النموذج المعياري النظرية التي تحكم بنية الذرة

النموذج المعياري

هو مجموعة من النظريات التي تتشارك في الأساس الرياضي لها. وتقوم بوصف دقيق لثلاث قوى من قوى الطبيعة الأربعة الأساسية. وهذه القوى هي: القوة الكهرومغناطيسية، والقوة النووية الكبرى، والقوة النووية الصغرى. وتصف هذه النظرية أيضاً الجسيمات الأولية التي تدخل في تركيب الجسيمات الدون ذرية. وبالتالي التي تدخل في تركيب المادة ( أي أنها تشرح كيفية بناء المادة ). وقد تم تطوير هذه النظرية بين عامي 1973 و 1974 كإحدى النظريات التي تتوافق مع أهم نظريتين في الفيزياء الحديثة، وهما نظرية ابنسبية لآينشتاين وميكانيكا الكم لماكس بلانك. وأكدت جميع التجارب المجراة صدق هذه النظرية، ولكن يكمن نقص هذه النظرية في عدم تمكنها من تفسير جميع القوى الأساسية الأربعة في الطبيعة. حيث أنها لم تتمكن من تفسير قوة الجاذبية. و ذلك لاعتبار العلماء عملية دمج النسبية العامة التي تعالج الجاذبية مع ميكانيكا الكم التي تدرس الجسميات على المستوى الذري والدون ذري أحد أكبر معضلات الفيزياء. وقد تم حل هذه المعضلة بشكل نظري عن طريق نظرية الأوتار الفائقة التي اكتشفت فيما بعد.[1] [2]

الجسيمات الأولية في الذرات

عام 400 قبل الميلاد قال ديموقراطس بأن كل شيء يتكون من ذرات. ولكن وقتها لم يكن يعلم مم تتكون هذه الذرات، جتى جاء تومسون عام 1897 ليمهد لنا معرفة وفهم بنية الذرة. وذلك لاكتشافه الإلكترون. حيث أصبح بعد ذلك الأمر أكتر وضوحاً حيث تمكنا من معرفة أن الذرات تتكون من مجموعة من الإلكترونات التي تدور حول جسيم مركزي وهو النواة. وتمكنّا من معرفة أن النواة تتكون من جسيمات أصغر وهي البروتونات الموجبة والنيوترونات المتعادلة. وفهمنا بأن ما يحدد نوع الذرة هو عدد البروتونات داخل نواتها. فعلى سبيل المثال إذا وجد بروتون واحد في الذرة فإنها ستعطينا ذرة هيدروجين. أما إذا كان هناك 79 بروتون في النواة فإن هذه الذرة ستكون ذرة ذهب. ولكن مم تتكون هذه الجسيمات الدون ذرية؟

للإجابة على هذا السؤال صمم العلماء تجربة لتفتيت هذه الجسيمات الأولية لمعرفة مم تتكون. فقد قاموا ببناء مسارع الجسيمات CERN وهو بالمناسبة أحد أضخم المشاريع التي عرفتها البشرية، حيث أن هذا المسارع هو نفق دائري يمر بعدة دول ( لتخيل حجم هذا الجهاز ). ووظيفة هذا المسارع هو قذف الجسيمات بسرعة قريبة جداً من سرعة الضوء وجعلها تتصادم لتتفتت. بالفعل نجح العلماء بتفتيت البروتون ونتج عن ذلك جسيمات أولية سميت بالكواركس Quarks. وبعدها تم اكتشاف عائلة أخرى من الجسيمات الأولية القريبة من الكواركس سميت بالليبتونز Leptons ( والتي ينتمي إليها الإلكترون بالمناسبة ). ولكن ما علاقة هذه الجسيمات الأولية بالقوى الأساسية وبالنموذج المعياري؟

حسناً… للإجابة على هذا السؤال علينا أن نسأل أنفسنا عدد من الأسئلة الأخرى. مثل كيف تتلاصق الجسيمات دون ذرية مثل البروتونات والنيوترونات في النواة ببعضها البعض؟ وما الذي يحول دون انهيار بنية الذرة؟ إجابة هذه الأسئلة هي مجموعة من التفاعلات التي تحدث في الذرات. وينتج عن كل تفاعل شكل من أشكال القوى الأساسية في الطبيعة. وتتم هذه التفاعلات عن طريق تبادل نوع من أنواع نواقل الطاقة في الذرات، وتحدد القوة الناتجة عن التفاعل بالإستناد إلى نوع الناقل المستخدم في هذه التفاعلات.[2]

نواقل الطاقة منبع القوى الأساسية

ذكرنا سابقاً أن القوى الأساسية ناتجة عن تفاعلات تبدال نواقل طاقة. وأن كل نوع من أنواع هذه النواقل يعكس شكلاً من أشكال القوى الأساسية. وتكمن أهمية هذه التفاعلات في الحفاظ على البنية السليمة والطبيعية للذرة. والحيول دون انهيارها وفنائها. وتتفاعل هذه النواقل بين الجسيمات الأولية المكونة للجسيمات الدون ذرية ويكون نتيجة تلك التفاعلات شكل من أشكل الطاقة. حيث أن القوة الكهرومغناطيسية ناتجة عن نوع من أنواع نواقل الطاقة تسمى الفوتونات ( نعم الضوء ولكن بمفهومه الشامل ). والقوة النووية الكبرى ناتجة عن نواقل طاقة تسمى جلوون Gluon. أما القوة النووية الصغرى ناتجة ناتجة عن تفاعلات تبادل البوزونات. أما الجاذبية فالمسؤول عنها ما يسمى بالجرافيتون حيث لم يتم رصده بعد وقد افترض هذا الجسيم في نظرية الأوتار الفائقة.

النموذج المعياري والقوة الكهرومغناطيسية

في البداية.. وضعت نظرية الكهرومغناطيسية من قبل العالم الأسكتلندي جيمس ماكسويل في منتصف القرن التاسع عشر. حيث قام بجمع المعادلات الرياضية التي تصف الظواهر الكهربائية والمغناطيسية معاً. وقام بتصحيح تلك المعادلات وخرج لنا بمجموعة من المعادلات شكلت الأساس البحت للنظيريتين. وصاغ من هذه المعادلات نظرية الكهرومغناطيسية. وقد استنتج عدداً من الأمور، فمثلاً قال بأن القوة الكهربائية والقوة المغناطيسية وجهان لعملة واحدة. ووجود أحدهما يعتمد على وجود الآخر. وقال أيضاً بأن أي ظاهرة مغناطيسية أو كهربائية يمكن أن تفسر باستخدام المعادلات التي وضعها دون الحاجة للإستعانة بغيرها. وقد أثبت من خلال معادلاته ( بشكل نظري قبل أن يتم إثبات ذلك بشكل عملي بعد وفاته ) بأن الضوء يتكون من موجات كهرومغناطيسية.

ولا بد أن نذكر بأن القوة الكهرومغناطيسية ناتجة عن قذف نواقل الطاقة التي تسمى الفوتونات من الذرات.[1] [5]

النموذج المعياري والقوة النووية الكبرى

نحن نعلم ( وكما ذكرنا سابقاً ) بأن الذرة تتكون من مجموعة من الإلكترونات التي تدور حول نواة. وأن هذه النواة تتكون من بروتونات ونيوترونات متلاصقة. ولكن كيف تتلاصق هذه الجسيمات؟ في الواقع تحكم الجسيمات في النواة بواسطة القوة النووية الكبرى ويكون مجال تأثير هذه القوة صغير جداً حيث أنه لا يتعدى حدود النواة. ولا يصل إلى الإلكترون الذي في مدار الذرة الأول. ولذلك واجه العلماء صعوبة في اكتشافها حيث أنها لم تكتشف إلا في القرن العشرين.

