التمييز في الأجور بين الرجال والنساء يمنح كلوديا جولدين جائزة نوبل في الاقتصاد

على مدى القرن الماضي، تضاعفت نسبة النساء العاملات في العديد من البلدان ذات الدخل المرتفع بثلاث مرات. ويعد هذا أحد أكبر التحولات الاجتماعية والاقتصادية في سوق العمل في عصرنا الحديث. وبالرغم من أن المساواة بين الجنسين ليست مجرد حق أساسي من حقوق الإنسان، ولكنها أساس ضروري لعالم ينعم بالسلام والرخاء والاستدامة. لا يزال ثمة اختلافات كبيرة بين الجنسين في سوق العمل، أبرزها التمييز في الأجور بينهما. لذا منحت جائزة نوبل في الإقتصاد للأمريكية كلوديا جولدين لأبحاثها البارزة في تناول إشكالية عدم المساواة بين الجنسين في سوق العمل. وقدمت كلوديا من خلالها أول وصف شامل لدخل المرأة ومشاركتها في سوق العمل عبر عدة قرون.

التاريخ وعلاقته بفهم الفروق بين الجنسين في سوق العمل

على الصعيد العالمي، تعمل حوالي 50% من النساء في وظائف مدفوعة الأجر، بينما بلغت نسبة الرجال حوالي 80%. أي يشغل الرجال أعمالًا بنسبة أكثر من النساء بحوالي 30%، وعندما تعمل المرأة فإنها عادة ما تتقاضي أجر أقل.

على المديين القصير والطويل، يعد فهم الكيفية وأسباب اختلاف مستويات العمالة والأجور بين النساء والرجال أمر مهم للغاية. نظرًا لتعلق تلك الفجوة بأسباب اجتماعية واقتصادية، وبالاستخدام الأكثر كفاءة لموارد المجتمع. إذا لم تتح للمرأة نفس فرصة المشاركة في سوق العمل، أو شاركت بشروط غير منصفة، فهذا يعني  إهدار العمل والخبرة. ومن غير المجدي اقتصاديًا ألا تذهب الوظائف إلى الشخص الأكثر جدراة. كما أن اختلاف الأجر مقابل أداء نفس العمل، يحبط النساء ويحجمهن عن العمل.

أثبتت جولدين من خلال الجمع بين ما بين التاريخ والنهج الاقتصادي، أن عدة عوامل مختلفة أثرت تاريخياً -ولا تزال تؤثر- على العرض والطلب على العمالة النسائية. واشتملت تلك العوامل على الفرص المتاحة للمرأة للجمع بين العمل مدفوع الأجر والأسرة، والقرارات المتعلقة بالتعليم وتربية الأطفال، والابتكارات التقنية، والقوانين والأعراف، والتحول الهيكلي للاقتصاد. وفي المقابل، أتاحت نتائجها فهمًا أفضل لأسباب اختلاف معدلات التوظيف والأجور بين النساء والرجال، وذلك من خلال دراستها التي اشتملت على فترة زمنية قدرها مائتي عام.

إصلاح تشوهات النظرة التاريخية

على مدى القرون القليلة الماضية، شهد المجتمع تغيرات سياسية واجتماعية وتقنية كبيرة. وتمتعت الدول الصناعية المعاصرة بنمو اقتصادي مطرد منذ الثورة الصناعية وحتي اليوم. وقد يكون من السهل أن نعتقد أن مشاركة المرأة في قوة العمل سوف تتبع نفس الاتجاه. ولكن أبحاث جولدين أظهرت عكس ذلك، فقد خلقت فهمًا لكيفية تغير ظروف المرأة مع تحول الاقتصاد من الاقتصاد الزراعي التقليدي إلى المجتمع المعاصر. ومع ذلك، فقد تشوهت بعض السياقات التاريخية الاقتصادية، بسبب عدم ذكر عمل المرأة في المصادر التاريخية. وكان من الضروري برأي جولدين إزالة هذه التشوهات.

تمكنت جولدين من توضيح الصورة العامة من خلال تحليل البيانات التاريخية. وركزت من خلالها على تاريخ الولايات المتحدة، والتي اتضحت الصورة تمامًا من خلالها. فقد تمكنت من تحديد الأنماط الرائدة التي لم تتحدى المعرفة القائمة فحسب، بل وغيرت أيضا وجهة النظر حول الأدوار التاريخية والمعاصرة للمرأة في سوق العمل، والتي شبهته بحرفU.

منحنى على شكل حرف U

قبل نشر كتاب جولدين الرائد في عام 1990، كان الباحثون قد درسوا بيانات القرن العشرين. وخلصوا إلى وجود علاقة ارتباطية إيجابية بين النمو الاقتصادي وعدد النساء في الوظائف مدفوعة الأجر. وبعبارة أخرى، مع النمو الاقتصادي، كان عدد النساء العاملات أكبر. ومع ذلك، نظرًا لإغفال دراسة البيانات الأقدم من هذا القرن، ظلت هذه العلاقة غير واضحة لفترة طويلة من الزمن.

كانت ملاحظة جولدين الأولى هي أن معدلات توظيف النساء توظف بشكل غير صحيح في كثير من الأحيان في البيانات الموجودة. على سبيل المثال، في السابق كان من الشائع أن توثق مهنة المرأة في السجلات العامة على أنها “زوجة”. ولكن حتى لو كانت متزوجة، فمن غير المعتاد ألا تقوم بأي عمل آخر غير العمل المنزلي. فقد اعتادت النساء أن تعملن  جنبًا إلى جنب مع أزواجهن في الزراعة أو في مختلف أشكال الأعمال الأخري كالصناعات المنزلية القائمة على المنسوجات ومنتجات الألبان. ومع ذلك لم يتم تسجيل عملهن بشكل صحيح في السجل التاريخي.

من خلال تجميع قواعد بيانات جديدة باستخدام مسوحات أكثر دقة وقدمًا، وباستخدام الإحصاءات الصناعية والتعدادات، تمكنت جولدين من تصحيح البيانات المتعلقة بمشاركة المرأة في سوق العمل. لقد أثبتت أن نسبة النساء العاملات في الولايات المتحدة كانت أكبر بكثير في نهايات القرن التاسع عشر مما تظهره الإحصاءات الرسمية. على سبيل المثال، أظهرت تصحيحاتها أن معدل توظيف النساء المتزوجات كان أكبر بثلاث مرات تقريبًا من المعدل المسجل في التعدادات السكانية.

ومن خلال الكشف عن بيانات تعود أصولها إلى نهاية القرن الثامن عشر، تمكنت أيضاً من الكشف عن حقيقة تاريخية جديدة مدهشة ومثيرة. فقبل ازدهار التصنيع في القرن التاسع عشر، كانت النساء غير المتزوجات أكثر ميلاً إلى المشاركة في العمل. كان أحد أسباب تغير ذلك هو أن الصناعة جعلت من الصعب على العديد من النساء المتزوجات العمل من المنزل وبالتالي صعبت من الجمع بين العمل والأسرة. وقد وثقت جولدين ذلك بطريقة مبتكرة، باستخدام بيانات من أكثر من عشرة آلاف ربة منزل في فيلادلفيا في القرن الثامن عشر.

وإلى جانب الزيادة المعروفة سابقاً في بداية القرن العشرين، أظهرت جولدين أن مشاركة المرأة التاريخية في قوة العمل في الولايات المتحدة يمكن وصفها باستخدام منحني على شكل حرف U لفترة مائتي عام منذ نهاية القرن الثامن عشر. ولأن النمو الاقتصادي كان مستقرًا طوال هذه الفترة، فقد أظهر منحنى جولدين أنه لا يوجد ارتباط ثابت تاريخيًا بين مشاركة المرأة في سوق العمل والنمو الاقتصادي. وبأي حال من الأحوال لا يقتصر هذا الوضع على الولايات المتحدة الأمريكية فحسب، بل يوجد في العديد من الدول الأخري.

وتتيح هذه الأفكار إمكانية رسم خريطة أفضل لمكانة المرأة في سوق العمل على المستوى الدولي وفهمها. وبعبارة أخرى، لا ينبغي لنا أن نعتمد على أن النمو الاقتصادي سيؤدي تلقائياً إلى تقليص الفوارق بين الجنسين في سوق العمل. لكن ما الذي يفسر الاختلافات؟

هل تقبلين هذا الرجل ليكون زوجك؟

بحلول بداية القرن العشرين وجد اختلافًا كبيرًا في معدلات توظيف النساء المتزوجات وغير المتزوجات. ففي حين أن حوالي 20% من جميع النساء يعملن بأجر، فإن حوالي 5% فقط من النساء المتزوجات يفعلن ذلك. وأظهرت جولدين أن التقدم التقني ونمو قطاع الخدمات وزيادة مستويات التعليم أدى إلى زيادة الطلب على العمالة النسائية. ومع ذلك، فإن الوصمة المجتمعية والتشريعات والحواجز المؤسسية الأخرى حدت من تأثير هذا الطلب. إضافة إلى أنها تمكنت من إثبات أن الزواج لعب دورًا أكبر مما كان يُعتقد في السابق.

أشارت جولدين إلى أن التشريع المعروف باسم “موانع الزواج” غالباً ما يمنع النساء المتزوجات من مواصلة عملهن كمعلمات أو موظفات في المكاتب. وعلى الرغم من الطلب المتزايد على العمالة، فقد تم استبعاد النساء المتزوجات من بعض المهن في سوق العمل. وقد بلغ هذا النوع من التشريعات ذروته خلال أزمة الكساد العظيم في ثلاثينيات القرن العشرين والسنوات التي تلتها. ولكنه لم يكن السبب الوحيد، بل توقعات النساء لمهنهن المستقبلية كان عاملاً مهمًا أيضًا في تبيطيء تقليص الفجوة بين معدلات توظيف الرجال والنساء.

أهمية التوقعات والتأثر بالفوج

يتكون سوق العمل من أجيال وأفواج مختلفة واجهت ظروفًا مختلفة عند اتخاذ قراراتها الحياتية. لذا عملت جولدين على تطوير منهجًا قائمًا على الفوج أو الجيل لتحليل ما يحدث عندما يدخل الفوج سوق العمل. ففي أوائل القرن العشرين، على سبيل المثال، كان من المتوقع من معظم النساء أن يعملن لبضع سنوات فقط قبل الزواج. بعد ذلك تخرجن النساء من سوق العمل بعد الزواج، مما أثر على اختياراتهن التعليمية. وأظهرت جولدين أنه في فترات التطور السريع، قد تتخذ المرأة قرارات بناء على توقعات لا تؤتي ثمارها فيما بعد.

وفي النصف الثاني من القرن العشرين، أدت التغيرات المجتمعية بالنساء المتزوجات غالباً إلى أن يعُدن إلى العمل بمجرد أن يكبر أطفالهن. وكانت فرص العمل المتاحة لهن آنذاك مبنية على اختيارات تعليمية ربما اتخذوها قبل خمسة وعشرين عامًا، وفي وقت لم يكن من المتوقع فيه، وفقًا للمعايير الاجتماعية المعاصرة، أن يحصلن فيها على مهنة.

العديد من الفتيات الصغيرات في الخمسينيات كان لديهن أمهات ربات بيوت، وعندما كبرن، عادت أمهاتهن إلى سوق العمل. كانت البنات قد اخترن بالفعل مساراتهن التعليمية. بمعنى آخر، لم تتوقع الفتيات أن يكون لهن مهنة عندما خططن لمستقبلهن. ولم يتضح إلا بعد فترة طويلة أنهن يمكن أن يحصلن على مهنة.

في معظم فترات القرن العشرين، قللت النساء من تقدير أهمية عملهن.ولم تبدأ التوقعات والنتائج في التقارب حتى السبعينيات. ونتيجة لذلك، استثمرت النساء الشابات في تلك الفترة بشكل أكبر في تعليمهن. وفي العقود الأخيرة، تزايدت احتمالات التحاق النساء بالدراسة، ففي البلدان ذات الدخل المرتفع، تحصل النساء بشكل عام على مستوى تعليمي أعلى من الرجال.

إن الطريقة التي تترك بها النساء العمل لفترة طويلة بعد الزواج تفسر أيضاً السبب وراء زيادة متوسط ​​مستوى تشغيل النساء بنسبة ضئيلة للغاية. فعلى الرغم من التدفق الهائل للنساء إلى سوق العمل في النصف الأخير من القرن العشرين، وتغيير الأعراف المجتمعية، والأنماط الجديدة في سوق العمل وزيادة مستويات التعليم قد أثرت على مستوى توظيف المرأة، فإن الابتكارات الأحدث قد غيرت بشكل أساسي فرصها في التخطيط والحصول على مهنة.

قوة حبوب منع الحمل

لقد تغيرت توقعات سوق عمل المرأة في نهاية الستينيات، عندما تم اكتشاف حبوب منع الحمل. وحبوب منع الحمل هي وسيلة سهلة الاستخدام لتنظيم الأسرة ومنع الحمل وتستطيع المرأة التحكم فيها بشكل مستقل. ووجدت جولدين أن حبوب منع الحمل أدت إلى تأخر الزواج والإنجاب. كما أنها ساعدت النساء الشابات على اتخاذ خيارات مهنية أخرى، وبدأت نسبة متزايدة منهن في دراسة العديد من التخصصات المختلفة كالاقتصاد والقانون والطب. وهذا يعني أنها ساعدتهن على التخطيط لمستقبلهن بشكل أفضل.

الفجوات التاريخية في الأرباح

بدأت جولدين بجمع الإحصائيات من مجموعة من المصادر، وأنتجت أول سلسلة طويلة عن الفجوة في الأجور بين الرجال والنساء. وباستخدام احصائيات شملت مائتي عام، أثبتت أن الفجوة في الدخل بين الجنسين تقلصت بشكل كبير خلال الثورة الصناعية (1820-1850)، وكذلك عندما زاد الطلب على الخدمات الإدارية والكتابية (1890-1930). وعلى الرغم من النمو الاقتصادي وزيادة مستويات التعليم بين النساء ومضاعفة نسبة النساء العاملات بأجر، ظلت فجوة الدخل على حالها بين عامي 1930 و1980.

وباستخدام هذه الإحصائيات، تمكنت جولدين أيضًا من إظهار أن قضية التمييز في الأجور التي أثرت على النساء زادت بشكل ملحوظ مع نمو قطاع الخدمات في القرن العشرين. فقبل ذلك، كانت النساء عادة ما تعمل في قطاعات يعتمد الأجر فيها على العمل بالقطعة (اليومية). وكان العاملون في هذه الأنواع من الصناعات، سواء كانوا ذكورًا أو إناثًا، يحصلون على أجور تتناسب مع إنتاجيتهم. لكن مع نهاية القرن التاسع عشر وعام 1940، ارتفع الفرق في الأجور بين الجنسين. وبعبارة أخري زاد التمييز في الأجور، بشكل مدهش إلى حد ما، في نفس الوقت الذي تضاءلت فيه الفجوة في الدخل بين الرجال والنساء. وكان أحد أسباب ذلك هو التخلي المتزايد عن عقود العمل بالقطعة لصالح أنظمة الأجور الشهرية.

تأثير الأبوة

من خلال دراسة كيفية تغير الاختلافات في الدخل بين الرجال والنساء بمرور الوقت، أوضحت جولدن ورفاقها من الباحثين، ماريان برتراند ولورانس كاتز، في مقال نشر عام 2010 أن الفروق الأولى في الدخل تكون صغيرة. ويتغير الحال بمجرد ولادة الطفل الأول، إذ ينخفض ​​الدخل على الفور ولا يزيد بنفس المعدل بالنسبة للنساء اللاتي لديهن طفل. لا يحدث الأمر ذاته مع الرجال، حتى لو كان للطرفين نفس التعليم والخبرة. وقد أكدت الدراسات التي أجريت في بلدان أخرى استنتاج جولدين، إذ يمكن للأبوة الآن أن تفسر بشكل شبه كامل الفروق في الدخل بين النساء والرجال في البلدان ذات الدخل المرتفع.

أظهرت جولدين أن تأثير الأمومة هذا يمكن تفسيره جزئيًا بطبيعة أسواق العمل المعاصرة. حيث تتوقع العديد من القطاعات أن يكون الموظفون الذكور متاحين دائمًا ومرنين في مواجهة متطلبات صاحب العمل. ولأن المرأة تتحمل في كثير من الأحيان مسؤولية أكبر من الرجل في رعاية الأطفال، ما يجعل من التقدم الوظيفي وزيادة الدخل أكثر صعوبة. كما أن المهام التي يصعب دمجها مع العمل بدوام جزئي تزيد من صعوبة الحفاظ على وظائفهن فيخترن في بعض الأحيان تقليل ساعات الدوام بها. ولذلك أدت كل هذه العوامل إلى عواقب بعيدة المدى على دخل المرأة.

لمحة عن المستقبل

من خلال البحث في الأرشيفات وتجميع البيانات التاريخية وتصحيحها، تمكنت جولدين من تقديم حقائق جديدة ومثيرة. كما منحتنا فهمًا أعمق للعوامل التي تؤثر على فرص المرأة في سوق العمل. وقد أظهرت نتائج دراساتها أن الاختلافات بين النساء والرجال في سوق العمل تحددها عوامل متنوعة خلال فترات التطور المجتمعي المختلفة. ويتعين على صناع السياسات الذين يريدون التأثير على هذه الاختلافات أن يفهموا أولاً سبب وجودها. كما أظهرت نتائجها أن التغيير يستغرق وقتاً طويلاً. لأن الاختيارات التي تؤثر على المهن بأكملها تعتمد على توقعات قد يتبين لاحقاً أنها خاطئة.

مصادر: بيان جائزة نوبل العلمي الرسمي

فوز الإيرانية نرجس محمدي بجائزة نوبل في السلام 2023

قررت لجنة نوبل النرويجية منح جائزة نوبل للسلام لعام 2023 إلى نرجس محمدي لنضالها ضد اضطهاد المرأة في إيران وكفاحها من أجل تعزيز حقوق الإنسان والحرية للجميع. لقد جاء كفاحها الشجاع بثمن باهظ دفعته وتدفعه نرجس اليوم. فقد اعتقلها النظام الإيراني 13 مرة، وأدانها خمس مرات، وحكم عليها بالسجن لمدة 31 عامًا و154 جلدة. لا تزال نرجس محمدي في السجن بينما نكتب لكم الآن.

أصبحت نرجس محمدي بعد هذا الإعلان المرأة رقم 19 التي تفوز بجائزة نوبل للسلام وثاني امرأة إيرانية، بعد فوز الناشطة الحقوقية شيرين عبادي بالجائزة في عام 2003.

قصة نرجس محمدي

في سبتمبر/أيلول 2022، قُتلت شابة كردية تُدعى مهسا جينا أميني أثناء احتجازها لدى شرطة الأخلاق الإيرانية. وأدى مقتلها إلى اندلاع أكبر مظاهرات سياسية ضد النظام في إيران منذ وصوله إلى السلطة في عام 1979. وتحت شعار “المرأة – الحياة – الحرية”، شارك مئات الآلاف من الإيرانيين في احتجاجات سلمية ضد وحشية السلطات وقمعها للنساء. قام النظام بقمع الاحتجاجات بشدة: قُتل أكثر من 500 متظاهر. وأصيب الآلاف، من بينهم كثيرون أصيبوا بالعمى بسبب الرصاص المطاطي الذي أطلقته الشرطة. وتم اعتقال ما لا يقل عن 20 ألف شخص واحتجازهم في حجز النظام.

شعار المظاهرات

الشعار الذي اعتمده المتظاهرون – “المرأة – الحياة – الحرية” – يعبر بشكل مناسب عن تفاني وعمل نرجس محمدي. امرأة: تناضل نرجس من أجل كل النساء ضد التمييز والقمع المنهجي.
حياة: تدعم نرجس نضال المرأة من أجل الحق في عيش حياة كريمة. وقد قوبل هذا النضال في جميع أنحاء إيران بالاضطهاد والسجن والتعذيب وحتى الموت.
حرية: تناضل نرجس من أجل حرية التعبير والحق في الاستقلال، وضد القواعد التي تلزم النساء بالبقاء بعيدًا عن الأنظار وتغطية أجسادهن إجبارًا. إن مطالب الحرية التي عبر عنها المتظاهرون لا تنطبق على النساء فحسب، بل على جميع السكان.

