الوسواس القهري والشخصية الوسواسية القهرية: اضطرابان مختلفان وتشابه مزعوم

هذه المقالة هي الجزء 16 من 19 في سلسلة رحلة بين أشهر الاضطرابات النفسية

الوسواس القهري والشخصية الوسواسية القهرية: اضطرابان مختلفان وتشابه مزعوم

بين اضطراب الوسواس القهري (Obsessive-Compulsive Disorder – OCD) واضطراب الشخصية الوسواسية القهرية (Obsessive-Compulsive Personality Disorder – OCPD) تقبع مشكلة يعاني منها المصابون، وتنعكس على محيطهم.

فما هما هذان الاضطرابان؟ وما الفرق بينهما؟ وهل هما مجرد حبّ للنظافة وتعلق بالأشياء؟ لنتعرف عليهما أكثر في هذه المقالة.

مقارنة بين الوسواس القهري والشخصية الوسواسية القهرية

تتشابه بعض من أعراض اضطراب الوسواس القهري (OCD) مع اضطراب الشخصية الوسواسية القهرية (OCPD). إذ من الممكن للأشخاص المصابين بهذين الاضطرابين أن يكونوا من ذوي الإنجازات الكبيرة والمسؤولية العالية تجاه أعمالهم. كما يظهرون انزعاجاً إذا ما تدخل غيرهم بأنماط حياتهم [3]. ولكن بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من اضطراب الوسواس القهري، تظهر لديهم هواجس وأفكار غير مرغوب بها، وتقودهم إلى تصرفات قهرية يصعب إيقافها [3]. في حين يؤمن من لديهم اضطراب الشخصية الوسواسية القهرية أن أفكارهم صحيحة. وتُصنف تصرفاتهم على أنها سماتٌ شخصية لا توجهها أفكار أو وساوس، بل هي مدفوعة بأهداف أو غايات معينة [4].

فيما يلي شرح مفصل عن كل من هذين الاضطرابين وأعراضهما وأسبابهما وطرق علاجهما.

ما هو اضطراب الوسواس القهري؟ Obsessive-Compulsive Disorder (OCD)

تعريف اضطراب الوسواس القهري

وفقاً لمؤسسة اضطراب الوسواس القهري الدولية (International OCD Foundation)، يعرّف اضطراب الوسواس القهري على أنه اضطراب في الصحة العقلية [5]. وحسب المراجعة 11 للتصنيف الدولي للأمراض (ICD-11) والصادرة عن منظمة الصحة العالمية (WHO)، يدخل هذا الاضطراب ضمن تصنيف الاضطرابات النفسية أو السلوكية أو اضطرابات النماء العصبي. ويوجد تحديداً في القسم الفرعي الخاص بالاضطرابات الوسواسية القهرية والاضطرابات المرتبطة بها. يمكن أن يعاني منه أشخاصٌ من كافة الفئات العمرية، حيث يدخل المصاب في دورة من الوساوس والتصرفات القهرية التي تكون أحياناً مرتبطة ببعضها [6].

أعراض اضطراب الوسواس القهري

كما ذُكر سابقاً، من أعراض اضطراب الوسواس القهري وجود سلسة الوساوس والتصرفات القهرية المتعلقة ببعضها. والتي تشكل حلقة متتابعة قد يصعب قطعها. لنتعرف على ماهيّة هذه الوساوس والأفعال القهرية حسب الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية – الطبعة الخامسة المنقحة (DSM-5) [7].

الوساوس

هي أفكار أو صور أو دوافع متكررة الحدوث، ولكن حدوثها غالباً ما يكون غير مرغوب به. وتتسبب بالقلق أو الضيق لمعظم الأشخاص. قد يحاول الشخص تجاهلها أو قمعها، أو على الأقل تحييدها باستخدام أفكارٍ أو أفعالٍ أخرى [7]. من أكثر هذه الوساوس انتشاراً الخوف من الجراثيم، والحاجة لتنفيذ الأمور بطريقة مثالية، وبعض الأفكار المحرّمة غير المرغوبة كتلك التي تتعلق بالدين أو بأذية النفس أو الآخرين أو العدائية تجاههم [8].

