مقدمة في علم البيانات الإكلينيكية

هذه المقالة هي الجزء 13 من 17 في سلسلة مقدمة في علم البيانات وتطبيقاته

قديمًا، كنا عندما نذهب إلى المستشفى لاستشارة طبية أو المتابعة بسبب مرضٍ ما، من الممكن ألا يتذكرك طبيبك الخاص بسبب كثرة ما يرى من عدد المرضى يوميًا بدون وجود تقارير طبية خاصة بهم. ثم تطور الأمر إلى دفتر خاص بكل مريض ولكنه ملئ بالتحديات للحصول على معلومة عن المريض. ولكن الاّن بضغطة زر واحدة تحصل على كل المعلومات التي تريدها عن أي مريض في لحظة واحدة. قد يكون هذا ملخص التعامل الطبي مع المرضى منذ بداية الطب إلى العصر الحالي، مما فتح أمامنا مجالات متعددة وخاصة مع توافر بيانات سهلة الوصول لكل مريض أصبح لدينا أحد أهم العلوم في العصور القادمة وهو علم البيانات الإكلينيكية. وسنبدأ في هذا المقال مقدمة في علم البيانات الإكلينيكة.

أولًا: ما هو علم البيانات؟ هو علم يجمع بين 3 علوم متفرقة: علم الكمبيوتر، وعلم الإحصاء، وخبرة في مجال متخصص. ويوجد تقارير حديثة تضيف إليهم علمًا رابعًا وهو علم الاجتماع والتواصل.

أما علم البيانات الإكلينيكية والي سنتحدث عنه باستفاضة في هذا المقال فهو استخدام البيانات التي تم تجميعها من قِبل مقدمي الرعابة الصحية لخلق معارف جديدة وتطوير الاهتمام بالمرضى مستقبلًا باستخدام البرمجة والإحصاء.

ويوجد عدد من العلوم القريبة في تعاريفها وتطبيقها من علم البيانات الإكلينيكية وعلى سبيل المثال، علم البيانات البيولوجية وتتضمن تجميع البيانات الجينية الخاصة بكل مريض لتتبع وجود أو تطور مرض ما بداخله. وعلى الجانب الأخر علم بيانات الرعاية الصحية وهو يركز بشكل أكبر على تسيير أعمال المؤسسة الصحية من الناحية الإدارية والمالية أكثر من الاهتمام بالمريض. وأخيرًا علم البيانات الصحية الذي يهتم بتجميع البيانات الإكلينيكية وغير الإكلينيكية مثل اللياقة البدنية وتتبع النوم وصفاء الذهن والبيانات الاخرى التي تركز على الصحة. [1]

قوانين البيانات الإكلينيكة

في سنة 1966م، أقر الكونجرس الأمريكي قانون لحماية بيانات المرضى وتوجيه استخدامها فقط في الأبحاث العلمية من أجل تطوير الخطط العلاجية والدفع والتأمينات، ووقعه الرئيس بيل كلينتون. ويتلخص هذا القانون في استخدام أقل قدر ممكن من البيانات للحصول على أعلى استفادة علميًا وعمليًا.

وأشهر انواع قواعد البيانات هما:

  • قاعدة البيانات المحدودة وتنص على استخدام المعلومات لأهداف محددة فقط بغرض حماية البيانات، مع عدم التعريف بالأشخاص وتقديم تقارير، بالإضافة إلى التأكد من أن جميع المستخدمين يتبعون القوانين. حيث يُحذف عدد من المُعرفات بالأشخاص تصل إلى 16 مُعرف مثل الإسم والعنوان ورقم التأمين الاجتماعي وهكذا.
  • قاعدة البيانات غير المُعرفة للأشخاص: ويتم تنفيذها بطريقتين، الأولى هي حذف 18 مُعرف بالأشخاص للحفاظ على الخصوصية. والطريقة الثانية تتم عن طريق خبراء في المجال يفحصون البيانات بشكل دقيق، ثم يحذفون ما يُعرف بالأشخاص ويحصلون فقط على ما يفيد في عملية تحليل البيانات فقط. [3]

حجم البيانات الإكلينيكية

قدرت منظمة الصحة العالمية حجم البيانات الإكلينيكة في سنة 2013م فقط ب 153 إكسابايت، وفي سنة 2020م ب 2314 إكسابايت. هذه الأرقام ضخمة في العام الواحد ككمية أكبر من البيانات في أي مجال غيره. ووصل حجم الإنفاقات على تحليل البيانات الإكلينيكة إلى 8 مليار دولار سنة 2022، ومن المتوقع أن يصل إلى 50.7 مليار دولار في سنة 2027م ، مما يدل على أهمية المجال وتطوره مستقبلًا. [4]

مثال واقعي على علم البيانات الإكلينيكية

من الأمثلة الكلاسيكية مثلًا ملاحظة تأثير التمارين الرياضية على وظيفة الرئة في المرضى اللذين لديهم مشاكل في الرئة والتنفس. في هذا المثال كل العلامات واضحة وذلك مجرد تحليل للبيانات وملاحظة القياسات.

أما من الأمثلة الحديثة التي يكون فيها علامات ودلائل غير واضحة وعلينا اكتشافها فهي على سبيل المثال، يموت نسبة كبيرة من مرضى مشاكل الكلى بعد فترة قصيرة من الدخول في مرحلة غسيل الكلى، لذا يجب معرفة السبب باستخدام البيانات المتاحة.

تجميع البيانات الإكلينيكية

يتم تجميع البيانات الإكلينيكية عن طريق :

  • السجلات الصحية الإلكترونية وهي متاحة فقط داخل نظام المستشفى الإلكتروني، وبها التاريخ المرضي للمريض، والأمراض التي تم تشخيصه بها سابقًا، والأدوية التي استخدمها.
  • سجلات المرض اعتمادًا على مرض معين أو حالة معينة. حيث يتم تقييم المرض وانتشاره على سبيل المثال، هيئة صحية مهتمة بمرض السرطان أو القلب وهكذا.
  • بيانات الأبحاث الإكلينيكية حيث يتم تجميع هذه البيانات عن طريق تجربة علمية لدواء جديد أو طريقة علاج جديدة أو اختبار جهاز جديد.
  • أجهزة حديثة مثل التليفونات الذكية والساعة الرياضية. [3]

عن ماذا نبحث أولًا في البيانات الإكلينيكة؟

  • الهدف: محاولة فهم الهدف من هذه البيانات، وما تحاول أن توضحه، والسؤال الذي تجيب عنه.
  • عدم التحيز: ينبغي أن تكون كل البيانات المُعرفة للأشخاص المشاركين مجهولة لمن يقوم بعملية تحليل البيانات. بهدف عدم التحيز لنتيجة ما.
  • تركيبة البيانات: يجب أن تكون متطابقة لقوانين الصحة العالمية، لكي يتم الاعتبار بها كنتيجة حقيقية.
  • اتجاهات البيانات: يجب أن تكون البيانات مُعبرة عن النتيجة. [2]

المجالات الصحية التي تُطبق فيها علم البيانات الإكلينيكية:

  • إدارة أعمال منشاّت الصحة العامة.
  • الصحة العقلية.
  • الصحة العامة.
  • اليقظة الدوائية.
  • انتشار الأمراض.
  • الكشف عن الغش في الأدوية.

مصادر

[1] towards data science

[2] propharma group

[3] springer link

[4] market data forecast

المادة المظلمة، أحد أكثر ألغاز الفضاء تعقيداً.

تعد المادة المظلمة أحد أعقد ألغاز الكون, فلماذا حصلت على هذا اللقب؟ و ما علاقتها ببداية تشكل الكون؟

ما هي المادة المظلمة؟

محاكاة للمادة المظلمة

يطلق على المادة المظلمة “The Dark Matter” العديد من المسميات الأخرى، مثل المادة المعتمة، أو المادة السوداء. وهي مادة فرضية تم إيجادها بشكل فرضي من قبل العلماء لتفسير جزء كبير من كتلة الكون. فقد تم الإستدلال عنها وعن خصائصها عن طريق دراسة آثار الجاذبية التي تظهر على المواد و العناصر المرئية في الكون، مثل الغبار الكوني، والسُدم، و غيرها. ووفقا ً لمعطيات فريق مرصد بلانك التابع لوكالة الفضاء الأوروبية “ESA” التي ظهرت في 21 مارس عام 2013. فإن المادة المظلمة تشكل ما نسبته 26.3% من مكونات الكون. و من الأسباب التي دفعت العلماء لوضع نظرية المادة المظلمة هو تفسير الكتلة الضخمة للكون. فبالنظر إلى كتلة الأجسام و المواد القابلة للرصد في الكون نجد أن كتلتها أقل بكثير من كتلة الكون الفعلية. فتم إسناد الفرق في الكتلة إلى المادة المظلمة. حيث أنها تشكل ما نسبته 84.5% من مجمل كتلة الكون، وذلك حسبما ورد عن فريق مرصد بلانك.

وتظهر في الصورة المرفقة توهج غاز موجود بالفضاء نتيجة لتأثره بقوة جاذبية كبيرة من عدد من المجرات و العناقيد المجرّية. و لكن عند حساب قوى الجاذبية الكلية المؤثرة عليها، فإننا نجد أنها تتجاوز المجموع النظري لكل مجرة على حدا. و بالتالي أسندت الجاذبية الزائدة إلى المادة المظلمة.

وقد صرح العلماء بأن المادة المظلمة تتكون بشكل أساسي من جسيمات دون ذرية غير محددة، ويجب الإشارة بأنه لا يمكن رصد المادة المظلمة بواسطة التلسكوبات، لأن المادة المظلمة لا تمتص و لا تبعث الضوء أو أي إشعاعات كهرومغناطيسية أخرى على أي مستوى هام. [1] [2]

المادة المظلمة، وبداية الكون.

في بدايات الكون الأولى بعد الانفجار العظيم، شكلت المادة المظلمة أحد اللبنات الأساسية في خلق الكون المعروف لنا حالياً. حيث أنها ساعدت في إضاءة النجوم الأولى منذ حوالي 20-100 مليون سنة بعد الانفجار العظيم. وذلك حسبما ورد عن العالم بيتر برجمان، والعالم ألكسندر كوسينكو من مجامعة كاليفورنيا، فقد أظهرا أن المادة المظلمة تحتوي على نيوترونات عقيمة. وإن هذه النيوترونات العقيمة عندما تضمحل تسرع من عملية خلق جزيئات الهيدروجين. و هذه العملية هي التي تساعد على إضاءة النجوم. وقد اتفق العلماء على أن النيوترونات العقيمة لها كتلة وقد تم معرفة ذلك من خلال قياس ذبذبات النيوترونات. وهذا ما قاد العلماء إلى افتراض وجود النيوترونات العقيمة موجودة داخل المادة المظلمة. حيث أن تلك النيوترونات لا تتفاعل بشكل مباشر، و لكنها تتفاعل من خلال خلطها مع النيوترونات العادية. وهذا ما يفسر ضخامة الكتلة المفقودة في الكون، و هذا ما أدى إلى ظهور فرضية المادة المظلمة بالتتابع.[1]

علماء افترضوا وجود المادة المظلمة.

اعتمد الكثير من العلماء على وجود المادة المظلمة في حساباتهم بشكل أساسي. فكان أول من افترض وجود المادة المظلمة كان عالم الفلك الهولندي “جان أورت-Jan Oort”. حيث استخدمها لحساب السرعات المدارية للنجوم في مجرة درب التبانة عام 1932. و بعدها استخدمها العالم الألماني “فريتز زفيكي-Fritz Zwicky” للحصول على تفسير مقبول للكتلة المفقودة المطلوبة نظرياً للسرعات المدارية للنجوم في المجرات. وقد استخدمت نظرية المادة المظلمة أيضاً من قبل العالمة الأمريكية “فيرا روبين-Vera Rubin” لحساب سرعة دوران المجرات حول نفسها. وعلى الرغم من اعتماد العلماء بشكل كبير على المادة المظلمة في الكثير من الحسابات الفلكية إلا أنه تم إيجاد العديد من الفرضيات الأخرى لتفسير الشذوذ الكبير والغير متوقع في حركة النجوم في المجرات بناءً على حسابات الجاذبية. مثل نظرية STVG والتي قام بصياغتها العالم “جون موفات-John Moffat” عام 2014 حيث استخدمت بنجاح في حسابات دوران المجرات حول نفسها، و أيضاً لتفسير ظاهرة عدسة الجاذبية.[1] [2]

المادة المظلمة، ونظرية بيرمان وكوسينكو.

جاءت نظرية بيرمان وكوسينكو مؤيدةً لنظرية المادة المظلمة. حيث تهتم نظرية بيرمان وكوسينكو بالظواهر الفلكية الغير مفسرة و منها المادة المظلمة.

حيث ينتج عن انفجار “مستعر أعظم-Supernova” شيءٌ يسمى بالبولسرات. وهي عبارة عن نجوم نيوترونية تدور بسرعة عالية جداً تصل أحيانا إلى مئات أو حتى آلاف الكيلومترات في الثانية الواحدة. مصدر هذه السرعات يبقى مجهولاً و لكن تتبع حركة البولسرات عن طريق النيوترونات العقيمة الموجودة في المادة المظلمة.[3] [1]

أنواع المادة المظلمة.

تنقسم المادة المظلمة إلى نوعين، المادة المظلمة الباريونية، و المادة المظلمة الغير باريونية.

المادة المظلمة الباريونية تشكل جزء صغير جدا من المادة المظلمة. حيث تتكون المادة المظلمة الباريونية من الباريونات فقط. وهي جزيئات ذرية مركبة عبارة عن جزيئات لا تحتوي على ذرة ثقيلة من البروتونات أو النيترونات أو مزيج من كليهما. توجد المادة المظلمة الباريونية في الأجسام فائقة الكثافة في الفضاء مثل الثقوب السوداء، والنجوم النيوترونية ،والأقزام البيضاء.

محاكاة للثقب الأسود

أما المادة المظلمة الغير باريونية فإنها تشكل الجزء الأكبر من المادة المظلمة الموجودة في الفضاء. ولا توجد الكثير من المعلومات عنها.[1]

المصادر

  1. Wikipedia
  2. NASA
  3. THE NATURE OF LIGHT DARK MATTER

مقدمة في نظرية التعقيد الحسابي

ماذا يتبادر إلى ذهنك عند سماع كلمة (التعقيد)؟ شيء صعب، مستحيل، غير مفهوم! فالتعقيد نظرية شهيرة، إذ إن «نظرية التعقيد-Complexity theory» هي نظرية مركزية في علوم الحاسوب، إذ تستخدم نماذج حسابية مثل آلات تورنج للمساعدة في اختبار التعقيد وتساعد علماء الحاسوب على ربط المشكلات وتجميعها وإذا كان من الممكن حل مشكلة ما؛ فإنها ستفتح الطريق لحل مشكلات أخرى معقدة أيضًا ويساعد التعقيد في تحديد مدى صعوبة المشكلة وسبق لنا في مقال سابق أن تحدثنا عن الأنظمة المعقدة على نحو مبسط. لكن هل سبق وسمعت عن نظرية تسمى «التعقيد الحسابي-Computational Complexity»؟ في هذا المقال ستتعرف عليها. لما لها من أهمية عظمى، لكن بدايةً لنبدأ بنبذة عن نشأة وعلماء تلك النظرية…

نبذة عن نشأة نظرية التعقيد الحسابي

وضعا كل من عالم الرياضيات وعالم الحاسوب «يوريس هارتمانيس-Juris Hartmanis» وعالم الحاسوب والرياضيات «ريتشارد ستيرنز Richard E. Stearns» الورقة البحثية الأساسية التي أرست أسس نظرية التعقيد الحسابي.

المحطات العلمية في حياة هارتمانيس

هاجر هارتمانيس إلى ألمانيا في نهاية الحرب العالمية الثانية، ودرس الفيزياء في جامعة فيليبش في ماربورغ قبل انتقاله للولايات المتحدة. نال درجة الماجستير في الرياضيات عام 1951 من جامعة كانساس سيتي ودكتوراه في الرياضيات 1955 من معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا. وبدأ بالتدريس في جامعة كورنيل وجامعة ولاية أوهايو قبل أن ينضم إلى مختبر بحوث جنرال إلكتريك 1958 ومن ثم عاد إلى كورنيل لرئاسة قسم الحاسوب الجديد وتقاعد منه كأستاذ في الهندسة عام 1982. وبعد تقاعده انضم إلى مجلس العلوم في معهد سانتا في وهي مجموعة بحثية مستقلة تأسست في 1984؛ لدعم التعاون في دراسة مبادئ التعقيد.

انتُخب هارتمانس لعدة أماكن علمية مرموقة مثل:

  • عضوية الجمعية الأمريكية للعلوم عام 1981.
  • الأكاديمية الوطنية الأمريكية للهندسة عام 1989.
  • الأكاديمية اللاتفية للعلوم عام 1990.
  • أخيرًا، الأكاديمية الأمريكية للعلوم والفنون عام 1992.

إضافة إلى فوزه بميدالية بولزانو الذهبية لأكاديمية العلوم بجمهورية التشيك عام 1995 والميدالية الكبرى لإكاديمية لاتفيا للعلوم 2001 وجائزة تورينج.

المحطات العلمية في حياة ريتشارد ستيرنز

نال ستيرنز درجة البكالوريوس في الرياضيات 1958 والدكتوراه 1961 من جامعة برينستون. عمل بعد ذلك في شركة جنرال إلكتريك في المدّة ما بين 1961 و1978. وشغل منصب أستاذ في جامعة ولاية نيويورك SUNY من 1978 لـ 2000.

بالتعاون مع هارتمانيس، نشرا كتاب «حول التعقيد الحسابي للخوارزميات» في مايو 1956 وقدم ستيرنز مساهمات في تحليل الخوارزميات و«نظرية الأوتوماتا-automata theory» ونظرية الألعاب. أيضًا كتب نظرية البنية الجبرية للآلات المتسلسلة عام 1966 بالتعاون مع هارتمانيس ونظرية Compiler design مع أساتذة علوم الحاسوب بجامعة نيويورك.

الحساب والمعلومات

لنفهم نظرية التعقيد الحسابي، دعونا نبدأ بمعرفة ماهية كلمة (الحساب)، ربما الحساب بالنسبة لأغلبنا 1+1=2. وهذا أول تفسير يتبادر إلى أذهاننا وهذا مثال وليس وصفًا أو تعريفًا لتلك الكلمة. ربما نوضح هذا المثال للأطفال عند سؤالهم. فالحساب هو عملية فيزيائية محدودة بوقت ولمجموعة معينة من الدوال المختلفة. يضخم هذا التعريف من العملية الفيزيائية، ونستخدم هذا التعريف إذ إن معظم الأشياء التي تحسب تكون عادة على هيئات مجموعات. فتمثل الحسابات أيضًا معالجة للمعلومات، لكن ما المعلومات؟ المعلومات هي التي تفسر حالة نظام معين (مجموعة ثابتة من الحالات مختلفة)، فأول وصف لكمية المعلومات قدمه عالم الرياضيات الأمريكي كلاود شانون.

خصائص النظم الحسابية

بعدما تعرفنا على كل من كلمتي المعلومات والحساب المرتبطين بنظرية التعقيد الحسابي، حان الآن أن تتعرف على خصائص النظم الحسابية ومن أهم تلك الخصائص الكثيرة هي:

  • القدرة المعلوماتية (أي كم الدوال في تلك النظم الحسابية ومقدار المعلومات التي يمكن تخزينها).
  • السرعة (المقصود هنا سرعة معالجة النظم الحسابية لملايين البتات من البيانات في الثانية).

