ما القواعد الرئيسية في غسل الأموال؟ ماهي الفضائح العالمية الأكثر شهرة وخطورة؟

غسل الأموال هو معالجة العائدات الإجرامية لإخفاء مصادرها غير القانونية. على سبيل المثال، قد يشتري تاجر مخدرات مطعمًا لإخفاء أرباح المخدرات بالأرباح المشروعة للمطعم. وبهذه الطريقة، يتم “غسل” أرباح المخدرات من خلال المطعم لجعل الدخل يبدو كما لو أنه حقِق بشكل قانوني. يعد غسيل الأموال أمرًا بالغ الأهمية لعمليات الجريمة المنظمة لأنه سيتم اكتشاف الجناة بسهولة إذا لم يتمكنوا من “دمج” أموالهم غير القانونية في شركة قانونية أو في بنك أو عقار.

من خلال غسيل الأموال، يحقق المجرمون أرباحًا من الأنشطة غير المشروعة مثل مبيعات الأسلحة، والمخدرات، والاتجار بالبشر وتهريب المواد والاختلاس، والرشوة ومخططات الاحتيال. بالإضافة إلى الجماعات الإجرامية المنظمة، يقوم غاسلو الأموال المحترفون بأداء خدمات غسيل الأموال نيابة عن الآخرين باعتبارها عملهم الرئيسي.[1]


من الصعب تحديد حجم غسيل الأموال على مستوى العالم.  ومع ذلك، يقدر رقم مقتبس على نطاق واسع من مكتب « الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة – UNODC » أن مخططات غسيل الأموال تكلف 2-5٪ من إجمالي الناتج المحلي العالمي، وهو ما يقدر بنحو 2 تريليون دولار. تتبع عملية غسيل الأموال ثلاث مراحل –عادةً- للإفراج النهائي عن الأموال المغسولة في النظام المالي القانوني. [1]

المرحلة الأولى من غسيل الأموال – الإيداع

في مرحلة الإيداع الأولية لغسيل الأموال، يتم إدخال “الأموال القذرة” في النظام المالي. غالبًا ما يتم ذلك عن طريق تقسيم المبالغ النقدية الكبيرة إلى مبالغ أقل وضوحًا لإيداعها مباشرة في حساب مصرفي أو عن طريق الشيكات أو الحوالات المالية التي يتم جمعها وإيداعها في حسابات في مواقع أخرى. [2]

تشمل وسائل الإيداع الأخرى إضافة الأموال النقدية المحصل عليها من خلال جريمة إلى عمليات الاستيلاء المشروعة على شركة ما، خاصة تلك التي لها تكاليف متغيرة قليلة أو معدومة.  يتم أيضًا استخدام الفواتير الزائفة، حيث يتم إدخال مبالغ صغيرة من المال في الحسابات المصرفية أو بطاقات الائتمان واستخدامها لدفع النفقات، وما إلى ذلك. تتضمن استراتيجيات التوظيف الأخرى إخفاء هوية المالك المستفيد من خلال صناديق الائتمان والشركات الخارجية أو استخدام حسابات بنكية أجنبية، عبر أخذ مبالغ صغيرة من النقود أقل من عتبة البيان الجمركي في الخارج، والإيداع في حسابات بنكية أجنبية قبل إعادة إرسالها. [2] وكذا التنقل عبر سلسلة من تحويل عملة إلى أخرى والانتقال من العملات الرقمية إلى آخر. كما يستعان بالاختلاط ومزج المعاملات المختلفة عبر العديد من التبادلات، مما يجعل من الصعب تتبع المعاملات إلى بورصة أو حساب أو مالك معين. بالإضافة لركوب الدراجات لإجراء نقل ودائع بالعملة الورقية من أحد البنوك، وشراء وبيع العملات المشفرة، ثم إيداع العائدات في بنك أو حساب مختلف.[2]

المرحلة الثانية من غسيل الأموال – التصفيف

 بعد دخول الأموال إلى النظام المالي، تحدث مرحلة التصفيف، حيث يقوم الغاسل بتحريك الأموال لإبعادها عن مصدرها وإخفاء مسار الأموال. يمكن توجيه الأموال من خلال شراء وبيع الاستثمارات، أو عبر شركة قابضة، أو نقلها ببساطة من خلال سلسلة من الحسابات في البنوك في جميع أنحاء العالم.

