كيف غيّر طب النانو من شكل حياتنا وكيف سيغير مستقبلنا؟

يعني طب النانو اليوم الكثير لمستقبل الطب، فهو يمنح الأطباء القدرة على الكشف المبكر عن الكثير من الأمراض ويزيد من دقة المعلومات التشخيصية ويساعد بتسريع العلاج وجعله أكثر فعالية. إذ يعد أداة رئيسية للطب المتخصص والموجه والتجديدي.

يتوقع العلماء أن يؤدي طب النانو قريبا إلى العديد من الاكتشافات المثيرة والتطبيقات المهمة طبيا. فما هو طب النانو؟ وما هي أنواعه، وتطبيقاته، وتحدياته؟

ما هو طب النانو؟

يعرف التطبيق الطبي لتقنيات النانو ضمن مجال الرعاية الصحية باسم “طب النانو”. وتُسخر في طب النانو تقنيات النانو للوقاية من الأمراض المختلفة، وتشخيصها ومراقبتها وعلاجها بطرق أكثر فعالية [1]. كما يصنع العلماء مواد وأجهزة تعمل ضمن الجسم على المستوي الذري أو الجزيئي مما يسمح بنتائج محددة الهدف ومحدودة الآثار الجانبية [2].

أنواع طب النانو

  • التشخيصي: وفيه تستخدم تقنيات النانو لتحسين جودة أجهزة ومعدات التشخيص الطبي. فمثلًا يمكن للجسيمات النانوية أن تعزز تقنيات كالتصوير بالأمواج فوق الصوتية والرنين المغناطيسي لإنتاج صور أكثر وضوحًا [2].
  • العلاجي: وفيه تستخدم تقنيات النانو لتحسين جودة وفعالية العلاج الطبي، فالجسيمات النانوية صغيرة بما يكفي ويمكن التحكم بها لإرسال الأدوية إلى مكان محدد من الجسم، مما يزيد فعالية العلاج ويقلل آثاره الجانبية. ويدرس العلماء حاليًا إمكانية تطوير علاجات فردية مصممة خصيصًا لجينات المريض فيما يعرف باسم “الطب الشخصي”[2].
  • طب النانو الوقائي: وفيه يمكن الاستفادة من الجسيمات النانوية ضمن اللقاحات لتحفيز الجهاز المناعي على إنتاج أجسام مضادة للفيروسات [2].
  • الطب التجديدي: يتم حاليا بالفعل استخدام جزيئات تسمى بالأنابيب النانوية الكربونية لإصلاح النسج التالفة. ويتوقع في المستقبل أننا سنتمكن من إعادة إنماء الأعصاب المتضررة وتجديدها. وكذلك قد نتمكن مع استخدام هياكل نانوية محددة ومناسبة من إصلاح خلايا الجلد البشري والعظام والعضلات وإعادتها للعمل [2].

