كيف يمكننا التخفيف من آثار تغير المناخ؟

هذه المقالة هي الجزء 18 من 18 في سلسلة مقدمة في تغيرات المناخ وتأثيراتها البيئية

تسبب الاحترار العالمي منذ الثورة الصناعية وحتى اليوم في حدوث ظواهر مناخية عنيفة في جميع أنحاء العالم، والتي أعقبها حدوث عواقب وخيمة على الطبيعة والإنسان. فوفقًا لتقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بشأن تغير المناخ فلابد من التخفيف من الانبعاثات والوصول إلى صافي الصفر من الانبعاث الكربوني بحلول عام 2030. ولتحقيق هذا الهدف وأهداف أخرى طموحة وطويلة الأجل تساهم في التخفيف من آثار تغير المناخ، وجب علينا تغيير الطريقة التي نستخدم بها الطاقة والممارسات الحياتية الأخرى. [1]

ماذا نعني بالتخفيف من آثار تغير المناخ؟

التخفيف من آثار تغير المناخ يعني العمل على تقليل كميات الغازات الدفيئة الموجودة في الغلاف الجوي، والتي تعمل على زيادة درجة حرارة سطح الكوكب وجعلها أكثر تطرفًا.[2]

الاتفاقيات الدولية المبرمة بشأن العمل المناخي

بدأ الاعتراف بواقع تغير المناخ عام 1979 عندما عقد المؤتمر العالمي الأول للمناخ في جنيف. وقد كان الغرض الأساسي من مؤتمر جنيف تقييم الآثار والمخاطر المستقبلية للتغيرات المناخية. كان هذا هو المؤتمر الأول من نوعه الذي يتناول الآثار السلبية لتغير المناخ.

أنشئت عام 1988 الهيئة الحكومية الدولية المعنية بشأن تغير المناخ من قبل المنظمة العالمية للأرصاد الجوية بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة للبيئة. وكان الهدف منها تزويد الحكومات والهيئات الرسمية بالمعرفة العلمية والمعلومات التى يمكن من خلالها صياغة السياسات المناخية.

اعتمدت عام 1992 اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، والتي دخلت حيز التنفيذ عام 1994. ومنذ ذلك الحين كانت هي القوة الدافعة للعمل المناخي. الهدف الرئيس للاتفاقية هو تثبيت تركيز غازات الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي، لمنع التأثيرات الشديدة على النظام المناخي. إضافة إلى  خفض الانبعاثات بحلول عام 2000. كما حددت الالتزامات تجاه جميع الأطراف المعنية، ووضعت مسؤوليات واضحة على عاتق البلدان المتقدمة لتنفيذ السياسات الوطنية للحد من الانبعاثات البشرية. علاوة على ذلك، ألزمت الأطراف من الدول المتقدمة بمساعدة الأطراف من الدول النامية الضعيفة مالياً وتقنياً في اتخاذ الإجراءات المناخية.

اعتمد بروتوكول كيوتو خلال مؤتمر الأطراف الثالث عام 1997، ودخل حيز التنفيذ عام 2005. وكان الهدف منه خفض انبعاثات البلدان المتقدمة خلال فترة التزام قدرها خمس سنوات بين عامي 2008 و 2012. كما وضعت السياسات وأنظمة المراقبة ذات الصلة.

وفي عام 2015 اعتمدت اتفاقية باريس التي دخلت حيز التنفيذ عام 2016. وكان هدفها الأساسي الحد من زيادة درجة الحرارة العالمية، ومواصلة الجهود للحد من ارتفاعها إلى أكثر من 1.5 درجة مئوية.[3]

استراتيجيات تخفيف التغيرات المناخية

يتضمن التخفيف من حدة التغيرات المناخية الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، التي تعمل على رفع درجة حرارة سطح الكوكب. وتشتمل استراتيجيات التخفيف على مجموعة من الإجراءات التي يجب على الحكومات والدول والشركات اتخاذها. كالاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة، وتحسين المدن لجعلها أكثر استدامة، والترويج لوسائل النقل المستدامة والأنظمة الزراعية الصديقة للبيئة.[4]

1- الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة

تشير التقديرات إلى أن حوالي 1.4مليار شخص حول العالم يعتمدون على مصادر الطاقة التقليدية كالفحم والخشب  لتلبية احتياجاتهم الأساسية. ومع زيادة الاعتماد على هذه المصادر تتضرر النظم البيئية، وتؤدي إلى ملايين الوفيات المبكرة بخاصة بين النساء والأطفال. من المتوقع أن ينمو الطلب العالمي على الطاقة بأكثر من 50% بحلول عام 2035، وبالتالي يحتاج هؤلاء المستخدمين إلى مصادر طاقة لا تضر بهم أو ببيئتهم.[5]

أحد عوامل الجذب في الطاقة المتجددة هو القدرة على تجديدها والحصول عليها بشكل طبيعي، لذلك فهي أكثر استدامة. كما أنها مناسبة لخطة التخفيف من آثار تغير المناخ. فمقارنة بالوقود الأحفوري فإن العديد من مصادر الطاقة المتجددة تنبعث منها غازات دفيئة أقل بكثير. اعتمدت الولايات المتحدة عام 2020 على الطاقة المتجددة كمصدر أساسي للطاقة بنسبة 12%.

 وتكمن أهمية مصادر الطاقة المتجددة كالطاقة الكهرومائية والشمسية والرياح في خلوها من أي انبعاثات كربونية تقريبًا بمجرد تشغيلها. تكمن الانبعاثات الكربونية بمصادر الطاقة هذه في إنتاج وصيانة ونقل المواد والمنشآت، لذلك تعد مسارا مثاليا للتخفيف الذي يجمع بين مصادر الطاقة المتجددة وتخفيض الاستهلاك للطاقة.

2- تدابير الحفاظ على الطاقة

قد تكون كفاءة استخدام الطاقة وتدابير الحفاظ عليها من أهم الإجراءات الفاعلة للتخفيف من حدة التغيرات المناخية. ففي عام 2019 شكلت انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون حوالي 80٪ من إجمالي انبعاثات الغازات الدفيئة في الولايات المتحدة. لذلك فإن ايجاد طرق لاستخدام طاقة أقل سيساعد في التخفيف من آثار تغير المناخ.

إحدى تدابير الحفاظ على الطاقة هو بناء المدن لشبكات النقل العام. بحيث نوفر الطاقة التي تستخدم في قيادة السيارات الفردية، أو بناء بنية تحتية تسهل ركوب الدراجات.[6]

3- احتجاز الكربون وتخزينه

تعمل هذه التقنية على التقاط وتخزين ثاني أكسيد الكربون قبل إطلاقه في الغلاف الجوي. ويمكن لهذه التقنية التقاط ما يصل إلى 90٪من ثاني أكسيد الكربون المنبعث من حرق الوقود الأحفوري في توليد الكهرباء والعمليات الصناعية كإنتاج الأسمنت.

