عناصر المسجد الأقصى (سُبُل الماء والمصاطب)

تعرفنا في مقالات سابقة على الحرم القدسيّ الشريف وقبابه وأبوابه، وسنتابع في هذا المقال التعرف على عناصر المسجد الأقصى المكوّنة له.

سُبُل الماء والآبار

يوجد داخل المسجد الأقصى 32 مصدرا للمياه: بركتان، وصهريجان، وثمانية سُبُل (وهي مصادر مياه عامة تهدف إلى خدمة الناس مجانا)، وسبعة وعشرون بئرًا بناها المسلمون لتوفير مصادر المياه الجارية لأجل الوضوء والاغتسال والشرب وري النباتات والأشجار داخل المجمع [1].

سبيل الكأس

الكأس نافورةُ وضوءٍ عام بنائها غير معروفٍ بدقة، إلا أن ا السلطان الأيوبي العادل أبو بكر بن أيوب قد قام بتوسيعها عام 1193م [2]. وهو حوضٌ دائري محاط بسياج حديدي مزخرف محاط بمقاعد حجرية. يحتوي على نافورة مركزية وعدد من الصنابير الجانبية المستخدمة في الوضوء. تم تجديد الكأس مرّتين، الأولى من قبل السلطان المملوكي قايتباي والثانية من قبل الأمير تنكز الناصري في 1327 م [1].

الشكل 1: سبيل الكأس

سبيل قايتباي

بنى السلطان سيف الدين إينال هذا السبيل عام 1456 م.
نظرًا لبقاء البئر فقط من هيكله الأصلي، أعاد السلطان المملوكي قايتباي بناءه وأضاف مبنى ملونًا من القرميد والرخام، تعلوه قبة فوق رقبةٍ مثمنة الشكل مزينة بزخارف إسلامية.
تم تجديد السبيل مرة أخرى من قبل السلطان العثماني عبد الحميد الثاني في عام 1882-1883 م. ويتكون اليوم من طابقين؛ يوجد بئر في الطابق الأرضي وخزان يستخدم لتخزين المياه في الطابق الثاني [1].

الشكل 2: سبيل قايتباي

سبيل شعلان

تم بناء نافورة الشعلان من قبل السلطان الأيوبي المعظم عيسى واستخدم كخزان مياه في الحرم الشريف خلال معظم القرن الثالث عشر حتى القرن الخامس عشر الميلادي. يقع أسفل درج القناطر الشمالية الغربية المؤدي إلى منصة قبة الصخرة [2]. سمي على اسم عائلة شعلان التي كانت تعمل لتوفير المياه لهذا السبيل.

الشكل 3: سبيل شعلان

سبيل ابراهيم الرومي

المعروف أيضًا باسم سبيل البصيري وسبيل باب الناظر، لكن وفقًا لنقوش الأساسات خاصته، فمن قام بتجديده هو إبراهيم الرومي في العصر المملوكي، في عهد السلطان الأشرف سيف الدين برسباي، السلطان المملوكي التاسع لمصر [2].
وهو يلبي احتياجات القادمين من باب الناظر وباب الغوانمة [3].

الشكل 4: سبيل البصيري

سبيل النارنج (سبيل قاسم باشا) وبِركة النارنج

يقع سبيل قاسم باشا (سبيل النارنج) على الجانب الجنوبي الغربي من المسجد الأقصى بالقرب من بوابة السلسلة. بناه أمير القدس قاسم باشا عام 1527 ميلادي في عهد السلطان العثمانيّ سليمان القانوني، وهو سبيل مثمن الشكل يحتوي على 16 صنبور تعلوه مظلّة خشبية [1].

في عشرينيات القرن الماضي من قبل المجلس الإسلامي الأعلى. أعيد بناء القبة أثناء الترميم، وغطيت بألواح الرصاص التي منحتها مظهراً مدبباً. وفي عام 1998، تم استبدال صفائح الرصاص بحجارةٍ منحوتةٍ بدقة [4].

أما بركة النارنج، فتقع في الفناء الغربي للمسجد الأقصى بين منصة سبيل قاسم باشا ومنصة سبيل قايتباي. قام السلطان المملوكي قايتباي بتجديدها في عام 1483 م عندما بنى مدرسة الأشرفية. تحتوي البركة مربعة الشكل في وسطها على نافورة ذات أرضية رخامية، وهي غير مستخدمة اليوم. قامت لجنة إعادة إعمار الأقصى بتجديد البركة وتحويلها إلى نافورة وضوء بإضافة 24 صنبورًا على ثلاثة من جوانبها. يتم تزويدها بالمياه من خزان سبيل قاسم باشا الواقع بقربها [1].

الشكل 5: سبيل وبركة النارنج

سبيل السلطان سليمان

يقع سبيل السلطان سليمان المعروف أيضا باسم سبيل باب العتم مباشرةً داخل باب العتم، ويواجه إيوان السلطان محمود، المعروف أيضًا باسم قبة عشاق النبي. وهي نافورة قائمة بذاتها وتتم تغذيتها بالماء عبر قناة مائية [5].
997 م قامت لجنة التراث الإسلامي بالتنسيق مع مديرية الوقف الإسلامي باستكمالها بنافورة وضوء تقع بين السبيل
وقبة عشاق النبي [1].

الشكل 6: سبيل السلطان سليمان

سبيل باب المغاربة

عبارة عن هيكل مربع بسيط مبني حول صهريج قديم يقع مباشرة أمام باب المغاربة. في الداخل، توجد ثلاثة أحواض أمام ثلاث نوافذ متطابقة تتمركز في ثلاثة جدران مستطيلة. لم يعد السبيل مستخدماً اليوم، ومع ذلك، تشير وقفية القرن الثامن عشر (وثيقة الوقف) إلى أنه كان يدفع لناقلٍ للماء لملء الأحواض يوميًا [2].

الشكل 7: سبيل باب المغاربة

سبيل مصطفى آغا

المعروف أيضا باسم سبيل البديري أو سبيل الشيخ بدير، تم بناؤه من قبل مصطفى آغا وعثمان بيك الفقاري في عام 1740 م داخل الحرم الشريف. وهو سبيل قائم بذاته بأقواسٍ من ثلاثة جوانب وجدار مغلق في الجانب الرابع [2].

الشكل 8: سبيل مصطفى آغا

صهريج الملك عيسى المعظم

أمر الملك عيسى المعظم ببناء الصهريج في عام 1210م بعد إقامة القبة النحوية 1207م مباشرة. يتكون الصهريج من ثلاثة ممرات تفصل بينها أقسام مبنية ومغطاة بأقبية متداخلة.
ولها ثلاثة مداخل على جانبها الجنوبي. تم نقش عام بناء الصهريج واسم مؤسسه على الباب الأوسط. خلال عهد السلطان المملوكي المنصور قلاوون، تم استخدام جزء من الصهريج كغرفة تخزين للمسجد الأقصى، بينما تم استخدام الجزء الآخر كمسجد من قبل الحنابلة. عانى الصهريج لاحقًا من الإهمال ويستخدمه اليوم قسم البستنة في الأقصى [1].

الشكل 9: صهريج الملك عيسى المعظم

الآبار

يوجد 27 بئرا في حرم المسجد الأقصى. معظمها غني بالمياه ويزود مختلف هياكل المياه المستخدمة للوضوء والشرب والري [1].

المصاطب

المصطبة عبارة عن مساحة مسطحة مصنوعة من الحجر ترتفع قليلاً عن سطح الأرض. تتكوّن عادةً في المسجد الأقصى من بضع درجاتٍ ومحرابٍ منحوتٍ يشير إلى القبلة. يوجد 26 منصة في المسجد الأقصى وفي الماضي كانت هذه المنابر مخصصة للصلاة وكذلك التجمعات العلمية والوعظية لأتباع المدارس الفكرية الأربعة السائدة في الفقه الإسلامي: المالكي والشافعي والحنبلي والحنفي. من بين 26 مصطبة تم بناء اثنتين فقط مؤخرًا بينما يعود تاريخ معظمها إلى العصرَين المملوكي والعثماني. واليوم، لا تزال الكثير منها تعمل كمراكز لتعلم علوم الدين [6].

المصادر

  1. haramalaqsa.com – aqsa en jordan final/pdf
  2. madainproject.com – fountains of Al Aqsa
  3. madainproject.com – fountain of ibrahim rumi
  4. madainproject.com – fountain of qasim pasha
  5. madainproject.com – sebil sultan suleiman
  6. masjidalaqsa.net – platforms

سلسلة العمارة الإسلامية: قباب الحرم القدسي الشريف

تعرّفنا في مقالٍ سابق على عناصر الحرَم الشريف والمسجد الأقصى الرئيسية، وفي هذا المقال سنتابع الحديث عن أحد أنواع العناصر العديدة المكوّنة له، ألا وهي قباب الحرم القدسي الشريف.

القباب

يحتوي الحرم القدسيّ الشريف على ثلاث عشرةَ قبّةٍ، تعرّفنا في مقالاتٍ سابقة على أكبر قبّتين منها، قبّة الصخرة وقبّة السّلسلة، أمّا القباب الإحدى عشرة المتبقيّة فهي:

قبة المعراج

عبارةٌ عن هيكلٍ مثمّن الشّكل يحملُهُ ثلاثون عموداً من الرّخام [1]، يقع مدخله في جهته الشمالية، ويوجد فيه محرابٌ يشير إلى اتجاه القبلة، وما يميّز هذه القبّة وجود قبّةٍ أصغر حجماً أعلى القبة الأساسية والتي يبدو شكلها كالتاج [2].

لا يزال عام بناء القبة واسم مؤسسها غير معروفَين ؛ تم تجديدها من قبل الأمير عز الدين عثمان بن علي الزنجبيلي، محافظ القدس، في عهد الملك الأيوبي العادل في عام 1200 م [2]، وخلال الترميم الأخير الذي خضعَت له، تم استبدال صفائح الرصاص التي كانت تغطيها بألواحٍ حجرية [1].

الشكل 1: قبة المعراج

قبة النبيّ

قبّةٌ يحملها هيكلٌ مثمّنُ الشّكل تقع شمال غرب قبّة الصخرة [2]، ويُعتَقَد أنّ بناءها قد تمّ في المكان الذي صلّى به النبيّ محمد (ص) إماماً بالأنبياء والملائكة في ليلة الإسراء والمعراج [3].

القبة، المغطاة بصفائح الرصاص، ذات شكل نصف بيضوي. يعلوها فانوس يحمل أعلاهُ هلالًا. ولها وهي مقسمة إلى أضلاع لتعزيزها. وتحملها ثمانية أعمدة رخامية فوق قاعدة مثمّنة الشّكل، ويجمع بين كلّ عمودَين قوسٌ مدبّب مزيّنٌ بحجارةٍ حمراء وسوداء وبيضاء، ويعلو كلٌّ منها تاجٌ مزخرف [4].

تحت القبة، مُصلّى مصنوعٌ من الحجارة الملونة. ويحاط بجدارٍ حجريٍّ منخفض من جميع الجوانب، باستثناء مدخل صغير من جانب واحد. هناك مساحة محدودة للغاية داخل المصلّى، حيث يمكن لشخص واحد فقط أن يصلّي فيه في كل مرة [4].

أمر محمد بك، حاكم غزة والقدس في عهد السلطان العثماني سليمان القانوني، ببناء المُصلّى، بينما أمر السلطان عبد المجيد ببناء القبة [2].

الشكل 2: قبة النبيّ
الشكل 3: مصلّى قبة النبيّ [4]

قبة سليمان

تقع هذه القبة في الجزء الشمالي من الحرم الشريف، ويُعتَقَد أنها قد بُنِيت اللمرة الأولى في الفترة الأموية [2]، وبالتحديد في عهد سليمان بن عبد الملك (715-717م)، الخلفية الأمويّ السابع، لكنّ المنشأة الحالية تعود للفترة الأيوبية وبالتحديد لبداية القرن الحادي عشر الميلادي [3] حيث تمّ ترميمها في تلك الفترة [2].

القبة مثمنة الشكل وتستند إلى 24 عمودًا من الرخام؛ وبداخلها صخرة صغيرة يُعتقد أنها قطعة مأخوذة من صخرة الإسراء المقدسة، ولهذا السبب كانت محمية بسياج حديدي في الماضي.
وللقبة محرابٌ يشير إلى القبلة ومدخل صغير في الشمال. اليوم، يستخدم المبنى كمقر للدعاة الإناث في مديرية أوقاف القدس [2].

الشكل 4: قبة سليمان

قبة موسى

بناها الملك الأيوبي نجم الدين بن الملك الكامل عام 1249-1250 ميلادي كمكان للعبادة وملاذ لرجال الدين والأئمة [2]، وهي غرفة مربعة كبيرة؛ طولها وعرضها يساويان ستة أمتار، مبنيّةٌ على مصطبة في منتصف الساحة الغربية للحرم القدسي الشريف. تحتوي على ست نوافذ، وتعلوها قبة، و لها مدخل شمالي. وفي الماضي، كانت تسمى أيضًا قبة الشجرة ؛ لوجود شجرة نخيل ضخمة بجانبها [5].

يقول بعض المؤرخين إنها سميت قبة موسى نسبةً للنبي موسى (ع)، بينما يقول آخرون أنّ تسميتها نسبةٌ لشيخ كان يؤدي الصلاة فيها. [2]

الشكل 5: قبة موسى

قبة الخضر

قبة الخضر، هي قبة قائمة بذاتها تقع بالقرب من الحافة الشمالية الغربية من مصطبة قبة الصخرة. بنيت في الأصل في القرن العاشر الميلادي وتم تجديدها على نطاق واسع خلال العهد العثماني في القرن السادس عشر [3]. وهي مرفوعةٌ على ستّة أعمدةٍ رخامية [2]، يوجد تحت الهيكل قاعة مستطيلة (زاوية الخضر) مسقوفة بقبوة اسطوانيّة على مستوى ساحة الحرم [3] يوجد فيها محرابٌ مبنيٌّ من الحجر الأحمر [2].

الشكل 6: قبة الخضر

قبة يوسف آغا

بنى يوسف آغا، حاكم القدس في عهد السلطان العثماني محمد الرابع، هذه القبة غرب المسجد القبلي في عام 1681 م. وهي منشأة مربعة الشكل تعلوها قبة صغيرة. وتستخدم اليوم كمكتب استعلاماتٍ للمسجد الأقصى.

الشكل 7: قبة يوسف آغا [3]

قبة يوسف

تم بناء القبة في عام 1191م من قبل الملك الأيوبي يوسف بن أيوب الذي اشتهر بلقب صلاح الدين. تم تجديده في عام 1681 م في عهد السلطان العثماني محمد الرابع، ونُسب اسمه إلى مؤسسه يوسف بن أيوب، وفي مرحلة لاحقة نُسب إلى مُجدِّده الوالي العثماني علي بن يوسف آغا.
هيكل القبة مفتوح من جميع الجوانب، باستثناء الجانب الجنوبي المغلق بجدار. يعتمد على عمودين حجريين ويحتوي على نقشين. [3]

الشكل 8: قبة يوسف [3]

قبة الأرواح

قبة صغيرة تقع في فناء قبة الصخرة. وتستند إلى ثمانية أعمدة رخامية متصلة بثمانية أقواس تحمل طبلة القبة.
يُعتَقَد أنّه قد تمّ بناء القبة خلال القرن السادس عشر الميلادي وتسمى «قبة الأرواح» بسبب موقعها القريب من «بئر الأرواح» الذي يقع تحت قبة الصخرة [2].

الشكل 9: قبة الأرواح

قبة الخليلي

أمر محمد بك حافظ، حاكم القدس العثماني، ببناء هذه القبة في عام 1700 م. تقع القبة إلى الشمال الغربي من قبة الصخرة وتتكون من غرفتين، إحداهما في الطابق الأرضي والأخرى في الطابق السفلي تحت الأرض. تُعرف هذه القبة أيضًا باسم «قبة الشيخ الخليلي» على اسم شيخ صوفي كان يؤدي الصلاة هناك. وتستخدم القبة اليوم كمكتب للجنة الصندوق الهاشمي لترميم المسجد الأقصى وقبة الصخرة [2].

الشكل 10: قبة الخليلي

قبة عشّاق النبيّ

لترك معلم تذكاري داخل المسجد الأقصى، بنى السلطان العثماني محمود الثاني هذه القبة في الجزء الشمالي من الحرم في عام 1808 م. القبة مصنوعة من مبنى مربع مفتوح من جميع الجوانب وتعلوه قبة صغيرة. يقوم المبنى على أربعة أعمدة حجرية مبنية على منصة أعلى بنصف متر من بقية أراضي الأقصى.
كما أنها معروفة باسم «قبة عشاق النبي» لأن الشيوخ الصوفيين كانوا يجتمعون تحتها للصلاة وذكرِ الله. [2]

وهو آخر مبنى تذكاري يقيمه سلطان عثماني في منطقة الحرم بعد مشاريع السلطان سليمان الكبرى في القرن السادس عشر [3].

الشكل 11: قبة عشّاق النبيّ

القبة النحويّة

أنشأها الملك شرف الدين أبو المنصور عيسى الأيوبي عام 1207م [3]، وخصصها لتدريس النحو وقواعد اللغة العربية [2].

في عام 1213 م أضاف قبة فوقها. يتكون المبنى من غرفتين وممر في المنتصف تعلوه قبتان: تقع القبة الفضية الكبرى فوق الغرفة الغربية، وتقع القبة الصغرى فوق الغرفة الشرقية، بينما سقف الردهة مسطح، ويقع مدخل القبة على جانبها الشمالي ويحيط به عمودان من الرّخام.

