كيف تساعد المدن الذكية في الحد من التغير المناخي؟

هذه المقالة هي الجزء 13 من 18 في سلسلة كيف ستغير المدن الذكية من شكل عالمنا؟

يشكّل التغير المناخي مشكلةً حرجةً تمتدّ عبر الحدود الوطنية، والمجالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. ويواجه الباحثون مهمةً صعبةً بسبب كثرة أسباب نشوئه، فقام الفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ بوضع أوّل تقييم عام 1990. وبدأت بعده عقود من البحوث الدولية، والمناظرات السياسية، والتحذيرات العلمية المشؤومة على نحو متزايد. على الرغم من الجهود المبذولة، فإن الفشل في خفض الانبعاثات الكربونية واضح إلى حدّ محبط. والواقع أن الزيادة العالمية في الانبعاثات كانت بلا هوادة، حيث أصبحت أعلى بنسبة 60% مما كانت عليه في عام 1999. [1] نتيجةً لذلك يعتقد الخبراء أن التهديدات تشكّل حالة طوارئ عالمية يمكن أن يترتّب عليها عواقب كارثية بالنسبة للبشرية. لذلك بدأت المدن الذكية بتطبيق خطط جديدة للحد من التغير المناخي والمشكلات البيئية فيها بالاعتماد على التقنيات الذكية.

ما هي أسباب التغير المناخي؟

يعتبر تغير المناخ مسألةً معقّدةً ذات عوامل مساهمة متعددة، حيث تتفاعل هذه العوامل مع بعضها البعض وتساهم في حدوث التغير المناخي. بسبب ذلك يصعب إلقاء المسؤولية التامة على البشر فقط، على الرغم من إثبات الأدلة العلمية دور الأنشطة البشرية في زيادة تغير المناخ. [2]

يتمثّل المسبب الرئيسي لتغير المناخ في زيادة انبعاث الغازات الدفيئة ولاسيما ثاني أكسيد الكربون CO2، والميثان CH4، وأكسيد النيتروز N2O. فتحجز هذه الغازات الحرارة في الغلاف الجوي للأرض، مما يؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة العالمية. ويعتبر حرق الوقود الأحفوري مثل الفحم، والنفط، والغاز الطبيعي مصدرًا رئيسيًا لهذه الانبعاثات. ويشمل ذلك الانبعاثات الصادرة من محطّات توليد الطاقة، والنقل، والعمليات الصناعية. على سبيل المثال؛ تطلق بعض العمليات الصناعية كإنتاج الإسمنت، والتصنيع الكيميائي غازات دفيئة في الغلاف الجوي. إضافةً إلى ذلك تنتج الأنشطة الزراعية مثل إنتاج الماشية، وزراعة الأرز انبعاث الميثان، وأكسيد النيتروز، وتمتلك هذه الغازات قدرة احترار أعلى بكثير من ثاني أكسيد الكربون.[2]

تؤدي الإدارة غير السليمة للنفايات إلى انبعاث غاز الميثان في الجو، مثل تحلّل النفايات العضوية في مدافن القمامة. كما يساهم قطع الأشجار، وإزالة الغابات، والتوسع الحضري في التغيرات لأن الأشجار تمتصّ ثاني أكسيد الكربون. بالتالي تقلّل إزالة الغابات من قدرة الأرض على إزالة الغازات الدفيئة. وقد تؤثر التغييرات في استخدام الأراضي على الأنماط المناخية المحلية والإقليمية للأرض.[2]

المشكلات البيئية في المدن

تواجه المدن مجموعةً من القضايا البيئية المؤثرة على صحة السكان ورفاهيتهم. وتشمل بعض المشكلات البيئية الأكثر إلحاحًا في المدن ما يلي:

  • تلوث الهواء: غالبًا ما ترتبط المدن المكتظّة بمستويات عالية من تلوث الهواء بسبب حركة المرور، والصناعة، وغيرها من المصادر. ويترتّب على ذلك آثارًا صحيةً خطيرةً على السكان مثل حدوث مشاكل في الجهاز التنفسي، وزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب.[3]
  • تلوث المياه: تؤدي التنمية الحضرية إلى زيادة الصرف، وتصريف مياه المجارير مما قد يلوث مصادر المياه كالأنهار، والبحيرات. فيؤثر ذلك بدوره على صحة الإنسان، والنظم البيئية المائية.[4]
  • المشاكل البيئية تحت سطح الأرض: يؤثر التحضُّر أيضًا على البيئة تحت سطح الأرض، بما في ذلك التغيُّرات في المياه الجوفية، ونوعية التربة فيؤثر ذلك على كل من صحة الإنسان، والنظام البيئي.[4]
  • التخلّص من القمامة: تولِّد المدن كميات كبيرةً من النفايات التي يصعب إدارتها، ويمكن أن يؤدي التخلص غير السليم منها إلى تلوث البيئة، ومخاطر صحية.[3]
  • الازدحام المروري: تواجه أغلب المدن الكبيرة مشكلة الازدحام المروري التي تزيد من انبعاث الغازات الضارّة، وتلوث الهواء.[5]
  • المساحات الخضراء: غالبًا ما تمتلك المدن مساحات خضراء محدودةً والتي تؤثر على نوعية الهواء، ودرجة الحرارة، ونوعية الحياة بشكل عام، وتخفّف من حدّة بعض هذه المشكلات.[6]

دور المدن الذكية في الحد من التغير المناخي والمشكلات البيئية

يعتبر الخبراء المدن الذكية أداةً مهمةً لمكافحة التغير المناخي والمشكلات البيئية في المدن من خلال تعزيز الممارسات المستدامة، والحد من الاحتباس الحراري. فتساعد المدن الذكية في تخفيف آثار تغير المناخ، وخلق مستقبل أكثر استدامةً للأجيال القادمة. ويتحقّق ذلك بواسطة إدارة الطاقة الذكية، والتنقل المستدام، والإدارة السليمة النفايات، والتخطيط الحضري. وذلك عن طريق الاستفادة من التقنيات المتطوّرة مثل الذكاء الاصطناعي AI، وإنترنت الأشياء IoT، وأجهزة الاستشعار، وتعلم الآلة وغيرها الكثير.

إدارة الطاقة الذكية

تنفّذ المدن الذكية عدّة استراتيجيات بهدف الحد من بصمتها الكربونية، وتحسين كفاءة استخدام الطاقة، والتخفيف من وطأة التغير المناخي والمشكلات البيئية. فتعطي المدن الذكية الأولوية لدمج مصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح في أنظمة الطاقة الخاصة بها. يساعد ذلك على تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، وتقليل غازات الاحتباس الحراري. [7][8]

تطبِّق المدن الذكية تقنيات كفاءة الطاقة لتحسين استهلاك الطاقة، وتتضمن الأبنية الذكية التي تمكّن من تحسين مراقبة واستعمال الكهرباء.[7] على سبيل المثال؛ تستخدم أنظمة إنارة ذكية تعتمد على أجهزة استشعار فتعدل هذه الأنظمة مستويات الإنارة على أساس كمية الضوء الطبيعي الداخل إلى البناء، فتساهم في خفض صرف الكهرباء.

إضافةً إلى ذلك، تستخدم المدن الذكية «شبكات متناهية الصغر- Microgrids» وهي نظم محلية لتوزيع الطاقة، تعزز موثوقية الطاقة ومرونتها. وتتضمّن تقنيات تخزين الطاقة مثل البطاريات من أجل تخزين الطاقة المتجددة الزائدة لاستخدامها لاحقًا.[8]

تنقل مستدام

تشجع المدن الذكية استعمال وسائل النقل العام والتي تساعد في الحد من الانبعاثات، وتحسين جودة الهواء، وتعزيز أنماط الحياة الأكثر صحةً. فتستثمر في الهياكل الأساسية للنقل العام مثل الحافلات السريعة، والسكك الحديدية، وشبكات مترو الأنفاق، لكي توفر خيارات عديدة تتّسم بالكفاءة والموثوقية.[9] تؤدي كذلك نظم إدارة حركة المرور دورًا حاسمًا في تعزيز وسائط النقل العامة في المدن عن طريق تقليل الازدحام. إذ تعتمد على أجهزة استشعار توفر بيانات آنية، من ثم تستخدم تحليلات متقدّمةً لتحسين تدفّق حركة المرور. تستطيع كذلك إعطاء الأولوية في إشارات المرور إلى المركبات العامة مما يزيد سرعتها مقارنةً مع المركبات الخاصة. كما توفر الأنظمة معلومات لحظيةً للمواطنين عبر تطبيقات على الهاتف المحمول حول ظروف المرور، وجداول النقل العام، والطرق البديلة. نتيجةً لذلك يستطيع السكان اتّخاذ قرارات فعّالة بشأن أسلوب سفرهم. [10]

لنساعد مدينتنا على التفكير بعمق

تحظى أنظمة مشاركة الدراجات بشعبية متزايدة بين الناس كوسيلة نقل مستدامة ومريحة. وتشمل أسطولًا من الدراجات التي يمكن للمستخدمين تأجيرها لفترات قصيرة، وعادةً ما تكون مقابل رسوم مالية. يؤثر النظام بشكل إيجابي على التنقل المستدام عن طريق تشجيع التحول من الرحلات القصيرة بالسيارات إلى الدراجات.[11][12] تواجه مشاركة الدراجات على الرغم من فوائدها الكثيرة تحديات مثل السرقة، وتلف الدراجات، والقدرة المحدودة في ظلّ جائحة كورونا.[12]

المركبات الكهربائية EVs

يشكّل التقارب بين الطاقة والتنقل ضرورةً أساسيةً بالنسبة للمدن الذكية، ومن هنا تأتي أهمية المركبات الكهربائية. والمركبات الكهربائية EVs هي المركبات التي تعمل بالطاقة الكهربائية بدلًا من البنزين، أو وقود الديزل. وتستخدم المحركات الكهربائية، والبطاريات لتشغيل المركبة مما يعني أنها تنتج صفر انبعاثات، وتعدّ أكثر ملاءمةً للبيئة من المركبات التقليدية.[13] وتتضمّن المركبات الكهربائية عدّة أنواع تختلف بحسب المنطقة، والجهة الصانعة وهي:

  • مركبات كهربائية تعمل بالبطارية BEVs: تعمل هذه السيارات فقط بالكهرباء المخزنة في بطاريات قابلة للشحن، ليس لديها محرّك احتراق داخلي، ولا تنتج انبعاثات. تزداد شعبيتها باستمرار، وتتوفّر بأحجام مختلفة بدءًا بالسيارات الصغيرة وحتى سيارات الدفع الرباعي الأكبر حجمًا.[14]
  • مركبات كهربائية هجينة موصولة PHEVs: تحتوي هذه المركبات على محرك كهربائي، ومحرك احتراق داخلي. ويمكن شحنها من مصدر طاقة خارجي كما يمكن تشغيلها باستخدام البنزين، بسبب ذلك تستطيع التحوّل إلى محرك الاحتراق الداخلي عندما تنضب البطّارية.[15]
  • مركبات كهربائية هجينة HEVs: تحتوي على محرك كهربائي، ومحرك احتراق داخلي لكن لا يمكن شحنها من مصدر طاقة خارجي. عوضًا عن ذلك تشحن البطارية من خلال المكابح، ومحرّك الاحتراق الداخلي، لكنها تُنتج بعض الانبعاثات.[15]
  • مركبات خلية الوقود الكهربائية FCEVs: تستخدم خلايا الوقود الهيدروجيني لتوليد الكهرباء من أجل تشغيل المحرك الكهربائي. ولا تنتج أي انبعاثات ولها مدى حياة أطول من المركبات الكهربائية BEVs. لكن البنية التحتية للتزوّد بالوقود الهيدروجيني محدودة حاليًا.[15]

إدارة النفايات

تستخدم المدن الذكية مزيجًا من التقنيات والنظم لتقليل النفايات، وتحسين طرق جمعها بهدف خلق بيئة أكثر نظافةً وصحةً لسكانها. وتعتمد عمومًا على صناديق القمامة الذكية وهي صناديق مجهزة بأجهزة استشعار تكشف متى تصبح ممتلئةً وتنبّه موظّفي إدارة النفايات من أجل تفريغها. بسبب ذلك يقلّ مقدار الوقت، والموادّ اللازمة لجمع النفايات. كما يمكن للصناديق ضغط النفايات لتوفير مساحة أكبر مما يقلّل الحاجة إلى عمليات التفريغ المتكرّر.[16]

علاوةً على ذلك تهدف المدن الذكية إلى تقليل النفايات عن طريق تعزيز ممارسات مثل إعادة التصنيع، والاستخدام، والتدوير. نتيجةً لذلك تقل كمية النفايات التي تحتاج إلى إدارة، وتخلق أيضًا فرصًا اقتصاديةً جديدةً. وتحتاج حتى تنجح بهذا النظام تثقيف المواطنين حول ممارسات إدارة النفايات السليمة مثل فصل المواد القابلة لإعادة التدوير عن المواد غير القابلة لإعادة التدوير.[17]

المساحات الخضراء

تسعى المدن الذكية إلى خلق بيئات حضرية أكثر استدامةً ومرونةً. فيمكن دمج البنية التحتية الخضراء والزرقاء مثل الحدائق والمسطحات المائية في المشهد الحضري. ويمكن للمدن كذلك تشجيع بناء مبانٍ خضراء تتضمّن سمات مثل الأسقف الخضراء والحدائق الرأسية. فلا تسهم هذه المباني فقط في زيادة المساحات الخضراء في المدينة، لكن تساعد أيضًا على الحدّ من الاحتباس الحراري. زيادةً على ذلك تدعم المدن الذكية مبادرات الزراعة الحضرية فتعزّز بذلك الإنتاج الغذائي المحلي، وتقلل من البصمة الكربونية المرتبطة بنقل الأغذية.[18]

بالطبع تستفاد المدن من التقنيات الذكية لتحسين استخدام الموارد. على سبيل المثال: يمكن الاعتماد على أجهزة الاستشعار، وتحليل البيانات لرصد مستويات رطوبة التربة، وتوفير الريّ للأشجار عند الضرورة فقط لتقليل هدر المياه.

لقد وصلنا اليوم إلى نقطة لا يمكننا فيها إنكار خطر التغير المناخي، والمشكلات البيئية، وما يترتّب عليها من نتائج كارثية تهدّد مستقبل كوكبنا. بالتالي نحتاج اتّخاذ تدابير وخطط جديدة وفعّالة للحد من المشكلة، وهذا ما تسعى إليه المدن الذكية الآن.

المصادر

  1. Semantic scholar
  2. Research Gate
  3. Semantic scholar
  4. National Library of medicine
  5. IEEE
  6. IOP Science
  7. Research Gate
  8. MDPI
  9. MDPI
  10. Semantic scholar
  11. Research Gate
  12. Research Gate
  13. Semantic scholar
  14. Semantic scholar
  15. IEEE
  16. Semantic scholar
  17. Journal of Emerging Technologies and Innovative Research
  18. Research Gate

كيف تؤثر الأنشطة البشرية على توازن دورة الكربون؟

هذه المقالة هي الجزء 4 من 18 في سلسلة مقدمة في تغيرات المناخ وتأثيراتها البيئية

تلعب دورة الكربون دورًا رئيسًا في تنظيم درجة حرارة سطح الأرض ومناخها. فمن خلالها يتم التحكم في كمية غاز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي. والذي يساعد على الاحتفاظ بالحرارة المتولدة من الشمس. لكن في بعض الأحيان قد تؤدي الزيادة في نسبته إلى ارتفاع درجة حرارة سطح الكوكب بشكل غير طبيعي.[1]

وفقًا لتقرير مرصد Noaa الذي تم إصداره في مايو من العام الماضي 2022. فقد وصلت نسبة غاز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي لذروتها. حيث بلغت 420.99 جزء في المليون، بزيادة قدرها 1.8 جزء في المليون عن عام 2021. مما تسبب في زيادة التأثيرات الناجمة عن الاحتباس الحراري، كنوبات الحرارة الشديدة، والجفاف، وحرائق الغابات.[2]

الكربون وأهميته

تعرَّف دورة الكربون بأنها العملية التي يتم من خلالها انتقال ذرات الكربون وتبادلها بين الغلاف الجوي والأرضي والمائي. ونظرًا لأن كوكبنا وغلافه الجوي يشكلان بيئة مغلقة، فإن كمية الكربون في هذا النظام لا تتغير.[3]

يعد ثاني أكسيد الكربون من أهم الغازات المسؤولة عن درجة حرارة سطح الأرض. إذ يعمل مع كل من غازي الميثان والهالوكربونات على تسخين الكوكب، عن طريق امتصاص كميات هائلة من الطاقة المنبعثة من الأرض، ثم إعادة إرسالها مرة أخري.

