ما هي البكتيريا وكيف تنتقل؟

تُعتبر البكتيريا من أكثر الكائنات الدقيقة انتشارًا في البيئة من حولنا، فهي تمتلك القدرة على التكيف والعيش في الماء والتربة والطعام مما يُمكنها من الانتقال للإنسان بسهولة. وتختلف البكتيريا عن باقي الكائنات أولية النواة في أن الكثير منها يعيش بداخل أجسامنا دون أن يسبب أي مرض، بل وينفع الجسم. في الحقيقة، عدد قليل منها يسبب المرض. ولأن الكثير من هذه الأمراض تكون مُعدية فهي ذات تأثير كبير على الصحة العامة. لذا، دعونا نعرف المزيد عنها وكيف تنتقل؟

مم تتكون البكتيريا؟

تتكون من خلية واحدة محاطة بجدار خلوي، وغشاء خلوي، «السيتوبلازم-cytoplasm»، وبداخله «المادة الوراثية -DNA» ولكن في شكل دائري. بعض أنواعها تتكون من مكونات أخرى تجعلها أكثر قوة [1] مثل «الأهداب أو الأسواط- flagella» و«زوائد-pilli».

تصنيف البكتيريا

نظرًا لأن عدد البكتيريا هائل، اضطر العلماء إلى تصنيفها تبعًا لأُسس وخصائص معينة. وهناك خصائص عدة للتصنيف.

  1. الخصائص الشكلية مثل (شكل البكتيريا، وتوزيع الأهداب بها، والكبسولة المحيطة بها، والقدرة على الحركة).
  2. خصائص تتعلق بظروف النمو مثل (احتياج البكتيريا لوجود الأوكسجين، ودرجة حرارة معينة، ومغذيات معينة في وسط النمو، ودرجة «الأس الهيدروجيني-pH»، ومدى مقاومتها لبعض أنواع المضادات الحيوية). إذ تحتاج بعض أنواعها إلى الأوكسجين بشكل كامل، بينما تنمو أنواع أخري فقط في غيابه، وبعضها لا يتعلق نموه بوجود أو غياب الأوكسجين من الأساس، والبعض الآخر ينمو في وسط به قدر ضئيل من الأوكسجين.
  3. حسب نتيجة الاختبارات الكيميائية الحيوية، تستخدم بعض الاختبارات للكشف عن مجموعات كثيرة من البكتيريا، مثل تفاعل الكشف عن استخدام البكتريا لبعض أنواع الكربوهيدرات والمعروف بالتخمير. وكذلك يمكن الكشف عن وجود إنزيمات تقوم بتكسير الأحماض الأمينية. وتوجد اختبارات أخرى خاصة بعائلة واحدة أو نوع واحد فقط من البكتيريا، مثل التفاعل الذي يكشف عن قدرتها على إحداث تجلط. [2]

عوامل تؤدى إلى احتمالية الإصابة بالعدوى البكتيرية

سنأخذ بعين الاعتبار عدة أشياء، أولها أن البكتيريا تتكاثر بالانشطار الثنائي، مما يجعل دخول عدد قليل منها إلى الجسم قادر على الانتشار بسرعة كبيرة. كما تتسبب طريقة دخولها إلى الجسم في زيادة في احتمالية الإصابة، فعلى سبيل المثال تدخل بعض أنواع البكتيريا عن طريق الطعام الملوث أوعن طريق الدم.

ولأن للبكتيريا القدرة على الطفر، أي تغيير مادتها الوراثية بطفرات عشوائية، بشكل مستمر يظهر ما يُعرف طبيًا بـ«عوامل الشراسة -virulence factors». ولكن من الأفضل أن ندرس تأثير تلك العوامل بجانب الحالة الصحية لآليات الدفاع لدى الإنسان. ونقصد بهذه الآليات “المناعة”، سواء المناعة المتخصصة أو غير المتخصصة، وأكثر الأشخاص الذين يعانون من نقص المناعة هم الأطفال، وكبار السن، ومن يتناولون مثبطات مناعية، ومن خضعوا لعمليات زراعة أعضاء، والمصابون بمرض الإيدز، وكذلك مرضى السرطان.

أما بالنسبة لعوامل الشراسة فهي لها دور أساسي في مهاجمة الإنسان، واختراق خلاياه بسهولة. وتساهم تلك العوامل في تطور المرض بشكل كبير، ومنها أشكال عدة مثل:

  1. الزوائد، وهي تساعد على ثبات البكتيريا على سطح الخلية وتكوين مستعمرة على سطحها.
  2. الكبسولة، وهي غلاف خارج يحمى البكتيريا من الخلايا المناعية «الأكولة-macrophages» والتي تمارس عملية «البلعمة-phagocytosis»، أي التهام البكتيريا.
  3. «السموم الخارجية-exotoxin»، وهي مجموعة من البروتينات السامة التي تفرزها بعض خلايا البكتيريا. ويمكن لتلك السموم تدمير خلايا الإنسان، ومنها ما يستهدف الأعصاب ويُعرف بالسم العصبي.
  4. «السموم الداخلية-endotoxin»، وهي تراكيب تُوجد على سطح الخلايا، يمكنها أن تغير من ضغط الدم. كما تسبب ارتفاع درجة حرارة الجسم، وتؤدي إلى حدوث التهاب. [3]

كيف تنتقل البكتيرية العدوى من شخص لآخر؟

رصد العلماء عدة طرق لانتقال البكتيريا منها:

  • الاتصال المباشر، ويقصد بها ملامسة المريض، عن طريق السلام باليد مثلًا.
  • الرذاذ الذي يخرج من المريض عند العطس مثلا وتكون أنت بالقرب منه فتُصيبك بعض هذه القطرات. وهذه الحالة تسمى انتقال الرذاذ. ولكن عندما تُحمل هذه القطرات على ذرات الهواء وتنتشر في المكان، ثم يستنشقها إنسان آخر هذا ما يسمى «محمولة جوًا-airborne ».
  • الطعام أو الشراب الملوث بالبكتيريا، ويُسمى ب«الانتقال البرازي الفموي-fecal oral transmission».
  • قد يكون هناك «وسيط أو ناقل-vector»، وغالبًا ما يكون من «المفصليات-arthropods» مثل الخنافس. وتقوم الخنافس، أو الوسيط، هنا بأخذ وجبة من دماء أحد المصابين، ثم تنقل المرض إلى شخص أخر. [1]

طرق الوقاية من العدوى البكتيرية

  1. القضاء على مصدر العدوى. إذا كان ناقل العدوى نوع معين من الحشرات يجب إبادته، وإن كان الطعام أو الشراب ملوث فيجب الاهتمام بتعقيم مياه الشرب والري، وتجنب الملوث منها.
  2. معالجة المرضى حتى نقلل من انتشار العدوى.
  3. الحفاظ على نظافة اليد واستخدام معقم.
  4. بعض العدوى تحتاج إلى عزل المريض، وقد يكون العزل في المنزل أو المستشفى على حسب شدة المرض.
  5. الوقاية باستخدام المضادات الحيوية، وهي ذات نفع كبير لحماية الأشخاص المتصلين مباشرة بالمريض. ولكن استخدامها ليس بكفاءة استخدام الأمصال “vaccines”.

كل ما سبق يوضح لنا أهمية البكتيريا وخطورتها. كما أنها في تواصلها مع بعضها البعض تكوّن ما يشبه المجتمعات البشرية فتشعر ببعضها البعض وتتجاوب مع متغيرات بيئتها. كل ذلك جعلها سلاح ذو حدين، فمنها الفائدة للجسم فيما يعرف باسم البكتيريا النافعة، ومنها الخطورة عليه. لذا، قدمنا لكم هذا المقال عملنا بمقولة، اعرف عدوك، وصديقك أيضًا.

المصادر:

1- Bacterial Infections: Overview – PMC (nih.gov)

2- pubmed

3- pubmed

ما هي البروبيوتيك وما هي فوائدها؟

ما يقدر بنحو 100 تريليون من الكائنات الحية الدقيقة التي تمثل أكثر من 500 نوع مختلف تعيش في كل أمعاء طبيعية وصحية، إذ تحافظ البكتيريا التي تعيش في الأمعاء على مسببات الأمراض (الكائنات الحية الدقيقة الضارة) تحت السيطرة، وتساعد على الهضم وامتصاص العناصر الغذائية، وتساهم في وظيفة المناعة، هناك بعض الحالات التي قد يحصل فيها قتل لهذه البكتريا النافعة، على سبيل المثال، عند تناول المضادات الحيوية فإنها تقضي على البكتريا الضارة وتؤثر على البكتريا النافعة، ومن هنا يُنصح المريض بتناول هذه الكائنات الحية الدقيقة اما من خلال الأطعمة كالزبادي أو كمكملات غذائية، في هذا المقال سنجيب على تساؤولات عديدة، ما هي البروبيوتيك وما أهم فوائدها وكيفية استخدامها.

ما هي البروبيوتيك-probiotics؟

البروبيوتيك مصطلح عام للكائنات الحية الدقيقة، تسمى غالبًا البكتيريا “الصديقة”، والتي لها فوائد صحية في الجسم، حيث تحافظ هذه الكائنات الحية الدقيقة – الموجودة بشكل طبيعي في الجسم – على البكتريا والفطريات الضارة تحت السيطرة، توجد البروبيوتيك في الزبادي والأطعمة المخمرة، كما يمكن أيضًا شراؤها كمكملات غذائية ومنتجات للعناية بالبشرة وتحاميل مهبلية.

ما هي آلية عمل البروبيوتيك؟

عندما تفقد البكتيريا “النافعة” في جسمك، على سبيل المثال بعد تناول المضادات الحيوية، يمكن أن تساعد البروبيوتيك في تعويضها، وتعمل أيضًا على موازنة البكتيريا “النافعة” و “الضارة” من خلال التقليل من أعداد البكتيريا الضارة، وكما يبدو أنها تعزز جهاز المناعة في الجسم.

ما هي أنواع البروبيوتيك؟

  • العصيات اللبنية (مثل Lactobacillus acidophilus و Lactobacillus GG).
  • bifidobacteria (مثل Bifidobacterium bifidus)، تعتبر هذه البكتيريا إلى جانب العصيات اللبنية الأكثر شيوعًا في السوق.
  • بعض الخمائر (مثل Saccharomyces boulardii).

البروبيوتيك المختلفة لها تأثيرات مختلفة، لذلك في حين أن أحدهم قد يساعد في علاج الإسهال أو عدوى المهبل، فقد لا يكون للآخر أي تأثير، لذلك قبل البدء في تناول مكمل البروبيوتيك، تحدث إلى مقدم الرعاية الصحية الخاص بك للتأكد من حصولك على العلاج الذي من المرجح أن يساعدك.

