التصنيفات المختلفة لمحركات السيارات

التصنيفات المختلفة لمحركات السيارات. خصائص المحرك ومدى فاعليته هما أول ما يخطر في أذهان هواة المركبات وسباقات السيارات، إلا أن الأمر ليس سيان بالنسبة للمواطن العادي، بل وربما قد يكون هذا الأمر آخر ما يشغل بال الأخير، وهذه مشكلة بحد ذاتها!
فقلب أي سيارة، أي المحرك، هو أعجوبة الهندسة الميكانيكية،  ومركز القوة الذي يدفعنا إلى الأمام، ويحوّل الوقود إلى حركة ليجعل عالمنا العصري السريع ممكنًا. لكن قبل أن نفترض أن معدلات القوة، والمسافة المقطوعة هي الخصائص الوحيدة المهمة، يجب أن نأخذ بعين الاعتبار جميع الجوانب لمعرفة المزيد عن المحرك في السيارة. فحسن اختيار المحرك يمكن أن يحدث الفرق في اختيار السيارة المناسبة وتوفير تكاليف الصيانة. لذا مبدأيًا سنتعرف على أنواع المحركات المختلفة الموجودة، كالتالي:

محرك الاحتراق الداخلي《ICE》:

إن محرك الاحتراق الداخلي《ICE》هو النوع الأكثر شيوعًا، بحيث يعمل على تشغيل غالبية السيارات منذ أكثر من قرن.  يعمل هذا المحرك على مبدأ إشعال خليط من الوقود والهواء داخل أسطوانة لتوليد غاز عالي الضغط يقوم بدفع المكبس ويولد طاقة ميكانيكية.
بطبيعة الحال تأتي محركات الاحتراق الداخلي بأشكال متعددة، بما في ذلك التصاميم المضمنة، و ذات شكل V، والمسطحة؛ ويمكن أن تعمل على أنواع مختلفة من الوقود مثل البنزين والديزل، والبروبان. كما يمكن أن تختلف أيضاً في عدد الأشواط، إلا أن أكثرها شيوعًا هو المحرك رباعي الأشواط. على الرغم من انتشار استخدامها على نطاق واسع، إلا أن مصنعي محركات الاحتراق الحراري ICE باتوا يتعرضون لحملات انتقاد واسعة، وذلك يعود للتأثيرات التي تحدثها هذه المحركات على البيئة. كون نسبة انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري منها تُعتبر عالية، بالإضافة لعدة ملوثات أخرى، جميعها تساهم في تسريع التغيرات المناخية، وتلوث الهواء بشكل دائم. ومن هنا بدأ يتغير التوجه نحو إيجاد بدائل أكثر استدامة، مثل المحركات الكهربائية والهجينة، والتي بفضل التكنولوجيا المتقدمة الحالية تسارعت عملية تطويرها، وبالتالي زيادة الإقبال عليها. من جانب آخر، أدت التطورات في مجال التكنولوجيا إلى زيادة كفاءة محركات الاحتراق الداخلي وتقليل الانبعاثات الناتجة من احتراق الوقود فيها، مما يجعل السوق الاستهلاكي غير مستعدًا البتة للتخلي عنها بعد. فعملية الاستغناء عن هذه المحركات ليس بالسهولة بما كان. تبقى هذه المحركات جزءًا أساسيًا من صناعة السيارات، فهي تعمل على تشغيل كل شيء بدءًا من السيارات المدمجة إلى الشاحنات الثقيلة، وتستمر في التطور استجابًة للمتطلبات البيئية ومتطلبات الكفاءة المطلوبة.

محركات الديزل:

يُعتبر محرك الديزل، الذي سُمّي على اسم مخترعه رودولف ديزل، أحد أشكال محركات الاحتراق الداخلي التي صنعت لنفسها مكانة خاصة بها في عالم السيارات. على عكس محركات البنزين، التي تستخدم شمعات الإشعال “فتيل” لإشعال خليط الوقود والهواء، تعمل محركات الديزل على مبدأ الاشتعال بالضغط. وهذا يعني أن الهواء يتم ضغطه أولاً في الأسطوانة، مما يرفع درجة حرارته، ثم يتم حقن وقود الديزل في الأسطوانة، حيث يشتعل بسبب ارتفاع درجة حرارة الهواء. تشتهر محركات الديزل بكفاءتها ومتانتها. فهي تميل إلى أن تكون كفاءتها الحرارية أعلى من محركات البنزين، مما يعني أنها تستطيع استخلاص المزيد من الطاقة من كمية وقود أقل. يجعلها هذا مناسبة خصيصًا للمنظومات المخصصة للاستخدامات الشاقة مثل الشاحنات، والحافلات، والآلات الصناعية. مما يجب الإشارة إليه هو أن هذه المحركات على حد السواء  واجهت أيضًا انتقادات بسبب تأثيرها على البيئة. فكمية الانبعاثات التي تطلقها من الجسيمات وأكاسيد النيتروجين تتجاوز النسب من نفس كمية الوقود المستهلكة في محركات البنزين. على الرغم من هذه التحديات، تهدف التطورات المستمرة في تكنولوجيا تطوير محركات الديزل إلى تقليل هذه الانبعاثات وتحسين الأداء البيئي للمحرك.

المحرك الهجين:

كما يوحي الإسم، يجمع المحرك الهجين بين محرك احتراق داخلي، أو ICE، ومحرك كهربائي. صُمم هذا النوع من المحركات للاستفادة مما يميز كلا مصدري الطاقة، بهدف تحقيق التوازن بين الأداء، وكفاءة استهلاك الوقود، وتقنين الأثر البيئي السلبي.
يمكن استخدام محرك الاحتراق الداخلي للقيادة بسرعة عالية عند الحاجة إلى المزيد من الطاقة، بينما يمكن للمحرك الكهربائي التعامل مع القيادة بسرعة منخفضة لتوفير طاقة إضافية. هذا بحد ذاته، يمنح السيارة كفاءة أفضل في استهلاك الوقود مقارنًة بالسيارة التقليدية التي تعمل بمحرك الاحتراق الداخلي، حيث يمكن للمحرك الكهربائي أن يتولى القيادة في الحالات التي يكون فيها محرك الاحتراق الداخلي أقل كفاءة في حالة معينة. تقلل المحركات الهجينة أيضاً من الانبعاثات، حيث لا ينتج المحرك الكهربائي أي انبعاثات من العادم. وهذا يجعلها خيارًا أكثر استدامة بيئيًا مقارنًة بالسيارات التقليدية التي تعمل بمحرك الاحتراق الداخلي فقط. يمكن أن تكون المحركات الهجينة أكثر تعقيداً وتكلفة في التصنيع والصيانة. وعلى الرغم من هذه العيوب، فإن المحرك الهجين يمثل خطوة كبيرة إلى الأمام في السعي نحو وسائل نقل أنظف وأكثر كفاءة.

المحرك الكهربائي:

يمثل المحرك الكهربائي، المعروف أيضًا بإسم الموتور الكهربائي، تحولاً كبيراً في تكنولوجيا السيارات. وخلافًا لمحركات الاحتراق الداخلي التقليدية التي تحرق الوقود لتوليد الحركة، تقوم المحركات الكهربائية بتحويل الطاقة الكهربائية إلى طاقة ميكانيكية تدفع عجلات السيارة. تشتهر المحركات الكهربائية بجودة أدائها، وملاءمتها للبيئة. فهي تحوّل نسبة مئوية أعلى من الطاقة الكهربائية إلى طاقة محركة، مما يجعلها أكثر كفاءة من نظيراتها التي تعمل بالبنزين. لا ينتج عن المحركات الكهربائية أي انبعاثات من العوادم، مما يساهم في تقليل نسب غازات الاحتباس الحراري التي تُطلق بشكل يومي على البيئة. من المزايا الأخرى للمحركات الكهربائية أيضًا عزم الدوران الفوري. حيث يمكنها توفير أقصى عزم دوران من الثبات، مما يؤدي إلى تسارع مذهل. بالإضافة لكونها تتسم المحركات الكهربائية بالبساطة، حيث تحتوي على عدد أقل من الأجزاء المتحركة، مما يؤدي إلى انخفاض تكاليف الصيانة. بالرغم من أنها تأخذ خطواتها الأولى نحو السوق الإستهلاكية، إلا أن المحركات الكهربائية أصبحت ذات أهمية في عالم السيارات، مما يمهد لمستقبل واعد لوسائل النقل الخضراء والمستدامة.

كيف يعمل محرك السيارة؟

عندما نقوم بتشغيل مفتاح السيارة، يعمل المحرك. لكن هل تساءلت يوماً كيف يعمل المحرك؟ تعمل المحركات الحديثة على توليد الطاقة عن طريق الاحتراق الداخلي، أو الانفجارات المتحكم بها. ويتم ذلك عن طريق إشعال خليط الهواء والوقود داخل أسطوانات المحرك. تسمى هذه العملية دورة الاحتراق، وتتكرر العملية آلاف المرات في الدقيقة الواحدة لدفع السيارة. تتكون دورة الاحتراق من أربع أشواط (خطوات)، وتنسب لها تسمية المحركات الحديثة بالمحركات رباعية الأشواط تباعًا لهذه العملية. تشمل الأشواط الأربعة السحب، والضغط، والاحتراق، والعادم. وفيما يلي نستعرض شرح مفصل لكل شوط.

السحب:

في هذا الشوط، يتحرك المكبس لأسفل، وينفتح صمام السحب عبر حركة عمود الكامات، ليُسمح لخليط الهواء والوقود بالدخول إلى غرفة الاحتراق. يفتح الصمام ويغلق بمساعدة عمود الكامات.

الضغط:

كما يوحي الإسم، يتحرك المكبس لأعلى ويضغط خليط الهواء والوقود داخل حجرة الاحتراق في هذا الشوط.

الاحتراق (توليد الطاقة):

تنتج شمعة الإشعال شرارة خلال هذا الشوط وتشعل خليط الهواء والوقود الساخن المضغوط. ويتسبب ذلك في حدوث انفجار صغير، وتدفع الطاقة الناتجة عنه المكبس إلى أسفل لتوليد الطاقة الميكانيكة اللازمة لدفع المركبات.

العادم:

بمجرد تحرك المكبس لأسفل، ينفتح صمام العادم. وعندما يتحرك المكبس لأعلى، يدفع الغازات الناتجة عن الانفجار إلى الخارج عبر صمام العادم. تتكرر الدورة آلاف المرات في الدقيقة الواحدة.

تصنيف المحركات بحسب طريقة ترتيب أسطوانات المحرك:

حينما يتم شراء السيارة سنجد كتيب مرفق به مخططات تصميمية توضح لنا تفصيلًا المحرك الخاص بها باستخدام أبسط المصطلحات. يشير بالعادة الرسم إلى ترتيب وعدد الأسطوانات في المحرك. يوجد لدينا عدة تصميمات معتمدة للمحرك إلا أننا سنستعرض أهمها، هي ثلاثة تصميمات رئيسية:

المحرك ذو التصميم الخطي، والمضمن/التتابعي《Inline & Stright Engine》:

المحرك التتابعي: يعتبر الأكثر استخدامًا. فكما يوحي الإسم، تُوضع الأسطوانات عموديًا في خط متوالي، أي واحدًا تلو الآخر. يمكن وضع هذا النوع من المحركات بشكل متوازي أو عمودي في السيارة بحسب عدد الأسطوانات. المحرك الخطي: عند وضع المحرك بالتوازي مع السيارة، يُعرف تصميم المحرك بأنه مستقيم وعند وضعه بشكل عمودي على السيارة، يكون تصميمًا مضمنًا أو تتابعي. تستخدم المحركات الخطية/المضمنة على نطاق واسع نظرًا لسهولة التصنيع والتركيب، وانخفاض التكاليف التصنيعية. يمكن رؤية المحركات المضمنة في السيارات العائلية مثل هاتشباك نظرًا لبنيتها المدمجة وقدرتها على استيعاب مكونات عديدة أخرى مقارنة بالسيارات الأخرى. من ناحية أخرى، يمكن أن تحتوي المحركات المستقيمة/الخطية على المزيد من الأسطوانات ونتيجة لذلك تتمتع بقوة أكبر.

المحرك المسطح《Flat Engine》:

على عكس المحرك المستقيم/ الخطي، يتم وضع أسطوانات المحرك المسطح أفقيًا. يعرف هذا المحرك أيضًا بإسم محرك الملاكم بسبب حركة المكبس التي تحاكي الملاكمين الذين يثقبون قفازاتهم قبل القتال. محرك الملاكم هو محرك متوازن، ونعني بذلك توازن الاهتزازات المنخفضة بسبب القوة الناتجة عن حركة المكابس. جانب آخر يميز المحرك المسطح هو مركز كتلته المنخفض مسهلًا بهذا عملية القيادة. أيضًا، نظرًا لمساحة السطح الكبيرة، يتم تبريد جميع الأسطوانات بالهواء بالتساوي.
بالمقارنة مع المحركات المستقيمة، فإن المحركات المسطحة باهظة الثمن في التصنيع، وبسبب شكلها الذي يأخذ مساحة أكبر لا يفضلها العديد من مصنعي السيارات. فشركات صناعة السيارات الوحيدة التي تتميز بمحرك الملاكم في تشكيلاتها هي بورش وسوبارو.

محرك بتصميم V:

يُعتبر المحرك على شكل V، والذي أُسمّي بهذا الاسم نظراً لتصميمه الفريد، نوعاً شائعاً من محركات الاحتراق الداخلي حيث تصطف الأسطوانات والمكابس في مستويين أو “ضفتين” منفصلتين، لتشكل تصميماً يشبه حرف V عند النظر إليه من النهاية. يوازن هذا التصميم بين مزايا صغر حجم المحرك المسطح، وقوة المحرك المضمن، بالإضافة لذلك تتميز هذه المحركات بحجمها الصغير بالنسبة لعدد أسطواناتها، مما يجعلها خيارًا مطلوبًا للسيارات الفاخرة عالية الأداء. يوفر تصميم محرك V أيضًا مزايا من حيث السلاسة والتوازن. يتوازن ضفتي الأسطوانات بشكل مرن مع بعضهما البعض، مما يقلل من اهتزاز المحرك، ويُسهل قيادة السيارة. ومع ذلك، يمكن أن يؤدي تعقيد تصميم المحرك على شكل حرف V إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج، وصيانة أكثر صعوبة. وعلى الرغم من هذه التحديات، يبقى محرك V مرغوبًا بسبب قوته، وصغر حجمه، وسلاسة تشغيله. تتواجد محركات V بعدة أنواع، تختلف بحسب عدد الأسطوانات المستخدمة، والأكثر شيوعًا منها هي محركات V6 و V8، على الرغم من وجود تشكيلات متعددة تمتد من V2 إلى V16.

محرك بتصميم W:

محرك W هو نوع مميز من محركات الاحتراق الداخلي، سمي بهذا الاسم نظرًا لتصميمه الفريد، حيث يتم ترتيب الأسطوانات في ثلاثة بنوك بطريقة تشبه حرف W. يُستخدم هذا التصميم بشكل واسع في المركبات عالية الأداء، حيث يكون الزيادة في عدد الأسطوانات أمرًا مرغوباً فيه، ولكن المساحة المتاحة محدودة. إن أشهر استخدام لمحرك W هو محرك بوجاتي فيرون، الذي يستخدم محرك W16 رباعي الشاحن التوربيني(التوربو). يجمع هذا المحرك بين صغر حجم محرك V وقوة أكبر بكثير مما ينتجه هذا الأخير، مما يجعله مثاليًا لسيارة خارقة عالية الأداء.

تمثل إحدى المزايا الرئيسية لمحرك W في حجمه الصغير مقارنة بعدد الأسطوانات. وهذا يتيح المزيد من القوة في مساحة أصغر، مما يجعله خيارًا مطلوبًا أيضًا للسيارات عالية الأداء والسيارات الفاخرة. يؤدي تعقيد تصميم محرك W عمومًا إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج والصيانة. وعلى الرغم من هذه التحديات، يُعدّ محرك W دليلًا على الروح الابتكارية لهندسة السيارات، حيث يتخطى حدود القدرة الفعالة مقارنة بالحجم.

المحركات الدوارة(وانكل):

يدور دوّار مثلث الشكل داخل حجرة بيضاوية الشكل في المحركات الدوارة التي تسمى أيضاً محركات وانكل. إن صغر الحجم، والقدرة العالية على التسارع، وسلاسة توصيل الطاقة كلها ميزات لهذا التصميم. وعلى الرغم من أنها أقل استخدامًا في السيارات اليومية، إلا أن المحركات الدوارة كثيرًا ما تُستخدم في السيارات الرياضية عالية الأداء.

تصنيف المحركات بحسب عدد الأسطوانات:

دعونا نلقي نظرة على تصنيفات المحرك بحسب عدد أسطوانات المحرك القياسية المستخدمة بشكل شائع.

محرك مزدوج الأسطوانات:

نادرًا ما توجد محركات ذات أسطوانات مزدوجة في السيارات، والسبب هو انخفاض إنتاج الطاقة. ومع ذلك، ستجد هذا التصميم في الكثير من الدراجات النارية، مثل رويال إنفيلد 650 و كاواساكي نينجا 300. في السيارات من جهة أخرى، تاتا نانو الشهيرة لديها محرك أسطوانة مزدوجة تحت غطاء محرك السيارة.

محرك ثلاثي الأسطوانات:

تشتهر المحركات ثلاثية الأسطوانات بصوتها الشبيه بالقرقرة. يحدث هذا بسبب تسلسل إطلاق النار المختلف والاهتزاز الذي ينتج من هذه العملية. ومع ذلك فهي أقوى من المحرك مزدوج الأسطوانات، ومع إدراج الشاحن التربيني (التوربو) الذي أعطى زيادة إنتاج للطاقة مع الحفاظ على الكفاءة. تستخدم محركات ثلاثية الأسطوانات في سيارات الهاتشباك وحتى في سيارات الدفع الرباعي المدمجة مثل ماروتي سوزوكي سيليريو وتاتا نيكسون.

المحرك رباعي الأسطوانات:

هذا التصميم هو الأكثر شيوعًا للسيارات بسبب القوة العالية الذي يُنتجها، وارتفاع الكفاءة. يُمكن العثور على هذا النوع من التصميم في الغالب مع التصميم المضمن جنبًا إلى جنب مع الشاحن التوربيني (التوربو)، مما يرفع من فعالية السيارة بشكل عام. سيارات مثل هوندا سيتي، وماروتي سوزوكي، وسويفت، وهيونداي إلنترا هي أمثلة على السيارات التي تستخدم التصميم رباعي الأسطوانات.

المحرك خماسي الأسطوانات:

تصميم آخر نادرًا ما تلقاه، فبالعادة يُمكن رؤية المحركات ذات خمسة أسطوانات على موديلات لشركات تصنيع السيارات الفاخرة مثل أودي، وفولفو. نظرًا للعدد الفردي للأسطوانات، يصدر التصميم المكون من خمسة أسطوانات صوتًا غريبًا، والذي يعرف بإسم تغريد.

المحرك سداسي الأسطوانات:

يتم استخدام تصميم الأسطوانات الست في معظم السيارات الرياضية، وهي محركات معروفة بصوتها عالي النبرة. يمكن أن يستخدم تكوين الأسطوانات الست تصميمًا مستقيمًا، أو بشكل V بحسب اختلاف نوع السيارة. سيارات السيدان الفاخرة مثل بي ام دبليو 5، ومرسيدس بنز سي كلاس تُستخدم فيها التصميم سداسي الأسطوانات. بشكل رئيسي، يتم إقران المحركات ذات 6 أسطوانات بشاحن توربيني (توربو)، أو شاحن فائق لمنحهم قدرة هائلة.

محرك ثماني الأسطوانات وما فوق:

إذا لم تكن ست أسطوانات كافية، فإن التصميم ثماني الأسطوانات ينقلك إلى فئة السيارات الخارقة. يتم استخدام التصميم ثماني الأسطوانات وما فوق في الغالب في تصميم المحرك V. تحتوي السيارات الخارقة مثل بوجاتي تشيرون على محرك دبليو 16، أي 16 أسطوانة بتصميم دبليو W مثلًا. السيارات ذات هذا التصميم  قادرة على الأداء تحت سرعات عالية، ولها عزم دوران هائل. وتختلف أصوات هذه المحركات من هدير إلى صرير عالي النبرة ينبعث من الشاحن الفائق المرفق به.

تصنيف المحركات بحسب طريقة سحب الهواء:

تستخدم بعض المحركات تقنيات طورتها عبر الزمن لإجبار المزيد من الهواء على الدخول وتوليد المزيد من الطاقة. يتيح ذلك للمحركات الأصغر حجمًا توليد طاقة مماثلة للمحركات الأكبر حجمًا مما يزيد من الكفاءة.

المحرك الذي يعمل بالسحب الطبيعي:

وهو محرك احتراق داخلي، ويسمى أيضاً المحرك الذي يستنشق الهواء طبيعيًا أو NA. يعتمد سحب الهواء في هذا النوع من المحركات على الضغط الجوي، ولا يستخدم الحث القسري للهواء في مدخل الهواء إلى المحرك. وبالتالي يُنتج طاقة أقل من محركات الحث القسري للهواء (الشاحن التوربيني/الشاحن الفائق). يُعتبر هذا المحرك بسيط التصميم، إلا أنه أكثر ضمان من محركات حث الهواء القسري.