بدون الغازات الدفيئة، ستكون الأرض أكثر برودة ولن نستطيع العيش عليها. يقدر العلماء بأن غاز ثاني أكسيد الكربون يساهم بحوالي 20% من تأثير الاحتباس الحراري على كوكب الأرض. ويمثل بخار الماء حوالي 50%، بينما تمثل السحب حوالي 25%.

تعمل جزيئات ثاني أكسيد الكربون على تحقيق التوازن اللازم للحفاظ على تركيز بخار الماء. عندما تنخفض تركيزات ثاني أكسيد الكربون، تبرد الأرض، ويتساقط بعض بخار الماء من الغلاف الجوي. وبالمثل عندما تزداد تركيزات ثاني أكسيد الكربون، ترتفع درجة حرارة الجو، ويتبخر المزيد من بخار الماء في الغلاف الجوي. مما يؤدي إلى زيادة معدل الاحتباس الحراري.

لذا فقد وجد العلماء أن ثاني أكسيد الكربون هو الغاز المتحكم في درجة حرارة سطح الكوكب، وفي كمية بخار الماء في الغلاف الجوي. وبالتالي في حجم وتأثير الاحتباس الحراري.[4]

دورة الكربون السريعة والنظم البيئية

تعمل دورة الكربون كحلقة ينتقل من خلالها الكربون على مدى سنوات أو عقود. فعلى سبيل المثال في السلسة الغذائية تمتص النباتات الكربون الموجود في الغلاف الجوي من أجل عملية التمثيل الضوئي،. ثم تستهلك الحيوانات هذه النباتات ويتراكم الكربون بيولوجيًا في أجسامها. ثم يعاد إطلاق الكربون مرة أخري عن طريق عملية التنفس أو التجشؤ أو التحلل عندما تموت الحيوانات في النهاية.

 قد يتم تخزين الكربون في أعماق الأرض لعدة قرون. حتى يصبح وقودًا أحفوريًا يستخدمه الإنسان في أنشطته البشرية، ومن ثم يتم ضخ المزيد من الكربون في الغلاف الجوي.[5]

دورة الكربون البطيئة

من خلال سلسلة من التفاعلات الكيميائية والنشاط التكتوني. يستغرق الكربون ما بين 100-200 مليون سنة للتنقل بين الصخور والتربة والمحيطات والغلاف الجوي. في المتوسط، يتحرك حوالي 10-100 مليون طن متري من الكربون خلال دورة الكربون البطيئة كل عام.

في المحيط، تتحد أيونات الكالسيوم مع أيونات البيكربونات لتكوين كربونات الكالسيوم. بعد موت الكائنات الحية، تغرق في قاع المحيط وبمرور الوقت تتكون طبقات من الرواسب التي تتحول في النهاية إلى صخور، والتي تحتوي على حوالي %80 من إجمالي نسبة الكربون الموجودة في الصخور. بينما تتكون نسبة ال%20 الأخرى من الكائنات الحية التي تم دفنها في طبقات من الطين منذ ملايين السنين .

عندما تندلع البراكين فإنها تعيد إطلاق الغاز مرة أخري في الغلاف الجوي عن طريق ذوبان الصخور. ومن ثم يتم بدء الدورة مرة أخرى. في الوقت الحاضر، تطلق البراكين كمية من ثاني أكسيد الكربون تقدر بنحو 130 إلى 380 مليون طن متري سنويًا. وللمقارنة، فإن الكمية التي يطلقها البشر من الغاز عن طريق حرق الوقود الأحفوري تقدر بحوالي 30 مليار طن سنويًا. أي أكثر بحوالي 300 مرة من البراكين.[6]

الأنشطة البشرية وانبعاثات الكربون

في عام 1896، كان العالم السويدي سفانتي أرهينيوس أول من ربط ارتفاع غاز ثاني أكسيد الكربون الناتج عن حرق الوقود الأحفوري بتأثير الاحترار. بعد ما يقرب من قرن من الزمن. أدلى عالم المناخ الأمريكي جيمس إي هانسن بشهادته أمام الكونجرس بأن “تأثير الاحتباس الحراري هو ما يغير مناخنا”. [7]

الأنشطة البشرية لها تأثير هائل على دورة الكربون. حيث يؤدي حرق الوقود الأحفوري وتغيير استخدام الأراضي إلى إطلاق كميات كبيرة من الكربون في الغلاف الجوي.[8] ففي عام 2020 ، قدرت انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في الولايات المتحدة بحوالي 79٪ من جميع انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.[9]

تعد انبعاثات الكربون وغازات الاحتباس الحراري الأخرى، المحرك الرئيسي لتغير المناخ. ففي عام 2022 وحده، بلغت الزيادة في نسبة الانبعاثات الناجمة عن حرق الوقود الأحفوري وصناعة الأسمنت حوالي 1%، مقارنة بالسنوات السابقة.[10]،  بينما بلغت نسبة الزيادة الناتجة عن توليد الكهرباء والصناعة حوالي 2% خلال عام 2018.[11]

يتطلب تحقيق الأهداف العالمية للحد من الاحترار منا جميعًا العمل لتقليل الانبعاثات. وذلك حتى نستطيع الوصول إلى صافي الصفر بحلول عام 2050. إذ إن ظلت الانبعاثات في الزيادة، فسوف يستمر ارتفاع درجة حرارة سطح الكوكب.   

المصادر

(1)serc.carleton

(2)noaa

(3)oceanservice

(4)nasa

(8),(5)noaa

(6)nasa

(7)nationalgeographic

(9)epa

(10)weforum

(11)npr

كيف تؤثر الشمس على مناخ الأرض؟

هذه المقالة هي الجزء 3 من 18 في سلسلة مقدمة في تغيرات المناخ وتأثيراتها البيئية

تعد الشمس هي مصدر معظم الطاقات التي تحرك العمليات البيولوجية والفيزيائية في العالم من حولنا، إنها مسؤولة بشكل مباشر عن الحفاظ على درجة حرارة سطح الكوكب، وجعله صالحًا للعيش، وبالتالي فإن التغير في كمية الطاقة الشمسية الواردة والصادرة قد تؤثر على المناخ.[1]  

ما هو الإشعاع الشمسي؟

الإشعاع الشمسي هو الطاقة المنبعثة من الشمس، والتي يتم إرسالها في جميع الاتجاهات عبر الفضاء على شكل موجات كهرومغناطيسية.  بعد مروره عبر الغلاف الجوي، يصل الإشعاع الشمسي إلى سطح الأرض المحيطي والقاري وينعكس أو يمتص. ثم يعاد مرة أخري إلى الفضاء الخارجي في شكل إشعاع طويل الموجة.[2]

الاختلاف الموسمي

نظرًا لأن الأرض مستديرة، فإن الشمس تسقط على السطح بزوايا مختلفة. فعندما تكون أشعة الشمس عمودية، فإن سطح الكوكب يحصل على أقصي قدر ممكن من الطاقة، و كلما كانت أشعة الشمس مائلة، كلما طالت مدة انتقالها عبر الغلاف الجوي، وأصبحت أكثر تشتتًا وانتشارًا.

تدور الأرض حول الشمس في مدار بيضاوي وتكون أقرب إلى الشمس خلال جزء من السنة. وعندها ترتفع درجة الحرارة في الجزء الجنوبي من الكرة الأرضية ويحدث الانقلاب الصيفي، بينما تنخفض درجة الحرارة ويصبح الطقس باردًا في نصف الكرة الشمالي.

في النهاية يصبح نظام مناخ الأرض مدفوعًا بالإشعاع الشمسي، فالاختلافات الموسمية في المناخ تنتج في النهاية عن التغيرات في  مدار الأرض.[3]

أنواع الطاقة التي تأتي من الشمس

تبعث الشمس العديد من أشكال الإشعاع الكهرومغناطيسي بكميات مختلفة. فحوالي 43 % من إجمالي الطاقة المشعة المنبعثة من الشمس توجد في الأجزاء المرئية من الطيف الكهرومغناطيسي. بينما يقع حوالي 49% من الطاقة المنبعثة في منطقة الأشعة تحت الحمراء، و حوالي 7% في منطقة الأشعة فوق البنفسجية، وأقل من 1% من الإشعاع الشمسي يكون على شكل أشعة سينية وموجات جاما وموجات الراديو.

يتم نقل الطاقة من الشمس عبر الفضاء، وبمجرد وصولها إلى الأرض، يتم امتصاص جزء صغير من الطاقة بشكل مباشر، بينما تنعكس البقية مرة أخرى إلى الفضاء.

 الأسطح الموجودة على سطح الأرض تمتص الطاقة بدرجات متفاوتة بناءًا على لون السطح وملمسه، فالأسطح ذات الألوان الداكنة تمتص كميات كبيرة من الأشعاع المرئي، بينما تعكس الأسطح ذات الألوان الفاتحة أو الملساء الإشعاع، فالإختلاف في إنعكاس الطاقة يؤثر على درجة حرارة الطقس بصورة كبيرة.

تحقيق التوازن الاشعاعي

تساعدنا الميزانية الإشعاعية على معرفة مقدار الطاقة التي تتلقاها الأرض من الشمس، ومقدار الطاقة التي تعكسها الأرض مرة أخري إلى الفضاء الخارجي، وبالتالي فإن درجة حرارة الأرض لا ترتفع بدرجات متفاقمة، لأن جزء من هذه الطاقة يعود مرة أخري إلى الفضاء.

عندما تصل الطاقة الشمسية الواردة إلى حد الاتزان، فإن درجة الحرارة العالمية تكون مستقرة نسبيًا، إما إذا حدث خلل في كمية الطاقة الواردة والصادرة فإن الأرض تفقد توازنها الإشعاعي، وبالتالي ترتفع درجات الحرارة أو تنخفض نتيجة لذلك.

نتيجة للتأثيرات التي يحدثها الإنسان من الصناعات وإزالة الغابات، فإن تركيز غازات الدفيئة في الغلاف الجوي يزداد، وبالتالي تقل كمية الطاقة الصادرة إلى الفضاء، وترتفع درجات الحرارة التي تعمل على ذوبان الجليد مما يجعله أقل إنعكاسًا، وفي النهاية تتسارع وتيرة تغير المناخ.

النشاط الشمسي وتغير المناخ

لطالما عرف العلماء أن التغير في مقدار الطاقة الشمسية يغير من توزيع الطاقة في الغلاف الجوي للأرض، لكن تأثيرها المباشر على المناخ كان ولا زال موضع تساؤل. ففي أوائل الثمانينيات أجري العلماء قياسًا للإشعاع الشمسي بواسطة الأقمار الصناعية،  ووجدوا انخفاضًا في إجمالي كمية الطاقة الشمسية التي تصل إلى الأرض بنسبة 0.1 %، كما قرر العلماء الذين يدرسون الاختلافات قصيرة المدى في ناتج طاقة الشمس، أن كمية الطاقة الشمسية الإضافية التي تصل إلى الأرض صغيرة نسبيًا، ولا تكفي لتفسير العوامل الأخيرة لتغير المناخ.

خلال فترة الاكتشاف الأولية لتغير المناخ العالمي ، لم يكن حجم تأثير الشمس على مناخ الأرض مفهوما ومع ذلك، منذ أوائل التسعينيات، قام العلماء بإجراء أبحاث مكثفة لمعرفة مدي دورها، ووجدوا أن الشمس تلعب دورًا صغيرًا في تغير المناخ مقارنة بالأنشطة البشرية التي تعد العامل الأساسي لتغير مناخ الأرض.[4]

المراجع

(1)ucsusa
(2)iberdrola
(3)energy
(4) beyondweather

كيف يؤثر تغير المناخ على الصحة العامة للبشر؟

هذه المقالة هي الجزء 13 من 18 في سلسلة مقدمة في تغيرات المناخ وتأثيراتها البيئية

يعد تغير المناخ أحد أكبر تهديدات الصحة العامة وأشدها قسوة. فوفقًا لبيان منظمة الصحة العالمية، فإنه من المتوقع أن يفقد حوالي 250 ألف شخص حياتهم سنويًا بسببه. فارتفاع درجة الحرارة وانعدام الأمن الغذائي والمائي وتلوث الهواء، يؤدي إلى زيادة التعرض للأمراض الحادة والمزمنة. فكيف يؤثر تغير المناخ على صحتنا؟[1]

تأثير التغيرات المناخية على الصحة الجسدية

حسب تقرير للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، فإنه من المتوقع أن يؤدي الاحترار العالمي إلى تفاقم الظروف الصحية خاصة في المناطق الاستوائية. ففي أفريقيا على سبيل المثال، تؤدي الزيادة في درجة الحرارة إلى زيادة أعداد البعوض، فتتضاعف الإصابات بالأمراض التي تنقلها الحشرات كالملاريا وحمى الضنك.[2]

إضافة إلى ارتفاع نسبة التعرض لضربات الشمس والإرهاق نتيجة لتفاقم موجات الحر. يتسبب تلوث الهواء الناتج عن حرائق الغابات بأمراض الجهاز التنفسي والقلب والأوعية الدموية. فخلال عام 2019 وحده، تسببت الجسيمات الدقيقة المتطايرة في الغلاف الجوي في وفاة حوالي 1.8 مليون شخص على مستوى العالم.

تتسبب الفيضانات والأعاصير الأكثر توترًا في انتشار الأمراض التي تنقلها المياه وزيادة أعداد النزوح. فخلال عام 2005 ساهم إعصار كاترينا في موت ما يقرب من ألفي شخص، وتشريد حوالي 1.5 مليون شخص.[3]

تغير المناخ والصحة العقلية

ترتبط ـ غالبا ـ الكوارث الطبيعية المرتبطة بالمناخ كالفيضانات والأعاصير وحرائق الغابات بالاضطرابات النفسية المتعلقة بالتوتر. فالأفراد الذين تعرضوا لمواقف مهددة لحياتهم معرضون أكثر لخطر الإصابة باضطراب ما بعد الصدمة.[4]

ووفقًا لاستطلاع رأي أجرته الجمعية الأمريكية للطب النفسي، فإن أكثر من ثلثي الأمريكيين (67٪) قلقون للغاية بشأن تأثير تغير المناخ على الكوكب. وأكثر من نصفهم (55٪) قلقون من تأثيره على صحتهم العقلية.[5]

من المرجح أن يصبح سلوك الأفراد المعرضين لارتفاع درجات الحرارة أكثر عدوانية. ووجدت إحدى الدراسات علاقة بين التعرض للهواء الملوث وزيادة خطر الإصابة بالقلق والفصام واضطراب الشخصية.[6]

تأثير تغير المناخ على نظام الرعاية الصحية

يؤثر تغير المناخ على كل جانب من جوانب نظام الرعاية الصحية. فالاحترار العالمي على سبيل المثال يعيق الوصول إلى الخدمات الصحية فضلًا عن التأثير على جودتها. كما يؤدي أيضًا إلى ارتفاع تكاليف الرعاية الصحية. أنظمة الرعاية الصحية مسؤولة عن رعاية الأشخاص الذين يواجهون تأثيرات فورية. وكذلك الأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة كأمراض القلب والأوعية الدموية وأمراض الجهاز التنفسي.