في الحقيقة إن هذه القوة لا تؤثر على البروتونات والنيترونات بشكل مباشر. وإنما تؤثر على الجسيمات الأولية ابمكونة للبروتونات والنيترونات وهي الكواركس. حيث أن الكواركس تتفاعل فيما بينها عن طريق تبادل نواقل طاقة من نوع جلوون. ويكون نتيجة تلك التفاعلات القوة النووية الكبرى التي تؤثر هلى الكواركس وتجعلها تتلاصق.

وقد وضعت النظرية التي تبنى عليها أسس هذه القوة على يد العالمين يانج ومايلز. والتي وصفت القوة النووية الكبرى بدقة.[1] [5]

النموذج المعياري والقوة النووية الصغرى

وكما الحال في القوة النووية الكبرى. ينحصر مجال هذه القوة على النواة فقط. وتكون وظيفة هذه القوة تنظيم الإشعاع. حيث أن بعض الذرات تقوم بقذف الجسيمات من داخلها من وقت لآخر. ويتم قذف هذه الجسيمات باستخدام الطاقة الناتجة عن تفاعلات تبادل جسيمات طاقة تسمى البوزونات بين الكواركس داخل النواة. أي أن هذه الجسيمات تقذف بواسطة القوة النووية الصغرى. وبالتالي فإنها المسؤولة عن إشعاع الذرات. مثل ذرات اليورانيوم و الراديوم. ولكن كما نعلم أن هذه الإشعاعات أغلب استخداماتنها تكون في المجال العسكري إلى جانب توظيفها في المجال الطبي. فلماذا هي مهمة لدرجة حتمية؟

حسناً… في البداية لنتفق على أن لولا القوة النووية الصغرى وتطبيقاتها لما كان هناك وجود للحياة ( وكذلك الأمر بالنسبة لباقي القوى الأساسية ). وذلك لأن الإشعاعات الناتجة عن هذه الذرات هي المسؤولة عن الطفرات ( وهي تغيير في التركيبة الذرية والجزيئية للمركبات الكيميائية ). والتي نتج عنها خواص جديدة للأحياء. ولذلك فإنه لولا القوة النووية الصغرى بشكل أو بآخر لما كان هناك وجود للحياة.

و قد اشتقت معادلات هذه القوة من معادلات يانج-مايلز ( كما القوة النووية الكبرى ). وقد قام ثلاثة علماء وهم محمد عبدالسلام وستيفن وينبيرغ وشيلدون جلاشو بتوحيد القوة النووية الضعيفة مع نظرية ماكسول للكهرومغناطيسية. وقاموا باستنباط مجموعة من المعادلات التي تصف القوتين في نفس الوقت. وقد سميت نظريتهم ب “Electroweak model” والتي تجمع بين القوة النووية الصغرى مع لقوة الكهرومغناطيسية.[1] [5]

نظريات النموذج المعياري

في النموذج العياري تشارك جميع قوى الطبيعة الأساسية عدا الجاذبية. وتشارك كل قوة من هذه القوى بنظرية تجمع بين نظريتها الأساسية مع ميكانيكا الكم. حيث تشارك الكهرومغناطيسية بنظرية “Quantum Electrodynamics” والتي تكون نتيجة دمج نظرية ماكسويل مع ميكانيكا الكم وهي التي تشكل الجانب الكمي من نظرية ماكسويل. أنا القوة النووية الكبرى تشارك بنظرية “Quantum Chromodynamics” والتي تشرح الجانب الكمي في القوة النووية الكبرى. أما القوة النووية الصغرى فإنها تشترك مع القوة الكهرومغناطيسية بنظرية “Electroweak model”. وتشكل هذه النظريات الثلاثة النموذج المعياري في الفيزياء الحديثة.[2] [3] [4]

المصادر

  1. فيزيائي من مصر
  2. Wikipedia ²
  3. Wikipedia³
  4. Wikipedia⁴
  5. CERN

المادة المظلمة، أحد أكثر ألغاز الفضاء تعقيداً.

تعد المادة المظلمة أحد أعقد ألغاز الكون, فلماذا حصلت على هذا اللقب؟ و ما علاقتها ببداية تشكل الكون؟

ما هي المادة المظلمة؟

محاكاة للمادة المظلمة

يطلق على المادة المظلمة “The Dark Matter” العديد من المسميات الأخرى، مثل المادة المعتمة، أو المادة السوداء. وهي مادة فرضية تم إيجادها بشكل فرضي من قبل العلماء لتفسير جزء كبير من كتلة الكون. فقد تم الإستدلال عنها وعن خصائصها عن طريق دراسة آثار الجاذبية التي تظهر على المواد و العناصر المرئية في الكون، مثل الغبار الكوني، والسُدم، و غيرها. ووفقا ً لمعطيات فريق مرصد بلانك التابع لوكالة الفضاء الأوروبية “ESA” التي ظهرت في 21 مارس عام 2013. فإن المادة المظلمة تشكل ما نسبته 26.3% من مكونات الكون. و من الأسباب التي دفعت العلماء لوضع نظرية المادة المظلمة هو تفسير الكتلة الضخمة للكون. فبالنظر إلى كتلة الأجسام و المواد القابلة للرصد في الكون نجد أن كتلتها أقل بكثير من كتلة الكون الفعلية. فتم إسناد الفرق في الكتلة إلى المادة المظلمة. حيث أنها تشكل ما نسبته 84.5% من مجمل كتلة الكون، وذلك حسبما ورد عن فريق مرصد بلانك.

وتظهر في الصورة المرفقة توهج غاز موجود بالفضاء نتيجة لتأثره بقوة جاذبية كبيرة من عدد من المجرات و العناقيد المجرّية. و لكن عند حساب قوى الجاذبية الكلية المؤثرة عليها، فإننا نجد أنها تتجاوز المجموع النظري لكل مجرة على حدا. و بالتالي أسندت الجاذبية الزائدة إلى المادة المظلمة.

وقد صرح العلماء بأن المادة المظلمة تتكون بشكل أساسي من جسيمات دون ذرية غير محددة، ويجب الإشارة بأنه لا يمكن رصد المادة المظلمة بواسطة التلسكوبات، لأن المادة المظلمة لا تمتص و لا تبعث الضوء أو أي إشعاعات كهرومغناطيسية أخرى على أي مستوى هام. [1] [2]

المادة المظلمة، وبداية الكون.

في بدايات الكون الأولى بعد الانفجار العظيم، شكلت المادة المظلمة أحد اللبنات الأساسية في خلق الكون المعروف لنا حالياً. حيث أنها ساعدت في إضاءة النجوم الأولى منذ حوالي 20-100 مليون سنة بعد الانفجار العظيم. وذلك حسبما ورد عن العالم بيتر برجمان، والعالم ألكسندر كوسينكو من مجامعة كاليفورنيا، فقد أظهرا أن المادة المظلمة تحتوي على نيوترونات عقيمة. وإن هذه النيوترونات العقيمة عندما تضمحل تسرع من عملية خلق جزيئات الهيدروجين. و هذه العملية هي التي تساعد على إضاءة النجوم. وقد اتفق العلماء على أن النيوترونات العقيمة لها كتلة وقد تم معرفة ذلك من خلال قياس ذبذبات النيوترونات. وهذا ما قاد العلماء إلى افتراض وجود النيوترونات العقيمة موجودة داخل المادة المظلمة. حيث أن تلك النيوترونات لا تتفاعل بشكل مباشر، و لكنها تتفاعل من خلال خلطها مع النيوترونات العادية. وهذا ما يفسر ضخامة الكتلة المفقودة في الكون، و هذا ما أدى إلى ظهور فرضية المادة المظلمة بالتتابع.[1]

علماء افترضوا وجود المادة المظلمة.

