العمارة الإسلامية في عهد الدولة العباسية (750-1258م)

شهدت الفترة العباسية حقبة مهمة في التاريخ الإسلامي، امتدت من القرن الثامن إلى القرن الثالث عشر الميلادي. وكان العباسيون ثاني سلالة تحكم العالم الإسلامي بعد الأمويين. وقد شهد العالم الإسلامي في هذه الفترة تقدمًا كبيرًا في العلوم والفنون والأدب والعمارة. اشتهر العباسيون برعايتهم للفنون، مما أدى إلى تطوير أسلوب معماري إسلامي فريد [1]. سيستكشف هذا المقال الإنجازات المعمارية التي تمّ إنجازها في عهد الدولة العباسية.

الشكل 1: الدولة العباسية في أقصى امتدادٍ لها

المدن العباسية

مدينة بغداد الدائرية

تم بناء مدينة بغداد الدائرية، والمعروفة أيضًا باسم مدينة السلام ، في 762 من قبل الخليفة العباسي المنصور [1]. واكتمل بناؤها في عام 766م [5]. كانت المدينة الدائرية من روائع العمارة والهندسة الإسلامية ، حيث جمعت بين مبادئ التصميم الإسلامية التقليدية والتقنيات المبتكرة [2].

الشكل 2: رسم تخيّلي يُظهِر مدينة بغداد الدائرية

كانت مدينة بغداد الدائرية ذات قطر يساوي 2 كم تقريباً [5]. محاطة بسور ضخم تتخلله أربع بوابات تواجه الاتجاهات الرئيسية ، مزينة بأنماط هندسية معقدة ونقوش قرآنية [1]. وكانت الشوارع تؤدي من البوابات الأربعة إلى المناطق المركزية بينما تتركز أماكن المعيشة والمحلات التجارية في حلقة بين الجدار الخارجي للمدينة الذي كان محاطًا بخندق عميق وجدار دائري محصن ثانٍ [4].

وكان من أبرز سمات المدينة نظام توزيع المياه، والذي كان ضروريًا لبقاء المدينة في المناخ الجاف لبلاد الرافدين [2]. حيث قام مهندسو المدينة ببناء شبكة واسعة من القنوات لجمع وتوزيع المياه في جميع أنحاء المدينة. كما أنشؤوا نظامًا من الأنفاق الجوفية التي سمحت بالنقل الفعال للمياه من نهر دجلة إلى ينابيع المدينة وحدائقها [3].

مدينة سامرّاء العباسية

تأسست مدينة سامراء عام 836 م على يد الخليفة العباسي المعتصم بالله كمعسكر لحماية الخلافة من التهديد المتزايد لسلالة الطاهريين في الشرق [6]. ومع ذلك ، سرعان ما تطورت لتصبح مدينة رئيسية ، وقد وصل عدد سكانها إلى 600000 نسمة في ذروة ازدهارها [7]. تميّزت المدينة بمخطط شطرنجي ذي شوارع متعامدة، وبأحياء سكنية منظمة حول الأفنية المركزية والمساجد [8]. وتتميز العمارة في مدينة سامراء باستخدامها القرميد والجص ، والتي كانت تستخدم لإنشاء أنماط هندسية تزيينية معقدة. [6]

الشكل 3: صورة جوية لمدينة سامراء تعود لمطلع القرن العشرين ويظهر في مقدمة الصورة جامع سامراء الكبير ومئذنته

جامع سامرّاء الكبير

أحد أشهر الجوامع العباسية، أمر ببنائه الخليفة العباسي المتوكل عند توليه للحكم [9] وبدأ بناءه عام 848 م واكتمل عام 851 م بمساحة 38000 متر مربع تقريباً [1]. بُني المسجد في موقع قصر سابق دُمِّر إبان الحرب الأهلية التي ميزت نهاية عهد الخليفة السابق الواثق [10].

وتقع على المحور الوسطي للجامع وخارج حرمه برج حلزوني يعرف باسم (الملويّة) أو المئذنة الملتوية، بارتفاع 52 متراً، وبقطر 33 متراً عند القاعدة. وتقع على بعد 27 متراً تقريباً من الجدار الشمالي وتتصل بالجامع بواسطة جسر.

تم بناء هذه المئذنة التي تميّز مدينة سامرّاء باستخدام الحجر الرملي، وما يجعلها فريدة من نوعها هو تصميمها الحلزوني المخروطي. ويرتفع البرج الحلزوني على القاعدة المزودة بمنحدر (رامب) يبدأ عند مركز الجهة الجنوبية ويدور حوله بعكس اتجاه عقارب الساعة. وبعد خمس دورات كاملة، يصل المنحدر إلى القمة وينتهي عند الحنية الجنوبية لطابق أسطواني الشكل. ثم يقود درج شديد الانحدار إلى المنصة، بارتفاع 50 متر بالضبط فوق القاعدة. [9]

الشكل 4: جامع سامرّاء الكبير

جامع أبي دُلف

يقع جامع أبي دُلف حوالي 15 كيلومتراً شمال مدينة سامراء في قلب الصحراء، ويحمل مئذنة مشابهة لمئذنة سامراء الملتوية بتصميم حلزوني مشابه [9].

تم بناء المسجد في القرن التاسع وسمي على اسم أبي دُلَف؛ المحارب العربي الذي تم دفنه في باحة المسجد [10]. وهو مستطيل الشكل بأبعادٍ تساوي حوالي 30 × 20 مترًا ، ويتميز بقبة مركزية كبيرة محاطة بقباب أصغر وفناء (صحن) مربع [11]، وعلى الرغم من تشابه مئذنة جامع أبي دُلّف مع مئذنة جامع سامراء الكبير بشكلها الحلزوني، إلا أن مئذنة هذا الجامع ليست نسخة مطابقة لمئذنة جامع سامراء. فمئذنة أبي دلف أصغر حجماً بثلاث دورات فقط يدورها المنحدر حتى يصل إلى القمة مقارنةً بالدورات الخمس التي يدورها مثيله في مئذنة جامع سامراء. [9]

الشكل 5: مئذنة جامع أبي دُلف

مدينة الرّافقة

في عام 772 م، أمر الخليفة العباسي المنصور ببناء مدينة جديدة تسمى الرافقة بالقرب من الرقّة، وقد كلف ابنه وخليفته المهدي (حكم في الفترة الممتدة بين عاميّ 775-785 م) بالإشراف على بنائها. نُفِّذت الإضافات اللاحقة، مثل الجدار الخارجي ، تحت حكم ابن المهدي، هارون الرشيد (حكم في الفترة 170-93 / 786-809). كان المكان بمثابة مدينة حامية على الحدود مع الإمبراطورية البيزنطية لحماية الأراضي العباسية. كما أنها كانت تقع على مفترق طرق مهمة للقوافل عند التقاء نهر الفرات مع نهر الخابور [12].

يحمل مخطط المدينة تشابهاً طفيفاً مع مخطط مدينة بغداد العباسية، لكنه يتخذ شكل حدوة حصان مع وجود ضلع مستقيم في الجانب الغربي من المدينة [13]. ويبلغ قطر سور المدينة المحيط بالرفقة حوالي 1300 م. ويبلغ طول هذا الجدار الضخم 5000 متر تقريبًا ، ويحصر بداخله مساحةً تساوي 1.47 كيلومترًا مربعًا [12].

الشكل 6: مخطط مدينة الرافقة [12]

وكان من أهمّ الإنجازات المعمارية في عهد الدولة العباسية هو ترميم المسجد الأقصى الشريف

ترميم المسجد الأقصى

خضع المسجد الأقصى في القدس لعملية تجديد وإعادة بناء كبيرة، حيث تولى العباسيون، الذين أرادوا تأكيد سلطتهم على المقدسات الإسلامية، مهمة إعادة بناء المسجد. وقد تضمن المشروع توسيع قاعة الصلاة بالمسجد وإضافة معالم معمارية جديدة، مثل مدخل ضخم وقبة. تضمنت إعادة البناء أيضًا عناصر من الطراز المعماري العباسي، مثل استخدام الجص الزخرفي والتصميمات الهندسية المعقدة. لم تكن إعادة بناء المسجد الأقصى خلال الفترة العباسية رمزًا دينيًا وثقافيًا فحسب، بل كانت أيضًا دليلًا على التزام العباسيين بالعمارة الإسلامية ورغبتهم في ترك بصماتهم على العالم الإسلامي [14].

قصر الأُخَيضِر

أحد أروع أمثلة العمارة العبّاسية، تمّ بناؤه خلال منتصف القرن الثامن الميلادي في صحراء العراق حالياً. القصر عبارة عن قلعة مستطيلة الشكل مع أبراج في كل زاوية وفناء مركزي كبير [1] يعدّ بمثابة النقطة المحوريّة للقصر [14] . تم بناء جدران القصر من القرميد المصنوع من الطين المشوي وتمّ تزيينها بتصميمات جصية متقنة وأنماط هندسية، والتي تميز الطراز المعماري العباسي. تضمن تصميم القصر أيضًا العديد من الميزات الوظيفية، مثل نظام المياه المتطور . كان موقع القصر في المنطقة الصحراوية في العراق استراتيجيًا، حيث كان بمثابة محطة طريق للمسافرين والحجاج. اليوم، يقف قصر الأخيضر كدليل على الإنجازات المعمارية للعباسيين وقدرتهم على خلق الانسجام بين الاعتبارات الوظيفية والجمالية في تصميم المباني [1].

مسجد ابن طولون في القاهرة

يعتبر مسجد ابن طولون ثاني أقدم مسجد موجود في مصر. وهو النصب الوحيد المتبقي في مدينة القطائع ، وقد تم إنشاؤه عام 870م في عاصمة الدولة الطولونية في مصر من قبل حاكم مصر أحمد بن طولون. [15] ويعدّ نموذجاً فريداً للعمارة الإسلامية بمئذنته اللولبية المميزة وفنائه الواسع المفتوح. يغطي المجمع مساحة تزيد عن 26000 متر مربع ويحيط به سور مرتفع له ثلاث بوابات [16]. يقع المدخل الرئيسي في الجهة الشرقية للمسجد ويؤدي إلى قاعة الصلاة التي يدعمها أكثر من 200 عمود مرتبة في 17 صفًا. تم تزيين المسجد من الداخل بأنماط هندسية أنيقة ونقوش بالخط العربي ، وهي سمات مشتركة للفن والتصميم الإسلامي [17]. تم تزيين جدران وأعمدة قاعة الصلاة بنقوش وزخارف معقدة تعكس المفهوم الإسلامي للتناسق والتوازن. [15]

تعتبر مئذنة مسجد ابن طولون أبرز معالمه. يرتفع إلى ارتفاع 26 مترًا وهو مبني على شكل حلزوني فريد من نوعه ، مع درج خارجي يؤدي إلى القمة [15]. تعلو المئذنة قبة صغيرة وهلال، ومن الجدير بالذكر أنها المئذنة الوحيدة خارج العراق التي تماثل في التكوين المئئذنتين الملويّتين لجامعي سامرّاء الكبير وأبي دُلَف.

الشكل 7: بطاقة بريدية من عام 1903م تظهر مسجد ابن طولون ومئذنته

مقياس النيل

بني مقياس النيل بأمرٍ من الخليفة العبّاسي المتوكّل في عام 861م [18]، ويقع في جزيرة الروضة في مصر، وبالتحديد في القاهرة على نهر النيل، وقد استُخدِم بشكلٍ عام لقياس مستويات الفيضان من أجل إعداد السدود والقنوات ، وتحديد مستويات الضرائب للإنتاجية الزراعية ، والاحتفال بفيضان النيل ، الذي كان حدثًا مهمًا من العصور الوسطى حتى نهاية القرن التاسع عشر [18] [ 19].

يتكوّن من جزئين أساسيَّين: الأول هو البئر المكون من ثلاثة طوابق وفي محوره العمود الرخامي ، وهو أداة قياس الفيضان. والثاني القنوات التي تتصل بالنيل من خلال ثلاث فتحات يوجد كلٌّ منها في طابق. يقع البئر في حفرة مربعة عميقة محفورة بعمق 13م وعرض 10م على الأقل، ما استلزَم إزالة ما لا يقل عن 1300متر مربّع من التراب والطين الصلب[20].

وتتدفق مياه النيل إلى البئر عن طريق ثلاثة قنوات تصب مياهها في البئر عن طريق ثلاثة “أفواه”. ,هذه الفتحات ذات أقواس مدببة تدعمها أعمدة مزخرفة ذات قواعد كروية. لا تعتبر هذه الأقواس أقدم الأمثلة المعروفة في مصر الإسلامية وحسب، بل وإنها تسبق تلك المستخدمة في العمارة القوطية في أوروبا بثلاثة قرون [21].

الشكل 8: مقطع طولي في مقياس النيل

الأقواس العباسية المدببة

يعتبر القوس المدبب من أبرز سمات العمارة القوطية التي ازدهرت في أوروبا خلال فترة العصور الوسطى. ومع ذلك ، فإن ما هو أقل شهرة هو أن القوس المدبب كان في الواقع تطورًا من العالم الإسلامي.

الشكل 9: الأقواس المدببة في باب بغداد في الرافقة/ الرقّة حاليّاً

شهدت الفترة العباسية العديد من الابتكارات المعمارية ، بما في ذلك القوس المدبب الذي استخدم على نطاق واسع في المباني الإسلامية. من خلال التبادل التجاري والثقافي ، انتشرت العمارة الإسلامية وابتكاراتها إلى أوروبا. لعبت الحروب الصليبية أيضًا دورًا مهمًا في نقل المعرفة المعمارية الإسلامية، بما في ذلك القوس المدبب ، إلى أوروبا، حيث أنه في الحملة الصليبية الأولى عام 1099 وبعد سقوط فلسطين في أيدي الصليبيين، عقد القادة الصليبيون أول اجتماع لهم في قبة الصخرة لتسوية خلافاتهم وترهيب المسلمين المهزومين. لم يتمكن هؤلاء القادة المهتمون بالهندسة المعمارية من ألا يلاحظوا جمال كل من أروقة قبة الصخرة والأقصى المدببة وأعادوها معهم عندما عادوا إلى أوروبا. بمجرد وصوله إلى أوروبا ، تم تكييف القوس المدبب وتطويره بشكل أكبر ، ليصبح سمة مميزة للعمارة القوطية. هذا النقل للمعرفة المعمارية هو شهادة على الترابط بين الثقافات والطرق التي يمكن للأفكار والابتكارات أن تنتشر من خلال التجارة والتبادل [14].

المصادر

  1. Dictionary of Islamic Architecture
  2. short-history.com/round-city-of-baghdad
  3. .themaparchive.com-plan-of-baghdad-city
  4. socks-studio.com/the-round-city-of-baghdad
  5. the birth of Baghdad was a landmark for world civilisation – The Guardian
  6. Samarra – SmartHistory
  7. Samarra – Barakat Trust
  8. Samarra – Archnet
  9. The origins and functions of the spiral minaret at the great mosque of Samarra (Academia.edu)
  10. Minaret of the Abu Dulaf Mosque. Samarra Archaeological City (Iraq) – UNESCO
  11. “Abu Dulaf Mosque.” Academia.edu.
  12.  Museum With No Frontiers – Al-Rafiqa
  13. Archnet – Raqqah
  14. muslimheritage.com – Muslim Architecture Under the Abbasid Patronage
  15. Ibn Tulun Minaret – Museum With No Frontiers
  16. Mosque of Ahmad ibn Tulun – Encyclopaedia Britannica
  17. Mosque of Ibn Tulun – Archnet
  18. Rawda Island Nilometer – Egyptian Monuments
  19. Nilometer – Islamic Architectural Heritage
  20. Rawda Island Nilometer – UNESCO World Heritage Centre
  21. Rawda Island Nilometer – Museum With No Frontiers

مقياس النيل وجماليات العمارة الإسلامية: الشكل والوظيفة

عُرفت الخلافة العباسية باهتمامها بالعلوم والفنون والعمارة ويعدُّ مقياس النيل أحد أبرز الأمثلة على الإبداع في تلك الفترة. وتم استخدامه لقياس مستوى مياه النيل من أجل التنبؤ بالفيضان السنوي للنهر وتقييم الإنتاج الزراعي للبلاد. سوف نستكشف في هذا المقال تاريخ وأهمية مقياس النيل.

تاريخ وأهمية مقياس النيل

بني مقياس النيل بأمرٍ من الخليفة العبّاسي المتوكّل في عام 861م [1]، ويقع في جزيرة الروضة في مصر، وبالتحديد في القاهرة على نهر النيل، وقد استُخدِم بشكلٍ عام لقياس مستويات الفيضان من أجل إعداد السدود والقنوات ، وتحديد مستويات الضرائب للإنتاجية الزراعية ، والاحتفال بفيضان النيل ، الذي كان حدثًا مهمًا من العصور الوسطى حتى نهاية القرن التاسع عشر [1] [ 3].

الشكل 1: مقياس النيل في جزيرة الروضة

البنية المعمارية لمقياس النيل

إنّ مقياس النيل مبنى موجودٌ تحت الأرض، وهو يتكوّن من جزئين أساسيَّين: الأول هو البئر المكون من ثلاثة طوابق وفي محوره العمود الرخامي ، وهو أداة قياس الفيضان. والثاني القنوات التي تتصل بالنيل من خلال ثلاث فتحات يوجد كلٌّ منها في طابق. يقع البئر في حفرة مربعة عميقة محفورة بعمق 13م وعرض 10م على الأقل، مما استلزَم إزالة ما لا يقل عن 1300متر مربّع من التراب والطين الصلب[2].

وتتدفق مياه النيل إلى البئر عن طريق ثلاثة قنوات تصب مياهها في البئر عن طريق ثلاثة “أفواه”. ,هذه الفتحات ذات أقواس مدببة تدعمها أعمدة مزخرفة ذات قواعد كروية. لا تعتبر هذه الأقواس أقدم الأمثلة المعروفة في مصر الإسلامية وحسب، بل وإنها تسبق تلك المستخدمة في العمارة القوطية في أوروبا بثلاثة قرون [4].

تم بناء المبنى بالكامل من الحجر المقطوع بدقة، وتحيط السلالم القريبة من الجدران بالمساحة الدائرية في الأسفل وحول المربع المكون من مستويين، وفي المحور المركزي يرتفع عمود مثمن من الرخام مقسَّم إلى أذرع، والتي كانت وحدة القياس في زمن بناء هذه المنشأة [2].

وقد نقشت على جدران البئر نصوص قرآنية [1] وأنماط هندسية ونباتية معقدة، وتصوير لعلامات الأبراج السماوية [4]، ويتميز كذلك بوجودِ علاماتٍ على العمود لقياس مستوى الماء، والتي استخدمت لتحديد ارتفاع الفيضان مع ارتفاع المياه في البئر، بالإضافة لوجود سلم حلزوني للنزول إلى الأسفل [1].

الشكل 2: مقطع طولي في مقياس النيل
الشكل 3: البئر وعمود القياس
الشكل 4: الزخارف التي تزيّن مقياس النيل من الداخل

مؤشر للفيضان

كان من المتعارف عليه أن السنة ستكون جيدة إذا تم تسجيل قياس لمستوى الماء على العمود يبلغ 15 ذراع وسيئة إذا سجلت ما بين 12 و 15 ذراع. وعندما كان مستوى الماء يصل إلى رقمٍ بين 10 و 12 ذراع، كان سعر القمح يبلغ عشرة مثاقيل وكَيلاً واحدًا. وعندما كان المستوى يتجاوز 18 ذراعا ، فكانت المتاجر والمحلات والمنازل والحقول تواجه خطر الفيضانات. [2]

أعمال ترميم مختلفة

أجرى أحمد بن طولون (حكم في الفترة الممتدة بين عامي 868-884م) ترميم المقياس عام 873 م ، واستبدل شريطين من النقوش القديمة بأخرى أكثر حداثة على الجانبين الجنوبي والغربي. وقد قام بوضع اسمه في النقش الجديد ، لكنه أبقى على تاريخ البناء الأصلي كما هو [4].

وعلى مر العصور ، خضع المبنى للعديد من الترميمات والتجديدات (الفاطمية والمملوكية والعثمانية)، وتم تجديده في العصر الحديث عام 1925 عندما تم استبدال القبة المملوكية التي تتوج السطح الخارجي للمبنى بسقف مخروطي الشكل مغطى بألواح من الرصاص [4].

إرث ثقافي وحضاري

تقديراً لأهميته الثقافية والتاريخية، تمت إضافة مقياس النيل إلى قائمة الآثار الوطنية في مصر في عام 1951م. كما تم إدراجه في قائمة اليونسكو للتراث العالمي المؤقت في عام 2001 ، والتي تعترف بالمواقع الثقافية والطبيعية التي لديها الإمكانية في أن تُضاف إلى قائمة التراث العالمي. وإن إدراج مقياس النيل في القائمة يسلط الضوء على قيمته الفريدة كدليل على براعة وإبداع الثقافات المصرية والإسلامية القديمة [2].

