تاي زاكس Tay-Sachs: العدو الصامت

في أعماق تفاصيل الوراثة البشرية تنبت قصصٌ حزينة، ترويها أمراض نادرة تتحدى فهمنا وتحرك مشاعرنا. تاي زاكس Tay-Sachs، هو جزء من هذا اللغز الوراثي، يعتبر تحدياً معقداً للعلم وللأسر التي تتأثر به. إنه اضطراب وراثي نادر يغوص في أعماق الجينات، يلتف حول الحمض النووي ليطلق على الحياة رحلة مليئة بالتحديات.

تاي زاكس، والذي يُلقب أحياناً بـ “العدو الصامت”، يتسلل إلى حياة الأطفال الصغار بصمت، يخفي وراء أضواء الجينات الشرارة التي تشعل ألسنة الأمل وتطفئها بسرعة. إنه مرض يأتي بعبء فقدان السمع، والرؤية، والقدرة على الحركة، محولاً حياة الأطفال البريئة إلى معركة شاقة يصعب على العائلات مواجهتها.

لكن بين تلك الظلال المظلمة، يتألق نور الأمل من خلال جهود العلماء والمنظمات الطبية التي تتصارع من أجل فهم هذا العدو الصامت ومحاربته. هذه هي قصة تاي زاكس، حيث تتشابك الجينات والأمل، وتندلع نيران البحث العلمي لإلقاء الضوء على هذا السر المعقد وراء الأمراض الوراثية.

حدوث وسبب المرض:

داي تاي-زاكس Tay-Sachs disease، ويُسمَّى أيضاً بالشُّحام السفينغولِي الطِّفلِي infantile sphingolipidosis، هو اضطرابٌ وراثي نادر، يُسبِّب ضرراً تدريجياً في الجهاز العصبي، وغالباً ما يُفضي إلى الموت.

وهو مرض وراثي نادر تسببه موروثة متنحية Autosomal Recessive في الكروموسوم 15 وتحديدًا في جين هيكسا HEXA gene، حيث تؤدي إلى نقص نشاط إنزيم هيكسورامينيديز (Hexooraminidase) ذو العلاقة بتكسير الجانجليوسايد (gangliosides) المهم في التواصل الخلوي وعدم تكسيره يقود إلى تراكمه بالخلايا العصبية والاضرار بها. [1]

الدماغ والنخاع الشوكي
الخلية العصبية

وراثة المرض:

كم ا ذكرنا سابقًا، فوراثة مرض تاي زاكس تتبع نمط وراثي معين يعرف بالوراثة المتنحية المتنحية السائدة. يعني ذلك أن الجين المسؤول عن المرض يوجد على الزوج الهجين (أو الزوج المختلط) في الحالة التي تؤدي إلى الإصابة بالمرض – أي كروموسوم 15.

أمراض أخرى متنحية: الفينيل كيتونوريا Phenlkenonuria

ولكي يُصاب الطفلُ بداء تاي-زاكس، لابدَّ أن يكون كلا والديه حاملاً لتلك الطفرة الوراثية Carri، وعندها يكون احتمالُ إصابة الطفل 25 في المائة (في كل حمل). [2][1]

الأعراض:

غالباً ما تبدأ أعراضُ المرض قبلَ أن يبلغ الطفلُ عمرَ ستَّة أشهر، حيث يتباطأ النمو لديه تدريجياً إلى أن يفقدَ قدرته على الحركة تماماً.

تشتمل الأعراضُ المبكِّرة للمرض على إجفال مفرط لدى الطفل عندَ سماع ضجيج مفاجئ، بالإضافة إلى ظهور نقاط أو بقع حمراء قُرب وسط العينين.

بعدَ ذلك، تظهر عندَ الطفل مشاكل أخرى، مثل الضعف العضلي وفقدان الرؤية وفقدان السمع والنوبات الصرعية.

ويموت مُعظمُ الأطفال المصابين بالحالة قبلَ بلوغهم عمر أربع سنوات. [1]

تنويه:

وهذا المرض يظهر لدى مجموعات عرقية أكثر من غيرها ومنهم

  • يهود الاشكيناز.
  • الكاجون: وهم جماعة عرقية تعيش في لويزيانا في الولايات المتحدة وهم ذوو أصول كندية – فرنسية.
  • فرنيسو كندا.
يهود الاشكيناز

التشخيص:

تفيد اختبارات ما قبل الولادة، مثل عينة الزغابات المشيمية (CVS)، وبزل السائل الأمنيوسي، في تشخيص مرض تاي ساكس. تُجرى هذه الاختبارات في حال كان أحد الزوجين حاملًا للمرض أو مشتبهًا بذلك.