اعتمد الكثير من العلماء على وجود المادة المظلمة في حساباتهم بشكل أساسي. فكان أول من افترض وجود المادة المظلمة كان عالم الفلك الهولندي “جان أورت-Jan Oort”. حيث استخدمها لحساب السرعات المدارية للنجوم في مجرة درب التبانة عام 1932. و بعدها استخدمها العالم الألماني “فريتز زفيكي-Fritz Zwicky” للحصول على تفسير مقبول للكتلة المفقودة المطلوبة نظرياً للسرعات المدارية للنجوم في المجرات. وقد استخدمت نظرية المادة المظلمة أيضاً من قبل العالمة الأمريكية “فيرا روبين-Vera Rubin” لحساب سرعة دوران المجرات حول نفسها. وعلى الرغم من اعتماد العلماء بشكل كبير على المادة المظلمة في الكثير من الحسابات الفلكية إلا أنه تم إيجاد العديد من الفرضيات الأخرى لتفسير الشذوذ الكبير والغير متوقع في حركة النجوم في المجرات بناءً على حسابات الجاذبية. مثل نظرية STVG والتي قام بصياغتها العالم “جون موفات-John Moffat” عام 2014 حيث استخدمت بنجاح في حسابات دوران المجرات حول نفسها، و أيضاً لتفسير ظاهرة عدسة الجاذبية.[1] [2]

المادة المظلمة، ونظرية بيرمان وكوسينكو.

جاءت نظرية بيرمان وكوسينكو مؤيدةً لنظرية المادة المظلمة. حيث تهتم نظرية بيرمان وكوسينكو بالظواهر الفلكية الغير مفسرة و منها المادة المظلمة.

حيث ينتج عن انفجار “مستعر أعظم-Supernova” شيءٌ يسمى بالبولسرات. وهي عبارة عن نجوم نيوترونية تدور بسرعة عالية جداً تصل أحيانا إلى مئات أو حتى آلاف الكيلومترات في الثانية الواحدة. مصدر هذه السرعات يبقى مجهولاً و لكن تتبع حركة البولسرات عن طريق النيوترونات العقيمة الموجودة في المادة المظلمة.[3] [1]

أنواع المادة المظلمة.

تنقسم المادة المظلمة إلى نوعين، المادة المظلمة الباريونية، و المادة المظلمة الغير باريونية.

المادة المظلمة الباريونية تشكل جزء صغير جدا من المادة المظلمة. حيث تتكون المادة المظلمة الباريونية من الباريونات فقط. وهي جزيئات ذرية مركبة عبارة عن جزيئات لا تحتوي على ذرة ثقيلة من البروتونات أو النيترونات أو مزيج من كليهما. توجد المادة المظلمة الباريونية في الأجسام فائقة الكثافة في الفضاء مثل الثقوب السوداء، والنجوم النيوترونية ،والأقزام البيضاء.

محاكاة للثقب الأسود

أما المادة المظلمة الغير باريونية فإنها تشكل الجزء الأكبر من المادة المظلمة الموجودة في الفضاء. ولا توجد الكثير من المعلومات عنها.[1]

المصادر

  1. Wikipedia
  2. NASA
  3. THE NATURE OF LIGHT DARK MATTER

“تاريخ موجز للزمان” ملخص كتاب للعالم ستيفن هوكينج

“تاريخ موجز للزمان” ملخص كتاب للعالم ستيفن هوكينج

يعتبر كتاب “تاريخ موجز للزمان” من أشهر كتب شرح الفيزياء لغير المتخصصين، والذي أحدث ضجة كبيرة وقت صدوره، كتب مقدمته العالم كارل ساجان، ويعد كاتبه من أكثر الشخصيات الملهمة والمؤثرة على مستوى العالم، فضلاً عن إسهاماته المتميزة في عالم الفيزياء النظرية على الرغم من التحديات الجسدية التي واجهها معظم سنوات حياته.

يستعرض الكاتب بصورة مبسطة مسيرة النظريات الكبرى عن الزمان والكون ابتداءً من نظريات أرسطو وجاليليو وصولا إلى نيوتن وآينشتاين مضيفًا نظرياته ودراساته الخاصة، ومحاولًا الإجابة عن أكثر الأسئلة المحيرة عن أصل الكون ومحاولات العلماء لإيجاد نظرية موحدة لأهم نظريات القرن العشرين، وخاصة نظريتي النسبية وميكانيكا الكم مهتديًا بالعلم والخيال النشط الخلاق، وفي هذا الملخص نستعرض معكم أهم ما تناوله ستيفن هوكينج في فصول الكتاب آملين أن ننطلق معه في رحلته المثيرة في الكون والزمان.

الفصل الأول: صورتنا عن الكون

العالم نيكولاس كوبرنيكوس

تطورت نظرية البشر عن الكون وماهيته على مدار سنوات طويلة بدأت منذ عصر ما قبل الميلاد، حينما طرح أرسطو في كتابه “عن السماوات” حجتين قويتين عن كروية الأرض، وكانت حججه قائمة على ملاحظته لشكل ظل الأرض على القمر عند الخسوف، وكذلك تغير موقع النجم الشمالي بالنسبة للراصد بناء على تغير زمن الرصد، وقبل هذا كان الاعتقاد السائد هو ثبوت ومركزية الأرض لما حولها من كواكب وأجرام سماوية.

أثارت نظرية أرسطو جدلًا كبيراً حتى ظهرت نظرية العالم الشهير نيكولاس كوبرينكس لتدحض نظرية مركزية الأرض، حيث قدم كوبرينكس نموذج يوضح ثبات الشمس في المركز ودوران الأرض وباقي الكواكب حولها في مدارات محددة.

لم تؤخذ نظرية كوبرينكس على محمل الجد بل هوجم بشدة بسببها، حتى بدأ جاليليو برصد السماء ليلًا وملاحظة دوران توابع صغيرة حول المشترى وهو ما يتنافى مع فكرة مركزية الأرض ويدعم نظرية نيكولاس كوبرينكس.

وفي عام 1687 نشر إسحاق نيوتن مؤلفه الشهير “المبادئ الرياضية للفلسفة الطبيعية” يطرح فيه نظرياته حول كيفية تحرك الأجسام في الزمان والمكان، ولم يكتف بذلك بل وضع أيضا الرياضيات المعقدة اللازمة لتحليل هذه التحركات، كما أنه وضع قانونًا للجاذبية الكونية، واستطاع التخلص من نموذجي بطليموس وكوبرنيكس وكذلك من فكرة أن للكون حد طبيعي وأنه لا متناه.

وبالرغم من كل تلك الدراسات والنظريات، كان الهدف النهائي للعلم هو محاولة إيجاد نظرية وحيدة تصف الكون كله، وحاول الكثير من العلماء بالفعل الوصول لمثل تلك النظرية ولكن الأمر كان معقدًا جدًا، وبدلًا من ذلك قسموا المشكلة إلى عدة أجزاء وابتكروا عددًا من النظريات الجزيئة تصف كل منها ظاهرة معينة في الكون، وفي يومنا هذا يصف العلماء الكون بنظريتين أساسيتين هما النسبية العامة وميكانيكا الكم، وهذا ما سيتطرق إليه الكاتب بالتفصيل في الفصول القادمة.

