من أين اقتبس صنّاع صراع العروش قبائل الدوثراكي ؟

يعدّ التنوع الجغرافي والعرقي من العوامل التي جذبت انتباه المشاهد لمسلسل صراع العروش. فلم يقتصر المسلسل الشهير على اقتباس صراع العائلات البريطانية أو جغرافيتها. بل اختزل الكاتب الكثير من التنوع الحيوي في قارته. ومن مظاهر هذا التنوع؛ قبائل الدوثراكي. فقد أثارت عاداتهم وخصالهم الفضول لدى المشاهدين لمعرفة ما يماثلها في الواقع. كما أظهر اختراع لغتهم شغفًا لا متناهيًا في الابتكار والإبداع. وهذا ما سنلقي عليه الضوء في هذا المقال.

قبيلة الدوثراكي كما ظهرت في مسلسل صراع العروش

من هم الدوثراكي؟

حسب توصيفهم في رواية “أغنية الجليد والنار”، الدوثراكي هم سلالة من البدو المحاربين الذين يركبون الخيول في إيسوس، القارة الواقعة شرق ويستروس عبر البحر الضيق. وهما القارتان المتخيلتان اللتان تدور فيهما أحداث الرواية.

يسكن الدوثراكي سهول إيسوس الشاسعة، والمعروفة عندهم باسم “بحر الدوثراكي”. ولهم صلة تصل حد القداسة بخيولهم. وتعني كلمة “الدوثراكي” حرفيًا “الفرسان”. كما يتعلم الدوثراكيون رمي الأقواس من فوق ظهور الخيل عند بلوغهم أربع سنوات فقط. ويتخلون عن الزعماء المرضى والمصابين حين يفقدون القدرة على ركوب الخيل.

ينقسم الدوثراكيون إلى عدة عشائر لا اسم لها تعرف بـ “الخالاسار”، ويقود كل منها زعيم واحد يسمى “خال”. تتجول الخالاسار في بحر الدوثراكي بحثًا عن أراضٍ ومراعٍ لخيولهم، وأهداف للنهب. يداهمون غالبًا المناطق المجاورة. ويعيشون من خلال أخذ ما يحتاجون إليه بما في ذلك الإمدادات، والأشياء الثمينة، والعبيد. ويحترم الدوثراكيون القوة، وبالتالي يحترمون فقط أولئك القادرين على مقاومتهم بنجاح.

يقاتلون بالسيوف المنحنية المعروفة باسم “الأراخس”، ولكنهم يستخدمون الخناجر، والسياط أيضًا، أو أقواسًا ضخمة ذات قوة مذهلة تمكنهم من إطلاق سهامها من فوق ظهور الخيل. كما يتجنبون ارتداء الدروع، معتبرين أن السرعة وحرية الحركة أكثر أهمية في المعركة. ويطيل محاربو الدوثراكي شعورهم في جديلة طويلة ويقصونها عند هزيمتهم، حتى يرى العالم خزيهم. لديهم حضارة مدنية واحدة هي مدينة فاس دوثراك. ويحكم فاس دوثراك الزعماء المقربون من الخال وأرامل الزعماء السابقين، ويحرّم سفك الدماء فيها.

لا يثق الدوثراكي بالمياه المالحة، لأن خيولهم لا تستطيع شربها. والمصطلح الحرفي لكلمة “محيط” في لغة الدوثراكي هو “الماء السام”. لذلك، يرفضون الإبحار في السفن فوق المحيطات. [1]

اعترف “جورج آر.مارتن” كاتب الرواية بأن الدوثراكي مستوحون من المغول. [2]

من هم المغول؟

المغول هم مجموعة إثنوغرافية في آسيا الوسطى، ويعتبرون من الشعوب القبلية المترابطة. تعيش بشكل رئيسي على الهضبة المنغولية وتتشارك لغة واحدة وتقاليد بدوية. وطنهم مقسم الآن إلى دولة منغوليا المستقلة (منغوليا الخارجية)، ومنطقة منغوليا الداخلية ذاتية الحكم في الصين. ونتيجة للحروب والهجرة، يمكن إيجاد المغول في جميع أنحاء آسيا الوسطى.[3]

كانوا في الأساس من الرعاة الرحّل. فرسانًا سافروا مع قطعانهم من الأغنام والماعز والماشية والخيول فوق الأراضي العشبية الشاسعة في سهول آسيا الوسطى. وقد قام المجتمع المغولي التقليدي على الأسرة والعشيرة والقبيلة. ووُجدت العديد من العشائر، وسميت بأسماء مختلفة. ومع اندماج العشائر، تم اعتماد اسم أقوى عشيرة كاسم للقبيلة.

احتفظت العشائر الأضعف برؤسائها ومواشيها ولكنها كانت تابعة للعشيرة الأقوى. وفي فترات الوحدة القبلية، قام الخانات (ملوك المغول) بتعيين قادة للأراضي ليتم جمع القوات والعوائد منها. وقد عرف تاريخ المغول تناوبًا بين فترات الصراع القبلي والتوحد القبلي.[3]

المغول

وكما صُوِّر الدوثراكي في الرواية، يشبه الدوثراكيون المغول القدامى المتعطشين للحرب إلى حد كبير. ولنخص بالذكر أولئك المحكومون في عصر جنكيز خان- الذي وسع إمبراطورية المغول من الصين إلى غرب روسيا. وقد شكّل جنكيز خان أكبر إمبراطورية بريّة عرفها التاريخ. [4]

نقاط التشابه بين الدوثراكي والمغول

يظهر التشابه بين المغول والدوثراكي في جوانب مختلفة. وأولها؛ الطبيعة الجغرافية. فمنغوليا هي موطن لسهول منشوريا التي لا تختلف عن السهول التي يقطعها الدوثراكي وخيولهم في الحروب. إضافة إلى طبيعة المناخ القاسية التي عاشتها قبائل المغول القديمة. فقد عاشوا في طبيعة باردة جافّة في خيام يدفئها روث الخيول. وهو ما يماثل إلى حد كبير قبائل الدوثراكي.

كما أن خال دروغو، أحد أبرز حكام الدوثراكيين، يشترك في بعض الخصائص مع أسطورة المغول جنكيز خان. بما في ذلك إعدام الأعداء باستخدام المعادن الثمينة المنصهرة التي يتم سكبها على الرأس. حيث استخدم جنكيز الفضة، بينما استخدم دروغو الذهب. وبطريقة الموت، حيث يقال أنّ جنكيز مات بسبب جرح ملوث. أمّّا دروغو فقد خنقته زوجته بعد أن شارف على الموت نتيجة جرح ملوث. [2]

خال دراغو من مسلسل صراع العروش

ويقال إن والدة جنكيز التي مارست قدرًا كبيرًا من السلطة التنفيذية، كان لسلطتها وسلطة بناتها ما يماثلها في مجتمع الدوثراكي، وهنّ الأرامل اللاتي يحكمن في فاس دوثراك. إضافة إلى تأثيرها على ابنها وطموحاته الذي يماثل إلى حد كبير تأثير دينيريس تارغاريان على زوجها الخال دروغو في المسلسل. وكما ذكر آر مارتن، لم يكن المغول الإلهام الوحيد الذي استلهم منه أسلوب وعادات الدوثراكي.

الشعوب الأخرى التي استلهم منها الدوثراكي

ذكر آر مارتن أنّ الرواية استندت جزئيًا إلى خصائص الهون والآلان والأتراك وحتى بعض القبائل الأمريكية الأصلية، بالإضافة إلى المغول كما ذكرنا سابقًا.[2] حيث تشير المصادر إلى أنّ بحر الدوثراكي قد يكون مستوحى من السهول الكبرى في أمريكا الشمالية أو السهول الأوروبية الآسيوية. [5]

تحاكي العديد من عناصر ثقافة الدوثراكي ثقافة الغوكتورك في السهوب. وهم جماعة مرتحلة من الترك في آسيا الوسطى.[6] وكان لديهم قادة يسمون بالخانات، تماثل مهامهم مهام الخال لدى الدوثراكي. وتماثل عاصمتهم عاصمة الدوثراكي فايس دوثراك. كما أنّ مجلس القادة الخال والأرامل لدى الدوثراكي يماثل الكورولتاي، وهو مجلس سياسي وعسكري للمغول القدماء والزعماء الأتراك. [7] ورغم كثرة الاقتباسات من الواقع إلّا أنّ لغة الدوثراكي اختُرعت من طرف صنّاع صراع العروش. وهذا ما أظهر تميزهم واحترامهم لعملهم.

لغة الدوثراكي

اخترع “ديفيد جي بيترسون” اللغة التي يتحدثها الدوثراكي في النسخة التلفزية لرواية أغنية الجليد والنار. وبيترسون هو باحث في اللغويات، وظفته شركة HPO ليشكل بعض عبارات الدوثراكي التي قدمها آر مارتن في كتبه. ويعمل على تكوين لغة كاملة. كما تولى مهمة ابتكار لغة الهاي فاليريان والتي ظهرت بشكل نسبي في العمل، التي لا تختلف عن اللغة اللاتينية أو اليونانية القديمة بالنسبة لنا.

تعكس اللغتان الاحتياجات الثقافية للمتحدثين بها. فعلى سبيل المثال، تحتوي لغة الدوثراكي 14 كلمة تعني ال”حصان” ، لكن لا توجد كلمة “مرحاض” في لغتهم. وهذا أمر منطقي بالنسبة لثقافة الشعوب التي تعيش على ظهور الخيل وتتحرك باستمرار. ويعتمد بناء اللغة على القواعد اللغوية، كما يعتمد أيضًا على الوعي بالسياق الاجتماعي الذي سيتم استخدامه فيه. إذ يجب ـ خاصة في الأدب الخيالي ـ أن تكون اللغة قابلة للتصديق ومفيدة. [8]

كما ظهر اختراع لغة متكاملة في سلسلة روايات سيد الخواتم وهي لغة الآلف. وقد عكس وجود هذه اللغات المختلفة طابعًا حقيقيًا للقصص وجعلها ذات تأثير مباشر على القارىء. ورغم وحشية حياة قبائل المغول والترك وغيرها من القبائل، إلّا أنّ الكاتب تمكن من إظهار بعض الجوانب الجمالية فيها. وربما كان لوحشيتها إضافة جذابة في عالمنا اليوم مع ميل صنّاع الترفيه إلى تعمّد استخدام العنف وتوظيفه، لتكون الأعمال أكثر جذبًا للمشاهد المعاصر الذي يغريه مظهر الدماء والقسوة.

المصادر

1. Dothraki | Game of Thrones Wiki | Fandom
2. BBC Radio 4 – Radio 4 in Four – The real historical events that inspired Game of Thrones
3. Mongol | History, Lifestyle, & Facts | Britannica
4. Behind the Scenes: 9 Historical Inspirations for Game of Thrones | Britannica
5. The Weather Network – These real-life places inspired Game of Thrones
6. غوكتورك – ويكيبيديا (wikipedia.org)
7. كورولتاي – ويكيبيديا (wikipedia.org)
8. How Was Dothraki Language Created? – Global Language Services

ما هي الذاكرة الثقافية وكيف تؤثر علي العمران؟

تتكون المناظر الطبيعية الحضرية والتاريخية من طبقات من السمات الملموسة وغير الملموسة مثل الذكريات الثقافية، كذكريات جماعية لسكان المدينة. إذ يمكن للذكريات الثقافية أن تؤثر علي تشكيل هوية المكان، ونوعية الحياة الاجتماعية مثل الصحة والرفاهية، وهوية المجتمع، وإدراك المكان، والمشاركة الاجتماعية. ويشير هذا المقال إلى قيمة استدعاء ميزات الذاكرة الثقافية التي يمكن استخدامها لتحقيق التنمية الاجتماعية.

ما هي الذاكرة الثقافية بتعريف الباحثين؟

الذاكرة الثقافية هي عملية تذكر الأحداث التي تتعلق بالأشياء والأماكن والتي يصادفها الأشخاص في إطار اجتماعي. ويُنظر إلى الذاكرة الجماعية على أنها مستودع للثقافة، وأحيانًا تؤدي هذه النظرة إلى استخدام مصطلح “الذاكرة الثقافية” [1]. ظهر مصطلح الذاكرة الثقافية لأول مرة في الأدب على يد «موريس هالبواكس-Maurice Halbwachs» في كتابيه “الأطر الاجتماعية للذاكرة” وكتاب “الذاكرة الجماعية”.

تأسس فهم هالبواكس للذاكرة الثقافية على التمييز بين الذاكرة الفردية والجماعية. فوصف الذاكرة الفردية بأنها “شخصية” و”سيرة ذاتية” للفرد. في حين أن الذاكرة الجماعية “اجتماعية” و”تاريخية” [2]. وبعد تقديم هالبواكس للمفهوم، درس «بيير نورا-Pierre Nora»الذاكرة الجماعية المكانية. وكان نورا مهتمًا بشكل خاص بالبيئة الجغرافية والعمرانية.  وناقش نورا كيف يمكن لأماكن معينة التقاط مشاعر مختلفة وتجسيد الذكريات الوطنية [3].

وبناءًا على مساهمات هالبواكس، أسس «الدو روسي-Aldo Rossi» مفهوم “الذاكرة الحضرية” في كتابه “هندسة المدينة”. وقد سمح روسي بإدخال مفهوم الذاكرة الجماعية في الهندسة المعمارية والتصميم الحضري. ويجادل ألدو روسي في هذا الكتاب بأن الحفاظ على المواقع التراثية يعادل الاحتفاظ بالذكريات الثقافية للناس وحماية هوياتهم الوطنية [4].

أضافت «كريستين بوير-Christine Boyer» إلى هذه المناقشة في كتابها “مدينة الذاكرة الجماعية” أن الهندسة المعمارية للمدينة تعبر عن الذاكرة الثقافية، وهي تحمل آثار الأشكال المعمارية السابقة، إلى جانب التخطيط والمعالم الأثرية للمدينة. وتوضح كريستين أنه على الرغم من أن أسماء المدن قد لا تتغير، فإن عناصرها المادية قابلة للتغيير دائمًا، ويتم نسيانها وتعديلها لتلائم المتطلبات الجديدة، أو حتى قد تختفي في السعي وراء أغراض مختلفة.

“إن مطالب وضغوط الواقع الاجتماعي تؤثر دائمًا على النظام المادي للمدينة”. 

كريستين بوير

ومع ذلك يمكن لذكرياتنا الجماعية والفردية أن تخبرنا بالتغييرات التي تحدث، وتساعدنا على تمييز مدينتنا عن مدن الآخرين من خلال التعرف على شوارعها ومعالمها وأشكالها المعمارية وآثارها [5].

يشير كل هؤلاء المنظرين إلى الصلة المهمة بين الذاكرة الثقافية والأماكن التي لا تُنسى في المدن، والتي تستحضر صورًا وتصورات جماعية.

مثال يوضح أثر التقدم الحضاري والصناعي على الذاكرة الثقافية

شهدت الإسكندرية “الميناء الرئيسي لمصر” مؤخرًا معدلًا متسارعًا من التحضر والتصنيع لتلبية احتياجات سكانها المتزايدين. وقد أدى ذلك إلى ظهور تهديدات حضرية واجتماعية وبيئية للمناظر الطبيعية الحضرية التاريخية للمدينة. ويعد سوق الشارع التاريخي “زنقة الستات” (المعروف أيضًا باسم “زنة الستات”) أحد أهم الأماكن التي لا تنسى في الإسكندرية، وهي تواجه حاليًا التدهور المادي والتلوث البيئي، وهي قضايا تهدد ارتباط المكان، والذكريات، وصورة المكان، والاستخدام، والتفاعل الاجتماعي لمستخدميه  [6].

زنقة الستات بمنطقة المنشية، المصدر: F. Hussei

كيف تحافظ الذاكرة الثقافية على الهوية؟

 تساهم الذاكرة الثقافية في تحديد الهوية من خلال حماية مواقع الأحداث المهمة (مثل المعالم أو المباني الأثرية). وتعزز تلك المواقع مشاعر الاستمرارية والتميز. وأظهرت تعليقات المشاركين في الدراسة أن تفرد هذا الموقع واستمراريته باعتباره “فريدًا من نوعه” في الإسكندرية، وحقيقة أنه لم يشهد أي تحول تخطيطي كبير، أوجد مشاعر اليقين والمتعة التي حمت هوية المكان وخبرته.  ويدعم هذا فهم «أنطون ولورانس-Anton and Lawrence» للمواقع التي تمتلك هوية مكان، ويقترحا أن الأماكن التي من المرجح أن يتم استيعابها في بنية الهوية هي تلك التي يمكن أن تجعلنا نشعر بأننا فريدون، ومسؤولون، وراضون عن أنفسنا، وتتوافق مع إدراكنا الذاتي لمن نحن [7].