تُجرى عينة الزغابات المشيمية بين الأسبوع العاشر، والثالث عشر من الحمل، وتتضمن أخذ عينة من خلايا المشيمة عبر المهبل أو البطن.

يُجرى بزل السائل السلوي Amniotic Fluid بين الأسبوع الخامس عشر والعشرين من الحمل، ويتضمن أخذ عينة من السائل المحيط بالجنين باستخدام إبرة عبر بطن المرأة الحامل.

وفي حال أظهر الطفل أعراض الإصابة بـِ تاي ساكس، فيجب على الطبيب أن يقوم بالفحص السريري، ويتحرى التاريخ العائلي.

يمكن بعد ذلك طلب فحص الدم، حيث يتحقق هذا اختبار من مستويات أحد الإنزيمات التي تسمى هيكسوسامينيداز hexosaminidase في دم الطفل. تكون المستويات منخفضة أو غير موجودة في داء تاي ساكس. [2][1]

علاج تاي زاكس:

لا يتوفَّر حتى الآن أيُّ علاج لداء تاي-زاكس، وتهدف الأدويةُ التي تُعطى للطفل إلى تسكين الأعراض قدر الإمكان.

وتتضمن المعالجة:

  •  مسكنات ألم
  •  الأدوية المضادة للصرع للتحكم بالاختلاجات
  •  علاج فيزيائي
  •  الدعم تغذوي
  •  علاج المشاكل التنفسية
  •  الدعم العاطفي للأسرة مهم أيضًا، فقد تساعد مجموعات الدعم على التأقلم. [1]

دراسات وأبحاث حول مرض تاي زاكس:

 العلاج ببدائل الإنزيم:

نظرًا لأن تاي زاكس ناتج عن نقص إنزيم «Hex-A» ، فيسعى هذا العلاج إلى استبداله. إنه خيار غير فعّال حتى اللحظة بسبب الاختلاطات الحاصلة.

 العلاج الداعم للإنزيم:

يستخدم هذا العلاج جزيئات تثبّت الإنزيم، وتزيد فعاليته. هناك حاجة لمزيد من البحث فيما يخص هذا العلاج.

 العلاج الجيني:

قد تؤدي إضافة معلومات جينية جديدة إلى الخلايا إلى تصحيح عيب الإنزيم المسبب لداء تاي ساكس. وقد وافقت إدارة الغذاء والدواء «FDA» مؤخرًا على التجارب السريرية لدراسة سلامة وفعالية العلاج الجيني. لم يُعرف للآن مدى أمان وفعالية هذا العلاج مع الوقت.

 زراعة الخلايا الجذعية:

يعتمد هذا العلاج على زرع خلايا نقي العظم لتوفير الإنزيم المفقود. لقد وجدت الدراسات فوائد على الحيوانات، ولكن هناك حاجة إلى مزيد من الاستقصاء بالنسبة للبشر. [4][3]

الوقاية من المرض:

نظرًا لأن تاي زاكس متوارث، فلا توجد طريقة لمنعه إلا بالتحري عنه قبل حدوثه؛ أي قبل تكوين أسرة، يجب على الوالدين إجراء اختبار جيني لمعرفة ما إذا كانا حاملين للمرض. هذا الأهم بالنسبة الأشخاص ذوي نسبة الخطورة العليا، مثل اليهود الأشكناز أو الذين لديهم تاريخ عائلي لمرض تاي ساكس. لذا عندما بدأ البحث عن حاملي تاي زاكس في السبعينيات، قلل ذلك عدد اليهود الأشكناز المولودين مع المرض في الولايات المتحدة، وكندا بأكثر من 90%. [1]

أمراض أخرى:

مرض التصلب الجانبي الضموري

مرض هنتغنتون

المراجع والمصادر:

1- medlineplus

2- OMIM

3- Frontiers

4- Nature

المتحور دلتا، ما الذي نعرفه عن التحور المهيمن صانع ريمونتادا كوفيد 19 الجديدة؟

المتحور دلتا هو أحد أكثر تحورات فيروس كورونا شهرةً. بسبب الكارثة الإنسانية التي ألحقها بالهند. كذلك الزيادة في معدلات انتشاره على مستوى العالم. فقد تسبب في زيادة ملحوظة في أعداد الوفيات والإصابات بالهند. حتى أن المستشفيات اكتظت بالمرضى ولم تعد بها أماكن لاستقبال مرضى جدد. كما لم تتوفر أماكن كافية لحرق الجثث وفقاً للتقاليد الهندوسية وحدث نقص شديد في اسطوانات الأكسجين المستخدمة في إسعاف المرضى. [2] كذلك فقد سارع الكثير من أبناء الشعب الهندي لأخذ اللقاح ليساعدهم في حربهم ضد ذلك العدو الذي لا يرحم. حتى يتجنبوا المصير الذي يشاهدوه في الطرقات وعلى التلفاز والإنترنت وبين أقاربهم. الأمر الذي نتج عنه نفاذ كميات اللقاح المتوفرة في حينها. [3] كما أنه أثار ذعراً من نوع آخر حول إحتمالية قلة فاعلية لقاحات وعلاجات كوفيد-19 تجاهه. ومع استمرار انتشاره في كثير من دول العالم؛ أصبح كثير من قادة الدول يترقبون في حذر وصوله إلى دولهم وصورة الضحايا في الهند لا تغادر أذهانهم.

اكتشاف المتحور دلتا

في أواخر 2020 بدأت إصابات كوفيد-19 في الهند في الارتفاع. وهناك تم اكتشاف المتحور دلتا لأول مرة. وكان في مارس 2021 مسئولاً فقط عن 4% من الإصابات. إلا أنه في غضون شهرين فقط أصبح مسئولاً عن 70% من الإصابات. [2]

رسم يوضح ارتفاع عدد الحالات التي تسبب بها المتحور دلتا من مارس 2021 (<7%) إلى مايو 2021 (>70%). [2]

تصنيف منظمة الصحة العالمية للمتحور دلتا

بشكل عام تتطور كل الفيروسات بشكل مستمر بسبب حدوث طفرات كنتيجة لأخطاء تحدث أثناء عملية التكاثر ونسخ الشفرة الوراثية. الغالبية العظمى من تلك الطفرات لا يكون له تأثير على الفيروس. لكن بعضها قد يعطيه ميزات تطورية تمكنه من الانتشار بشكل أسرع أو يجعله مقاوماً لمضادات الفيروسات واللقاحات أو يتسبب في أمراض أو أعراض مختلفة أو أكثر خطورة من المشهور عنه.

وكأثر من آثار جائحة كوفيد-19 قامت منظمة الصحة العالمية بتتبع طفرات الفيروس المسئول وتحوراته وقامت بتصنيفها إلى قسمين:

1- تحور مثير للقلق Variant of concern:


لكي يكون تحور سارس-كوف-2 مصنفاً كتحور مثير للقلق؛ ينبغي أن تنطبق عليه أحد أو كل الشروط التالية:

1- زيادة شديدة في معدلات انتشاره وانتقاله.

2- زيادة في ضراوته وتغير في الأضرار التي يُلحقها بالمريض والصورة المرضية المشهورة عن المرض الذي يسببه.

3- انخفاض فاعلية أساليب الصحة العامة المعتمدة في الحد من أثره وانتشاره مثل: العلاجات المستخدمة، اللقاحات، وسائل التشخيص المعملية.

2- تحور مثير للاهتمام Variant of interest:

لكي يكون التحور مصنفاً كمثير للاهتمام؛ فلابد أن يتحقق به شرطان:

1- أن تحدث به طفرة جينية مُتوقع علمياً أن تتسبب في تغييرات تزيد من قدرته على الانتشار أو مقاومة الأدوية والمناعة أو تزيد من ضراوته وشدة المرض الذي يسببه.

2- يتسبب في حدوث إصابات محدودة في مناطق معينة أو منتشرة في عدد من الدول يزداد عددها مع الوقت بشكل ينذر بحدوث موجة جديدة من الإصابات.

وهذا التصنيف لا يعد بديلاً عن التصنيفات والتسميات المعتبرة في علم الفيروسات والتي تتولاها هيئات علمية دولية كبرى. ولكن هو محاولة للمساعدة في تبسيط النتائج التي يتوصل لها المختصون. ومن ثم يتمكن المسئولون وأصحاب القرار من اتخاذ قرارات وإجراءات بشكل أسرع وأكفأ في مواجهة أي تحور قد يشكل خطورة. وكذلك لتسهيل فهم التحورات على غير المختصين ومن ثم يزداد الوعي بها. وأيضاً كمحاولة لمنع التحيز والتمييز ضد سكان بلدان معينة تم اكتشاف هذا المتحور بها أول مرة.