فوائد البروبيوتيك في العلاج أو الوقاية من العديد من الحالات، وهي:

  • متلازمة القولون العصبي: وجدت العديد من الدراسات أن البروبيوتيك يمكن أن يكون لها تأثير إيجابي على شدة أعراض القولون العصبي الشائعة، بما في ذلك آلام البطن والإسهال، وعلى الرغم من أن الأبحاث السريرية كانت مشجعة، إلا أنها لم تكن كافية للحصول على تأييد رسمي من معظم أطباء الجهاز الهضمي، أيضًا لا توصي إرشادات AGA باستخدام البروبيوتيك في الأطفال والبالغين المصابين بـ IBS إلا في سياق تجربة إكلينيكية.
  • الإسهال المرتبط بالمضادات الحيوية: ركزت دراسات أخرى على ما إذا كانت البروبيوتيك يمكن أن تلعب دورًا في الوقاية من الإسهال الناجم عن استخدام المضادات الحيوية، نظرًا لأن المضادات الحيوية يمكن أن تقتل البكتيريا “النافعة” و “الضارة”، خلصت مراجعة أجريت عام 2018 للدراسات من الصين إلى أن البروبيوتيك يمكن أن تقلل من خطر الإصابة بالإسهال بنسبة 50 إلى 60 في المائة إذا تم تناولها مع المضادات الحيوية، ولا سيما البروبيوتيك Saccharomyces boulardii و Lactobacillus rhamnosus GG.
  • التهابات المهبل: لا يزال استخدام البروبيوتيك في علاج الالتهابات المهبلية الشائعة، مثل التهاب المهبل الجرثومي وداء المبيضات المهبلي، مثيرًا للجدل حيث أظهرت بعض الدراسات فوائدها والبعض الآخر لا، حيث أظهرت مراجعة عام 2014 في مجلة أمراض الجهاز البولي التناسلي السفلي إن البروبيوتيك الفموي الذي يتم تناوله يوميًا قد يمنع تكرار التهاب المهبل البكتيري ولكن من غير المحتمل أن يقدم الكثير في طريق العلاج، وكان من بين المكملات التي يتم تناولها عن طريق الفم التي تمت مراجعتها، اعتُبرت Lactobacillus acidophilus و Lactobacillus rhamnosus GR-1 و Lactobacillus fermentum RC-14 الأكثر فائدة، وعلى النقيض من ذلك، فإن استخدام البروبيوتيك عن طريق الفم أو المهبل لم يسفر عن نتائج إيجابية في علاج عدوى الخميرة، وفقًا لمراجعة أجريت عام 2006 في مجلة العلاج الكيميائي المضاد للميكروبات.
  • مرض التهاب الأمعاء (IBD): يتميز مرض التهاب الأمعاء، والذي يتكون من التهاب القولون التقرحي وداء كرون، بأعراض هضمية مستمرة، بما في ذلك آلام البطن والانتفاخ والدم في البراز وانتفاخ البطن والإسهال والغثيان والقيء، ومن المثير للاهتمام، أنه في حين أن الكثير من الأدلة الحالية تشير إلى أن البروبيوتيك قد يمنع تكرار التهاب القولون التقرحي، إلا أن نفس الشيء لم يُلاحظ مع داء كرون، علاوة على ذلك، تُعزى الفوائد إلى سلالات معينة من الكائنات الحية أو مجموعات من السلالات.
  • الإمساك: الأكثر شيوعًا من الإسهال هو المشكلة المعاكسة “الإمساك”، في بحث عن دراسات حول فوائد البروبيوتيك في علاج الإمساك، وجد الباحثون أن البروبيوتيك تُحسن من حركة الأمعاء، وتساعد على تليين البراز، مما يجعله أسهل في المرور، ولكن هيئة المحلفين ما زالت خارج نطاق توصيات محددة عندما يتعلق الأمر بفوائد البروبيوتيك للإمساك.
  • بالإضافة إلى ذلك، يدرس الباحثون البروبيوتيك لتحديد ما إذا كانت تساعد أنواعًا معينة في حالة قرحة المعدة (تلك التي تسببها بكتيريا الملوية البوابية)، والتهابات (بما في ذلك المسالك البولية، المهبلية، الجهاز الهضمي، الجيوب الأنفية، والجهاز التنفسي)، أمراض الأسنان، والحساسية، والأكزيما عند الأطفال، ولكن هناك القليل من الأدلة التي تدعم العديد من الادعاءات الصحية المتعلقة بهم، على سبيل المثال، لا يوجد دليل يشير إلى أن البروبيوتيك يمكن أن يساعد في علاج الأكزيما.

الآثار الجانبية المتحملة لتناول البروبيوتيك:

تعتبر مكملات البروبيوتيك آمنة وجيدة التحمل إذا تم تناولها حسب التوجيهات، قد تشمل الآثار الجانبية الانتفاخ والغازات، ويمكن أن يؤدي تناول بروبيوتيك يحتوي على الخميرة في بعض الأحيان إلى الإمساك أو زيادة العطش، لكن معظم هذه الآثار الجانبية خفيفة وتميل إلى التحسن بمجرد أن يتكيف جسمك مع العلاج.
لا توجد تفاعلات دوائية موثقة مرتبطة بمكملات البروبيوتيك، ومع ذلك، تحدث مع طبيبك قبل تناول البروبيوتيك إذا كنت تتناول المضادات الحيوية أو الأدوية المضادة للفطريات، قد يؤدي أخذها معًا إلى تغيير الفلورا الهضمية أو المهبلية بشكل سلبي.

الجرعة والتحضير:

نظرًا لوجود العديد من سلالات الكائنات الحية وتركيباتها، فلا توجد جرعة محددة، قد تؤثر عوامل مثل العمر والوزن والصحة العامة على مقدار ما تحتاجه أو القليل منه.
كقاعدة عامة، يجب أن يوفر البروبيوتيك ما لا يقل عن مليار وحدة تشكيل مستعمرة (CFU) يوميًا، بجرعات تتراوح من 1 مليار إلى 10 مليارات للبالغين، وبالنسبة للأطفال فسيتم وصف أقل من 1 مليار CFU، ويتم تناول مكملات البروبيوتيك بشكل عام بشكل يومي، ويفضل قبل الوجبة.
تميل تحاميل البروبيوتيك إلى احتواء وحدات CFU أعلى لأنها مخصصة للاستخدام قصير المدى فقط. بشكل عام، يجب استخدام التحاميل لمدة لا تزيد عن سبعة أيام متتالية.