الفصل الثاني: الزمان والمكان

لم يكن جاليلو ينظر فقط إلى السماء ولكنه كان عالم رياضيات كذلك، يهتم بحركة الأجسام ذات الأوزان المختلفة، فقد استطاع أن يبرهن على زيف نظرية أرسطو التي توضح أن الحالة الطبيعية لأي جسم هي أن يكون ساكنا، وأنه لا يتحرك إلا إذا دفعته قوة أو دافع، وبناء على ذلك فإن الأجسام الثقيلة تسقط أسرع من الخفيفة، لكن ملاحظات جاليليو أثبتت أن عند إسقاط جسمين مختلفين في الوزن دون وجود مقاومة الهواء فإنهما يسقطان بالمعدل نفسه، وقد استخدم نيوتن قياسات جاليليو تلك أساسًا لقوانينه عن الحركة، ولكنه اختلف مع جاليليو في بعض أجزائها.

حيرت فكرة انتشار الضوء العلماء لسنوات طويلة، ولم تظهر نظرية ملائمة لتفسر الظاهرة حتى عام 1865 عندما استطاع العالم البريطاني جيمس ماكسويل توحيد النظريات الجزئية التي تصف قوى الكهرباء والمغناطيسية، وتنبأت نظريته أن موجات الراديو وأشعة الضوء ينبغي أن تنتقل بسرعة ثابتة، ولكن بنا أن نظرية نبتون كانت قد تخلصت من فكرة السكون المطلق للأشياء فكان لابد أن يذكر ما هو الشئ الذي تقاس هذه السرعة الثابتة بالنسبة له، وهكذا افترض العلماء وجود مادة تسمى “الأثير” توجد في كل مكان حتى في الفضاء الهاوي تنتقل من خلالها الموجات.

ولكن في عام 1905 نشرت ورقة بحثية لألبرت أينشتاين، بينت أن فكرة  وجود مادة الأثير لتوضيح ثبات سرعة الضوء غير ضرورية، بشرط أن يكون المرء على استعداد لنبذ فكرة الزمان المطلق، وحينها ظهرت نظرية النسبية كما أطلق عليها لاحقا والتي طورت بشكل ملحوظ أفكارنا عن المكان والزمان، وذكر الكاتب بإسهاب تفاصيل عن الدراسات التي أجراها أينشتاين بعد دحضه لفكرة وجود مادة الأثير، كما ذكر نشأة النظرية النسبية الخاصة والنظرية النسبية العامة، وطرح أينشتاين الثوري الذي يوضح اختلاف الجاذبية عن سائر القوى.

الفصل الثالث: الكون الممتد

ألهمت النجوم التي نراها في السماء الكثيرين للتساؤل عن ماهيتها، وكانت النجوم القريبة المرئية بالنسبة لنا تظهر وكأنها منتشرة عبر سماء الليل، ولكنها في الأصل تتركز في حزمة واحدة نسميها درب التبانة، وفي عام 1750 اقترح بعض العلماء تفسيرا لمظهر درب التبانة الذي يشبه اللولب، وذلك لأن معظم النجوم المرئية تقع في ترتيب وشكل واحد يشبه القرص.

أما صورتنا الحديثة عن الكون يرجع تاريخها إلى عام 1924 حينما اكتشف العالم إدوين هابل أن مجرتنا ليست الوحيدة في الكون، وإنما هناك الكثير من المجرات يقطع بينها قطع فسيحة من الفضاء الخاوي، وكان تحديد المسافة بيننا وبين تلك المجرات تحديًا لهابل فقد كانت بعيدة جدا وتبدو وكأنها ثابتة، فاضطر هابل لاستخدام وسائل غير مباشرة لقياس المسافة بيننا وبين تلك المجرات البعيدة، حيث إن اللمعان الظاهري لأي نجم يعتمد على عاملين، الأول هو قدر الضوء الذي يشع منه ويسمى بالضياء (الكمية الإجمالية للطاقة المنبعثة من نجم أو مجرة لكل وحدة زمنية)، والعامل الثاني هو بعد هذا النجم عنا، وبناء على ذلك فإذا أمكننا معرفة ضياء النجوم في المجرات البعيدة يمكننا حساب المسافة التي تبعدها عنا.

وفي السنوات التي تلت إثباتات هابل لوجود مجرات أخرى، استطاع رصد أطياف تلك المجرات وكان من المفاجئ أنه وجد أن كل المجرات تتحرك مبتعدة عنا، أي أن الكون في حالة تمدد مستمر، وكان هذا الاكتشاف إحدى الثورات الفكرية في القرن العشرين، وبالتالي تضعف فرضية أن الكون استاتيكي ثابت أمام اكتشافات إدوين هابل، ثم جاء الفزيائي الشهير أليكسندر فريدمان ليؤكد نظرية تمدد الكون وافترض أن الكون يبدو متماثلا في أي اتجاه ننظر إليه منه وأن هذا يظهر أيضا إذا راقبنا الكون من مكان آخر، ولذلك يتوقع ألا يكون الكون ثابتا، واستمرت بعد ذلك الأبحاث والدراسات من قبل الكثير من العلماء وكانت كلها تدعم فكرة تمدد الكون الدائم، وتثبت أيضا أن المسافة بين تلك المجرات كانت في يوم ما تساوي صفرا، وعندها كانت كثافة الكون وانحناء الزمكان لا متناهيان.

الفصل الرابع: مبدأ الريبة

كان مذهب الحتمية العلمية الذي حاجج به العالم الفرنسي الماركيز دي لابلاس هو الفرض العلمي القياسي حتى السنوات الأولى من القرن العشرين، حيث اقترح دي لابلاس أن الكون محتم بالكامل وينبغي وجود مجموعة من القوانين التي تسمح بالتنبؤ بأي شيء يحدث في الكون، ولكن سرعان ما تلاشى هذا الفرض أمام الحسابات التي قام بها العالمان لورد رايلي وسير جيمس جينيس، والتي نفت حتمية الكون وأثبتت أن أي جسم ساخن مثل النجوم يجب أن يشع طاقة، وفي عام 1900 اقترح العالم الألماني ماكس بلانك أن الضوء وأشعة إكس وباقي الموجات تبث من الأجسام الساخنة بطريقة ممنهجة وبقدر معين، وتكون في شكل حزمات من الطاقة أطلق عليها اسم “الكمات”، وكل كمة لها قدر معين من الطاقة يرتفع بارتفاع تردد الموجات، وهكذا كلما زاد التردد فإن بث كمة واحدة سيتطلب قدر كبير من الطاقة، لذلك فإن الإشعاع يقل عند الترددات العالية.

وفي عام 1926 قام العالم فرنر هايزنبرج بصياغة مبدأ الريبة، والذي يتوقع أنه إذا حاول المرء التنبؤ بموضع جسيم وسرعته في المستقبل فإنه يجب أن يتمكن من قياس سرعته وموضعه الحاليين، ويمكن فعل ذلك عن طريق تسليط ضوء على الجسم وعندها سوف تتشتت بعض موجات الضوء بواسطة الجسيم وسيدل ذلك على موضعه، ولكن حسب فرضية بلانك فلا يستطيع المرء استخدام قدرا اعتباطيا من الضوء، ولكن يجب أن يستخدم على الأقل كمة واحدة فقط لتجعل الجسيم يضطرب.

وبناء على تلك النظريات قام هايزنبرج وإروين شرودر وبو ديلاك بإعادة صياغة الميكانيكا في نظرية جديدة سميت بمكانيكا الكم، والتي أساسها هو مبدأ الريبة، حيث أن الجسيمات في هذه النظرية لم يعد لديها مواضع وسرعات منفصله واضحة، ولكنها بدلا من ذلك لديها حالة “كم”  وهي كود مكون من الموضع والسرعة، كما أنها لا تتنبأ بنتيجة واحدة محددة لمشاهدة ما ولكنها تتنبأ بعدد من النتائج الممكنة، كما تناول الفصل شرح مبسط لأهم مبادئ النظرية والمفارقات بينها وبين النظرية النسبية العامة لأينشتاين.