 كان من الملاحظ أن جميع المشاركين كانوا على دراية كاملة بالخلفية التاريخية للسوق، بدءًا من حملة نابليون الفرنسية. حيث أعطت اسطبلات الخيول الخاصة بالجنود اسم السوق الرئيسي (شارع فرانساه). وكان الوجود اللاحق للمدينة التركية منعكس في النسيج العمراني (الأزقة الضيقة). بينما تم استحضار القصص عن جرائم ريا وسكينه. أدى هذا الوعي بتاريخ الموقع إلى تكرار الذكريات الثقافية، وخلق مشاعر جماعية بالمسؤولية والفخر المدني. وتتفق هذه العلاقة بين القيمة التاريخية والذاكرة الثقافية.

“الذاكرة الثقافية تتكون من المعالم القيمة في تاريخ الأمة، فهذه المعالم هي القادرة على تعزيز الشعور بالانتماء على المستوى الوطني، وكذلك التأثير على الحاضر والمستقبل. “[8].

كاريس أنطون وكارمن لورانس

تشير النتائج إلى أن الذاكرة الثقافية، والتعلق بالمكان، والقيمة التاريخية له، جميعها تضيف إلى الإحساس بالمكان من خلال تكوين علاقة تجاهه والارتباط المجتمعي به.

كيف نحافظ على الذاكرة الثقافية؟

نأمل أن تقوم سلطات التخطيط العمراني الوطنية ومصممي ومخططي المدن في العموم بالتعرف على المناظر الطبيعية الحضرية التاريخية كمستودعات للذكريات الثقافية. كما أن التأكد من تطوير تلك الأماكن وإدارتها يعكسان القيم التاريخية من خلال تذكر الأنشطة والأحداث التي حدثت هناك وإحياء ذكراها. ويوصى بشدة بأن تشتمل هذه الأعمال على تمثيل للذكريات الثقافية جنبًا إلى جنب مع الحفاظ على النسيج المادي التاريخي. ويمكن أن يحدث هذا من خلال التخطيط التشاركي، حيث ستحتاج الحكومات إلى الانخراط مع المجتمع، وتخصيص وقت كافٍ لجمع البيانات الواقعية، مما يجعل من الممكن مراعاة الذكريات والعواطف والآراء الثقافية. كما يمكن أن تشارك المجموعات الاجتماعية بشكل أكبر في التخطيط التشاركي من خلال إجراء مقابلات شخصية مع المستخدمين للموقع. وسيعمل هذا النهج على تحديد الذكريات التي يريدون الحفاظ عليها لهم وللأجيال القادمة، من أجل خلق التماسك الاجتماعي الضروري وحماية هوية الموقع والتجربة والشعور بالمكان.

يمكن للذاكرة الثقافية أن تربط الأجيال بأماكن الأحداث المهمة، بحيث تظل هذه الأحداث في ذهن الأشخاص المرتبطين بالمناظر الطبيعية الحضرية التاريخية. ويعد الحفاظ على التراث الثقافي والمادي للأجيال القادمة أمرًا مهمًا، ويجب التعامل معه بنفس الاعتراف الذي تتمتع به الأجيال الحالية لتعميم الاستدامة والتنمية االاجتماعية.

المصادر

  1. Kate Darian-Smith & Paula Hamilton, Memory and History in Twentieth-Century Australia – PhilPapers
  2. On Collective Memory, Halbwachs, Coser (uchicago.edu)
  3. Between Memory and History: Les Lieux de Mémoire | Representations | University of California Press (ucpress.edu
  4. Methods and Techniques in Using Collective Memory in Urban Design: Achieving Social Sustainability in Urban Environments | Semantic Scholar
  5. The City of Collective Memory: Its Historical Imagery and Architectural … – M. Christine Boyer – كتب Google
  6. Urban Science | Free Full-Text | Cultural Memories for Better Place Experience: The Case of Orabi Square in Alexandria, Egypt | HTML (mdpi.com)
  7. The Image of the City (mit.edu)
  8. (1) (PDF) Home Is Where the Heart Is: The Effect of Place of Residence on Place Attachment and Community Participation (researchgate.net)

القاشاني واستخدام الخزف في العمارة الإسلامية

كثيراً ما نرى على الإنترنت صوراً لمباني مزينة بزخارف جميلة زرقاء أو ملونة، وغالبًا ما تكون في إسطنبول أو إيران أو غيرها. أتعرف أن هذه الزخارف مكونة من الكثير من القطع الصغيرة الملوّنة؟ قد تكون كلها بلونٍ واحد، أو قد تتعدد ألوانها مشكّلة لوحات غاية في الجمال. لنتعرف على استخدام الخزف في العمارة الفارسية، وكيف انتقلت إلى العمارة الإسلامية، وعن الاسم المميز الذي يطلق على هذه التقنية: ( القاشاني ) أو القيشاني.

أصل كلمة قاشاني

يرجع أصل كلمة قاشاني (أو كاشاني) إلى مدينة قاشان (كاشان) في بلاد فارس (غرب إيران الوسطى حاليًا). وقد كانت مركز إنتاج الخزف في بلاد فارس، التي كانت تنتج الفخّار المزيّن والبلاط المصقول وتصدرها إلى البلدان القريبة. [1]

أصل التقنية

يعود استخدام القرميد المصقول في البناء إلى حضارة بلاد الرافدين في النصف الأول من الألفية الثالثة قبل الميلاد. حيث قام السومريون والأكاديون بتغطية الأسطح الخارجية لمبانيهم بأحجار قرميد مصقولة. وانتقل هذا التقليد إلى إيران خلال الألفية الثانية قبل الميلاد. [2]

قامت حضارة عيلام والإمبراطورية الأخمينية باستخدام القرميد المصقول لتغطية المعابد والقصور. وخلال الفترة السلوقية والفرثية (الأرسكيدية) والساسانية تم تزيين المباني بالتلوين واستخدام الجص. وفي عام 903 م في القرون الأولى للإسلام أثناء حكم الخلافة العباسية، وصف ابن رسته جامع بغداد الكبير بأنه كان مزيّنًا بقرميد مصقول أزرق اللون. كما وصف اليعقوبي المئذنة الخضراء في بخارى شرقي إيران. لقد كان استخدام البلاط منتشرًا في تزيين المباني منذ الفترة الغزنوية، وقد بلغ قمّته في الفترة السلجوقية. [2]

تطوّر فن القاشاني

ذُكِرَ سابقًا أن تزيين المباني بالبلاطات المصقولة انتشر وتطوّر في منطقة بلاد فارس بحلول القرن الثاني عشر. وقد بدأت فيها هذه التقنية من القرميد المصقول ثم تطوّرت إلى طريقة ربط عناصر مصقولة بأسطح قطع القرميد باستخدام الجصّ. ثمّ ظهرت طريقة استخدام البلاطات بشكل فسيفسائي (موزاييك) باستخدام تشكيلات مكوّنة من عدة ألوان مختلفة أو من لون واحد. ويمكن ملاحظة ذلك في الأمثلة المبكرة كقبة السلطانية في زنجان شمال غرب إيران حاليًا، والتي بنيت عام 1312م. [3]

الشكل 1: قبة السلطانية (1312م) واستخدام القاشاني الأزرق على القبة
الشكل 2: قبة السلطانية (1312م) واستخدام القاشاني الأزرق على القبة

تطوّرت تقنية التزيين باستخدام البلاط المصقول بسرعة خلال القرن الرابع عشر. وقبل حلول سبعينات القرن الرابع عشر، كانت التقنية قد بلغت قمة جديدة باكتمال تقنية بلاطات (هفت رنگي – والتي تعني بالفارسية “ذات الألوان السبعة”)، والتي تكوّن بترتيب عدة ألوان ضمن وحدة تزيينية واحدة. انتشرت هذه التقنية في آسيا الوسطى حيث قام تميورلنك بتأسيس إمبراطوريته. [3]

الفترة التيمورية

بدأ تيمورلنك عام 1380م ببناء قصر اق سراي في شهرسبز (أوزبكستان حاليّاً) مسقط رأسه، والتي تبعد عن سمرقند مسافة 70 كم. ولم يبقَ من القصر الآن سوى جانبي المدخل / الإيوان (بارتفاع 38 متر للأجزاء المتبقية). لكن في الأصل، كان هذا المدخل الضخم مغطى بشكل كامل بالبلاطات المصقولة الملونة وببلاطات هفت رنگي.

وقيل إن البناء قد استمر بعد وفاة تيمورلنك عام 1405م، ويمكننا رؤية آثار البلاطات المستخدمة. وبالإضافة إلى ذلك، تم التنقيب داخل المدخل الضخم للقصر عن أرضية واسعة مغطاة بالبلاط الفسيفسائي وبلاط هفت رنگي. وبذلك، يمكننا القول أن فترة بناء هذا القصر كانت العصر الذهبي لاستخدام الخزف والبلاط المصقول في الفترة التيمورية المبكرة. [3]

الشكل 3: بوابة قصر اق سراي واستخدام القاشاني فيها
الشكل 4: بوابة قصر اق سراي واستخدام القاشاني فيها
الشكل 5: نموذج من بلاطات هفت رنگي المستخدمة في قصر اق سراي. [3]

الفترة العثمانية

أدخل العثمانيون هذا الفن إلى دولتهم عام 1415م، حين تمّ إحضار حرفيين فارسيين من تبريز لتزيين الجوامع في مدن بورصة وأضنة. وقد تأثر هذا الفن في القرن الخامس عشر بخزف مينغ الصيني الأزرق والأبيض. تمّت إضافة ألوان جديدة كالأخضر والأسود والبنفسجي. ومن أبرز الابتكارات في هذه التقنية إدخال القطب الأرمني في التلوين وهو ملوّن كثيف أحمر اللون. [4]

الشكل 6: تفصيلة من الجامع الأخضر في بورصة
الشكل 7: تفصيلة من قصر طوب قابي سراي في اسطنبول

نلاحظ أن استخدام هذه التقنية كان يقتصر على القصور والأضرحة، ثم الجوامع والمباني المهمة بشكل عام. ويظهر استخدام هذه التقنية وتطوّرها عبر العصور كيفية تأثر الثقافات والحضارات ببعضها البعض وانعكاس ذلك بشكل مباشر على العمارة والفنون.

المصادر

  1. Kāshān | Iran | Britannica
  2. (4) Technical and Comparative Study Monochrome Turquoise Nare Tile of the Ilkhanid and Safavid Eras (Case Study: Soltanieh Dome and Sheikh Safi Al-Din Ardabili’s Shrine) | Soodabeh Yousefnejad – Academia.edu
  3. (4) Vietnamese glazed tiles and Persian tiles | Takashi Sakai – Academia.edu
  4. pottery – Later Persian | Britannica

موجز في تاريخ الطائرات بدون طيار

سواء تلك التي تحمل رأس ذخيرة متفجر أو الخاصة بتوصيل الطعام، أو تقديم المساعدات اللوجستية والإنسانية، تعددت مهام استخدامها بين الأعمال العسكرية والمدنية. بينما لهذه الانجازات تفصيلٌ مخفية، سنستعرض هنا منها موجزًا في تاريخ الطائرات بدون طيار لنتعرف عليها.

تعددت التسميات في عالم التقنية العسكرية للطائرة بدون طيار أو الطائرة غير المأهولة، لكنها غدت في كل الأحوال من الأسلحة الأكثر فتكًا وتقدمًا ودقةً في الترسانة العسكرية. وينظر إليها اليوم بوصفها أسلحة ضرورية للجيوش. [9]

بنيت الطائرات بدون طيار في الأصل لأغراض عسكرية في الحرب العالمية الأولى والثانية، إلا أنها شهدت تطورًا سريعًا ومتواصلاً أدى إلى زيادة استهلاكها. إذ في بداياتها استخدمت كأسلحة على شكل صواريخ جوية موجهة عن بعد. أما اليوم، فتستخدم في مجموعة واسعة من تطبيقات الاستخدام المدني. [1][2]

ما هي الطائرات بدون طيار تحديدًا؟

قبل الدخول في التفاصيل الدقيقة لتاريخ الطائرات بدون طيار، قد يكون من المفيد تحديد تعريفها بدقة. وتميل قواميسٌ مختلفة لتعريف الطائرة بدون طيار بأنها:

“طائرة أو سفينة بدون طيار تسترشد بالتحكم عن بعد أو بأجهزة كمبيوتر على متنها.” [2]

الطائرة بدون طيار، من الناحية التكنولوجية، هي طائرة بدون شخص داخلها يتحكم فيها. وتعد روبوتًا طائرًا يمكن التحكم فيه عن بُعد، أو يمكنه الطيران بشكل مستقل من خلال خطط الطيران التي يتم التحكم فيها بالبرمجيات في أنظمتها المدمجة. وتعمل جنبًا إلى جنب مع أجهزة الاستشعار الموجودة على متن الطائرة و «GPS – نظام تحديد المواقع» . [3] وسنركز في هذا المقال على تكنولوجيا الطائرات بدون طيار.

استخدمت الطائرات بدون طيار المزودة بكاميرات للاستطلاع أول مرة في حرب فيتنام. وقد شهدت هذه الحرب أول انتشار واسع النطاق للطائرات بدون طيار باعتبارها طائرات استطلاعية. تطور الأمر وبدأ استخدام الطائرات بدون طيار أيضًا في مجموعة من الأدوار الجديدة، كالقيام بدور الشراك الخداعية في القتال، وإطلاق الصواريخ على أهداف ثابتة، وإلقاء المنشورات الدعائية النفسية [4].

مراحل تاريخ الطائرات بدون طيار

طائرات «ار-س RC» الترفيهية في الستينيات

بفضل التطور في تقنية الترانزستور، يمكن اليوم تصغير المكونات التي يتم التحكم فيها عن طريق الراديو بما يكفي لبيعها للعملاء المدنيين بتكلفة معقولة. أدى هذا الأمر لازدهار العمل بطائرات «RC – (ار-س)» خلال ذلك العقد. [5] وسمح ظهور عدة أشكال من هذه الطائرات للمتحمسين ببناء طائرات RC. كما بدأ الهواة في تنظيم نوادي طائرات RC، مما أدى إلى ظهور صناعة منزلية، سرّعت تطوير تقنية RC التجارية.

تعزيز الطائرات العسكرية الهجومية خلال 1980-1989

 على الرغم من قدرة الولايات المتحدة على تحقيق طفرة في التصنيع الشامل وتزويد الجيش بالطائرات بدون طيار، إلا أنها اعتبرت غالبًا  مكلفة وغير موثوقة. لكن تغير هذا الرأي عنها في عام 1982، حين استخدمت القوات الإسرائيلية طائرات بدون طيار للفوز على القوات الجوية السورية بأقل الخسائر. [1]

 بدأت الولايات المتحدة في عام 1980 برنامجًا يهدف إلى بناء طائرة لعمليات الأسطول بدون طيار وغير مكلفة. وأدى مشروع مشترك بين الولايات المتحدة وإسرائيل في عام 1986 إلى تطوير «طائرة استطلاع متوسطة الحجم- RQ2 Pioneer».

خلال هذه الفترة أيضًا، بدأ مطورو الطائرات بدون طيار في تركيز انتباههم على مصادر الطاقة البديلة للطائرات بدون طيار. وكانت الطاقة الشمسية أحد أوضح المصادر وأكثرها جذبًا. [6]

 تطوير الطائرات العسكرية والمدنية بدون طيار خلال الفترة ما بين 1990- 2010

أنتِجت إصدارات مصغرة من الطائرات بدون طيار في عام 1990. كما قدِّمت طائرة بريداتور الشهيرة في عام 2000. استخدِمت هذه الطائرات في أفغانستان لإطلاق الصواريخ والبحث عن أسامة بن لادن وغيرها من الحروب الهجينة والحروب بالوكالة. وفي السنوات التالية، طورت الشركة العسكرية « AeroVironment Inc -ايروفيرمينمينت » عددًا من طائرات المراقبة صغيرة الحجم وذات الأجنحة الثابتة مثل «غراب أسود- Raven » و«دبور- Wasp» و«بوما-puma». وينتشر استخدام Raven حاليًا في بلدان كثيرة، ويصل عددها إلى عشرات الآلاف من الوحدات. [9] [7] [8] [6]

كان عام 2006 عامًا محوريًا في تاريخ الطائرات بدون طيار. إذ كان هذا العام هو تاريخ إصدار إدارة الطيران الفيدرالية رسميًا أول تصريح تجاري للطائرة بدون طيار. وتباطأت طلبات المستهلكين في البداية، حيث تقدم عدد قليل جدًا من الأشخاص بطلب للحصول على تصاريح في السنوات القليلة الأولى. مما هدد وجودها المدني بشكل كبير.