التصرفات القهرية

هي الأفعال والتصرفات المتكررة، سواء كانت جسدية أو عقلية، والتي يشعر الشخص بأنه مرغمٌ على فعلها كرد فعلٍ على الوساوس التي يشعر بها. إذ تهدف هذه التصرفات القهرية إلى تهدئة التوتر أو القلق الناتج عن تلك الوساوس. ويسعى الشخص من خلالها إلى منع أحداثٍ أو مواقف مخيفة. ولكن هذه التصرفات لا تكون مرتبطة بطريقة واقعية بالأفكار التي من المفترض أن تهدئها أو تحيدها. وفي بعض الحالات، تكون هذه الأفعال القهرية مبالغاً بها بشكل واضح [7]. من الأمثلة على التصرفات القهرية التي يقوم بها من يعاني من اضطراب الوسواس القهري غسل اليدين والاعتناء بالنظافة الشخصية بشكل مفرط، والتنظيف المبالغ به للمنزل، والترتيب بطريقة معينة، والتأكد أو التحقق من أمور عدة كأقفال الأبواب أو مفاتيح الكهرباء [9]. ومن الممكن أن تكون هذه التصرفات عقلية كتكرار كلمات محددة أو العد لرقم معين [7].

تشخيص اضطراب الوسواس القهري

قد يعاني معظم الناس من أفكارٍ وسواسية و/أو تصرفاتٍ قهرية في فترة معينة من حياتهم. ولكنّ هذا لا يعني أننا جميعاً مصابون باضطراب الوسواس القهري. ففي حالة المرض، تكون هذه الوساوس والأفعال القهرية شديدةً، وتستهلك وقتاً طويلاً من حياة الشخص، الأمر الذي يشكل عائقاً أمام ممارسته لنشاطاتٍ مهمة في حياته [5]. إذاً، هنالك معياران يجب تحققهما كي يتم تشخيص المرء باضطراب الوسواس القهري. أولهما وجود الوساوس والتصرفات القهرية، وثانيهما المبالغة بهذه الأعراض لدرجة تستهلك وقتاً طويلاً (أكثر من ساعة في اليوم) أو تسبّبُ ضيقاً أو قلقاً أو تمنع الشخص عن متابعة حياته اليومية [7].

أسباب اضطراب الوسواس القهري وعلاجه

يعتقد الأطباء وأخصائيو الصحة العقلية أن سبب اضطراب الوسواس القهري قد يكون جينياً. إذ تكشف بعض الدراسات على العائلات ارتفاع احتمال الإصابة في حال كان أحد الأقرباء من الدرجة الأولى يعاني منه. كما يمكن أن تكون عوامل البيئة المحيطة من مسببات هذا الاضطراب، كالاعتداءات الجسدية أثناء الطفولة أو التعرض لصدمات أخرى. أما عن علاجه، فمن أكثر أنواع العلاج انتشاراً استخدام الأدوية أو العلاج النفسي، أو كلاهما [8].

ما هو اضطراب الشخصية الوسواسية القهرية؟ Obsessive-Compulsive Personality Disorder (OCPD)

تعريف اضطراب الشخصية الوسواسية القهرية

هو أحد الاضطرابات النفسية أو السلوكية أو اضطرابات النماء العصبي وفقاً للمراجعة 11 للتصنيف الدولي للأمراض (ICD-11). ولكنه لا يندرج ضمن الاضطرابات الوسواسية القهرية والاضطرابات المرتبطة بها. بل هو أحد اضطرابات الشخصية التي يتميز من يعاني منها بصفات معينة [6]. عموماً، تنطوي اضطرابات الشخصية على أنماط تصرفٍ دائمة تنبع من تجارب أو سلوكيات داخلية. وغالباً ما تكون هذه الأنماط ثابتة ومزمنة وغير نمطية، بل وحتى إشكالية [4]. وفي الحالة التي نتحدث عنها، أي حالة اضطراب الشخصية الوسواسية القهرية، يتمثل النمط السائد أو المتكرر بانشغال أو اهتمام زائد بالترتيب والكمالية والتحكم [7].