كما نوهنا يوجد خصائص لا حصر لها مثل الدقة وتعددية الاستخدامات وغيرها. نهاية، فالهدف من الحساب إيجاد قيم بعض الدوال.

لننتقل لفهم نظرية التعقيد الحسابي وقبلها وجب أن تكون على دراية بالمقالات السابقة في الخوارزميات وأن هنالك دوال قابلة للحساب وأخرى غير قابلة ودعونا نوضح مثال بسيط، لدينا مجموعة من الرؤوس والأضلاع وهنالك مشكلتي المساران المعروفان في نظرية الرسوم البيانية:

الأول، مسار أويلر: هو ذلك المسار الذي يمر بكل حافة مرة واحدة فقط.

الثاني، مسار هاميلتون: المسار الذي يمر بجميع الرؤوس مرة واحدة فقط.

فحلل العلماء المشكلتين وأنه إذا كان لدينا خوارزمية فعالة فستحل المشكلة الأولى ولن تحل الثانية. فهنالك خوارزميات يمكنها حل مشكلات معينة وأخرى لا وذلك متعلق بقابلية الحساب وأن هنالك دوال قابلة للحساب وأخرى لا.

مثال آخر: مشكلة P وNP. إذ تمثل P مجموعة من المسائل التي لها خوارزمية حل وNP المسائل التي ليس لها خوارزمية حل؛ لذلك يمكنك معرفة المزيد من هذا المقال: ما هي حدسية P=NP؟.

نهاية عزيزي القارئ، تعد نظرية التعقيد الحسابي فرع من علوم الحاسوب وتهتم بدراسة الخوارزميات لحل المشكلات الرياضية. ومن بين أهدافها تصنيف المشكلات حسب درجة الصعوبة، أي مدى صعوبة حلها حسابيًا كمشكلتي مسار أويلر ومسار هامليتون.

المصادر

أفضل 5 طرق لتحسين الذاكرة

لعلك تعجبت يومًا من أبطال الذاكرة وكيف هكذا ذاكرتهم! وتمنيت كذلك بأن تكون ذاكرتك جيدة. بدلًا من نسيانك ما أكلته البارحة خاصة في عصرنا حيث الكثير من المشتتات… إذا كنت لا تعرف قدراتهم وأول مرة تسمع عن بطل للذاكرة، فلدينا على سبيل المثال «بوريس كونراد-فيBoris Konrad» الذي استطاع أن يحفظ أكثر من 100 تاريخ وحدث عشوائي في ثلاثين ثانية. كذلك 195 من الأسماء والأوجه في 15 دقيقة وكان ذلك وهو يبلغ 32 عامًا في 2009. فحينما سُأل كونراد عن إنجازه، صرح وقال: “لقد بدأت بذاكرة طبيعة كأي أحد لكن دربت نفسي فقط لأصل إلى ذلك”. فوضح أيضًا استخدامه لبعض التقنيات مثل قصر الذاكرة، قد تظن أن ذلك مستحيل لكن حقيقةً الأمر ليس فطريًا وأن تقنيات الذاكرة البسيطة؛ ينتج عنها تحسن ملحوظ مع الممارسة الدائمة. 

في هذا المقال، سنسافر في رحلة مع طرق لتحسين الذاكرة ونصائح من أبطالها ودراسات… ولا نعدك أن تصبح بطلًا لكن ربما. كل ما نستطيع أن نقدمه لك هو كيفية تحسين ذاكرتك من خلال بعض الطرق، وأنت بيدك أن تقرر وتستمر وتجعلهم عادات يومية؛ فهيا بنا لصلب حديثنا ونتعرف على أفضل 5 طرق لتحسين الذاكرة.

دراسات توضح الفرق! 

تكون المنافسات في الذاكرة لتذكر أطول سلسلة من أوراق اللعب أو تذكر أسماء ووجوه… فيعتمد رياضيو الذاكرة على تقنيات عدة منها كما ذكرنا قصر الذاكرة. وذلك المصطلح استخدمه «جوشوا فوير-Joshua Foer» في كتابه الشهير رقصة القمر مع آينشاتين. لكن ما أريد طرحه هو دراسة بين أدمغة الرياضيين والبشر العاديين، فماذا فعل العلماء؟ جعل العلماء بعض الأشخاص العاديين يتلقون تدريب لمدة ستة أسابيع على طريقة قصر الذاكرة وما أظهرته أنه لم يحقق غير الرياضيين إنجازات مماثلة فقط. بل أيضًا حدثت تغييرات دماغية كذلك بعد أربعة شهور من التدريب، وظهر تحسن أكثر. كانت هذه الدراسة بالتعاون بين معهد Donders ومختبر دكتور «مايكل جريسيوس-Michael Greicius» في جامعة ستانفورد.

ماذا سيحدث إذا توقفوا عن الممارسة؟

كذلك نُشرت دراسة في مجلة Neuron. توضح أن 23 مشاركًا كانوا يتدربون يوميًا لمدة 30 دقيقة وقد تضاعفت قدراتهم في تذكر القوائم على مدار 40 يومًا. فمن كانوا متوسط تذكرهم 26 كلمة من قائمة ما؛ أصبحوا قادرين على تذكر 62 كلمة. وبعد أربعة أشهر عاد المتدربون ووجد الباحثون أن أدائهم مازال مرتفع على الرغم أنهم لم يتدربوا إطلاقًا.

نهاية هذه المقارنة عزيزي القارئ توضح أنه لا يوجد أية أدلة علمية تثبت أن هنالك ميزة معينة فطرية في دماغ هؤلاء الرياضيين. أما بالنسبة للأشخاص العاديين حين تدربهم. فلم يكن التغيير في قدرات الذاكرة فقط بل في أدمغتهم، إذ حددت صور الرنين المغناطيسي الوظيفي تدفق الدم ونشاط الدماغ لحوالي 2500 اتصال مختلف. أيضًا كشفت دراسة من جامعة أوسلو أنه يمكن لتدريب الذاكرة أن يساعد في التطوير المعرفي للأطفال والبالغين.

الآن قد حانت اللحظة بعد ما تعرفنا على بعض الدراسات وكيف أن أمر تحسين الذاكرة وتمرانها مهم وأنه قول عدم إمكانية تحسينها هو مجرد خرافة؛ لنتعرف الآن على أفضل 5 طرق لتحسين الذاكرة يمكنك تطبيقها يوميًا… 

أفضل 5 طرق لتحسين الذاكرة

تُوفيت جدة البطل العالمي في الذاكرة «نيلسون ديليس-Nelson Dellis» في 2009 بمرض الزهايمر وكان هذا الحدث مصدر لانطلاقة نيلسون في عالم الذاكرة والبطولات. فوضح في لقاء مع قناة CNBC أنه كان طالبًا جيدًا لكن ذاكرته كانت متوسطة. فسعى يبحث عن طرق لتحسين الذاكرة وانضم لمنتديات رياضيو الذاكرة واستمع إلى الكتاب الصوتي لدومينيك أوبراين وهو بطل العالم في الذاكرة سبع مرات. اليوم ديليس بطل العالم أربع مرات ومؤلف كتاب. فقد وضح بعض الممارسات يمكنك اتباعها وكذلك سنعرض بعض الممارسات العامة… 

انعزل عن التكنولوجيا 

يوضح ديليس أنه لابد من الانفصال التام لبعض الوقت عن التكنولوجيا ولمدة ساعة. لأن ذلك يعزز الذاكرة فالمشتتات كحائل في وجه تذكرك للمعلومات، كذلك أُجريت دراسة في عام 2017 من كلية McCombs في جامعة تكساس أن وجود الهاتف يقلل القدرة المعرفية؛ مما يؤثر على تخزين البيانات ومعالجتها. 

نم بعد التعلم

عند تعلمك أو فعلك لشيء ما، وهو الآن جديد على ذاكرتك ولتذكرة بوضوح؛ نم بعد الانتهاء منه مباشرة. إذ وجدت دراسة أن الطلاب الذين ينامون بعد ثلاث ساعات على الأكثر بعد دراستهم لشيء ما؛ فإنهم يتذكروا المحتوى بنسبة 16٪ من مجموعة طلاب آخرين قد انتظروا عشر ساعات وناموا. 

التصور

لا تستطع أدمغتنا أحيانًا التمييز بين ما هو حقيقي وما هو مُتخيل، فبإمكان الصور الذهنية أن تنشط بعض المناطق في الدماغ ويؤدي هذا التمرين إلى تحسين ملموس في بعض المهام. من أشهر الطرق طريقة قصر الذاكرة أو Loci، فقد أظهرت دراسة كانت تبحث في أسباب تفوق أبطال الذاكرة؛ أنهم يستخدمون تلك الطريقة (طريقة Loci). إذ يعتمدون على تشفير المعلومات وتخزينها بواسطة تصورهم لأحداث معينة وربط المعلومات بها. فقد استخدم ديليس ذلك بالتأكيد، إذ يوضح أن هدفه أنه كلما حفظ شيء ما حوله لصورة ذهنية وباستخدام أكبر عدد من الحواس. 

قسم المعلومات 

يمكننا تخزين حوالي 7 أجزاء من معلومات معينة في الذاكرة قصيرة الأمد لكن من الأفضل تذكر المزيد؛ لذا تأتي عملية التقسيم. فإذا كانت لديك سلسلة من الأرقام المكونة من 20 رقم، قد يصعب تذكرها، لكن إذا قسمتهم ورتبتهم في صورة معروفة لك فسيصبح الأمر بسيط. 

خذ راحة ودفقات صغيرة! 

سبب الانخفاض الاكاديمي لبعض الطلاب هو استذكار مادة معينة في ليلة واحدة وذلك لا يؤدي فقط لانخفاض اكاديمي بل واكتئاب وقلق وأرق… يمكنك استخدام طريقة بومودورو Pomodoro Technique التي طورها الإيطالي فرانشيسكو سيريلو، لتقسيم العمل إلى عدة أجزاء وأخذ راحة قصيرة. 

إليكم بعض المقترحات لتحسين الذاكرة 

سأرشح لك الآن بعض التطبيقات والمنصات التي أراها مميزة…

‏Lumosity

‏Train Your Brain

‏شعلة. 

‏منصة Art of Memory.

بالتأكيد قد تبادر إلى ذهنك سؤال هل للذاكرة حد؟ إن المعلومات تمر بثلاث مراحل وهم التسجيل والتخزين والاسترجاع وكذلك يوجد أربعة أنواع للذاكرة وهم الحسية والعاملة وطويلة الأمد وقصيرة الأمد. فللذاكرة العاملة والحسية وقصيرة الأمد قدرات أقل لدوامهم لفترات قليلة ويمكن زيادة سَعَة الذاكرة قصيرة الأمد بالممارسة. لكن أدمغتنا ليست حواسيب ولا تشغل الذكريات حيزًا ماديًا؛ لذا لا يوجد حد معين لسعة الذاكرة طويلة الأمد. فهذا ما نستنتجه.

المصادر

الأنظمة المعقدة وخصائصها

لعلك تتذكر جورجيو باريزي وسيوكورو مانابي وكلاوس هاسلمان الحائزين على نوبل 2021 في الفيزياء ومساهماتهم في فهم الأنظمة المعقدة، ففي كل مجال سواء في الرياضيات أو الفيزياء أو الأحياء أو الاقتصاد… هنالك بعض الأنظمة التي لم يستطع العلماء تفسيرها مثل مجموعات النمل التي تراها، الاقتصاد البشري أو المناخ أو حتى الوعي البشري، الذي ينظر إليه كونه خاصية ناشئة لشبكة معقدة من الخلايا العصبية في أدمغتنا والكثير من الأمثلة، فقد أطلق العلماء على تلك الأنظمة اسم (الأنظمة المعقدة) فهنالك قول أرسطو الشهير: “الكل أكبر من مجموع أجزائه”. إذ إن الأنظمة المعقدة يستلزم فيها السلوك الجماعي لأجزائها لظهور خصائص يصعب استنتاجها. فيأتي علم الأنظمة المعقدة (نظرية التعقيد) ليقدم لنا طرقًا لفهم الكون من حولنا. فدراسة التعقيد نظرية علمية جديدة وفي هذا المقال سنوضح ما هي نظرية الأنظمة المعقدة وخصائصها.

كيف نفهم الأنظمة المعقدة؟

الساعة التي ترتديها بيدك، السلوك المنتظم لها هو الذي سمح لنا بإنشاء جهاز ضبط الوقت. لكن هناك بعض الأنظمة مثل الطقس أو الإنترنت. نحن نفهم هيكلهم لكن من الصعب التنبؤ بسلوكهم، كذلك دماغك معقدة من حيث التركيب والسلوك. فما يتضح لنا أن كلمة التعقيد (معقد) تُطلق على العديد من المكونات المتفاعلة التي من الصعب فهم سلوكها أو هيكلها.

فالأنظمة المعقدة ليست جديدة، لكن لأول مرة في التاريخ تُتاح أدوات لدراسة مثل هذه الأنظمة بطريقة علمية محكمة. فقديمًا، كانت دراسة الأنظمة المعقدة في البيئة أو الاقتصاد تستغرق وقتًا طويلًا أو خطيرة أو باهظة الثمن وغير علمية. لكن الآن وباستخدام الحواسيب، يمكن بناء على سبيل المثال بدائل سيليكون كاملة لهذه الأنظمة ويمكن التلاعب فيها.

مثال على النظرة غير العلمية

افترض أن مستثمرًا فرديًا يتفاعل مع البورصة وبذلك يؤثر على سعر السهم أثناء اتخاذ قرار بالشراء أو البيع أو الاحتفاظ، فيرى هذا المستثمر السوق على أنه معقد أو بسيط اعتمادًا على مدى إدراكه لتغير الأسعار. لكن لتلاحظ هنا أن البورصة أيضًا تعمل على المستثمر. فما يحدث فيها مؤثر على قرارات المستثمر، فهنا السوق يحكم بأن المستثمر لديه درجة معينة من التعقيد؛ تؤثر على تصرفاته مثل التوتر أو الهدوء أو عدم الاستقرار. فهنا يكمن التعقيد في عين المستثمر بقدر ما يكمن في بنية وسلوك النظام نفسه. فمفهوم التعقيد هنا من نظرة أي شخص غير علمية، فالبعض يرى أن الأميبيا أبسط من الفيل.

الخصائص المختلفة المرتبطة بالأنظمة البسيطة والمعقدة

عادة ما تستخدم كلمة التعقيد كاسم لشيء مخالف للحدس أو لا يمكن التنبؤ به أو صعب في فهمه. لذلك وضعت خصائص لوصف الأنظمة المعقدة بعيدًا عن المفاهيم غير العلمية. لنتطرق الآن لبعض تلك الخصائص…

«التنبؤ-Predictability»

لا مفاجآت في الأنظمة البسيطة، أسقط حجرًا؛ فسيقع. ضع أموالك في حساب بنكي فائدته ثابتة؛ ستتراكم الأموال بانتظام… فمثل هذه السلوكيات التي يمكن التنبؤ بها هي من خصائص الأنظمة البسيطة، أما الأنظمة المعقدة لا سلوك متوقع فيها ومليئة بالمفاجآت مثل فتح طرق سريعة جديدة؛ سيؤدي إلى زيادة أوقات التنقل واختناقات مرورية…

«الترابط-Connectedness»

تحوي الأنظمة البسيطة عددًا قليلًا من المكونات مع عدد قليل من المتغيرات مع سيطرة على الروابط بين تلك المتغيرات مثل منظمة ما تتميز بالاستقرار الوظيفي أو المقايضة البدائية حيث تداول عدد قليل من السلع وهي أبسط في الفهم من الاقتصاديات المتقدمة للدول الصناعية التي نعدها من الأنظمة المعقدة.

«التحكم المركزي-Centralized control»

يتركز التحكم في الأنظمة البسيطة في موقع واحد أو عدة مواقع قليلة على الأكثر مثل الشركات المملوكة للقطاع الخاص. على العكس تمامًا، تُظهر الأنظمة المعقدة انتشارًا للسلطة الحقيقة وقد يبدو لك أن لها سيطرة مركزية فتشمل الأنظمة اللامركزية للحكومات والجامعات والإنترنت كذلك… فتميل الأنظمة المعقدة إلى التكيف على نحو أسرع مع الأحداث غير المتوقعة وتُعد أكثر مرونة.

«التحلل-Decomposability»

التفاعلات بين النظام البسيط قليلة أو ضعيفة بين مكوناته المختلفة. فيتصرف النظام على نحو أكثر أو أقل كما كان عليه سابقًا عند قطع بعض الاتصالات. من الناحية الأخرى، فالعمليات المعقدة غير قابلة للاختزال أي لا يمكن أن يتحلل النظام إلى أنظمة فرعية دون خسارة، فإهمال جزء من عملية ما أو قطع الاتصال الرابط بين أجزائها؛ سيُدمر الجوانب الأساسية لسلوك النظام أو هيكله.

وترجع آليات توليد المفاجآت إلى السلوكيات التي تظهرها الأنظمة المعقدة مثل:

«المفارقة-Paradox»

تنشأ المفارقات عادة من الافتراضات الخاطئة التي تؤدي إلى تناقضات بين السلوك المرصود والمتوقع وتحدث في مواقف غير منطقية.

«عدم الاستقرار-Instability»

عند حدوث اضطرابات صغيرة في الأنظمة غير المستقرة، تتولد المفاجآت مثل انهيار أسواق الأسهم.

«غير قابلة للحوسبة-Uncomputability»

إن السلوكيات التي تُظهرها نماذج الأنظمة المعقدة هي نتيجة اتباع مجموعة من القواعد. لأن تلك النماذج مجسدة في حواسيب التي بالضرورة تتبع لقواعد محددة. مع أن آلات الحوسبة تتبع قواعد، فلا يوجد سبب للاعتقاد بأن أي عمليات في الطبيعة أو بشرية تستند بالضرورة لقواعد. فإذا كانت هناك عمليات غير قابلة للحوسبة موجودة في الطبيعة مثل حركة الكتل الهوائية في الغلاف الجوي، فإن الظاهرة الحقيقة لأي نظام لن تظهر على الحاسوب أبدًا لأن تلك الكميات غير القابلة للحوسبة موجودة فعلًا خارج عالم الرياضيات.

«الاتصال-Connectivity»

يتميز النظام بالروابط والتفاعلات بين مكوناته وكذلك تأثير تلك الروابط على سلوكه وهذه إحدى الخصائص. فمثلًا العلاقة بين رأس المال والعمل هي التي توجد الاقتصاد، فالنظام المعقد مترابط ومتصل جيدًا ويكمن التعقيد والمفاجأة في الأنظمة المعقدة في تلك الروابط.

«التولد-Emergence»

تشير إلى الخصائص غير المتوقعة في أية أنظمة فرعية فردية التي تنشأ من التفاعلات. مثل الماء، فخصائصه المميزة في شكله في صورة سائل وعدم القابلية للاشتعال وذلك بالطبع يختلف عن خصائص الغازات المكونة له. فيكمن الاختلاف بين التعقيد الناشئ عن «التوليد-Emergence» في طبيعة التفاعلات بين المكونات.

فلا تركز فقط على ما إذا كان هناك نوع من التفاعلات بل أيضًا على طبيعة تلك التفاعلات فمثلًا لا يمكنك التمييز بين (ماء الصنبور العادي) الذي يتضمن تفاعلًا بين جزيئات الهيدروجين والأكسجين و(الماء الثقيل) الذي يتضمن تفاعلًا بين نفس المكونات لكن مع وجود نظير لمادة الهيدروجين يدعى (ديوتريوم) في هذا المزيج؛ فالتولد من شأنه التمييز، إذ تظهر خصائص معينة (المتولدة) عند تفاعل تلك الأنظمة.