العصر الذهبي للطائرات بدون طيار

شهدت السنوات العشر الأخيرة انفجارًا هائلاً في ابتكار الطائرات بدون طيار من أجل المصالح التجارية. بينما كانت الطائرات بدون طيار تستخدم قبل ذلك في المقام الأول للأغراض العسكرية أو للهواة. وبدءًا من أوائل عام 2010، اقترِحت مجموعة من الاستخدامات الجديدة للطائرات بدون طيار، بما في ذلك استخدامها كمركبات توصيل. [13]

بحلول منتصف العقد، كانت إدارة الطيران الفيدرالية تشهد نموًا هائلاً في الطلب على تصاريح الطائرات بدون طيار. وأصدِرت حوالي ألف تصريح تجاري للطائرات بدون طيار في عام 2015. وتضاعف هذا الرقم ثلاث مرات بعد عام واحد، واستمر في النمو بشكل كبير منذ ذلك الحين. [13]

أثر تكنولوجيا الهواتف الذكية على تطوير الطائرات بدون طيار

أصبح تجهيز الطائرات بدون طيار بالكاميرات أمرًا شائعًا الآن في التصوير التجاري وتصوير الفيديو. وذلك نتيجة لدمج الطائرات التي يتم التحكم فيها عن بعد (RC) وتكنولوجيا الهواتف الذكية. كما أدى النمو السريع في استخدام الهواتف الذكية إلى خفض أسعار وحدات التحكم الدقيقة ومقاييس التسارع وأجهزة استشعار الكاميرا، والتي تعتبر مثالية للاستخدام في طائرات الهواة الثابتة الجناحين. وسمحت التطورات الإضافية بالتحكم في طائرة بدون طيار بها 4 دوارات أو أكثر عن طريق ضبط سرعة الدوارات الفردية. وفتح تحسين استقرار الطائرات متعددة المحركات فرصًا جديدة لاستخدامها. [12]

أصبح استخدام الطائرات بدون طيار DIY أكثر شيوعًا نظرًا لصغر حجمها وإمكانية نقلها. كما أصبحت الطائرات بدون طيار DIY مناسبة للاستخدام من قبل قوات الشرطة وخدمات الإطفاء للمراقبة. ومع ذلك، فإن الاستخدام المتزايد غير المنظم للطائرات بدون طيار أثار تساؤلات حول الخصوصية والسلامة الجسدية. فهل أنت مع انتشارها أم ضده؟

المصادر: 

  1. If I Fly a UAV Over My Neighbor’s House, Is It Trespassing? – The Atlantic
  2. Innovation News | New Innovations | Scientific Innovations in Technology, Health, Ideas & Industrial Products (interestingengineering.com)
  3. We need drone aircraft, says police chief Alex Marshall | The Independent | The Independent
  4. If I Fly a UAV Over My Neighbor’s House, Is It Trespassing? – The Atlantic
  5. https://www.amazon.com/b?node=507846
  6. USAF Buys Millions-Worth of Hand-Launched Puma 3 Drones, Spares for the Raven (autoevolution.com)
  7. Predator RQ-1 / MQ-1 / MQ-9 Reaper UAV, United States of America (airforce-technology.com)
  8. What is a Drone? – Definition from WhatIs.com (techtarget.com)
  9. Drone Definition & Meaning – Merriam-Webster

ما هي خصائص الإشعاعات التي تستعمل في العلاج الإشعاعي؟

يحدد طبيب الأورام المعالج نوع العلاج حسب خصائص الإشعاعات التي تستعمل في العلاج الإشعاعي. فالفوتونات ذات الطاقة العالية، تستعمل عادة في علاج الأورام العميقة، بينما تستخدم الإلكترونات في علاج الأورام السطحية. فما هي هذه الخصائص التي تحدد نوعية العلاج الذي سيخضع له المريض؟

خصائص الإشعاعات المستعملة في العلاج الإشعاعي

تتحدد خصائص الإشعاعات المستعملة في العلاج الإشعاعي حسب توزيع الجرعة التي يتلقاها المريض عند تعرضه لحزمة من هذه الإشعاعات. ونقصد بتوزيع الجرعة، الجرعة التي يتلقاها المريض على طول مسار الإشعاعات. ويسمَى المنحنى الذي يصف هذا التوزيع بمنحى جرعة العمق، والذي يمثل الجرعة على طول المحور المركزي للحزمة الإشعاعية (الشكل 1).  ويلعب هذا المنحنى دورًا مهمًا في تحديد نوع وطاقة الإشعاع المستعمل في عملية العلاج [1].

الشكل1 : منحنى جرعة العمق بالنسبة للفوتونات.

خصائص الفوتونات

عندما تدخل حزمة إشعاعية جسم المريض، فإنها تترك جرعة محددة على المساحة الخارجية للمريض (الجلد). تظَل قيمة الجرعة في التزايد مع تعمق الحزمة داخل المريض إلى أن تصِل إلى مستوى معين تنحدِر بعده إلى أن تصِل إلى جرعة الخروج. وهي الجرعة التي تتركُهَا الحزمة عند خروجها من الجانب الآخر للمريض [1].

منحنى جرعة العمق بالنسبة للفوتونات

يتميَز «منحنى جرعة العمق-depth dose curve» بجرعة السطح. وتمثِل الجرعة التي يتلقاها جلد المريض عند مدخل الحزمة الإشعاعية. وبالجرعة القصوى، التي تمثِل أقوى جرعة يتلقاها المرض على طول مسار الحزمة. بالإضافة إلى جرعة الخروج التي تمثِل الجرعة التي تتركها الحزمة في جسم المريض قبل أن تخرُج منه. وتسمى المنطقة المنحصرة بين جرعة السطح والجرعة القصوى بمنطقة التراكم [1].

تختلف قيمة جرعة السطح بالإضافة إلى العمق الذي يمتص الجرعة القصوى (Zmax) حسب طاقة الفوتونات. فبالنسبة للفوتونات منخفضة الطاقة (أصغر من 100keV) تكون الجرعة القصوى على مستوى السطح. بينما تكون جرعة السطح عند الفوتونات عالية الطاقة (أكبر من 1MeV) أصغر بكثير من الجرعة القصوى (الجرعة عند Zmax). وتساعِد هذه الخاصية في حماية الجلد من الجرعات العالية عند علاج الأورام العميقة. إذ تستعمل الفوتونات عالية الطاقة في عملية العلاج [1].

جرعة السطح

تنتج جرعة السطح عن امتصاص «الفوتونات المتناثرة-scattered photons»  عن رأس المسرع وعن الهواء باللإضافة إلى الفوتونات المرتدة من المريض. تسهِم الإلكترونات عالية الطاقة، التي أُنتجَت بواسطة تفاعل الفوتونات مع الهواء أو أحد الأجسام المجاورة للمريض، أيضًا في جرعة السطح [1].

منطقة التراكم

تنتُج «منطقة التراكم-Buildup region » الممتدة من السطح (Z=0) إلى العمق (Zmax) عن الجسيمات المشحونة الثانوية. وهي تنشَأ عن تفاعل الفوتونات مع جسم المريض، والتي تودِع طاقتها في جسد المريض. ويفسر ارتفاع قيمة الجرعة مع تزايد العمق في هذه المنطقة بتزايد هذه الجسيمات الثانوية مع التوغل في جسم المريض. وعلى الرغم من أن دفق الفوتونات يكٌون في أعلى مستوى له عند السطح (وبالتالي أعلى نسبة لإنتاج الجسيمات الثانوية) فإن المسافة التي تقطعُها الجسيمات الثانوية قبل أن تودِع طاقتها في جسد المريض هي ما تسبِب ذلك الفارق في المسافة بين جرعة السطح والجرعة القصوى [1].

 أما ذلك الانخفاض الملاحظ بعد الوصول إلى الجرعة القصوى (عند Zmax)، فإنه ينتُج عن «تثبيط الفوتونات-photon attenuation». الذي يتجلى في تناقص عدد الفوتونات أثناء توغلها داخل جسد المريض. حيث يؤدِي انخفاض عدد الفوتونات إلى انخفاض عدد الجسيمات الثانوية التي تنتجُها. وبالتالي إلى انخفاض الجرعة التي تودعُها هذه الجسيمات الثانوية في جسد المريض [1].

خصائص الإلكترونات

يختلف توزيع الجرعة بالنسبة للإلكترونات عن ذلك الذي لدى الفوتونات. ويرجع هذا إلى طريقة التفاعل المختلفة عن الفوتونات، والتي تأخذ أحد الأشكال التالية:

  • التصادم المرن مع إلكترونات الذرات.، الذي يؤدي إلى تغيير اتجاه الإلكترون دون أي خسارة للطاقة؛
  • التصادم اللامرن  مع إلكترونات الذرات، الذي يخسر فيه الإلكترون جزءا من طاقته لصالح إلكترونات الذرات. مما يؤدي إلى تأيين أو إثارة الذرات؛
  • التصادم المرن مع نويات الذرات، حيث يحافظ فيه الإلكترون على طاقته مع تغيير في الاتجاه؛
  • التصادم غير المرن مع نويات الذرات، الذي يؤدي إلى إنتاج «إشعاع الكبح-Bremsstrahlung radiation» -. وينشأ عن مرور الإلكترون بالحقل الكهربائي لأحد النويات، حيث يسهم هذا الأخير في انحراف الإلكترون عن مساره مع فقدان جزء من طاقته على شكل فوتون من أشعة إكس [1].

منحنى جرعة العمق بالنسبة للإلكترونات

يختلف منحنى جرعة العمق بالنسبة للإلكترونات عن ذلك الذي في الفوتونات. فبالمقارنة مع حزم الفوتونات عالية الطاقة، تكون جرعة السطح عالية، مما يجعلها مفضلة في علاج الأورام السطحية. بالإضافة إلى هذا، تؤدي ظاهرة الكبح إلى ظهور ما يعرف بـ «ذيل إشعاع الكبح-bremsstrahlung tail »، والتي تتمثل في استقرار الجرعة عند قيمة ثابتة في نهاية المنحنى (الشكل 2) [1].

الشكل 2: منحنى جرعة العمق بالنسبة للإلكترونات.
جرعة السطح

على عكس الفوتونات، تكون جرعة السطح عند الإلكترونات كبيرة، حيث تتراوح بين 75% و95% من الجرعة القصوى. كما تتزايد هذه الجرعة مع ارتفاع طاقة الحزمة الإلكترونية عكس ما يحدث لدى الفوتونات. ويفسر هذا بطبيعة التصادمات التي تحدث للإلكترونات منخفضة الطاقة، حيث تنحرف هذه الإلكترونات بزوايا كبيرة مقارنة بالإلكترونات ذان الطاقة العالية. فتخسر جل طاقتها في مسافة قصيرة –أي أن الجرعة تصل إلى القيمة القصوى في مسافة أقل من تلك التي تستغرقها الإلكترونات عالية الطاقة. وهكذا، تكون نسبة جرعة السطح إلى الجرعة القصوى أصغر منها عند الإلكترونات عالية الطاقة (الشكل 3) [1].

الشكل 3: تغير منحنيات جرعة العمق بالنسبة للإلكترونات حسب طاقة الحزم.
منطقة التراكم

يسهم تشتت الإلكترونات في مسارات منحرفة عن المسار الأصلي للحزمة الإلكترونية إلى زيادة في دفق الإلكترونات. مما يؤدي إلى الارتفاع الملاحظ للجرعة، التي تودعها هذه الإلكترونات، في منطقة التراكم. وتتميز منطقة التراكم عند الإلكترونات بكونها أصغر من تلك التي لدى الفوتونات عالية الطاقة (يصغر فارق المسافة بين جرعة السطح عند Z=0 والجرعة القصوى عند Zmax) [1].

بعد تجاوز Zmax، تبدأ الجرعة في الانخفاض لأن الإلكترونات تستمر في خسارة طاقتها أثناء مسارها خلال جسم المريض. في النهاية، تستقر الجرعة على قيمة ثابتة بسبب ظاهرة الكبح. وتنشأ ظاهرة الكبح هذه عن تفاعل حزم الإلكترونات مع رأس المسرع أو مع الهواء الذي بين المريض والمسرع أو مع المريض نفسه [1].

في الختام، نذكر أن العلاج الإشعاعي لا يتأثر فقط بنوع الإشعاع المستعمل، بل بعوامل أخرى كطاقة الحزم الإشعاعية وحجم المجال الذي يحدد هذه الحزم وغيرها.

المصادر

[1] Radiation Oncology Physics : A Handbook for Teachers and Students

ما هي البكتيريا وكيف تنتقل؟

تُعتبر البكتيريا من أكثر الكائنات الدقيقة انتشارًا في البيئة من حولنا، فهي تمتلك القدرة على التكيف والعيش في الماء والتربة والطعام مما يُمكنها من الانتقال للإنسان بسهولة. وتختلف البكتيريا عن باقي الكائنات أولية النواة في أن الكثير منها يعيش بداخل أجسامنا دون أن يسبب أي مرض، بل وينفع الجسم. في الحقيقة، عدد قليل منها يسبب المرض. ولأن الكثير من هذه الأمراض تكون مُعدية فهي ذات تأثير كبير على الصحة العامة. لذا، دعونا نعرف المزيد عنها وكيف تنتقل؟

مم تتكون البكتيريا؟

تتكون من خلية واحدة محاطة بجدار خلوي، وغشاء خلوي، «السيتوبلازم-cytoplasm»، وبداخله «المادة الوراثية -DNA» ولكن في شكل دائري. بعض أنواعها تتكون من مكونات أخرى تجعلها أكثر قوة [1] مثل «الأهداب أو الأسواط- flagella» و«زوائد-pilli».

تصنيف البكتيريا

نظرًا لأن عدد البكتيريا هائل، اضطر العلماء إلى تصنيفها تبعًا لأُسس وخصائص معينة. وهناك خصائص عدة للتصنيف.

  1. الخصائص الشكلية مثل (شكل البكتيريا، وتوزيع الأهداب بها، والكبسولة المحيطة بها، والقدرة على الحركة).
  2. خصائص تتعلق بظروف النمو مثل (احتياج البكتيريا لوجود الأوكسجين، ودرجة حرارة معينة، ومغذيات معينة في وسط النمو، ودرجة «الأس الهيدروجيني-pH»، ومدى مقاومتها لبعض أنواع المضادات الحيوية). إذ تحتاج بعض أنواعها إلى الأوكسجين بشكل كامل، بينما تنمو أنواع أخري فقط في غيابه، وبعضها لا يتعلق نموه بوجود أو غياب الأوكسجين من الأساس، والبعض الآخر ينمو في وسط به قدر ضئيل من الأوكسجين.
  3. حسب نتيجة الاختبارات الكيميائية الحيوية، تستخدم بعض الاختبارات للكشف عن مجموعات كثيرة من البكتيريا، مثل تفاعل الكشف عن استخدام البكتريا لبعض أنواع الكربوهيدرات والمعروف بالتخمير. وكذلك يمكن الكشف عن وجود إنزيمات تقوم بتكسير الأحماض الأمينية. وتوجد اختبارات أخرى خاصة بعائلة واحدة أو نوع واحد فقط من البكتيريا، مثل التفاعل الذي يكشف عن قدرتها على إحداث تجلط. [2]

عوامل تؤدى إلى احتمالية الإصابة بالعدوى البكتيرية

سنأخذ بعين الاعتبار عدة أشياء، أولها أن البكتيريا تتكاثر بالانشطار الثنائي، مما يجعل دخول عدد قليل منها إلى الجسم قادر على الانتشار بسرعة كبيرة. كما تتسبب طريقة دخولها إلى الجسم في زيادة في احتمالية الإصابة، فعلى سبيل المثال تدخل بعض أنواع البكتيريا عن طريق الطعام الملوث أوعن طريق الدم.

ولأن للبكتيريا القدرة على الطفر، أي تغيير مادتها الوراثية بطفرات عشوائية، بشكل مستمر يظهر ما يُعرف طبيًا بـ«عوامل الشراسة -virulence factors». ولكن من الأفضل أن ندرس تأثير تلك العوامل بجانب الحالة الصحية لآليات الدفاع لدى الإنسان. ونقصد بهذه الآليات “المناعة”، سواء المناعة المتخصصة أو غير المتخصصة، وأكثر الأشخاص الذين يعانون من نقص المناعة هم الأطفال، وكبار السن، ومن يتناولون مثبطات مناعية، ومن خضعوا لعمليات زراعة أعضاء، والمصابون بمرض الإيدز، وكذلك مرضى السرطان.