محرك الشحن التوربيني《Turbocharged》:

يتألف الشاحن التوربيني من عمود مع توربين في أحد طرفيه وضاغط هواء في الطرف الآخر. يتم وضع المكونات في غطاء على شكل حلزون مع منفذ للإدخال، بحيث تدخل غازات العادم المهدرة بضغط عالٍ عبر هذا المنفذ، لتمر عبر التوربين، مما يؤدي لتدوير الضاغط. يمتص ضاغط الهواء المزيد من الهواء الذي يتم ضغطه ويمر عبر منفذ مخرج الهواء، ليتم تغذية الهواء إلى الأسطوانات عبر مبرد داخلي يقوم بتبريد الهواء قبل وصوله إلى الأسطوانات. وبما أن ضغط الهواء أعلى من الضغط الجوي وكمية الأوكسجين أعلى، ينتج المحرك طاقة أكبر. بدأ استخدام التوربينات في السيارات الرياضية كوسيلة لتوليد المزيد من الطاقة، إلا أنها شقّت طريقها مؤخرًا إلى السيارات الأصغر حجمًا لزيادة كفاءتها.

الشحن الفائق《Supercharged》:

تعمل الشواحن الفائقة بطريقة مشابهة للشواحن التوربينية، حيث أنها تقوم بضغط الهواء الداخل إلى المحرك لإحداث انفجار أكبر. الفرق هو أن الشاحن الفائق يعمل بواسطة حزام يأتي من المحرك. وجود الشاحن الفائق أقل شيوعاً بكثير مقارنة بالشاحن التوربيني، ولا يظهر حاليًا إلا في السيارات الفاخرة مثل رينج روڤر.

المصادر:

Types of Car Engines Car Engines Air Intake Methods Automotive Engine

ما التحديات التي تواجه الحكومات في إدارة المدن الذكية؟

هذه المقالة هي الجزء 15 من 18 في سلسلة كيف ستغير المدن الذكية من شكل عالمنا؟

تتحول المدن الذكية بسرعة إلى حقيقة واقعة في العديد من أجزاء العالم. وتتبنّى الحكومات والبلديات الفوائد المحتملة المترتّبة على التقنيات المتقدّمة، والبيانات، بهدف تحسين نوعية حياة المواطنين، وتحقيق التنمية الشاملة. بيد أن تطوير وإدارة المدن الذكية ليس بالأمر السهل، ولا يخلو من التحديات. فما هي التحديات التي تواجه الحكومات في إدارة المدن الذكية؟

إدارة المدن الذكية

لا يوجد تعريف محدّد وموحّد حتى الآن للمدينة الذكية، لأنها مفهوم جديد نسبيًا. فتقترح الجهات الفاعلة تعريفاتها الخاصة التي تتناسب مع آلية عملها، بالرغم من ذلك يوجد بعض المبادئ العامة التي تتبعها الحكومات لإدارة المدن الذكية. ومن المهم ملاحظة أن إدارة المدن الذكية هي عملية مستمرّة تتطلّب تكيُّفًا وإبداعًا، وتختلف الاستراتيجيات والنهج المتّبعة من حكومة إلى أخرى. [1]

عمومًا تتبع الحكومات نهجًا لإدارة دورة الحياة الحضرية. يتضمّن تصميم، وصيانة التفاعلات بين الأنظمة الفرعية وذلك لإنشاء نظام بيئي شامل ومستدام داخل المدينة. كما تلعب دورًا حاسمًا كعامل تكامل بين الوظائف المختلفة المكونة للمدينة. فهي تنسّق، وتشرف على تنفيذ مختلف مبادرات المدن الذكية، وتضمن الأداء السلس للأنظمة.[1]

تشارك الحكومات مختلف أصحاب المصلحة في إدارة المدن الذكية بما في ذلك المواطنين، والشركات، والأوساط الأكاديمية. من أجل ضمان مشاركتهم النشطة في تنمية المدينة وقيادتها. وتدخل التقنيات الذكية في أنظمتها مثل الذكاء الاصطناعي AI، وأجهزة الاستشعار، وإنترنت الأشياء IoT. كما تعتمد على تحليل البيانات في صنع القرار، إذ يتمكّن أصحاب القرار بفضل الرؤى المستنيرة للبيانات من تحديد المجالات التي تحتاج إلى تحسين. من ثم تخصيص الموارد على النحو الأمثل، وتقديم الخدمات المطلوبة.[2]

لكن تواجه الحكومات تحديات صعبةً في إدارة المدن الذكية، بسبب العديد من المشكلات التقنية وغير التقنية. نتيجةً لذلك يتعيّن على صنّاع القرار دراسة هذه التحديات من أجل وضع الخطط اللازمة للتغلّب عليها.

تحديات البنية التحتية

يتطلّب التطبيق الفعّال للتقنيات الذكية بنيةً تحتيةً قويةً وموثوقةً، غير أن العديد من المدن تفتقر إلى البنية التحتية المطلوبة. وقد تفتقر إلى الهياكل الأساسية المادية (مثل أجهزة الاستشعار، وشبكات الاتصالات)، أو الهياكل الأساسية المؤسسية (مثل السياسات، واللوائح التنظيمية الداعمة). ويشكّل نقص البنية التحتية تحديًا حقيقيًا للحكومات في إدارة المدن الذكية، إذ تعوق تكامل البيانات الضخمة التي تسهم في تنمية المدينة.[3]

تعتبر المدينة موطنًا لسكان متنوعين ذوي احتياجات وتوقعات مختلفة. مما يجعل من الصعب تصميم وتنفيذ بنية تحتية تلبي احتياجات الجميع، وتوفر فرصًا متكافئةً للحصول على الخدمات الذكية. لذلك تحتاج الحكومات تخطيطًا وتنسيقًا دقيقًا لضمان استفادة الجميع من التقنيات الحديثة بمن فيهم كبار السن، وذوي الاحتياجات الخاصة.[3]

تحديات خصوصية البيانات والأمن

تتعرض إدارة المدن الذكية للعديد من التحديات المتعلّقة بخصوصية البيانات والأمن، لأنها تنطوي على جمع البيانات الحسّاسة، وتخزينها، ومعالجتها. وتولّد المدن الذكية كميةً هائلةً من البيانات من أجهزة مختلفة كالكاميرات، والمستشعرات. وإذا استخدمت هذه البيانات بشكل غير مسؤول، أو مدروس، أو بسوء نيّة فقد تؤدي إلى آثار سلبية مثل انتهاك حقوق الإنسان، والمبادئ الأخلاقية. على سبيل المثال؛ يمكن أن يؤدي خرق البيانات إلى نشر معلومات حساسة كالبيانات الشخصية، والمعلومات المالية، والبيانات التجارية السرية. مما يؤدي إلى سرقة الهوية، أو الاحتيال، وغيرها من الأنشطة الخبيثة. كما يؤدي انتهاك البيانات إلى انتهاك الخصوصية حين تعرض المعلومات الشخصية لأطراف غير مصرح لها. الأمر الذي يسبب فقدان الثقة بنظام المدينة، ويخفض مشاركة المواطنين.[4][5]

يكثر التهديد السيبراني مع زيادة رقمنة المدن مما يخلق مخاوف أمنيةً مختلفةً. حيث يمكن للمخترقين استغلال نقاط الضعف في نظام المدينة لشنّ هجمات إلكترونية على الأجهزة والأنظمة. [4]

تحديات سياسية في إدارة المدن الذكية

تنطوي مشاريع المدن الذكية على نقل الوظائف العامة الحاسمة إلى أنظمة الحاسوب. نتيجةً لذلك من المهم ضمان أن يكون للجمهور رأي في اقتناء البنية التحتية الرقمية، والتحكم بها. بالرغم من ذلك غالبًا ما تُستبعد المنظمات المجتمعية من عمليات اتّخاذ القرار بشأن تنفيذ المدينة الذكية. وقد يؤدي ذلك إلى حدوث توترات سياسية.[6]

إضافةً إلى ذلك، قد تخلق المدينة الذكية تحديًا للأشخاص المستبعدين، بسبب ذلك تتشكّل مشكلة الإدماج الاجتماعي. يعني ذلك أن مشاريع المدن الذكية قد لا تكون متاحةً أو مفيدةً لجميع أفراد المجتمع، ولاسيما أولئك المهمشون، أو المستبعدون. يزيد التوتر بين مختلف الفئات، وتتعقد المشكلات المرتبطة بالإدماج الاجتماعي بسبب الأبعاد الاجتماعية، والاقتصادية، والسياسية، والثقافية للبلدان. لذلك يحتاج الخبراء إيجاد حلول مصممة خصيصًا لكل نظام ذكي.[7]

تواجه الحكومات كذلك مشكلة الإنصاف الرقمي. ويشير المصطلح إلى أن جميع الأفراد والمجتمعات لديهم إمكانية متساوية للوصول إلى تكنولوجيا المعلومات المطلوبة للمشاركة في الحياة الرقمية. وأبرزت الأبحاث التي أجريت مؤخرًا أن كوفيد-19 يزيد أوجه عدم المساواة القائمة، ويزيد تفاقم الفجوة الاجتماعية ذات الصلّة بالتكنولوجيا. ولا سيما بالنسبة للمجتمعات التي تعاني من العنصرية بما في ذلك المهاجرين الجدد، واللاجئين، والأقليات العرقية. ويعني ذلك أن بعض الناس قد لا يحصلون على التقانة اللازمة للمشاركة في المشاريع الذكية. فيؤدي ذلك إلى حدوث صراع بين أفراد المجتمع. [8]

صعوبة تقبل المواطنين لمبادرات المدن الذكية

تواجه إدارة المدن الذكية عدّة تحديات متعلّقة بتقبل المواطنين، ومشاركتهم بمبادرات المدن الذكية ومنها:

قلّة الفهم

تتمثل إحدى المشكلات في عدم فهم البلديات والقطاعات العامة لمفهوم المدن الذكية بشكل كامل. فينعكس ذلك بدوره على جودة تنفيذ الحلول الذكية. ويرجّح سبب المشكلة لنقص الخبراء القادرين على تقديم حلول شاملة للبلديات. على سبيل المثال؛ وجدت دراسة أجريت في سلوفاكيا، وإيطاليا، ولتوانيا، والدنمارك أن فهم البلديات لفكرة المدينة الذكية كان منخفضًا. ويؤثر ذلك على تقبُّل المواطنين للمدينة الذكية، لأن صانعي القرار لا يفهمون تمامًا آثار تنفيذ الحلول الذكية على بيئتهم. [9]

عدم مشاركة المواطنين

غالبًا ما تحدث مشاركة المواطنين في المدن الذكية من خلال منصات مشاركة مخصصة. حيث يمكن للمواطن عن طريقها التصويت، والمناقشة، وتقديم الأفكار. بالرغم من ذلك ، قد لا تكون المنصات الحالية فعّالةً في إشراك المواطنين إذ قد لا يدركون وجودها، أو قد لا يشعرون بأن مشاركتهم ستحدث فرقًا. وهذا النقص في المشاركة يمكن أن يُصعب على الحكومات إدراك ما يريده المواطن، وقد يؤدي إلى انعدام الثقة بين المواطنين والحكومة. [10]

الإحجام عن خلق القيمة بشكل مشترك

غالبًا ما ينظر المواطنون إلى المراقبة من قبل السلطات على أنها قمعية. بالتالي يظهرون تردّدًا في المشاركة في خلق القيمة من الخدمات الذكية، إذ تحتاج عملية صنع القيمة تعاونًا بين السكان والحكومة معًا. مع ذلك قد لا يكون المواطنون على استعداد للمشاركة في هذه العملية إذا شعروا بأن خصوصياتهم تنتهك. على سبيل المثال؛ إذا استخدمت الحكومة كاميرات لمراقبة الأماكن العامة، ربما يشعر السكان بعدم ارتياح، ولا يكونون على استعداد للمشاركة في المبادرات التي تتطلّب منهم مشاركة معلوماتهم الشخصية.[11]

استياء السكان

يشير ذلك إلى عدم رضى المواطن عن التقنيات الذكية، والعملية الديموقراطية، والتأثير المجتمعي للمدينة الذكية. مثلًا قد يشعر السكان بأن التقانة لا تخدم احتياجاتهم، وأنه لا يجري استشارتهم على النحو الملائم في عملية صنع القرار، وقد يساورهم القلق أيضًا بشأن قضايا الخصوصية. ويمكن أن يؤدي هذا السخط، والاستياء إلى مقاومة تنفيذ مبادرات المدن الذكية.[12] على سبيل المثال؛ خطّطت شركة Sidewalk labs وهي تابعة لشركة Alphabet inc -الشركة الأم لGoogle- مع مؤسسة تنشيط واجهة تورونتو البحرية لإنشاء حي ذكي على الواجهة البحرية للمدينة ويدعى المشروع Sidewalk Toronto. لكن واجه المشروع مشاكل بسبب المخاوف بشأن الخصوصية، وجمع البيانات، والشفافية. وألغي في نهاية المطاف عام 2020. [13]

الاختلافات الثقافية

تؤثر الاختلافات الثقافية على قبول، واعتماد التقانة الذكية في المجتمع ومن المهم النظر في هذه العوامل قبل تنفيذ مبادرات المدن الذكية. على سبيل المثال؛ قد يعزى سبب نجاح الأنظمة الذكية لإدارة النفايات SWMS إلى العديد من العوامل، بما في ذلك الدور الثقافي للمجتمع. حيث ينظر في بعض الثقافات إلى إدارة النفايات على أنها مسؤولية جماعية، ويرجح مشاركة السكان في الأنشطة التي تعزّز النظافة كاليابان. لكن في نفس الوقت، ينظر إلى إدارة النفايات في ثقافة أخرى على أنها مسؤولية فردية، وقد ولا يكون المواطنون على استعداد للمشاركة في الأنشطة التي تتطلّب منهم تغيير سلوكهم. [14]

تحديات التمويل

تعد إدارة المدن الذكية مهمةً مكلفةً للغاية، حيث يلزم تنفيذ بنية تحتية جديدة تعهدًا ماليًا كبيرًا، بالتالي يشكل عقبةً وخصوصًا بالنسبة للبلدان النامية. ويرى الكثيرون أن الاعتماد على الهياكل، والبنى الأساسية القائمة هو المفتاح لمعالجة مشكلة التكلفة، إلا أنها لا تخلو كذلك من صيانة، وتشغيل، ومعالجة مما يجعلها مكلفةً أيضًا.[15]

يعتبر تأمين التمويل مهمةً شاقةً تتطلب حلولًا إبداعيةً لسدّ الفجوة بين رأس المال الأولي الذي تقدّمه الحكومة، والأموال اللازمة لإتمام المشاريع. مثلًا قدّمت بعثة المدن الذكية في الهند تمويلًا لمدن مختلفة على أساس مقترحات مشاريعها. فحصلت كل مدينة على رأس مال أولي من الحكومة لتحويل حوالي 22 مليون يورو إلى المقترحات الواعدة. مع ذلك، تشير التقديرات إلى أن هناك حاجة إلى حوالي 88 مليار يورو على مدى السنوات العشرين المقبلة، أي حوالي 4.5 مليار يورو سنويًا. وبذلك سيشكل تمويل جميع المشاريع تحديًا أمام الحكومة في المقام الأول لأنها تعتمد على الاستثمار الخاص، والشراكات بين القطاعين العام والخاص.[16]

تحديات لا تنتهي

تواجه إدارة المدن الذكية تحديات أخرى كثيرة مثل التنسيق بين القطاع العام والخاص، ونقص القدرة على تنفيذ مبادرات المدن الذكية، وتحديات الخدمات العامة كتقديم خدمات مبتكرة تعالج المشاكل الحضرية الملحّة، وغيرها الكثير أيضًا.

عمومًا لن يتحقّق تعظيم إمكانات المدن الذكية إلا من خلال ثقة المواطنين، جنبًا إلى جنب مع تعاون أصحاب المصلحة الرئيسيين في البلديات والقطاع الخاص. إذ ينبغي على الجهات الفاعلة النظر إلى هذا المشروع باعتباره مشروعًا طويل الأجل بدلًا من التعامل مع الحاجات الملحة، والحلول قصيرة الأمد.

المصادر

  1. SSRN
  2. Semantic scholar
  3. Emerald insight
  4. Semantic scholar
  5. Semantic scholar
  6. ACM digital library
  7. AIS eLibrary
  8. National library of medicine
  9. MDPI
  10. Science direct
  11. Emerald insight
  12. Science direct
  13. Frontiers
  14. international journals of industry & sustainable development
  15. Semantic scholar

كيف استخدمت الموصلية الفائقة في صناعة المجسات الفوتونية ؟

تعمل عيوننا كمجسات للضوء شديدة الحساسية، حيث تعينان شدة الأشعة الساقطة عليهما ولونها وانتشارها في الفضاء. وتمتلك شبكية العين البشرية من (البكسلات) أكثر مما تمتلكه آلة تصوير رقمية. ففي الشبكية نحو ستة ملايين من الخلايا المخروطية التي تتحسس باللون وأكثر من 100 مليون من الخلايا الأسطوانية المسؤولة عن الرؤيا في الظلام. والعيون حساسة جداً، حيث أن خلية واحدة أسطوانية معتادة على الظلام يمكن أن تطلق إشارة إلي الدماغ عند امتصاصها جسيما واحداً من جسيمات الضوء (فوتوناً). والفوتون هو أصغر وحدة كمومية من موجة كهرومغناطيسية. وتلزم ست فقط من إشارات الفوتون الواحد لكي يري الدماغ ومضة. لكن العيون وآلات التصوير التجارية بعيدة عن أن تكون مثالية للعديد من المهمات. لأنها لا تستطيع أن تكشف سوى تلك الفوتونات التي تقع تردداتها في المدي المرئي الضيق. وأكثر من ذلك فإن قدراتها اللونية لا تتضمن قياس التردد المضبوط  لكل فوتون. ومن هنا أتى احتياجنا الكبير لمجسات فوتونية علمية وصناعية قادرة على كشف المجالات الكهرومغناطيسية التي تقع خارج مدي الضوء المرئي. نريد مجسات فوتونية قادرة على التقاط عوالم الأشعة تحت الحمراء والموجات الميكروية، حيث الترددات منخفضة (الأطوال الموجية طويلة، والطاقة منخفضة).

يفتقر العلماء بصورة خاصة، بالنسبة إلي الأطوال الموجية المرئية والأطول منها، إلي أجهزة قادرة علي رؤية فوتون منفرد وعلي تمييز تردده، ومن ثم طاقته بأي دقة كانت. حيث إن تعيين تردد الفوتونات يفتح الباب أمام ثروة من المعلومات حول المادة المصدرة لهذه الفوتونات. إن كشف الفوتونات بابتكار مجسات أساسها الموصلية الفائقة، بإمكانها القيام بمثل تلك القياسات الدقيقة وبأمور أخرى غير عادية. إذ أن هذه الأدوات الجديدة تحسن حساسية القياسات على مدى الطيف الكهرومغناطيسي من الموجات الراديوية إلي الضوء المرئي إلي أشعة جاما تحسينا مذهلا.

هشاشة الموصلات الفائقة ودورها في صناعة مجسات فوتونية

من الغريب أن تكون خاصية التوصيلية الفائقة التي نتج عن استخدامها في تطبيقات مثل نقل القدرة الكهربائية، هي بالضبط الميزة التي احتاجها العلماء لصناعة مجسات للفوتونات. فالموصلية الفائقة التي هي سريان التيار الكهربي من دون مقاومة، وتنشأ حين ترتبط الإلكترونات فى مادة مناسبة بعضها ببعض لتشكل ما يسمي أزواج كوبر Cooper pairs.

تسري أزواج كوبر عندئذ كمائع فائق. وهناك تأثير ميكانيكي كمومي مفاده أن الموصلية الفائقة لا تحدث فى المادة إلا حين تُبَرد هذه المادة إلي درجة حرارة منخفضة جداً، وتدعي حرارة التحول الحرجة لتلك المادة. وتبريد المادة ينقص اهتزاز ذراتها. فإذا ارتفعت درجة الحرارة فوق حرارة العتبة (Threshold)، أبعدت الطاقة الحرارية للتصادمات الإهتزازية الإلكترونين الشريكين في أزواج كوبر أحدهما عن الآخر. وأزالت بذلك الموصلية الفائقة. وبسبب هذه الحساسية للحرارة لا بد من تبريد العديد من الموصلات الفائقة إلي درجات قليلة فقط فوق الصفر المطلق ( درجة 0 كلفن تساوي 273.15-). وتحتاج بعض الأنواع إلي درجات حرارة منخفضة لا تتجاوز أجزاء قليلة من المئة من الكلفن.

هشاشة مفيدة

ولكن هشاشة الموصلية الفائقة بحد ذاتها هي الصفة التي تجعلها مناسبة بصورة مثالية للاستخدام فى المجسات الحساسة. وتعتمد مجسات الفوتونات فائقة الموصلية علي مقدرة طاقة فوتون منفرد علي تمزيق الآلاف من أزواج كوبر. عندئذ يمكن قياس التغير في حالة الموصلية الفائقة بعدة طرق بهدف الكشف عن الطاقة التي أعطاها الفوتون أي لصناعة المجسات الفوتونية. ولما كانت طاقة الفوتون متناسبة مع تردده، فإن هذا القياس يدل علي تردد الفوتون. وهذا هو المفتاح للحصول على معلومات عن الجسم الذي أتى الفوتون منه. [1]

تعمل المجسات شبه الموصلة العاملة عند درجة الحرارة العادية، مثل الأجهزة ذات الشحنات المقترنة Charged-coupled devices الموجودة في آلة تصوير رقمية، بواسطة تشويش حالة كمومية في المادة. ففي حالة الجهاز CCD، يصدم فوتون الضوء المرئي إلكترونا فيخرجه من نطاق طاقة في بلورة شبه موصلة. ولكن الإلكترونات مرتبطة ارتباطا قويا فى هذه النطاقات، لدرجة أن كل فوتون لا يحرر عادة سوي إلكترونا واحد. وهذا التحرير قليل جداً لدرجة أنه لا يكفي لتحديد تردد الفوتون. ونتيجة لذلك لا يستطيع الجهاز CCD تعيين لون الفوتون مباشرة. أما الآلات الرقمية فتشكل صوراً ملونة باستخدامها مجموعة مرشحات، أحدهما أحمر والآخر أخضر والثالث أزرق، ولا تمرر سوى الفوتونات التي تقع تردداتها في هذه المجالات. وعلي النقيض من ذلك، فإن بإمكان فوتون مرئي واحد فصل الآلاف من أزواج كوبر فى الموصل الفائق. ويتيح تكوين آلاف الإثارات قياس الطاقة قياسا دقيقا.