نشأة نرجس محمدي

في التسعينيات، عندما كانت نرجس محمدي طالبة فيزياء شابة، كانت تميز نفسها كمدافعة عن المساواة وحقوق المرأة. وبعد أن أنهت دراستها عملت مهندسة وكاتبة عمود في العديد من الصحف الإصلاحية. وفي عام 2003، انخرطت في مركز المدافعين عن حقوق الإنسان في طهران، وهي منظمة أسستها الحائزة على جائزة نوبل للسلام شيرين عبادي. وفي عام 2011، ألقي القبض على السيدة محمدي للمرة الأولى وحُكم عليها بالسجن لسنوات عديدة بسبب جهودها في مساعدة النشطاء المسجونين وعائلاتهم.

وبعد مرور عامين، وبعد إطلاق سراحها بكفالة، انخرطت السيدة محمدي في حملة ضد استخدام عقوبة الإعدام. وكانت إيران منذ فترة طويلة من بين الدول التي تنفذ أعلى نسبة من سكانها سنويًا. ومنذ يناير/كانون الثاني 2022 فقط، حُكم على أكثر من 860 سجيناً بالإعدام في إيران.

أدى نشاط نرجس ضد عقوبة الإعدام إلى إعادة اعتقالها في عام 2015، والحكم عليها بالسجن لسنوات إضافية خلف الجدران. عند عودتها إلى السجن، بدأت في معارضة استخدام النظام المنهجي للتعذيب والعنف الجنسي ضد السجناء السياسيين، وخاصة النساء، الذي يمارس في السجون الإيرانية.

قيادة من داخل السجن

وصلت أنباء موجة الاحتجاجات العام الماضي للسجناء السياسيين المحتجزين داخل سجن إيفين سيئ السمعة في طهران. ومرة أخرى، تولت السيدة محمدي القيادة. وأعربت من السجن عن دعمها للمتظاهرين ونظمت أعمال تضامن بين زملائها السجناء. وردت سلطات السجن بفرض شروط أكثر صرامة. فمُنعت السيدة محمدي من استقبال المكالمات والزوار. ومع ذلك، تمكنت من تهريب مقال نشرته صحيفة نيويورك تايمز في الذكرى السنوية الأولى لمقتل ماهسا جينا أميني. وكانت الرسالة: “كلما زاد عدد السجناء منا، أصبحنا أقوى”. ومن السجن، ساعدت نرجس في استمرارية زخم الاحتجاجات.

خطاب نرجس من داخل السجن

كنت أنا وزملائي السجينات مجتمعين في جناح النساء بسجن إيفين في طهران ذات مساء عندما شاهدنا تقريرًا تلفزيونيًا عن وفاة مهسا أميني. لقد مر يوم السبت قبل عام على وفاتها أثناء احتجازها من قبل شرطة الأخلاق الإيرانية بزعم عدم ارتداء الحجاب المناسب. أدى موتها إلى اندلاع انتفاضة فورية وواسعة النطاق – بقيادة النساء – هزت البلاد.

في جناح النساء، امتلأنا بالحزن والغضب. استخدمنا مكالماتنا الهاتفية القصيرة لجمع المعلومات. وفي الليل، كنا نجتمع لتبادل الأخبار التي سمعناها. كنا عالقين في الداخل، لكننا فعلنا ما في وسعنا لرفع أصواتنا ضد النظام. وصل الغضب إلى ذروته بعد بضعة أسابيع، عندما اجتاح حريق جزءًا من سجن إيفين في 15 أكتوبر/تشرين الأول. وهتفنا “الموت للجمهورية الإسلامية” وسط إطلاق النار من قوات الأمن والانفجارات وألسنة اللهب. قتل ثمانية أشخاص على الأقل. وتم اعتقال آلاف الأشخاص الذين كانوا يحتجون على وفاة السيدة أميني في الأشهر التي تلت ذلك.

ومع اقتراب الذكرى السنوية لوفاتها، عمل قادة إيران على قمع المعارضة. لقد سُجنت في سجن إيفين ثلاث مرات منذ عام 2012 بسبب عملي كمدافعة عن حقوق الإنسان، لكنني لم أر قط عددًا كبيرًا من المسجونين الجدد في جناح النساء هناك كما حدث في الأشهر الخمسة الماضية. كما امتلأت أجنحة النساء الأخرى.

من خلال أصدقائي في سجن قرجك جنوب شرق طهران، علمت بوجود حوالي 1400 معتقل جديد محتجزين هناك. وتم إرسال نساء أخريات إلى أجنحة أمنية مشددة، بما في ذلك قسم إيفين 209، الذي تديره المخابرات. وأخبرتنا إحدى المعتقلات، التي تم نقلها إلى سجن إيفين من سجن عادل آباد في شيراز، عن مئات المعتقلات الجدد في عادل آباد.

ما قد لا تفهمه الحكومة هو أنه كلما زاد عدد السجناء منا، أصبحنا أقوى. والمعنويات بين السجناء الجدد مرتفعة. وتحدث البعض بسهولة غريبة عن كتابة وصاياهم قبل النزول إلى الشوارع للمطالبة بالتغيير. كلهم، بغض النظر عن كيفية اعتقالهم، كان لديهم مطلب واحد: إسقاط نظام الجمهورية الإسلامية.

خلال الأشهر الأخيرة، التقيت بالعديد من السجينات اللاتي تعرضن للضرب والكدمات، وكُسرت عظامهن، وتعرضن للاعتداء الجنسي. لقد بذلت قصارى جهدي لتوثيق هذه المعلومات ومشاركتها. ومع ذلك، فإننا نواصل رفع أصواتنا. لقد أصدرنا بيانات وعقدنا اجتماعات عامة واعتصامات بعد أنباء المظاهرات الحاشدة والقتل والإعدامات في الشوارع. لقد حاولت المؤسسات الأمنية والقضائية ترهيبنا وإسكاتنا من خلال قطع مكالماتنا الهاتفية واجتماعاتنا الأسبوعية مع عائلاتنا، أو من خلال رفع دعاوى قضائية جديدة ضدنا.

في الأشهر السبعة الماضية، فتحوا ست قضايا جنائية جديدة بشأن أنشطتي في مجال حقوق الإنسان في السجن، وأضافوا عامين وثلاثة أشهر إلى عقوبتي، التي تبلغ الآن 10 سنوات وتسعة أشهر. لقد بدأت حملتي الانتخابية في إيران منذ 32 عامًا عندما كنت طالبًا. كان هدفي في ذلك الوقت هو محاربة الاستبداد الديني، الذي أدى، إلى جانب التقاليد والعادات الاجتماعية، إلى قمع عميق للنساء في هذا البلد. لا يزال هذا هدفي.

الآن، بعد رؤية الجهود الرائدة التي بذلتها الشابات والفتيات خلال هذه الحركة الثورية، أشعر أن أحلامي وأهدافي النسوية أصبحت أقرب إلى التحقيق. لقد برزت النساء كطليعة لهذه الانتفاضة، وأظهرن شجاعة ومقاومة هائلة، حتى في مواجهة العداء والعدوان المتزايد من النظام الاستبدادي الديني.
في الماضي، قبل وفاة السيدة أميني، سمعت بعض الروايات عن اعتداءات جنسية ضد النساء داخل سجونهن، لكنني لم أشهد شخصيًا هذا العدد من الضرب والإصابات التي تهدد الحياة، ولم أواجه قصص الاعتداء والتحرش الجنسي. بهذا الحجم. ويبدو أن النظام ينشر عمدا ثقافة العنف ضد المرأة. ومع ذلك، لن تكون قادرة على ترهيبهم أو كبح جماحهم. المرأة لن تستسلم.

إن إرادة البقاء تغذينا، سواء كنا داخل السجن أو خارجه. وقد يؤدي القمع العنيف والوحشي الذي تمارسه الحكومة في بعض الأحيان إلى إبعاد الناس عن الشوارع، لكن نضالنا سيستمر حتى اليوم الذي يطغى فيه النور على الظلام وتعانق شمس الحرية الشعب الإيراني.”

نرجس محمد
نشر هذا الخطاب في New york times بتاريخ 16 سبتمبر 2023 بعنوان: “كلما حبسونا، أصبحنا أقوى”

لم منحت جائزة نوبل في السلام 2023 برأي اللجنة؟

نرجس محمدي امرأة ومدافعة عن حقوق الإنسان ومناضلة من أجل الحرية. بمنحها جائزة نوبل للسلام لهذا العام، ترغب لجنة نوبل النرويجية في تكريم كفاحها الشجاع من أجل حقوق الإنسان والحرية والديمقراطية في إيران.

كما تُكرّم جائزة السلام لهذا العام أيضًا مئات الآلاف من الأشخاص الذين تظاهروا في العام السابق ضد سياسات التمييز والقمع التي ينتهجها النظام الإيراني والتي تستهدف النساء. ولن يتسنى للعالم أن يحقق الأخوة بين الأمم التي سعى ألفريد نوبل إلى تعزيزها إلا من خلال تبني حقوق متساوية للجميع.

تتبع جائزة نرجس محمدي تقليدًا طويلًا، حيث منحت لجنة نوبل النرويجية جائزة السلام لأولئك الذين يعملون من أجل تعزيز العدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان والديمقراطية. وهذه شروط مسبقة هامة للسلام الدائم.

المصدر: بيان لجنة جائزة نوبل 2023

اقرأ أيضًا:

لم حازت النقاط الكمومية على جائزة نوبل للكيمياء لعام 2023؟

تخيل بلورة نانوية صغيرة جدًا لدرجة أنها تتصرف مثل الذرة. هذا ما حصل بسببه كل من مونجي جي. باوندي، ولويس إي. بروس، وأليكسي إيكيموف على جائزة نوبل في الكيمياء لعام 2023. إذ اكتشف الثلاثي فئة من هذه الأعاجيب الدقيقة، المعروفة الآن باسم “النقاط الكمومية”، وقد حصلوا على الجائزة عن تطويرهم طريقة دقيقة لتركيبها. فما هي النقاط الكمومية؟

نبذة موجزة عن النقاط الكمومية

تسمى النقاط الكمومية أحيانًا بالذرات الاصطناعية، فهي عبارة عن بلورات نانوية دقيقة مصنوعة من السيليكون ومواد شبه موصلة أخرى. يبلغ عرض النقطة الكمومية بضعة نانومترات فقط، وهي صغيرة بما يكفي لإظهار خصائص كمومية تمامًا كما تفعل الذرات الفردية، على الرغم من أن حجمها يصل إلى مائة أو بضعة آلاف من الذرات. ونظرًا لإمكانية احتجاز الإلكترونات عند مستويات معينة من الطاقة داخلها، فإن البلورات النانوية قادرة على أن تبعث أطوال موجية معينة من الضوء. ومن خلال التحكم في حجم الجسيمات، يستطيع الباحثون برمجة اللون الدقيق الذي ستومض به النقاط الكمومية عند تحفيزها.

أوضح هاينر لينكه، عضو لجنة نوبل للكيمياء وأستاذ فيزياء النانو، أن ميكانيكا الكم تتنبأ بأنه إذا أخذت إلكترونًا وضغطته في مساحة صغيرة، فسيتم ضغط الدالة الموجية للإلكترون. وكلما صغرت المساحة، زادت طاقة الإلكترون، مما يعني أنه يمكن أن يعطي المزيد من الطاقة للفوتون.

في جوهر الأمر، يحدد حجم النقطة الكمومية اللون الذي ستتلون هي به. وتلمع الجسيمات الصغيرة باللون الأزرق، بينما تلمع الجسيمات الأكبر باللونين الأصفر والأحمر.[1]

سباق تجاه عالم النانو

لفترة طويلة، اعتقد الناس أنه من المستحيل تصغير الجسيمات لهذه الدرجة، لكن الفائزين هذا العام نجحوا في ذلك. ففي عام 1981 في معهد فافيلوف الحكومي للبصريات في الاتحاد السوفييتي، كان إيكيموف أول شخص ينجح في ذلك من خلال إضافة النحاس والكلور إلى الزجاج. وقد أظهر كلوريد النحاس قدرة على التشكّل في هيئة بلورات نانوية على يدي إيكيموف، وبدا لون الزجاج مرتبط بحجم الجزيئات.

وفي عام 1983، في مختبرات بيل، كشف بروس ثاني أسرار هذه الجسيمات، التي طفت بحريّة في محلول سائل أثناء تجاربه على استخدام الضوء لتحفيز التفاعلات الكيميائية. وقد لاحظ بروس، أن الحجم يغير الخصائص البصرية للجسيمات النانوية. أثارت هذه الخاصية الكثير من الاهتمام! ولم تغب الفائدة الإلكترونية الضوئية المحتملة لمثل هذه الجسيمات عن خبراء التكنولوجيا، الذين حذوا حذو مارك ريد من جامعة ييل في الإشارة إليها باسم “نقاط كمومية”. لكن على مدار العقد التالي، ناضل الباحثون للتحكم بدقة في حجم وجودة هذه الجسيمات.

وفي عام 1993، اخترع باويندي طريقة كيميائية بارعة لصنع جسيمات نانوية مثالية. لقد كان قادرًا على التحكم في اللحظة الزمنية المحددة التي تتشكل فيها البلورات. ثم تمكن من التحكم في إيقاف واستئناف نمو حجم تلك البلورات. وقد أكسبت اكتشافاته النقاط الكمومية فوائد كبيرة على نطاق واسع في مجموعة متنوعة من التطبيقات.

نموذج الصندوق ذو البئر الجهدي اللانهائي

على مدى العقود الماضية، عندما أصبحت أجهزة أشباه الموصلات أصغر حجمًا، استاء الفيزيائيون بشكل متزايد من ميكانيكا الكم. وعلى وجه الخصوص، يبدو أن بعض الأفكار البسيطة حول الذرات والجزيئات تفسر الخصائص التي تبدو غريبة لأجهزة أشباه الموصلات المصنعة صناعيًا. أحد هذه الأجهزة هو هيكل “النقطة الكمومية”. هذا الهيكل هو في الأساس صندوق صغير يحتوي على عدد صغير قابل للزيادة والنقصان من الإلكترونات. بسبب صغر حجمه وطاقته المنخفضة، يمكن لصندوق الإلكترونات هذا أن يحمل خصائص ذرية. على سبيل المثال، تغيير عدد الإلكترونات في النقطة الكمومية بواحد يكلف طاقة محدودة وقابلة للقياس، وهي مماثلة لطاقة التأين للذرة.

ولشرح ما المقصود بالسابق علينا شرح مايسمي ب الجسيم داخل صندوق ذو بئر جهدي لا نهائي” أو “Confined motion: particle in a box”. هو مفهوم يستخدم في ميكانيكا الكم لوصف حركة جسيم داخل مجال محصور ضيق ومحاط بحائط غير قابل للنفاذ. ويستخدم هذا النموذج لشرح الفارق بين ميكانيكا الكم والميكانيكا الكلاسيكية. حيث تتناسب الأولى مع الأنظمة الكمومية متناهية الصغر، مثل الذرات والجسيمات الأساسية. في حين تنطبق الثانية على الأشياء الكبيرة.

في النظم التقليدية، يمكن للجسيم الحركة بأي سرعة داخل الصندوق، واحتمال وجوده في أي مكان داخله متساوٍ. ولكن عندما يكون الصندوق متناهي الصغر بأبعاد نانومترية، تصبح التأثيرات الكمومية مهمة، وتحدد تصرفات الجسيم. ويبدأ الجسيم في اتخاذ مستويات طاقة معينة داخل الصندوق.

تكوين النظام وشروطه

في هذا السياق، نتحدث عن جسيم مثل الإلكترون. هذا الجسيم يمكن أن يكون محاصرًا داخل منطقة معينة ومحددة تسمى “صندوق”. هذا الصندوق يكون ذا أبعاد محددة، مثل مربع أو مستطيل. و يتألف النظام من نموذج بئر أحادي الأبعاد ويحتوي على جسيم يتحرك بحرية. على سبيل المثال، يمكن أن نتخيل الإلكترون محبوسًا بين جدران ذات جهدين عاليين و يمكن التنقل بينهما.

في الرسم التوضيحي، يُمثل الجدران بوضوح بوجود حائطين، أحدهما عند الموقع x=0 والآخر عند الموقع x=L، والحائطان متوازيان. يفترض هذا النموذج أنه لا توجد قوى داخل الصندوق تؤثر على الجسيم، مثل قوة الجاذبية أو المجال الكهرومغناطيسي، وأن عرض الصندوق هو L. و بما أن الجهد خارج الصندوق كبير لا نهائي، فإن الجسيم لا يمكنه مغادرة الصندوق. وبناءً على ذلك، سيتحرك الجسيم داخل الصندوق بسرعة ثابتة v وقد يصطدم بالجدران وينعكس دون فقدان أي جزء من طاقته.

لغز الإلكترون

الآن، لنتخيل أننا نراقب الإلكترون داخل الصندوق ونقوم بقياس طاقته، هنا سنكتشف شيئًا مدهشًا! الإلكترون لا يمكنه أن يأخذ أي قيمة حُرة للطاقة. بالأحرى، يمكنه فقط أخذ بعض القيم المعينة والمحددة للطاقة. هذا يعني أنه عندما نقوم بقياس طاقة الإلكترون في الصندوق، سنجد أن الإلكترون يمكنه أن يمتلك قيم معينة فقط، مثل 1 و 2 و 3 وهكذا. ولا يمكن للإلكترون في هذه الحالة أن يأخذ أي قيمة طاقة بين هذه القيم، مثل 1.5 أو 1.9. أي أن القيم محددة Quantized وليست متصلة، و هذا ما يسمى بـ “تقانات الطاقة المتجانسة” في ظاهرة الجسيم في صندوق.

بناءً على ذلك، يتخذ الجسيم مواضع محددة داخل الصندوق. حيث يكون عرض الصندوق L مساويًا لمضاعفات نصف طول الموجة، مما يؤدي إلى انعكاس الموجة على الجدران بحيث تتشكل موجة ثابتة. أما إذا كانت L ليست مضاعفة لنصف طول الموجة، فعند انعكاس الموجة، ستتداخل الموجات بشكل هدّام وتتلاشى. هذه نتيجة من نتائج ميكانيكا الكم، حيث يتخذ الجسيم داخل الصندوق مستويات طاقة معينة تعتمد على عدد رئيسي n.

بسبب وجود الجسيم داخل صندوق ذو جهد محدد، يكون لزامًا عليه اتخاذ حالات معينة مرتبطة بعدد صحيح n. وعلى ذلك، يكون للجسيم القدرة فقط على اعتماد مجموعة محددة من الطاقات تعتمد على القيم المحددة لـ n. فإذا أثير الجسيم – مثلما يحدث للإلكترون عند إثارته في الذرة عن طريق امتصاصه لطاقة من الخارج – فإن الإلكترون يقفز من مستوي طاقة الموجود فيه إلى مستوى طاقة أعلى، فيما يسمى قفزة كمومية. وعندما يقفز الإلكترون من مستوى طاقة عالي إلى مستوى طاقة منخفض فإنه يطلق الطاقة الزائدة في شكل فوتون له طاقة موجية محددة (لون محدد). وهذا يظهر لنا كيف تتصرف الجسيمات على مستوى النانومتر في عالم الكمومية، حيث يكون لها قيم معينة ومحددة للطاقة. وتلك الدوال الموجية والطاقات المحددة تلعب دورًا مهمًا في فهم النقاط الكمومية أو Quantum dots.

ما هي النقاط الكمومية أو Quantum Dots؟

إنها جسيمات نانوية من صنع الإنسان صغيرة جدًا بحيث تخضع خصائصها لميكانيكا الكم السابق ذكرها. فمن الممكن اعتبار النقط الكمية بأنها مثل تلك الصناديق ذو البئر الجهدي السابق وصفها. وبناءًا على حجم الصندوق، لا ينبعث منها سوى أطوال موجية محددة تبعًا لإثارتها. وتشمل هذه الخصائص انبعاث الضوء، حيث يعتمد الطول الموجي للضوء المنبعث فقط على حجم الجسيمات. وتمتلك الإلكترونات الموجودة في الجسيمات الأكبر طاقة أقل فتبعث ضوءًا أحمر، في حين أن الإلكترونات الموجودة في الجسيمات الأصغر لديها طاقة أكبر، فتصدر ضوءًا أزرق.