في الوقت الحالي، تعد تقنية احتجاز الكربون وتخزينه هي التقنية الوحيدة التي يمكن أن تساعد في تقليل الانبعاثات الناتجة عن المنشآت الصناعية الكبرى. وبالتالي معالجة الآثار السلبية لتغير المناخ. عند دمج هذه التقنية مع تقنيات الطاقة الحيوية لتوليد الطاقة، فإن احتجاز وتخزين الكربون لديه القدرة على توليد انبعاثات سلبية وإزالة ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي. يجادل العديد من العلماء وواضعو السياسات بأن هذا أمر بالغ الأهمية إذا كان العالم يريد الحد من ارتفاع درجة الحرارة إلى أقل من 2 درجة مئوية، وهو الهدف من اتفاقية باريس.[7]

4- إعادة التدوير

تعمل إعادة التدوير على التقليل من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري عن طريق تجنب استخدام الطاقة لإنتاج مواد جديدة. ولها فوائد مشتركة تتمثل في الحفاظ على الموارد الطبيعية، وتقليل النفايات، ومنع تدهور الأراضي الذي يصاحب الحصول على مواد خام جديدة مثل المعادن.[8]

في جميع أنحاء العالم، يتم اتخاذ العديد من التدابير للتخفيف من آثار تغير المناخ من قبل الدول التي تحاول الوفاء بالتزاماتها بموجب اتفاقية باريس وبروتوكول كيوتو.[9]

المصادر

(1) Reducing greenhouse gases: our position | Policy and insight (friendsoftheearth.uk)
(What’s the difference between climate change mitigation and adaptation? | Stories | WWF (worldwildlife.org)
(3) springer
(4),(5)Climate Change Mitigation | GEF (thegef.org)
(8),(6) Climate Change Mitigation Strategies — Earth@Home (earthathome.org)
(7) What is carbon capture and storage and what role can it play in tackling climate change? – Grantham Research Institute on climate change and the environment (lse.ac.uk)
(9)Introduction to Mitigation | UNFCCC

كيف يمكن للنماذج المناخية أن تخبرنا بمستقبل المناخ؟

هذه المقالة هي الجزء 14 من 18 في سلسلة مقدمة في تغيرات المناخ وتأثيراتها البيئية

في عام 1922، اقترح عالم الفيزياء البريطاني لويس فراي ريتشاردسون، في كتابه التنبؤ بالطقس بواسطة العملية العددية، طريقة جديدة للتنبؤ بالطقس باستخدام المعادلات التفاضلية، من خلال تصويرالغلاف الجوي على أنه شبكة من الخلايا العنكبوتية.

تم تناول أفكار ريتشاردسون في الأربعينيات من القرن الماضي عندما ابتكر العلماء في جامعة بنسلفانيا جهاز الكمبيوتر والذي قاموا على أثره ببناء تطبيق لمعرفة التوقعات الجوية. وفي أواخر الستينات من القرن الماضي طور الباحثون أول نموذج مناخي يمكن من خلاله توقع أنماط الطقس. إذًا فكيف يمكننا توقع التغيرات المستقبلية في نظام المناخ بواسطة النماذج المناخية؟.[1]

ما هي النماذج المناخية؟

نموذج المناخ هو عبارة عن مجموعة من الأنظمة المصممة  لمحاكاة مناخ الأرض لفهم سلوكه والتنبؤ به. والتي تعتمد إلى حد كبير على مجموعة من المعادلات الرياضية التي تستند إلى مجموعة من  القوانين الفيزيائية، التي تحكم نشاط الغلاف الجوي والمحيطات وتفاعلاتها مع أجزاء أخرى من نظام مناخ الأرض.[2]

لماذا يستخدم العلماء النماذج المناخية؟

يستخدم العلماء النماذج المناخية لفهم أنظمة الأرض المعقدة، حيث تسمح لهم هذه النماذج بإختبار الفرضيات واستخلاص النتائج بشأن أنظمة المناخ في الماضي والمستقبل. كما يمكن أن تساعد هذه النماذج في تحديد ما إذا كانت أنماط الطقس المتغيرة كالعواصف والفيضانات ناتجة عن التغيرات المناخية، أم أنها جزء من النظام المناخي الطبيعي.[3]

لفهم الأسباب الكامنة وراء التغيرات المناخية، يحتاج العلماء إلى إجراء تجارب. لنفترض أن عالم المناخ لديه فضول لمعرفة ما يمكن أن يحدث إذا احتوي المحيط الهادئ على ضعف كمية الملح الموجودة به، ففي حالة إذا ما قام بإطلاق العنان لأطنان من الملح في قاع المحيط فقد تكون العواقب وخيمة، ولكن بدلًا من ذلك يقوم العلماء بإنشاء نسخة حاسوبية من الأرض مبنية على الكمبيوتر يمكن من خلالها إجراء التجارب لمعرفة ما سيكون عليه مناخ الأرض في المستقبل.[4]

يعتمد العلماء في فهمهم لأنظمة الأرض على أحد الأنواع الثلاثة الشائعة للنماذج المناخية البسيطة، وهي:

1- نماذج توازن الطاقة: والتي تساعد على التنبؤ بالتغيرات المناخية اعتمادًا على ميزانية طاقة الأرض، حيث يستخدم العلماء معادلة تمثل كمية الطاقة الواردة مقابل الصادرة، ثم يأخذ العلماء هذه المعادلة ويضعونها في نماذج مربعة تمثل جزء من الأرض داخل شبكة ثلاثية الأبعاد، للتعبير عن المناخ في منطقة أو قارة.

 2- نماذج التعقيدات الوسيطة: تتشابة إلى حد كبير مع نماذج توازن الطاقة ولكنها تشمل العديد من الهياكل الجغرافية للأرض كاليابسة والمحيطات والجليد، وتسمح هذه النماذج بقياس تفاصيل أقل من حيث الزمان والمكان عن نماذج توازن الطاقة، لذا فهي  تستخدم في قياس التغيرات ذات الترددات المنخفضة في نظام مناخ الأرض، كالتقلبات الجليدية، وتيارات المحيطات، والتغيرات التي تحدث في الغلاف الجوي.