كشفت إحدى الدراسات التي أجريت في الولايات المتحدة على مجموعة من الأحداث المناخية التي حدثت في الولايات المتحدة، وعددها 10 أحداث. أن التكاليف المتعلقة بالصحة، بما في ذلك دخول المستشفيات وزيارات أقسام الطوارئ والتكاليف الطبية الأخرى، بلغت حوالي 10 مليارات دولار خلال عام 2018.

تأثير تغير المناخ على القوى العاملة في مجال الرعاية الصحية

يتعرض أخصائيو الرعاية الصحية لمخاطر الصحة البدنية والعقلية لتغير المناخ بشكل أكثر حدة من عامة السكان. كما أنه لا يؤدي إلى تعطيل حياتهم فحسب، بل يجعل وظائفهم أيضًا أكثر صعوبة. مما يزيد من خطر الإرهاق. غالبًا ما تمنعهم العواصف والفيضانات وحرائق الغابات والأحداث المتطرفة الأخرى من الذهاب إلى مرافق الرعاية الصحية. مع زيادة عدد الأشخاص الذين يتعرضون للإصابة بالأمراض نتيجة التغير المناخي، ستكون هناك حاجة ماسة لزيادة القوى العاملة المجهزة للتعامل مع مرضى الأحداث المناخية.

من الضروري تدريب القوى العاملة في مجال الرعاية الصحية على تحدي المخاطر ومعالجتها. تحتاج القوى العاملة إلى التكيف لتقديم الرعاية الصحية في ظل الظروف المناخية القاسية. وجدت إحدى الدراسات أن آثار تغير المناخ جعلت ثلث العاملين في مجال الرعاية الصحية في إحدى المناطق الاسترالية، يفكرون في الانتقال إلى مكان آخر.[7]

الإجراءات

يجب اتخاذ إجراءات جادة لحماية صحة الناس ورفاهيتهم في جميع أنحاء العالم، خاصة الفئات السكانية الضعيفة. فالحد من كميات الغازات الدفيئة له العديد من الفوائد الصحية، ويمكن أن ينقذ آلاف الأرواح.

التخفيف من حدة تغير المناخ من شأنه أن يمنع انتشار الأمراض، ويوفر مليارات الدولارات من التكاليف المتعلقة بالصحة، خاصة في المجتمعات التي تعاني من الآثار السلبية لتغير المناخ.[8]

المصادر

(1)journal
(2)un
 (7),(3)commonwealthfund
(4)ncbi
(5)psychiatry
(6)bmj
(8)projecthope

كيف يمكننا التخفيف من آثار تغير المناخ؟

هذه المقالة هي الجزء 18 من 18 في سلسلة مقدمة في تغيرات المناخ وتأثيراتها البيئية

تسبب الاحترار العالمي منذ الثورة الصناعية وحتى اليوم في حدوث ظواهر مناخية عنيفة في جميع أنحاء العالم، والتي أعقبها حدوث عواقب وخيمة على الطبيعة والإنسان. فوفقًا لتقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بشأن تغير المناخ فلابد من التخفيف من الانبعاثات والوصول إلى صافي الصفر من الانبعاث الكربوني بحلول عام 2030. ولتحقيق هذا الهدف وأهداف أخرى طموحة وطويلة الأجل تساهم في التخفيف من آثار تغير المناخ، وجب علينا تغيير الطريقة التي نستخدم بها الطاقة والممارسات الحياتية الأخرى. [1]

ماذا نعني بالتخفيف من آثار تغير المناخ؟

التخفيف من آثار تغير المناخ يعني العمل على تقليل كميات الغازات الدفيئة الموجودة في الغلاف الجوي، والتي تعمل على زيادة درجة حرارة سطح الكوكب وجعلها أكثر تطرفًا.[2]

الاتفاقيات الدولية المبرمة بشأن العمل المناخي

بدأ الاعتراف بواقع تغير المناخ عام 1979 عندما عقد المؤتمر العالمي الأول للمناخ في جنيف. وقد كان الغرض الأساسي من مؤتمر جنيف تقييم الآثار والمخاطر المستقبلية للتغيرات المناخية. كان هذا هو المؤتمر الأول من نوعه الذي يتناول الآثار السلبية لتغير المناخ.

أنشئت عام 1988 الهيئة الحكومية الدولية المعنية بشأن تغير المناخ من قبل المنظمة العالمية للأرصاد الجوية بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة للبيئة. وكان الهدف منها تزويد الحكومات والهيئات الرسمية بالمعرفة العلمية والمعلومات التى يمكن من خلالها صياغة السياسات المناخية.

اعتمدت عام 1992 اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، والتي دخلت حيز التنفيذ عام 1994. ومنذ ذلك الحين كانت هي القوة الدافعة للعمل المناخي. الهدف الرئيس للاتفاقية هو تثبيت تركيز غازات الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي، لمنع التأثيرات الشديدة على النظام المناخي. إضافة إلى  خفض الانبعاثات بحلول عام 2000. كما حددت الالتزامات تجاه جميع الأطراف المعنية، ووضعت مسؤوليات واضحة على عاتق البلدان المتقدمة لتنفيذ السياسات الوطنية للحد من الانبعاثات البشرية. علاوة على ذلك، ألزمت الأطراف من الدول المتقدمة بمساعدة الأطراف من الدول النامية الضعيفة مالياً وتقنياً في اتخاذ الإجراءات المناخية.

اعتمد بروتوكول كيوتو خلال مؤتمر الأطراف الثالث عام 1997، ودخل حيز التنفيذ عام 2005. وكان الهدف منه خفض انبعاثات البلدان المتقدمة خلال فترة التزام قدرها خمس سنوات بين عامي 2008 و 2012. كما وضعت السياسات وأنظمة المراقبة ذات الصلة.

وفي عام 2015 اعتمدت اتفاقية باريس التي دخلت حيز التنفيذ عام 2016. وكان هدفها الأساسي الحد من زيادة درجة الحرارة العالمية، ومواصلة الجهود للحد من ارتفاعها إلى أكثر من 1.5 درجة مئوية.[3]

استراتيجيات تخفيف التغيرات المناخية

يتضمن التخفيف من حدة التغيرات المناخية الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، التي تعمل على رفع درجة حرارة سطح الكوكب. وتشتمل استراتيجيات التخفيف على مجموعة من الإجراءات التي يجب على الحكومات والدول والشركات اتخاذها. كالاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة، وتحسين المدن لجعلها أكثر استدامة، والترويج لوسائل النقل المستدامة والأنظمة الزراعية الصديقة للبيئة.[4]

1- الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة

تشير التقديرات إلى أن حوالي 1.4مليار شخص حول العالم يعتمدون على مصادر الطاقة التقليدية كالفحم والخشب  لتلبية احتياجاتهم الأساسية. ومع زيادة الاعتماد على هذه المصادر تتضرر النظم البيئية، وتؤدي إلى ملايين الوفيات المبكرة بخاصة بين النساء والأطفال. من المتوقع أن ينمو الطلب العالمي على الطاقة بأكثر من 50% بحلول عام 2035، وبالتالي يحتاج هؤلاء المستخدمين إلى مصادر طاقة لا تضر بهم أو ببيئتهم.[5]

أحد عوامل الجذب في الطاقة المتجددة هو القدرة على تجديدها والحصول عليها بشكل طبيعي، لذلك فهي أكثر استدامة. كما أنها مناسبة لخطة التخفيف من آثار تغير المناخ. فمقارنة بالوقود الأحفوري فإن العديد من مصادر الطاقة المتجددة تنبعث منها غازات دفيئة أقل بكثير. اعتمدت الولايات المتحدة عام 2020 على الطاقة المتجددة كمصدر أساسي للطاقة بنسبة 12%.

 وتكمن أهمية مصادر الطاقة المتجددة كالطاقة الكهرومائية والشمسية والرياح في خلوها من أي انبعاثات كربونية تقريبًا بمجرد تشغيلها. تكمن الانبعاثات الكربونية بمصادر الطاقة هذه في إنتاج وصيانة ونقل المواد والمنشآت، لذلك تعد مسارا مثاليا للتخفيف الذي يجمع بين مصادر الطاقة المتجددة وتخفيض الاستهلاك للطاقة.

2- تدابير الحفاظ على الطاقة

قد تكون كفاءة استخدام الطاقة وتدابير الحفاظ عليها من أهم الإجراءات الفاعلة للتخفيف من حدة التغيرات المناخية. ففي عام 2019 شكلت انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون حوالي 80٪ من إجمالي انبعاثات الغازات الدفيئة في الولايات المتحدة. لذلك فإن ايجاد طرق لاستخدام طاقة أقل سيساعد في التخفيف من آثار تغير المناخ.

إحدى تدابير الحفاظ على الطاقة هو بناء المدن لشبكات النقل العام. بحيث نوفر الطاقة التي تستخدم في قيادة السيارات الفردية، أو بناء بنية تحتية تسهل ركوب الدراجات.[6]

3- احتجاز الكربون وتخزينه

تعمل هذه التقنية على التقاط وتخزين ثاني أكسيد الكربون قبل إطلاقه في الغلاف الجوي. ويمكن لهذه التقنية التقاط ما يصل إلى 90٪من ثاني أكسيد الكربون المنبعث من حرق الوقود الأحفوري في توليد الكهرباء والعمليات الصناعية كإنتاج الأسمنت.

في الوقت الحالي، تعد تقنية احتجاز الكربون وتخزينه هي التقنية الوحيدة التي يمكن أن تساعد في تقليل الانبعاثات الناتجة عن المنشآت الصناعية الكبرى. وبالتالي معالجة الآثار السلبية لتغير المناخ. عند دمج هذه التقنية مع تقنيات الطاقة الحيوية لتوليد الطاقة، فإن احتجاز وتخزين الكربون لديه القدرة على توليد انبعاثات سلبية وإزالة ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي. يجادل العديد من العلماء وواضعو السياسات بأن هذا أمر بالغ الأهمية إذا كان العالم يريد الحد من ارتفاع درجة الحرارة إلى أقل من 2 درجة مئوية، وهو الهدف من اتفاقية باريس.[7]

4- إعادة التدوير

تعمل إعادة التدوير على التقليل من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري عن طريق تجنب استخدام الطاقة لإنتاج مواد جديدة. ولها فوائد مشتركة تتمثل في الحفاظ على الموارد الطبيعية، وتقليل النفايات، ومنع تدهور الأراضي الذي يصاحب الحصول على مواد خام جديدة مثل المعادن.[8]

في جميع أنحاء العالم، يتم اتخاذ العديد من التدابير للتخفيف من آثار تغير المناخ من قبل الدول التي تحاول الوفاء بالتزاماتها بموجب اتفاقية باريس وبروتوكول كيوتو.[9]

المصادر

(1) Reducing greenhouse gases: our position | Policy and insight (friendsoftheearth.uk)
(What’s the difference between climate change mitigation and adaptation? | Stories | WWF (worldwildlife.org)
(3) springer
(4),(5)Climate Change Mitigation | GEF (thegef.org)
(8),(6) Climate Change Mitigation Strategies — Earth@Home (earthathome.org)
(7) What is carbon capture and storage and what role can it play in tackling climate change? – Grantham Research Institute on climate change and the environment (lse.ac.uk)
(9)Introduction to Mitigation | UNFCCC

كيف يمكننا التكيف مع تغير المناخ وسط عالم مشتعل؟

هذه المقالة هي الجزء 17 من 18 في سلسلة مقدمة في تغيرات المناخ وتأثيراتها البيئية

من مدن أوروبا التي غمرتها الفيضانات، إلى ضواحي كاليفورنيا المتفحمة بالنيران. ومن دلتا بنغلادش الغارقة بالمياه إلى الجزر التي تواجه ارتفاع منسوب مياه البحار. عواقب وخيمة انطوت على عدم كبح الزيادة في درجات الحرارة العالمية والتكيف مع كوكب أكثر حرارة. فخلال الثلاثين عامًا الماضية كان الهدف المهيمن هو خفض الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري. لذلك أضحت خطوات التكيف مع تغير المناخ ضرورة ملحة للحد من المخاطر.[1]

ماذا نعني بمصطلح “التكيف”؟ ولم اختلف عليه المناصرون؟

 يشير مصطلح التكيف مع تغير المناخ إلى أي نشاط يمكن من خلاله تقليل المخاطر والآثار السلبية لتغير المناخ، أو يساعد البشر على التكيف معه. ويتضمن التكيف إجراء تعديلات في قراراتنا وأنشطتنا وتفكيرنا بسبب التغيرات في مناخنا [2].

وفي وقت سابق خلال محادثات المناخ التي عقدت في عام 2002، ظهرت بعض الأحاديث عن حاجتنا إلى التكيف مع تغير المناخ، لكن كان للعديد من النشطاء البيئيين رأي آخر! إذ رأوا أن جهود التكيف مع الظروف المناخية المتطرفة بمثابة استسلام وإلهاء عن الحاجة إلى الحد من الانبعاثات.[3]

لماذا نحن بحاجة إلي التكيف؟

كان التكيف مع المشكلات البيئية محورًا للدراسات الأنثروبولوجية منذ مطلع القرن العشرين. وقد تم تطبيق مصطلح التكيف لأول مرة خلال التسعينات. ويتمثل الهدف الرئيسي للتكيف في رفع قدرتنا على الصمود، والذي بدونه تقل احتمالية نجاتنا ويزيد عدد الضحايا.[4]

يؤدي تغير المناخ إلى زعزعة استقرار المجتمعات واقتصاداتها، مما يقوض جهود التنمية المستدامة ويفاقم التحديات البيئية. وقد شهدت العديد من البلدان تأثيرات محلية وعالمية واسعة النطاق، تصاعدت حدتها ووتيرتها أكثر من أي وقت مضي[5]. فمنذ عام 2008 وحتي اليوم، تم تهجير ما يقرب من 21.5 مليون شخص سنويًا، بسبب المخاطر المفاجئة المرتبطة بالمناخ، كالفيضانات والعواصف وحرائق الغابات والجفاف وتآكل السواحل.

وهناك اتفاق كبير بين العلماء على أن تغير المناخ من المتوقع أن يؤدي إلى زيادة أعداد النازحين في المستقبل.[6] كما أظهرت نتائج بحثية إلى أن حوالي 132 مليون شخص سيواجهون الفقر المدقع بسبب تغير المناخ بحلول 2030. لذلك يشدد البعض على أهمية التكيف مع الظروف المناخية حتى نتمكن من حماية الفئات الأكثر ضعفًا في مجتمعاتنا. [7]

الفئات الأكثر ضعفًا هم الأكثر تأثرًا

مع أن الدعوة إلى التكيف مع التغيرات المناخية واضحة، إلا أن بعض المجتمعات ما زالت غير قادرة على التكيف. وذلك بسبب عدم وجود موارد لتلبية الاحتياجات الأساسية كالرعاية الصحية والتعليم. فعلى سبيل المثال، تُقدَّر تكاليف التكيف التي تحتاجها البلدان النامية بحوالي 300 مليار دولار سنوياً بحلول عام 2030. لكن في الوقت الحالي، تُنفَق ما نسبته 21% فقط من التمويل المتعلق بالمناخ الذي تقدمه البلدان الأكثر ثراءًا لمساعدة الدول النامية على التكيف والقدرة على الصمود، أي حوالي 16.8 مليار دولار سنويًا.

استراتيجيات التكيف مع التغيرات المناخية

 حتي نتمكن من حماية أنفسنا ومجتمعاتنا، يجب علينا التكيف مع عواقب الظواهر الجوية المتطرفة. لذلك توجد العديد من الطرق التي نستطيع من خلالها التكيف مع ما يحدث الآن وما سيحدث في المستقبل[8] والتي منها:

1- أنظمة الإنذار المبكر

وهي عبارة عن تقنيات يمكن من خلالها التنبؤ بوقوع العواصف وموجات الحر وغيرها من الظواهر الجوية المتطرفة. ووفقًا لإحدي التقارير، فإن التحذير بفاصل 24 ساعة فقط يمكن أن يقلل الضرر الناتج بنسبة 30 %! كما أن الاستثمار بقيمة 800 مليون دولار وتزويد البلدان النامية بمثل هذه الأنظمة، ستحمي من خسائر قد تبلغ من 3 إلى 16 مليار دولار سنويًا.