لويس بروس وسحر الألوان الكمية

اكتشف لويس بروس هذا التباين اللوني أثناء عمله في مختبرات بيل في الولايات المتحدة. حيث استهدف بروس إجراء تفاعلات كيميائية باستخدام الطاقة الشمسية. ولتحقيق ذلك، لجأ بروس لجزيئات كبريتيد الكادميوم، التي يمكنها التقاط الضوء، ومن ثم استخدم طاقته لتحفيز التفاعلات.

وضع بروس الجسيمات في محلول ليجعلها صغيرة جدًا، فتعطيه مساحة أكبر لإحداث التفاعلات الكيميائية فيها. وأثناء عمله على هذه الجسيمات الصغيرة، لاحظ بروس شيئًا غريبًا! لقد تغيرت الخصائص البصرية للجسيمات بعد أن تركها على طاولة المختبر لفترة من الوقت! خمن بروس أن نمو الجسيمات قد يكون السبب، ولتأكيد شكوكه، أنتج جسيمات كبريتيد الكادميوم التي يبلغ قطرها حوالي 4.5 نانومتر فقط. بعد ذلك، قارن بروس الخصائص البصرية لهذه الجسيمات المصنوعة حديثًا مع تلك الخاصة بالجسيمات الأكبر حجمًا، والتي يبلغ قطرها حوالي 12.5 نانومتر. امتصت الجسيمات الأكبر الضوء بنفس الأطوال الموجية التي يمتصها كبريتيد الكادميوم عمومًا. لكن الجسيمات الأصغر كان لها امتصاص تحول نحو اللون الأزرق.

أدرك بروس حينها أنه لاحظ تأثيرًا كمّيًا يعتمد على الحجم، فنشر اكتشافه في عام 1983. ثم بدأ في فحص الجزيئات المصنوعة من مجموعة من المواد الأخرى، وكان النمط هو نفسه. فكلما كانت الجسيمات أصغر، كلما كان الضوء الذي تمتصه أكثر زرقة.

يمكن للباحثين أن يحددوا بدقة لون الضوء الذي سينبعث من النقاط الكمومية ببساطة عن طريق تنظيم حجمها. وهذا يوفر ميزة كبيرة مقارنة باستخدام الأنواع الأخرى من جزيئات الفلوروسنت، والتي تتطلب نوعًا جديدًا من الجزيئات لكل لون مميز. ولا تقتصر هذه الميزة في إمكانية التحكم على لون النقاط الكمومية فحسب. فبجانب إمكانية ضبط حجم الجسيمات النانوية، يمكن للباحثين أيضًا ضبط تأثيراتها الكهربائية والضوئية والمغناطيسية. كل ذلك بالإضافة إلى خصائصها الفيزيائية مثل نقطة انصهارها أو كيفية تأثيرها على التفاعلات الكيميائية. [3]

كيف جعل عمل باوندي النقاط الكمومية عملية؟

في عام 1993، طوّر باوندي وفريقه في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا طريقة لإنتاج النقاط الكمومية بشكل أكثر دقة وبجودة أعلى مما كان ممكنا. لقد وجدوا طريقة لتنمية البلورات النانوية في لحظة عن طريق حقن سلائفها الكيميائية في مذيب شديد الحرارة. كما تمكن الباحثون من إيقاف نمو البلورات بشكل فوري عن طريق خفض درجة حرارة المذيب، مما أدى إلى تكوين “بذور” بلورية متناهية الصغر. ومن خلال إعادة تسخين المحلول ببطء، تمكنوا من تنظيم عملية نمو البلورات النانوية. أنتجت طريقتهم بلورات بالحجم المطلوب، وكانت قابلة للتكيف مع أنظمة مختلفة.

فيم تستخدم النقاط الكمومية؟

بعد مرور ثلاثين عامًا، أصبحت النقاط الكمومية الآن جزءًا مهمًا من مجموعة أدوات تكنولوجيا النانو، وهي موجودة اليوم في عدد من المنتجات التجارية.

يتم استخدام الخصائص المضيئة للنقاط الكمومية في شاشات الكمبيوتر والتلفزيون بناءً على تقنية QLED، حيث يرمز حرف Q إلى النقطة الكمومية Quantum dots. في هذه الشاشات، يتم توليد الضوء الأزرق باستخدام “الدايودات الموفرة للطاقة” والتي تم منح جائزة نوبل في الفيزياء لعام 2014 عنها بالفعل. وتستخدم النقاط الكمومية لتغيير لون بعض الضوء الأزرق، وتحويله إلى اللون الأحمر أو الأخضر. هذه القدرة على التحكم قادرة على إنتاج الألوان الأساسية الثلاثة للضوء RGB (الأحمر والأخضر والأزرق) المطلوبة في شاشة التلفزيون.

يمكن أيضًا استخدام الضوء الصادر عن النقاط الكمومية في الكيمياء الحيوية والطب. حيث يربط علماء الكيمياء الحيوية النقاط الكمومية بالجزيئات الحيوية لرسم خريطة للخلايا والأعضاء. كما بدأ الأطباء في دراسة إمكانية استخدام النقاط الكمومية لتتبع أنسجة الورم في الجسم.

يستخدم الكيميائيون بدلاً من ذلك الخصائص التحفيزية للنقاط الكمومية لدفع التفاعلات الكيميائية. وبالتالي فإن النقاط الكمومية تحقق فائدة عظيمة للبشرية، وقد بدأنا للتو في استكشاف إمكاناتها. ويعتقد الباحثون أن النقاط الكمومية يمكن أن تساهم في المستقبل في الإلكترونيات المرنة، وأجهزة الاستشعار الصغيرة، والخلايا الشمسية الأقل حجما، وربما الاتصالات الكمومية المشفرة. هناك شيء واحد مؤكد، وهو أنه لا يزال هناك الكثير لنتعلمه عن الظواهر الكمومية المذهلة.

المصادر:

1-Nobel Prize
2-Particle in a box
3-Quanta Magazine

مقدمة مبسطة لفهم جائزة نوبل في الفيزياء 2023 وسبب الفوز بها

ذهبت جائزة نوبل في الفيزياء لعام 2023 إلى الفرنسي بيير أغوستيني والمجري النمساوي فيرينك كراوس والفرنسية آن لويلير وذلك عن إنجازهم في توليد نبضات قصيرة للضوء بسرعة الأوتوثانية. إنجاز العلماء الثلاثة سيفتح أمامنا أفق جديدة في فهم ما يحدث بداخل عالم الذرة وأخذ لقطات لحركة الإلكترونات السريعة للغاية، إذ اكتشفت آن لويلير تأثيرًا جديدًا من تفاعل ضوء الليزر مع ذرات الغاز ووضح كل من بيير أغوستيني وفيرينك كرواس إمكانية استخدام التأثير السابق في إنشاء نبضات ضوئية شديدة القصر. فكيف فعلوا ذلك؟ هذا ما سنوضحه في مقالنا لمقدمة مبسطة لفهم جائزة نوبل في الفيزياء 2023 وسبب الفوز بها.

فهم ما يحدث داخل عالم الذرة السريع ليس مستحيلًا بعد الآن!

حينما تشاهد فهدًا يلحق فريسته بسرعة تصل إلى 64 ميلًا في الساعة، لا يمكنك لمح حركة جسده بالتفصيل بل ستراه كالطيف يمر أمامك. كذلك حينما ترى مقاطع فيديو في الأصل هي عبارة عن بضع صور ثابتة ولكن تم استخدام أحد البرامج لتسريع مرور تلك الصور أمام عيونك.

لا يمكن لحواسنا البشرية ملاحظة الحركات شديدة السرعة هذه، لذا نحن بحاجة للتكنولوجيا وحيلها كالالتقاط وتصوير اللحظات القصيرة التي تحدث، لفهم ما يحدث في عالمنا. يتيح لنا التصوير الفوتوغرافي عالي السرعة والإضاءة التقاط صور تفصيلية للكثير من الظواهر. وكلما كان حدوث الظاهرة أسرع، لابد أن تكون سرعة التقاط الصورة أسرع. وينطبق هذا المبدأ على جميع أساليب القياس أو تصوير أي عملية تحدث بسرعة، فإذا كان النظام سريع، يجب أن يكون القياس بسرعة أكبر من سرعة النظام وذلك لالتقاط الأحداث التي تحدث داخل هذا النظام.

يُعد المقياس الزمني الطبيعي للذرات قصير للغاية. فيمكن للذرات في الجزيء أن تتحرك وتتحول في جزء من مليون من مليار من الثانية (الفيمتوثانية). وقد كان أقصى ما يمكننا فهمه هو التفاعلات الكيميائية بين الجزيئات باستخدام نبضات الليزر في زمن قدره فيمتوثانية والتي فاز عنها العالم المصري أحمد زويل بجائزة نوبل سابقًا، لكن العلم لم يتوقف عند ذلك الحد بل مستمر. لذا كان اهتمام العلماء مصوب حول فهم ما هو أدق، أي عالم الذرات هائلة السرعة! وقد ساهم العلماء الثالثة في تصميم تجارب توضح طريقة لإنتاج نبضات ضوئية شديدة القصر، لالتقاط صور للعمليات داخل الذرات والجزيئات.

ولأن حركة الإلكترونات داخل الذرات والجزئيات سريعة للغاية، وتفوق سرعتها الفيمتوثانية، فتتغير مواقع وطاقات الإلكترونات بسرعة تتراوح بين واحد وبضع مئات من الأوتوثانية، والأوتوثانية هي جزء من مليار من مليار من الثانية! فهي قصيرة لدرجة أن عددها في الثانية الواحدة هو نفسه عدد الثواني التي مضت منذ ظهور الكون أي ما يقارب 13.8 مليار سنة. بمعنى أخر، الأوتو ثانية الواحدة فقط تعادل ثانية من عمر الكون.

كشف أسرار عالم الذرة باستخدام نبضات الأوتوثانية!

يتكون الضوء من موجات، اهتزازات في المجالات الكهربائية والمغناطيسية، تتحرك تلك الاهتزازات مع بعضها في الفراغ على نحو سريع، أسرع من أي شيء. كما أن لها أطوال موجية مختلفة وبألوان مختلفة. فمثلًا يبلغ طول موجة الضوء الأحمر حوالي 700 نانومتر، أي جزء من مائة من عرض شعرة الرأس، وتدور بمعدل أربعمائة وثلاثين ألف مليار مرة في الثانية تقريبًا. فلا يمكن للأطوال الموجية المستخدمة في أنظمة الليزر العادية أن تقل عن الفيمتو ثانية، لذا في الثمانينيات، كانت أقصر نبضات ضوئية ممكنة هي تلك التي تصدر في زمن قدره فيمتوثانية، ولا يمكن خرق ذلك. كان اختراق الفيمتوثانية تحدٍ هائل، فماذا يفعل العلماء؟

بالرياضيات، سنحصل على أقصر الموجات!

توضح الرياضيات لنا أنه يمكننا أن نشكل موجة من أمواج أصغر متراكبة، لذا إذا استُخدم عدد من الموجات ذات الأحجام والأطوال الموجية القصيرة في نطاق الأوتوثانية والسعات الصحيحة (المسافات بين القمم والقيعان)، وتراكبت تلك الموجات، ستنشأ لدينا موجات قوية وشديدة القصر في نطاق الأوتوثانية. وإذا تمكننا من رصد تلك الموجات، فبإمكاننا اكتشاف عالم الذرات والجزيئات.

لم يقتصر الأمر على استخدام الليزر فقط لإضافة أطوال موجية جديدة للضوء، حيث مفتاح الوصول إلى أقصر لحظة تمت دراستها هو باستخدام الظاهرة التي تنشأ عند مرور ضوء الليزر عبر الغاز. إذ يتفاعل الضوء مع ذرات الغاز ويسبب موجات انعكاسية تكمل عددًا من الدورات الكاملة لكل دورة في الموجة الأصلية. يمكن مقارنة ذلك بالنغمات المختلفة التي تعطي الصوت طابعه الخاص، مما يسمح لنا بسماع الفرق بين نفس النغمة التي يتم عزفها وتمييزه ما بين الجيتار والبيانو. وفي عام 1987، نجحت آن لويلر وزملاؤها في أحد المختبرات الفرنسية بإنتاج وإظهار النبضات بتسليط أشعة الليزر تحت الحمراء على ذرات غاز خامل.

مساهمة العلماء الثلاثة في جائزة نوبل في الفيزياء 2023

عندما يسلّط ضوء الليزر على الغاز، يؤثر على ذراته ويحدِث اهتزازات كهرومغناطيسية تشوه المجال الكهربائي الذي يحمل الإلكترونات حول نواة الذرة. مما يمكّن الإلكترونات بعد ذلك من الهروب من الذرات، لكن ما يمنعها من الهروب هو المجال الكهربائي الذي ينشأ عنه قوة جذب تحبسها. وعند تسليط الأشعة كما ذكرنا، يحدث بالقوة اضطراب لفترة زمنية صغيرة جدًا فتتمكن بعض الإلكترونات من الهرب أي تتأين طبقًا لميكانيكا الكم حيث ينشأ نفق كمي. من ثم تكتسب تلك الإلكترونات طاقة من المجال الكهربي لأشعة الليزر. لكن حينما يتغير اتجاه المجال الكهربي لأشعة الليزر، تعود الإلكترونات حول الذرة وتطلق الطاقة التي اكتسبتها سابقًا على شكل موجات ضوء في نطاق الأشعة فوق البنفسجية ذات الطول الموجي الصغير في نطاق الأوتوثانية الزمني. وعندما تحدث تلك الظاهرة من عدد كبير من الإلكترونات التي ستكتسب طاقات مختلفة، سيكون لدينا أمواج فوق بنفسجية مختلفة الترددات، تتراكب معًا وتنشأ موجة قوية قابلة للرصد طولها الموجي في نطاق الأوتوثانية.

هذا ما فعلته آن لويلير في 1987 وبيير أغوستيني ومجموعته البحثية في فرنسا عام 2001 في إنتاج ودراسة سلسلة من النبضات الضوئية المتتالية. توصل الباحثان إلى أن نبضة تستمر 250 أوتوثانية. في الوقت نفسه، كان فيرينك كراوس ومجموعته البحثية في النمسا يعملون على تقنية يمكنها اختيار عربة واحدة تشبه النبض يتم فصلها عن القطار وتحويلها إلى مسار آخر واستمرت النبضة التي نجحوا في عزلها لمدة 650 أوتوثانية.

أظهرت هذه التجارب أنه يمكن ملاحظة وقياس نبضات الأوتوثانية، ويمكن استخدامها أيضًا في تجارب جديدة. إن هذه النبضات الضوئية القصيرة يمكن توظيفها لدراسة حركة الإلكترونات، إذ أصبح من الممكن الآن إنتاجها ورصدها بسرعات تصل إلى بضع عشرات من الأوتوثانية فقط، وهذه التكنولوجيا تتطور طوال الوقت.

أقرأ أيضًا: لماذا كانت النبضات الضوئية القصيرة السبب في الفوز بجائزة نوبل عام 2023؟

المصدر: بيان موقع نوبل.

ثمانية قرارات جعلت جوائز نوبل تبدو حمقاء!

لا يمكن سحب جوائز نوبل، لذلك يجب على لجنة التحكيم التفكير مليًا في اختياراتهم للجوائز الست كام عام. تكمن الأزمة في المعضلة التالية، فالاكتشاف قد يبدو رائدًا اليوم، ولكن هل سيصمد أمام اختبار الزمن؟ أراد مؤسس الجائزة ألفريد نوبل تكريم أولئك الذين حققت اكتشافاتهم “أكبر فائدة للبشرية”. فيما يلي عدة قرارات لجائزة نوبل تبدو موضع تساؤل بعد أن رماها الزمان بسهامه. إليك في هذا المقال ثمانية قرارات جعلت جوائز نوبل تبدو حمقاء بدرجة ما!

1. فوز ألماني شارك في هجمات بالغاز السام

حصل فريتز هابر على جائزة الكيمياء لعام 1918 لاكتشافه كيفية إنتاج الأمونيا من غازات النيتروجين والهيدروجين. وتم استخدام طريقته لتصنيع الأسمدة، وقدم اكتشافه دفعة كبيرة للزراعة في جميع أنحاء العالم. لكن تغاضت لجنة نوبل تمامًا عن دور هابر في المواد الكيميائية التي استخدمت خلال الحرب العالمية الأولى. إذ دعم هابر بحماسة المجهود الحربي الألماني، وأشرف على أول هجوم بغاز الكلور في إبرس في بلجيكا عام 1915. وقد أسفر استخدام غاز الكلور في إبرس عن مقتل الآلاف من قوات الحلفاء.

2. عندما منحت نوبل في الطب لاكتشاف سبب السرطان

فاز العالم الدنماركي يوهانس فيبيجر بجائزة الطب عام 1926 لاكتشافه أن الدودة المستديرة تسبب السرطان في الفئران. وكانت هناك مشكلة واحدة فقط، وهي أن الدودة المستديرة لا تسبب السرطان في الفئران!

أصر فيبيجر على أن بحثه أظهر أن الفئران التي تناولت يرقات الديدان عن طريق أكل الصراصير قد أصيبت بالسرطان. وفي الوقت الذي فاز فيه بالجائزة، اعتقدت لجنة تحكيم نوبل أن هذا أمر منطقي. ولكن اتضح لاحقًا أن الفئران أصيبت بالسرطان بسبب نقص فيتامين أ. خطأ كارثي من اللجنة ومن منهجيتها بالطبع!

3. مكتشف استخدام مادة الدي.دي.تي DDT

كانت جائزة الطب لعام 1948 للعالم السويسري بول مولر تكريمًا لاكتشاف ذو حدين. إذ لم يخترع مولر ثنائي كلورو ثنائي الفينيل ثلاثي كلورو الإيثان، أو المعروف اختصارًا بالـ DDT، لكنه اكتشف خصائصه كمبيد قوي للآفات. إذ يمكن للمادة أن تقتل الكثير من الذباب والبعوض والخنافس في وقت قصير.

أثبت المركب فعاليته في حماية المحاصيل الزراعية ومكافحة الأمراض التي تنقلها الحشرات مثل التيفوس والملاريا. أنقذ المبيد مئات الآلاف من الأرواح وساعد في القضاء على الملاريا في جنوب أوروبا.

ولكن في الستينيات، وجد دعاة حماية البيئة أن مادة الدي.دي.تي سامة للحياة البرية والبيئة. فحظرت الولايات المتحدة مادة الدي.دي.تي عام 1972. وفي عام 2001، تم حظر الDDT بموجب معاهدة دولية، على الرغم من السماح ببعض الإعفاءات لبعض البلدان التي تكافح الملاريا.

4. فوز جراحة الفص المخي بجائزة الطب

ربما بدا قطع أدمغة الناس فكرة جيدة في ذلك الوقت، ولكن بلا شك لم تكن مكافأة العالم البرتغالي أنطونيو إيغاس مونيز في عام 1949 لابتكاره عملية جراحية للفص المخي لعلاج الأمراض العقلية أفضل أوقات جوائز نوبل.

أصبحت هذه الجراحة شائعة جدًا في الأربعينيات من القرن الماضي، وفي حفل توزيع الجوائز تم الإشادة بها باعتبارها “واحدة من أهم الاكتشافات على الإطلاق في مجال العلاج النفسي”. لكن كان لها آثار جانبية خطيرة، إذ مات بعض المرضى وأصيب آخرون بأضرار بالغة في الدماغ. حتى العمليات التي اعتُبرت ناجحة تركت المرضى غير مستجيبين ومخدرين عاطفيًا.

تراجعت هذه الطريقة بسرعة في الخمسينيات من القرن الماضي حيث انتشرت أدوية علاج الأمراض العقلية. وبالطبع نادرًا ما يتم استخدامها اليوم.

5. عندما لم يفز المهاتما غاندي بجائزة السلام

تم ترشيح زعيم الاستقلال الهندي، الذي يعتبر أحد أعظم أبطال التاريخ في الكفاح السلمي، لجائزة نوبل للسلام ما لا يقل عن خمس مرات. ولكنه لم يفز قط!