أنواع المجسات الفوتونية فائقة التوصيل

تصنف المجسات التي تعمل علي تحسس تمزق الموصلية الفائقة فى صنفين رئيسيين. النوع الحراري الذي يبرد حتي درجة حرارته الانتقالية بالضبط، وعندها لا يكون إلا جزئيا في حالة الموصلية الفائقة وتكون الإثارات الحرارية علي وشك أن تخرب الموصلية الفائقة كليا. وأي طاقة تُودَع فى الموصل الفائق ترفع درجة حرارته وتسبب ارتفاع مقاومته الكهربائية ارتفاعا ملموسا. أما النوع الأخر، المجسات الفاصلة للأزواج Pair-breaking فهو علي العكس من ذلك، إذ يُبَرد إلى درجة حرارة أخفض من درجة حرارة الانتقال ويكون فى حالة الموصلية الفائقة كليا. ويقيس هذا المجس عدد أزواج كوبر التي تحطمت عند إيداع الطاقة فيه.[2]

المجسات ذات الحافة الانتقالية (TES)

يعتمد النوع الحراري من المجسات الفوتونية علي حقيقة أن المقاومة الكهربائية للموصل الفائق ترتفع بشكل حاد من الصفر إلي قيمتها الاعتيادية فى المدى الضيق جداً من درجة الحرارة الذي تتحول فيه المادة من حالتها فائقة الموصلية إلي حالتها العادية. ويتيح التغير الفجائي فى المقاومة للموصل الفائق أن يعمل عمل ميزان حرارة بالغ الحساسية. ويدعي المجس الذي يستخدم الانتقال الطوري الفائق الموصلية بهذه الطريقة مجساً ذا حافة انتقالية Transition-edge sensor. وحين يمتص المجس TES فوتوناً، تتحول طاقة الفوتون إلي طاقة حرارية ترفع درجة الحرارة ومن ثم تزيد مقاومة المادة بصورة متناسبة مع الطاقة المودعة. ويمكن تبعا للمادة التي تمتص الفوتونات، أن يٌستخدم المجس TES مثل مقياس طيف لقياس طاقة الأشعة السينية وأشعة جاما أو مثل عداد فوتونات عند الأطوال الموجية تحت الحمراء أو حتى المرئية.[3]

تم تطوير أوائل المجسات TES فى الأربعينيات لكنها لم تكن عملية. وكانت المشكلة في أن مدى الانتقال إلي الموصلية الفائقة غالبا ما يكون أقل من جزء من ألف من الدرجة. ولذلك كان من الصعب إبقاء درجة حرارة الجهاز ضمن هذا المدى. وفى عام 1993، تم اكتشاف حيلة بسيطة أمكنت من حل هذه المشكلة. وهي تطبيق جهد كهربي ثابت، وهي تقنية تدعى انحياز الفلطية Voltage biasing. يؤدي الجهد المطبق إلي مرور تيار كهربي عبر المجس TES، وهو ما يرفع درجة حرارته للتسخين. وعند ارتفاع درجة حرارة الانتقال ترتفع المقاومة، و ينقص التيار الكهربي ويتوقف التسخين. وهكذا يعمل التسخين الذاتي ارتجاع Feedback سالب، فيبقي درجة حرارة الغشاء ضمن مجاله الانتقالي. كما أن الارتجاع السلبي يسرع استجابة المجسات. وقد أدي إدخال انحياز الفلطية إلي نمو هائل فى تطوير المجسات الفوتونية TES فى العالم كله.

مجسات الوصلة النفقية فائقة الموصلية Superconducting tunnel junctions

لا يمكن للمجسات الفاصلة لأزواج كوبر أن تعتمد علي التغير فى المقاومة الكهربائية لكي تعطي إشارة امتصاص فوتون. فبخلاف المجس الحراري، يحطم الفوتون الوارد أزواج كوبر ويُكَوِن أشباه جسيمات يمكن اعتبارها بمثابة إلكترونات حرة فى مادة أخري فائقة الموصلية. ويكون عدد أشباه الجسيمات الناتجة متناسبةً مع طاقة الفوتون. ولكن لما كان المجس مبرداً إلي ما دون درجة حرارته الانتقالية بكثير، فلا يزال ثمة بحر من أزواج كوبر السليمة. ولذا تبقي المقاومة الكهربية معدومة. وينبغي أن يحتفظ المجس الفاصل للأزواج بقدرته علي التمييز بين أزواج كوبر وأشباه الجسيمات.

إن أحد الأجهزة القادرة علي القيام بتلك المهمة هو الوصلة النفقية الفائقة الموصلية Superconducting tunnel junctions، المؤلفة من غشائين فائقي الموصلية تفصلهما طبقة رقيقة من مادة عازلة. فإذا كان العازل رقيقا لدرجة كافية (نحو 2 نانومتر)، أمكن للإلكترونات أن تعبر من أحد جانبي الحاجز إلي الجانب الآخر بواسطة خاصية تعرف بالعبور النفقي الكمومي quantum-mechanical tunneling. ويؤدي تطبيق مجال مغناطيسي صغير إلي منع أزواج كوبر من العبور النفقي عبر الوصلة فلا يستطيع العبور إلا أشباه الجسيمات. بعد ذلك يمكن تطبيق جهد كهربي علي الجهاز، فلا يمر تيار إلا حين يمتص أحد الغشائين فائقي التوصيلية فوتوناً يولِد أشباه جسيمات. وتكون نبضة التيار الناتجة متناسبة مع عدد أشباه الجسيمات المستحدثة وإذاً مع طاقة الفوتون وتردده.[4][5]

تطبيقات المجسات فائقة الموصلية

إن المجسات فائقة الموصلية المتاحة اليوم أكثر حساسية 100 إلي 1000 مرة من المجسات العادية التي تعمل عند درجة حرارة الغرفة. وهذه الأجهزة تحسن القياسات فى مدي واسع من المجالات.

منع انتشار الأسلحة النووية والدفاع الوطني

إن إحدي الأولويات الدولية هي مراقبة انتشار المواد النووية التي يمكن أن تستخدم فى هجوم يقوم بيه إرهابيون. وتحتوي المواد النووية على نظائر غير مستقرة تصدر أشعة السينية وأشعة جاما. وتوفر الطاقات المميزة لهذه الفوتونات بصمة تكشف عن ماهية تلك النظائر الموجودة. ولكن لسوء الحظ تصدر بعض النظائر الموجودة فى تطبيقات شرعية وعادية هي الأخرى أشعة جاما ذات طاقات شبيهة بتلك التي تصدرها مواد تستخدم في الأسلحة النووية. وهذا يؤدي إلى تحديد ملتبس وتحذيرات مزيفة. فعلى سبيل المثال، تتمثل الطاقة المميزة لليورانيوم العالي التخصيب فى أشعة جاما ذات طاقة 185.7 كيلو إلكترون فولت الصادرة من يورانيوم 235. لكن أشعة جاما هذه لها نفس الطاقة تقريبا التي تصدر عن الراديوم 226 الموجودة فى الطين فى الحاويات المخصصة للقطط وفى مواد أخري. وهذا يجعل التمييز بين الاثنتين صعبا جدا.

وقد تم تطوير مجسات من قبل مختبر لوس ألاموس الوطني لأشعة جاما مبنية علي أساس تقانة TES وتتمتع بقدرة تمييز طاقية تفوق أكثر من عشر مرات تلك التي للمجسات العادية. إذ تستطيع تلك المجسات فصل عدد أكبر من الخطوط فى أطياف أشعة جاما المعقدة للمواد النووية. وتستطيع التفريق بين اليورانيوم والراديوم والقضاء علي التحذيرات الزائفة.

الكوسمولوجيا (علم الكون)

في السنوات الأخيرة، أتت بعض أهم الاكتشافات حول فهمنا للكون من قياس اشعاع الخلفية الكونية من الموجات الميكروية Cosmic microwave background (CMB). فالفوتونات فى الخلفية الكونية هي صورة لحظية للكون بعد نحو 400000 سنة من الانفجار الأعظم. وهذا بسبب مرور معظم الفوتونات عبر الكون أثناء ال 13 بليون سنة الماضية من دون أي تغير، وأحدثت الموجات الصوتية في بلازما الكون المبكر نماذج إشعاع خلفية CMB يراها الفلكيون اليوم. وقد أظهرت قياسات تلك النماذج، أن 5% من الكون الحالي فقط يتألف من المادة والطاقة العاديتين المألوفتين بالنسبة لنا. وأن نحو 22% هي مادة خفية Dark matter و73% هي حقل غامض يعرف بالطاقة الخفية Dark energy. وقد ساعدت المجسات فائقة الموصلية العلماء علي الوصول إلي طاقات لا يمكن الوصول إليها أبدا بالتجارب الأرضية.

صارت المجسات الفائقة بالإضافة إلي ما تم ذكره من تطبيقات، تستخدم أيضا فى السنكروترونات للتحليل الكيميائي للمعادن في البروتينات وفي عينات أخري. كما ساعدت أيضًا في الكشف الفعال عن بوليمرات بيولوجية كبيرة من شظايا ال DNA، واكتشاف الأدوية وتحليل المركبات الطبيعية. بالإضافة إلي عد الفوتونات عند أطوال موجية تحت الحمراء، المستخدم في الاتصالات.

المصادر

1- Low Temperature particle detectors|
2-Superconducting nanowire single-photon detector
3-Transition-edge sensor
4-Quantum Tunneling
5-Superconducting tunnel junction

ماذا يقصد بالخرسانة الشفافة؟

إذا نظرت إلى أحياء مدينتك سترى الخرسانة في كل مكان من حولك، فهي مادّة البناء الأساسية لمعظم المنشآت الآن. لكنها لم تكن كذلك في بداية الأمر، فقد بدت ثوريةً للغاية قبل الميلاد في معبد «البانثيون-Pantheon» عندما بناه الرومان. منذ ذلك الحين وإلى اليوم يستمرّ تطوّر الخرسانة لتواكب التغيُّرات المستمرّة في صناعة البناء. ويطوّر العلماء اليوم مواد بناء غريبةً وغير متوقّعة من قبل، مثل الأسمنت الصالح للأكل، والخرسانة الشفافة. وتحدِّث الخرسانة الشفافة ثورةً في صناعة الإنشاءات، وعلى الرغم من أنها مادة جديدة نسبيًا إلا أنها تكتسب شعبيةً واسعةً. ويرجّح أن تستخدم في المزيد من التطبيقات مع استمرار تطوّرها.

ما هي الخرسانة الشفافة

تعد «الخرسانة الشفافة- Translucent concrete» نوعًا من أنواع الخرسانة التي تسمح بمرور الضوء من خلالها مع الحفاظ على الخصوصية، وذلك بفعل الألياف البصرية المدمجة بها. تعرف أيضًا باسم الخرسانة شبه الشفافة، أو الخرسانة الناقلة للضوء.[1]

تُدعى الألياف البصرية أيضًا باسم «الألياف الضوئية-Fiber optic» وهي عبارة عن ألياف رقيقة ومرنة. تصنع من الزجاج أو البلاستيك لنقل البيانات عبر مساحات طويلة، وتنقل الإشارات الضوئية وتحوّلها إلى إشارات كهربائية في نهاية الاستقبال. لا يتعدّى سمكها سمك الشعرة، وتُجمّع عادةً العديد من الألياف في حزم مع بعضها. وتستخدم على نطاق واسع في الاتصالات السلكية واللاسلكية، والإنترنت، والمعدات الطبية، وأجهزة الاستشعار. مثلًا تستخدم مستشعرات الألياف البصرية لمراقبة السلامة الإنشائية للجسور والبنى التحتية الأخرى.[2]

خرسانة شفافة Translucent concreteفي الظلام.

ترتَّب الألياف البصرية في جميع أنحاء الخرسانة مما يسمح للضوء بالانتقال عبرها من طرف إلى آخر. فيظهر نمط معيّن من الضوء على سطح الجدار اعتمادًا على بنية الألياف المتواجدة فيه.[1]

متى بدأت فكرة الخرسانة الشفافة لأوّل مرة؟

يعود تاريخ الخرسانة الشفافة إلى أوائل القرن ال20، لكنها اكتسبت اهتمامًا كبيرًا في السنوات الأخيرة كمادة بناء مستدامة. ذكر مفهوم الخرسانة شبه الشفافة لأوّل مرّة في براءة اختراع قدّمها الألماني Paul Liese في مكتب الولايات المتحدة لبراءات الاختراع عام 1922. وتعلّقت براءة الاختراع بألواح أو كتل شفافة للجدران والأسقف الخرسانية. طوّر لاحقًا «جيمس هيل- James N.Hill » طريقةً لإنشاء لوح شفاف عام 1965.ثم استمرّت صناعتها بالتطوّر، حتى وصلت إلى نتيجة اليوم.[3]

صناعة الخرسانة الشفافة

تتشابه عملية صنع الخرسانة الشفافة مع الخرسانة العادية، مع فارق انتشار الألياف البصرية في جميع أنحاء الخليط. وتصنع عادةً من الأسمنت، والرمل، والماء، والركام، والملدّنات، والألياف البصرية الناقلة للضوء. يزداد انتقال الضوء بازدياد حجم الألياف POF «بولي ميثل ميثاكريليت-Poly methyl methacrylate» وقطرها. وتنتج الشركات الخرسانة الشفافة بإضافة (1-5)% من الألياف البصرية، ويستخدم ركام ناعم فيها بدلًا من ركام خشن. [1][4]

عندما يصطدم الضوء الطبيعي أو الاصطناعي بالألياف ينتقل من خلال الخرسانة، مما يجعلها مشعةً. وتوضع الألياف بعناية باليد إما طبقةً بطبقة، أو بشكل فردي ومبعثرة وذلك بالاعتماد على مظهر المنتج النهائي.[5]

فوائد عديدة في صناعة البناء

تجلب الخرسانة الشفافة عدّة فوائد على صناعة البناء والتشييد، ومنها:

  • الجمالية، يمكن استخدامها كميزة معمارية لخلق منظر جمالي مريح وفريد للمبنى. وقد تستعمل في الديكور الداخلي لأجزاء محدّدة من الفراغات.
  • الرصد الإنشائي، يمكن دمج الألياف الضوئية في الخرسانة للكشف عن الإجهاد الإنشائي، ويؤدّي ذلك إلى الكشف المبكّر عن المشاكل المحتملة.[6]
  • انخفاض الوزن، الخرسانة الشفافة أخفّ من الخرسانة العادية، والذي يؤثّر بدوره على الوزن الذاتي للهيكل، مثلًا تنخفض قيمة الحمولة الميتة. ويقصد بالحمولة الميتة في الإنشاء: الأحمال التي تكون ثابتةً نسبيًا مع مرور الوقت، بما في ذلك وزن الهيكل الإنشائي، والجدران، والأبواب.
  • تحسين مقاومة الانضغاط الأولية بنسبة تتراوح بين 10-15% بعد 28 يومًا، في حال استخدام مزيج الألياف البصرية بنسبة 3%. بينما تنخفض مقاومة الانضغاط تدريجيًا مع زيادة الألياف البصرية في المزيج.[4] ويقصد بمقاومة الانضغاط قدرة المادة على مقاومة القوى الضاغطة محوريًا.

تأثيرات على البيئة

تمتلك الخرسانة الشفافة العديد من التأثيرات البيئية التي تجعل منها مادّة بناء مستدامة. إذ تقلّل استهلاك الطاقة لأنها تسمح بمرور الضوء الطبيعي من خلالها، نتيجةً لذلك تقلّ الحاجة إلى استعمال الإنارة الاصطناعية خلال أوقات النهار. وتُصنع من ملاط يتطلّب كمّية مياه أقلّ، ويُنتج نفايات أقل أيضًا. بسبب ذلك ينخفض انبعاث الكربون، وتتحسّن نوعية الهواء بسبب الملوثات الأقل نسبيًا. مما يخلق بيئةً صحيةً أكثر داخل المبنى.[7]

تحديات ومساوئ

تعتبر الخرسانة الشفافة تقنيةً جديدةً نسبيًا، ولا يزال هنالك الكثير من البحوث والتجارب التي يجب القيام بها لفهم كامل خصائصها وتطبيقاتها. وتواجه العديد من الصعوبات والعوائق ومنها:

  • العثور على المواد الصحيحة. يجرّب الباحثون العديد من المواد التي تسمح للضوء بالمرور من الخرسانة، وتحافظ على السلامة الهيكلية لها في نفس الوقت. ويعمل الباحثون اليوم على تطوير الخليط باستخدام مواد نانوية وزجاج بليكسي Plexiglass.
  • الحفاظ على الخصائص الميكانيكية، إذ يمكن أن تتغيّر بإضافة الألياف. على سبيل المثال؛ تمتلك الخرسانة الشفافة مقاومة انضغاط أقل من الخرسانة التقليدية، والتي قد تحد من استخداماتها في تطبيقات معينة.[8]
  • امتصاص الرطوبة، يمكن للخرسانة الشفافة امتصاص الرطوبة، وقد يؤدي ذلك إلى تغيير اللون وغيرها من المشكلات مع مرور الوقت.
  • التكلفة، تتطلب الخرسانة الشفافة تكلفة أعلى لصنعها، بسبب سعر الألياف البصرية المرتفع، وعملية التصنيع الإضافية.
  • التوافر المحدود، لأنها غير متاحة على نطاق واسع، مما يجعل من الصعب الحصول عليها لبعض المشاريع.[6]
  • قيود على التصميم. على سبيل المثال؛ قد تكون كمية الضوء التي تمرّ محدودةً، ويختلف مظهر الخرسانة اعتمادًا على زاوية ورود الضوء. لذلك يجب على المعماريين أخذ هذه العوامل بالحسبان أثناء تصميم المشروع.[8]

مسجد العزيز في أبو ظبي

يحتوي مسجد العزيز في أبو ظبي على عناصر بارزة من الكتابة العربية، تمثّل تهجئة 99 اسمًا للّه من القرآن. وتضيء الكتابة على الواجهة البالغ مساحتها 515 متر مربع في الظلام بفعل الخرسانة الشفافة. حيث تمكّنت الشركة الألمانية LUCEM من تحديد موقع الألياف الضوئية وفقًا للرسومات التي قدّمها المعماريون والخطّاط العربي.

مسجد العزيز في أبو ظبي.

وصبغوا الخرسانة بذات لون الألواح الحجرية المستعملة في أماكن أخرى من واجهة المسجد، حتى تصبح الواجهة متناسقةً. كما صبغوا الألواح الشفافة بالرمل، من أجل منحهم الملمس الصحيح. على الرغم من أن الواجهة تبدو وكأنها مضاءة من داخل المبنى، لكن يتحقق التأثير بالحقيقة بفضل نظام المصابيح المثبّتة داخل تجويف الجدار.[9]

جزء من الكتابة على واجهة مسجد العزيز في أبو ظبي.

مصرف العاصمة في الأردن

سعى مصممو «مصرف العاصمة- capital bank» إلى تغيير النهج التقليدي للمصارف، وإنشاء تجربة تجارية فيه. فاستعاضوا عن طاولات الخدمة وأماكن الانتظار التقليدية بمكاتب فردية، وأماكن استقبال مخصّصة لتلبية احتياجات العملاء. ودمجوا الطبيعة في التصميم عن طريق وضع المكاتب حول فراغ داخلي متأثر بالحدائق اليابانية. أما بالنسبة للمظهر الخارجي، فعادةً ما تتطلب المصارف وجود خصوصية للعملاء، لذلك توضع الفتحات الزجاجية في الحد الأدنى. واختار المهندسون الحجر للإكساء، لكي يتناسب مظهر المصرف مع العمارة المحلية في المنطقة. بينما استخدمت الخرسانة الشفافة لإكساء واجهة الدرج بارتفاع 14م من أجل استكمال فكرة الطبيعة التي تتدفّق عبر الأضواء والظلال. واستخدمت كذلك خرسانة عادية لتغطية الأجزاء غير الشفافة من الواجهة، والتي صنعت بذات الخليط السابق للحفاظ على السطح النهائي متماثلًا ومتناسبًا أيضًا مع لون الحجر المستعمل في باقي أنحاء المبنى.[10]

Capital bank في عمان الأردن.

استخدامات متنوعة في التصميم الداخلي والديكور

تدخل اليوم الخرسانة الشفافة في التصميم الداخلي بكثرة. على سبيل المثال كنيسة St. Andreas في ألمانيا. وفي ردهة Hansa carrée في هامبورغ، ألمانيا. وتنار بألوان مختلفة من للخلف، فيخلق ذلك مظهرًا فريدًا ومميزًا.[11]

كنيسة St. Andreas في ألمانيا.
ردهة Hansa carrée في هامبورغ، ألمانيا.
ردهة Hansa carrée في هامبورغ، ألمانيا.

وصنعت كذلك نجمة متعددة الألوان على الأرض كمشروع فني مشترك في مدينة آوغسبورغ الألمانية.[11]

نجمة من الخرسانة الشفافة في مدينة آوغسبورغ الألمانية.
نجمة من الخرسانة الشفافة في مدينة آوغسبورغ الألمانية.