أعراض اضطراب الشخصية الوسواسية القهرية

يعاني المصابون باضطراب الشخصية الوسواسية القهرية من صعوبة في التعبير عن مشاعرهم. وهذا يجعلهم غير قادرين على التعاطف مع الآخرين أو الحفاظ على علاقات وثيقة مع غيرهم. وعادة ما يلجأ هؤلاء الأشخاص إلى وضع قوائم بالمهمات الموكلة لهم، والتقيد التام بالقواعد بشكل صارم يبعد عن المرونة. وتراهم دائماً مكرسين لعملهم ويبحثون عن الكمالية فيما يفعلون، حتى في الأمور البسيطة أو غير المهمة. كما يميلون إلى عدم إعطاء المهام للغير أو ترك أحد آخر يتحكم بمجريات الأمور [4].

تشخيص اضطراب الشخصية الوسواسية القهرية

قد نرى الأعراض السابقة أو قسماً منها، ولو بنسبة بسيطة، لدى كثير من الأشخاص. وقد نجدها في أنفسنا إذا ما راقبنا تصرفاتنا اليومية وسلوكنا الاعتيادي. ولكن هذا لا يعني دائماً أن الشخص مصاب بالاضطراب. فكما ذكرنا في حالة اضطراب الوسواس القهري، يتطلب تشخيص اضطراب الشخصية الوسواسية القهرية معايير محددة كي تصنف الحالة على أنها مرضية. إضافة للأعراض التي ذكرناها، يركز من يعانون من اضطراب الشخصية الوسواسية القهرية على الأمور الجانبية على حساب جوهر العمل أو الأمر الذي يقومون به.

فحين يقومون بوضع القوائم وترتيب المهام، يصل الأمر بهم إلى تحويل تركيزهم إلى القائمة بحد ذاتها. الأمر الذي يحيد انتباههم عن جوهر المهمة الأصلية، ويصبح الهدف الرئيسي ثانوياً. ويكون هؤلاء غير قادرين على تجاوز اهتمامهم بالعمل والانتباه الشديد للتفاصيل. ويصل ذلك إلى درجة مبالغ بها تقودهم إلى إلغاء الوقت الخاص للراحة أو لقاء الأصدقاء. ولكن على عكس المرغوب، يؤدي اهتمامهم المفرط بالكمالية إلى إضاعة الوقت وعدم إنجاز العمل أو المهمة المطلوبة.

ومن المعايير الأخرى التي تُعرّف هذا الاضطراب، الانصياع الصارم لكل القوانين ومبادئ الأخلاق دون قبول أي تغيير أو مرونة، ومحاولة إلزام الآخرين بذلك. كما يظهر في هذا الاضطراب تعلق زائد بالأشياء والمقتنيات ورفض التخلي عنها. حتى وإن لم تكن ذات فائدة، تسيطر على الشخص فكرة أنه من الممكن أن يكون لها حاجةٌ يوماً ما. وقد تصل هذه الحالة إلى حد لا يطاق من قبل عائلة الشخص أو من يشاركه السكن. كما يمكن أن يتعدى الحرص الزائد مسألة عدم التخلص مما هو غير ضروري، ويصل إلى حد البخل في إنفاق المال خوفاً مما قد يحدث في المستقبل. وأخيراً، لا يحب مصابو اضطراب الشخصية الوسواسية القهرية العمل مع أشخاص آخرين أو إعطاء مهام لغيرهم. بل يصرون أن تسير الأمور كما يريدون هم، وأن يعمل غيرهم وفقاً لتعليماتهم التي غالباً ما تكون شديدة التفصيل [7].