وقد أقرت لجنة جائزة السلام، التي نادرًا ما تعترف بخطأ، في النهاية بأن عدم منح جائزة غاندي كان بمثابة إغفال. وفي عام 1989 – أي بعد 41 عامًا من وفاة غاندي – أشاد رئيس لجنة نوبل بغاندي عندما قدم جائزة ذلك العام إلى الدالاي لاما. بالتأكيد لا يحتاج غاندي لإشادة نوبل، فكفاحه باقٍ في تاريخ بلاده للأبد. وسيبقى تجاهل غاندي من القرارات التي جعلت جوائز نوبل تبدو حمقاء، أليس كذلك؟

6. تكريم عرفات ورابين وبيريز!

كرمت لجنة جائزة نوبل للسلام عام 1994 رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين ووزير الخارجية الإسرائيلي شيمون بيريز وزعيم منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات لجهودهم في التفاوض على السلام بين إسرائيل وفلسطين في سلسلة اللقاءات التي جرت في أوسلو عام 1993. وقد مُنحوا جائزة نوبل للسلام على الرغم من عدم تمكنهم من التوصل إلى أي اتفاق عملي للسلام في تلك الاجتماعات.

عندما صوتت لجنة نوبل لمنح عرفات جائزة السلام، استقال أحد أعضائها على الفور واستنكر علنًا عرفات”كإرهابي “.

المؤرخ بيرتون فيلدمان في “جائزة نوبل: تاريخ العبقرية والخلاف والهيبة”

في الواقع، كان عرفات قد انخرط في السابق في العديد من الأعمال البارزة ضد إسرائيل. كما ترأس الفلسطينيين حيث استمروا في كفاح مسلح في السنوات اللاحقة حتى وفاته في عام 2004. المهزلة هنا تكمن في اعتبار عرفات “إرهابي” رغم كفاحه ضد احتلال لبلاده، وأن يمنح المحتل جائزة عن سلام لم يتحقق من الأصل. وحتى إن فرضنا أن نوبل لا تمنح لإنجازات من منظور وطني محدود، فلم منحت الجائزة لنيلسون مانديلا رغم كفاحه المسلح ضد نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا. لذلك يأتي منح رابين وبيريز مدعاة أكبر للاستنكار ويستحق الاستقالة أكثر من عرفات بالتأكيد.

7. أدباء عظماء خسروا الجائزة بسبب سوء تفسير

صرح مؤسس جائزة نوبل ألفريد نوبل في وصيته أن جائزة الأدب يجب أن تُمنح للمؤلف الذي أنتج “في مجال الأدب العمل الأكثر تميزًا في اتجاه مثالي”.و في السنوات الأولى للجائزة (1901 إلى 1912)، فسرت لجنة اختيار نوبل هذه الصياغة على أنها تعني الكتّاب الذين كانوا يدافعون عن المثالية السامية الداعية للحياة والتفاؤل.

لهذا السبب، لم تعترف اللجنة ببعض أشهر المؤلفين في ذلك الوقت – وفي الواقع، طوال الوقت – مثل جيمس جويس، وليو تولستوي، وأنطون تشيخوف، ومارسيل بروست، وهنريك إبسن، ومارك توين، الذين اعتُبرت أعمالهم متشائمة وديستوبيا رغم عظمة كتاباتهم.

ماتت هذه الأساطير الأدبية قبل أن تعيد اللجنة تفسيرها لإرادة نوبل، لتعيد صياغة كلماته على أنها تعني “الأعمال ذات الجدارة الأدبية الدائمة”.

8. جدول مندليف لم يفز بنوبل!

يعد الجدول الدوري للعناصر أحد أكثر الأدوات فائدة – وبالتأكيد الأكثر شهرة – في كل الكيمياء. وكانت البصيرة العظيمة لمنشئ الجدول الأصلي، الكيميائي الروسي دميتري مينديليف، في تنظيم العناصر وفقًا لأوزانها الذرية. ويؤدي القيام بذلك إلى الكشف عن أنماط في خصائصها.

على سبيل المثال، جميع العناصر الكيميائية الموجودة في العمود الموجود في أقصى اليمين هي “غازات نبيلة” لا تكوّن بسهولة روابط كيميائية مع أي شيء آخر. علاوة على ذلك، فإن العناصر الموجودة في المنطقة الوسطى من الجدول كلها معادن. قام منديليف باستخدام جدوله الدوري بالعديد من الاستنتاجات المفيدة حول طبيعة المادة. وكان قادرًا حتى على التنبؤ بخصائص العناصر التي لم يتم اكتشافها بعد.

ومع ذلك، على الرغم من حقيقة أن مندليف عاش حتى عام 1907، أي بعد ست سنوات من بدء منح جائزة نوبل في الكيمياء، لم يتم الاعتراف بإنجازاته. كان ذلك بحق إحدى القرارات التي جعلت جوائز نوبل تبدو حمقاء!

كان استبعاد مندليف بسبب مكائد وراء الكواليس من قبل أحد أعضاء لجنة اختيار نوبل الذي اختلف مع عمل مندليف.

“الطريق إلى ستوكهولم: جوائز نوبل والعلوم والعلماء” (أكسفورد، 2002)، للكاتب إستفان هارغيتاي والعهدة عليه في مصداقية ادعاءاته

بعض هذه الأحداث يمكن تفسيرها بأشكال مختلفة. وبعضها قد يفسره أعضاء تحكيم نوبل فقط ولا يمكن الدفاع عنهم بأي حال من الأحوال. لكن من المؤكد أن الجائزة تحاول أن تصبح على درجة أعلى من التدقيق في العقود الأخيرة، لكن يبدو أن الأخطاء لا مفر منها. إذ سقطت الجائزة في فخ الفضائح الجنسية والمالية وتلاها استقالات عديدة، مما أدى إلى إلغاء جائزة نوبل في الأدب عام 2018 وتأجيلها لمدة عام. إذن، فالأخطاء جزء رئيسي في أي جماعة بشرية ولا يمكن تلافيه، لكن ما يجب تمييزه هو القدرة على تصحيح المسار. فالفارق بين جماعة تصحح وتنبذ سلوكياتها الخاطئة وجماعة أخرى لا تعترف بها بالمرة. وتبقى تلك القرارات الثمانية التي جعلت جوائز نوبل تبدو حمقاء، فهل لديكم المزيد؟ شاركونا آرائكم في التعليقات.

المصادر

Five decisions that made the Nobel Prizes look bad (phys.org)
Top 5 Nobel Prize Goof-Ups | Live Science
The official website of the Nobel Prize – NobelPrize.org

ما هي جائزة أبيل؟

لم يكن الكيميائي السويدي الشهير «ألفريد نوبل-Alfred Nobel» مهتمًا بالرياضيات. ولم تكن بالنسبة له مجالًا عمليًّا ويمكن للبشر الاستفادة منه وذلك على عكس القصة الشائعة التي تقول أنه بسبب حبيبته التي تزوجت من رياضي؛ قرر نوبل أن ينتقم ويحرم علماء الرياضيات من جائزته، أو في رواية أخرى، زوجته التي خانته مع رياضيّ. على الرغم من تأكيد الأدلة أنه لم يتزوج قط! إضافةً إلى ما يؤكد زيف القصة هو وجود جائزة اسكندنافية لعلماء الرياضيات في هذا الوقت. فحينها لم تكن هناك حاجة إلى المنافسة مع جائزة أخرى؛ فكان هدف نوبل الرئيس المساهمة بجوائزه للعلوم العملية المتعلقة بالروح البشرية. لكن هنالك جائزة شهيرة تعادل جائزة نوبل -لكن في الرياضيات-، ذائعة الصيت ومستمرة إلى وقتنا هذا. ألا وهي «جائزة أبيل-Abel Prize» لعلماء الرياضيات البارزين.

ما هي جائزة أبيل؟

أُسست جائزة أبيل من قِبل الحكومة النرويجية في عام 2002. تكريمًا لعالم الرياضيات النرويجي «نيلز هنريك أبيل-Niels Henrik Abel» وتدار الجائزة بواسطة الأكاديمية النرويجية للعلوم والآداب. كان من أوائل الداعمين لتأسيس جائزة أبيل هو عالم الرياضيات النرويجي «سوفوس لي-Sophus Lie»، الذي بذل جهودًا في دعم تأسيس صندوق أبيل. وكان من رأيه منح جائزة أبيل كل خمس سنوات لعمل متميز في الرياضيات البحتة وذلك نظرًا لخروج مجال الرياضيات من خطط ألفريد نوبل منذ عام 1897م.

على الرغم من وجود دعم من المراكز الأوروبية الرائدة في الرياضيات ولكن كانت كل تلك الوعود مرتبطة بـ سوفوس لي. فبعد موته؛ ماتت تلك الوعود معه. لكن وضعا عالما الرياضيات «كارل ستورمر-Carl Størmer» و«لودفيج سيلو-Ludwig Sylow» قوانين وقواعد لهذه الجائزة بالتعاون مع الأكاديمية النرويجية للعلوم والآداب. لكن لماذا هذا السعي؟ لقد استغرق وجود جائزة باسم عالم الرياضيات أبيل أكثر من 100 عام. فمن هو نيلز هنريك أبيل؟

من هو نيلز هنريك أبيل؟

ولد نيلز هنريك أبيل في 5 أغسطس 1802م وكان الابن الثاني وكان يعيش مع عائلته في مزرعة في روغالاند جنوب غرب النرويج. انتقل نيلز هنريك في الثالثة عشر من عمره إلى المدرسة الكاتدرائية في «كريستيانيا-Christiania» في خريف عام 1815. ففي القرن التاسع عشر، كانت هناك بعض الإصلاحات التي تخص التعليم من حيث إدراج اللغات والعلوم الحديثة في المناهج الدراسية، ومدرس المادة بدل من مدرس الفصل، والتعامل بإنسانية أكثر مع الطلاب والاهتمام بالأنشطة التعليمية كأولوية. أما في حال وجود عقوبة جسدية؛ فكان ذلك لتعزيز أخلاقيات الطلاب وغيرها الكثير من الاصلاحات.

في تلك الفترة، اشتهر مدرس الرياضيات «هانز بيتر بدر-Hans Peter Bader» بتلك المدرسة بفصوله التي يدرس لها بالطرق التقليدية. وفي نوفمبر 1817، ضرب هذا المعلم تلميذًا بشدة لدرجة أن التلميذ ظل طريح الفراش ومات بعد ثمانية أيام. حينها رفض الطلاب الحضور لهذا المدرس واضطر المدير في البحث سريعًا على مدرس آخر.

فجاء مدرس جديد يدعى «بيرنت مايكل هولمبو-Bernt Michael Holmboe». كان هولمبو متبنيًا لأفكار تربوية جديدة وبدأ في إعطاء تلاميذه مشاريع منفردة وسرعان ما اكتشف قدرات أبيل الاستثنائية وأعطاه دروسًا خصوصية. وقد أذهلت قدرات وحماس أبيل لمشاكل البحث الرياضي معلمه بالفعل.

عبء الأسرة الواقع على أبيل

توفى والد نيلز هنريك أبيل في 1820، ووقع أخيه في الاكتئاب ولم يتعافي نهائيًّا منه. واضطر نيلز لتحمل مسؤوليات عائلته وهو طالب والتي كانت حملًا ثقيلًا. لكن هولمبو ساعده كثيرًا.

وبما أن أبيل تعلم على يد معلمه الكلاسيكيات في الأدب الرياضي واقترح عليه بعض المشاكل الرياضية لحلها ودرس أعمال كل من نيوتن وأويلر ومعاصريه مثل جاوس ولاجرانج، ولم تكن تقدم الجامعة أي درجة علمية في العلوم الطبيعة سوى في علم اللاهوت والطب والقانون. إضافةً إلى أن هولمبو جمع لأبيل الأموال التي مكنته من دخول جامعة أوسلو (كريستيانيا) في 1921. فأكمل أبيل الأربع سنوات في الجامعة واستمر في دراسته على نحو مستقل مع مزيد من المساعدة من هولمبو لاحقًا.

في ربيع 1823م، ظهر بمقالة في أول مجلة علمية في البلاد وهي مجلة (Magazin for Naturvidenskaberne)، وكذلك عملان صغيران آخران نُشرا لأبيل. في نفس العام أتيحت له فرصة السفر إلى كوبنهاغن؛ لزيارة علماء الرياضيات هناك. فشارك أبيل في الحياة الطلابية وعمل قليلًا على نظرية فيرما وبدأ في دراسة الدوال الإهليلجية، إذ عاش مع خالته وزوجها. التقى في حفلة هناك بـ «كريستين كيمب-Christine Kemp» البالغة من العمر 19 والتي جاءت إلى النرويج في العام التالي وخطبها.

في عام 1824، زادت الجهود المبذولة لتزويد أبيل بالتمويل العام إلى أن حصل على منحة حكومية لمدة عامين. إلى جانب الوعد برحلة إلى الخارج لمدة عامين آخرين. في ربيع نفس العام، دفع أبيل من جيبه الخاص لطباعة عمله على معادلات الدرجة الخامسة وكتب هذه الورقة بالفرنسية وضغط الدليل في ست صفحات قصيرة.

نقلة محورية

كتب أبيل رسالة شخصية للملك كارل يوهان ملك السويد واستطاع تقديم تاريخ رحلته إلى الخارج. في سبتمبر 1825، غادر كريستيانيا وشروط المنحة كانت الانتقال من كوبنهاغن؛ لمقابلة عالم الرياضيات جاوس، من ثم باريس. لكن بعد وصول أبيل الى كوبنهاغن، غير مساره إلى برلين.

في برلين، قابل أبيل المهندس المهتم بالرياضيات «ليوبولد كريل-Leopold Crelle» والذي وجد هدفه الذي يسعى إليه في أبيل وهو نشر مجلة رياضية في برلين تنافس مجلات عريقة في فرنسا. فبحلول عام 1826، نُشر العدد الأول وكانت تلك المجلة التي سينشر فيها أبيل معظم أعماله التي تمكن من كتابتها واكتسبت بفضل أبيل شهرة سريعة كواحدة من المجلات الرائدة في أوروبا ومستمرة حتى يومنا هذا ومتمتعة بشهرة دولية، وقضى أبيل أربعة شهور ملهمة في برلين مع كريل وعلماء رياضيات آخرون. فكان تغيير مسار الرحلة بمثابة نقلة محورية في حياة أبيل.

كان العمل الأول الذي نشره أبيل في مجلة Crelle هو نسخة موسعة من الدليل على أن معادلات الدرجة الخامسة العامة لم تكن قابلة للحل عن طريق استخراج الجذور. قطع أبيل شوطًا طويلاً نحو إيجاد حلول مقبولة لهذه المعادلات. لم تكن تلك أعمال أبيل الوحيدة في العام الأول له بالمجلة بل حوالي سبع أعمال أخرى. رافق أبيل في رحلاته علماء نرويجيون شباب، كان معظمهم يدرسون علم المعادن والجيولوجيا. بالنسبة لهؤلاء العلماء.

لم يصل إلى باريس حتى يوليو 1826، إذ على الرغم من أن أبيل قد بدأ الآن في النشر في Crelle’s Journal في برلين؛ لكنه احتفظ ببعض الأعمال التي كان يعتقد أنها رؤى جديدة لأكاديمية باريس. قدم أبيل أطروحته في باريس الخاصة بالدوال الإهليلجية إلى الأكاديمية العلمية في نهاية أكتوبر 1826.

مرض أبيل

استمر في العيش في باريس لبقية العام وفي أثناء انتظاره للإجابة، أكمل عملين آخرين. ومع ذلك، وُضعت أطروحة أبيل في باريس جانبًا ونُسيت. اتضح له أن إقامته في باريس كانت مخيبة للآمال؛ حزن للغاية وكان مصابًا بالحمى والسعال. كان هنالك طالب طب في دائرة العلماء الذين يتردد عليهم أبيل من حين لآخر. اعتقد أن أبيل كان يعاني من مرض السل.

غادر أبيل باريس في نهاية عام 1826 فقيرًا ومرهقًا، وعاد إلى أصدقائه في برلين. عُرض عليه منصب محرر مجلة Crelle؛ لكنه رفضها. كان يشعر بالحنين إلى الوطن وأراد أن يضع قدرته العلمية في خدمة وطنه. واصل كريل بدوره جهوده للحصول على وظيفة آمنة لأبل في برلين.

العودة إلى النرويج

عاد أبيل إلى النرويج في نهاية مايو 1827، قيّمت رحلته بالفشل؛ لم ينشر أي شيء في باريس، ولم يزر جاوس. على الرغم من أعماله التي نشرت في مجلة Crelle. لكن ما هي المكانة التي تتمتع بها هذه المجلة الجديدة في برلين؟ أصبح أبيل غير قادر على تجديد المنحة، فحصل على قرض خاص، لم يقدر على سداده. إضافة إلى إرادته أيضًا في سداد ديون أسرته. لكن مرة أخرى نال أبيل منحة.

كان أخر عام ونصف لأبيل مثمر بسلسلة من الرسائل العلمية التي قدمها إلى كريل في برلين. إذ عمل على المعادلات الجبرية والدوال الإهليلجية والمتسلسلات اللانهائية. وقد قدم مساهمات رائدة في جميع هذه المجالات والتي أرسلت معظمها إلى برلين. في صيف عام 1828، بعد سباق في النشر مع عالم الرياضيات الألماني كارل غوستاف جاكوبي. نشر أبيل أطروحة مهمة عن الدوال الإهليلجية في الملاحظات الفلكية.

تحسن الوضع المالي لأبيل في ربيع عام 1828، حيث عُيّن مؤقتًا كمحاضر، إضافة إلى عددًا من وظائف التدريس الأخرى. قرر أبيل قبول أي وظيفة قد تعرض عليه في برلين. في صيف عام 1828، كان هو وخطيبته يتطلعون إلى أن يتزوجو ويستقرو في برلين.

أطروحة باريس؛ تنشر بعد موته

تشخيص الطبيب الشاب كان صحيحًا، إذ ظل أبيل طريح الفراش ومرض لعدة أسابيع مع عمله المكثف في ذلك الوقت في خريف 1828. بعدها زاد المرض عليه وبدأ يسعل الدم لمدة اثنى عشر أسبوعًا وفي تلك الفترة كان يحاول قدر الإمكان حين تحسنه كتابة ورقة رياضية واحدة وكانت تلك الورقة التي حاول فيها مرة أخرى صياغة الأفكار الرئيسة لأطروحته الشاملة حين كان في باريس. استهلك المرض أبيل في عمر صغير وكان قلقًا على خطيبته؛ فطلب من أحد العلماء الشباب الاعتناء بها وبعد عام ونصف تزوجت من هذا الشاب. توفى أبيل في 6 أبريل 1829. وفي 8 إبريل؛ لم تضع أطروحة باريس وعُثر عليها. طلب العلماء في باريس نشر أعمال أبيل، وبالفعل في عام 1839، نشرت أعماله إلا أطروحة باريس التي نشرت لأول مرة في عام 1841. وذهبت جائزة الأكاديمية إلى والدة أبيل.

الاحتفال بالذكرى المئوية لأبيل

كانت هنالك ثلاث مهام للخطة الرئيسة لتكريم أبيل، وهي الاحتفال على نطاق واسع في العاصمة كريستيانيا مع احتفالات محلية. ثانيًا؛ إقامة نصب تذكاري لعبقرية أبيل، أما ثالثًا؛ الحديث عن إنشاء جائزة أبيل الدولية ونفذت بالفعل المهمة الأولى والثانية. أما الثالثة كما ذكرنا كانت بفضل جهود سوفوس لي في البداية، الذي كان متحمسًا ومؤيدًا لتأسيس جائزة أبيل.