ظلت المنشأة مدرسة للغة العربية وقواعد النحو والصرف حتى القرن السابع عشر الميلادي، ولعبت دورًا كبيرًا في المشهد الثقافي والفكري في القدس. خلال القرن الماضي [2]، وتحوّلت إلى مكتبة أثناء الاحتلال البريطاني [3]، تم استخدام القبة كمكتبة للمجلس الأعلى الإسلامي وكمكتب معماري لترميم وإعادة بناء قبة الصخرة. وهي اليوم مكتب القائم بأعمال قاضي القضاة ورئيس مجلس الوقف الإسلامي ومقر لمحكمة الاستئناف الشرعية في القدس [2]

الشكل 12: القبة والمدرسة النحويّة

لقراءة المزيد عن الحرم الشّريف تابع المقال: المسجد الأقصى والحرم الشريف؛ تاريخه، وعناصره المعماريّة

المصادر

  1. madainproject.com – dome of the ascension
  2. haramalaqsa.com – aqsa en jordan final/pdf
  3. madainproject.com – domes of haram al sharif
  4. madainproject.com – dome of the prophet
  5. madainproject.com – dome of malik ashraf musa

المسجد الأقصى والحرم الشّريف؛ تاريخه، وعناصره المعمارية

يعتبر المسجد الأقصى ، الواقع في القدس القديمة، ثالث أقدس مسجد في الإسلام بعد المسجد الحرام في مكة المكرمة والمسجد النبوي في المدينة المنورة [1][2]، وتعدّ عمارة المسجد مزيجاً من الطرز المعمارية البيزنطية والأموية والعباسية والفاطمية، مما يعكس الفترات المختلفة لبنائه وتجديده [3][4]، وفي هذا المقال، سنتعرف على تاريخ بناء المسجد الأقصى وعناصره المعمارية.

تاريخ المسجد الأقصى

عهد الخلفاء الراشدين

كان أول مسجد تم بناؤه في الموقع في عهد عمر بن الخطّاب عبارة عن هيكل بدائي مبني من دعامات خشبية. تم تشييده عام 636/637 م بعد دخول القوات الإسلامية لمدينة القدس.

الفترة الأموية

خلال العصر الأموي، تم تشييد مبنى جديد موقع مسجد عمر. بادر عبد الملك بن مروان بمشروع المسجد الذي كان قد شُيّد قبل حوالي سبعين عامًا. تم الانتهاء من بناء أول مسجد أموي في الموقع في عهد الوليد ابن عبد الملك بن مروان.

الفترة العباسية

تم تجديد المسجد الأقصى بشكل كبير في عهد الخليفة العباسي أبي جعفر المنصور لأول مرة. وبعد ذلك، تم تجديد المدخل الرئيسي على نطاق واسع من قبل الخليفة المأمون ثم المهدي من بعده.

الفترة الفاطميّة

تم تنفيذ إعادة بناء أخرى خلال الفترة الفاطمية في القرن الحادي عشر.

بالإضافة للعديد من المباني والإضافات التي تمّ بناؤها خلال الفترتين الأيوبية والمملوكية.

الفترة العثمانية

اهتم العثمانيون كثيرًا بالمسجد القبلي، وخاصة السلطان سليمان القانوني الذي أجرى تجديدًا شاملاً للمبنى، وكذلك السلطان محمود الثاني، والسلطان عبد العزيز، والسلطان عبد الحميد الثاني الذي قام بتأثيث المسجد بالسجاد وزوده بفوانيس جديدة.

العصر الحديث

خلال فترة الانتداب البريطاني، قام المجلس الإسلامي الأعلى ببعض أعمال الترميم في عامي 1922 و 1924 م. تم إجراء أعمال الترميم الأولى في القرن العشرين في عام 1922م، عندما كلف المجلس الإسلامي الأعلى بقيادة أمين الحسيني (مفتي القدس) المهندس التركي أحمد كمال الدين بك بترميم المسجد الأقصى والآثار في محيطه. كما كلف المجلس مهندسين معماريين بريطانيين وخبراء هندسة المصريين ومسؤولين محليين للمساهمة والإشراف على الإصلاحات والإضافات التي تم تنفيذها في 1924-1925 بواسطة كمال الدين.

وقد قامت السلطات الأردنية ببعض أعمال الترميم في أعوام 1952 و 1959 و 1964 م.

وفي عام 1969، كان لا بد من القيام بأعمال ترميم واسعة النطاق، بسبب الأضرار الناجمة عن هجوم حرقٍ متعمَّد. بدأ برنامج الترميم الشامل للقبة المتضررة ولوحاتها، وتم استبدال الغطاء الخارجي المصنوع من الألمنيوم المضلع بالرصاص ليطابق الغطاء الأصلي. تم إبراز الزخارف المرسومة للجزء الداخلي للقبة التي تعود إلى القرن الرابع عشر، والتي كان يُعتقد أنها فُقِدت بشكل لا يمكن إصلاحه، وأعيد بناؤها بالكامل باستخدام تقنية trateggio، وهي طريقة تستخدم الخطوط العمودية الدقيقة للتمييز بين المناطق التي أعيد بناؤها عن تلك الأصلية [5].

بنية المسجد الأقصى

الشكل 1: رسم منظوري يُظهِر الحرم الشريف، ويظهر المسجد الأقصى يمين الصورة، وقبة الصخرة مقابله.

يتألف حرم المسجد الأقصى من العديد من المباني والمكوّنات من مساجد وقباب ومآذن ومدارس وبوّابات وسُبُل ماء وغيرها، ومنها:

المساجد

المسجد القِبليّ

المسجد القبلي المعروف بالمسجد الأقصى، هو أول مبنى شيده المسلمون على الإطلاق في مجمع المسجد الأقصى. عندما دخل المسلمون القدس لأول مرة في عام 638م، كان الموقع مقفرًا حتى قام الخليفة عمر بن الخطاب ومرافقوه بإخراج التراب منه وبنوا عليه مسجداً بسيطًا في الجزء الجنوبي منه بعد مناقشة أفضل موقع لذلك.

لكن المسجد القبلي، كما نعرفه اليوم، بُني لأول مرة من قبل الخليفة الأموي الوليد الذي تابع بناءه بعد وفاة والده عبد الملك بن مروان. ثمّ خضع لأعمال الترميم في الفترتين العباسية والفاطمية.

في العصر الأموي، كان الجامع القبلي يتألف من 15 مجازاً، أوسعها هو الموجود في المنتصف وكان المبنى مغطى بسقف من القرميد وتعلوه قبة في نهاية المجاز الأوسط.
تمّ استخدام المسجد القِبلي كمقرٍّ للصليبيين أثناء احتلالهم للقدس، وبعد تحرير الخليفة الأيوبي صلاح الدين للقدس والمسجد الأقصى عام 1187م . أمر بتجديد المبنى وإعادته إلى حالته السابقة. كما قام بتركيب المنبر الخشبي الذي أمر نور الدين محمود زنكي -ملك مملوكي من السلالة الزنكية- بصنعه في حلب في سورية وأن يوضع بجوار المحراب الرئيسي في المسجد القبلي. [6]

الشكل 2: حرم الصلاة في المسجد القِبليّ -والذي يعرف أيضاً بالمسجد الأقصى
الشكل 3: مسقط المسجد القِبلي وتظهر فيه: A- المدخل، B- درج للأجزاء الواقعة تحت الأرض، C- الدرج المؤدي إلى “مهد المسيح”، 1- قاعة الصّلاة (الحرم)، 2- نافورة، 3- البوابة الشرقية، 4- محراب زكريّا، 5- مسجد الأربعين شهيد، 6- مسجد عمر، 7- المحراب، 8- المنبر، 9- جامع النساء، 10- المتحف الإسلامي، 11- قبة يوسف [6]

مسجد عمر

يقع مسجد عمر في الركن الجنوبي الشرقي من المسجد الأقصى ويعتبر جزءًا منه، وهو مبنى مستطيل الشكل له مدخلان أحدهما في المسجد القبلي والآخر يطل على باحات الأقصى. ويستخدَم جزءٌ من المسجد اليوم كعيادة طوارئ. [6]

مسجد الأربعين شهيد

غرفة فسيحة تقع في الجزء الشمالي من مسجد عمر، حيث يوجد أحد مدخليه. [6]

الشكل 4: إحدى جلسات الذّكر داخل مسجد الأربعين شهيد

المسجد الأقصى القديم

يقع المسجد الأقصى القديم تحت المجاز المركزي للمسجد القبلي؛ وهو مبنى خطي يمتد من الشمال إلى الجنوب. يمكن الوصول إليه باستخدام درج قديم يقع أمام الممر الخارجي للمسجد القبلي المكون من 18 درجة. ينتهي مبنى الأقصى القديم بباب آخر يسمى «باب النبي» أو «الباب المزدوج». المسجد عبارة عن قبو مسقوف بقبوة اسطوانية يتكون من ثلاثة أقواس أسطوانية تميل نحو الجنوب بسبب الطبيعة الجغرافية لموقع المسجد الأقصى؛ كان في الأصل بمثابة ممر للخلفاء الأمويين الذين يربطون قصورهم بالأقصى، حيث تم بناء القصور بجوار جداره الجنوبي. ومع ذلك، فإن مبنى المسجد القديم الذي تم ترميمه وإعادة افتتاحه من قبل لجنة الأقصى لإعادة إعمار الأماكن المقدسة في عام 1998م هو مبنى أموي. يستضيف المبنى اليوم مكتبة المسجد الأقصى المسماة «المكتبة الختنية» [6].

الشكل 5: مصلى الأقصى القديم

المسجد المرواني

المسجد المرواني أو القبو الشرقي هي قاعة ضخمة تحت الأرض في الركن الجنوبي الشرقي من المسجد الأقصى. في الأصل كانت تلة شديدة الانحدار، وتم رفع هذه المنطقة من خلال هياكل مختلفة لتكون على نفس مستوى الفناء الشمالي للمسجد الأقصى، حيث أراد المسلمون بناء المسجد القبلي على أسس صلبة. ورغم أن عام البناء المحدد لا يزال غير معروف، فقد تم التأكد من أن المسجد المرواني قد شيد قبل المسجد القبلي [6].

يتكون المسجد من 16 مجازاً تمتدّ على مساحة واسعة، مما يجعله أكبر هيكل منشأ داخل حرم الأقصى مع القدرة على استيعاب أكثر من 6000 مصلي في وقت واحد. يمكن الوصول إليه باستخدام درج حجري متصل ببوابتين ضخمتين إلى الشمال الشرقي من المسجد القبلي. واللتان قد بنيتا بعد تجديد المسجد للسماح لأعداد كبيرة من المصلين والزوار بالدخول والخروج دون أي عوائق، ولتحسين نظام التهوية لأن المبنى يفتقر إلى عدد كاف من النوافذ. [6]

الشكل 6: بوابتا المسجد المرواني من الخارج
الشكل 7: حرم الصلاة في المسجد المرواني

جامع النساء

يعود للفترة الأيوبية ويمتد من الجدار الغربي للأقصى إلى ركنه الجنوبي الغربي.

خلال العقود الثلاثة الماضية تم تقسيم المبنى إلى ثلاثة أقسام:
(1) القسم الجنوبي الغربي، الذي يستخدم كقاعة جنوبية للمتحف الإسلامي.
(2) القسم المركزي، الذي كان بمثابة المكتبة الرئيسية للأقصى قبل نقله إلى المسجد الأقصى القديم.
(3) القسم الشرقي المجاور للمسجد القبلي ويستخدم كمستودع للوقف الإسلامي. [6]

الشكل 8: جامع النساء

جامع المغاربة

يقع هذا المسجد القديم في الجزء الجنوبي الغربي من المسجد الأقصى بجوار باب المغاربة (الجدار الغربي).
تم بناؤه خلال القرن الثالث عشر الميلادي ويعود لالعصر الأيوبي؛ ومع ذلك، فإن عام البناء المحدد واسم مؤسسه لا يزالان غير معروفين.
كان المسجد في الماضي مخصصًا لأتباع مدرسة المالكي للفقه. وهو يستخدم الآن كقاعة غربية للمتحف الإسلامي حيث يتم عرض عدد من القطع التاريخية الإسلامية والآثار. [6]

مسجد البُراق

تم بناء مسجد البراق بجوار حائط البراق. يطلق عليه هذا الاسم بسبب خاتم مسمَّر على جداره يعتقد المسلمون أن النبي محمد (ص) استخدمه لربط البراق الذي نقله من مكة إلى القدس في رحلة ليلة «الإسراء والمعراج» . تقع البوابة الرئيسية لمسجد البراق في الحائط الغربي للأقصى، ولكنها مغلقة بشكل دائم.
ومع ذلك، لا يزال المسجد مفتوحًا للصلاة حيث يمكن للمصلين استخدام مدخل آخر يقع في الممر الغربي للأقصى. [6]

الشكل 9: مسجد البراق الشريف

مهد عيسى

مسجد مهد عيسى (يشار إليه أيضًا باسم «مسجد المسيح») هو قبة صغيرة بنيت في عهد السلطان العثماني عبد الحميد الثاني في عام 1898 م، وتقع بجوار منتصف درج في الزاوية الجنوبية الشرقية من المصلى المرواني. تتكون من قبة مبنية على أربعة أعمدة حجرية تم بناؤها فوق حوض حجري يسمى «مهد عيسى»، ربما تم بناؤه خلال العصر العباسي أو الفاطمي. على الرغم من اسم المسجد، لا يوجد دليل في التقاليد الإسلامية يضع المسيح في هذا الموقع. وعلاوة على ذلك، فقد أصدر رجال الدين المسيحيون في القدس بيانا أعلنوا فيه أن المسيحيين ليس لديهم أي آثار أو أماكن مقدسة في أي مكان داخل المسجد الأقصى. [6]

الشكل 10: مهد عيسى

القباب

قبة الصخرة

الشكل 11: قبة الصخرة وقبة السلسلة

بنيت قبة الصخرة بأمر من الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان بين عامي 688 – 691 م [7]. وتعدّ من أولى المباني الإسلامية على الإطلاق. بنيت لتكون نقطة محورية دينية لحلفاء الخليفة الأموي. إذ إن منطقة الحجاز (مكة المكرمة والكعبة المشرفة) آنذاك لم تكن تحت سيطرة الدولة الأموية. [8]

إن بنية المنشأة وقبتها التي نراها اليوم لا تزال محافظةً على شكلها الأصلي. حيث تتميز بمسقط مثمن الشكل. يسقف مركزه بقبة ذات قطر 20 م تقريبًا، مرفوعة على رقبة محمولة على 4 دعامات و12 عمود[9]. تحتوي هذه الدائرة في مركزها على الصخرة المشرفة [8]. ويحيط بالدائرة رواق مثمن الشكل مؤلف من 8 دعامات و16 عمود. وتشكل الجدران الخارجية شكلًا مثمنًا بطول 18م وبارتفاع 11م لكلّ جدار. بينما تشكّل الجدران الخارجية مع الرواق الداخلي ومع أعمدة القبة ممرين يدوران حول الصخرة المشرفة. [9] تحتوي كل من الرقبة التي تحمل القبة والجدران الخارجية على نوافذ عدّة.

تحتوي كل من الجدران الخارجية الأربعة المواجهة للجهات الرئيسية الأربع (شمال، جنوب، شرق، غرب) على باب. وتغطى الواجهات الخارجية بألواح من الرخام في الأسفل وبلاطات خزفية من الأعلى. تعود هذه البلاطات لعهد السلطان العثماني سليمان القانوني، الذي أمر باستبدال الفسيفساء الزجاجية الأصلية في الفترة الواقعة بين عامي 1545و 1552م. كما جددت الألواح الرخامية عدة مرات. [10]

قبة السلسلة

تعتبر قبة السلسلة منشأة مشابهة لقبة الصخرة، غير أنها أصغر حجمًا. تقع شرق قبة الصخرة مباشرةً، وتتميز بمسقط مشابه مثمن الشكل، مسقوف بقبة، ومفتوح الجوانب. [11] بنيت من قبل الأمويين، وحولت إلى كنيسة صغيرة أثناء الحملات الصليبية. ثم أعاد الأيوبيون تحويلها إلى مصلى. ورممت من قبل الممالي العثمانيين. ورممت حديثًا من قبل المملكة الأردنية الهاشمية. ويذكر أنّ قطر قبة السلسلة 14م. [12]

بالإضافة إلى العديد من القباب الموجودة داخل الحرم الشريف مثل قبّة المعراج وقبة سليمان وقبة موسى وقبة يوسف آغا والكثير غيرها.

المآذن

مئذنة باب الغوانمة

قام القاضي الأيوبي شرف الدين بن عبد الرحمن بن الصاحب ببناء مئذنة بوابة بني غانم في 1297 ميلادية في عهد السلطان حسام الدين لجين. وهي مئذنة مربعة المسقط تقع بالقرب من بوابة بني غانم وتعتبر الأكثر تزيينًا من بين مآذن الأقصى. وهي أعلى مئذنة داخل الأقصى بارتفاعٍ يساوي 38.5 مترًا، ويوجد بداخلها درجٌ مكوّنٌ من 120 درجة.

