الإعلانات المضللة ووهم المنافسة

هذه المقالة هي الجزء 4 من 7 في سلسلة 7 قضايا إعلامية لا يسعك جهلها

لطالما استخدمت الشركات الادعاءات الاحتيالية والمبالغ فيها للترويج لمنتجاتها، ففي خمسينيات القرن الماضي، تغيرت طبيعة الإعلانات، وانتقلت من مجرد وسيلة للإعلام عن توافر المنتجات، إلى وسيلة للانتهاكات. بعض العلماء اعتبروا أن جميع الإعلانات خادعة لأنها مصممة للتلاعب بالمستهلكين، ففي استطلاع رأى أجري أوائل القرن الحادي والعشرين حول “نزاهة وأخلاقيات الأشخاص في مختلف المهن”، احتل ممارسو الدعاية والإعلان مرتبة متدنية.[1]

ماذا يعني مصطلح الإعلان المضلل؟

يشير مصطلح “الإعلان المضلل” إلى الادعاءات التسويقية المضللة أو غير الصحيحة التى  تقدمها الشركات بشأن منتجاتها. وعادةً ما تقدم الشركات ادعاءات حول منتجاتها لحث العملاء على دفع المزيد، أو حتى شراء منتج لم يكونوا ليفكروا فيه بطريقة أو بأخرى.[2]

الغرض من الإعلان

للإعلان ثلاثة أهداف أساسية هي الإعلام والإقناع والتذكير.

  1. الإعلام: حيث أن من أهم أهداف الإعلان هو خلق حالة من الوعي  بالعلامة التجارية والمنتجات والخدمات والأفكار.
  2. الإقناع: ويتم ذلك عن طريق التأثير على المستهلكين بأن خدمات أو منتجات شركة بعينها هي الأفضل، وبالتالي يعمل الإعلان على تغيير التصورات وتحسين صورة الشركة أو المنتج.
  3. التذكير: حيث تعمل الإعلانات على تذكير الأشخاص بالحاجة إلى منتج أو خدمة، أو  الميزات والفوائد التي ستوفرها عند الشراء على الفور. [3]

كيف يؤثر الإعلان على الناس؟

أظهرت الإحصائيات أنه في عام 2018أمضي الأمريكيون ما لا يقل عن 10 ساعات يوميًا في مشاهدة محتوي إعلاني عبر الإنترنت مقارنة بالتلفزيون، ومع ذلك تفوقت هاتين الوسيلتين على وسائل الإعلام المسموعة والمطبوعة.

 هذه الانغماس الكبير في الوسائل الرقمية يضمن أن الناس سيتعرضون لطوفان من الرسائل الإعلانية المختلفة، حتى لو كان المتلقين مجرد مشاهدين ومستمعين سلبيين.

 ويتفق معظم خبراء الإعلام على أن عدد المتلقين قد زاد بمقدار عشرة أضعاف، ويرجع الفضل في ذلك إلى وجود عدد كبير من وسائل الإعلام المتاحة في متناول أيدي الناس. وبالتالي فمن المحتمل أن يشاهد الأشخاص مئات الإعلانات يوميًا اعتمادًا على أماكن تواجدهم.[4]

وتشير نتائج أحدي الدراسات إلى أن التأثير الأقوى للإعلان هو فقط خلق شعور جيد عن منتج ما من خلال إحاطة المنتج بأشياء أخرى تحبها، كما أنه من المهم أيضًا الإشارة إلى أن التكيف العاطفي يكون أكثر فاعلية، وبالتالي فهذا يعني أن محاولة  إقصاء الاهتمام  نحو الإعلانات التي تشاهدها على التلفزيون والمجلات قد تجعل هذا النوع من الإعلانات أكثر فاعلية. [5]

عيوب الاعلانات

1- رسم صورة غير واقعية

حيث أن معظم الإعلانات تعتمد على رجال ونساء ذات معايير معينة، فمعظم الرجال في الاعلانات عبارة عن كتل محفورة ذات عضلات بطن وشعر وأسنان مثالية، أما بالنسبة للنساء فالأمر يتجاوز هذا الحد، حيث أن معظم الاعلانات تعتمد على النساء ذات الجمال الصارخ وبالتالي فهي تأثر على صورتنا الذاتية لأنفسنا.