كما قامت منظمة الصحة العالمية بابتكار نظام يسهل تسمية التحورات المهمة من فيروس سارس كوف 2 SARS-CoV-2 المسئول عن كوفيد-19. حيث يتم تسمية التحورات بالحروف اليونانية كالتالي:

ألفا Alpha، بيتا Beta ، جاما Gamma، دلتا Delta،…. وهكذا.

ويندرج المتحور دلتا تحت المتحورات المثيرة للقلق وفقاً لمنظمة الصحة العالمية. [4]

صورة تعبيرية عن تنوع تحورات سارس-كوف-2. [15]

ما هي التحورات التي أنتجت المتحور دلتا؟

إن دلتا يحمل عدة طفرات في الجين المسئول عن إنتاج البروتين الشوكي (إس جين S gene). تتسبب في تحورات في البروتين الشوكي الذي يمكن الفيروس من دخول الخلية والذي هو أيضاَ هدف الأجسام المضادة التي يكونها جهاز المناعة سواء لدى المتعافين أو من تلقوا اللقاح. [7، 9]

بشكل عام يحمل المتحور دلتا تحورات في ثلاثة مناطق من البروتين الشوكي Spike protein:

1- نطاق الارتباط بالمستقبِل Receptor-binding domain (RBD):
هذا الجزء مسئول عن الارتباط بمستقبلات الإنزيم المحول للأنجيوتنسين 2 Angiotensin Converting Enzyme 2 Receptor (ACE2 R) والتي يرتبط بها الفيروس على سطح الخلية حتى يتمكن من الدخول إلى الخلية.
ويمتلك المتحور دلتا ثلاث طفرات في هذا الجزء: الأولى تساعده في تفادي الأجسام المضادة والثانية تمكنه من الارتباط بكفاءة أكثر بالمستقبل ومن ثم الارتباط بالخلايا ودخولها بسرعة والانتشار أسرع و الثالثة تساعده في الارتباط بالمستقبلات وفي تفادي الأجسام المضادة.

2- موضع ا
لتكسير بالفيورين Furin Cleavage Site:
يتركب البروتين الشوكي من جزئين: جزء الارتباط بالمستقبل Receptor-binding subunit S1 وجزء الالتحام بالخلية Fusion subunit S2 وبينهما موضع التكسير بالفيورين. والذي يلزم تكسيره بعد ارتباط S1 بالمستقبل حتى يتمكن الجزء S2 من الالتحام بسطح الخلية. والمتحور دلتا يحمل طفرات بهذا الموضع تسهل عملية التكسير بالفيورين ومن ثم الدخول للخلية وبالتالي تساعده على الانتشار أكثر وأسرع.

3- نطاق النهاية الأمينية (الموضع مولد الضد الفائق) N-Terminal Domain (Antigen supersite):
يعتبر هذا الجزء من البروتين الشوكي أحد أهم نقاط ضعف الفيروس حيث يعتبر هدفاً للأجسام المضادة. لكن المتحور دلتا يتميز بامتلاكه عدد من الطفرات بهذا الجزء مما يجعله قادراً نسبياً على تفادي الأجسام المضادة والهروب منها. [7، 9]

معدل انتشار المتحور دلتا

لكن عزيزي القاريء هل يمكن أن يكون انتشار دلتا في الهند هو مجرد صدفة وإستعداد جسدي ما لدى المصابين في الهند كما حدث مع المتحور جاما في البرازيل سابقاً؟ والذي لم ينتشر بكثافة في أماكن أخرى في العالم كما انتشر بالبرازيل.

بناءاً على البيانات التي تم التوصل إليها فإن المتحور دلتا هو أكثر متحورات سارس-كوف-2 قدرة على الانتشار. إذ يبلغ معدل انتشاره تقريباً ضعف سلالة ووهان الأصلية. ويمكن تصنيفه كفائق الانتشار Superspreader. فقد أصبح المتحور دلتا في شهور قليلة المتحور المهيمن على عدوى كوفيد-19، ومن ثم حل محل التحورات الأخرى في معظم البلدان؛ مثل: أمريكا والهند وانجلترا واسكتلندا وإسرائيل وغيرهم. [9]