أسباب اضطراب الشخصية الوسواسية القهرية وعلاجه

تعزو بعض النظريات أسباب اضطراب الشخصية الوسواسية القهرية إلى مرحلة الطفولة. حيث يمكن لهذه الحالة أن تتطور لدى الأطفال الذين كان أهلهم يبالغون بحمايتهم. ويمكن أن يظهر أيضاُ عند الأشخاص الذين لم يكتمل نموهم العاطفي في مرحلة الطفولة، أو لم يستطيعوا تشكيل تعلق آمن بوالديهم [4]. أما عن علاجه، فإضافة لاستخدام بعض أنواع الأدوية وتمارين الاسترخاء، يعتبر العلاج المعرفي السلوكي (cognitive behavioural therapy – CBT) أحد أكثر الطرق استخداماً مع هذا الاضطراب [10]. إذ يركز هذا النوع من العلاج على نزعة الشخص نحو الكمالية وصرامة التفكير لديه. ويساعده على فهم المعايير المستحيلة والقواعد الحازمة التي يفرضها على نفسه، وكيف أنها تعيقه عن التقدم في حياته [11].

بناءً على ما سبق، يبدو أن اضطراب الوسواس القهري واضطراب الشخصية الوسواسية القهرية هما أكثر من مجرد تعلق بالنظافة والترتيب، أو إعطاء للأوامر وتسيير الأمور بطريقة محددة. ويُنصح دائماً بطلب الاستشارة من أطباء واختصاصيين نفسيين عند تفاقم الحالة كي لا تؤدي إلى عواقب سيئة على الأشخاص المعنيين وذويهم.

مصادر

  1. My Mind
  2. Abnormal Psychology
  3. Medline Plus
  4. Verywell Mind
  5. مؤسسة اضطراب الوسواس القهري الدولية
  6. التصنيف الدولي للأمراض
  7. الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية – الطبعة الخامسة المنقحة
  8. Psycom
  9. الجمعية الأمريكية للأطباء النفسيين
  10. Healthline
  11. Psycom

طفرة جديدة تمكن فيروس كورونا من إصابة الدماغ

صارت أعراض الإصابة بفيروس كورونا معلومة لدينا جميعًا، إذ تشمل الأعراض زيادة في الحرارة، الإسهال، السعال الجاف، لكن الأمر أصبح أكثر غرابة عندما حدثت طفرة جديدة

طفرة جديدة لفيروس كورونا

كان أول إبلاغ عن أعراض غريبة متعلقة بالجهاز العصبي في شهر مارس من العام الجاري، حيث تم الإبلاغ عن حالات فقدان مفاجئة للتذوق والشم معًا، حيث يؤثر الفيروس على مستقبلات الشم والتذوق، مانعًا إياها من تمييز الروائح والنكهات المختلفة.

تأثير الفيروس على الدماغ

لكن الأمر يصل إلى درجة أكثر خطورة عندما يتعلق الأمر بالدماغ البشري، فهذا العضو هو أكثر الأعضاء حساسية للتغيرات، وأكثرها مدعاة للقلق حينما يُهدد بأي خطر، إذ أنه هو المتحكم في كافة أعضاء الجسد.

كُتب تقرير في عن امرأة في الخمسينات من عمرها عانت من الهلوسة، أعطت نتائج التحاليل لاختبار فيروس كورونا نتيجة إيجابية، حيث سبب لها الفيروس هلوسات شديدة، فكانت ترى القردة تركض في أنحاء البيت، كما اعتقدت أن زوجها محتال، وسرعان ما تتابعت التقارير والأبحاث المنذرة بخطر كبير، إذ أبلغ العديد من الباحثين في مراكز بحثية مختلفة عن حالات هلوسة، وارتباك، دُوار، فقدان التركيز، تورم في المخ، بل وحتى سكتات دماغية!

بعض الأبحاث

قام بعض الباحثين بتجربة فريدة من نوعها، حيث قاموا بتوصيل الأقطاب الكهربائية بأدمغة المصابين بفيروس كورونا، لقياس نشاط دماغهم، أُجريت التجربة على 620 مريض في 84 دراسة مختلفة، بمتوسط عمر يبلغ ال 61 عامًا، وعن طريق فحص نتائج ال EEG، تبين معاناة بعضهم من تورم في الدماغ نتيجة إصابتهم بالفيروس، علمًا بأن بعض هؤلاء المرضى كانوا قد أبلغوا عن حالات الإغماء، الغيبوبة، التلعثم، بل وحتى نوبات الصرع. كانت أكثر الحالات شيوعًا هي تباطؤ في الموجات الكهربائية للدماغ، مما يعني أن الفيروس يؤثر مباشرة على عمل المخ.