اقرأ أيضاُ: مدينة سامراء العباسية وجوامعها ذات المآذن الملويّة

المصادر

  1. Rawda Island Nilometer – Egyptian Monuments
  2. Rawda Island Nilometer – UNESCO World Heritage Centre
  3. Nilometer – Islamic Architectural Heritage
  4. Rawda Island Nilometer – Museum With No Frontiers

المسجد الوردي في شيراز : مسجد نصير الملك

تعد مدينة شيراز في محافظة فارس، إيران إحدى أقدم المدن الإيرانية، تتميز بثقافة نابضة بالحياة من الفنون والحرف اليدوية والتاريخ، كل هذا يعرض بشكل مذهل في مسجد نصير الملك، أو كما يطلق عليه “المسجد الوردي”؛ وهو أحد أجمل المساجد في إيران، يمتاز بزجاجه الملوّن وبالآلاف من البلاطات المطليّة على السقف وبالسجّاد الفارسي الذي يغطي أرض قاعات الصلاة. [1]

بناء المسجد الوردي

بدئ في بناء المسجد في عام 1876م، واكتمل بناؤه في عام 1888م أثناء حكم القاجاريين الذين حكموا إيران في الفترة الواقعة بين عامي (1785م و 1925م) بأمر من الأمير القاجاري ميرزا حسن علي خان نصير الملك. [2]

بنية المسجد الوردي

تم بناء المسجد بمساحة 2980 متر مربع [2] بمراعاة أن يكون الضلع الجنوبي من المبنى قائماً مع محور القبلة، وبالنظر إلى المبنى من الأعلى، فإن أول ما يجذب الانتباه هو شكله غير المنتظم وذلك بسبب الأبنية المجاورة والممرات المحيطة بالمسجد. [3]

الشكل 1: مسجد نصير الملك أو المسجد الوردي كما يظهر على خرائط Google

يتألف المسجد من قسمين رئيسيين؛ الأول هو المسجد (يوضَّح في الشكل باللون الأزرق) و قسم ثانٍ هو ضريح الإمام زاده سيد جلال الدين (باللون الأحمر). تظهر الأدلة التاريخية أن الضريح أقدم من المسجد وقد بني المسجد بقربه لاحقًا ليرتبطا بشكل وثيق.

يتصف القسم الجنوبي من المسجد بأنه أكبر حجمًا وذو شكل منتظم (مستطيل) بينما القسم الشمالي أصغر حجمًا وغير منتظم. ويتألف المسجد من باحة وسطية (صحن) بإيوان في كل من جهتيها الشمالية والجنوبية على محور القبلة وحرمين شرقي وغربي. [3]

الشكل 2: ويظهر فيه المسجد باللون الأزرق والضريح باللون الأحمر بالإضافة إلى أقسام المسجد المختلفة. [3]
الشكل 3: الباحة الخارجية (الصحن) للمسجد الوردي ويظهر في الشكل الإيوان الشمالي المزين بالمقرنصات بالإضافة إلى مئذنتي المسجد

المدخل

تعد بوابة الدخول هي الجزء الخارجي الوحيد المزيّن من المبنى، وقد زيّن بمزيج من البلاطات الزخرفية والحجارة المقطعة والمقرنصات، وتوجد في الجهة الغربية من القسم الشمالي للمسجد، ويتميز القسم الأول من المدخل بشكله السداسي غير المنتظم بينما نلاحظ أن الجزء الثاني من المدخل ذو شكل مستطيل. [3]

الشكل 4: البوابة الرئيسية من الخارج

الحرم الغربي

يعتبر الحرم الغربي الحرم الرئيسي للمسجد الوردي بطولٍ يساوي ضعفي عرضه تقريباً (13 × 28.5م تقريبًا) وهو موازٍ لمحور القبلة، وقد قسم فراغ الحرَم إلى ثلاثة مجازات طولية وسبع مجازات عرضيّة بواسطة 12 عمودًا، ويوجد المحراب في النهاية الجنوبية للمجاز الوسطي محدّدًا اتجاه القبلة.

يتكون الجدار الشرقي للحرم من سبعة أبواب خشبية مزينة بالزجاج الملوّن تتوسطها أعمدة، بفضلها يتمتع الحرم الغربي بصلة مباشرة مع الباحة الخارجية. ومن بين هذه الأبواب السبعة، يعدّ الباب الأوسط الأكثرَ تميّزاً من حيث الزخارف.[3]

الشكل 5: الحرم الغربي

الحرم الشرقي

إن الحرم الشرقي أصغر وأضيق من نظيره الغربي، بنسبة طول إلى عرض 1 إلى 4، ويحتوي على 7 أعمدة مصفوفة في صف واحد في المنتصف.

وضعت فراغات وظيفية على واجهة الحرم الشرقي نظراً لقلة أهميته مقارنة بالحرم الغربي، وذلك بسبب وجود عناصر تزيينية قليلة فيه، ففي شرق الحرم توجد غرفة التزوّد بالمياه والتي حفِر بئر بداخلها تستخرج المياه منه باستخدام الأبقار التي توجد في خندق يقع تحت الحرم الشرقي تقريباً، وتنفتح هذه الغرفة مباشرةً على الحرم الذي ينفتح بدوره مباشرة على ضريح الإمام زاده. [3]

الشكل 6: الحرم الشرقي للمسجد [3]

المصادر

  1. Nasir al-Mulk Mosque – Shiraz, Iran – Atlas Obscura
  2. Nasir al-Mulk Mosque _ Visit iran
  3. Academia.edu – An Introduction to Architecture of Nasir Al Mulk Mosque by Azin Ehteshami

مدينة عنجر المهجورة: تخطيط روماني وبناء لم يكتمل

من الآثار الأموية القليلة الموجودة في لبنان، مدينة كاملة أُنشِئت لتكون مركزًا تجاريًا على نقطة تقاطع للطرق التجارية من بيروت إلى دمشق، ومن حمص إلى طبريا مرورًا بالبقاع، فلنتعرف على مدينة عنجر الأثرية.

موقع وتقسيم مدينة عنجر

الشكل 1: مدينة عنجر كما تظهر على خرائط Google
الشكل 2: مخطط المدينة ويظهر به: 1- قصر الخليفة الكبير، 2- المسجد، 3-القصر الثاني، 4-حمام ومسجد ثاني، 5-منطقة سكنية، 6-شارع رئيسي، 7- شارع ثانوي، 8-تقاطع الشارعين والتترابيل، 9-بوابات المدينة [3]

تقع المدينة على بعد 58كم شرق بيروت، [1] في نقطة التقاء طريقين تجاريين مهمين. أحدهما يصل بين بيروت ودمشق، والآخر يقطع البقاع واصلًا بين حمص وطبريّا.

تم اكتشاف هذه المدينة في أربعينات القرن ال20، حيث أظهرت عمليات التنقيب مدينة مستطيلة الشكل بأبعاد (350×385م) مسوّرة محاطة بجدران وب40 برج (36 برج نصف دائري متصل بالجدران بالإضافة إلى برج في كل زاوية من الزوايا الزوايا الأربعة). [2]

يقطع مدينة عنجر شارع في كلّ من محوريها، محور شمالي-جنوبي رئيسي، ومحور أقل أهمية شرقي-غربي يقسمانها إلى أربع أقسام متساوية. يقع قصر الخليفة الكبير والمسجد في الربع الجنوبي-الشرقي من المدينة ويشغلان القسم الأكثر ارتفاعاً منها. في حين تقع القصور الأصغر والحمامات في الربع الشمالي-الشرقي. وتوزّع الوظائف الثانويّة والمناطق السكنية في الربعين الشمالي-الغربي والجنوبي-الغربي. [3]

الشكل 3: واجهة قصر الخليفة بعد أن تم ترميمها بشكل جزئي

تخطيط وتقنيات بناء رومانية

يعد الشارعان الرئيسيان اللذان يقطعان المدينة مثالًا على تخطيط الشوارع في المدن الرومانية. حيث يوجد المحور الرئيسي (شمال جنوب) الذي يسمى «كاردو ماكسيموس – Cardo Maximus» بعرض 20م والذي كان محاطًا بالمتاجر من الجهتين. ويتقاطع في منتصفه مع الشارع الثانوي الذي يسمى «ديكومانوس ماكسيموس – Decumanus Maximus» الذي كان محاطًا بالمتاجر والدكاكين من الجهتين أيضاً. تم اكتشاف 600 متجرًا أو دكانًا بالمجمل، [4] مما يجعل مدينة عنجر مثالًا على المراكز التجارية الداخلية. [2]

الشكل 4: احد الشارعين الرئيسيين لمدينة عنجر وتظهر في الصورة الأعمدة التي تم بناؤها بشكل جزئي والمتاجر المحيطة بالشارع من الجانبين

نلاحظ في نقطة تقاطع الشارعين وجود أربعة «تترابيلات – Tetrapylons» على الزوايا الأربعة لمفترق الطرق هذا. وقد تمت إعادة بناء أحد التترابيلات بشكل كامل بأعمدته الأربعة. ونلاحظ الكتابات الإغريقية على القواعد والتيجان الكورنثية التي تتميز بأوراق نبات «الأكانتوس – Acanthus» المنحنية. [4]

الشكل 5: التترابيل

كما نلاحظ استخدام تقنية بناء ذات أصل بيزنطي تتألف من صفوف من الحجارة المنحوتة والتي تتناوب مع صفوف من القرميد. هذه التقنية التي استخدمها البيزنطيون للتخفيف من آثار الزلازل. [4] (وتطوّرت لاحقًا في العالم الإسلامي لتعرف باسم “الأبلق“).

الشكل 6: صورة مقرّبة لأحد الجدران في مدينة عنجر تظهر استخدام تقنية صفوف الحجارة المتناوبة

يمكننا رؤية قواعد أعمدة ذات أبعاد متساوية عن بعضها على جانبي الشارعين والعديد من الأعمدة المنهارة والتي كانت جزءًا من رواق كان ممتدًا على جانبي الشارعين. تم إعادة بناء قسم من أعمدته من أجل إعادة تخيّل المشهد. [4]

بناء لم يكتمل

تم تأسيس مدينة عنجر من قبل الخليفة الأموي الوليد الأول (الوليد بن عبد الملك (705-715م)) في بداية القرن 8 الميلادي، ولم يكتمل بناؤها حيث لم تحظَ إلا بفترة قصيرة من الازدهار. إذ هزم الخليفة الأموي ابراهيم بن الوليد في عام 744م ، وبعدها، تم هجر المدينة شبه المدمّرة ليعاد اكتشافها من قبل علماء الآثار في أربعينات القرن ال20 م. أضيفت المدينة إلى قائمة اليونسكو للتراث العالمي في عام 1984م. [2] وتعدّ عنجر مثالًا على تأثّر الحضارات ببعضها من خلال تخطيطها وأسلوب بنائها، ومثالًا على قيام الأمويين بإعادة استخدام الآثار الموجودة والمتوفرة في بناء مبانٍ جديدة.

المصادر

  1. Anjar – Umayyad Route
  2. Anjar – UNESCO World Heritage Centre
  3. phoenician-anjar (pdf)
  4. Aanjar – middleeaast.com

كيف تميزت العمارة الآرامية وما أهم خصائصها؟

لعل أوّل ما يتبادر إلى ذهنك أثناء التحدّث عن عمارة الحضارات القديمة لبلاد ما بين النهرين (بلاد الرافدين) هي العمارة السومرية، أو ربّما الآشورية، أو البابلية. ولكن هل سمعت من قبل عن العمارة الآرامية؟ اعتقد الخبراء سابقًا أنَّ منطقة سوريا كانت ملتقىً للصراعات والنزاعات بين الحضارات، أو أنّها خضعت لسيطرة حضارات قوية كالآشورية مثلًا. ولكن مع ازدياد التنقيبات الأثرية والحفريات، اكتُشفت معلومات جديدة سلّطت الضوء على أهمية حضارات وشعوب سكنت المنطقة. وأسّست كذلك مراكز إدارية مستقلّة، وعلى سبيل المثال العموريين والكنعانيين والآراميين. فمن هم الآراميون وكيف بنوا حضارتهم؟

الصعوبات التي تواجه علماء الآثار

يواجه علماء الآثار في الواقع صعوبات أثناء دراسة العمارة الآرامية. وذلك نتيجة عدّة أسباب ومنها : تعايش الآراميين مع شعوب «الحيثية الجديدة-Neo Hittite/luwianor ». ففي بعض الأحيان يصعب تحديد ما إذا كان أصل النخب آراميًا أو حيثيًا جديدًا. أما سياسيًا فقد كان العالم الآرامي مجزّأً إلى عدد من الممالك الصغيرة نسبيًا، بعضها حضري وبعضها الآخر لا يزال بدويًا. فلم يكن هناك قط مركز سياسي أو ثقافي على وجه التحديد. إضافةً إلى صعود النفوذ الآشوري، فقد غزت الإمبراطورية الآشورية العديد من الممالك الآرامية. ومن ناحية أخرى تمّ الكشف عن القليل من آثار العمارة الآرامية حتى الآن. والتي تثير العديد من التساؤلات حول هويّتها وكيف ومتى تطوّرت. [1]

آرام والممالك الآرامية

ظهرت أوّل إشارة حقيقة إلى آرام في القرن 14 ق.م، من نص فرعون الدولة المصرية الحديثة وهو أمنحتب الثالث. ويشهد على منطقة تقع في شمال ووسط سوريا. أما بالنسبة للنصوص الآشورية ففي القرن 11 ق.م ظهر مصطلح آرام في ارتباط مع مجموعات الأخلامو أي البدو الرحّل. وتشير النصوص إلى منطقة تقع بين الخابور والفرات وحتى أبعد من ذلك. وفي القرن 8 ق.م تم ذكر آرام العليا والسفلى، وتشير هذه المصطلحات على الأرجح إلى منطقة جغرافية يبدو أنها تغطي تقريبًا حدود سوريا الحديثة. وفيما يتعلق باسم آرام فمن بين الاقتراحات الأكثر قبولًا هو أصل مشتق من الجذر السامي رومو ومعناه أن يكون عاليًا. ويفسّر اقتراح آخر للاسم بأنه جمع تكسير ويعني الظباء البيضاء، أو الثيران البرية.

تعد الآرامية واحدة من تحالفات القبائل التي تتحدث لغة سامية شمالية (الآرامية). وازدهرت في العصر الحديدي وشكّلت عدّة ممالك اشتركت في نفس اللغة والدين والتنظيم الاجتماعي. ومن هذه الممالك مملكة بيت عديني جنوب كركميش، ومملكة بيت بخياني وعاصمتها غوزانا (تل حلف)، وسمآل في تركيا، وبيت أجوشي في حلب، ومملكة آرام دمشق، وآرام حماة، وغيرها من الممالك.

وشهدت سنة 720 ق.م نهاية استقلال الممالك الآرامية في الغرب على يد الآشوريين. بينما حافظ الآراميون على طول نهر دجلة السفلي على استقلالهم لفترة زمنية أطول. وفي عام 626 ق.م انضمّت الممالك الآرامية إلى سيطرة الدولة البابلية الجديدة. [2][3]

كيف صمّم الآراميون مدنهم؟

لا تفي جميع المواقع الآرامية بالمعايير الحديثة للمدينة. وبالرغم من ذلك يمكن تعريف عواصم الممالك الآرامية بأنها مدن حقيقية بالمعنى الحضري. ويمكننا تمييز نوعين من المدن الآرامية، أوّلًا تلك التي لها تاريخ استيطاني طويل حتى قبل قدوم الآراميين مثل دمشق، وحماة، وهازرك أي تل آفس اليوم. وثانيًا تلك المواقع التي أسّسها الآراميون حديثًا أو على الأقل أعادوا تأسيسها، وأبرزها سمآل وغوزانا وأرباد وغيرها من المدن أيضًا.

تقع مدينة غوزانا بالقرب من الحدود التركية السورية، وصمّمت بشكل مستطيل. يحدّها شمالًا أحد فروع نهر الخابور وخندق، بينما قد حصّنها الآراميون بجدار من الطوب الطيني في جوانبها الأخرى. وعمومًا تُقسم المدينة إلى جزئين، الجزء الشمالي المحصّن المتمثِّل بالقلعة ومدينة سفلى ممتدّة إلى الجنوب. ولا يكاد يعرف أي شيء عن اصطفاف الشوارع في غوزانا وعن مواقع بوابات المدينة. [1][4]

ولم يتم تحديد أي مدينة آرامية أخرى ذات تصميم مستطيل حتى الآن، وقد يكون ذلك نتيجة الأدلّة الأثرية الضئيلة. من ناحية أخرى، أظهرت على الأقل 3 مدن آرامية مهمّة، والتي تقع غرب التأثير الآشوري تصميما دائريا أو نصف دائري، مثل سمآل وأرباد وتل برسيب. فمدينة سمآل مثلًا لها شكل دائري شبه كامل ب 3 بوابات تبعد كل منها عن الأخرى بمسافة منتظمة. وتمركزت المباني العامّة وهي القصور داخل القلعة الحصينة، حيث تقع في وسط المدينة. وبناءً على ما أظهر التنقيب الأخير فقد خطّط الآراميون الشوارع بشبكة منتظمة من الشوارع الشعاعية متّحدة المركز.

صورة لمخطط المدن الآرامية سمآل وغوزانا/تل حلف وتظهر بها القلعة المحصنة

وبشكل نهائي يمكن ملاحظة مجموعة متنوعة من المدن الآرامية تتشابه معظمها بوجود قلعة محصّنة بقوّة. وتقع القلعة في معظم الأحيان على أطراف المدينة على مقربة من ضفّة النهر، وبالتالي اتصلت مباشرةً بإمدادات المياه، واستثنيت من ذلك سمآل، وربما يرجع سبب ذلك إلى عدم وجود مجرى مائي متاح. [1]

التحصينات في العمارة الآرامية

أجبرت الصراعات العسكرية الدائمة بين الممالك الآرامية، والتهديد المتزايد من توسّع الإمبراطورية الآشورية ؛ المدن الآرامية أن تكون محصّنة بشدّة. فحصّن الآراميون مدينة سمآل على سبيل المثال بجدار مزدوج مع أساسات من الحجارة البازلتية، إضافةً إلى خندق مائي. إذ يبدو أن الخنادق كانت جزءاً لا يتجزّأ من أنظمة التحصين في العمارة الآرامية. في المقابل كان لغوزانا جدار واحد فقط، والذي بني من الطوب الطيني بالكامل.

وبما أنّ المدن الآرامية والحيثية الجديدة كانت محاصرة أكثر من المدن البابلية والآشورية، فإنّ بواباتها حُصّنت بقوّة أكبر. ففي حين أن بوّابات آشور وبابل كانت واسعة للغاية مع ممرّات محورية مستقيمة، والتي أعطت بدورها رؤية مباشرة من الخارج إلى وسط المدينة. كانت البوابات الآرامية أقل اتساعًا بكثير. ومن أجل تعزيز الأمن، فقد فُضّل الوصول إلى الداخل عبر محور منحنٍ. كما أجبرت الحوائط الموجودة أمام البوّابات أي متسلّل على الاقتراب من الأمام بزاوية حادّة، وبالتالي اختلف المحور البصري أيضًا.[1]

ما هي القلاع في العمارة الآرامية؟

تعرَّف القلعة لدى الآراميين بأنّها منطقة مرتفعة داخل المدينة، تُفصل عن القطّاع السكني من خلال ارتفاعها وتحصيناتها القوية. كما يقيَّد الوصول إلى القلعة من قبل سكان المدينة السفلى. يدل هذا على وجود تفرقة، سواءً كانت ذات طبيعة عرقية، أو دينية، أو اجتماعية. وعلاوةً على ذلك، فقد أوحت القلاع بسبب خصائصها بوجود نخبة تسيطر على المدينة وأراضيها. وبُني للقلعة في أغلب الأحيان بوّابة واحدة من جهة المدينة السفلى، وبوّابة أخرى على ضفّة النهر. يرجّح العلماء أنّها وضعت بمثابة ممر سرّي للهروب أثناء الغزوات الخارجية، أو الثورات الداخلية. فقد حدثت ثورات عدّة خاصّةً أثناء السيطرة الآشورية.[1]

قُسّمت القلاع عمومًا إلى منطقتين، يفصل بينهما جدار داخلي. فإذا عبر زائر قادم من المدينة السفلى بوابة القلعة فسيصل أولًا إلى المنطقة الخارجية من القلعة. وعليه أن يعبر بوابة ثانية ليصل إلى المنطقة الداخلية. ونلاحظ هذا النمط في غوزانا، إذ فصلت بوابة العقرب بين القسمين. كذلك الأمر في سمآل وحماة وغيرها. [1][4]

قصور العمارة الآرامية

تميّزت القصور لدى الآراميين بالبساطة، ورغم ذلك فقد أثّرت بعض عناصرها بشدّة على الآشوريين. وصمّمت عادةً بهيكل داخلي ثلاثي. إذ يقع المدخل الضخم بشكل عام من جهة واحدة، ويميّزه عمود بارز. ويتيح الوصول إلى قاعة المدخل التي يحيط بها عادةً برجين كالغرف المربّعة. وبالقرب منها تقع القاعة الرئيسية في الوسط، والتي يفترض أنها قاعة العرش. وتتموضّع خلفها صف من الغرف الصغيرة، والتي تمثّل الجزء الأخير من المجموعة الثلاثية. [1]