2- خلق حاجة غير ضرورية

 أي منتج أو خدمة يحتاجها الناس بالفعل للبقاء على قيد الحياة لا تحتاج إلى حملة إعلانية، يمكن للإعلانات أن تجعل الناس يتوقون إلى أشياء لم يعرفوا أنهم يريدونها قبل ثوانٍ معدودة. ويمكن أن يجعل المستهلكون يبحثون عنها بالفعل. فعلى سبيل المثال إذا شاهدت إعلانًا ذات عبارات  كالأتى ” أنت بحاجة إلى شراء سيارة جديدة”، أو ستكون حياتك أفضل بهذا الخاتم الماسى” ، كيف يمكن أن تعيش بدون Iphone؟. كل هذه العبارات تخلق لديك حاجة بالفعل لشراء هذه المنتجات.

3- استهداف المستهلكين الأصغر سنًا باستخدام إعلانات الجنس والعنف

يستخدم الجنس والعنف بشكل صارخ لجعل المنتجات تبدو أكثر جاذبية لجمهور الشباب. ويمكن للإعلان وخاصة الإعلانات السياسية، التأثير على مسار الأمة من خلال الخداع والمعلومات المضللة.[6]

سمات الإعلان المضلل أو الكاذب

بعد فترة وجيزة من انتشار الإعلانات في أوائل القرن العشرين، أصبح الإعلان الكاذب جريمة في 44 ولاية، وعملت الدول على اتباع العديد من القوانين التى تَخضع الشركات لغرامات وعقوبات جراء الانتهاكات، كما اتخذ المستهلكون أيضًا إجراءات الدعاوى القضائية، وتحديداً الدعاوى القضائية الجماعية، لتحميل الشركات مسؤولية الدعاية الكاذبة.

1- التسمية المضللة

وهي شكل شائع من أشكال الدعاية الكاذبة، وتشمل المواقف التي تستخدم فيها الشركات معلومات خاطئة أو مضللة حول تغليف المنتج، أو في المواد الإعلانية ذات الصلة مثل مواقع الويب.

2- أسعار مضللة:

يمكن للشركات  تقديم ادعاءات كاذبة حول سعر المنتج من خلال الادعاء بأن السلعة معروضة للبيع بناءً على سعر لم يتم بيعها به أبدًا من قبل.

3- جودة المنتجات

تنخرط الشركات أيضًا في إعلانات كاذبة إذا قدمت ادعاءات كاذبة أو مضللة حول جودة منتجاتها.

يمكن أيضًا اعتبار الادعاءات البيئية إعلانات كاذبة، يتضمن ذلك استخدام مصطلحات مثل ” قابل لإعادة التدوير “و” صديق للبيئة “على عبوات المنتج. يقول بعض العملاء إنهم يدفعون أكثر مقابل شراء المنتجات الصديقة للبيئة، ومع ذلك إذا لم تكن هذه المصطلحات مبنية على أدلة علمية موثوقة، فيمكن اعتبارها إعلانًا كاذبًا.

4-عدم الإفصاح عن المعلومات

يمكن اعتبار الشركة التي لا تتضمن معلومات جوهرية حول منتجها، أو تكشف عن المعلومات جزئيًا  أنها منخرطة في إعلانات كاذبة. هذه المعلومات مهمة بشكل خاص عندما يتعلق الأمر بالآثار الجانبية للأدوية، ولكن يمكن أن تنطبق أيضًا على منتجات التنظيف والعناصر الأخرى.

5- إهانة المنتج وانتهاك العلامة التجارية

يمكن أن تتورط الشركات أيضًا في مشكلة بسبب الدعاية الكاذبة إذا كانت تقلل من قيمة منتج منافس كجزء من تسويقها.[7]

الاعلانات المضللة والأنترنت ومنصات التواصل

ارتفعت عمليات الاحتيال عبر الإنترنت بشكل كبير خلال عامي 2020و 2021، حيث استفاد المحتالون من عمليات الإغلاق واسعة النطاق التي شهدتها معظم دول العالم والتي أبقت العديد من الأشخاص في منازلهم.