الخلاصة

بتنا نعلم التأثير الواضح لفيروس كورونا على المخ والجهاز العصبي، ولكننا لسنا متأكدين إن كانت الأعراض متعلقة بتأثير الفيروس على الدماغ مباشرة، أم أنه رد فعل مناعي يقوم به الجهاز المناعي أثناء مقاومة الفيروس، وهذا أمر في غاية الأهمية، فهذا هو ما سيحدد طريقة العلاج، فهذان منحيان مختلفان كليًا، وكما يبدو أن المعركة بين الأطباء وبين هذا الفيروس بدأت تأخذ منحًى آخر، حيث أن الفيروس يطوّر من نفسه ليصبح أكثر عنفًا وضراوة عن طريق هذه الطفرة، لكن النصر لنا لا محالة، فقد تغلبنا على الطاعون من قبل، فهي مسألة وقت لا أكثر.

المصادر

sciencealert
technologynetworks
nature

اقرأ أيضًا زيادة حجم دماغ قرد باستخدام جين بشري

ما الفرق بين نزلات البرد والإنفلونزا والكورونا؟

في بداية هذا العام، ومع انتشار فيروس كورونا، ظن البعض بأن الطقس الحار كفيل بأن يقلل من حدة انتشار الفيروس، ولكن مع الأسف، بتنا متأكدين بأن تغير الفصول لا يؤثر على فيروس كورونا، وأنه لا يختفي بمجرد تعرضه لضوء الشمس أو حتى في الأجواء الحارة، والجدير بالذكر أن أعلى معدل للإصابات على مستوى العالم كانت خلال شهور الصيف وخاصة في شهر يوليو! ومع وجود أنباء عن بداية موجة جديدة وبداية قدوم فصل الشتاء وانتشار نزلات البرد وحالات الإنفلونزا؛ فالجميع يشعر بالقلق مما تحمله الأيام القادمة؛ ويتساءل عن الفرق بين نزلات البرد والإنفلونزا والكورونا؟ لكن في البداية، ربما علينا أن نعرف ما هي نزلات البرد والإنفلونزا والكورونا؟

الإنفلونزا

على الرغم من أنها تسمى الإنفلونزا الموسمية، إلا أننا يمكننا أن نصاب بها في أي وقت من السنة، ولكن وفقًا لمراكز السيطرة على الأمراض CDC فإن موسم الإنفلونزا يبدأ مع قدوم الخريف وتبلغ ذروته في الشتاء، وربما يستمر حتى إبريل أو مايو. تصيب الأطفال والبالغين على حد سواء، وربما تكون أوسع انتشارًا بين الأطفال؛ بسبب ضعف مناعتهم، وهي فيروسات تسمى (Influenza virus) تصيب الجهاز التنفسي، وهناك أربع سلالات من هذه الفيروسات و لكن الأكثر انتشارًا بين البشر هما (A، B). (١)

تنتقل العدوى عن طريق التواصل مع شخص مصاب بالإنفلونزا أو عن طريق ملامسة الأسطح الملوثة، وبالطبع يزداد تعرض البشر لها كلما ضعفت مناعة الشخص. الأطفال وكبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة هم الأكثر عرضة لها، وتظهر الأعراض من ١-٤ أيام بعد الإصابة بالعدوى، كذلك تظهر الأعراض أسرع مقارنة بالبرد أو الكورونا.

أعراض الإنفلونزا

من أشهر الأعراض المصاحبة للإنفلونزا والتي تكون غالبًا شديدة مثل: الحمى والتهاب الحلق. الإرهاق الشديد. السعال والصداع. آلام الجسد الحادة. انسداد الأنف أو سيلانه. اضطرابات المعدة والتي تكون أكثر انتشارًا بين الأطفال.