لا يوجد دليل حتى الآن على الزخارف واللوحات الداخلية. أما بالنسبة للواجهات الخارجية فغالبًا ما زيّنوها بنقوش على البازلت أو الحجر الجيري. وقد عُثر في غوزانا على قصرين في القلعة، القصر الغربي والقصر الشمالي الشرقي. وبينما كان الأوّل مزخرفًا على نطاق واسع بتماثيل مميّزة وضخمة تقدّمت المدخل، ولوحات منحوتة وضعت على طول الواجهات الجنوبية والشمالية على شكل نقش للحاكم الآرامي كابارا. إلا أن القصر الشمالي الشرقي افتقر هذه الزخارف. ويرجّح بعض الخبراء أنّه كان بمثابة مسكن للحاكم كابارا. [4][1]

مدخل القصر الغربي في غوزانا، وكان قد نُقل إلى المانيا وهناك قد تضرر بشدة بعد القصف البريطاني
تصور لقصر كابارا في قلعة مدينة غوزانا

المعابد والدين في الممالك الآرامية

من المثير للدهشة أنّه لم يظهر حتى الآن أي معبد كالزيقورات في المدن الآرامية الرئيسية. ولا ندري أهذه مصادفة أثرية أو انعكاس لسياسة دينية آرامية محدّدة، وما يزال هذا الموضوع قيد النقاش. بغض النظر عن اختلافات تصميم المعابد فقد اشتركت بعناصر معيّنة، إذ ضمّت عددا محدّدا من الغرف فقط.، فخَلَت من أي تعقيد داخلي. أظهرت المعابد الآرامية صرامةً ومحورًا بصريًّا مباشرًا، من الخارج إلى الحرم ومنه إلى الضريح. إضافةً إلى السمة الرئيسية التي تمثّلت برواق مفتوح، مما يشير إلى شفافية مماثلة لتلك الموجودة في القصور الآرامية. أما بالنسبة إلى مواقع المعابد، فقد تنوّعت بشدّة، فمنها ما وقع خارج المنطقة الداخلية ضمن القلعة، ومنها ما شُيّد في أراضٍ معزولة. ويعتقد بعض الخبراء أن هذه الاختلافات تعكس وظيفة المعابد. [1]

حفر المنقّبون المعبد الغربي في قلعة تل آفس. وقد امتدّ بطول 32 م من الشمال إلى الجنوب، ووضع مدخل المعبد في الجهة الجنوبية ضمن عتبة تبلغ 8.5 م. وأحيط المدخل ببرجين جانبيين، وقد تضرّر الجزء الداخلي من المعبد بشدّة. عُثر في المعبد على حجر بازلت، إضافةً إلى أقماع وفخاريات منقوشة، لم تتضح هويتها بعد. لكن يرجّح أنّها زخرفة جدارية للواجهات الخارجية، ربّما وضعت أيضًا كوظيفة إنشائية بحيث تستعمل لجمع مياه الأمطار، ومنعها من السقوط مباشرةً على قاعدة الجدران. [5]

تصور ثلاثي الأبعاد لمعبد تل آفس، صنعه c.Alvaro وحقوق الصورة تعود ل Archivio Missione Archeologica a Tell Afis

تم تخصيص معابد مميزة لعبادة الأسلاف في العمارة الآرامية. نجد منها غرفة العبادة في مدينة غوزانا السفلى، وهي غرفة طويلة بها دهليز و 3 غرف صغيرة مجاورة. وعلى الرغم من عدم حفر أبنية مماثلة حتى الآن ،إلا أن هناك أدلّة واضحة على وجود عبادة مماثلة في مدن آرامية أخرى. [1][4]

كيف دفن الآراميّون موتاهم؟

اكتشفت في غوزانا عدد من المباني الشبيهة بالمصلى، يتكوّن كل منها من غرفة أو اثنتين. احتوى اثنان منها على تماثيل ضخمة تصوّر نساء يجلسن ويمسكن الكؤوس في أيديهن اليمنى، وارتبط هذا النوع من التماثيل بالأسلاف، فقد كان له بالفعل تقليد طويل في سوريا في ذلك الوقت. واكتشف أسفل أحد هذه التماثيل جرّة تحتوي على العظام المحروقة للموتى، وبعض السلع الفاخرة أيضًا. ومن المثير للاهتمام التغيير الجذري لعادات الدفن مع تأسيس المدن الآرامية، حيث استبدل الآراميون الدفن بحرق الجثث. وما يزال السبب وراء ذلك مجهولا. [4]

التماثيل المكتشفة في غوزانا (تل حلف)

أسئلة كثيرة

مع الاكتشافات المستمرّة للآثار المبنية والوثائق المكتوبة، نجد نفسنا نقف أمام حضارة عريقة بلا شك. رغم أننا لا نعلم عن عمارتها الكثير، إذ هناك تساؤلات عدة ننتظر أن تقدّم لنا الحفريات عنها مزيدا من المعلومات والأجوبة في أقرب وقت ممكن.

المصادر

  1. academia
  2. oxford bibliographies
  3. Britannica
  4. universität Bern
  5. research gate

نشأة المآذن، والمآذن الأولى في الإسلام

من منا لم يسمع صوت الأذان أثناء تجوالنا في مدننا العربية؟ وعند بحثنا عن مصدر الصوت لا نفكّر مرّتين قبل التوجه بأبصارنا إلى الأعلى؛ إلى أعلى نقطة في الجامع أو المسجد القريب، إلى برج نعرفه جميعاً باسم «المئذنة-Minaret» فهل تساءلت يوماً عن نشأة المآذن ؟ وهل تخيّلت ولو لمرة واحدة كم شكلاً لهذه المآذن ؟ وكيف تختلف المئذنة باختلاف المنطقة؟

تعريف المئذنة ونشأتها

المآذن هي مبانٍ برجية الشكل، ترتبط عادةً بالجوامع أو المساجد، أو بمبانٍ دينية أخرى. [1] ومن المتفق عليه أن المساجد الأولى في الإسلام لم تحتوِ على مآذن على الإطلاق، فالمساجد التي تم بناؤها في عهد النبي محمد صلى الله عليه وسلم في مكة والمدينة كانت بسيطة لدرجة أنه لم يكن فيها مكان أو حاجة لبناء أي شيء مشابه للبرج، حتى ولو كانت مواد البناء والمهارات متوفرة لفعل ذلك. [2] وبذلك نستنتج أن المآذن الموجودة في هذه المساجد تمت إضافتها في عصور لاحقة. حيث تشير الدلائل التاريخية إلى أن فكرة المئذنة قد ظهرت خلال العهد الأموي وتحديداً في سوريا. حيث تم اقتباس الفكرة من أبراج الكنائس الموجودة في دمشق مركز الخلافة الأموية. [2]

أول تطبيق لهذه الفكرة كان في عام 673 م، عندما أمر الخليفة الأموي معاوية بإنشاء أربعة صوامع (أبراج) أعلى جامع عمرو بن العاص في الفسطاط في مصر. [2][3][4] لكن أقدم نمط للمآذن تم بناؤه في بلاد الشام وبالتحديد في دمشق حيث تم انشاؤها بشكل أبراج ذات مسقط مربع الشكل. [4] حيث قام الخليفة الأموي الوليد بتحويل الكنيسة الكبرى في دمشق والتي كانت تعرف باسم «كنيسة يوحنا المعمدان – Church of Saint John the Baptist» إلى جامع [2]. وفي حين أن البرجين الشرقي والغربي كانا موجودين منذ وقت طويل قبل عهد الوليد، فإن البرج الشمالي تم بناؤه بأمر منه. وأطلق عليه اسم مئذنة العروس، نسبةً لمدينة دمشق التي كان يطلق عليها في ذلك الحين لقب “عروس العالم”. [2] وهكذا تم بناء أول مئذنة في الإسلام، والتي تم ترميمها وإضافة عناصر إليها في عصور لاحقة لتصل إلينا اليوم بشكلها الحالي.

مئذنة العروس بشكلها الحالي بعدسة الفنان السوري أحمد مادون (1948-1988)

تكوين المئذنة

بشكل عام، تتألف المئذنة من عدة أجزاء:

1 – قاعدة المئذنة.

2 – سلّم أو درج، يأخذ في الغالب شكلاً لولبياً. ويتواجد السلم بداخل المئذنة غالبًا، ويدور حول محورها على امتداد جسمها نحو الأعلى، مع وجود نوافذ صغيرة على امتدادها من أجل الإنارة والتهوية.

3 – الشرفة، وهي المكان الذي يصعد إليه المؤذن للأذان. وغالباً ما تمتد الشرفة على مدار البرج، حتى يتمكن المؤذن من إلقاء الأذان في كل الجهات.

4 – الجوسق، وهو الجزء العلوي في المئذنة. ويستخدم الجوسق كمظلة لحماية المؤذن من العوامل الجوية بالإضافة إلى دوره كعنصر تزييني.

5 – الهلال، وهو علامة أو دلالة خاصة بالدين الإسلامي. وغالبًا ما يكون قطعة معدنية لامعة صفراء اللون أو مصنوعة من الذهب توضع أعلى المئذنة. [4]

المآذن في العهد العباسي

احتوت 6 من الجوامع التي تعود للعهد العباسي على برج واحد مرتبط بالجدار المقابل للمحراب. ولعل هدف وجود المآذن في هذه الجوامع والمساجد هو إظهار قوة الدولة العباسية والسلطة الدينية التي كانت تتمتع بها. [1]

ويرجح أن شكل المئذنة العباسية هو الأكثر تأثراً بالعمارة القديمة لحضارة بلاد الرافدين وخاصةً عمارة الزيقورات. ومن خواص المئذنة العباسية المسقط الدائري والجسد الأسطواني، بالإضافة إلى مساحة محدودة للشرفات، وازدياد ارتفاعها بالمقارنة مع المآذن الأموية، مع تزيين قليل على الجدران الخارجية. [4]

المآذن الملتوية

جامع سامراء

يقع جامع سامراء شرق دجلة، وشمال بغداد بمساحة 38000 متر مربع تقريباً. وتم بناؤه بين عامي 848 و852 م خلال العهد العباسي. وعرف باسم جامع سامراء الكبير الذي أمر ببنائه الخليفة العباسي المتوكل عند توليه للحكم.

يقع على المحور الوسطي للجامع وخارج حرمه برج حلزوني يعرف باسم (الملويّة) أو المئذنة الملتوية، بارتفاع 52 متراً، وبقطر 33 متراً عند القاعدة. وتقع على بعد 27 متراً تقريباً من الجدار الشمالي وتتصل بالجامع بواسطة جسر.

تم بناء هذه المئذنة باستخدام الحجر الرملي، وما يجعلها فريدة من نوعها هو تصميمها الحلزوني المخروطي. ويرتفع البرج الحلزوني على القاعدة المزودة بمنحدر (رامب) يبدأ عند مركز الجهة الجنوبية ويدور حوله بعكس اتجاه عقارب الساعة. وبعد خمس دورات كاملة، يصل المنحدر إلى القمة وينتهي عند الحنية الجنوبية لطابق اسطواني الشكل. ثم يقود درج شديد الانحدار إلى المنصة، بارتفاع 50 متر بالضبط فوق القاعدة. [5]

الشكل 2: جامع سامراء ومئذنته الملويّة

جامع أبي دُلَف

يقع جامع أبي دُلف حوالي 15 كيلومتراً شمال سامراء في قلب الصحراء، ويحمل مئذنة مشابهة لمئذنة سامراء الملتوية بتصميم حلزوني مشابه. ويعرف البناء الذي يحتوي على هذه المئذنة باسم جامع أبي دُلَف الذي تم اكتمال بنائه في عام 861 م. وبالرغم من ذلك، فمئذنة هذا الجامع ليست نسخة مطابقة لمئذنة سامراء. فمئذنة أبي دلف أصغر حجماً بثلاث دورات فقط يدورها المنحدر حتى يصل إلى القمة مقارنةً بالدورات الخمس التي يدورها مثيله في مئذنة سامراء. [5]

الشكل 3: جامع أبي دُلَف ومئذنته، من تصوير Samir Al-Ibrahem

يعتقد أن سبب بناء هذا النوع من المآذن في هذه المنطقة هو إحداث تأثير بصري معتبر. ولأن جامع سامراء الكبير كان حينها أكبر جامع أو مسجد في العالم، فبذلك احتاج لمئذنة تجاريه في المقياس. [1] لم تتكرر أو تقلد المآذن الملتوية لجامع سامراء وجامع أبي دُلَف، باستثناء مسجد ابن طولون في القاهرة-مصر والذي قام بنسخ الكثير من الصفات الأخرى من جامع سامراء. ففي مئذنة مسجد ابن طولون، يحتوي الجزء العلوي على منحدر حلزوني صغير مشابه لمئذنتي سامراء وأبي دُلَف. [1]

الشكل 4: مسجد ابن طولون في القاهرة وتظهر في الشكل مئذنته المشابهة لمئذنتي جامع سامراء وجامع أبي دُلَف

وفقاً لإحدى النظريات فإن المنشأة مرتبطة بالعمارة القديمة لبلاد الرافدين. حيث يمكن تتبع الشكل الحلزوني للمئذنة إلى الزيقورات في بلاد الرافدين وبالتحديد الزيقورة الموجودة في العاصمة الآشورية خورسباد، والبرج الساساني في مدينة غور. حيث يوجد في كل من المنشأتين طوابق متراجعة مشابهة بدرج حلزوني يصعد نحو القمة، باستثناء الشكل المربع. مما يعني أن الشكل المخروطي والمسقط الدائري قد يكونان من إبداع العباسيين الخاص، مما يعكس أيضاً الجودة الهندسية في عملية البناء التي تضيف الدقة الهندسية إلى القيم الجمالية الكلية للمبنى. [5]

مما سبق تعرفنا على أصل فكرة المئذنة، وعلى أولى المآذن في الإسلام، بالإضافة إلى أنماط فريدة ومميزة من المآذن. فهل بقي شكل المآذن على حاله في العصور اللاحقة؟ أم مر بتغييرات؟ وإن فعل، فهل كانت ضئيلة أم جذرية؟ تابع معنا المقال القادم لتعرف الإجابة.

المراجع

1- Dictionary of Islamic Architecture (archive.org)

2- The Origin and History of the Minaret (jstor.org)

3- muslimheritage.com/architecture-under-umayyad-patronage-661-750

4- Elements of Islamic Architectural Heritage : Minaret (witpress.com)

5- The origins and functions of the spiral minaret at the great mosque of Samarra (Academia.edu)

ما هي المقرنصات؟ وكيف ميزت العمارة الإسلامية عن غيرها؟

هل لاحظتَ يومًا مئذنة أو إفريزًا مزيّنًا بتشكيلات هندسية معقدة؟ وهل تساءلتَ عن اسم هذه العناصر، ومصدرها؟ إنها «المقرنصات -Muqarnas/Stalactite work/Honeycomb work » التي تعد من أبرز العناصر التي تميز العمارة الإسلامية، فمن أين نشأت المقرنصات؟ وكيف تم تكوين هذه التشكيلات المعقدة؟

متى وأين نشأت المقرنصات؟

يختلف الباحثون على الزمان والمكان المحددين لمنشأ المقرنصات. لكن الأكيد أنه بحلول القرن ال 12، أصبحت من الخصائص المميزة للعمارة الإسلامية عبر مناطق العالم الإسلامي المختلفة.

ونشأت العديد من النظريات حول مكان وزمان نشوء المقرنصات. حيث أشار عدد من الباحثين إلى أربع مناطق مختلفة يمكن أن تكون نقطة البداية لمنشئها. وهي بخارى في أوزبكستان الحالية، وسامراء في العراق، ومصر، والجزائر. [1]

بينما يرجع آخرون أصلها؛ وبالتحديد الوحدات المكونة لها (الحنيات) إلى الساسانيين في إيران. حيث تعد الحنيات نوعًا من الأقواس التي يتم استخدامها في زوايا المسقط المربع لتحويله إلى شكل مثمن ومن ثم إلى قبة دائرية. وقد تم استخدامها في معظم المباني التي تعود للفترة الساسانية في بلاد فارس منذ القرن ال3 الميلادي (حوالي 300 عام قبل الإسلام).

يمكن العثور على أمثلة لهذا النوع من القباب من هذه الفترة في القصور الفارسية التي تعود للفترة الساسانية. كتلك الموجودة في فيروز آباد وسارفيستان في إيران.

وقد بدأت مضاعفة الحنيات واستخدامها بشكل المقرنصات كما نعرفها بالانتشار في الدول الشرقية للعالم الإسلامي (العراق، سوريا، مصر) خلال القرن الـ11 الميلادي. [5]

الشكل 1: رسم منظوري من صنع الكاتب يوضح كيفية الانتقال من الشكل المربع إلى الشكل المثمن باستخدام الحنيات في المباني الساسانية

عنصر إنشائي

تعد المقرنصات، أو بالأحرى الحنيات المكونة لها عناصر دعم إنشائية للزوايا. فبما أن الزاوية تحتاج إلى دعم إضافي بسبب تركز الضغط عندها، يظهر لنا الابتكار الانشائي للمقرنصة. فهي تتحمل الوزن بشكل مباشر. وكلما ازدادت زخرفةً وزادت الطبقات المكونة لها، كلما ازداد الوزن والحمولات التي يمكن أن تحملها. حيث أن كل طبقة أو صفّ إضافي من المقرنصات يشكّل مساحة سطح أكبر بالنسبة للمنشأة. مما يزيد الدعم للهيكل الانشائي. كما تفيد الإمكانيات المتعددة لتشكيلها وتصميمها في إخفاء وظيفتها العملية.

بالنسبة للعمارة الغربية، فإن الشكل والوظيفة منفصلان عن بعضهما في أغلب الأحيان. وكثيراً ما تتم التضحية بأحدهما على حساب الآخر. لذلك تُظهِر المقرنصات تداخل التطبيقات العملية والاعتبارات الجمالية للعمارة الإسلامية. [6]

ما هي خصائص المقرنصات؟

هناك 4 خصائص تميّز المقرنصات من ناحية المظهر، وهي:

  1. أولًا: إنها ثلاثية الأبعاد، وبالتالي تعطي تكويناتٍ حجميّةً في المنشآت المبنية.
  2. ثانيًا: إن أحجامها قابلة للتغيير. مما سمح للمعماريين باستخدامها كعنصر إنشائي لتحمل الحمولات بالإضافة إلى استخدامها كعنصر جمالي.
  3. ثالثًا: ليست هناك معوقات إنشائية أو رياضيّة تحد من المقياس أو التكوين الذي يمكن لها تشكيله. لذلك فإن تعقيدها محدود فقط بمهارة البنّاء وإبداع المهندس المعماري المصمم لها.
  4. رابعًا: بسبب تنوع أحجامها، يمكن تحويلها من وحدات ثلاثية الأبعاد إلى شكل ثنائي الأبعاد عند إسقاطها على مستوي أفقي.[6]

قد تبدو المقرنصات شديدة التعقيد، إلا أنه يمكن ملاحظة تمتعها بانتظام هندسي عند إسقاطها على مستوى أفقي تتم رؤيته من الأعلى. [3]

يظهر لنا الشكل 2 أربع أنواع رئيسية:

الشكل 2: الأنواع الرئيسية للمقرنصات، ويظهر لكل نوع مسقط (يسار) ورسم منظوري (يمين) [3]

تتنوع أبعاد العناصر المكونة للمقرنصات. فقد تتراوح من عدة سنتيمترات (كما هي الحالة في المغرب) إلى عدة أمتار (كما في المسجد الجامع في أصفهان-إيران).

ويعتمد حجمها على عاملين رئيسيين هما مواد البناء والمنطقة. فمواد البناء تتغير بتغير الإقليم في العالم الإسلامي. ففي سوريا ومصر وتركيا، يتم بناءها باستخدام الحجارة، وهي مواد البناء المحلية الرئيسية في هذه الدول. وفي شمال إفريقيا، تبنى بالجص والخشب. أما في إيران والعراق، فيتم بناؤها بالقرميد، وقد تغطى بالجص أو بالخزف. [1]

المقرنصات كعنصر تزييني جمالي ذو استخدامات متعددة

مع الوقت، ومع تطوّر العمارة، بدأ استخدام المقرنصات كعنصر تجميلي للزينة بالإضافة إلى استخدامها كعنصر إنشائي حامل. [1] حيث وصلت إلى أوج تطورها في القرنين 14 و15م. عندما أصبحت العنصر التزييني الشائع استخدامه أعلى الأبواب والمحاريب. وفي الأطناف أسفل الكورنيشات في المباني المختلفة وتحت شرفات المآذن. [3] كما تم استخدامها أعلى تيجان الأعمدة في الجوامع. [5]

الشكل 3: مجمع السلطان حسن في القاهرة ونلاحظ استخدام المقرنصات في الكورنيشات وشرفات المآذن وأعلى النوافذ

في حين أن أهم سبب لزخرفة المقرنصات في المباني هو زيادة جمال المبنى. فإن السبب الآخر هو إظهار الثراء من خلال زيادة تعقيد شكل المبنى. ومن الأمثلة على ذلك استخدام المقرنصات المغطاة بالخزف في إيران.