أدى النفق الغربي الذي حفرته قوات الاحتلال الإسرائيلي إلى إضعاف أساسات المئذنة، مما تطلب تجديدها في عام 2001م. [6]

الشكل 12: مئذنة باب الغوانمة

مئذنة باب المغاربة

قام القاضي المملوكي شرف الدين بن فخر الدين الخليلي ببناء مئذنة باب المغاربة في عام 1278 م بجوار باب المغاربة. المئذنة التي يبلغ ارتفاعها 23 مترًا هي أقصر مئذنة داخل المسجد الأقصى وتنتصب بدون أي تكون لها أيّ أساسات. تضرر الجزء العلوي من المئذنة في الزلزال الذي ضرب القدس عام 1922 ميلادية وتم إصلاحه من قبل المجلس الأعلى الإسلامي الذي أكمله بقبة، تمّت تغطتيها لاحقًا بصفائح من الرصاص من قبل الصندوق الهاشمي لترميم المسجد الأقصى وقبة الصخرة. [6]

الشكل 12: مئذنة باب المغاربة بواسطة المصور معتز توفيق اغبارية – عمل شخصي

مئذنة باب الأسباط/ مئذنة الصلاحية

تم بناء مئذنة باب الأسباط لأول مرة من قبل محافظ القدس سيف الدين قطلو باشا خلال عهد السلطان المملوكي الأشرف شعبان بجوار باب الأسباط، كما تسمّى المئذنة الصلاحية لوقوعها في جهة المدرسة الصلاحية الواقعة خارج الحرم الشريف [13]. كانت مئذنة مربعة الشكل حتى أمر العثمانيون بإعادة بنائها في عام 1599م في عهد السلطان محمد الثالث، مما يجعلها المئذنة الوحيدة ذات الشكل الأسطواني داخل الحرم الشريف. تم تجديد مئذنة االأسباط مرتين، الأولى في عام 1927م بعد تعرضها لأضرار بسبب زلزال، ثم في عام 1967م بعد تعرضها لأضرار بسبب الغارات الإسرائيلية.
أعادت لجنة المسجد الأقصى بناء المئذنة وغطت قبتها بألواح من الرصاص. [6]

الشكل 13: مئذنة باب الأسباط بواسطة المصور معتز توفيق اغبارية – عمل شخصي

مئذنة باب السلسلة

قام الأميرسيف الدين تنكز الناصري الحاكم المملوكي على الشام ببناء هذه المئذنة فوق الممر الشمالي للأقصى عام 1329 م بجوار باب السلسلة.
يمكن الوصول إلى المئذنة ذات المسقط المربع من خلال مدرسة الأشرفية باستخدام درج 80 درجة. وهي مبنية على قاعدة مربعة وتعلوها شرفة مغطاة على مجموعة من الأعمدة الحجرية. تم ترميم المئذنة من قبل المجلس الإسلامي الأعلى في عام 1922م بعد أن تضررت بسبب زلزال.

منعت القوات الإسرائيلية المسلمين من دخول واستخدام هذه المئذنة “لحماية المصلين اليهود” عند حائط البراق («الحائط الغربي»)، الذي تطل عليه المئذنة. [6]

الشكل 14: مئذنة باب السلسلة بواسطة المصور معتز توفيق اغبارية – عمل شخصي

حائط البراق

يمثل حائط البراق الجزء الجنوبي الغربي من جدار المسجد الأقصى، ويبلغ طوله حوالي 50 مترًا وارتفاعه حوالي 20 مترًا. وهو جزء من المسجد الأقصى ويعتبر من الممتلكات الإسلامية حيث أنه وفقًا لما ذُكر في التقاليد الإسلامية، فهو الجدار الذي ربط فيه النبي محمد (ص) البراقَ قبل أن يصعد إلى الجنة في رحلته من مكة إلى القدس (الإسراء والمعراج).
يطلق عليه الإسرائيليون اسم «حائط المبكى» أو «الحائط الغربي» أو «الكوتل»، ويدعون أنه الجزء المتبقي من هيكل سليمان.
في عام 1930، أكدت لجنة التحقيق البريطانية لتحديد الحقوق والمطالبات للمسلمين واليهود فيما يتعلق بحائط البراق أن الجدار ومعظم المنطقة المحيطة به تشكل ممتلكات للوقف الإسلامي.

تم إنشاء الساحة الواقعة اليوم أمام الجدار بعد الغزو الإسرائيلي للمدينة عام 1967م وشمل ذلك هدم حيي المغاربة بأكمله، مما جعل المئات من أبناء الحيّ بدون مأوى. [6]

الشكل 14: حائط البراق

لقراءة المزيد عن الحرم القدسي الشريف، تابع المقال: سلسلة العمارة الإسلامية: قباب الحرم القدسي الشريف

المصادر

  1. zamzam.com – history of al Aqsa
  2. middleeasteye.net – palestine al-Aqsa
  3. usnews.com – where is al aqsa mosque and why is it so important in Islam
  4. britannica.com – Al Aqsa Mosque
  5. madainproject.com – al aqsa mosque
  6. haramalaqsa.com
  7. Dome of the Rock (BiblePlaces.com)
  8. The Dome of the Rock (Qubbat al-Sakhra) – Smarthistory
  9. Dome of the Rock – Madain Project (en)
  10. Dome of the Rock – Discover Islamic Art – Virtual Museum
  11. Dictionary of Islamic Architecture (pdf)
  12. Dome of the Chain – Madain Project (en)
  13. alqudsgateway.ps

سلسلة العمارة الإسلامية: قصر الأخيضر

اشتهر العباسيون باهتمامهم بالعلوم والفنون والعمارة، وبنائهم لمدنٍ جديدةٍ وجوامعَ وقصور، أشهرها قصر الأخيضر، وفي هذا المقال، سنستكشف الخلفية التاريخية لقصر الأخيضر وعناصره المعمارية، بالإضافة إلى أهميته وتأثيره على العمارة الإسلامية والعمارة في الغرب.

تاريخ وموقع قصر الأخيضر

قصر الأخيضر موقعٌ تاريخي مهمٌّ يقع في محافظة كربلاء ، العراق. وقد شيّد بين عامي 774 و 775م على يد عيسى بن موسى ، ابن شقيق الخليفة العباسي السفاح [1] [2]، وهوعبارة عن هيكل كبير مستطيل الشكل يتميز بأسلوب دفاعي فريد ويتمثل الابتكار المعماري العباسي في نمط بناء أفنيته ومساكنه ومسجده بالإضافة إلى كونه نقطة مهمة على الطرق التجارية [1] وكان القصر يتألف من مجمع سكني محصن يحتوي على قاعات وأفنية وشقق سكنية ومسجد. [3]

بنية القصر

الشكل 1: مسقط قصر الأخيضر [4]

كما نرى في المسقط فإنّ القصر يتألف من كتلتين داخل السّور وهما قصرٌ وملحق به، ويقع المدخل الرئيسي للقصر في الجهة الشمالية، تليه قاعة كبيرة تفضي إلى الفناء المركزي، والذي يحاط ببيوتٍ (مجموعات من الغرف تمثّل كلّ مجموعةٍ منها مسكناً واحداً، أو بيتاً) كما في القصور الأموية، بالإضافة لقاعة العرش التي تقع في الجهة الجنوبية من الفناء، ويظهر في المسقط وجود أبراجٍ متصلة بسور المجمّع بالإضافة إلى أبراجٍ على الجدار الخارجي للقصر.

ويتمّ الوصول إلى الطابق العلوي بواسطة منحدرات (رامبات) توجد بزاوية قائمة على جانبي البوابة، بالإضافة إلى وجود اسطبل يمين المدخل الرئيسي من الجهة الغربية. [4]

الابتكارات المعمارية في قصر الأخيضر

تمّ بناء أوّل قبة مقسّمة إلى أخاديد في قصر الأخيضر، والتي تمّ تبنّيها لاحقاً وبناؤها في جامع القيروان الكبير [1][3]
. وشوهدت الأقواس المدببة التي استُخدِمت في مقدمة القصر في وقت لاحق في المسجد الأقصى والمباني العباسية الأخرى [3] مثل مقياس النيل ومسجد ابن طولون في القاهرة. كما أصبحت المحاريب المصمتة من العناصر الأساسية للتزيين والزخرفة في العمارة الإسلامية بعد أن تمّ استخدامها في قصر الأخيضر [3] وتم تطوير التقنية الدفاعية للقصر، والمعروفة باسم chemin de ronde، وهو ممشى جداري أو ممرٌّ محميٌّ مرتفع خلف سور القصر من الاعلى، وتم بناؤها على طول الأسوار الخارجية بالإضافة إلى استخدام مرامي السهام في سور القصر [3]، وهي شقوق طولية كان يتمّ إطلاق الأسهم منها مع توفير الحماية لرامي السهام الذي يقف خلفها.

الشكل 2: البوابة الشمالية (الرئيسية) لقصر الأخيضر وتظهر في الصورة المحاريب المصمتة على جانبي البوابة بالإضافة إلى شقوق رمي السهام والأبراج نصف الدائرية
الشكل 3: استخدام الأقواس المدببة في عناصر القصر المختلفة ويظهر في الصورة الممر الدفاعي “chemin de ronde”

الأقواس المدببة

كان قصر الأخيضر أول مبنى استُخدم فيه القوس المدبب بشكل منتظم [5]. يتمتع القوس المدبب بميزة معمارية كبيرة من حيث أنه يقوم بتركيز الحمولات المرتكزة عليه على نقطة عمودية، بحيث يمكن دعم المزيد من وزن المبنى من الخارج، عادةً باستخدام الدعامات أو الأكتاف [6] وهي هياكل معمارية مبني على أو بارزة من الجدران وتعمل على دعم أو تقوية الجدار بدلاً من الجدران والأعمدة الداخلية. و قد مكّن القوس المدبب من تقليل الحمولات الجانبية على الأساسات وسمح ببناء مبانٍ أكثر ارتفاعًا [8] . ويعتبر القوس المدبب أيضًا أقوى من الأقواس الدائرية رومانية المنشأ والتي كانت تستخدم سابقًا [8] . أثر استخدام الأقواس المدببة في قصر الأخيضر على تطور العمارة الإسلامية وتم اعتمادها لاحقًا في المباني الأخرى، مثل المسجد الأقصى [5] [6] [8] . أصبح القوس المدبب سمة مميزة للمباني الإسلامية ثمّ انتقل وتمّ استخدامه في العمارة القوطية في أوروبا [7] [8]، حيث استخدمت العمارة القوطية القوس المدبب لإنشاء مبانٍ أطول وأكثر رشاقة، مع تحميل ثقل المبنى على الأقواس المدببة والقبوات المتصالبة. [7]

المصادر

  1. muslimheritage.com – the palaces of ukhaidir
  2. muslimheritage.com – ukhaidir palace
  3. fairbd.net – abbasid architecture through its iconic monuments
  4. Dictionary of Islamic Architecture
  5. muslimheritage.com – the pointed arch
  6. classroom.synonym.com – the evolution of islamic arches
  7. mei.edu – How islamic architecture shaped europe
  8. latimes – Newsletter: Essential Arts: What Europe’s Gothic architecture took from Islamic design
  9. lumenlearning.com – gothic architecture

سلسلة العمارة الإسلامية: جامع القيروان الكبير

يعد جامع القيروان الكبير أو جامع عقبة بن نافع، الواقع في مدينة القيروان في تونس، من أقدم المعالم الإسلامية وأكثرها أهمية في العالم. يمتاز بتاريخٍ غنيٍّ يمتد لأكثر من 13 قرنًا، كان بمثابة مركزٍ للعبادة والتعلم والثقافة لأجيال من المسلمين. وقد جذبت عمارته الرائعة وتصميمه المعقد الزوار من جميع أنحاء العالم. في هذا المقال سوف نستكشف تاريخ وأهمية جامع القيروان الكبير.

بناء جامع القيروان

بدأ بناء جامع القيروان الكبير عام 670 م، بعد أمر من القائد العربي عقبة بن نافع الذي أسس مدينة القيروان كقاعدة عسكرية [1]. بنِي المسجد في موقع كنيسة مسيحية سابقة. وقد كان الهدف منه أن يكون رمزًا لقوة الإسلام المتنامية في شمال إفريقيا. خضع المسجد على مرّ القرون للعديد من التجديدات والتوسّعات، أضاف كلٌّ منها إلى أهميته المعمارية والثقافية [2].

بعد التجديدات التي أجراها حسن بن النعمان في عام 703م، والتوسعات في عهد الحاكم بشر بن صفوان722 – 728م، وتجديد آخر في عهد يزيد بن حاتم في عام 772م، أعيد بناء المسجد بالكامل من قبل الأمير الأغالبي زيادة الله الأول عام 836م، وعندها اتخذ أبعاده الحالية [3].

بنية جامع القيروان

يشغل المسجد مساحة تزيد عن 9000 متر مربع [2] ، وينقسم إلى صحنٍ -ذو بعدي 67×52 م- وحرم، وهو محاطٌ من الجهاتِ الأربع برواقٍ ذي صفوفٍ مزدوجة من الأقواس تتخذ شكل حدوة حصان. يُدعَم الرّواق بأعمدة من أنواعٍ مختلفة من الرخام والغرانيت أو من الرخام السماقي. والتي أعيد استخدامها من الآثار الرومانية أو المسيحية المبكرة أو البيزنطية خاصة من قرطاج. يمكن الوصول إلى الفناء من خلال ستة مداخل جانبية تعود إلى القرنين التاسع والثالث عشر [1].

بينما يتألف الحرم من 17 مجازاً طوليّاً و 8 مجازات عرضيّة [3]. يتقاطع المجاز المركزي الطولي مع العرضي بزاوية قائمة أمام المحراب مشكّلةً شكلًا مربّعاً. يوجد هذا الشكل أيضًا في مسجدين عراقيين في سامراء (حوالي 847 م). وقد اعتمِد في العديد من مساجد شمال إفريقيا والأندلس [1].

ترتفع فوق هذا المربع قبة مخددة مثبتة على حنيات منحوتة من الحجر. زيِّنت بزخارف وردية متعرجة ومتعددة الأوراق مستوحاة من الزخارف الأموية. يشكل العدد الكبير من الأعمدة والتيجان القديمة في قاعة الصلاة وفي الرواق حول الفناء أكبر عددٍ من التيجان الرومانية والبيزنطية في أي نصب أو متحف إسلامي [3].

الشكل 1: مسقط جامع القيروان الكبير
الشكل 2: صورة جوية للجامع


مئذنة الجامع

يبلغ ارتفاع المئذنة، التي تحتل وسط الواجهة الشمالية للجامع، 31.5 مترًا. وترتكز على قاعدة مربعة طولها 10.7 مترًا من كل جانب. تقع داخل حدود الجامع ولا يمكن الوصول بشكل مباشر إليها من الخارج. وتتكوّن من ثلاثة مستويات متدرجة، آخرها تعلوه قبة صغيرة مضلعة بنِيت على الأرجح في وقت متأخر عن بقية البرج. يعلو الطابقين الأول والثاني شرافاتٌ مستديرة تتخلّلها شقوقٌ لإطلاق السهام. فقد كانت المئذنة بمثابة برج مراقبة بالإضافة إلى وظيفتها في الدعوة للصلاة [1].

الشكل 3: مئذنة الجامع

قباب الجامع

للمسجد عدة قباب ، أكبرها قبتان، إحداهما تقع فوق المحراب وتقع الثانية فوق مدخل قاعة الصلاة من جهة الفناء. ترتكز قبة المحراب على أسطوانة مثمنة الأضلاع ذات جوانب مقعرة قليلاً. وترتفع عن قاعدة مربعة مزينة في كل وجه من وجوهها الثلاثة الجنوبية، والشرقية، والغربية بخمس محاريب مسطحة، تعلوها خمسة أقواس نصف دائرية. هذه القبة ، التي يعود بناؤها إلى النصف الأول من القرن التاسع (نحو 836 م) ، هي واحدة من أقدم القباب وأكثرها شهرة في العالم الإسلامي الغربي [1].

الشكل 4: قبّتا الجامع اللتان تعلوان حرم الصلاة

أهمية جامع القيروان

بالإضافة إلى أهميته المعمارية ، يعد الجامع الكبير بالقيروان مركزًا ثقافيًا ودينيًا مهمًا. كان بمثابة مركز للتعليم الإسلامي لعدة قرون، حيث يحتوي مكتبة تضمّ آلاف المخطوطات النادرة[3]. كما يعد المسجد موطنًا لعدد من القطع الأثرية الدينية المهمة، بما في ذلك أقدم نسخة متبقية من القرآن في شمال إفريقيا [2]. اليوم ، ما يزال المسجد يمثل موقعًا مهمًا للحج للمسلمين من جميع أنحاء العالم. إذ يأتون للصلاة والتأمل في التاريخ الغني وفي الأهمية الثقافية لهذا النصب الرائع.

المصادر

  1. “Great Mosque of Kairouan.” The Madain Project.
  2.  “Great Mosque of Kairouan.” Atlas Obscura.
  3. “Great Mosque of Kairouan.” Museum With No Frontiers.

العمارة الإسلامية في عهد الدولة العباسية (750-1258م)

شهدت الفترة العباسية حقبة مهمة في التاريخ الإسلامي، امتدت من القرن الثامن إلى القرن الثالث عشر الميلادي. وكان العباسيون ثاني سلالة تحكم العالم الإسلامي بعد الأمويين. وقد شهد العالم الإسلامي في هذه الفترة تقدمًا كبيرًا في العلوم والفنون والأدب والعمارة. اشتهر العباسيون برعايتهم للفنون، مما أدى إلى تطوير أسلوب معماري إسلامي فريد [1]. سيستكشف هذا المقال الإنجازات المعمارية التي تمّ إنجازها في عهد الدولة العباسية.