نهاية؛ نظرًا لاسهاماته مثل نتيجته التي تعد أول دليل كامل يثبت استحالة حل المعادلات الخماسية العامة وكان ذلك سؤال مفتوح ولا يوجد حل له لأكثر من 250 عامًا. وكونه مبتكرًا في مجال الدوال الاهليلجية ومكتشف مجموعة أبيليان. أتى ملك السويد أوسكار الثاني الذي أيد وشارك في احتفال أبيل وانجذب إلى فكرة تأسيس جائزة. ففي خلال الاحتفالات في عام 1902؛ أعلن عن رغبته في منح ميدالية ذهبية كل خمس سنوات لأعمال الرياضيات تحت إشراف الجمعية العلمية لكريستيانيا (الآكاديمية النروجية للعلوم والآداب حاليًا).

الفائز بجائزة أبيل لعام 2022

حصل عالم وأستاذ الرياضيات في جامعتي ستوني بروك ومدينة نيويورك «دينيس بارنيل سوليفان-Dennis Parnell Sullivan» على جائزة أبيل لعام 2022؛ لمساهمته في الطوبولوجيا. وتحديدًا جوانبها الجبرية والهندسية والديناميكية، وتقدر الجائزة بـ 7.5 مليون كرونة نرويجية أي ما يعادل 860 ألف دولارًا أمريكيًا.

دينيس سوليفان؛ الحائز على جائزة أبيل لعام 2022

كرس سوليفان جزءًا كبيرًا من حياته المهنية لفهم المساحات الطوبولوجية والتي تسمى المتشعبات وقدم تصنيفًا كاملًا للمتشعبات من نوع معين في خمسة أبعاد أو أكثر. كذلك أهتم وأحرز تقدمًا في مشكلة تتعلق بطرق مختلفة لتقسيم الفتحات إلى قطع صغيرة مثلثة. وفي أثناء سعيه طور نظرية تسمى «الجراحة-Surgery» والتي تتضمن تغيير متشعب إلى آخر بواسطة قطع وإعادة تشكيل أجزاء منه. فيتمثل أهم إنجاز لسوليفان في طريقته الجديدة أيضًا لفهم نظرية التماثل -حقل فرعي من الطوبولوجيا– والتي تتنوع تطبيقاتها في الفيزياء والاقتصاد وعلم البيانات…

المصادر

عودة نوبل الأدب 2021 لأفريقيا بعد عقدين من الزمان

لم يحصل على نوبل الأدب من قبل غير أديبين أفارقة هم «نجيب محفوظ-Naguib Mahfouz» من مصر عام 88 و «جون ماكسويل كويتزي-John Maxwell Coetzee» من جنوب افريقيا عام 2004؛ ثم خاصمت نوبل الأدب القارة السمراء لما يقرب من عقدين من الزمان حتى عودة نوبل الأدب اليها بالتنزاني عبدالرزاق جرنة عليها هذا عام 2021 عن

“سرده المتعاطف الغير متهاون وتفهمه العميق لتأثيرات الاستعمار ومصير اللاجئين العالقين بين الثقافات والقارات”

لجنة نوبل


نوبل الأدب 2021

عبدالرازق جرنة


“يقسم الوقف إلى خمسة أجزاء متساوية، على النحو التالي: / – – – / جزء للشخص الذي أنتج في مجال الأدب العمل الأكثر تميزًا في اتجاهًا مثاليًا …”

مقطتع  من وصية ألفريد نوبل


 من هو عبدالرازق جرنة؟

تنزاني الأصل والمنشأ ولد في زنجبار عام 1948 وعاش بها على المحيط الهندي حتى هجرته وحيداً لاجئًا الى بريطانيا عام 1960. بعد تحررها سلميًا من الحكم الاستعماري البريطاني عام 1963 مرت زنجبار بثورة أدت في ظل نظام الرئيس عبيد كرومي إلى قمع واضطهاد المواطنين ذو الأصل العربي ومحاولة إبادتهم في مجازر جماعية وحيث ينتمي جرنة إلى المجموعة الإثنية المضطهدة، أُجبر على ترك أسرته والفرار من تنزانيا -المشكلة حديثا- في الثامنة عشر من عمره ولم يتمكن من العودة إلى زنجبار حتى عام 1984 مما سمح له برؤية والده قبل وقت قصير من وفاته.

ورغم أن لغته الام هي السواحلية إلا أنه استطاع تطويع الانجليزية لتخدم غايتها النبيلة في تسليط الضوء على مشاكل اللاجئين الأفارقة المشتتين بين ثقافتهم ولغتهم الأم وثقافات البلدان التي فتحت لهم أبوابها  واستضافتهم كمواطنين بها.

“أحيانًا أعتقد أن قدري هو أن أعيش تحت الأنقاض والاضطراب البيوت المتهدمة”

عبدالرزاق جرنة

بدأ الكتابة في الواحد والعشرين من عمره متغلبا على العائق اللغوي والثقافي بين جذوره الأفريقية ومتلقي ادبه الأوروبيين على الأغلب. إلا أن الأدب العظيم لا ولم يهزم بعد، فحيثما وجد الابداع وجد الأدب طريقة لمحبيه.

“عبد الرزاق جرنة يكسر بوعي التقاليد، ويقلب المنظور الاستعماري لتسليط الضوء على منظور السكان الأصليين”.

لجنة نوبل

ألّف جرنة 10 روايات وعدد من القصص القصيرة، وكان أستاذاً للغة الإنجليزية و آداب ما بعد الاستعمار في جامعة كنت، كانتربري، حتى تقاعده.

رواياته:
ذاكرة المغادرة (1987)
طريق الحج (1988)
دوتي (1990)
الجنة (1994)
الإعجاب بالصمت (1996)
عن طريق البحر (2001)
الهجر (2005)
الهدية الأخيرة (2011)
القلب الحصى (2017)
الحياة بعد الموت (2020)

ملحوظة: حصل ألبير كامو على نوبل الأدب وهو فرنسي مولود في الجزائر لذا قد يعد أفريقي أيضا.

مصادر

موقع نوبل
البيان الصحفي

جائزة نوبل في الكيمياء 2021، وما علاقتها بالتخليق العضوي والمحفزات؟

جائزة نوبل في الكيمياء 2021، وما علاقتها بالتخليق العضوي والمحفزات؟

جميعنا على تماس مباشر بالجزيئات، وقد تكون هذه الجزيئات مصممًة لعلاج المرضى أو لنقل المعلومات وربما لتسميد المحاصيل. يتم تصنيع الجزيئات هذه بخصائص محددة عن طريق التخليق الكيميائي، أي سلسلة من التفاعلات الكيميائية المتتالية.
كلما زاد تحكمنا بهذه الجزيئات زادت فعاليتها مما أدى إلى استدامة عالمنا وتقدمه.
ولجمع جزيئات معقدة حصل عليها الإنسان في المختبر أو تم تجميعها بيولوجيًا من قبل كائنات حية أخرى فهي خضعت لسلسلة من تفاعل مواد أولية بسيطة مع بعضها وقد تكون هذه الخطوات المتسلسلة من التفاعل قد حصلت على تحفيز.


المحفزات وارتباطها بالكيمياء:


من الطبيعي أن تكون المحفزات أساسيًة في عالم الكيمياء فهي تزيد من سرعة ومعدل التفاعل ولا يتم استهلاكها. بمعنى أنه إذا تم إضافة فضة إلى دورق يحتوي بيروكسيد الهيدروجين H2O2 سينهار بيروكسيد الهيدروجين متحولًا إلى ماء H2O وأوكسجين O2.
لكن الأمر الغريب هو أن الفضة يبقى كما هو ولا يتأثر بالتفاعل على الإطلاق.
أول من أدخل مفهوم التحفيز إلى الوسط العلمي هو العالم السويد بارازيليوس عام 1835.
أصبح استخدام المحفزات في الوسط العلمي والصناعي أمرًا روتينيًا، فالتحفيز مشاركٌ في كثيرٍ من عمليات تحويلٍ كيميائي للمواد الصناعية إلى مواد ذات قيمة كالمستحضرات الصيدلانية والكيماويات الزراعية.
في وقتنا الحاضر تم تطوير عدد كبير من المحفزات العضوية المختلفة. تم تصنيف هذه المحفزات حسب دورها الميكانيكي مع تسليط الضوء على وظيفة المحفزات في إزالة أو منح إلكترونات أو بروتونات من وإلى الركيزة.
وهناك ما يدعى بالتصنيف البديل وهو للتمييز بين التحفيز التساهمي الذي يشكل رابطة تساهمية إلى الركيزة والتحفيز الغير تساهمي الذي يعتمد التحفيز على التفاعلات اللاتساهمية مثل تشكيل رابطة هيدروجينية.

المحفزات العضوية

وقبل قنبلة ديفيد ماكميلان وبينيامين ليست التي فجراها لم يتم تغطية التفاعلات التي تحفزها الجزيئات العضوية غير الكيرالية إلا إذا كانت ضرورية للفهم العام في مجال معين.
قد أضاف ماكميلان وليست نوعًا ثالثًا جديدًا من المحفزات وهي المحفزات العضوية غير المتماثلة.
ظهرت عدة أمثلة استخدم فيها المحفزات العضوية وسجل أول استخدام عام 1912 من قبل العالمين فريدج وفيسك. أظهرا أن إضافة سيانيد الهيدروجين HCN إلى البنزالديهايد لتشكيل السيانوهيدرايد يتم تحفيزه بواسطة القاعدتين الكيرالية الكينين والكينيدين. إن السيانوهيدرايد الذي يتم الحصول عليهمن المحفز الأول هو المتماثل الصوري مقارنًة بالمركب الذي سيتم الحصول عليه عند استخدام المحفز الثاني.


رحلة ماكميلان وليست من عام 2000 إلى عام حصولهما على نوبل


عام 2000 قام بينيامين ليست بملاحظة الألدول المحفز بين جزيئات L-Prolin (تحفيز إينامين).
أظهر ليست أن الحمض الأميني الطبيعي L-Prolin يحفز تفاعل الألدول بين الجزيئات. هو تفاعل رابطة كربون-كربون بين الأسيتون وسلسلة من الألدهيدات العطرية. اقترح ليست أن التفاعل يجري عبر إينامين وسيطة، مما يؤدي إلى رفع المدار الجزيئي الأعلى احتلالا وزيادة المحبة للنواة مقارنة مع إيثر الإينول المقابل، وأن وظيفة حمض الكربوكسيل في المحفز تساعد على استقرار الحالة الانتقالية زيمرمان -تراكسلر الخالية من المعادن من خلال الرابطة الهيدروجينية. وهكذا يرتبط المحفز تساهميا بالركيزة ويتحكم في المسار الكيميائي الفراغي لتفاعل الألدول بين الجزيئات. وقد صقلت الدراسات الحسابية اللاحقة للتفاعل هذه الصورة وتسليط الضوء على دور بروتون الحمض الكربوكسيلي كحفاز حمض داخل جزيئي الذي يوفر استقرار الشحنة لتشكيل أنيون الألكسيد. واقترح الباحثون أيضا أن وظيفة المحفز البرولاين كميكروألدولاز ‘، أي كمحاكاة الإنزيمات، وأن تفاعلات عضوية أخرى قد تكون عرضة لتحفيز مماثل لمادة الإينامين بوساطة البرولين.
وفي وقت لاحق من نفس العام لاحظ ماكميلان تفاعل ديلز ألدر بين الألدهيدات غير المشبعة والسيكلونبتدادين المحفز (تحفيز أيونات إمنيوم). في تسعينات القرن العشرين، قامت مجموعة ليرنر وبارباس الثاني بتوليد الأجسام المضادة التي تحفز تفاعل الألدول داخل الجزيئي. تم توليد الأجسام المضادة المحفزة بحيث تحاكي إنزيمات ألدولاز من الفئة الأولى. تستخدم هذه الإنزيمات والأجسام المضادة المحفزة جزء الأمين من بقايا الليسين في الموقع النشط للبروتين لتشكيل إينامين مع الركيزة، والتي تضاف بعد ذلك إلى الألدهيد لإكمال تفاعل الألدول. على وجه الخصوص، أظهر الجسم المضاد التحفيزي 38C2 نطاقاً ركيزاً واسعاً ونواتج مقدمة في الجسم العالي كما تم تطبيق هذا الجسم المضاد ببراعة في خطوة أساسية في تخليق العديد من البريفيكومينات، وهي الفرمونات للعديد من خنافس اللحاء.

تحفيز أيونات الإمينيوم

في عام 2000، أظهر ماكميلان أن الإميدازوليدينون الكيرالي يمكن أن يحفز تفاعل ديلز-ألدر بين الألدهيدات غير المشبعة ويتكثف، الذي يتم إعداده في ثلاث خطوات من استر الميثيل للحمض الأميني الطبيعي L-phenylalanine، مع الألدهيد غير المشبع لتشكيل أيون الأمينيوم المقابل، حيث يتم خفض طاقة أقل مدار جزيئي غير مشبع (LUMO) مقارنة مع الألدهيد. ويؤدي هذا الانخفاض في الطاقة إلى زيادة التفاعل تجاه الديين، ومعدل تفاعل أعلى من تفاعل ديلز-ألدر الناتج مقارنة بالتفاعل غير المحفز. ويمكن تحقيق تنشيط مماثل لخفض أدنى مدار جزيئي غير مشغول باستخدام أحماض لويس المعدنية، وهي تقنية تمت دراستها بشكل كبير. في الحالة التي قدمها ماكميلان، يتم إرفاق المحفز تساهميًا بالركيزة، مما يوفر إمكانيات جيدة لنقل المعلومات الكيرالية من العضوي المحفز إلى المنتج، وناقش الباحثون نموذجًا لترشيده الاستدلال النمطي الملاحظ. من أجل السماح بالتحفيز الفعال، أيون الألومنيوم للقناة الحلقي يجب أن تكون مرنة حركياً بما فيه الكفاية للسماح بتحللها في ظل ظروف التفاعل وتجديد المحفز. الرؤية الرئيسية في عمل ماكميلان هي مفهوم أن خفض طاقة أدنى مدار جزيئي مشغول من خلال وسيط الأمونيوم المتولد تحفيزيًا يوفر منصة عامة يمكن من خلالها تصميم وتطوير تفاعلات غير متماثلة أخرى.

أهمية الاكتشاف أدت على حصولهما على نوبل

أهم أوجه التقدم في التخليق العضوي هي تلك التي توضح مبادئ جديدة لتحفيز التفاعل والتحكم في مسارات التفاعل؛ تطوير مفهوم التحليل العضوي ومبادئ التصميم الأساسية لتطوير مثل هذا التحفيز هو بوضوح تقدم كبير في هذا المجال. الفرص الجديدة لإجراء التفاعلات الكيميائية، مثل التحلل العضوي، وتوسيع مجموعة الأدوات المتاحة للكيميائيين والسماح لتصميم مسارات جديدة للتفاعل للجزيئات العضوية. وتسفر مثل هذه التحسينات والاكتشافات عن مسارات رد فعل أكثر كفاءة، والتي سيكون لها، نتيجة لذلك، تأثير أقل على البيئة. استخدام الجزيئات العضوية الصغيرة كمحفزات للتفاعلات العضوية لم يسبق له مثيل في الكيمياء العضوية. غير أن العمل الذي قام به لِست وماكميلان أسفر عن نقطة تحول؛ هناك ما هو واضح قبل وبعد. عملهم وضع تصورات لمجال التحلل العضوي، مع التركيز على التحفيز غير المتماثل، وأشار إلى مبادئ لتصميم تفاعلات التحلل العضوي الجديدة على أساس المفاهيم الحديثة مثل خفض LUMO (أدنى مدار جزيئي غير مشغول) وتربية HOMO (أعلى مدار جزيئي مشغول).

ازدهار الوسط العلمي والصناعي ما بعد هذا الاكتشاف

تم وصف عدد كبير من ردود الفعل الجديدة، والمحفزات والتطبيقات في الأدب -وقد أشير إلى هذه الفترة باسم “حمى الذهب العضوية” اليوم، فإن المنطقة راسخة في الكيمياء العضوية وتفرعت إلى العديد من التطبيقات الجديدة والمثيرة. كما تم التعرف على التحلل العضوي الآن على أنه الدعامة الثالثة للتحفيز غير المتماثل، جنبا إلى جنب مع التحلل الحيوي والتحفيز المعدني الانتقالي. منذ أوراق لِست وماكميلان في عام 2000، تبعت تطورات مثيرة في مجال التحليل العضوي، وتم تطوير محفزات وتفاعلات جديدة لجميع فئات المحفزات العضوية (حمض لويس أو القاعدة، حمض برونستد أو القاعدة). ويركز هذا الموجز على أوجه التقدم المتعلقة بتحفيز الإينامين (قاعدة لويس) وإيونات الأمينيوم (حمض لويس)؛ وقد واصل كل من ليست وماكميلان أنشطتهما في الميدان، حيث طوروا عدة تفاعلات عضوية محفزة جديدة باستخدام L-proline وchiral imidazolidinones كمحفزات، على التوالي. إلى جانب تفاعل الألدول داخل الجزيئي.

حفاز يورغنسن -هاياشي:

في عام 2005، هجر يورغنسن وزملاؤه عملية أسولفينيل الألدهيدات باستخدام إثير سيليل دياريل كحفاز، وفي وقت لاحق من نفس العام، أظهرت هاياشي أن هذا النوع من الحفاز مؤهل أيضاً لإضافة البروبانال إلى النتروستيرين؛ كلا التفاعلين يعملان بواسطة آلية الإينامين. وبعد ذلك بوقت قصير تبين أيضاً أن المادة الحفازة لها القدرة على أكسدة الألدهيدات غير المشبعة، مثل سينامالديهايد (cinnamaldehyde)، إلى الأبوكسيد. هذه التفاعلات تسلط الضوء على بعض الجوانب المهمة من هذه الكيمياء، وهي تثبت أن إثير دياريل برولينول السيليل مؤهل لتعزيز التفاعلات التي تنطوي على كل من مكافئ تحفيز الإينامين وتحفيز أيون الأمينيوم، أثبتت إيثرات السيليل أنها محفز قوي لهذه الكيمياء مع نطاق واسع من التطبيقات، وذلك بسبب زيادة إعاقة الستيريك وارتفاع انتقائية الستيريوم مقارنة مع محفزات لبرولين وإيميدازوليدينون.

دمج التحليل العضوي مع تحفيز الأكسدة الضوئية

إن إمكانية تحويل الطاقة الشمسية إلى طاقة كيميائية لها أهمية كبيرة لتطوير مجتمع مستدام. ينبع إلهام هذا البحث من التمثيل الضوئي، حيث تستخدم النباتات الطاقة الشمسية لتحويل المواد الخام البسيطة إلى طاقة كيميائية في شكل كربوهيدرات. إحدى الطرق الممكنة لتقليد هذه الكيمياء هي استخدام محفزات المعادن الانتقالية (محفزات الأكسدة الضوئية) الذي يمكن بعد ذلك تنشيط الجزيئات العضوية المستقرة عن طريق الأكسدة أو الاختزال أحادي الإلكترون. وهذا يوفر وسيطات الغلاف المفتوح التي لا يمكن الوصول إليها بسهولة ويفتح إمكانية تحفيز مسارات تفاعل الإلكترون الثنائي الصعبة بخلاف ذلك باستخدام خطوتين لنقل الإلكترون الواحد بواسطة محلل الصور. وفي عام 2008، قام نيكويتز وماكميلان بدمج هذه الكيمياء مع التحليل العضوي، مما أدى إلى الألكيل الفعال للألدهيدات. دور المحفز الضوئي P في هذا التفاعل هو اختزال هاليد الألكيل إلى جزيء ألكيل وأيون هاليد. ثم يضيف جزيء الألكيل إلى إينامين، مكونًا رابطة كربون-كربون وجزيء ألكيل جديد. ثم يتأكسد هذا النوع بواسطة المحفز الضوئي لينتج أيون إمونيوم، والذي يتحلل إلى المنتج ويعيد الكاتياليست العضوي، واحد مع الكاساليست العضوي والآخر مع محفز الأكسدة الضوئية، مع نقطتي اتصال. أثارت تحقيقات نيكويتز وماكميلان، اهتمامًا كبيرًا في مجتمع الكيمياء، وتم استثمار الكثير من الجهد في تطوير تفاعلات محفزة بالأكسدة الضوئية. “إن قوة هذه الكيمياء هي أنه باستخدام ظروف رد فعل مستدامة، فإنها تسمح بالوصول إلى المواد الوسيطة التي لا يمكن الوصول إليها عن طريق التنشيط الحراري التقليدي. وقد تم تطوير كيمياء جديدة، وتم الآن تطبيق تحفيز الأكسدة الضوئية في معظم مجالات الكيمياء العضوية، في الأوساط الأكاديمية والصناعية على حد سواء.