فهذه العناصر هي الخصائص التي هي مصدر توليد المفاجآت.

وهكذا نختم حديثنا عن ذلك العلم الواسع الذي تعرفت فيه على نُبْذَة من شأنها أن تساعدك في فهم المقالات القادمة في الحوسبة الكمية، إذ سنتحدث عن نظرية التعقيد الحسابي؛ فتابعنا.

المصادر

uwaterloo

cssociety

britannica

تحسين النسل .. جودة مجتمعية أم عنصرية علمية؟

هل تؤثر سمات والدك على سماتك؟ هل تتدخل موهبة والدتك ـفي مجال ماـ في تكوين ميولك أو شغفك؟ من أين اكتسبت هوايتك؟ هل يمكن أن تصبح فاشلًا إذا كانا والداك موهوبين؟ ماذا عن انتقال الأمراض والعادات السيئة؟ هل يمكن تحسين النسل من خلال انتقاء الصفات الجيدة وتشجيع أصحابها على التكاثر، والحد السمات السيئة عن طريق منع أصحابها من التكاثر والتزاوج؟ هل نطلق عليه جودة مجتمعية أم عنصرية علمية؟

فرانسيس غالتون أبو علم النسل

يُشار لتحسين النسل إلى تحسين الجنس البشري والمجتمع من خلال تشجيع الإنجاب من قِبَل الناس أو السكان الذين يتمتعون بخصائص “مرغوبة” (والتي يطلق عليها اسم “تحسين النسل الإيجابي”) وتثبيط الإنجاب من قِبَل الأشخاص الذين يتمتعون بخصائص “غير مرغوب فيها” (يطلق عليها “تحسين النسل السلبي”) يعتبر فرانسيس غالتون مبتكر مجال تحسين النسل وهو مستكشف وعالم أنثروبولوجيا معروف بدراساته في علم النسل والذكاء البشري.[1]

كان غالتون مقتنعًا بأن الصفات الاجتماعية والعقلية، مثل الموهبة والذكاء تُورث. نشر غالتون أفكاره في مجلة ماكميلان الشعبية  وقام بأبحاث واسعة النطاق لمحاولة إثبات أن الشخصية وأخلاقيات العمل، وغيرها من الصفات كانت وراثية، ويمكن تعقبها من خلال السلالات العائلية. فقد أجرى غالتون العديد من دراساته عن طريق إجراء مسح شامل لأسر العديد من المشاهير المختلفين والرائدين في مجالات مختلفة كالسياسة والطب والقضاء والف، ومجالات اخرى غيرها. إلى أن توصل إلى جمع معلومات كثيرة عن ما يقرب من 997 فردًا من المشاهيرفي حوالي 300 أسرة. ومن خلال تحليل تلك البيانات والمعلومات التي رصدها أستطاع غالتون أن يثبت أن الموهبة والعبقرية والتفوق هي صفات تسري في عائلات بعينها، وأن هذا يعني أنها تنتقل وراثيًا عبر أفراد هذه الأسر. في عام 1869، أصدر مجموعة من البيانات التي جمعها ونشرها تحت عنوان “العبقرية الوراثية” [2]

 في عام 1883، استخدم السير فرانسيس غالتون، مصطلح تحسين النسل. ويعتقد غالتون أن الجنس البشري يمكن أن يساعد في توجيه مستقبله عن طريق تربية الأفراد الذين يتمتعون بصفات “مرغوبة” بشكل انتقائي. فقد وضع غالتون أسس تحسين النسل مشيرًا إلى أنه من الممكن تحسين الجنس البشري والمجتمع من خلال تشجيع الإنجاب من قِبَل الناس أو السكان الذين يتمتعون بخصائص “مرغوبة” (والتي يطلق عليها اسم “تحسين النسل الإيجابي”) وتثبيط الإنجاب من قِبَل الأشخاص الذين يتمتعون بخصائص “غير مرغوب فيها” (يطلق عليها “تحسين النسل السلبي”)

تحسين النسل الإيجابي: صُممت برامج تحسين النسل الإيجابي لتحفيز أولئك الذين يتمتعون بصفات مرغوبة على إنجاب المزيد من الأطفال وبالتالي زيادة عدد الأفراد الذين يتمتعون بهذه الصفات المرغوبة لدى السكان فيستمر “الأفضل” ويستمرانتقال خصائصها.[3]

أما الذين يصرون على أنهم “غير صالحين” أو الذين لا يتمتعون بالسمات المرغوبة فيتم تثقيفهم ضد إنجاب الأطفال لصالح الجنس البشري. ويعتمد هذا الجانب على السلوك الإيثاري أو الإيثاري من جانب أولئك الذين يعتبرون “غير صالحين / مؤهلين”

ولكن عندما لا تنجح فضيلة الإيثار في توجيه الأفراد ذوو الصفات الغير مرغوبة، فإن النهج الثاني (تحسين النسل السلبي) يصبح حلاً أفضل

تحسين النسل السلبي: ويقصد به تثبيط أو حظر الزواج لمن يتمتعون بخصائص غير مرغوب فيها من الناحية التناسلية والعزل الجنسي والتعقيم لمن يتمتعون بهذه الصفات. فخلص غالتون إلى أن وضع النخبة في المجتمع كان بسبب تركيبة جينية جيدة. في حين أن خطط غالتون لتحسين الجنس البشري من خلال التكاثر الانتقائي لم تؤتي ثمارها قط في بريطانيا، إلا أنها في نهاية المطاف أخذت منعطفات شريرة في بلدان أخرى. [4]

تاريخ تحسين النسل في الولايات المتحدة الأمريكية والماضي الأسود

كانت التخوفات من استغلال تحسين النسل لقمع الحريات وسلب الحقوق الانسانية البديهية كالحرية في الزواج، والحرية في الحصول على فرص التعليم والعمل من قِبل الحكومات المتسلطة. يمكن القول بأن تلك المخاوف صدر ومضاتها تاريخ تحسين النسل في الولايات المتحدة الأمريكية.

بدأت حركة  تحسين النسل في الولايات المتحدة في أوائل القرن العشرين؛ وكانت الولايات المتحدة أول بلد لديه برنامج منهجي لإجراء التعقيم على الأفراد دون علمهم أو رغما عنهم، وقد أيده وشجعه عدد كبير من الناس، بمن فيهم السياسيون والعلماء والإصلاحيون الاجتماعيون وقادة الأعمال البارزون وغيرهم من الأفراد ذوي النفوذ الذين يتقاسمون هدفاً يتمثل في تخفيف “العبء” عن المجتمع. واعتُبر معظم الأشخاص المستهدفين بالتعقيم من ذوي الذكاء المنخفض، ولا سيما الفقراء منهم وفي نهاية المطاف ذوي البشرة السمراء. وأصبحت حركة تحسين النسل تعتبر على نطاق واسع وسيلة مشروعة لتحسين المجتمع ودعمها أشخاص مثل ونستون تشرشل ومارغريت سانغر وتيودور روزفلت وجون هارفي كيلوغ.

كان للحركة أيضا منتقدين ، بما في ذلك المحامي ومحامي الحقوق المدنية كلارنس دارو فضلا عن العلماء الذين دحضوا فكرة أن “النقاء” يؤدي إلى عدد أقل من الطفرات الجينية السلبية. في الفترة ما بين 1927 والسبعينات ، كان هناك أكثر من 60000 عملية تعقيم إجباري أجريت في 33 ولاية في الولايات المتحدة؛ كان لولاية كاليفورنيا فقط أكثر من 20000عملية، لم تسجل جميعها. [5]

الطفرات وعلم النسل

أحرز علم الوراثة البشري والجزيئي مؤخرًا تقدما ملحوظًا في تطوير فهم بيولوجيا الإنسان في الصحة وفي الأمراض. ونحن نعرف الآن بقدر كبير من التفصيل الآليات الكامنة وراء العديد من الأمراض البشرية، وقد ابتكر بعض العلاجات الدوائية والوراثية الفعالة بشكل ملحوظ لعدد متزايد من هذه الأمراض بناءًا على تلك الخطوات المتقدمة. لا سيما تلك التي تتناول أساليب فحص الأمراض، والكشف عن المكونات الوراثية للأمراض وتوصيفها، واستخدام علم الأحياء الكيميائي وعلم الأدوية الوراثي لتصميم عوامل علاجية فعالة.

ومن بين هذه الإنجازات، ولادة ونضوج مفاهيم وأدوات العلاج الجيني والعلاجات الجينية التي تجعل من الممكن  طرق جديدة لتعديل وتحسين العيوب الجينية الكامنة وراء المرض بدلًا من الاعتماد كليًا على أشكال العلاج القائمة على الأعراض البحتة. وخطوة أخرى من خطوات رحلة التطور تلك فالطب الحيوي أصبح الآن على وشك تحقيق المزيد من التقدم الملحوظ نحو فهم وعلاج الأمراض البشرية نتيجة لتطوير مفاهيم وأدوات تحرير الجينات التي يمكن أن تسمح بتصحيح نهائي للعناصر الوراثية التي تسبب الأمراض الموروثة وربما بعض الأمراض المكتسبة.

هذه الأدوات قد تطورت بالفعل في علم وراثة الخلايا الجسدية من المختبر إلى التطبيق السريري في مرحلة مبكرة في المرضى البشر. وقد وصلت دراسات تحرير الجينات إلى هذه المرحلة السريرية للتطبيقات الرامية إلى الوقاية من الأمراض الوراثية وحتى المعدية ، بما في ذلك فيروس نقص المناعة البشرية “الإيدز”[6] وأشكال سرطان الدم [7] ومرض الخلايا المنجلية [8]، وغيرها.

وقد تم توسيع نطاق هذا التدخل الجيني ليشمل دراسات تحرير الجينوم في الجنين البشري التي تبين أنها معرضة لخطر الإصابة بمرض خطير أو مميت.

يهدف مجال تحسين النسل إلى دراسة قوانين الوراثة من حيث تطبيقها على البشر، بهدف عملي هو استخدام هذه المعرفة لتحسين النوعية البدنية والعقلية للعرق. يعتقد العلماء أنه لا ينبغي أن يولد أي طفل في العالم دون أن تتاح له فرصة عادلة. ولذلك يؤكدون أن أي شخص، رجلا كان أو امرأة، يضطلع بالمسؤولية الخطيرة عن الوالدية، يجب أن يكون بمنأى عن أي مرض أو خلل عقلي أو أي إعاقة أخرى يحتمل أن تنتقل عن طريق الوراثة وبالتالي تعرقل نوعية الأجيال المقبلة. والآن يشارك أغلب الباحثون والناس هذا الرأي؛ بل إن الكثيرين لديهم عدد قليل جدا من الأطفال، لأنهم يرغبون في تقديم أفضل رعاية واهتمام لكل طفل. وبداعي أن بلدنا يحتاج إلى أفضل المواطنين القادرين على النهوض به.

وعلى الرغم من كل تلك الجهود في تحسين النسل، وتحديد الطفرات والإختلالات، إلا أنه ما زال هناك صعوبات تواجه العلماء في التنبؤ بوجود الصفات المرغوبة كالذكاء والمهارات المختلفة.

المصادر

[1]eugenicsarchive

[2]galton

[3]ncbi

[4]eugenicsarchive

[5]eugenicsarchive

[6]nejm

[7]science

[8]clinicaltrials

ساتيندرا ناث بوز: العالِم الذي أوصى به أينشتاين

لولا الفيزياء، لما تمكنا من حل الكثير من المعضلات الكونية، ولولا إسهامات ساتيندرا ناث بوز Satyendra Nath Bose في الفيزياء، لواجهنا الكثير من العقبات.

بدايات حياته

Satyendra Nath Bose

ولد ناث بوز في الأول من يناير عام 1894 في ولاية “بنغال الغربية” والتي تقع بالهند. كان الولد الأكبر والذكر الوحيد على إخوته الست. عرُف بوز بنبوغه وفطنته العقلية في بدايات حياته. اجتاز امتحان القبول في المدرسة الهندوسية (واحدة من أقدم المدارس بالهند)، وحصل على المركز الخامس مع مرتبة الشرف عن جدارة واستحقاق. [1]

ذلك الامتحان كان بمثابة الخطوة الأولى في حياته العلمية الطويلة. بعد ذلك التحق الشاب بالكلية الرئاسية الحكومية Presidency College حيث تعلم مبادئ العلوم في أحد مساقات الكلية على يد بعض العلماء المشهورين وقتها مثل جاجاديش تشاندرا بوز Jagadish Chandra Bose وبرافولا شاندرا راي Prafulla Chandra Ray.

تخرج ناث بوز من الجامعة ببكالوريوس العلوم الرياضية عام 1913 ليحصل بعدها بسنتين فقط على درجة الماجستير في نفس التخصص. دائمًا ما كان يحصد ناث بوز أعلى الدرجات بسبب نبوغه العلمي وتفوقه في الامتحانات، ليس هذا وحسب، بل حقق العالم الشاب أرقامًا قياسية بسبب علاماته المرتفعة تلك وإلى الآن لم يستطع أي طالب أن يتخطاها.

في فترة ما بين البكالوريوس والماجستير، تزوج ناث بوز من أوشا ديفي Usha Devi وكان وقتها يبلغ من العمر 20 ربيعًا. أما بعد الماجستير، تمكن بوز من أن يصبح باحثًا أكاديميًا بجامعة كلكتا Calcutta عام 1916. وقتها كانت نسبية أينشتاين في أوجها، وهذا ما لم يدعه بوز يفلت من تحت يديه، وبدأ رحلته وقتها في دراسة النظرية، ليس هذا وحسب، بل قام بوز أيضًا بتدريس الطلبة (الخريجيين وغير الخريجيين) بعض المساقات ليعلن بذلك، بطريقة غير مباشرةٍ، عن تكريس حياته للعلم. [2]

حياته الأكاديمية والعلمية

أثناء دراسته في كلكتا، عمل ناث بوز محاضرًا في قسم الفيزياء. وفي عام 1919، ترجم بوز كتابًا مبنيًا على محاضرات أينشتاين في النسبية العامة، من الألمانية والفرنسية إلى الإنجليزية. ذلك الأمر لم يكن ليتم لولا مساعدة أحد طلابه والذي يدعي “مينغاد ساها” Meghnad Saha. استطاع العالمان أن يقدما أوراقًا علمية في الفيزياء النظرية والرياضيات بعد ذلك.

في عام 1921، انضم ناث بوز إلى قسم الفيزياء بجامعة دكا الواقعة في عاصمة بنجلاديش. تلك الجامعة كانت حديثة نسبيًا وهذا ما دفع بوز وحثه على إنشاء أقسام، ومعامل، ومكتبات جديدة بالجماعة ليدرس الطلاب مساقات متقدمة. بعد انتقاله إلى الجامعة بثلاث سنوات، كتب ناث ورقة بحثية اشتق فيها قانون بلانك لإشعاع الكمومي دون الاستعانة بالفيزياء الكلاسيكية. تلك الورقة أثبتت قوتها لاحقًا كواحدة من أساسيات مجال الإحصاء الكمي. أرسل ناز الورقة إلى أينشتاين وهو من لاحظ أهميتها وسارع بترجمتها إلى الألمانية وأرسلها باسم بوز لواحدة من أهم المجلات العلمية وقتها، مجلة Zeitschrift für Physik.

قبلت المجلة ورقة ناث بوز العلمية والذي حصل بدوره على إجازة للعمل في أوروبا لمدة عامين في مختبرات الأشعة السينية وعلم البلورات جنبًا إلى جنب مع ماري كوري وآينشتاين وغيرهم الكثيرين. [2]

تبنى أينشتاين أفكار بوز ووسع الأمر ليشمل الذرات. وهذا ما أدى إلى اكتشاف واحدة من أهم الظواهر الفيزيائية والتي تسمى بظاهرة “تكاثف بوز-أينشتاين” Bose-Einstein Condensate.

ظاهرة تكاثف بوز- أينشتاين

Bose-Einstein Condensate

تتكون الغازات من مجموعة من الذرات لكل منها طاقتها في حالتها الطبيعية، ولكن عندما تتحول تلك الذرات إلى نوع آخر يُعرف بالبوزونات، تصبح طاقاتها متساوية عند درجة حرارة معينة. عندما تقل درجة الحرارة تلك، يتغير سلوك البوزونات وتتصرف بطبيعتها الموجية وتقل المسافات بينها لتتكاثف الجزئيات وتعمل كقالب واحد. [3]

على أي حال، بعد استحقاقه للإجازة في أوروبا وبقاءه فيها لفترة من الزمن، عاد بوز إلى جامعة دكا عام 1926. وعلى الرغم من عدم حصوله على درجة الدكتوراه، إلا أن أينشتاين أوصى به ورشحه ليكون عميد قسم الفيزياء بالجامعة.

الغريب في الأمر أنه بعد عودته إلى مكانه الذي تعود عليه، لم ينشر بوز أي ورقة علمية لوقت طويل نسبيًا. وفقًا لمقال نشر 2012 في جريدة النيويورك تايمز، والذي وُصف ناث بوز فيه “بأب الجزيئات الإلهية”، تغيرت اهتمامات بوز من الفيزياء إلى الفلسفة، والأدب، وحركة الاستقلال الهندي! لكن لحسن الحظ، عاد بوز مرةً أخرى إلى مجاله ونشر ورقة علمية عام 1939، وفي بدايات الخمسينيات، عمل بوز على نظريات الحقل الموحد Unified field theories. [2]

ناث بوز ومهزلة نوبل!

على الرغم من إسهامات بوز غير المسبوقة في الفيزياء، والتي رسمت الطريق من خلال توضيح سلوك الفوتونات وفتح الأبواب أمام الأفكار الجديدة في مجالات فيزياء الكم، إلا أن صاحبنا لم يحصل على جائزة نوبل. حصل الكثير من العلماء على جائزة نوبل بفضل إسهاماتهم وأبحاثهم المتعلقة بظاهرة “تكاثف بوز- أينشتاين”، ووصف إنجاز بوز بأنه واحد من أهم 10 إنجازات في تاريخ الهند العلمي للقرن العشرين. [2]

سُئل ناث بوز عن شعوره بشأن جائزة نوبل وأنه لم يفز بها، فقال: لقد حصلت على كل العِرفان الذي استحقه”

  • كرمت الحكومة الهندية ناث بوز عام 1954 عن طريق منحه لقب “Padma Vibhushan” والذي يعد ثاني أعلى وسام مدني في الهند.
  •  بعدها بخمس سنوات، كان البروفيسور الأعلى والأكثر تكريمًا في الهند من الناحية الأكاديمية.
  • أصبح بوز مستشارًا لمجلس البحث العلمي والصناعي بالإضافة إلى رئيس الجمعية الفيزيائية الهندية والمعهد الوطني للعلوم.
  • انتُخب رئيسًا عامًا لمؤتمر العلوم الهندي ورئيسًا لمعهد الإحصاء الهندي.
  • أصبح زميلًا في الجمعية الملكية عام 1958.
  • بعد وفاته بـ 12 عامًا، أنشأ البرلمان الهندي “مركز بوز الوطني للعلوم الأساسية”

إنجازات وإسهامات بوز العلمية وصلت إلى عالم الفيزياء ومجتمع العلوم أجمع، تقريبًا. ومع كل تلك الجوائز والإسهامات، يمكننا القول، وبكل ثقة، أن جائزة نوبل هي من خسرت ناث بوز وليس العكس. [2]

المصادر

1- Britannica

2- Biography

3- Live Science

مدخل إلى الأنثروبولوجيا: النظرية الوظيفية في الأنثروبولوجيا

الأنثروبولوجيا أو علم الإنسان؛ هي الدراسة المنهجية لحياة الإنسان. ترجع أصولها إلى مراحل تاريخية قديمة لكنها لم تتبلور وتصبح علمًأ ممنهجًا إلا في القرن الماضي. تتعدد المدارس الفكرية في الأنثروبولوجيا ولعل أكثرها تأثيرًا هي المدرسة الوظيفية.