نزلات البرد

فيما يخص نزلات البرد فالعديد من الفيروسات تسببها ولكن من أشهرها (Rhinovirus)، يمكننا كذلك أن نصاب بنزلات البرد في أي وقت من السنة ولكن الذروة تكون في أوائل الخريف وعادة تكون من سبتمبر حتى نوفمبر ومن مارس حتى مايو.

أعراض نزلات البرد

أعراض البرد تتشابه مع أعراض الإنفلونزا ولكنها تكون أقل حدة منها مثل: آلام الجسد. التهاب الأذن وينتشر أكثر بين الأطفال. السعال والصداع. انسداد الأنف أو سيلانه. الحمى وتكون نادرة في حالات البرد. (٢)

الكورونا

أما الكورونا، هو من فيروسات الجهاز التنفسي أيضًا، لكنه من نوع أخر من الفيروسات وهي ( SARS-CoV). وكما أظهرت المؤشرات؛ فإنه لا يرتبط بتوقيت أو فصل معين. كما أن ظهور الأعراض تختلف من شخص لأخر، وتظهر أعراضه خلال ١٤ يوم من العدوى؛ فبعض الحالات لم تُظهر أي أعراض، والبعض الأخر أظهر أعراضًا والتي تتشابه كثيرًا مع الإنفلونزا مثل: الصداع والسعال. وآلام الجسد الحادة والحمى. ومن الأعراض التي عانى منها الكثير من المصابين بالكورونا هي فقدان حاسة الشم والتذوق. (٣)

بسبب التشابه الكبير بين الثلاثة؛ فغالبًا السؤال التالي الذي يتبادر الآن لذهنك، كيف يمكننا أن نعرف ما إذا كان هذا العَرض يخص الإنفلونزا أم البرد أم الكورونا؟ مع الأسف، ما زال العلماء يبحثون أكثر بشأن الكورونا، وبالأخص مع تشابه أعراضها مع الإنفلونزا ونزلات البرد؛ لذا التحاليل هي التي تحدد ما إذا كنت مصاب بأي منهم. في حالات البرد، غالبًا الأعراض تختفي من تلقاء نفسها خلال عشرة أيام، كما أنه يمكنك أن تستشير الصيدلي؛ ليصف لك بعض الأدوية لتخفف من الأعراض، ولكن إذا زادت الأعراض؛ توجه إلى الطبيب وسيطلب منك بعض التحاليل، سواء كانت مسحة للحلق أو مزرعة إذا ما كان هناك اشتباه بعدوى بكتيرية، وحينها ستأخذ الدواء المناسب لحالتك. في حالة الإنفلونزا،هناك اختبارات تسمى الاختبارات التشخيصية السريعة للإنفلونزا (RIDTs)، والتي تحدد وجود أي نوع من الإنفلونزا سواء كانت من نوع A ,B، وهو اختبار يستغرق ١٥ دقيقة ونتائجه ليست دقيقة تمامًا، وتكون عن طريق أخذ مسحة من الحلق أو الأنف والتي يقوم بها الطبيب. كذلك هناك اختبارات معملية كثيرة لتشخيص للإنفلونزا، من ضمنها عمل مزرعة للفيروس أو من خلال تفاعل سلسلة البلوميريز (RT-PCR). (4)

كما في حالة نزلات البرد؛ فالإنفلونزا كذلك لا يوجد لها علاج، كما أن المضادات الحيوية لا تعالج العدوى الفيروسية! هناك بعض الأدوية التي تقلل من شدة الأعراض، بالإضافة لوجود أدوية مضادة للفيروسات والتي يحددها الطبيب بناءً على كل حالة، ولكن على عكس كورونا، الأنفلونزا لها لقاحات وتؤخذ مع بداية موسم الإنفلونزا، تحديدًا في شهر أكتوبر. اللقاحات تقلل من الإصابة بها كما أنها أمنة على الأطفال والكبار، ويفضل أن يأخذها الحوامل والأطفال وكبار السن والمصابين بالأمراض المزمنة كوقاية لهم. يمكن تشخيص حالة الكورونا من خلال تحليل PCR أو (الأشعة السينية – X ray) أو من خلال تحليل الدم، وعلاجها يعتمد على تقليل حدة الأعراض.