3- نماذج الدوران العامة: تعد من أكثر النماذج تعقيدًا وأكثرها دقة لفهم نظام مناخ الأرض والتنبؤ بأي تغيرات تحدث فيه. تتضمن هذه النماذج معلومات تتعلق بكيمياء الغلاف الجوي ونوع الأرض ودورة الكربون ودوران المحيطات والتركيب الجليدي للمنطقة المعزولة. يعتبرهذا النموذج من أكثر النماذج تعقيدًا نظرًا لأنه يتطلب قدرًا أكبر من الوقت والذي قد يستغرق عدة أسابيع لتشغيل كل محاكاة.[5]

كيف تعمل؟

خلال النماذج المناخية يتم تقسيم سطح الأرض إلى شبكة ثلاثية الأبعاد من الخلايا، تغطي عدة مناطق من العالم، تستخدم في كل خلية مجموعة من القوانين الفيزيائية والكيميائية لمحاكاة حركة الهواء والماء والطاقة،  ويحدد حجم الخلية دقة النموذج فكلما كان حجم خلايا الشبكة أصغر، كلما كانت التفاصيل الموجودة في النموذج أكثر دقة.[6]

ماذا يمكن أن تخبرنا به النماذج المناخية عن الماضي والمستقبل؟

لعقود عدة، كان العلماء يجمعون بياناتهم عن المناخ بإستخدام النوى الجليدي والأشجار والشعاب المرجانية، والتي اكتشفوا من خلالها تفاصيل الماضي كالنشاط البشري، والتغير في درجات الحرارة، لكن يعتمد العلماء حاليًا على النماذج المناخية لتعميق فهمهم لمناخ الأرض، إضافة إلى اعتمادهم على البيانات المناخية السابقة التي تساعدهم على تقييم الفرضيات حول التغييرات المناخية المستقبلية.

ما مدى دقة النماذج المناخية؟

نظرًا لأن العالم لا يستطيع الانتظار عقودًا لقياس دقة تنبؤات النماذج المناخية، يختبر العلماء دقة النماذج بإستخدام الأحداث الماضية. وعلى الرغم من وجود قدر ضئيل من عدم اليقين، إلا أن العلماء يجدون أن النماذج المناخية الحالية دقيقة للغاية لأنها تستند إلى مبادئ فيزيائية راسخة لعمليات نظام الأرض.

لماذا النماذج المناخية مهمة؟

تساعد النماذج المناخية على فهم نظام المناخ في الماضي والحاضر والمستقبل، وبالتالي فهي تجعلنا أكثر فهمًا لأنظمة الأرض.

من الممكن أن تساعد التنبؤات والنتائج في معرفة الطرق والأساليب التي يمكن من خلالها التخفيف من تأثير التغيرات المناخية، كما أنها تساعد صانعي القرارات على تحديد القضايا البيئية ذات الأولوية بناءًا على الأدلة العلمية.[7]

المصادر

discovermagazine(1)

(2)rmets

(7),(5),(3)climate

(4)frontiersin

(6)climate.gov

ما هي التغيرات المناخية؟

هذه المقالة هي الجزء 5 من 18 في سلسلة مقدمة في تغيرات المناخ وتأثيراتها البيئية

من حرائق الغابات الشديدة في كاليفورنيا، إلى فترات الجفاف الطويلة في أفريقيا، مرورًا بالأعاصير المتكررة في جنوب شرق آسيا، تهديدات عانت منها الكثير من دول العالم جراء الآثار السلبية للتغيرات المناخية، التي أصبحت تهدد التقدم الإنمائي، وتزيد من فرص عدم المساواة، وتفاقم أزمة المياه والغذاء، وتزيد من أعداد النزوح والحاجة إلى المساعدات الإنسانية، والمساهمة في الصراع.[1]

ماذا نعني بتغير المناخ؟

يشير مصطلح تغير المناخ إلى التحولات طويلة الأمد في درجات الحرارة وأنماط الطقس. قد تكون هذه التحولات طبيعية، كالتغيرات في الدورة الشمسية. أوتكون غير طبيعية كالأنشطة البشرية التي أحدثها الإنسان منذ بداية القرن التاسع عشر بما في ذلك حرق الوقود الأحفوري كالفحم والنفط والغاز،والتي كانت المحرك الأساسي لتغير المناخ.[2]

هل الإنسان هو المسؤول عن تغير المناخ؟

درس العلماء التغيرات المناخية السابقة لفهم العوامل التي يمكن أن تتسبب في ارتفاع درجة حرارة سطح الكوكب أو تبريده، كالتغيرات في الطاقة الشمسية، ودوران المحيطات، والنشاط البركاني، وكمية غازات الدفيئة في الغلاف الجوي. وقد لعب كل منهم دورًا في تغير المناخ. فمنذ حوالي 300 عام على سبيل المثال أدي انخفاض إنتاج الطاقة الشمسية وزيادة النشاط البركاني إلى تبريد أجزاء من الكوكب. وقبل 56 مليون سنة أدي انفجار ضخم لنشاط بركاني، إلى إطلاق كميات هائلة من غازات الدفيئة وبالتالي ارتفعت درجة حرارة سطح الكوكب. مما أدي إلى اضطراب المناخ. 

في محاولة لتحديد سبب التغيرات المناخية الحالية، نظر العلماء في كل هذه العوامل(الطاقة الشمسية، ودوران المحيطات، والنشاط البركاني). والتي كانت لها تأثيرات متواضعة على المناخ لا سيما قبل عام 1950. وأفضل تفسير للاحترار الحالي هو ارتفاع تركيزات غازات الدفيئة في الغلاف الجوي بفعل الأنشطة البشرية.

وتظهر فقاعات الهواء القديمة المحجوزة في الجليد أنه قبل عام 1750، كان تركيز غاز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي يبلغ حوالي 280 جزءًا في المليون. وقد بدأت هذه النسبة في الارتفاع حتي وصلت إلى 300 جزء في المليون عام 1900. ثم تسارعت وتيرة كميات غاز ثاني أكسيد الكربون بعد أن أصبحت السيارات والكهرباء جزءًا من الحياة الحديثة، حيث تجاوزت 420 جزءًا في المليون.

غازات الدفيئة وارتفاع درجة حرارة سطح الأرض

تلعب غازات الدفيئة مثل بخار الماء وثاني أكسيد الكربون دورًا مهمًا في نظام المناخ. فبدونها ستكون الأرض شديدة البرودة. وتعمل غازات الدفيئة على امتصاص بعضًا من الأشعة تحت الحمراء، ثم تعيد إطلاقها في جميع الاتجاهات مما يعمل على تسخين الكوكب.

في الماضي تغيرت تركيزات غازات الدفيئة في الغلاف الجوي بما في ذلك غاز ثاني أكسيد الكربون اعتمادًا على كمية البراكين الغازية التي تجشأت في الهواء. ومع ذلك في وقتنا الحالي تزداد كميات غاز ثاني أكسيد الكربون بوتيرة غير مسبوقة نتيجة لحرق الوقود الأحفوري.

لماذا نشعر بالقلق من ارتفاع درجة حرارة سطح الكوكب بمقدار درجتين؟

أحد المصادر الشائعة للارتباك عندما يتعلق الأمر بتغير المناخ هو الفرق بين الطقس والمناخ. فالطقس هو الحالة اليومية للأرصاد الجوية المتغيرة التي نواجهها باستمرار. بينما المناخ هو المتوسط طويل الأجل لتلك الظروف، وعادة ما يتم حسابه على مدى 30 عامًا. أو كما يقول البعض: الطقس هو مزاجك والمناخ هو شخصيتك.

لذا فإن ارتفاع درجة حرارة سطح الكوكب بمقدار درجتين فهرنهايت لا يمثلان تغيرًا كبيرًا في الطقس. إلا أنه سيسبب تفاقم حدة المناخ، والذي يكفي لإذابة الجليد ورفع مستوي سطح البحر، وتغيير أنماط هطول الأمطار وتدمير الأشجار.