تطبيقات تخليق الجزيئات العضوية المعقدة

الهدف من التخليق العضوي هو إنتاج الجزيئات العضوية، سواء كانت للمنتجات الدوائية أو الزراعية أو الطبيعية أو غيرها من التطبيقات. وقد وجد التحليل العضوي تطبيق واسع النطاق في هذا المجال. غالباً ما تكون كفاءة التسلسلات الاصطناعية طويلة متعددة الخطوات مشكلة وعادةً ما توفر المركب المطلوب بكميات دقيقة فقط. إحدى الاستراتيجيات لتخفيف هذا العيب المتأصل مستلهمة من التخليق الحيوي للجزيئات العضوية، حيث يتم استخدام سلاسل من إنزيمات تحول المواد الأولية البسيطة إلى جزيئات معقدة في عملية منظمة للغاية. في التخليق العضوي، يتم تقليد ذلك باستخدام تفاعلات متتالية حيث يكون ناتج خطوة التفاعل الأولى هو المادة البادئة للخطوة التالية، وبالتالي تجنب عمليات التنقية غير الضرورية بين كل خطوة من خطوات التفاعل. ومن الأمثلة الأنيقة على هذه الكيمياء التركيب الكامل لفيتامين أ -توكوفيرول (فيتامين هـ)، وهو مضاد أكسدة قوي، في هذا التفاعل التعاقبي، الذي يتكون من تفاعل ألدول متبوعا بتفاعل أوكا -مايكل، يتم تركيب رابطتين جديدتين ومركز مجسم جديد في عملية واحدة، وبالتالي تشكيل جزء بيران من a-tocopherol.

التخليق العضوي وأهميته في الصيدلة

التخليق العضوي له دور هام في البحوث الصيدلانية قبل السريرية، حيث هناك طلب كبير على جزيئات عضوية جديدة ليتم اختبارها في عدة أمرض مختلفة. والهدف من هذا النشاط هو تطوير أدوية جديدة لعلاج الأمراض، وليس من المستغرب أن يتم تطبيق أساليب التحفيز العضوي في هذا المجال. ومن الأمثلة على ذلك علاج فرط ضغط الدم (ارتفاع ضغط الدم). الرينين، وهو بروتيني يفرزه الكليتان، يحلل البروتين الأنجيوتنسين في مجرى الدم إلى الببتيد الأنجيوتنسين I. يؤدي المزيد من التحلل المائي للأنجيوتنسين الأول إلى تشكيل الأنجيوتنسين الثاني، وهو ببتيد نشط في الأوعية تشارك في ارتفاع ضغط الدم. أحد الاحتمالات لعلاج ارتفاع ضغط الدم هو تثبيط الرينين ومنع تكوين أنجيوتنسين. ولقد أثبت الباحثون في شركة نوفارتيز أن هذا أمر ممكن حقا. إن التطورات في التخليق العضوي التي توضح مبادئ جديدة لتحفيز التفاعل والتحكم في مسارات رد الفعل أمر مركزي للتقدم في الانضباط. وقد أسهم الفائزون هذا العام إسهاما رائدا في هذا المجال. من روايتهم النظرية.وقد اجتذب عام 2000 اهتماما كبيرا من أوساط الباحثين ويمثل بداية للبحوث الحديثة في التحليل العضوي، مما أثار تطورا لا يزال مستمرا. مجال البحث واسع لا يشمل فقط تحفيز إينامين وأيونات الأمينيوم، واليوم نضج التحليل العضوي إلى أداة تستخدم بشكل روتيني في التخطيط والتنفيذ التخليقي، سواء في الصناعة والأوساط الأكاديمية.

المصدر

[1] Nobel Prize

اكتشاف مستقبلات لدرجة الحرارة واللمس تفوز بجائزة نوبل الطب 2021

قررت جمعية نوبل في معهد كارولينسكا اليوم منح جائزة نوبل الطب 2021 في علم وظائف الأعضاء أو الطب بالمناصفة بين ديفيد جوليوس وأرتم باتابوتيان لاكتشافهما مستقبلات لدرجة الحرارة واللمس. فمن هما، وكيف حققا ذلك الكشف؟ ولماذا منحا عنه نوبل الطب 2021؟

من هم العلماء الحاصلين على جائزة نوبل الطب لهذا العام؟

ديفيد جوليوس David Julius المولود عام 1955 في نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية، وهو حاصل على درجة الدكتوراه في عام 1984 من جامعة كاليفورنيا، وكان زميل ما بعد الدكتوراه في جامعة كولومبيا في نيويورك. كما تم تعيين ديفيد في جامعة كاليفورنيا، سان فرانسيسكو في عام 1989 حيث يعمل الآن أستاذًا.

أما العالم الثاني فهو أرديم Ardem Patapoutian والمولود عام 1967 في بيروت، لبنان. حيث انتقل أرديم في شبابه من بيروت التي مزقتها الحرب إلى لوس أنجلوس بالولايات المتحدة الأمريكية. حصل أرديم على الدكتوراه عام 1996 من معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا، باسادينا، الولايات المتحدة الأمريكية. وكان أرتيم زميلًا لما بعد الدكتوراه في جامعة كاليفورنيا، سان فرانسيسكو. منذ عام 2000، يعمل باحثًا في Scripps Research La Jolla، كاليفورنيا حيث يعمل الآن أستاذًا. كما يعمل باحثًا في معهد هوارد هيوز الطبي منذ عام 2014 حتى الآن

كيف ندرك العالم من حولنا؟

أحد أكبر الألغاز التي تواجه البشرية هو السؤال عن كيفية إحساسنا ببيئتنا، إذ أثارت الآليات الكامنة وراء حواسنا فضولنا لآلاف السنين. على سبيل المثال، كيف تكتشف العين الضوء، وكيف تؤثر الموجات الصوتية على آذاننا، وكيف تتفاعل المركبات الكيميائية المختلفة مع المستقبلات الموجودة في أنفنا وفمنا لتوليد الرائحة والذوق؟

لدينا أيضًا طرق أخرى لإدراك العالم من حولنا، تخيل أنك تمشي حافي القدمين عبر العشب في يوم صيفي حار، يمكنك أن تشعر بحرارة الشمس ومداعبة الرياح ونهايات العشب المنفردة تحت قدميك. أليس كذلك؟ هذه الانطباعات عن درجة الحرارة واللمس والحركة ضرورية للتكيف مع البيئة المحيطة المتغيرة باستمرار.

المعضلة الرئيسية، ما قبل اكتشاف ديفيد وأرديم!

في القرن السابع عشر، تصور الفيلسوف رينيه ديكارت وجود خيوط تربط أجزاء مختلفة من الجلد بالدماغ. وبحسب هذا الكلام، فإن ملامسة القدم للهب ترسل إشارة ميكانيكية إلى الدماغ، وقد بينت الدراسات لاحقًا وجود خلايا عصبية حسية متخصصة تسجل التغييرات في بيئتنا.

حصل جوزيف إرلانجر وهربرت جاسر على جائزة نوبل في علم وظائف الأعضاء أو الطب عام 1944 لاكتشافهما أنواعًا مختلفة من الألياف العصبية الحسية التي تتفاعل مع محفزات مميزة. على سبيل المثال، قدرتنا على الشعور بالاختلافات في نسيج الأسطح من خلال أطراف أصابعنا، وقدرتنا على تمييز كل من الدفء الممتع والحرارة المؤلمة.

كان فهمنا لكيفية استشعار الجهاز العصبي لبيئتنا وتفسيره لا يزال يدور حول سؤال أساسي لم يتم حله وهو كيف تتحول درجة الحرارة والمحفزات الميكانيكية إلى نبضات كهربائية في الجهاز العصبي؟

ما هو دور العلماء في اكتشاف مستقبلات لدرجة الحرارة واللمس؟

ديفيد جوليوس

في أواخر التسعينيات، رأى ديفيد جوليوس إمكانية تحقيق تقدم كبير من خلال تحليل كيف يتسبب المركب الكيميائي الإحساس بالحرق الذي نشعر به عندما نتعامل مع الفلفل الحار. إذ كان من المعروف بالفعل أن الكابسيسين ينشط الخلايا العصبية مما يسبب الإحساس بالألم والحرق. ولكن كيفية ممارسة هذه المادة الكيميائية لهذه الوظيفة في الواقع كانت لغزًا لم يتم حله.

أنشأ جوليوس وزملاؤه مكتبة من ملايين الأجزاء من الحمض النووي المشفرة للجينات التي يتم التعبير عنها في الخلايا العصبية الحسية. تتفاعل البروتينات الناتجة بدورها مع الألم والحرارة واللمس. افترض العالم أن المكتبة ستشمل جزءًا من الحمض النووي الذي يشفر البروتين القادر على التفاعل مع الكابسيسين.

وبعد بحث شاق، نجح ديفيد في تحديد جين واحد قادر على جعل الخلايا حساسة للكابسيسين. لاحقًا، كشفت تجارب أخرى أن الجين الذي تم تحديده قام بتشفير بروتين قناة أيونية جديدة. فسُمي مستقبل الكابسيسين المكتشف حديثًا بالـ TRPV1. عندما بحث جوليوس في قدرة البروتين على الاستجابة للحرارة، أدرك أنه اكتشف مستقبل استشعار للحرارة الذي ينشط في درجات الحرارة المؤلمة أو الضارة للجسم.

بشكل مستقل عن بعضهما البعض، استخدم كل من David Julius وArdem Patapoutian مادة المنثول الكيميائية للوصول إلى مستقبل الـ TRPM8. وهو مستقبل ينشط بواسطة البرد. تم تحديد القنوات الأيونية الإضافية المتعلقة بـ TRPV1 و TRPM8 ووُجد أنها تنشط عند مجموعة من درجات الحرارة المختلفة.
كان اكتشاف David Julius لـ TRPV1 بمثابة الكشف الذي سمح لنا بفهم كيف يمكن للاختلافات في درجات الحرارة أن تحفز الإشارات الكهربائية في الجهاز العصبي.

أرديم باتابوتيان

بينما كانت آليات الإحساس بدرجة الحرارة تنكشف، ظلت كيفية تحويل المحفزات الميكانيكية إلى حواس اللمس والضغط مسألة مجهولة. وجد الباحثون سابقًا مستشعرات ميكانيكية في البكتيريا، لكن الآليات الكامنة وراء اللمس في الفقاريات ظلت مجهولة. أراد Ardem أرديم تحديد المستقبلات التي تنشط بواسطة المحفزات الميكانيكية.

حدد باتابوتيان ومعاونوه لأول مرة خطًا خلويًا يعطي إشارة كهربائية قابلة للقياس عند وخز الخلايا الفردية بالواخزة الدقيقة. كان من المفترض أن المستقبل الذي سينشط بقوة الوخز الميكانيكية هو القناة الأيونية. وفي الخطوة التالية، نجح الفريق في تحديد 72 جينًا مرشحًا يُشفر المستقبلات المحتملة. تم تعطيل هذه الجينات واحدة تلو الأخرى لاكتشاف الجين المسؤول عن الحساسية الميكانيكية في الخلايا المدروسة.

بعد بحث شاق، نجح باتابوتيان وزملاؤه في تحديد جين واحد نجح تعطيله في جعل الخلايا غير حساسة للضغط بالواخزة الدقيقة. اكتشف الفريق قناة أيونية جديدة وغير معروفة تمامًا وحساسة للضغط الميكانيكي وأعطيت اسم Piezo1. اكتشاف جين ثانٍ واسمه Piezo2 يشبه الجين الأول Piezo1.

عُثر على الخلايا العصبية الحسية التي تعبر عن مستويات عالية من Piezo2. أثبتت دراسات أخرى أن Piezo1 وPiezo2 عبارة عن قنوات أيونية يتم تنشيطها مباشرة عن طريق الضغط على أغشية الخلايا.

ما أثر اكتشاف العلماء لهذه المستقبلات على حياتنا وأيضا على المجال الطبي؟ أو ما تطبيقات جائزة نوبل الطب 2021؟

سمحت الاكتشافات الرائدة لقنوات TRPV1 و TRPM8 و Piezo من قبل الحائزين على جائزة نوبل لهذا العام بفهم كيف يمكن للحرارة والبرودة والقوة الميكانيكية إطلاق الإشارات العصبية التي تسمح لنا بإدراك العالم من حولنا والتكيف معه.

تعتبر قنوات TRP ضرورية لإدراكنا لدرجة الحرارة. وثبت أن Piezo2 يلعب دورًا رئيسيًا في الاستشعار المهم لموضع الجسم والحركة، وسمي بمستقبل الحس العميق. كما ثبت أن قناتي Piezo1 و Piezo2 تنظمان عمليات فسيولوجية مهمة إضافية مثل ضغط الدم والتنفس والتحكم في المثانة البولية.

نشأت عن تلك الاكتشافات أبحاث مكثفة ومستمرة تركز على توضيح وظائف تلك المكتشفات في مجموعة متنوعة من العمليات الفسيولوجية. وتستخدم هذه المعرفة حاليًا لتطوير علاجات لمجموعة واسعة من الحالات المرضية، بما في ذلك الألم المزمن.

المصدر

nobelprize

اقرأ المزيد حول: جائزة نوبل في الطب لعام 2020

فوز برنامج الغذاء العالمي (WFP) التابع للأمم المتحدة بجائزة نوبل للسلام لعام 2020

فوز برنامج الغذاء العالمي (WFP) بجائزة نوبل للسلام 2020 

«لجهوده في القضاء على الجوع، ومساهمته في تحسين الأوضاع من أجل السلام في مناطق النزاع والدور المُحرّك والفاعل في مكافحة استخدام الجوع كسلاح في الحروب والنزاعات».

يلتزم المجتمع الدولي بالقضاء على الجوع وتحقيق الأمن الغذائي وتحسين التغذية في العالم بحلول عام 2030، لكن لا يزال هناك واحداً من بين كل تسعة أشخاص في العالم لا يملك ما يكفيه من الغذاء. فيأتي الغذاء وما يتعلق به من مساعدات في صميم الجهود الساعية إلى كسر هذه الحلقة من الجوع والفقر.

ما هو برنامج الغذاء العالمي (WFP)؟

برنامج الغذاء العالمي (برنامج الأغذية العالمي) (WFP) هو فرع المساعدات الغذائية للأمم المتحدة وأكبر منظمة إنسانية في العالم تعالج الجوع وتعزز الأمن الغذائي. 

وفقًا لتصريحات المنظمة فهم يوفرون مساعدات غذائية لما يقارب 91.4 مليون شخص في 83 دولة كل عام. من مقرهم الرئيسي في روما وأكثر من 80 مكتبًا محليًا حول العالم، يعمل برنامج الأغذية العالمي لمساعدة الأشخاص الذين لا يستطيعون إنتاج الطعام أو الحصول على ما يكفي منه لأنفسهم وأسرهم. وهم عضو في مجموعة الأمم المتحدة الإنمائية وجزء من لجنتها التنفيذية. 

مقر برنامج الغذاء العالمي في روما

تاريخ المنظمة

تأسس برنامج الأغذية العالمي عام 1963 بعد مؤتمر منظمة الأغذية والزراعة FAO (الفاو) عام 1960، عندما اقترح «جورج ماكغفرن-George McGovern» مدير برنامج الغذاء من أجل السلام في الولايات المتحدة -وقتها- إنشاء برنامج مساعدات غذائية متعدد الأطراف. 

تم إنشاء برنامج الأغذية العالمي رسميًا عام 1963 من قبل منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة والجمعية العامة للأمم المتحدة على أساس تجريبي لمدة ثلاث سنوات ثم تم تمديد البرنامج بشكل دائم عام 1965.

ما سبب فوز برنامج الغذاء العالمي بالجائزة؟

عام 2015 تم اعتماد القضاء على الجوع كأحد أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة لكن عام 2019  عانى 135 مليون شخص من الجوع الحاد وهو أعلى رقم شهده العالم منذ عقود وجاءت معظم الزيادة بسبب الحرب والنزاع المسلح،  فقدم برنامج الأغذية العالمي المساعدة لما يقرب من 100 مليون شخص في 88 دولة.

 كما ساهمت جائحة الفيروس التاجي (كورونا) في زيادة عدد ضحايا الجوع في العالم في بلدان مثل: اليمن وجمهورية الكونغو الديمقراطية ونيجيريا وجنوب السودان وبوركينا فاسو، أدى الصراع العنيف والوباء إلى ارتفاع كبير في عدد الأشخاص الذين أصبحوا اليوم يعيشون على شفا المجاعة، وفي مواجهة هذا الوباء أظهر برنامج الأغذية العالمي قدرة رائعة على تكثيف جهوده كما صرحت المنظمة نفسها:

 «حتى يوم اكتشاف لقاح طبي، الغذاء هو أفضل لقاح ضد الفوضى».

جهود المنظمة

يوميًا؛ يقوم البرنامج بأرسال 5600 شاحنة، و20 سفينة، و92 طائرة لإيصال الأغذية وغيرها من المساعدات لمن هم في أمس الحاجة إليها. ويقوم سنويًا بتوزيع ما يقرب من 15 مليار حصة غذائية بتكلفة تقديرية تصل إلى 0.31 دولاراً أمريكياً للحصة الواحدة. وتعكس هذه الأرقام دور البرنامج الحيوي في الاستجابة لحالات الطوارئ، فهو قادر على إنجاز المهمة بسرعة كبيرة حتى في أصعب البيئات.

وقد كان برنامج الأغذية العالمي مشاركًا نشطًا في العملية الدبلوماسية التي بلغت ذروتها في مايو 2018 بتبني مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بالإجماع القرار رقم 2417  والذي تناول لأول مرة بشكل صريح الصلة بين الصراع المسلح والجوع. كما شدد مجلس الأمن على التزام الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بالمساعدة في ضمان وصول المساعدات الغذائية إلى المحتاجين، وأدان استخدام التجويع كوسيلة من وسائل الحرب.

مؤتمر الإعلان عن فوز برنامج الغذاء العالمي بالجائزة

اليوم في معهد نوبل في أوسلو صرحت رئيسة لجنة نوبل النرويجية  «بيريت ريس أندرسن-Berit Reiss-Andersen» أن الحائز على جائزة عام 2020  هو برنامج الأغذية العالمي لأنها أرادت 

«تحويل أنظار العالم إلى ملايين الأشخاص الذين يعانون من الجوع أو يوشكون أن يواجهوا هذا الخطر … وأن الجوع يستخدم كسلاح حرب ونزاع».

سيعاني الأطفال في اليمن من الجوع والفقر لمدة 20 عامًا بسبب الحرب

وقالت أندرسون:

«إن الجائزة هي دعوة للمجتمع الدولي لتمويل وكالة الأمم المتحدة بشكل كاف لضمان عدم تجويع البشر. وقالت إن برنامج الأغذية العالمي كان من الممكن أن يحصل على الجائزة من دون تفشي جائحة فيروس كورونا. لكن الفيروس عزز أسباب إعطائه لبرنامج الأغذية العالمي، بما في ذلك الحاجة إلى التعاون الدولي في وقت الأزمة العالمية».

من كان المرشحين هذا العام؟

وصُرح سابقًا بأن هناك 318 مرشحًا قيد الدراسة هذا العام، منهم 211 فردًا و 107 منظمة، ومن بين الشخصيات الأخرى التي تم اعتبارها: الناشطة السويدية في مجال المناخ «جريتا شونبرغ-Greta Thunberg» البالغة من العمر 17 عامًا، والمنشق الروسي وزعيم المعارضة «أليكسي نافالني-Alexei Navalny» الذي تعافى من هجوم بغاز الأعصاب ألقى باللوم فيه على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ومنظمة الصحة العالمية لدورها في التصدي لوباء فيروس كورونا.

دونالد ترامب مرشح لنوبل للسلام!