2- البنية التحتية الخضراء

تحسين الظروف المعيشية في المجتمعات الضعيفة يعني تحسين بنيتها التحتية وتعزيز قدرتها على التكيف. ووفقًا لتقرير اللجنة العالمية المعنية بالتكيف، فإن البنية التحتية الخضراء والمقاومة للظروف المناخية القاسية قادرة على توفير 4 دولارات من الفوائد مقابل كل دولار واحد من التكلفة.

3- تحسين الإنتاج الزراعي

يمكن أن يساعد الاستثمار في المحاصيل المقاومة للجفاف وتحديث أنظمة الري في حماية المزارع الصغيرة من ارتفاع درجات الحرارة.

4- حماية المانجروف

وهو عبارة عن مجموعة من أشجار المانجروف التي تنمو على طول السواحل لحمايتها. وتعمل أشجار المانغروف على التقليل من آثار العواصف التي تهدد المجتمعات الساحلية. ووفقًا لتقرير اللجنة العالمية المعنية بالتكيف، فإن غابات المانجروف قادرة على حماية حوالي 18 مليون شخص من خطر الفيضانات الساحلية، وتقليل الخسائر التي تقدر بأكثر من 80 مليار دولار سنويًا.

5- الاستثمار في البنية التحتية للمياه

تشير التقديرات إلى أن حوالي 3.6مليار شخص ليس لديهم ما يكفي من الماء لسد احتياجاتهم خلال شهر واحد من العام. وقد يؤدي عدم اتخاذ التدابير اللازمة إلى تعريض حوالي 1.4 مليار شخص إضافي لنقص المياه بحلول عام 2050. لذلك يمكن أن يؤدي الاستثمار في البنية التحتية للمياه ومجمعات المياه الطبيعية إلى توسيع نطاق الوصول إلى المياه النظيفة. [9]

يبدو أن التكيف مع التغير المناخي أمر لا بد منه في ظل أعباء اقتصادية هائلة تحول من مواجهة التغيرات المناخية. فلنا أن نطرح سؤالنا الأول الذي حاولنا توضيح خلفياته في هذا المقال بقليل من العمق. هل سيصبح التكيف هو الحل؟ أم سيزيد من تعقيد المشكلة كما زعم بعض الناشطين؟ الرأي لك.

المصادر

(3),(1)nationalgeographic
(2)nrcan
(4)globalization and health
(5)wwf
(6) unhcr
(7)world bank
(8)un
(9)grist

مدن تحت الماء .. كيف يهدد تغير المناخ المدن الساحلية؟

هذه المقالة هي الجزء 12 من 18 في سلسلة مقدمة في تغيرات المناخ وتأثيراتها البيئية

على ارتفاع أقل من 5 أمتار، فإن حوالي 250 مليون شخصًا حول العالم يعيشون على طول سواحل البحار والمحيطات، لكن بفضل الزيادة المستمرة في ارتفاع مستوي سطح البحر بسبب التغيرات المناخية فإن حياة هؤلاء الأشخاص معرضة للخطر.[1] ووفقًا لتقرير الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي، فإن ارتفاع مستوى سطح البحر يهدد مناطق الأرض المنخفضة حيث تضاعف مستوى سطح البحر من 0.06 بوصة  إلى 0.14 بوصة من عام 2006 إلى عام 2015.[2]

كيف تغير مستوى سطح البحر؟

على مدار الـ 150 عامًا الماضية، تم إجراء قياسات منتظمة للمد والجزر في الموانئ في جميع أنحاء العالم، وذلك لمعرفة مقدار التغير في مستوى سطح البحر، وتظهر المعلومات التي تم جمعها أنه منذ عام 1850، ارتفع مستوى سطح البحر بمقدار 20 سم حول العالم[3].

لماذا يتغير ارتفاع مستوي سطح البحر؟

يرتبط التغيير في ارتفاع مستوي سطح البحر بثلاثة عوامل أساسية، وكلها ناتجة عن تغير المناخ وهي كالتالي:

1- التمدد الحراري

عندما ترتفع درجة حرارة الماء في البحار والمحيطات فإنه يتمدد. ويُعزى الارتفاع المستمر في مستوي سطح البحر خلال الـ 25 عامًا الماضية إلى احتلال المحيطات الأكثر دفئًا مساحة أكبر.

2- ذوبان الأنهار الجليدية

خلال فترات الصيف تذوب القليل من التكوينات الجليدية الكبيرة كالأنهار الجليدية بشكل طبيعي. لكن في الآونة الأخيرة، أدى الارتفاع المستمر في درجات الحرارة الناتج عن الاحتباس الحراري إلى ذوبان أكبر من المتوسط. إضافة إلى أن تأخر فصول الشتاء يؤدي إلى تساقط كميات أقل من الثلج، وبالتالي تحدث حالة من عدم التوازن ويرتفع مستوي سطح البحر في النهاية.

3- فقدان الصفائح الجليدية في جرينلاند وأنتاركتيكا

كما هو الحال مع الأنهار الجليدية الجبلية، فإن الزيادة في درجات الحرارة تتسبب في ذوبان الصفائح الجليدية الضخمة التي تغطي جرينلاند والقارة القطبية الجنوبية بسرعات أكبر، ويعتقد العلماء أن المياه الذائبة من أعلى الصفائح الجليدية ومياه البحر المتسربة تحتها، من الممكن أن تعمل على تزييت مجاري الجليد ويتسبب في تحركها بسرعة أكبر في البحر.[4]

إلى أي مدى يمكن أن يرتفع مستوى سطح البحر؟

بسبب الاحتباس الحراري، فإن التمدد الحراري للمحيطات وذوبان الأنهار الجليدية سيلعبان دورًا في ارتفاع مستوى سطح البحر في المستقبل. وتأتي أكبر مساهمة ممكنة في ارتفاع مستوى سطح البحر من الصفائح الجليدية الكبيرة الموجودة في جرينلاند وغرب وشرق أنتاركتيكا. إذا ذابت هذه الصفائح الجليدية تمامًا، فسيرتفع مستوى المحيطات حوالي 7 أمتار في جرينلاند، و 5 أمتار في غرب أنتاركتيكا، و 53 مترًا في شرق أنتاركتيكا.

هل تغير مستوى سطح البحر في الماضي؟

لقد تغير مستوى سطح البحر بشكل طبيعي في الماضي. ويرجع ذلك في الغالب إلى نمو وذوبان الصفائح الجليدية الكبيرة خلال العصور الجليدية قبل نحو 20 الف عام. خلال ذروة العصر الجليدي الأخير كان مستوي سطح البحر أقل بحوالي 120 مترًا مما هو عليه اليوم. لكن حدثت عدة نوبات من الارتفاع السريع في مستوي سطح البحر. فمنذ حوالي 14 ألف عام قفز معدل ارتفاع مستوي سطح البحر بمقدار 3 سم بسبب ذوبان الغطاء الجليدي الذي أحدثه تغير المناخ في ذلك الوقت. كما أن الفترة ما بين العصور الجليدية شهدت ارتفاع في مستوي سطح البحر بما لا يقل عن 6 أمتار مما هو عليه اليوم.

كيف سيتغير مستوى سطح البحر في المستقبل؟

بسبب الارتفاع المستمر في درجات الحرارة الناتجة عن الاحتباس الحراري، فإن العلماء على يقين تام من أن مستوى سطح البحر سيستمر في الارتفاع خلال العقود القادمة، حيث ستذوب الأنهار والصفائح الجليدية.[5].

ووفقًا لتقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ فإنه من المتوقع أن يرتفع منسوب مياه المحيطات بمقدار من 26 إلي 77 سم بحلول عام 2100[6]. وأشارت نتائج إحدي الأبحاث إلى التسارع في ارتفاع مستوي سطح البحر، ومن المتوقع أن يرتفع بمقدار قدم واحدة بحلول عام 2050.[7]

الآثار

للزيادة المستمرة في مستوي سطح البحر آثار مدمرة، ففي المدن الساحلية يمكن أن يؤدي ارتفاع مستوي سطح البحر إلي زيادة وقوع الأعاصير والعواصف. ووجدت إحدي الدراسات أنه بين عامي 1963 و 2012 ، كانت الأعاصير السبب في فقدان ما يقرب من نصف الوفيات. كما أن الفيضانات تجبر الذين يعيشون في مناطق ساحلية منخفضة على الهجرة إلى مناطق مرتفعة.[8]   

وفي المناطق الزراعية الموجودة بالقرب من الساحل، يمكن أن تؤدي الفيضانات البحرية إلى تلويث التربة بالملح، مما يجعلها أقل قدرة على إنتاج ونمو المحاصيل. في بعض الأحيان قد تختلط المياه المالحة بالمياه العذبة وبالتالي تقل كميات المياه الصالحة للشرب.[9]

التكيف مع التهديد

نتيجة لهذه المخاطر، تخطط العديد من المدن الساحلية لوضع تدابير من شأنها التكيف مع التوقعات طويلة الآجل لارتفاع مستوي سطح البحر. والتي غالبًا ما تكون بناء جدران بحرية وحواجز، أو زراعة أشجار المانغروف أو غيرها من النباتات لامتصاص المياه. ففي جاكرتا على سبيل المثال سيهدف مشروع لحماية المدينة على بناء جدار بحري يبلغ ارتفاعه 80 قدمًا، بقيمة 40 مليار دولار.

ويشير العلماء إلى أن المدى الذي تعمل فيه البلدان معًا للحد من إطلاق المزيد من غازات الدفيئة قد يكون له تأثير كبير على سرعة ارتفاع البحار ومقدارها.[10]

المراجع

(1),(9),(5)(3)frontiersin
(2)climate
(4),(10)(8)nationalgeographic
(6)ipcc
(7)noaa

كيف يؤثر تغير المناخ على الشعاب المرجانية؟

هذه المقالة هي الجزء 11 من 18 في سلسلة مقدمة في تغيرات المناخ وتأثيراتها البيئية

تعد الشعاب المرجانية جزءًا لا يتجرأ من البحار والمحيطات. إنها توفر الغذاء وسبل العيش، وتقلل من مخاطر العواصف والفيضانات، وتجذب السياح إلى أكثر من 100 دولة وإقليم. على الرغم من أنها لا تشغل سوى 0.01٪ من قاع المحيط، إلا أنها تعد ملاذًا أمنًا لعددًا لا يحصي من الأسماك. لكن بفعل الصيد غير المشروع وتغير المناخ أصبحت تواجه العديد من التهديدات المحلية والعالمية الخطيرة. وبدون اتخاذ إجراءات فورية لحمايتها، فمن الممكن أن تكون أكثر عرضة للتلف، وتقل أعدادها في النهاية.

ما هي الشعاب المرجانية؟

الشعاب المرجانية هي عبارة عن هياكل تتكون بفعل إفراز المستعمرات المرجانية لكربونات الكالسيوم التي تتراكم وتشكل الهياكل متعددة الأشكال والأحجام. تعد المستعمرات المرجانية مدنًا نابضة بالحياة لأكثر من 4 آلاف نوع من الأسماك، ولآلاف الأنواع الأخري من اللافقاريات.[1]

تأثير التغيرات المناخية على الشعاب المرجانية

عانت الشعاب المرجانية في جميع أنحاء العالم من أحداث التبييض الجماعي لمدة ثلاث سنوات متتالية. ففي الولايات المتحدة الأمريكية على سبيل المثال شهدت الشعاب المرجانية الموجودة في جزر هاواي آثار مدمرة، كما أدي إبيضاض الشعاب المرجانية الذي حدث في عامي 2016 و 2017  إلى تدمير حوالي 50٪ من الشعاب المرجانية.[2]

مع ارتفاع درجات الحرارة، تزداد أحداث تبيض المرجان، كما أن زيادة غاز ثاني أكسيد الكربون الممتص من الغلاف الجوي يعمل على تغيير كيمياء البحر من خلال انخفاض درجة الحموضة، فيما يعرف باسم تحمض المحيطات، وبالتالي تقل معدلات بناء الشعاب المرجانية.[3]

عندما تتغير درجة الحرارة، يطرد المرجان الطحالب التكافلية التي تعيش في أنسجتها، وهي المسؤولة عن لونها. من الممكن أن يؤدي ارتفاع درجة حرارة المحيطات من 1 إلى 2 درجة مئوية على مدى عدة أسابيع إلى أحداث التبييض وتحويل المرجان إلى اللون الأبيض، والتي غالبًا ما تؤدي إلى موت كميات كبيرة من الشعاب المرجانية.

إذا استمرت درجات الحرارة في الارتفاع، فإن أحداث التبييض ستزداد شدتها. وبالتالي لا يمكن للشعاب المرجانية البقاء على قيد الحياة.[4]، فوفقًا لنتائج إحدي الدراسات فإن الاحتباس الحراري تسبب في فقد حوالي 14% من الشعاب المرجانية خلال عقد من الزمن، وسيتم القضاء على المزيد إذ استمرت درجة حرارة المحيطات في الارتفاع.[5]

ما هي التهديدات الرئيسة للشعاب المرجانية؟

تتعرض الشعاب المرجانية للعديد من التهديدات المحلية والعالمية، بما في ذلك الصيد الجائر، والتلوث البحري، وزيادة حرارة المحيطات وتحمضها وهي كالتالي:

1-الصيد الجائر

هو التهديد المحلي الأكثر انتشارًا للشعاب المرجانية. فيمكن للسفن إتلاف الشعاب المرجانية، كما أن تصريف المواد الضارة يمكن أن يعطل النظام البيئي. ويعمل الصيد الجائر على إزالة الأسماك العاشبة التي تتحكم في نمو الطحالب الكبيرة على الشعاب المرجانية.

2- ارتفاع درجة حرارة المحيطات بسبب تغير المناخ  

يعد ارتفاع درجة حرارة المحيطات بسبب تغير المناخ تهديدًا سريع النمو. يمكن أن يتسبب ارتفاع درجة حرارة المحيط في طرد الشعاب المرجانية لطحالبها الملونة وهي عملية تعرف باسم تبيض المرجان. تموت الشعاب المرجانية في النهاية إذا لم تعود الطحالب التكافلية، أو إذا لم يكن هناك وقت كافٍ بين التبييض لاستعادة الشعاب المرجانية أو إذا أعاقت التهديدات الأخرى تعافيها. 

3- تحمض المحيطات

تؤدي الزيادة في كمية غاز ثاني أكسيد الكربون في مياه البحر إلى تحمض المحيطات. وهذا يعمل على تقليل معدل الأراجونيت (وهو معدن تحتاجه الشعاب المرجانية لبناء هياكلها العظمية). يؤدي نقص الأراجونيت إلى إبطاء عملية نمو المرجان، بالإضافة إلى إنتاج هياكل أضعف وأقل كثافة مما يجعلها أكثر عرضة للتآكل والضرر. وخلال القرن الماضي انخفضت مستويات الأراجونيت. ومن المتوقع أن يستمر هذا الاتجاه خلال القرن المقبل في ظل زيادة انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون.

أهميتها

تشير التقديرات إلى أن الشعاب المرجانية تدعم بشكل مباشر أكثر من 500 مليون شخص في جميع أنحاء  العالم، والذين يعتمدون عليها في حياتهم اليومية. وقدر التقييم الذي نشرته مجلة Global Environmental Changeالقيمة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية للشعاب المرجانية بنحو تريليون دولار أمريكي، وتشير دراسة أجراها الصندوق العالمي للطبيعة في عام 2015 إلى أن خسارة الشعاب المرجانية المرتبطة بالمناخ ستكلف حوالي 500 مليار دولار سنويًا بحلول عام 2100.  