الشكل 1: الدولة العباسية في أقصى امتدادٍ لها

المدن العباسية

مدينة بغداد الدائرية

تم بناء مدينة بغداد الدائرية، والمعروفة أيضًا باسم مدينة السلام ، في 762 من قبل الخليفة العباسي المنصور [1]. واكتمل بناؤها في عام 766م [5]. كانت المدينة الدائرية من روائع العمارة والهندسة الإسلامية ، حيث جمعت بين مبادئ التصميم الإسلامية التقليدية والتقنيات المبتكرة [2].

الشكل 2: رسم تخيّلي يُظهِر مدينة بغداد الدائرية

كانت مدينة بغداد الدائرية ذات قطر يساوي 2 كم تقريباً [5]. محاطة بسور ضخم تتخلله أربع بوابات تواجه الاتجاهات الرئيسية ، مزينة بأنماط هندسية معقدة ونقوش قرآنية [1]. وكانت الشوارع تؤدي من البوابات الأربعة إلى المناطق المركزية بينما تتركز أماكن المعيشة والمحلات التجارية في حلقة بين الجدار الخارجي للمدينة الذي كان محاطًا بخندق عميق وجدار دائري محصن ثانٍ [4].

وكان من أبرز سمات المدينة نظام توزيع المياه، والذي كان ضروريًا لبقاء المدينة في المناخ الجاف لبلاد الرافدين [2]. حيث قام مهندسو المدينة ببناء شبكة واسعة من القنوات لجمع وتوزيع المياه في جميع أنحاء المدينة. كما أنشؤوا نظامًا من الأنفاق الجوفية التي سمحت بالنقل الفعال للمياه من نهر دجلة إلى ينابيع المدينة وحدائقها [3].

مدينة سامرّاء العباسية

تأسست مدينة سامراء عام 836 م على يد الخليفة العباسي المعتصم بالله كمعسكر لحماية الخلافة من التهديد المتزايد لسلالة الطاهريين في الشرق [6]. ومع ذلك ، سرعان ما تطورت لتصبح مدينة رئيسية ، وقد وصل عدد سكانها إلى 600000 نسمة في ذروة ازدهارها [7]. تميّزت المدينة بمخطط شطرنجي ذي شوارع متعامدة، وبأحياء سكنية منظمة حول الأفنية المركزية والمساجد [8]. وتتميز العمارة في مدينة سامراء باستخدامها القرميد والجص ، والتي كانت تستخدم لإنشاء أنماط هندسية تزيينية معقدة. [6]

الشكل 3: صورة جوية لمدينة سامراء تعود لمطلع القرن العشرين ويظهر في مقدمة الصورة جامع سامراء الكبير ومئذنته

جامع سامرّاء الكبير

أحد أشهر الجوامع العباسية، أمر ببنائه الخليفة العباسي المتوكل عند توليه للحكم [9] وبدأ بناءه عام 848 م واكتمل عام 851 م بمساحة 38000 متر مربع تقريباً [1]. بُني المسجد في موقع قصر سابق دُمِّر إبان الحرب الأهلية التي ميزت نهاية عهد الخليفة السابق الواثق [10].

وتقع على المحور الوسطي للجامع وخارج حرمه برج حلزوني يعرف باسم (الملويّة) أو المئذنة الملتوية، بارتفاع 52 متراً، وبقطر 33 متراً عند القاعدة. وتقع على بعد 27 متراً تقريباً من الجدار الشمالي وتتصل بالجامع بواسطة جسر.

تم بناء هذه المئذنة التي تميّز مدينة سامرّاء باستخدام الحجر الرملي، وما يجعلها فريدة من نوعها هو تصميمها الحلزوني المخروطي. ويرتفع البرج الحلزوني على القاعدة المزودة بمنحدر (رامب) يبدأ عند مركز الجهة الجنوبية ويدور حوله بعكس اتجاه عقارب الساعة. وبعد خمس دورات كاملة، يصل المنحدر إلى القمة وينتهي عند الحنية الجنوبية لطابق أسطواني الشكل. ثم يقود درج شديد الانحدار إلى المنصة، بارتفاع 50 متر بالضبط فوق القاعدة. [9]

الشكل 4: جامع سامرّاء الكبير

جامع أبي دُلف

يقع جامع أبي دُلف حوالي 15 كيلومتراً شمال مدينة سامراء في قلب الصحراء، ويحمل مئذنة مشابهة لمئذنة سامراء الملتوية بتصميم حلزوني مشابه [9].

تم بناء المسجد في القرن التاسع وسمي على اسم أبي دُلَف؛ المحارب العربي الذي تم دفنه في باحة المسجد [10]. وهو مستطيل الشكل بأبعادٍ تساوي حوالي 30 × 20 مترًا ، ويتميز بقبة مركزية كبيرة محاطة بقباب أصغر وفناء (صحن) مربع [11]، وعلى الرغم من تشابه مئذنة جامع أبي دُلّف مع مئذنة جامع سامراء الكبير بشكلها الحلزوني، إلا أن مئذنة هذا الجامع ليست نسخة مطابقة لمئذنة جامع سامراء. فمئذنة أبي دلف أصغر حجماً بثلاث دورات فقط يدورها المنحدر حتى يصل إلى القمة مقارنةً بالدورات الخمس التي يدورها مثيله في مئذنة جامع سامراء. [9]

الشكل 5: مئذنة جامع أبي دُلف

مدينة الرّافقة

في عام 772 م، أمر الخليفة العباسي المنصور ببناء مدينة جديدة تسمى الرافقة بالقرب من الرقّة، وقد كلف ابنه وخليفته المهدي (حكم في الفترة الممتدة بين عاميّ 775-785 م) بالإشراف على بنائها. نُفِّذت الإضافات اللاحقة، مثل الجدار الخارجي ، تحت حكم ابن المهدي، هارون الرشيد (حكم في الفترة 170-93 / 786-809). كان المكان بمثابة مدينة حامية على الحدود مع الإمبراطورية البيزنطية لحماية الأراضي العباسية. كما أنها كانت تقع على مفترق طرق مهمة للقوافل عند التقاء نهر الفرات مع نهر الخابور [12].

يحمل مخطط المدينة تشابهاً طفيفاً مع مخطط مدينة بغداد العباسية، لكنه يتخذ شكل حدوة حصان مع وجود ضلع مستقيم في الجانب الغربي من المدينة [13]. ويبلغ قطر سور المدينة المحيط بالرفقة حوالي 1300 م. ويبلغ طول هذا الجدار الضخم 5000 متر تقريبًا ، ويحصر بداخله مساحةً تساوي 1.47 كيلومترًا مربعًا [12].

الشكل 6: مخطط مدينة الرافقة [12]

وكان من أهمّ الإنجازات المعمارية في عهد الدولة العباسية هو ترميم المسجد الأقصى الشريف

ترميم المسجد الأقصى

خضع المسجد الأقصى في القدس لعملية تجديد وإعادة بناء كبيرة، حيث تولى العباسيون، الذين أرادوا تأكيد سلطتهم على المقدسات الإسلامية، مهمة إعادة بناء المسجد. وقد تضمن المشروع توسيع قاعة الصلاة بالمسجد وإضافة معالم معمارية جديدة، مثل مدخل ضخم وقبة. تضمنت إعادة البناء أيضًا عناصر من الطراز المعماري العباسي، مثل استخدام الجص الزخرفي والتصميمات الهندسية المعقدة. لم تكن إعادة بناء المسجد الأقصى خلال الفترة العباسية رمزًا دينيًا وثقافيًا فحسب، بل كانت أيضًا دليلًا على التزام العباسيين بالعمارة الإسلامية ورغبتهم في ترك بصماتهم على العالم الإسلامي [14].

قصر الأُخَيضِر

أحد أروع أمثلة العمارة العبّاسية، تمّ بناؤه خلال منتصف القرن الثامن الميلادي في صحراء العراق حالياً. القصر عبارة عن قلعة مستطيلة الشكل مع أبراج في كل زاوية وفناء مركزي كبير [1] يعدّ بمثابة النقطة المحوريّة للقصر [14] . تم بناء جدران القصر من القرميد المصنوع من الطين المشوي وتمّ تزيينها بتصميمات جصية متقنة وأنماط هندسية، والتي تميز الطراز المعماري العباسي. تضمن تصميم القصر أيضًا العديد من الميزات الوظيفية، مثل نظام المياه المتطور . كان موقع القصر في المنطقة الصحراوية في العراق استراتيجيًا، حيث كان بمثابة محطة طريق للمسافرين والحجاج. اليوم، يقف قصر الأخيضر كدليل على الإنجازات المعمارية للعباسيين وقدرتهم على خلق الانسجام بين الاعتبارات الوظيفية والجمالية في تصميم المباني [1].

مسجد ابن طولون في القاهرة

يعتبر مسجد ابن طولون ثاني أقدم مسجد موجود في مصر. وهو النصب الوحيد المتبقي في مدينة القطائع ، وقد تم إنشاؤه عام 870م في عاصمة الدولة الطولونية في مصر من قبل حاكم مصر أحمد بن طولون. [15] ويعدّ نموذجاً فريداً للعمارة الإسلامية بمئذنته اللولبية المميزة وفنائه الواسع المفتوح. يغطي المجمع مساحة تزيد عن 26000 متر مربع ويحيط به سور مرتفع له ثلاث بوابات [16]. يقع المدخل الرئيسي في الجهة الشرقية للمسجد ويؤدي إلى قاعة الصلاة التي يدعمها أكثر من 200 عمود مرتبة في 17 صفًا. تم تزيين المسجد من الداخل بأنماط هندسية أنيقة ونقوش بالخط العربي ، وهي سمات مشتركة للفن والتصميم الإسلامي [17]. تم تزيين جدران وأعمدة قاعة الصلاة بنقوش وزخارف معقدة تعكس المفهوم الإسلامي للتناسق والتوازن. [15]

تعتبر مئذنة مسجد ابن طولون أبرز معالمه. يرتفع إلى ارتفاع 26 مترًا وهو مبني على شكل حلزوني فريد من نوعه ، مع درج خارجي يؤدي إلى القمة [15]. تعلو المئذنة قبة صغيرة وهلال، ومن الجدير بالذكر أنها المئذنة الوحيدة خارج العراق التي تماثل في التكوين المئئذنتين الملويّتين لجامعي سامرّاء الكبير وأبي دُلَف.

الشكل 7: بطاقة بريدية من عام 1903م تظهر مسجد ابن طولون ومئذنته

مقياس النيل

بني مقياس النيل بأمرٍ من الخليفة العبّاسي المتوكّل في عام 861م [18]، ويقع في جزيرة الروضة في مصر، وبالتحديد في القاهرة على نهر النيل، وقد استُخدِم بشكلٍ عام لقياس مستويات الفيضان من أجل إعداد السدود والقنوات ، وتحديد مستويات الضرائب للإنتاجية الزراعية ، والاحتفال بفيضان النيل ، الذي كان حدثًا مهمًا من العصور الوسطى حتى نهاية القرن التاسع عشر [18] [ 19].

يتكوّن من جزئين أساسيَّين: الأول هو البئر المكون من ثلاثة طوابق وفي محوره العمود الرخامي ، وهو أداة قياس الفيضان. والثاني القنوات التي تتصل بالنيل من خلال ثلاث فتحات يوجد كلٌّ منها في طابق. يقع البئر في حفرة مربعة عميقة محفورة بعمق 13م وعرض 10م على الأقل، ما استلزَم إزالة ما لا يقل عن 1300متر مربّع من التراب والطين الصلب[20].

وتتدفق مياه النيل إلى البئر عن طريق ثلاثة قنوات تصب مياهها في البئر عن طريق ثلاثة “أفواه”. ,هذه الفتحات ذات أقواس مدببة تدعمها أعمدة مزخرفة ذات قواعد كروية. لا تعتبر هذه الأقواس أقدم الأمثلة المعروفة في مصر الإسلامية وحسب، بل وإنها تسبق تلك المستخدمة في العمارة القوطية في أوروبا بثلاثة قرون [21].

الشكل 8: مقطع طولي في مقياس النيل

الأقواس العباسية المدببة

يعتبر القوس المدبب من أبرز سمات العمارة القوطية التي ازدهرت في أوروبا خلال فترة العصور الوسطى. ومع ذلك ، فإن ما هو أقل شهرة هو أن القوس المدبب كان في الواقع تطورًا من العالم الإسلامي.

الشكل 9: الأقواس المدببة في باب بغداد في الرافقة/ الرقّة حاليّاً

شهدت الفترة العباسية العديد من الابتكارات المعمارية ، بما في ذلك القوس المدبب الذي استخدم على نطاق واسع في المباني الإسلامية. من خلال التبادل التجاري والثقافي ، انتشرت العمارة الإسلامية وابتكاراتها إلى أوروبا. لعبت الحروب الصليبية أيضًا دورًا مهمًا في نقل المعرفة المعمارية الإسلامية، بما في ذلك القوس المدبب ، إلى أوروبا، حيث أنه في الحملة الصليبية الأولى عام 1099 وبعد سقوط فلسطين في أيدي الصليبيين، عقد القادة الصليبيون أول اجتماع لهم في قبة الصخرة لتسوية خلافاتهم وترهيب المسلمين المهزومين. لم يتمكن هؤلاء القادة المهتمون بالهندسة المعمارية من ألا يلاحظوا جمال كل من أروقة قبة الصخرة والأقصى المدببة وأعادوها معهم عندما عادوا إلى أوروبا. بمجرد وصوله إلى أوروبا ، تم تكييف القوس المدبب وتطويره بشكل أكبر ، ليصبح سمة مميزة للعمارة القوطية. هذا النقل للمعرفة المعمارية هو شهادة على الترابط بين الثقافات والطرق التي يمكن للأفكار والابتكارات أن تنتشر من خلال التجارة والتبادل [14].

المصادر

  1. Dictionary of Islamic Architecture
  2. short-history.com/round-city-of-baghdad
  3. .themaparchive.com-plan-of-baghdad-city
  4. socks-studio.com/the-round-city-of-baghdad
  5. the birth of Baghdad was a landmark for world civilisation – The Guardian
  6. Samarra – SmartHistory
  7. Samarra – Barakat Trust
  8. Samarra – Archnet
  9. The origins and functions of the spiral minaret at the great mosque of Samarra (Academia.edu)
  10. Minaret of the Abu Dulaf Mosque. Samarra Archaeological City (Iraq) – UNESCO
  11. “Abu Dulaf Mosque.” Academia.edu.
  12.  Museum With No Frontiers – Al-Rafiqa
  13. Archnet – Raqqah
  14. muslimheritage.com – Muslim Architecture Under the Abbasid Patronage
  15. Ibn Tulun Minaret – Museum With No Frontiers
  16. Mosque of Ahmad ibn Tulun – Encyclopaedia Britannica
  17. Mosque of Ibn Tulun – Archnet
  18. Rawda Island Nilometer – Egyptian Monuments
  19. Nilometer – Islamic Architectural Heritage
  20. Rawda Island Nilometer – UNESCO World Heritage Centre
  21. Rawda Island Nilometer – Museum With No Frontiers

سلسلة العمارة الإسلامية: مدينة الرافقة

كان العصر العباسي وقتًا للابتكار الكبير والإنجاز الثقافي في العالم الإسلامي، ولا يزال تأثيره واضحًا في العمارة الإسلامية الحديثة اليوم. وكانت مدينة الرافقة من أهم المدن التي تم بناؤها خلال هذا الوقت، وتقع في موقع مدينة الرقّة الحالية في سوريا. ومن خلال استكشاف تاريخ هذه المدينة العباسية وتصميمها، يمكننا الحصول على معرفة أكبر تجاه الإنجازات المذهلة للعصر العباسي وتأثيرها على العمارة والتصميم.

موقع وسبب بناء مدينة الرافقة

في عام 772 م، أمر الخليفة العباسي المنصور ببناء مدينة جديدة تسمى الرافقة بالقرب من الرقّة، وقد كلف ابنه وخليفته المهدي (حكم في الفترة الممتدة بين عاميّ 775-785 م) بالإشراف على بنائها. نُفِّذت الإضافات اللاحقة، مثل الجدار الخارجي ، تحت حكم ابن المهدي، هارون الرشيد (حكم في الفترة 170-93 / 786-809). كان المكان بمثابة مدينة حامية على الحدود مع الإمبراطورية البيزنطية لحماية الأراضي العباسية. كما أنها كانت تقع على مفترق طرق مهمة للقوافل عند التقاء نهر الفرات مع نهر الخابور [1].

تخطيط المدينة وعناصرها الدفاعية

يحمل مخطط المدينة تشابهاً طفيفاً مع مخطط مدينة بغداد العباسية، لكنه يتخذ شكل حدوة حصان مع وجود ضلع مستقيم في الجانب الغربي من المدينة [2]. ويبلغ قطر سور المدينة المحيط بالرفقة حوالي 1300 م. ويبلغ طول هذا الجدار الضخم 5000 متر تقريبًا ، ويحصر بداخله مساحةً تساوي 1.47 كيلومترًا مربعًا [1].