بعض تطبيقات طب النانو اليوم وآفاقها المستقبلية

  1. استخدم طب النانو في تطوير لقاحات COVID-19، إذ تعد الجسيمات النانوية عنصرًا أساسيًا في لقاحات شركتي فايزر (PFIZER) وموديرنا (MODERNA). وتستخدم هذه اللقاحات رنا الرسول mRNA لتطوير مناعة ضد فيروس COVID-19. لكن يعرف الرنا الرسول بانهياره السريع، لذا احتاج العلماء لشيء يحمله لداخل الجسم قبل أن ينهار. ولهذا قام العلماء بوضعه داخل الجسيمات النانوية التي توصله للخلايا المناعية حيث يمكنه القيام بعمله. وتعتبر أكثر منتجات الطب النانوي اليوم هي أنظمة إيصال الدواء إلى مناطق محددة داخل الجسم. وقد سجل لقاح فايزر القائم على الجسيمات النانوية 90% فعالية للوقاية من فيروس كورونا بعد 7 أيام فقط من تلقي الجرعة الثانية [5].
  2. علاجات السرطان بطرق أكثر فعالية وأعراض جانبية أقل. نعلم أن العلاج الكيميائي يوصل أدوية مكافحة الخلايا السرطانية للخلايا كلها دون تمييز، مما ينتج آثارًا جانبية قد تؤدي للغثيان وتساقط الشعر وغيرها. ولكن سمح طب النانو للعلماء والأطباء بتوجيه العلاج نحو الخلايا السرطانية دون الخلايا السليمة. مما قلل كثيرًا من الآثار الجانبية ولا زالت الأبحاث تتطور يوميًا في هذا المجال.
  3. يستخدم الرنين المغناطيسي لإنتاج صور تشريحية للجسم والأعضاء والنسج، وتستخدم عادة مواد تباين تحقن عبر وريد المريض لتجعل الصور والتفاصيل ضمنها أكثر وضوحًا. إلا أنه مؤخرًا قدمت جسيمات النانو الفلورية تباين أفضل بكثير من مواد التباين التقليدية.
  4. يعتبر إيصال الدواء إلى الدماغ معضلة بسبب وجود الحاجز الدموي الدماغي الذي يمنع مرورها. ولكن مؤخرًا استطاعت الجسيمات النانوية بسبب حجمها الصغير عبور الحاجز الدموي الدماغي. مما يقدم وعودًا كبيرة لعلاجات أورام المخ والسكتات الدماغية والتهاب السحايا ومرض ألزهايمر.
  5. تحتوي العين أيضًا على حواجز لحمايتها من المواد الغريبة مما يجعل إيصال الدواء لهدفه عملية صعبة. وسيقدم طب النانو طرق فعالة لإيصال الدواء لهدفه في العين أيضًا. مما يساعد في علاج الملتحمة وإعتام عدسة العين وإصابات القرنية والتنكس النقعي والزرق.
  6. إصلاح إصابات الحبل الشوكي. إذ يمكن أن تساعد المواد النانوية أيضا الجسم في إصلاح تلف الأعصاب. ويسعى الأطباء إلى استخدام سقالات نانوية توجه نمو الأنسجة العصبية الجديدة.
  7. يمكن باستخدام تقنية النانو أن نقلل من عدد مرات أخذ الجرع الدوائية وحجم الجرعة، فمثلا يتطلب العلاج الحالي للضمور البقعي المرتبط بالعمر AMD حقن شهري في العين ضمن العيادة ولكن مع استخدام الجسيمات النانوية يمكن تقليل وتيرة الحقن إلى مرة كل ستة أشهر إذ تحمي الجسيمات النانوية الدواء من الجسم وتجعل تحلله أبطأ وتوصله مباشرة للهدف فيساعد ذلك بالحد من حجم الجرعة[1] .
  8. يأمل العلماء أن يتمكنوا مستقبلا باستخدام تقنية النانو من تطوير أجهزة مزروعة كناظمات الخطى والشبكات القلبية ورقائق وأجهزة استشعار صغيرة ترسل البيانات للطبيب المراقب عن بعد.
  9. التشخيص والكشف المبكر عن الأمراض من خلال مراقبة العلامات الحيوية التي تظهر على مستوى الخلية أو في الجسم في لحظة معينة. فمثلا يعتبر ارتفاع كوليسترول الدم علامة حيوية مبكرة لمرض القلب إذا اكتشف مبكرًا. وتعتبر الجسيمات النانوية أكثر حساسية لهذه العلامات ويمكن أن تعطي نتائج وقياسات أكثر دقة، بالتالي تتيح إمكانية التشخيص المبكر.

الأدوية النانوية في الأسواق

دخلت الأدوية النانوية بنجاح في الممارسات السريرية على مدى العقود الماضية بالفعل. وأدى التطور المستمر في البحوث الصيدلانية لخلق أبحاث أكثر تعقيدًا دخلت في مراحل التجارب السريرية [4]. فلدى طب النانو في الوقت الحاضر مئات المنتجات في مرحلة التجارب السريرية والتي تغطي جميع الأمراض الرئيسية بما في ذلك أمراض القلب والأوعية الدموية والتنكس العصبي والعضلات الهيكلية والالتهابات. ويمتلك طب النانو بالفعل ما يقارب 80 منتجًا مسوقًا بدءًا من التوصيل النانوي والمستحضرات الصيدلانية إلى التصوير الطبي والتشخيص والمواد الحيوية [3].