الفصل الخامس: الجسيمات الأولية وقوى الطبيعة

استمر الجدل بين العلماء على ماهية المادة، فكان أرسطو يعتقد أن أي مادة في الكون تتكون من أربعة عناصر أولية، التربة والهواء والماء والنار، وأن المادة يمكن تقسيمها إلى ما لا نهاية، أما ديميقريطس فقد توقع أن المادة مكونة من أجزاء أصغر منها أطلق عليها الذرات وافترض أنها لا يمكن تقسيمها لأجزاء أصغر منها، واستمر الجدل بين النظريتين لقرون دون الوصول لأي برهان حقيقي، حتى عام 1803 عندما استطاع جون دالتون التوصل لحقيقة أن المركبات الكيميائية ناتجة من اتحاد أجزاء صغيرة والتي افترض أنها ذرات ديميقريطس بنسب محددة، وفي عام 1905 قدم أينشتاين ورقة بحثية يوضح فيها أن الحركة البراونية (كالحركة العشوائية غير المنتظمة لجسيمات الغبار الصغيرة في أحد السوائل) يمكن تفسير حدوثها كنتيجة لاصطدام السائل بذرات الغبار.

وبرغم زعم ديميقريطس أن الذرات لا يمكن تقسيمها كان هناك بالفعل شكوك على أن الذرات يمكن أن تنقسم لأجزاء أصغر منها، وبالفعل استطاع العالم ج. تومسون اكتشاف جسيم من المادة له شحنة سالبة وأسماه إلكترون، وهذا الإلكترون له أقل من واحد من الألف من كتلة أخف الذرات، وفي عام 1911 استطاع العالم رذرفورد اكتشاف البنية الداخلية للذرات، وكان الاعتقاد في بادئ الأمر أن الذرات تتكون فقط من إلكترونات سالبة وبروتونات موجبة، ولكن تقدم جيمس شادويك  عام 1932 باكتشاف النيترونات متعادلة الشحنة، وكان السائد أن البروتونات والنيترونات هي الجسيمات الأولية للمواد إلا أن التجارب أثبتت وجود جسيمات أصغر سميت بالكواركات.

بعد ذلك بسنوات وبعد الاكتشاف السابق للخاصية الازدواجية للضوء (الموجة/الجسيم) استطاع العلماء توصيف كل شيء في الكون بما في ذلك الضوء والجاذبية، وذلك باعتبارات معينة لبعض الجسيمات اعتمادا على خاصية اللف المغزلي، أي أن تلك الجسيمات وكأنها تدور حول أحد المحاور، وعلى أساس ذلك تم تقسيم كل الجسيمات المعروفة إلى مجموعتين، جسيمات لها لف مغزلي يساوي ½ وجسيمات لفها المغزلي يساوي صفر أو 1 أو 2، وبالتالي تنشأ عنها قوى مختلفة وتخضع تلك الجسيمات لمبدأ الاستبعاد لبولي.

وبناء على ذلك بالإضافة لما طرحه العالم بول ديراك عام 1928، استطعنا فهم الإلكترونات والجسيمات الأخرى بصورة صحيحة، وتم التوصل إلى أن هناك بعض الجسيمات تحمل قوى معينة، وتم تقسيم تلك القوى إلى أربعة أنواع وذلك حسب شدتها والجسيمات التي تتفاعل معها.

النوع الأول هو قوة الجاذبية وتعتبر قوة شاملة أي أن كل الجسيمات الموجودة في الطبيعة تتأثر بها وذلك حسب كتلتها، وتعتبر قوة الجاذبية أضعف القوى الأربعة، وتتميز أنها تعمل على مسافات كبيرة، أما النوع الثاني فهو القوة الكهرومغناطيسية وهي تتفاعل مع الجسيمات المشحونة فقط مثل الإلكترونات والكواركات، وتعتبر أقوى من قوة الجاذبية بكثير.

النوع الثالث يسمى بالقوة النووية الضعيفة، وهي المسؤولة عن النشاط الإشعاعي وتعمل على كل الجسيمات ذات اللف المغزلي ½  مثل الفوتونات والجرافيتونات، والنوع الرابع والأخير هو القوة النووية القوية وهي المسؤولة عن ارتباط الكواركات معا في البروتونات والنيترونات.

وكالعادة حاول العلماء إيجاد نظرية موحدة تجمع بين القوى وأطلقوا عليها اسم النظرية الموحدة العظمى، والتي تجمع بين الثلاث قوى، النووية القوية والضعيفة والقوة الكهرومغناطيسية، حيث ترتكز على أن القوة النووية القوية تضعف في الطاقات المرتقعة، أما القوة الكهرومغناطيسية والقوة النووية الضعيفة فتصبح أقوى في الطاقات المرتفعة، وعند شدة طاقة معينة أطلقوا عليه طاقة التوحيد العظمى تتساوى الثلاث قوى، هكذا افترض العلماء أن الثلاث قوى أوجه مختلفة لقوة واحدة.

الفصل السادس: الثقوب السوداء

يعتبر مصطلح الثقوب السوداء حديثا جدا وقد صاغه العالم جون هويلر عام 1969، أما فكرة الثقوب السوداء فيرجع عمرها إلى مائتي عام على الأقل حينما وجدت نظرية ازدواجية الضوء، حيث يمكن النظر إليه على أنه موجة وجسيم معا، وبما أن الضوء يتكون من جسيمات فمن الطبيعي أن يتأثر بقوة الجاذبية، وأنه ينتقل بسرعة متناهية، وبناء على هذا الفرض كتب العالم جون ميشيل ورقته البحثية التي وضح فيها أن أي نجم له مقدار معين من الضخامة يكون له قوة جذب تحول دون انبعاث أي ضوء منه، بل إنها تعمل على جذب ذلك الضوء إلى داخل النجم، وبالرغم من أننا لا نرى تلك النجوم بسبب عتمتها إلا أننا نشعر بجاذبيتها، وهذه النجوم هي ما يطلق عليها الآن اسم الثقوب السوداء.

ولكي نتمكن  من فهم كيف تتكون الثقوب السوداء يجب أن نطلع على دورة حياة النجوم، حيث تتكون النجوم من كمية كبيرة من الغاز عادة ما يكون الهيدروجين، وبسبب قوة شد جاذبية تلك النجوم فهي تتقلص على نفسها للداخل، ولكن عند انكماشها فإن ذرات الغاز تتصادم ببعضها البعض مما يسبب ارتفاع درجة الحرارة، وبالتالي تتلاحم ذرات الهيدروجين وتعطي غاز الهيليوم، وتلك الحرارة المنبعثة هي ما تجعل النجم يلمع، بالإضافة إلى ذلك فإنها تسبب ارتفاع ضغط الغاز حتى يصبح الضغط كافيا للتوازن مع شد الجاذبية، وبالتالي يتوقف الغاز عن الانكماش وتظل النجوم مستقرة على حالتها زمنا طويلا.

ولكن في عام 1928 استطاع العالم سبرامنيان تشاندراسيخار التوصل لبعض الحسابات المهمة والتي تعطي تفسيرا أكبر لحياة النجوم، فكما ذكرنا سابقا أن النجوم تظل على حالها بفعل التوازن بين قوة شد جاذبيتها وقوى التنافر بين ذرات الغاز حسب مبدأ الاسبعاد لبولي، ولكن تشاندراسيخار تبين أن هناك حدا لذلك التنافر، بمعنى أنه عند وصول كثافة النجم إلى حد معين فإن التنافر سيكون أقل من شد الجاذبية، حيث أن نجما باردا تزيد كتلته عما يقرب من كتلة الشمس مرة ونصف لن يتمكن من الإبقاء على نفسه ضد قوة شد جاذبيته، ويعرف هذا المقدار من الكتلة بحد تشاندراسيخار، ثم طرح الكاتب في الفصل بعض الدراسات التي أجريت للبحث عن الثقوب السوداء ومحاولة فهمها بصورة أوضح وتفسير ما يحدث للضوء المنبعث منها أو المار بجانبها.