طرق حديثة لتشخيص الكورونا

في هذه الأيام يبحث العلماء عن وسيلة فاعلة لتشخيص الفيروس في مرحلة مبكرة، حيث قام فريق من الباحثين في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا MIT بتطوير نموذج جديد من (الذكاء الصناعي- Artificial intelligence)، يُمكنهم من الكشف عن وجود الفيروس من خلال صوت السعال. أظهرت الأدلة أنه من خلال استخدام الذكاء الاصطناعي، يمكننا أن نفرق بين الأنواع المختلفة من السعال، والتي لا يمكن أن تُميزها الأذن البشرية. من خلال وضع هذا النموذج في الهواتف الذكية، يمكننا ببساطة أن نكتشف وجود الفيروس في مرحلة أبكر، وهذا النموذج سيساعد كثيرًا لأن أغلب الحالات لم تُظهر أي أعراض مصاحبة للإصابة. ما زالت الأبحاث في مرحلة التطوير، ولكنها ستكون بداية جديدة في تشخيص الفيروس باستخدام التطور الهائل في التكنولوجيا الحديثة. (5)

الكورونا بين الحاضر والمستقبل

حاليًا ومع انتشار الفيروس؛ فالأمر لا يحتمل التفكير الأفضل أن تستشير طبيبك، وأن تأخذ الإجراءات المناسبة سواء عن طريق غسل الأيدي أوارتداء الكمامة الخاصة بك أو الحرص على التباعد في الأماكن المزدحمة، وعلى قدر الإمكان حاول أن تقوي من مناعتك عن طريق تناول الأكل الصحي الغني بالڤيتامينات، وتجنب الطعام السريع وبالأخص مع دخول الجامعات والمدارس. ربما تحمل الأيام القادمة بعض التحديات الجديدة في وجود كورونا، ولكن مع الحذر والتعامل بطريقة صحيحة؛ ستكون الحالات أقل، ولا بد أن نتذكر بأن الأمرلم ينتهي تمامًا، ومع ظهور أمل اللقاح الجديد لا بد ألا ننسى حذرنا.

اقرأ أيضًا

هل سيكون فيروس كورونا أكثر خطورة في الشتاء؟

المصادر

1. Conditions, D., Warzecha, M., Press, T., Warzecha, M., Duong, D., & Press, T. (2020). Is it a cold, COVID, or the flu?. Retrieved 6 November 2020, from here.

2. Cold Versus Flu. (2020). Retrieved 6 November 2020, from here.

3. Differential diagnosis: cold, flu or COVID-19?. (2020). Retrieved 6 November 2020, from here.

4. Influenza Virus Testing Methods | CDC. (2020). Retrieved 6 November 2020, from here.

5. Nield, D. (2020). MIT Team’s Cough Detector Identifies 97% of COVID-19 Cases Even in Asymptomatic People. Retrieved 6 November 2020, from here.

ما هو اكتئاب الأعياد؟ وكيف تخفف من أعراضه؟

ما هو اكتئاب الأعياد؟ وكيف تخفف من أعراضه؟

تهاني ومباركات، كعك يخبز، وأطفال فرحون بالزينة والألعاب، شوارع مكتظة، ومراجيح تنصب في الساحات معلنة بدء العيد وصوت أم كلثوم يصدح “يا ليلية العيد أنستينا وجددتي الأمل فينا” وما بين معترك الأحداث السابقة يرن صدى الجملة الذهبية التي لطالما اعتدنا على سماعها في كل عيد، “بأي حال عدت يا عيد” فهل أخطأت أم كلثوم بقولها؟ّ! أم أن الأحوال قد تغيرت فأفقدت العيد بهجته؟ أم أن الأمر برمته يعزى إلى اكتئاب الأعياد؟ فما هو اكتئاب الأعياد وما أسبابه؟


اكتئاب الأعياد هو حالة من الشعور بالقلق والتوتر والكآبة تطال بعض الأشخاص أثناء فترة العطلات والأعياد، في حين يصعب الحصول على إحصائيات للإحاطة بأعداد الأشخاص الذين لم يفلح صخب العيد وأضواءه في التسلل إلى داخلهم، تشير إحصائيات منظمة الصحة العالمية إلى أن واحدًا من كل خمسة أشخاص في إقليم شرق المتوسط يعاني من الاكتئاب الذي يطال أكثر من300مليون شخص ‪‪‪ حول العالم، وارتفعت معدلات الإصابة به لأكثر من ٪18 منذ عام 2005.