على صعيد أخر صرح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب  إنه كان يجب أن يفوز بجائزة السلام العام الماضي؛ والتي منحت لرئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد بعد أن أبرم اتفاق سلام مع إريتريا، وقال البيت الأبيض إن ترامب رشح لجائزة 2021 عن الوساطة التي أجراها لتطبيع العلاقات بين الإمارات والبحرين مع إسرائيل.

قيمة الجائزة

مُنحت مائة جائزة نوبل للسلام منذ عام 1901 حتى الآن لأفراد و24 جائزة لمنظمات، بينما يتم الإعلان عن الفائزين بجميع جوائز  نوبل في ستوكهولم، تُمنح جائزة السلام في العاصمة النرويجية أوسلو.

إلى جانب المكانة الأدبية الهائلة للجائزة، تبلغ القيمة المادية للجائزة 10 ملايين كرونة أي أكثر من مليون دولار أمريكي وميدالية ذهبية يتم تسليمها في حفل يقام سنويًا في اوسلو في 10 ديسمبر ذكرى وفاة مؤسس الجائزة ألفريد نوبل، لكن سيتم إلغاء حفل هذا العام بسبب الوباء العالمي.

وفي النهاية اختتم بيان نوبل بقول:

«إن عمل برنامج الأغذية العالمي لصالح البشرية هو مسعى ينبغي لجميع دول العالم أن تؤيده وتدعمه».

من هي لويز جليك الفائزة بجائزة نوبل للأدب عام 2020؟

أصبحت الشاعرة لويز جليك الفائزة بجائزة نوبل للأدب عام 2020 أول امرأة أمريكية تفوز بالجائزة منذ 27 عامًا بعد فوزها اليوم لما وصفه الحكام بأنه:

«حس شعري لا لبس فيه، يجعل الوجود الفردي عالميًا بجمال بسيط»

من هي لويز جليك الفائزة بجائزة نوبل للأدب عام 2020؟

ولدت «لويز غليُك-Louise Glück» في مدينة نيويورك بتاريخ 22 أبريل 1943، وهي الإبنة الكبرى لرجل الأعمال «دانيال جليك» وزوجته «بياتريس جليك» كان والدي السيد دانيال جليك من اليهود المجريون المهاجرون إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وامتلكت العائلة فيما بعد متجر للبقالة في مدينة نيويورك. 

أصبح والد لويز أول فرد في عائلته يولد في الولايات المتحدة، وكان طموحه أن يصبح كاتبًا، كما كانت والدة لويز خريجة كلية ويلسلي المرموقة؛ لذا تلقت من والديها تعليمًا عن الأساطير اليونانية والقصص الكلاسيكية منذ الصغر وتأثرت بها فبدأت كتابة الشعر في سن مبكرة للغاية.

عندما كانت مراهقة أصيبت لويز بمرض «فقدان الشهية العصبي» والذي كان تحدي حاسم في أواخر سنوات المراهقة والشباب، وقد وصفت المرض في أحد مقالاتها بأنه نتيجة جهدها للاستقلال عن والدتها.

وخلال خريف عامها الأخير في المدرسة الثانوية بدأت العلاج النفسي، وبعد بضعة أشهر تم إخراجها من المدرسة للتركيز على إعادة تأهيلها على الرغم من تخرجها في عام 1961، إلا أنها أمضت السنوات السبع التالية في العلاج، حتى تغلبت على المرض وتعلمت كيفية التفكير طريقة صحية بعيدة عن حالتها المرضية. 

نتيجة لحالتها لم تلتحق لويز بالكلية كطالبة بدوام كامل وقد وصفت قرارها بالتخلي عن التعليم العالي لصالح العلاج بأنه ضروري، وبدلاً من ذلك التحقت بدورة تعليمية في الشعر في كلية «سارة لورانس» من عام 1963 إلى عام 1965، والتحقت بورش لتعليم الشعر في كلية التعليم العام بجامعة كولومبيا، والتي كانت تقدم برامج للطلاب المميزين.

الديوان الأول

خلال مسيرتها المهنية  استكشفت السيدة جلوك موضوعات الصدمة والفقدان بالإضافة إلى الشفاء والولادة بلغة رقيقة مجردة وغير مزخرفة، ويرى النقاد الأدبيين إنها من خلال القيام بذلك تمكنت من تحويل الحياة اليومية إلى تمثيل أوسع ومؤثر للوحدة والألم مع تقديم الأمل في التجديد في نفس الوقت.

ونشرت ديوانها الأول «المولود الأول-Firstborn» عام 1968 وسرعان ما رسخت نفسها كواحدة من أبرز الشعراء المعاصرين في الولايات المتحدة، حتى حصلت بالفعل على العديد من الجوائز بما في ذلك:

  • «جائزة بوليتزر» عام 1993 .
  • جائزة الكتاب الوطني عام 2014.
  • شاعرة الولايات المتحدة الأولى من 2003 إلى 2004.
  • وتعمل حاليًا أستاذة للغة الإنجليزية في جامعة ييل، بمدينة نيو هيفن، بولاية كونيتيكت الأمريكية.

ووجدت جمهورًا كبيرًا في كل من الولايات المتحدة والعالم بمجموعاتها الشعرية التي وجدت نجاحًآ بارزًآ مثل: «انتصار أخيل-The Triumph of Achilles» عام 1985، و«أرارات-Ararat التي أثنى عليها «أندرس أولسون – Anders Olsson» رئيس لجنة نوبل قائلا عن اللهجة الطبيعية المخادعة لهذه الأعمال.

«إنه صريح ولا هوادة فيه، ولا أثر للزخرفة الشعرية».

لويز غليك ليست فقط منخرطة في مغامرات وظروف الحياة المتغيرة، بل هي أيضًا شاعرة التغيير الجذري والولادة الجديدة، حيث تأتى الانتصارات في أْعمالها من إحساس عميق بالخسارة. في واحدة من أكثر مجموعاتها انتشارًا «السوسن البري -The Wild Iris» والتي حصلت على جائزة بوليتزر عنها ، تصف عودة الحياة المعجزة بعد الشتاء في قصيدة «قطرات الثلج-Snowdrops»:

لم أكن أتوقع النجاة

فاجأتني الأرض، فلم أكن أتوقع…

أن استيقظ مرة أخرى، أن أحس..

جسدي في الأرض الرطبة

قادر على التحرك مرة أخرى، والتذكر

كيفية التفتح مرة أخرى بعد ذلك الوقت الطويل

في الضوء البارد

من أوائل الربيع

خائف، نعم، ولكني بينكم مرة أخرى

أبكي، نعم، بالمخاطرة والفرح

في رياح العالم الجديد.

صعوبة فوزها بالجائزة

آخر شاعر فاز بجائزة نوبل هو الكاتب السويدي توماس ترانسترومر، الذي نال الجائزة عام 2011، بالإضافة لصعوبة فوز شاعر بالجائزة؛ تضاءلت أيضًا آمال الكتاب الأمريكيين في الفوز منذ عام 2008 عندما قال السكرتير الدائم للأكاديمية السويدية «هوراس انغدال» إن الكتاب الأمريكيين «حساسون للغاية تجاه الاتجاهات السائدة في ثقافتهم الجماهيرية».

«الولايات المتحدة معزولة للغاية ومحدودة فهم لا يترجمون أدبهم بشكل كاف ولا يشاركون حقًا في الحوار الأدبي العالمي، وهذا الجهل مقيد؛ بالطبع هناك أدب قوي في جميع الثقافات الكبرى لكن لا يمكنك الابتعاد عن حقيقة أن أوروبا لا تزال مركز العالم الأدبي … وليس الولايات المتحدة».

هل تمحو السيدة جليك الفضائح السابقة؟

وقد يساعد قرار منح جائزة نوبل للآداب إلى السيدة جلوك الأكاديمية السويدية على النأي عن الفضائح التي ابتليت بها في السنوات الثلاث الأخيرة فقد توقع المراقبون أن الأكاديمية السويدية ستذهب إلى «خيار آمن» هذا العام مثل:

الشاعرة الكندية «آن كارسون» أو الروائي الصيني «يان ليانك»، أو الروائي الياباني الأكثر مبيعًا «هاروكي موراكامي»، فمن بين الحائزين السابقين على جائزة نوبل في الأدب وعددهم 116 فائز هناك 15 امرأة فقط! كما أن آخر كاتب أفريقي أسود فاز بها هو «وول سوينكا» في عام 1986.

كما اهتزت الهيئة المهيبة بسبب مزاعم الاعتداء الجنسي وسوء السلوك المالي عام 2017 التي بلغت ذروتها في بإدانة جان كلود أرنو زوج عضو الأكاديمية كاتارينا فروستنسون بتهمة الاغتصاب في عام 2018، واكتشاف تسريبها أسماء الفائزين السابقين وتلا ذلك سلسلة من الاستقالات من أعضاء الأكاديمية مما أدى لتأجيل جائزة 2018.

عند الإعلان عن الفائزين لعامي 2018 و 2019 في العام الماضي كانت الأكاديمية تأمل في وضع حد للنقد ووعدت بأن لجنة التحكيم كانت «تبحث في جميع أنحاء العالم» عن الفائزين وتبتعد عن التركيز الأوروبي الموجه نحو الذكور لكن بدلاً من ذلك اختاروا كاتبين أوروبيين:

الكاتبة البولندية الشهيرة« أولغا توكارتشوك»، والكاتب النمساوي «بيتر هاندكه» الذي تعرض لانتقادات واسعة النطاق لدعمه الزعيم الصربي السابق سلوبودان ميلوسيفيتش الذي توفي في السجن عام 2006 بعد محاكمة دولية بتهمة الإرهاب وارتكاب جرائم ضد الإنسانية.

قيمة الجائزة

بالإضافة لشهادة الفوز المميزة والتي ترسم بشكل فردي يدويًا لكل فائز والميدالية الذهبية المميزة للفائزين بفئة الأدب القائلة: «لمن حسن حياة البشر باكتشاف الفنون»، قيمة الجائزة المادية هذا العام 10 ملايين كرونة سويدية أي أكثر من مليون دولار أمريكي تُمنح من قبل الأكاديمية السويدية المكونة من 18 حكمًا للكاتب الذي يرونه استوفى الشرط المنصوص عليه في وصية ألفريد نوبل:

«أنتج في مجال الأدب العمل الأكثر تميزًا في اتجاه مثالي».

كيف ستغيّر تقنية كريسبر-كاس 9 للتعديل الجيني حياتنا؟

أُعلن اليوم فوز العالمتين «ايمانويل شاربنتيير-Emmanuelle Charpentier» و«جينيفير دودنا-Jennifer Doudna» بجائزة نوبل للكيمياء لعام ٢٠٢٠، وذلك لمساهمتهما في اكتشاف تقنية «كريسبر-CRISPR» للتعديل الجيني الدقيق، وهي التقنية التي غيّرت علم الجينات والوراثة، وقد تغيّر عالمنا للأبد. إذن، كيف ستغيّر تقنية كريسبر-كاس 9 للتعديل الجيني حياتنا؟

سنتعرف في هذا المقال التفصيلي على كيفية عمل تقنية «كريسبر-CRISPR» وأهمية التعديل الجيني في حياتنا.

ما هو التعديل الجيني؟

التعديل الجيني يُعرف أيضًا بالهندسة الجينية، وهو مجموعة من التقنيات المتقدمة التي تسمح للإنسان بتعديل المعلومات الجينية بطريقة دقيقة جدًا، سواء من خلال إضافة أو إزالة أو تغيير المادة الوراثية في مواقع محدّدة من التتابعات الچينية.

وتُطبق تقنيات التعديل الجيني على عدد كبير من الكائنات، من البكتيريا إلى النبات وصولًا إلى الحيوان والإنسان. لذلك فإن استخدام هذه التقنيات أثر في العديد من المجالات العلمية.

سمحت التقنية بتغيير سمات النباتات والمزروعات لتصبح أكثر إنتاجية، ومن جهة أخرى أعطت الأمل في العلاج الجيني لكل أنواع الأمراض الوراثية.

كما قد تتخطى الحدود، لتسمح باختيار السمات الخارجية الوراثية للمولود (مثل لون العيون أو جنس المولود مثلًا)، وهنا طبعًا يبدأ الحديث عن الجانب الأخلاقي الذي يلازم كل تكنولوجيا جديدة أو تقنية متقدمة ذات تأثير ضخم على البشرية.

كيف اكتُشفت تقنية كريسبر؟

عام 1953، اكتشف العالمان «جايمس واتسون- James Watson» و«فرانسيس كريك-Francis Crick » تركيبة الحمض النووي على شكل «الحلز المزوج-Double Helix»، وقد نالا جائزة نوبل في الطب للعام 1962.

منذ ذلك الحين، انكبّ العلماء على تطوير تقنيات تخوّلهم التحكم بالمادة الوراثية الموجودة في الحمض النووي وتعديلها.

جاءت تقنية كريسبر لتجعل هذا الحلم حقيقيًا، بل سهلًا وقليل الكلفة أيضًا، ولكن كيف وصلنا إلى تقنية كريسبر؟

من واطسون وكريك إلى كريسبر، كيف وصلنا إلى التعديل الچيني؟

لوحظ عام 1987 وجود تركيبة مكرّرة في جينوم البكتيريا «اشيرشيا كولي- Escherichia Coli»، كذلك وُجدت تركيبة متكررة في واحدة من ال«العتائق-Archaea » التي تسمى «هالوفيراكس ميديتيراني-Haloferax mediterranei»، وتتكرر هذه التركيبة على مسافات متساوية.

تبيّن فيما بعد أن هذه التراكيب المتكرّرة موجودة في جميع أنواع الكائنات الأحادية الخلية (Prokaryotes)، وتحمل هذه التراكيب صفات مشتركة، فهي تراكيب قصيرة متكررة على مسافات متساوية. لذلك سُمِّيت:

 Clustered Regularly Interspaced Short Palindromic Repeats واختصرًا سميت ب CRISPR.

إذن، متى تحول اسمه من كريسبر إلى كريسبر كاس ٩؟

عام 2002، نُشر للمرة الأولى اسم CRISPR-cas9، بعد اكتشاف مجموعة من الجينات (cas) المُلازمة للكائنات الأحادية الخلية، ويكون موقعها دائمًا مجاور لتركيبة CRISPR. كما تبيّن أن دور هذه المجموعة من الجينات يتعلّق بالتعبير الجيني لتراكيب CRISPR.

في العام 2005، بدأ الباحثون بفهم أهمية تركيب كريسبر، فاكتشفوا أن الكائنات أحادية الخلية التي تملك تركيبة كريسبر تصبح أكثر مقاومةً للفيروسات، ممّا يرجح دور تركيب كريسبر في الحماية من الحمض النووي الغريب عنها (أي الحمض النووي الذي يأتي من العدوى الفيروسية).

كيف عرفنا دور كريسبر كاس ٩ المناعي في البكتيريا؟

أُثبتت هذه النظرية للمرة الأولى في عام 2007 من خلال مجموعة من الاختبارات، قام فيها الباحثون بالتسبب بإصابة البكتيريا العقدية أو «ستربتوكوكوس تيرموفيلوس- Streptococcus thermophilus» بالعاثيات (Bacteriophage).

أبدت البكتيريا المجهزة بتركيبة كريسبر مقاومة واضحة للعدوى، أما البكتيريا المُزال منها تركيبة كريسبر، فقدت قدرتها على المقاومة ونجح الفيروس في إصابتها.

في عام 2008، أثبتت مجموعة من الاختبارات أن تركيبة كريسبر غالبًا ما تستهدف الحمض النووي DNA بدلًا من الحمض النووي RNA.

تستهدف تركيبة كريسبر تحديدًا الحمض النووي المشابه لها، والذي يكون محمولًا من قبل الفيروسات أو الكائنات الغزوية الأخرى، ممّا يفترض أن هذه التراكيب يأتي أصلها من فيروسات غزت البكتيريا سابقًا، فتمكنت البكتيريا من مقاومتها واحتفظت ببقاياها من الحمض النووي كالذاكرة المناعية، بل واستخدمت تلك الذاكرة سلاحًا بوجه الهجمات القادمة.

ولكن هذه المعلومة تستوجب طرح سؤال مهم وهو: إذا كانت تراكيب كريسبر تهاجم التراكيب التي تحمل حمضًا نوويًا يشبهها، وهي تراكيب متكررة، فما الذي يمنعها من تدمير بعضها البعض؟

ما الذي يمنع تراكيب كريسبر من مهاجمة بعضها البعض؟

هذا ما أُجيب عنه من خلال اكتشاف تراكيب صغيرة مجاورة لتركيب كريسبر، تسمى ب”Protospacer Adjacent Motifs” PAM . وتبين فيما بعد أن دور هذه التراكيب الصغيرة لا يقتصر على حماية تراكيب كريسبر من بعضها البعض، بل أيضًا تلعب دورًا في استهداف الحمض النووي المهاجم.

في عام 2011، أصبح واضحًا دور تركيبة كرسيبر-كاس9 في حماية الكائنات الأحادية الخلية من الكائنات المهاجمة.

بدأ تقصي نظام عمل هذه التركيبة. وهنا بدا فهم دور بروتينات كاس (Cas) مهمًا، فتبين أنها تعمل على مستويات ثلاثة: دمج الحمض النووي للكائن المهاجم في تركيبة كريسبر، ونشأة الcrRNA، وتعطيل الحمض النووي للكائن المهاجم.

ما دور إيمانويل شاربينتير في اكتشاف تقنية كريسبر كاس ٩؟

في العام نفسه، عملت الباحثة «إيمانويل شاربنتيير-Emmanuelle Charpentier» مع عدد من زملائها على تفسير نظام عمل الcrRNA، وهو ما يقوم بالبحث عن الحمض النووي المشابه للذي يحمله تركيب كريسبر.

لكن عمل الcrRNA لا يكتمل دون عمل (tracrRNA (Trans-activating CRISPR RNA. فالtracrRNA يقترن مع تراكيب pre-crRNA التي تتحول فيما بعد لcrRNA . وتشكّل الRNA المُرشد (Guide RNA) سويًا.

متى وكيف سهمت جينيفر دودنا في التقنية إذن؟

قررت الباحثتان شاربنتيير ودودنا التعاون لدرس إمكانية استخدام الcrRNA لإرشاد مقصات كريسبر للتسلسلات المرغوبة وبالتالي القدرة على التعديل الجيني.

بالفعل أعلنت الباحثتان في عام 2012 عن إمكانية برمجة بروتينات كاس9 مع الRNA المُرشد لتعديل أي تسلسل من الحمض النووي DNA.

شكّل اكتشافهما ثورة في عالم الكيمياء الحيوية وفي التكنولوجيا الطبية، وأعطيا الإنسان، ولأول مرة في التاريخ، القدرة على التحكم الدقيق بصفات كل الكائنات الحية، ممّا قد يوفر الملايين من سنين التطور، ويجعل التطور قابلًا للتطبيق من خلال تقنية سهلة وعالية الدقة وقليلة الكلفة.

عبّرت لجنة نوبل عن أهمية الاكتشاف بقولها أن الباحثتان قد أعادا كتابة شفرة الحياة!

كريسبر؛ المقصات الجينية التي حازت على نوبل الكيمياء لعام 2020

الوجه الآخر للتعديل الجيني، مخاوف وتحديات

على الرغم أن التعديل الجيني يُعد ثورة علمية قادرة على تخليص البشرية من آلاف الأمراض الوراثية، وقادرة على جعل الكائنات الحية أقوى أو أذكى أو أكثر فعالية وفي خدمة الإنسان، إلا أنه يمكن أن تتحول إلى سلاح فتّاك، قد يقضي على التنوع البشري أو يعزز الفروقات العنصرية والطبقية في العالم.

لذلك يعتبر علم الوراثة والجينات من أكثر العلوم تعقيدًا على الصعيد الإنساني والأخلاقي، ويطرح إشكاليات عديدة.

السلامة كتهديد مباشر تطرحه تقنيات التعديل الچيني

الإشكالية الأولى تتعلّق بالسلامة، فعملية التعديل الجيني يمكن أن تصبح خطيرة، إذا عُدلت جينات غير مرغوبة، أو إذا لم تتم عملية التعديل بشكل سليم، وقد يكون لهذه الأخطاء التقنية نتائج مرعبة على صحة وسلامة المريض أو المولود.