وتعد الشعاب المرجانية  مؤشرات رئيسة لصحة النظام الإيكولوجي العالمي. وهي بمثابة علامة تحذير مبكر لما قد يحدث للأنظمة الأخرى الأقل حساسية.إذا لم يتم التعامل مع أزمة المناخ بشكل عاجل، فمن الممكن أن تتدهور الأنظمة الأيكولوجية بشكل لا رجعة فيه.

التوقعات الحالية للشعاب المرجانية

لسوء الحظ  لا توجد إجابة كافية عن حال الشعاب المرجانية حول العالم، حيث يختلف مدي الضرر الذي لحق بها من مكان لأخر، ومع ذلك فمن المحتمل أن يتدهور ما يقرب من نصف الشعاب المرجانية في العالم بسبب تغير المناخ والتلوث والصيد الجائر.

ووفقًا لتقرير حديث صادر عن الشبكة العالمية لرصد الشعاب المرجانية، والذي اعتمد على بيانات من 35 ألف مسح للشعاب المرجانية جمعت من73 دولة على مدار الأربعين عامًا الماضية، أكدت النتائج أن أحداث التبييض المرجاني أدت إلي فقد حوالي 8% من الغطاء المرجاني على مستوي العالم.

بحلول عام 2030، من المتوقع أن تتعرض معظم الشعاب المرجانية لأحداث تبييض المرجان مرتين على الأقل كل عقد، وربما كل عام بحلول عام 204

ما الذي يجب علينا فعله لحمايتها

لا يوجد حل واحد لإنقاذ الشعاب المرجانية ، ولكن يجب اتخاذ العديد من الإجراءات، فعلى المستوى المحلي، يمكن معالجة التهديدات التي تتعرض لها الشعاب المرجانية من خلال إدارة مصايد الأسماك بشكل مستدام، والقضاء على الصيد الجائر ومعالجة جميع مصادر التلوث.

على المستوى العالمي، تعتبر الجهود المبذولة للحفاظ على معدل الزيادة في درجات الحرارة بمقدار 1.5 درجة مئوية أمرًا بالغ الأهمية لتقليل مخاطر تبييض المرجان وتحمضه، وأخيرًا يمكن أن تساعد الإجراءات صانعي السياسات الإقليميين والقادة العالميين على اتخاذ قرارات مستنيرة والتي تعد أملًا جديدًا لحماية الشعاب المرجانية.[6]

المراجع

(1),(6) weforum
(4),(2)iucn
(3)noaa
(5)dw
image source : dailynewsegypt

كيف يساهم الحد من هدر الطعام في حل مشكلة المناخ؟

هذه المقالة هي الجزء 16 من 18 في سلسلة مقدمة في تغيرات المناخ وتأثيراتها البيئية

أكثر من ثلث الطعام الذي يتم إنتاجه على كوكبنا لا يصل أبدًا إلى طاولة الطعام، فإما أن يفسد ويتلف أثناء التنقل، وإما أن يتم التخلص منه من قبل المستهلكين الذين يشترون عادة أكثر من اللازم ويتخلصون من الفائض.[1] وتجدر الإشارة إلى أنه في كل مرة ترمي فيها بقايا الطعام فأنت تتسبب في إطلاق المزيد من غازات الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي.[2]

ماذا نعني بمصطلح هدر الطعام؟

 وفقًا لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة، يعرف هدر الطعام بأنه الانخفاض في كمية أو جودة الطعام الناتج، وذلك طبقًا للقرارات والإجراءات التي يتخذها تجار التجزئة ومقدمو خدمات الأغذية والمستهلكون.[3]

وتشير التقديرات إلى أنه من المحتمل أن تحتل نفايات الطعام المصدر الثالث من المصادر المسببة للاحتباس الحراري بعد الولايات المتحدة والصين. ووفقًا لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة، فإن الزراعة تساهم في ثلث انبعاثات غازات الاحتباس الحراري على مستوى العالم، كما أننا نهدر ما يقدر بنحو 30٪ من الأغذية التي ننتجها أى حوالي 1.8 مليار طن.

تختلف نسبة إهدار الطعام من مكان لأخر، ففي البلدان منخفضة الدخل، يُهدر حوالي 40٪ من الطعام بعد حصاده وقبل وصوله إلى المنازل. لكن في البلدان ذات الدخل المتوسط والمرتفع، يتحمل المستهلكون الجزء الأكبر من اللوم. وتشير التقديرات إلى أن الأسر مسؤولة عن إهدار حوالى 53٪ من الطعام في أوروبا، و 47٪ في كندا.[4]

كيف يؤثر هدر الطعام على تغير المناخ

 وجدت الدراسات أن ثلث طعام العالم ينتهي به المطاف في القمامة قبل أن يصل حتى إلى موائد المستهلكين. وأكد تقرير منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) لعام 2011 أن مخلفات الطعام وحدها مسؤولة عن حوالي 10٪ من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري المسؤولة عن ارتفاع درجة حرارة سطح الأرض.

تمثل مخلفات الطعام حوالي 6٪ من إجمالي انبعاثات غازات الاحتباس الحراري. تطلق المادة العضوية المتعفنة في مكب النفايات غاز الميثان، وهو غاز دفيئة أقوى عدة مرات من غازثاني أكسيد الكربون[5].

ووفقًا لإحدي الدراسات التي أجريت عام 2020، فإن المواطن الأمريكي العادي ينفق حوالي 1300 دولار سنويًا على طعام لا يؤكل، وهذا أكثر من متوسط الإنفاق السنوي على الملابس والبنزين والتدفئة المنزلية والكهرباء.[6]

كما وجدت دراسة أخري  أن الخضروات الطازجة تمثل حوالي 25٪ من نفايات الطعام المنزلية الصالحة للأكل في المملكة المتحدة، لكنها لا تمثل سوى 12٪ من إجمالي انبعاثات غازات الاحتباس الحراري الناتجة عن الطعام المهدر، بينما تشكل نسبة النفايات من اللحوم والأسماك حوالي 8٪، أى نسبة 19٪ من الانبعاثات.[7]

ومع ذلك ليس من السهل تحديد كمية الطعام التي نهدرها، ولمعرفة ذلك قام مجموعة من الباحثين بإجراء دراسة في كندا، تضمنت التنقيب في  القمامة التي تولدها 94 عائلة تعيش في جيلف، والتي قاموا من خلالها بتصنيف الطعام الذي وجدوه بناءً على مدى صلاحيته للأكل وكميته، واكتشفوا أن كل عائلة تتخلص من حوالي 3 كجم من نفايات الطعام كل أسبوع، أي ما يعادل حوالي 23.3 كجم من انبعاثات الكربون.[8]

ويشير تقرير صادر عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ إلى أن فقد الأغذية وهدرها تسبب في إطلاق حوالي 8 و 10٪ من إجمالى انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في الفترة ما بين عامي 2010-2016.[9]

ماذا وراء النفايات؟

قد يتساءل البعض ما الفرق بين فقد الطعام وهدره؟، ولكن دعونا نقول بأنه كلما زاد ثراء الأمة، ارتفع معدل نفايات الفرد. من ناحية أخرى، تحدث الخسارة في الغالب في مقدمة السلسلة الغذائية – أثناء الإنتاج وما بعد الحصاد والمعالجة – وهي أقل انتشارًا في الدول الصناعية الكبري عنها في الدول النامية،[10] وبشكل عام توجد العديد من المشكلات التي يسببها هدر الطعام وهي:

1- التكلفة البيئية

ليس من المستغرب أن يتسبب تغير المناخ الناجم عن هدر الطعام في تكلفة بيئية ضخمة. عندما نهدر الطعام، فإننا نهدر أيضًا جميع الموارد التي استخدمت لإنتاجه، كالطاقة والوقود والمياه [11]، ووفقًا لإحدي الدراسات فإن الطاقة التي تدخل في إنتاج وحصاد ونقل وتعبئة تلك الأطعمة المهدرة، تساهم في تولد أكثر من 3.3 مليار طن متري من غاز ثاني أكسيد الكربون.[12]

2-انخفاض الغلة

هناك تأثير واضح لتغير المناخ على نظامنا الزراعي، وتوجد العديد من العوامل التي تؤثر على الإنتاجية الزراعية ويمكن تقسيمها إلى ثلاث فئات أساسية وهي: 1- العوامل التكنولوجية: كالقرارات الإدارية والممارسات الزراعية.

 2- العوامل البيولوجية: كالأمراض والآفات.

3- العوامل البيئية: كخصوبة التربة والظروف المناخية وجودة المياه.

لذا فإن تغير المناخ الناجم عن هدر الطعام يؤثر أيضًا على حجم ونوعية الغذاء الذي يتم إنتاجه، فعلى سبيل المثال يمكن أن تؤدي حالات الجفاف التي تعقبها أمطار غزيرة إلى زيادة احتمالية حدوث الفيضانات، والتي يمكن أن تكون عاملًا لانتشار الفطريات في الجذور والأوراق. ففي عصر تغير المناخ تعد محاولة الحفاظ على التوازن ما بين إنتاج الغذاء والبيئة أمرًا صعبًا.

3- فقدان القيمة الغذائية

وجدت العديد من الأبحاث الزراعية أن أهم أغذيتنا انخفضت قيمتها الغذائية لبعض الوقت، فقد أظهرت الدراسات التي أجريت على الخضار والفاكهة أن المعادن والبروتينات والفيتامينات قد انخفضت بشكل ملموس خلال السبعين سنة الماضية، والتي أرجعهوها إلى اختيار البعض للمحاصيل بناءً على قدرتها على إنتاج غلات أعلى، بدلاً من القيمة الغذائية.

وبصرف النظر عن تغير المناخ الناجم عن هدر الطعام، فإن أشكال التلوث الاخري تلعب دورًا مباشرًا في التأثير على القيمة الغذائية للمحاصيل التي ننتجها، كما أن غازات الدفيئة تلعب دورًا في التأثير على الطعام الذي نتناوله.[13]

كيف يمكننا الحد من هدر الطعام؟

يعتبر الحد من هدر الطعام مبادرة لا تكلفنا الكثير، ويمكن تقليل ما يقرب من 6٪ -8٪ من إجمالي انبعاثات غازات الاحتباس الحراري التي يسببها الإنسان إذا توقفنا عن إهدار الطعام. ويمكننا تنفيذ العديد السياسات المساعدة بما لا تضر بمعيشة الأفراد، ففي ولاية فيرمونت على سبيل المثال تم تنفيذ قانون لإعادة التدوير في عام 2012، وتم منع مولدات النفايات الكبيرة من التخلص من الأطعمة غير المأكولة، كما شهدت بنوك الطعام الحكومية زيادة في التبرعات ثلاثة أضعاف بعد تطبيق هذا القانون.[13]

وعلى مستوي التوزيع يمكننا استخدام تقنيات فعالة وبأسعار معقولة لتتبع ومراقبة الأغذية أثناء النقل لضمان الحفاظ عليها ولمنع تلفها كوحدات التبريد والتقنيات الموفرة للطاقة التي تعمل على تقليل الآثر البيئي.[14]

المراجع

(1)nationalgeographic
 (2), (8),(4)bbc
(3)fao
(5),(11),(13)earth
(6)nutritionj
(7)frontiersin
(9)ipcc
 (14),(10)nationalgeographic
(12)fao
image source: theneweconomy

ما هي التغيرات المناخية؟

هذه المقالة هي الجزء 5 من 18 في سلسلة مقدمة في تغيرات المناخ وتأثيراتها البيئية

من حرائق الغابات الشديدة في كاليفورنيا، إلى فترات الجفاف الطويلة في أفريقيا، مرورًا بالأعاصير المتكررة في جنوب شرق آسيا، تهديدات عانت منها الكثير من دول العالم جراء الآثار السلبية للتغيرات المناخية، التي أصبحت تهدد التقدم الإنمائي، وتزيد من فرص عدم المساواة، وتفاقم أزمة المياه والغذاء، وتزيد من أعداد النزوح والحاجة إلى المساعدات الإنسانية، والمساهمة في الصراع.[1]

ماذا نعني بتغير المناخ؟

يشير مصطلح تغير المناخ إلى التحولات طويلة الأمد في درجات الحرارة وأنماط الطقس. قد تكون هذه التحولات طبيعية، كالتغيرات في الدورة الشمسية. أوتكون غير طبيعية كالأنشطة البشرية التي أحدثها الإنسان منذ بداية القرن التاسع عشر بما في ذلك حرق الوقود الأحفوري كالفحم والنفط والغاز،والتي كانت المحرك الأساسي لتغير المناخ.[2]

هل الإنسان هو المسؤول عن تغير المناخ؟

درس العلماء التغيرات المناخية السابقة لفهم العوامل التي يمكن أن تتسبب في ارتفاع درجة حرارة سطح الكوكب أو تبريده، كالتغيرات في الطاقة الشمسية، ودوران المحيطات، والنشاط البركاني، وكمية غازات الدفيئة في الغلاف الجوي. وقد لعب كل منهم دورًا في تغير المناخ. فمنذ حوالي 300 عام على سبيل المثال أدي انخفاض إنتاج الطاقة الشمسية وزيادة النشاط البركاني إلى تبريد أجزاء من الكوكب. وقبل 56 مليون سنة أدي انفجار ضخم لنشاط بركاني، إلى إطلاق كميات هائلة من غازات الدفيئة وبالتالي ارتفعت درجة حرارة سطح الكوكب. مما أدي إلى اضطراب المناخ. 

في محاولة لتحديد سبب التغيرات المناخية الحالية، نظر العلماء في كل هذه العوامل(الطاقة الشمسية، ودوران المحيطات، والنشاط البركاني). والتي كانت لها تأثيرات متواضعة على المناخ لا سيما قبل عام 1950. وأفضل تفسير للاحترار الحالي هو ارتفاع تركيزات غازات الدفيئة في الغلاف الجوي بفعل الأنشطة البشرية.

وتظهر فقاعات الهواء القديمة المحجوزة في الجليد أنه قبل عام 1750، كان تركيز غاز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي يبلغ حوالي 280 جزءًا في المليون. وقد بدأت هذه النسبة في الارتفاع حتي وصلت إلى 300 جزء في المليون عام 1900. ثم تسارعت وتيرة كميات غاز ثاني أكسيد الكربون بعد أن أصبحت السيارات والكهرباء جزءًا من الحياة الحديثة، حيث تجاوزت 420 جزءًا في المليون.

غازات الدفيئة وارتفاع درجة حرارة سطح الأرض

تلعب غازات الدفيئة مثل بخار الماء وثاني أكسيد الكربون دورًا مهمًا في نظام المناخ. فبدونها ستكون الأرض شديدة البرودة. وتعمل غازات الدفيئة على امتصاص بعضًا من الأشعة تحت الحمراء، ثم تعيد إطلاقها في جميع الاتجاهات مما يعمل على تسخين الكوكب.

في الماضي تغيرت تركيزات غازات الدفيئة في الغلاف الجوي بما في ذلك غاز ثاني أكسيد الكربون اعتمادًا على كمية البراكين الغازية التي تجشأت في الهواء. ومع ذلك في وقتنا الحالي تزداد كميات غاز ثاني أكسيد الكربون بوتيرة غير مسبوقة نتيجة لحرق الوقود الأحفوري.

لماذا نشعر بالقلق من ارتفاع درجة حرارة سطح الكوكب بمقدار درجتين؟

أحد المصادر الشائعة للارتباك عندما يتعلق الأمر بتغير المناخ هو الفرق بين الطقس والمناخ. فالطقس هو الحالة اليومية للأرصاد الجوية المتغيرة التي نواجهها باستمرار. بينما المناخ هو المتوسط طويل الأجل لتلك الظروف، وعادة ما يتم حسابه على مدى 30 عامًا. أو كما يقول البعض: الطقس هو مزاجك والمناخ هو شخصيتك.

لذا فإن ارتفاع درجة حرارة سطح الكوكب بمقدار درجتين فهرنهايت لا يمثلان تغيرًا كبيرًا في الطقس. إلا أنه سيسبب تفاقم حدة المناخ، والذي يكفي لإذابة الجليد ورفع مستوي سطح البحر، وتغيير أنماط هطول الأمطار وتدمير الأشجار.