الشكل 1: مخطط مدينة الرافقة [1]

تمّ تحصينالمدينة بطبقات دفاعية متعددة بما في ذلك خندقٌ بعرض 15.9 متر، وجدارٌ خارجيّ وجدارٌ داخليٌّ ضخم يعتمد على أساسات حجرية. وتمت تقوية الجدار الداخلي، المصنوع من القرميد المصنوع من الطين المجفف وطبقة من القرميد المشوي على كلا الجانبين، بواسطة 132 برجًا دائريًا موزعة على مسافات متساوية تقريبًا على طول الجدار (حوالي 25 م إلى 28 م). يبلغ محيط كل برج من 15 مترًا إلى 16 مترًا، ويصل عمقه إلى 5.35 متر. ومن المحتمل أن هذه الأبراج كانت ترتفع إلى 18 مترًا، وقد يكون برجا الزاوية أعلى من البقية. الجدار الخارجي أقل ارتفاعًا وأقل كتلة من الجدار الداخلي. وهو مصنوع من القرميد المجفف بالشمس وليس له أساس حجري [1].

الشكل 2: سور المدينة كما يظهر في الوقت الحالي

مداخل المدينة وباب بغداد

ان سور المدينة في الأصل يحتوي على ثلاثة مداخل: البوابة الجنوبية الغربية الصغيرة (باب الجنان)؛ البوابة الشمالية الضخمة (باب حرّان) والتي يبلغ عرضها 4 أمتار (لا تزال بقايا أعمدة الأبواب الحديدية موجودة)؛ ويقع في الزاوية الجنوبية الشرقية من سور المدينة، باب بغداد. والذي تمّ بناؤه باستخدام القرميد المشوي الذي تم استخدامه في سور المدينة الخارجي. بافتراض أن واجهة باب بغداد كانت متناظرة، فلا بد أن قياسها 18 م × 14.5 م [1].
تنقسم واجهة باب بغداد بصرياً إلى جزئين: الجزء السفلي الذي يحتوي على ممر قوسيّ الشكل كبير الحجم، بينما الجزء العلوي ، الذي يبلغ ارتفاعه حوالي 4.40 م [1]، يوجد فيه محرابان مزخرفان على جانبي البوابة مع مجموعة من المحاريب الأصغر في الأعلى على طول واجهة الباب. كان هذا الأسلوب من الأساليب الشائعة المستخدمة في القصور الأموية [3].

تشير السمات التزيينية للبوابة، ونقص العناصر الدفاعية، وموقعها في الجدار الخارجي الأضعف، إلى أنه لم يتم تشييدها بسبب مناعتها، ولكن ربما قد تم استخدامها كنموذج استعراضي لحفلات الاستقبال الاحتفالية في المدينة.
تاريخ باب بغداد لا يزال غير واضح. بناءً على العناصر التزيينية المستخدمة فيه، مثل شكل الأقواس المدببة، غير المسجلة قبل القرن العاشر، والتقنيات المستوحاة من الشرق مثل الزخرفة القرميدية، التي تشبه العمارة الإيرانية في القرن الحادي عشر (كما في أبراج خراقان) ، من غير المرجح أن تكون بوابة بغداد أن تكون قد بنيت في وقتٍ أبكر من أوائل القرن العاشر [1].

الشكل 3: ما تبقّى من باب بغداد في الوقت الحالي

قصور المدينة

كان قصر البنات الذي تمّ بناؤه في القرن التاسع مقرًا صيفيًا ترفيهيًا أسسه الخليفة العباسي هارون الرشيد. تتبع بقايا القصر مخططًا معماريًا للمبنى مرتبة حول فناء مركزي كبير به نافورة. ويحتل كل جانب من الفناء إيوان كبير، مما يجعل قصر البنات مثالاً استثنائياً على استخدام المسقط الإيراني ذو الأواوين الأربعة في سوريا. تم بناء القصر من القرميد. [4]
كما تم الكشف عن قصرين عباسيين آخرين في الحفريات الأخيرة خارج أسوار مدينة الرقة القديمة. أحدهما أسسه هارون الرشيد والآخر الخليفة المأمون [4].

مصير مدينة الرافقة العباسية

على الرغم من عظمة المدينة وابتكارها ، لم يتبقَّ سوى القليل من آثار المدينة اليوم، حيث أنه قد تم التخلي عن المدينة في القرن العاشر الميلادي بسبب عدة عوامل سياسية. ومع ذلك ، فإن إرث الرافقة لا يزال حيًا في ابتكارات التخطيط العمراني والتصميم المعماري التي استخدمت بها.

اقرأ أيضاً: مدينة سامرّاء العبّاسية؛ وجوامعها ذات المآذن الملويّة

المصادر

  1.  Museum With No Frontiers – Al-Rafiqa
  2. Archnet – Raqqah
  3. Archnet – The Gate Of Baghdad
  4. Achnet – Qusur Al Raqqa

سلسلة العمارة الإسلامية: مسجد ابن طولون في القاهرة

يعد مسجد ابن طولون من أهم وأقدم المساجد في مصر ، ويقع في قلب القاهرة الإسلامية التاريخية. تم بناؤه في القرن التاسع على يد أحمد بن طولون، الحاكم العباسي لمصر، ويشتهر بهندسته المعمارية الفريدة وعناصره الزخرفية وأهميته التاريخية. ستقدم هذه المقالة لمحة عامة عن تاريخ المسجد، وهندسته المعمارية، وأهميته الثقافية.

تاريخ وعمارة مسجد ابن طولون

يعتبر مسجد ابن طولون ثاني أقدم مسجد موجود في مصر. وهو النصب الوحيد المتبقي في مدينة القطائع ، وقد تم إنشاؤه عام 870 م في عاصمة الدولة الطولونية في مصر من قبل حاكم مصر أحمد بن طولون. [3] ويعدّ نموذجاً فريداً للعمارة الإسلامية بمئذنته اللولبية المميزة وفنائه الواسع المفتوح. يغطي المجمع مساحة تزيد عن 26000 متر مربع ويحيط به سور مرتفع له ثلاث بوابات [1]. يقع المدخل الرئيسي في الجهة الشرقية للمسجد ويؤدي إلى قاعة الصلاة التي يدعمها أكثر من 200 عمود مرتبة في 17 صفًا. تم تزيين المسجد من الداخل بأنماط هندسية أنيقة ونقوش بالخط العربي ، وهي سمات مشتركة للفن والتصميم الإسلامي [2]. تم تزيين جدران وأعمدة قاعة الصلاة بنقوش وزخارف معقدة تعكس المفهوم الإسلامي للتناسق والتوازن. [3]

الشكل 1: مسقط الجامع

تتوج الواجهات الخارجية للمبنى بتشكيلات مكونة من أشكال فريدة تعرف باسم ‘العرائس’، والتي تشبه الأشكال البشرية المجردة أو الدمى الورقية. يتخلل النصف العلوي من واجهات المبنى صفٌّ من النوافذ ذات الأقواس المدببة؛ والتي تحاط بأعمدة متراصة تشبه تلك الموجودة في مقياس النيل في جزيرة الروضة في القاهرة. يوجد 19 بابًا مستطيلًا بسيطًا على جدران المسجد، وبعتبر الرواق الشرقي للجامع هو الأكثر زخرفةً ويحتوي على محاريب من العصور الطولونية والفاطمية والمملوكية. ترتكز أقواس الممرات على أرصفة مبنية من الآجر الأحمر ، وفي أركانها أعمدة صغيرة، وهو النمط الذي ظهر من قبل في جامع سامراء الكبير. [3]

مئذنة مسجد ابن طولون

تعتبر مئذنة مسجد ابن طولون أبرز معالمه. يرتفع إلى ارتفاع 26 مترًا وهو مبني على شكل حلزوني فريد من نوعه ، مع درج خارجي يؤدي إلى القمة [3]. تعلو المئذنة قبة صغيرة وهلال، ومن الجدير بالذكر أنها المئذنة الوحيدة خارج العراق التي تماثل في التكوين المئئذنتين الملويّتين لجامعي سامرّاء الكبير وأبي دُلَف.

الشكل 2: مئذنة جامع ابن طولون

فناء المسجد

فناء مسجد ابن طولون هو سمة فريدة أخرى للمسجد، وهو مساحة شاسعة ومفتوحة محاطة برواق مكوّن من أعمدة تعلوها أقواس حدويّة الشكل، كما تم دعم الممرات بأعمدة مصنوعة من أنواع مختلفة من الحجر ، بما في ذلك الرخام والغرانيت، والتي يُرجح أنها مأخوذة من المباني الرومانية والبيزنطية القديمة [2].

الشكل 3: فناء المسجد وتظهر في الصورة قبة الوضوء

الأهمية التاريخية للمسجد

ليس مسجد ابن طولون مكانًا للعبادة فقط؛ ولكنه أيضًا رمز لسلطة وثروة الخلافة العباسية. تم بناء المسجد في فترة ازدهار ثقافي واقتصادي كبير في مصر العباسية، ويعكس تصميمه وبنائه التقنيات المبتكرة والإنجازات الفنية في ذلك الوقت [1]. ما يعدُّ شهادة على الإرث الدائم للحضارة الإسلامية وإسهاماتها في العلوم والتكنولوجيا والثقافة.

المصادر

  1. Mosque of Ahmad ibn Tulun – Encyclopaedia Britannica
  2. Mosque of Ibn Tulun – Archnet
  3. Ibn Tulun Minaret – Museum With No Frontiers

مقياس النيل وجماليات العمارة الإسلامية: الشكل والوظيفة

عُرفت الخلافة العباسية باهتمامها بالعلوم والفنون والعمارة ويعدُّ مقياس النيل أحد أبرز الأمثلة على الإبداع في تلك الفترة. وتم استخدامه لقياس مستوى مياه النيل من أجل التنبؤ بالفيضان السنوي للنهر وتقييم الإنتاج الزراعي للبلاد. سوف نستكشف في هذا المقال تاريخ وأهمية مقياس النيل.

تاريخ وأهمية مقياس النيل

بني مقياس النيل بأمرٍ من الخليفة العبّاسي المتوكّل في عام 861م [1]، ويقع في جزيرة الروضة في مصر، وبالتحديد في القاهرة على نهر النيل، وقد استُخدِم بشكلٍ عام لقياس مستويات الفيضان من أجل إعداد السدود والقنوات ، وتحديد مستويات الضرائب للإنتاجية الزراعية ، والاحتفال بفيضان النيل ، الذي كان حدثًا مهمًا من العصور الوسطى حتى نهاية القرن التاسع عشر [1] [ 3].

الشكل 1: مقياس النيل في جزيرة الروضة

البنية المعمارية لمقياس النيل

إنّ مقياس النيل مبنى موجودٌ تحت الأرض، وهو يتكوّن من جزئين أساسيَّين: الأول هو البئر المكون من ثلاثة طوابق وفي محوره العمود الرخامي ، وهو أداة قياس الفيضان. والثاني القنوات التي تتصل بالنيل من خلال ثلاث فتحات يوجد كلٌّ منها في طابق. يقع البئر في حفرة مربعة عميقة محفورة بعمق 13م وعرض 10م على الأقل، مما استلزَم إزالة ما لا يقل عن 1300متر مربّع من التراب والطين الصلب[2].

وتتدفق مياه النيل إلى البئر عن طريق ثلاثة قنوات تصب مياهها في البئر عن طريق ثلاثة “أفواه”. ,هذه الفتحات ذات أقواس مدببة تدعمها أعمدة مزخرفة ذات قواعد كروية. لا تعتبر هذه الأقواس أقدم الأمثلة المعروفة في مصر الإسلامية وحسب، بل وإنها تسبق تلك المستخدمة في العمارة القوطية في أوروبا بثلاثة قرون [4].

تم بناء المبنى بالكامل من الحجر المقطوع بدقة، وتحيط السلالم القريبة من الجدران بالمساحة الدائرية في الأسفل وحول المربع المكون من مستويين، وفي المحور المركزي يرتفع عمود مثمن من الرخام مقسَّم إلى أذرع، والتي كانت وحدة القياس في زمن بناء هذه المنشأة [2].

وقد نقشت على جدران البئر نصوص قرآنية [1] وأنماط هندسية ونباتية معقدة، وتصوير لعلامات الأبراج السماوية [4]، ويتميز كذلك بوجودِ علاماتٍ على العمود لقياس مستوى الماء، والتي استخدمت لتحديد ارتفاع الفيضان مع ارتفاع المياه في البئر، بالإضافة لوجود سلم حلزوني للنزول إلى الأسفل [1].

الشكل 2: مقطع طولي في مقياس النيل
الشكل 3: البئر وعمود القياس
الشكل 4: الزخارف التي تزيّن مقياس النيل من الداخل

مؤشر للفيضان

كان من المتعارف عليه أن السنة ستكون جيدة إذا تم تسجيل قياس لمستوى الماء على العمود يبلغ 15 ذراع وسيئة إذا سجلت ما بين 12 و 15 ذراع. وعندما كان مستوى الماء يصل إلى رقمٍ بين 10 و 12 ذراع، كان سعر القمح يبلغ عشرة مثاقيل وكَيلاً واحدًا. وعندما كان المستوى يتجاوز 18 ذراعا ، فكانت المتاجر والمحلات والمنازل والحقول تواجه خطر الفيضانات. [2]

أعمال ترميم مختلفة

أجرى أحمد بن طولون (حكم في الفترة الممتدة بين عامي 868-884م) ترميم المقياس عام 873 م ، واستبدل شريطين من النقوش القديمة بأخرى أكثر حداثة على الجانبين الجنوبي والغربي. وقد قام بوضع اسمه في النقش الجديد ، لكنه أبقى على تاريخ البناء الأصلي كما هو [4].

وعلى مر العصور ، خضع المبنى للعديد من الترميمات والتجديدات (الفاطمية والمملوكية والعثمانية)، وتم تجديده في العصر الحديث عام 1925 عندما تم استبدال القبة المملوكية التي تتوج السطح الخارجي للمبنى بسقف مخروطي الشكل مغطى بألواح من الرصاص [4].

إرث ثقافي وحضاري

تقديراً لأهميته الثقافية والتاريخية، تمت إضافة مقياس النيل إلى قائمة الآثار الوطنية في مصر في عام 1951م. كما تم إدراجه في قائمة اليونسكو للتراث العالمي المؤقت في عام 2001 ، والتي تعترف بالمواقع الثقافية والطبيعية التي لديها الإمكانية في أن تُضاف إلى قائمة التراث العالمي. وإن إدراج مقياس النيل في القائمة يسلط الضوء على قيمته الفريدة كدليل على براعة وإبداع الثقافات المصرية والإسلامية القديمة [2].

اقرأ أيضاُ: مدينة سامراء العباسية وجوامعها ذات المآذن الملويّة

المصادر

  1. Rawda Island Nilometer – Egyptian Monuments
  2. Rawda Island Nilometer – UNESCO World Heritage Centre
  3. Nilometer – Islamic Architectural Heritage
  4. Rawda Island Nilometer – Museum With No Frontiers

قصور الصحراء في عهد الدولة الأموية

أكثر المنشآت التي ميّزت العمارة الأموية عن غيرها هي القصور الصحراوية الموجودة في بلاد الشام. بعضُ هذه المباني كان مبنياً حديثاً في تلك الفترة، بينما بعضها الآخر كانت حصوناً رومانية وبيزنطية تمّ تحويلها لتلبّي احتياجات الحكام الجدد، والجدير بالذكر أن هذه القصور قد تمّ هجرها والتخلي عنها بعض سقوط الدولة الأموية، لتبقى صروحاً تدلّ على ثروة وأهمية هذه الفترة. [1]

التشكيل العام للقصر الأموي

إن القصور الأموية أكثر من مجرد مساكن، فهي في العادة مجمّعات يتكوّن كلٌّ منها من عدة مباني وأقسام وتشمل مساكن وحمامات ومخازن ومسجداً، كلها ضمن مساحة مغلقة، حيث يتألف القسم الداخلي من القصر في العادة من طابقين يحيطان بفناء داخلي، وقد بنيت القصور عادةً في هذه الفترة بالقرب من وادٍ أو من مجرى ماء موسمي. [2] وهناك العديد من القصور التي بُنِيت في هذه الفترة، نذكر منها:

قُصَير عَمْرة

الشكل 1: قُصير عَمرة

يقع في محافظة الزرقاء في الأردن ويبعد حوالي 58 كيلومتراً عن العاصمة الأردنيّة عمّان. [3] تمّ بناؤه غالباً من قبل الخليفة الأموي الوليد الأول بين عاميّ 712 و 715 م. [1] ويتألف من ثلاثة أقسام رئيسية: الأول هو قاعة مستطيلة الشكل تحتوي على مكان خاص بعرش الخليفة في منتصف الجزء الجنوبي منها، الثاني حمّام يتألف من ثلاثة أقسام؛ البرّاني (البارد) والوسطاني (الدافئ9 والجوّاني (الساخن) بالإضافة إلى خزّان ماء. [3] القسم الثالث يتألف من بئر في الجهة الشمالية. [1]

الشكل 2: مسقط قُصير عمرة
الشكل 3: مسقط القاعة الرئيسية والحمّام

إن القاعة الرئيسية مسقوفة بثلاثة قبوات اسطوانية، وتغطى جدران القاعة الرئيسية والحجرات الجانبية بالزخارف الجصية وأما الأرضيات فهي مكسوة بالرخام، ما عدا الحجرات الجانبية ذات الأرضيات المغطاة بالفسيفساء.