يبدأ كل ابتكار بفكرة، ونطوّر اليوم ما بدأ به أسلافنا منذ أكثر من ألفي عام. فإلى أين ستقودنا أفكارنا لاحقًا في المستقبل البعيد؟

المصادر

  1. iJRASET
  2. National Library of medicine
  3. Semantic scholar
  4. Research Gate
  5. LUCEM
  6. Research Gate
  7. Research Gate
  8. Semantic scholar
  9. Archdaily
  10. Archdaily
  11. LUCEM

هل اقتربنا من تحقيق حلم البطارية الكمومية؟

البطارية الكمومية. بعدما تعمقنا وتعرفنا أكثر على أنواع البطاريات المستخدمة حاليًا وسابقًا، ونظرنا إلى إمكانية تطور كلًا منها في المستقبل، وجب الآن أن نلقي نظرة خاطفة على أحد أكثر أنواع البطاريات تفردًا والتي تحمل بمجملها مستقبل واعد يمكن أن يغير مفهومنا لتخزين الطاقة وإمدادها للأبد، ألا وهي البطاريات الكمومية.

ما هي البطارية الكمومية وكيف تعمل؟

تعتبر البطاريات الكمومية واحدة من أكثر التقنيات المثيرة والواعدة في مجال تخزين الطاقة. تعتمد هذه البطاريات على مبادئ الفيزياء الكمومية لتحسين قدراتها، وذلك عن طريق تخزين الطاقة في الحالات الكمومية لنظام فيزيائي، مثل سيل من الإلكترونات أو الفوتونات. تزداد طاقة الحالة الكمومية عن طريق إضافة مصدر طاقة خارجي إلى النظام، مثل تسليط الضوء عليه أو تطبيق جهد كهربائي. يمكن بعد ذلك إطلاق طاقة الحالة الكمومية عن طريق إزالة مصدر الطاقة الخارجية من النظام، مثل إطفاء الضوء أو إزالة الجهد الكهربائي.
وتحدد كفاءة بطارية كمومية من خلال قدرة خزن الطاقة التي يتم إضافتها إلى النظام في الحالة الكمومية، وقدرة الخزن هذه تعتمد على ظاهرة كمومية تسمى بالإمتصاص الفائق.

ما هي حالة الإمتصاص الفائق؟

تُعبر ظاهرة الإمتصاص الفائق 《Supercapacitanc عن قدرة بعض المواد على تخزين الطاقة الكهربائية بشكل فعال كهروكيميائيًا. مثلًا تختلف آلية تخزين الطاقة في البطاريات الكمومية عن البطاريات التقليدية، وذلك بسبب اعتماد البطاريات التقليدية على التفاعلات الكيميائية لضخ الطاقة.
بينما في حالة البطاريات الكمومية، يتم استخدام الخصائص الكمومية للتحكم في تدفق الشحنات الكهربائية، مما يسمح بتحقيق كفاءة أعلى وزمن تشغيل أطول.
مثلًا في آخر دراسات قام فريق من العلماء بإثبات مفهوم الإمتصاص الفائق عبر بناء عدة تجويفات مجهرية على شكل رقائق مختلفة الأحجام والتي تحتوى على عدد مختلف من الجزيئات، ليتم اكتشاف نشاط طبقة التجويف المجهرية كونها تحتوي على مواد شبه موصلة عضوية تخزن الطاقة.

ما هي المواد التي ستُستخدم في البطاريات الكمومية؟

يمكن أن تختلف المواد المستخدمة في البطاريات الكمومية بناءًا على نوع البطارية الكمومية وتصميمها.
فقد تتضمن بعض تقنيات البطاريات الكمومية استخدام مواد معدلة أو مصنعة بتقنية النانو أو البنى الجزيئية الدقيقة لتحقيق تحكم دقيق في التدفق الإلكتروني
هناك أيضًا نوع آخر من البطاريات الكمومية يسمى “البطاريات الزجاجية” والتي يشار إليها أحيانًا باسم “البطاريات الكمومية الزجاجية”. هذه البطاريات هي نوع من البطاريات ذات الحالة الصلبة التي تستخدم إليكتروليتات زجاجية وأقطاب معدنية من الليثيوم أو الصوديوم. يتكون هذا النوع من معدن قلوي (رقائق ليثيوم أو صوديوم) كقطب سالب (أنود)، وخليط من الكربون وعنصر نشط للأكسدة والاختزال، كقطب موجب (كاثود). يتم طلاء خليط الكاثود على رقائق النحاس.

ما هي الأنواع المختلفة للبطاريات الكمومية؟

تنقسم البطاريات الكمومية من حيث آلية تخزين الطاقة إلى نوعين رئيسيين:

البطارية الكمومية المعتمدة على التشابك الكمي:

تعتمد هذه البطاريات على ظاهرة التشابك الكمومية لتخزين الطاقة. التشابك هو ظاهرة فيزيائية تحدث عندما يتم ربط جسيمين أو أكثر معًا بطريقة تجعلهما يشتركان في نفس المصير، بغض النظر عن مقدار المسافة التي تفصلهما. هذا يعني أنه إذا كان جسيمًا واحدًا في حالة مثارة، فإن الجسيم الآخر سيكون أيضًا في حالة مثارة، والعكس صحيح.

البطارية الكمومية المعتمدة على التجانس:

تعتمد هذه البطاريات على ظاهرة التجانس الكمي في عملية تخزين الطاقة. التجانس هو خاصية للأنظمة الكمومية تسمح لها بالوجود في حالات متعددة في نفس الوقت بحيث تسمح بتخزين الطاقة في جميع حالات النظام المختلفة.

ما هي نقطة بداية البطارية الكمومية؟

كون البطاريات الكمومية تقنية جديدة ولا زالت قيد البحث والتطوير، فمن المؤكد بأن تاريخها يُعتبر حديثًا نسبيًا مقارنة بباقي البطاريات.
تم تقديم أول اقتراح نظري لبطارية كمومية في عام 2000 من قبل فريق من الفيزيائيين بقيادة مارتن بلينيو في جامعة بريستول في المملكة المتحدة. أظهر بلينيو وزملاؤه أنه من الممكن تخزين الطاقة في نظام كمومي باستخدام مبادئ التشابك الكمومي.
في السنوات التي تلت اقتراح بلينيو، كان هناك الكثير من الأبحاث على البطاريات الكمومية، قام عبرها العلماء بتطوير عدد من نماذج مختلفة للبطاريات الكمومية، ودرسوا خصائص هذه النماذج بتفصيل كبير. كما قاموا بإحراز بعض التقدم في تطوير نماذج تجريبية للبطاريات الكمومية. مثلًا في عام 2005 طور فريق من العلماء في جامعة بيركلي كاليفورنيا طريقة لإنشاء بطاريات كمومية من الدوائر الفائقة التوصيل، ليلحق بالركب عام 2010 فريق من العلماء بجامعة تورنتو عبر إنشاء بطارية كمومية من الأيونات المحبوسة.
إلا أن أحد أهم التطورات الحديثة في مجال البطاريات الكمومية تم عام 2018 من قبل فريق من العلماء بقيادة جيمس كواتش في جامعة أديلايد في أستراليا. أظهر كواتش وزملاؤه أنه من الممكن إنشاء بطارية كمومية يمكن شحنها وتفريغها بشكل أسرع بكثير من البطارية التقليدية. ليتبعهم فريق يضم علماء من “معهد العلوم الأساسية” في كوريا و”جامعة إنسوبريا” في إيطاليا بتصريح يدلي بإمكانية الإستعانة بنظام ميكانيكي كمومي يعرف باسم مايكروماسر《micromaser》. يستخدم هذا النظام مجالاً كهرومغناطيسيًا لتخزين الطاقة المشحونة عبر تيار من الكيوبتات، واصفين إياه بالنموذج الممتاز للبطارية الكمومية، بعد نجاحهم في إثبات أن عملية الشحن أسرع من الشحن في البطاريات التقليدية.

ما هي مزايا البطارية الكمومية؟

قدرة شحن وتفريغ أسرع:

يمكن شحن وتفريغ البطاريات الكمومية بشكل أسرع بكثير من البطاريات التقليدية. هذا لأنها يمكن أن تستخدم الطاقة المخزنة في الحالات الكمومية، والتي يمكن الوصول إليها بشكل أسرع بكثير من الطاقة المخزنة بين روابط الذرات والجزيئات.

عمر أطول:

يمكن أن تدوم البطاريات الكمومية أطول بكثير من البطاريات التقليدية. هذا لأنها لا تخضع لنفس الإنحدار الذي تخضع له البطاريات التقليدية.

كثافة طاقة أعلى:

يمكن للبطاريات الكمومية تخزين المزيد من الطاقة لكل وحدة حجم من البطاريات التقليدية. نظرًا لتعدد الحالات الكمومية التي يتم خزن الطاقة بها.

ما الذي يحد من تحقيق حلم البطارية الكمومية؟

هنالك العديد من التحديات التي تحد من زخم تطور البطاريات الكمومية، والتي يجب التغلب عليها قبل أن يتم تصنيعها تجاريًا. هذه التحديات تشمل:

تطوير عملية التصنيع:

البطاريات الكمومية لا تزال معقدة ومكلفة للغاية لإنتاجها. يجب أن تحدث ثورة تطورية في عملية التصنيع تكلفة البطاريات الكمومية وجعلها قابلة للإستخدام الشائع.

تحسين كفاءة البطارية الكمومية:

كفاءة البطاريات الكمومية لا تزال منخفضة نسبيًا. هذا يعني أن الكثير من الطاقة يضيع عند شحن أو تفريغ البطارية. تحسين كفاءة البطاريات الكمومية أمر ضروري لجعلها خيارًا عمليًا ومعقول التكلفة.

ما التغيير الذي ستحدثه البطارية الكمومية؟

إذا تم تطوير بطاريات كمومية بشكل ناجح، فإنها يمكن أن تؤثر بشكل كبير على مجموعة واسعة من الصناعات، بما في ذلك:

المركبات الكهربائية: يُمكن استخدام بطاريات كمومية لتشغيل المركبات الكهربائية، مما يجعل من المركبات هذه أكثر عملية وفاعلية.

تخزين الطاقة: إمكانية استخدامها لتخزين طاقة من مصادر متجددة، مثل طاقة الشمس والرياح، وبذلك تحقيق استقرار للطاقة التي تزودها المحطة.

استكشاف الفضاء: من الممكن أن تُستخدم لتشغيل المركبات الفضائية، مما يسمح لها بالسفر لمسافات أبعد ولفترات زمنية أطول.

المصادر:

Colloquium: Quantum coherence as a resource
Energy storage and coherence in closed and open quantum batteries
Superabsorption in an organic microcavity: Toward a quantum battery
Quantum Batteries: The Future of Energy Storage?

ما هي بطاريات الصوديوم أيون؟

تناولنا في مقالاتنا السابقة البطاريات الجلفانية، وتطرقنا إلى أحد أنواعها وهي بطارية الليثيوم أيون. وهنا سنتناول بشكل أكثر تفصيلًا نوعًا آخر لهذه البطاريات، ألا وهي بطاريات الصوديوم أيون. تكمن أهمية بطارية الصوديوم أيون في إمكانيتها مستقبلًا في المساهمة في حل بعض التحديات التي تواجه تطبيقات تخزين الطاقة ذات السعات العالية، والمتجددة.

ما هي بطارية الصوديوم أيون؟

تعتبر بطارية الصوديوم أيون أحد أنواع البطاريات الجلفانية القابلة للشحن، والتي تستخدم أيونات الصوديوم لنقل الشحنة الكهربائية بين الأقطاب. تشير بعض الأبحاث إلى أن هذه البطاريات يمكن أن تكون بديلاً واعدًا لبطاريات الليثيوم أيون في التطبيقات الصناعية، وتخزين الطاقة كما سبق ذكره في مقدمتنا.
وما يميز هذه البطاريات هو تفردها بعدة مزايا أهمها: الأمان، والاستدامة، والتكلفة المنخفضة.

ما هي آلية عمل بطارية الصوديوم أيون؟

تعتمد آلية عمل بطارية الصوديوم آيون على تدفق الأيونات بين القطبين المختلفين في البطارية أثناء عملية الشحن والتفريغ. في عملية الشحن، يتم تطبيق تيار كهربائي على البطارية، مما يؤدي إلى تحرير أيونات الصوديوم الموجودة في القطب السالب وتتحرك إلى القطب الموجب عبر مادة سائلة تحتوي على أملاح صودية منفصلة في مذيبات قطبية بروتية أو غير بروتية تسمى بالإلكتروليت. بعد ذلك، يتم تخزين هذه الأيونات في القطب الموجب.
أما في عملية التفريغ، يتم توصيل البطارية بالحمل الكهربائي ويتحرر الصوديوم من القطب الموجب ويتحرك عبر الإلكتروليت إلى القطب السالب، ويتم إطلاق الطاقة الكهربائية خلال هذه العملية.

كيف تطورت بطارية الصوديوم أيون عبر التاريخ؟

تم اكتشاف بطارية الصوديوم أيون في عام 1807 من قبل الكيميائي والمخترع الإنجليزي سير همفري ديفي. وقد تم تطوير هذه البطاريات في السبعينات وأوائل الثمانينات من القرن الماضي. ومع ذلك ، بحلول التسعينات ، أظهرت بطاريات الليثيوم أيون فعالية تجارية أكبر، مما تسبب في انخفاض الاهتمام ببطاريات الصوديوم أيون.
في أوائل العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، شهدت بطاريات الصوديوم أيون عملية إعادة إحياء، وذلك بسبب ارتفاع تكلفة المواد الخام لبطاريات الليثيوم أيون. حتى وصلنا الآن إلى مرحلة تصنيع هذه البطاريات بصورة أوسع ليتم استخدامها تجاريًا في معظم المجالات الصناعية.

ما مزايا بطارية الصوديوم أيون؟

توافر ورخص المادة الخام:

الصوديوم هو عنصر شائع في الطبيعة ولا يتطلب استخراجه من مناجم نادرة أو باهظة الثمن. يمكن الحصول على الصوديوم من ملح البحر، أو من منتجات ثانوية لعمليات صناعية أخرى.

الأمان:

بطاريات الصوديوم أيون غير قابلة للاشتعال، ولا تسبب حوادث حرارية أو انفجارا كما قد يحدث في بعض بطاريات الليثيوم أيون. كما أنها تتحمل الجهود الحرارية، وتتميز بالانتقال الآمن من درجات الحرارة العالية إلى المنخفضة بشكل أفضل.

غير مكلفة:

بطاريات الصوديوم أيون يمكن تصنيعها على نفس خطوط إنتاج بطاريات الليثيوم أيون دون تغيير كبير في المعدات أو التقنية. كما يمكن استخدامها لنفس التطبيقات التي تستخدم فيها بطاريات الليثيوم أيون دون تغيير كبير في التصميم، أو تغير في الأداء.

ما هي الأنواع المختلفة لبطاريات الصوديوم أيون؟

توجد عدة أنواع من بطاريات الصوديوم أيون تختلف في تركيبها وخصائصها واستخداماتها، ومن بين هذه الأنواع:

بطاريات الصوديوم-بوليمر:

يتم استخدام بوليمرات صلبة أو هلامية بدلاً عن المذيبات السائلة، والتي تُعرف بالإلكتروليت. تتميز هذه البطاريات بأنها أكثر أمانًا وأخف وزنًا وأكثر مرونة من البطاريات التقليدية.
تستخدم بطاريات الصوديوم بوليمر الصلبة -كما يوضح اسمها- بوليمرات صلبة مثل بولي أكسيد إثيلي《PEO》، أو بولي فلورو إثيلين 《PVDF》 كبديل للإلكتروليت. وبالرغم من تمتع هذه البطاريات بقوة ميكانيكية عالية؛ واستقرار كهروكيميائي جيد، إلا أنها تعاني من موصلية أيونية منخفضة، وانخفاض عدد دورات الشحن والتفريغ.
تستخدم بطاريات البوليمر صوديوم الهلامية بوليمرات هلامية مثل بولي أكريلامايد 《PAAm》، أو بولي فاينيل سيلان《PVS》 كبديل للإلكتروليت. يتميز هذا النوع باحتوائه على مذاب قطبي يتغلغل في شبكة بوليمرية ثلاثية الأبعاد، مما يزوده بموصلية أیونیة عالیة. ومع ذلك، فإن هذه البطاریات تعاني من انخفاض تحمل الأحمال المیکانیکیة، وتدهور سریع لسعة التخزین.

بطاريات الصوديوم-كبريت:

تستخدم هذه البطاريات الصوديوم السائل، والكبريت السائل كأقطاب. وتتكون كل خلية من بطارية الصوديوم-كبريت من بديل إلكتروليت صلب ينقل الأيونات بشكل انتقائي بين قطب سالب من الصوديوم، وقطب موجب من الكبريت. يتم تغليف الخلية بغلاف فولاذي محمي من التآكل من الداخل، ويعمل هذا الغلاف كقطب موجب، بينما يعمل الصوديوم السائل كقطب سالب. ويتم إغلاق الحاوية من الأعلى بغطاء ألومنيوم محكم.
خلال عملية التفريغ، يتفاعل الصوديوم مع أكسجین الماء لإنتاج هیدروکسید صودیوم فی القطب السالب، بینما یتفاعل الکبریت مع أیونات الصودیوم لإنتاج کبریتید صودیوم فی القطب الموجب.
هذا النوع من البطاريات له كثافة طاقة مشابهة لبطاريات الليثيوم أيون، ويتم تصنيعه من مواد رخيصة وغير سامة. ومع ذلك، بسبب الحرارة العالية المطلوبة للتشغيل (عادة ما بين 300 و 350 درجة مئوية)، فضلاً عن طبيعة الصوديوم والكبريت المسببة للتآكل، فإن هذه البطاريات تناسب بشكل أساسي تطبيقات تخزين الطاقة الثابتة، بدلاً من استخدامها في المركبات. بالإضافة إلى أن هذه البطاريات تعاني من مشاكل في السلامة والمتانة، مثل عدد دورات الشحن والتفريغ المحدود (أقل من 1000 دورة في المتوسط). نتيجة لذلك، لم تحقق هذه البطاريات انتشارًا تجاريًا واسعًا.

بطاريات الصوديوم-هواء:

يتكون هذا النوع من قطب سالب من الصوديوم، وقطب موجب من مادة كربونية تحتوي على محفز لتسهيل رد فعل الأكسجين. يفصل بينهما محفز إلكتروليتي يحتوي على أملاح صودا، أو بديلا صلبًا عنه. خلال عملية التفريغ، يتأكسد الصوديوم ويتحول إلى أيونات صوديوم، منتقلة عبر الناقل إلى القطب الموجب. بينما تسافر الإلكترونات عبر الدائرة الخارجية. في نفس الوقت، يؤخذ الأكسجين من الهواء، ويتفاعل مع أيونات الصوديوم لتشكيل نواتج التفريغ، والتي قد تكون أكسيد الصوديوم، أو بيروكسيد الصوديوم، أو سوبرأكسيد الصوديوم بحسب ظروف التفاعل.
 هذا النوع من البطاريات له كثافة طاقة نظرية عالية جداً، تصل إلى 1600 واط ساعة / كغم، وجهد تفريغ عالٍ، يصل إلى 2.5 فولت. 

ما هي تطبيقات واستخدامات بطارية الصوديوم أيون؟

تتميز بطاريات الصوديوم أيون بعدة خصائص تجعلها مفيدة للعديد من التطبيقات، ومن بين استخداماتها:
تخزين الطاقة المتجددة: استخدامها لتخزين الطاقة المتولدة من الطاقة الشمسية والرياح وغيرها من المصادر المتجددة.
النقل الكهربائي: من الممكن أيضًا استخدام بطاريات الصوديوم أيون في السيارات، والدراجات الكهربائية، والحافلات الكهربائية لتخزين الطاقة وتشغيل المحركات الكهربائية.
الإضاءة: تعتبر بديلًا جيد لإضاءة الشوارع والمناطق النائية التي لا تصلها الكهرباء.
التطبيقات الطبية: تستخدم في الأجهزة النقالة، وفي أجهزة المراقبة الطبية.

المصادر:

The Future Roadmap for Sodium-Ion Batteries – Blackridge Research.
Sodium and Sodium‐Ion Batteries: 50 Years of Research.
Engineering of sodium-ion batteries: Opportunities and challenges
Sodium Ion Battery

ما هو المكثف وكيف يعمل؟

منذ الثورة الصناعية، اعتمد العالم على الوقود الأحفوري رغم ما يسببه من انبعاثات لغاز ثاني أكسيد الكربون، المعروف كأحد أخطر الغازات الحبيسة. ومن المتوقع نضوب الوقود الأحفوري بحلول عام 2050، لذا يتجه العلماء لتوفير طاقة نظيفة مثل الخلايا الشمسية أو وقود الهيدروجين. ولضمان استمرارية وتطوير إنتاج الطاقة النظيفة، نحتاج إلى أجهزة تخزين الطاقة ومن أشهرها البطاريات والمكثفات. البطارية تخزن الطاقة عن طريق تحويل الطاقة الكيميائية لكهربية بواسطة عمليات الأكسدة والاختزال مما يوفر مرور تيار كهربي يُستخدم في تشغيل مختلف الأجهزة الكهربائية. ولكن ما هو المكثف وكيف يعمل؟

يعمل المكثف على تخزين الطاقة في صورة مجال كهربي. والاختلاف الجوهري بين المكثفات والبطاريات يكمن في آلية تخزين الطاقة، وما يترتب على ذلك من خصائص لكل منهما [1] .

اختراع المكثف الكهربي

يعتبر أول من اخترع المكثف هو «بيتر فان موشنبروك- Pieter van Musschenbroek» عام 1746 في جامعة ليدن في هولندا باستخدام «جرة ليدن-Leyden jar».  وجرة ليدن هي عبارة عن جرة زجاجية ملفوفة من الداخل والخارج بورق معدني رفيع. تم توصيل الرقاقة الخارجية بالأرض، وتم توصيل الرقاقة الداخلية بمصدر للكهرباء [2].