  من المرجح العثور على الحسابات المتناثرة على نطاق واسع في الولايات القضائية التي لا تتعاون مع تحقيقات مكافحة غسل الأموال.  في بعض الحالات، يمكن أن يقوم الغاسل بإخفاء التحويلات كمدفوعات لسلع أو خدمات أو كقرض خاص لشركة أخرى، مما يمنحها مظهرًا شرعيًا.[2]

المرحلة الثالثة لغسيل الأموال – التكامل

 في المرحلة الأخيرة من غسيل الأموال، يتم دمج الأموال في الاقتصاد المشروع. وذلك باستخدام الأموال في شراء السلع والخدمات دون لفت انتباه سلطات إنفاذ القانون أو السلطات الضريبية، مما يسمح للمجرم بالاستثمار في العقارات أو الأصول الفاخرة أو المشاريع التجارية. غالبًا ما يكتفون باستخدام إظهار المرتبات والضرائب الأخرى لجعل “الغسيل” أكثر شرعية، ويقبلون خسارة بنسبة 50٪ في الغسيل باعتباره تكلفة ممارسة الأعمال التجارية عن طريق الموظفين الوهميين..[2]

أكبر فضيحة تهز المصارف العالمية منذ عقود

كشفت وثائق مسربة تتضمن معاملات بنحو تريليوني دولار، أن بعض أكبر البنوك في العالم سمحت للمجرمين بنقل الأموال القذرة إلى جميع أنحاء العالم. كما تظهر كيف استخدمت الأوليغارشية الروسية البنوك لتجنب العقوبات التي كان من المفترض أن تمنعهم من إيصال أموالهم إلى الغرب. اعتبرت هذه الحادثة الأحدث في سلسلة تسريبات على مدى السنوات العشر الماضية في اكتشاف عن صفقات سرية وغسيل أموال وجرائم مالية.[3] [4] [5]

تتكون ملفات « FinCEN – فينسن» من أكثر من 2500 وثيقة، معظمها كانت ملفات أرسلتها البنوك إلى السلطات الأمريكية بين عامي 2000 و 2017. وقد أثارت مخاوف بشأن ما قد يفعله عملاؤها. هذه الوثائق هي بعض من أكثر أسرار النظام المصرفي الدولي  المحروسة حراسة مشددة. وتستخدمها البنوك للإبلاغ عن سلوك مشبوه إذ أنها ليست دليلاً على ارتكاب مخالفة أو جريمة. سربت إلى «بازفيد نيوز – Buzzfeed News» وتم مشاركتها مع مجموعة تضم صحفيين استقصائيين من جميع أنحاء العالم، الذين وزعوها على 108 مؤسسة إخبارية من 88 دولة. قام مئات الصحفيين بغربلة الوثائق الفنية الكثيفة، وكشفوا عن بعض الأنشطة التي تفضل البنوك ألا يعرفها الجمهور. .[3] [4] [5]

اعتمد التقرير عن الفضيحة 2500 تقرير من الأنشطة المشبوهة، أرسلتها البنوك والمؤسسات المالية الى جهة محددة وهي شبكة مكافحة الجرائم المالية التابعة لوزارة الخزانة الأميركية، تكمن أهمية ذلك في أن البنوك تذكر أسماء العملاء التي تشك بهم وتشعر بأن نشاطهم مشبوه وبأنهم ومتورطين في غسيل الأموال، لكن الفضيحة تكمن في أن البنوك قامت بتقديم التقرير لكنها لم تجمد ولم توقف التعامل مع المشبوه في مخالفة واضحة للقانون. في هذه الحالات تتنظر البنوك  قرار المسؤولين الحكوميين دون إيقاف معاملاتها مع المشبوهين، وقد تستمر التحقيقات سنينا لتحديد كل مصدر لأي مشبوه، حيث تستمر البنوك دون اكتراث، وبلغ عدد التقرير المشبوهة ٢ مليون، ولا يوجد موظفين بما يكفي لمتابعة كل ما ورد في التقرير.[3] [4] [5]

المصادر:

  1. https://www.bbc.com/news/uk-54226107
  2. https://gfintegrity.org/report/trade-related-illicit-financial-flows-in-135-developing-countries-2008-2017/
  3. https://www.buzzfeednews.com/article/jsvine/fincen-files-explainer-data-money-transactions
  4. https://www.unodc.org/romena/en/money-laundering.html
  5. https://complyadvantage.com/insights/3-stages-money-laundering/

موجز في تاريخ الطائرات بدون طيار

سواء تلك التي تحمل رأس ذخيرة متفجر أو الخاصة بتوصيل الطعام، أو تقديم المساعدات اللوجستية والإنسانية، تعددت مهام استخدامها بين الأعمال العسكرية والمدنية. بينما لهذه الانجازات تفصيلٌ مخفية، سنستعرض هنا منها موجزًا في تاريخ الطائرات بدون طيار لنتعرف عليها.

تعددت التسميات في عالم التقنية العسكرية للطائرة بدون طيار أو الطائرة غير المأهولة، لكنها غدت في كل الأحوال من الأسلحة الأكثر فتكًا وتقدمًا ودقةً في الترسانة العسكرية. وينظر إليها اليوم بوصفها أسلحة ضرورية للجيوش. [9]

بنيت الطائرات بدون طيار في الأصل لأغراض عسكرية في الحرب العالمية الأولى والثانية، إلا أنها شهدت تطورًا سريعًا ومتواصلاً أدى إلى زيادة استهلاكها. إذ في بداياتها استخدمت كأسلحة على شكل صواريخ جوية موجهة عن بعد. أما اليوم، فتستخدم في مجموعة واسعة من تطبيقات الاستخدام المدني. [1][2]

ما هي الطائرات بدون طيار تحديدًا؟

قبل الدخول في التفاصيل الدقيقة لتاريخ الطائرات بدون طيار، قد يكون من المفيد تحديد تعريفها بدقة. وتميل قواميسٌ مختلفة لتعريف الطائرة بدون طيار بأنها:

“طائرة أو سفينة بدون طيار تسترشد بالتحكم عن بعد أو بأجهزة كمبيوتر على متنها.” [2]

الطائرة بدون طيار، من الناحية التكنولوجية، هي طائرة بدون شخص داخلها يتحكم فيها. وتعد روبوتًا طائرًا يمكن التحكم فيه عن بُعد، أو يمكنه الطيران بشكل مستقل من خلال خطط الطيران التي يتم التحكم فيها بالبرمجيات في أنظمتها المدمجة. وتعمل جنبًا إلى جنب مع أجهزة الاستشعار الموجودة على متن الطائرة و «GPS – نظام تحديد المواقع» . [3] وسنركز في هذا المقال على تكنولوجيا الطائرات بدون طيار.

استخدمت الطائرات بدون طيار المزودة بكاميرات للاستطلاع أول مرة في حرب فيتنام. وقد شهدت هذه الحرب أول انتشار واسع النطاق للطائرات بدون طيار باعتبارها طائرات استطلاعية. تطور الأمر وبدأ استخدام الطائرات بدون طيار أيضًا في مجموعة من الأدوار الجديدة، كالقيام بدور الشراك الخداعية في القتال، وإطلاق الصواريخ على أهداف ثابتة، وإلقاء المنشورات الدعائية النفسية [4].

مراحل تاريخ الطائرات بدون طيار

طائرات «ار-س RC» الترفيهية في الستينيات

بفضل التطور في تقنية الترانزستور، يمكن اليوم تصغير المكونات التي يتم التحكم فيها عن طريق الراديو بما يكفي لبيعها للعملاء المدنيين بتكلفة معقولة. أدى هذا الأمر لازدهار العمل بطائرات «RC – (ار-س)» خلال ذلك العقد. [5] وسمح ظهور عدة أشكال من هذه الطائرات للمتحمسين ببناء طائرات RC. كما بدأ الهواة في تنظيم نوادي طائرات RC، مما أدى إلى ظهور صناعة منزلية، سرّعت تطوير تقنية RC التجارية.