يختلف موضوع الزخارف الجصية وفقاً لموقعها، حيثُ تظهر زخارف القاعة الرئيسية مشاهد صيدٍ ونساءَ شبه عاريات، بينما تزيّن قاعة العشر بستة صور لأشخاص يمثّلون أعداء الإسلام الذين تمت هزيمتهم. تُزيَّن غرفتا الحمام الخارجيتين (البرّاني والوسطاني) بصور نساء يستحممن بينما تزيّن قبة الغرفة الساخنة (الجوّاني) بصورة تظهر الأبراج السماوية. [1]

الشكل 4: قبة الجوّاني وبقايا الزخرفة التي تُظهِر الأبراج السماوية الاثني عشر.
الشكل 5: زخرفة جصية تُبين امرأة تستحم
الشكل 6 زخرفة جصية تزيّن القبوات تصوّر نساء وأطفالاً

خربة المَفجّر

توجد في وادي الأردن قرب مدينة أريحا الأثرية. [1] بناها الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك بين عامي 724-753م وفقاً لكتابة عُثِر عليها في الموقع ذكرت اسم الخليفة.

الشكل 7: مسقط خربة المفجر [4]

تم تصميم المنشأة بشكل مجمع بناءً على مسقط مستطيل الشكل مقسّم لأربعة أقسام رئيسية؛ القسم الأول هو القسم السكني الذي يعتبر القصر الأساسي، وهي منشأة ذات طابقين تشغل القسم الجنوبي من المجمّع، وتتميّز بمسقط متناظر يوجد في مركزه فناء، ويحتوي على عدد من الغرف المنفصلة عن بعضها والمرتبة بشكل أزواج في القسمين الشرقي والغربي من القصر.

في الجهة الشرقية، تم تحويل الغرف التي تقع في المنتصف إلى قاعة دخول تصل المدخل بالفناء، وفي الجهة الغربية، تم تحويل الفراغات المقابلة لهذا المدخل إلى غرفة واحدة مسقوفة بقبوة اسطوانية مصنوعة من القرميد.

في مركز الجهة الجنوبية من القصر توجد منشأة مستطيلة مقسّمة إلى خمس غرفٍ متماثلة، تختوي الوسطى منها على محراب في الجدار الجنوبي والذي عُثِرَ خلفه على بقايا مئذنة ذات مسقط مربع. يعتبر هذا المسجد الخاصّ بأسرة الخليفة. توجد في الجهة الشمالية من القسم السكني، توجد في الجهة الشمالية من القسم السكني غرفة كبيرة تماثل في الحجم الغرف الخمس الموجودة في الجهة الجنوبية والتي تحتوي على بقايا لستّ مجازات، والتي حملت القبوات المكوّنة للسقف.

يوجد في مركز الجهة الغربية من الفناء درج مكوّن من شاحطين يُستخدم للنزول إلى قسمٍ منخفض في الفناء يقع أمام فراغ مغلق مسقوف بقبوات اسطوانية والمُنار بنوافذ ثلاثة. هذا ما كات يُطلق عليه اسم السرداب، وهي حجرة كانت تستخدم للاستبراد في فصل الصيف.

يقع شمال القسم السكني قسمٌ آخر يحتوي على على المسجد الرئيسي والصحن الخاص به.

يشغل المسجد الجهة الشرقية ويتألف من غرفة كبيرة تحتوي على مجازين مرفوعين على ثمانية أعمدة مصفوفة بشكل موازٍ لجدار القبلة.

يتألف القسم الثالث من أحد أكبر وأجمل الحمامات الموجودة في العالم الاسلامي. يقع مدخل الحمام في الجهة الشرقية ويتميز بكونه مزخرفاً بشكل كبير.

الغرفة الرئيسية للحمام (البرّاني أو القسم البارد) هي قاعة ذات مساحة كبيرة تحتوي على 16 دعامة تحمل القباب والقبوات الأسطوانية المكونة للسقف، وإحدى ميزاته وجود حنيات نصف دائرية والتي يحاط كل منها بعمودين مرتبطين بالجدران الخارجية، ويُسقف كلٌّ منها بنصف قبة، ويسقف مركز الحمام بقبة كبيرة محاطة بثمانية قبوات أخفض منها ارتفاعاً.

يقسم الحمام إلى ثلاثة أقسام، القسم الجنوبي الذي يتألف من المسبح أو البركة الخاصة بالخليفة، والقسم الأوسط وهي القاعة الرئيسية، والقسم الشمالي وهي غرف الاستحمام.

الشكل 8: نموذج مصغَّر يحاكي الحمام في خربة المَفجَر

يتكوّن القسم الأخير من المجمع من الفناء الأمامي الذي يمتد من شمال المجمع إلى جنوبه في الجهة الشرقية من المجمع، وقد اكتُشِفت في منتصفه بقايا كشك مسقوف بقبة والذي كان موجوداً فوق نافورة الفناء.

ما يميّز هذا المجمّع عن غيره هو استخدام تقنيّات عديدة في التزيين والزخرفة، فبالإضافة لاستخدام القباب والقبوات والزخارف الجصّية، استُخدِمت اللوحات الفسيفسائية بشكل كبير، حيث تغطي الفسيفساء كامل القاعة الرئيسية للحمام. [4]

الشكل 9: فسيفساء تغطي أرضية إحدى الحنيات في خربة المفجر

قصر الحِير الشرقي

يقع قصر الحير الشرقي على بعد 80 كم شرق تدمر، و 80 كم جنوب دير الزور في سورية على نهر الفرات، وهو مجمّع يمكن تقسيمه إلى 4 أقسام: القصر الصغير، القصر الكبير، الحمام، والسور الخارجي.

الشكل 10: مخطط المجمع المكوّن لقصر الحير الشرقي
الشكل 11: القصران الصغير والكبير

يتصف القصر الصغير بأنه بناء مربع الشكل طول ضلعه 70 م تقريباً، يوجد على كل ضلع من أضلاعه الشمالي والجنوبي برجان نصف دائريين، بالإضافة لأبراج دائرية في كل زاوية، ويوجد المدخل في الجهة الغربية محاطاً ببرجين نصف دائريين.

يوجد داخل القصر فناء داخلي مركزي في وسطه بركة ماء، وهو محاط برواق من الأعمدة.

توجد وحدات سكنية في الجهات الشمالية والشرقية والجنوبية يتألف كلٌّ منها من غرفة مركزية وغرفتين من كلّ جهة (تعرف كلٌّ من هذه الوحدات السكنية باسم البيت السّوري) بثلاثة وحدات سكنية في كلّ جهة، كما يتطابق مسقطا الطابق الأرضي والطابق الثاني، ويعتقد أن هذا القصر كان يستخدم كخان.

إن القصر الكبير مشابه للقصر الصغير لكنه أكبر حجماً، بطولِ ضلعٍ يساوي 167 م تقريباً، ويختلف عن القصر الصغير بأنه يحتوي على أربعة مداخل محوريّة تصل إلى فناءٍ داخلي كبير محاط برواق. يتألف المسقط الداخلي للمبنى من 12 قسماً، ثمانية منها مبانٍ ذات أفنية (اثنان في كل جهة من الجهات الأربع). وثلاثةٌ من الأقسام الموجودة في الزوايا الأربع تتألف من مساحات مفتوحة، بينما يوجد في الزاوية الجنوبية الشرقية مسجدٌ صغير ذو رواق مركزي مرتفع. كما يبدو أن إحدى الأبنية ذات الأفنية كان يستخدم لإنتاج زيت الزيتون.

يتألف القسم الثالث وهو الحمام من قاعة ذات ثلاثة مجازات، وتحتوي على برك للمياه الباردة، ثلاثة غرف ساخنة وغرفة دافئة تحتوي على بركة ماء مدفّأة. ويشمل المجمع سخّاناً للمياه، مراحيض وغرفتين للخدمة.

يعد السور الخارجي ذا شكل غير منتظم ويمتدّ على طول 15 كم بسماكة 1 م تقريباً. وتم اكتشاف أربعة بوابات فيه، ويعتقد أن إحاطة المجمع بهذا السور كان يراد بها تخصيص مساحة للزراعة أو تربية الحيوانات أو الصّيد. [1]

المراجع

  1. Dictionary of Islamic Architecture
  2. Desert Castles-Umayyad Caliphs leisure …Complexes – Wonders Travel and Tourism
  3. Qusayr Amra – Desert Castles in Jordan – Wonders Travel and Tourism
  4. Khirbat Al-Mafjar, Palace (740 -750) – Muslim Heritage

المسجد الوردي في شيراز : مسجد نصير الملك

تعد مدينة شيراز في محافظة فارس، إيران إحدى أقدم المدن الإيرانية، تتميز بثقافة نابضة بالحياة من الفنون والحرف اليدوية والتاريخ، كل هذا يعرض بشكل مذهل في مسجد نصير الملك، أو كما يطلق عليه “المسجد الوردي”؛ وهو أحد أجمل المساجد في إيران، يمتاز بزجاجه الملوّن وبالآلاف من البلاطات المطليّة على السقف وبالسجّاد الفارسي الذي يغطي أرض قاعات الصلاة. [1]

بناء المسجد الوردي

بدئ في بناء المسجد في عام 1876م، واكتمل بناؤه في عام 1888م أثناء حكم القاجاريين الذين حكموا إيران في الفترة الواقعة بين عامي (1785م و 1925م) بأمر من الأمير القاجاري ميرزا حسن علي خان نصير الملك. [2]

بنية المسجد الوردي

تم بناء المسجد بمساحة 2980 متر مربع [2] بمراعاة أن يكون الضلع الجنوبي من المبنى قائماً مع محور القبلة، وبالنظر إلى المبنى من الأعلى، فإن أول ما يجذب الانتباه هو شكله غير المنتظم وذلك بسبب الأبنية المجاورة والممرات المحيطة بالمسجد. [3]

الشكل 1: مسجد نصير الملك أو المسجد الوردي كما يظهر على خرائط Google

يتألف المسجد من قسمين رئيسيين؛ الأول هو المسجد (يوضَّح في الشكل باللون الأزرق) و قسم ثانٍ هو ضريح الإمام زاده سيد جلال الدين (باللون الأحمر). تظهر الأدلة التاريخية أن الضريح أقدم من المسجد وقد بني المسجد بقربه لاحقًا ليرتبطا بشكل وثيق.

يتصف القسم الجنوبي من المسجد بأنه أكبر حجمًا وذو شكل منتظم (مستطيل) بينما القسم الشمالي أصغر حجمًا وغير منتظم. ويتألف المسجد من باحة وسطية (صحن) بإيوان في كل من جهتيها الشمالية والجنوبية على محور القبلة وحرمين شرقي وغربي. [3]

الشكل 2: ويظهر فيه المسجد باللون الأزرق والضريح باللون الأحمر بالإضافة إلى أقسام المسجد المختلفة. [3]
الشكل 3: الباحة الخارجية (الصحن) للمسجد الوردي ويظهر في الشكل الإيوان الشمالي المزين بالمقرنصات بالإضافة إلى مئذنتي المسجد

المدخل

تعد بوابة الدخول هي الجزء الخارجي الوحيد المزيّن من المبنى، وقد زيّن بمزيج من البلاطات الزخرفية والحجارة المقطعة والمقرنصات، وتوجد في الجهة الغربية من القسم الشمالي للمسجد، ويتميز القسم الأول من المدخل بشكله السداسي غير المنتظم بينما نلاحظ أن الجزء الثاني من المدخل ذو شكل مستطيل. [3]

الشكل 4: البوابة الرئيسية من الخارج

الحرم الغربي

يعتبر الحرم الغربي الحرم الرئيسي للمسجد الوردي بطولٍ يساوي ضعفي عرضه تقريباً (13 × 28.5م تقريبًا) وهو موازٍ لمحور القبلة، وقد قسم فراغ الحرَم إلى ثلاثة مجازات طولية وسبع مجازات عرضيّة بواسطة 12 عمودًا، ويوجد المحراب في النهاية الجنوبية للمجاز الوسطي محدّدًا اتجاه القبلة.

يتكون الجدار الشرقي للحرم من سبعة أبواب خشبية مزينة بالزجاج الملوّن تتوسطها أعمدة، بفضلها يتمتع الحرم الغربي بصلة مباشرة مع الباحة الخارجية. ومن بين هذه الأبواب السبعة، يعدّ الباب الأوسط الأكثرَ تميّزاً من حيث الزخارف.[3]

الشكل 5: الحرم الغربي

الحرم الشرقي

إن الحرم الشرقي أصغر وأضيق من نظيره الغربي، بنسبة طول إلى عرض 1 إلى 4، ويحتوي على 7 أعمدة مصفوفة في صف واحد في المنتصف.

وضعت فراغات وظيفية على واجهة الحرم الشرقي نظراً لقلة أهميته مقارنة بالحرم الغربي، وذلك بسبب وجود عناصر تزيينية قليلة فيه، ففي شرق الحرم توجد غرفة التزوّد بالمياه والتي حفِر بئر بداخلها تستخرج المياه منه باستخدام الأبقار التي توجد في خندق يقع تحت الحرم الشرقي تقريباً، وتنفتح هذه الغرفة مباشرةً على الحرم الذي ينفتح بدوره مباشرة على ضريح الإمام زاده. [3]

الشكل 6: الحرم الشرقي للمسجد [3]

المصادر

  1. Nasir al-Mulk Mosque – Shiraz, Iran – Atlas Obscura
  2. Nasir al-Mulk Mosque _ Visit iran
  3. Academia.edu – An Introduction to Architecture of Nasir Al Mulk Mosque by Azin Ehteshami

العمارة الإسلامية في عهد الدولة الأموية (661-750م)

أسس الأمويون أولى الدول الإسلامية متخذين دمشق عاصمة لها، ووصل الإسلام تحت قيادتهم إلى معظم الأجزاء المكونة للعالم الإسلامي حالياً. حكمت الخلافة الأموية من دمشق [1] وامتدت خلال فترات ازدهارها إلى الساحل الأطلسي في شمال إفريقيا وشبه الجزيرة الإيبيرية غرباً، وإلى آسيا الوسطى شرقاً، وإلى اليمن جنوباً. [2]

الشكل 1: امتداد الدولة الأموية

وتوجد معظم المباني المحفوظة من تلك الفترة في سوريا وفلسطين، وقد تبنى الأمويون طرق البناء الخاصة بالإمبراطوريتين الساسانية والبيزنطية، حيث كان التأثير البيزنطي على العمارة الأموية أكبر من غيره بسبب وجود مركز الخلافة الأموية في سوريا، إلا أن العناصر ساسانية المنشأ أصبحت متزايدة الأهمية، وفي بداية عهد الدولة الأموية تم الاستحواذ على مبانٍ بيزنطية أو رومانية بدون إجراء أية تعديلات عليها أو بإجراء تعديلات طفيفة. [2]

أنواع المباني والمنشآت التي تم بناؤها خلال فترة الخلافة الأموية

تعتبر المساجد والقصور والمدن أكثر مشاريع البناء التي تم تنفيذها في الفترة الأموية أهمية، حيث شكّلت المساجد عنصرًا مهمًّا في توسيع حدود الدولة الإسلامية ونشر الإسلام، لكن سرعة الفتوح الإسلامية عنت أنّ بعض هذه المساجد كانت عبارة عن منشآت مؤقتة أو كنائس تمّ تحويلها إلى مساجد. وتمّ بناء مدن جديدة لتحقيق أغراض معينة مثل الحاجة لمركز إداري. أما أكثر المنشآت تمييزاً لهذه الفترة هي “القصور الصحراوية” أو “القصور الأموية” والتي بنيت في البادية كمساكن للخلفاء والأمراء. [2]وقد كانت المساجد منشآت بالغة الأهمية أثناء الفترات المبكرة للخلافة الإسلامية حيث شكّلت مكانًا للاجتماع وإذاعة الأنباء المهمة، وقد تطوّر نمطان لتقاليد بناء المساجد ففي سوريا تم تحويل الكنائس إلى مساجد، بينما تطوّرت المساجد في العراق من فراغات مغلقة ذات مسقط مربع إلى ذات سقف محمول على أعمدة. ويعدّ أقدم المباني الإسلامية في الجزء الغربي من الدولة الأموية هو قبة الصخرة.[2]

قبة الصخرة في القدس

أمر ببنائها الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان بين عامي 688-691م [3] وتقع ضمن الحرم الشريف في موقع المعبد اليهودي الذي تم تدميره أثناء الحصار الروماني على القدس في عام 70م [4]، وبسبب موقعها على أرض صخرية لم تتضرر بشكل ملحوظ خلال الزلازل العديدة التي أصابت المنطقة [3].

الشكل 2: قبة الصخرة في القدس

تتميز قبة الصخرة بمسقط مثمن الشكل وقبة ذات قطر يبلغ حوالي 20م تقريباً مرفوعة على رقبة محملة على 4 دعامات و12 عمود [4]، وتحتوي في مركزها على الصخرة المشرفة [5]، ويحيط بالدائرة الداخلية المحيطة بالصخرة رواق مثمن الشكل مكون من 8 دعامات و16 عمود. [4]

الشكل 3: مسقط قبة الصخرة

لا تحتوي لوحات الفسيفساء التي تزين قبة الصخرة من الداخل والخارج على أي تصوير لبشر أو حيوانات. ونرى عوضاً عنها زحارف نباتية وأوعية وتيجان مجنحة ساسانية المنشأ [6]. ولكلّ جدار من الجدران الخارجية الأربعة المواجهة للجهات الرئيسية الأربع باب [7]. وخضعت قبة الصخرة للعديد من التعديلات والإصلاحات التي كان آخرها تجديد الصفائح الذهبية التي تغطي القبة في عام 1993م. [2]

الشكل 4: إحدى لوحات الفسيفساء التي تزين قبة الصخرة من الداخل والتي تظهر الزخارف ساسانية المنشأ.