وفي الفترة العثمانية تم استخدام المقرنصات في شرفات المآذن وتيجان الأعمدة، إلخ. وبالإضافة إلى ذلك، تم تلوين الأشكال والعناصر المكونة لها بألوان مثل الأزرق والذهبي تبعًا لمكانها في الفراغ. كما يمكن رؤية تزيينها أسفل القباب والزوايا في مساحات صغيرة في المباني الإيرانية والعراقية والتركية وذلك لتزيين نقاط الانتقال، كما في الأعمدة التي تحمل القباب. وجعلها أكثر جاذبية للنظر، بالإضافة إلى استخدامها كعناصر حاملة في المبنى.[2]

الشكل 4: المقرنصات في قصر الحمراء في غرناطة

ومن الابتكارات الفريدة الخاصة بالعمارة الإسلامية التي ظهرت في القرن الحادي عشر بعد وقت قصير من انتشار المقرنصات في العالم الإسلامي (حوالي 1050-1075م) هي القباب المقرنصة. وهي قباب مخروطية الشكل تتألف من عدة طبقات من المقرنصات تعلوها قبة صغيرة. [7]

أحد أبرز الأمثلة على هذا النوع من القباب هو ضريح/تربة زمرد خاتون والدة الخليفة العباسي الناصر لدين الله. ويتميز الضريح بمسقط مثمن تعلوه تسع طبقات تتخللها عدة نوافذ وتعلوها قبة صغيرة. [8]

الشكل 5: تربة زمرد خاتون من الخارج (يسار) والقبة المقرنصة من الداخل (يمين) وتظهر في الشكل النوافذ التي تتخلل طبقات القبة

تعد المقرنصات شاهدًا على براعة الإنشاء والدقة الهندسية في العمارة الإسلامية عبر العصور بأشكالها واستخداماتها المختلفة. وأصبحت خلال قرون عدّة من أهم الخصائص التي تميز العمارة الإسلامية وحدها رغم محاولات إعادة استخدامها من قبل العديد من الأطراف.

المصادر:

Elements of Muqarnas in the Islamic World: Academia.edu
Muqarnas: Academia.edu
The use of Muqarnas in the transitional zone of domes in Egyptian Islamic Architecture: Academia.edu
Britannica.com
Stalactites – jeasonline.org
Encyclopedia.com
Jstor.org
Archnet.org

كيف تطورت العمارة في الدولة المصرية الحديثة؟

تأسّست الدولة المصرية الحديثة عندما طرد الملك أحمس الأوّل الهكسوس من مصر ووحّدها. واستمرّت من الأسرة 18 إلى الأسرة 20 وتقريبًا منذ 1550-1070 ق.م. وتوسّعت عسكريًا على مساحات واسعة. وأطلق الباحثون لقب الفراعنة على ملوك مصر، وقد استخدمت كلمة فرعون لأوّل مرّة في عهد الدولة الحديثة، وعَنَت آنذاك المنزل الكبير.

ومن اللافت للنظر بروز عدّة ملكات لعبن دورًا مهمًا في حكم مصر، كما أسهمنَ في تطوّر العمارة. وأصلح ملوك الدولة المصرية الحديثة العديد من المعابد القائمة والتي تعود للدولة المصرية الوسطى والدولة المصرية القديمة وأضافوا عليها. وشيّدوا مواقع هامّة مثل وادي الملوك الذي ضمّ المقابر الملكيّة. [1][2]

بيت البهجة ومجمّع القصور

بنى أمنحتب الثالث مجمّع للقصور بمساحة 360 هكتار، ويعرف اليوم باسم ملقطة في مدينة الأقصر. وتشير بعض الأدلّة أنّ سبب بنائه هو حاجة الملك لمكان للاحتفالات عند قدوم ممثّلين من دول معروفة في ذلك الوقت، للمشاركة كضيوف رسميّين. ودُعي قصر الملك الأساسي ببيت البهجة، وقسّموه إلى قطّاعين رئيسيّين. وعلى الرغم من المتاهة المبنيّة، يُظهِر القصر تصميم منظّم ومدروس بعناية. فاقتصر القطّاع الشمالي على الأقسام الرسميّة، في حين ضمّ القطّاع الجنوبي الأقسام السكنيّة والمخازن. واحتوى القصر على نظام ممر معقّد وصل بين جميع الأقسام الأساسيّة.

وضمّ المجمّع معبد لآمون، وقصر للملكة ووليّ العهد، ومنازل كبيرة للنبلاء. ووُجد قصر للحريم والخدم، الذي أطلَق عليه بعض المستكشفين عن طريق الخطأ لقب القصر الشمالي. واحتوى المجمّع قاعة للجمهور وساحة للاحتفال وطلّت عليها نافذة الملك في الأعلى حيث ظهر منها عند مقابلة الزوّار في الساحة أدناه. [3]

كيف صمّم المصريون منازلهم في العصر الحديث؟

ضمّ المنزل المصري عادةً 3 غرف تعاقبت مع ازدياد الخصوصيّة إلى الداخل، إضافةً إلى ممر أدّى إلى المطبخ ومنطقة خلفيّة مفتوحة. واحتوى المنزل التقليدي على:

  • غرفة استقبال أماميّة. فُتحَت مباشرةً من الشارع وتقدّمها درج، حيث بني المنزل تقريبًا 40-45 سم أخفض من الشارع. وسيطر على أحد الجدران ضريح مرتفع على شكل مصطبة مستطيلة ارتفعت غالبًا 75 سم، ووصِل إليها عبر درجات. ويرجّح أنها وضِعت لأغراض العبادة في المنازل. بينما قابل المدخل باب أدّى إلى الفراغ الثاني.
  • غرفة استقبال أعلى بدرجة أو اثنتين من الغرفة الأولى. واحتوت على عمود أو عمودين مركزيّين بارتفاع وصل إلى 4.3 م. ووجِد مذبح صغير في هذه الغرفة مع طاولة تقديم الهبات، وصنعوا تماثيل من الفخّار للآلهة المنزليّة. ووضعوا أريكة عائليّة بارتفاع 20 سم.
  • قبو، حفروه أغلب الأحيان تحت غرفة الاستقبال الثانية، وأغلقوه بسطح خشبي.
  • غرفة صغيرة أو اثنتان. واستُخدمَت كغرفة نوم أو غرفة عمل سيّدة المنزل، مع ممر مؤدّي إلى الخلف.
  • مطبخ ومنطقة خدمة مع فرن مقبّب وحوض للعجن ومرفق لتخزين المياه مع مكان لمزار عائلي آخر.
  • درج للسطح، حيث تستريح العائلة أو تخزّن حاجياتها.
  • قبو خلفي، حفروه لتخزين الطعام أو الحبوب.
  • نوافذ، وضعوها عادةً في أعلى الجدران مع سواكف حجريّة أو شبكات خشبيّة.

مسقط ومقطع لمنزل تقليدي في دير المدينة رسمته Helena jaeschke

ونستطيع رؤية أمثلة من هذا المنزل التقليدي في دير المدينة. [3]

بينما سكن الفقراء في منازل تكوّنت من غرفة واحدة، استخدموها غالبًا للتخزين أو القيلولة خلال النهار. ويرجّح أنّ السكان ناموا على الأسطح في الليل، واحتوت أحيانًا على مظلّات من القصب لتشكيل الظلال. واحتوى المنزل على ساحة خلفيّة، وارتفع في أماكن أخرى بحوالي 1.2 م عن الأرض لمنع الغبار من الدخول.

بينما احتوت منازل الأغنياء أحيانًا على 30 غرفة، استخدموا معظمها لتخزين الأطعمة. وعلى الرغم من وجود أنابيب من الحمّام إلى الحديقة الخلفيّة إلّا أنّه لم تتوفّر مياه جارية في المنازل. [4]

الشكل النهائي للمعابد الدينيّة في الدولة المصرية الحديثة

تطوّرت المعابد الدينيّة في عهد الدولة المصرية الحديثة بشكل ملحوظ، واختلفت عن المعابد في عهد الدولة المصرية القديمة. واتّبعت نهجًا تطوّر على مدى قرون خلال تعاقب ملوك الأسر. فاستمرّوا بإضافة عناصر إلى المعابد في كثير من الأحيان لتصبح أخيرًا مجمّعات هائلة. ويمكن رؤية العناصر الأساسيّة للمعابد الدينيّة في معبد الأقصر الذي بدأه أمنحتب الثالث وخصّصه لآمون.

وقد أدّى ممر بين تماثيل لأبي الهول برؤوس كباش “طريق الكباش” إلى المدخل الذي شيّدوه على شكل بوّابة مرتفعة أحيط بها برجان عاليان وتدعى «بيلون-Pylon». وقد زوّدوها بسواري للأعلام وتموضعت أمامها زوج من المسلّات وتماثيل ضخمة للملك.

ممشى أبو الهول “طريق الكباش” ويظهر البيلون خلفه في معبد الكرنك

وبعدما عبر المصلّون من البيلون وصلوا إلى ساحة أدّت إلى قاعة أعمدة رئيسيّة وقد تأتي بعدها قاعة أخرى أصغر حجمًا من أجل تقديم الهبات. ووجِد المذبح في قلب المعبد وبنوا بالإضافة إلى ذلك غرف للتخزين وحفروا خارج المعبد الرئيسي بحيرة أو بئر للمياه من أجل الطقوس اللازمة. وبُني في أوقات لاحقة مبنى للاحتفال بالولادة الإلهيّة للملك ويدعى بيت الولادة. وتمّ احتواء كل المباني الخدميّة بواسطة جدار ضخم من الطوب الطيني. [5]

معبد أبو سمبل

أبرز نصب بناه رمسيس الثاني هو بلا شك المعبد المكرّس لآمون رع في أبو سمبل. ويقع على الضفّة الغربيّة للنيل في أسوان حاليًا. وعلى الرغم من أنّ المعبد محفور في الصخر. ولكن يتبع الهيكل عمومًا مخطّط المعبد المصري المعتاد.

وتظهر أربعة تماثيل ضخمة لرمسيس الثاني وهو جالس على وجه الجرف، وكلّ منها بارتفاع 21م، اثنان على كلا جانبي المدخل. ونحتوا شخصيّات صغيرة بينها مَثّلت عائلته. وامتدّ المعبد داخل الصخر حوالي 64 م. وتَلَت المدخل قاعة أعمدة كبيرة تخلّلتها غرف للتخزين. وتمّ الانتقال من القاعة بشكل محوري إلى قاعة أعمدة ثانية، وثمّ إلى قاعة ثالثة. وبعدها حفروا الحرم المقدّس في الصخر.

ووجّهوا المعبد بدقّة بالغة بحيث تعبر أشعة الشمس إلى الحرم المقدّس يومين في السنة (22 فبراير و22 أكتوبر). وتضيء ثلاثة تماثيل جالسة على مقعد. ويعتقد المؤرّخون أنّ هذين التاريخين يمثّلان تتويج الملك وولادته. وبُني معبد آخر أصغر لزوجته نفر تاري شمال المعبد الرئيسي.

ونجا المعبد خلال العصور القديمة ليواجه تحدي الغرق في الستينيات. وذلك بسبب ارتفاع مستوى مياه نهر النيل بعد قرار بناء السد العالي. فنُقل المعبد على هضبة صحراويّة بارتفاع 64م وامتداد 180م غرب موقعها الأصلي. وقد قطّعوا المعبد إلى أجزاء ترواح وزنها بين 20-3 طن، وأعادوا تجميعها في الموقع الجديد. وشارك بالعمل حوالي 3000 شخص من دول متعددة واستغرق الأمر تقريبًا 5 سنوات. [6][7]

مدخل معبد أبو سمبل ويعود للدولة المصرية الحديثة

وادي الملوك

يقع وادي الملوك في مصر العليا على الضفّة الغربيّة للنيل، ويعتبر موقع دفن تقريبًا لكل ملوك الدولة المصرية الحديثة. وضمّ الموقع كذلك قبور للملكات وبعض الأمراء وعدد قليل من المسؤولين ذوي الرتب العالية. واختلفت تصاميم المقابر اختلافًا كبيرًا، ولكنّها تكوّنت بشكل عام من ممر نازل تخلّله فتحات عميقة استُخدمت من أجل تضليل اللصوص. وحفروا غرفة أعمدة وغرفة الدفن وغرفة أخرى للتخزين.

وتعود أطول مقبرة للملكة حتشبسوت، فتبعد غرفة الدفن ما يقارب 215 م عن المدخل، وتنزل 100 م في الصخر. [8]

وقد أخفى البنّاؤون مداخل المقابر بشكل جيّد إلّا أنّه من المرجّح أنّ أغلب المقابر الملكيّة المعروفة قد سُرقت قبل نهاية الأسرة 20. وتشهد السجلّات المصريّة على محاكمات اللصوص والعقوبات القاسية التي صدرت ضدّهم. واعتقد الكثيرون أن المقابر ال 62 التي تمّ اكتشافها قبل عام 1922م مثّلت كلّ ما يمكن العثور عليه في الوادي. حتى اكتشاف قبر توت عنخ آمون الذي نجا من النهب.

وحديثًا عام 2005 عثر المنقّبون على قبر غير معروف وبدون مومياء. رجّح الباحثون بعدها وجود مقابر قريبة لم تكتشف بعد. وخاصّةً أنّه لم يتمّ العثور بعد على قبر رمسيس الثامن. [9]

يمشّط منذ قرون سارقو القبور، وصائدو الكنوز، وعلماء الآثار وادي الملوك. ولكن حتّى الآن لا يزال الموقع يجلب العديد من المفاجآت. فما الذي خبّأته لنا عمارة الدولة المصرية الحديثة أيضًا؟ حسنًا هذا ما سنعرفه مع الزمن.

المصادر

  1. Live science
  2. History
  3. Staffsites.sohag_univ
  4. Ancient Egypt
  5. Britannica
  6. Britannica
  7. Live science
  8. Britannica

9.National geographic

بم تميّزت عمارة الدولة المصرية الوسطى؟

نشأت الدولة المصرية الوسطى عندما نجح الملك منتحوتب الثّاني في استعادة السيطرة على البلاد بأكملها وتوحيدها، بعد انقسام دام طويلًا. ومنتحوتب هو أحد ملوك الأسرة 11، واستمرّت الدولة الوسطى تقريبًا بين 2030-1640ق.م. حتى نهاية الأسرة 13. وقدّمت إسهامات مهمة في العديد من العلوم وخاصّةً في الطب، وطوّرت النصوص الأدبية واللغة الهيروغليفية. ولا يجب أن ننسى إنجازاتها في العمارة. وقد اتّخذت الدولة المصرية الوسطى نهجًا جديدًا في العمارة الجنائزية أثّرت على كل من أتى بعدها وخاصةً عمارة الدولة المصرية الحديثة. [1]

طيبة مدينة الجنوب التي نافست المراكز الشمالية

بدأ تاريخ طيبة الطويل كمركز محافظ، لكنها نَمَت في ظلّ الدولة المصرية الوسطى لتنافس المراكز الشمالية. وتعرف اليوم باسم الأقصر، وقد خدمت كعاصمة خلال فترات من الدولة الوسطى والحديثة.

تقع طيبة في الجنوب، ويبدو أن إجمالي الأراضي المأهولة كانت حوالي 796 هكتار كأقصى تقدير، من دون إضافة مساحة المعابد. فنشأت المدينة على الضفة الشرقية لنهر النيل بمساحة 384 هكتار بالإضافة إلى العديد من المعابد الهامّة مثل مجمّع معابد الكرنك. الذي يُعتبر من أكبر المجمّعات الدينية في العالم بمساحة 1500×800 م. بينما خيَّم الموت على الضفة المقابلة في غرب النيل، إذ بنى المصريون هناك مقابر ملكيّة واسعة بمساحة تقديرية 412 هكتار. [2][3]

مدينة كاهون للعمّال من الدولة المصرية الوسطى

تقع المدينة اليوم في محافظة الفيّوم، وقُسّمَت إلى قسمين غير متساويين فصل بينهما جدار. فشغَلَ القسم الغربي مساحة 3.5 هكتار، أمّا القسم الشرقي 9.5 هكتار، لتصبح مساحة المدينة ككل بعد إضافة المعبد 14 هكتار. أمّا إذا اكتشفت منطقة حضرية جنوب المعبد فستتضاعف مساحة المدينة تقريبًا. وعندما ننظر إلى مخطّط المدينة نلاحظ أنّها صمّمَت ليسهل على شخص واحد فقط حراستها بأكملها.

مخطط لمدينة كاهون رسمته Helena jaeschke

احتوى القسم الغربي على شارع رئيسي تقاطع معه 11شارع بعرض 4 م وباتّجاه شرقي-غربي. واتّبعت المنازل ذات التصميم، حيث اجتمعت 6 غرف سويًّا مع مدخل واحد نحو الخارج ودرج أدّى إلى السطح. بينما احتوت منازل المشرفين على غرف أكبر مع تصاميم متنوّعة، وضمّت 12-5غرفة مع ممرّات. وطليت المنازل باللون الأبيض واحتوت بعضها من الداخل على رسومات ونقوش باللون الأحمر والأصفر والأبيض. ولم يهمل كذلك الصرف الصحي، إذ وجِدت أقنية لتصريف المياه القذرة.

أمّا القسم الشّرقي فضمَّ ستّة قصور في الشمال وثلاثة أخرى على جنوبها بالإضافة إلى المخازن. وشيّدت منازل بجانب السور الداخلي، ووجدَت خمسة شوارع متماثلة من منازل العمّال وبعض المباني غير المحدّدة. ونرى منطقة مرتفعة في الشمال بجانب القصور، ويرجّح أنّها كانت قصرًا أيضًا ولكن بنوه على مرتفع ليتناسب مع الطبوغرافيا. وكانت القصور بمساحة 60×42.

يقدّر الباحثون عدد سكان كاهون بحوالي 5000 نسمة، وقد يصل العدد إلى 8000 بحسب تقديرات أخرى. وتبيّن أنّ المنازل في القسم الغربي قد نُفّذت بدقة شديدة. لدرجة أنّه عند رسم مخطّطاتها، ظهر اختلاف بالكاد وصل إلى 5-2.5 سم. ويعتبر هذا الفارق صغير جدًّا ويصعب تكراره حتّى يومنا هذا. [3]

مقابر النبلاء في الدولة المصرية الوسطى

تغيّر شكل المدافن عن عمارة الدولة المصرية القديمة. ونلاحظ عدد من السمات المهمّة لمجمّعات مقابر كبار المسؤولين التي تعود للدولة الوسطى. فأصبحت المقابر في الضفة الغربية للنيل تُرى من مسافات كبيرة. فيمكن رؤية الساحات الواسعة أمام المقابر من الضفة الشرقية للنهر، والتي أحيطت بالجدران، وارتفع منها منحدر(رامب) للوصول إلى مدخل القبر. وأشارت أبعادها إلى مكانة ونفوذ المتوفّى. [6]

يقع موقع بني حسن الأثري على الضفة الشرقية لنهر النيل، جنوب القاهرة حاليًّا. ويشتهر الموقع بسبب المقابر المحفورة في الصخر والتي تعود لزمن الأسرة 11 و12. وعُثِر على 39 قبر، حيث حفر النبلاء وكبار المسؤولين قبور ضخمة في حجرات ضمن الجرف الصخري. وضمّت العديد من الميّزات المعمارية ومنها الأعمدة والأروقة وأسقف على شكل قبوة اسطوانية. ورسموا على بعضها مشاهد من الحياة اليومية وكتبوا نصوص هامّة. [4][5]

معبد منتحوتب الجنائزي

يتميّز مجمّع منتوحوتب الثاني الجنائزي بطابعه المعماري الفريد عمّا سبقه. ويعتبر أوّل تطوّر لما أصبحت عليه المعابد الجنائزية في الدولة المصرية الحديثة. وقد شيّدوه في الدير البحري في طيبة على الضفة الغربية لنهر النيل. وضمَّ المجمّع معبد الوادي وامتدّ منه ممر إلى الغرب بطول 1200 م، وعرض 6م. وقد حاصروه من كلا الجانبين بجدران عالية من الطوب والحجر. وانتهى الممر بفناء كبير حيث بُني المبنى الرئيسي على سفح الجبل.

ودخل المصلّون الفناء الكبير من الشرق، فرأوا مباشرةً أمامهم واجهة المعبد المكوّنة من طابقين من الأعمدة. وقد نما الجمّيز والتمر على طرفي الفناء بين تماثيل للملك، وأدّى منحدر (رامب) في منتصف الفناء بينها إلى الطابق الثاني من الأعمدة حيث وقع المدخل الرئيسي للمعبد.

ووجِد بعد المنحدر صفّان من الأعمدة على ثلاثة جوانب. وأدّى باب محوري إلى القاعة الرئيسية التي احتوت أيضًا على صفوف من الأعمدة في جميع جوانبها. وتمّ اكتشاف قبر الملكة والأمير في هذا القسم من المجمّع. ورسم العلماء تصوّرات مختلفة لشكل سقف القاعة، فالبعض تصوّر السقف على شكل هرم. بينما رجّح الأغلب أنّ السقف كان على شكل مصطبة مستوية.

وأدّت الجهة الخلفية من القاعة إلى صالة أعمدة أصغر محفورة ضمن الصخر. وحفروا منها للأسفل ممر عميق بطول أكثر من 150 م، قاد إلى مدفن الملك. بينما انتهت الصالة بباب قاد إلى صالة أعمدة حيث حفروا الحرم المقدّس في أقصى جزء من المجمّع. ونحتوا تماثيل للإله آمون والملك منتحوتب الثاني، وقدّموا القرابين على مذبح تقدّم هذه التماثيل. [6]

حلقة بناء معابد الكَرنَك

غطّى الكَرنَك مساحة 100 هكتار تقريبًا، ويعتبر أكبر من بعض المدن القديمة. وقد بدأ إنشاء معابد الكرنك حوالي عام 2000ق.م واستمر حتّى زمن الرومان. حيث ترك كل حاكم عمل في الكرنك لمسته المعمارية الخاصة على المنطقة.

