ومشاكل الدم والكبد وحتي السرطانات، ففي إحدى الدراسات أظهرت النتائج أن أطفال الأمهات المعرضات لمركبات الهيدروكربونات أثناء الحمل، أكثر عرضة لاضطرابات فرط الحركة ونقص الانتباه.[4]

حقائق وأرقام

تشير نتائج إحدي الدراسات التي نشرت بمجلة “ذا لانسيت” إلى أن ثاني أكسيد النيتروجين يتسبب في حدوث ما يقدر بنحو 1.8 مليون حالة إصابة بربو الأطفال سنويًا، وخاصة في المناطق الحضرية، كما أشارت إلى أن الهواء النظيف يجب أن يكون جزءًا مهمًا من الاستراتيجيات التي تهدف إلى الحفاظ على صحة الأطفال.

ووفقًا لاحدى الدراسات التي نشرت بمجلة أبحاث البيئة فإن التعرض للجسيمات الدقيقة كان مسؤولًا عن حوالي 8.7 مليون حالة وفاة على مستوي العالم وذلك خلال عام 2018.[5]

تلوث الهواء وتغير المناخ

يؤدي تلوث الهواء بغاز ثاني أكسيد الكربون وغازات الدفيئة الأخرى إلى حدوث موجات الحر الشديدة والقاسية والتي تؤدي إلى زيادة الوفيات في بعض الأحيان كما تتسبب في انتشار الأمراض والآفات.

وبحسب المجلس القومي للبحوث فإنه لا بد من اتخاذ خطوات أولية للتقليل من كمية غازات الدفيئة، كما أوضح المجلس النرويجي للاجئين أنه كلما أسرعت الجهود للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري كلما قلت المخاطر التي يشكلها تغير المناخ.[6]

المراجع

(1),(3)nrdc

(2)who

(4)sciencedirect

(5)thelancet

(6)epa

مدن تحت الماء .. كيف يهدد تغير المناخ المدن الساحلية؟

هذه المقالة هي الجزء 12 من 18 في سلسلة مقدمة في تغيرات المناخ وتأثيراتها البيئية

على ارتفاع أقل من 5 أمتار، فإن حوالي 250 مليون شخصًا حول العالم يعيشون على طول سواحل البحار والمحيطات، لكن بفضل الزيادة المستمرة في ارتفاع مستوي سطح البحر بسبب التغيرات المناخية فإن حياة هؤلاء الأشخاص معرضة للخطر.[1] ووفقًا لتقرير الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي، فإن ارتفاع مستوى سطح البحر يهدد مناطق الأرض المنخفضة حيث تضاعف مستوى سطح البحر من 0.06 بوصة  إلى 0.14 بوصة من عام 2006 إلى عام 2015.[2]

كيف تغير مستوى سطح البحر؟

على مدار الـ 150 عامًا الماضية، تم إجراء قياسات منتظمة للمد والجزر في الموانئ في جميع أنحاء العالم، وذلك لمعرفة مقدار التغير في مستوى سطح البحر، وتظهر المعلومات التي تم جمعها أنه منذ عام 1850، ارتفع مستوى سطح البحر بمقدار 20 سم حول العالم[3].

لماذا يتغير ارتفاع مستوي سطح البحر؟

يرتبط التغيير في ارتفاع مستوي سطح البحر بثلاثة عوامل أساسية، وكلها ناتجة عن تغير المناخ وهي كالتالي:

1- التمدد الحراري

عندما ترتفع درجة حرارة الماء في البحار والمحيطات فإنه يتمدد. ويُعزى الارتفاع المستمر في مستوي سطح البحر خلال الـ 25 عامًا الماضية إلى احتلال المحيطات الأكثر دفئًا مساحة أكبر.