صورة جرة ليدن من موقع متحف الفيزياء لجامعة كوينزلاند الأسترالية

على الرغم من عدم فهم كيفية عملها في ذلك الوقت، اكتشف بيتر أن الجرة تخزن شحنة كهربائية حتى بعد فصلها عن المولد. ومثل العديد من الأجهزة الكهربائية المبكرة، لم يكن هناك استخدام خاص لجرة ليدن في البداية. لكن اليوم ومع تطور العلوم والتكنولوجيا أصبحت المكثفات وما ترتب عليها من تطورات جزء لا يتجزأ من اختيارات تخزين الطاقة.

مم يتكون المكثف؟

المكثف هو جهاز يتكون من موصلين للكهرباء بينهما مادة عازلة. يقوم المكثف بتخزين الطاقة الكهربية الساكنة في صورة مجال كهربي. ويعتمد المكثف على المجال الكهربي الناتج عن اختلاف الشحنات على الموصلين. وبسبب الاعتماد الكلي على التجاذب الكهربي بين الشحنات، تُستخدم المكثفات في مواضع كثيرة تحتاج التفريغ السريع اللحظي لكمية ما من الطاقة مثل وامض الهاتف المحمول (فلاش الكاميرات) [3].

تصميم تخطيطي لأول مكثف (جرة ليدن)            

  

صورة توضيحية لأبسط مكونات المكثف

آلية تخزين المكثفات للطاقة

تخزن المكثفات الطاقة الكهربائية على شكل شحنة كهربائية متراكمة على ألواحها. وعندما يتصل المكثف بمصدر طاقة، تتراكم الشحنات على الألواح ومن ثم يمكن إطلاقها عند فصل المكثف عن مصدر الشحن عند الحاجة. ويمكنك شحن مكثف ببساطة عن طريق توصيله بدائرة كهربائية. وعند تشغيل الطاقة، تتراكم الشحنة الكهربائية مجددًا تدريجياً على الألواح. ويكتسب إحدى اللوحين شحنة موجبة، بينما يكتسب اللوح الآخر شحنة متساوية ومعاكسة (سالبة).

إذا فصلت الطاقة، فسيحتفظ المكثف بشحنته لكنه سيفقدها ببطء مع مرور الوقت، لكن إذا قمت بتوصيل المكثف بدائرة ثانية تحتوي على شيء مثل محرك كهربائي أو مصباح، ستتدفق الشحنة من المكثف عبر المحرك أو المصباح حتى لا يتبقى أي شيء على الألواح. على هذا النحو، تصبح المكثفات قادرة على إطلاق الطاقة المخزنة بمعدل أعلى بكثير من البطاريات، لأن العمليات الكيميائية في البطاريات تحتاج إلى مزيد من الوقت لتحدث[3] .

أوجه الاختلاف بين البطاريات والمكثفات

  1. تعتمد البطاريات في تخزينها على التفاعلات الكهروكيميائية الحادثة داخل الخلية بينما تخزن المكثفات الطاقة في صورة مجال كهربي بين قطبي الجهاز.
  2. تستطيع البطاريات تخزين أضعاف كمية الكهرباء المُخزنة في المكثفات. كما تقوم البطاريات بتفريغ الطاقة المخزنة بجهد ثابت لفترة طويلة، ولكن لا يمكن تفريغها لحظيًا.
  3. تقوم البطاريات بتفريغ طاقتها في وقت أطول من المكثفات، حيث تستطيع البطاريات تخزين كمية هائلة من الطاقة مقارنة بالمكثفات وذلك بفضل العمليات الكهروكيميائية.

فيم تتميز المكثفات عن البطاريات؟

تتميز المكثفات بفترة عمر أطول كثيرًا -تُقدر بالسنين- من البطاريات. والأهم من ذلك أنه يمكن إعادة شحنها مرارًا وتكرارًا دون فقد أي طاقة مخزنة. وذلك لأن المكثف يعتمد على تخزين الطاقة في صورة مجال كهربي. على صعيد آخر يحدث تآكل للمواد الكيميائية المكونة للبطاريات، وبالتالي لا يمكن إعادة شحنها إلا مرات محدودة إذا أمكن ذلك، ولكن يوجد أنواع بطاريات لا يمكن إعادة شحنها [4].

 هل يوجد جهاز يدمج بين ميزات البطارية والمكثف؟

نعم، إنه الجيل الجديد من أجهزة تخزين الطاقة ويعرف بالمكثفات فائقة التوصيل. ويعتمد المكثف فائق التوصيل في تخزينه للكهرباء على آليتي التخزين: تحويل الطاقة الكيميائية لطاقة كهربية، وتخزين الطاقة الكهربية الساكنة بين القطبين في صورة مجال كهربي [4,5].

تطبيقات المكثفات

هناك العديد من التطبيقات التي تستخدم المكثفات كمصادر للطاقة. إذ تُستخدم المكثفات في أجهزة الراديو لضبط التردد المطلوب، وفي المنازل أيضا لتحويل التيار المتردد لتيار مستمر لتشغيل الأجهزة الكهربائية. كما يتم استخدامها في المعدات الصوتية، وإمدادات الطاقة غير المنقطعة، وومضات الكاميرا، والأحمال النبضية مثل الملفات المغناطيسية والليزر وما إلى ذلك [5]. وفي الآونة الأخيرة، يركز العلماء جهودهم على تطوير المكثفات لتخزين الطاقة واستخدامها في الدوائر الكهربائية المختلفة، ولملء الفجوة بين المكثفات والبطاريات، والوصول لمعدل تفريغ طاقة عالٍ بسعة تخزينة كبيرة. ويعتبر ذلك النوع هو الجيل الجديد من أجهزة تخزين الطاقة حيث تتميز بسعات تخزينية أعلى من المكثفات العادية. كما تعتمد في آلية تخزينها على تكوين طبقة مزدوجة من الشحنات وكذلك التفاعلات الكهروكيميائية كما في البطاريات.

يمكن أن تخزن هذه المكثفات كميات كبيرة من الطاقة وتوفر إمكانيات جديدة، خاصة في مجالات السيارات الكهربائية، والمكابح المتجددة في صناعة السيارات. ويقصد بالكبح التجديدي تنشيط المكابح المتجددة، فتتباطأ السيارة مع تجديد بعض الكهرباء التي كانت تستخدم في الأصل لتسريعها. ثم يتم تغذية هذه الكهرباء مرة أخرى إلى البطاريات لتسريع السيارة مرة أخرى في المستقبل. يختلف الكبح التجديدي عن المكابح التقليدية التي لا تولد شيئا سوى الحرارة والضوضاء عند إبطاء السيارة. وعلى عكس مركبات ICE (Internal Combustion Engine- محرك الاحتراق الداخلي) التي تستخدم المكابح التقليدية فقط، تستخدم السيارات الكهربائية كلا من الكبح التقليدي والمتجدد [6].

ومن التطبيقات أيضًا المحركات الكهربائية الصناعية، وذاكرة الكمبيوتر الاحتياطية أثناء فقدان الطاقة وغيرها الكثير. وسيكون للمكثفات نصيب هائل في المستقبل لما تلبيه من حاجتنا إلى السرعة وندرة الموارد.

المصادر:

  1. Science | Materials science. Where do batteries end and supercapacitors begin?
  2. wired | the Physics of Leyden Jars
  3. Science News Explores | Explainer: How batteries and capacitors differ
  4. Encyclopedia | Supercapacitor Applications and Developments
  5. Machine Design | What’s the Difference Between Batteries and Capacitors?
  6. Auto Express | Regenerative braking: what is it and how does it work?

ما هي بطاريات الليثيوم أيون؟

بطاريات الليثيوم أيون. تناولنا في المقال السابق البطاريات الجلفانية، وعرفنا أن بطاريات الليثيوم أيون تُعتبر أحد أهم أنواعها. ومن هنا سنتناول بشكل منفصل بطاريات الليثيوم أيون لنتعرف على كل ما يخص هذه البطاريات التي أحدثت ثورة تقنية منذ اختراعها.

ما هي بطارية الليثيوم أيون؟

تُعتبر بطارية الليثيوم أيون نوع من أنواع البطاريات الجلفانية القابلة لإعادة الشحن، وتعتمد على تقنية الليثيوم أيون لتخزين الطاقة الكهربائية. ونستطيع القول بأن هذه البطاريات تُصنف بأنها أحدث تقنيات البطاريات القابلة للشحن وأكثرها شيوعاً، وأهم الشركات الرئيسية المصنعة لهذا النوع من البطاريات هي سامسونج؛ وباناسونيك؛ وسوني وغيرها.

آلية عمل بطارية الليثيوم أيون:

تعتمد آلية عمل بطارية الليثيوم أيون على تدفق الأيونات بين قطبي البطارية خلال عملية الشحن والتفريغ. وتحتوي بطارية الليثيوم أيون على مواد مختلفة في كل من القطب السالب والقطب الموجب، والتي تتفاعل بدورها مع أيونات الليثيوم لتحويل الطاقة الكهربائية إلى طاقة كيميائية والعكس صحيح عند التفريغ.
فمثلًا يحتوي القطب السالب في البطارية على مادة ألكوكسيد المعالجة بالجرافيت والتي تتفاعل مع أيونات الليثيوم عند شحن البطارية، حيث يتم إدخال الأيونات الليثيوم في ألكوكسيد وبهذا يتفاعل الكربون الموجود في الجرافيت المستخدم في معالجة الألكوكسيد مع الليثيوم. ومن جهة أخرى، يحتوي القطب الموجب على مادة أكسيد الكوبالت وأكسيد الليثيوم، حيث تتفاعل هذه المواد مع أيونات الليثيوم المتحررة من القطب السالب خلال عملية الشحن، وتتحرر هذه الأيونات عند التفريغ لتسريع تدفق التيار الكهربائي.

متى اُخترعت بطارية الليثيوم أيون؟

بدأت الأبحاث التي تستهدف تطوير بطارية الليثيوم أيون منذ سبعينيات القرن الماضي. إلا أن عملية التطوير العملي لها لأول مرة بدأ في عام 1980 من قبل باحثين في شركة ExxonMobil الأمريكية. ليتم تحسينها لاحقًا من قبل شركة Sony اليابانية في العام 1991، وإطلاقها تجارياً أيضًا في العام ذاته. ومنذ ذلك الحين، أصبحت بطارية الليثيوم أيون هي البطارية الرائدة في العالم.

مزايا بطاريات الليثيوم أيون:

تتميز بطارية الليثيوم أيون بمزايا جعلتها الأكثر كفاءة وانتشارًا في العالم، وذلك لأسباب عدة، منها:

كثافة عالية لطاقتها الثقالية:

تتميز بطارية الليثيوم أيون بكفاءة عالية في تخزين الطاقة، مما يسمح بتشغيل الأجهزة الإلكترونية والمركبات الكهربائية لفترات أطول دون الحاجة إلى إعادة الشحن المتكرر.

انخفاض وزنها:

تتمتع بطارية الليثيوم أيون بوزن خفيف مما يجعلها مناسبة للاستخدام في الأجهزة المحمولة مثل الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية والحواسيب المحمولة.

طول عمرها الافتراضي:

تمتاز هذه البطاريات بعمر افتراضي أطول من البطاريات التقليدية، ويمكنها الاستمرار في العمل لسنوات عديدة دون الحاجة إلى استبدالها.

قابليتها لإعادة الشحن:

القدرة على إعادة الشحن مرارًا وتكرارًا، جعلت من اختراعها خطوة ثورية لتعمل على استبدال البطاريات التقليدية كونها أكثر اقتصادية.

أنواع بطاريات الليثيوم أيون:

تتنوع بطاريات الليثيوم أيون، وتختلف فيما بينها من حيث التركيب الكيميائي والخصائص الفيزيائية والكهربائية. ومن بين هذه الأنواع:

بطاريات الليثيوم بوليمر 《Lithium Polymer batteries》:

وهي عبارة عن بطاريات تستخدم في العديد من التطبيقات الحديثة مثل الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية والأجهزة الإلكترونية الأخرى، وذلك بسبب أداءها العالي؛ وحجمها الصغير؛ ووزنها الخفيف. وتتميز هذه البطاريات بقدرتها على الاحتفاظ بالشحنة لفترة طويلة.

بطاريات الليثيوم فوسفات 《Lithium iron phosphate batteries》:

وتستخدم هذه البطاريات في السيارات الكهربائية؛ والمركبات الثقيلة؛ ونظم الطاقة الضخمة، وذلك بسبب قدراتها الكهربائية المتميزة؛ وتحملها لدرجات الحرارة العالية؛ وقابلية استخدامها تحت الجهود العالية.

بطاريات الليثيوم كوبالت 《Lithium Cobalt batteries》:

تدخل هذه البطاريات في العديد من الصناعات التي تتميز منتجاتها بالدقة، مثل: الأجهزة الإلكترونية الصغيرة؛ وأدوات القياس؛ والأدوات الطبية.

بطاريات الليثيوم تيتانات 《Lithium Titanate batteries》:

مثلها مثل بطاريات الليثيوم فوسفات، تدخل هذه البطاريات في صناعة السيارات الكهربائية؛ والمركبات الثقيلة؛ ونظم الطاقة الكبيرة؛ والطائرات دون طيار. وهذا بسبب قدرتها على الشحن السريع؛ والاحتفاظ بالشحنة لفترة أطول؛ ومقاومتها للجهود الحرارية الميكانيكية.

مستقبل بطاريات الليثيوم أيون:

تتوقع العديد من الدراسات والتقارير أن تتجه صناعة السيارات والطاقة النظيفة بشكل أساسي إلى استخدام بطاريات الليثيوم أيون في المستقبل. ومن المتوقع أن يتزايد الطلب على هذه البطاريات بشكل كبير خلال العقود القادمة، وذلك بسبب اعتماد المزيد من الصناعات على تقنيات الطاقة النظيفة، وتسارع عملية التحول من الوقود الأحفوري إلى توليد الطاقة الكهربائية من مصادر متجددة ونظيفة.
وتعمل العديد من الشركات حاليًا على تطوير تقنيات جديدة لبطاريات الليثيوم أيون، ويتم التىكيز بشكل رئيسي على زيادة الكفاءة؛ وتقليل التكلفة؛ وتحسين الأمان؛ وزيادة قدرتها تحمل الجهود الحرارية. كما تعمل الشركات على تقليص فترة شحن البطارية لتواكب تطلعات الاقتصاد العالمي والثورة التكنولوجية التي نقبل عليها.

المصادر:

Lithium-ion
Lithium-ion Battery Basics
The Evolution of Lothium-ion Batteries

The different types of Lithium-ion batteries

ما هي البطاريات الجلفانية؟

ما هي البطاريات الجلفانية:

تُعرف البطاريات الجلفانية (الأيونية السائلة) بأنها بطاريات تعتمد على المذيبات الأيونية لنقل الشحنات الكهربائية بين الأقطاب الكهربائية، ما يعني أنها لا تحتوي على جزء صلب داخلي يحتاج إلى تفكيك أو إعادة تركيب.
تتكون البطاريات الجلفانية عادة من زوجين من الإلكترودات الخاصة مكونة بذلك الأقطاب السالبة والموجبة؛ مثل الكربون والليثيوم، ويفصلهما غشاء مخصص يعمل كمادة وسيطة.

ما الذي يميز البطاريات الجلفانية:

تتمتع البطاريات الجلفانية بعدة مزايا، منها قدرتها على إنتاج الكهرباء بشكل مستمر، وقابليتها لإعادة الشحن، وغيرها؛ مثل:

قابلية التشغيل في درجات حرارة مختلفة:

تتحمل البطاريات الجلفانية درجات حرارة عالية مقارنة بالبطاريات الأخرى، ما يعني أنه يمكن استخدامها في الظروف القاسية والتطبيقات الصناعية.

كفاءة الشحن والتفريغ:

تتمتع البطاريات الجلفانية بكفاءة عالية في عمليات الشحن والتفريغ، فتحتفظ بالشحن لفترة أطول مقارنة بالأنواع الأخرى.

عمر إفتراضي طويل:

تمتع البطاريات الجلفانية بعمر طويل نسبيًا، ما يعني أن حاجتها للصيانة والتبديل أقل بكثير مما تحتاجه البطاريات الأخرى.

صديقة للبيئة:

تتكون البطاريات الجلفانية من مواد صديقة للبيئة، فلا تحتوي على كثير من المواد الضارة، التي تتواجد في البطاريات التقليدية. وكلما أُخذت إلى مرحلة أكثر تطور، تحسنت جودة المواد المستخدمة فيها، وقل استخدام المواد السامة.

تاريخ البطاريات الجلفانية:

تعتبر البطاريات الجلفانية من أحدث التقنيات في عالم البطاريات الكهربائية، وككل اختراع مهم في تاريخ البشرية، أخذت عملية تطويرها فترة لا بأس بها، محدثة بذلك أهم قفزاتها التكنولوجية في القرن العشرين مساهمة بذلك في زيادة عجلة التسارع التكنولوجي.
ففي عام 1898، قام العالم الإيطالي جيوزيبي زامبوني بتطوير أول بطارية جلفانية عن طريق استخدام الجل والتيار الكهربائي. وقد أدى هذا الإختراع إلى تحسين أداء بطاريات الحمض الرصاصي التي كانت تستخدم آنذاك.
وفي العقود اللاحقة، شهدت البطاريات الجلفانية تطورات هائلة، حيث تم تحسين أدائها، وكفاءتها، لتتلائم مع الوظيفة التي صنعت لأجلها دون أن تلحق أضرار متراكمة على البيئة.

وفي عام 1973، تم تطوير أول بطارية جلفانية قابلة للشحن من قبل العالم الأمريكي جون غودنوف. ومنذ ذلك الحين، تم تطوير أنواع مختلفة من البطاريات الجلفانية، بما في ذلك بطاريات الليثيوم الجلفانية التي أصبحت مشهورة في العالم وأصبحت جزءًا لا يتجزأ من أجهزة الهواتف المحمولة، والألواح الذكية، والسيارات الكهربائية.

ما هي آلية عمل البطارية الجلفانية:

تعتمد جميع أنواع البطاريات الجلفانية على نفس الآلية الأساسية لتوليد الكهرباء، فتقوم البطارية بتحويل الطاقة الكيميائية إلى طاقة كهربائية عن طريق عملية التأكسد والاختزال.

يتكون الجهاز الكهروكيميائي الذي يتم استخدامه في البطاريات الجلفانية من قطبين كهربائيين ووسط كهروليتي يسمى المحلول الجلفاني. يتم وضع القطب السالب في المحلول الجلفاني المكون من مذيب وملح، في حين يتم وضع القطب الموجب في المحلول الجلفاني المكون من أكسدة وخاصية خفض الأيونات.

عند تشغيل البطارية، يبدأ التفاعل الكيميائي بين المحلول الجلفاني والقطبين، مما يؤدي إلى إنتاج الكهرباء. يتم تحريك الإلكترونات من القطب السالب إلى القطب الموجب عبر الدائرة الخارجية، في حين تتحرك الأيونات من المحلول الجلفاني إلى القطب الموجب لإكمال التفاعل الكيميائي.

تتفاوت سرعة تفاعل البطارية وكفاءتها بشكل كبير اعتمادًا على أنواع مختلفة من المواد المستخدمة في المحلول الجلفاني وأنواع القطبين. وبالتالي؛ تختلف البطاريات الجلفانية في الكفاءة والأداء.

أنواع البطاريات الجلفانية:

تشتهر البطاريات الجلفانية بكونها تقدم حلاً مستدامًا وآمنًا لتخزين الطاقة، لذا فإنها تستخدم في مجموعة واسعة من التطبيقات، مثل: استخدامها في معدات الاتصالات والتحكم عن بعد، وأجهزة القياس والمراقبة، وأجهزة التحكم في الصناعة. كما تستخدم في بعض الأجهزة الطبية والتطبيقات العسكرية. وتبعًا لذلك تختلف أنواع البطاريات الجلفانية عن بعضها طبقًا لطريقة توليد الكهرباء وخصائص الأداء.

فيما يلي، سنلقي نظرة على بعض أنواع البطاريات الجلفانية الأكثر شيوعًا:

1. بطاريات الزنك الهوائية:

تُعرف بطاريات الزنك الهوائية باسم بطاريات الهواء المنعش، وتعد هذه البطاريات واحدة من أكثر الأنواع الصديقة للبيئة. تعمل هذه البطاريات عن طريق تفاعل الزنك مع الأكسجين في الهواء، وتوفر هذه العملية كثافة طاقية عالية جدًا. كما أنها تتميز بوزنها الخفيف وحجمها الصغير، ما يجعلها مثالية للاستخدام في الأجهزة الصغيرة مثل الساعات الذكية والسماعات اللاسلكية.

2. بطاريات حمض الرصاص:

تُعد بطاريات حمض الرصاص من الأنواع الأكثر شيوعًا في متوسط الاستخدام اليومي. تعمل هذه البطاريات عن طريق تفاعل حمض الكبريتيك مع الرصاص وأوكسيد الرصاص لتوليد الكهرباء. تتميز بطاريات حمض الرصاص بأنها متينة ورخيصة التكلفة، ولذلك تستخدم في العديد من التطبيقات مثل السيارات وأنظمة الطاقة الشمسية.

3. بطاريات الليثيوم الجلفانية

تُعتبر بطاريات الليثيوم الجلفانية من أكثر الأنواع شيوعًا في التطبيقات الإلكترونية. تستخدم هذه البطاريات تفاعل الليثيوم مع الأكسجين في الهواء لتوليد الكهرباء. كما تتميز بكثافة طاقة عالية وعمر افتراضي طويل، ولذلك تستخدم في العديد من التطبيقات مثل الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر المحمولة.