كيف يمكن أن تصبح فصول الشتاء أكثر برودة إذا كان الكوكب أكثر سخونة؟

ليس من المستغرب أننا ما زلنا نعاني من عواصف شتوية شديدة حتى مع ارتفاع متوسط درجات الحرارة. ومع ذلك تشير بعض الدراسات إلى أن تغير المناخ قد يكون السبب. أحد الاحتمالات هو أن الاحترار السريع في القطب الشمالي قد أثر على دوران الغلاف الجوي، بما في ذلك الهواء سريع التدفق والارتفاعات  العالية، وتشير بعض الدراسات إلى أن هذه التغييرات تؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة الباردة إلى خطوط العرض المنخفضة وتتسبب في توقف أنظمة الطقس، مما يسمح بإحداث المزيد من العواصف و تساقط الثلوج .[3]

آثار تغير المناخ العالمي

وفقًا لتقرير المخاطر العالمية لعام 2021 الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، فإن الفشل في التخفيف من حدة التغيرات المناخية والتكيف معها هو الخطر “الأكثر تأثيرًا” الذي يواجه المجتمعات في جميع أنحاء العالم، وتوجد العديد من التأثيرات التي يحدثها التغير المناخي والتي منها[4]:

الطقس القاسي

 تشير الدراسات إلى أن فترات الاحترار بسبب التغيرات المناخية ازدادت بمعدل خمس مرات أكثر مما كانت عليه من قبل. وتؤدي درجات الحرارة الشديدة إلى زيادة في حالات الوفيات وخاصة بين كبار السن، ففي صيف 2003 على سبيل المثال تسببت موجة الحر في وفاة ما يقدر بنحو 70ألف حالة في جميع أنحاء أوروبا، كما أدى تغير المناخ إلى تفاقم حالات الجفاف، عن طريق زيادة التبخر، وإلى زيادة هطول الأمطار الغزيرة والفيضانات.[5]

المخاطر الصحية

وفقًا لإحدي التقاريرالصادرة عن منظمة الصحة العالمية، فإنه من المتوقع أن يتسبب تغير المناخ في حدوث ما يقرب من 250 ألف حالة وفاة سنويًا، وذلك بين عامي 2030 و 2050. ومع ارتفاع درجات الحرارة العالمية، ترتفع معدلات الإصابة بالأمراض الناجمة عن الإجهاد الحراري كأمراض القلب والأوعية الدموية والكلى،  ومع تفاقم تلوث الهواء، تزداد صحة الجهاز التنفسي سوءًا، ويمكن أن تؤدي الأحداث المناخية المتطرفة، كالعواصف والفيضانات، إلى تلوث مياه الشرب، وإلى تعرض البنية التحتية الأساسية للخطر.

ارتفاع منسوب سطح البحر

ترتفع درجة حرارة القطب الشمالي بمعدل أسرع مرتين من أي مكان آخر على هذا الكوكب. ومع ذوبان الصفائح الجليدية، فإن محيطاتنا في طريقها للارتفاع في أي مكان على سطح الكوكب، بمقدار 0.95 إلى 3.61 قدم بحلول نهاية هذا القرن، مما يهدد النظم البيئية الساحلية والمناطق المنخفضة.

محيطات أكثر دفئًا وحموضة

تمتص محيطات الأرض ما بين ربع وثلث انبعاثات الوقود الأحفوري، وهي الآن أكثر حمضية بنسبة 30% مما كانت عليه في أوقات ما قبل الصناعة. ويشكل هذا تهديدًا خطيرًا للحياة تحت الماء. كما أن ارتفاع درجة حرارة المحيطات تساهم في أحداث تبيض المرجان القادرة على قتل الشعاب المرجانية بأكملها.[6]

إجراءات لمواجهة أزمة تغير المناخ

إحدى الحجج الأكثر شيوعًا ضد اتخاذ إجراءات صارمة لمكافحة تغير المناخ هي أن القيام بذلك سيقتل الوظائف ويشل الاقتصاد. لكن في الحقيقة عدم اتخاذ إجراءات صارمة لمواجهة أزمة المناخ يسبب معاناة بشرية هائلة وضررًا بيئيًا. في حين أن الانتقال إلى اقتصاد أكثر اخضرارًا سيفيد الكثير من الناس والنظم البيئية في جميع أنحاء العالم.

للحفاظ على  درجة حرارة سطح الكوكب أقل من درجتين مئويتين، وهو هدف اتفاقية باريس للمناخ، فإنه يتعين علينا الوصول إلى صفر انبعاثات بحلول منتصف هذا القرن.[7]

ووجدت إحدى الدراسات أن ارتفاع درجة الحرارة بمقدار درجتين مئويتين سيتطلب استثمارًا إجماليًا يتراوح بين 4 تريليون دولار و 60 تريليون دولار[8]، نتيجة لذلك يصعب تحديد الأضرار المناخية. وتقدر وكالة موديز أناليتيكس أن ارتفاع درجات الحرارة بمقدار درجتين مئويتين سيكلف العالم 69 تريليون دولار بحلول عام 2100. [9]

وتشير الدراسات إلى أن تغير المناخ قد أدى إلى انخفاض الدخل في البلدان الفقيرة بنسبة تصل إلى 30%. وخفض الإنتاجية الزراعية العالمية بنسبة 21% منذ عام 1961.[10]

التكيف مع العواقب المناخية يحمي الناس والمنازل وسبل العيش والبنية التحتية والنظم البيئية الطبيعية، وبالتالي سيؤدي تحويل أنظمة الطاقة من الوقود الأحفوري إلى مصادر الطاقة المتجددة كالطاقة الشمسية والرياح إلى تقليل الانبعاثات التي تؤدي إلى تغير المناخ، كما أنه من الضروري خفض إنتاج الوقود الأحفوري بنسبة 6% بحلول عام 2030.[11]

المصادر

(1)usaid

(2),(11)un

(3),(5),(7)nytimes

(4),(6)nrdc

(8)nature

(9)moodysanalytics

(10)nature

Image source: voicesofyouth

كيف يؤثر الاحتباس الحراري على كوكب الأرض؟

هذه المقالة هي الجزء 6 من 18 في سلسلة مقدمة في تغيرات المناخ وتأثيراتها البيئية

ذوبان الأنهار الجليدية، ارتفاع مستوي سطح البحر، حرائق الغابات، ظواهر متطرفة أحدثها التغير المناخي بفعل غازات الاحتباس الحراري. قد يعتقد البعض أن التغيرات المناخية  قد تشتمل على ارتفاع درجات الحرارة فحسب. بل الحقيقية أنه توجد مجموعة من التأثيرات الأخري الآخذة في الظهور بفعل استمرار البشر في زيادة كميات غازات الدفيئة المسببة للاحتباس الحراري في الغلاف الجوي. مما أدي إلى تغيير إيقاعات المناخ وبالتالى التأثير على نمط الحياة للكائنات الحية.[1].

ما المقصود بالإحتباس الحراري؟

يعرف الاحتباس الحراري بأنه ارتفاع درجة حرارة سطح الأرض عن الحد الطبيعي، نتيجة احتجاز كميات كبيرة من حرارة الشمس التي يمكن أن تتسرب إلى الفضاء، بفعل غازات الدفيئة.[2]

وتغير المناخ هو المصطلح الذي يستخدمه العلماء لوصف التحولات المعقدة في مناخ الأرض، التي تؤثر على أنظمة المناخ والطقس. في عام 1896 ربط العالم السويدي سفانتي أرهينيوس ما بين ارتفاع درجات الحرارة والزيادة في كمية غاز ثاني أكسيد الكربون الناتج عن حرق الوقود الأحفوري.[3]

غازات الاحتباس الحراري وتأثيرها على توازن طاقة الأرض والمناخ

تعمل الشمس كمصدر أساسي للطاقة لمناخ الأرض.  بعض طاقة الشمس الواردة إلينا تنعكس  مباشرة إلى الفضاء عن طريق الأسطح اللامعة كالجليد، والباقي يمتصه السطح. يُعاد انبعاث الكثير من هذه الطاقة الشمسية الممتصة على شكل حرارة. أي اضطراب في هذا التوازن للطاقة الواردة والصادرة سيؤثر على المناخ.

إذا مرت كل الطاقة الحرارية المنبعثة من السطح عبر الغلاف الجوي إلى الفضاء، فإن متوسط درجة حرارة سطح الأرض سيكون أبرد عشرات الدرجات مما هو عليه اليوم. تعمل غازات الدفيئة في الغلاف الجوي، بما في ذلك بخار الماء وثاني أكسيد الكربون والميثان وأكسيد النيتروز، على جعل السطح أكثر دفئًا من ذلك. لأنها تمتص وتبعث الطاقة الحرارية في جميع الاتجاهات مما يحافظ على درجة حرارة سطح الأرض وجعلها أكثر دفئًأ.[4]

التأثير الطبيعي للاحتباس الحراري هو ما يحافظ على مناخ الأرض  صالحًا للعيش. فبدونه سيكون سطح الأرض أبرد بحوالي 60 درجة فهرنهايت (33 درجة مئوية) في المتوسط.[5]  لكن زيادة غازات الدفيئة في الغلاف الجوي تجعله أكثر فاعلية في منع الحرارة من الهروب إلى الفضاء، وبالتالى ترتفع درجة حرارة الارض.

كما تعمل غازات الدفيئة المنبعثة من الأنشطة البشرية على تغيير توازن طاقة الأرض وبالتالي مناخها.[6]

الغازات المسببة للاحتباس الحراري

1– غازثاني أكسيد الكربون

وهو غاز من غازات الدفيئة مسؤول عن حوالي ثلاثة أرباع الانبعاثات. والتي يمكن أن تبقي في الغلاف الجوي لآلاف السنين. فوفقًا لمرصد ” ماونا لوا” للغلاف الجوي في هاواي، وصلت مستويات غاز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي إلى حوالي 411 جزءًا في المليون وهو أعلى متوسط شهري تم تسجيله على الإطلاق وذلك في عام 2018.

تأتي غالبية انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون من حرق المواد العضوية كالفحم والنفط والغاز والخشب والنفايات الصلبة.  

2- الميثان

المكون الرئيسي للغاز الطبيعي، ويمثل حوالي 16% من جميع انبعاثات غازات الاحتباس الحراري. وتوجد أغلبية الانبعاثات الخاصة به في مدافن النفايات، والغاز الطبيعي والصناعات البترولية، والزراعة.

3- أكسيد النيتروز

تمثل انبعاثاته حوالى 6% من انبعاثات غازات الدفيئة العالمية. ووفقًا للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ فإنه عمره في الغلاف الجوي قد يتجاوز قرنًا من الزمن وذلك مقارنة بغازات الدفيئة الأخري. كما أنه أقوي من غاز ثاني أكسيد الكربون بنحو 264مرة.

تعتبرالزراعة والثروة الحيوانية، بما في ذلك الأسمدة وحرق المخلفات الزراعية، إلى جانب حرق الوقود الأحفوري، من أكبر مصادر انبعاثات غاز أكسيد النيتروز.

4- الغازات الصناعية

كالغازات المفلورة مثل الهيدروفلوروكربون، والمركبات الكربونية الفلورية المشبعة، وسداسي فلوريد الكبريت، وثلاثي فلوريد النيتروجين، ومركبات الكلوروفلوروكربون، كل هذه الغازات لديها إمكانية احتجاز الحرارة داخل الغلاف الجوي بنسبة أكبر من غاز ثاني أكسيد الكربون، وتبقي في الغلاف الجوي من مئات إلى آلاف السنين. وتمثل هذه الغازات  حوالي 2 % من جميع الانبعاثات، وهي تستخدم كمبردات ومذيبات وفي التصنيع.[7]

5- الأوزون: يتكون غاز الأوزون من خلال تفاعل كيميائي بين انبعاثات أكاسيد النيتروجين والمركبات العضوية المتطايرة من السيارات ومحطات الطاقة والمصادر الصناعية والتجارية الأخرى في وجود ضوء الشمس.

بالإضافة إلى أنه يعمل على احتجاز الحرارة على سطح الأرض،  فإنه يعتبر من الملوثات التي يمكن أن تسبب مشاكل صحية في الجهاز التنفسي وتضر بالمحاصيل والنظم البيئية.

6- بخار الماء

هو غاز آخر من غازات الدفيئة ويلعب دورًا رئيسًا في التغيرات المناخية بسبب قدرته على احتجاز الحرارة. يحتوي الهواء الأكثر دفئًا على رطوبة أكثر من الهواء البارد. لذلك مع زيادة تركيزات غازات الدفيئة وارتفاع درجات الحرارة العالمية. تزداد أيضًا الكمية الإجمالية لبخار الماء في الغلاف الجوي، مما يزيد من حدة الاحترار.[8]

من أين تأتي غازات الاحتباس الحراري؟

وفقًا للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، فإن النشاط الاقتصادي واستخدام الطاقة، وأنماط استخدام الأراضي والتكنولوجيا كلها عوامل مؤثرة وتؤدي إلى زيادة كمية غازات الدفيئة في الغلاف الجوي، وفيما يلي بعض مصادر انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.

إنتاج الكهرباء

وهي المسؤولة عن ربع انبعاثات غازات الدفيئة الموجودة في الغلاف الجوي. يستخدم الغاز والفحم لإنتاج الكهرباء، ولذا يعمل على إطلاق كميات من غاز ثاني أكسيد الكربون والميثان وأكسيد النيتروز، مما يسبب الاحتباس الحراري. فعلى سبيل المثال  بلغت نسبة الانبعاثات الناتجة عن إنتاج الكهرباء في الولايات المتحدة الأمريكية حوالي 27,5% وذلك في عام 2017.

 الزراعة واستخدام الأراضي

تبلغ نسبة الانبعاثات الناتجة عن أنشطة الانتاج الزراعي حوالي 25%، ففي الولايات المتحدة الأمريكية شكلت الأنشطة الزراعية حوالي 8,4% من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في عام 2017، وكانت الغالبية العظمي منها عبارة عن غاز الميثان وأكسيد النيتروز.

الصناعة والنقل

تساهم الصناعة بنحو خُمس الانبعاثات العالمية. كما أن حرق الوقود المشتق من البترول كالبنزين والديزل لتشغيل أنظمة النقل العام حول العالم يساهم بنحو 14% من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.   

المباني

تساهم بنحو 6.4% من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية. هذه الانبعاثات التي تتكون في الغالب من غازي ثاني أكسيد الكربون والميثان، تنبع بشكل أساسي من حرق الغاز الطبيعي، بالإضافة إلى أن المصادر الأخري كالصرف الصحي والنفايات تساهم في زيادة انبعاثات غازات الدفيئة.[9]

آثار غازات الاحتباس الحراري

لغازات الاحتباس الحراري آثار بيئية وصحية بعيدة المدى. فعلي المستوي البيئي تتسبب في حدوث العديد من الظواهر الجوية المتطرفة كالاحترار وحرائق الغابات.[10] وعلى المستوي الصحي تتسبب فى زيادة الأمراض الناجمة عن ارتفاع درجات الحرارة كأمراض القلب والجهاز التنفسي. ومع الزيادة المستمرة في درجات الحرارة ستتواجد المزيد من الأمراض و ستتضاعف أعداد الوفيات في كل من المناطق الحضرية والريفية.[11]

ما الذي يمكننا فعله للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري؟

يعد التحول إلى الطاقة المتجددة، والتخلص التدريجي من الفحم عناصر مهمة للحد من انبعاثات غازات الدفيئة. في نهاية المطاف، من الضروري وجود أهداف أقوى لخفض الانبعاثات للحفاظ على صحة الإنسان والبيئة على المدى الطويل.

ففي عام 2021، شهد مؤتمر الدول الأطراف المعني بتغير المناخ إطلاق معاهدة عالمية بين أكثر من 100 دولة الهدف منها هو خفض انبعاثات الميثان بنسبة 30% بحلول عام 2030.