في الاتحاد الأوروبي يتكون سوق الطب النانوي اليوم من الجسيمات النانوية، والبلورات النانوية، والمستحلبات النانوية، والمركبات البوليميرية.

يوضح الجدول التالي أمثلة على الأدوية النانوية المعتمدة حاليا في الأسواق ضمن الاتحاد الأوروبي.

تحديات تواجه طب النانو

كما هو الحال مع أي تقنية متقدمة فإن الاحتمالات الواعدة التي يقدمها الطب النانوي في المستقبل يجب موازنتها مع المخاطر [4]. إذ ظهرت بعض المخاوف بشأن قضايا سلامة استخدام المواد النانوية طبياً. فالخصائص الفيزيائية والكيميائية المختلفة للمواد النانوية يمكن أن تؤدي لحرائك دوائية كالامتصاصية والتوزع والتمثيل الغذائي والتخلص منها وإمكانية عبور الحواجز البيولوجية بسهولة أكبر والسمية واستمراريتها في البيئة والجسم هي بعض من الأمثلة بشأن المخاوف من تطبيق المواد النانوية طبياً [4].

ويتم تنظيم سلامة منتجات الطب النانوي تمامًا مثل الأدوية والأجهزة الطبية، ويتم تقييمها سريريًا من حيث نسبة الفائدة / المخاطر للمرضى. ومثل أي أجهزة أو عقاقير طبية يتم مراقبة الأدوية النانوية بشكل صارم، وتتبع التوصيف الشامل وتقييم السمية والتجارب السريرية متعددة المراحل لتقييم نسبة الفائدة / المخاطر قبل إتاحتها للتداول بكامل إمكانياتها. ومع ذلك، من الأهمية بمكان إجراء فحص مسبق بعناية ومسؤولية لجميع الآثار الجانبية المحتملة على الإنسان والبيئة. وقد أقيمت العديد من المشاريع الأوروبية لتتعامل مع هذه القضايا [3].

رغم أنه في العقود الماضية، أدخلت العديد من تطبيقات طب النانو في الممارسات السريرية بالفعل، ومع ذلك لا يزال الطريق طويل نحو التنظيم الكامل لطب النانو وتطوير بروتوكولات توصيف خاصة به [4] .

ختاما، إن طب النانو يثير توقعات عالية لملايين من المرضى ومقدمي خدمات الرعاية الصحية والطبية لحلول واعدة للعديد من الأمراض بطرق أكثر فعالية وكفاءة.

تستفيد اليوم العديد من مجالات الرعاية الطبية بالفعل من المزايا التي تقدمها تقنيات النانو التي أدخلت في جميع مجالات الطب. ورغم ذلك لا تزال البشرية تحارب عددا كبيرا من الأمراض الخطيرة والمعقدة مثل ( السرطان وأمراض القلب والأوعية الدموية والتصلب المتعدد وألزهايمر وباركنسون ومرض السكري بالإضافة لأنواع مختلفة من الأمراض الالتهابية والفيروسية المعدية). لمعظم هذه الأمراض تأثير سلبي على المريض والمجتمع والأنظمة الاجتماعية والتأمينية المرتبطة به. فمن الأهمية بمكان ما مواجهة هذه الآفات بالوسائل المناسبة والتي يعتقد أن طب النانو هو الأداة الرئيسية لذلك في المستقبل القريب.

المصادر
[1]. cnm hopkins.org: what is nanomedicine?
[2]. webmd: nanomedicine what to know?
[3]. etp: what is nanomedicine?
[4]. frontiersin.org
[5]. wikipedia: لقاح فايزر بيونتك

ما هو اضطراب طيف التوحد ؟

يعد «اضطراب طيف التوحد -Autism spectrum disorder» من الاضطرابات العصبية التطورية. وتتميز تلك الاضطرابات بمجال واسع من أعراض واعتلالات تظهر في سن مبكرة من مرحلة الطفولة وتستمر مدى الحياة. ومن بينها صعوبات في التعلم والتواصل الاجتماعي وغلبة الأنماط الحركية والكلامية المتكررة إضافة إلى السلوك العدواني في بعض الحالات.