كيف يمكن أن تصبح فصول الشتاء أكثر برودة إذا كان الكوكب أكثر سخونة؟

ليس من المستغرب أننا ما زلنا نعاني من عواصف شتوية شديدة حتى مع ارتفاع متوسط درجات الحرارة. ومع ذلك تشير بعض الدراسات إلى أن تغير المناخ قد يكون السبب. أحد الاحتمالات هو أن الاحترار السريع في القطب الشمالي قد أثر على دوران الغلاف الجوي، بما في ذلك الهواء سريع التدفق والارتفاعات  العالية، وتشير بعض الدراسات إلى أن هذه التغييرات تؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة الباردة إلى خطوط العرض المنخفضة وتتسبب في توقف أنظمة الطقس، مما يسمح بإحداث المزيد من العواصف و تساقط الثلوج .[3]

آثار تغير المناخ العالمي

وفقًا لتقرير المخاطر العالمية لعام 2021 الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، فإن الفشل في التخفيف من حدة التغيرات المناخية والتكيف معها هو الخطر “الأكثر تأثيرًا” الذي يواجه المجتمعات في جميع أنحاء العالم، وتوجد العديد من التأثيرات التي يحدثها التغير المناخي والتي منها[4]:

الطقس القاسي

 تشير الدراسات إلى أن فترات الاحترار بسبب التغيرات المناخية ازدادت بمعدل خمس مرات أكثر مما كانت عليه من قبل. وتؤدي درجات الحرارة الشديدة إلى زيادة في حالات الوفيات وخاصة بين كبار السن، ففي صيف 2003 على سبيل المثال تسببت موجة الحر في وفاة ما يقدر بنحو 70ألف حالة في جميع أنحاء أوروبا، كما أدى تغير المناخ إلى تفاقم حالات الجفاف، عن طريق زيادة التبخر، وإلى زيادة هطول الأمطار الغزيرة والفيضانات.[5]

المخاطر الصحية

وفقًا لإحدي التقاريرالصادرة عن منظمة الصحة العالمية، فإنه من المتوقع أن يتسبب تغير المناخ في حدوث ما يقرب من 250 ألف حالة وفاة سنويًا، وذلك بين عامي 2030 و 2050. ومع ارتفاع درجات الحرارة العالمية، ترتفع معدلات الإصابة بالأمراض الناجمة عن الإجهاد الحراري كأمراض القلب والأوعية الدموية والكلى،  ومع تفاقم تلوث الهواء، تزداد صحة الجهاز التنفسي سوءًا، ويمكن أن تؤدي الأحداث المناخية المتطرفة، كالعواصف والفيضانات، إلى تلوث مياه الشرب، وإلى تعرض البنية التحتية الأساسية للخطر.

ارتفاع منسوب سطح البحر

ترتفع درجة حرارة القطب الشمالي بمعدل أسرع مرتين من أي مكان آخر على هذا الكوكب. ومع ذوبان الصفائح الجليدية، فإن محيطاتنا في طريقها للارتفاع في أي مكان على سطح الكوكب، بمقدار 0.95 إلى 3.61 قدم بحلول نهاية هذا القرن، مما يهدد النظم البيئية الساحلية والمناطق المنخفضة.

محيطات أكثر دفئًا وحموضة

تمتص محيطات الأرض ما بين ربع وثلث انبعاثات الوقود الأحفوري، وهي الآن أكثر حمضية بنسبة 30% مما كانت عليه في أوقات ما قبل الصناعة. ويشكل هذا تهديدًا خطيرًا للحياة تحت الماء. كما أن ارتفاع درجة حرارة المحيطات تساهم في أحداث تبيض المرجان القادرة على قتل الشعاب المرجانية بأكملها.[6]

إجراءات لمواجهة أزمة تغير المناخ

إحدى الحجج الأكثر شيوعًا ضد اتخاذ إجراءات صارمة لمكافحة تغير المناخ هي أن القيام بذلك سيقتل الوظائف ويشل الاقتصاد. لكن في الحقيقة عدم اتخاذ إجراءات صارمة لمواجهة أزمة المناخ يسبب معاناة بشرية هائلة وضررًا بيئيًا. في حين أن الانتقال إلى اقتصاد أكثر اخضرارًا سيفيد الكثير من الناس والنظم البيئية في جميع أنحاء العالم.

للحفاظ على  درجة حرارة سطح الكوكب أقل من درجتين مئويتين، وهو هدف اتفاقية باريس للمناخ، فإنه يتعين علينا الوصول إلى صفر انبعاثات بحلول منتصف هذا القرن.[7]

ووجدت إحدى الدراسات أن ارتفاع درجة الحرارة بمقدار درجتين مئويتين سيتطلب استثمارًا إجماليًا يتراوح بين 4 تريليون دولار و 60 تريليون دولار[8]، نتيجة لذلك يصعب تحديد الأضرار المناخية. وتقدر وكالة موديز أناليتيكس أن ارتفاع درجات الحرارة بمقدار درجتين مئويتين سيكلف العالم 69 تريليون دولار بحلول عام 2100. [9]

وتشير الدراسات إلى أن تغير المناخ قد أدى إلى انخفاض الدخل في البلدان الفقيرة بنسبة تصل إلى 30%. وخفض الإنتاجية الزراعية العالمية بنسبة 21% منذ عام 1961.[10]

التكيف مع العواقب المناخية يحمي الناس والمنازل وسبل العيش والبنية التحتية والنظم البيئية الطبيعية، وبالتالي سيؤدي تحويل أنظمة الطاقة من الوقود الأحفوري إلى مصادر الطاقة المتجددة كالطاقة الشمسية والرياح إلى تقليل الانبعاثات التي تؤدي إلى تغير المناخ، كما أنه من الضروري خفض إنتاج الوقود الأحفوري بنسبة 6% بحلول عام 2030.[11]

المصادر

(1)usaid

(2),(11)un

(3),(5),(7)nytimes

(4),(6)nrdc

(8)nature

(9)moodysanalytics

(10)nature

Image source: voicesofyouth

كيف تواجه الزراعة الذكية التغيرات المناخية؟

هذه المقالة هي الجزء 15 من 18 في سلسلة مقدمة في تغيرات المناخ وتأثيراتها البيئية

“فيضانات وأعاصير وجفاف” ظواهر جوية متطرفة قطعت سبل عيش المزارعين وأضّرت بالمحاصيل ورفعت التكاليف. ففي الولايات المتحدة الأمريكية شهدت الزراعة في عام 2019 أسوأ مراحلها على الإطلاق بسبب الفيضانات، بينما عانت دول الاتحاد الأوروبي من درجات الحرارة المرتفعة، وأدى الجفاف الشديد إلى اندلاع حرائق الغابات واسعة النطاق، كما جلبت أنماط الطقس المتقلبة معها آفات وأمراض جديدة وقللت من مصادر المياه والموارد النادرة الأخرى.[1]