النظرية الوظيفية

تعد من أبرز المدارس التي أثرت في علم الإنسان والاجتماع، وحاولت فهم المجتمع من خلال ملاحظة وظيفة كل مكون في هذا المجتمع. وتبحث عن الوظيفة أو الجزء الذي تلعبه المؤسسة أو الفرد في النسق الاجتماعي لتحافظ على هذا النسق. بالتالي هي تعتبر المجتمع كنظام أو نسق تعمل كل أجزاءه معًا لتعزز تضامنه واستقراره. [1]

نشأة الوظيفية في الأنثروبولوجيا

نشأت النظرية الوظيفية كرد فعل على النظريات التطورية والانتشارية، وتعود جذورها إلى أعمال علماء الاجتماع مثل سبنسر ودوركهايم وكونت. وتبلورت في علم الإنسان في عشرينات القرن الماضي ولكنها تراجعت في الحرب العالمية الثانية بسبب التغيرات الثقافية التي سببتها الحرب. ولأنها لم توضح مفهوم التغيرات الاجتماعية استبدلت بنظريات تتعلق بالتغيرات الثقافية. [2]

مفهوم الوظيفة في المجتمع

تعد الوظيفية الثقافة كوحدة مترابطة وليست مجموعة من السمات المعزولة. وشبهت المجتمع بالإنسان، فكما لدى الإنسان أعضاء مختلفة تعمل بترابط لتحافظ على سلامته، كذلك المجتمع.
يدرس الوظيفيون كييف ترتبط مرحلة ثقافية معينة بجوانب أخرى من الثقافة. وكيف تؤثر على جوانب أخرى في الثقافة، أي تدرس السبب والنتيجة. كما يأخذ علماء الأنثروبولوجيا الترابط بين المجالات الثقافية المختلفة بعين الاعتبار عند تحليلهم للثقافات، مثلًا عند تحليل الروابط بين استراتيجيات المعيشة وتنظيم الأسرة والدين. [3]

المنهج المتبع في الوظيفية

يستند أسلوب الدراسة في الوظيفية على العمل الميداني والملاحظات المباشرة للمجتمع المدروس. يصف علماء الأنثروبولوجيا المؤسسات الثقافية المختلفة التي تشكل المجتمع، ويشرحون وظيفتها الاجتماعية، ومساهمتها في الاستقرار العام للنسق الاجتماعي . [3]

العلماء المؤسسون للوظيفية

بما أن الوظيفية نشأت في علم الاجتماع قبل علم الإنسان. فإن أهم منظريّ هذه المدرسة ومؤؤسيها هم من كبار علماء الاجتماع.

أوغست كونت

في محاولته لضبط منهجية علم الاجتماع حاول كونت إحياء بعض المقارنات التي أجراها الإغريق. وفلاسفة آخرون من عصره مثل هوبز وروسو، وذلك بتشبيه المجتمع بالكائن الحي. وبذلك ربط كونت بين علم الاجتماع والبيولوجيا. وبرأيه فإن المجتمع يشبه الكائن الحي الذي ينمو، ونتيجة لذلك يمكن فحص أجزائه ودراستها للحفاظ على النسق الاجتماعي. كما يؤكد كونت على وجود تطابق حقيقي بين التحليل الإحصائي للكائن الحي في علم الاجتماع، والكائن الحي في علم الأحياء. وذهب أبعد من ذلك في تحليله البنية الاجتماعية تشريحيًا لعناصر وأنسجة وأعضاء. وتعامل مع المنظومة الاجتماعية على أنها مؤلفة من العائلات التي هي عناصر أو خلايا، تليها طبقات اجتماعية التي عدها بمثابة الأنسجة. وأخيرًا المدن والتجمعات التي هي الإعضاء الكبيرة الحقيقية. [4]

هربرت سبنسر

استخدم سبنسر المماثلة العضوية لإنشاء شكل واضح من التحليل الوظيفي، ويرى أن المجتمع متشابه مع الكائنات الحية وكذلك العمليات البيئية مثل المنافسة والاختلاف والتطور المجتمعي. صور مفهوم الأنظمة العضوية الفائقة على أنها تكشف التشابه في مبادئ الترتيب مع الكائنات الحية. وقدم من خلال ذلك مفهوم المتطلبات الوظيفية أو الاحتياجات. ورأى أن هناك ثلاث متطلبات أساسية للأنظمة فائقة العضوية وهي: 1- الحاجة لتأمين الموارد وتعميمها.
2- الحاجة لإنتاج مواد قابلة للاستخدام. 3- الحاجة إلى تنظيم ومراقبة وإدارة أنشطة النظام. بالتالي فإن أي نظام اجتماعي يمتلك هذه الفئات الثلاثة، والهدف من التحليل الاجتماعي هو معرفة كيفية تلبية هذه الاحتياجات في الأنظمة الاجتماعية التجريبية. [4]

إيميل دوركهايم

يرى دوركهايم بأن التفسيرات الاجتماعية يجب أن تبحث بشكل منفصل عن السبب الفعال للظاهرة الاجتماعية والوظيفة التي تؤديها. لكنه عكس سبنسر، افترض شرطًا وظيفيًا واحدًا فقط وهو الحاجة للاندماج الاجتماعي، إذًا يتضمن التحليل الاجتماعي لدى دوركهايم تقييم أسباب الظواهر ونتائجها أو وظائفها لتلبية احتياجات الهيكل الاجتماعي. [4]

أهم العلماء المساهمين في تطوير الوظيفية في الأنثروبولوجيا

برانيسلاف مالينوفيسكي

اقترح أن الأفراد لديهم احتياجات فيزيولوجية والمؤسسات الاجتماعية تتطور لتلبية هذه الاحتياجات. كما هناك أربع احتياجات مشتقة ثقافيًا أساسية وهي الاقتصاد والرقابة الاجتماعية والتعليم والنظام السياسي. وهذه تتطلب أجهزة مؤسسية لكل منها موظفين وميثاق وأجهزة المادية. يعتقد أن الاستجابات النفسية الموحدة ترتبط بالاحتياجات الفيزيولوجية. وتلبية هذه الاحتياجات حولت النشاط المادي الثقافي إلى دافع مكتسب من خلال التعزيز النفسي. [4]
أحد الموضوعات التي درسها هي التمييز بين السحر والدين والعلم في المجتمع. وبرأيه كان العلم معرفة تجريبية وعقلانية، بينما السحر كان منطقيًا بمقدمات خاطئة بالرغم من أن الاثنان يستخدمان كأدوات لفهم الطبيعة. وشدد على أهمية السلوك الاجتماعي والعلاقات الاجتماعية في سياقاتها الثقافية الملموسة من خلال الملاحظة المشاركة. واعتبر أنه من الأهمية النظر في الاختلافات الملحوظة بين القواعد والإجراءات؛ أي بين ما يقوله الناس وما يفعلونه في الحقيقة. ومن أهم مساهمات مالينوفسكي المفاهيمية كانت في مجالات القرابة والزواج مثل مفهوم الأبوة الاجتماعية. وفي السحر ولغة الطقوس والأساطير في دراسته للأسطورة كميثاق اجتماعي. [2]

ألفريد رادكليف براون

من الأباء المؤسسين للوظيفية المرتبطة بالبنيوية الوظيفية. ركز على دراسة مساهمة الظواهر في الحفاظ على البنية الاجتماعية، وركز بشكل خاص على أنظمة القرابة والنسب، واقترح أنها على الأقل في المجتمعات القبلية، تحدد طبيعة تنظيم الأسرة والسياسة والاقتصاد والعلاقات بين المجموعات. [2]

إدوارد إيفانز بريتشارد

تشمل أبحاثه العديد من المجموعات العرقية ودراسته لعدة قبائل مثل قبائل النوير، بالإضافة لعمله في التنظيم السياسي، حيث ساعد عمله على القرابة في تشكيل النظرية السياسية. أكد على ضرورة إدخال التاريخ في الدراسات الأنثروبولوجية الاجتماعية، ولكنه رفض فكرة الأنثروبولوجيا الاجتماعية كعلم واعتيرها تاريخًا مقارنًا. بالرغم من مساهمته في بشكل كبير في دراسته للمجتمعات الإفريقية، إلا أنه أهمل معاملة النساء كجزء من المجتمع ككل. على الرغم من أنه اتخذ منهجًا وظيفيًا إلا أنه تحول لاحقًا لنهج إنسانيّ. [2]

الانتقادات التي وجهت إلى الوظيفية

من أهم الانتقادات التي وجهت للوظيفية هي عجزها عن تفسير التغيير الاجتماعي. ولم تتمكن من تفسير عملية الصراع الاجتماعي، وأنها ذات طابع محافظ يحافظ على الوضع الراهن والقوة المهيمنة لطبقة النخبة، وأنها كانت تجريدية وغامضة في تفسيرها للعالم الحقيقي. من الطبيعي رؤية أن للمجتمع هياكل ووظائف حيوية ولكن ما هو غير منطقي افتراض أن الأنساق والأجزءا في هذا المجتمع هي الوحيدة التي يمكن إنشاؤها لتحقيق الأهداف التي تبتغي المحافظة على المنظومة الاجتماعية. [4]

الإعلانات المضللة ووهم المنافسة

هذه المقالة هي الجزء 4 من 7 في سلسلة 7 قضايا إعلامية لا يسعك جهلها

لطالما استخدمت الشركات الادعاءات الاحتيالية والمبالغ فيها للترويج لمنتجاتها، ففي خمسينيات القرن الماضي، تغيرت طبيعة الإعلانات، وانتقلت من مجرد وسيلة للإعلام عن توافر المنتجات، إلى وسيلة للانتهاكات. بعض العلماء اعتبروا أن جميع الإعلانات خادعة لأنها مصممة للتلاعب بالمستهلكين، ففي استطلاع رأى أجري أوائل القرن الحادي والعشرين حول “نزاهة وأخلاقيات الأشخاص في مختلف المهن”، احتل ممارسو الدعاية والإعلان مرتبة متدنية.[1]

ماذا يعني مصطلح الإعلان المضلل؟

يشير مصطلح “الإعلان المضلل” إلى الادعاءات التسويقية المضللة أو غير الصحيحة التى  تقدمها الشركات بشأن منتجاتها. وعادةً ما تقدم الشركات ادعاءات حول منتجاتها لحث العملاء على دفع المزيد، أو حتى شراء منتج لم يكونوا ليفكروا فيه بطريقة أو بأخرى.[2]

الغرض من الإعلان

للإعلان ثلاثة أهداف أساسية هي الإعلام والإقناع والتذكير.

  1. الإعلام: حيث أن من أهم أهداف الإعلان هو خلق حالة من الوعي  بالعلامة التجارية والمنتجات والخدمات والأفكار.
  2. الإقناع: ويتم ذلك عن طريق التأثير على المستهلكين بأن خدمات أو منتجات شركة بعينها هي الأفضل، وبالتالي يعمل الإعلان على تغيير التصورات وتحسين صورة الشركة أو المنتج.
  3. التذكير: حيث تعمل الإعلانات على تذكير الأشخاص بالحاجة إلى منتج أو خدمة، أو  الميزات والفوائد التي ستوفرها عند الشراء على الفور. [3]

كيف يؤثر الإعلان على الناس؟

أظهرت الإحصائيات أنه في عام 2018أمضي الأمريكيون ما لا يقل عن 10 ساعات يوميًا في مشاهدة محتوي إعلاني عبر الإنترنت مقارنة بالتلفزيون، ومع ذلك تفوقت هاتين الوسيلتين على وسائل الإعلام المسموعة والمطبوعة.

 هذه الانغماس الكبير في الوسائل الرقمية يضمن أن الناس سيتعرضون لطوفان من الرسائل الإعلانية المختلفة، حتى لو كان المتلقين مجرد مشاهدين ومستمعين سلبيين.

 ويتفق معظم خبراء الإعلام على أن عدد المتلقين قد زاد بمقدار عشرة أضعاف، ويرجع الفضل في ذلك إلى وجود عدد كبير من وسائل الإعلام المتاحة في متناول أيدي الناس. وبالتالي فمن المحتمل أن يشاهد الأشخاص مئات الإعلانات يوميًا اعتمادًا على أماكن تواجدهم.[4]

وتشير نتائج أحدي الدراسات إلى أن التأثير الأقوى للإعلان هو فقط خلق شعور جيد عن منتج ما من خلال إحاطة المنتج بأشياء أخرى تحبها، كما أنه من المهم أيضًا الإشارة إلى أن التكيف العاطفي يكون أكثر فاعلية، وبالتالي فهذا يعني أن محاولة  إقصاء الاهتمام  نحو الإعلانات التي تشاهدها على التلفزيون والمجلات قد تجعل هذا النوع من الإعلانات أكثر فاعلية. [5]

عيوب الاعلانات

1- رسم صورة غير واقعية

حيث أن معظم الإعلانات تعتمد على رجال ونساء ذات معايير معينة، فمعظم الرجال في الاعلانات عبارة عن كتل محفورة ذات عضلات بطن وشعر وأسنان مثالية، أما بالنسبة للنساء فالأمر يتجاوز هذا الحد، حيث أن معظم الاعلانات تعتمد على النساء ذات الجمال الصارخ وبالتالي فهي تأثر على صورتنا الذاتية لأنفسنا.

2- خلق حاجة غير ضرورية

 أي منتج أو خدمة يحتاجها الناس بالفعل للبقاء على قيد الحياة لا تحتاج إلى حملة إعلانية، يمكن للإعلانات أن تجعل الناس يتوقون إلى أشياء لم يعرفوا أنهم يريدونها قبل ثوانٍ معدودة. ويمكن أن يجعل المستهلكون يبحثون عنها بالفعل. فعلى سبيل المثال إذا شاهدت إعلانًا ذات عبارات  كالأتى ” أنت بحاجة إلى شراء سيارة جديدة”، أو ستكون حياتك أفضل بهذا الخاتم الماسى” ، كيف يمكن أن تعيش بدون Iphone؟. كل هذه العبارات تخلق لديك حاجة بالفعل لشراء هذه المنتجات.

3- استهداف المستهلكين الأصغر سنًا باستخدام إعلانات الجنس والعنف

يستخدم الجنس والعنف بشكل صارخ لجعل المنتجات تبدو أكثر جاذبية لجمهور الشباب. ويمكن للإعلان وخاصة الإعلانات السياسية، التأثير على مسار الأمة من خلال الخداع والمعلومات المضللة.[6]

سمات الإعلان المضلل أو الكاذب

بعد فترة وجيزة من انتشار الإعلانات في أوائل القرن العشرين، أصبح الإعلان الكاذب جريمة في 44 ولاية، وعملت الدول على اتباع العديد من القوانين التى تَخضع الشركات لغرامات وعقوبات جراء الانتهاكات، كما اتخذ المستهلكون أيضًا إجراءات الدعاوى القضائية، وتحديداً الدعاوى القضائية الجماعية، لتحميل الشركات مسؤولية الدعاية الكاذبة.

1- التسمية المضللة

وهي شكل شائع من أشكال الدعاية الكاذبة، وتشمل المواقف التي تستخدم فيها الشركات معلومات خاطئة أو مضللة حول تغليف المنتج، أو في المواد الإعلانية ذات الصلة مثل مواقع الويب.

2- أسعار مضللة:

يمكن للشركات  تقديم ادعاءات كاذبة حول سعر المنتج من خلال الادعاء بأن السلعة معروضة للبيع بناءً على سعر لم يتم بيعها به أبدًا من قبل.

3- جودة المنتجات

تنخرط الشركات أيضًا في إعلانات كاذبة إذا قدمت ادعاءات كاذبة أو مضللة حول جودة منتجاتها.

يمكن أيضًا اعتبار الادعاءات البيئية إعلانات كاذبة، يتضمن ذلك استخدام مصطلحات مثل ” قابل لإعادة التدوير “و” صديق للبيئة “على عبوات المنتج. يقول بعض العملاء إنهم يدفعون أكثر مقابل شراء المنتجات الصديقة للبيئة، ومع ذلك إذا لم تكن هذه المصطلحات مبنية على أدلة علمية موثوقة، فيمكن اعتبارها إعلانًا كاذبًا.

4-عدم الإفصاح عن المعلومات

يمكن اعتبار الشركة التي لا تتضمن معلومات جوهرية حول منتجها، أو تكشف عن المعلومات جزئيًا  أنها منخرطة في إعلانات كاذبة. هذه المعلومات مهمة بشكل خاص عندما يتعلق الأمر بالآثار الجانبية للأدوية، ولكن يمكن أن تنطبق أيضًا على منتجات التنظيف والعناصر الأخرى.

5- إهانة المنتج وانتهاك العلامة التجارية

يمكن أن تتورط الشركات أيضًا في مشكلة بسبب الدعاية الكاذبة إذا كانت تقلل من قيمة منتج منافس كجزء من تسويقها.[7]

الاعلانات المضللة والأنترنت ومنصات التواصل

ارتفعت عمليات الاحتيال عبر الإنترنت بشكل كبير خلال عامي 2020و 2021، حيث استفاد المحتالون من عمليات الإغلاق واسعة النطاق التي شهدتها معظم دول العالم والتي أبقت العديد من الأشخاص في منازلهم.

وأظهر بحث جديد أن فيس بوك وجوجل فشلا في اتخاذ إجراءات صارمة ضد الإعلانات الاحتيالية الموضوعة على منصتيهما، حتى بعد أن أبلغ المستخدمون عنها.

ووفقًا لاحدي الدراسات فإن حوالي 34٪ من الأشخاص تعرضوا للإعلانات الاحتيالية من قبل جوجل وأبلغوا عنها إلا أن المحتوي الاعلاني لم تتم إزالته، كما أن حوالي 26 % من الاشخاص تعرضوا للإعلانات الاحتيالية على فيس بوك.

ووجدت الدراسة ، التي أُجريت على حوالي 2000 بالغ في المملكة المتحدة، أنه على الرغم من أن “جوجل” كانت أسوأ في الرد على عمليات الاحتيال المبلغ عنها، إلا أن الضحايا كانوا أكثر عرضة لمواجهة إعلانات احتيالية على “فيس بوك” في المقام الأول. [8]

المراجع

(1)britannica

(2)topclassactions

(3)lumenlearning

(4)smallbusiness

(5)psychologytoday

(6)thebalanceeveryday

(7)topclassactions

(8)businessinsider

image source: digitalmar

تلف خلايا الدماغ | الأسباب والأعراض والعلاج

يتكون دماغ الإنسان من حوالي 100 مليار خلية عصبية على عكس الخلايا الأخرى، لا تتكاثر الخلايا العصبية أو تتجدد وترسل الخلايا العصبية إشارات إلى دماغك وتستقبلها ومن بين كل الخلايا فهي حقًا فريدة من نوعها من الناحية الهيكلية والوظيفية. وأوضحت الدراسات أنه يعاني حوالي 2.5 مليون فرد من إصابات الدماغ ويتوفى تقرييًا 50.000 ويعاني 80.000 من إعاقة دائمة كل عام. وفي هذا المقال سنتعرف عزيزي القارئ على تلف الدماغ وأعراضه وأسبابه وتشخيصه والعلاج… وقبل الدخول في موضوعنا علينا دعنا بداية نتعرف على مكونات وأنواع الخلية العصبية.