وأظهر بحث جديد أن فيس بوك وجوجل فشلا في اتخاذ إجراءات صارمة ضد الإعلانات الاحتيالية الموضوعة على منصتيهما، حتى بعد أن أبلغ المستخدمون عنها.

ووفقًا لاحدي الدراسات فإن حوالي 34٪ من الأشخاص تعرضوا للإعلانات الاحتيالية من قبل جوجل وأبلغوا عنها إلا أن المحتوي الاعلاني لم تتم إزالته، كما أن حوالي 26 % من الاشخاص تعرضوا للإعلانات الاحتيالية على فيس بوك.

ووجدت الدراسة ، التي أُجريت على حوالي 2000 بالغ في المملكة المتحدة، أنه على الرغم من أن “جوجل” كانت أسوأ في الرد على عمليات الاحتيال المبلغ عنها، إلا أن الضحايا كانوا أكثر عرضة لمواجهة إعلانات احتيالية على “فيس بوك” في المقام الأول. [8]

المراجع

(1)britannica

(2)topclassactions

(3)lumenlearning

(4)smallbusiness

(5)psychologytoday

(6)thebalanceeveryday

(7)topclassactions

(8)businessinsider

image source: digitalmar

هل ستصل الإعلانات إلى أحلامنا؟

هل تتوقع يومًا أن يصل الإعلان الذي تشاهده على وسائل التواصل الاجتماعي أو على شاشات التلفزيون أو في الشارع إلى أحلامك وعن قصدٍ متعمدٍ؟ هذا ما حاولت فيه بعض الشركات المشهورة في العالم. وأصبح هناك بصيصًا من الأمل من قِبل هذه الشركات. على سبيل المثال شركة إكس بوكس الشهيرة وشركة كورز المختصة بتسويق منتجات المشروبات الكحولية. بالإضافة إلى برجر كينج التي حاولت بالفعل التواصل مع عدد من العلماء للوصول إلى أحلام الزبائن من خلال مقاطع الفيديو أو الصوت. ولكن أعلنت مجموعة من ٤٠ عالم أحلام اعتراضهم على مثل هذا الأمر، وأكدوا على عدم التلاعب بالأحلام التجارية. فهل ستصل الإعلانات إلى أحلامنا؟ [3]

الدخول إلى عالم الأحلام قديمًا

درس العلماء طويلًا عن «Dream Incubation – حضانة الحلم». وهي تقنية فكرية تهدف إلى حدوث موضوع أحلام معين، إما للترفيه أو لمحاولة حل مشكلة. فهي تركز الاهتمام ببساطة على قضية محددة عند النوم. يستخدم فيها الأشخاص الصور والأصوات والمنبهات الحسية الأخرى لتغيير مكونات الحلم. 

ابتكر العلماء قديمًا طرقًا عديدة لذلك من خلال التأمل والرسم والصلاة وحتى استخدام العقاقير. وكان يذهب المرضى من اليونانيين القدماء في القرن الرابع قبل الميلاد ليناموا على سرير ترابي في معابد الإله اسكليبيوس على أمل الدخول في حالة من النوم المليء بالهلوسة والتغير في المشاعر بغرض العلاج والراحة النفسية.

عالم الأحلام حديثًا

فتح العلم الحديث إمكانيات كاملة يتعرف من خلالها العلماء على أشهر أوقات للحلم عند البشر، وهي المرحلة الأولى للنوم بين الوعي واللا وعي، ومرحلة حركة العين السريعة عن طريق فحص موجات الدماغ وحركات العين وحتى الشخير. واتضح أن المؤثرات الخارجية مثل الأصوات والروائح وحتى الكلام من الممكن أن تغير من تفاصيل محتوى الحلم. وتواصل الباحثون مع «Lucid dreamers» وهم الأشخاص الذين يستطيعون التحكم في أحلامهم ومعرفة وقت الحلم أن هذا حلم وليس حقيقة، ولهم القدرة أيضًا على تغيير بعض محتوياته. وقد حاول معهم العلماء لإجابة بعض الأسئلة وحل مشاكل الرياضيات أثناء النوم. [2]