وعمل فريق UCLA digital karnak projectمن جامعة كاليفورنيا على إعادة بناء رقمية للكرنك. فيهدف المشروع إلى إظهار مراحل البناء والهدم والتعديلات التي حدثت على مدار 2000 عام. وضمَّ الموقع العديد من المعابد وأهمها معبد آمون الذي شغل القطاع المركزي للموقع، وخصِص له أكبر مساحة.[7]

يوجد ما لا يقل عن10 مداخل على شكل بوابة مرتفعة يحيط بها برجان عاليان، وتدعى «بيلون-pylon» وتفصل بينها ساحات وقاعات.[8]

ويوجد الآن عدد قليل من الآثار التي تعود للدولة الوسطى. وبدأ فريق إعادة الإعمار نموذجهم الرقمي بعهد الملك سنوسرت الأول. وعرضوا معبد من الحجر الجيري مع ساحة في الوسط مخصصة لآمون-رع. واحتوى على 12عمود، وزيّنت قواعده بتماثيل للملك يظهر في وضع أوزوريس (إله العالم السفلي).[7]

وبقيت المنطقة متواضعة حتى بداية الدولة الحديثة. فأغلق تحتمس الأول -ملك من الدولة الحديثة- هذا المعبد بجدار حجري ووضع أمامه بيلون 4 و5 وأقام مسلتين أمام واجهة المعبد الجديدة. كما أضاف ابنه لاحقًا ساحة احتفالات أمام المعبد.[8]

وقامت حتشبسوت ببناء مصلى وعملت بعض التجديدات. ولكن عندما اعتلى تحتمس الثالث العرش أمر بهدم المصلى مع تماثيلها، واستبدلها بواحدة له. وبنى بحيرة مقدسة، ملأها الباحثون بالماء. وقد استخدمها المصريون لطقوس التطهير، ووجِدت بقايا منازل للكهنة بالقرب منها.[9]

البحيرة المقدسة وتظهر وراءها مسلات وبيلون وأجزاء من معابد الكرنك

وأهم ما ميّز المعبد صالة الأعمدة التي شغلت المسافة بين بيلون 2 و3 بمساحة 103×52م. ولاحظ الباحثون وجود 134 عمود فيها، وارتفع 12 عمود في المركز أعلى من باقي الأعمدة. فسمح فرق الارتفاع بوضع نوافذ من الأعلى والتي سمحت بمرور أشعة خفيفة من الضوء، فمنحت الشعور بالرهبة في وسط الظلام.[7][8][9] وتوقف العمل في الكرنك مع سيطرة الرومان، تاركًا لنا إرثًا معماريًا غنيًا. ولم يتوقف فيه عمل الباحثين حتى الآن.

المصادر

Live science
National geographic
Staffsites.sohag-univ
Britannica
Britannica
Research gate
Live science
Britannica
Ancient Egypt

كيف تطورت عمارة الأهرامات عبر الزمن؟

ليس من المبالغة القول بأن المصريين القدماء انشغلوا بالموت، وعلى وجه الخصوص بحياة الآخرة. ويبرز هذا الاعتقاد في معظم العمارة المصرية، فبذلوا جهد هائل لبناء المقابر، لاعتقادهم بأن الروح لا يمكن أن تعيش في الآخرة إذا لم يحافظوا على الجسد خاليًا من الفساد على الأرض. ولذلك عملوا على تطوير أساليب أفضل وأكثر تعقيدًا لدفن موتاهم. وتعتبر عمارة الأهرامات تطورًا مذهلًا وفريدًا للمصاطب في العمارة الجنائزية والتي تعود للدولة المصرية القديمة. [1]

توقع الملوك أنهم سيصبحون آلهة بعد موتهم. فلذلك طوروا لأنفسهم مقابر مليئة بما سيحتاجوه لتوجيه أنفسهم والحفاظ عليها في العالم الآخر. [2]

المصاطب

دُفن الملوك والمسؤولون رفيعو المستوى فقط في المصطبة في أوائل الدولة القديمة. واستخدم المصريون الطوب الطيني حصرًا في البداية لبناء المصاطب. وشكّل معظم البناء حتى عندما استخدموا الحجر، فوضعوه في المناطق الهامة فقط. ويشبه شكل المصطبة المكعب مع سقف مسطح وجوانب مائلة. ووصل ارتفاعها عادةً إلى 9م وتمتد أربعة أضعاف عرضها. كما بنى المصريون المصاطب بتوجيه شمالي-جنوبي للتأكد من أن الروح ستدخل الآخرة. [1]

واحتوت المصطبة على مصلى لتقديم القرابين وباب مزيف والعديد من مخازن الغذاء والمعدات للمتوفى. حيث واصلَت أسرة المتوفى جلب الطعام لاعتقادهم بأن الروح تستخدم الأشياء التي يجلبونها. وغالبًا ما يتكوّن الجزء الداخلي من المصطبة من حجرة تحت الأرض معززة بالحجر والطوب، واحتوت أشياء المتوفى، وتمثال له. كما حفروا الحجرة التي تحوي الجثة عميقًا قدر الإمكان. ووجِدَت فتحات في الغرفة المخفية في الأعلى، فتسمح للروح بأن تأتي وتذهب وكانت ضرورية لاستمرار وجودها. [1] [2]

وشهدت الأسرة الأولى بناء المصاطب بشكل مشابه لمخطط المنزل الأساسي. وتكوّنت من العديد من الغرف والمخازن وغرف تقديم القرابين وغرفة مركزية تضم التابوت. وبنوا الهيكل بأكمله في حفرة ضحلة بينما امتد الهيكل الفوقي على مسافة أكبر. [1]

هرم زوسر المدرج أول خطوة نحو عمارة الأهرامات

وصل السارقون إلى غرف المصاطب بسهولة بعد الحفر من الأعلى. لذا، اعتقد الباحثون أن اللصوص هم أحد أسباب الانتقال لبناء الأهرامات. واستطاع سكان الدولة المصرية الحديثة لاحقًا الوصول إليها أيضًا. [4]

طلب ملك الأسرة الثالثة زوسر من إمحوتب بناء قبر له، وجاءت النتيجة بهرم زوسر المدرج في سقارة. وقد بدأ كمصطبة تقليدية ثم تطوّر إلى شكله الحالي. [3]

بدأ الهرم كمصطبة مربعة مبنية بالحجر المحلي m1. وتوسعت بعدها 4 م من كل اتجاه m2، ولكن هذا التوسع كان أخفض بحوالي نصف متر من المصطبة الأولى. وتشبه بذلك مصطبة تعود للأسرة الأولى في سقارة. ثمّ توسعت المصطبة إلى الشرق فقط بحوالي 8.5 م m3، وبنوها أيضًا أخفض من m2. وتغيّر التصميم مرة أخرى، ومددوها بنحو 3م من جميع الجوانب وحوّلوها إلى مصطبة منتظمة مستطيلة. ثم بنوا فوقها ثلاث مصاطب متدرجة ممّا أدى لتشكل هرم من أربع مصاطب بلغ ارتفاعه 40 م p1. ثمّ توسع وأضافوا مصطبتين p2 واكتمل الهرم بارتفاع 62 م، وغلفوه بالكامل بالحجر الجيري. [5]

مقطع في هرم زوسر المدرج يوضح مراحل بنائه

وبنوا البنية التحتية أيضًا على مراحل، وتكوّنت من ممر مركزي 7×7 بعمق 28م أتاح الوصول إلى متاهة من الممرات. وامتدت البنية التحتية بحوالي 5.5 كم وتعتبر لا مثيل لها من حيث الحجم والتعقيد بين أهرامات الدولة القديمة. ووجِد أسفل الممر المركزي قبر من الجرانيت بفتحة واحدة من الأعلى. وعُثر على ممران تحت الأرض، وتبيّن أن الممر الأول أصبح غير صالح بعد توسيع الهرم. لذلك أنشأوا الممر الثاني كمدخل جديد للبنية التحتية من إحدى غرف المعبد الشمالي. وبدأت من هذا الممر رحلة من السلالم في متاهة البنية التحتية. فيتفرع إلى 3 اتجاهات وانتهت بمخازن ونفق خاص لتقديم القرابين وغرفة غير مكتملة.  [4][5]

أهرامات دهشور

تقع دهشور جنوب سقارة وتحوي 5 أهرامات، وتعد مرحلة مهمة في تطور عمارة الأهرامات. وقد بنى الملك سنفرو اثنين منها. ويُعرف الهرم الأول باسم الهرم المنحني بسبب ميله الغريب المزدوج، ويمثل محاولة مبكرة لبناء هرم حقيقي. ويعتبر الأفضل حفظًا، إذ تبين أن الزاوية الأولية للميل 54° شديدة الانحدار، فخفضوها إلى 43.5°. وهو الهرم الوحيد المبني بمدخلين. [6][7]

هرم سنفرو المنحني في دهشور

كما بنى سنفرو هرمه الثاني في الشمال بزاوية ميل قليلة 43° بالتالي فهو الأقصر. ويعتبر أول هرم حقيقي مكتمل (ذو جانب أملس وليس مدرج). ويسمى بالهرم الأحمر بسبب لونه الناجم عن استخدام القرميد. [6][8]

وتنتمي الأهرامات المتبقية إلى الأسرة الـ 12ولم تَصِل لنا بشكل جيد، بسبب بناء نواتها إلى حد كبير من الطوب الطيني. [6][7]

هرم خوفو قمة تطور عمارة الأهرامات عام 2550 ق.م

يعتبَر هرم خوفو أشهر أهرامات الجيزة وأكبرها بمساحة قاعدة تزيد عن 5.3 هكتار وطول القاعدة تقريبًا 230 م. [3] ولم يبن البشر أي شيء أطول منه حتى سنة 1221م. ويُقدر أكبر فرق في الطول بين الجوانب الأربعة للهرم بحوالي 4.4 سم والقاعدة في حدود 2.1 سم. ويصعب تكرار هذا الانجاز المذهل حتى اليوم وباستخدام المعدات الحديثة. وتكاد تكون اتجاهاته متطابقة تمامًا مع الاتجاهات السماوية (الشمال والجنوب والشرق والغرب)، وقد بُني بزاوية ميل 51°. وتتكون النواة من الحجر، وأُزيلَ منذ زمن كسوته الخارجية البيضاء التي وضعوها بدقة بالغة، فأعطوا الهرم سطحًا أملسًا مشرقًا وعاكسًا. ويعتقد بأنه انتهى من الأعلى بهرم صغير ربما غطّوه بالذهب. فيمكن رؤية هذه النقطة التي تلمع في ضوء الشمس من مسافات بعيدة. [9][10]

وتشمل البنية الداخلية عددًا من السمات الغامضة، فتوجد غرفة غير مكتملة تحت الأرض وظيفتها غير معروفة. وكذلك 5 مّما يسمى الأنفاق الهوائية في الأعلى ويقع المدخل على ارتفاع 18 م. [3]

وعندما ندخل إلى الهرم، فعلينا أن نزحف إلى غرفة صاعدة ضيقة. وتُفتح فجأة إلى مساحة مذهلة تعرف باسم المعرض الكبير، والتي تتيح الوصول إلى حجرة دفن الملكة. ويرتفع المعرض الكبير إلى حوالي 8.74 م، ويؤدي ممر ضيق إلى حجرة دفن الملك. شيّد المصريون حجرة دفن الملك بالكامل من الجرانيت الأحمر، وتوجد فوقها 5 غرف لتخفيف الضغط، تفصل بينها ألواح أفقية ضخمة من الجرانيت. ونحتوا تابوت الملك من الجرانيت الأحمر ووضعوه في المحور المركزي للهرم. [9][10]

مقطع في هرم خوفو في الجيزة

وبُني بجوار الهرم 3 أهرامات صغيرة لملكاته وعثر على قبر قريب لوالدته. وأحيط الهرم بصفوف من المصاطب حيث دفن أقارب الملك ومسؤولين لمرافقته في حياة الآخرة. [8]

هرم خفرع عام 2520 ق.م.

بنى الملك خفرع هرمه في الجيزة، ويظهر هذا الهرم أكبر من هرم خوفو ولكنهُ أصغر قليلًا. ويعود سبب ذلك إلى بنائه على ارتفاع 10 م من الهضبة. [11]

وتقاس طول قاعدته بحوالي 216 م ويرتفع إلى 143م. [10] ويعتبر هرم خفرع أبسط بكثير من هرم خوفو من حيث البنية الداخلية. فبُني مع غرفة دفن واحدة وغرفة فرعية صغيرة وممرين. [11]

هرم منقرع عام 2490 ق.م

شيّد الملك منقرع ثالث أهرامات الجيزة الرئيسية وهو الهرم الأصغر بطول قاعدة 109 م وبارتفاع 66 م. [10] وتعد غرفهُ أكثر تعقيدًا من غرف هرم خفرع. وتشمل غرفتين إحداهما منحوتة والأخرى غير منحوتة مع ستة محاريب كبيرة، وكسوا غرفة الدفن بكتل من الجرانيت. واكتُشف التابوت الحجري الأسود في الداخل، ولكنه فُقد في البحر عام 1838 م أثناء نقله إلى إنجلترا. [12]

توضيح لمراحل تطور عمارة الأهرامات عبر الزمن.

قوارب حياة الآخرة

ظهرت قوارب حياة الآخرة مع الأسرة الأولى. فاكتُشف أسطول من 14 حفرة تحوي قوارب خشبية في أبيدوس، وهي مقبرة ملوك مصر الأوائل. وخصصوا هذه القوارب لنقل الملك في الآخرة إلى أبعاد نجمية. واحتوى مجمع خوفو الجنائزي على سبع حفر كبيرة للقوارب وكانت مجرد نماذج ولم تحتوِ على قوارب فعلية. ووجِدت حفرتان ضخمتان مستطيلتان بطّنوها بالحجر واحتوت على قوارب مفكّكة. ويبدو أنها استُخدمت في الرحلة الأرضية الأخيرة للملك (المشية الجنائزية) قبل تفكيكها ودفنها. [9]

تراجع أهمية الأهرامات

تمتعت الأسرة 3و4 بعصر ذهبي من السلام والازدهار بينما استُنزفت ثروات الأسرة 5و 6ويرجع ذلك جزئيًا إلى نفقات بناء الأهرامات. [13]

وانخفضت بذلك جودة وحجم عمارة الأهرامات. ويعد هرم أوناس أول هرم يحتوى كتابات ونصوص على جدران غرف الدفن وبقية مداخله، وتعرف باسم نصوص الأهرام. ووجِد أقصر هرم في سقارة بارتفاع تقريبي 52.2 م وهو آخر هرم من الدولة القديمة. وعاد ملوك الأسرة 12 لبناء الأهرامات ولكنها لم تبنَ بنفس مقياس الأهرامات القديمة. [8]

من بنى الأهرامات؟

لطالما تساءل الناس حول بناة الأهرامات، وطُرحت عدة اقتراحات ومنها العبيد والمزارعين. واستبعد الخبراء العبيد اليهود حيث لم يعثروا على بقايا أثرية يمكن ربطها مباشرةً باليهود في تلك الفترة. ولم توجد نقوش تذكرهم حتى اليوم. [14]

وتؤكد الاكتشافات أن المصريين القدماء هم بناة الأهرامات. ورجح الباحثون أن المزارعين عملوا في البناء في غير مواسم الزراعة مع مجموعة من المتخصصين. وقد طُلب توفير عامل من كل أسرة كشكل من أشكال الضرائب، ويمكن للأثرياء الدفع كبديل للعمل. وكتب المؤرخ هيرودوتس بأنه عمل 100,000 شخص لبناء هرم خوفو. وأشارت الأدلة لاحقًا بأن القوة العاملة تقدّر ب 20,000 شخص. [8][15]

اكتُشفت أوراق بردي عام 2013 في وادي الجرف تشير إلى مجموعة من العمال حوالي 200 شخص يرأسهم مفتش يدعى ميرير. ساعدت تلك المجموعة في نقل الحجر الجيري عن طريق القوارب في نهر النيل. ولا تزال البرديات في طور الدراسة والتحليل ولكن تشير النتائج الحالية بأن مجموعة ميرير قامت بأكثر من مجرد المساعدة. ويبدوا أنهم سافروا في معظم أنحاء مصر لينفذوا مشاريع البناء. وتثير هذه البرديات العديد من الأسئلة حول إذا ما كانت هذه المجموعة جزء من قوة مهنية أكثر ديمومة وليست مجرد مجموعة من العمال المزارعين. [14]

كيف بُنيت الأهرامات؟

لا نملك حتى الآن تصورًا حقيقيًا حول طريقة بناء الأهرامات. لكن هناك آثار لميناء بجانب بلدة قرب هرم منقرع وضمّت هذه البلدة منازل لكبار المسؤولين وثكنات للجنود. ويعتقد بأن لها دور في عمارة الأهرامات. ويرجح أن العمال العاديين ناموا بمساكن بسيطة بالقرب من موقع الأهرامات. كما جلبوا حجر الكسوة من الميناء، واستخدموا المقالع الحجرية القريبة من الأهرامات لبنائها. [16]

ويعتقد الخبراء أن المصريين استخدموا منحدرات اصطناعية (رامبات) من الطوب والرمل والحجر، وتغيرت أطوالها وارتفاعاتها مع ارتفاع الهرم. واستخدموها لرفع الأحجار أثناء البناء. بينما استخدموا الزلاجات الضخمة التي يمكن سحبها أو دفعها وبلّلوا الرمال أمامها لتقليل الاحتكاك، فسهلت الحركة كما تظهر بالرسومات. [10][16]

ضمّت مصر حوالي 100 هرم ويعتبرها الكثيرون مجرد مقبرة بالمعنى العصري. ولكن يشير أحد الباحثين بأن المقابر احتوت رسومات ومشاهد لكل جانب من جوانب الحياة في مصر القديمة. ولذلك فهي لا تتعلق فقط بكيفية موت المصريين بل بكيفية حياتهم أيضًا.

المصادر

1-Ancient Egypt

2-National geographic

3-Britannica

4-Live science

5-Ancient Egypt site

6-Britannica

7-The ancient Egypt site

8-History

9-Khan academy

10-Britannica

11-Khan academy

12-Khan academy

13-History

14-Live science

15-Khan academy

16-Live science

 

كيف أبهر تاريخ عمارة الدولة المصرية القديمة العالم؟

بداية الاستيطان في مصر

برزت عمارة الدولة المصرية القديمة بين حضارات البحر الأبيض المتوسط بدءًا من بناء الأهرامات في الدولة القديمة إلى الدولة الحديثة. وعكست آثار عمارة الدولة القديمة في مصر صورة لا نظير لها في جمال فنها، وإنجاز هندستها المعمارية. [1] وتطورت الحضارة المصرية على طول نهر النيل لأن الفيضانات السنوية كونت تربة خصبة لزراعة المحاصيل.

كشفت الأدلة أن البشر سكنوا مصر منذ القدم في مجموعات سكنية صغيرة. ثم بدأت مستوطنة واسعة النطاق في التشكل حوالي عام 6000 ق.م. وكثيرًا ما يحدث التباس عن مصر السفلى والعليا. فإذا نظرنا إلى خريطة المنطقة، نرى أن مصطلح مصر السفلى يطلق على منطقة الدلتا في الشمال. بينما مصطلح مصر العليا يطلق على صعيد مصر والجزء الجنوبي. ويعود سبب ذلك إلى اتجاه سريان نهر النيل. [2]

فترة الأسر ونشأة عمارة الدولة المصرية القديمة

ينقسم جزء كبير من تاريخ مصر إلى ثلاث فترات، الدولة القديمة والوسطى والحديثة. يتخللها فترات انتقالية أقصر بينهم، حيث لم تكن مصر حينها قوة سياسية موحدة. وتشكّلت معظم المستوطنات في وادي النيل وفي حدود بضعة أميال من النهر نفسه. [2]

ونشأت مملكتان منفصلتان حوالي عام 3400 ق.م في المنطقة. ويعتقد الباحثون أنه في حوالي عام 3100 ق.م أخضع ملك الجنوب مينا أو نارمر -وربما كانوا الشخص نفسه- منطقة الشمال، ووحد مصر سياسيًا ليصبح أول ملك من الأسرة الأولى. [2] [1]

وترسخت بعد الوحدة فكرة أن الملك مُنح سلطته من الإله. وعندما أصبح الحكّام أكثر قوة أصبحوا أكثر قدرة على تنسيق العمل والموارد لبناء المشاريع الكبرى. واحتاج المزيد من الناس لإمدادات أكثر من الغذاء، وازدادت أهمية مشاريع تحسين الإنتاج الزراعي كالقنوات والسدود. فبنى المصريون القدماء سدود طينية وجّهت الفيضانات السنوية إلى الأراضي الزراعية وأبقتها بعيدة قدر المستطاع عن المناطق المعيشية. وحفروا القنوات لتوجيه المياه إلى الحقول.