مستقبل البطارية الجلفانية:

من المتوقع أن تتحسن تقنية البطاريات الجلفانية في المستقبل، وأن تصبح أكثر كفاءة واقتصادية، مما يزيد من استخداماتها في مختلف المجالات. كما يمكن أن تلعب هذه البطاريات دورًا هامًا في تطوير الطاقة المتجددة والحد من انبعاثات الكربون.

المصادر:

Challenges and prospects of bipolar membranes in solid-state batteries.
Recent advancements in gel polymer electrolytes for lithium-ion batterie
s.
Electrochemical behavior of gel polymer electrolyte and its influence on performance of Li-ion batteries.
Gel polymer electrolytes for batteries.
Review of selected electrode–solution interactions which determine the performance of Li and Li ion batteries.

الأسمنت الصالح للأكل! تقنية جديدة في البناء

لطالما حلم الأطفال بالعيش في منازل مصنوعة من الحلوى، وأكل الباب المصنوع من الشوكولا ربما!. قد تظنّها ليست إلا أحلامًا طفوليةً، لكن طوّر باحثون في جامعة طوكيو مؤخّرًا تقنيةً لإنتاج الأسمنت الصالح للأكل Edible cement والمصنوع من مخلّفات الطعام.

الأسمنت واستخداماته

يعدّ «الأسمنت- cement» أحد أهمّ موادّ الربط المستخدمة في البناء والهندسة الإنشائية، وهو عبارة عن مسحوق ناعم ومطحون يخلط مع الماء لكي يتصلّب لاحقًا. يضمّ الأسمنت أنواعًا كثيرةً لكن أشهرها هو «الأسمنت البورتلاندي-portland cement» بأنواعه المختلفة.

يملك الأسمنت استخداماتٍ كثيرةً، فيمكن أن يستعمل وحده كمادّة حشو. كما يدخل الأسمنت البورتلاندي في صناعة الطوب، والبلاط، والأنابيب، وروافد السكك الحديدية، وغيرها من المنتجات مسبقة الصنع. بالرغم من ذلك يستخدم بشكل شائع ضمن الخرسانة والمونة الأسمنتية. إذ تستخدم المونة لربط القرميد والحجر في الجدران أو لترميم الأسطح، بينما تعتبر الخرسانة المادّة الأكثر استخدامًا من بين جميع موادّ البناء في العالم اليوم.[1]

تربط المونة الأسمنتية القرميد لبناء الجدران.

تاريخ تطور صناعة الأسمنت

اشتُقّ مصطلح الأسمنت من الكلمة اللاتينية Caementum والتي تعني شظايا الحجر، ويعود أصل الأسمنت المائي إلى اليونان القديمة وروما. إذ اعتمدوا على الجير وخلطوه مع الرماد البركاني والذي يتفاعل معه ببطء بوجود الماء وذلك لتشكيل كتلة صلبة. بالتالي تشكّلت مادّة الملاط الروماني منذ أكثر من 2000 سنة والتي اعتبرت إنجازًا هامًا في تطور الهندسة الإنشائية وأعمال البناء اللاحقة في أوروبا الغربية. ومرّ تطوّر الأسمنت الطبيعي بمراحل عدّة، فطور المهندس المدني «جون سميتون-John Smeaton» الجير المائي عام 1756، أثناء إنشائه لمنارة إديستون في إنجلترا. ثم حوالي عام 1800 تشكّل الأسمنت بواسطة حرق عقيدات من الحجر الجيري والطيني في إنجلترا وفرنسا.

منارة Eddystone من تصميم John Smeaton في إنجلترا.

عادةً ما ينسب اختراع الأسمنت البورتلاندي إلى البريطاني «جوزيف أسبدين-Joseph Aspdin» حيث حصل عام 1824 على براءة اختراعٍ بذلك. وأطلق عليه اسم الأسمنت البورتلاندي بسبب التشابه الكبير بينه وبين حجر البورتلاند المستخدم في البناء بإنجلترا. بينما يعتبر آخرون أن النموذج الحقيقي للأسمنت البورتلاندي هو ذلك الذي أنتجه «اسحق تشارلز جونسون-Issac charles johnson» حوالي عام 1850. وبحلول عام 2019 أصبحت الصين والهند رائدتين في إنتاج الأسمنت في العالم، تليهما فيتنام وأمريكا ومصر.[1]

الأسمنت الصالح للأكل Edible cement

طوّر «يويا ساكاي-Yuya sakai» في بحث سابق تقنيّةً لخلط مسحوق الخرسانة المعاد تدويرها ونفايات الخشب. وخلال تجاربه هذه بدأت فكرة «الأسمنت الصالح للأكل-Edible cement»، فأحدَثَ لاحقًا تقنيةً يمكن من خلالها إنتاج أسمنت من فضلات الطعام. وهي المرّة الأولى التي يصنع فيها الأسمنت بالكامل من مخلّفات الفواكه والخضروات. ووجد بأنه يمكن استخدام مجموعة متنوّعة من الأطعمة بما في ذلك قشر الموز والبصل والبرتقال وأوراق الشاي واليقطين والأعشاب البحرية وغيرها أيضًا. [2][3]

أسمنت مصنوع من بقايا الطعام.

مراحل صنع الأسمنت الصالح للأكل

وثّق ساكاي و«ماشيدا-Machida» عملية تصنيع الأسمنت الصالح للأكل من خلال مقال نشراه في أيار 2021. ويقسّم ساكاي عملية التصنيع إلى 3 مراحل: تكسَّر المواد الخام (فضلات الطعام) وتوضع القطع الصغيرة في فرن عند درجة حرارة 105 درجة مئوية أو في آلة التجفيف. ثم يتمّ سحق الموادّ الجافّة باستخدام الخلاط. لاحقًا يخلط المسحوق مع الماء والتوابل، وأخيرًا يُطبّق ضغط ساخن على المزيج عند 180 درجة مئوية.[3]

اختبارات وتجارب على الأسمنت الصالح للأكل

أجريت الاختبارات على الأسمنت الصالح للأكل مع الأخذ بعين الاعتبار قوّة الموادّ وطعمها. وأشارت النتائج بأنه قد وصلت جميع العيّنات إلى قوّة المقاومة المطلوبة باستثناء العيّنة المشتقّة من اليقطين. بينما أظهر الملفوف الصيني قوّة مقاومة أكثر بثلاث مرّات من الأسمنت العادي. بالطبع يتطلّب كلّ مكوّن درجة حرارة ومستوى ضغط مختلف عن غيره، وهذا ما شكّل التحدّي الأصعب لهذه التجربة. لذلك لزم القيام بعدد هائل من الاختبارات لكي يتوصّلوا إلى نتيجة متجانسة ومرضية. مع ذلك فإن هذا الضبط الدقيق هو الذي جعل التجربة ناجحةً. حيث كان قد صُنع أسمنت من بقايا الأغذية في دراسات سابقة لكنه تطلّب دائمًا إضافة البلاستيك إلى المزيج.

سلّطت التجارب الضوء على عوامل غير قوّة المقاومة مثل النكهات والروائح. وبيَّنت التجارب أن الطعام لا يزال يحتفظ برائحته الأصلية، وبحسب ساكاي فإن المنتج غير سام وآمن للاستهلاك ولكنه “مقرمش جدًا” كما يقول. ومن الجدير بالذكر أن الأسمنت الصالح للأكل يحتفظ بلون الطعام الأساسيّ مما يولّد مجموعةً واسعةً من التركيبات والاحتمالات للبناء.

أظهرت التجارب التي أجريت بعد 4 أشهر على الأسمنت الصالح للأكل الموضوع بإحدى الغرف، أنه لم ترد تقارير عن هجمات الحشرات أو الديدان أو الفطريّات. علاوةً على ذلك بقي مظهره كما هو. مع ذلك يمكن وضع مادّة كيميائية أو تغليف الأسمنت بطلاء اللك لضمان قدر أكبر من المتانة، ولكن عندها لن يبقَ الأسمنت صالحًا للأكل.[3] و«طلاء اللك-Lacquer» هو غشاء رقيق لامع وعازل يستخدم لتغطية المعادن والأخشاب والخزف الصيني.

فوائد الأسمنت الصالح للأكل

يأمل الخبراء أن يساعد الأسمنت الصالح للأكل في التخفيف من مشكلتي هدر الطعام والاحتباس الحراري. وبما أن الأسمنت الصالح للأكل مصنوع من الغذاء القابل للتحلّل الحيويّ فمن الممكن أن يدفن عندما تنتهي الحاجة إليه. أو حتى يمكن أن يؤكل إذا طُحن وخلِط بالماء. وأضاف الخبراء أنه يمكن استخدامه لبناء مساكن للاجئين بعد الكوارث.

لا تزال التقنيّة قيد التطوير والدراسة ولم يطبّقها أحد في البناء بعد، لكن سعت شركات أخرى مثل شركات صناعة الأثاث لاستخدام هذه التقنيّة مثل شركة Fabulu inc. كذلك يضيف الأسمنت الصالح للأكل معنىً جديدًا إلى الهندسة المعمارية التي إلى جانب الرؤية واللمس والشمّ والسمع يمكنها الآن تحفيز التذوّق أيضًا.[2][3]

وأنت هل تعتقد بأنك ستجرّب يومًا ما الأكل في مطعم مخصّص بتقديم وجبات الأسمنت الصالح للأكل؟

المصادر

  1. Britannica
  2. BBC
  3. Archdaily

كيف ستغير الطاقة المتجددة في المنطقة العربية؟

بالنسبة لمنطقة تقع فوق أكبر إحتياطي وقود هيدروكربوني في العالم. عُرف عن الشرق الأوسط كونه أكبر مُصّدر للنفط والغاز الطبيعي، وبالتالي أقل راعٍ ومشجع لفكرة التحول الأخضر. إلا أننا بدأنا نشهد في السنوات الأخيرة، تحول في اتجاهات حكومات المنطقة العربية نحو التنويع في مصادر إنتاج الطاقة. تبعًا لتزايد التحديات التي تواجهها، والمتمثلة: بالنمو السكاني، وتزايد الطلب على الطاقة الكهربائية لتغطية الاحتياج الوطني، والإستثمار المحدود في قطاع توسعة محطات التوليد، والذي قد يصل أحيانًا إلى العجز عن توفير الطاقة في المناطق الغنية بالنفط.

بدأت العديد من حكومات المنطقة في وضع سقف لأهداف تتركز في مراجعة استراتيجية الطاقة. ومنها تغير اتجاهها بشكل متزايد نحو الطاقة المتجددة. الجدير بالذكر أن هذه ليست بأهداف واهية دون خطط مسبقة. فقد شهدنا عملية إصلاح واسعة للوائح التنظيمية المحتاجة لتحقيق هذه الأهداف. فطبقًا لتقرير الطاقة العالمية لعام ٢٠١٣، والتي نشرتها الوكالة العالمية للطاقة الكائنة في باريس، ارتفاع سهم المنطقة العربية ضمن أسهم إنتاج الطاقة من مصادر متجددة من ٢%  في ٢٠١٠ إلى ١٢% بحلول عام ٢٠٣٥.

تحديات استمرار الاعتماد على الوقود الأحفوري:

ولعل التحدي الإقتصادي الأساسي الناتج عن الاعتماد الكلي على الوقود الأحفوري في إنتاج الطاقة. يتمثل في الأثر المتغير لتضاربات السوق، وعدم انتظام سعر المشتقات النفطية؛ وبالتالي تأثيرها على أسعار إنتاج الطاقة الكهربائية. فهذا ما ثبت في عام ٢٠٢١، عندما ارتفع معدل سعر برميل النفط بنسبة ٦٨% من عام لعام. واستهلاك الوقود ارتفع بالتوازي مع عودة الاقتصادات العالمية والكثير من الصناعات للعمل بعد إغلاق دام لشهور نتيجة الجائحة العالمية في عام ٢٠٢٠.
ثم أتت أزمة الحرب الأوكرانية لتزيد الأمر سوءًا، مع ازدياد سعر البرميل بنسبة ٥٠% مقارنة بالعام الفائت نتيجة لضعف الإمداد الروسي للطاقة. بالرغم من استمرار ارتفاع الطلب العالمي للنفط لعالم يحاول اقتصاده التعافي من تأثيرات أزمة كورونا.
نتيجة لهذا، ارتفعت أسعار الطاقة ذات الخام النفطي طرديًا مع كل ارتفاع في قيمة مشتقات الوقود الأحفوري، مما أدى لتضاعف الضغوط على المستهلكين نتيجة لارتفاع جميع المنتجات المصنعة، والسلع الإستهلاكية، والخدمية.

أهمية استحضار الطاقة المتجددة في المنطقة العربية:

مما لا شك فيه أننا مقبلون على مرحلة تتعدد فيها الأسباب لتبدأ المجتمعات بتغيير نظرتها التقليدية. والمليئة بالشك والريبة نحو توليد الكهرباء من مصادر متجددة كبديل عن الوقود الأحفوري، بل ويزداد الأمر أهمية خصوصًا للمنطقة العربية. فتضاعف النمو السكاني في هذه البلدان يتجاوز المعدلات العالمية، وبالتالي التحديات تزداد في تغطية الطلب على الطاقة.
بالإضافة لذلك، تعاني العديد من الدول العربية المستوردة للنفط مثل: لبنان، وسوريا، والسودان، ومصر بشكل خاص أزمات مالية حادة. تمتد تأثيراتها على المدى البعيد، وتتفاقم مع كل ارتفاع عالمي لأسعار الإحتياجات الأساسية، بما فيها المشتقات النفطية. وكنتيجة لهذا تزداد الضغوط على الموازنة المحلية لهذه الدول وقدرتها على دفع ثمن الارتفاع المتزايد للمنتجات المستوردة.

الإمكانات الكامنة للمنطقة العربية من مصادر الطاقة المتجددة:

تتمتع المنطقة العربية بموقع جيوسياسي مهم. وتحتل بقعة من الأرض تنعم بكل الموارد الطبيعية الأساسية. التي تجعل من حلم تحقيق اكتفاء ذاتي من الطاقة عبر الطاقة المتجددة من الممكن الوصول إليه.

الإمكانات الكامنة لإنتاج الطاقة من الإشعاع الشمسي:

لدى المنطقة العربية إمكانية عالية في تحقيق التحول الأخضر. والجزء الأكبر منه يكمن في الاستفادة من درجات السطوع الشمسي العالي في هذه المناطق، وسعة المساحات المعرضة منه للإشعاع الشمسي على المستوى العالمي، وقلة حدوث تكتلات الغيوم، والتي  بالعادة تمنع الاستفادة من الإشعاع الشمسي في توليد الطاقة معظم العام.إذ أنه طبقًا لتقارير مجموعة البنك الدولي، تستقبل هذه المنطقة كمية إشعاع يتراوح ما بين ٢٢% إلى ٢٦% من كمية الإشعاع الذي تتعرض له الأرض، بل تتجاوز القدرة الكامنة للطاقة الشمسية التي تتعرض لها المنطقة العربية والتي يمكن توليد طاقة منها لوحدها القدرة الكامنة لتوليد الطاقة من جميع مصادر الطاقة المتجددة الأخرى.

فطبقًا لبرنامج الأمم المتحدة البيئي، يتراوح معدل إنتاجية الطاقة منها ما بين ٤ إلى ٨ كيلو واط بالساعة في كل مربع وحدة مساحة.

وتظهر إحصائيات المؤسسة العالمية للطاقة المتجددة، أن كل مربع وحدة مساحة بالكيلومتر في هذه المنطقة يستقبل سنويًا إشعاع شمسي يعادل الطاقة المنتجة من ٥.١ مليون برميل من النفط.
لهذا، فكرة عدم استفادة المنطقة العربية بشكل واسع من هذه الطاقة إلى وقتنا هذا بحد ذاته يعتبر خطيئة. فبهذا المقدار من الطاقة، لن يكون هنالك قدرة على تغطية الطلب المحلي للطاقة لكل الشعوب والإقتصاديات، وإنما هنالك أيضًا إمكانية تصدير هذه الطاقة إلى الأطراف الأخرى من العالم.
فدول المنطقة العربية كمصر، لديها شبكات تغذية كهربائية مرتبطة ببعض الأمم الأوروبية والأفريقية. وهذا سيخدم بشكل جيد الأساس لبنية تحتية ستعمل على تصدير الطاقة.

إمكانية إنتاج الطاقة من الرياح:

بالإضافة إلى نصيبها الوافر من الإشعاع الشمسي. تتمتع المنطقة بتضاريس متنوعة تسمح بهبوب رياح قوية كفيلة لتكون مصدر خام لمزارع رياح قادرة على تغطية مناطق واسعة بالطاقة.
تصل سرعة الرياح في دول مثل المغرب، ومصر، وتونس إلى أعلى مستوياتها لتسجل بذلك ضمن المناطق التي تتعرض لأعلى سرعات رياح عالميًا. فمصر وحدها لديها إمكانية  توليد طاقة تصل إلى آلالاف الميجا واط وحدها.

إمكانية إنتاج الطاقة كهرومائيًا:

إن نظرنا إلى إمكانية توليد الطاقة كهرومائيًا. فتنعم هذه المنطقة ببضعة مواقع تقع على مسار أنهار ذات إندفاع قوي مثل: إيران، ومصر، والعراق، والمغرب؛ ووجود سدود مبنية مسبقًا مثل: سد أسوان العالي، وسد مأرب يجعل من إقامة المشاريع المتعلقة بتوليد الطاقة كهرومائيًا أقل تعقيدًا وتكلفة.

إمكانية إنتاج الطاقة من الحرارة الجوفية:

كما أننا عند حساب المحتوى الحراري لمصادر الطاقة الحرارية الجوفية في دول الشرق الأوسط فقط. نجد أن معظمها يقع ضمن الخزانات ذات المحتوى الحراري المتوسط بمعدل(100–150 °C)، وذات المحتوى الحراري المنخفض بمعدل أقل من 100 °C. إلا تركيا، وإيران، واليمن والتي تعتبر قيمة المحتوى الحراري لمصادرها يتجاوز 150 °C.

إمكانية توليد الطاقة من الكتلة الحيوية:

وبالطبع لا نستطيع تجاوز وفرة المنطقة العربية على الخام الكافي لتوليد الطاقة دون الحديث عن إنتاج الطاقة من الكتلة الحيوية. فالمثير للدهشة أن لدى هذه المنطقة مصادر وفيرة من الخام لإنتاج الطاقة ذات المصدر الحيوي. ولعلنا لن نبالغ إن قلنا أن معظم هذه المصادر لم يتم إكتشاف معظمها بعد.
تعتبر دول مثل مصر، واليمن، والعراق، وسوريا، والأردن أكبر منتج للكتلة الحيوية في المنطقة. تقليديًا، تستخدم طاقة الكتلة الحيوية بشكل واسع في المناطق الريفية للأغراض والإحتياجات اليومية خصوصًا في مصر، واليمن، والأردن. وأهم مصادرها تتمثل: بالمخلفات الزراعية، والنفايات الصلبة والصناعية.
فبجانب كون قدرة منطقة حوض البحر المتوسط لإنتاج الطاقة من الكتلة الحيوية تصل إلى ٤٠٠ تيرا واط في الساعة سنويًا. نتيجة للتطور التكنولوجي في مجال إنتاج الطاقة بالكتلة الحيوية بالمنطقة. وبضم هذه القدرة إلى الإمكانيات التي تتمتع بها المنطقة العربية في المستقبل. فإن تم أخذ الخطوات الصحيحة لنقل هذا المجال إلى المرحلة التالية؛ سيصبح لدينا أكبر كتلة إقتصادية عظمى للدول المصدرة لهذه الطاقة لجميع أنحاء العالم.

كيف ستغير الطاقة المتجددة في المنطقة العربية؟

لدى المنطقة العربية القدرة هل  تغطية ٤٥% من مجموع القدرة العالمية على توليد الطاقة من المصادر المتجددة. وبهذا ستكون قادرة على توليد أكثر من احتياج العالم من الطاقة بثلاثة أضعاف الطلب. وهذا بحد ذاته قادر على إحداث نقلة إقتصادية، واجتماعية، وسياسية نوعية.

المصادر:

renewable energy in mena region
The Rise of Renewable Energy in the MENA
Region

The Potential of Renewable Energy in MENA
A review of geothermal energy status and potentials in Middle-East countries

ما حل لغز بطارية بغداد؟

تناولنا في المقال السابق الحديث عن بطارية بغداد. وناقشنا تباين الآراء حولها، وعلاقتها بخلية الطلاء، وعملية طلاء الذهب. في هذا المقال سنتعمق أكثر عبر فحص هذه الآراء بشكل منطقي لنعرف أكثر طبيعة هذا الاكتشاف، ونصل إلى حل لغز بطارية بغداد.

لغز بطارية بغداد وحرفيي بلاد ما بين النهرين

تُصنف بلاد ما بين النهرين – المنطقة الواقعة بين نهري دجلة والفرات – على أنها مهد ما نطلق عليه اليوم بالحضارة “الغربية”.  وُجدت عدة حضارات في أماكن أخرى قريبة على مدى آلاف السنين قبل ظهور المسيح. ولكن عند حديثنا عن الحضارة الغربية ككل، فإننا نميل إلى التركيز على تلك المنطقة وتطورها.
خلال هذا التطور، نشأت بعض الحضارات المعقدة، وسقطت حضارات أخرى.
ومن خلال عدة تقارير متفرقة تتحدث عن الاكتشافات الأثرية بشكل متكرر، استطعنا أن نستدل على أن حرفيي هذه الحضارات أحبوا التفاصيل. ويبدو أن قدرتهم على بلوغ مرحلة متطورة في صناعتهم لم يكن بالأمر الغريب. وذلك جراء تجربة واختبار تقنياتهم قبل استخدامها.