حيث انتشر دلتا في بريطانيا وحدها بمعدل أعلى ب 40 – 50 % من معدل انتشار المتحور ألفا والذي تم اكتشافه في بريطانيا سابقاً. وكان معدل انتشاره يفوق سلالة ووهان الأصلية بمعدل 50% [5]
كذلك في أستراليا ارتفعت نسبة إصابات كوفيد-19 المسئول عنها المتحور دلتا من 1% إلى 84% في غضون ثلاثة شهور فقط. أما بالنسبة لروسيا فإن نسبة الإصابات المسئول عنها المتحور دلتا ارتفعت من 0% إلى 95%. [2]

وحتى وقتنا الراهن فإن متحور دلتا مسئول عن ما يزيد على 80% من الإصابات في الولايات المتحدة. ومع كون ما يقرب من 50% فقط من الشعب الأميريكي قد تلقى اللقاح فإن ذلك مثار قلق هناك. خصوصاً أنه وفقاً للإحصائيات فإن معدلات الإصابة بدلتا تتناسب عكسياً مع نسب متلقّي اللقاحات في الولايات. [9، 10] وقد أعاد مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها CDC إصدار توصيات بإرتداء الكمامات في الأماكن المغلقة حتى لمن تلقوا اللقاح بشكل كامل مع ظهور إصابات بين من تلقوا اللقاح وذلك من أجل الحد من انتشار العدوى. [11]

يٌعد أحد أكبر الألغاز التي يثيرها المتحور دلتا هو تمكنه من الهيمنة على العدوى بالمقارنة بمتحورات كورونا المنتشرة الأخرى. وذلك على الرغم من أن بعضها يمتلك تحورات تمكنها من تجنب الأجسام المضادة التي ينتجها جهاز المناعة بفعالية أعلى من قدرة المتحور دلتا. [6]

تأثير المتحور دلتا عل شدة أعراض كوفيد والحاجة للحجز في مستشفى

قد أفادت بعض التقارير بإختفاء أعراض قديمة شهيرة عند الإصابة بالمتحور دلتا مثل: الكحة وفقدان حاستي الشم والتذوق وبوجود أعراض جديدة مصاحبة له؛ مثل: ضعف أو فقدان السمع، تكوّن جلطات مسببة موت الأنسجة وبالتالي غنغرينا. لكن حتى وقتنا الراهن لا يوجد دليل قاطع على ارتباط وثيق بين هذه الأعراض والإصابة بالمتحور دلتا، كذلك ارتباطه بمعدلات وفيات أكثر. ما يزال كل هذا محل بحث. بينما الأعراض مثل الصداع وإلتهاب الحلق والحمى مازالت ضمن الأعراض التي تظهر مع إصابات كوفيد-19 المسئول عنها المتحور دلتا [9]
لكن يبدو أن المتحور دلتا يزيد من إحتمالية الحجز بالمستشفى، حيث وجدت إحدى الدراسات أن الإصابة بالمتحور دلتا تزيد من إحتمالية الحاجة للحجز بالمستشفى بمعدل الضعف بالمقارنة بالمتحور ألفا والذي كان أشد من سلالة ووهان الأصلية. [12]

اللقاحات والمتحور دلتا – انخفضت فاعليتها لكن ما تزال قادرة على الحماية

منذ بدايات اكتشاف اللقاحات وهي تعد أحد أهم دفاعات البشر ضد الإصابة بالعدوى ووسيلة فعالة لإنقاذ حياة البشر وحمايتهم. لذلك عندما ظهرت جائحة كوفيد-19 وجه كثير من البشر آمالهم وتطلعت أبصارهم إلى مختبرات العلماء منتظرين منهم لقاح للحماية من تلك الجائحة الكارثية.
وقد كان وظهرت عدة لقاحات للوقاية من كوفيد-19. ولكن كما ذكرنا عزيزي القاريء فإن الفيروسات تتحور وبعض تحورات سارس-كوف-2 تكون في الهدف الذي تستهدفه اللقاحات في عملها. وهذا يثير تساؤلاً حول فاعلية اللقاحات في الوقاية من المتحور دلتا.