تبعًا لمنظمة الصحة العالمية فإن اضطراب طيف التوحد في مرحلة نمو مستمر بمعدل انتشار عالمي وصل إلى مريض واحد من كل 160 طفل مع شيوع أكبر بأربع إلى خمس مرات لدى الذكور منه لدى الإناث.

تأثير اضطراب طيف التوحد على الدماغ

تمت دراسة التغيرات البنيوية والوظيفية الطارئة على بنية الدماغ لدى مرضى التوحد وذلك باستخدام تقنية الرنين المغناطيسي (MRI) التي تعد من أكثر التقنيات المستخدمة في هذا المجال.

أظهرت التحاليل أنّ لدى الأطفال ما بين السنتين والخمس سنوات تطورًا غير طبيعي في تلافيف الفصين الجبهي والصدغي (الجانبي) للدماغ وكميةً أقل من المادتين الرمادية والبيضاء وحجمًا أقل للجسم اللوزي، وذلك بالمقارنة مع الأطفال السليمين من هذا الاضطراب. وفي مقارنة أخرى باستخدام الرنين المغناطيسي ثلاثي الأبعاد (3D MRI) لوحظ ازدياد في حجمي المخ والجسم اللوزي لدى الأطفال المصابين من عمر الثلاثة إلى أربع سنوات مقارنة بالأطفال السليمين من نفس العمر. (1)

تشخيص اضطراب التوحد

شهد العقد الماضي تقدمًا ملحوظًا في مجال تشخيص الاضطراب من حيث تطوير الفحوصات الكاشفة والأدوات اللازمة لها، كما تعمّق فهم العلماء في التباين الكبير للأعراض والأنماط السلوكية بين المرضى.

يتصف تشخيص مرض التوحد بالصعوبة ذلك لأنّ الطفل قد يقوم بسلوكيات معينة ناتجة عن عوامل غير مرتبطة بالاضطراب،مثل العمر والإدراك المعرفي المرتبط بالبيئة الاجتماعية التي نشأ فيها الطفل.

في أعمار معينة قد ترتبط بعض الخصائص المعروفة في التوحد باضطرابات مختلفة لذلك يتطلب إجراء التشخيص فحوص دقيقة ومنتقاة بعناية يقوم بها أخصائيين على مستوى عالي من الاحترافية وينبغي لهذه الفحوص أن تؤمن معلومات دقيقة حول مقدرات الطفل وأدائه الوظيفي العام في كل من المجالات اللغوية والمجالات غير لغوية وبالتالي توفير نقطة انطلاق حاسمة للطبيب لتحقيق أفضل النتائج الممكنة. من المهم جدًا الفصل بين تقييمات المهارات اللغوية والمهارات غير اللغوية فالعديد من الأطفال المصابين بالتوحد قد يظهرون مهارات حركية غير متوقعة إذا ما نظرنا إلى أنماطهم اللغوية المتكررة وطريقة لعبهم بالمقارنة مع أقرانهم غير المصابين.(2)

العوامل المسببة للاضطراب

لايوجد في الوقت الرهن تفسير شامل لاضطراب طيف التوحد إلا أن الدراسات الحالية ترجع الاضطراب لأسباب بيئية ووراثية، وفي دراسة مؤخرة أجريت على مرضى يابانيين اكتشف العلماء طفرتين في موقعين مختلفين من جين(DAB1) المسؤول عن إنتاج بروتين داخل خلوي يلعب دورًا أساسيًا في عمليات التموضع العصبي الصحيح والتشكل الطبقي الخلوي أثناء تطور الدماغ بالإضافة إلى دوره في وظائف التشابك العصبي والتعلم والذاكرة في دماغ البالغ.