مكونات الخلية العصبية

تختلف أجزاء الخلايا العصبية في الحجم والشكل والبنية حسب دورها وموقعها وبالرغم من ذلك فجميع الخلايا العصبية تحتوي على ثلاثة أجزاء رئيسية وهم:

جسم الخلية

جسم الخلية يعرف أيضًا باسم «Soma» وهو جوهر الخلية العصبية، فهو يحمل المعلومات الجينية ويحافظ على بنية الخلايا العصبية ويوفر الطاقة للقيام بالأنشطة اليومية. ومثل أجسام الخلايا الأخرى يحتوي على نواة وعضيات متخصصة ومحاط بغشاء يحميه.

محور الخلية العصبية

المحوار أو المحور عبارة عن هيكل طويل يشبه الذيل وتحتوي كل الخلايا العصبية بشكل عام على محور عصبي واحد يرتبط بجسم الخلية عند تقاطع يسمى رأس المحور العصبي وتُعزل العديد من المحاور بمادة تسمى «المايلين-Myelin» ويساعد المايلين المحاور العصبية في توصيل الإشارات الكهربية.

التشعبات العصبية

التشعبات العصبية أو الزوائد الشجرية هي جذور ليفية تتفرع من جسم الخلية، تستقبل وتعالج الإشارات من المحاور العصبية ويختلف عددهم بناء على دورهم. فمثلًا خلايا «بركنجي-Purkinje» نوعًا خاص من الخلايا العصبية المتواجدة في المخيخ فهي متطورة للغاية وتسمح باستقبال آلاف الإشارات.

ما هي أنواع الخلايا العصبية؟

تختلف أنواع الخلايا العصبية في التركيب والوظيفة وبالنظر إلى ذلك العدد الهائل من الخلايا العصبية فهناك آلاف من الأنواع المختلفة مثل وجود آلاف الكائنات الحية على الأرض. وهي الوحدات الأساسية للدماغ والجهاز العصبي.

فمن حيث الوظيفة يصنف العلماء الخلايا العصبية إلى ثلاثة أنواع:

الخلايا العصبية الحسية

الخلايا العصبية الحسية هي من تساعدك على التذوق والشم والسماع والرؤية… تجعلك تشعر بالعالم من حولك.

فمثلًا ركضك على الرمال الساخنة ينشط الخلايا العصبية الحسية في باطن قدميك. فترسل هذه الخلايا رسالة إلى عقلك تجعلك تدرك تلك الحرارة.

الخلايا العصبية الحركية

الخلايا العصبية الحركية تلعب دورًا في الحركات الإرادية واللاإرادية، وتسمح للدماغ والحبل الشوكي بالتواصل مع العضلات والأعضاء والغدد في جميع أنحاء الجسم. هناك نوعان منها العلوي والسفلي، فالخلايا العصبية السفلية تحمل الإشارات من الحبل الشوكي إلى العضلات الملساء والعضلات الهيكلية بينما الخلايا العصبية العلوية تحمل إشارات من الدماغ إلى الحبل الشوكي (حيث الخلايا العصبية السفلية التي تأخذ الإشارات منها).

فمثلًا عندما تأكل ترسل الخلايا العصبية الحركية السفلية في الحبل الشوكي إشارات إلى العضلات الملساء في المريء والمعدة والأمعاء؛ فتنقبض تلك العضلات مما يسمح للطعام بالمرور عبر جهازك الهضمي.

الخلايا العصبية الداخلية

الخلايا العصبية الداخلية هي وسيط عصبي بين الدماغ والحبل الشوكي، وهي أكثر أنواع الخلايا العصبية شيوعًا وتنقل إشارات من الخلايا العصبية الحسية إلى الخلايا العصبية الحركيّة، فتعتبر وسيط بين الخلايا وبعضها.

فمثلًا عند تلمس كوبًا من الشاي الساخن، ترسل الخلايا العصبية الحسية في أطراف أصابعك إلى الخلايا العصبية الداخلية في الحبل الشوكي، فتقوم الخلايا العصبية الداخلية بتمرير تلك الإشارات للخلايا العصبية الحركية في يدك، مما يجعلك تحرك يدك.

فبعد تلك المقدمة البسيطة عن الخلايا العصبية، لنبدأ الآن في معرفة ما هو تلف الدماغ | أسبابه وأعراضه والعلاج.

ما هو تلف الدماغ؟

يحدث تلف الدماغ عندما يصاب دماغ الشخص بإصابة رضحية كالسقوط أو حادث سيارة أو إصابات غير رضحية كالسكتة الدماغية. أو ربما بسبب الاكتئاب، إذ يعاني 280 مليون شخص في العالم من الاكتئاب، وتشير الدراسات إلى أن الاكتئاب يسبب ضمور الخلايا -موت الخلايا وفقدانها تدريجيًا- (يتم علاج ذلك بأدوية المضادة للاكتئاب) ولكز حتى بعد العلاج من الاكتئاب يستمر الضرر في صورة صعوبات في التذكر والتركيز.

فلا يعود الدماغ كما كان سابقًا فهو ليس كالجروح أو الإصابات الأخرى بجسدك وفي السطور التالية سنوضع أنواع وأسباب وأعراض والعلاج لإصابات الدماغ التي تؤدي لتلفه.

ما هي أنواع الإصابات التي تؤدي لتلف الدماغ؟ وما هي أسبابها؟

الإصابات الرضحية

الإصابات الرضحية أي المتعلقة بصدمة ما والإصابات غير الرضحية. فتحدث إصابات الدماغ الرضحية بسبب ضربة أو إصابة قوية في الرأس تؤدي إلى إتلاف الدماغ وأنواعها:

  • إصابة الرأس المغلقة وهي تحدث عندما تخترق قوة خارجية الرأس مثل ضربة في الرأس أو الجمجمة وتسبب إصابة وتورمًا في الدماغ.
  • إصابة مخترقة وهي نوع تسببه رصاصة أو سكين أو أي أداة حادة أخرى وتعرف بإصابة الرأس المفتوح كذلك.
  • ارتجاج في المخ ويكون نتيجة لإصابة في الرأس المغلقة أو المخترقة وتسبب ضعفًا في وظائف المخ.
  • الكدمة هي إصابة تسبب نزيف في الدماغ وهي ناتج عن ضربة في الرأس.
  • متلازمة هز الرضيع وتعرف باسم صدمة الرأس المؤذية وذلك نتيجة هز طفل بقوة.

الإصابات غير الرضحية

الإصابات غير الرضحية ويطلق عليها الأطباء أيضًا الإصابات الدماغية المكتسبة وأنواعها:

  • نقص الأكسجين مثل الاختناق أو الغرق…
  • التهاب الدماغ وهناك عدة أسباب للإصابة به ولكن أكثرهم شيوعًا هي العدوى الفيروسية وغالبًا ما يتسبب التهاب الدماغ في ظهور علامات وأعراض شبيهة بالإنفلونزا الخفيفة -مثل الحمى أو الصداع- أو عدم ظهور أيه أعراض.
  • السكتة الدماغية وتحدث نتيجة عدم تدفق الدم إلى الدماغ بسبب جلطة دموية أو نزيف في المخ.
  • الورم الدماغي ويشمل سرطان الدماغ والأمراض المرتبطة بالسرطان.

أعراض تلف الدماغ

الدماغ عضو معقد فكل جزء له وظائف مختلفة ويمكن أن تحدد المنطقة المتضررة أعراض الشخص ويمكن أن يتسبب تورم الدماغ في ظهور أعراض مختلفة.

فمثلًا من الأعراض:

  • صعوبة الرؤية.
  • تأثر التوازن.
  • صداع في الرأس.
  • النوبات.
  • مشاكل في الذاكرة.

كذلك يمكن أن يتسبب تلف الدماغ في تغيرات في الشخصية بالإضافة للأعراض الجسدية. ففي بعض الأحيان، قد يكون الطبيب قادرًا على التنبؤ بالأعراض التي قد يعاني منها الشخص بناء على منطقة معينة تعرضت للتلف في الدماغ. أمثلة على أعراض الإصابة بأجزاء معينة في الدماغ:

  • الفص الجبهي وهو الجزء الأمامي من الدماغ (تحت الجبهة) والمسؤول عن الوظائف التنفيذية مثل التخطيط للمستقبل والحكم ومهارات اتخاذ القرار وتحويل الأفكار إلى كلام والمهارات الحركية وتكوين الذكريات وفهم مشاعر الآخرين والتفاعل معها وتشكيل الشخصية…
  • الفص الصدغي (تحت الأذنين) ويتمركز دوره حول المحفزات السمعية والذاكرة والعاطفة. فهو المسؤول عن تفسير المعلومات في شكل أصوات للأذنين. ويستقبل الترددات والأصوات والنبرات المختلفة ويعطيها معنى ويلعب دور في التعرف على الأشياء وفهم اللغة.
  • الفص الجداري وهو المسؤول عن معالجة المعلومات الحسية والتي تتعلق بالحواس الخمس، ويقع في الجزء العلوي الخلفي من الجمجمة.
  • الفص القذالي وهو المسؤول عن الإدراك البصري مثل اللون والشكل والحركة…

كذلك يمكن أن تكون إصابات جذع الدماغ -يقع في الجزء السفلي الخلفي من الرأس- كارثية، وهو المسؤول عن التنفس ومعدل ضربات القلب ودورات النوم.

كيف يتم تشخيص تلف الدماغ؟

ينظر الأطباء أولًا للأعراض والأحداث التي أدت إلى إصابته فعلى سبيل المثال قد يسألون ما إذا كان الأشخاص الآخرون قد رأو الشخص يفقد وعيه لفترة زمينة أم لا.

سينظرون أيضًا إلى سلوكياته وهل اختلفت عن ما كان معتاد أم لا. من ثم إجراء فحوصات لتحديد مدى الإصابة مثل فحوصات التصوير المقطعي أو الفحوصات الآخري التي تدل على وجود أورام أو نزيف أو أي أضرار أخرى في الدماغ.

كذلك تحاليل الدم التي قد تكشف عت علامات العدوى وآثار وأسباب الإصابات الرضحية وغير الرضحية. اختبارات الدماغ أيضًا، فقد طور الأطباء عددًا من الاختبارات التي تستهدف مناطق معينة من الدماغ مثل الذاكرة وحل المشكلات والتركيز.

أنواع العلاج حسب الأعراض

تعتمد علاجات تلف الدماغ على نوع الإصابة وأعراض الشخص. يمكن أن تختلف أيضًا بمرور الوقت، ووفقًا للمعهد الوطني للاضطرابات العصبية والسكتة الدماغية، فإن ما يقدر بنحو 50% من المرضى الذين يعانون من إصابات خطيرة في الرأس يحتاجون إلى جراحة. وذلك عندما يكون هناك نزيف كبير في الدماغ أو ورم في أو أجسام غريبة في الجمجمة أو الدماغ نفسه. فيضع الجراح أدوات لمراقبة ضغط الشخص داخل الجمجمة أو لتصريف الدم أو السائل الدماغي النخاعي ويمكن أن يساعد ذلك في تقليل الضغط في الدماغ ومنع الإصابة المستمرة.

إذا كانت إصابة الدماغ شديدة أو تعرض لإصابات أخرى في الجسم، فسيدخل الطبيب أنبوب تنفس لدعم تنفسه أثناء شفاء دماغه وجسمه. يمكن للأطباء أيضًا إعطاء مضادات حيوية لعلاج الالتهابات أو أدوية لعلاج اختلال التوازن.

بعد علاج أكثر مراحل الإصابة خطورة، يوصي الأطباء تحت إشرافهم المريض بعلاجات مثل

العلاج الطبيعي و النفسيى.

يمكن أن تستغرق إصابة الدماغ وقتًا وجهدًا للتعافي وقد لا تعود دماغ بعض الأشخاص أبدًا إلى وظائفهم المعرفية بشكل كامل عما كانت قبل إصابتهم.

كيف يمكنك الوقاية من الإصابات التي تؤول لتلف الدماغ؟

يمكنك الوقاية من خلال الأخذ بالإجراءات الاحترازية عند السفر أو خروجك من المنزل عامة أو ممارسة الرياضة كربط حزام الأمان عند ركوب سياراتك كذلك عند ممارستك أي رياضة. فمثلًا ركوب الدرجات يلزم ارتداء خوذة وإذا كان لديك أطفال تجنب متلازمة هز الرضيع وكذلك أجعل المكان المتواجدين به أمن. إذ سقطت أو تعرضت دماغك لأي ضرر -حتى لو طفيف بالنسبة لك- توجه إلى الطبيب فورًا وتذكر الأسباب السابقة التي عرضنها جيدًا.

المصادر

النظرية والتجربة عند بويل وهنري مور ونقد الفرضية العلمية

هذه المقالة هي الجزء 9 من 9 في سلسلة محطات مهمة عن الثورة العلمية

النظرية والتجربة عند بويل وهنري مور ونقد الفرضية العلمية

ماذا يحدث عندما يفسر أشخاص مختلفون التجربة نفسها بطرق مختلفة؟ هم لم ينفوا التقرير التجريبي ذاته، أي أنهم لم ينفوا حقيقة أن استخراج الهواء من مضخة الهواء، سيبقي قطعتا الرخام ملتصقتين في الهواء. لكن ما سبب الجدل والخلاف بينهم هو افتراض بويل نفسه!

بالنسبة لبويل، لم تنفصل قطعتا الرخام عن بعضهما نظرًا لاختلاف ضغط الهواء في قمة قطعتي الرخام وفي القاع. كانت هذه نظرية بويل عن الزنبرك أو مرونة الهواء. ومع ذلك، فإن أشخاصًا آخرين -بسبب معتقداتهم اللاهوتية أو الميتافيزيقية- لم يقبلوا رأيه.

شرح الآخرون ما حدث في مضخة الهواء بطرق مختلفة. لم يقبل فرانسيس لينوس مثلًا نظرية مرونة الهواء. إذ افترض لينوس أن بعض الهواء المخلخل كان يشغل المساحة الكاملة في مضخة الهواء بالفعل لكن هناك شيء آخر مثل الخيط يحافظ على قطعتي الرخام ملتصقتين في الهواء. [1]

هنري مور وروبرت بويل

كذلك هنري مور، الذي انتقد ادعاء بويل بافتراض أنه إذا حدث امتصاص للهواء من مضخة الهواء حقًا، فستميل الطبيعة لإعادة ملئه بمجرد غياب قوة تعيقه. واعتبر أن هذا ينطوي على افتراض أساسي مفاده أن المادة ستعيد ملء الفراغ. اعتقد هنري مور أن الفلسفة الميكانيكية وحدها -كالتي اعتمدت عليها نظرية مرونة بويل- لا يمكنها تفسير الظواهر.

ظن هنري أن وجود كائن غير مادي ضروري لشرح الظواهر التي تلاعبت بها بمضخة الهواء. في هذا المثال، يمكننا أن نرى كيف يمكن لمعتقدات المرء أن تؤثر على الطريقة التي يصف بها الظاهرة ذاتها. لم تكن تلك سمة من سمات العلم الحديث، بل هي سمة من سمات العلم بشكل عام. تعتبر العلاقة بين النظرية والتطبيق من أكثر القضايا تعقيدًا في النهج العلمي. [2]

لفترة وجيزة، اعتبر أن التجارب الحديثة المبكرة تستخدم فقط لاختبار الفرضيات والنظريات. هذا يعني أنها صُممت خصيصًا لتأكيد أو رفض الادعاء النظري، كما رأينا بالفعل في مثال تجربة المثانة لتأكيد الفرضية القائلة بأن الهواء يتحول إلى ماء بسبب البرد. بعد ذلك، أصبح للتجارب -حتى في الفترة الحديثة المبكرة- وظائف أكثر من مجرد اختبار للفرضيات. غالبًا ما تستخدم التجارب للإجابة على الأسئلة المفتوحة وصياغتها بشكل مختلف. بعبارة أخرى، صممت التجارب خصيصًا لتوفير معلومات حول ظاهرة ما؛ معلومات لم تكن موجودة في السؤال الأولي المطروح وهو أمر جديد حقًا بالنسبة للعلماء حينها. لكن هذا لا يعني أن التجارب مستقلة تمامًا عن النظرية. لا تزال التجارب مصممة للإجابة على سؤال معين، مما يجعلها مصممة للنظرية. [4]

بين بويل ونيوتن و نقد الفرضية العلمية

قَبِل بويل استخدام الفرضيات إذا كانت مؤقتة. واعتبر أن التجارب ستوفر معلومات كافية في النهاية لتوضيح المعرفة النظرية المثبتة. من ناحية أخرى، اعترض نيوتن على استخدام الفرضيات في الفلسفة الطبيعية، واعتقد بضرورة البحث في الطبيعة دون أي التزامات نظرية. ومع ذلك، استندت تحقيقاته الخاصة إلى بعض الفرضيات الأساسية، مثل النظرية الجسيمية للمادة.

اعتقد روبرت بويل أنه يمكن للفرضيات أن تصبح جزءًا من الفلسفة التجريبية إذا كانت تخمينية، ورأى أن التجربة ستخلق في النهاية معرفة يقينية. لكن رفض إسحاق نيوتن قبول الفرضية في الفلسفة التجريبية، معتبرًا إياها عائق على التحقق العلمي. واختلفا في أن المعرفة النظرية الوحيدة المقبولة هي تلك التي يجب أن تكون مستنبطة بالكامل من النتائج التجريبية.

الفرضية العلمية بين الأمس واليوم

تقدم مناهجنا الحديثة اليوم الطريقة العلمية كمرادف لاختبار الفرضيات. ومع ذلك، فإن الفرضيات هي مجرد أفكار حول كيفية عمل الطبيعة، أو ما أسماه العالم والفيلسوف ويليام ويويل من القرن التاسع عشر “التخمينات السعيدة”. وتنظم الفرضيات تفكيرنا بشأن ما قد يكون صحيحًا، بناءً على ما لاحظناه حتى الآن. فإذا كان لدينا تخمين حول كيفية عمل الطبيعة، فإننا نجري تجارب لاختبار التخمين.

في العلوم الكمية، يتمثل دور النظرية في إيجاد نتائج التخمين بالاقتران مع الأشياء التي نعرفها. ربما تكون الفرضية الأكثر شهرة في كل العلوم هي أن الأنواع الجديدة تنشأ من فعل الانتقاء الطبيعي على الطفرات العشوائية. بنى تشارلز داروين فرضيته على ملاحظة بعض الأنواع خلال رحلته الشهيرة إلى جزر غالاباغوس. فرضية داروين -عندما كانت مجرد فكرة- تنطبق على كل أشكال الحياة، في كل مكان وفي جميع الأوقات، مشحونة بقوة تنبؤية.

اختبرت أجيال من علماء الأحياء فرضية داروين تلك وبنت عليها مع مجموعة واسعة من الاكتشافات الجديدة. أصبحت نظرية التطور الآن راسخة باعتبارها الركيزة المركزية لعلم الأحياء، وكذلك مدعومة بالأدلة مثل أي نظرية في العلوم. ولكن ما الذي كان سيكتبه داروين لو أنه اضطر إلى كتابة مقترح بحثي لتمويل رحلته على متن سفينة بيجل الشهيرة؟ لم تكن لديه فرضية الانتقاء الطبيعي حينها بالطبع، أي قبل الرحلة. لقد نشأت فرضيته من الملاحظات ذاتها التي ينوي القيام بها. إذا كتب، بصدق، أن “الجزر المعزولة التي سنزورها هي مختبرات طبيعية ممتازة لمراقبة ما سيحدث للأنواع الوافدة إلى منطقة جديدة”، فسيُحكم على مقترحه البحثي وفقًا لمعايير اليوم باعتباره مقترح رحلة صيد بدون فرضية قوية. [3]

هل استخدم نيوتن الفرضية العلمية رغم نقده لها؟

ماذا عن نيوتن نفسه رغم احتجاجه على استخدام الفرضية؟ حدد نيوتن المتغيرات الصحيحة لمشكلة حركة الكواكب وهي القوة والزخم. لكن إذا وضعنا أنفسنا مكان نيوتن لنقرأ مقترحه البحثي بعيون اليوم، سنجده يكتب مثلاً: “أفترض أن العزم والقوى هي المتغيرات الصحيحة لوصف حركة الكواكب. أقترح تطوير طرق رياضية للتنبؤ بمداراتها، وسأقارنها مع الملاحظات الحالية “.