أخيرًا، هناك بعض المعلومات يجب أن تكون على علم بها إذا كنت تفكر في تجربة البروبيوتيك:

بشكل عام تُعتبر البروبيوتيك آمنة – فهي موجودة بالفعل في الجهاز الهضمي الطبيعي – على الرغم من وجود خطر نظري على الأشخاص الذين يعانون من ضعف في المناعة، كما تصنف البروبيوتيك عمومًا على أنها طعام وليس دواء (مكملات غذائية)، مما يعني أنها لا تخضع للاختبار الصارم التي تخضع له الأدوية، وبالتالي يتحمل المصنعون مسؤولية التأكد من أنهم آمنون قبل تسويقهم وأن أي ادعاءات على الملصق صحيحة، بالإضافة إلى أنه ليس هناك ما يضمن أن أنواع البكتيريا المدرجة على الملصق فعالة للحالة التي تتناولها من أجلها، وليست كل السلالات مفيدة بالضرورة، لذلك قد ترغب في استشارة طبيبك لمناقشة الخيارات المتاحة أمامك.

المصادر:

ما هي البروبيوتيك وما هي فوائدها

ما هو الغشاء الحيوي الرقيق «البيوفيلم»؟

         يُقال أن الإنسان كائنٌ اجتماعي، وأن العيش في مجموعات عموماً يصب في صالح الحيوانات، ويساعدها على استغلالٍ أعلى للموارد وتقليل المخاطر. لكن تُرى كيف هو الحال مع الكائنات وحيدة الخلية كالبكتيريا والفطريات؟ هل تعيش هي الأخرى بمجموعات وتكوّن مجتمعاتها الخاصة بها؟ هل يوجد ما يسمى بالمجتمع الميكروبي؟ في ثمان نقاط عن الغشاء الحيوي الرقيق البيوفيلم دعنا نجيب عن تلك الأسئلة.

وجد العلماء أن الميكروبات تعيش في مجتمعات في الغالبية العظمى من مراحل حياتها، بل إن الشذوذ هو عيشها منفردة. وقد وجدوا أن هذا النظام يمكنها من الاستفادة القصوى من الموارد المتاحة، والحماية من الظروف البيئية القاسية التي قد تتعرض لها، من جفاف ومضاداتٍ حيوية ونقصٍ في الغذاء، بل وحتى من هجوم جهاز المناعة. نتج عن ذلك أن غدت هذه الظاهرة محط عددٍ كبير من الدراسات، لكونها مرتبطةً أيضا بالعدوى البكتيرية المزمنة. وللمفاجأة؛ لاحظ العلماء أن الميكروبات في هذا المجتمع تتواصل فيما بينها بلغتها الخاصة المميزة.

ما هو البيوفيلم (الغشاء الحيوي الرقيق)؟

هو مجتمع تعيش فيه خلايا كائنات ميكروبية (بكتيريا أو فطريات أو غيرهما) معاً. محاطة بتركيب يشبه الهلام (الجل). يتكون هذ الهلام من سكريات متعددة (أفرزتها الكائنات المجهرية نفسها). وهو يمكنها من الالتصاق بالأسطح الحية وغير الحية، والتواصل مع بعضها، وتبادل الموارد، وحماية نفسها من الأخطار التي قد تتواجد في البيئة المحيطة.
[1، 2]

اكتشاف البيوفيلم (الغشاء الحيوي الرقيق):

يوجد البيوفيلم في سجلات أحفورية يعود تاريخها إلى 3,3-3,4 مليار سنة، بيد أن اكتشاف البيوفيلم الميكروبي كان في عام 1943م. عند ملاحظة العلماء أن البكتيريا التي تعيش في المياه تفضل العيش في تجمعات ملتصقة بالأسطح الصلبة. [2]

تركيب الغشاء الحيوي الرقيق:

  1. سكريات متعددة تشكل هيكل الغشاء الحيوي الرقيق. تتخللها قنوات تمثل مسارات لتبادل المواد المختلفة بين خلايا مجتمع البيوفيلم وبعضها وبينها وبين الوسط المحيط. تشبه هذه القنوات الأوعية الدموية التي تغذي أنسجة جسمنا المختلفة وتساعدها على التواصل فيما بينها.
  2. خلايا مجتمع البيوفيلم نفسها، تكون من نفس الجنس، أو من أجناس مختلفة من البكتيريا، أو من حتى بكتيريا وفطريات، وتشكل كتلة الخلايا تلك فقط 5-35% من تكوين البيوفيلم.
  3. جزيئات حمض نووي ريبوزي RNA وجزيئات حمض نووي منقوص الأكسجين DNA.
  4. بروتينات.
  5. ماء يشكل 97% من تركيب البيوفيلم (الغشاء الحيوي الرقيق).
  6. معادن ومواد أخرى. [3، 4، 5]

مراحل تكوين الغشاء الحيوي الرقيق:

  1.  التلامس والالتصاق Attachment and adhesion: تقترب الخلية الميكروبية من سطح صلب، وتلتصق به، عن طريق أسواط أو تركيبات أخرى بجسم الخلية، أو عن طريق قوى تجاذب فيزيائية مثل: قوى فاندرفال Van der Waal’s forces.
  2.  النمو وتكوين المستعمرات الدقيقة Growth and micro-colonies formation: في هذه المرحلة تقوم الخلية الملتصقة بالتكاثر والانقسام لتكوين مجتمع الغشاء الحيوي الرقيق، وتقوم بإفراز السكريات المتعددة، وتصنيع مكونات الغشاء الحيوي الرقيق المختلفة.
  3.  النضج Maturation: تتواصل الخلايا في البيوفيلم مع بعضها، وتحث بعضها على إنتاج المواد المختلفة، وخاصة السكريات المتعددة التي تكون بناء البيوفيلم. في هذه المرحلة يكتمل بناء البيوفيلم.
  4.  الانفصال Detachment: في هذه المرحلة تنفصل بعض خلايا المجتمع البكتيري عن البيوفيلم، لتنطلق بشكل فردي، وتسبح في الوسط المحيط، وقد تكوّن بيوفيلم في مكان آخر. [3، 5]