ما هي أسباب اكتئاب الأعياد؟

  1. قضاء العيد في مبعد عن الأهل والأصدقاء بسبب ظروف كالعمل أو الدراسة أو الهجرة…. إلخ.
  2. توقعات العيد غير الواقعية.
  3. الضغوطات المادية التي ترافق فترة الأعياد.
  4. الارتباك والتشوش نتيجة عدم القدرة على الموازنة بين المتطلبات المرمية على عاتقك من تسوق وتنظيف واستقبال للضيوف والالتزامات العائلية الأخرى.
  5. الحزن والحنين لأشخاص سرقتهم الحياة منك وجاء العيد ليذكرك بمقاعدهم الفارغة.
  6. الزيارات غير المرغوب بها أو الاجتماع بأشخاص غير محببين.
  7. اتباع بعض العادات غير الصحية كالإفراط في تناول السكريات وعدم الحصول على قسط كافٍ من النوم.


كيف تستطيع التخفيف من حدة اكتئاب الأعياد؟ إليك النصائح التالية:

  1. لا ترفع سقف التوقعات وكن واقعيًا، فليس من الضروري أن تكون الأعياد مثالية أو مطابقة لأعياد الماضي فالعائلة تكبر وتنمو وتتغير، وكذلك الأمر بالنسبة للعادات والتقاليد فتمسك ببعض منها وحاول الانفتاح على عادات أخرى جديدة.
  2. لا تتردد بالاعتراف بمشاعرك، إذا تعرضت لفقدان شخص قريب منك مؤخراً أو لا يمكنك أن تكون مع أحبائك، ولابأس بقضاء بعض الوقت في البكاء أو التعبير عن مشاعرك.
  3. حاول قبول الأصدقاء وأفراد العائلة كما هم، حتى وإن لم يكونوا على قدر توقعاتك، ودع الخلاف جانباً.
  4. خطط مسبقاً وخصص أيام محددة للتسوق والتنظيف وزيارة الأصدقاء والعائلة والقيام بباقي الأنشطة الأخرى.
  5. حدد ميزانيتك وتمسك بها، قبل الذهاب إلى التسوق حدد مقدار المال الذي ستنفقه والتزم به.
  6. إن كنت من الأشخاص الذين لم يتمكنوا من قضاء العيد مع أحبائهم وتشعر بالوحدة والعزلة، تواصل وابحث عن مناسبات دينية واجتماعية وحاول الانخراط بها، تطوع لمساعدة الآخرين فهي أيضاً طريقة جيدة لرفع معنوياتك وتوسيع نطاق صداقاتك.
  7. لا تتخلى عن العادات الصحية وخصص بعض الوقت لنفسك بعيداً عن صخب وضجة الأعياد .
  8. ابدأ عادات جديدة وحاول التخطيط لنزهات، وخطط لبرامج للتسلية بدلاً من قضاء الوقت في المنزل.
  9. إن كان موسم الأعياد يتزامن مع موعد الامتحانات لديك فحاول وضع برامج لتنظيم وجدولة مواعيد الدراسة والتحضير للامتحان مسبقًا لكي لا تصاب بالتوتر.
  10. اطلب المساعدة إن كنت بحاجة إليها إن كنت تجد نفسك لا تزال تشعر بالحزن والقلق وتعاني من اضطرابات في النوم، وعدم القدرة على مواجهة الأعمال والأنشطة الروتينية فلا تتردد بطلب المساعدة من الأخصائيين.


في الختام نتمنى لكم أعيادًا ملؤها البهجة والسعادة والسرور و كل عام وأنتم بخير.


المصادر:


healthline

mayoclinic

BBC

Exit mobile version