أعمال نيوتن لم تكن تخمينًا حول كيفية عمل الطبيعة، ولكنها أفضل طريقة لوصف الحركة رياضيًا، والتي من خلال نجاحها الواسع رسّخت مفاهيم بديهية للقوة والزخم والطاقة.

“لم أتمكن حتى الآن من اكتشاف سبب خصائص الجاذبية هذه من الظواهر، ولن أضع فرضيات. فكل ما لم يتم استنتاجه من الظواهر يجب أن يسمى فرضية؛ والفرضيات، سواء كانت ميتافيزيقية أو مادية، أو قائمة على صفات غامضة أو ميكانيكية، ليس لها مكان في الفلسفة التجريبية. ففي هذه الفلسفة يتم استنتاج افتراضات معينة من الظواهر، وبعد ذلك يتم تحويلها إلى عامة عن طريق الاستقراء.”

إسحاق نيوتن

دوامات الجاذبية لرينيه ديكارت وكريستيان هيغنز

كتب نيوتن ردًا على نظريات دوامة الجاذبية التي وضعها رينيه ديكارت وكريستيان هيغنز. إذ تخيلا أن ما يسمى بالفضاء الفارغ مليئًا في الواقع بدوامات من الجسيمات غير المرئية التي اجتاحت الكواكب في مداراتها. فكرة الدوامة هي بالتأكيد تخمين حول كيفية عمل الجاذبية. لكنه ليس التخمين المفيد للغاية. إن فكرة الجسيمات غير المرئية التي تكشف عن نفسها فقط من خلال التأثيرات على الكواكب البعيدة التي يصعب الوصول إليها هي فكرة مطاطة وليست محددة بما يكفي لتقديم تنبؤات قابلة للاختبار. بلغة فيلسوف العلوم في القرن العشرين كارل بوبر، لا يمكن دحضها بسهولة.

لم يقدم نيوتن قصة عن آلية خيالية تفسر سبب الحفاظ على الزخم أو كيفية نشوء الجاذبية. بدلاً من ذلك، صاغ قواعد بسيطة تصف كيفية تحرك الكواكب. وكما تبين فيما بعد أنها تفسر كيف يتحرك كل شيء تقريبًا في الظروف العادية. وكما كانت رؤية نيوتن قوية، فإن وصفه للجاذبية كان أيضًا ذو خاصية مقلقة تتمثل في ذلك “الأثر المخيف الذي يقع” من الشمس على الكواكب، وفي الواقع من كل كتلة على كل كتلة أخرى.

الفرضية بين نيوتن وأينشتاين والعلم الحديث

استغرق الأمر 250 عامًا أخرى لشرح الأصل المادي للجاذبية. فكانت فرضية ألبرت أينشتاين حول الجاذبية ميكانيكية، بخلاف نيوتن، حيث تحني الكتلة الفضاء. ونتيجة لذلك، تنحني الخطوط المستقيمة بالقرب من الأجسام الضخمة، بما في ذلك مسار الضوء من النجوم البعيدة التي تمر بالقرب من الشمس في طريقها إلى تلسكوباتنا. لقد استغرق أينشتاين سنوات لتطوير معادلات رياضيات لإظهار أن وصف نيوتن، الذي كان متسقًا مع العديد من الملاحظات، كان مجرد تقدير. كما استغرق سنوات لصياغة تنبؤات مذهلة للأشياء التي تحدث للكتل الضخمة مثل الانهيار في الثقوب السوداء أو عندما تتحرك الكتل الكبيرة بسرعة هائلة مثل موجات الجاذبية.

فلماذا يتركز التمويل البحثي الحديث في يومنا هذا على البحث المبني على الفرضيات؟ إن التصميم التجريبي القائم على الفرضيات هو الأنسب لبعض المجالات المؤثرة، وخاصة البيولوجيا الجزيئية والطب. يدرس الباحثون في تلك المجالات أنظمة معقدة وغير قابلة للاختزال (كائنات حية)، ولديهم تحقيقات تجريبية محدودة، وغالبًا ما يُجبرون على العمل بمجموعة بيانات صغيرة. لا مفر من أن يكون البروتوكول التجريبي الأكثر شيوعًا في هذه المجالات هو الضغط على نظام حي معقد من خلال إعطائه عقارًا أو مادة كيميائية ثم قياس بعض الاستجابة غير المباشرة ذات الصلة. ويعتقد البعض أن هذه التجارب تعيش وتموت من خلال الاختبار الإحصائي، مما دفعهم إلى نقد الفرضية العلمية.

عن نقد الفرضية العلمية اليوم

يعتقد البعض أن هذا نموذج ضيق للغاية لما يمكن أن تكون عليه التجارب. ففي العلوم الفيزيائية، يصبح الباحثون أكثر قدرة على التعامل مع النظام المهتمون بدراسته وتبسيطه. كما يتمتعون أيضًا بتقنيات تجريبية أقوى من نواحٍ عديدة وتعتبر امتدادات لحواس الإنسان. تسمح تلك التقنيات برؤية المادة، والاستماع إلى كيفية رنينها استجابة لتعرضها لضغوط من المجالات الكهرومغناطيسية، ليشعر الباحث بكيفية استجابتها للدفع الحساس على مقياس النانو.

حين تتمكن من القيام بهذه الأشياء، يمكن أن تصبح التجارب أكثر بكثير من مجرد اختبار فرضيات، أي اختبار ما إذا كان تغيير X يؤثر على Y بدلالة إحصائية. في الواقع، يمكن النظر إلى تاريخ العلم باعتباره تطورًا لطرق جديدة لاستكشاف الطبيعة. لم يكن تلسكوب هابل الفضائي مدفوعًا بفرضية بل رغبة في النظر بعيدًا في عمق الكون. تمكّن الأرصاد والبيانات المأخوذة من هابل والتلسكوبات الحديثة الأخرى من صياغة واختبار فرضيات جديدة حول الكون المبكر. غالبًا ما يعتمد التقدم في العلم على التقدم في كيفية قياس شيء مهم. وبعد قرن من أينشتاين، أكدت أجهزة الكشف فائقة الحساسية توقعه لموجات الجاذبية.

تعتمد هذه الكواشف على أفكار ذكية لاستخدام الليزر وقياس التداخل لقياس تغيرات طفيفة للغاية في المسافة بين نقطتين على الأرض. ما كان لهذا العمل أن يصبح مدفوعًا بالفرضية، إلا بالقول بأن النسبية العامة تتنبأ بموجات الجاذبية. وبالمثل، غالبًا ما يعتمد التقدم في العلوم الكمية على التقدم في قدرتنا على حساب عواقب الفرضيات الموجودة بالفعل.

في تقييم مقترحات البحث اليوم، يعتقد البعض أنه يجب يكون المعيار الرئيسي هو ما إذا كان المقترح البحثي سيساعدنا في الإجابة عن سؤال مهم أو الكشف عن سؤال جديد كان يجب طرحه. فهل تتفق مع نقد الفرضية العلمية اليوم كمعيار في المقترحات البحثية أم أنها ضرورية حقًا؟

المصادر:
[1] Journals Index copernicus
[2] Jstor
[3] Physics Today
[4] Futurelearn: The Roots of the scientific Revolution

الملاحظة والتجريب عند فرانسيس بيكون

هذه المقالة هي الجزء 7 من 9 في سلسلة محطات مهمة عن الثورة العلمية

الملاحظة والتجريب عند فرانسيس بيكون

يرتبط القرن السابع عشر عادةً بظهور الفلسفة التجريبية. لكن ما هي خصائص الممارسات التجريبية الحديثة المبكرة؟ وكيف ظهرت الملاحظة والتجريب كمنهج علمي ؟

سنبدأ بالنظر في التمييز بين “التجربة” و”الملاحظة البسيطة السابقة للتجربة”، والتي عرّفت باسم التجربة المصممة. من المهم أن ندرك مزايا تهيئة الظروف لتجربة قادرة على الإجابة على أسئلتنا حول الظواهر الطبيعية، وهي الأسئلة التي لا يمكن الإجابة عليها بمجرد الملاحظة.

ثم علينا أن نحلل العناصر اللازمة لإنشاء هذه الظروف، أي تلك الأدوات المستخدمة لمعالجة المادة لإعادة إنتاج الظواهر أو حتى لخلق ظواهر جديدة. نظرًا لأن الأدوات العلمية كانت جديدة في أوائل العصر الحديث، فلا بد أن نفهم حدودها والانتقادات التي أثيرت ضد استخدامها.

كما سنتطرق إلى العلاقة بين النظرية والتجريب وفي التفاعل بين النظرية والتطبيق. لنرى كيف قُبلت النظريات الجديدة وفقًا للنتائج التي قدمتها الممارسات التجريبية، وكيف شكلت الاكتشافات الجديدة نظريات ثورية حول العالم الطبيعي؟ وما هي الممارسة العلمية؟

التمييز بين الملاحظة والتجريب عند فرانسيس بيكون

من بين المصطلحات الأكثر شيوعًا التي تتبادر إلى الذهن عند التفكير في الممارسة العلمية، هي “المعرفة” و”الطريقة” و”التجربة”. ومع ذلك، فإن التجارب التي تم تعريفها على أنها تجربة مصممة أو خاضعة للرقابة، لم تكن مرتبطة دائمًا باستقصاء العالم الطبيعي. وقد أعيدت صياغة الطريقة العلمية خلال الفترة الحديثة المبكرة.

ينبع أكبر عائق يشوش العقل البشري من بلادة الحواس، وعدم كفايتها، وضعف موثوقيتها. إذ تتفوق الأشياء التي تمس الحواس على تلك التي لا تلامسها فورًا حتى وإن فاقتها في الأهمية. إذ يتوقف الانعكاس تقريبًا حيث ينتهي البصر، وبالتالي فإن الأشياء غير المرئية تجذب القليل من الانتباه وقد لا تجذب انتباهنا بالمرة. لذلك فكل عملية للأرواح المغطاة بأجساد ملموسة، تختفي وتتلاشى بعيدًا عن انتباهنا كبشر. وبنفس الطريقة أيضًا، فإن كل ترتيب جديد أدق في أجزاء الأجسام الأكبر (والتي يسمونها عادة التغيير، على الرغم من أنها في الحقيقة حركة محلية للأجزاء) يصعب اكتشافها. ومع ذلك، ما لم يتم البحث عن الأمرين المذكورين للتو وإبرازهما، فلا يمكن تحقيق اكتشاف عظيم للطبيعة. مرة أخرى، فإن طبيعة الهواء العادي والأجسام التي تتفوق عليه في الدقة (وهي كثيرة) غير معروفة عمليًا. فالمعنى بطبيعته شيء ضعيف وهائم. وأدوات تضخيم وشحذ الحواس لا يعول عليها كثيرًا؛ لكن كل التفسيرات الصحيحة للطبيعة تتحقق عن طريق الأمثلة والتجارب الملائمة والمناسبة. في التجربة فقط، يمكن للمعنى أن يظهر، بينما تحكم التجربة على الطبيعة والشيء نفسه.


فرانسيس بيكون، في كتاب الأورجانون الجديد، قول مأثور 50، المجلد الحادي عشر، مطبعة جامعة أكسفورد، ص. 87. [1]

كتب “فرانسيس بيكون” كتابه “الأورجانون الجديد” New Organon في عام 1620م. يوضح هذا النص من كتاب الأورجانون الجديد طريقة “بيكون” في استقصاء الطبيعة، والتي قدمها كبديل للطريقة الأرسطية. افترض “بيكون” أن الملاحظة كافية لاكتساب المعرفة العلمية، فالمعلومات التي توفرها الحواس هي الوحيدة الموثوقة.

تجريبية فرانسيس بيكون

كان “بيكون” أول من دعا إلى استخدام التجارب في الفلسفة الطبيعية بطريقة واضحة ومنهجية. في هذا النص، تظهر حجة “بيكون” التي سردها لإظهار أفضلية التجارب كوسيلة لفهم الطبيعة.

حجتان رئيسيتان لشرح الملاحظة والتجريب عند فرانسيس بيكون:
1- الملاحظة البسيطة لا تكفي لأن الحواس ضعيفة وغير كاملة، وبالتالي لا يمكنها إدراك نشاط جسيمات الطبيعة.
2- بمساعدة التجربة، يمكن طرح أسئلة أكثر تحديدًا، وهي أسئلة لا يمكن الإجابة عليها من خلال الملاحظة المجردة. هذا يعني أن التجارب تتحكم في الطبيعة أو تهيئها للإجابة على تلك الأسئلة المحددة.

عالم سحري يواجه التجريبية

كان عالم علماء الطبيعة الأوائل مليئًا بقصص لا تخلو من العجائب التي يستحيل شرحها من خلال أدوات المعرفة المتاحة حينذاك. فكر مثلًا في طريقة عمل البوصلة أو جاذبية المغناطيس. بالنسبة لنا، هي ظواهر يمكن تفسيرها والتنبؤ بها بسهولة. لكن بالنسبة إلى رواد العصر الحديث، كان الانجذاب بين المغناطيس وقطعة من الحديد عجيبة بحق!

حاول أشخاص مثل جيامباتيستا ديلا بورتا وفرانسيس بيكون وجان بابتيستا فون هيلمونت شرح تلك الظواهر وفهمها. كما حاول العديد من الفلاسفة الطبيعيين الأوائل الوقوف على صحة هذه القصص الخيالية من عدمها، وحاولوا أيضًا اكتشاف أسباب الظواهر التي ثبت صحتها. لكن، كيف أمكنهم التحقق من صحة قصة ما؟ وكيف يمكن الوصول إلى الأسباب التي تنتج الظواهر المرئية؟

أوضح “بيكون” أن الملاحظة البسيطة لظاهرة ما لا تجلب المعرفة بأسبابها. وهذا لأن الحواس خادعة وليست كافية للوصول إلى بنية الأشياء. إذا ابتكرنا تجربة، فمن الأسهل الكشف عن تلك السمات التي لا يمكن ملاحظتها بسهولة من خلال الملاحظة المجردة. [1]

اختبار بيكون

رغب “بيكون” في التحقق من قصة باستخدام التجريبية لتبديد السحر بالعلم. تقول القصة أنه في كهف مغلق، عثر على أوعية بها ماء شديد الكثافة، أقرب إلى الجليد. القصة نقلها كاتب نسب أعماله لأرسطو في كتابه “عن أشياء رائعة سمعنا بها”. يذكر التقرير أنه لم يكن هناك أي مصدر للمياه في الكهف [2]، وبالتالي يفترض “بيكون” أنه إن كانت القصة صحيحة، فستتكون المياه بسبب عمليتين:
– تحويل الهواء إلى ماء.
-تكثف الماء بما جعله أكثر كثافة لدرجة تكاد تشبه الجليد.

كان من المعروف في ذلك الوقت أن التكثيف والتبخير ينتجا عن التبريد والتسخين على التوالي. كان أساس هذه النظرية هو تحويل الماء إلى بخار عند غليانه وتحويله مرة أخرى إلى ماء عند تبريده.

ونظرًا إلى أن “بيكون” لن يتمكن من تكرار هذه الظاهرة لأنه ليس بمقدوره الوصول إلى الكهف المقصود، فقد اقترح محاكاتها من خلال إنتاج ظروف مشابهة للكهف.

افترض أن للبرد القدرة على إنتاج مواد مثل الثلج أو الزئبق. تتكرر هذه الظاهرة عن طريق نفخ المثانة بالهواء وتعليقها في مثل هذه المواد. استنتج بيكون أن سقوط أو انكماش المثانة يعني أن البرد قد تسبب في تحول الهواء إلى ماء بالفعل. فالماء أثقل من الهواء، لذلك ستسقط المثانة. الماء أكثر كثافة من الهواء أيضًا، لذا فالهواء يحتاج إلى مساحة أقل عند التحول إلى ماء، وبالتالي ستنكمش المثانة. وهكذا نجح بيكون في اختبار القصة عبر التجربة.

ثورية بيكون على ثورية ديكارت

لم يكن “بيكون” أقل ثورية من “ديكارت”، وقد عاصرا بعضهما البعض زمانيًا بالفعل. رفض “بيكون” المذهب السكولائي للجامعات وشن هجمات مفتوحة على أرسطو وأفلاطون. وأصر على أن جمع الحقائق وإجراء التجارب يجب أن يحل محل الجدل العقيم للمنطق الاستنتاجي كي يتمكن علماء الطبيعة من إنتاج معرفة علمية جديدة.

آمن “بيكون” بأن العلم سيزيد من معرفة الإنسان وقوته وسيطرته على الطبيعة. وعلى الرغم من أنه لم يقدم مساهمات مباشرة في المعرفة العلمية، إلا أنه معروف كفيلسوف العلوم البريطاني الرئيسي في القرن السابع عشر. جاء تأثيره في العلوم من خلال تركيزه على تحديد منهجية العلم، واقتراح وسائل تطبيقه، وتوفير التشجيع والتوجيه للمؤسسات العلمية الجديدة التي تنبأ بها.

قدّم بيكون مقترحاته العلمية عام 1605 م ليؤسس منهجية علمية جديدة للملاحظة والتجربة. أراد بيكون لمنهجيته التجريبية أن تحل محل العلم الأرسطي التقليدي. تتضمن طريقة بيكون، والمعروفة أيضًا باسم “الطريقة الاستقرائية”، تجميعًا شاملاً لحالات أو حقائق معينة مع القضاء على العوامل التي لا تصاحب الظاهرة قيد البحث. كان بيكون يشك عمومًا في الرياضيات والمنطق الاستنتاجي والتفكير البديهي، ويعتقد أن الفرضيات الصحيحة يجب أن تُشتق من تجميع وتحليل البيانات والأرقام والقياسات الدقيقة.

دعمت الملاحظة والتجريب عند فرانسيس بيكون ضرورة مشاركة العالِم بنشاط في طرح أسئلة حول الطبيعة، بدلاً من جمع الحقائق بشكل سلبي قائم على الصُدفة. يجب أن يحلل العلماء التجربة “كما لو كانوا آلات قياس” للوصول إلى استنتاجات حقيقية. يجب أن تنتقل البشرية من افتراضات أقل إلى افتراضات أكثر عمومية. أكد بيكون لقرائه أن تطبيق هذه الطريقة العلمية سينتج عنه توليفة جديدة مفيدة للمعرفة البشرية. ما أراده “بيكون” بدا وكأنه زواجًا شرعيًا بين القوة التجريبية والعقلانية. [3]

خصائص تجربة بيكون

هناك ثلاث خصائص نود استخلاصها من تجربة “بيكون”. أولاً، مثل العديد من الفلاسفة الطبيعيين الحديثين الأوائل، قوّض “بيكون” سلطة القدماء من خلال ادعائه بأن نسب القصة لأرسطو أو أي مؤلف آخر لن يجعلها صحيحة دون فحص. يتعين على المرء من أجل إثبات صحة القصة أن يتحقق مما إذا كانت العمليات الموضحة فيها صحيحة بالفعل أم لا.