لا يمكن اعتماد نتائج هذه الدراسة كتفسير نهائي للاضطراب. فلا بدّ من زيادة حجم العينة المدروسة لتحقيق تقييم أكثر شمولية للجين (DAB1) والجينات المتعلقة به. (3)

علاج اضطراب التوحد

للأسف لا يوجد حتى الآن أي علاج فعال وجذري لاضطراب طيف التوحد. فالطرق العلاجية الحالية والتدخلات الطبية المدروسة كلها تسعى إلى تخفيف الأعراض المعيقة وتطوير القدرات الإدراكية والمهارات الحياتية اليومية للطفل المصاب. فاكتساب مهارات اجتماعية تساعده في الاندماج والمشاركة الفاعلة في مجتمعه المحيط.

يؤثر اضطراب طيف التوحد على شخصية كل مصاب بشكل قد يختلف كثيرًا عن المصابين الآخرين فيكون لكل طفل قدراته و مشكلاته الخاصة في السلوك والتواصل والإدراك، وهذا ما يتطلب خططًا علاجية تشترك بها عائلة المريض مع الطبيب المعالج لتلبية الاحتياجات الخاصة للطفل المصاب لتحقيق أفضل نتائج ممكنة. تركز الخطط العلاجية بشكل أساسي على العلاج النفسي والسلوكي، وقد يلجأ الطبيب إلى العلاج الدوائي للتخفيف من أعراض القلق والاكتئاب ورفع مستويات الطاقة والقدرة على التركيز. بالنسبة للأطفال الأكبر عمرًا والبالغين فهناك جهود تبذَل لتطوير خطط علاجية مناسبة لهم، ذلك لأنّ الخطط الحالية وللأسف لاتحقق نتائج فعالة بالنسبة لهذه الفئة من المصابين.(4)

في الآونة الأخيرة تزايد الوعي الشعبي حول هذا الاضطراب وعواقبه، وبات المجتمع العربي أكثر تقبلًا لشريحة المصابين به، وتزايد عدد الجمعيات والجهات المعنية بحماية حقوقهم ومساعدتهم في الاعتماد على أنفسهم ليصبحوا أعضاء فاعلين ومؤثرين في مجتمعاتهم.

المصادر

1_ nature
2_ ncbi
3_ nature
4_ cdc



ما الفرق بين نزلات البرد والإنفلونزا والكورونا؟

في بداية هذا العام، ومع انتشار فيروس كورونا، ظن البعض بأن الطقس الحار كفيل بأن يقلل من حدة انتشار الفيروس، ولكن مع الأسف، بتنا متأكدين بأن تغير الفصول لا يؤثر على فيروس كورونا، وأنه لا يختفي بمجرد تعرضه لضوء الشمس أو حتى في الأجواء الحارة، والجدير بالذكر أن أعلى معدل للإصابات على مستوى العالم كانت خلال شهور الصيف وخاصة في شهر يوليو! ومع وجود أنباء عن بداية موجة جديدة وبداية قدوم فصل الشتاء وانتشار نزلات البرد وحالات الإنفلونزا؛ فالجميع يشعر بالقلق مما تحمله الأيام القادمة؛ ويتساءل عن الفرق بين نزلات البرد والإنفلونزا والكورونا؟ لكن في البداية، ربما علينا أن نعرف ما هي نزلات البرد والإنفلونزا والكورونا؟

الإنفلونزا

على الرغم من أنها تسمى الإنفلونزا الموسمية، إلا أننا يمكننا أن نصاب بها في أي وقت من السنة، ولكن وفقًا لمراكز السيطرة على الأمراض CDC فإن موسم الإنفلونزا يبدأ مع قدوم الخريف وتبلغ ذروته في الشتاء، وربما يستمر حتى إبريل أو مايو. تصيب الأطفال والبالغين على حد سواء، وربما تكون أوسع انتشارًا بين الأطفال؛ بسبب ضعف مناعتهم، وهي فيروسات تسمى (Influenza virus) تصيب الجهاز التنفسي، وهناك أربع سلالات من هذه الفيروسات و لكن الأكثر انتشارًا بين البشر هما (A، B). (١)

تنتقل العدوى عن طريق التواصل مع شخص مصاب بالإنفلونزا أو عن طريق ملامسة الأسطح الملوثة، وبالطبع يزداد تعرض البشر لها كلما ضعفت مناعة الشخص. الأطفال وكبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة هم الأكثر عرضة لها، وتظهر الأعراض من ١-٤ أيام بعد الإصابة بالعدوى، كذلك تظهر الأعراض أسرع مقارنة بالبرد أو الكورونا.