الجامع الأموي في دمشق

أكثر المباني أهمية بالنسبة لتطوّر المساجد في العهد الأموي هو الجامع الكبير في دمشق [2].

قام الخليفة الأموي الوليد الأول بتحويل كنيسة يوحنا المعمدان في دمشق إلى جامع وذلك لاستيعاب الأعداد المتزادية من المسلمين.

تم بناء الجامع بمسقط مستطيل بأبعاد 157×100م، وهو مؤلف من قسمين، الباحة الخارجية التي تسمى الصحن، وقاعة الصلاة التي تسمى الحرم. [8]

يتألف حرم الجامع الأموي من ثلاثة مجازات مسقوفة بأسقف جملونية [9] ويقطع هذه المجازات في مركزها بشكل عرضي مجاز قاطع تعلوه قبة [10] وتزيّن واجهته الرئيسية التي تعتبر مدخل الحرم بالفسيفساء [11]. ويحتوي الجامع الأموي على مئذنة العروس، أولى المآذن في الإسلام.

الشكل 5: الجامع الأموي في دمشق
الشكل 6: مسقط الجامع الأموي

مئذنة العروس

بعد تحويل الخليفة الأموي الوليد للكنيسة الكبرى في دمشق إلى جامع، أمر ببناء برج على الجدار الشمالي للجامع، وأطلق عليه اسم مئذنة العروس التي تعتبر أول مئذنة في الإسلام إلا أن فكرة المئذنة قد تمّ تطبيقها بشكل أبسط سابقًا حيث قام الخليفة الأموي معاوية بن أبي سفيان بإنشاء أربعة صوامع أو أبراج عند توسيع جامع عمرو بن العاص في مصر مقتبساً الفكرة من أبراج الكنائس الموجودة في دمشق [12].

الشكل 7: مئذنة العروس بشكلها الحالي بعدسة الفنان السوري أحمد مادون (1948-1988)

المحراب

أحد أهم العناصر التي تمت إضافتها أثناء الفترة الأموية بالإضافة إلى المئذنة هو المحراب، وهو ركن يوجد في جدار القبلة لكل مسجد. ويختلف حجم المحراب بين مسجد وآخر ولكنها عادةً ما تكون مزخرفة.

نشأ المحراب في عهد الخليفة الوليد الأول (705-715م) وتم اقتباس شكل المحراب من أركان الصلاة التي كانت تتم عند إلقاء الخطب من قبل الرهبان المسيحيين الأقباط. ودائمًا ما يوجد المحراب في الجدار الذي يقع باتجاه مكة المكرمة [13].

الشكل 8: محراب الجامع الأموي في دمشق

القصور الأموية

بالنسبة للمباني غير الدينية فإن أهم المنشآت التي تم بناؤها خلال الفترة الأموية هي القصور الصحراوية في بلاد الشام.

في حين أن بعض هذه المنشآت مباني مبنية حديثًا في تلك الفترة، فإن بعضها الآخر مكوّن من حصون رومانية أو بيزنطية تمّ تحويلها لتلبية حاجات الحكام الجدد، والجدير بالذكر أن معظم هذه القصور قد تمّ هجرها بعد سقوط الدولة الأموية ولا تزال صروحاً تدلّ على الثروة وعلى أساليب البناء الخاصة بالعمارة الأموية [2].

مدينة عنجر

تقع على بعد 58كم شرق بيروت [14] في نقطة التقاء طريقين تجاريين مهمين، وهي مستطيلة الشكل بأبعاد 305×385م وتحاط بسور مرتفع وبـ 40 برج (36 برج نصف دائري متصل بجدران السور بالإضافة إلى برج في كل من الزوايا الأربع).

يقطع المدينة شارعان في محوريها، محور رئيسي باتجاه شمال-جنوب، ومحور أقل أهمية باتجاه شرق-غرب، يقسمانها إلى أربعة أرباع متساوية، حيث يقع قصر الخليفة الكبير والمسجد في الربع الجنوبي-الشرقي في المدينة. ويشغلان القسم الأكثر ارتفاعًا، في حين أن القصور الأصغر والحمامات تقع في الربع الشمالي-الشرقي، وتوزّع الوظائف الثانوية والمناطق السكنية في الربعين الشمالي-الغربي والجنوبي-الغربي [15].

الشكل 9: واجهة قصر الخليفة بعد أن تم ترميمها بشكل جزئي
الشكل 10: مخطط المدينة ويظهر به: 1- قصر الخليفة الكبير، 2- المسجد، 3-القصر الثاني، 4-حمام ومسجد ثاني، 5-منطقة سكنية، 6-شارع رئيسي، 7- شارع ثانوي، 8-تقاطع الشارعين والتترابيل، 9-بوابات المدينة

مواد البناء المستخدمة في العمارة الأموية

إن أكثر مواد البناء استخدامًا في الفترة الأموية هي الحجارة والخشب والقرميد، حيث تم بناء معظم المباني في سوريا باستخدام حجارة مقطّعة، وغالبًا ما كانت تتصف الحجارة المقطّعة الأموية بالجودة العالية وبأطرافها المستقيمة الحادة وبشدة ربطها ببعضها وبحجمها الكبير منتجةً بذلك مباني لا يوجد مثيل لعظمتها في تلك الفترة، باستثناء الحجارة البازلتية التي تعدّ غير مناسبة لسقف مساحات كبيرة حيث لا يمكن استخدامها في الأسقف إلا في المجازات الصغيرة نسبياً وباستخدام قبوات أسطوانية.

وبشكلٍ عام فإن العمارة الأموية قد تجنبت مشكلة تقاطع القبوات حيث أن معظم المباني كانت مؤلفة من وحدات صغيرة متجمعة أو تمّ سقفها باستخدام الأخشاب، ففي سوريا، تمّ استخدام الأخشاب التي كان يتم استيرادها من غابات لبنان في سقف المباني، وكانت الأسقف الخشبية إما قليلة السماكة ومدعّمة بأعمدة وشدادات خشبية كما في الجامع الأموي في دمشق، أو بشكل قباب خشبية كما في قبة الصخرة. كما تم استخدام الأخشاب أيضاً في أعمال البناء وفي الأعمدة وفي فرش المساجد [2].

على الرغم من أن العمارة التي تستخدم القرميد كانت شائعة في كلّ من الإمبراطوريتين البيزنطية والساسانية إلا أن استخدامها في العمارة الأموية كان محدودًا ضمن القسم الشرقي للدولة الأموية حيث أن توافر الحجارة المناسبة في سوريا أغنى عن استخدام القرميد حتى في الفترة البيزنطية. [2]

أما في العراق فقد تم استخدام القرميد المشوي والقرميد المصنوع من الطين بشكل واسع. وغالبًا ما تمّ استخدام القرميد المشوي في الأعمدة والقبوات والأجزاء السفلية من الجدران. بينما تم استخدام القرميد المصنوع من الطين في الأجزاء العلوية من الجدران. [2]

فن الزخرفة والتزيين في العمارة الأموية

على الرغم من أن معظم لوحات الفسيفساء الأموية قد صنعت من قبل حرفيين بيزنطيين. فإن الزخارف التي تم استخدامها تشير إلى التأثير الإسلامي في هذا الفن. وأقدم لوحات الفسيفساء الإسلامية هي تلك التي توجد في قبة الصخرة. والتي تتألف من قطع ذهبية ومتعددة الألوان تمثل نقوشاً لجواهر ملكية بيزنطية وساسانية.

يحتوي الجامع الأموي في دمشق على فسيفساء بالغة الأهمية تمثّل مدينة خالية من الناس. وذلك بسبب حظر تصوير البشر والحيوانات في الفن الإسلامي. لكن يوجد في بعض القصور الصحراوية لوحات فسيفساء تصوّر فيها حيوانات كما في خربة المفجر. [2]

الشكل 11: فسيفساء تصوّر غزلان وأسدًا في خربة المفجر.
الشكل 12: الفسيفساء التي تغطي أرضية الحمام في قصر الخليفة في مدينة عنجر

إضافة إلى لوحات الفسيفساء، احتوت معظم القصور الأموية على لوحات جصيّة على الجدران والأرضيات والتي قام بعضها بتصوير حيوانات أو بشر. [2]

قامت ثورة ضد الأمويين في خراسان عام 747م وانتشرت خلال وقت قصير في القسم الشرقي من الدولة. وفي عام 750م تمت هزيمة الأمويين على يد العباسيين الذين كان مركز الخلافة الخاص بهم في العراق. ولم يبق من الأمويين إلا من هربوا إلى الأندلس حيث استمرت السلالة بالحكم حتى عام 1051م.

المصادر

  1. Muslim Architecture under The Umayyad Patronage (661-750AD) – Foundation of Science Technology and Civilisation
  2. Dictionary of Islamic Architecture.pdf
  3. Dome of the Rock (BiblePlaces.com)
  4. madainproject.com/dome of the rock
  5. The Dome of the Rock (Qubbat al-Sakhra) – Smarthistory
  6. The Dome of the Rock (Qubbat al-Sakhra) (article) _ Khan Academy
  7. Dome of the Rock – Discover Islamic Art – Virtual Museum
  8. muslimheritage.com/great ummayad mosque
  9. Umayyad mosque-Damascus/3dvirtual tour
  10. britannica/Great Mosque of Damascus
  11. Umayyad Mosque in Damascus – The Byzantine Legacy
  12. The Origin and History of the Minaret (jstor.org)
  13. Mihrab – Islamic Architecture -Britannica
  14. Anjar – Umayyad Route
  15. Anjar – UNESCO World Heritage Centre

قبة الصخرة ما بين الماضي والحاضر

تعد قبة الصخرة من أشهر الصروح التي تميّز العمارة الإسلامية، ومن أبرز رموز فلسطين المحتلة. فمن منا لا يعرف قبة الصخرة الذهبية؟ لنتعرف معًا على تاريخها وعلى عناصرها المعمارية.

بناء وموقع قبة الصخرة

بنيت قبة الصخرة بأمر من الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان بين عامي 688 – 691 م [1]. وتعدّ من أولى المباني الإسلامية على الإطلاق. بنيت لتكون نقطة محورية دينية لحلفاء الخليفة الأموي. إذ إن منطقة الحجاز (مكة المكرمة والكعبة المشرفة) آنذاك لم تكن تحت سيطرة الدولة الأموية. [2]

تقع القبة ضمن الحرم الشريف [2] في موقع المعبد اليهودي الذي تم تدميره أثناء الحصار الروماني للقدس في عام 70م. [3] وبسبب موقعها على أرض صخرية لم تتضرر بشكل ملحوظ إثر الزلازل العديدة التي أصابت المنطقة. [1]

الشكل 1: موقع قبة الصخرة ضمن الحرم الشريف

البنية المعمارية لقبة الصخرة

إن بنية المنشأة وقبتها التي نراها اليوم لا تزال محافظةً على شكلها الأصلي. حيث تتميز بمسقط مثمن الشكل. يسقف مركزه بقبة ذات قطر 20 م تقريبًا، مرفوعة على رقبة محمولة على 4 دعامات و12 عمود[3]. تحتوي هذه الدائرة في مركزها على الصخرة المشرفة [2]. ويحيط بالدائرة رواق مثمن الشكل مؤلف من 8 دعامات و16 عمود. وتشكل الجدران الخارجية شكلًا مثمنًا بطول 18م وبارتفاع 11م لكلّ جدار. بينما تشكّل الجدران الخارجية مع الرواق الداخلي ومع أعمدة القبة ممرين يدوران حول الصخرة المشرفة. [3] تحتوي كل من الرقبة التي تحمل القبة والجدران الخارجية على نوافذ عدّة.

تحتوي كل من الجدران الخارجية الأربعة المواجهة للجهات الرئيسية الأربع (شمال، جنوب، شرق، غرب) على باب. وتغطى الواجهات الخارجية بألواح من الرخام في الأسفل وبلاطات خزفية من الأعلى. تعود هذه البلاطات لعهد السلطان العثماني سليمان القانوني، الذي أمر باستبدال الفسيفساء الزجاجية الأصلية في الفترة الواقعة بين عامي 1545و 1552م. كما جددت الألواح الرخامية عدة مرات. [6]

الشكل 2: مسقط قبة الصخرة من رسم المؤرخ البريطاني كريزويل
الشكل 3: الصخرة المشرفة والأروقة المحيطة بها

الفسيفساء

أصبحت الفسيفساء التي تزّين الجدران والأسقف منتشرة بشكل كبير في الفترة القديمة المتأخرة (حوالي 300- 800م). وأصبحت تزيّن عددًا كبيرًا من الكنائس البيزنطية، ككنسية سان فيتالي في روما، وآيا صوفيا في اسطنبول. ولا تحتوي لوحات الفسيفساء في قبة الصخرة على أية تصوير لبشر أو حيوانات. وعوضًا عنها نرى زخارف نباتية وأوعية وتيجان مجنحة تشبة تلك التي كان يرتديها الملوك الساسانيون. [4]

وعلى الرغم من استخدام آيات قرآنية للتزيين، فإن العناصر المعمارية والتزيينية متأثرة كثيرًا بتقاليد البناء البيزنطية المسيحية. [5]

الشكل 4: نموذج من الفسيفساء التي تزين قبة الصخرة من الداخل
الشكل 5: البلاطات الخزفية التي تزين الجدران الخارجية

تعديلات وتحسينات طرأت على قبة الصخرة

خضعت المنشأة لتعديلات مع تعاقب الفترات الإسلامية التي حكمت القدس، بمن فيهم العباسيون والفاطميون والأيوبيون. وخلال الحملات الصليبية، كانت الصخرة محاطة بحاجز من الحديد المطاوع، واستبدله الأيوبيون بالحاجز الخشبي الذي يحيط بالصخرة اليوم. ولعلّ من أهم عمليات الترميم، تلك التي أمر بها السلطان العثماني سليمان القانوني في القرن 16م. إذ استبدلت الفسيفساء الخارجية ببلاطات خزفية ملونة. [7] وفي القرن العشرين (1968م) [8]، تم إصلاح الزخارف الداخلية والخارجية التالفة واستبدالها. وزوِّدت القبة بغطاء ذهبي جديد. [7]وكذلك تم تجديد الصفائح الذهبية التي تغطي القبة في عام 1993م. [8]

قبة السلسلة

تعتبر قبة السلسلة منشأة مشابهة لقبة الصخرة، غير أنها أصغر حجمًا. تقع شرق قبة الصخرة مباشرةً، وتتميز بمسقط مشابه مثمن الشكل، مسقوف بقبة، ومفتوح الجوانب. [8] بنيت من قبل الأمويين، وحولت إلى كنيسة صغيرة أثناء الحملات الصليبية. ثم أعاد الأيوبيون تحويلها إلى مصلى. ورممت من قبل الممالي العثمانيين. ورممت حديثًا من قبل المملكة الأردنية الهاشمية. إن قطر قبة السلسلة 14م، وهذا يجعلها ثالث أكبر منشآت الحرم الشريف بعد المسجد الأقصى وقبة الصخرة. [9]

الشكل 6: قبة الصخرة وقبة السلسلة

بئر الأرواح

هو كهف طبيعي ومن صنع الإنسان بشكل جزئي. يوجد داخل الصخرة الأساسية تحت قبّة الصخرة. وعرِف خلال فترة الحملات الصليبية باسم «قدس الأقداس – The Holy of Holies». يبدو سقف الكهف طبيعيًا، بينما رصِفت أرضيته بالرخام وغطِيت بالسجاد.

يقع مدخله في الجهة الجنوبية الغربية من البناء، ويحتوي على أربعة محاريب؛ محراب إبراهيم، ومحراب خضر، ومحراب داوود، ومحراب سليمان.

الشكل 7: مدخل بئر الأرواح
الشكل 8: بئر الأرواح من الداخل ويظهر في الصورة محراب سليمان

المصادر

  1. Dome of the Rock (BiblePlaces.com)
  2. The Dome of the Rock (Qubbat al-Sakhra) – Smarthistory
  3. Dome of the Rock – Madain Project (en)
  4. The Dome of the Rock (Qubbat al-Sakhra) (article) _ Khan Academy
  5. The Dome of the Rock _ The Metropolitan Museum of Art
  6. Dome of the Rock – Discover Islamic Art – Virtual Museum
  7. Dome of the Rock – Britannica
  8. Dictionary of Islamic Architecture (pdf)
  9. Dome of the Chain – Madain Project (en)
  10. Well of Souls (Temple Mount) – Madain Project (en)

الجامع الأموي في دمشق عبر التاريخ

هل زرتَ مدينة دمشق من قبل؟ وهل تجوّلت في شوارع المدينة القديمة ناظرًا إلى جدران المدينة العتيقة من حولك؟ إن زيارة دمشق لا تكتمل إلا بزيارة الجامع الأموي، فلنتعرّف معًا على أبرز معالم هذه المدينة وأحد أشهر الجوامع في العالم الإسلامي، وحتى في العالم أجمع.