بدأت الدولة المصرية القديمة مع الأسرة الثالثة وحتى نهاية الأسرة السادسة 2686-2181 ق.م. وخلال هذه الفترة كانت مصر موحدة إلى حد كبير وازدادت ازدهارًا. [2]

مواد البناء المستخدمة في الدولة القديمة

اعتمد السكان على ما توفر في محيطهم كمواد بناء حيث وجِدت بعض الأخشاب كالقصب والبردي والنخيل. واستوردوا الأخشاب في أوقات لاحقة عندما احتاجوا إلى عوارض كبيرة لتسقيف القصور أو لصنع الأعمدة.

واستخدموا الطين وبعدها القرميد. كما استخدموا قوالب خشبية لصناعة الطوب، وخلطوا التراب مع القش المفروم وتركوه عادةً ليجف تحت الشمس. بينما اعتمدوا على الوحل لصنع المونة (المادة اللاصقة في البناء). [3]

وشكّل الحجر المادة الرئيسية الثالثة من مواد البناء وازداد الاعتماد عليه بدايةً من الدولة القديمة في بناء المقابر والمعابد. بينما اقتصر الحجر في السكن على سواكف الأبواب والنوافذ، وقواعد الأعمدة. إذ قد تتلف القواعد الخشبية بسبب العفن والرطوبة والحشرات. [4] [3]

عمارة التجمعات الحضرية الطبيعية

لا يوجد أدلة كافية عن القرى قبل العصر الحجري الحديث. ولم يبق من المستوطنات الأولى سوى القليل من الآثار لأنها تألّفت من مساكن قصبية ضعيفة. ومنذ تلك الفترة، فصل المصريون المقابر عن القرى. وعثر المنقبون على مخازن تكوّنت من حفر دائرية في الأرض وبُطّنت بالسلال والطين.

وبنيت الأكواخ في حوالي عام 3600 ق.م من القصب والطين بقطر دائري داخلي حوالي 1-1.2 م وبسمك جدار37 سم. بينما تطوّرت مساقطها فيما بعد لتصبح مستطيلة وبقيت تقنية البناء ذاتها.

و في حضارة العمري، سكن الناس أكواخ بيضاوية الشكل بجدران خشبية. وارتكزت على قواعد حجرية نصفها مستدير حفرت في الأرض، وعلاها هيكل فوقي خفيف. كما دفنوا الموتى في القرية وتحت المنازل.

وعثِر على نموذج لمنزل في مدينة جرزة شمال مصر بقياس 7x 5.5 م مع أرضية خشبية. ووضعوا نافذتان صغيرتان عاليًا في الجدار، وضم المنزل ساحة مسورة. وشمل هذا المسقط البسيط المتطلبات الأساسية للمنزل المصري متعدد الغرف. [3]

رسم تخيلي لمنزل في فترة جرزة. رسمها john kirby

العمارة الجنائزية في الدولة المصرية القديمة

المصاطب

دفن المصريون الأوائل موتاهم في حفر بسيطة في الرمال. ووضعوا الجثة في القبر مع الممتلكات الشخصية وأشياء مفيدة في حياة الآخرة. وبعدها سرعان ما بدأت المقابر بالتطور. [5]

وتألفت معظم المقابر الأولية من جزئين رئيسين وهما غرفة الدفن والمصلى حيث تقدم القرابين للمتوفى. [4]

ودلَّ مصطلح المصطبة بالهيروغليفية على البيت الأبدي إشارة إلى مثوى الموتى الأخير. وبنى المصريون المصطبة بشكل مستطيل مع سقف مستوي وجوانب مائلة وزيّنوها بنقوش متقنة وطلوها باللون الأبيض. وبدأت وظيفتها كمواقع لدفن الملوك في العصور المبكرة من الأسر. إذ بدأ الملوك من الدولة القديمة في الدفن في الأهرامات، بينما استمر العامة في استخدام المصاطب للدفن لأكثر من ألف سنة. [5]

الأهرامات

طلب ملك الأسرة الثالثة زوسر من المعماري إمحوتب تصميم قبر جنائزي خاص به فكان الهرم المدرّج في سقارة. [1]
وتكوّن الهرم من 6 مصاطب متدرجة، ووصل ارتفاعه إلى 62 م. وبنى حول الهرم المدرج ساحات ومعابد، كما أحيط بسياج ضخم.

وبلغت الأهرامات الثلاث الشهيرة ذروة العمارة الجنائزية في الجيزة. ويعد هرم خوفو أكبرها وأهمها وهو المبنى الوحيد المتبقي من عجائب الدنيا السبع القديمة. كما بُنيت 3 أهراماتٍ صغيرة لملكات خوفو. [6] وبنى خفرع ثاني أكبر هرم في الجيزة وصُمّم من الداخل بشكل أبسط من هرم خوفو. بينما يعتبر المعبد المرتبط به أكثر تعقيدًا. [7]

وارتبط بهرم خفرع أكبر تمثال منحوت في العالم القديم ويعرف باسم أبو الهول. يرتفع أبو الهول تقريبا 20 م وبطول 73 م. ونحته المصريون من الصخر الأساسي المكون لهضبة الجيزة على شكل أسد مع رأس إنسان. [1]

دمج المصريون الأسد رمزًا للقوة مع رمز الملك على مر التاريخ المصري. ونستطيع ملاحظة

أن رأس الملك بمقياس أصغر من الجسم ويرجح سبب ذلك إلى عيب في الحجر. ويقع أمام أبو الهول مباشرة معبد منفصل كرسوه لعبادته ولكننا لا نعرف عنه سوى القليل بسبب عدم توافر نصوص تشير إليه. [7]

ويعد هرم منقرع ثالث الأهرامات الرئيسية وهو الأصغر بارتفاع 65 م. ويعتبر مقدمة الأهرامات الأصغر التي بنوها في فترة الأسرة الخامسة والسادسة. [1]

المعابد

يمكن تمييز نوعين من المعابد وهما المعابد الدينية التقليدية والمعابد الجنائزية. وضمت الأولى تماثيل للآلهة المتلقين للعبادة اليومية بينما شيّدت المعابد الجنائزية للطقوس الجنائزية للملوك الموتى. ويعتقد الباحثون أن الفترة الأولى من الأسرة الخامسة ركّزوا فيها على عبادة إله الشمس رع بشكل قوي وغير معتاد. وذكرت النقوش بناء 6 معابد للشمس في تلك الفترة، وشيّدوها بمسقط مفتوح وضم كل منها مسلة.

ولم يبقَ الآن سوى القليل من المعابد التي تعود لتلك الفترة. كما بنى ملوك الأسرة الخامسة معبدين في أبي غراب بين سقارة والجيزة. وبنوا أحدهما كليًا بالحجر على حافة الصحراء، ولذلك بقي جزء من آثاره حتى الآن. ويصل إليه من وادي نهر النيل عبر ممر مغطى على جسر وزينوه بنقوش ورسومات ملونة. كما يؤدى إلى ساحة مفتوحة أحيطَت بها مخازن وغرف عبادة ومذبح ضخم من المرمر، ووضِعت مسلة في الغرب على أساس مستطيل. [8] [4]

المعابد الجنائزية في الدولة القديمة

تعتبر معابد خفرع من أشهر المعابد الجنائزية. ويقع المعبد الجنائزي مجاورًا للهرم والمدخل من الجهة الشرقية. ويتألف من قسم مستعرض وقاعة مستطيلة خلفه، ودعموا القسمين بالأعمدة. وتفتح القاعة الثانية على فناء مركزي محاط بالدعامات ويفتح عليه 5 غرف مقدسة تحوي تماثيل الملك، وخلف كل منها مخزن. ويقع الحرم الداخلي في الجزء الخلفي من المعبد وفيه باب مزيف وطاولة تقديم القرابين. حيث أدى الكهنة الشعائر اليومية وقدموا القرابين لروح الملك، وجمع الملك قرابينه بعد مروره من الباب المزيف.

وربط ممر بين فناء المعبد وساحة الهرم في الخارج. وعثر هناك على 6 حفر للقوارب، فآوت هذه الحفر القوارب التي نقلت رفات الملك إلى مثواه الأخير.

وبني معبد الوادي من كتل ضخمة من الحجر بمدخلين ارتبط كل منهما بدهليز، يؤدى إلى باب قاعة كبيرة على شكل حرف T مقلوب. وغطّوا الجدران بالجرانيت الأحمر بينما كسوا الأرضية بالمرمر ودعّموا السقف بواسطة دعامات صنعوها من قطعة واحدة من الجرانيت. وعثر المنقبون على 23 حفرة وضِعت بها تماثيل الملك وأدى الكهنة الطقوس أمام أحد التماثيل. وقاد ممر وُجِد في الجهة الشمالية الغربية إلى الممر المغلق الذي ربط بين المعبد الجنائزي ومعبد الوادي وطوله 494.6 م. [4] [9]

أما بالنسبة لمعابد منقرع فلم يكتمل أي منها قبل وفاته. وكشفت الحفريات عن سلسلة من تماثيل الملك التي وضعوها حول الفناء. وأعيد بناؤه بالكامل تقريبًا في نهاية الأسرة السادسة بعد أن تعرض إلى أضرار كبيرة بسبب الفيضان. [10]

ويشبه معبد أبو الهول معبد خفرع وتألف من فناء مركزي أحيط بأعمدة من الجرانيت. ويعتبر المعبد فريد لاحتوائه على ملجآن أحدهما في الشرق والآخر في الغرب، ويرجح أن لهما رمزية بشروق الشمس وغروبها. [7]

المدن في عمارة الدولة المصرية القديمة

تل بسطة مدينة نمت طبيعيًا

نمت تل بسطة في مصر السفلى (محافظة الشرقية حاليًا) واعتُبرت مركز هام في الدولة القديمة وغطّت حوالي 75 هكتار. واحتوت على مبانٍ تعود للأسرة السادسة وحتى زمن الرومان. وشيّد المصريون أسوار داخلية أحاطت المعابد وربما المساكن الملكية. وضمت معبدًا صغيرًا من الطوب على شكل مربع. وأضافوا سلسلة من الوحدات الملكية إلى مركز المدينة القائم، فيما يشبه المدن المصرية الأخرى. [3]

مدن للكهنة الجنائزيين

أنشأ ملوك المملكة القديمة مجتمعات حضرية لخدمة احتياجاتهم في الآخرة وبُنيت لأول مرة في نهاية الأسرة الرابعة واستمرت حتى نهاية الأسرة السادسة. وعثر على مدينة صغيرة للملكة خنتكاوس بالقرب من أهرامات الجيزة وبشكل حرف L  وبطول 148م  للضلع الشمالي و48م للضلع الشرقي. وبنيت على منسوبين وغطّيت بالرمال. ويؤكد الخبراء بأنها لم تسكن بعدها. ويرجح بأن المنازل شيّدت بطابق واحد لأن الأسوار لم تكن عالية ولم يوجد آثار للأدراج.

مخطط مدينة خنتكاوس. رسمه selim hassan ونُشر عام 1943

وتظهر الآثار أن المصريين صمّموا المدينة لمتطلبات محددة فالشوارع مستقيمة، والتقاطعات منتظمة. ووجدوا مجموعات سكنية لكل منها مخازنها وخزاناتها الخاصة.

ينقسم السكن إلى ثلاثة أقسام بحسب المساحة. ويأتي في الشمال أول صف منازل للكهنة وعددها 6 في الجهة الغربية وأكبرها مساحة 17x 15م ولها مدخلين في الجنوب والشمال. وتطابقت المنازل وصمّمت لتضم مكتب بواب، وغرفة استقبال، وغرفة المعيشة، وغرفتا نوم متصلتين. وأتاح بعدها فناء للوصول إلى المطبخ وغرفة تخزين المياه. وراعوا في التصميم المناخ واتجاه الرياح وخاصةً بتوجيه المطبخ. ووقعت في الجهة الشرقية منازل أصغر وعددها 4 ومدخلها من الشمال فقط. وبنوا قصران في القطاع الجنوبي، على المنسوب الأخفض من المدينة.

ويأتي بعد صف المنازل ممر بين جدارين سميكين من الطوب. أتاح الوصول المباشر بين الجهة الشرقية ومنطقة المقبرة في الغرب. ووجد في المدينة خزان مياه كبير 8x 29 م ويعتقد الخبراء أن المدينة سكنها 200 شخص على مساحة 0.65 هكتار. وهي نسبة قليلة إذا قارنوها مع الكثافة السكانية المقترحة لمصر القديمة والتي تقدر ب 250 شخص لكل 0.4 هكتار. [3] [11]

المراكز الإدارية وممفيس

احتاج المصريون مركزين إداريين لمصر العليا والسفلى، واختلفت المراكز من عصر لعصر. وتواجدت الإدارة في الدولة القديمة حيث يوجد الملك ولكن هذا لا يلغي العاصمة. وتُعتبر التصنيفات صعبة بشكل عام بسبب وجود العديد من المدن التي خدمت كمراكز إدارية لفترات قصيرة.

و شهدت أغلب المدن نموًا طبيعيًا على مدى قرون، ثم خضعت لتخطيط مكثف وإعادة تنظيم. ويروي المؤرخ هيرودوتس أن الملك مينا حوّل مجرى النهر نحو الشرق ليبني مدينة ممفيس على الأراضي المستصلحة أو على تل طبيعي. وربما يكون قوله صحيحًا، فقد أظهرت الأبحاث أن الجزء السابق يقع على أرض أعلى من غرب الموقع.

ويلاحظ عند دراسة ممفيس بأن تصميمها لم يكن فريدًا. ويرجح بأن المصريون تذكروها كأهم المدن لأن الأسرة الأولى قامت بالمهمة الأصعب وهي السيطرة على الفيضانات من خلال بناء السدود الضخمة والأحواض المائية. ووقعت في نقطة مهمة عند انقسام النيل إلى عدة أفرع، واستمرت كعاصمة خلال ثمان أسر. [3]

وأخيرًا لا يسعنا إلّا أن نقف مبهورين أمام عظمة عمارة الدولة المصرية القديمة عبر التاريخ.

المصادر

1-History
2-Khan Academy
3-Staffsites.sohag-univ
4-Britannica
5-Ancient egypt
6-History
7-Khan academy
8-Britannica
9-The ancient Egypt site
10-Khan academy
11- u.chicago.edu

 

تاريخ عمارة البابليين

مراحل ازدهار البابليين

تميزت الفترة التي أعقبت انهيار الدولة السومرية بالصراعات المستمرة بين البابليين والآشوريين. وتأخر تطور بابل كمدينة رئيسية بحسب مقاييس مدن بلاد الرافدين. وأنشئت في عام1894 ق.م وازدهرت لأول مرة في عهد الملك حمورابي. وتُعرف تلك الفترة بالعصر البابلي القديم 1595-1894 ق.م. ثم عادت بابل إلى كونها ممالك من مدن صغيرة بعد موت حمورابي ولعدة قرون. ثم ازدهرت من جديد تحت حكم نبوخذ نصر وتعرف تلك الفترة بالعصر البابلي الحديث 530-646 ق.م. وغطّت بابل مساحة 10 كم2 تقريبًا، وأصبح لدى البابليين أكبر مدينة في العالم القديم. [1]

عمارة مدينة بابل

تقع بابل جنوب بغداد في العراق، وتعد الأشهر بين جميع المدن البابلية. ويمتد الموقع على مساحات واسعة ولم يُنقب كلُّه حتى الآن. ويحاول علماء الآثار تسهيل فهم مخططات المدن من خلال إعادة بناء العناصر الناقصة وخاصةً شبكة الشوارع. وتعد معرفة تشكّل شبكة الشوارع نقطة أساسية في النقاش حول إذا ما تأسست المدينة نتيجة تخطيط بشري أو تنمية عضوية.

ولاحظ العلماء ما أثار دهشتهم وقلقهم حول المخططات المنشورة لبابل. حيث فشِلت دائمًا في تذكر الحالة الراهنة للمدينة عندما قارنوها مع مجمل الأدلة المتوفرة سواءً كانت الأثرية أو النصية.

اخترق نهر الفرات المدينة، ولكن تحوَّل مجراه مع مرور الزمن إلى الغرب ممّا جعل من الصعب الوصول إلى بقايا الآثار في الجزء الجنوبي الغربي للمدينة. [2]

أحيطت المدينة بسورين، تراوح محيط السور الخارجي بين 20-18 كم وصنع من ثلاثة أجزاء، وبنوه باللبن والقرميد. بينما تكوّن السور الداخلي من جدارين، الأول داخل المدينة بسمك 6.52 م، والثاني أصغر بسمك 3.72م.

وبنوا خندق، يحتوي الجدار الداخلي على ثماني بوابات أدَّت إلى المدينة. [3] وخطط البابليون الشوارع ضمن شبكات موازية لنهر الفرات. [1] وانتهت شوارعهم المتعامدة عند بوابات المدينة. وارتفع مستوى المساكن عادةً عن مستوى الشارع وذلك بسبب بنائها على مصاطب من اللبن. وعُثر على ثلاثة قصور على أطراف المدينة. [3]

بينما بنى البابليون المعبد الرئيسي مع الزيقورة في مركز المدينة، وتوزعت أربعة معابد في النصف الشرقي للمدينة. ونظموا شبكة من القنوات لري الأرض ويعود بعضها إلى زمن حمورابي الملك. [1]

بوابة عشتار وشارع المواكب

شُيّدت بوابة عشتار كمدخل رئيسي لمدينة بابل حوالي عام 575 ق.م واستخدموا الطوب المشوي. [4] وأصبحت ثامن بوابة محصنة في المدينة وبلغ ارتفاعها أكثر من 12 م. وكانت البوابة نفسها مزدوجة وبنوا على جانبها الجنوبي حجرة انتظار كبيرة. [5]

زين البابليون بوابة عشتار بطبقة من المينا (الخزف) ذات اللون الأزرق الزاهي. وتخللته رسومات بارزة من الخزف الأصفر ومثّلت حيوانين اسطوريين وهما تنين الأفعى وثور الإله حدد. وأعيد تركيب البوابة بصعوبة واستغرقت سنوات طويلة بسبب قلة توفر بقايا الخزف الأصلية. وتوجد حاليًا في متحف الشرق الأدنى في برلين. [4]

أدت بوابة عشتار إلى بيت آكيتو وهو معبد صغير وقع خارج المدينة شمالًا. [1] وخصصوه للاحتفال برأس السنة لدى شعوب بلاد الرافدين وتحتفل به هذه الشعوب حتى الآن في الواحد من نيسان. ومر من خلال البوابة أفخم الطرق في تلك الفترة وهو طريق المواكب. ورصفوه باستخدام القرميد الأحمر والحجر الجيري الأبيض. [3]

وزين البابليون جانبي الطريق بأسود من الخزف. وتشير التقديرات إلى وجود 120 أسدًا على طول الطريق، ولم تصنع جميعها في الوقت نفسه. ولاحظ العلماء أيضًا ارتفاع مستوى الطريق أكثر من مرة. وربما قد عاملوا الصفوف الدنيا على أنها رسومات تجريبية لأنها كانت موضوعة بشكل غير منتظم. [5]

تنين الأفعى وثور إله الطقس حدد من بوابة عشتار

اختلاف المساكن بين الفترة البابلية القديمة والحديثة

ازداد حجم المساكن بوضوح بين الفترة البابلية القديمة والحديثة. وهذا يدل على وجود درجة غير مسبوقة من التفاوت الاجتماعي في الفترة الحديثة.

وتراوحت مساحة المساكن المحفورة في الفترة البابلية القديمة بين 700-8.5 م2 بمتوسط مساحة 152 م2. وسببت مساحات المساكن الموثقة نصيًا مشكلة حيث كانت أصغر بكثير من المساكن التي نُقِّبت. ورجح الخبراء سبب ذلك أن الوثائق الكتابية تصِف عادةً أجزاء من المساكن كالغرف الفردية أو الأجنحة بدلًا من كامل المسكن. ومن ناحية أخرى، تقاس مساحة المساكن المنقّبة أغلب الأحيان بمحيطها الخارجي. فشكلت الجدران من 40-30% من مساحة المساكن في الفترة البابلية القديمة، بينما شكلت 50% في الفترة الحديثة. وتفادى البابليون هذه المشكلة في الأحياء الأصغر والأكثر كثافة، حيث وفروا المساحات من خلال استخدام جدران مشتركة بين المساكن المتجاورة.