أما بالنسبة لعوامل الشراسة فهي لها دور أساسي في مهاجمة الإنسان، واختراق خلاياه بسهولة. وتساهم تلك العوامل في تطور المرض بشكل كبير، ومنها أشكال عدة مثل:

  1. الزوائد، وهي تساعد على ثبات البكتيريا على سطح الخلية وتكوين مستعمرة على سطحها.
  2. الكبسولة، وهي غلاف خارج يحمى البكتيريا من الخلايا المناعية «الأكولة-macrophages» والتي تمارس عملية «البلعمة-phagocytosis»، أي التهام البكتيريا.
  3. «السموم الخارجية-exotoxin»، وهي مجموعة من البروتينات السامة التي تفرزها بعض خلايا البكتيريا. ويمكن لتلك السموم تدمير خلايا الإنسان، ومنها ما يستهدف الأعصاب ويُعرف بالسم العصبي.
  4. «السموم الداخلية-endotoxin»، وهي تراكيب تُوجد على سطح الخلايا، يمكنها أن تغير من ضغط الدم. كما تسبب ارتفاع درجة حرارة الجسم، وتؤدي إلى حدوث التهاب. [3]

كيف تنتقل البكتيرية العدوى من شخص لآخر؟

رصد العلماء عدة طرق لانتقال البكتيريا منها:

  • الاتصال المباشر، ويقصد بها ملامسة المريض، عن طريق السلام باليد مثلًا.
  • الرذاذ الذي يخرج من المريض عند العطس مثلا وتكون أنت بالقرب منه فتُصيبك بعض هذه القطرات. وهذه الحالة تسمى انتقال الرذاذ. ولكن عندما تُحمل هذه القطرات على ذرات الهواء وتنتشر في المكان، ثم يستنشقها إنسان آخر هذا ما يسمى «محمولة جوًا-airborne ».
  • الطعام أو الشراب الملوث بالبكتيريا، ويُسمى ب«الانتقال البرازي الفموي-fecal oral transmission».
  • قد يكون هناك «وسيط أو ناقل-vector»، وغالبًا ما يكون من «المفصليات-arthropods» مثل الخنافس. وتقوم الخنافس، أو الوسيط، هنا بأخذ وجبة من دماء أحد المصابين، ثم تنقل المرض إلى شخص أخر. [1]

طرق الوقاية من العدوى البكتيرية

  1. القضاء على مصدر العدوى. إذا كان ناقل العدوى نوع معين من الحشرات يجب إبادته، وإن كان الطعام أو الشراب ملوث فيجب الاهتمام بتعقيم مياه الشرب والري، وتجنب الملوث منها.
  2. معالجة المرضى حتى نقلل من انتشار العدوى.
  3. الحفاظ على نظافة اليد واستخدام معقم.
  4. بعض العدوى تحتاج إلى عزل المريض، وقد يكون العزل في المنزل أو المستشفى على حسب شدة المرض.
  5. الوقاية باستخدام المضادات الحيوية، وهي ذات نفع كبير لحماية الأشخاص المتصلين مباشرة بالمريض. ولكن استخدامها ليس بكفاءة استخدام الأمصال “vaccines”.

كل ما سبق يوضح لنا أهمية البكتيريا وخطورتها. كما أنها في تواصلها مع بعضها البعض تكوّن ما يشبه المجتمعات البشرية فتشعر ببعضها البعض وتتجاوب مع متغيرات بيئتها. كل ذلك جعلها سلاح ذو حدين، فمنها الفائدة للجسم فيما يعرف باسم البكتيريا النافعة، ومنها الخطورة عليه. لذا، قدمنا لكم هذا المقال عملنا بمقولة، اعرف عدوك، وصديقك أيضًا.

المصادر:

1- Bacterial Infections: Overview – PMC (nih.gov)

2- pubmed

3- pubmed

كيف تميزت العمارة الآرامية وما أهم خصائصها؟

لعل أوّل ما يتبادر إلى ذهنك أثناء التحدّث عن عمارة الحضارات القديمة لبلاد ما بين النهرين (بلاد الرافدين) هي العمارة السومرية، أو ربّما الآشورية، أو البابلية. ولكن هل سمعت من قبل عن العمارة الآرامية؟ اعتقد الخبراء سابقًا أنَّ منطقة سوريا كانت ملتقىً للصراعات والنزاعات بين الحضارات، أو أنّها خضعت لسيطرة حضارات قوية كالآشورية مثلًا. ولكن مع ازدياد التنقيبات الأثرية والحفريات، اكتُشفت معلومات جديدة سلّطت الضوء على أهمية حضارات وشعوب سكنت المنطقة. وأسّست كذلك مراكز إدارية مستقلّة، وعلى سبيل المثال العموريين والكنعانيين والآراميين. فمن هم الآراميون وكيف بنوا حضارتهم؟

الصعوبات التي تواجه علماء الآثار

يواجه علماء الآثار في الواقع صعوبات أثناء دراسة العمارة الآرامية. وذلك نتيجة عدّة أسباب ومنها : تعايش الآراميين مع شعوب «الحيثية الجديدة-Neo Hittite/luwianor ». ففي بعض الأحيان يصعب تحديد ما إذا كان أصل النخب آراميًا أو حيثيًا جديدًا. أما سياسيًا فقد كان العالم الآرامي مجزّأً إلى عدد من الممالك الصغيرة نسبيًا، بعضها حضري وبعضها الآخر لا يزال بدويًا. فلم يكن هناك قط مركز سياسي أو ثقافي على وجه التحديد. إضافةً إلى صعود النفوذ الآشوري، فقد غزت الإمبراطورية الآشورية العديد من الممالك الآرامية. ومن ناحية أخرى تمّ الكشف عن القليل من آثار العمارة الآرامية حتى الآن. والتي تثير العديد من التساؤلات حول هويّتها وكيف ومتى تطوّرت. [1]

آرام والممالك الآرامية

ظهرت أوّل إشارة حقيقة إلى آرام في القرن 14 ق.م، من نص فرعون الدولة المصرية الحديثة وهو أمنحتب الثالث. ويشهد على منطقة تقع في شمال ووسط سوريا. أما بالنسبة للنصوص الآشورية ففي القرن 11 ق.م ظهر مصطلح آرام في ارتباط مع مجموعات الأخلامو أي البدو الرحّل. وتشير النصوص إلى منطقة تقع بين الخابور والفرات وحتى أبعد من ذلك. وفي القرن 8 ق.م تم ذكر آرام العليا والسفلى، وتشير هذه المصطلحات على الأرجح إلى منطقة جغرافية يبدو أنها تغطي تقريبًا حدود سوريا الحديثة. وفيما يتعلق باسم آرام فمن بين الاقتراحات الأكثر قبولًا هو أصل مشتق من الجذر السامي رومو ومعناه أن يكون عاليًا. ويفسّر اقتراح آخر للاسم بأنه جمع تكسير ويعني الظباء البيضاء، أو الثيران البرية.

تعد الآرامية واحدة من تحالفات القبائل التي تتحدث لغة سامية شمالية (الآرامية). وازدهرت في العصر الحديدي وشكّلت عدّة ممالك اشتركت في نفس اللغة والدين والتنظيم الاجتماعي. ومن هذه الممالك مملكة بيت عديني جنوب كركميش، ومملكة بيت بخياني وعاصمتها غوزانا (تل حلف)، وسمآل في تركيا، وبيت أجوشي في حلب، ومملكة آرام دمشق، وآرام حماة، وغيرها من الممالك.

وشهدت سنة 720 ق.م نهاية استقلال الممالك الآرامية في الغرب على يد الآشوريين. بينما حافظ الآراميون على طول نهر دجلة السفلي على استقلالهم لفترة زمنية أطول. وفي عام 626 ق.م انضمّت الممالك الآرامية إلى سيطرة الدولة البابلية الجديدة. [2][3]

كيف صمّم الآراميون مدنهم؟

لا تفي جميع المواقع الآرامية بالمعايير الحديثة للمدينة. وبالرغم من ذلك يمكن تعريف عواصم الممالك الآرامية بأنها مدن حقيقية بالمعنى الحضري. ويمكننا تمييز نوعين من المدن الآرامية، أوّلًا تلك التي لها تاريخ استيطاني طويل حتى قبل قدوم الآراميين مثل دمشق، وحماة، وهازرك أي تل آفس اليوم. وثانيًا تلك المواقع التي أسّسها الآراميون حديثًا أو على الأقل أعادوا تأسيسها، وأبرزها سمآل وغوزانا وأرباد وغيرها من المدن أيضًا.

تقع مدينة غوزانا بالقرب من الحدود التركية السورية، وصمّمت بشكل مستطيل. يحدّها شمالًا أحد فروع نهر الخابور وخندق، بينما قد حصّنها الآراميون بجدار من الطوب الطيني في جوانبها الأخرى. وعمومًا تُقسم المدينة إلى جزئين، الجزء الشمالي المحصّن المتمثِّل بالقلعة ومدينة سفلى ممتدّة إلى الجنوب. ولا يكاد يعرف أي شيء عن اصطفاف الشوارع في غوزانا وعن مواقع بوابات المدينة. [1][4]

ولم يتم تحديد أي مدينة آرامية أخرى ذات تصميم مستطيل حتى الآن، وقد يكون ذلك نتيجة الأدلّة الأثرية الضئيلة. من ناحية أخرى، أظهرت على الأقل 3 مدن آرامية مهمّة، والتي تقع غرب التأثير الآشوري تصميما دائريا أو نصف دائري، مثل سمآل وأرباد وتل برسيب. فمدينة سمآل مثلًا لها شكل دائري شبه كامل ب 3 بوابات تبعد كل منها عن الأخرى بمسافة منتظمة. وتمركزت المباني العامّة وهي القصور داخل القلعة الحصينة، حيث تقع في وسط المدينة. وبناءً على ما أظهر التنقيب الأخير فقد خطّط الآراميون الشوارع بشبكة منتظمة من الشوارع الشعاعية متّحدة المركز.

صورة لمخطط المدن الآرامية سمآل وغوزانا/تل حلف وتظهر بها القلعة المحصنة

وبشكل نهائي يمكن ملاحظة مجموعة متنوعة من المدن الآرامية تتشابه معظمها بوجود قلعة محصّنة بقوّة. وتقع القلعة في معظم الأحيان على أطراف المدينة على مقربة من ضفّة النهر، وبالتالي اتصلت مباشرةً بإمدادات المياه، واستثنيت من ذلك سمآل، وربما يرجع سبب ذلك إلى عدم وجود مجرى مائي متاح. [1]

التحصينات في العمارة الآرامية

أجبرت الصراعات العسكرية الدائمة بين الممالك الآرامية، والتهديد المتزايد من توسّع الإمبراطورية الآشورية ؛ المدن الآرامية أن تكون محصّنة بشدّة. فحصّن الآراميون مدينة سمآل على سبيل المثال بجدار مزدوج مع أساسات من الحجارة البازلتية، إضافةً إلى خندق مائي. إذ يبدو أن الخنادق كانت جزءاً لا يتجزّأ من أنظمة التحصين في العمارة الآرامية. في المقابل كان لغوزانا جدار واحد فقط، والذي بني من الطوب الطيني بالكامل.

وبما أنّ المدن الآرامية والحيثية الجديدة كانت محاصرة أكثر من المدن البابلية والآشورية، فإنّ بواباتها حُصّنت بقوّة أكبر. ففي حين أن بوّابات آشور وبابل كانت واسعة للغاية مع ممرّات محورية مستقيمة، والتي أعطت بدورها رؤية مباشرة من الخارج إلى وسط المدينة. كانت البوابات الآرامية أقل اتساعًا بكثير. ومن أجل تعزيز الأمن، فقد فُضّل الوصول إلى الداخل عبر محور منحنٍ. كما أجبرت الحوائط الموجودة أمام البوّابات أي متسلّل على الاقتراب من الأمام بزاوية حادّة، وبالتالي اختلف المحور البصري أيضًا.[1]

ما هي القلاع في العمارة الآرامية؟

تعرَّف القلعة لدى الآراميين بأنّها منطقة مرتفعة داخل المدينة، تُفصل عن القطّاع السكني من خلال ارتفاعها وتحصيناتها القوية. كما يقيَّد الوصول إلى القلعة من قبل سكان المدينة السفلى. يدل هذا على وجود تفرقة، سواءً كانت ذات طبيعة عرقية، أو دينية، أو اجتماعية. وعلاوةً على ذلك، فقد أوحت القلاع بسبب خصائصها بوجود نخبة تسيطر على المدينة وأراضيها. وبُني للقلعة في أغلب الأحيان بوّابة واحدة من جهة المدينة السفلى، وبوّابة أخرى على ضفّة النهر. يرجّح العلماء أنّها وضعت بمثابة ممر سرّي للهروب أثناء الغزوات الخارجية، أو الثورات الداخلية. فقد حدثت ثورات عدّة خاصّةً أثناء السيطرة الآشورية.[1]

قُسّمت القلاع عمومًا إلى منطقتين، يفصل بينهما جدار داخلي. فإذا عبر زائر قادم من المدينة السفلى بوابة القلعة فسيصل أولًا إلى المنطقة الخارجية من القلعة. وعليه أن يعبر بوابة ثانية ليصل إلى المنطقة الداخلية. ونلاحظ هذا النمط في غوزانا، إذ فصلت بوابة العقرب بين القسمين. كذلك الأمر في سمآل وحماة وغيرها. [1][4]

قصور العمارة الآرامية

تميّزت القصور لدى الآراميين بالبساطة، ورغم ذلك فقد أثّرت بعض عناصرها بشدّة على الآشوريين. وصمّمت عادةً بهيكل داخلي ثلاثي. إذ يقع المدخل الضخم بشكل عام من جهة واحدة، ويميّزه عمود بارز. ويتيح الوصول إلى قاعة المدخل التي يحيط بها عادةً برجين كالغرف المربّعة. وبالقرب منها تقع القاعة الرئيسية في الوسط، والتي يفترض أنها قاعة العرش. وتتموضّع خلفها صف من الغرف الصغيرة، والتي تمثّل الجزء الأخير من المجموعة الثلاثية. [1]

لا يوجد دليل حتى الآن على الزخارف واللوحات الداخلية. أما بالنسبة للواجهات الخارجية فغالبًا ما زيّنوها بنقوش على البازلت أو الحجر الجيري. وقد عُثر في غوزانا على قصرين في القلعة، القصر الغربي والقصر الشمالي الشرقي. وبينما كان الأوّل مزخرفًا على نطاق واسع بتماثيل مميّزة وضخمة تقدّمت المدخل، ولوحات منحوتة وضعت على طول الواجهات الجنوبية والشمالية على شكل نقش للحاكم الآرامي كابارا. إلا أن القصر الشمالي الشرقي افتقر هذه الزخارف. ويرجّح بعض الخبراء أنّه كان بمثابة مسكن للحاكم كابارا. [4][1]

مدخل القصر الغربي في غوزانا، وكان قد نُقل إلى المانيا وهناك قد تضرر بشدة بعد القصف البريطاني
تصور لقصر كابارا في قلعة مدينة غوزانا

المعابد والدين في الممالك الآرامية

من المثير للدهشة أنّه لم يظهر حتى الآن أي معبد كالزيقورات في المدن الآرامية الرئيسية. ولا ندري أهذه مصادفة أثرية أو انعكاس لسياسة دينية آرامية محدّدة، وما يزال هذا الموضوع قيد النقاش. بغض النظر عن اختلافات تصميم المعابد فقد اشتركت بعناصر معيّنة، إذ ضمّت عددا محدّدا من الغرف فقط.، فخَلَت من أي تعقيد داخلي. أظهرت المعابد الآرامية صرامةً ومحورًا بصريًّا مباشرًا، من الخارج إلى الحرم ومنه إلى الضريح. إضافةً إلى السمة الرئيسية التي تمثّلت برواق مفتوح، مما يشير إلى شفافية مماثلة لتلك الموجودة في القصور الآرامية. أما بالنسبة إلى مواقع المعابد، فقد تنوّعت بشدّة، فمنها ما وقع خارج المنطقة الداخلية ضمن القلعة، ومنها ما شُيّد في أراضٍ معزولة. ويعتقد بعض الخبراء أن هذه الاختلافات تعكس وظيفة المعابد. [1]

حفر المنقّبون المعبد الغربي في قلعة تل آفس. وقد امتدّ بطول 32 م من الشمال إلى الجنوب، ووضع مدخل المعبد في الجهة الجنوبية ضمن عتبة تبلغ 8.5 م. وأحيط المدخل ببرجين جانبيين، وقد تضرّر الجزء الداخلي من المعبد بشدّة. عُثر في المعبد على حجر بازلت، إضافةً إلى أقماع وفخاريات منقوشة، لم تتضح هويتها بعد. لكن يرجّح أنّها زخرفة جدارية للواجهات الخارجية، ربّما وضعت أيضًا كوظيفة إنشائية بحيث تستعمل لجمع مياه الأمطار، ومنعها من السقوط مباشرةً على قاعدة الجدران. [5]

تصور ثلاثي الأبعاد لمعبد تل آفس، صنعه c.Alvaro وحقوق الصورة تعود ل Archivio Missione Archeologica a Tell Afis

تم تخصيص معابد مميزة لعبادة الأسلاف في العمارة الآرامية. نجد منها غرفة العبادة في مدينة غوزانا السفلى، وهي غرفة طويلة بها دهليز و 3 غرف صغيرة مجاورة. وعلى الرغم من عدم حفر أبنية مماثلة حتى الآن ،إلا أن هناك أدلّة واضحة على وجود عبادة مماثلة في مدن آرامية أخرى. [1][4]

كيف دفن الآراميّون موتاهم؟

اكتشفت في غوزانا عدد من المباني الشبيهة بالمصلى، يتكوّن كل منها من غرفة أو اثنتين. احتوى اثنان منها على تماثيل ضخمة تصوّر نساء يجلسن ويمسكن الكؤوس في أيديهن اليمنى، وارتبط هذا النوع من التماثيل بالأسلاف، فقد كان له بالفعل تقليد طويل في سوريا في ذلك الوقت. واكتشف أسفل أحد هذه التماثيل جرّة تحتوي على العظام المحروقة للموتى، وبعض السلع الفاخرة أيضًا. ومن المثير للاهتمام التغيير الجذري لعادات الدفن مع تأسيس المدن الآرامية، حيث استبدل الآراميون الدفن بحرق الجثث. وما يزال السبب وراء ذلك مجهولا. [4]

التماثيل المكتشفة في غوزانا (تل حلف)

أسئلة كثيرة

مع الاكتشافات المستمرّة للآثار المبنية والوثائق المكتوبة، نجد نفسنا نقف أمام حضارة عريقة بلا شك. رغم أننا لا نعلم عن عمارتها الكثير، إذ هناك تساؤلات عدة ننتظر أن تقدّم لنا الحفريات عنها مزيدا من المعلومات والأجوبة في أقرب وقت ممكن.

