موجز في تاريخ الطائرات بدون طيار

سواء تلك التي تحمل رأس ذخيرة متفجر أو الخاصة بتوصيل الطعام، أو تقديم المساعدات اللوجستية والإنسانية، تعددت مهام استخدامها بين الأعمال العسكرية والمدنية. بينما لهذه الانجازات تفصيلٌ مخفية، سنستعرض هنا منها موجزًا في تاريخ الطائرات بدون طيار لنتعرف عليها.

تعددت التسميات في عالم التقنية العسكرية للطائرة بدون طيار أو الطائرة غير المأهولة، لكنها غدت في كل الأحوال من الأسلحة الأكثر فتكًا وتقدمًا ودقةً في الترسانة العسكرية. وينظر إليها اليوم بوصفها أسلحة ضرورية للجيوش. [9]

بنيت الطائرات بدون طيار في الأصل لأغراض عسكرية في الحرب العالمية الأولى والثانية، إلا أنها شهدت تطورًا سريعًا ومتواصلاً أدى إلى زيادة استهلاكها. إذ في بداياتها استخدمت كأسلحة على شكل صواريخ جوية موجهة عن بعد. أما اليوم، فتستخدم في مجموعة واسعة من تطبيقات الاستخدام المدني. [1][2]

ما هي الطائرات بدون طيار تحديدًا؟

قبل الدخول في التفاصيل الدقيقة لتاريخ الطائرات بدون طيار، قد يكون من المفيد تحديد تعريفها بدقة. وتميل قواميسٌ مختلفة لتعريف الطائرة بدون طيار بأنها:

“طائرة أو سفينة بدون طيار تسترشد بالتحكم عن بعد أو بأجهزة كمبيوتر على متنها.” [2]

الطائرة بدون طيار، من الناحية التكنولوجية، هي طائرة بدون شخص داخلها يتحكم فيها. وتعد روبوتًا طائرًا يمكن التحكم فيه عن بُعد، أو يمكنه الطيران بشكل مستقل من خلال خطط الطيران التي يتم التحكم فيها بالبرمجيات في أنظمتها المدمجة. وتعمل جنبًا إلى جنب مع أجهزة الاستشعار الموجودة على متن الطائرة و «GPS – نظام تحديد المواقع» . [3] وسنركز في هذا المقال على تكنولوجيا الطائرات بدون طيار.

استخدمت الطائرات بدون طيار المزودة بكاميرات للاستطلاع أول مرة في حرب فيتنام. وقد شهدت هذه الحرب أول انتشار واسع النطاق للطائرات بدون طيار باعتبارها طائرات استطلاعية. تطور الأمر وبدأ استخدام الطائرات بدون طيار أيضًا في مجموعة من الأدوار الجديدة، كالقيام بدور الشراك الخداعية في القتال، وإطلاق الصواريخ على أهداف ثابتة، وإلقاء المنشورات الدعائية النفسية [4].

مراحل تاريخ الطائرات بدون طيار

طائرات «ار-س RC» الترفيهية في الستينيات

بفضل التطور في تقنية الترانزستور، يمكن اليوم تصغير المكونات التي يتم التحكم فيها عن طريق الراديو بما يكفي لبيعها للعملاء المدنيين بتكلفة معقولة. أدى هذا الأمر لازدهار العمل بطائرات «RC – (ار-س)» خلال ذلك العقد. [5] وسمح ظهور عدة أشكال من هذه الطائرات للمتحمسين ببناء طائرات RC. كما بدأ الهواة في تنظيم نوادي طائرات RC، مما أدى إلى ظهور صناعة منزلية، سرّعت تطوير تقنية RC التجارية.

تعزيز الطائرات العسكرية الهجومية خلال 1980-1989

 على الرغم من قدرة الولايات المتحدة على تحقيق طفرة في التصنيع الشامل وتزويد الجيش بالطائرات بدون طيار، إلا أنها اعتبرت غالبًا  مكلفة وغير موثوقة. لكن تغير هذا الرأي عنها في عام 1982، حين استخدمت القوات الإسرائيلية طائرات بدون طيار للفوز على القوات الجوية السورية بأقل الخسائر. [1]

 بدأت الولايات المتحدة في عام 1980 برنامجًا يهدف إلى بناء طائرة لعمليات الأسطول بدون طيار وغير مكلفة. وأدى مشروع مشترك بين الولايات المتحدة وإسرائيل في عام 1986 إلى تطوير «طائرة استطلاع متوسطة الحجم- RQ2 Pioneer».