الفصل السابع: الثقوب السوداء ليست جد سوداء

ربما كان هذا الجزء من الصعب فهمه إلى حد ما حيث أنه نظري بحت دون مشاهدات أو دلائل مثبتة تفسر هذه النظريات، وما زالت الأبحاث والدراسات مستمرة حتى الآن عن الثقوب السوداء التي شغلت الكثير من العلماء وعلى رأسهم ستيفين هوكينغ، الذي حاول التوصل إلى تعريف منطقي يصف تلك الثقوب السوداء وبعد مناقشة أفكاره من صديقه  روجر بنروز وصلوا لتعريفها على أنها مجموعة من الأحداث التي لا يمكن الفرار منها، أي أن حد الثقب الأسود (أفق الحدث) يتكون من مسارات  أشعة الضوء في الزمكان (الزمان-المكان) التي أخفقت في الهروب بعيدأ عن الثقب الأسود، كما اكتشف أن مسارات تلك الأشعة لا يمكن أن يقترب أحدها من الآخر، ولذلك فإن مساحة أفق الحدث قد تبقى كما هي أو تزيد بمرور الزمن، ولكن لا يمكنها أن تقل.

كما تنبأ الكاتب بوجود ما يسمى بالثقوب السوداء البدائية، وهي ذات كتل صغيرة نسبيا وقد تكونت بفعل تقلص بعض مناطق الكون الغير منتظمة، ويفترض أن درجة حرارتها مرتفعة جدا وتبعث إشعاع بمعدل كبير في شكل أشعة إكس وجاما وهي أشعة ذات طول موجي قصير، وبالتالي يمكننا البحث عن الإشعاع الناتج عنها على الرغم من كونه ضعيف لأنها بعيدة جدا، إلا أن مجموع ما يصدر عنها جميعا قد يمكن الكشف عنه.

وتعتبر فرضية الإشعاع الناتج من الثقوب السوداء البدائية هي أول مثال لتنبؤ يعتمد بطريقة جوهرية على كلتا النظريتين، النسبية العامة وميكانيكا الكم، وذلك على الرغم من المعارضة التي لاقتها النظرية وقت نشرها، لأنها زعزعت فكرة راسخة لدى العلماء، فكيف يمكن لثقب أسود أن يشع أي شيء؟

الفصل الثامن؛ أصل ومصير الكون

“هل للكون حقيقة بداية ونهاية؟ وإذا كان الأمر كذلك، فكيف  تبدوان

كان لابد للكاتب قبل أن يفسر كيفية تأثير ميكانيكا الكم في أصل ومصير الكون أن يشرح تاريخ الكون المقبول بصفة عامة، والذي اعتمد على ما يعرف بنموذج الانفجار الكبير الساخن، يفترض هذا النموذج أنه إذا تمدد الكون فإن أي مادة فيه أو إشعاع يصبح أبرد، فعندما يتضاعف حجم الكون تنخفض حرارته إلى النصف، وهذا يكون له تأثير جوهري على ما فيه من مواد حيث إن نوع الجسيمات التي توجد في الكون يعتمد على درجة حرارته.

كما يفترض أن وقت الانفجار الكبير كان حجم الكون صفرا، أي أنه كان ساخنا على نحو لا متناه، وبعد الانفجار بثانية واحدة هبطت درجة الحرارة إلى عشرة آلاف مليون درجة، وكانت مادة الكون في ذلك الوقت تحتوي على فوتونات وإلكترونات وجسيمات صغيرة تدعى نيوترينو وهي جسيمات خفيفة جدا لا تتأثر إلا بالقوة الضعيفة والجاذبية، بالإضافة إلى مضادات الجسيمات وبعض البروتونات والنيترونات.

وباستمرار تمدد الكون وانخفاض درجة الحرارة تنخفض سرعة تكون الإلكترونات ومضاداتها، وبالتالي فإن معظم الإلكترونات ومضادات الإلكترونات  يفني أحدها الآخر ولا يتبقى إلا عدد قليل، أما جسيمات النيوترينو لا تفنى لأنها لا تتفاعل مع نفسها أو مع الجسيمات الأخرى إلا على نحو ضعيف، وهكذا يفترض العلماء أن تلك الجسيمات مازالت موجودة حتى الآن، وإذا تم رصدها فستخبرنا عن حالة الكون في المراحل المبكرة جدا من تكوينه.

وبعد الانفجار بمائة ثانية تصبح البروتونات والنيترونات غير قادرة على الهرب من جاذبية القوى النووية القوية، وتبدأ بالاتحاد معا وتكوين ذرات الديترويم (هيدروجين ثقيل)، ثم تتحد بعدها بالمزيد من البروتونات والنيترونات لتكون غاز الهيليوم وكميات صغيرة من الليثيوم والبرليوم.

وفي الورقة البحثية التي نشرها العالم جورج جاموف عام 1948 والتي تعرض صورة واضحة عن طور مبكر ساخن للكون، فقد تنبأ أن الإشعاع الناتج من أطوار الكون المبكرة الساخنة جدا لابد أن يكون موجودا حتى يومنا هذا، إلا أن حرارته تكون قد هبطت إلى درجات معدودة فقط فوق الصفر المطلق، وقد تم رصد هذا الإشعاع لاحقا بواسطة بنزياس وويلسون عام 1965.

أما بعد ساعات معدودة من الانفجار الكبير يستمر لكون في تمدده، وتتغير كثافته، ثم بعد ذلك تتكون المجرات والكواكب وباقي مكونات الكون التي نعرفها حتى الآن، ولم يكن شكل كوكب الأرض في الأطوار المبكرة من الكون كما نعرفه الآن، فقد كان ساخنا جدا وبلا أي غلاف جوي، وبمرور الوقت انخفضت درجة حرارته واكتسب غلافا جويا بفعل انبعاث الغازات من الصخور.

ولم تكن النظرية النسبية العامة بذاتها قادرة على تفسير هذه المراحل من الكون، وذلك لأنها تتنبأ بأن الكون بدأ بكثافة لا متناهية عند الانفجار الكبير، وبالتالي فإن النسبية العامة وكل القوانين الفيزيائية الأخرى تنهار عند متفردة الانفجار الكبير، ثم عرض الكاتب بعض الدراسات الشهيرة التي حاولت التنبؤ بالأشكال البدائية للكون، ولكن حتى نتنبأ بما ينبغي أن يكون الكون قد بدأ به، فإن المرء يحتاج إلى قوانين تصلح لبداية الزمان وبما أن كل قوانين العلم المعروفة تنهار عند متفردة البداية، فيمكن أن نفترض أن هناك قوانين جديدة تصلح للمتفردات.

الفصل التاسع: سهم الزمان

تغيرت آراؤنا عن طبيعة الزمان عبر السنين، وكذلك تغير اعتقادنا بأن الزمان مطلق، فبعد صياغة النظرية النسبية كان على العلماء نبذ فكرة أن الزمان مطلق والاقتناع بأنه نسبي، فلو افترضنا وجود ملاحظين في أماكن مختلفة فإن كل ملاحظ سيكون له الزمان الخاص به، أي أن الزمان أصبح مفهوم شخصي منسوب للملاحظ الذي يقيسه.