المصادر

  1. academia
  2. oxford bibliographies
  3. Britannica
  4. universität Bern
  5. research gate

من هو هيرميس في الاساطير اليونانية؟

من هو هيرميس؟

أدوار عديدة

من هو هيرميس في الاساطير اليونانية؟ كان «هيرميس-Hermes» إلهًا متعدد الأوجه بشكل غير عادي، مع العديد من الأدوار والمسؤوليات في جميع أنحاء العالمين الإلهي والبشري. كان رسول الآلهة ومخترع النار ومبتكر الترفيه البشري والآلات الموسيقية (المصفار والقيثارة) والأحداث الرياضية (أنواع عديدة من السباقات ورياضة الملاكمة) كما كان راعي اللصوص ( لأنه كان له الفضل في سرقة ماشية أبولو في يوم ولادته) و«مرشد للأرواح- psychopomp» (مرافقة أرواح الموتى) الذي ساعد الموتى في العثور على طريقهم إلى الحياة الآخرة (العالم السفلي في الأساطير اليونانية). تصور العديد من الأساطير اليونانية هيرميس على أنه الإله الوحيد إلى جانب هاديس وبيرسيفوني الذي يمكن أن يدخل ويغادر العالم السفلي دون عائق كمرشد للأرواح. [1]

شكله وأدواره الاخرى

تم تصوير هيرميس إما على أنه شاب وسيم ورياضي بلا لحية أو كرجل كبير السن ملتح، يرتدي أحذية مجنحة ولديه عصا. كان هيرميس معروفًا أيضًا بالإله الأولمبي للحدود والمسافرين الذين عبروها وإله رعاة اللأبقار والغنم، والخطباء والفطنة، والأدب والشعراء، والرياضيين، والأوزان والمقاييس، والاختراع، والتجارة بشكل عام، ومكر اللصوص والكذابين. «ترنيمة هوميروس- Homeric hymn» لهيرميس ذكرته باعتباره صاحب التحولات العديدة، والماكر المتملق، والسارق،و راعي الماشية، وجالب الأحلام، والمراقب في الليل، واللص عند البوابات. [2] [1]

هيرميس وميركوري

في التعديل الروماني للديانة اليونانية، تم مقارنة هرميس بالإله الروماني «ميركوري- Mercury»، الذي طور العديد من الخصائص المماثلة مثل كونه راعي التجارة، على الرغم من أن ميركوري موروث عن «الأتروسكان- Etruscans»،. بالإضافة إلى ذلك، ربط مؤلفو الأساطير والمقارنون الحديثون أيضًا هيرميس بالآلهة المحتالة في الثقافات الأخرى. [1]

الأساطير:

في حين أن هيرميس كان بالتأكيد إلهًا مهمًا للشعب اليوناني القديم (كما يشهد على ذلك بروز طائفته)، فإن وجوده في الروايات الأسطورية الباقية ضئيل إلى حد ما. بصرف النظر عن الرواية الفكاهية لميلاده الموصوفة في ترنيمة هوميروس لهيرميس، فإن وجوده في الحكايات الأسطورية الأخرى إما عرضي أو وظيفي (حيث يؤدي دور الرسول للأولمبيين الآخرين). [1]

ولادة هيرميس

كما هو الحال مع العديد مع الجيل الثاني من الأولمبيين، كان هيرميس نتاجًا لواحد من مغامرات زيوس العديدة خارج إطار الزواج. في هذه الحالة بالذات، أصبح إله السماء مفتونًا بمايا، الإلهة خجولة التي تجنبت رفقة الآلهة، وعاشت داخل كهف عميق مظلل. في هذا الجبل، كان الإله المفعم بالحيوية يتسلل، بعد انتظار زوجته الغيورة لتغفو. لذلك، حدث في النهاية أن مايا أصبحت حاملاً وبعد تسعة أشهر، أنجبت هيرميس. [1]

صنع القيثارة

سرعان ما قفز الإله الشاب، الذي كان بالفعل ذكيًا بشكل خارق للطبيعة، من مهده حيث واجه سلحفاة بسعادة. يقال إنه قتل المخلوق، وأفرغ تجويف جسده وصنع أول «قيثارة- lyre» في العالم من بقاياه. بعد عزف لحن قصير، أدرك الشاب العبقري أن ما يريده حقًا هو تذوق اللحوم، مما دفعه إلى الخروج من كهف والدته بحثًا عن الماشية لسرقتها. [1]

سرقة ماشية أبولو

بإلقاء نظرة خاطفة عبر الحقول المجاورة، سقطت عين هيرميس على القطيع الثمين لأخيه غير الشقيق، أبولو. بدون أي تفكير، تسلل الإله المتهور (وغير الأخلاقي إلى حد ما) إلى مرعى أخيه وهرب بسرعة بخمسين رأسًا من الماشية (مع التأكد من قيادتها بحيث تسير إلى الخلف، من أجل إرباك أي شخص يلاحقه). بمجرد أن تم إخفاء حصيلة السرقة الخاصة به، ذهب هيرميس على عجل إلى مهده، ولف ملابسه حول كتفيه كما لو كان طفلاً ضعيفًا وكان يلعب بالغطاء حول ركبتيه؛ لكنه أبقى يده اليسرى قريبة من قيثاره الجميل. [1]

عتاب والدته

 لكن هيرميس لم يمر دون أن تراه أمه، فقالت له: “كيف الآن، أيها المارق! من أين ترجع في الليل، أنت الذي تلبس الوقاحة كثوب؟ والآن أعتقد بالتأكيد أن ابن ليتو سيخرجك قريبًا من الأبواب بحبال غير قابلة للكسر حول ضلوعك، أو ستعيش حياة مارقة في الوديان تسرق من حين لآخر. اذهب إذن إلى والدك، فأنت مصدر قلق كبير للبشر الفانين والآلهة الذين لا يموتون “. رد هيرميس بإخبارها أنه لا يطلب منها كلمات حادة وأنها يجب أن تكون ممتنة لأن سرقته ستكون قادرة على توفير الرخاء لهم. أخيرًا، ذكر الإله الشاب أيضًا أنه يعتقد أنه يستحق نفس الاحترام والوفاق الذي مُنح لأخيه الأكبر، أبولو، وأنه إذا لم يحقق ذلك من خلال الوسائل النموذجية، فسيكون على استعداد لذلك اسرقها. [1]

حكم زيوس

في الصباح، ظهر أبولو غاضبًا عند مدخل الكهف، طالبًا التحدث إلى كل من سرق ماشيته. غير مقتنع بتظاهر هيرميس بأنه طفل بريء، خطف الإله الأكبر الطفل من مهده ورافقه إلى أوليمبوس لتلقي الحكم من زيوس. أمره إله السماء، الذي كان مستمتعًا بفعل ابنه الصغير، ببساطة بإعادة الماشية إلى أبولو. لكن زيوس ضحك بصوت عالٍ لأن طفله أنكر سرقته للماشية. وأمرهما بأن يكونا في على وفاق ويبحثا عن الماشية، ووجه زيوس ابنه هيرمس لقيادة الطريق، وبدون أي خداع منه، لإظهار المكان الذي أخفى فيه الماشية. ثم احنى ابن كرونوس رأسه وأطاعه هيرمس. [1]

سلام بين الأخوة

لتسوية خلافاته مع أبولو، قدم للإله الأكبر قيثارة. نظرًا لارتباط أبولو بالموسيقى، فلا عجب أن هذه الهدية كانت عرض سلام مناسب. في الواقع، كان أبولو سعيدًا جدًا لأنه أدى قسم السلام والأخوة لأخيه الأصغر. مقتنعًا بأن طفليه قد توصلا إلى السلام حقًا، أمر زيوس بأن يكون هيرميس المجيد سيدًا على كل طيور الفأل والأسود ذات العيون القاتمة والخنازير ذات الأنياب اللامعة، وعلى الكلاب وجميع القطعان التي تغذيها الأرض الواسعة، وعلى جميع الخراف. وأيضًا أنه يجب أن يكون فقط الرسول المعين إلى هاديس. [1]

أساطير أخرى

روايات أسطورية أخرى حول هيرميس تضعه إما في دور عرضي أو وظيفي. تتضمن بعض الأمثلة الشروع في مهام متخفية مختلفة مثل خداع الملك بريام للقاء مع أخيل خلال فترة الإلياذة، وتقديم التماس إلى كاليبسو لإطلاق سراح أوديسيوس واستخدام السحر أو الخداع لقتل العملاق «آرجوس- Argus» (نيابة عن زيوس، الذي رغب في إقامة علاقة غرامية مع الحورية الذي كان يحرسها)، وزيارة بروميثيوس المقيّد، أيضًا نيابة عن زيوس. [1]

ذريته:

على الرغم من مكانته المحدودة في المجموعة الأسطورية الباقية، كان لهيرميس الفضل في إنجاب العديد من الأطفال، من خلال العلاقات الإلهية والإنسانية. بعض هذا النسل يشمل:

  • «هرمافروديتس- Hermaphroditus»، هو ابن خالد لهيرميس من خلال علاقته بأفروديت الذي تم تغييره إلى مخنث عندما حققت الآلهة حرفيًا رغبة الحورية «سالماسيس- Salmacis» التي عشقته في ألا ينفصلا أبدًا، وجعلتهما متحدين في جسد واحد.
  • كان «بريابس- Priapus»، الابن الآخر لاتحاد هيرميس وأفروديت، هو إله الخصوبة.
  • يقال أحيانًا أن «تيكه- Tyche»، إلهة الحظ، هي ابنة هيرميس وأفروديت.
  • «أبديرس- Abderus»، شاب بشري، كان ابن هيرميس الذي التهمته أحصنة ديوميديس.
  • «بان»، إله المراعي والخصوبة. [1]

عبادة هيرميس:

تم تكريم هيرميس في كل مكان تقريبًا في اليونان القديمة ولكن بشكل خاص في البيلوبونيز في جبل سيلين ودول المدن مثل ميجالوبوليس و كورنث و أرجوس. كان في أثينا واحدة من أقدم الطوائف للإله حيث كان يقام مهرجان «هيرمايا- Hermaia» للصبيان الصغار سنويًا. كانت ديلوس وتاناجرا وسيكلاديز أماكن أخرى كان هيرميس يحظى فيها بشعبية خاصة. أخيرًا ، كان للإله معبدًا شهيرًا في جزيرة كريت في كاتو سيمي حيث كان الشباب الذين أوشكوا أن يصبحوا مواطنين كاملين ينخرطون في طقوس لمدة شهرين حيث يقضون وقتًا في تنمية العلاقات الجنسية المثلية مع الرجال الأكبر سنًا في الجبال. سمح مهرجان هيرمايا آخر في جزيرة كريت للعبيد بأخذ دور أسيادهم مؤقتًا. مرة أخرى، يتضح هنا ارتباط هيرميس بعبور الحدود بجميع أنواعها. [3]

ألقاب:

تم إعطاء هيرميس العديد من الصفات في اليونان القديمة للدلالة على أدواره المتنوعة. تم تحديد أهم هذه الصفات أدناه:

  • « Acacesius»، الإله الذي لا يؤذي أحدًا ولا يتم إيذائه
  • « Agoraios» من أغورا
  • « Argeiphontes»، الذي يذكرنا بالنتيجة النهائية لمواجهته مع العملاق ذو العيون المتعددة آرجوس
  • « Charidotes»، مانح الروعة
  • « Cyllenius»، المولود على جبل سيلين
  • « Diaktoros»، الرسول
  • « Dolios»، المتآمر
  • « Enagonios»، من الألعاب الأولمبية
  • « Epimelius»، حارس القطعان
  • « Eriounios»، جالب الحظ
  • يشير « Logios» إلى مهارة هيرميس كخطيب. جنبا إلى جنب مع أثينا، كان هو التمثيل الإلهي القياسي للبلاغة في اليونان الكلاسيكية.
  • « Polygius»، وتعني “غير معروف”
  • « Psychopompos»، ناقل الأرواح. [1]

المصادر:

  1. new world encyclopedia
  2. theoi
  3. world history

مفاهيم أساسية لعلم الأدوية

يهتم علم الدواء بدراسة الخصائص التركيبية للعقاقير، وكيفية تصميم الأدوية وتصنيعها، والتقنيات الدوائية، والتداخلات الدوائية، ودراسة السموم، والخصائص العلاجية والتطبيقات الطبية والمضاعفات والآثار الجانبية للعقاقير الطبية. هناك العديد من المصطلحات الطبية والعلمية التي تخص الدواء، غالبًا ما يتم الخلط بينها ويتم التعامل معها على أنها مترادفات، سأتطرق في هذا المقال للضروري منها، وأوضح أهم المفاهيم الأساسية لعلم الأدوية.

خاصيتين رئيسيتين للدواء:

غالبًا ما يتم الخلط بين فعالية وفاعلية دواء معين، من المهم التمييز بين هذين الخاصيتين، إذ إنهما ليستا مترادفتان، ونستطيع من خلال المنحنيات المتدرجة للجرعة والاستجابة، تحديد خاصيتين رئيسيتين للأدوية، وهما الفاعلية والفعالية.

الفعالية Efficacy:

هي قدرة الدواء بعد الارتباط بالمستقبلات على إحداث تغيير يؤدي إلى تأثيرات معينة. تُعرف باسم الفعالية القصوى Emax، أي قدرة الدواء على إنتاج أقصى استجابة، بمعنى آخر، هي الاستجابة القصوى التي يمكن أن يثيرها الدواء، أو قدرة الدواء على إثارة استجابة فسيولوجية عندما يتفاعل مع مستقبلات.

الفاعلية potency:

هي مقياس مقارن للجرعات المختلفة لدوائين مطلوبين لإنتاج نفس التأثير الدوائي. تُعرف باسم قوة الدواء. بمعنى آخر، هي كمية الدواء اللازمة لإنتاج استجابة معينة.

مثال لكل من الفعالية والفاعلية:

بشكل عام، ينتج المورفين مستوى مثاليًا من التسكين غير ممكن مع أي جرعة من الأسبرين. وبالتالي، فإن المورفين أكثر فعالية من الأسبرين. وبالمثل، فإن فوروسيميد مدر للبول، ولديه قدرة أكبر على التخلص من الملح والسوائل من البول أكثر من الميتولازون. لذلك فإن للفوروسيميد فعالية أكبر من الميتولازون.

من ناحية أخرى، يستخدم 500 ملغ من الباراسيتامول و 30 ملغ من المورفين كمسكن. هنا، تتطلب جرعة صغيرة من المورفين إنتاج تأثير مسكن. بالتالي، فإن فاعلية المورفين أقوى من الباراسيتامول.

بعض الفروقات ما بين الفعالية والفاعلية:

  • تُقدَّر الفعالية بمقارنة الاختلافات في الاستجابة الأعلى بتركيزات أو جرعات دوائية عالية. من ناحية أخرى، يتم تقدير الفاعلية بمقارنة الجرعة (ED50).
  • تعتمد الفعالية على التركيز في موقع التأثير، وعدد ارتباط مستقبلات الدواء، والعوامل النفسية، وكفاءة اقتران تنشيط المستقبل بالاستجابات الخلوية. حيث أن فاعلية الدواء تعتمد على ألفة المستقبلات لربط الدواء ومدى فعالية تفاعل الدواء مع المستقبلات التي تؤدي إلى الاستجابة السريرية.
  • تعتبر الفعالية عنصرًا حاسمًا في اختيار دواء من بين أدوية أخرى من نفس النوع. بينما الفاعلية عنصر حاسم في اختيار جرعة الدواء.
  • الفعالية أكثر أهمية من الفاعلية، حيث أن الدواء ذو الفعالية الأكبر من الفاعلية يكون أكثر فائدة علاجية.
  • الفعالية مفيدة في تحديد الفعالية السريرية للدواء. بينما فاعلية الدواء مفيدة في تصميم أشكال الجرعات.