فائدة البيوفيلم للميكروب:

  1. الحماية من تأثير العوامل الخارجية الضارة مثل: الأشعة فوق البنفسجية ودرجات الحرارة شديدة الارتفاع وشديدة الانخفاض ونقص الموارد.
  2. مقاومة المضادات الميكروبية.
  3. الحماية من هجوم جهاز المناعة الخاص بالعائل.
  4. يجعل الغشاء الحيوي الرقيق الميكروبات قادرة على تبادل جينات تساعدها في الضراوة (إحداث العدوى) أو مقاومة المضادات الميكروبية.
  5. يمكّن البيوفيلم الميكروبات من تشارك الموارد والتعاون في التخلص من الفضلات. [2]

آليات مقاومة البيوفيلم للمضادات الميكروبية:

تعتبر الميكروبات التي تعيش في البيوفيلم شديدة المقاومة للمضادات الحيوية، تبلغ مثلاً مقاومة البكتيريا في البيوفيلم للمضادات الحيوية 10 آلاف ضعف مقاومة البكتيريا التي تعيش منفردة.

تعتمد البكتيريا في الغشاء الحيوي الرقيق عدّة آليات لمقاومة المضادات الحيوية:

  1. الحاجز الفيزيائي: إن البيوفيلم كما ذكرنا سابقاً عبارة عن بناء من السكريات المتعددة (وغيرها من المواد الأخرى بنسب أقل) يتخلله قنوات يتم خلالها تبادل المواد بين الخلايا وبعضها وبين الخلايا والوسط المحيط. إن فتحات هذه الممرات تحول دون دخول بعض المضادات الحيوية ذات الجزيئات كبيرة الحجم، بعض هذه المضادات الميكروبية شديد الفاعلية (الفانكومايسين ذو الفعالية الفائقة ضد سلالات خطرة تدعى الميرسا [المكورة العنقودية الذهبية المقاومة للميثيسيللين] MRSA {Methicillin-Resistant Staphylococcus aureus} مثلاً). جدير بالذكر أن هذه الآلية تحول أيضًا دون تفاعل الخلايا المناعية البلعمية (التي تبتلع الأجسام الغريبة) وكذلك الأجسام المضادة (التي ينتجها جهازنا المناعي ضد الأجسام الغريبة لتحييد أثرها على الجسم) مع الميكروبات في البيوفيلم.
  2. الروابط الكيميائية: بعض من مكونات الغشاء الحيوي الرقيق ترتبط بالمضادات الحيوية بروابط كيميائية وبالتالي تمنعها من قتل البكتيريا؛ مثلاً: مضاد حيوي يحمل شحنة موجبة قد يرتبط بجزيئات حمض نووي ريبوزي سالبة الشحنة.
  3. التدفق النشط Efflux pump: حيث يقوم الميكروب بإخراج المضاد الميكروبي وطرده خارج خلاياه، وقد وُجِدَ أن الخلايا الميكروبية في الغشاء الحيوي الرقيق يزيد تصنيعها للبروتينات المسئولة عن تلك المهمة.
  4. جينات المقاومة: إن تعايش الميكروبات بالقرب من بعضها داخل الغشاء الحيوي الرقيق يساعد على تبادل الجينات المسؤولة عن مقاومة المضادات الميكروبية، وانتقالها من سلالات مقاومة إلى أخرى غير مقاومة وذلك بين أفراد الجنس الواحد بل وحتى أفراد أجناس مختلفة مما يساهم في انتشار مقاومة المضادات الميكروبية عموماً.
  5. النشاط الأيضي: تكون الخلايا الميكروبية في سطح البيوفيلم نشطة وتتكاثر، بينما الخلايا في مركزه خاملة وشبه ميتة. تعتمد كثير من المضادات الميكروبية في قتلها للميكروبات على أن يكون الميكروب نشط ويتكاثر، ومن ثم فإنها قد تقضي على الميكروبات على سطح الغشاء الحيوي الرقيق، وبالتالي تقلل من الالتهاب الناتج عن العدوى، لكنها تفشل في القضاء على الميكروبات بداخله، والتي تكون مصدر جديد لانتشار الميكروبات على السطح وعودة الالتهاب، وهذا أحد أسباب كون معظم عدوى البيوفيلم مزمنة. [5]

أمراض تسببها الميكروبات في البيوفيلم:

حسب تقديرات المعهد الوطني للصحة بأمريكا؛ فإن الميكروبات بالغشاء الحيوي الرقيق مسئولة عن ما يقرب من 65%من العدوى الميكروبية و80% من العدوى الميكروبية المزمنة (أي التي تستمر أكثر من 3 أشهر). [1، 3]

  1.  العدوى المرتبطة بالأجهزة:

ترتبط عدوى الغشاء الحيوي الرقيق بشكل كبير بالأجهزة الطبية التي تزرع داخل جسم الإنسان مثل المفاصل والصمامات والعدسات الداخلية الصناعية وكذلك العدسات اللاصقة والقساطر.

عندما تتمكن الميكروبات من تكوين بيوفيلم على أسطح هذه الأجهزة؛ تصبح مصدرًا للعدوى. وفي بعض الحالات يكون من الصعب إزالة البيوفيلم من أسطح هذه الاجهزة، وقد يتطلب الأمر إزالة الجهاز من الجسم واستبداله بآخر جديد معقم، تفادياً لانتشار الميكروب بالجسم وتدميره للأعضاء القريبة من الجهاز أو تدمير أعضاء بعيدة عنه بالوصول لها عبر الدم.
[1، 3]

لا يتمكن الأخصائيون أحيانًا من معرفة البكتيريا المسببة لعدوى الغشاء الحيوي الرقيق إلا متأخراً، بسبب صعوبة زراعة البكتيريا التي تعيش في البيوفيلم. [7]