2- ذوبان الأنهار الجليدية

خلال فترات الصيف تذوب القليل من التكوينات الجليدية الكبيرة كالأنهار الجليدية بشكل طبيعي. لكن في الآونة الأخيرة، أدى الارتفاع المستمر في درجات الحرارة الناتج عن الاحتباس الحراري إلى ذوبان أكبر من المتوسط. إضافة إلى أن تأخر فصول الشتاء يؤدي إلى تساقط كميات أقل من الثلج، وبالتالي تحدث حالة من عدم التوازن ويرتفع مستوي سطح البحر في النهاية.

3- فقدان الصفائح الجليدية في جرينلاند وأنتاركتيكا

كما هو الحال مع الأنهار الجليدية الجبلية، فإن الزيادة في درجات الحرارة تتسبب في ذوبان الصفائح الجليدية الضخمة التي تغطي جرينلاند والقارة القطبية الجنوبية بسرعات أكبر، ويعتقد العلماء أن المياه الذائبة من أعلى الصفائح الجليدية ومياه البحر المتسربة تحتها، من الممكن أن تعمل على تزييت مجاري الجليد ويتسبب في تحركها بسرعة أكبر في البحر.[4]

إلى أي مدى يمكن أن يرتفع مستوى سطح البحر؟

بسبب الاحتباس الحراري، فإن التمدد الحراري للمحيطات وذوبان الأنهار الجليدية سيلعبان دورًا في ارتفاع مستوى سطح البحر في المستقبل. وتأتي أكبر مساهمة ممكنة في ارتفاع مستوى سطح البحر من الصفائح الجليدية الكبيرة الموجودة في جرينلاند وغرب وشرق أنتاركتيكا. إذا ذابت هذه الصفائح الجليدية تمامًا، فسيرتفع مستوى المحيطات حوالي 7 أمتار في جرينلاند، و 5 أمتار في غرب أنتاركتيكا، و 53 مترًا في شرق أنتاركتيكا.

هل تغير مستوى سطح البحر في الماضي؟

لقد تغير مستوى سطح البحر بشكل طبيعي في الماضي. ويرجع ذلك في الغالب إلى نمو وذوبان الصفائح الجليدية الكبيرة خلال العصور الجليدية قبل نحو 20 الف عام. خلال ذروة العصر الجليدي الأخير كان مستوي سطح البحر أقل بحوالي 120 مترًا مما هو عليه اليوم. لكن حدثت عدة نوبات من الارتفاع السريع في مستوي سطح البحر. فمنذ حوالي 14 ألف عام قفز معدل ارتفاع مستوي سطح البحر بمقدار 3 سم بسبب ذوبان الغطاء الجليدي الذي أحدثه تغير المناخ في ذلك الوقت. كما أن الفترة ما بين العصور الجليدية شهدت ارتفاع في مستوي سطح البحر بما لا يقل عن 6 أمتار مما هو عليه اليوم.

كيف سيتغير مستوى سطح البحر في المستقبل؟

بسبب الارتفاع المستمر في درجات الحرارة الناتجة عن الاحتباس الحراري، فإن العلماء على يقين تام من أن مستوى سطح البحر سيستمر في الارتفاع خلال العقود القادمة، حيث ستذوب الأنهار والصفائح الجليدية.[5].

ووفقًا لتقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ فإنه من المتوقع أن يرتفع منسوب مياه المحيطات بمقدار من 26 إلي 77 سم بحلول عام 2100[6]. وأشارت نتائج إحدي الأبحاث إلى التسارع في ارتفاع مستوي سطح البحر، ومن المتوقع أن يرتفع بمقدار قدم واحدة بحلول عام 2050.[7]

الآثار

للزيادة المستمرة في مستوي سطح البحر آثار مدمرة، ففي المدن الساحلية يمكن أن يؤدي ارتفاع مستوي سطح البحر إلي زيادة وقوع الأعاصير والعواصف. ووجدت إحدي الدراسات أنه بين عامي 1963 و 2012 ، كانت الأعاصير السبب في فقدان ما يقرب من نصف الوفيات. كما أن الفيضانات تجبر الذين يعيشون في مناطق ساحلية منخفضة على الهجرة إلى مناطق مرتفعة.[8]   