اختبار الفعالية والفاعلية:

فعالية وفاعلية الدواء لا يتم قياسها حتى المرحلة الثانية من التجارب السريرية. وهو خطر حقيقي في اكتشاف الأدوية، كما أنه يفسر سبب وجود الكثير من الأدوية التي تفشل في المرحلة 2 من التجارب السريرية. من أجل تقليل مخاطر الفشل، تقوم الشركات بعملية تسمى التحقق من صحة الهدف، وهو التأكد من ان الارتباط بين الدواء والهدف سوف ينتج عنه فائدة علاجية للإنسان.

الآثار الجانبية للدواء:

عندما يتناول المريض الدواء، يحدث نوعان من التأثيرات العلاجية: الآثار المرغوبة والأخرى غير المرغوب فيها. والأهم من ذلك، أن جميع الأدوية يمكن أن تسبب آثارًا جانبية علاجية غير متوقعة إلى جانب آثارها المفيدة. ترتبط شدة وحدوث هذه الآثار بحسب حجم الجرعة.

التأثير الجانبي والتأثير السام للدواء:

يُعرَّف التأثير الجانبي side effect بأنه التأثير غير المرغوب فيه علاجيًا ولكنه غالبًا لا مفر منه والذي يحدث عند الجرعات العلاجية العادية للدواء. هي ليست آثارًا خطيرة، ويمكن التنبؤ بها من الملف الدوائي للدواء في جرعة معينة.

أما التأثير السام toxic effect فهو تأثير ضار وغير مرغوب فيه ولكن يمكن تجنبه في كثير من الأحيان، حيث غالبًا ما يكون سببه استخدام الدواء بجرعة عادية ولكن لفترة طويلة أو جرعة زائدة من الدواء. من المحتمل أن تكون التأثيرات السامة للأدوية إما مرتبطة بالإجراءات الدوائية الرئيسية مثل النزيف بمضادات التخثر أو لا علاقة لها بالإجراء الدوائي الرئيسي مثل تلف الكبد بسبب جرعة زائدة من الباراسيتامول.

على سبيل المثال، يتم تناول كربونات الكالسيوم لعلاج نقص الكالسيوم أو هشاشة العظام، ويعتبر الإمساك من الآثار الجانبية التي لا يمكن تجنبها هنا. بينما يمكن تجنب التأثيرات السامة عن طريق الاستخدام الدقيق والحكيم للدواء.

بعض الفروقات التي توضح التأثير الجانبي والتأثير السام:

  • الآثار الجانبية ليست ضارة في كثير من الأحيان، بالرغم من أنها غير متوقعة من الناحية العلاجية ولكنها لا تهدد الحياة. على الجانب الأخر، فإن التأثيرات السامة ضارة وغالبًا ما تكون مهددة للحياة.
  • يحدث التأثير الجانبي ضمن الجرعة العلاجية العادية للدواء. أما التأثير السام فيحدث بسبب الجرعة الزائدة أو الجرعة المتكررة من الدواء. المقصود بالجرعة العلاجية هنا هي الكمية المحددة مسبقًا من الدواء والتي ستنتج التأثيرات العلاجية المثلى.
  • عدم ضرورة تقليل جرعة الدواء أو وقفها في حال التأثير الجانبي. عكس ذلك في التأثير السام يكون تقليل أو وقف الدواء ضروري.
  • في كثير من الأحيان لا حاجة لعلاج الآثار الجانبية، باستثناء الحالات الشديدة لتقليل الانزعاج أو المضاعفات. في حالة التأثيرات السامة، يتم علاج التسمم وإعطاء ترياق. على سبيل المثال، يجب إعطاء N-acetylcysteine ​​لعلاج السمية الكبدية الناتجة عن جرعة زائدة من الباراسيتامول.

Ec50, IC50:

هذه المصطلحات وإن كانت متشابهة، إلا أنها ليست متطابقة تمامًا، EC50: هو تركيز دواء يعطي استجابة نصف قصوى. IC50 هو تركيز مثبط حيث يتم تقليل الاستجابة (أو الارتباط) بمقدار النصف. من الطرق الجيدة لتذكر الاختلاف استخدام الاختصار “I” في IC50، والذي يرمز إلى التثبيط inhibition، على عكس “E” في EC50 ، والذي يشير إلى فعال effective.

المؤشر العلاجي، LD50, ED50

المؤشر العلاجي Therapeutic index: هو هامش الأمان الموجود بين جرعة الدواء التي تنتج التأثير المطلوب والجرعة التي تنتج آثارًا جانبية غير مرغوب فيها وربما خطيرة. تعرف هذه العلاقة على أنها نسبة الجرعة التي تنتج سمية إلى الجرعة التي تنتج استجابة مرغوبة سريريًا أو فعالة (TI= LD50/ED50)، حيث LD50 هي الجرعة التي يقتل فيها دواء ما 50٪ من مجموعة اختبار من الحيوانات و ED50 هي الجرعة التي يتم فيها إنتاج التأثير المطلوب في 50٪ من مجموعة الاختبار. بشكل عام، كلما كان هذا الهامش أضيق، زادت احتمالية أن ينتج الدواء تأثيرات غير مرغوب فيها. من الجدير بالذكر أن الدواء الأكثر أمانًا يكون له مؤشر علاجي أعلى. يعد الوارفارين مثالًا للدواء ذي المؤشر العلاجي الضيق، أما البنسلين فإنك يملك مؤشر علاجي كبير.

يحتوي المؤشر العلاجي على العديد من القيود ، لا سيما حقيقة أن الجرعة المميتة 50 لا يمكن قياسها عند البشر. وعند قياسها في الحيوانات، فهي دليل ضعيف لاحتمالية حدوث تأثيرات غير مرغوب فيها على البشر. ومع ذلك، فإن المؤشر العلاجي يؤكد على أهمية هامش الأمان، المتميز عن الفاعلية، في تحديد فائدة الدواء.

التركيز الأدنى الفعال والتركيز الادنى السمي


Minimum Effective Concentration (MEC): الحد الأدنى للتركيز المطلوب لتأثير الدواء، وتسمى في حالة المضادات الحيوية MIC، تعني هذه الأخيرة التركيز الأدنى المثبط للكائنات الحية الدقيقة minimum inhibitory concentration. أما minimum toxic concentration (MTC) فهي التركيز الأدنى الذي يُحدث سمية. ويقابلها مصطلح MBC، وهو التركيز الأدنى القاتل للكائنات الحية الدقيقة minimum bactericidal concentration.


إذا كان الدواء يعطي تأثيرًا علاجيًا بجرعة منخفضة ولا يحدث تأثيرًا سامًا إلا بجرعة عالية، فنحن نملك نافذة علاجية واسعة TW يمكن من خلالها استخدام الدواء بأمان.

تعتبر هذه المفاهيم من الأساسيات لعلم العاقير وعلم الصيدلة، وهي تحتاج سنوات من البحث ومراحل من الاختبارات للوصول إلى النتائج الدقيقة. كل ذلك العمل والجهد يفيد في تحديد أساسيات مهمة كجرعة الدواء وطريقة إعطاؤه وأمانه.

مفاهيم أساسية

المصادر:

ما هو الاقتصاد السياسي وما هي الرأسمالية؟

عرِّف الاقتصاد السياسي بأنه أساس تطور المجتمع. وهذا الأساس معني بإنتاج الخيرات المادية وأسلوب الإنتاج بالإضافة إلى دراسة العلاقات بين الناس في سياق الإنتاج ودراسة البناء التحتي في المجتمع. ولقد استخدم «آدم سميث-Adam Smith» مصطلح الاقتصاد السياسي للدلالة على ما يدعى اليوم “علم الاقتصاد”. [1] وهناك نوعان من القوانين الاقتصادية لتطور المجتمع.

1. القوانين الاقتصادية الموضوعية

هي أساس تطور النظام الاقتصادي للمجتمع، وهي التي تحدد العلاقات في ميدان الإنتاج، والتوزيع، والتبادل، والاستهلاك. وتختص في كونها قصيرة الأمد نسبياً، وتفعل فعلها في سياق مرحلة تاريخية معينة على عكس قوانين الطبيعة. ومع الانتقال من تشكيل اجتماعي إلى آخر، يتوقف فعل علاقات الإنتاج القديمة، وتنبثق علاقات جديدة. وهذا ما يفسر زوال تلك القوانين الاقتصادية من المسرح التاريخي، وظهور قوانين اقتصادية جديدة مكانها.

2. قوانين الطبيعة والمجتمع

تتسم هذه القوانين بسمة مشتركة، فهي ذات طابع موضوعي؛ أي انها تنشأ وتعمل بصورة مستقلة عن معرفتنا لها وعن رغبتنا في أن يعمل هذا القانون أو ذاك. هذا يعني أن الناس لا يستطيعون تعديل هذه القوانين أو إبطالها أو صنع قوانين جديدة، إنما يستطيعون فقط اكتشافها والتصرف انطلاقاً من فهمها واستخدامها في صالح المجتمع. إن البلدان الاشتراكية مثلاً، بمعرفتها لقانون التطابق بين علاقات الإنتاج والقوى المنتجة، أطاحت بسلطة المستثمرين واخذت تبني مجتمعاً جديداً بقيادة الأحزاب الشيوعية والعمالية بالتحالف مع الفلاحين.

نشأة النظرية الرأسمالية

حلّت الرأسمالية محل الإقطاعية كنظام اقتصادي ونمط إنتاج في بعض أنحاء أوربا الغربية بين عامي 1400-1900. وتطورت الرأسمالية عبر ثلاث مراحل كبرى، هي الرأسمالية التجارية، والرأسمالية الصناعية، والرأسمالية المالية.

الرأسمالية التجارية

ارتبط ظهور الرأسمالية بحركة الاكتشافات الجغرافية في القرن ال16، التي فتحت طرقاً تجارية جديدة أمام التجار الأوروبيين، وفرصاً لتحقيق الأرباح من خلال استقدام السلع المتنوعة ومراكمة الثروات.

الرأسمالية الصناعية

المحطة الثانية لتطور الرأسمالية في القرن ال18 اندلعت بظهور المصانع نتيجة للثورة الصناعية التي بدأت في إنجلترا. حيث اكتشفت تقنيات جديدة للإنتاج (كالمحرك البخاري وآلة الغزل)، وانتشرت هذه التقنيات في بقية أرجاء أوروبا.

وأدى ظهور المصانع في أوروبا إلى بروز طبقة جديدة في المجتمع هي البورجوازية، وقد لعبت دوراً هاماً في تطوير الإنتاج الصناعي والترويج للأفكار الرأسمالية وإحداث قطيعة مع النظام الإقطاعي السائد من قبل.

الرأسمالية المالية

دخلت الرأسمالية مرحلتها الثالثة مع نهاية القرن ال19، وتوصف هذه المرحلة بأنها مرحلة الرأسمالية المالية. وقد عرفت هذه المرحلة ظهور المؤسسات المصرفية العالمية الكبرى، والشركات القابضة. وانتعشت أسواق الأوراق المالية، ووقعت الشركات الصناعية تحت هيمنة القطاع المصرفي.[2]

أساليب الإنتاج قبل الرأسمالية

أسلوب الإنتاج المشاعي البدائي

 عرفت عملية الإنتاج البدائي بتدني و انخفاض مستوى قوى الإنتاج و كذلك أدوات العمل. و كانت تلك هي السمة الغالبة لعملية الإنتاج البدائي، و لهذا السبب؛ سعى الإنسان في صراعه المستمر مع الطبيعة إلى تطوير وسائل العمل. و قد استلزمت هده العملية آلاف السنين، وكانت الخطوة التالية في تطور القوى المنتجة نشوء الزراعة.[3]

أسلوب الإنتاج القائم على الرق

الرق هو أول أشكال الاستثمار في التاريخ وأشدها قسوة، فنظام العبودية أو الرق؛ هو امتلاك الإنسان للإنسان، فيكون الرقيق مملوكًا لسيده. وكانوا يباعون في أسواق النخاسة أو يشتَرون في تجارة الرقيق بعد اختطافهم من مواطنهم. ومن الجدير ذكره أن ممارسة العبودية ترجع لأزمان ما قبل التاريخ، حين تطورت الزراعة؛ فكانت الحاجة ماسة لأيدٍ عاملة. لجأت المجتمعات البدائية للعبيد لتأدية أعمال تخصصية. وكان العبيد يؤسرون خلال الغارات على مواطنهم أو تسديداً لدين. [4]

أسلوب الإنتاج الإقطاعي

وجد النظام الإقطاعي في جميع البلدان تقريباً ولكن بخصائص مختلفة. فاتسع الإنتاج البسيط في عهد الإقطاعية، ولكن هذا الانتاج في البداية كان يرتكز على الملكية الخاصة لوسائل الانتاج وعلى العمل الفردي. حيث احتدمت المنافسة بين منتجي البضائع، وأخذت تقسمهم إلى فقراء وأغنياء سواء في المدينة أو في القرية. ومع اتساع السوق، شرع منتج البضائع بأن يستأجر الفلاحين والحرفيين ممن حل بهم الخراب.

المراجع:

  1. political-encyclopedia.org
  2. www.aljazeera.net
  3. www.syr-res.com
  4. www.hindawi.org

الجزر يقوّي النظر ما بين الخرافة والحقيقة!

سنروي هنا أحد أشهر الأقاويل، مضيئين فيها مواطن الخطأ والصواب، مثل أصل الاعتقاد بأن الجزر يقوّي النظر. فما السبب في ظهور هذا الاعتقاد؟ وما هو الجزر، وما فوائده؟ وما قصة فيتامين A أو فيتامين أ، وفوائده للرؤية وللجسم ككلّ؟ وكذلك سنتحدث عن مشاكل نقص فيتامين أ. وعلاقة “البيتا كاروتين-Beta carotene” بالرؤية بشكل خاص والجسم عامةَ.

بداية أسطورة الجزر يقوّي بالنظر

تعود أسطورة الجزر إلى الحرب العالميّة الثانية التي حوّلته من مجرّد طعام حيوانات إلى مصدر غذائيّ هام. حيث اكتشف البريطانيّون في الحرب العالميّة الثانية الرادار، بالتالي أصبح بإمكانهم رؤية عدوّهم حتّى في الليل. وعندما علم الألمان بذلك، بدأوا البحث عن سبب قدرة الجيش البريطاني الهائلة على كشفه ليلاَ. وهنا سارع الجيش البريطاني على بثّ شائعة الجزر المقوي للنظر، وأنّ طيّاريهم لديهم من القدرة على الرؤية ليلاَ بما لا يمكن تصوّره. وأنّ السبب في ذلك يعود إلى تناولهم الجزر بكثرة! [1]

كان لتلك الشائعة فضلٌ جمٌّ في تضليل العدوّ عن تلك التكنولوجيا العجيبة التي اخترعوها آنذاك. لكن ما لم يخطر في بال الجيش البريطاني أن تبقى تلك البدعة وريثةَ للأجيال واحداَ تلو الآخر حتّى زماننا هذا. وها نحنُ هنا بصدد دحض الشائعة وتوضيح ما صدقَ منها وما بطل.

لماذا اختار البريطانيون الجزر؟

ما هو الجزر وما الذي ميّزه عن أقرانه من الخضروات حتى يختاره الجيش البريطاني وريثاَ لتلك البدعة؟ إن الجزر خضار جذري، أي أنّ الثمرة التي نتناولها هي جذر ذلك النبات. في البداية كان يستخدم الجزر لأغراض طبيّة، وفيما بعد أصبح يستخدم كطعام، ولا ننسى أنّ للحرب العالميّة الثانية دور في ذلك. ففي ظل شحّ باقي الخضروات بسبب الحرب، تمّ تعزيز الجزر كبديل عنها.

ويمكن تناول الجزر بطرق مختلفة كطعام، لكنّ أثبتت الدراسات أنّ غلي الجزر يفسد الكثير من الفيتامينات الموجودة فيه وبالتالي نقص عناصره الغذائيّة. أمّا عن أهمّ العناصر الغذائيّة الموجودة فيه فهي كالتالي:

  • الجزر أحد أفضل الأطعمة التي تحتوي على البيتا كاروتين إلى جانب اليقطين والبطاطا الحلوة.
  • الجزر مصدر هام لفيتامين A.
  • يحتوي الجزر على العديد من العناصر المفيدة: “كالفلافونيدات-Flavonoids”، وهي مضادات للأكسدة، ويوجد غيرها الكثير من العناصر التي تدعم وظائف الجسم المختلفة.