تأثير تغير المناخ على الزراعة

تشير التقديرات إلى أن تغير المناخ قد أدى بالفعل إلى خفض إنتاجية المحاصيل العالمية من الذرة والقمح بنسبة 3.8٪ و 5.5٪ على التوالي. ويحذر العديد من الباحثين من الانخفاض الحاد في إنتاجية المحاصيل عندما تتجاوز درجات الحرارة الحد الفسيولوجي لها. يشكل تغير المناخ تهديدًا للوصول إلى الغذاء لكل من سكان الريف والحضر عن طريق خفض الإنتاج الزراعي وزيادة المخاطر.[2]

وتؤثر التغيرات المناخية على الزراعة عن طريق:

  1. الفيضانات:يؤدي ارتفاع مستوى سطح البحر إلى زيادة وتيرة وشدة الفيضانات. تعمل هذه الفيضانات على تدمير المحاصيل والثروة الحيوانية، وتسرع من تآكل التربة، وتلوث المياه.
  2. الجفاف: تسببت موجات الجفاف الشديدة في خسائر فادحة في المحاصيل والماشية في الكثير من البلدان. ومن المحتمل أن يتسبب ارتفاع درجات الحرارة في حدوث الكثير من موجات الجفاف واستنفاذ مصادر المياه، وزيادة حرائق الغابات.
  3. صلاحية المحاصيل: يختار المزارعون أصناف المحاصيل التي سيزرعونها بناءًا على الظروف المحلية للطقس، لكن مع تغير هذه الظروف خلال العقود القادمة سيضطر العديد من المزارعين إلى إعادة التفكير في بعض الممارسات مما قد يعني القيام باستثمارات رأسمالية جديدة، وإيجاد أسواق جديدة، وتعلم مهارات جديدة.[3]
  4. انتشار الآفات: توصلت دراسة علمية جديدة أجرتها منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة، إلى أن التغيرات المناخية ستزيد من انتشار الآفات في النظم البيئية الزراعية والغابات، خاصة في المناطق القطبية الشمالية.[4]  

تأثير تغير المناخ على المزارعين والمجتمعات الريفية

مع اشتداد درجة حرارة الصيف، سيواجه المزارعون ظروف عمل مرهقة وغير آمنة. كما أن نقص الإنتاجية الزراعية وفقدان الثروة الحيوانية سيجعل المزارعين  الذين ليس لديهم شبكات أمان كافية في مواجهة مع الكثير من التحديات كنقص الأرباح وتهديد سبل العيش في العديد من المجتمعات الريفية.

الزراعة والانبعاثات العالمية

تعتبر الزراعة المصدر الأول للانبعاثات في 24 دولة حول العالم. تمثل انبعاثات الإنتاج الزراعي حوالي 11% من إجمالى انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية، وقد ارتفعت تلك النسبة حوالي 14%منذ عام 2000.[5]

مابين عامي 2001 و 2011، زادت الانبعاثات العالمية من إنتاج المحاصيل والثروة الحيوانية بنسبة 14٪. حدثت الزيادة بشكل رئيسي في البلدان النامية، بسبب ارتفاع إجمالي الإنتاج الزراعي. وكان الدافع وراء ذلك زيادة الطلب العالمي على الغذاء والتغيرات في أنماط استهلاك الغذاء، كما زادت الانبعاثات الناتجة عن التخمر المعوي بنسبة 11 ٪ خلال هذه الفترة وشكلت حوالى 39 ٪ من إجمالي انبعاثات غازات الاحتباس الحراري خلال عام 2011، وخلال عام 2012، شكلت الزراعة حوالي 10٪ من إجمالي انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في دول الاتحاد الأوروبي.

تطلق الزراعة على وجه الخصوص كميات كبيرة من الغازات المسببة للاحتباس الحراري، كغازي الميثان وأكسيد النيتروز.تأتي غالبية انبعاثات الإنتاج الزراعي من تربية الماشية، حيث يتم تربية أكثر من 70 مليار حيوان سنويًا للاستهلاك الأدمي. تتسبب الماشية في إطلاق غازات الدفيئة كغاز الميثان الذي يطلق عن طريق التجشؤ الناتج عن التخمر المعوي أثناء عملية الهضم، كما يتسبب السماد المتروك في المراعي في انبعاثات زراعية كأكسيد النيتروز( وهو غاز من غازات الدفيئة له تأثير أقوى بكثير على الاحتباس الحراري من ثاني أكسيد الكربون.  

يمثل السماد الطبيعي حوالي 40٪ من انبعاثات الإنتاج الزراعي على مدار العشرين عام الماضية، كما أن زراعة الأرز والأسمدة الصناعية يساهمان بأكثر من 10% من إجمالى انبعاثات الإنتاج الزراعي.

الدول المسؤولة عن معظم انبعاثات الإنتاج الزراعي

في العشرين عامًا الماضية كانت الصين مسؤولة عن معظم الانبعاثات الناتجة عن الإنتاج الزراعي، تليها الهند والبرازيل والولايات المتحدة. كانت هذه الدول هي المصدر الرئيس لمعظم  الانبعاثات الزراعية والمسؤولة عن نحو 37٪ من إجمالى انبعاثات الإنتاج الزراعي العالمي.
في ظل وجود القليل من الإجراءات المناخية أو انعدامها في قطاع الزراعة، يمكن أن يزيد الإنتاج الزراعي من كمية غازات الاحتباس الحراري بنسبة 58٪ بحلول عام 2050.[6]

كيف يمكننا جعل الزراعة أكثر استدامة؟

أدى الانخفاض الكبير في أعداد الماشية، والاستخدام الأكثر كفاءة للأسمدة، إلى خفض انبعاثات الاتحاد الأوروبي من الزراعة بنسبة 24٪ في الفترة بين 1990-2012.[7]

يمكن معالجة الانبعاثات الناتجة عن الإنتاج الزراعي من خلال تحسين أنماط الإنتاج والاستهلاك. بما في ذلك إضافة الأعلاف التي تقلل من التخمر المعوي بالنسبة للحيوانات، و “مثبطات النترجة” التي تقلل من انبعاثات أكسيد النيتروز الناتجة عن الأسمدة.[8]

يمكن أن يؤدي التبني الواسع النطاق للممارسات الزراعية المستدامة، مثل الزراعة بدون حرث، وتناوب المحاصيل إلى تقليل انبعاثات غازات الدفيئة، وبالتالى جعل التربة أكثر خصوبة وأكثر إنتاجية بمرور الوقت.[9]

الزراعة الذكية مناخيًا

تعرف الفاو الزراعة الذكية مناخيا بأنها” تحويل وإعادة توجيه أنظمة الإنتاج الزراعي بحيث تدعم التنمية المستدامة والأمن الغذائي في ظل تغير المناخ.[10]

تسعى الزراعة الذكية إلى تحقيق مجموعة من الأهداف الرئيسة وهي:

  1. زيادة الإنتاجية: تعمل الزراعة الذكية على زيادة الإنتاجية لتحسين معدلات الأمن الغذائي وزيادة الدخل. لا سيما أن 75% من فقراء العالم  يعيشون في المناطق الريفية ويعتمدون بشكل أساسي على الزراعة لكسب عيشهم.
  2. تحسين القدرة على التكيف: ومواجهة الضغوط المناخية طويلة المدي.
  3. خفض الانبعاثات: تسعي الزراعة الذكية إلى خفض الانبعاثات الناتجة عن الزراعة.[11].