أسس فحص لغز بطارية بغداد

تقنيات التذهيب التي وصفها الباحثون، تم تطويرها بواسطة الفنيين على مدى آلاف السنين. ومع أن تلاشي استخدام تقنية معينة قد يحدث في فترة ما، إلا أنها لا تلبث أن تعود للسطح و تستخدم أو تكتشف لاحقا.
فلربما اكتشف أحد هؤلاء الفنيين شكلاً مبسطًا من الطلاء الكهربائي. ورغم أن هذا المهني القديم لم يكن يفهم آلية حدوث العملية كما نفعل نحن، إلا أن هذا لا ينفي استفادته من الظاهرة بحد ذاتها دون الحاجة لفهمها.

أولاً، من الضروري وجود وسيلة للحصول على جهد كهروكيميائي.

ثانيًا، هناك حاجة إلى وسيلة لإحالة هذا الجهد إلى القطعة المراد طلاؤها.
  ثالثًا، يلزم وجود خلية طلاء تحتوي على العنصر الرابع وهو محلول المعدن المراد استخدامه في عملية الطلاء.
يبدو أن تمتع هذا الفني بالعبقرية لتجميع الخلية وتقديم عمله كإنجاز، أو كونه يحظى باحترام كبير لدرجة أن بعض أدواته دفنت معه عندما مات هو ما جعله يحظى بمراسيم دفن رسمية مما سهل إيجاد قبره بعد آلالاف السنين، أو أن مكانته الاجتماعية العالية. فمعظم الحرفيين كانوا مجرد عبيد مهرة، لهذا لا نجد جثثهم عادة في القبور القديمة؛ إلا إذا قُتلوا ودُفنوا عند وفاة أسيادهم.

سنبدأ الآن بفحص كل جانب من جوانب هذا اللغز، وتقييم المعلومات المتاحة لدينا.

مصدر جهد بطارية بغداد

مصدر الجهد هو الجزء السهل من هذا التحليل. كل ما نحتاجه هنا هو مسمار حديدي في الخل أو النبيذ مع أنبوب نحاسي.

لا يوجد شك في أي من المقالات المتاحة أن الوعاء بإمكانه إنتاج الجهد، كما يصف كونيش. لكن السؤال الصعب هو ما إذا كان قد تم استخدامه بالفعل بهذه الطريقة.

لا ينبغي أن نتوقع من المخترع/الحرفي القديم معرفة وجود القطب الموجب والسالب في خليته لتعمل كما تعمل جميع البطاريات الحديثة بأطراف موجبة وسالبة واضحة للعيان. ورغم أن وعاء كونيش يحتوي على طرف سالب واضح (المسمار الحديدي)، إلا أن الأسطوانة النحاسية لا تتاح بسهولة للاتصال بخلية الطلاء لأنها كانت مغطاة بالكامل بسدادة الإسفلت.

عادةً ما تُظهر رسومات وعاء كونيش الوعاء مليئًا بسائل لاستخدامه كخلية جلفانية كالنبيذ أو الخل. إلا أن الجزء النحاسي من الخلية عبارة عن أسطوانة ذات قاع مغلق، وليس أنبوبًا مفتوحًا.

بالتالي، فإن السائل الموجود في الوعاء لن يؤثر في النشاط الكهروكيميائي – فقط الكمية الأصغر من السائل داخل الأسطوانة محكمة الإغلاق حيث يتم تعليق المسمار الحديدي. مرة أخرى، يمكن أن يكون للسائل وظيفة أخرى.

إذا تم بالفعل استخدام الوعاء كبطارية عند ملئه بخل أو نبيذ يشبه الحمض، فإن النحاس قد يذوب في المحلول. لا نتوقع العثور على دليل كيميائي واضح من بقايا النبيذ أو الخل. ولكن بقايا أملاح النحاس في الوعاء لم تحدث بالتآكل الطبيعي، والتقارير كلها لا تناقش هذه النقطة البتة.

عملية نقل الجهد

كان القدماء يمتلكون أسلاكًا لبعض آلاتهم الموسيقية الوترية، قد يكون مصدر معظم أوتارها من الحيوانات. ولكن تم العثور على قيثارة في أور تعود إلى ما قبل 4500 عام، ويبدو أنها تحتوي على سلك معدني. 
كان السلك قد تحلل مع الإطار الخشبي، لكن علماء الآثار ملأوا الثقوب بعناية حتى حصلوا على قيثارة من جص باريس. على الرغم من عدم الإبلاغ عن أي أسلاك في أي من المواقع التي تم العثور فيها على هذه الأوعية، قد يكون السلك الرفيع قد تحلل بمرور الوقت ولم تتم ملاحظته. وقد تكون المسامير الحديدية الإضافية الموجودة في الموقع مع الأوعية القصيرة نوعًا ما وجدت لهذا الغرض.
فإذاً، كما هو مذكور أعلاه، يبدو أنه لا توجد ميزة في جزء الأسطوانة النحاسية للخلية لتوفير اتصال مناسب بخلية طلاء خارجية. لكن، قد لا يستخدم المخترع القديم الطريقة المتبعة حديثًا.

خلية الطلاء الكهربائي

لم تُظهر أي من التقارير الواردة من المواقع التي تم العثور فيها على الأوعية أي شيء يمكن أن يعتبر خلية طلاء كهربائي. من الممكن أن يكون المبتكرون/المخترعون متكتمين إلى حد ما بخصوص صناعتهم ولم يسمحوا لأي شخص بربط البطارية بأي من الأجهزة الأخرى. لذا، عند موتهم كان الجزء الوحيد المدفون معهم والمرتبط بمهارتهم هو البطارية. ومع ذلك، ربما كانت هنالك أوعية أخرى عُثر عليها في المواقع التي لم يبلغ عنها كونيش.

بطارية بغداد وخلية الطلاء الكهربائي

إن خلية الطلاء التي وصفها كونيش والتي استخدمها صناع المجوهرات في بلاد الرافدين في الثلاثينيات من القرن الماضي هي خلية متفردة، ولكنها لا تشبه الإناء القديم الذي يصفه أبداً. فبحسب ترتيب صائغي المجوهرات للخلية، يُكوّن القدر وقطعة الزنك البطارية، بينما تعتبر الأوعية الداخلية هي خلية الطلاء. وهذا يخالف ما وجد في المواقع الفرثية، بحيث تعتبر الأوعية بحد ذاتها البطارية.

كون الأوعية غير مطلية بحد ذاتها تعتبر إشارة مهمة تعيد النظر في وظيفتها الأساسية، فهذا يسمح -مثلًا-لاستخدامها كأوانٍ مسامية. إذا كان وعاء بطارية كونيش مغمورًا في وعاء أكبر يحتوي على محلول ملح ذهبي، فقد يكون من الممكن حمل الأداة المراد طليها ليتم تغطيتها بخطاف وإلحاق الخطاف بالمسمار الحديدي للبطارية. سيكون الوعاء المسامي الوصلة الكهربائية الثانية. وعلى الرغم من عدم وجود تقارير عن وجود خطافات مع الأوعية، إلا أن المسامير الحديدية الإضافية الموجودة في المقابر قد تخدم هذا الغرض.

مع هذا، إذا تم استخدام الإناء بهذه الطريقة (أي مغمور في حوض الطلاء)، فيجب أن نرى بقايا أملاح ذهبية أو فضية مترسبة على جدران الوعاء، إلا أنه لا نجد أي معلومات أو تقارير بهذا الشأن. حتى إجراء اختبار ليتحقق من الأمر لم يتم.

المحلول المعدني لخلية الطلاء

يُعتقد أن القدماء استخدموا البطارية لطلاء الأواني بالذهب والفضة. بشكل عام، يجب أن يحتوي وسط الطلاء على بعض السيانيد إن كان الغرض الطلاء بالذهب أو الفضة.
استخدام السيانيد لعدة أغراض لا يعد بالأمر الغريب، فالسيانيد متواجد في الطبيعة بهيئة عدة مركبات.
قدم العديد من الباحثين قوائم بالمحاصيل الغذائية الطبيعية التي تحتوي على كميات كبيرة من مركبات السيانيد مثل نبات الكاسافا، والذي يستخدم في أفريقيا لعدة أغراض، ويبدو أنه وفير منذ العصور القديمة.

كون مركبات السيانيد متاحة من عدة مصادر، إضافة إلى دراية القدماء الجيدة بالسموم الطبيعية المتواجدة. يتيح احتمال قيام أحد الحرفيين بإجراء تجارب مستخدمًا المواد المتاحة، ومن هنا استطاع معرفة أن رقائق الذهب الممزوجة بغسول الكسافا المركز تنتج المحلول المطلوب لعملية الطلاء.

الاستنتاج حول لغز بطارية بغداد

لا تقدم التقارير المتوفرة ما يكفي من الأدلة للسماح لنا باستنتاج أن الحرفيين في بلاد ما بين النهرين اكتشفوا واستخدموا عملية الطلاء الكهربائي. لكننا نعلم أن وجود ورق البردي داخل الأسطوانة النحاسية يشير إلى أن الأوعية كانت تستخدم لتخزين الرسائل المكتوبة على ورق البردي للعالم الآخر والتي ذكرناها في مقالنا السابق، والتي تم إغلاقها في الأوعية بسدادات الإسفلت التي وجدت معها تباعًا.

المصادر

The UnMuseum – Bagdad Battery
Electricity in the Ancient World
N. Kanani, Oberfl achen Werkstoffe
Kurzman, Galvanotechnik
W.A. Oddy, Endeavour

ماذا نعرف عن بطارية بغداد؟

أصبحت البطاريات جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية. تتشعب استخداماتها من أصغر تقنية؛ كساعة يدك وهاتفك المحمول، إلى وجودها في أكبر المنشآت حجمًا وتأثيرًا. ليس للبطاريات تاريخ طويل ومثير للاهتمام وحسب. بل يُتنبأ في المستقبل القريب والبعيد بدخول البطاريات إلى عصر جديد، من الممكن أن يتغلب على معاناة الطاقة في الوقت الحاضر. سنسلط الضوء على بطارية بعينها في هذا المقال باعتبارها أول بطارية في التاريخ، وهي بطارية بغداد. فماذا نعرف عنها؟

ما هي البطارية؟

يمكننا تعريف البطارية بأنها عبارة عن جهاز صغير أو أداة تعمل على حفظ الطاقة الكيميائية. ويمكن أن تتحول إلى صورة أخرى لها وهي الطاقة الكهربائية. بمعنى آخر؛ البطاريات عبارة عن مفاعلات كيميائية صغيرة. تحدث داخلها تفاعلات تعمل على إنتاج إلكترونات طاقة، مستعدة لتنتقل إلى جهاز آخر.

تاريخ موجز للبطاريات

لدى البطاريات تاريخ طويل وحافل عمل على تغيير حياتنا بشكل استثنائي. إلا أننا ما زلنا غير متأكدين تمامًا من تاريخ ظهور أول بطارية. سيجادل الكثيرون بأن أول بطارية ظهرت في عصر التنوير. لكن ظهور البطارية الحديثة التي نعرفها لا تشير بدقة إلى أن فكرة عمل البطاريات بحد ذاتها شيء حديث. فقد وجد مشرف متحف بغداد عام ١٩٣٨ ما يشار إليه الآن ببطارية بغداد.

التحليل للعيّنة أشار إلى أنها تعود إلى أحد الحضارات الرافدينية، حوالي ٢٥٠ سنة قبل الميلاد. واستطردت الافتراضات بأن استخداماتها قد تتضمن طلاء المعادن بالكهرباء، ومسكنات للآلام، وكذلك استخدامها أثناء تأدية الشعائر الدينية.

أول استخدام لمصطلح بطارية

استخدم العالم الأميركي والمخترع بنجامين فرانكلين مصطلح بطارية عام ١٧٤٩. وذلك عندما كان يقوم ببعض التجارب الكهربائية باستخدام مجموعة من المكثفات المرتبطة ببعضها البعض. إلا أن أول بطارية حقيقة اخترعت كانت من صنع الفيزيائي الإيطالي أليساندرو فولت عام ١٨٠٠. قام فولت برص أقراص من النحاس والزنك، تفصل كل قرص عن الآخر قطعة قماش مبتلة بماء مالح. لتتصل مجموعة من الأسلاك بنهاية الأقراص المرصوصة من الجهتين، فيتولد نتيجة لهذا تيار مستمر ثابث. تنتج كل خلية جهدًا كهربائيًا بمعدل 0.76 فولت، مضاعفته تتم عبر زيادة عدد الخلايا الداخلة في التقنية.

بطارية حمض الرصاص

تعتبر بطارية حمض الرصاص أحد أطول البطاريات عمرًا نسبيًا، والتي اخترعت عام ١٨٥٩. وهي التكنولوجيا التي ما زالت تُستخدم لبدء عملية الاحتراق الداخلي في السيارات. وتعتبر أقدم نموذج للبطاريات التي يمكن إعادة شحنها.

نستطيع الآن إيجاد بطاريات بجميع الأحجام والسعات. من البطاريات ذات القدرة التي تتجاوز الميجاواط، والمستخدمة لخزن الطاقة الآتية من مزارع الألواح الشمسية. أو كبديل يضمن الضخ المستقر للطاقة لقرى كاملة أو جزر. حتى البطاريات الصغيرة والمستخدمة في الساعات الإلكترونية.

مبدأ عمل البطاريات

تعتمد البطاريات على تفاعلات مختلفة، والتي تسبب بدورها جهد خلية بسيط يتراوح ما بين ١ إلى ٣.٦ فولت. تعمل عملية الرص للخلايا بطريقة متوالية على زيادة جهد الخلايا، بينما تعمل عملية الرص المتوازي على تحسين التيار. يُعتمد على هذا المبدأ الأساسي لتوليد طاقة كهربائية من خلايا البطاريات من أصغر استخداماتها إلى القدرات العالية التي تصل إلى عدة ميجاوات.
نشهد حاليًا دخولنا إلى مرحلة أخرى من تطوير نماذج ذات سعات كافية لخزن الطاقة المتولدة من الألواح الشمسية أو أنظمة الرياح. والتي ستعمل على مد المنازل بالطاقة اللازمة خصوصًا في أوقات غياب الشمس لأيام متتالية.

بطارية بغداد

في عام ١٩٣٨، وفي وسط عملية مراجعة فيليهم كونيش؛ المشرف على الآثار القديمة في متحف العراق في بغداد. وسط مراجعته للمكتشفات الحديثة من الحفريات في الموقع الأثري الذي وجد بالقرب من مشروع خط السكة الحديدية، فُتن كونيش بمجموعة تتكون من أربع أوعية من السيراميك غير المطلي. عثر على تلك الأوعية داخل مقبرة أُرّخت وتنتمي إلى عهد الاستعمار الفرثي للمنطقة ما بين ٢٤٨ قبل الميلاد إلى ٢٢٦ بعد الميلاد.

محتويات مجموعة بطارية بغداد

كانت مجموعة بطارية بغداد نحاسية، متوجة بالنحاس الملحم بالرصاص حتى قاع الأسطوانات. بينما وُجد مسمار حديدي يحتوي على بقايا ما بدا أنه شمعة اشتعال من الإسفلت، داخل أحد هذه الأسطوانات النحاسية في وعائها. لم يحتو الوعاءان الآخران على أي مسمار، ولكن تواجد بضع مسامير أخرى في القبر جعلت الاكتشاف أكثر إثارة. بينما لم يحتو وعاء السيراميك الرابع إلا على أسطوانات نحاسية. وكان بداخل الأسطوانات النحاسية بقايا مادة تشبه ورق البردي.

استنتاج كونيش عن بطارية بغداد

خلص كونيش إلى أن هذه الأوعية تشبه إلى حد كبير الخلايا الجلفانية. ومن هنا انطلق الجدل حول هذا الاكتشاف ما بين مؤيد ومعارض لهذا الاعتقاد.

ذكر كونيش في تقريره أن صائغي المجوهرات في العراق، المعاصرين للوقت الذي قضاه هناك، كانوا يستخدمون خلية جلفانية بدائية مماثلة إلى حدٍ ما لهذا الاكتشاف. بحيث أن الخلية تتكون مما يطلق عليه المختصون في هذا المجال “وعاء مسامي يحتوي على محلول السيانيد الذهبي”. يوضع الوعاء في قدر يحتوي على محلول كلوريد الصوديوم. ثم يتم وضع قطعة من الزنك في محلول كلوريد الصوديوم مربوطة بسلك إلى القطعة المراد طليها بالذهب. وأخيرًا يتم وضع العنصر المراد طلاؤه في وعاء مسامي يحتوي على محلول سيانيد الذهب. يُنتج الجهد الجلفاني المتولد ما بين الزنك والعنصر المراد طلاؤه طاقة كافية للتأثير على عملية ترسيب الذهب كهربائيًا. ما يساعد بشكل أكبر على هذا الطبيعة المسامية للوعاء الداخلي الذي يرفع من معدل التوصيل الكهربائي.

تباين الآراء حول بطارية بغداد

يعرض مؤرخون آخرون نظريات أخرى لتاريخ بطارية بغداد. فقدم بعضهم تاريخا موجزا ​​للمنطقة التي تم العثور فيها على هذه القطع. ثم وضح أن الخلية التي تماثل تلك التي وجدها كونيش يمكن أن تنتج حوالي 0.5 فولت، ويمكن بالفعل تحقيق الترسيب الكهربائي للذهب من محلول سيانيد الذهب. واستعرض ليثبث نظريته بعض الأمثلة، كأبواق النبيذ القديمة المذهلة المطلية بالذهب من عصر الفرثي. وافترض أن الطلاء بالكهرباء فقط هو الذي يمكنه تفسير رواسب الذهب الموجودة عليها.

من جهة أخرى، استعرض كورزمان نظريته التي تعتبر أن الفرثيين ليس لديهم معرفة بالبطاريات. ويشير إلى أن الأوعية من هذا النوع وُجدت في ثلاثة مواقع مختلفة على الأقل ـ بعضها بقضبان من البرونز والبعض الآخر بقضبان حديدية ـ ويستفيض باستعراضه للمعاني والدلالات الروحانية التي ألحقتها المجتمعات القديمة ببعض المعادن. ويشير إلى أن القصد من الأواني هو أنها مقتنيات يتم إنزالها مع الموتى لمنحهم قوى سحرية. بالإضافة إلى أن الأظافر المصنوعة من الحديد والبرونز، والمزينة بخاتم في النهاية، قد تحمل معاني خاصة للقدماء، مشيرًا بهذا إلى النقوش على ورق البردي المعثور عليها داخل الأوعية المغلقة. وصرح أيضًا أن مدير متحف الفن الإسلامي في برلين اقترح بأن الأوعية قد تكون أساسات رمزية لزوايا القبر.

فن طلاء الذهب قديمًا

يدلي أودي بوجهة نظر أخرى عبر الإشارة إلى أن الفن القديم لطلاء الذهب على الفضة والنحاس يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار. فقد استخدم القدماء ثلاثة أساليب للطلاء: التذهيب بالرقائق المعدنية، ولصق الورق الذهبي، والتذهيب النحاسي. وقد استخدمت هذه الطرق حتى الاختراع الأخير ـ إعادة اختراع، كما يسميها ـ للطلاء الكهربائي. يتم التذهيب بالرقائق عبر دس رقائق ذهبية رقيقة في حواف أي عمل فني، أو ببساطة إلصاقها باستخدام غراء على القطعة المراد طليها. أما طريقة لصق الورقة الذهبية فتتم عبر سحق شرائح الذهب وإلصاقها بالعمل. أخيرًا، كان التذهيب بالنحاس عملية مشهورة في وقت مبكر من القرن الثالث قبل الميلاد، وانطوى على استخدام الذهب في خليط مع الزئبق. ومن هنا نستطيع استعراض نوعين من التذهيب الزئبقي؛ الأول يستخدم الزئبق كغراء، والثاني يعمل على تفكك الذهب، ثم تطبيق الناتج بشكل انتقائي على المناطق المرغوبة. بعد ذلك يُطرد الزئبق بالحرارة، ويمكن التعرف بسهولة على كلا النوعين من التذهيب بالزئبق من خلال وجود آثار من الزئبق في طلاء الذهب.

اللغز

تتباين الآراء حول بطارية بغداد، لكن مجرد وجودها يطرح العديد من التساؤلات. هل كانت حقًا أول مبدأ عمل لبطارية؟ وما الذي كان يرجوه مصمموها منها؟ في المقال القادم سنستعرض أكثر دور السماكرة في بلاد ما بين النهرين، ونحلل تقنياتهم لمعرفة ما كانوا يرجونه من اختراع هذه القطعة المثيرة للاهتمام.

المصادر

The UnMuseum – Bagdad Battery
Electricity in the Ancient World | Gates of Nineveh: An Experiment in Blogging Assyriology (wordpress.com)
Galvanotechnik: Grundlagen, Verfahren und Praxis einer Schlüsseltechnologie (hanser-elibrary.com)
Oberflächenvorbehandlung von Metallen | SpringerLink
The touchstone: the oldest colorimetric method of analysis – ScienceDirect
The history and development of batteries (phys.org)

موجز في تاريخ الطائرات بدون طيار

سواء تلك التي تحمل رأس ذخيرة متفجر أو الخاصة بتوصيل الطعام، أو تقديم المساعدات اللوجستية والإنسانية، تعددت مهام استخدامها بين الأعمال العسكرية والمدنية. بينما لهذه الانجازات تفصيلٌ مخفية، سنستعرض هنا منها موجزًا في تاريخ الطائرات بدون طيار لنتعرف عليها.