خلال هذه الفترة أيضًا، بدأ مطورو الطائرات بدون طيار في تركيز انتباههم على مصادر الطاقة البديلة للطائرات بدون طيار. وكانت الطاقة الشمسية أحد أوضح المصادر وأكثرها جذبًا. [6]

 تطوير الطائرات العسكرية والمدنية بدون طيار خلال الفترة ما بين 1990- 2010

أنتِجت إصدارات مصغرة من الطائرات بدون طيار في عام 1990. كما قدِّمت طائرة بريداتور الشهيرة في عام 2000. استخدِمت هذه الطائرات في أفغانستان لإطلاق الصواريخ والبحث عن أسامة بن لادن وغيرها من الحروب الهجينة والحروب بالوكالة. وفي السنوات التالية، طورت الشركة العسكرية « AeroVironment Inc -ايروفيرمينمينت » عددًا من طائرات المراقبة صغيرة الحجم وذات الأجنحة الثابتة مثل «غراب أسود- Raven » و«دبور- Wasp» و«بوما-puma». وينتشر استخدام Raven حاليًا في بلدان كثيرة، ويصل عددها إلى عشرات الآلاف من الوحدات. [9] [7] [8] [6]

كان عام 2006 عامًا محوريًا في تاريخ الطائرات بدون طيار. إذ كان هذا العام هو تاريخ إصدار إدارة الطيران الفيدرالية رسميًا أول تصريح تجاري للطائرة بدون طيار. وتباطأت طلبات المستهلكين في البداية، حيث تقدم عدد قليل جدًا من الأشخاص بطلب للحصول على تصاريح في السنوات القليلة الأولى. مما هدد وجودها المدني بشكل كبير.

العصر الذهبي للطائرات بدون طيار

شهدت السنوات العشر الأخيرة انفجارًا هائلاً في ابتكار الطائرات بدون طيار من أجل المصالح التجارية. بينما كانت الطائرات بدون طيار تستخدم قبل ذلك في المقام الأول للأغراض العسكرية أو للهواة. وبدءًا من أوائل عام 2010، اقترِحت مجموعة من الاستخدامات الجديدة للطائرات بدون طيار، بما في ذلك استخدامها كمركبات توصيل. [13]

بحلول منتصف العقد، كانت إدارة الطيران الفيدرالية تشهد نموًا هائلاً في الطلب على تصاريح الطائرات بدون طيار. وأصدِرت حوالي ألف تصريح تجاري للطائرات بدون طيار في عام 2015. وتضاعف هذا الرقم ثلاث مرات بعد عام واحد، واستمر في النمو بشكل كبير منذ ذلك الحين. [13]

أثر تكنولوجيا الهواتف الذكية على تطوير الطائرات بدون طيار

أصبح تجهيز الطائرات بدون طيار بالكاميرات أمرًا شائعًا الآن في التصوير التجاري وتصوير الفيديو. وذلك نتيجة لدمج الطائرات التي يتم التحكم فيها عن بعد (RC) وتكنولوجيا الهواتف الذكية. كما أدى النمو السريع في استخدام الهواتف الذكية إلى خفض أسعار وحدات التحكم الدقيقة ومقاييس التسارع وأجهزة استشعار الكاميرا، والتي تعتبر مثالية للاستخدام في طائرات الهواة الثابتة الجناحين. وسمحت التطورات الإضافية بالتحكم في طائرة بدون طيار بها 4 دوارات أو أكثر عن طريق ضبط سرعة الدوارات الفردية. وفتح تحسين استقرار الطائرات متعددة المحركات فرصًا جديدة لاستخدامها. [12]