هل الجزر يقوّي النظر حقًا كما يقال؟

في الحقيقة، هناك علاقة بين ما يحتويه الجزر من عناصر مفيدة للعين وبين النظر بالفعل. فالجزر مصدر هام لفيتامين A أو فيتامين أ، ولكن ما أهمية فيتامين أ للعين؟

لفيتامين أ دور في حماية صحّة العين، ويعد النقص الغذائي الأكثر شيوعاَ في العالم. وقد وُجِد أنّ نقص فيتامين أ يسبّب جفاف العين، ويقودنا جفاف العين إلى ما يسمّى بالعشى أو “عدم الرؤية ليلاَ”. وفي حالة المستويات المنخفضة من الفيتامين أ، فقد يسبّب صعوبة رؤية، وأحيانًا يؤدي إلى تنكّس المستقبلات الموجودة بالعين. وبالتالي تحدث مشاكل بالعين كجفاف القرنية مما يؤدي إلى ترقّقها وتقرّحها وانثقابها، وجفاف الملتحمة. كما قد تظهر بقع رغويّة متعدّدة الأشكال على بياض العين. [2]

يسهم هذا الفيتامين في صناعة بروتين قادر على امتصاص الضوء في شبكيّة العين ويدعم عملها. بالتالي يؤدي نقصه إلى تلف في الشبكيّة الذي بدوره يؤدي لضعف شديد في البصر في مؤخرة العين. ويعدّ نقص فيتامين أ السبب الأكبر للعمى الذي يمكن الوقاية منه عند الأطفال. وهنا نعود إلى المقولة “الجزر يقوّي النظر”، لم نقول عنها أنها شائعة ما دامت الفوائد كبيرة؟

وُجِد أنّ معظم الناس لا تتحسّن الرؤية لديهم بتناول الجزر إلّا إذا كان سبب مشكلة الرؤية لديهم نقص فيتامين أ بالأساس. وقد لا يكون الجزر وحده قادراَ على تغطية هذا النّقص دون الحاجة لتعويض النقص دوائيّاَ. ومع الانتباه إلى أنّ بعض أشكال فيتامين أ يمكن أن تكون سامّة بجرعات عالية، لذلك يجب المراقبة الدوريّة عند الطبيب عند أخذ جرعات عالية منه. إذن فهناك حقيقة بدرجة ما في الشائعة، ولكن ما المكونات الأخرى في الجزر المتعلقة بالرؤية غير فيتامين أ؟

مكونات وفوائد أخرى للجزر

نأتي إلى فضل الجزر بما يحتويه من “البيتا كاروتين” على الرؤية. فبدايةَ، يحوّل الجسم البيتا كاروتين إلى فيتامين أ الذي بدوره يدعم الرؤية ويحمي صحّة العين. ويمكن القول أنّ البيتا كاروتين بحدّ ذاتها ليست ذات فائدة، وإنّما تأتي أهميتها من كونها مصدر مهم لفيتامين أ. وهي من مضادات الأكسدة التي تحمي العين والجسم بشكل عام من الجذور الحرة التي تدمر خلايا الجسم. [3]

إضافةَ لفوائده الكثيرة على العين، فللجزر فوائده التي يجب عدم إغفالها على الجسم ككلّ. فهو يحتوي على مضادات الأكسدة “الكاروتيندات-carotenoids”، وتساعد في التقليل من مخاطر السرطانات، كسرطان المعدة والثدي وسرطان الدم “اللوكيميا”. حيث وجدت الدراسات علاقة بين المستويات العالية للكاروتيندات في الدم وقلة مخاطر الإصابة بسرطان الثدي. [4]


وعلى الرغم من أنّ عصير الجزر يحتوي العديد من العناصر المفيدة إلّا أنّه يجب الاعتدال في تناوله نظرًا لاحتوائه على الكاروتيندات كالبيتا كاروتين. فالمستويات العالية منها تسبّب ما يسمى “carenoderma” أي تلوّن الجلد بالأصفر أو البرتقالي.[4]

ننتهي إلى القول بأن الجزر ضروري للعين كما هو ضروري لباقي الجسم، ولكن لا علاقة لكثرة تناوله بقوّة النظر. إلّا أنه من ناحية احتوائه على نسب عالية من فيتامين أ والبيتا كاروتين الضروريين لصحّة العين. وما قيلَ عنه كقدرة خارقة ليس له منها إلا القليل. لذا، عندما تتناول الجزر في المرة القادمة، تأكد من أنه مفيد بالفعل للعين والجسم. لكن لن يجعل حدة بصرك أفضل بأي حال من الأحوال.

المصادر:

  1. Chronica HORTICULTURAE
  2. Medical News Today
  3. Medical News Today

تطور المآذن عبر التاريخ، كيف تمايزت الأنماط والأشكال؟

هل رأيت يوماً ما مئذنتين مختلفتين لمسجدين مختلفين؟ وهل لاحظت الاختلافات بينهما؟ وهل تساءلتَ لم تختلفان أو تتشابهان في الشكل والمقياس؟ تختلف المآذن المبنية في عصور سابقة في شكلها ونمط بناءها باختلاف العصر الذي بنيت خلاله، فقد تكون اسطوانية الشكل، أو مستطيلة، أو مدببة، وقد تكون مزينة بزخارف مختلفة أو بالمقرنصات. فلنتعرف على بعض أبرز الأنماط المعمارية لبناء وتطور المآذن في العمارة الإسلامية، ولنميز الاختلافات بينها.

العهد السلجوقي

أخذ شكل المئذنة بعدًا جديدًا مختلفًا عن المآذن مربعة أو مستطيلة المسقط الموجودة في بلاد الشام وشمال إفريقيا. [1] فانتشر الشكل الأسطواني إلى مناطق واسعة مع انتشار الحكم السلجوقي إلى سوريا والأناضول والعراق والهند. بعضها كانت مجرد منشآت بسيطة بدون أية زخارف، في حين جاء بعضها الآخر مزيّنًا بأنماط مختلفة من الآجر على امتدادها. [2]

يمكننا العثور على مثال مميز لمئذنة من هذه الفترة في جام غرب أفغانستان، حيث بنيت المئذنة بين عامي 1163 و1203م. احتوت على قاعدة مضلعة وارتفاع 60 متر تقريبًا، [1] وهي مزينة بزخارف من الخط العربي تمجد انتصار السلطان الغوري. [2]

الشكل 1: مئذنة جام في أفغانستان

وفي بخارى (في أوزبكستان حاليًّا)، يمكننا رؤية مآذن أخرى من هذا العصر، مثل مئذنة كالان التي تم بناؤها في عام 1127م بارتفاع 46 متر. [1]

الشكل 2: مئذنة كالان في بخارى- أوزبكستان

مثال ثالث عن هذا النوع من المآذن هو مئذنة كتب مينار في دلهي في الهند، والتي بناها جنرال تركي خدم في جيش السلطان الغوري الذي قام ببناء مئذنة جام. [2] وتتميز هذه المئذنة بشكلها المقسم إلى أخاديد شبه اسطوانية. وكان السلاجقة أول من قام ببناء مئذنتين على جانبي مدخل الجامع أو المسجد. [1]

الشكل 3: مئذنة كتب مينار في دلهي – الهند

العهد الفاطمي

تطوّر تصميم المآذن أيضاً في العصر الفاطمي، فبينما لم يتم بناء أية مآذن في بداية هذا العصر، لكن تم بناء العديد من المباني لاحقًا. حيث احتوت معظم المآذن على قاعدة مربعة الشكل، وجسد يعلوه برج مثمّن الشكل. احتوى البرج على فتحات بشكل أقواس وشرفة، وأطلق عليها اسم “مبخرة” في بعض الأحيان. [3]

تألفت المآذن في هذه الفترة من 3 أقسام واضحة، القسم الأول مربع الشكل بارتفاع متوسط. أما الثاني فكان اسطوانيًا، ويعلوه قسم مثمن الشكل، وتعلوه قبة “المبخرة”. غالبًا ما تقع المئذنة في هذا العصر فوق المدخل، كما في مسجد الجيوشي في مصر. [3]

الشكل 4: مسجد الجيوشي في مصر ومئذنته الظاهرة يمين الصورة

العهد المملوكي

تطوّرت المآذن في مصر في العصور ما بعد الفاطمية (وتحديدًا المملوكي) إلى أشكال معقدة ومتميزة. حيث لا يزال يتألف كل برج في هذا العصر من ثلاثة أقسام رئيسية؛ قسم مربع في الأسفل، وقسم وسطي مثمن وقبة في الأعلى. وتزين مناطق الانتقال بين كل قسم وأخر عادةً بصفوف من المقرنصات. [2]

كان القسم المربع أكثر ارتفاعًا في المباني التي تعود للفترات المبكرة في العهد المملوكي، وكانت القبة مزيّنة. لكن لاحقًا، أصبح القسم الوسطي المثمن أكثر طولًا، وقلّ ارتفاع القسم المربع ليصبح مجرد قاعدة في الأسفل. [2] وقد يتم استبدال القسم المربع بالكامل بقاعدة ذات شكل مثمن. [4] وشهد النصف الثاني من القرن الرابع عشر اختفاء “المبخرة”، وحلت بدلًا منها مآذن تعلوها سرادق (مظلات) محمولة على 8 أعمدة صغيرة. وتحمل فوقها قبة بصليّة الشكل وقد تزيّن أيضاً بالمقرنصات. [4]

من الصفات التي تميزت بها العمارة المملوكية زيادة المباني التي تحتوي على مآذن تابعة لها. ففي حين اقتصرت المآذن على الجوامع في العصر العباسي، فإن المماليك قد أضافوا مآذن إلى أنواع عديدة من المباني كالمساجد الصغيرة والأضرحة والخانقاهات والمدارس. [2]

الشكل 5: مجمع السلطان حسن في القاهرة ومآذنه المتعددة
الشكل 6: المآذن المملوكية للجامع الأزهر

العهد العثماني

تميزت العمارة العثمانية بالمآذن المرتفعة المدببة والقباب الكبيرة المغطاة بصفائح من الرصاص. ففي معظم المساجد في الدولة العثمانية بنيت مئذنة واحدة في زاوية المسجد عادةً، لكن في المدن الكبرى كانت تبنى المساجد بمئذنتين أو 4 مآذن أو حتى 6 مآذن. [2]

ومن مميزات هذه المآذن شكلها الرشيق ونهايتها المدببة وارتفاعها، حيث يزيد ارتفاع العديد من المآذن العثمانية عن 50 مترًا. كما علا المآذن مخروط مدبب مغطى بصفائح من الرصاص، والذي تنتهي عنده الشرفة العليا. ومن ميزاتها أيضاً بناء عدة شرفات على امتداد المئذنة. [5]

تُشبَّه المآذن العثمانية عادةً بالأسهم الموجهة نحو السماء، [5] أو بأقلام الرصاص. ومن المحتمل أن شكل المئذنة قد تم تطويره من المآذن المملوكية في مصر وسوريا. [6]

الشكل 7: إحدى مآذن آيا صوفيا في إسطنبول – تركيا
الشكل 8: مئذنتا التكية السليمانية في دمشق – سوريا

انفوجراف لعمارة المآذن في العصور الإسلامية

تعرفنا في المقال السابق على المآذن في العصر الأموي والعباسي، وفي هذا المقال على أربعة أشكال أخرى، ويمكن تلخيص أنماط المآذن التي تعرفنا عليها في المخطط التالي:

المصادر

1-

https://muslimheritage.com/uploads/Main%20-%20Seljuk%20Architecture1.pdf

2-

https://ia903100.us.archive.org/20/items/dictionaryofislamicarchitecture_201911/Dictionary%20of%20Islamic%20Architecture.pdf

3-

https://eng.uaeu.ac.ae/en/research/journal/issues/v9/pdf_iss2_9/p9.pdf

4-

https://www.academia.edu/42811042/ISLAMIC_ARCHITECTURE_IN_CAIRO

5-

https://www.witpress.com/Secure/elibrary/papers/IHA20/IHA20014FU1.pdf

6-

https://link.springer.com/content/pdf/10.1007/s00004-011-0076-2.pdf

ما هو تأثير الجغرافية البريطانية على مسلسل صراع العروش؟

ألهمت الجغرافية البريطانية الكاتب الأمريكي جورج آر آر مارتن في كتابة روايته أغنية الجليد والنار، التي اقتُبس منها مسلسل صراع العروش. لم يكن صراع العائلات البريطانية على الحكم كما ذكرنا في مقال سابق عنصر التشابه الوحيد، فقد ظهرت جليّا عناصر إضافية تُظهر تأثير الجغرافية البريطانية أيضًا في المسلسل. نذكر خريطة ويستروس على سبيل المثال، وهي القارة التي حدثت فيها أحداث المسلسل الشهير، ويقع الجدار العظيم فيهاأيضًا. وسنتعرف أكثر على هذا التشابه في مقالنا هذا:

الخريطة:

تستند خريطة الممالك السبع أو ويستروس في الرواية والمسلسل على خريطة الجزر البريطانية. فما عليك سوى تحريك أيرلندا أسفل إنجلترا وتوسيعها، ثم القيام بعكس صورة الجزيرة الرئيسية.[1] لتتجلّى أمامك ويستروس ومدنها، كما في الخريطة أدناه.

التشابه بين قارة ويستروس والجزيرة البريطانية وموقع جدار هاردين.

وقد كشف كاتب رواية أغنية الجليد والنار جورج آر آر مارتن عن نقاط التشابه بين جغرافية المملكة البريطانية والممالك السبعة. حيث أعاد رسم مقاطعة كري الإيرلندية بشكل مثالي. وقد وضّح أنّ بلدة دينغل الواقعة في تلك المقاطعة هي بحد ذاتها بلدة فنغرز (وهي البلدة التي تنتمي إليها شخصية ليتل فينغر في المسلسل)، وتقع في وادي آيرين في خريطة ويستروس.

كما أنّ موقع “كينغز لاندينغ” العاصمة الرئيسية في الرواية والمسلسل هي في مكان مقاطعة “غالواي” في إيرلندا. وخليج “دونيجال” هو بحر “دورن”. بينما عاصمة إيرلندا الشمالية “بلفاست” هي مدينة “أولد تاون”في المسلسل. وبالنسبة لمدينة “دبلن” فهي “كاسترلي روك”مقر عائلة اللانسترز. [2]

خريطة ويستروس كما ظهرت في المسلسل

تظهر أوجه تشابه مثيرة أخرى تظهِر تأثير الجغرافية البريطانية على صنّاع مسلسل صراع العروش، إذ إن هناك جدارًا حقيقيا عملاقًا بنِي في الجزيرة البريطانية لإبعاد الغزاة الشماليين.

الجدار:

يتجلى الجدار في الرواية كحاجز هائل من الجليد، يمتد غالبه عبر الحدود الشمالية للممالك السبع، ويفصلها عن الأراضي البرية وراءه. ويبلغ ارتفاعه مائة قدم؛ أي (ثلاثمائة ميل) في أغلبه. بينما يصل ارتفاعه لأكثر من سبعمائة قدم عند أعلى نقطة له.[3]

وقد صرّح الكاتب جورج آر آر مارتن أن تاريخ الإمبراطورية الرومانية كان أحد مصادر إلهامه. في الواقع، كان جدار هارديان الذي يبلغ طوله 117 كيلومترًا والذي بناه الإمبراطور هادريان في شمال إنجلترا في السنوات 120 بعد الميلاد هو ما منحه فكرة الجدار الموجود في المسلسل.[4]

الجدار العظيم كما صوّر في مسلسل صراع العروش

وكما كان الهدف من الجدار في الرواية حماية الحضارة المتمدنة من الهمجيين خلف الجدار. بنِي جدار هارديان لحماية الحدود الشمالية الغربية للإمبراطورية الرومانية من هجمات القبائل الغازية.

يعتبر جدار هادريان من بقايا التحصينات الحجرية التي بنتها الإمبراطورية الرومانية بعد غزوها لبريطانيا في القرن الثاني بعد الميلاد. وقد امتد هيكله الأصلي لأكثر من 70 ميلًا عبر الريف الإنجليزي الشمالي من نهر تاين بالقرب من مدينة نيوكاسل وبحر الشمال، وغربًا إلى البحر الأيرلندي. وتضمن جدار هادريان عددًا من الحصون بالإضافة إلى خندق مصمم للحماية من القوات الغازية. وما تزال بقايا الجدار الحجري مرئية في العديد من الأماكن.[5]

لماذا بنى الرومان جدار هارديان؟

حاول الرومان غزو الجزيرة البريطانية في عام 55 قبل الميلاد، في فترة حكم الإمبراطور الروماني يوليوس قيصر، إلّا أنّ مناورتهم العسكرية فشلت في السيطرة عليها.