قفاز تتبع أنماط النوم

يستجيب الأشخاص بشكل أكبر أثناء النوم. كما يقول عالم الإدراك في (MIT) معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا «Adam Harr – آدم هار» الذي اخترع قفازًا يتتبع أنماط النوم ويرشد مرتديه للحلم عن موضوع معين عن طريق الأصوات عندما يصل إلى مرحلة النوم التي تزداد فيها الأحلام. وقال أنه تواصلت معه ٣ شركات منهم شركة مايكروسوفت وشركتان أخرتان للطيران لمساعدتهم في هذه المشاريع. ولقد ساعد في مشروع مرتبط بذلك ولكنه لا يشعر بالراحة في المشاركة في مثل هذه الحملات الإعلانية. [1]

أبحاث حديثة أكدت على إمكانية دخول الإعلانات إلى عالم الأحلام

جذبت عالمة الأحلام الشهيرة الأمريكية «Deirdre Barrett – ديردري باريت » الانتباه في دراسة سنة ١٩٩٣م  حيث طلبت من ٦٦ طالبًا معها يدرسون الأحلام تحديد مشكلة شخصية أو أكاديمية وكتابتها والتفكير فيها قبل النوم على الأقل لمدة أسبوع، والنتيجة أن تقريبًا نصف المشاركين أبلغوها أنهم حلموا بهذه المشكلة. 

وتم إنجاز عمل مشابه لعمل ديردري باريت ونُشر سنة ٢٠٠٠م في مجلة ساينس المشهورة. حيث طلب علماء الأعصاب في جامعة هارفارد من مجموعة من الأشخاص ممارسة ساعات طويلة من ألعاب الكمبيوتر مثل لعبة «Tetris» لمدة ٣ أيام. فوجدوا أن أكثر من ٦٠٪ من المشاركين حلموا بهذه اللعبة.

مشروع شركة كورز للدخول إلى أحلام الزبائن

وفي مطلع هذا العام  شاركت ديردري باريت مع شركة كورز في العمل على هذا المشروع، حيث  أحضروا ١٨ شخصًا لمشاهدة فيديو ٩٠ ثانيه قبل النوم، والنتيجة أن ٥ منهم أبلغوا القائمين على التجربة أنهم حلموا بالمشروب الكحولي لكورز. ولكن باريت تعتقد أن هذا النوع من الإعلانات سيكون تأثيره ضعيف. وحتى الآن لم يبشر بالتأثير القوي مثل أنواع الإعلانات الأخرى.

https://www.youtube.com/watch?app=desktop&v=tU_0jU0mMLw

أليكسا مستقبل الدخول إلى عالم الأحلام

ومن الممكن أن تستخدم بعض الشركات المتحدث الذكي لأمازون (أليكسا) لتوقع مراحل النوم مثل حركة العين السريعة أو المرحلة الأولى من النوم وتشغيل أصوات تؤثر على الحلم والسلوكيات. وهذا يعتبر سهلًا؛ حيث يمتلك ٤٠ مليون أمريكي تقريبًا أليكسا في غرفة نومهم، ومن المتوقع انتشاره أكثر في باقي البلدان. [1]

فوائد لهذا العمل قد يستفيد منها البشرية بعيدًا عن الإعلانات

عند عمل تجربة على عدد من المدخنين بخلط رائحة السجائر مع رائحة البيض الفاسد عند النوم وتقديمه في مرحلة حركة العين السريعة. أصبح يشتري المدخنون السجائر أقل بنسبة ٣٠٪. بالإضافة إلى ذلك أنه من الممكن أن يعالج بعض الأمراض ويعالج أيضًا اضطرابات ما بعد الصدمات. [2]

مصادر

[1] science
[2] popular mechanics
[3] news san diego
[4] science alert

Exit mobile version