حاول الكاتب تفسير الزمان من خلال ثلاثة محاور أطلق على كل واحد منها اسم سهم الزمان، وبالتالي فإن هناك على الأقل ثلاثة أسهم مختلفة للزمان، أولا هناك سهم ديناميكي حراري ويعبر عن اتجاه الزمان الذي تزداد عنده الإنتروبيا (الاضطراب)، والثاني السهم النفسي للزمان والذي يعبر عن إحساسنا بمرور الزمن وتذكرنا الدائم للماضي وليس المستقبل، أما الثالث فهو السهم الكوني للزمان وذلك هو اتجاه الزمان الذي يتمدد فيه الكون بدلا من أن ينكمش.

ويخضع السهم الديناميكي الحراري للزمان للقانون الثاني للديناميكا الحرارية، أي أنه يوضح اتجاه الكون الدائم للإنتروبيا، بمعنى أن حالات الكون المضطربة أكثر من الحالات المنتظمة، وقد بينت الدراسات أن السهم النفسي للزمان في جوهره مماثل للسهم الديناميكي الحراري، أي أن السهمين يشيران إلى نفس الاتجاه، كما أن السهم الكوني كذلك يتفق مع السهم الديناميكي الحراري، فاتجاه الكون الدائم لحالة من الاضطراب يتمثل أيضا في تمدده الدائم، وهذا تفسير منطقي لأن الطور المنكمش من الكون غير ملائم لنمو كائنات ذكية لأنه ليس له سهم زمان ديناميكي حراري قوي.

الفصل العاشر: الثقوب الدودية والسفر عبر الزمن

ربما بدت فكرة السفر عبر الزمن خيالية، ولكن من المثير أن الكثير من العلماء قد ناقشوها وقدموا فيها أطروحات مميزة، ومن أشهر النظريات التي ناقشت السفر عبر الزمن  تلك التي طرحها العالم كيرت جودل الذي أمضى سنوات من العمل مع أينشتاين، ففي عام 1919 اكتشف جودل شكل جديد من الزمكان (المكان-الزمان) نتيجة لنظرية النسبية العامة، كما أنه صاغ مبرهنته لعدم الاكتمال التي تشبه نوعا ما مبدأ الريبة، وكان الزمكان الخاص به له خاصية عجيبة حيث يفترض أن الكون كله يدور، مما يرجح أنه إذا انطلق أحدهم بسفينة صاروخية ذات سرعة عالية فإنه يعود للأرض قبل أن ينطلق، وأزعج هذا الاكتشاف أينشتاين لأن النسبية العامة لا تسمح بالسفر عبر الزمن أصلا.

كما أن النسبية العامة تفترض أنه لا يمكن لأي جسم أن تصل سرعته إلى سرعة الضوء، وقد أثبت ذلك بالتجارب المعملية باستخدام معجلات الجسيمات، حيث اكتشفوا أن تلك الجسيمات عند تعجيلها تصل سرعتها إلى 99.99 من سرعة الضوء، ولكن مهما ازداد مقدار تعجيلها فلا تزيد سرعتها عن هذا الحد، ويبدو من هذه التجارب أنه من غير الوارد السفر السريع في الفضاء وكذلك السفر  عبر الزمن إلى الماضي.

وبالرغم من كل تلك التجارب المحبطة لفكرة السفر عبر الزمن، كان هناك أمل حينما ظهر افتراض وجود الثقوب الدودية التي تعتبر بمثابة جسور تصل بين منطقتين مسطحتين تقريبا من نسيج الزمكان وبينهما مسافة كبيرة، وهذا ما طرحه أينشتاين وروزن في ورقتهما البحثية عام 1935، ولكن كان هناك قصور في تلك النظرية حيث أن تلك الثقوب الدودية لا تبقى زمنًا كافيًا لأن تمر خلالها سفينة فضاء.

 وكان هناك بعض الأمل في قوانين ميكانيكا الكم التي استغلها الكثير من العلماء لمحاولة تفسير معضلة السفر عبر الزمن، وهناك الكثير من الأدلة التجريبية على إمكانية حدوث ذلك ومن أشهرها ما يسمى بتأثير كاسيمير، والذي افترض أن الزمكان يمكن أن ينحني بالطريقة التي تسمح بالسفر عبر الزمن، وهكذا فإننا نأمل مع تقدم العلم والتكنولوجيا أن نتمكن من السفر عبر الزمن يوما ما.

الفصل الحادي عشر: توحيد الفيزياء

كما ذكر في الفصول السابقة، كان من الصعب بناء نظرية موحدة لكل شيء في الكون، وقد انفق أينشتاين معظم سنواته الأخيرة في محاولة إيجادها ولكنه لم يستطع لأسباب كثيرة منها عدم إيمانه بحقيقة ميكانيكا الكم، ولكن بعد محاولات كثيرة استطاع العلماء توحيد القوى النووية القوية والضعيفة والقوة الكهرومغناطيسية في نظريات موحدة كبرى، ولم تكن تلك النظريات مرضية بشكل كبير حيث أنها لا تتضمن قوة الجاذبية.

وكانت الصعوبة الرئيسية في إيجاد نظرية توحد الجاذبية مع القوى الأخرى هي أن النسبية العامة نظرية كلاسيكية لا تتضمن مبدأ الريبة لميكانيكا الكم، وعند محاولة دمج النسبية العامة بمبدأ الريبة سيكون لدينا فقط كميتان يمكن تعديلها وهما شد الجاذبية وقيمة الثابت الكوني.

وفي ظل الكثير من النظريات التي طرحت في محاولات إيجاد النظرية الموحدة، ظهرت عام 1984 نظريات عرفت بنظريات الوتر، والتي افترضت أن الجسيمات لا تشغل نقطة واحدة في الزمكان وإنما هي أشياء لها بعد واحد فقط مثل وتر رفيع جدا يمكن إهمال سمكه، وقد تكون تلك الأوتار ذات طرفين فتسمى الأوتار المفتوحة أو متصلة بذاتها على شكل حلقة فتسمى الأوتار المغلقة، وأي نقطة تقع على هذه الأوتار يمكن وصفها برقمين أحدهما يعين الزمان والآخر يعين المكان، والأهم في هذه النظرية أن حساباتها تشمل جميع القوى وتوحدها في نظرية واحدة تسمى النظرية الفائقة.

ولكن نظريات الوتر لم تخل من القصور ووجود أجزاء كثيرة منها مبهمة وغير واضحة حتى الآن، وهكذا ما زال العلماء في عملية بحث دائم عن تلك النظرية الشاملة، والتي ما هي إلا الخطوة الأولى لفهمنا الكامل للأحداث من حولنا وكذلك فهم وجودنا نفسه.

التاريخ الكبير: مم يتكون الكون؟

سلسلة التاريخ الكبير: مم يتكون الكون؟ لطالما سحرنا الكون بغموضه، لكن في القرن الماضي، تمكن العلماء من إزالة بعض من الغموض الذي يحيط بالكون، كما اكتشفنا بعض الأمور المثيرة، على سبيل المثال علمنا أن الفراغ ليس عدمًا كاملًا، ولكنه يحوي «تقلبات كمومية-Quantum fluctuations» تُنشئ جزيئات ومضاداتها، ليتحد الجزيء و مضاده ليعودوا كما كانوا فراغًا، ولكن هذا الاكتشاف المثير قد يدفعك للتساؤل عن ماهية المادة من الأساس، في الواقع، نحن نعرف الكثير، دعونا نناقش في سلسلة التاريخ الكبير: مم يتكون الكون؟

1- الالكترونات

كما نعلم جميعا تدور الالكترونات حول نوى الذرات بسرعة تقارب سرعة الضوء، وهذا لا يسمح لنا بقياس سرعته و تحديد مكانه في نفس اللحظة، تقف قوانيننا عاجزة أمام هذا الجزيء الصغير ذو الشحنة السالبة.