الأمر الذي لم يثن عزيمة الرومان عن احتلال هذه الجزيرة، إذ تمكنوا من ضمها لإمبراطوريتهم في عام 79م، في فترة حكم الإمبراطور أولوس بلوتيوس. ومع ذلك، كانوا ما يزالون يواجهون مقاومة شرسة من المحاربين السلتيك في ما يعرف الآن بشمال إنجلترا.

واظب الرومان على محاولة ضم اسكتلندا أيضًا لأراضيهم. غير أنهم واجهوا مقاومة شرسة من محاربيها الكاليدونيين. حتى تمكنوا أخيرا تحت قيادة يوليوس أجريكولا، من هزيمة الكاليدونيين. مما أسفر عن سقوط  حوالي 30.000 منهم في عام 81 م، آنذاك تمكنت الإمبراطورية الرومانية من السيطرة على جزء على الأقل من اسكتلندا.

ومع ذلك، هرب سكان كاليدونيا الذين نجوا من هجوم أجريكولا إلى التلال، وظلوا معارضين عنيدين للرومان.

بقايا جدار هارديان

على مدى العقود التالية، استمر سكان كاليدونيا في إزعاج الرومان، وشنوا هجمات عديدة عليهم في المنطقة الشمالية للإمبراطورية.

وفي عهد الإمبراطور هادريان بعد توليه سنة 117م، تحول هدف الرومان من توسيع أراضيهم. إلى حمايتها من هجمات سكان كاليدونيا وغيرهم.

لذا شرع حكام بريطانيا الرومان، بأوامر من هارديان في بناء الجدار الذي سمي لاحقًا على اسم الإمبراطور . وذلك للدفاع عن الجزء البريطاني الذي يسيطرون عليه من الهجمات. إذ رغبوا في “فصل الرومان عن البرابرة” في الشمال على حد تعبير هارديان.

كما يعتقد العلماء أيضًا أن الجدار ربما كان بمثابة وسيلة لتقييد الهجرة والتهريب من وإلى الأراضي الرومانية.[5]

لطالما ألهمت الوقائع والأماكن الحقيقية الفنانين وصنّاع الترفيه قديمًا وحديثًا. وهو أمرٌ جليٌ في مسلسل صراع العروش. رغم لا محدودية مخيلة الإنسان إلا إن تقاطع الخيال مع الواقع أحيانا كما في رواية الجليد والنار يعزز جمال الرواية وروعتها، ولا ينفي الإبداع عنها.

المصادر:

1- brilliantmaps

2- irishcentral

3- awoiaf

4- theconversation

5- history

كيف يمكننا التخفيف من آثار تغير المناخ؟

هذه المقالة هي الجزء 18 من 18 في سلسلة مقدمة في تغيرات المناخ وتأثيراتها البيئية

تسبب الاحترار العالمي منذ الثورة الصناعية وحتى اليوم في حدوث ظواهر مناخية عنيفة في جميع أنحاء العالم، والتي أعقبها حدوث عواقب وخيمة على الطبيعة والإنسان. فوفقًا لتقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بشأن تغير المناخ فلابد من التخفيف من الانبعاثات والوصول إلى صافي الصفر من الانبعاث الكربوني بحلول عام 2030. ولتحقيق هذا الهدف وأهداف أخرى طموحة وطويلة الأجل تساهم في التخفيف من آثار تغير المناخ، وجب علينا تغيير الطريقة التي نستخدم بها الطاقة والممارسات الحياتية الأخرى. [1]

ماذا نعني بالتخفيف من آثار تغير المناخ؟

التخفيف من آثار تغير المناخ يعني العمل على تقليل كميات الغازات الدفيئة الموجودة في الغلاف الجوي، والتي تعمل على زيادة درجة حرارة سطح الكوكب وجعلها أكثر تطرفًا.[2]

الاتفاقيات الدولية المبرمة بشأن العمل المناخي

بدأ الاعتراف بواقع تغير المناخ عام 1979 عندما عقد المؤتمر العالمي الأول للمناخ في جنيف. وقد كان الغرض الأساسي من مؤتمر جنيف تقييم الآثار والمخاطر المستقبلية للتغيرات المناخية. كان هذا هو المؤتمر الأول من نوعه الذي يتناول الآثار السلبية لتغير المناخ.

أنشئت عام 1988 الهيئة الحكومية الدولية المعنية بشأن تغير المناخ من قبل المنظمة العالمية للأرصاد الجوية بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة للبيئة. وكان الهدف منها تزويد الحكومات والهيئات الرسمية بالمعرفة العلمية والمعلومات التى يمكن من خلالها صياغة السياسات المناخية.

اعتمدت عام 1992 اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، والتي دخلت حيز التنفيذ عام 1994. ومنذ ذلك الحين كانت هي القوة الدافعة للعمل المناخي. الهدف الرئيس للاتفاقية هو تثبيت تركيز غازات الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي، لمنع التأثيرات الشديدة على النظام المناخي. إضافة إلى  خفض الانبعاثات بحلول عام 2000. كما حددت الالتزامات تجاه جميع الأطراف المعنية، ووضعت مسؤوليات واضحة على عاتق البلدان المتقدمة لتنفيذ السياسات الوطنية للحد من الانبعاثات البشرية. علاوة على ذلك، ألزمت الأطراف من الدول المتقدمة بمساعدة الأطراف من الدول النامية الضعيفة مالياً وتقنياً في اتخاذ الإجراءات المناخية.

اعتمد بروتوكول كيوتو خلال مؤتمر الأطراف الثالث عام 1997، ودخل حيز التنفيذ عام 2005. وكان الهدف منه خفض انبعاثات البلدان المتقدمة خلال فترة التزام قدرها خمس سنوات بين عامي 2008 و 2012. كما وضعت السياسات وأنظمة المراقبة ذات الصلة.

وفي عام 2015 اعتمدت اتفاقية باريس التي دخلت حيز التنفيذ عام 2016. وكان هدفها الأساسي الحد من زيادة درجة الحرارة العالمية، ومواصلة الجهود للحد من ارتفاعها إلى أكثر من 1.5 درجة مئوية.[3]

استراتيجيات تخفيف التغيرات المناخية

يتضمن التخفيف من حدة التغيرات المناخية الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، التي تعمل على رفع درجة حرارة سطح الكوكب. وتشتمل استراتيجيات التخفيف على مجموعة من الإجراءات التي يجب على الحكومات والدول والشركات اتخاذها. كالاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة، وتحسين المدن لجعلها أكثر استدامة، والترويج لوسائل النقل المستدامة والأنظمة الزراعية الصديقة للبيئة.[4]

1- الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة

تشير التقديرات إلى أن حوالي 1.4مليار شخص حول العالم يعتمدون على مصادر الطاقة التقليدية كالفحم والخشب  لتلبية احتياجاتهم الأساسية. ومع زيادة الاعتماد على هذه المصادر تتضرر النظم البيئية، وتؤدي إلى ملايين الوفيات المبكرة بخاصة بين النساء والأطفال. من المتوقع أن ينمو الطلب العالمي على الطاقة بأكثر من 50% بحلول عام 2035، وبالتالي يحتاج هؤلاء المستخدمين إلى مصادر طاقة لا تضر بهم أو ببيئتهم.[5]

أحد عوامل الجذب في الطاقة المتجددة هو القدرة على تجديدها والحصول عليها بشكل طبيعي، لذلك فهي أكثر استدامة. كما أنها مناسبة لخطة التخفيف من آثار تغير المناخ. فمقارنة بالوقود الأحفوري فإن العديد من مصادر الطاقة المتجددة تنبعث منها غازات دفيئة أقل بكثير. اعتمدت الولايات المتحدة عام 2020 على الطاقة المتجددة كمصدر أساسي للطاقة بنسبة 12%.

 وتكمن أهمية مصادر الطاقة المتجددة كالطاقة الكهرومائية والشمسية والرياح في خلوها من أي انبعاثات كربونية تقريبًا بمجرد تشغيلها. تكمن الانبعاثات الكربونية بمصادر الطاقة هذه في إنتاج وصيانة ونقل المواد والمنشآت، لذلك تعد مسارا مثاليا للتخفيف الذي يجمع بين مصادر الطاقة المتجددة وتخفيض الاستهلاك للطاقة.

2- تدابير الحفاظ على الطاقة

قد تكون كفاءة استخدام الطاقة وتدابير الحفاظ عليها من أهم الإجراءات الفاعلة للتخفيف من حدة التغيرات المناخية. ففي عام 2019 شكلت انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون حوالي 80٪ من إجمالي انبعاثات الغازات الدفيئة في الولايات المتحدة. لذلك فإن ايجاد طرق لاستخدام طاقة أقل سيساعد في التخفيف من آثار تغير المناخ.

إحدى تدابير الحفاظ على الطاقة هو بناء المدن لشبكات النقل العام. بحيث نوفر الطاقة التي تستخدم في قيادة السيارات الفردية، أو بناء بنية تحتية تسهل ركوب الدراجات.[6]

3- احتجاز الكربون وتخزينه

تعمل هذه التقنية على التقاط وتخزين ثاني أكسيد الكربون قبل إطلاقه في الغلاف الجوي. ويمكن لهذه التقنية التقاط ما يصل إلى 90٪من ثاني أكسيد الكربون المنبعث من حرق الوقود الأحفوري في توليد الكهرباء والعمليات الصناعية كإنتاج الأسمنت.

في الوقت الحالي، تعد تقنية احتجاز الكربون وتخزينه هي التقنية الوحيدة التي يمكن أن تساعد في تقليل الانبعاثات الناتجة عن المنشآت الصناعية الكبرى. وبالتالي معالجة الآثار السلبية لتغير المناخ. عند دمج هذه التقنية مع تقنيات الطاقة الحيوية لتوليد الطاقة، فإن احتجاز وتخزين الكربون لديه القدرة على توليد انبعاثات سلبية وإزالة ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي. يجادل العديد من العلماء وواضعو السياسات بأن هذا أمر بالغ الأهمية إذا كان العالم يريد الحد من ارتفاع درجة الحرارة إلى أقل من 2 درجة مئوية، وهو الهدف من اتفاقية باريس.[7]

4- إعادة التدوير

تعمل إعادة التدوير على التقليل من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري عن طريق تجنب استخدام الطاقة لإنتاج مواد جديدة. ولها فوائد مشتركة تتمثل في الحفاظ على الموارد الطبيعية، وتقليل النفايات، ومنع تدهور الأراضي الذي يصاحب الحصول على مواد خام جديدة مثل المعادن.[8]

في جميع أنحاء العالم، يتم اتخاذ العديد من التدابير للتخفيف من آثار تغير المناخ من قبل الدول التي تحاول الوفاء بالتزاماتها بموجب اتفاقية باريس وبروتوكول كيوتو.[9]

المصادر

(1) Reducing greenhouse gases: our position | Policy and insight (friendsoftheearth.uk)
(What’s the difference between climate change mitigation and adaptation? | Stories | WWF (worldwildlife.org)
(3) springer
(4),(5)Climate Change Mitigation | GEF (thegef.org)
(8),(6) Climate Change Mitigation Strategies — Earth@Home (earthathome.org)
(7) What is carbon capture and storage and what role can it play in tackling climate change? – Grantham Research Institute on climate change and the environment (lse.ac.uk)
(9)Introduction to Mitigation | UNFCCC

ما هي طبيعة الضوء؟

تعتبر سرعة الضوء ثابثا مسلمًا به في الفيزياء الحديثة. فثباث سرعة الضوء هو المبدأ الذي قامت عليه نظرية النسبية الخاصة لأينشتاين، وهي أقصى سرعة يمكن أن يصل لها شيء. فما هي طبيعة الضوء؟ وهل يمكن تجاوز سرعة الضوء في الفراغ؟

قياس سرعة الضوء

قد يبدو قياس سرعة الضوء قديمًا في القرن السابع عشر أمرا مستحيلًا، ولم يكن محل اهتمام العلماء حينئذ. فقد كانت الإمكانيات المتاحة لا تستطيع قياس مثل تلك السرعات، واعتبرت سرعة الضوء سرعة لانهائية. ولكن استطاع عالم الفلك الدنماركي «أولي رومر – Ole Roemer» قياس سرعة الضوء عام 1676.[1] ولم يكن قياس سرعة الضوء هو ما يَسعى إليه، بل كان يعمل على دراسة أحد مدارات كوكب المشتري مدار «آيو IO».

اهتم رومر بدراسة هذا المدار لأن قياس معدل دوران أقمار ذاك المدار حول المشتري سيساعد المسافرين في تحديد الوقت بدقة. ولكنه اكتشف وجود تأخر في ذلك المعدل حين تبتعد الأرض عن المشتري، فاستنتج من خلال ذلك سرعة الضوء. بعد ذلك، تطورت قياسات سرعة الضوء حتى أصبحت لا تقتصر على القياسات الفلكية، بل على أجهزة معملية كذلك.[2] كتجربة مقياس التداخل للعالمين الأمريكيين «ألبرت ميكلسون – Albert Michelson» و«إدوارد مورلي – Edward Morley».

معادلات ماكسويل

يعتبر العالم «جيمس كلارك ماكسويل – James Clerk Maxwell» واحدا من أهم العلماء في تاريخ الفيزياء. حيث غَير ماكسويل مَجرى الفيزياء تمامًا باستنتاج معادلاته الأربع الشهيرة بـ “معادلات ماكسويل”. وتنص هذه المعادلات على:

  1. الشحنة الكهربائية الخارجة من سطح مغلق تساوي مجموع الشحنات الكهربائية داخل ذلك السطح. وذاك هو قانون جاوس للمجال الكهربائي.
  2. لا يوجد مغناطيس أحادي القطب، فالمغناطيس يحتوي على قطب شمالي وقطب جنوبي. ويسمى ذلك بقانون جاوس للمجال المغناطيسي.
  3. نتيجة للتغير في المجال المغناطيسي ينشأ تيار كهربائي مستحث ليقاوم ذلك التغير. ويدعى قانون فارادي.
  4. أما القانون الرابع فهو قانون أمبير الذي ينص على العلاقة بين المجال الكهربائي الثابت والمجال المغناطيسي. عدل ماكسويل في المعادلة ليجعلها تصف المجال الكهربائي المتغير أيضا. وساعدت المعادلة لاحقًا في استنتاج حركة الضوء في الفراغ.

وحد ماكسويل المجال الكهربائي والمجال المغناطيسي لأول مرة بتلك المعادلات في مجال موحد يسمى المجال الكهرومغناطيسي. ويتحرك المجال الكهرومغناطيسي في الفضاء بسرعة ثابثة تساوي 299792458 متر في الثانية والتي تقترب من سرعة الضوء المقاسة حينها. ومن خلال نموذج ماكسويل للكهرومغناطيسية، فإن طبيعة الضوء ـ حسب ماكسويل ـ ما هي إلا موجة كهرومغناطيسية تسير بسرعة ثابثة هي سرعة الضوء.

الضوء كجسيم وكموجة

طبيعة الضوء كما استنتج ماكسويل هو موجة كهرومغناطيسية. والموجات الكهرومغناطيسية لا تقتصر فقط على الضوء، ولكنها طيف كامل يبدأ من موجات الراديو حتى أشعة جاما. وكل نطاق في ذاك الطيف له تردد معين وطول موجي معين تناظرهم طاقة معينة. وفي ظل عدم احتياج الضوء (أو الموجات الكهرومغناطيسية عمومًا) لوسط تنتقل من خلاله فسرعتها تسجل أعلى مستوياتها في الفراغ.

افترض العالم «ماكس بلانك – Max Planck» أن الموجات الكهرومغناطيسية هي عبارة عن كميات صغيرة من الطاقة. وإذا خصصنا ذلك فقط على الضوء، يمكننا أن نقول إن الضوء عبارة عن كم صغير من الطاقة اسمه فوتون. وبالتالي فالضوء هو جسيم (فوتون) وموجة هي (الموجة الكهرومغناطيسية).

واستنتجت النسبية الخاصة لأينشتاين تكافؤ الطاقة والكتلة في المعادلة الشهيرة (الطاقة = الكتلة X مربع سرعة الضوء)، إذ يجب على جسم ما أن تقترب كتلته من الصفر ليصل إلى سرعة الضوء. معمليًا، فإن إيصال جسيم ما لسرعة الضوء هو أمر مستحيل. أما عن سفر الإنسان بهذه السرعة فيجب أن تقترب كتلته من الصفر كما ذكر. ولكن فرضية الثقوب الدودية توفر فرصة للسفر بسرعة أكبر من سرعة الضوء، ولكن من خلال سرعة عالية، بل باختصار المسافة.[3]

المصادر

[1] Roemer’s Speed of Light
[2] On the relative motion of the Earth and the luminiferous ether
|[3] What is wormhole theory?

Exit mobile version