العدالة والإنصاف والمساواة قد تهتز بشدة مع تطور تقنيات التعديل الچيني

الإشكالية الثانية تتعلق بالعدالة والمساواة بين البشر، فلنتخيل مثلًا أن هذه التقنية أصبحت متاحة فقط بيد طبقة غنية من البشر، ستظهر الفروقات أكبر في الرعاية الصحية، خصوصًا أن التقنية تمكّن من تجنب الأمراض الوراثية، بل من الممكن أن تستخدم في اختيار سمات جسدية وعقلية (مثلًا اختيار جنس المولود مما قد يعزز التمييز الچندري، أو لون البشرة مما يزيد التمييز العنصري).

من الإشكاليات التي يخلقها موضوع الهندسة الجينية عند البشر، هي التجربة العلمية الممكن إجراؤها على الأجنّة البشرية، مما يتعارض مع القواعد الأخلاقية (وأحيانًا الدينية) ويطرح مخاوف عديدة.

لا شك أن التعديل الجيني من خلال تقنية كريسبر-كاس 9 هو واحد من أهم الاكتشافات العلمية الحديثة، والتي بدأت بالفعل بتغيير عالمنا. ولهذا تُعد جائزة نوبل للكيمياء للعالمتين شاربنتيير ودودنا مُستحقة. على أمل أن يستخدم هذا النوع من التطور العلمي العظيم لمصلحة البشر، كل البشر، دونما تمييز.

مصدر:

NobelPrize.org

مخاوف أخلاقية متصاعدة تجاه جائزة نوبل في الكيمياء 2020 وتقنية كريسبر

لم يكن الجدل حول التعديل الجيني بالجديد، ولكنه عاد للواجهة بعد تسليط نوبل الكيمياء عام 2020 الضوء على تقنية كريسبر للتعديل الجيني واكتشاف قدرتها على جعل هذا التعديل أكثر دقة وسهولة مقارنة بالتقنيات القديمة. مخاوف أخلاقية متصاعدة تجاه جائزة نوبل في الكيمياء 2020 وتقنية كريسبر .

يعتقد علماء الأخلاقيات الحيوية والباحثون عمومًا أنه لا ينبغي محاولة تعديل الجينوم البشري للأغراض الإنجابية حتى اليوم، ولكن يجب أن تستمر الدراسات التي من شأنها جعل العلاج الجيني آمنًا وفعالًا. [1،2]

يتفق معظم المهتمون بالتعديل الجيني على أهمية مواصلة المداولات العامة والنقاش للسماح للجمهور بتقرير ما إذا كان تعديل الجراثيم مسموحًا أم لا.

اعتبارًا من عام 2014، حظرت حوالي 40 دولة أبحاث تعديل جينات الخلايا الجنسية، منها 15 دولة في أوروبا الغربية بسبب المخاوف الأخلاقية والمتعلقة بالسلامة. [3]

هناك أيضًا جهد دولي بقيادة الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والصين للتنسيق وتنظيم تطبيق تقنيات التعديل الجيني. بدأت تلك الجهود رسميًا في ديسمبر 2015 مع القمة الدولية لتعديل الجينات البشرية في واشنطن.

مخاوف السلامة

نظرًا لاحتمال حدوث تأثيرات جانبية لعمليات تعديل جيني في المكان الخطأ أو تعديل بعض الخلايا دون أخرى، فإن السلامة هي الشغل الشاغل للباحثين حاليًا.

يتفق الباحثون وعلماء الأخلاق المتخصصون ممن كتبوا وتحدثوا عن تعديل الجينوم، على أنه لا ينبغي استخدام التعديل الجيني لأغراض الإنجاب السريري حتى تثبت سلامة وأمان تعديل جينوم الخلايا الجنسية.

يُرجّح البعض فوائد التعديل الجيني على مخاطره بهدف للدفع تجاه رفع الحظر المفروض عليه، إلا أن البعض الآخر يعتقد بأنه لا يمكن تبرير المخاطر بالفائدة المحتملة.

يشكك بعض الباحثين بنبوءات التعديل الجيني للأجنة البشرية أو اعتبارها ذات فائدة أكبر من التقنيات الحالية، مثل التشخيص الجيني قبل الزرع (PGD) والتخصيب في المختبر (IVF). ومع ذلك، يقر العلماء وأخصائيي الأخلاقيات الحيوية أنه في بعض الحالات، يمكن أن يعالج تعديل الخلايا الجنسية الاحتياجات التي لا يلبيها التشخيص الوراثي قبل الزرع. [4]

مقترحات التعديل الجيني الحالية تشمل:

1. حالات تماثل كلا الأبوين المحتملين بالنسبة لمسبب للمرض (أي حمل كلاهما نسختان من جينات الإصابة، وهو ما يشير إلى إصابة جميع أطفالهم بالمرض).

2. حالات الاضطرابات متعددة الجينات التي تتأثر بأكثر من جين واحد.

3. العائلات التي تعترض على بعض عناصر عملية التشخيص الوراثي قبل الزرع. [5،6]

يشعر بعض الباحثين وأخصائيي الأخلاقيات الحيوية بالقلق من أن أي تعديل للجينوم – حتى للاستخدامات العلاجية – سيضعنا على منحدر زلق قد يقود بنا مباشرة لاستخدامه لأغراض غير علاجية وإجراء تحسينات على البشر، وهو ما يعتبره الكثيرون مثيرًا للجدل.

يجادل آخرون بوجوب السماح بتعديل الجينوم المُثبت آمانه وفعاليته لعلاج الأمراض الوراثية باعتباره واجب أخلاقي تجاه أولئك المرضى. 6 ويقترحون إدارة المخاوف بشأن التحسين والتلاعب من خلال السياسة والقوانين والتنظيم.

يشعر المعلقون على هذه القضية بالقلق أيضًا إزاء سوء استخدام تعديل الجينوم للأغراض الإنجابية وتباين القدرات الرقابية بين داخل الولايات المتحدة وخارجها، مما قد يؤدي إلى استخدامات يعتبرها البعض مرفوضة.

تستشهد هذه الحجج بالبيئات ذاتية التنظيم إلى حد كبير في العيادات الإنجابية التي تقدم التشخيص الوراثي قبل الزرع والتلقيح الصناعي، والاختلافات القائمة في اللوائح بين مختلف البلدان.

موافقة مسبقة

يشعر البعض بالقلق من استحالة الحصول على موافقة حقيقية واعية لعلاج الخلايا الجنسية لأن المرضى المتأثرين بالتعديلات هم الجنين والأجيال القادمة. ويواجه هذا الطرح بحجة مضادة تقول بأن الآباء يتخذون بالفعل العديد من القرارات التي تؤثر على أطفالهم في المستقبل، بما في ذلك القرارات المُعقّدة مثل التشخيص الوراثي قبل الزرع مع التلقيح الاصطناعي.

عبّر الباحثون وخبراء الأخلاقيات الحيوية عن قلقهم أيضًا بشأن إمكانية الحصول على موافقة واعية حقًا من الآباء المحتملين طالما أن مخاطر علاج الخلايا الجنسية غير معروفة.

العدل والإنصاف

كما هو الحال مع العديد من التقنيات الجديدة، يتزايد القلق من إتاحة تقنيات التعديل الجيني للأثرياء فقط بارتفاع أسعارها مما سيزيد التفاوتات الحالية وسيعيق الوصول إلى الرعاية الصحية المناسبة والتدخلات الأخرى.

يشعر البعض بالقلق من التفاوت المجتمعي الذي قد ينتج عن تعديل الخلايا الجنسية بجودة هندسية متباينة، مما قد يخلق معدّلين مميزين ومعدلين عاديين ومعدلين ضعفاء وهكذا.

أبحاث تعديل الجينوم الأجنة

كثير ممن لديهم اعتراضات أخلاقية ودينية يقفو في مواجهة استخدام الأجنة البشرية لإجراء المزيد من الأبحاث. مما جعل استخدام الأموال الفيدرالية في أي بحث ينتج الأجنة أو يدمرها أمر غير ممكن. بالإضافة إلى عدم قدرة المعاهد الوطنية للصحة على تمويل أي استخدام لتحرير وتعديل الجينات في الأجنة البشرية. وفقًا للوائح المعاهد الوطنية للصحة في الولايات المتحدة.

بالرغم من عدم قدرة المعاهد الوطنية للصحة على تمويل تحرير أو تعديل الجينات في الأجنة البشرية حاليًا، تعتقد العديد من مجموعات الأخلاقيات الحيوية والبحثية أن البحث باستخدام تعديل الجينات في الأجنة مهم لأسباب لا تعد ولا تحصى مثل معالجة الأسئلة العلمية حول البيولوجيا البشرية، طالما لم تُستخدم لأغراض إنجابية.

بشكل عام، يمكن استخدام بقايا أجنة قابلة أو غير قابلة للحياة باستخدام تقنيات التلقيح الاصطناعي في أبحاث الأجنة، أو أجنة تم إنشاؤها خصيصًا للبحث، ولكل حالة اعتباراتها الأخلاقية.

ما رأيك عزيزنا القارئ؟ هل تتفق أم تختلف مع لجنة نوبل عن مدى استحقاق تلك الجائزة لتقنيات التعديل الجيني بالرغم من تلك المخاوف؟

مصادر:

[1] National Academies of Sciences, E., Medicine,. (2017). Human Genome Editing: Science, Ethics, and Governance. Washington, DC: The National Academies Press.

[2] The Hinxton Group. (2015). Statement on Genome Editing Technologies and Human Germline Genetic Modification. Retrieved from http://www.hinxtongroup.org/Hinxton2015_Statement.pdf

[3] Araki, M., & Ishii, T. (2014). International regulatory landscape and integration of corrective genome editing into in vitro fertilization. Reprod Biol Endocrinol, 12, 108. doi:10.1186/1477-7827-12-108

[4] Lanphier, E., Urnov, F., Haecker, S. E., Werner, M., & Smolenski, J. (2015). Don’t edit the human germ line. Nature News, 519(7544), 410. doi:10.1038/519410a

[5] Hampton, T. (2016). Ethical and Societal Questions Loom Large as Gene Editing Moves Closer to the Clinic. JAMA, 315(6), 546-548. doi:10.1001/jama.2015.19150

[6] Savulescu, J., Pugh, J., Douglas, T., & Gyngell, C. (2015). The moral imperative to continue gene editing research on human embryos. Protein Cell, 6(7), 476-479. doi:10.1007/s13238-015-0184-y

[7] Ishii, T. (2017). Germ line genome editing in clinics: the approaches, objectives and global society. Brief Funct Genomics, 16(1), 46-56. doi:10.1093/bfgp/elv053

[8] Park, A. (2016). UK Approves First Studies Using New Gene Editing Technique. Time Health.

[9] Araki, M., & Ishii, T. (2014). International regulatory landscape and integration of corrective genome editing into in vitro fertilization. Reprod Biol Endocrinol, 12, 108. doi:10.1186/1477-7827-12-108

[10] Lanphier, E., Urnov, F., Haecker, S. E., Werner, M., & Smolenski, J. (2015). Don’t edit the human germ line. Nature News, 519(7544), 410. doi:doi:10.1038/519410a

[11] The Hinxton Group. (2015). Statement on Genome Editing Technologies and Human Germline Genetic Modification. Retrieved from http://www.hinxtongroup.org/Hinxton2015_Statement.pdf

[12] National Academies of Sciences, E., Medicine,. (2017). Human Genome Editing: Science, Ethics, and Governance. Washington, DC: The National Academies Press.

[13] Callaway, E. (2016). UK scientists gain licence to edit genes in human embryos. Nature News, 530(7588), 18. doi:doi:10.1038/nature.2016.19270

[14] Cyranoski, D., & Reardon, S. (2017). Chinese scientists genetically modify human embryos. Nature News. doi:doi:10.1038/nature.2015.17378

كيف تمكن نورمان بورلوغ من إنقاذ الملايين من الجوع؟

الأب الروحي للثورة الخضراء: كيف تمكن نورمان بورلوغ من إنقاذ الملايين من الجوع؟

يقول نورمان بورلوغ، الفائز بجائزة نوبل للسلام لسنة 1970:

“لا يمكنك بناء السلام على معدة فارغة”

ولد المهندس الزراعي الذي أنقد الملايين من الجوع، يوم 25 مارس من سنة 1914 في ولاية آيوا وتوفي في 12 سبتمبر من سنة 2009 في مدينة دالاس بولاية تكساس الأمريكية. دائما ما يرتبط تعبير “الثورة الخضراء- The green revolution” باسم نورمان بورلوغ. فماهي هذه الثورة؟

كيف تمكن نورمان بورلوغ من إنقاذ الملايين من الجوع؟

تشير الثورة الخضراء إلى زيادة كبيرة في إنتاج الحبوب الغذائية (لا سيما القمح والأرز). وكانت بدايات نجاح هذه الثورة في المكسيك وشبه القارة الهندية. تتطلب الأصناف الجديدة من الحبوب الغذائية كميات هائلة من الأسمدة الكيميائية ومبيدات الحشرات لإنتاج المردودات المرتفعة. بالرغم من دورها الفعال في محاربة الجوع إلا أن هذه التقنية تثير القلق بشأن الآثار البيئية المحتملة والتكاليف.

حصل نورمان على الدكتوراه في سن 27 عاما، وذلك بفضل بحثه في حماية النباتات. وعمل في المكسيك في أربعينيات وخمسينيات القرن العشرين لجعل البلاد مكتفية ذاتياً من الحبوب الغذائية بفضل التقنيات الجديدة للثورة الخضراء. أوصى بورلوغ بتحسين أساليب الزراعة، وعثر على سلالة قوية من القمح (القمح القزم) المتكيفة مع الظروف المكسيكية. وبحلول سنة 1957، أصبحت البلاد مكتفية ذاتيا من القمح.

كان النجاح في المكسيك سبباً في جعل بورلوج مستشاراً زراعيا مرغوباً في البلدان التي لم يكن إنتاجها الغذائي يواكب نموها السكاني. وفي منتصف الستينيات، قدم القمح القزم إلى الهند وباكستان، وازداد الإنتاج بشكل كبير. والواقع أن تعبير “الثورة الخضراء” جعل اسم المهندس نورمان بورلوج معروفاً خارج الدوائر العلمية، ولكنه كان يؤكد دوماً على أنه جزء فقط من فريقه.

ويجدر بالذكر أن نورمان بورلوج من مناصري تقنيات ضبط النسل بغية تحقيق توازن بين النمو السكاني والإنتاج الغذائي.

المصادر: Nobel Prize, Britanica

كيف اكتشفت تاو يويو علاجا للملاريا بفضل الطب الصيني القديم؟

كيف اكتشفت تاو يويو علاجا للملاريا بفضل الطب الصيني القديم؟

ولدت تاو يويو سنة 1930 ونشأت في مدينة نينغبو في محافظة جيجيانغ الصينية، ثم درست في جامعة بيكين في مدينة بيجين. عملت في الأكاديمية الصينية للطب الصيني التقليدي منذ سنة 1965، حيث تشغل حاليا منصب رئيسة العلماء.

كيف اكتشفت تاو يويو علاجا للملاريا بفضل الطب الصيني القديم؟

درست تاو علم الأدوية في كلية الطب في بيكين، حيث تعلمت كيفية تصنيف النباتات الطبية واستخراج المكونات الفعالة وتحديد هياكلها الكيميائية. وعندما تخرجت في عام 1955 وهي في الرابعة والعشرين من عمرها، عُيِّنت تاو للعمل في الأكاديمية المنشأة حديثاً للطب الصيني التقليدي، حيث مكثت هناك طيلة حياتها المهنية. وبين سنتي 1959 و1962، درست بدوام كامل الطب الصيني التقليدي للباحثين المدربين على الطريقة الغربية العصرية.

طلبت فيتنام الشمالية من الصين أن تساعدها في مكافحة الملاريا التي تسببت في خسائر فادحة في صفوف جنودها في حرب فيتنام. أطلق الرئيس ماو تسي تونج المشروع رقم 523 في 23 مايو 1967 لإيجاد علاج للملاريا المقاومة للكلوروكوين.

وفي عام 1969، عُينت تاو رئيسة للمشروع 523، عندما كان عمرها 39 عاماً. وكان أول عمل لها هو البحث عن آثار الملاريا. ولهذا السبب، سافرت إلى جزيرة هاينان في جنوب الصين، التي كانت تعاني في ذلك الوقت من تفشي الملاريا.

في تلك الغابات المطيرة، شهدت تاو بشكل مباشر الخسائر المدمرة للمرض في صفوف البشر. فاضطرت إلى ترك ابنتها البالغة من العمر سنة واحدة مع والديها ووضعها في دار حضانة. وقد مرت ثلاث سنوات قبل أن ترى أطفالها مرة أخرى.

قالت تو: “كان العمل أولوياتي القصوى، لذلك كنت على استعداد لأضحي بحياتي الشخصية.”

ولدى عودتهم إلى بيكين، استعرض الفريق نصوص طبية قديمة لفهم الطرق الصينية التقليدية لمكافحة الملاريا. وفي ذلك الوقت، تم اختبار أكثر من 240 ألف مركب لاستخدامه في العقاقير المضادة للملاريا المحتملة، ولم ينجح أي منها. وفي الأخير، وجد الفريق إشارة إلى النبتة “الشيح حولي” التي استُخدمت في الصين في حوالي سنة 400 ميلادية لمعالجة «الحمى المتقطعة» التي تعد أحد أعراض الملاريا.

قالت تو “سيساعدنا الطب الصيني في التغلب على الأمراض التي تهدد الحياة في جميع بقاع العالم، وسيتمتعون بفوائده”

في عام 1971 قام فريق تاو بعزل مركب نشط في الشيح حولي والذي بدا وكأنه يكافح الطفيليات الصديقة للملاريا. لم ينجح الفريق بعد اختبار مستخلصات المركب، فعادت تو مرة أخرى إلى النص الصيني القديم وتساءلت عما إذا كان العنصر الفعال في النبتة يتضرر عند الغليان لتحضير المذيب، ولذلك حاولت تحضيره مرة أخرى، لكن هذه المرة استخدمت مذيب قائم على الإيثر. بما أنه يغلي في درجة حرارة منخفضة لم يتضرر الشيح حولي، وعندما اختبرته على الفئران والقرود كان معدل نجاحه 100 بالمئة. ثم قامت تاو واثنين من زميليها باختبار المادة على نفسيهما قبل اختبارها على 21 مريضاً في مقاطعة هاينان فتعافو جميعهم.

وفي العام التالي، قام فريق تاو بترشيح الأرتيميسينين، أي المكون النشط للمركب. ونشروا النتائج التي توصلوا إليها، ورغم أن أعمالها لم تنشر باللغة الإنجليزية حتى سنة 1979. وفي عام 1981، دعتها منظمة الصحة العالمية والبنك الدولي والأمم المتحدة إلى تقديم النتائج التي توصلت إليها على المسرح العالمي.

تقول تاو: “أرتيميسينين … هدية حقيقية من الطب الصيني القديم. لكنَّ هذه ليست المرة الوحيدة التي تثمر فيها حكمة الطب الصيني ».

استغرق الأمر عقدين من الزمان لمنظمة الصحة العالمية لتوصي أخيراً بالعلاج بالمركب المكون من مادة الأرتيميسينين للدفاع الأولي ضد الملاريا. وصفت مؤسسة لاسكير، التي منحت تاو جائزة في البحوث الطبية السريرية في عام 2011، أن اكتشاف الأرتيميسينين بمثابة “أهم تدخل صيدلي في نصف القرن الماضي”

ومن جانبها، كانت تو رافضة لأخذ الجائزة، حيث قالت: « لا أريد الشهرة ». وعندما قبلت جائزة نوبل لعام 2015 في علم وظائف الأعضاء أو الطب، كان عنوان محاضرتها “اكتشاف الأرتيميسينين: هدية من الطب الصيني التقليدي إلى العالم”. لكنها كانت فخورة باكتشافها فكل عالم يحلم بتقديم شيء يمكن أن يساعد العالم.

المصادر:  1. هنا 2. هنا 

 

اقرأ أيضا: لماذا يعتبر ختان الإناث جريمة إنسانية؟

Exit mobile version