تعزيز الطائرات العسكرية الهجومية خلال 1980-1989

 على الرغم من قدرة الولايات المتحدة على تحقيق طفرة في التصنيع الشامل وتزويد الجيش بالطائرات بدون طيار، إلا أنها اعتبرت غالبًا  مكلفة وغير موثوقة. لكن تغير هذا الرأي عنها في عام 1982، حين استخدمت القوات الإسرائيلية طائرات بدون طيار للفوز على القوات الجوية السورية بأقل الخسائر. [1]

 بدأت الولايات المتحدة في عام 1980 برنامجًا يهدف إلى بناء طائرة لعمليات الأسطول بدون طيار وغير مكلفة. وأدى مشروع مشترك بين الولايات المتحدة وإسرائيل في عام 1986 إلى تطوير «طائرة استطلاع متوسطة الحجم- RQ2 Pioneer».

خلال هذه الفترة أيضًا، بدأ مطورو الطائرات بدون طيار في تركيز انتباههم على مصادر الطاقة البديلة للطائرات بدون طيار. وكانت الطاقة الشمسية أحد أوضح المصادر وأكثرها جذبًا. [6]

 تطوير الطائرات العسكرية والمدنية بدون طيار خلال الفترة ما بين 1990- 2010

أنتِجت إصدارات مصغرة من الطائرات بدون طيار في عام 1990. كما قدِّمت طائرة بريداتور الشهيرة في عام 2000. استخدِمت هذه الطائرات في أفغانستان لإطلاق الصواريخ والبحث عن أسامة بن لادن وغيرها من الحروب الهجينة والحروب بالوكالة. وفي السنوات التالية، طورت الشركة العسكرية « AeroVironment Inc -ايروفيرمينمينت » عددًا من طائرات المراقبة صغيرة الحجم وذات الأجنحة الثابتة مثل «غراب أسود- Raven » و«دبور- Wasp» و«بوما-puma». وينتشر استخدام Raven حاليًا في بلدان كثيرة، ويصل عددها إلى عشرات الآلاف من الوحدات. [9] [7] [8] [6]

كان عام 2006 عامًا محوريًا في تاريخ الطائرات بدون طيار. إذ كان هذا العام هو تاريخ إصدار إدارة الطيران الفيدرالية رسميًا أول تصريح تجاري للطائرة بدون طيار. وتباطأت طلبات المستهلكين في البداية، حيث تقدم عدد قليل جدًا من الأشخاص بطلب للحصول على تصاريح في السنوات القليلة الأولى. مما هدد وجودها المدني بشكل كبير.

العصر الذهبي للطائرات بدون طيار

شهدت السنوات العشر الأخيرة انفجارًا هائلاً في ابتكار الطائرات بدون طيار من أجل المصالح التجارية. بينما كانت الطائرات بدون طيار تستخدم قبل ذلك في المقام الأول للأغراض العسكرية أو للهواة. وبدءًا من أوائل عام 2010، اقترِحت مجموعة من الاستخدامات الجديدة للطائرات بدون طيار، بما في ذلك استخدامها كمركبات توصيل. [13]

بحلول منتصف العقد، كانت إدارة الطيران الفيدرالية تشهد نموًا هائلاً في الطلب على تصاريح الطائرات بدون طيار. وأصدِرت حوالي ألف تصريح تجاري للطائرات بدون طيار في عام 2015. وتضاعف هذا الرقم ثلاث مرات بعد عام واحد، واستمر في النمو بشكل كبير منذ ذلك الحين. [13]

أثر تكنولوجيا الهواتف الذكية على تطوير الطائرات بدون طيار

أصبح تجهيز الطائرات بدون طيار بالكاميرات أمرًا شائعًا الآن في التصوير التجاري وتصوير الفيديو. وذلك نتيجة لدمج الطائرات التي يتم التحكم فيها عن بعد (RC) وتكنولوجيا الهواتف الذكية. كما أدى النمو السريع في استخدام الهواتف الذكية إلى خفض أسعار وحدات التحكم الدقيقة ومقاييس التسارع وأجهزة استشعار الكاميرا، والتي تعتبر مثالية للاستخدام في طائرات الهواة الثابتة الجناحين. وسمحت التطورات الإضافية بالتحكم في طائرة بدون طيار بها 4 دوارات أو أكثر عن طريق ضبط سرعة الدوارات الفردية. وفتح تحسين استقرار الطائرات متعددة المحركات فرصًا جديدة لاستخدامها. [12]