على الرغم من أن مصطلح الزراعة الذكية جديد نسبيًا، إلا أنه تم طرحه لأول مرة  في مؤتمر لاهاي عام 2010. تعتمد الزراعة الذكية مناخيًا على نهج الزراعة المستدامة باستخدام مجموعة من مبادئ النظام الإيكولوجي والإدارة المستدامة للأراضي. وهو نهج هام في البلدان النامية بشكل خاص، حيث أن النمو الزراعي هو الأولوية القصوي بشكل عام.[12]

المصادر:
(1)syngenta
(2)nature
(3)ucsusa
(4)fao
(5),(7)weforum
(6)(8)eea.europa
(9)weforum
(12),(10)fao
(11)worldbank
الصورة:eco-business

هل النساء هن الأكثر تضررًا بسبب التغيرات المناخية؟

شهد عام 2021 هجمة عالمية من موجات الحرارة الكارثية وحرائق الغابات والفيضانات والجفاف. ووفقًا لأحدث تقرير أصدرته الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ التابعة للأمم المتحدة، الذي أعده 234 باحثًا من 66 دولة فإن ظواهر مناخية قاسية وشديدة البرودة ستجتاح العالم، والتى تعود إلى الانتهاكات التى يرتكبها الجنس البشري.

ووفقًا لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، فإن الفئات الضعيفة كالنساء والأطفال هم الأكثر عرضة لمخاطر التغيرات المناخية كالموت بنحو 14مرة من الرجال.[1ٍ]

النساء هن الأكثر تضررًا من تغير المناخ

وجدت الدراسات أن 80٪ من النازحين بسبب تغير المناخ هم من النساء، تواجه النساء العديد من الآثار السلبية الناجمة عن الكوارث الطبيعية كالعنف الجنسي والمشاكل الصحية، فعلى سبيل المثال خلال الفترة من عام 1981 إلى 2002، وجدت عينة دراسية من 141 دولة أنه في المجتمعات غير المتكافئة بين الجنسين، تموت النساء بسبب الكوارث بشكل أكبر من الرجال.

الأدوار الجنسانية في كثير من أنحاء العالم تجعل النساء أكثر عرضة للآثار السلبية لتغير المناخ. حيث أنهن يتحملن عبء توفير الموارد الأساسية كالمياه والغذاء والوقود في بعض البلدان[2]، فعلى سبيل المثال تلجأ النساء في العديد من البلدان النامية ومناطق النزاع إلى استخدام الحطب والفحم لتوفير طاقة  بسيطة التكلفة لهذه المسؤوليات، مما يزيد الاعتماد القسري على هذه المصادر من إزالة الغابات، ويعرض النساء وأسرهن لمخاطر الحرائق.[3]

كيف يؤثر تغير المناخ على النساء؟

1- زيادة العنف القائم على النوع الاجتماعي

في عام 2019، أمضى باحثون ببرنامج الأمم المتحدة الإنمائي وقتًا في مجتمعات الأراضي الزارعية الأوغندية، وكما هو متوقع، أثر التغير المناخي على المحاصيل والثروة الحيوانية التي تعتمد عليها المجتمعات وقلل من إنتاجيتها، والمثير للدهشة أنهم وجدوا أيضًا أن تغير المناخ أدي إلى تفاقم العنف ضد المرأة.[4]

عندما يتشرد السكان بسبب الكوارث الطبيعية الناجمة عن التغيرات المناخية كالفيضانات، فإنه يتعين على النساء والفتيات المضي قدمًا للبحث عن الموارد الأساسية كالمياه والحطب، وبالتالى فإنهن يتعرضن لعنف متزايد من قبل الغرباء.  

ووفقًا لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، فإن معدلات العنف المنزلي والاعتداء الجنسي وختان الإناث ارتفعت خلال فترات الجفاف الطويلة والفيضانات والأعاصير في كل من أوغندا وباكستان وبنجلاديش.

ووجد صندوق الأمم المتحدة للسكان أن الاتجار بالجنس ارتفع بعد الأعاصير، وازداد عنف الشريك الحميم أثناء الجفاف في شرق أفريقيا والعواصف الاستوائية في أمريكا اللاتينية والظواهر الجوية المتطرفة المماثلة في منطقة الدول العربية.

2- زيادة حالات زواج الأطفال

تؤدي الظواهر المناخية المتطرفة  إلى تقليص سبل العيش و تفاقم الفقر، والذى من الممكن أن يدفع العائلات إلى تزويج بناتهن القصر مقابل مهورهن أو لاعتقادهم أنهم يحسنون فرص الفتاة في المستقبل.[5]

  بالنسبة للعائلات التي تعيش بالفعل في فقر مدقع وانعدام الأمن، ونقص التعليم، قد تكون المخاطر الطبيعية بسبب تغير المناخ نقطة التحول بالنسبة لهم، حيث يشعرون بأنهم مجبرون على تزويج بناتهم من أجل البقاء.[6]

3- التأثير على النساء الحوامل والأطفال حديثى الولادة

يؤدي ارتفاع درجات الحرارة إلى إطالة مواسم نشاط الحشرات كالبعوض، والتى ينقل بواسطتها العديد من الأمراض كالملاريا وحمي الضنك، على سبيل المثال، تم ربط  العديد من الأمراض المنقولة بواسطة النواقل بالإجهاض والولادة المبكرة وفقر الدم، كما أن بعض الفيروسات يمكن أن تتسب في حدوث عيوب خلقية خطيرة عند النساء الحوامل كفيروس زيكا.[7]

4- التسرب من التعليم

يساهم تعليم الفتيات في استقرار المجتمعات وتقوية الاقتصاد، تشير الأبحاث إلى أن تعليم الفتيات يمكن أن يعزز استراتيجيات المناخ.

على الرغم من جميع فوائد تعليم الإناث، إلا أن الإحصائيات تشير إلى أنه بحلول عام 2025، سيكون تغير المناخ عاملاً مساهماً في سبب عدم استكمال 12.5 مليون فتاة تعليمهن.