لقد لاحظت دراسة معملية انخفاض فعالية الأجسام المضادة المتكونة عند المتعافين أو من تلقوا اللقاح ضد سلالة دلتا بالمقارنة بالسلالة الأولى المعروفة بسلالة ووهان. مع ذلك ما تزال هذه الأجسام المضادة قادرة على توفير نوع من الحماية ضد فيروس دلتا. [8]

كما لاحظت دراسة أخرى باسكتلندا أن التطعيم بلقاح أسترازنيكا أو فايزر-بيونتك حتى وإن كان ذو فعالية أقل ضد المتحور دلتا فإنه يقلل من شدة الإصابة بالمتحور دلتا ويقلل كذلك من نسب الحاجة للحجز بمستشفى. [12]

كما أنه وُجد في دراسة أخرى في بريطانيا -لا تزال تحت التحكيم- أنه رغم إنخفاض كفاءة اللقاحات في توفير حماية من المتحور دلتا إلا أنها مازالت توفر حماية مقبولة. حيث كانت الحماية التي يوفرها لقاح فايزر-بيونتك مثلاً ضد المتحور دلتا حوالي 88%. كذلك فإن لقاح أسترازينيكا كان فعال بنسبة 67% ضد دلتا. كما وجدت الدراسة أيضاً أن اللقاحات تقلل من شدة الأعراض ومن ثم تقلل معدلات الحجز بالمستشفيات. حيث وجدت الدراسة مثلاً: أن استخدام اللقاحات يقي من الأعراض الخطيرة التي تتطلب حجز بمستشفى بنسبة تتراوح بين 71% و94% بعد الجرعة الأولى وبين 92% و96% بعد الجرعة الثانية. [13]

وعندما قارنت دراسة بين فاعلية الأجسام المضادة الموجودة عند متعافين من كوفيد-19 والمٌتكونة نتيجة لقاحات؛ وجدت أن فعالية الأجسام المضادة المتكونة نتيجة لقاحات أعلى في الحماية من المتحور دلتا. [7]

من ثم يمكن القول أن لقاحات كوفيد-19 لا تزال توفر نوع من الحماية حتى من المتحور دلتا.

كيف نواجه المتحور دلتا ونوقف تحور الفيروس؟

ربما تتسائل الآن عزيز القاريء عن كيفية مواجهة دلتا وخفض معدل التحورات عموماً. إن الاستراتيجية المتاحة أمامنا هي الحد من انتقال الفيروس بقدر الإمكان. من ثم نُوقف قدرته على التحور إلى أشكال أشد ضراوة وخطورة. والأسلحة التي في جعبتنا كأفراد حالياً هي الالتزام بالتباعد الاجتماعي وإرتداء الأقنعة الواقية وتناول اللقاحات المتوفرة. [9] وبالنسبة للمنظمات والجهات المسئولة ففي جعبتهم فرض وتطبيق لوائح وقوانين تحد من انتشار الفيروس. كذلك إتخاذ خطوات تسرع من عمليات التطعيم وتساعد في الترصد والكشف المبكر عن التحورات الجديدة التي قد تشكل خطورة جديدة. وهي أسلحة فعالة إلى حد كبير إذا ما أحسننا استخدامها قبل فوات الأوان.

يكمُن الخطر الحقيقي عزيزي القاريء في أنه بوجود أفراد لم يتلقوا اللقاح أو مع عدم الالتزام بالإجراءات الوقائية من كوفيد 19 فإننا نسمح بوجود إصابات بالفيروس. مما يخلق وسطاً يساعده على التحور أكثر فأكثر بشكل سريع ولا يمكن توقع أثر أو مشاكل أو خطورة هذه التحورات مستقبلاً. في الواقع إن المتحور دلتا قد ظهر منه تحور جديد هو دلتا بلس والذي هو قيد البحث والتتبع حالياً أيضاُ. [14]

المصادر:

  1. WHO says delta variant driving Covids fourth wave in Middle Easts :مصدر الصورة البارزة للمقال
  2. Demystifying the Delta Variant with Data – Johns Hopkins Coronavirus Resource Center
  3. Covid-19 vaccination: Is India running out of doses?
  4. Tracking SARS-CoV-2 variants (who.int
  5. How Dangerous Is the Delta Variant, and Will It Cause a COVID Surge in the U.S.?
  6. Why Do Variants Such as Delta Become Dominant?
  7. Reduced sensitivity of SARS-CoV-2 variant Delta to antibody neutralization
  8. Infection and Vaccine-Induced Neutralizing-Antibody Responses to the SARS-CoV-2 B.1.617 Variants | NEJM
  9. How Dangerous Is the Delta Variant (B.1.617.2)? | ASM.org 
  10. CDC COVID Data Tracker
  11. Interim Public Health Recommendations for Fully Vaccinated People
  12. SARS-CoV-2 Delta VOC in Scotland: demographics, risk of hospital admission, and vaccine effectiveness
  13. Public library – PHE national
  14. S.Korea on alert for new Delta Plus COVID-19 variant
  15. Delta variant brings new pandemic threat to Germany 

Exit mobile version