أصبح استخدام الطائرات بدون طيار DIY أكثر شيوعًا نظرًا لصغر حجمها وإمكانية نقلها. كما أصبحت الطائرات بدون طيار DIY مناسبة للاستخدام من قبل قوات الشرطة وخدمات الإطفاء للمراقبة. ومع ذلك، فإن الاستخدام المتزايد غير المنظم للطائرات بدون طيار أثار تساؤلات حول الخصوصية والسلامة الجسدية. فهل أنت مع انتشارها أم ضده؟

المصادر: 

  1. If I Fly a UAV Over My Neighbor’s House, Is It Trespassing? – The Atlantic
  2. Innovation News | New Innovations | Scientific Innovations in Technology, Health, Ideas & Industrial Products (interestingengineering.com)
  3. We need drone aircraft, says police chief Alex Marshall | The Independent | The Independent
  4. If I Fly a UAV Over My Neighbor’s House, Is It Trespassing? – The Atlantic
  5. https://www.amazon.com/b?node=507846
  6. USAF Buys Millions-Worth of Hand-Launched Puma 3 Drones, Spares for the Raven (autoevolution.com)
  7. Predator RQ-1 / MQ-1 / MQ-9 Reaper UAV, United States of America (airforce-technology.com)
  8. What is a Drone? – Definition from WhatIs.com (techtarget.com)
  9. Drone Definition & Meaning – Merriam-Webster

كيف نشأ مصطلح غسيل الأموال ومتى ظهرت قوانين مكافحته؟

للأمر قصة غريبة وتحولات درامية تستحق القراءة حقًا. فمن المافيا والمغاسل، وبين الكحوليات وحب المجتمع الأمريكي لها، نشأ مصطلح غسيل الأموال. فكيف بدأ غسيل الأموال ومتى ظهرت قوانين مكافحته؟ وكيف تدرج الأمر ليصل إلى الأمم المتحدة؟

قانون فولستيد وحظر الكحوليات

في ١٩ يناير عام ١٩٢٠، دخل قرار الحكومة الأمريكية الفيدرالية بحظر المشروبات الكحولية حيز التنفيذ في أنحاء الولايات المتحدة تحت عنوان البيت النبيل كما وصفه الرئيس هربرت هوفر. أدى الحظر إلى العديد من العواقب غير المقصودة، بسبب طبيعة القط والفأر في إنفاذ الحظر. ففي حين حظر التعديل ال18 تصنيع وبيع ونقل المشروبات المسكرة، إلا أنه لم يحظر حيازة أو استهلاك الكحول. كما ترك قانون فولستيد، القانون الفيدرالي الذي نص على إنفاذ الحظر، ثغرات كافية أيضًا. إذ فتح الباب أمام مخططات لا تعد ولا تحصى للتهرب. وكان أحد الاستثناءات القانونية للحظر هو السماح للصيادلة بتوزيع الويسكي بوصفة طبية لأي عدد من الأمراض، بدءًا من القلق وحتى الأنفلونزا. [1]

جعل نمو تجارة الخمور ملايين الأمريكيين تحت سيف القانون فجأة.  ومع مرور الزمن والتطبيق، فاضت غرف المحاكم والسجون، وفشل النظام القانوني في مواكبة الأمر. فانتظر العديد من المتهمين في قضايا الحظر ما يزيد على العام لتقديمهم إلى المحاكمة. ومع تزايد عدد القضايا المتراكمة، تحول النظام القضائي إلى “صفقة الإقرار بالذنب” لتصفية مئات القضايا في وقت واحد. مما جعلها ممارسة شائعة في الفقه القانوني الأمريكي لأول مرة.[1]

أثر صفقة الإقرار بالذنب على المجتمع الأمريكي ونشاط المافيا

ومع ذلك، كانت أكبر نتيجة غير مقصودة للحظر هي أوضح ما يمكن رؤيته. فلأكثر من عقد من الزمان، كان القانون الذي يهدف إلى تعزيز الاعتدال، يشجع على التعصب والإفراط بدلاً من ذلك.  إذ أدى الحل الذي ابتكرته الولايات المتحدة لمعالجة مشكلة تعاطي الكحول إلى تفاقم المشكلة. [1]