أعراض الإنفلونزا

من أشهر الأعراض المصاحبة للإنفلونزا والتي تكون غالبًا شديدة مثل: الحمى والتهاب الحلق. الإرهاق الشديد. السعال والصداع. آلام الجسد الحادة. انسداد الأنف أو سيلانه. اضطرابات المعدة والتي تكون أكثر انتشارًا بين الأطفال.

نزلات البرد

فيما يخص نزلات البرد فالعديد من الفيروسات تسببها ولكن من أشهرها (Rhinovirus)، يمكننا كذلك أن نصاب بنزلات البرد في أي وقت من السنة ولكن الذروة تكون في أوائل الخريف وعادة تكون من سبتمبر حتى نوفمبر ومن مارس حتى مايو.

أعراض نزلات البرد

أعراض البرد تتشابه مع أعراض الإنفلونزا ولكنها تكون أقل حدة منها مثل: آلام الجسد. التهاب الأذن وينتشر أكثر بين الأطفال. السعال والصداع. انسداد الأنف أو سيلانه. الحمى وتكون نادرة في حالات البرد. (٢)

الكورونا

أما الكورونا، هو من فيروسات الجهاز التنفسي أيضًا، لكنه من نوع أخر من الفيروسات وهي ( SARS-CoV). وكما أظهرت المؤشرات؛ فإنه لا يرتبط بتوقيت أو فصل معين. كما أن ظهور الأعراض تختلف من شخص لأخر، وتظهر أعراضه خلال ١٤ يوم من العدوى؛ فبعض الحالات لم تُظهر أي أعراض، والبعض الأخر أظهر أعراضًا والتي تتشابه كثيرًا مع الإنفلونزا مثل: الصداع والسعال. وآلام الجسد الحادة والحمى. ومن الأعراض التي عانى منها الكثير من المصابين بالكورونا هي فقدان حاسة الشم والتذوق. (٣)

بسبب التشابه الكبير بين الثلاثة؛ فغالبًا السؤال التالي الذي يتبادر الآن لذهنك، كيف يمكننا أن نعرف ما إذا كان هذا العَرض يخص الإنفلونزا أم البرد أم الكورونا؟ مع الأسف، ما زال العلماء يبحثون أكثر بشأن الكورونا، وبالأخص مع تشابه أعراضها مع الإنفلونزا ونزلات البرد؛ لذا التحاليل هي التي تحدد ما إذا كنت مصاب بأي منهم. في حالات البرد، غالبًا الأعراض تختفي من تلقاء نفسها خلال عشرة أيام، كما أنه يمكنك أن تستشير الصيدلي؛ ليصف لك بعض الأدوية لتخفف من الأعراض، ولكن إذا زادت الأعراض؛ توجه إلى الطبيب وسيطلب منك بعض التحاليل، سواء كانت مسحة للحلق أو مزرعة إذا ما كان هناك اشتباه بعدوى بكتيرية، وحينها ستأخذ الدواء المناسب لحالتك. في حالة الإنفلونزا،هناك اختبارات تسمى الاختبارات التشخيصية السريعة للإنفلونزا (RIDTs)، والتي تحدد وجود أي نوع من الإنفلونزا سواء كانت من نوع A ,B، وهو اختبار يستغرق ١٥ دقيقة ونتائجه ليست دقيقة تمامًا، وتكون عن طريق أخذ مسحة من الحلق أو الأنف والتي يقوم بها الطبيب. كذلك هناك اختبارات معملية كثيرة لتشخيص للإنفلونزا، من ضمنها عمل مزرعة للفيروس أو من خلال تفاعل سلسلة البلوميريز (RT-PCR). (4)