من خلال اتخاذ خيارات ذات تأثيرات أقل ضررًا على البيئة، يمكن للجميع أن يكونوا جزءًا من الحل وأن يؤثروا في التغيير.[12]

المراجع

 (5),(1)nationalgeographic
(9), (2)nrdc
(10),(7),(3),nationalgeographic
 (6),(4)royalsociety
(8)epa
(11)climate
(12)news
image source: nrdc.

كيف يهدد التصحر الأمن الغذائي العالمي؟

هذه المقالة هي الجزء 8 من 18 في سلسلة مقدمة في تغيرات المناخ وتأثيراتها البيئية

“التحدي البيئي الأكبر في عصرنا” هكذا وُصِف التصحر الذي يعد مشكلة عالمية. على الرغم من أن المصطلح قد يعيد إلى الأذهان الكثبان الرملية التي تجتاحها الرياح في الصحراء، إلا أن المشكلة  تتجاوز أولئك الذين يعيشون في صحاري العالم وحولها، مما يهدد الأمن الغذائي وسبل عيش أكثر من ملياري شخص حول العالم.

 سوء إدارة الأراضي والاستخدام غير المستدام للمياه العذبة والتغيرات المناخية كل هذه العوامل أدت إلى تفاقم الأوضاع في المناطق التي تعاني من ندرة المياه حول العالم.[1]

تعريف التصحر

وفقًا لاتفاقية الأمم المتحدة لعام 1994 يعرف التصحر بأنه” تدهور الأراضي في المناطق القاحلة وشبه القاحلة والجافة شبه الرطبة، الناتج عن عوامل مختلفة بما في ذلك التغيرات المناخية والأنشطة البشرية.

تُعرف المناطق القاحلة وشبه القاحلة والجافة شبه الرطبة  باسم “الأراضي الجافة”. هذه المناطق تتلقي القليل نسبيًا من الأمطار أو الثلوج كل عام.[2]

أين يحدث التصحر؟

ينتشر خطر التصحر على نطاق واسع ويمتد إلى أكثر من 100 دولة، ويصيب بعض أفقر السكان وأكثرهم ضعفاً. ووفقًا لأطلس التصحر العالمي التابع للمفوضية الأوروبية، فإن أكثر من 75% من مساحة الأرض متدهورة بالفعل، ويمكن أن يتدهور أكثر من 90 % بحلول عام 2050.

  وتشير إحدي الدراسات إلى أنه من المحتمل أن تشهد منطقة البحر المتوسط تحولًا جذريًا مع ارتفاع درجات الحرارة بمقدار درجتين مئويتين. ووجدت دراسة أخري أن ارتفاع درجات الحرارة قد يؤدي إلى جفاف ما يصل إلى 30% من سطح الأرض.[3]

الأسباب المباشرة للتصحر

يمكن تقسيم الأسباب المباشرة للتصحر إلى الأسباب المتعلقة  بكيفية إدارة الأرض، وتلك المتعلقة بالمناخ. تشمل الأولي العديد من العوامل كالرعي الجائر والإفراط في زراعة المحاصيل، وسبل الري غير المناسبة،  بينما تشمل الثانية التقلبات المناخية والاحترار العالمي الناتج عن انبعاثات الدفيئة التى يسببها الإنسان.[4]

1-الرعي الجائر

يحدث التصحر عادة في المراعي، وغالبًا ما تبدًا عملية تلف التربة وفقدانها بسبب نشاط حيوانات الرعي. فوجودها بداخل الأراضي المزروعة يمكن أن يعوق نمو النباتات بشكل كبير، مع انخفاض الأنسجة القادرة على التمثيل الغذائي. وفي كثير من الأحيان يمكن أن تؤدي الحركة المتكررة لقطعان الماشية إلى ضغط التربة مما يعوق حركة نموالنباتات.

2- سبل الري غير المناسبة

السبب الرئيسي لانخفاض الإنتاجية الزراعية هو تراكم الأملاح في التربة.فهناك فرق بين مياه الأمطار والمياه المستخدمة للري. المياه المستخدمة للري هي نتيجة الجريان السطحي من هطول الأمطار. يتسرب الجريان السطحي عبر التربة ويجمع الكثير من الأملاح التى يواجهها، أن لم يجد طريقه إلى الأنهار أو إلى طبقات المياه الجوفية.

عند استخدامه لري المحاصيل، تتبخر المياه وتترك ورائها الكثير من الأملاح التي تم جمعها. يمكن لهذه العملية أن تحول الأراضي المنتجة إلى مسطحات ملحية قاحلة.

توجد معظم الأراضي الزراعية المتدهورة بسبب الملوحة في آسيا وجنوب غرب أمريكا الشمالية، والتي تمثل حوالى 75 و 15% من الإجمالي العالمي، فعلى سبيل المثال فقد العراق أكثر من 70% من أراضيه بسبب الأملا التى جعلتها غير صالحة للزراعة.[5]

ويتسبب تآكل التربة بسبب المياه في خسائر عالمية تصل إلى نحو 42 مليون طن من النيتروجين و 26 مليون طن من الفوسفور كل عام.

3- التعرية

تعتبر التعرية التى تعني التكسير التدريجي للتربة والصخور وإزالتها إحدى العوامل الأساسية للتصحر، ويحدث هذا عادة عن طريق بعض الأنشطة الطبيعية كالرياح والأمطار والأمواج، وفي بعض الأحيان تتسبب الأنشطة البشرية في حدوث التعرية.[6]

التصحر والتغيرات المناخية

تحتوي تربة الأراضي الجافة على أكثر من ربع مخزون الكربون العضوي في العالم. قد يؤدي التصحر  إلى إطلاق كميات كبيرة من الكربون في الغلاف الجوي العالمي. وتشير التقديرات إلى أن الأراضى الجافة تطلق كميات من الكربون تقدر بنحو 300 مليون طن نتيجة للتصحر كل عام.

 قد يؤثر تغير المناخ سلبًا على التنوع البيولوجي ويزيد من حدة التصحر بسبب زيادة التبخر والنتح والانخفاض المحتمل في هطول الأمطار في الأراضي الجافة.[7]

يمكن أن تؤثر الظواهر الجوية المتطرفة  من الاحترار العالمي وغيره على أنماط هطول الأمطار في جميع أنحاء العالم، مما قد يؤدي إلى حدوث التصحر. فإنخفاض الأمطار أو كثافتها من الممكن أن يؤدي إلى جفاف التربة وبالتالى تصبح أكثر عرضة للتآكل [8].

وتقدر اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر أننا نفقد حوالي 12 مليون هكتار من الأراضي المنتجة كل عام وذلك بسبب التصحر والجفاف.[9]

تأثير التصحر على صحة الإنسان

للتصحر العديد من الآثار المحتملة على صحة الإنسان وتشمل:

1-مخاطر سوء التغذية الناتجة عن انخفاض إمدادات الغذاء والماء.

2- الأمراض التي تنقلها المياه والأغذية الناتجة عن سوء النظافة، ونقص موارد المياه النظيفة.

3- قد تتسبب هجرة السكان في انتشار الأمراض المعدية.

4- أمراض الجهاز التنفسي التي يسببها الغبار الجوي الناجم عن التعرية بفعل الرياح وملوثات الهواء الأخرى.[10].

وتعتبر زيادة العواصف الترابية المرتبطة بالتصحر سببًا لاعتلال الصحة  ويمكن أن تسبب العديد من الأمراض كالحمى والسعال والتهاب العيون، فعلى سبيل المثال تسبب الغبار المنبعث من منطقة شرق آسيا  في الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي في أماكن بعيدة مثل أمريكا الشمالية، وأثر على الشعاب المرجانية في منطقة البحر الكاريبي.[11]

كيف نكافح التصحر؟

في عام 1994، أنشأت الأمم المتحدة اتفاقية لمكافحة التصحروذلك بالتعاون مع 122 دولة، والتي تضمنت التعاون مع المزارعين لحماية أراضيهم الصالحة للزراعة، وإصلاح الأراضي المتدهورة، وإدارة إمدادات المياه بشكل أكثر فعالية.

كما أنشأت الأمم المتحدة لمكافحة التصحر مبادرة الجدار الأخضر العظيم، وهي مبادرة لاستصلاح حوالى 100 مليون هكتار من الأراضى المتدهورة، في قارة إفريقيا عبر 20 دولة بحلول عام 2030.[12]

تتضمن بعض التقنيات التي قد تساعد في التخفيف من عواقب التصحر في الأراضي الزراعية في الآتي:

1-مصائد الملح: والتي تمنع الأملاح من الوصول إلى سطح التربة وتساعد أيضًا على منع فقدان الماء.

2- تحسينات الري: تتضمن هذه التقنية تغيرات في تصميم أنظمة الري لمنع المياه من التجمع أو التبخر بسهولة من التربة.

3- تناوب المحاصيل:  والذي يتضمن تنوع زراعة المحاصيل على نفس قطعة الأرض على مدار المواسم الزراعية المختلفة، مما يساعد في الحفاظ علي إنتاجية التربة.

4- الرعي الدوراني: ويتضمن التنقل إلى مناطق الرعي المختلفة، حتي لا تتسبب الماشية في أضرار دائمة للنباتات والتربة.

5- مصدات الرياح: وهي عبارة عن مجموعة من الأشجار التي يتم زراعتها على طول الأراضى الزراعية، وتستخدم في المقام الأول لإبطاء تآكل التربة الناتج عن الرياح ولكن يمكن استخدامها لمنع زحف الكثبان الرملية.[13]

المراجع

(1)climate-diplomacy

(2)(4),,(6),(8)carbonbrief

(3),(12)nationalgeographic

(5),(13)britannica

(7)greenfacts

(9)unccd

(10)who

(11)greenfact

image source:premiumtimesng

لم تعد التربة الصقيعية مشكلة بيئية عالمية؟

هذه المقالة هي الجزء 7 من 18 في سلسلة مقدمة في تغيرات المناخ وتأثيراتها البيئية

يعتبر ذوبان الجليد الدائم أحد أخطر المشكلات العالمية التي تساعد على تغير المناخ. فالتربة الصقيعية تحتوي على ما يقرب من نصف الكربون العضوي المخزن في باطن الأض. طالما بقيت هذه المادة العضوية مجمدة، فإنها ستبقى محاصرة بداخلها.  لكن مع ذوبان الجليد الدائم فإنه في هذه الحالة سيتم إطلاق كميات من غازات الدفيئة في الغلاف الجوي، مما يكون له أبلغ الآثر ليس فقط على القطب الشمالى ولكن على نظام مناخ الأرض بأكمله.[1]

ما هي التربة الصقيعية؟

استخدم عالم الجيولوجيا الأمريكي سيمون ويليام مولر مصطلح “التربة الصقيعية” للتعبير عن الصقيع الدائم. وتعرف بأنها الأرض التي تظل جامدة لمدة عامين متتاليين على الأقل. وهي عبارة عن مجموعة من الصخور والرواسب والجليد والمواد العضوية.[2]

يُعتقد أن التربة الصقيعية تكونت لأول مرة بالتزامن مع بداية العصور الجليدية منذ حوالي ثلاثة ملايين سنة، خلال أواخر العصر البليوسيني. ومن المحتمل أن تكون معظم التربة الصقيعية الموجودة في المنطقة شبه القطبية قد تكونت في فترة العصور الجليدية على مدار المائة ألف عام الماضية.

كيف تتشكل؟

في المناطق التي يصبح فيها متوسط درجة حرارة السطح أكثر من0 درجة مئوية، فإنه في هذه الحالة لن يتم إذابة بعض الأراضي المتجمدة في الشتاء تمامًا في الصيف. لذلك ستتكون طبقة من التربة الصقيعية وتستمر في النمو تدريجياً كل عام حتي تصبح طبقتها أكثر سمكًا. ويتم التحكم في سمكها بواسطة التوازن الحراري بين تدفق الحرارة الموجودة في باطن الأرض والتي تتدفق إلى الخارج في الغلاف الجوي.

 يعتمد هذا التوازن على متوسط درجة حرارة السطح والتدرج الجيوحراري. في نهاية المطاف تصل طبقة التربة الصقيعية السميكة إلى التوازن الذي تكون فيه كمية الحرارة الجوفية التي تصل إليها مساوية لتلك المفقودة في الغلاف الجوي. وللوصول إلى حالة التوازن يلزم التربة الصقيعية  آلاف السنين حيث يبلغ سمكها مئات الأقدام.

عندما يصبح المناخ أكثر برودة أو أكثر دفئًا، فإن درجة حرارتها ترتفع أو تنخفض في المقابل. مما يؤدي إلى تغيرات في موضع قاعدتها. عندما ترتفع درجة حرارة المناخ إلى أكثر من 0 درجة مئوية فإنه في المقابل سيتم خفض موضع الجزء العلوي منها عن طريق الذوبان.

أين توجد؟

تغطي التربة الصقيعية حوالي 24% من نصف الكرة الشمالي. وتتركز الغالبية العظمى منها في كل من روسيا وكندا[1]، حيث تتواجد بنسبة 85% في ألاسكا، وبنسبة 55% في كل من روسيا وكندا، ويبلغ سمكها حوالي 1500 متر شمال سيبيريا، بينما يبلغ سمكها حوالي 740 مترًا في شمال ألاسكا، بالإضافة إلى انتشارها على نطاق واسع في مناطق القطب الشمالي، إلا أنها توجد أيضًا في المناطق المرتفعة كجبال الألب.[3]

ما مقدارها من سطح الأرض؟

في نصف الكرة الشمالي، تغطي التربة الصقيعية ما يقدر بـنحو 9 ملايين ميل مربع. ومع ذلك فعندما ترتفع درجة حرارة الهواء السطحي، فإن درجة الحرارة تحت الأرض ترتفع أيضًا، مما يؤدي إلى إذابة الجليد السرمدي.

وتشير دراسة حديثة إلى أنه مع كل زيادة في درجات الحرارة بمقدار درجة واحدة مئوية  أي 1.8 درجة فهرينهايت، فمن الممكن أن تختفي حوالي1.5 مليون ميل مربع إضافي من التربة الصقيعية.

ما هي آثار ذوبان الجليد الدائم؟

تعتبر التربة الصقيعية واحدة من أكبر مخازن غازات الدفيئة الموجودة على الأرض. في الواقع، يُقدَّر أن التربة الصقيعية في القطب الشمالي وحده تحتوي على ما يقرب من ضعف كمية الكربون الموجودة في الغلاف الجوي الآن. بالإضافة إلى وجود كمية كبيرة من غازالميثان (وهو غاز من غازات الدفيئة القوي يحبس الحرارة على الكوكب بمقدار 80 مرة عن الكربون).

تختلف التقديرات حول كمية الكربون والميثان التي سيتم إطلاقها من خلال ذوبان الجليد الدائم، ولكن وفقًا لإحدى الدراسات، قد تصل إلى 92 مليار طن من الكربون والذي يمكن أن ينعبث من الآن وحتى عام 2100. وهذا يساوي ما يقرب من 20 % من جميع انبعاثات الكربون العالمية منذ بداية الثورة الصناعية.

وبالنظر إلى المستقبل، يمكن أن يؤدي ذوبانها إلى إطلاق المزيد من غازات الاحتباس الحراري في الهواء. مما يؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة المناخ، فذوبانها يمكن أن يحول القطب الشمالي إلى مصدر للكربون.

الكربون والميثان ليسا الملوثان الوحيدان المحاصران في التربة الصقيعية. وجدت دراسة حديثة أن التربة الصقيعية الموجودة في القطب الشمالي هي مستودع هائل للزئبق (وهو سم عصبي قوي). وتشير التقديرات إلى أن حوالي 15 مليون جالون من الزئبق، أو ما يقرب من ضعف كمية الزئبق الموجودة في المحيطات والغلاف الجوي  مجتمعة فيها. وبمجرد إطلاقه، يمكن للزئبق أن ينتشر عبر الماء أو الهواء إلى النظم البيئية وربما حتى الإمدادات الغذائية.