ولم يختلف المنزل البابلي عن المنازل التي سبقته. حيث ضم فناء مركزي أحيط عادةً بأجنحة من الغرف على جوانبه الأربعة. ويفتح المنزل على جناح دهليز منكسر، ليمنع الاتصال البصري المباشر بين الخارج والداخل. [6]

القصور البابلية

تميز العصر البابلي القديم ببناء قصور ضخمة، وشيدها البابليون باستخدام الحجر الجيري على الرغم من استمرار استخدامهم اللبن لبناء المعابد والزيقورات. وبنوا غرفة العرش في منتصف القصر عادةً وتوضعت الغرف حولها. وعُثر على غرفة اجتماعات شبه دائرية كبيرة ولها أدراج. [3]

ظهرت غرفة الاستقبال الرئيسية في العصر البابلي الحديث في الجانب الجنوبي من الفناء لتصبح موجهة على الشمال. [7]

وجد الباحثون قصران غرب بوابة عشتار، غطيا مساحة 16 هكتار. وأعاد الحكّام المتعاقبين بناء القصر الجنوبي في بابل بمساحة 200 × 310 م2، وضم مئات الغرف والملحقات الأخرى وخمسة أفنية. [3]

وبُنيت قاعة العرش في الفناء المتوسط بمساحة 17 × 42 م2 وتميزت الواجهة بالخزف المزيّن بصور الأسود وشجرة الحياة. ووجِدت ثلاثة مداخل مقوسة بعرض 6 م تشبه المداخل الآشورية. ولا يسمح عرض قاعة العرش بوجود عوارض غير مدعمة للسقف، ولم يتم العثور على أي دليل لوجود أعمدة داخل القاعة. لذلك يعتقد البعض أن سقف القاعة كان قبة، ولكن لا يوجد دليل حتى الآن يؤكد ذلك. [7]

كما بنى البابليون قصر صيفي مربع الشكل 250 × 250 م2. وعرِف باسم جبل بابل وذلك بسبب ارتفاعه حيث بنوه على ارتفاع 18م فوق منسوب الشارع. وتألف جبل بابل من قاعتين رئيسيتين، الشرقية والغربية. وسكبوا أرضيته بمزيج من الجير والرمل والجص مع إضافات الألوان ممّا أعطته شكلًا فريدًا. [3]

المعابد البابلية

بنى البابليون معابدهم غالبًا كمعابد ذات فناء مع غرفة هيكل عريضة مع نهج المحور المباشر. وتعتبر غرفة الهيكل عريضة عندما يقع المذبح في منتصف أحد الجوانب الطويلة من الهيكل. ويتشكل المحور المباشر حينما يوضع المدخل الرئيسي للهيكل على خط مباشر مع المذبح. [7]

وأعيد بناء معبد عشتار ضمن ثلاث فترات زمنية وله شكل مستطيل مع فناء وضم 20 غرفة ملحقة به. ووجِدت ثلاثة مداخل غرب غرفة الهيكل ودعِّم المبنى من خلال بناء رصيف محيط من الطوب والقار لحماية الجدران الخارجية. [3]

الزيقورات وبرج بابل

لم يختلف مبدأ الزيقورات البابلية عن الزيقورات السومرية أو الآشورية. وشيّدت عادةً بقاعدة مربعة ويتم الصعود إلى المصاطب السفلى عن طريق الأدراج وإلى المصاطب العليا من خلال المنحدرات.

وبُني على ضفة نهر الفرات معبد «ايساغيلا-Esagila» وخصصوه للإله مردوخ. وارتبط بزيقورة على شماله يعتقد الخبراء أنها قد تكون برج بابل. وقاعدته مربعة 91 م توازي الاتجاهات السماوية ويرجح أنه كان بسبع مصاطب وارتفاعه الإجمالي يساوي قاعدته. [1]

صورة توضح مدخل مدينة بابل وأجزاء منها

ولكن لا تزال الشكوك قائمة حول مظهره، إذ يعتقد البعض أن مظهره العام كزيقورة تقليدية بينما وجدت وثائق كتابية تصف البرج كبرج فريد لم يكن له مثيل.

الجسور بين الآشوريين والبابليين

نادرًا ما عثِر على جسور في بلاد الرافدين. وبنى الآشوريون جسر حجري مزخرف في دورشاروكين وصل بين القلعة ومعبد نابو. بينما كشفت التنقيبات في بابل عن جسر حجري على شكل قارب يعبر الفرات ويربط بين جانبي المدينة. ولذلك يعتقد العلماء أن الجسور العائمة من القوارب ربما كانت أكثر شيوعًا من الجسور الثابتة. [7]

الحدائق المعلقة

تشير الكتابات اليونانية إلى حدائق بابل المعلقة، وهي تلة تحاكي تدرج المصاطب وتُغطى بالنباتات فوق بنية تحتية من الأقنية. واعتبروها في العصر الهلنستي واحدة من عجائب الدنيا السبع. [1]

وجد المكتشفون سلسلة فريدة من الحجرات في الزاوية الشرقية الشمالية من القصر الجنوبي. والمبنى مستطيل تقريبًا 30 × 42 م وأرضيته أخفض من أرضية القصر واحتوى على 14 غرفة متماثلة 2.2 × 3م. ووزعت هذه الغرف على جانبي ممر ضيق، وعثِر على بئر مع ثلاث فتحات بجانب بعضها البعض في واحدة من الغرف الوسطى. ووضعوا طبقة سميكة من التربة على أسطحها ويرجح أنها وضِعت لأغراض زراعية. [3] لذلك يعتقد البعض أنها ربما كانت جزءًا من البنية التحتية للحدائق المعلقة. في حين يعتقد البعض أن الحدائق المعلقة تقع خارج بابل حتى ويظن البعض أنها كانت تقع في نينوى وتعود للملك الآشوري سنحريب. وتستمر التكهنات بشأن موقعها الحقيقي وآليتها مع عدم وجود بقايا مؤكدة منها. [1]

صورة تخيلية لحدائق بابل المعلقة

وعلى الرغم من وجود العديد من التكهنات والتوقعات بشأن عمارة البابليين فلا تزال بلا شك تعكس عظمة الدولة البابلية وما قدمته من انجازات ساهمت في نمو الحضارات البشرية.

المصادر

  1. Britannica
  2. Research gate
  3. Research gate
  4. History
  5. Britannica
  6. Research gate
  7. Silo.tips

تاريخ عمارة الآشوريين

ازدهار الممالك الصغيرة

انهارت الدولة السومرية حوالي عام 2004ق.م، فاجتاحت المنطقة فترة فوضى واستمرت ما يقارب القرن. وبدأت إثر ذلك مدن الدول والممالك الصغيرة في شمال البلاد بالتطور والتوسع.[1] وتميزت تلك الفترة بالصراع المستمر بين الآشوريين والبابليين، وتناوبوا على فرض سيطرتهم. فعرف البابليون مرحلتي ازدهار بينما عرف الآشوريون ثلاث مراحل ازدهار، المرحلة القديمة والوسطى والحديثة. وعلى الرغم من تشابه النمط المعماري بين السومريين والآشوريين ولكننا نستطيع التمييز بينهما. حيث أضاف الآشوريون أساليب جديدة ولمستهم الخاصة على العمارة. فبم تميزت عمارة الآشوريين؟

من هم الآشوريون ؟ 4000-612 ق.م

انحدر الآشوريون من الساميين الذين عاشوا في المناطق الشمالية من بلاد الرافدين منذ عام 5000 ق.م تقريبًا. [1]

وسيطرت الإمبراطورية الآشورية على بلاد الرافدين وكل الشرق الأدنى تقريبًا في النصف الأول من الألفية الأولى ق.م. بقيادة سلسلة من الملوك المحاربين الطموحين، ووُصفت الدولة الآشورية بأنها كانت عسكرية وعدوانية للغاية. [2]

انتقلت العواصم الآشورية على التوالي من «آشور-assur» إلى «كالح-kaleh» و«دور شاروكين-dur scharrukin» و«نينوى-niniveh».

عمارة مدينة آشور

تقع آشور على الضفة الغربية لنهر دجلة في شمال العراق. وقد سُكن الموقع الأصلي حوالي عام 2500 ق.م. وتعتبر آشور من الناحية الاستراتيجية أصغر حجمًا وأقل مكانةً من كالح أو نينوى. واستمرت رغم ذلك أهميتها الدينية حتى عام 614ق.م. [3]

واتبع الآشوريون التضاريس الجغرافية عند بناء مدنهم، وهذا يفسر الشكل غير التقليدي لمدينة آشور، حيث كانت على شكل مثلث. [4]

حصّن الآشوريون مدنهم جيدًا كونهم دولة عسكرية، فبنوا سور بطول 4 كم لحماية الجزء الشرقي من المدينة. واعتمدوا على التضاريس الطبيعية في الشمال للحماية حيث الجرف المرتفع وبنوا الميناء. [3]

ووقعت جميع المباني العامة في سلسلة على طول الحافة الشمالية للمدينة. وبني قصر الملك بجانب المعابد والزيقورات كونه الكاهن الرئيسي للإله. وحدّت المباني العامة بأكملها من الجنوب أحياء سكنية، ولم يوجد جدار يفصل بينهم. [4] ويشير تخطيط المدينة إلى الاحترام الصارم لحقوق الملكية وحيازة الأراضي. [3]

عمارة مدينة كالح

تطور التخطيط الحضري لمدينة كالح خلال أكثر من 150عام، وكانت هذه فترة حياتها الكاملة كمركز سياسي للإمبراطورية الآشورية. وتعرف أيضَا باسم نمرود أو كالخو. واعتمد الآشوريون على المنحدر الطبيعي للتضاريس في الجهة الجنوبية من المدينة، وبنوا أبنيتهم العامة فوق المصاطب المرتفعة.

يُعتقد أن أول القلاع تعود للحثيين، ومع ذلك أصبحت القلاع في القرن التاسع ق.م فصاعدًا سمة مميزة للمدن الآشورية. وكانت قلعة كالح متصلة بأسوار المدينة، وأصبح ذلك النمط السائد.

كما اهتم الآشوريون عند تخطيط مدنهم بالمنظر العام الذي يراه الزائرين من بعيد. حيث استطاع الزائر رؤية سلسلة المباني العامة من المعابد والزيقورات بجانب القصر والقلعة. وبرزت أكثر لأنها بنيت بمقاييس أكبر من مباني السومريين إضافةً إلى بنائها على المصاطب.

وتم إدخال بعض الميزات الجديدة في كالح ومنها أول حديقة ملكية حضرية وحديقة حيوان. واحتوت هذه الحدائق على نباتات وحيوانات جلبوها من البلدان المحتلة. وصنع الملك «تغلث فلاسر الأول» أول الحدائق الملكية في نينوى ولكن نسخت في كالح على نطاق أوسع فأخذت أهمية أكبر. [4]

عمارة مدينة دور شاروكين

تأسست مدينة دور شاروكين عام 712 ق.م ولكنها لم تكتمِل عندما مات مؤسسها «سركون الثاني» عام 705 ق.م. فانتقل ابنه «سنحريب» إلى نينوى وهُجرت المدينة، وربما لم تُسكن أبدًا حتى. [5]

وتعرف الآن باسم خورسباد وبنيت على شكل مربع تقريبًا 1766*1675 م وبجدران سميكة 14م وبارتفاع 12 م مما أعطاها هيئة الحصن. وضم السور سبعة أبواب وبُني على جانبي كل باب ثيران مجنحة ذات رؤوس بشرية، وخصص كل باب لإله آشوري. [6] [7]

رسم المختصون شبكة الشوارع من خلال دراسة تموضع البوابات والأحياء السكنية والآثار المتبقية، وكانت الشوارع مستقيمة ومنتظمة. وهيمن القصر أكثر من المعبد في الجزء الشمالي من المدينة وبنيت قلعة وقصر ثانوي في الجزء الجنوبي من المدينة. [4]

رسم منظوري لقصر ومعبد وزيقورة دور شاروكين

القصور الآشورية

قسّم الآشوريين قصورهم إلى قسمين أساسين بواسطة الأفنية. فجَرَت الشؤون العامة في القاعات والفراغات حول الفناء الخارجي والذي عرِف باسم «بابانو». وخصصوا الفناء الداخلي «بيتانو» للوظائف الخاصة، وفصَلَت غرفة العرش بين الفناءين.

وبنيت القصور الآشورية عادة بطابق واحد، ولكن وجِدت بعض الأدلة على قيام الملك ببعض الطقوس الدينية على السطح. وشيدوا القصور عادةً بمحاور منكسرة بينما تحولت في المراحل اللاحقة إلى محاور مباشرة، ويعتقد سبب ذلك هو تأثرها بالقصور البابلية. وفي حالات كثيرة وضِع صفان متوازيان من الحجارة على أرضية غرفة العرش. ويتم دحرجة أداة ذات عجلات فوقها لكي توفر مصدر حرارة للملك. [8]

ومن أبرز القصور قصر دورشاروكين الذي يعرف باسم «قصر من دون منافس». فبُني بأكثر من 200 غرفة و30 قاعة وثلاثة أفنية. [6] وكانت غرفة العرش أكبر الغرف، وارتفع العرش في أحد أطرافها على منصة حجرية. ووجِد في الطرف الآخر غرفة انتظار ودرج حلزوني يؤدي إلى السطح. وغطيّت الجدران الداخلية لغرف القصور الملكية بحجارة عادةً ما تكون منحوتة بمشاهد. وتعد المنحوتات الآشورية أدلة قيمة تساعد على معرفة مظهر المباني حيث عادةً ما تبقى الأجزاء السفلية من الجدران فقط. [8]

ثيران مجنحة وألواح حجرية منحوتة من دور شاروكين. وتتواجد حاليًا في متحف اللوفر

وعثر علماء الآثار في قصر الملك سنحريب في نينوى على جميع مداخل الأفنية. وأحيطت المداخل بثيران مجنحة، ووجدت مشاهد منحوتة على الحجارة حولها. وجاور غرفة العرش حمام مرصوف بالحجارة، واحتوت قاعة الانتظار الكبيرة على ما لا يقل عن 40 شخصًا منحوتًا. [9]

المعابد الآشورية

بنيت المعابد في الفترة الآشورية المتأخرة غالبًا كمعابد ذات فناء مع غرفة هيكل طويلة مع نهج المحور المباشر. وتعتبر غرفة الهيكل طويلة وتحديدًا عندما يقع المذبح في منتصف أحد الجوانب القصيرة من الهيكل. ويتشكل المحور المباشر حينما يوضع المدخل الرئيسي للهيكل على خط مباشر مع المذبح. [8]

الزيقورات بين الآشوريين والبابليين

تغيرت نسب الزيقورات في عهد الآشوريين والبابليين فأصبحت أكثر ارتفاعًا وميلًا ولكن بقي المبدأ نفسه.

وبنيت قاعدة زيقورة مدينة دور شاروكين مربعة الشكل 42×42 م. وتكونت من سبع مصاطب ارتفاعها الفردي 6.1م مما يجعل ارتفاعها الإجمالي 42.7 م، وتناقصت مساحات المصاطب كلما ارتفعنا إلى القمة. وبنوا أدراج حلزونية جانبية. وطُليت المصاطب بالألوان وكانت ألوان المصاطب الأربعة الأولى بيضاء، وسوداء، ووردية، وزرقاء على التوالي. ولا يعرف ألوان المصاطب الأخرى بسبب دمارها. [7]

رسم تصوري لزيقورة مدينة دور شاروكين

المقابر الملكية الآشورية

عثر على مقابر الملوك الآشوريين في غرف تحت الأرض في قصر شمشي أداد في آشور. بينما عثر على مقابر الملكات الآشوريات في الجزء الجنوبي من القصر الشمالي الغربي في كالح. وصنعت القبور بالطوب المشوي وكان لدى البعض أبواب حجرية، وعلى الرغم من دفنهم لثروة هائلة من الذهب والمجوهرات في القبور، كانت غرف القبور نفسها صغيرة ومجهزة فقط بالقليل من الكوات. [8]

بعض سمات عمارة الآشوريين

أصبح استخدام الحجر في أساس وبناء المباني شائعًا جدًا في عمارة الآشوريين بسبب استيراده من المناطق الجبلية في الشمال. واستخدموا الحجر الجيري والمرمر لتغطية الجدران الضخمة ولبناء قواعد الأعمدة وسواكف الأبواب وكذلك لرصف قاعات المباني المهمة.

كذلك استخدموا الصخور الصلبة مثل الديوريت والبازلت وغيرها لنحت التماثيل والألواح والمشاهد البارزة. وشيدوا الأعمدة حتى ارتفاع 4 م بالحجر الجيري ووضعوا التاج الحلزوني في نهايتها. وكان مقطع الأعمدة إما مربع أو دائري وبعض الأعمدة مضلعة إما بستة أو ثمانية أضلاع، ونحتوا في القاعدة تماثيل حيوانية. كما حفروا نفق بعمق 25م تحت الأرض لجمع المياه الجوفية. وصنعوا فتحات تهوية فيه على مسافة 42م استخدمت للصيانة ولتنظيف القناة. [7] واستخدموا الشرافات كنهايات علوية للمباني.

وأظهر الآشوريون قدرتهم على تحويل الأراضي الجافة إلى مناطق خصبة. وحققوا ذلك من خلال أعمال البستنة وإنشاء الحدائق النباتية والحيوانية المثيرة للإعجاب. فهكذا كانت العمارة الآشورية وهكذا تميزت عن غيرها، وتركت لنا مدنًا وآثارًا شاهدة على عظمتها.

المصادر

  1. History file
  2. Khan academy
  3. Britannica
  4. Research gate
  5. University of Chicago
  6. Cultural property training resource
  7. Research gate
  8. Silo.tips
  9. Britannica

عمارة حضارة سومر وأكاد في بلاد الرافدين

مع تطور أساليب الري ظهرت فكرة إنشاء المستوطنات، وبدأت تنتشر في وسط بلاد ما بين النهرين لتصل في نهاية المطاف إلى الجنوب حيث ظهرت أولى المدن لدى السومريين. وتميز «عصر ما قبل السلالات- pre strains age» بحوالي 3000-6000ق.م بتوسع وازدهار العديد من المستوطنات الزراعية والتي ساهمت بتطور عمارة حضارة سومر وأكاد. إذ استخدم السومريون أساليب عمارة هذه المستوطنات وطوروها وأضافوا عليها وكذلك فعل الأكاديون لاحقًا. فكيف كانت عمارة حضارة سومر وأكاد؟

عمارة المستوطنات الزراعية

أكواخ القصب

عاش السكان الأوائل في جنوب العراق في منطقة الأهوار بأكواخ من قصب. فحفر البناؤون سلسلة من الثقوب في الأرض، ووضعوا حزمة طويلة من القصب في كل ثقب. فلزم لبناء منزل دائري استخدام سلسلة ثقوب دائرية، بينما استخدِم صفين متوازيين من الثقوب للمنزل المستطيل. وبمجرد إدخال الحزم بإحكام يتم ثني الحزم المقابلة لبعضها البعض وربطها من الأعلى ليتشكل السقف. ثم تغطى بحصر من القصب، وغطّيت أحيانًا بطبقة من الطين في المناطق الأكثر برودة. حيث وفرت حزمة القصب الظل وأعطت بعض العزل. وتطورت بعدها أساليب الإنشاء واستُخدِم اللبن بأنواعه. [1][8]

سامراء

تعود سامراء تقريبًا إلى عام (5500-6000) ق.م. فسكن الناس في منازل من غرف صغيرة وغطّيت أرضيتها بالجص للعمل والمعيشة. بالإضافة إلى وجود غرف لتخزين الطعام وباحات داخلية مع أفران في الهواء الطلق.[2]

حسونة

يقع موقع حسونة جنوب الموصل ويمثل ثقافة قروية متقدمة. ويعود تقريبًا إلى عام (5500-6000) ق.م. وكشفت التنقيبات عن 6 طبقات من المنازل، تزداد كل طبقة تدريجيًا. وعاش شعب حسونة في قرى صغيرة تراوحت مساحتها بين (3.2-0.8) هكتار. وحتى أكبرها كانت أصغر من أريحا حوالي عام 6500 ق.م، فكانت مساحتها تقريبًا 4هكتار. ولم يتجاوز سكان حسونة 500 شخص.

لم يتم العثور على بقايا معمارية في الطبقات الأقدم لذلك افترِض وجود مجتمع شبه بدوي، وعُثر على رماد نيران نتيجةً لذلك يعتقد بأنهم سكنوا الخيام. ووصلت بقايا الجدران في المستوى الثاني إلى ما يقارب 1م. ووجدت جدران متقاطعة بزوايا قائمة، شكلت عدة فراغات في المبنى، بالإضافة إلى فراغات ملحقة لتربية المواشي. ولكن لا يزال الشك قائمًا حول أن المستوطنة تم التخطيط لها.[3]

حلف

يقع تل حلف غرب الخابور أحد روافد نهر الفرات، في سوريا، ويعود تقريبًا لعام (5000-5500) ق.م. ومَثَل تطور القرى الزراعية في أساليب التنظيم وبناء المباني، وقد رُصِفت شوارعه بالحجارة الطبيعية. وسكن لاحقًا من قبل الآراميين.[4]

السومريون

يُعتبر السومريون صانعي الحضارة بمفهومنا الحالي. واستمرت سيطرتهم على جنوب بلاد الرافدين لمدة 2000 سنة تقريبًا قبل أن يتولى البابليون المسؤولية عام 2004 ق.م.

استوطن السومريون المنطقة تقريبًا بين 4000-4500 ق.م على الرغم من احتمالية وصول بعض المستوطنين قبل ذلك بكثير، وعرف هذا الاستيطان المبكر بفترة العُبيد.