كما في حالة نزلات البرد؛ فالإنفلونزا كذلك لا يوجد لها علاج، كما أن المضادات الحيوية لا تعالج العدوى الفيروسية! هناك بعض الأدوية التي تقلل من شدة الأعراض، بالإضافة لوجود أدوية مضادة للفيروسات والتي يحددها الطبيب بناءً على كل حالة، ولكن على عكس كورونا، الأنفلونزا لها لقاحات وتؤخذ مع بداية موسم الإنفلونزا، تحديدًا في شهر أكتوبر. اللقاحات تقلل من الإصابة بها كما أنها أمنة على الأطفال والكبار، ويفضل أن يأخذها الحوامل والأطفال وكبار السن والمصابين بالأمراض المزمنة كوقاية لهم. يمكن تشخيص حالة الكورونا من خلال تحليل PCR أو (الأشعة السينية – X ray) أو من خلال تحليل الدم، وعلاجها يعتمد على تقليل حدة الأعراض.

طرق حديثة لتشخيص الكورونا

في هذه الأيام يبحث العلماء عن وسيلة فاعلة لتشخيص الفيروس في مرحلة مبكرة، حيث قام فريق من الباحثين في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا MIT بتطوير نموذج جديد من (الذكاء الصناعي- Artificial intelligence)، يُمكنهم من الكشف عن وجود الفيروس من خلال صوت السعال. أظهرت الأدلة أنه من خلال استخدام الذكاء الاصطناعي، يمكننا أن نفرق بين الأنواع المختلفة من السعال، والتي لا يمكن أن تُميزها الأذن البشرية. من خلال وضع هذا النموذج في الهواتف الذكية، يمكننا ببساطة أن نكتشف وجود الفيروس في مرحلة أبكر، وهذا النموذج سيساعد كثيرًا لأن أغلب الحالات لم تُظهر أي أعراض مصاحبة للإصابة. ما زالت الأبحاث في مرحلة التطوير، ولكنها ستكون بداية جديدة في تشخيص الفيروس باستخدام التطور الهائل في التكنولوجيا الحديثة. (5)

الكورونا بين الحاضر والمستقبل

حاليًا ومع انتشار الفيروس؛ فالأمر لا يحتمل التفكير الأفضل أن تستشير طبيبك، وأن تأخذ الإجراءات المناسبة سواء عن طريق غسل الأيدي أوارتداء الكمامة الخاصة بك أو الحرص على التباعد في الأماكن المزدحمة، وعلى قدر الإمكان حاول أن تقوي من مناعتك عن طريق تناول الأكل الصحي الغني بالڤيتامينات، وتجنب الطعام السريع وبالأخص مع دخول الجامعات والمدارس. ربما تحمل الأيام القادمة بعض التحديات الجديدة في وجود كورونا، ولكن مع الحذر والتعامل بطريقة صحيحة؛ ستكون الحالات أقل، ولا بد أن نتذكر بأن الأمرلم ينتهي تمامًا، ومع ظهور أمل اللقاح الجديد لا بد ألا ننسى حذرنا.

اقرأ أيضًا

هل سيكون فيروس كورونا أكثر خطورة في الشتاء؟

المصادر

1. Conditions, D., Warzecha, M., Press, T., Warzecha, M., Duong, D., & Press, T. (2020). Is it a cold, COVID, or the flu?. Retrieved 6 November 2020, from here.

2. Cold Versus Flu. (2020). Retrieved 6 November 2020, from here.

3. Differential diagnosis: cold, flu or COVID-19?. (2020). Retrieved 6 November 2020, from here.

4. Influenza Virus Testing Methods | CDC. (2020). Retrieved 6 November 2020, from here.

5. Nield, D. (2020). MIT Team’s Cough Detector Identifies 97% of COVID-19 Cases Even in Asymptomatic People. Retrieved 6 November 2020, from here.

Exit mobile version