يمكن أن يساهم فقدانها أيضًا في ارتفاع مستوى سطح البحر، وتشير التقديرات إلى أنه في حالة ذوبان جميع التربة الصقيعية  الموجودةعلى الأرض، فإنه من الممكن أن ترتفع مستويات سطح البحر بما يصل إلى أربع بوصات، وهو ما يكفي لمضاعفة مخاطر الفيضانات في مدن مثل سان فرانسيسكو  ولوس أنجلوس[4].

التربة الصقيعية والبنية التحتية

ترتفع درجة حرارة التربة الصقيعية بمعدل أسرع بكثير من درجة حرارة الهواء في القطب الشمالي، وقد ارتفعت درجة الحرارة خلال الثلاثين عامًا الماضية ما بين 1.5 إلى 2.5 درجة مئوية. ونتيجة لذلك، تذوب طبقاتها.

يمكن أن تؤدي الزيادة في درجات الحرارة العالمية بمقدار 3 درجات مئوية إلى ذوبان حوالي 30 إلى 85% من طبقات التربة الصقيعية الموجودة في جميع أنحاء منطقة القطب الشمالي. مما يؤدي إلى تدمير البنية التحتية والأنظمة البيئية الفريدة بشكل لا رجعة فيه.[5] فحوالي 35 مليون شخص يعيشون في منطقة التربة الصقيعية في البلدان والمدن التي تم بناؤها فوق ما كان يُعتبر سابقًا أرضًا متجمدة بشكل دائم. ولكن مع تلين هذه الأرضية الصلبة، فإن البنية التحتية التي تعتمد عليها هذه المجتمعات تصبح غير مستقرة بشكل متزايد.

ففي كندا على سبيل المثال يُقدر أن اختفاء التربة الصقيعية يتسبب بخسارة عشرات الملايين من الدولارات. وذلك بسبب الأضرار التي تلحق بالبنية التحتية العامة عبر الأقاليم الشمالية الغربية كل عام. وفي ألاسكا، قدرت إحدى الدراسات تكلفة إصلاح البنية التحتية العامة، مثل الطرق وخطوط القطارات والمباني والمطارات  التي تضررت من ذوبان الجليد السرمدي والعوامل الأخرى المتعلقة بالمناخ بما يصل إلى 5.5 مليار دولار.[6]  ويُعتقد أن حوالي 30-50٪ من البنية التحتية الموجودة حول القطب الشمالي معرضة لخطر داهم بحلول عام 2050.[7]

خطر المرض؟

مثلما تحبس التربة الصقيعية الكربون وغازات الدفيئة الأخرى، يمكنها أيضًا احتجاز الميكروبات القديمة والحفاظ عليها. يُعتقد أن بعض البكتيريا والفيروسات يمكن أن تظل كامنة لآلاف السنين  داخل الجليد. ومع ذلك، فبقدر ما تبدو فكرة مسببات الأمراض مخيفة، تظل هناك أسئلة حول مدى خطورة هذه الميكروبات القديمة. ومع ذلك لا يزال العلماء غير متأكدين من مدي احتمالية تسببها في تفشي الأمراض.

كيف يمكننا منع الجليد الدائم من الذوبان؟

من الممكن أن يتم ذلك عن طريق تقليل بصمتنا الكربونية، والاستثمار في المنتجات الموفرة للطاقة، ودعم الأعمال والتشريعات والسياسات الصديقة للبيئة.[8]

المراجع

 (1),(5)the arctic institute
(2)earth
(3)britannica
 (4),(8),(6)nrdc
(7)nature

5 أمراض غيرت التاريخ

تركت الأمراض بصمات واضحة على جبين التاريخ. يعد انخفاض حجم السكان وتقليل التنوع الجيني وتغير المناخ بعض الأمثلة البسيطة الدالة على التأثير الذي يمكنك أن تتوقعه إثر كل وباء. سنعرض في هذه المقالة 5 أمراض غيرت التاريخ وكان لها تأثيرًا كبيرًا على العالم.

5- الاستعمار وتغير المناخ  

بعد وصول الإسبان إلى منطقة البحر الكاريبي، انتقلت أمراض مثل الجدري والحصبة والطاعون الدبلي إلى السكان الأصليين من قبل الأوروبيين. دمرت هذه الأمراض السكان الأصليين، إذ مات ما يصل إلى 90 في المائة في جميع أنحاء القارتين الشمالية والجنوبية. عند وصوله إلى جزيرة هيسبانيولا، واجه كريستوفر كولومبوس-Christopher Columbus شعب تاينو، 60 ألف نسمة. وقبل حلول 1548، بلغ عدد السكان أقل من 500. تكرر هذا السيناريو نفسه في جميع أنحاء الأمريكتين.

في عام 1520، دٌمرت إمبراطورية الأزتك بسبب عدوى الجدري. قتل المرض العديد من ضحاياه وتسبب في عجز الآخرين. لذلك لم يتمكنوا من مقاومة المستعمرين الإسبان وتركوا المزارعين غير قادرين على العمل مساحات الزراعة الخاصة بهم.

والجدير بالذكرأن الأبحاث التي أجريت في 2019، خلصت إلى وفيات 56 مليون أمريكي في القرنين السادس عشر والسابع عشر، كان السبب الأول لها هو المرض. كما أن محاولة زراعة الأرض الزراعية غير المحروثة وإنبات النباتات بها، تسببت في جذب المزيد من غاز ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي. مما ساهم في حدوث فترة برودة شديدة للكوكب. وصفها المؤرخون بالعصر الجليدي الصغير. يمكننا القول بأن الاستعمار أثر على مناخ الأرض.

4- الكوليرا ونشأة علم الأوبئة 

عام 1854، أزال جون سنو-John Snow مقبض مضخة المياه، ليُنشئ علمًا جديدًا من علوم الطب! فقد كانت بداية نشأة علم جديد “علم الأوبئة-Epidemiology” على يد مجموعة من الأطباء أبرزهم الطبيب البريطاني جون سنو لعمله في تحديد مصدر تفشي الكوليرا.

شك سنو في الطريقة التي ينتشر بها المرض، رافضًا نظرية الميازما-Miasma والتي تفترض أن الهواء الملوث أو الفاسد هو سبب بعض الأمراض كالجدري والكوليرا والزهري، ولاحظ كيفية ظهور مجموعات من الأمراض بين الأشخاص الذين استخدموا مضخات مياه معينة. ساعد تدخله في إزالة مقبض المضخة المصابة على تقليل معدلات العدوى أثناء الوباء. جون سنو هو أول من اعتمد الاسلوب الوبائي في السيطرة انتشار المرض.

3- الانفلونزا الإسبانية ومعاهدة فرساي  

عام 1918، دمرت الأنفلونزا الإسبانية العالم وأصابت قرابة ثلث السكان. تسببت في إتلاف خلايا الدماغ، مما أثّر على قدرة الدماغ على العمل مؤدية أحيانًا إلى الذهان.

أُصيب وودرو ويلسون-Woodrow Wilson الرئيس الثامن والعشرين للولايات المتحدة بالأنفلونزا في ذلك الوقت. لعب ويلسون دورًا أساسيًا في مفاوضات معاهدة فرساي، ولا سيما مساعدة رئيس الوزراء الفرنسي جورج كليمنسو-Georges- Clemenceau.

كان ويلسون في فترة العلاج خلال مرحلة المعاهدة، وكان دائم التعب والإرهاق والبُطء، مما جعله يتغافل عن الكثير من الأمور والمفاهيم. فأشار العديد من العاملين بالبيت الأبيض إلى التغير الكبير في سلوكه، إذ تخلى عن الكثير من أفكاره وآراءه حول المعاهدة.

توالت التقارير عن التغير الحاصل بشأن إدارة ويلسون. فمُنحت السلطة لكليمنسو. كما يروي التاريخ، فإن قسوة معاهدة فرساي أدت إلى كارثة ألمانية كشلْ الاقتصاد الألماني. كما لعبت دورًا في اكتساب هتلر السلطة. يمكن القول بأن كل هذه التطورات كانت نتيجة إصابة وودرو ويلسون بالانفلونزا الإسبانية.

2- طاعون جستنيان والقضاء على الإمبراطورية البيزنطية

ظهر لأول مرة في مصر، ثم انتشر طاعون جستنيان عبر فلسطين والإمبراطورية البيزنطية، ثم في جميع أنحاء البحر الأبيض المتوسط. غير الطاعون مسار الإمبراطورية، وسحق خطط الإمبراطور جستنيان لإعادة الإمبراطورية الرومانية إلى بعضها البعض وتسبب في صراع اقتصادي هائل. وينسب إليه أيضًا خلق الجو المروع الذي حفز الانتشار السريع  للمسيحية.

في نهاية المطاف وعلى مدى القرنين التاليين، قتل حوالي 50 مليون شخص -26% من سكان العالم- . ويعتقد أن يكون أول ظهور كبير للطاعون الدبلي، والذي يؤدي إلي تضخم الغدد الليمفاوية، وينتقل عن طريق الفئران وينتشر عن طريق البراغيث.

1- مرض السل والموضة 

في أواخر 1800s، أصبح السل -المرض المعدي في الرئتين- وباءً في الولايات المتحدة وأوروبا. كان المرض موجودًا لفترة طويلة. فتك بالبشر ببطء شديد، لكنه اتُخذ على محمل آخر! بدأت تصبح صفات مرض السل وأعراضه رومانسية في العصر الفيكتوري، فأصبحت الموضة بين النساء أن تأخذ مظهرًا شاحبًا ونحيلاً. بل وأصبح المرض نفسه اتجاهًا عصريًا. فأثر ذلك بشدة على تصاميم الفساتين والأزياء.

أثار ذلك التوجه بعض حملات الصحة العامة الكبرى في الولايات المتحدة، وأصبح هناك حملة ودعوة لجعل الفساتين والتنانير النسائية أقصر لمنعها من التقاط السُل من الشارع. كما أصبح هناك دعوات لحلق اللحى والشوارب بسبب احتمال نمو البكتيريا في شعر الوجه.

انتشار الوباء لا علاقة له بالتقدم أو التطور، حتى التطور العلمي والطبي لم يستطع وقايتنا من الأوبئة حتى يومنا هذا، تلك كانت -ليس على سبيل الحصر- 5 أمراض غيرت التاريخ وملامح بعض الحضارات.

المصادر

the conversation
bbc
smithsonianmag
history
worldhistory

هل يتأثر تغير المناخ بصحة الإنسان ؟

هل يتأثر تغير المناخ بصحة الإنسان ؟

ربما يتفق الجميع أن التغيرات المناخية لها تأثيرات سلبية على صحة الإنسان. فتشير الدراسات أن انبعاث الكربون والغازات الدفيئة عمومًا يساهم في تفاقم معدلات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي كالربو.
بالإضافة للظروف المناخية المتطرفة من عواصف وفيضانات ودرجات الحرارة العالية فقد زادت درجة حرارة الأرض خلال القرن الماضي 1.5 درجة فهرنهايت. فمن المؤكد أن تتأثر صحة الإنسان بتلك الظروف المناخية، ولكن هل يمكن أن يتأثر المناخ بصحة الإنسان؟
وهل الرعاية الصحية السليمة للإنسان تعتبر في حد ذاتها رعاية للبيئة ؟

علاقة الرعاية الصحية بتغير المناخ:

علي الرغم أن الرابط بين الرعاية الصحية والتغير المناخي غير واضح إلا أن القضيتين تُعتبران من أهم التحديات التي تواجه العالم. وفي الواقع القضيتان متصلتان أكثر مما يتوقع، فكل ثانية تختفي أكثر من مائة شجرة من الغابات الاستوائية حول العالم. وهذه الغابة تعد من أهم خزانات الكربون في العالم وضرورية لإبطاء تغير المناخ والانقراض وتقليل الأمراض المرتبطة بالحرارة.

قد أوضح ذلك الرابط دراسة قام بها «أندي ماكدونالد – Andy MacDonald» جامعة كاليفورنيا في سانتا باربرا. والذي يفسر كيف ساعد دعم الرعاية الصحية في إندونيسيا والمناطق الريفية خصوصًا في التقليل من القطع الجائر للأشجار في إحدى الحدائق الوطنية؛ مما أدى إلى تجنب انبعاثات الكربون بنسبة تعادل ملايين الدولارات لمعالجة هذه الانبعاثات، ولكن كيف حدث ذلك؟

وحدة رعاية صحية وبيئية:

قد أجابت الأبحاث على ذلك السؤال حيث انخفضت إزالة الغابات في تلك الحديقة الوطنية بنسبة 70% في السنوات العشر الأخيرة. بعد افتتاح عيادة معتدلة التكاليف في المنطقة بدعم من الحكومة المحلية وشركتا «Health in harmony-هايلث إن هارموني» «شيت ليستري lestari sheat -ألما» غير هادفتان للربح. وهذا يعادل أكثر من 65 مليون دولار لمعالجة انبعاثات الكربون بحسب الدراسة.

أوضحت الدراسة العلاقة القوية بين صحة الإنسان والحفاظ على الغابات الاستوائية في العالم النامي. وقد ذكر العالم « أندي ماكدونالد-Andy MacDonald» وهو باحث في معهد علوم الارض الذي شارك في الدراسة مع «David Lopez -ديفيد لوبز» من جامعة ستانفورد أن العيادة الاندونيسية. كانت جاهزة لاستقبال آلاف المرضى من خلال طرح مقايضات كمدفوعات بديلة. مثل قبول شتلات أشجار وحرف يدوية كطريقة للدفع، بالإضافة إلى أنها تمنح خصومات بناءًا على انخفاض قطع الأشجار على المستوى المحلي. وقدمت العيادة حسومات للقرى يمكن أن تظهر أدلة على الانخفاض في قطع الأشجار.


النموذج على مستوى عالمي:

استناد إلى انخفاض مستوى قطع الأشجار محليًا ونظرًا لنجاح هذا النموذج يمكن أن توفر مخططًا للحفاظ على تداعيات انبعاثات الكربون. ويساهم ذلك في الحد من تكلفة معالجة هذه التداعيات وتوظيف هذه الميزانية في علاج مشكلات أخرى مثل نقص الغذاء والرعاية الصحية.

وتشير الباحثة « Michele Barry-ماشيل باري» مديرة مركز الابتكار في منظمة الصحة العالمية أن هذا النموذج المبتكر له آثار صحية عالمية واضحة. حيث يمكن معالجة الصحة والمناخ في انسجام تام ويأتي ذلك بالتنسيق مع المجتمعات المحلية واحترامها.
حيث أن النماذج الحالية للحفاظ على الغابات الإستوائية تستبعد السكان المحليين وتحرمهم من حقوقهم. ويؤدي هذا الفشل في تلبية احتياجات الناس خصوصًا المجتمعات التي لا تملك بدائل اقتصادية إلى القطع الجائر للأشجار والاستغلال السيئ للأرض حيث يؤدي عدم الوصول إلى رعاية صحية وبأسعار معقولة إلى تفاقم المشكلة.

استشفاء ثنائي:

أوضحت السجلات الصحية للمرضى في العيادة إلى جانب تقارير الأقمار الصناعية في الوقت الذي أدت فيه الرعاية الطبية إلى انخفاض كبير في أمراض مثل السل والملاريا والسكري. أظهرت الأقمار الصناعية انخفاض في إزالة الغابات بنسبة 70% ما يعادل أكثر من 6770 فدانًا من الغابات المطيرة.

وأشارت البيانات إلى أن أكثر حالات التوقف عن قطع الأشجار حدثت بالقرب من القرى ذات أعلى معدلات إقبال على العيادة.
مازالت العيادة نشطة، ويعمل الباحثون على ربط التداعيات في إندونيسيا مع وباء كوفيد ١٩، لذا فإن صحة الإنسان جزء لا يتجزأ من صحة البيئة، ربما حان الوقت لاستيعاب ذلك .

المصادر:

Exit mobile version