ويجدر الإشارة أيضًا إلى أن العدوى في كثير من الأحيان قد لا تسببها فقط ميكروبات خارجية ممرضة، بل على العكس قد تسببها ميكروبات تعيش محايدة على أسطح جلدنا وتشكل في الوضع الطبيعي جزء من جهازنا المناعي. [1، 3]

أمثلة على هذا النوع من العدوى:

  1. عدوى التهاب شغاف القلب Endocarditis infection، الناتج عن صمامات قلب ملوثة ببيوفيلم، وهي عدوى خطيرة قد تودي بحياة المريض حال لم تتم معالجتها بشكل فعال. [1، 3]
  2. عدوى التهاب القرنية keratitis infection، الناتجة عن ارتداء عدسات لاصقة ملوثة ببيوفيلم. [6]
  3. عدوى السائل داخل العين Intraocular fluid infection، الناتج عن أجهزة ملوثة ببيوفيلم، تمت زراعتها داخل العين، لتساعد على علاج مشاكل بالنظر أو تحسين وظيفة العين عمومًا.
    قد يتسبب كلا هذين النوعين من العدوى في فقدان المريض لبصره تمامًا. [6]
  4. عدوى الجهاز البولي المزمنة، التي قد تنتج عن تكون بيوفيلم على قسطرة البول. [3]

2– العدوى غير المرتبطة بالأجهزة:
هي العدوى التي لا تنتج عن وجود جهاز تم توصيله أو تركيبه بالجسم.

من أمثلة هذه العدوى:

  1. عدوى تسوس الأسنان Dental caries (الأشهر والأكثر+ شيوعاً)، وعدوى التهاب دواعم الأسنان Periodontitis infection، والتي تنتج عن تكوين بيوفيلم على سطح الأسنان أو الأنسجة المخاطية بالفم.
  2. بعض عدوى التهاب العظام Osteomyelitis infections تسببه الميكروبات التي انتقلت عن طريق الدم، أو جرح، أو خلافه إلى العظام، وكونت عليها بيوفيلم.  [1، 3]

أضرار البيوفيلم على الصناعة:

تتسبب الميكروبات في البيوفيلم بأضرار كثيرة في الصناعات، كتلوث المنتجات أو تلفها، أو تآكل الأجزاء المعدنية للآلات والأجهزة، الأمر الذي يؤثر على أدائها في العملية الصناعية. [8]

في صناعة الغذاء كالألبان واللحوم وخلافه: وجِد أن العديد من الميكروبات تستطيع تكوين غشاء حيوي رقيق على أسطح الأجهزة والآلات المستخدمة بالتصنيع، كما أنها تكوّن أيضًا بيوفيلم بداخل الأغذية نفسها، وهذه الميكروبات تتسبب في تسمم وتلف هذه المواد الغذائية وحتى في تلف الآلات المستخدمة في الصناعة. [8، 9]

الصناعات الطبية والدوائية: قد تلتصق الميكروبات على جدران أنابيب المياه وأسطح الأجهزة، وبالتالي تنتقل بسهولة وتلوث المستحضرات الدوائية، وقد تسممها. أو تلتصق بأسطح الأجهزة التعويضية، والمستلزمات الطبية، وتكون مصدراً للإصابة بالعدوى. [8، 10]

صناعة البناء: كذلك لم تسلم من مشاكل الميكروبات في الغشاء الحيوي الرقيق، حيث تتسبب في تآكل الخرسانة وتصدعها.

محطات توليد الطاقة: أيضاً تتأثر بالميكروبات في البيوفيلم والتي تلتصق بالمكثفات وتنموا عليها وبالتالي تؤثر على كفاءتها.

تكرير البترول والغاز الطبيعي: يتسبب تكوّن البيوفيلم على أسطح أنابيب التكرير بتآكلها، وبالتالي إنتاج غاز أو بترول ذو درجة نقاء منخفضة.

أجسام السفن: تنمو عليها الطحالب والميكروبات في البيوفيلم وتؤثر على سرعتها.

يتم اللجوء لاستراتيجيات كمحاولة لمنع نمو الميكروبات في البوفيلم على الأسطح في الصناعة؛ كطلاء الأسطح أو تغطيتها بمواد تحول دون التصاق الميكروبات أو تكون سامة لها. [8]

المراجع:

  1. Biofilms by bacterial human pathogens: Clinical relevance – development, composition and regulation – therapeutical strategies (nih.gov)
  2. Bacterial biofilms: from the Natural environment to infectious diseases | Nature Reviews Microbiology
  3. Bacterial biofilm and associated infections – ScienceDirect
  4. Fungal-bacterial biofilms: their development for novel biotechnological applications 
  5. Mechanisms of Biofilm Development, Antibiotic Resistance and Tolerance and Their Role in Persistent Infections
  6. Biofilms in Infections of the Eye
  7. Towards diagnostic guidelines for biofilm-associated infections | Pathogens and Disease | Oxford Academic 
  1. Impact of environmental biofilms: Industrial components and its remediation
  2. Biofilms in the Food Industry: Health Aspects and Control Methods
  3. The Risk of Biofilm  
  4. Image source: Biofilm-coated bacteria could help to treat gastrointestinal infections

اختراع جهاز لتوليد الكهرباء باستخدام البكتيريا

هذه المقالة هي الجزء 22 من 22 في سلسلة موضوعات تأسيسية في الطاقة المتجددة

اختراع جهاز لتوليد الكهرباء باستخدام البكتيريا

يسعى الإنسان لتسخير موارد الطبيعة لما يعود عليه بالنفع والرفاهية منذ أن وجد على هذه الأرض، ويشمل ذلك استغلال الموارد الطبيعية لتوليد الكهرباء. في الآونة الأولى، اُستخدم الوقود الأحفوري لتوليد الكهرباء وبالرغم من آثاره السلبية على البيئة لايزال يُستخدم حتى الآن، ثم تبع ذلك استغلال الطاقة المستدامة كالرياح وطاقة المد والجزر والطاقة الشمسية. كل تلك الطرق مألوفة للكثيرين، لكن في هذا المقال سنناقش واحدةً من أغرب الطرق حيث طور فريق من العلماء جهاز لتوليد الكهرباء باستخدام البكتيريا، هذا النوع من البكتيريا عُثر عليه في شواطئ نهر بوتوماك في الولايات المتحدة الأمريكية.