أصبح استخدام الطائرات بدون طيار DIY أكثر شيوعًا نظرًا لصغر حجمها وإمكانية نقلها. كما أصبحت الطائرات بدون طيار DIY مناسبة للاستخدام من قبل قوات الشرطة وخدمات الإطفاء للمراقبة. ومع ذلك، فإن الاستخدام المتزايد غير المنظم للطائرات بدون طيار أثار تساؤلات حول الخصوصية والسلامة الجسدية. فهل أنت مع انتشارها أم ضده؟

المصادر: 

  1. If I Fly a UAV Over My Neighbor’s House, Is It Trespassing? – The Atlantic
  2. Innovation News | New Innovations | Scientific Innovations in Technology, Health, Ideas & Industrial Products (interestingengineering.com)
  3. We need drone aircraft, says police chief Alex Marshall | The Independent | The Independent
  4. If I Fly a UAV Over My Neighbor’s House, Is It Trespassing? – The Atlantic
  5. https://www.amazon.com/b?node=507846
  6. USAF Buys Millions-Worth of Hand-Launched Puma 3 Drones, Spares for the Raven (autoevolution.com)
  7. Predator RQ-1 / MQ-1 / MQ-9 Reaper UAV, United States of America (airforce-technology.com)
  8. What is a Drone? – Definition from WhatIs.com (techtarget.com)
  9. Drone Definition & Meaning – Merriam-Webster

كيف قام الأخوان رايت بأول عملية طيران ناجحة في التاريخ؟

كيف قام الأخوان رايت بأول عملية طيران ناجحة في التاريخ؟

عندما تم سجن «ديدالوس-Daedalus» مع ابنه «Icarus-إيكاروس» في القلعة لإخفاء سر المتاهة الخاصة به، قام ديدالوس بصنع أجنحة من الريش والشمع ليتمكنا من الهرب، وقبيل الانطلاق، حذر الأب ابنه ألا يحلق عاليًا بها كي لاتذيب الشمس أجنحته فيسقط، ولكن بعدما انطلق رأى الحرية ونسي نصيحة والده وحلق عاليًا، فذابت أجنحته ووقع في البحر.

بالتفكير مليًا في هذه الأسطورة اليونانية، نجد أن اليونان جعلوا ديدالوس وابنه يهربان عن طريق بناء أجنحة، نعم، لقد كان الطيران أعجوبة عند القدماء وقوة خارقة بالنسبة لهم استخدموها في الأساطير، ذلك أن أعظم العقول في تلك الفترة أقرت بأن الأمر مستحيل فيزيائيا، إلى أن قام «الأخوان رايت-Wright brothers» ببناء أول نموذج ناجح لطائرة وتمكنا من إقلاعها باستخدام قوى آيروديناميكية.

ولكن، ماهي القوى الآيروديناميكية؟

تنحدر هذه الكلمة من أصل يوناني وتتألف من شقين، الأول «هو ἀήρ-ايرو» بمعنى هواء والثاني هو «δυναμική-دايناميك» بمعنى قوة وتهتم بشكل عام بدراسة حركة الهواء واحتكاكه مع المواد الصلبة، ويعد هذا العلم أحد فروع ميكانيك الموائع.

ولكن كيف تمكن الأخوان رايت من القيام بذلك؟ كيف استطاعا تسخير تلك القوة لصالحهما؟

اعتمد الأخوان رايت على فكرة أساسية وهي قانون نيوتن الأول، بحسب نيوتن، يظل الجسم الساكن ساكنا، والجسم المتحرك متحركا ما لم تؤثر عليه قوة خارجية، أي أنه لكي تحلق الطائرة في الهواء، يجب ان تتغلب هذه القوة الآيروديناميكية على وزن الطائرة الذي يقوم بسحبها للأسفل باتجاه مركز الأرض.

بشكل عام، تؤثر على الطائرة أثناء الحركة أربع قوى أساسية:

قوة الدفع الأمامي – Thrust:

تمثل قوة الدفع الخاصة بالمحركات، تكون جهة هذه القوة باتجاه حركة الجسم “غالبًا” وتوجد بشكل أساسي للتغلب على قوة الدفع الخلفي أو المقاومة.