5- الموت والإصابة

وجدت العديد من الدراسات التى تناولت العلاقة بين معدل الوفيات والإصابات لكل من الرجال والنساء أثناء الظواهر الجوية الشديدة، أن ما يقرب من ثلثي النساء أكثر عرضة للوفاة بسبب التغيرات المناخية، كما أظهرت النتائج أن الوضع الاجتماعي المتدني للمرأة  يساهم في زيادة المخاطر التي تواجهها خلال فترات أزمات الطقس.
[8]

 مشاركة المرأة للحد من التغيرات المناخية

تناول مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ لعام 2017 في بون الدور الخاص الذي تلعبه المرأة في التخفيف من آثار تغير المناخ والحفاظ على التنوع البيولوجي من خلال اعتماد “خطط عمل النوع الاجتماعي،  والذي يهدف إلى إشراك النساء  في عمليات صنع القرار للحد من آثار تغير المناخ والحفاظ على التنوع البيولوجي، وإيلاء قدر أكبر من الاعتبار للجوانب الجنسانية في التخطيط والتنفيذ والتدبير.[9]

المراجع

(1)unfpa

(2)oneearth

(3)theconversation

(4),(6),(8)euronews

(5),(7)unfpa

(9)international-climate

ما هي سلبيات وإيجابيات النظام النباتي؟ وما علاقته بالتغيرات المناخية؟

ما هي سلبيات وإيجابيات النظام النباتي؟ وما علاقته بالتغيرات المناخية؟

هنالك العديد من الأسئلة التي قد يطرحها الفرد عند السماع بأن أكثر من مليون شخص على الكوكب قد امتنع عن تناول المواد الحيوانية بجميع أشكالها. ما السبب الذي قد يدفعهم لذلك بل والتمسك به خلال حياتهم اليومية؟ قبل الشروع في الجواب قد يلزمنا التعرف أولا عن النباتية كمفهوم وأنواع كل من فروعها على حدة.

ماهي النباتية وأنواعها؟

ما هي سلبيات وإيجابيات النظام النباتي؟ وما علاقته بالتغيرات المناخية؟

المجتمع النباتي-The Vegan Society عبارة عن مؤسسة غير حكومية في بريمنغهام ببريطانيا. تم تأسيسها سنة 1944 من طرف ناشط في حقوق الحيوانات يدعى دونالد واتسون. وتعتبر أقدم مؤسسة للنظام النباتي في العالم. يعرف هذا المجتمع النباتية-Veganism بكونها أسلوب حياة يحاول إقصاء جميع أشكال الاستغلال والعنف تجاه الحيوانات، واستخدام طرق بديلة تحرر الحيوانات لصالح البشر والحيوانات، والبيئة. (1)

كما ينقسم النباتيين إلى قسمين اثنين، الأول يتبنى النباتية الصرفة-Vegan والثاني النباتية-Vegetarian.

النباتية الصرفة تعنى الكف عن تناول واستعمال جميع منتجات الحيوانات بما في ذلك العسل واللباس المصنع من جلد الحيوانات أو الحرير. بينما يمتنع النباتي عن تناول المنتجات التي تتطلب ذبح (قتل) الحيوانات (اللحوم، الأسماك…) بينما يستطيع تناول الحليب والأجبان والبيض والعسل…

قد تنقسم النباتية بدورها Vegetarianism إلى فروع ثانوية تختلف حسب بعض المنتجات التي قد يتناولها كل منهم على حدة، لكن أبرز هاته الفروع هي نباتية الأسماك-Pescetarianism والتي تمتاز بجميع مميزات النباتية الصرفة (Vegan)، أي الامتناع عن المنتجات الحيوانية بجميع أشكالها واللباس الجلدي لكن يسمح بتناول الأسماك والمأكولات البحرية.

بعد تبسيط بعض المفاهيم الأساسية في موضوع النباتية، يجب الإشارة إلى أن هذا المقال بصدد معالجة النباتية الصرفة veganism فقط دون الأنواع الأخرى التي تختلف دوافعها هي الأخرى.

خلص استطلاع رأي في بريطانيا سنة 2016 إلى أن عدد النباتيين قد ازداد في البلاد بنسبة 360 في المائة خلال العقد الماضي فقط. ستقودنا هذه المعطيات للتساؤل التالي:

ما الأسباب التي تدفع شخص ما لتبني النظام الغذائي الصرف؟

تتعدد وتختلف هذه الأسباب بحسب كل شخص لكن عموما يمكن تصنيفها في المجالات التالية: المجال البيئي أو الصحي أو المجال الزراعي-الحيواني وكذلك الأخلاقي.

الأسباب الأخلاقية: المعاملة السيئة للحيوانات

يعتبر العديد من النباتيين أمر التورط والمساهمة في استغلال الحيوانات السبب الرئيسي لقرارهم، بينما يؤمن البعض أن لجميع الكائنات الحية الحق في الحياة وأن القتل من أجل الاستهلاك هو أمر خاطئ. يجدر الإشارة إلى أن بعض النباتيين يعارضون الزراعة الحيوانية بالذات (أو تربية الحيوانات)، حيث يتم تربية الحيوانات من أجل استهلاكها أو لإنتاج الأجبان والألبان. (2)

  1. ماذا يحدث داخل المزارع الحيوانية؟

حسب موقع Compassion in World Farming، تتعرض معظم الأبقار للحمل القسري (أو الإخصاب القسري)، حيث تحقن بالحيوانات المنوية المخزنة في حقن ضخمة. كنتيجة لهذه الإجراءات، تضاعفت إنتاجية الأبقار للحليب خلال 40 سنة الماضية. ففي المملكة المتحدة، تنتج البقرة الواحدة ما يعادل 22 لتر كمعدل يومي بينما يتم إنتاج في الولايات المتحدة الأمريكية 30 لتر يوميا للبقرة الواحدة. (4) (3)

وذكر المصدر نفسه أن الأبقار التي تتمتع بحياة طبيعية وصحية تعيش لأكثر من 20 سنة، بينما تتعرض للذبح تلك الموجودة في مزارع تربية الحيوانات بعد ثلاث أو أربع سنوات (أو بعد إرضاعها لثلاث أو أربع مرات) لأن إنتاجيتها من الأجبان والألبان تنخفض أو أنها عقيمة بشكل مزمن أو تعرضت لجروح سببت العرج لها. (4) (3)

الأسباب البيئة: الحفاظ على البيئة والحد من التغيرات المناخية

يعتبر عامل الحفاظ على البيئة من السلوكيات البشرية التي تحفز النباتيين للتمسك بالنظام النباتي الصرف. وذلك لأن الزراعة الحيوانية من أهم مسببات التغيرات المناخية وانقراض بعض الأنواع من الحيوانات وإزالة الغابات والقضاء على الجوع، واستنزاف مصائد الأسماك. (5)

كيف ذلك؟

انطلاقا من وزارة الزراعة الأمريكية – United States Department of Agriculture، تسبب بعض الممارسات مثل استخدام الأراضي لرعي المواشي وإدارة الأسمدة الطبيعية وتخصيب التربة على انبعاث الغازات الدفيئة كالميثان CH4 الصادر عن روث الأبقار وأكسيد النيتروس. (6)