وفي المناطق الزراعية الموجودة بالقرب من الساحل، يمكن أن تؤدي الفيضانات البحرية إلى تلويث التربة بالملح، مما يجعلها أقل قدرة على إنتاج ونمو المحاصيل. في بعض الأحيان قد تختلط المياه المالحة بالمياه العذبة وبالتالي تقل كميات المياه الصالحة للشرب.[9]

التكيف مع التهديد

نتيجة لهذه المخاطر، تخطط العديد من المدن الساحلية لوضع تدابير من شأنها التكيف مع التوقعات طويلة الآجل لارتفاع مستوي سطح البحر. والتي غالبًا ما تكون بناء جدران بحرية وحواجز، أو زراعة أشجار المانغروف أو غيرها من النباتات لامتصاص المياه. ففي جاكرتا على سبيل المثال سيهدف مشروع لحماية المدينة على بناء جدار بحري يبلغ ارتفاعه 80 قدمًا، بقيمة 40 مليار دولار.

ويشير العلماء إلى أن المدى الذي تعمل فيه البلدان معًا للحد من إطلاق المزيد من غازات الدفيئة قد يكون له تأثير كبير على سرعة ارتفاع البحار ومقدارها.[10]

المراجع

(1),(9),(5)(3)frontiersin
(2)climate
(4),(10)(8)nationalgeographic
(6)ipcc
(7)noaa

كيف تنشر غرف الصدى الإعلامية المعلومات المضللة؟

هذه المقالة هي الجزء 6 من 7 في سلسلة 7 قضايا إعلامية لا يسعك جهلها

أحدثت الشبكات الاجتماعية ثورة هائلة في كيفية وصولنا إلى المعلومات والبحث عنها، ولكن هل تساءلت يومًا لماذا يمكن لشخصين البحث عن نفس الشيء عبر الإنترنت والحصول على نتيجتين مختلفتين تمامًا؟، يرجع علماء الإجتماع السبب وراء ذلك إلى غرف الصدى الإعلامية وفقاعات التصفية التي تحول دون وصولنا إلى المعلومات، والخوارزميات التي تروّج  للمحتوى بناء على سلوكنا البحثي، مما يقلل من حريتنا في الحصول على المعلومات ومواجهة الأفكار الجديدة.[1]

ماذا نعني بغرف الصدى وفقاعات التصفية؟

ربما تكون قد سمعت من قبل عن مصطلحي “غرف الصدى” و “فقاعات التصفية”، إلا أن المصطلحين يختلفان عن بعضها البعض حيث تعرف “غرف الصدي” بأنها البيئة التى نواجه فيها المعلومات والآراء التي تعكس وتعزز آرائنا، أما “فقاعات التصفية” فهي المساحة  التي يؤثر فيها سلوكنا كالبحث والإعجابات والمشاركات على ما نراه عبر الإنترنت.[2]

أين توجد غرف الصدي؟

توجد غرف الصدى في أي مكان يتم فيه تبادل المعلومات والأفكار والآراء، سواء أكان ذلك عبر الإنترنت أو في الحياة الواقعية. لكن على الإنترنت توجد غرف الصدي بشكل أكبر، فيمكن لأي شخص تقريبًا العثور على أشخاص متشابهين معه في التفكير ووجهات النظر.[3]

غالبًا ما نشعر بالراحة في غرف الصدى، لأنها مليئة بالأشخاص الذين يفكرون بشكل مشابه لنا، في بعض الأحيان يمكن أن تساعد غرف الصدي الإعلامية في نشر الأخبار الكاذبة، والتي يمكن أن تنتشر بشكل أسرع حتي لو لم تكن صحيحة.[4]، كما أن غرف الصدى تعمل على تشويه منظورنا ورؤيتنا للعالم مما يجعل فهم وجهات النظر المتعارضة أكثر صعوبة.[3]

كيف تعزلك فقاعات التصفية؟

عند بحثك على أحد مواقع الويب، فإنك تعتقد أنك قد حصلت على نفس المحتوى الذي قد يحصل عليه شخص آخر. ولكن في الحقيقة الأمور ليست كذلك، حيث تتعقب الخوارزميات كل ما تريد النقر فوقه، وتمنحك المحتوى بناءً على سلوكك عبر الأنترنت، وتستمر في القيام بذلك حتى تعرض لك المحتوى الذي من المحتمل أن تستهلكه بشكل أساسي.