ثانيًا ، توضح لنا هذه التجربة كيف بدأ استخدام الأدوات والمختبرات. لم يكن لبيكون أن يتواجد في الكهف المزعوم، وبالتالي لجأ إلى إعادة إنتاج الظاهرة باستخدام أداة، وهي مثانة مليئة بالهواء. صنع بيكون مواد يدوية في بيئة اصطناعية تحاكي الظروف الطبيعية للكهف.

ثالثًا وأخيرًا، تقودنا هذه التجربة إلى ما يسمى عمومًا بإضفاء الطابع الرياضي على الطبيعة. فتجربة بيكون واحدة من سلسلة تجارب تدرس التكثيف وتحويل الهواء إلى ماء حيث يلعب القياس دورًا مهمًا. الخطوة التالية التي يجب اتخاذها هي قياس حجم الجسمين، مما سيوفر معلومات مهمة حول كثافتهما والعلاقة بينهما من خلال حساب العملية المرئية التي نلاحظها.

شدد “بيكون” على أهمية استخدام التجربة في التحقق من الطبيعة وتفسير ظواهرها، باعتبارها الطريقة الوحيدة للإجابة على الأسئلة المتعلقة بالعمليات الطبيعية. تأثرت الأجيال التالية من الفلاسفة الطبيعيين من القرن السابع عشر بهذه الفكرة. فبدأوا في استخدام التجارب في أبحاثهم الخاصة عن الطبيعة. كما أن صراع تجريبية هارفي أمام عقلانية ديكارت بدت ملهمة. في الوقت الحاضر، تعد التجربة جزءًا لا يتجزأ من المنهج العلمي. ولأن الأدوات قد صاحبت التجريبية، فسيكون لها نصيب في رحلتنا أيضًا، ولكن في مقال آخر.

المصادر:
[1] كتاب الأورجانون الجديد من تأليف فرانسيس بيكون.
[2] Stanford Encyclopedia of Philosophy: Francis Bacon
[3] Encyclopedia.com: Philosophy of Science: Baconian and Cartesian Approaches

الأدوات العلمية عند كافنديش وروبرت هوك

هذه المقالة هي الجزء 8 من 9 في سلسلة محطات مهمة عن الثورة العلمية

يرتبط التحقق من الطبيعة ارتباطًا وثيقًا بالأدوات والمختبرات. وقد ناقشنا فيما كيف خضعت التجارب للرقابة. ومع ذلك، ومن أجل التحكم في الطبيعة وظروفها، هناك حاجة إلى بعض الأدوات الأكثر تعقيدًا، وأحيانًا لظروف أكثر تحديدًا ودقة. يمكن إرجاع استخدام الأدوات إلى أوائل العصر الحديث. سنستعرض معًا بعض الأمثلة على استخدام الآلات والأدوات في القرن السابع عشر وما صاحبه من رفض ونقاشات لجدوى استخدام الأدوات العلمية كالمجهر والتليسكوب لاستكشاف الطبية.

الأدوات

بشكل عام، تميزت الأدوات إلى نوعين:
– رياضية، تستخدم للرسومات والحسابات.
– وعلمية، تستخدم لتحليل الظواهر وتعميمها.

الفرق بين الأدوات الرياضية والعلمية

استخدمت الأدوات الرياضية منذ العصور القديمة، وتحسنت كثيرًا في أوائل العصر الحديث. بعض الأمثلة على ذلك هي البرجل والمسطرة. كما تحسنت أيضًا الأدوات الفلكية، مثل الأسطرلاب والساعات الشمسية. من جهة أخرى، إلا أن الأدوات العلمية استخدمت لأغراض مختلفة. فازدهرت صناعة الأدوات العلمية في القرنين السابع عشر والثامن عشر.

استخدمت بعض تلك الأدوات العلمية في تصحيح وتحسين الحواس. المجهر والتلسكوب أمثلة لذلك، فهما إما يكبران ما هو صغير لدرجة صعوبة رؤيته بالعين المجردة، مثل البكتيريا، أو يقربان ما هو بعيد بحيث لم نتمكن من ملاحظته من قبل، مثل النجوم.

تقدم أدوات أخرى معلومات دقيقة عندما تفقد حواسنا القدرة على التمييز الدقيق، كما في حالتي الحرارة والضغط. المعلومات التي يقدمها المعيار الحراري والبارومتر وزجاج الطقس، هي أكثر دقة بكثير من أحاسيسنا الجسدية.

أدوات أخرى

هناك أدوات أخرى تعمل كنماذج أو نظائر للظواهر الطبيعية، وتُستخدم عندما لا يتمكن المُختبِر من الوصول إلى ظروف دقيقة، أو لدراسة حدث لا يتكرر. كما رأينا بالفعل في مثال بيكون لاستخدام المثانة المعلقة في الثلج لإعادة إنتاج الظروف التي يمكن أن نجدها بشكل طبيعي في الكهف.

مع ذلك، لا تنتج هذه الظواهر بشكل مصطنع فحسب. بل يمكن للمساعي العلمية أن تذهب إلى ما هو أبعد من ذلك. يمكن أن تخلق ظروفًا لا تحدث في الطبيعة! ولكن لتلك الظروف القدرة على إمدادنا بمعلومات مهمة عن الطبيعة ونشاطها.

مضخة الهواء مثال جيد على ذلك. فهي قادرة على أن تفرغ مساحة ما من الهواء. يمكن للمضخة مساعدتنا في دراسة كيفية حدوث الظواهر المختلفة في هذه الظروف. ينطبق الشيء نفسه عند عزل ظاهرة ما لاكتشاف انتظامها من خلال تهيئة الظروف المثالية لحدوثها. فكر مثلاً في مهد نيوتن، المصمم خصيصًا لإثبات الحفاظ على الزخم والطاقة.

في الوقت الحاضر، يحتفظ العلماء بأدواتهم في مختبرات مصممة خصيصًا لنشاط وحيد. مختلفون عن بعضهم البعض حسب مجال البحث. أما في أوائل العصور الحديثة، كانت العديد من الأماكن تقوم بدور مختبرات اليوم. حينها، استخدمت كل تلك الأماكن الأدوات السابقة مثل: الحدائق، والمختبرات الفلكية، والمعاهد الطبية، وكذلك الخزانات الشخصية والكليات الجامعية.

سمات استخدام الأدوات الحديثة

هناك سمتان مهمتان لاستخدام الأدوات الحديثة مبكرًا نود التأكيد عليها. أولاً، كما رأينا في مثال المثانة، تم استخدام مواد شائعة كأدوات علمية، وليس فقط تلك المصممة خصيصًا لنشاط واحد محدد.

أولًا، استخدمت الأشياء والمصنوعات اليدوية الشائعة أثناء التحقق والاختبار واكتسبت مكانة أداة علمية من منظور منهجي. المرايا والعدسات المستخدمة في الحياة اليومية تمكنت حينها من إحداث تأثيرات مدهشة، فأصبحت أدوات للبحث البصري في القرن السادس عشر. أدت العدسات والمرايا إلى اكتشاف قانون الانكسار مثلًا.

ثانيًا، يحتاج المجرب إلى التدريب قبل استخدام الأدوات، أي يحتاج إلى معرفة كيفية قراءة المعلومات التي توفرها الأداة. إذ لا يمكن استخدام الأدوات حتى البسيطة -مثل التلسكوب أو المجهر- بدون تعليمات مسبقة. لن يفهم المرء ببساطة ما يرى من خلال عدساتهم.

على سبيل المثال، لم تقبل اكتشافات جاليليو التلسكوبية بسهولة، إذ لم ير كل معاصريه ما رآه في تليسكوبه. يحدث تداخل في الرؤية بين الشيء قيد الدراسة وتشوه الصورة الذي تصنعه حواسنا. تعالوا نحلل بشيء من التفصيل الحجج المؤيدة والمضادة لاستخدام المجاهر.

مؤيدو الأدوات ومعارضوها

كانت الأدوات دافعًا للجدل في القرن السابع عشر، إذ تناولت إحدى المناقشات الرئيسية استخدام التلسكوب. أدت اكتشافات جاليليو للبقع الشمسية إلى نظرية تتعارض مع فلسفة أرسطو. أثار الأمر انتقادات أعضاء الكنيسة الكاثوليكية، إذ لم يوافقوا على النتائج النظرية لاكتشافات جاليليو السماوية القائلة بأن العالم فوق القمري (سماء النجوم الثابتة في الفكر الأرسطي)، الذي ظل لفترة طويلة حقيقة راسخة، هو أمر خاطئ وقابل للتغيير تمامًا كالعالم دون القمري (ما بين الأرض والقمر).

لم تزعزع الآلات المعتقدات اللاهوتية فحسب. القناعات الميتافيزيقية أيضًا أصبحت في مهب الريح. إذ أصبح ما يتعلق بالبنية الداخلية للأجسام ووصول الإنسان إلى هذه البنية عقبة أيضًا في إنشاء منهجية بحث. انتقدت كافنديش الفيلسوف هوك -وهو أحد أهم مروجي المجهر- الذي جاء كتابه “Micrographia” أول أكثر الكتب مبيعًا في الجمعية الملكية وكانت منهجيته مهمة جدًا للمجتمع العلمي آنذاك. فعلى عكس هوك، اعتبرت كافنديش أن الأجسام المكبرة لن تجلب معرفة جديدة ومفيدة. استندت هذه الحجة إلى افتراضها أن المجهر لا يمكنه رؤية أسباب الحركة والبنية الحقيقية للمادة. واعتقدت كافنديش أن البنية الحقيقية للمواد لا يمكن تصورها إلا عن طريق العقل.

الفحص المجهري لروبرت هوك

في كتاب “الفحص المجهري – Micrographia” لروبرت هوك والمكتوب عام 1665م، ناقش روبرت هوك في هذا الكتاب فائدة المجهر. قدم هوك أيضًا سلسلة من الرسومات لما يمكن رؤيته من خلال المجهر، وأشهر رسوماته هو عين ذبابة والخلية النباتية. اعتبر روبرت هوك المجهر إضافة إلى الحواس البشرية الناقصة والضعيفة، تمامًا كالنظارات الطبية التي تعالج مشاكل إبصارنا.

عارضت مارجريت كافنديش في كتابها “ملاحظات على الفلسفة التجريبية – Observations upon experimental philosophy” المنشور عام 1668 طرح هوك. ارتكز رفض كافنديش على التشوه الذي قد تحدثه العدسات وانكساراتها وظلال الكائنات الدقيقة تحت المجهر وما قد يسببه ذلك من مشكلات. تخيلت كافنديش أن التكبير الذي تصنعه العدسة المكبرة للقمل قد يجعلنا نظنه كسرطان البحر مثلًا بسبب اختلاف الأحجام وتشوه الرؤية بسبب استدارة الأشياء على غير طبيعتها.

اعتبرت كافنديش أن اعتراضها على ما يحدث في المجهر يمكن تعميمه على باقي الحواس أيضًا وبالتي رفضت استخدام مثل هذه الأدوات. وعلى عكس ما تعتقد من مواقفها، فلم تكن كافنديش جامدة محافظة في آرائها، فقد رفضت كلاً من الفلسفة الأرسطية والفلسفة الميكانيكية الجديدة لديكارت وهوبز وأعضاء المجتمع الملكي، ودافعت عن المادية الحيوية – النظرية التي بموجبها تتكون كل الأشياء في الطبيعة من مادة حيوية وذاتية الحركة مثلًا.

روبرت هوك في مواجهة مارجريت كافنديش

تمثل أحد أهداف المشروع العلمي لروبرت هوك في بناء تلك الأدوات المساعدة للحواس على إدراك العالم الطبيعي بشكل أفضل. كان المجهر والتلسكوب -بالنسبة لهوك- الأكثر أهمية. نظر روبرت إلى المجهر والتلسكوب كركيزة أساسية في التفاعل بين الإنسان والعالم المحيط.

اعتقد هوك أنه باستخدام المجهر يمكن للبشر الوصول إلى عالم جديد؛ عالم المخلوقات الصغيرة غير المرئية للعين، وعالم جسيمات المادة. كان روبرت هوك -كأعضاء آخرين في الجمعية الملكية- من داعمي نظرية المادة الجسيمية الديكارتية. وهكذا، اعتبر أنه بمرور الوقت ومع تحسن المجهر، سيتطور الأمر إلى حد كبير، بحيث سنتمكن من رؤية جسيمات المادة وتركيبها وحركاتها من خلال عدسات المجهر. كما اعتبر هوك أن المجهر -من خلال جعل الجسيمات وحركاتها مرئية- سيقدم أدلة حاسمة ضد النظرية الأرسطية للمادة والشكل.

مفهوم كافنديش عن الطبيعة

كان لدى مارجريت كافنديش مفهوم مختلف عن الطبيعة عن مفهوم روبرت هوك. فبالنسبة لها، لا يمكن تصور حركات المادة إلا عن طريق العقل والحواس البشرية. اعتقدت كافنديش أن البشر لن يتمكنوا من رؤية حركة المادة حتى بمساعدة الأدوات. كما اعتقدت أن البصر قد يصل فقط إلى الأشكال الخارجية للأشياء. ومع ذلك، رفضت كافنديش حتى أن الأشكال الخارجية التي تُرى من خلال المجهر هي بالفعل أشكال حقيقية للأشياء واعتبرتها مجرد تشوهات ناتجة عن العدسات والأضواء والظلال تتداخل مع الجسم والعدسات.

الحجة الثانية التي قدمتها كافنديش تتعلق بالعلاقة بين الطبيعي والاصطناعي. المشكلة التي أثارتها هي إلى أي مدى يكون شكل الجسم المكبر -والذي يختلف تمامًا عما تراه العين المجردة- هو شكله الحقيقي. بسبب العدسات، قد لا يكون ما نراه هو الشيء الطبيعي، ولكن صورة مختلفة لذلك الكائن.

أكدت كافنديش أنه إذا كانت المعرفة العلمية مبنية على تلك الصورة، فقد يؤدي الأمر إلى نظريات ومعلومات خاطئة. هكذا، تفاعلت المعتقدات الميتافيزيقية واللاهوتية مع الفلسفة التجريبية لتشكيل ثورة العلم الحديث. ولكن لم يتوقف أثر روبرت هوك واكتشافاته المذهلة عنده، بل امتد إلى نيوتن ولكن في ذلك مقال آخر. فمساهمات روبرت هوك في الرياضيات والأحياء والفلك هائلة والفضل في ذلك للأدوات العلمية. فقد اكتشف الخلية الحلية باستخدام الميكروسكوب والنجم الخامس في كوكبة الجبار باستخدام التليسكوب، وغيرها من الاكتشافات والمساهمات، مما قوى حجته وحفر اسمه في التاريخ.

المصادر:
Margaret Cavendish and Scientific Discourse in Seventeenth-Margaret Cavendish and Scientific Discourse in Seventeenth-Century England Century England

Margaret Cavendish’s Critique of Experimental Science

Oxford Academic: Robert Hooke: Physics, Architecture, Astronomy, Paleontology, Biology

Robert Hooke: English scientist who discovered the cell

صراع ويليام هارفي وديكارت، صدام بين التجريبية والعقلانية

هذه المقالة هي الجزء 6 من 9 في سلسلة محطات مهمة عن الثورة العلمية

صراع ويليام هارفي وديكارت على أنقاض جالينوس

هيمنت تعاليم الفيزيائي اليوناني القديم “جالينوس” على الفكر الطبي الغربي لما يقرب من 1400 عام. لذا فليس من المستغرب أن التفسيرات الفيزيولوجية المنطقية الجديدة للظواهر قوبلت بمقاومة. رفض ديكارت وهارفي وجهة نظر جالينوس القائلة بأن الدم يتحرك ببساطة للأمام والخلف من خلال نفس الوعاء. [1]

قال هارفي أن القلب عبارة عن مضخة عضلية تضخ الدم إلى جميع أنحاء الجسم ثم تعود إلى القلب، وهو ما شكك فيه ديكارت. كما عارض تفسير هارفي لطبيعة الانقباض والانبساط، كل هذا دون مساعدة من أي أدوات دقيقة.

يعكس مفهوم علم وظائف الأعضاء عند ديكارت تفانيه في بناء نظام فلسفي موحد، يضم الفيزياء والرياضيات وعلم النفس وعلم الكونيات ونظرية المعرفة وجوانب معينة من الدين. لقد نظر ديكارت إلى الجسم بطريقة ميكانيكية، واعتبره مجموعة من الآلات. وأنه يمكن تحويل وظائف الجسم المختلفة إلى نماذج ميكانيكية مماثلة للساعة والآلات التي تعتمد على الروافع والبكرات.

رفض ديكارت نظرية المضخة الآلية القلبية لويليام هارفي!

على الرغم من هذه الميول الآلية الدافعة لقبول ديكارت لأفكار هارفي، رفض ديكارت فكرة أن القلب هو مجرد مضخة تدفع الدم إلى الجسد. يعكس هذا جزئيًا اعتقاد ديكارت بأن الإرادة تتحكم في جميع العضلات. لم يعلم ديكارت بإمكانية وجود عضلات لاإرادية من الأساس.

على الرغم من اعتراف ديكارت بأن بعض الحركات العضلية، مثل رد فعل اليد التلقائي للوخز، يمكن أن ينتج عنه فعل انعكاسي، إلا أنه رفض فكرة الانقباض العضلي اللاإرادي.

اعتقد ديكارت أن القلب لا يمكن أن يكون مضخة، بل هو فرن. يسخّن الفرن القلبي جزيئات صغيرة في الدم، مما تسبب تمددها على الفور. هذا التمدد الديناميكي والمفاجئ للدم داخل القلب تسبب في تضخم العضو مما أجبر الصمامات الأذينية البطينية أن تنغلق، وتفتح الصمامات شبه القمرية.

عندما ينطلق الدم الحار في الشريان، يتمدد الشريان، وهو ما كان مرئيًا للعين المجردة ويمكن الشعور به حينذاك. تخيل ديكارت أنه عندما يبرد الدم، فهو يأخذ مساحة أقل، وتنهار الشرايين والأوردة – كما يفعل القلب نفسه. لكنه اتفق مع هارفي على أن الدم يعود إلى القلب من خلال نظام من الأوردة، لكن الدم الحار هو الذي يحرك الدورة الدموية وليس القلب نفسه.

عندما يعود الدم البارد إلى القلب من أجزاء مختلفة من الجسم، يختلط بكمية صغيرة من الدم باقية في القلب. هذا الدم المتبقي وفقًا لديكارت، يمتلك خاصية تشبه الخميرة التي تسبب تمدد الدم العائد إلى البطين، وبالتالي بدء العملية مرة أخرى. لذلك، شبّه ديكارت القلب بالفرن.

لم يفكر ديكارت في القلب على أنه عضلة، ولم يتخيل أن حركته نتيجة لانقباض عضلي لا إرادي كما اعتقد هارفي. لكن تغير حجم القلب وشكله لأن الدم داخله يتمدد بسرعة مع تسخينه وإجباره على الخروج إلى نظام الأوعية الدموية بينما يبرد بسرعة أثناء دورانه في الجسم. [5]

صدام بين العقلانية والتجريبية

الفارق الرئيسي بين ديكارت وهارفي هو الفارق بين العقلاني والتجريبي. فويليام هارفي كان تجريبيًا يصل إلى استنتجاته بالتجربة. أما ديكارت، فحاول توفيق العالم مع نظرة فلسفية عقلانية. وقد بدا لنا من ذلك الصراع نشأة ملامح منهج وليد بين الأرسطية والديكارتية، هو المنهج التجريبي. لكن لم يظهر المنهج التجريبي على الفور بالطبع، كما لم تمت الأرسطية على الفور.