تعددت التسميات في عالم التقنية العسكرية للطائرة بدون طيار أو الطائرة غير المأهولة، لكنها غدت في كل الأحوال من الأسلحة الأكثر فتكًا وتقدمًا ودقةً في الترسانة العسكرية. وينظر إليها اليوم بوصفها أسلحة ضرورية للجيوش. [9]

بنيت الطائرات بدون طيار في الأصل لأغراض عسكرية في الحرب العالمية الأولى والثانية، إلا أنها شهدت تطورًا سريعًا ومتواصلاً أدى إلى زيادة استهلاكها. إذ في بداياتها استخدمت كأسلحة على شكل صواريخ جوية موجهة عن بعد. أما اليوم، فتستخدم في مجموعة واسعة من تطبيقات الاستخدام المدني. [1][2]

ما هي الطائرات بدون طيار تحديدًا؟

قبل الدخول في التفاصيل الدقيقة لتاريخ الطائرات بدون طيار، قد يكون من المفيد تحديد تعريفها بدقة. وتميل قواميسٌ مختلفة لتعريف الطائرة بدون طيار بأنها:

“طائرة أو سفينة بدون طيار تسترشد بالتحكم عن بعد أو بأجهزة كمبيوتر على متنها.” [2]

الطائرة بدون طيار، من الناحية التكنولوجية، هي طائرة بدون شخص داخلها يتحكم فيها. وتعد روبوتًا طائرًا يمكن التحكم فيه عن بُعد، أو يمكنه الطيران بشكل مستقل من خلال خطط الطيران التي يتم التحكم فيها بالبرمجيات في أنظمتها المدمجة. وتعمل جنبًا إلى جنب مع أجهزة الاستشعار الموجودة على متن الطائرة و «GPS – نظام تحديد المواقع» . [3] وسنركز في هذا المقال على تكنولوجيا الطائرات بدون طيار.

استخدمت الطائرات بدون طيار المزودة بكاميرات للاستطلاع أول مرة في حرب فيتنام. وقد شهدت هذه الحرب أول انتشار واسع النطاق للطائرات بدون طيار باعتبارها طائرات استطلاعية. تطور الأمر وبدأ استخدام الطائرات بدون طيار أيضًا في مجموعة من الأدوار الجديدة، كالقيام بدور الشراك الخداعية في القتال، وإطلاق الصواريخ على أهداف ثابتة، وإلقاء المنشورات الدعائية النفسية [4].

مراحل تاريخ الطائرات بدون طيار

طائرات «ار-س RC» الترفيهية في الستينيات

بفضل التطور في تقنية الترانزستور، يمكن اليوم تصغير المكونات التي يتم التحكم فيها عن طريق الراديو بما يكفي لبيعها للعملاء المدنيين بتكلفة معقولة. أدى هذا الأمر لازدهار العمل بطائرات «RC – (ار-س)» خلال ذلك العقد. [5] وسمح ظهور عدة أشكال من هذه الطائرات للمتحمسين ببناء طائرات RC. كما بدأ الهواة في تنظيم نوادي طائرات RC، مما أدى إلى ظهور صناعة منزلية، سرّعت تطوير تقنية RC التجارية.

تعزيز الطائرات العسكرية الهجومية خلال 1980-1989

 على الرغم من قدرة الولايات المتحدة على تحقيق طفرة في التصنيع الشامل وتزويد الجيش بالطائرات بدون طيار، إلا أنها اعتبرت غالبًا  مكلفة وغير موثوقة. لكن تغير هذا الرأي عنها في عام 1982، حين استخدمت القوات الإسرائيلية طائرات بدون طيار للفوز على القوات الجوية السورية بأقل الخسائر. [1]

 بدأت الولايات المتحدة في عام 1980 برنامجًا يهدف إلى بناء طائرة لعمليات الأسطول بدون طيار وغير مكلفة. وأدى مشروع مشترك بين الولايات المتحدة وإسرائيل في عام 1986 إلى تطوير «طائرة استطلاع متوسطة الحجم- RQ2 Pioneer».

خلال هذه الفترة أيضًا، بدأ مطورو الطائرات بدون طيار في تركيز انتباههم على مصادر الطاقة البديلة للطائرات بدون طيار. وكانت الطاقة الشمسية أحد أوضح المصادر وأكثرها جذبًا. [6]

 تطوير الطائرات العسكرية والمدنية بدون طيار خلال الفترة ما بين 1990- 2010

أنتِجت إصدارات مصغرة من الطائرات بدون طيار في عام 1990. كما قدِّمت طائرة بريداتور الشهيرة في عام 2000. استخدِمت هذه الطائرات في أفغانستان لإطلاق الصواريخ والبحث عن أسامة بن لادن وغيرها من الحروب الهجينة والحروب بالوكالة. وفي السنوات التالية، طورت الشركة العسكرية « AeroVironment Inc -ايروفيرمينمينت » عددًا من طائرات المراقبة صغيرة الحجم وذات الأجنحة الثابتة مثل «غراب أسود- Raven » و«دبور- Wasp» و«بوما-puma». وينتشر استخدام Raven حاليًا في بلدان كثيرة، ويصل عددها إلى عشرات الآلاف من الوحدات. [9] [7] [8] [6]

كان عام 2006 عامًا محوريًا في تاريخ الطائرات بدون طيار. إذ كان هذا العام هو تاريخ إصدار إدارة الطيران الفيدرالية رسميًا أول تصريح تجاري للطائرة بدون طيار. وتباطأت طلبات المستهلكين في البداية، حيث تقدم عدد قليل جدًا من الأشخاص بطلب للحصول على تصاريح في السنوات القليلة الأولى. مما هدد وجودها المدني بشكل كبير.

العصر الذهبي للطائرات بدون طيار

شهدت السنوات العشر الأخيرة انفجارًا هائلاً في ابتكار الطائرات بدون طيار من أجل المصالح التجارية. بينما كانت الطائرات بدون طيار تستخدم قبل ذلك في المقام الأول للأغراض العسكرية أو للهواة. وبدءًا من أوائل عام 2010، اقترِحت مجموعة من الاستخدامات الجديدة للطائرات بدون طيار، بما في ذلك استخدامها كمركبات توصيل. [13]

بحلول منتصف العقد، كانت إدارة الطيران الفيدرالية تشهد نموًا هائلاً في الطلب على تصاريح الطائرات بدون طيار. وأصدِرت حوالي ألف تصريح تجاري للطائرات بدون طيار في عام 2015. وتضاعف هذا الرقم ثلاث مرات بعد عام واحد، واستمر في النمو بشكل كبير منذ ذلك الحين. [13]

أثر تكنولوجيا الهواتف الذكية على تطوير الطائرات بدون طيار

أصبح تجهيز الطائرات بدون طيار بالكاميرات أمرًا شائعًا الآن في التصوير التجاري وتصوير الفيديو. وذلك نتيجة لدمج الطائرات التي يتم التحكم فيها عن بعد (RC) وتكنولوجيا الهواتف الذكية. كما أدى النمو السريع في استخدام الهواتف الذكية إلى خفض أسعار وحدات التحكم الدقيقة ومقاييس التسارع وأجهزة استشعار الكاميرا، والتي تعتبر مثالية للاستخدام في طائرات الهواة الثابتة الجناحين. وسمحت التطورات الإضافية بالتحكم في طائرة بدون طيار بها 4 دوارات أو أكثر عن طريق ضبط سرعة الدوارات الفردية. وفتح تحسين استقرار الطائرات متعددة المحركات فرصًا جديدة لاستخدامها. [12]

أصبح استخدام الطائرات بدون طيار DIY أكثر شيوعًا نظرًا لصغر حجمها وإمكانية نقلها. كما أصبحت الطائرات بدون طيار DIY مناسبة للاستخدام من قبل قوات الشرطة وخدمات الإطفاء للمراقبة. ومع ذلك، فإن الاستخدام المتزايد غير المنظم للطائرات بدون طيار أثار تساؤلات حول الخصوصية والسلامة الجسدية. فهل أنت مع انتشارها أم ضده؟

المصادر: 

  1. If I Fly a UAV Over My Neighbor’s House, Is It Trespassing? – The Atlantic
  2. Innovation News | New Innovations | Scientific Innovations in Technology, Health, Ideas & Industrial Products (interestingengineering.com)
  3. We need drone aircraft, says police chief Alex Marshall | The Independent | The Independent
  4. If I Fly a UAV Over My Neighbor’s House, Is It Trespassing? – The Atlantic
  5. https://www.amazon.com/b?node=507846
  6. USAF Buys Millions-Worth of Hand-Launched Puma 3 Drones, Spares for the Raven (autoevolution.com)
  7. Predator RQ-1 / MQ-1 / MQ-9 Reaper UAV, United States of America (airforce-technology.com)
  8. What is a Drone? – Definition from WhatIs.com (techtarget.com)
  9. Drone Definition & Meaning – Merriam-Webster

ما هو الوقود الحيوي؟ وكيف يتم إنتاجه؟

هذه المقالة هي الجزء 21 من 22 في سلسلة موضوعات تأسيسية في الطاقة المتجددة

يتزايد القلق من نضوب مصادر الوقود التقليدية والمألوفة، وارتفاع الأصوات المحذرة مما يعرف بالاحتباس الحراري والمخاطر البيئية المحتملة. مما فرض على الحكومات والباحثين وصانعي السياسات إيجاد حلول بديلة. ومن هنا برز الوقود الحيوي كأحد الحلول المقترحة كبديل جيد يمكنه تقليل الاعتماد الكلي على الوقود الأحفوري بشكل عام، والديزل بشكل خاص.

دور ماليزيا في النقلة الحيوية للطاقة

تصاعد الاهتمام بالكتلة الحيوية خلال ال20 سنة السابقة، وأحد الدول التي أولت إعتبارًا فائقًا للكتلة الحيوية كانت ماليزيا. موقع ماليزيا الجغرافي الاستوائي جعل صانعي القرار والباحثين ينظرون إلى الثروات الطبيعية التي تختص بها هذه الجزر عما سواها كإمكانيات وثروات كامنة. تواجدت القدرة على صناعة ثورة حديثة في عالم الطاقة، فرغبت ماليزيا في أن تكون أحد روادها.

أنواع الوقود الحيوي

نستطيع تقسيم الوقود الحيوي إلى نوعين رئيسيين: وقود سائل كالإيثانول، والديزل الحيوي؛ ووقود غازي كالهيدروجين، والغاز الحيويين.

مصادر إنتاج الوقود الحيوي

تُنتج أنواع الوقود المذكورة سابقًا من مصادر مختلفة عضوية قد تصلح أو لا تصلح كمصدر يرفد الاقتصاد الغذائي، سواء أكانت من أغذية محددة أو مصادرها الخام، أم من مخلفات عضوية.

تصنيف الوقود الحيوي بحسب الخام

كما ذكرنا سابقًا أحد التصنيفات لهذا النوع من الوقود، والذي يعتمد بشكل رئيسي على حالة المادة للغاز. فمن الممكن إعطاء تقسيم مختلف الوقود طبقًا للمعيار المعتمد في التصنيفات. فمثلًا من الممكن تصنيف الوقود الحيوي إلى أربع تصنيفات إذا اعتمدنا على الخام المستخدم في الإنتاج.

1. الوقود الحيوي من خام غذائي

النوع الأول والمعتمد على هذا التصنيف، تستخدم فيه الأغذية كمصدر أولي لإنتاج الوقود الحيوي. مما يخفض تكلفة إنتاج هذا الوقود. وأيضًا يعتمد على طرق إنتاج فعالة، تساهم بشكل رئيسي في تخفيض الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري خلال العملية. إلا أن هذا يعرض صناعة الغذاء إلى خطر منافسة اقتصادية على الموارد الطبيعية. مما قد يساهم في إثارة مشكلة إقتصادية غذائية ليست في الحسبان، وجب أخذها في عين الاعتبار.

2. الوقود الحيوي من الكتلة الحيوية

يعتمد النوع الثاني على الكتلة الحيوية كمادة خام أولية. ولنعرف أكثر من أين يؤتى بهذا الخام، وجب تعريف الكتلة الحيوية أولًا. وتعرف الكتلة الحيوية بأنها مادة عضوية متجددة تنتج عن عمليات حيوية تحدث في النباتات والحيوانات. والمصدر الأساسي للكتلة الحيوية التي تستخدم في هذا النوع من الوقود تعتمد بشكل أساسي على مخلفات النباتات. ويمكن استخلاص تلك المخلفات من المخلفات الزراعية: كمستخلصات الذرة الحلوة، ومخلفات قصب السكر، والقش. أو من مخلفات الغابات: كالأخشاب، ومحاصيل الطاقة.

3. الوقود الحيوي من المتعضيات الحية

يعتمد النوع الثالث على خام مصدره الأولي الطحالب. ويعتبر ذو إنتاجية عالية طبقًا لوحدة المساحة مقارنة بالوقود الحيوي المعتمد على المحاصيل. أما النوع الرابع من الوقود الحيوي، فهو جزء من هذا النوع، إذ يستخدم طحالب معدلة جينيًا. هذا النوع لا يتعارض مع متطلبات السوق من الغذاء، ويعتقد أنه ذو مستقبل مرتقب في مختبرات الوقود الحيوي.

الديزل الحيوي وأهميته

اُستخدمت طريقة أسترة الدهون البينية لإنتاج الديزل الحيوي لأكثر من 50 عامًا. وتتكون إسترات الأحماض الدهنية عندما يتفاعل جزيء الجليسريد الثلاثي مع الكحول. وفي العادة يتم استخدام إما الإيثانول، أو الميثانول في العملية. إلا أن مثل هذه التفاعلات تحتاج إلى وجود محفزات لتعمل على زيادة سرعة وزخم التفاعل. والسبب يعود إلى أن عملية تصنيع الديزل الحيوي في أساسها بطيئة.

إنتاج الديزل الحيوي

يُصنع الديزل العضوي إما كيميائيًا، أو عبر تقنية عضوية؛ طبقًا لنوع المحفز المستخدم في العملية. مثلًا يُصنع الديزل العضوي من الكتلة العضوية للطحالب بإستخدام عدة طرق، عبر الأسترة، أو الأسترة التبادلية للطحالب الدقيقة.

ويتكون الديزل العضوي من إستر ميثيل الأحماض الدهنية، ويُنتج عادة بعملية الأستر التبادلية لزيت الطحالب مع الميثانول. ويتضمن الخليط حمض الكبريتيك المركز بنسبة ٩٨% كمحفز، مع الهيكسان كمذيب. ويعد استخلاص الزيت من الطحالب الدقيقة بدون كسر خلاياها طريقة حديثة، يُستفاد فيها من استخدام المحفزات النانوية في عملية تخليق الديزل الحيوي.

ومن جهة أخرى، تخضع طريقة الأسترة التبادلية والتي تحدث في خليط التفاعل للمقارنة بالعمليات الأخرى، وتعدنا بقفزات مستقبلية هائلة. كما ستسهل من عملية استخراج الوقود الحيوي، وتضاعف كفاءة الحصول عليه. وتتم بالعادة دون الحاجة لاستخلاص الزيت من الطحالب، وبالتالي ما يحدث هو حقن مباشر لليبيدات داخل خلايا الطحالب الدقيقة، والحصول عبرها على ديزل حيوي في خطوة واحدة.

الميثان الحيوي

يُعتبر الميثان الحيوي، والمسمى أيضًا بالغاز الحيوي، أحد أكثر الخيارات الحديثة جاذبية للتطوير مستقبلًا مقارنة بأنواع الوقود الحيوي الأخرى. إذ يُستخرج هذا الغاز بعدة طرق، أحدها من الطحالب الدقيقة والتي أظهرت كفاءتها، وعمليتها، واقتصاديتها.

إنتاج الميثان الحيوي

تعتبر الطحالب الدقيقة بشكل عام وسط مناسب للغاية لاستخلاص المغذيات، و لمعالجة مياه المخلفات، وعزل ثاني أكسيد الكربون. وذلك نظرًا لقدرتها على استيعاب كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون وإمكانية خلط منتوج زراعة الطحالب الدقيقة مع انبعاثات غاز المداخن لتحسين الغاز الحيوي، والذي يتضمن إزالة ثاني أكسيد الكربون لزيادة نسبة الميثان.

توفر منتوج عملية زراعة الطحالب الدقيقة في وحدة معالجة مياه الصرف الصحي مصدرًا مجانيًا للمياه. فبالإضافة لمساهمتها في عملية تنقية المياه، تعمل على إعادة تدوير العناصر الغذائية الحيوية. ويمكن بعد ذلك معالجة الكتلة الحيوية للطحالب الدقيقة الناتجة من عملية التنقية لاستخراج العناصر الغذائية لإنتاج الأسمدة أو الزيوت لتوليد وقود الديزل الحيوي. كما يمكن أيضًا إنتاج الغاز الحيوي من خلال الهضم اللا هوائي للكتلة الحيوية للطحالب الدقيقة المستخرج منها الأسمدة.

يُنتج الميثان الحيوي من التحويل الكيميائي للكتلة الحيوية، ومن ثم تحسين جودة الغاز. أو عبر التحويل الكيميائي الحراري للكتلة الحيوية الصلبة لغاز عبر عملية “التغزية”. تليها تنقية الغاز الناتج، ومن ثم تحويله إلى ميثان، عبر معادلات بسيطة لتحسين جودة المنتج.

الهيدروجين الحيوي

يعنى مصطلح الهيدروجين الحيوي بالهيدروجين المنتج عضويًا، وغالبًا من الطحالب، أو البكتيريا، أو العتائق “البكتيريا القديمة”. يحدث ذلك إما من خلال زراعتهم، أو عبر استخلاصهم من المخلفات العضوية.

إنتاج الهيدروجين الحيوي

يعتبر الهيدروجين أحد مصادر الطاقة المستدامة، والتي تنتج عبر كائنات التمثيل الضوئي. وتحتوي تلك الكائنات على محتوى حراري عالي يصل إلى ١٢٢ كيلو جول/جم. وهو ما يساوي تقريبا 2.75 قيمة أعلى من المحتوى الحراري للطاقة الموجودة في الوقود الهيدروكربوني. لهذا أصبح الهيدروجين بديل جيد من وجهة نظر الباحثين للوقود الأحفوري، وحامل جيد للطاقة.

من الممكن إنتاج جزيء الهيدروجين عبر عملية التمثيل الغذائي الضوئي من مجموعة واسعة من الطحالب الدقيقة. نذكر منها: الأنابينا، والطحلب الأخضر المعروف بالكلوريلا فولجاريس، والعوالق النباتية الحية المسماة بالنانوكروبسيس، والرباعيات المتلحفة المعروفة باسم موناس راينهاردتي، والسبيرولينا ماكسيما، وسندسموس أوبليموس.

إيجابيات وسلبيات استخدام الديزل الحيوي كوقود حيوي مستدام في محركات الديزل الحالية

يعتبر الديزل الحيوي حتى يومنا هذا الوقود الحيوي السائل الأكبر في الانتاج. ويعود هذا لسهولة العملية الكيميائية وخصائصها الانسيابية التي تستخدم لإنتاجه.

إيجابيات الديزل الحيوي كوقود

بالإضافة لكونه قابل للتحلل العضوي، وعدم سميته كمصدر وقود مستدام؛ يحتوي الديزل الحيوي على عدد سيتان عالي. بمعنى قدرته على الاشتعال في درجة حرارة عالية نسبيًا في حالة اختلاطه مع الهواء. كما يحتوي على نسبة أوكسجين عالية أيضًا، تسمح باكتمال عملية الاحتراق في المحركات. وبالتالي يخفض الجزيئات المضرة لنواتج الاحتراق من أكاسيد الكربون والكبريت. خصوصًا أن نسبة الكبريت فيه تعتبر منخفضة بالمقارنة مع غيره من الأنواع. مع هذا، تبقى نسب أكاسيد النيتروجين الناتجة من عملية احتراقه أعلى مقارنة بالديزل العالي.

ويُعتبر الديزل الحيوي بشكل عام آمن في عمليات نقله وتخزينه، والفضل يعود لعدد السيتان العالي الذي يتميز به. فهو يحتاج إلى درجة حرارة تصل إلى ١٥٠ درجة مئوية ليشتعل.

يناسب الديزل الحيوي محركات الديزل الحالية، دون حاجة المحرك لأي تعديلات تصميمية. ومن الممكن استخدامه في حالته النقية أو عبر مزجه بنوع وقود نفطي آخر. إلا أنه في هذه الحالة قد يحتاج إلى تعديلات طفيفة في المحرك. ولدى الديزل الحيوي خصائص لزوجة جيدة مقارنة بالديزل المستخرج من الوقود الأحفوري، مما يسمح بإطالة العمر الإفتراضي للمحرك وتقليل أوكسيد الكربون بنسبة ٧٨%.

سلبيات وتعقيدات إنتاج الديزل الحيوي

بغض النظر عن الجهود المبذولة للوصول إلى عمليات أفضل في إنتاج الوقود، واستخدام محفزات أفضل، ومصادر أفضل للمواد الخام، فلا يزال الجليسرول المنتج من عملية إنتاج الديزل الحيوي صناعيًا عقبة من الصعب تجاوزها. فطرق معاملة المخلفات الناتجة من عملية إنتاج الديزل الحيوي، والتي يشكل الجليسرول المكون الأساسي لها، لا تزال مشكلة كبرى تعيق عمليات الإنتاج الواسع للوقود الحيوي. فلا وجود لعملية صناعية قادرة على التعامل مع الكميات العالية من الجليسرول حتى اليوم.

الجليسرول المنتج ذو جودة سيئة، نظرًا لكونه ممتلئ بالشوائب، وبالتالي لا يمكن استخدامه كمصدر وقود حيوي هو الآخر. ولكون الوقود الحيوي المستطاع الاستفادة منه كوقود يجب أن يكون نقي. وإن قلنا بأن عملية تنقيته ممكنة، نكون بهذا مستنفذين لمصادر أخرى. فعملية تنقيته تحتاج كميات كبيرة من الماء، والطاقة، والوقت. إلا أن ما سبق يشير لإمكانات هائلة للوقود الحيوي مستقبلًا، أليس كذلك؟

المصادر:

Biofuel Production from Different Sources
Biofuel Production Pathways by Microalgae

Biodiesel as Renewable Biofuel in Current Diesel Engines

Exit mobile version