2- «الكواركات-Quarks»

تحتوي نواة الذرة على البروتونات والنيوترونات، واللذان بدورهما يوجد بداخلهما جزيء أصغر، يدعى بالكوارك، وحجم الكوارك أصغر من حجم البروتون بألف مرة، إذ أن كل بروتون يحتوي على ثلاث كوراكات، وكل نيوترون يحتوي على ثلاثة أيضًا، كما أن للكواركات أنواع مثل : «الكوارك العلوي-Up quark»، «الكوارك السفلي-Down quark»، وغيرهم، إلا أن هذان النوعان هما ما يكوّنان المادة التي في كوننا، و يحتوي البروتون على كواركان علويان وكوارك سفلي، بينما يحتوي النيوترون على كواركان سفليان وكوارك علوي.

3- «الالكترون نيوترينو-Electron neutrino»

ليس مكونًا من مكونات الذرة، لكنه يغمر كوننا بجسيماته طوال الوقت، جسيماته القادرة على اختراق كل شيء دون أن نشعر بها، إذ أن في الثانية الواحدة يخترق مئة بليون من هذا الجسيم إبهامك!
لا تزال خصائص النيوترينو مجهولة لدى المجتمع العلمي، كما أننا لا نعرف أي دور يلعب في بناء كوننا، ربما نجيب عن هذه الأسئلة في المستقبل القريب.

4- «المادة المضادة-Antimatter»

كانت المادة المضادة افتراضًا تنبأت به معادلات العالم «بول ديراك-Paul Dirac» في عام 1926، إلا أننا استطعنا إنتاجها في المعامل، كما رصدناها في التقلبات الكمومية، إذ أن الالكترون له جسيم مضاد بشحنة موجبة ويدعى بال «بوزيترون-Positron»، كما أن للبروتون جسيمًا مضادًا كذلك، ويدعى بال «البروتون المضاد-Antiproton»، فلكل جسيم من جسيمات المادة جسيمًا مقابلًا من جسيمات المادة المضادة.

عندما يلتقي جزيء بنظيره من المادة المضادة، يتحدان سويًا ليفنيا ويتحولا إلى طاقة وفقًا لمعادلة ألبرت أينشتاين الشهيرة E=MC^2، التي تنص على أن المادة والطاقة ما هما إلا وجهان لعملة واحدة، وهذه بالضبط هي فكرة «المسرعات الجزيئية-Particle Accelerators»، حيث يقوم الفيزيائيون بتسريع الجسيمات لتصطدم ببعضها منتجةً طاقة هائلة، وبحسب كمية الطاقة تنشأ جسيمات جديدة، إذ اكتشفنا نوعًا أثقل من الكواركات، وهو «الكوارك القمي-Top quark»، ونوعا أثقل من الالكترونات، وهي «الميونات-Muons»، ونوعا أثقل من النيوترونات، وهي ال «ميون نيوترينو-Muon neutrino»، وكل هذا عن طريق مصادمة الجزيئات ببعضها البعض، لتنتج طاقة، ومن ثم تتركز هذه الطاقة لتتحول إلى جسيمات جديدة.

ولكن لماذا لا نجد المادة المضادة بوفرة في الطبيعة مثل المادة؟ ولماذا هذه الجسيمات بالتحديد؟ وهل توجد جسيمات أخرى؟

كل هذه أسئلة لا نعرف لها إجابة في الوقت الحالي، لكن لربما كنت أنت أيضًا المجيب عليها، والفائز القادم بجائزة نوبل في الفيزياء.

من كورس ل Coursera مقدم من «جامعة أمستردام-Amsterdam university».

لقراءة الجزء الأول من هنا

تسارع تمدد الكون: خطأ أينشتاين الأعظم ومعضلتنا الكبرى

تسارع تمدد الكون: خطأ أينشتاين الأعظم ومعضلتنا الكبرى

منذ ما يزيد على القرن كان أينشتاين قد وضع نموذجاً للكون في معادلاته للنسبية العامة في العام 1917م، ينص على أن الكون ساكن لا يتمدد ولا ينكمش ولا نهائي زمانياً وأن كان محدوداً مكانياً. ولكن لم يدم هذا طويلاً إذ اكتشف الفلكي الأمريكى إدوين هابل في عشرينات القرن الماضي أن المجرات تسير مبتعدة إحداها عن الآخرى بسرعة متزايدة باستمرار، وهو ما يؤكد على أن الكون ديناميكي وليس مجموعة ساكنة من النجوم كما تصور الوسط العلمي من قبل. ويُؤرخ هذا الاكتشاف كأحد أهم الاكتشافات الفلكية في التاريخ، ويلي ما قام بطرحه الفلكي البولندي كوبرنيكوس بأن الأرض تدور حول الشمس وليست مركز الكون. وفي العام  1998م اكتشف العلماء أن الكون لا يتمدد فحسب بل أنه يتسع ويتسارع بفعل قوة مجهولة تفوق قوة الجاذبية. أطلق العلماء على تلك الطاقة الغامضة “الطاقة المظلمة”.

في العام ١٩٢٩م تم اقتراح ثابت لمعدل تسارع تمدد الكون وهو ما يُعرف بثابت هابل والذى ينص على وجود علاقة تناسبية طردية بين المسافات بين المجرات وسرعة تبعادها عن بعض البعض. في عام 2001م قد استنتج فريق بحثي تابع لجامعة شيكاغو أن قيمة ثابت هابل يبلغ 72 كيلومتراً لكل ثانية لكل ميجابارسك، واعتمد في حساباته على نوع من النجوم المتغيرة تعرف بالنجوم القيفاوية وهي نجوم تتمدد وتنكمش خلال فترة زمنية قصيرة ويتم حساب بعد لنجم قيفاوي بقياس معدل التغير في لمعانه.

في العام 2009م تم إطلاق القمر الصناعي بلانك التابع للوكالة الأوروبية لأبحاث الفضاء، والذي ركز في رصده على إشعاع الخلفية الكونية الميكروي لتفسير ما بعد الانفجار العظيم وعمر الكون، بالإضافة إلى وضع ما يعرف النموذج القياسي لعلم الكونيات والذي يشير إلى أن كوننا بدأ في التوسع بسرعة، ومن ثم تباطأ بسبب قوى جاذبية ما يعرف بالمادة المظلمة، قبل أن يتسارع أخيراً مرة أخرى بفعل الطاقة المظلمة. ومنه استنتج أن سرعة التمدد هي 67.4 كيلومتراً لكل ثانية لكل ميجابارسك.

ولكن في شهر أبريل لهذا العام خلصت دراسة تابعة لمرصد هابل التابع لوكالة ناسا 74 كيلومتراً لكل ثانية لكل ميجابارسك اعتماداً على دراسة 70 نجم من نوع النجوم القيفاوية إلى أن كوننا يتمدد بمعدل أسرع بنسبة 9% من نتائج النموذج القياسي لعلم الكونيات. وفي دراسة نشرت مؤخراً لمجلة “أستروفيزيكال جورنال” لفريق بحثي بجامعة شيكاغو اعتماداً على رصد نجوم تعرف بالعمالقة الحمراء في مجرتنا كالشمس، فإن قيمة ثابت هابل قدرت ب 70 كيلومترا في الثانية لكل ميغابارسك.

وفي تخمين مقترح من قبل عالم الفيزياء النظرية ماسيمو سيردونيو بجامعة بادوا الإيطالية أن سر تضارب تلك القياسات يرجع إلى  تغير كمية وكثافة المادة المظلمة ما يؤدي إلى تغير في تسارع تمدد الكون مع الزمن والتي مع الأسف الشديد ما زال الوسط العلمي عاجز عن تفسير ماهيتها وعن رصدها.

 

المصادر

مواضيع ذات صلة: بيانات هابل الجديدة وثابت جديد لمعدل توسع الكون اللانهائي

Exit mobile version