قوة السحب الخلفي- Drag:

تنشأ هذه القوة بسبب مجموعة عوامل منها سرعة الطائرة، كثافة الهواء، شكل الجسم والزاوية التي يصنعها مع اتجاه الحركة، يتم التغلب على هذه القوة باستخدام قوة الدفع الأمامي.

وزن الطائرة – Weight:

يتناسب طردا مع كتلة الجسم، أي أنه كلما ازدادت الكتلة الخاصة بالجسم، ازدادت قوة الرفع المطلوبة للتغلب على الوزن.

قوة الرفع – Lift:

وهي محور دراستنا هذه، هناك العديد من التفسيرات لهذه القوة، منها ماهو صحيح ومنها ماهو مغلوط سنبدأ بمعلومات عامة عن هذه القوة.


تنشأ هذه القوة بسبب حركة الطائرة في الهواء وتتولد عند مراكز الضغط في الأجنحة التي تأخذ شكل ال «airfoil» “كما في الشكل الموضح بلأسفل” ذلك أنه عند حركة الجسم في الهواء، تستطيع جزيئات الهواء الانتقال بسهولة حول الجسم لضعف الارتباط بينها على عكس الأجسام الصلبة.

“مقطع عرضي بجناح الطائرة”، كيف قام الأخوان رايت بأول عملية طيران ناجحة في التاريخ؟


وبما أن الجزيئات تتحرك فهناك سرعة خاصة بهذه الجزيئات تختلف بين بعضها البعض وتؤثر بها على الجسم بقيم مختلفة، انطلاقا من هذه المعلومات، توجد فرضيتين لتفسير قوة الرفع.

تفسير الظاهرة حسب برنولي:


تتعلق فرضية برنولي بضغط الهواء على الجسم، حيث قام برنولي بربط سرعة الهواء بالضغط الخاص به، أي أنه عندما تتغير السرعة الخاصة بالهواء، تتغير قيمة الضغط عنده والعكس صحيح بالتالي عندما تتغير سرعة الهواء المحيطة بالجسم، تتغير قيم الضغط المحيطه به وبتجميع قيم الضغط التي تؤثر على الجسم ينتج لدينا قوة تكون المركبة العمودية فيها على اتجاه الحركة هي قوة الرفع، أما المركبة الأفقية فهي مضافة الى قوة السحب المقاوم للحركة.

حسب نيوتن


تقوم فرضية نيوتن على جمع قيم السرعة لجزيئات الهواء المحيطة التي تؤثر على الجسم، ينتج عن ذلك محصلة اتجاه حركة جزيئات الغاز الكلي، وبحسب قانون نيوتن الثالث، ينتج لدينا رد فعل يعاكس حركة الجزيئات، تكون المركبة العمودية على اتجاه الحركة في رد الفعل هي قوة الرفع أما المركبة الأفقية فتمثل قوة السحب المقاوم للحركة.

اذًا، ما هو التفسير الصحيح؟


كل من فرضية نيوتن وفرضية برنولي صحيحتان، ولكن اعتمد نيوتن على مبدأ انحفاظ كمية الحركة، بينما اعتمد برنولي على مبدأ انحفاظ الضغط. ويجب التنويه هنا الى أن فرضية نيوتن أو فرضية برنولي تشير الى المجتمعات التي تدعم هذه الفكرة وليس الأشخاص بحد ذاتهم، ذلك أن زمن برنولي ونيوتن سبق عصر الطيران بكثير.

بالخلاصة، لا يوجد إجماع كلي بين الفيزيائيين على الأسباب التي تؤدي لخلق قوة الرفع، حيث أنه على الرغم من استطاعتنا تصميم طائرات متكاملة واستمثالها للعمليات التجارية أو العسكرية، وقياس هذه القوى ضمن أنفاق هوائية بدقة عالية، إلا أنه لايوجد تفسير موحد كامل ودقيق لسبب نشوء هذه القوة

المصادر:

Scientific American, NASA

اقرأ أيضا من الأكاديمية:

الطباعة ثلاثية الأبعاد، نماءٌ وازدهار أم خراب ودمار؟

Exit mobile version