توليد الكهرباء عن طريق بكتيريا الجيوباكتر

تمكن الباحثون من اكتشاف ميكروب استثنائي ينتمي إلى عائلة بكتيريا الجيوباكتر التي تمتاز بقدرتها على أكسدة المركبات العضوية والمعادن. فيما مضى لاحظ العلماء قدرة بكتيريا الجيوباكتر على إنتاج «المغنيتيت Magnetite» وهو أحد أكاسيد الحديد ويعرف باسم أكسيد الحديد الأسود ويمتاز بخصائص مغناطيسية. ولكن مع مرور الوقت،  اكتشف العلماء قدرة هذا الكائن على إنتاج  الأسلاك النانوية البروتينية الموصلة للكهرباء. لسنوات عدة حاول العلماء استغلال هذه الهبة الطبيعية، ومؤخرًا نجح فريق من العلماء في تصميم جهاز أطلقوا عليه اسم «Air-gen» والذي يقول عنه مهندس الكهرباء «جون ياو–Jun Yao» ” نجحنا في توليد الكهرباء حرفيًا من الهواء الرقيق!” ،قد يبدو هذا الادعاء مبالغًا فيه، ولكن في دراسة حديثة أجراها الباحث “ياو” وفريقه تصف كيف يمكن لهذا الجهاز أن يولد الكهرباء بدون أي شيء سوى وجود الهواء حوله. كل ذلك بفضل الأسلاك النانوية البروتينية الموصلة للكهرباء التي تنتجها فصيلة من عائلة «بكتيريا جيوباكتر–Geobacter» وتُعرف باسم «Geobacter.sulfurreducens».

آلية العمل

يتكون جهاز «Air-gen» من طبقة رقيقة من الأسلاك النانوية البروتينية -المنتجة بواسطة بكتيريا جيوباكتر- بسماكة 7 ميكرومتر فقط، يتم وضعها بين قطبين مصنوعين من الذهب كما هو موضح في الشكل أدناه، تُعرّض هذه الطبقة للهواء مما يُسبب امتصاص البخار الموجود في الهواء الجوي عن طريق هذه الأسلاك النانوية. يؤدي تدرج نسبة الرطوبة إلى انتشار البروتونات في هذه الأسلاك وتولد تيار كهربائي مستمر يسري بين قطبي الجهاز. الجدير بالذكر أن هذا الاكتشاف أتى بمحض الصدفة عندما لاحظ الباحث “ياو” أنه عند توصيل الأسلاك النانوية بالأقطاب الكهربائية بطريقة معينة يتولد تيارًا كهربيًا عن طريق هذه الأجهزة. يقول “ياو” : “من الضرورة توفير رطوبة حول هذا الجهاز وذلك لكي تتمكن الأسلاك النانوية من امتصاص الماء مما ينتج عنه حدوث فرق جهد كهربي في الجهاز”.

يظهر في الشكل صورة مجهرية للأسلاك النانوية البروتينية المنتجة بواسطة بكتيريا جيوباكتر بالإضافة إلى صورة مبسطة لجهاز «Air-gen».

أظهرت الدارسات السابقة قدرة بعض المواد الكربونية المعدلة هندسيًا على استغلال رطوبة الجو لتوليد الكهرباء ولكن كانت بكميات صغيرة ولا تستمر سوى لبضع ثوان. على النقيض من ذلك ، ينتج «Air-gen» جهدًا مستمرًا يبلغ حوالي 0.5 فولت، وكثافة تيار تبلغ حوالي 17 ميكروأمبير لكل سنتيمتر مربع ويستمر توليد التيار لما يقارب عشرين ساعة قبل أن يقوم الجهاز بعملية الشحن الذاتي. بالطبع كمية الطاقة المنتجة باستخدام هذه الطريقة لاتزال أيضًا صغيرة ولا يمكن استخدامها في التطبيقات اليومية، ولكن ذكر فريق البحث بأنه يمكن مضاعفة هذه الطاقة عن توصيل أجهزة متعددة مما يسمح بتوليد طاقة كافية لشحن الأجهزة الصغيرة مثل الهواتف الذكية والأجهزة الإلكترونية الشخصية الأخرى. تعد هذه الطريقة صديقة للبيئة ولا تخلف أي نفايات، فقط كل ما تحتاجه هو ذلك الميكروب الاستثنائي بالإضافة إلى الرطوبة.

طموحات مستقبلية

يسعى الباحثون إلى الاستفادة من هذه التقنية على نطاق واسع كإمداد المنازل  بالكهرباء عبر الأسلاك النانوية المدمجة في طلاء الجدران.  يقول “ياو ” بمجرد أن ننتج هذه الأسلاك بكميات تجارية كبيرة، أتوقع تمامًا أن نتمكن من إنشاء أنظمة ضخمة من شأنها أن تسهم بشكل كبير في إنتاج الطاقة المستدامة.” ما يعيق تحقيق هذه الإمكانات المذهلة هي الكمية المحدودة من الأسلاك النانوية التي تُنتج . ولكن في بحث ذي صلة أجراه أحد أعضاء الفريق -عالم الأحياء الدقيقة ديريك لوفلي- أوضح إمكانية وجود حل لهذه المشكلة وهي هندسة الأنواع الأخرى من البكتيريا وراثيا ، مثل بكتيريا «إي كولاي E. coli» لإنتاج الأسلاك النانونية البروتينية بكميات ضخمة. يقول لوفلي “حولنا  بكتيريا إي كولاي إلى مصنع للأسلاك النانوية البروتينية “. وبالتالي سيفتح ذلك آفاقًا جديدة في تطبيق هذه التقنية على نطاق واسع. نُشر هذا البحث في دورية «Nature» في شهر فبراير الماضي.