الشكل 1: الجامع الأموي

بدايات مبكرة

شغلت البقعة التي يشغلها الجامع الأموي مبانٍ دينية وكانت مكانًا للعبادة لأكثر من 3000 عام. حيث قام الملك الآرامي «حزائيل – Hazael» ببناء معبد للإله حدد رومون إله المطر والرعد [1] حوالي القرن التاسع قبل الميلاد، [2] وأصبح بذلك أحد أعظم المعابد السورية إلى أن تم هدمه من قبل الملك الآشوري «تغلث فلاسر – Tiglet Pileser» عام 732 قبل الميلاد. [1]

حوله السلوقيون بعد ذلك والبطالمة من بعدهم إلى معبد هلنستي لـ «زيوس – Zeus» (النسخة الإغريقية للإله حدد).[2] ونتيجةً للغزو الروماني لسورية عام 64 قبل الميلاد بقيادة «بومبيوس – Pompieus»، حُول المعبد لعبادة الإله الروماني «جوبيتير – Jupiter» (النسخة الرومانية من حدد وزيوس).[1] ولاحقا، أثناء انتشار المسيحية في أوروبا قام الإمبراطور الروماني «ثيودوسيوس الأول – Theodosius I» بتحويل المعبد إلى كنيسة وكرّسها لـ «القديس يوحنا المعمدان – St. John the Baptist» والتي أكمل بناءها ابنه [1]«أركاديوس – Arcadius».

من كنيسة إلى جامع

أصبحت دمشق مدينة إسلامية عام 635م، وخلال الاثنين والسبعين عامًا التالية قام سكان المدينة من مسلمين ومسيحيين باستخدام المبنى كمكان للعبادة بشكل مشترك، جاعلين منه كنيسةً وجامعًا في الوقت نفسه.[1] حيث قام المسلمون بالصلاة في القسم الشرقي من المبنى إلى أن وصل الخليفة الأموي الوليد الأول الذي قرر إنشاء جامع مستقل من أجل استيعاب الأعداد المتزايدة للمسلمين.[3]

بعد مفاوضات طويلة مع مسيحيي دمشق، اشترى الوليد الموقع وبدأت عملية البناء.[3] استمر بناؤه من العام 705م حتى عام 714م. وقد شكّل العمّال الأقباط والإغريق والهنود والفرس والمغاربة معظم العمال الذين بلغ عددهم 12000 شخص.[4]

مسقط الجامع

الشكل2: مسقط الجامع الأموي [3]

بُني مسقط الجامع بشكل مستطيل بأبعاد 157×100 م. وهو يتألف من قسمين رئيسيين: حرم وصحن. حيث تشكل الباحة الخارجية التي يطلق عليها اسم الصحن نصف مساحة المبنى تقريبًا بأبعاد 122.5×50م، ويحاط بأروقة مؤلفة من أقواس حدويّة الشكل محمولة على أعمدة. ويحتوي الصحن على ثلاثة منشآت مضلعة محمولة على أعمدة وتعلوها قباب [3] سنذكرها لاحقًا.

أما قاعة الصلاة التي تسمى الحرَم، فتتألف من ثلاثة مجازات مسقوفة بأسقف جملونية.[1] يقطعها عرضيًا مجاز قاطع تعلوه قبة،[5] وتزين واجهته الرئيسية التي تعتبر المدخل الرئيسي لقاعة الصلاة بالفسيفساء.[6] كما يحتوي الجامع من الداخل بالقرب من المجاز القاطع على ضريح النبي يحيى عليه السلام (يوحنا المعمدان الذي كُرِّست له الكنيسة سابقًا). وللجامع أربعة أبواب هي: باب الكلاسة في الشمال، باب جيرون في الشرق، باب البريد في الغرب، وباب الزيادة في الجنوب.[4]

الشكل 3: واجهة المدخل الرئيسي للحرم

أبرز التعديلات والتغييرات التي طرأت على الجامع الأموي

تعرّض الجامع منذ بنائه إلى تغييرات وتعديلات وأعمال ترميم عديدة كان أبرزها: [3]

  • قام الوليد عام 715م ببناء المقصورة التي تحتوي على المحراب والمنبر.
  • بنى المهدي الخزنة (بيت المال) عام 778 م.
  • حصل أول حريق في الجامع بين عامي 1068 و 1069م، والذي التهم معظم الجامع باستثناء الجدران. وتم ترميمه لاحقًا من قبل القائد السلجوقي تتش بن ألب ووزيره مالك شاه بين عامي 1082 و1083م.
  • دمر حريقٌ ثانٍ عام 1166م البوابة الشرقية للجامع (باب جيرون).
  • التهم حريقٌ آخر المئذنة الشمالية (مئذنة العروس) عام 1174م.
  • دمر زلزال عدة أجزاء من المبنى عام 1202م.
  • تمت إعادة إنشاء أرضية الصحن عام 1206م.
  • تمت تغطية أرضية الحرم بالرخام عام 1214م.
  • رممت القبة عام 1216م.
  • تضررت المئذنة الشرقية (مئذنة عيسى) عام 1247م بسبب حريق ورُممت بعد عامين.
  • أُعيد بناء الجدار الغربي من الحرم وتم تزيينه بالفسيفساء بين عامي 1326 و 1328م.
  • اجتيح الجامع عام 1401م من قبل المغول بقيادة تيمورلنك وتم تحويله إلى ثكنة عسكرية.
  • التهم حريق المئذنة الغربية (مئذنة قايتباي) بالإضافة إلى باب الزيادة وباب البريد عام 1479م.
  • أُعيد بناء مئذنة عيسى في القرن 17م.
  • دمّر حريق معظم المبنى وخاصّة قاعة الصلاة عام 1893م، ورُمم وأعيد إلى مجده السابق. وشمل ذلك استبدال معظم الأعمدة والقبة بين عامي 1904 و1910. [3]

قباب الجامع الأموي

يحتوي الجامع الأموي على 5 قباب في المجمل. وهي:

قبة النسر

وهي موجودة أعلى قاعة الصلاة فوق المجاز القاطع، تعد أكبر القباب الخمس وتطل على مدينة دمشق القديمة.

استبدلت القبة الأصلية المصنوعة من الخشب بأخرى مبنية بالحجارة بعد حريق عام 1893م، ويطلق عليها قبة النسر لأنها تشبّه بالنسر حيث تشبّه القبة برأسه بينما يُشبّه القسمان الشرقي والغربي من الحرم بالجناحين.

تعلو القبة رقبة مثمنة الشكل تحتوي على نافذتين يعلو كل منهما قوس في كل من جوانبها الثمانية.[7]

الشكل 4: قبة النسر وتظهر في الصورة المئذنة الشرقية (مئذنة عيسى)

قبة الوضوء

تم بناؤها خلال الفترة العباسية، لكن المنشأة الحالية تعود إلى الفترة العثمانية. حيث تمت إعادة بنائها بأوامر من عثمان باشا الكرجي والي دمشق بعد أن تضررت بشكل كبير بعد زلزال عام 1759م، وهي توجد في منتصف الصحن أمام الواجهة الرئيسية للحرم.[7]

الشكل 5: قبة الوضوء

قبة الساعات

أمر الفضل بن صالح بن علي ببنائها، الحاكم العباسي على دمشق وتمت تسميتها باسمها بعد أن نقل العثمانيون ساعة المسجد إليها.

تعلو القبة قاعدة مثمنة مرفوعة على ثمانية أعمدة يعلو كل منها تاج مصنوع من الرخام. [7]

وتقع في القسم الشرقي من الصحن.

الشكل 6: قبة الساعات ويظهر خلفها الرواق ومئذنة العروس

قبة الخزنة

أو قبة بيت المال، والتي استخدمت لحفظ أموال الجامع (بيت مال المسلمين) والتي بنيت أيضًا بأمر من الفضل بن صالح بن علي.[7]

وتوجد في القسم الغربي من الصحن.

الشكل 7: قبة الخزنة (بيت المال)

قبة ضريح النبي يحيى عليه السلام

قبة صغيرة تعلو مقام النبي يحيى عليه السلام (يوحنا المعمدان) وهي موجودة داخل الحرم.

الشكل 8: حرم الجامع الأموي ويظهر في الصورة ضريح النبي يحيى عليه السلام

مآذن الجامع الأموي

المئذنة الشمالية (مئذنة العروس)

تم بناؤها في العهد الأموي وتعتبر أولى المآذن في الإسلام.[8] إن القسم السفلي منها لا يزال محافظًا على شكله الأصلي بينما تم بناء القسم الأوسط في الفترة الأيوبية بعد حريق عام 1174م. وتحتوي في داخلها على نسخة تعود للقرن 18م من الساعة الشمسية لإبن الشاطر التي تعود للقرن 14م. [9]

الشكل 9: مئذنة العروس

المئذنة الشرقية (مئذنة عيسى)

وهي أعلى مآذن الجامع الأموي بارتفاع 77م. تتميز بجسم ذي مسقط مربع الشكل يعلوه برج مثمن الشكل يعلوه هلال.

وترجع بعض المصادر بناء المئذنة للعباسيين في القرن التاسع الميلادي، بينما ترجع مصادر أخرى البناء الأصلي للأمويين. ويعود بناء الجسم الحالي للمئذنة إلى الأيوبيين في عام 1247م، لكن بناء القسم العلوي (البرج المثمن) يعود للفترة العثمانية.[10]

الشكل 10: مئذنة عيسى وتظهر بجانبها قبة النسر

المئذنة الغربية (مئذنة قايتباي)

بناها السلطان المملوكي قايتباي عام 1488م. وتظهر المئذنة تأثرًا كبيرًا بالعمارة الإسلامية المصرية التي تعود للفترة المملوكية.

تبدو المئذنة ذات مسقط مثمن الشكل، بُنيت على شكل أقسام متراجعة ذات شرفاتٍ ثلاث.[10]

الشكل 11: مئذنة قايتباي ويظهر بوضوح في الصورة شكلها المثمن وشرفاتها المزينة بالمقرنصات

ويعتقد أن كلًّا من مئذنتي عيسى وقايتباي تم بناؤهما على أساس من أبراج رومانية قديمة (تيمينوس)، لكن يجد بعض الباحثين الأمر غير مقنع نظرًا لغياب أبراج الزاويّة في معابد رومانية سابقة أخرى.

يعد الجامع الأموي دليلًا على التأثير المتبادل بين الحضارات، وعلى تأثر العمارة الإسلامية بأنماط أخرى من العمارة. سواء ظهر ذلك في الزخارف الفسيفسائية بيزنطية المنشأ، أو المسقط مستطيل الشكل والذي كان يعتبر حالة فريدة من نوعها. وبذلك يظهر تأثر مختلف الحضارات والثقافات ببعضها وتأثير ذلك بشكل واضح على العمارة والفنون.

المصادر

1- Umayyad Mosque (Damascus) – 3D virtual tour

2- The Great Mosque of Damascus – Smarthistory.org

3- The Great Umayyad Mosque – Muslimheritage.com

4- Umayyad Mosque – Madainproject.com

5- Great Mosque of Damascus – Britannica.com

6- Umayyad Mosque in Damascus – thebyzantinelegacy.com

7- Domes of the Umayyad Mosque – Madainproject.com

8- The Origin and History of the Minaret – Jstor.com

9- Minaret of the Bride – Madainproject.com

10- Minarets of the Umayyad Mosque – Madainproject.com

القاشاني واستخدام الخزف في العمارة الإسلامية

كثيراً ما نرى على الإنترنت صوراً لمباني مزينة بزخارف جميلة زرقاء أو ملونة، وغالبًا ما تكون في إسطنبول أو إيران أو غيرها. أتعرف أن هذه الزخارف مكونة من الكثير من القطع الصغيرة الملوّنة؟ قد تكون كلها بلونٍ واحد، أو قد تتعدد ألوانها مشكّلة لوحات غاية في الجمال. لنتعرف على استخدام الخزف في العمارة الفارسية، وكيف انتقلت إلى العمارة الإسلامية، وعن الاسم المميز الذي يطلق على هذه التقنية: ( القاشاني ) أو القيشاني.

أصل كلمة قاشاني

يرجع أصل كلمة قاشاني (أو كاشاني) إلى مدينة قاشان (كاشان) في بلاد فارس (غرب إيران الوسطى حاليًا). وقد كانت مركز إنتاج الخزف في بلاد فارس، التي كانت تنتج الفخّار المزيّن والبلاط المصقول وتصدرها إلى البلدان القريبة. [1]

أصل التقنية

يعود استخدام القرميد المصقول في البناء إلى حضارة بلاد الرافدين في النصف الأول من الألفية الثالثة قبل الميلاد. حيث قام السومريون والأكاديون بتغطية الأسطح الخارجية لمبانيهم بأحجار قرميد مصقولة. وانتقل هذا التقليد إلى إيران خلال الألفية الثانية قبل الميلاد. [2]

قامت حضارة عيلام والإمبراطورية الأخمينية باستخدام القرميد المصقول لتغطية المعابد والقصور. وخلال الفترة السلوقية والفرثية (الأرسكيدية) والساسانية تم تزيين المباني بالتلوين واستخدام الجص. وفي عام 903 م في القرون الأولى للإسلام أثناء حكم الخلافة العباسية، وصف ابن رسته جامع بغداد الكبير بأنه كان مزيّنًا بقرميد مصقول أزرق اللون. كما وصف اليعقوبي المئذنة الخضراء في بخارى شرقي إيران. لقد كان استخدام البلاط منتشرًا في تزيين المباني منذ الفترة الغزنوية، وقد بلغ قمّته في الفترة السلجوقية. [2]

تطوّر فن القاشاني

ذُكِرَ سابقًا أن تزيين المباني بالبلاطات المصقولة انتشر وتطوّر في منطقة بلاد فارس بحلول القرن الثاني عشر. وقد بدأت فيها هذه التقنية من القرميد المصقول ثم تطوّرت إلى طريقة ربط عناصر مصقولة بأسطح قطع القرميد باستخدام الجصّ. ثمّ ظهرت طريقة استخدام البلاطات بشكل فسيفسائي (موزاييك) باستخدام تشكيلات مكوّنة من عدة ألوان مختلفة أو من لون واحد. ويمكن ملاحظة ذلك في الأمثلة المبكرة كقبة السلطانية في زنجان شمال غرب إيران حاليًا، والتي بنيت عام 1312م. [3]

الشكل 1: قبة السلطانية (1312م) واستخدام القاشاني الأزرق على القبة
الشكل 2: قبة السلطانية (1312م) واستخدام القاشاني الأزرق على القبة

تطوّرت تقنية التزيين باستخدام البلاط المصقول بسرعة خلال القرن الرابع عشر. وقبل حلول سبعينات القرن الرابع عشر، كانت التقنية قد بلغت قمة جديدة باكتمال تقنية بلاطات (هفت رنگي – والتي تعني بالفارسية “ذات الألوان السبعة”)، والتي تكوّن بترتيب عدة ألوان ضمن وحدة تزيينية واحدة. انتشرت هذه التقنية في آسيا الوسطى حيث قام تميورلنك بتأسيس إمبراطوريته. [3]

الفترة التيمورية

بدأ تيمورلنك عام 1380م ببناء قصر اق سراي في شهرسبز (أوزبكستان حاليّاً) مسقط رأسه، والتي تبعد عن سمرقند مسافة 70 كم. ولم يبقَ من القصر الآن سوى جانبي المدخل / الإيوان (بارتفاع 38 متر للأجزاء المتبقية). لكن في الأصل، كان هذا المدخل الضخم مغطى بشكل كامل بالبلاطات المصقولة الملونة وببلاطات هفت رنگي.

وقيل إن البناء قد استمر بعد وفاة تيمورلنك عام 1405م، ويمكننا رؤية آثار البلاطات المستخدمة. وبالإضافة إلى ذلك، تم التنقيب داخل المدخل الضخم للقصر عن أرضية واسعة مغطاة بالبلاط الفسيفسائي وبلاط هفت رنگي. وبذلك، يمكننا القول أن فترة بناء هذا القصر كانت العصر الذهبي لاستخدام الخزف والبلاط المصقول في الفترة التيمورية المبكرة. [3]

الشكل 3: بوابة قصر اق سراي واستخدام القاشاني فيها
الشكل 4: بوابة قصر اق سراي واستخدام القاشاني فيها
الشكل 5: نموذج من بلاطات هفت رنگي المستخدمة في قصر اق سراي. [3]

الفترة العثمانية

أدخل العثمانيون هذا الفن إلى دولتهم عام 1415م، حين تمّ إحضار حرفيين فارسيين من تبريز لتزيين الجوامع في مدن بورصة وأضنة. وقد تأثر هذا الفن في القرن الخامس عشر بخزف مينغ الصيني الأزرق والأبيض. تمّت إضافة ألوان جديدة كالأخضر والأسود والبنفسجي. ومن أبرز الابتكارات في هذه التقنية إدخال القطب الأرمني في التلوين وهو ملوّن كثيف أحمر اللون. [4]

الشكل 6: تفصيلة من الجامع الأخضر في بورصة
الشكل 7: تفصيلة من قصر طوب قابي سراي في اسطنبول

نلاحظ أن استخدام هذه التقنية كان يقتصر على القصور والأضرحة، ثم الجوامع والمباني المهمة بشكل عام. ويظهر استخدام هذه التقنية وتطوّرها عبر العصور كيفية تأثر الثقافات والحضارات ببعضها البعض وانعكاس ذلك بشكل مباشر على العمارة والفنون.

المصادر

  1. Kāshān | Iran | Britannica
  2. (4) Technical and Comparative Study Monochrome Turquoise Nare Tile of the Ilkhanid and Safavid Eras (Case Study: Soltanieh Dome and Sheikh Safi Al-Din Ardabili’s Shrine) | Soodabeh Yousefnejad – Academia.edu
  3. (4) Vietnamese glazed tiles and Persian tiles | Takashi Sakai – Academia.edu
  4. pottery – Later Persian | Britannica
Exit mobile version