كما كانت آثار الحظر على إنفاذ القانون سلبية. فكثيرًا ما تم إغراء ضباط الشرطة ووكلاء الحظر على حد سواء بالرشاوى أو الفرص المربحة لممارسة التهريب بأنفسهم. وبين عام ١٩٢٠ وحتى نهاية إنفاذ القانون عام ١٩٣٣، انتعشت السوق السوداء لتهريب المشروبات المحظورة والخمور، تحت سيطرة وإدارة المافيا الإيطالية. واشتهرت شخصية بين أعضاء المافيا الإيطالية تسمى ألفونس غابرييل ألكابوني. وقد كسب ألكابوني مئات الملايين من الدولارات عبر بيع الخمور، لكن كان يواجه السؤال التقليدي لأمثاله من الحكومة الأميركية وهو “من أين لك هذا؟”. لم يبلغ بعد الشاب ألكابوني الثلاثين سنة، والأب الشاب كان يعمل حلاقًا بالأساس، فكيف له بتبرير ثروته؟ [1] [2]

نشأة غسيل الأموال على يد ألفونس ألكابوني

كانت أفكار ألفونس غابرييل ألكابوني الشيطانية لا تتوقف. فاخترع اختراعًا ناجحًا، تمكن من خلاله إخفاء أصول ثروته. فبدأ بشراء متاجر الغسيل، واستغل هذه المغاسل في تحقيق أهدافه، بتزويده بطابع قانوني لأمواله. وأدخل أموال الخمور وسط إيرادات المغاسل من أجل التمويه على مصدر الأموال. وعبر هذه الطريقة، لم تتمكن الحكومة من إثبات فساد مصدر الأموال، فتجارة المغاسل شرعية وقانونية تمامًا وفقًا للأدلة والمستندات. [2]

قيل عن حركة الفونس غارييل ألكابوني أنها سبب تسمية إخفاء الأموال غير المشروعة بغسيل الأموال. ولكن المفاجأة أنه قبض عليه ونال حكم بتهمة التهرب الضريبي من العمل بالغسيل وليس غسيل الأموال ولا الكحول. لأن غسيل الأموال لم يكن جريمة بعد في الولايات المتحدة الأمريكية [2]. كما لفت الأمر انتباه صناع السينما أيضًا لكتابة الأفلام حول المافيا بكثافة.

رحلة قانونية للتغلب على غسيل الأموال

صدور قانون السيطرة على غسيل الأموال

تكمن عملية غسيل الأموال في إخفاء المصدر الحقيقي للأموال غير المشروعة. ولم تعامل كجريمة في الولايات المتحدة الأمريكية إلا في عام ١٩٦٨ بعد صدور قانون “السيطرة على الغسيل الأموال”. لكن لم تكن الفكرة من غسيل الأموال إخفاء مصدر الأموال فقط، وإنما إضفاء شكل من أشكال الشرعية عليها أيضًا. فغسيل الأموال غير المشروعة هدفه بالنهاية إظهار الأموال واستخدامها علنًا. لن يستفيد الشخص شيئًا بإخفاء أمواله، وإنما باعتبارها أموال مشروعة كسبها بعرق جبينه. [4]

اتفاقية فيينا للأمم المتحدة لمكافحة غسيل الأموال

كانت اتفاقية الأمم المتحدة، التي اعتمدت في ديسمبر ١٩٨٨ في مدينة فيينا، أول صك دولي يعالج مشكلة عائدات الجريمة. كما طالبت دول العالم بتجريم غسيل الأموال باعتباره جرمًا جنائيًا. واعتبرتها تشكل تهديدًا خطيرًا لصحة البشر ورفاههم وتلحق الضرر بالأسس الاقتصادية والسياسية والثقافية للمجتمعات. وقد أدرك القانون الروابط الخطيرة بين الاتجار غير المشروع وما يتصل به من الأنشطة الاجرامية الأخرى المنظمة. فتلك الأنشطة الإجرامية تقوض الاقتصاد المشروع وتهدد استقرار الدول وأمنها وسيادتها. [3]

المصادر:

  1. UNDOC.org: Money laundering
  2. Pbs.org: Unintended consequences
  3. Collinsdictionary.com: Money laundering
  4. FBI.gov: Alcapouni
  5. Al Capone Goes to Prison – HISTORY
  6. Anti-Money Laundering Overview | Anti Money Laundering US | Anti Money Laundering | Resources (willkie.com)
Exit mobile version