عندما تضعك الخوارزميات في فقاعات التصفية فهذا يعني أنها قد عزلتك عن المعلومات ووجهات النظر التي لم تبد اهتمامك بها بالفعل، وبالتالي فإنك تفقد معلومات مهمة،على سبيل المثال قد يعمل أحد مواقع التواصل الاجتماعي على إخفاء منشورات أصدقاء لهم وجهات نظر مختلفة، أو قد يعرض لك موقع إخباري مقالات يعتقد أنك ستنحاز إليها.

في كثير من الأحيان قد لا تدرك حتى أنك في فقاعة تصفية لأن هذه الخوارزميات لا تطلب الإذن منك، أو تخبرك بنشاطها، أو تقول لك ما تخفيه عنك. في الواقع لقد أصبحت الخوارزميات جزءًا من الإنترنت ككل، وإذا كنت تريد الاتصال به، فإن تجنبها يكاد يكون مستحيلًا.[5]

التحيز التأكيدي وغرف الصدي

 يعرف التحيز التأكيدي بأنه تفضيل الأفكار والمعتقدات التي يتبناها الشخص والتي تعبر عن وجهة نظره. تعمل غرف الصدى الإعلامية على إدامة ما يسميه علماء النفس بالتحيز التأكيدي، أي الميل إلى تفضيل المعلومات التي تعزز معتقداتنا، و لسوء الحظ ، جميعنا لدينا التحيز التأكيدي، فغالبًا ما نقرأ الأخبار التي تؤكد ما نفكر فيه بالفعل كما أننا نصدق القصص التي تدعم أفكارنا، وبالمثل قد نتجاهل القصص الإخبارية التي تقدم آراء ووجهات نظر متعارضة مع أفكارنا.[6]

كيف يمكنك تجنب  غرف الصدى؟

1-تحقق من المعلومات من مصادر متعددة: يساعدك التحقق من المعلومات من مصادر متعددة على اكتشاف المعلومات المتناقضة والتعامل معها والبقاء على الإطلاع حول ما هو جديد. فالمعلومات التي تنشر على مواقع حسنة السمعة من المرحج أن تكون أكثر دقة من المعلومات التي تنشر في المواقع ذات الأخبار المضللة.

2- تقبل وجهات النظر مختلفة والتعامل معها: يعد الاختلاف مع الآخرين جانبًا طبيعيًا من جوانب الحياة البشرية. في الواقع تفتح الخلافات بابًا للتعلم وهي أساس البحث. لا حرج في الاختلاف مع شخص ما، ولكن احرص على الاستماع إلى حجته والتحقق من الحقائق التي تسردها.

3-تقييم المعلومات: الحقائق هي جانب حيوي للأخبار، وبدونها سوف يتولد لدينا جوانب الشك. وبالتالي فإن تقيمك للمعلومات بناء على الحقائق الواردة فيها، يعد جانبًا مهمًا بالنسبة لك لتجنب غرف الصدي.

4- سلح نفسك بمهارات التفكير النقدي.[7]

وأخيرًا يمكنك الهروب من غرف الصدى من خلال التطلع إلى وجهات النظر الأخرى، ليس عليك بالضرورة الحصول على رأي مخالف تمامًا لرأيك، وفي بعض الأحيان قد يؤدي ذلك إلى نتائج عكسية ويعيدك إلى غرفة الصدى.[8]

المراجع

(1)france24
(6),(8),(4),(2)bbc
,(5),(3)https://edu.gcfglobal
(7)socialmedia

Exit mobile version