المصادر

sciencealert

Nature

الحمى القرمزية: ما هي أسبابها وكيف تتم معالجتها ؟!

ما هي الحمى القرمزية؟

«الحمى القرمزية-Scarlet fever»: هي عدوى مرتبطة بشكل شائع بالتهاب البلعوم الجرثومي، وأهم ما يميزها طفح جلدي أحمر على الجسم، مصحوبًا عادةً بحمى شديدة والتهاب في الحلق، وهي تصيب الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و 15 سنة، إن كنت ممن يرغب بالمزيد من المعلومات حول الحمى القرمزية ومعرفة ما هي أسبابها وأهم العلامات المميزة لها وكيف تتم معالجتها أكمل قراءة المقال التالي.

أهم علامات وأعراض الحمى القرمزية:

  • الطفح الجلدي هو العلامة الأكثر شيوعًا للحمى القرمزية لدى كل من البالغين والأطفال، وينتشر عادةً على الرقبة والفخذ وتحت الذراعين، ليشمل بعد ذلك بقية الجسم، وقد تكون ثنايا الجلد في الإبطين والمرفقين والركبتين حمراء أكثر من الجلد المحيط، وبعد أن يهدأ الطفح الجلدي قد يتقشر الجلد الموجود على أطراف أصابع اليدين والقدمين وفي الفخذ، من الممكن أن يستمر هذا لعدة أسابيع.
  • وجه متوهج ولسان محمر منقط (كالفراولة)، والتهاب في الحلق مع بقع بيضاء أو صفراء.
  • درجات حرارة مرتفعة قد تصل لـ 39.
  • قشعريرة وصداع وتورم اللوزتين وغثيان وإقياء وألم في البطن.
  • شحوب الجلد حول الشفتين.

ما هي البكتيريا المسببة للحمى القرمزية؟!

بكتيريا «العقديات المقيحة-Streptococcus pyogenes» من المجموعة A، وهي بكتيريا إيجابية غرام، ولها دور مهم في الأمراض التي تصيب الإنسان على الرغم من أن الاصابة بها نادراً ماتحدث، وهي أيضًا تتواجد طبيعيًا كجزء من «فلورا الجلد-Skin flora»، تنتج هذه البكتيريا سم «Erythrogenic toxin» وهو ما يسبب ظهور الطفح الجلدي.

هل الحمى القرمزية معدية؟

نعم هي كذلك، وتتم العدوى من خلال التماس المباشر مع لعاب الشخص المصاب أو الإفرازات الأنفية أو العطاس أو السعال.
أيضًا يمكن أن تسبب هذه المجموعة من البكتيريا عدوى جلدية لدى بعض الأشخاص، مما تسبب التهابات جلدية تعرف بـ التهاب النسيج الخلوي.
كما أن لمس طفح الحمى القرمزية لا يسبب نقل العدوى لأن الطفح ناتج عن «السم-Toxin» الذي تنتجه البكتريا وليس عن البكتيريا نفسها.

المضاعفات المرتبطة بالحمى القرمزية:

ستختفي أعراض الحمى القرمزية في غضون 10 أيام إلى أسبوعين تقريبًا مع العلاج بالمضادات الحيوية، ومع ذلك يمكنها أن تسبب مضاعفات خطيرة، أهمها:
الحمى الروماتيزمية وأمراض الكلى (التهاب كبيبات الكلى) والتهابات الأذن وخراجات الحلق أو التهاب رئوي أو التهاب المفاصل، ويجب التنويه إلى أن هذه المضاعفات ناتجة عن استجابة الجسم المناعية للعدوى بدلاً من البكتيريا نفسها.

كيف يتم علاج الحمى القرمزية؟

يتم علاجها بالمضادات الحيوية بالتآزر مع جهاز المناعة من أجل محاربة البكتيريا المسببة للعدوى، ويعتبر البنسلين هو الخط الأول في العلاج، وبالنسبة للمرضى الذين يعانون من حساسية تجاه البنسلين يُوصف لهم الجيل الأول من السيفالوسبورين، من مثل:
أحيانًا يتم إعطاء بعض الأدوية التي لا تستلزم وصفة طبية (OTC)، مثل أسيتامينوفين كمسكن ألم وخافض حرارة أو الإيبوبروفين.
حاليًا لا يوجد لقاح للحمى القرمزية أو بكتيريا المجموعة A، إلا أن العديد من اللقاحات المحتملة قيد التطوير السريري.

بعض النصائح المفيدة في حالة الإصابة بالحمى القرمزية:

  • تناول أطعمة طرية أو مشروبات باردة أو مثلجات إذا كان حلقك ملتهبًا.
  • يساعد شرب الكثير من السوائل في الحفاظ على حلقك أو حلق طفلك رطبًا ويخفف الجفاف.
  • تخفف الغرغرة بالماء المالح من ألم الحلق.
  • إذا كان الطفح الجلدي يسبب الحكة، استخدم كريمًا مضادًا للحكة متاح بدون وصفة طبية، وحافظ على تقليم أظافر طفلك حتى لا يؤذي نفسه بسبب الحكة.

أخيرًا وللوقاية من الحمى القرمزية:

النظافة الجيدة هي من أفضل طرق الوقاية: غسل اليدين قبل وبعد الطعام وأيضًا بعد استخدام الحمام.
تغطية الفم والأنف أثناء العطاس أو السعال ومن ثم غسل اليدين ولا ينبغي لطفلك مشاركة أكواب الشرب أو أواني الأكل مع الأصدقاء أو زملاء الدراسة.

المصدر:
healthline

CDC

webmd

اقرأ أيضًا: متلازمة الطفل الرمادي

Exit mobile version