فرض السومريون سيطرتهم بحلول عام 3000ق.م على منطقة جنوب بلاد الرافدين. وتألفت حضارتهم من مجموعة من المدن تحولت لمراكز ممالك مدن، ومنها «اريدو-Eridu » و«نيبور-Nippur» و«لجش-Lagash» و«أور-Ur» وأول مدينة في العالم «أوروك-Uruk» في العراق. [5]

الأكاديون

بقيت المنطقة في صراعات ونزاعات دائمة بين الممالك التي سكنتها. وأسس الملك «سركون-Sargon» مدينة «أكادي- agade» في حوالي عام 2300 ق.م في وسط بلاد الرافدين. وتعد أكادي سبب تسمية الأكاديين بهذا الاسم. ووحد الملك المدن المختلفة في المنطقة تحت حكمه. وبعد سقوط سلالة سركون حوالي عام 2150 ق.م تشكلت فكرة نشوء الدولة المركزية الكبيرة. التي وصلت إلى أوجها عند اتحاد الدولة السومرية والأكادية في عهد الأسرة الثالثة في أور 2003-2130 ق.م.[6]

قد يتوقع المرء أن يلاحظ تغييرًا واضحًا في طابع العمارة إثر هذه الأحداث، ولكن الحقيقة ليست كذلك. وربما يرجع ذلك إلى ندرة الأمثلة المستخرجة. إضافةً إلى أن السلالة السركونية قامت بإعادة بناء واستخدام العديد من الأبنية السومرية. ولا تكفي أنقاض المباني للإشارة إلى تغيرات في النمط المعماري أو اكتشاف الابتكارات الإنشائية.[7]

المدن السومرية

أحاط بالمدن السومرية سور بيضوي الشكل غالبًا، ودعم بالأبراج وأحيط به خنادق مائية، واستقرت قرى خارج السور.

ضمت المدن القصور والمباني الدينية بالإضافة إلى قسم الأحياء السكنية والذي يشكل الجزء الأكبر من المدن. وتربط أجزاء المدينة شبكة عفوية من الشوارع والأزقة المتعرجة الضيقة والتي لا تتبع نظامًا معينًا.

وتعد أوروك أقدم مدينة وازدهرت عام 2800 ق.م في العراق، وعاش فيها (80,000-40,000) شخص بين 9.66 كم من الجدران الدفاعية.[5]

ومن أشهر المدن أور في عهد الأسرة الثالثة وتقع عند التقاء نهري الدجلة والفرات، وضمت زيقورة إله القمر نانا.

مخطط مدينة أور في عهد الأسرة الثالثة

المنازل السكنية في عمارة حضارة سومر وأكاد

قسم السومريون الشعب إلى ثلاث طبقات، الطبقة العليا للأغنياء والطبقة الوسطى للعاملين. وتضمنت الطبقة الدنيا العبيد.

مساحة معظم المنازل حوالي 90م² واحتوت على فراغ مركزي مربع مكشوف يدعى الفناء والذي يؤمن الضوء والتهوية إلى الغرف التي تُبنى حوله.

كان المنزل المتوسط عبارة عن مبنى صغير، بُني بطابق واحد من اللبن واحتوى عدة غرف حول الفناء وغطّيت أرضيته بالقصب.

بينما عاش الأغنياء في منازل من طابقين، احتوت على 12-10 غرفة وجُهّزت بأبواب ودرج من خشب. وتكون الطابق الأرضي من غرفة استقبال ومطبخ ومكان للخدم، وكسي المنزل بالجص الأبيض. وتوفرت النوافذ أحيانًا فيه ولكنها صغيرة جدًا ووضعت على ارتفاعات عالية، وعَزَلت بكفاءة جزء المنزل الداخلي من الحرارة الخارجية. وغطّيت الجدران والأرضيات بالحصر المصنوع من القصب والسجاد.[8]

مقطع منظوري للمنازل السومرية

بنيت المنازل على نمط واحد عدا منزل العالم إبراهيم في عهد الأسرة الثالثة في أور. فاحتوى المنزل على مكتبة داخلية وبعض الغرف المتداخلة والمتجاورة والتي يفصل بينها أروقة من أقواس نصف دائرية. ووُجدت أدراج بين الغرف مما يدل أن المنزل بني على مستويات مختلفة.

وكانت المنازل في أور في أوقات لاحقة تحتوي على شبكات ثقيلة لتصريف المياه وتعتبر الأولى من نوعها في ذلك الوقت.[4]

القصور في عمارة حضارة سومر وأكاد

اعتمدت القصور على الأفنية والفراغات المحيطة. بحيث تتجمع الوظائف حول فناء محدد وتتم إحاطة المبنى الناتج بسور خارجي. وضمت القصور قسم التمثيل الحكومي، وقسم سكن الملك وحاشيته، وقسم الخدمات والمستودعات. اكتُشف قصران متماثلان في أريدو في العراق ويعتبران من أقدم قصور المنطقة، أحدهما هو القصر الشمالي الذي بني على شكل مستطيل (68*45) م بالطوب من النوع محدب-مستقيم. احتوى القصر على جدارين سميكين من الخارج مع ممر ضيق لحماية القصر.

وفي حقبة الإمبراطورية الأكادية استُخدم اللبن ذو المقطع العرضي المربع، واعتُبرت القصور أكثر أهمية من المعابد. فبنى الملك نارامسين قصر في تل براك غرب نهر الجغجغ في سوريا، وهو شبيه بالحصن، على شكل مربع تقريبًا (95*90) م وكانت الجدران سميكة حوالي 10 م. وتألف القصر من أربعة أفنية أحدهم أكبر من الآخرين وعدد من الغرف والقاعات.[4]

مسقط قصر الملك نارامسين في تل براك

العمارة الدينية

صنف علماء الآثار المعابد وفقًا لمحاور الدخول وتوضع الحرم المقدس حيث يقيم الإله.

عثر على عدة معابد في أريدو ترجع إلى فترة العُبيد وكانت بسيطة واحتوت على غرفة واحدة. في حين أصبحت المعابد اللاحقة تشبه المنازل ذات الفناء. وضمت المعابد الأهم عدة أفنية ومداخل. ودعّمت وعزلت الجدران الخارجية. والهياكل عبارة عن فراغات مستطيلة طويلة والحرم المقدس في نهايتها واحتوى قاعدة لوضع التمثال.

ويتشكل المحور المنكسر حين يوضع المدخل الرئيسي للهيكل من الضلع الطويل، واستخدم هذا النوع في فترة الأسرة الثالثة ووجد في فترات لاحقة أيضأ. استُمدت معابد أوروك من الفترات السابقة واعتمدت المخطط الثلاثي وهي قاعة مركزية مستطيلة طويلة مع غرف على كلا الجانبين. ومنها معبد العيون في تل براك والمعبد المصبوغ في تل عقير.[9] ويمكن التعرف على المعابد من خلال مظهرها المعماري أيضًا.

المعبد البيضوى

واقتُصر على «فترة الأسر- Dynastic era» مثل معبد خفاجي حيث يلتف سور بيضوي من جدارين حول فناء فيه مصطبة ترتفع 6م فوقها معبد.[9]

معابد المصاطب

وجدت استمرارية في عمارة بلاد الرافدين، مثلًا أعيد بناء معبد في أريدو حتى الألفية الأولى ق.م على الرغم من أن المدينة نفسها هُجرت لفترات طويلة. وأدى تكرار ذلك إلى تشكل مصاطب ارتفعت تدريجيًا عن منسوب الأرض واستخدمت أدراج للوصول إلى المعبد. وعُثر على أقدم هذه المعابد في أريدو، فاكتشفت خمس طبقات من المعابد ومُيّزت من أبعاد الطوب المستخدم.

ومن أشهر المعابد المعبد الأبيض وسمي بذلك لأنه يغطّيه طبقة رقيقة من الجص الأبيض. وبني على مصطبة بارتفاع 13م.[9]

واتبع المخطط الثلاثي وهو مستطيل له ثلاث مداخل لم تواجه الأدراج فاحتاج الزوار للتجول حوله وملاحظة مظهره المشرق والقوي ويعتقد أنه من المحور المنكسر.[10]

مخطط ومنظور للمعبد الأبيض

الزيقورات

تعد الزيقورات تطور لمعابد المصاطب، وهي مصطبة مرتفعة بنيت بأربعة جوانب مائلة مثل الهرم المقطوع من الطوب. وقسمت جدران الزيقورة إلى أجزاء بارزة وغائرة عمودية، ويتم الوصول إلى قمتها عبر درج قاسي يؤدي إلى منحدر اصطناعي (رامب).[10]

يعتبر الملك أورنامو في فترة الأسرة الثالثة أول من بنى زيقورة بالمعنى التقليدي فبناها في مكان بعيد في المدينة موازية للاتجاهات السماوية. بنيت من اللبن المشوي من عدة مصاطب وضمت معبدين.

أشهر زيقورات أور حمراء اللون بسبب استخدام الآجر المشوي بنيت من ثلاث مصاطب وبني المعبد على المصطبة العليا. بنيت الجدران بسمك 2.4م وتخلله ملاط صُنع من القصب والقطران. وارتفعت المصطبة الأولى حوالي 15م والثانية 5.7م والثالثة 3م. وضمت الزيقورة ثلاثة أدراج بارتفاع 12م واحد في الوسط ووقع الآخران على جانبي الزيقورة فانضما إلى الدرج الوسطي واستمرا بالصعود معًا.

بنيت زيقورة أورو بطريقة مختلفة حيث وضعت طبقات من الحصائر المصنوعة من القصب بين طبقات اللبن على مسافات متساوية لزيادة الاتصال بينها. ووضعت حبال في قنوات أفقية اخترقت الزيقورة، يعتقد أنها لتصريف المياه. ووضع البيتومين على الجدران الخارجية وخاصة السفلية لدعمها وللعزل المائي.[4]

زيقورة أور

المقبرة الملكية

بنى الملك أورنامو مقبرة ملكية في أور تحت الأرض، ضمت غرف دفن وممرات غطّيت بأقواس صنعت من الطوب. ويمكن الوصول إليها عن طريق درج والمدخل مميز على شكل مثلث.[4]

مدخل المقبرة الملكية في أور

بعض سمات عمارة حضارة سومر وأكاد

استخدمت الأعمدة في كل الفترات تقريبًا ولكنها لم تشكل جزءًا محوريًا في عمارة حضارة سومر وأكاد كما كانت في عمارة الدولة المصرية القديمة واليونان.

تشكلت واجهات مميزة من خلال تناوب سطوح بارزة وغائرة عند بناء الجدران الخارجية مما أعطت مظهرًا فريدًا وخاصةً مع تناوب الظل والنور.

استخدمت الفسيفساء المخروطية لتزيين الجدران في فترة أوروك المتأخرة. وهي مخاريط من الحجر أو الفخار وطولها 15-10سم ذات أطراف ملونة، تلتصق على طبقة سميكة من الملاط الطيني وتُرتَب لتشكِل أنماط هندسية. ولم يتم العثور عليها بعد فترة أوروك.[9]

أحدثت الأبواب مشكلة إذ كانت واسعة كأطول العوارض المتاحة، فإذا وضع الكثير من الوزن على الجزء العلوي من الساكف يمكن أن يحدث انهيار. فأوجد السومريون الحل وبنوا الأقواس لتشكل مداخل الفراغات وكانت الأولى من نوعها.[1] أثرت عمارة حضارة سومر وأكاد على غيرها من حضارات بلاد الرافدين، ولا تزال تعتبر حتى يومنا هذا من أعرق حضارات العالم بما قدمته من إنجازات عظيمة بمختلف المجالات.

المصادر

  1. Research gate
  2. The history file
  3. Cultural property training resource
  4. Research gate
  5. History
  6. Britannica
  7. Britannica
  8. Ancient pages
  9. Silo.tips
  10. Khan academy

تاريخ عمارة بلاد ما بين النهرين

هل نظرت يومًا إلى ما حولك في المجتمع وتساءلت كيف بدأ كل شيء وكيف نمت أول الحضارات؟ أين تشكلت أول مدينة في العالم وكم تختلف عما نحن عليه الآن؟ دعونا نعود كثيرًا من الزمن إلى الوراء وتحديدًا إلى حوالي عام 150,000 ق.م، إلى منطقة تدعى «بلاد ما بين النهرين-Mesopotamia » وهو اسم يوناني يتكون من شقين وهما «في المنتصف أو بين-meso» و«نهر-potamos».

لنتعرف سويًا على مراحل تطور عمارة بلاد ما بين النهرين، حيث تقع حاليًا بلاد ما بين النهرين في العراق وأجزاء من سوريا، وتركيا وإيران. إذ يشير النهران إلى نهري الدجلة والفرات. وتعرف المنطقة باسم «الهلال الخصيب-«fertile crescent كونها منطقة خصبة محاطة بالمياه. ويطلق لقب الرافدين على نهري الدجلة والفرات.

بداية حضارات بلاد ما بين النهرين

بدأ الناس بالاستقرار في منطقة بلاد ما بين النهرين في بقع صغيرة ومتفرقة. وبعد فترات من الزمن، شكَّلت منازل تلك المجموعات مجتمعات زراعية حيث تحتاج الزراعة إلى عمل جماعي. ازدهر التطور الزراعي بعد تدجين الحيوانات وتطور تقنيات الري التي استفادت من قرب نهري الدجلة والفرات. ومع زيادة احتياجات الحياة اليومية بدأت تتوسع منازلهم. وأخذت هذه المجتمعات بالانتشار واستمرت في النمو لعدة آلاف من السنين حتى شكلت ما نسميه الآن بالمدن، والتي تعتبر من عمل شعب سومر. [1]

على عكس الحضارات الأكثر توحدًا في مصر أو اليونان، ضمت أرض بلاد ما بين النهرين مجموعة مختلطة من حضارات متنوعة. وربطت بينهم فقط آلهتهم، وموقفهم من النساء، والعادات الاجتماعية والقوانين. على سبيل المثال البابليين والآشوريين والآراميين.

ينبغي علينا فهم أن هذه البلاد أنتجت امبراطوريات وممالك متعددة بدلًا من حضارة واحدة. وتعرف بلاد ما بين النهرين بأنها مهد الحضارات وتعود هذه التسمية إلى تطورين حدثا في مملكة سومر في الألفية الرابعة ق.م وهما:

تترك البشرية بصمتها على الأرض من خلال المهارات المعمارية والهندسية والفنية. وبقي جزء من فن بلاد ما بين النهرين إلى يومنا هذا. وتوصف هندسة العمارة في حضارات بلاد ما بين النهرين بالعقلانية والمنطقية. فهي ليست هامة فقط في شكلها الخارجي ومهارة التخطيط ولكنها اعتبرت بيئتها ومناخها محورين أساسين في تكوين حضارتها. [3]

بيئة ومناخ بلاد ما بين النهرين

امتدت البلاد على مساحات طبيعية متباينة، حيث تضمنت صحراء، وسفوح تلال، وسهوب ومستنقعات. ولكنها اشتركت في ميزة وهي ندرة تساقط الأمطار.

تنقسم أرض بلاد ما بين النهرين إلى منطقتين بيئيتين تقريبًا، أسفل البلاد في الجنوب وأعلى البلاد في الشمال. حيث تميزت المنطقة السفلى بشتاء بارد جاف، وصيف حار جدًا وجاف. بينما منطقة الشمال تميزت بشتاء معتدل رطب وصيف جاف وحار. فاعتمدت الزراعة فيها على توزيع مياه النهر بشكل اصطناعي وكانت عرضة للفيضانات الدورية.

تحدد الموارد الطبيعية لأي حضارة إلى حد كبير المواد الانشائية المستخدمة من قبل السكان. وساهمت ثلاث عوامل رئيسية في عمارة وفن بلاد ما بين النهرين وهي:

  • التنظيم السياسي والاجتماعي.
  • دور الدين الهام في في تنظيم شؤون الدولة.
  • تأثير البيئة الطبيعية والقيود العملية التي فرضتها الجيولوجيا والمناخ.

ونرى هذه الأخيرة واضحة في عمارة بلاد ما بين النهرين.

تأثير الموارد الطبيعية على عمليات البناء

تكونت منطقة جنوب بلاد ما بين النهرين من الطين والتراب وافتقرت إلى الحجارة. بينما توافرت الحجارة في الشمال والسهول الآرامية بشكل أكبر. لكن افتقرت المنطقتان إلى الغابات الكثيفة، فالخشب الوحيد الذي كان متاحًا هو خشب النخيل. ولذلك تم اعتماد الطين كمادة بناء أساسية، حيث تم تشكيل اللبن في قوالب مستطيلة وتركت لتجف.

تطور الطوب في عمارة بلاد الرافدين

كان هناك نوعان من الطوب المجفف، الأول المجفف تحت أشعة الشمس والثاني المجفف في الفرن. حيث كان الطوب المجفف في الشمس معمر إلى حدٍ ما ورخيص الإنتاج. في حين كان الطوب المجفف في الفرن مكلفًا لأنه يحتاج إلى حرق وقود، لذلك استُخدم في المباني المرموقة والقصور.

أدرك البناءون بعد ذلك أن خلط الطين بالقش يجعل اللبن أقوى ويمنعه من التشقق. وفي بعض الأحيان تم خلط الطين بالحصى أو الجير لجعله أكثر استقرارًا. واستمر تطوير اللبن كمادة بناء أساسية وعلى مر الزمن تم تغيير مظهره ونسبه.

الرخام في عمارة بلاد الرافدين

وُجد في المنطقة رخام عُرف باسم رخام الموصل، ولكن نقله تطلب الكثير من القوة البشرية وكان ذلك مكلفًا أيضًا لذلك اقتصر استخدامه على القصور والمعابد.

استخدام البيتومين

واستخدم البناؤون مادة «البيتومين-«pitmen الذي تم الحصول عليها من شقوق نهر الفرات. والبيتومين هو نوع من أنواع الاسفلت. كان يستخدم البيتومين كمادة رابطة بسبب خصائصه اللاصقة والمتماسكة واستخدم أيضًا لطلاء الأسطح والأنابيب بسبب خصائصه العازلة للماء.

القصب والبردي والكلس في عمارة بلاد ما بين النهرين

استخدم القصب والبردى أيضًا في مناطق المستنقعات كمادة بناء للمنازل في مراحل معينة. وكذلك الكلس توافر بكثرة واستخدموه للطلاء. فعادةً ما كانت جدران المنازل الطينية السمكية تطلى بالجير لزيادة الإضاءة عبر عكس أشعة الشمس مما يوفر وسيلة للسيطرة على البيئة داخل المنازل. بينما استخدم السكان الحجر في المناطق الجبلية في شمال البلاد.

الميزة الأساسية للطين هو سهولة توافره وسهولة استخدامه وتمنح قدرته الحرارية العالية مزايا التحكم في البيئة الداخلية للفراغ. ويعتبر نظام البناء بالطين صديقًا للبيئة ولا يستهلك الكثير من الطاقة وأكثر فعالية في الظروف المناخية الحاصلة في المنطقة. لذلك يعتبر الخيار الأمثل لعمليات البناء. [4]

السكان القدماء في العراق في العصور الحجرية

تنقسم مراحل حياة القدماء في العراق في العصور الحجرية إلى:

1. «العصر الحجري القديم- «Paleolithic (12000-150000) ق.م

عاش الإنسان القديم في الكهوف منذ حوالي عام 100,000 ق.م في شمال العراق واستخدم حجارتها لصناعة أدواته. ومن أقدم الكهوف التي تم العثور عليها كهف «زوزة-Souza» وكهف «هزارمرد-hazairmrd» في مدينة سليمانية. وتبلغ أبعاد أحد أشهر الكهوف وهو كهف «شانيدر-shanider» في جبل رواندوز حوالي25 م عرض * 8 م ارتفاع مدخل الكهف، بينما بلغ 40 م طول * 53 م عرض من داخل الكهف.

كهف شانيدر

2. «العصر الحجري المتوسط-«mesolata بدأ بحوالي عام 12000 ق.م

انتقل السكان ليعيشوا بالقرب من الكهوف وبدؤوا بالاستقرار وزراعة الأرض. وتعتبر مستوطنة zawe Jamie واحدة من أقدم المستوطنات المكتشفة وتقع على ضفاف نهر الزاب وهو ثاني روافد نهر دجلة، إلى الغرب من كهف شانيدر. فبنى السكان منازلهم من الطين وأخذت شكل دائري بقطر حوالي 4 م وسمك الجدران 1.65 م حيث صنعوا الأساس من حجر كبير طبيعي.

مخطط لمنزل دائري

3. «العصر الحجري الحديث-neolithic age» بدأ بحوالي عام 10000 ق.م

ويقسم بدوره إلى عدة أقسام. تطورت حياة الناس في هذه المرحلة حيث ابتعدوا عن الكهوف وبدؤوا العيش في القرى كمجتمعات زراعية ومن أمثلة ذلك قرية جرمو التي يعود تاريخها إلى عام 6700 ق.م وتقع في الجزء الشمالي من العراق.

المنازل في هذه القرية مستطيلة الشكل وتضم أكثر من غرفة. واستخدموا مادة الطين للبناء، والحجر للأساس، وبنوا الأعمدة، بينما كانت الحوائط محشوة بأغصان الصفصاف والأرضية مغطاة بالطين والخشب، كما استخدم القصب لبناء الأسقف.

ومن نماذج القرى أيضًا قرية جوخ ماري والتي تقع في الشمال الغربي للعراق، حيث وجد أساس لبرج يقع في مدخل القرية. كانت منازل سكان قرية جوخ ماري أيضًا تحتوي على عدد من الغرف والجدران والتي بنيت من اللبن الذي كان ذو نسبة متطاولة. تم ترتيبه في مجموعات من ثلاث أعمدة عمودية وثلاث أعمدة أفقية. [5]

بدأت تكبر المستوطنات بعد ذلك شيئًا فشيئًا وأخذت بالانتشار والتطور لندخل بعدها إلى عصر «ما قبل السلالات-pre strains age» الذي شكل حلقة وصل بين العصور الحجرية وعصور الامبراطوريات والممالك الكبيرة.

المصادر:

  1. History
  2. World history encyclopedia
  3. Britannica
  4. Research
  5. Research

 


 

Exit mobile version