حتى الديكارتيين أمثال مالبرانش استمروا في استخدام مصطلحات المادة والشكل في تصورهم للعالم المادي. فالفلسفة الطبيعية الأرسطية قدمت مجموعة من المفاهيم التي ساعدتها على البقاء.

مع تطور العلم في القرن السابع عشر، لم يتخلص أتباع ديكارت من مفهوم الشكل بالكلية، بل أعادوا تفسيره ليناسب أفكارهم. بالتالي، يمكننا القول أن أفكار ديكارت والأرسطية كان لهما أثر كبير على علماء ومفكرين القرن السابع عشر. ورغم هدم ديكارت للأرسطية، إلا أنها كانت تعود في الأمور التي يغيب التفسير العلمي التجريبي الدقيق عنها في كثير من الأحيان.

المصادر

[1] Hurst JW: Robert C. Schlant. (Profiles in Cardiology[Eds. Hurst JW andFye WB]). Clin Cardiol1999;602–605

جائزة نوبل في الكيمياء 2021، وما علاقتها بالتخليق العضوي والمحفزات؟

جائزة نوبل في الكيمياء 2021، وما علاقتها بالتخليق العضوي والمحفزات؟

جميعنا على تماس مباشر بالجزيئات، وقد تكون هذه الجزيئات مصممًة لعلاج المرضى أو لنقل المعلومات وربما لتسميد المحاصيل. يتم تصنيع الجزيئات هذه بخصائص محددة عن طريق التخليق الكيميائي، أي سلسلة من التفاعلات الكيميائية المتتالية.
كلما زاد تحكمنا بهذه الجزيئات زادت فعاليتها مما أدى إلى استدامة عالمنا وتقدمه.
ولجمع جزيئات معقدة حصل عليها الإنسان في المختبر أو تم تجميعها بيولوجيًا من قبل كائنات حية أخرى فهي خضعت لسلسلة من تفاعل مواد أولية بسيطة مع بعضها وقد تكون هذه الخطوات المتسلسلة من التفاعل قد حصلت على تحفيز.


المحفزات وارتباطها بالكيمياء:


من الطبيعي أن تكون المحفزات أساسيًة في عالم الكيمياء فهي تزيد من سرعة ومعدل التفاعل ولا يتم استهلاكها. بمعنى أنه إذا تم إضافة فضة إلى دورق يحتوي بيروكسيد الهيدروجين H2O2 سينهار بيروكسيد الهيدروجين متحولًا إلى ماء H2O وأوكسجين O2.
لكن الأمر الغريب هو أن الفضة يبقى كما هو ولا يتأثر بالتفاعل على الإطلاق.
أول من أدخل مفهوم التحفيز إلى الوسط العلمي هو العالم السويد بارازيليوس عام 1835.
أصبح استخدام المحفزات في الوسط العلمي والصناعي أمرًا روتينيًا، فالتحفيز مشاركٌ في كثيرٍ من عمليات تحويلٍ كيميائي للمواد الصناعية إلى مواد ذات قيمة كالمستحضرات الصيدلانية والكيماويات الزراعية.
في وقتنا الحاضر تم تطوير عدد كبير من المحفزات العضوية المختلفة. تم تصنيف هذه المحفزات حسب دورها الميكانيكي مع تسليط الضوء على وظيفة المحفزات في إزالة أو منح إلكترونات أو بروتونات من وإلى الركيزة.
وهناك ما يدعى بالتصنيف البديل وهو للتمييز بين التحفيز التساهمي الذي يشكل رابطة تساهمية إلى الركيزة والتحفيز الغير تساهمي الذي يعتمد التحفيز على التفاعلات اللاتساهمية مثل تشكيل رابطة هيدروجينية.

المحفزات العضوية

وقبل قنبلة ديفيد ماكميلان وبينيامين ليست التي فجراها لم يتم تغطية التفاعلات التي تحفزها الجزيئات العضوية غير الكيرالية إلا إذا كانت ضرورية للفهم العام في مجال معين.
قد أضاف ماكميلان وليست نوعًا ثالثًا جديدًا من المحفزات وهي المحفزات العضوية غير المتماثلة.
ظهرت عدة أمثلة استخدم فيها المحفزات العضوية وسجل أول استخدام عام 1912 من قبل العالمين فريدج وفيسك. أظهرا أن إضافة سيانيد الهيدروجين HCN إلى البنزالديهايد لتشكيل السيانوهيدرايد يتم تحفيزه بواسطة القاعدتين الكيرالية الكينين والكينيدين. إن السيانوهيدرايد الذي يتم الحصول عليهمن المحفز الأول هو المتماثل الصوري مقارنًة بالمركب الذي سيتم الحصول عليه عند استخدام المحفز الثاني.


رحلة ماكميلان وليست من عام 2000 إلى عام حصولهما على نوبل


عام 2000 قام بينيامين ليست بملاحظة الألدول المحفز بين جزيئات L-Prolin (تحفيز إينامين).
أظهر ليست أن الحمض الأميني الطبيعي L-Prolin يحفز تفاعل الألدول بين الجزيئات. هو تفاعل رابطة كربون-كربون بين الأسيتون وسلسلة من الألدهيدات العطرية. اقترح ليست أن التفاعل يجري عبر إينامين وسيطة، مما يؤدي إلى رفع المدار الجزيئي الأعلى احتلالا وزيادة المحبة للنواة مقارنة مع إيثر الإينول المقابل، وأن وظيفة حمض الكربوكسيل في المحفز تساعد على استقرار الحالة الانتقالية زيمرمان -تراكسلر الخالية من المعادن من خلال الرابطة الهيدروجينية. وهكذا يرتبط المحفز تساهميا بالركيزة ويتحكم في المسار الكيميائي الفراغي لتفاعل الألدول بين الجزيئات. وقد صقلت الدراسات الحسابية اللاحقة للتفاعل هذه الصورة وتسليط الضوء على دور بروتون الحمض الكربوكسيلي كحفاز حمض داخل جزيئي الذي يوفر استقرار الشحنة لتشكيل أنيون الألكسيد. واقترح الباحثون أيضا أن وظيفة المحفز البرولاين كميكروألدولاز ‘، أي كمحاكاة الإنزيمات، وأن تفاعلات عضوية أخرى قد تكون عرضة لتحفيز مماثل لمادة الإينامين بوساطة البرولين.
وفي وقت لاحق من نفس العام لاحظ ماكميلان تفاعل ديلز ألدر بين الألدهيدات غير المشبعة والسيكلونبتدادين المحفز (تحفيز أيونات إمنيوم). في تسعينات القرن العشرين، قامت مجموعة ليرنر وبارباس الثاني بتوليد الأجسام المضادة التي تحفز تفاعل الألدول داخل الجزيئي. تم توليد الأجسام المضادة المحفزة بحيث تحاكي إنزيمات ألدولاز من الفئة الأولى. تستخدم هذه الإنزيمات والأجسام المضادة المحفزة جزء الأمين من بقايا الليسين في الموقع النشط للبروتين لتشكيل إينامين مع الركيزة، والتي تضاف بعد ذلك إلى الألدهيد لإكمال تفاعل الألدول. على وجه الخصوص، أظهر الجسم المضاد التحفيزي 38C2 نطاقاً ركيزاً واسعاً ونواتج مقدمة في الجسم العالي كما تم تطبيق هذا الجسم المضاد ببراعة في خطوة أساسية في تخليق العديد من البريفيكومينات، وهي الفرمونات للعديد من خنافس اللحاء.

تحفيز أيونات الإمينيوم

في عام 2000، أظهر ماكميلان أن الإميدازوليدينون الكيرالي يمكن أن يحفز تفاعل ديلز-ألدر بين الألدهيدات غير المشبعة ويتكثف، الذي يتم إعداده في ثلاث خطوات من استر الميثيل للحمض الأميني الطبيعي L-phenylalanine، مع الألدهيد غير المشبع لتشكيل أيون الأمينيوم المقابل، حيث يتم خفض طاقة أقل مدار جزيئي غير مشبع (LUMO) مقارنة مع الألدهيد. ويؤدي هذا الانخفاض في الطاقة إلى زيادة التفاعل تجاه الديين، ومعدل تفاعل أعلى من تفاعل ديلز-ألدر الناتج مقارنة بالتفاعل غير المحفز. ويمكن تحقيق تنشيط مماثل لخفض أدنى مدار جزيئي غير مشغول باستخدام أحماض لويس المعدنية، وهي تقنية تمت دراستها بشكل كبير. في الحالة التي قدمها ماكميلان، يتم إرفاق المحفز تساهميًا بالركيزة، مما يوفر إمكانيات جيدة لنقل المعلومات الكيرالية من العضوي المحفز إلى المنتج، وناقش الباحثون نموذجًا لترشيده الاستدلال النمطي الملاحظ. من أجل السماح بالتحفيز الفعال، أيون الألومنيوم للقناة الحلقي يجب أن تكون مرنة حركياً بما فيه الكفاية للسماح بتحللها في ظل ظروف التفاعل وتجديد المحفز. الرؤية الرئيسية في عمل ماكميلان هي مفهوم أن خفض طاقة أدنى مدار جزيئي مشغول من خلال وسيط الأمونيوم المتولد تحفيزيًا يوفر منصة عامة يمكن من خلالها تصميم وتطوير تفاعلات غير متماثلة أخرى.

أهمية الاكتشاف أدت على حصولهما على نوبل

أهم أوجه التقدم في التخليق العضوي هي تلك التي توضح مبادئ جديدة لتحفيز التفاعل والتحكم في مسارات التفاعل؛ تطوير مفهوم التحليل العضوي ومبادئ التصميم الأساسية لتطوير مثل هذا التحفيز هو بوضوح تقدم كبير في هذا المجال. الفرص الجديدة لإجراء التفاعلات الكيميائية، مثل التحلل العضوي، وتوسيع مجموعة الأدوات المتاحة للكيميائيين والسماح لتصميم مسارات جديدة للتفاعل للجزيئات العضوية. وتسفر مثل هذه التحسينات والاكتشافات عن مسارات رد فعل أكثر كفاءة، والتي سيكون لها، نتيجة لذلك، تأثير أقل على البيئة. استخدام الجزيئات العضوية الصغيرة كمحفزات للتفاعلات العضوية لم يسبق له مثيل في الكيمياء العضوية. غير أن العمل الذي قام به لِست وماكميلان أسفر عن نقطة تحول؛ هناك ما هو واضح قبل وبعد. عملهم وضع تصورات لمجال التحلل العضوي، مع التركيز على التحفيز غير المتماثل، وأشار إلى مبادئ لتصميم تفاعلات التحلل العضوي الجديدة على أساس المفاهيم الحديثة مثل خفض LUMO (أدنى مدار جزيئي غير مشغول) وتربية HOMO (أعلى مدار جزيئي مشغول).

ازدهار الوسط العلمي والصناعي ما بعد هذا الاكتشاف

تم وصف عدد كبير من ردود الفعل الجديدة، والمحفزات والتطبيقات في الأدب -وقد أشير إلى هذه الفترة باسم “حمى الذهب العضوية” اليوم، فإن المنطقة راسخة في الكيمياء العضوية وتفرعت إلى العديد من التطبيقات الجديدة والمثيرة. كما تم التعرف على التحلل العضوي الآن على أنه الدعامة الثالثة للتحفيز غير المتماثل، جنبا إلى جنب مع التحلل الحيوي والتحفيز المعدني الانتقالي. منذ أوراق لِست وماكميلان في عام 2000، تبعت تطورات مثيرة في مجال التحليل العضوي، وتم تطوير محفزات وتفاعلات جديدة لجميع فئات المحفزات العضوية (حمض لويس أو القاعدة، حمض برونستد أو القاعدة). ويركز هذا الموجز على أوجه التقدم المتعلقة بتحفيز الإينامين (قاعدة لويس) وإيونات الأمينيوم (حمض لويس)؛ وقد واصل كل من ليست وماكميلان أنشطتهما في الميدان، حيث طوروا عدة تفاعلات عضوية محفزة جديدة باستخدام L-proline وchiral imidazolidinones كمحفزات، على التوالي. إلى جانب تفاعل الألدول داخل الجزيئي.

حفاز يورغنسن -هاياشي:

في عام 2005، هجر يورغنسن وزملاؤه عملية أسولفينيل الألدهيدات باستخدام إثير سيليل دياريل كحفاز، وفي وقت لاحق من نفس العام، أظهرت هاياشي أن هذا النوع من الحفاز مؤهل أيضاً لإضافة البروبانال إلى النتروستيرين؛ كلا التفاعلين يعملان بواسطة آلية الإينامين. وبعد ذلك بوقت قصير تبين أيضاً أن المادة الحفازة لها القدرة على أكسدة الألدهيدات غير المشبعة، مثل سينامالديهايد (cinnamaldehyde)، إلى الأبوكسيد. هذه التفاعلات تسلط الضوء على بعض الجوانب المهمة من هذه الكيمياء، وهي تثبت أن إثير دياريل برولينول السيليل مؤهل لتعزيز التفاعلات التي تنطوي على كل من مكافئ تحفيز الإينامين وتحفيز أيون الأمينيوم، أثبتت إيثرات السيليل أنها محفز قوي لهذه الكيمياء مع نطاق واسع من التطبيقات، وذلك بسبب زيادة إعاقة الستيريك وارتفاع انتقائية الستيريوم مقارنة مع محفزات لبرولين وإيميدازوليدينون.

دمج التحليل العضوي مع تحفيز الأكسدة الضوئية

إن إمكانية تحويل الطاقة الشمسية إلى طاقة كيميائية لها أهمية كبيرة لتطوير مجتمع مستدام. ينبع إلهام هذا البحث من التمثيل الضوئي، حيث تستخدم النباتات الطاقة الشمسية لتحويل المواد الخام البسيطة إلى طاقة كيميائية في شكل كربوهيدرات. إحدى الطرق الممكنة لتقليد هذه الكيمياء هي استخدام محفزات المعادن الانتقالية (محفزات الأكسدة الضوئية) الذي يمكن بعد ذلك تنشيط الجزيئات العضوية المستقرة عن طريق الأكسدة أو الاختزال أحادي الإلكترون. وهذا يوفر وسيطات الغلاف المفتوح التي لا يمكن الوصول إليها بسهولة ويفتح إمكانية تحفيز مسارات تفاعل الإلكترون الثنائي الصعبة بخلاف ذلك باستخدام خطوتين لنقل الإلكترون الواحد بواسطة محلل الصور. وفي عام 2008، قام نيكويتز وماكميلان بدمج هذه الكيمياء مع التحليل العضوي، مما أدى إلى الألكيل الفعال للألدهيدات. دور المحفز الضوئي P في هذا التفاعل هو اختزال هاليد الألكيل إلى جزيء ألكيل وأيون هاليد. ثم يضيف جزيء الألكيل إلى إينامين، مكونًا رابطة كربون-كربون وجزيء ألكيل جديد. ثم يتأكسد هذا النوع بواسطة المحفز الضوئي لينتج أيون إمونيوم، والذي يتحلل إلى المنتج ويعيد الكاتياليست العضوي، واحد مع الكاساليست العضوي والآخر مع محفز الأكسدة الضوئية، مع نقطتي اتصال. أثارت تحقيقات نيكويتز وماكميلان، اهتمامًا كبيرًا في مجتمع الكيمياء، وتم استثمار الكثير من الجهد في تطوير تفاعلات محفزة بالأكسدة الضوئية. “إن قوة هذه الكيمياء هي أنه باستخدام ظروف رد فعل مستدامة، فإنها تسمح بالوصول إلى المواد الوسيطة التي لا يمكن الوصول إليها عن طريق التنشيط الحراري التقليدي. وقد تم تطوير كيمياء جديدة، وتم الآن تطبيق تحفيز الأكسدة الضوئية في معظم مجالات الكيمياء العضوية، في الأوساط الأكاديمية والصناعية على حد سواء.

تطبيقات تخليق الجزيئات العضوية المعقدة

الهدف من التخليق العضوي هو إنتاج الجزيئات العضوية، سواء كانت للمنتجات الدوائية أو الزراعية أو الطبيعية أو غيرها من التطبيقات. وقد وجد التحليل العضوي تطبيق واسع النطاق في هذا المجال. غالباً ما تكون كفاءة التسلسلات الاصطناعية طويلة متعددة الخطوات مشكلة وعادةً ما توفر المركب المطلوب بكميات دقيقة فقط. إحدى الاستراتيجيات لتخفيف هذا العيب المتأصل مستلهمة من التخليق الحيوي للجزيئات العضوية، حيث يتم استخدام سلاسل من إنزيمات تحول المواد الأولية البسيطة إلى جزيئات معقدة في عملية منظمة للغاية. في التخليق العضوي، يتم تقليد ذلك باستخدام تفاعلات متتالية حيث يكون ناتج خطوة التفاعل الأولى هو المادة البادئة للخطوة التالية، وبالتالي تجنب عمليات التنقية غير الضرورية بين كل خطوة من خطوات التفاعل. ومن الأمثلة الأنيقة على هذه الكيمياء التركيب الكامل لفيتامين أ -توكوفيرول (فيتامين هـ)، وهو مضاد أكسدة قوي، في هذا التفاعل التعاقبي، الذي يتكون من تفاعل ألدول متبوعا بتفاعل أوكا -مايكل، يتم تركيب رابطتين جديدتين ومركز مجسم جديد في عملية واحدة، وبالتالي تشكيل جزء بيران من a-tocopherol.

التخليق العضوي وأهميته في الصيدلة

التخليق العضوي له دور هام في البحوث الصيدلانية قبل السريرية، حيث هناك طلب كبير على جزيئات عضوية جديدة ليتم اختبارها في عدة أمرض مختلفة. والهدف من هذا النشاط هو تطوير أدوية جديدة لعلاج الأمراض، وليس من المستغرب أن يتم تطبيق أساليب التحفيز العضوي في هذا المجال. ومن الأمثلة على ذلك علاج فرط ضغط الدم (ارتفاع ضغط الدم). الرينين، وهو بروتيني يفرزه الكليتان، يحلل البروتين الأنجيوتنسين في مجرى الدم إلى الببتيد الأنجيوتنسين I. يؤدي المزيد من التحلل المائي للأنجيوتنسين الأول إلى تشكيل الأنجيوتنسين الثاني، وهو ببتيد نشط في الأوعية تشارك في ارتفاع ضغط الدم. أحد الاحتمالات لعلاج ارتفاع ضغط الدم هو تثبيط الرينين ومنع تكوين أنجيوتنسين. ولقد أثبت الباحثون في شركة نوفارتيز أن هذا أمر ممكن حقا. إن التطورات في التخليق العضوي التي توضح مبادئ جديدة لتحفيز التفاعل والتحكم في مسارات رد الفعل أمر مركزي للتقدم في الانضباط. وقد أسهم الفائزون هذا العام إسهاما رائدا في هذا المجال. من روايتهم النظرية.وقد اجتذب عام 2000 اهتماما كبيرا من أوساط الباحثين ويمثل بداية للبحوث الحديثة في التحليل العضوي، مما أثار تطورا لا يزال مستمرا. مجال البحث واسع لا يشمل فقط تحفيز إينامين وأيونات الأمينيوم، واليوم نضج التحليل العضوي إلى أداة تستخدم بشكل روتيني في التخطيط والتنفيذ التخليقي، سواء في الصناعة والأوساط الأكاديمية.

المصدر

[1] Nobel Prize

Exit mobile version