وحسب المصدر عينه، تساهم الزراعة في الولايات المتحدة الأمريكية لوحدها بما يعادل 6 في المائة من انبعاثات الغازات الدفيئة، أما على المستوى العالمي، فالمجال الزراعي مسؤول عن 30 في المائة من مجموع الغازات الدفيئة المنبعثة. لذلك يرى المسؤولون في الوزارة ضرورة تقليص هذه الانبعاثات من خلال تطبيق بعض الممارسات كغرس الأشجار والأعشاب الدائمة في الأراضي الزراعية ومنح فترة راحة للتربة … (6)

كما وجدت دراسة أجرتها منظمة الأغذية والزراعة Food and Agriculture Organization, سنة 2006 أن 18 في المائة من الغازات الدفيئة المنبعثة تعزى مباشرة للإنتاجات الحيوانية، وهذه النسبة تفوق مجموع الانبعاثات الناتجة عن قطاع النقل بأكمله. ومن المرتقب أن تزداد الانبعاثات الناتجة عن الزراعة بالنظر لارتفاع الدخل والتوسع الحضري ما سيساهم في زيادة استهلاك اللحوم والألبان. ومن المتوقع أن يساهم الطلب المتزايد على الزراعة الحيوانية في زيادة مساهمتها بالغازات الدفيئة المنبعثة وذلك بنسبة 80 في المائة تقريبا. (5)

ووفقا لمنظمة الأغذية والزراعة، فإن 75 في المائة من مصائد الأسماك في العالم إما مستغلة أو استنفدت. (5)

حسب بيانات البنك الدولي-World Bank، فالزراعة الحيوانية مسؤولة عن ما يقارب 90 في المائة من جرف منطقة الأمازون البرازيلية. كما أن هذه الزراعة هي المستهلك الأول للمياه العذبة، حيث تستهلك 208 تريليون لتر سنويا (55 تريليون جالون). وللتبسيط فإنتاج كل رطل من لحم البقر يتطلب 18900 لتر من المياه. (7)

الأسباب الصحية: دور النظام الغذائي النباتي على الصحة

يتبع العديد من الأشخاص النظام النباتي لفوائده الصحية. بالرغم أن هناك من يقول أن هذا النظام لا يوفر جميع العناصر الغذائية الضرورية كالبروتين وفيتامين B12 إلا أن الجمعية البريطانية للحمية الغذائية ترى أن النظام الغذائي النباتي الذي تم تخطيطه جيدا صحي ويناسب جميع المراحل العمرية. تشمل مصادر البروتينات للنباتيين العدس والفاصوليا والحمص والقطاني والمكسرات, والتوفو. أما فيتامين ب 12 فموجود في الحليب النباتي (الصويا، اللوز…) أو بعض حبوب الإفطار إلا أن الجمعية تنصح بتناوله كمكمل غذائي لتفادي أية مشاكل. (8)

وفي دراسة جديدة من جامعة نورثويسترن الطبية وجامعة كورنويل، اكتشف الباحثون علاقة إيجابية بين اللحوم الحمراء والمصنعة وأمراض القلب والأوعية الدموية. كما أن نسبة الوفاة تتراوح بين 3 و7 في المائة لدى مستهلكي اللحوم مرتين في الأسبوع. وحسب الدراسة نفسها، فالمأكولات البحرية ليست لها علاقة بالأمراض القلبية أو الوفاة. (9)

سلبيات النباتية

في ظل جميع مميزات النباتية، هناك الكثير من القلق بسبب الفجوات في هذه النظم الغذائية والتي دفعت العديد من العناوين ترجح أنها قد تسبب تراجعا في نمو الدماغ وقد تتلف الجهاز العصبي.

نصحت الجمعية الألمانية للتغذية كل من الأطفال والنساء الحوامل والمرضعات والمراهقين بعدم اتباع الأنظمة النباتية. كما قررت الأكاديمية الملكية للطب في بلجيكا أن النظام النباتي غير مناسب للأطفال وستتم إدانة الأباء الذين يفرضون هذا النظام على أبنائهم. (10)

أجريت دراسة على 550 تلميذ في مدارس كينية، حيث تم إطعامهم حسب مجموعات بثلاثة أنواع من الحساء، الأول باللحوم والثاني بالحليب والثالث بالزيت (أو دون أي حساء) كوجبة خفيفة لمدة 7 فصول دراسية. يذكر أن هؤلاء الأطفال كانوا نباتيين قبل بداية الدراسة بسبب ظروفهم المادية. في نهاية الدراسة، لاحظ الباحثون أن الأطفال الذين تم إطعامهم الحساء باللحوم قد تفوقوا على المجموعات الأخرى وأبلوا جيدا في الاختبار. أعلن الفريق أن النتائج تثير المزيد من التساؤلات حول تأثير الانظمة النباتية على تطور الدماغ، كما أشاروا إلى أنه يجب إجراء دراسات أخرى حول الموضوع والتأكد إن كانت النتائج تنطبق على الأطفال في البلدان المتقدمة أيضا. (10)

أما في دراسة أخرى، قادتها تامي تونغ باحثة في مجال علم وبائيات التغذية في جامعة أكسفورد، وجدت أن النباتيين يتمتعون بقلب سليم لكن معرضون للإصابة بسكتة دماغية أكثر بنسبة 20 في المائة من مستهلكي اللحوم. وقد يكون السبب لهذه النتائج انخفاض مستويات الكوليسترول الكلي في الدم أو عدم تناول ما يكفي من الفيتامينات. كما ورد عن الدراسة أن خطر الإصابة بالنسبة لنباتيي الأسماك يبدو منخفضا مقارنة بأولئك الذين يتبنون النباتية الصرفة. (11)

إذن ماهو النظام الأصح؟

تتنوع أقسام النظام النباتي فكل نوع يمتاز بدوافعه المختلفة وإمكانياته الغذائية، كما أن الأسباب التي تدفع شخص ما لتبني هذا النظم جد مختلفة من شخص لآخر. كما أن العالم شاهد تطورا كبيرا لتوفير المنتجات كاللحوم النباتية والألبان غير الحيوانية والتي تحترم هذا النظام المتبنى من فئة كبيرة من الاشخاص من مختلف الفئات العمرية. وبما أن هذا الموضوع يتغير ويتطور بسرعة فهناك حاجة ماسة للمزيد من البيانات, إلا أن الدراسات المتاحة والبيانات جد قليلة ولا تشمل عينة كبيرة من الأشخاص لإثبات إن كانت النباتية قد تؤثر على الصحة الجسدية والعقلية للإنسان. ومن جهة أخرى يستلزم الأمر جهود عالمية لإيجاد بدائل مستدامة لكيفية تربية الحيوانات لتقليص الانبعاثات الدفيئة.

المصادر:

The Vegan Society 1

BBC Radio 2

CIWF 3

Forbes 4

VJL.EDU 5

USDA 6

World Bank 7

BDA.UK 8

Cornell University 9

10 BBC Future

BMJ 11

اقرأ أيضا تأثير الأنظمة النباتية على القلب والدماغ

Exit mobile version