استكشاف مملكة لحيان في العلا

تتميز مملكة لحيان الغامضة، بطبيعتها الجميلة وثقافتها الثرية. إذ  تقع في قلب الشرق الأوسط، وهي تحتوي على مجموعة متنوعة من المزايا التي تجعلها مملكة فريدة من نوعها. ولكن هناك في لحيان أكثر من ما يبدو. في هذا المقال، سنطرح نظرة على أهميتها وميزاتها الجذابة.

موقع مملكة لحيان الحالي

تعتبر مملكة لحيان مملكة حضارية مهيبة تابعة لمملكة معين. وقد أقيمت في مستوطنة دادان وتيماء ومدائن الأسود وجبل عكمة إقليم الحجاز غرب شبه الجزيرة العربية. وتقع في الوقت الحالي في دولة المملكة العربية السعودية. وكانت تسمى في الفترة الأولى دادان ودامت دادان في مرحلتها الأولى في الفترة ( 600 ق.م – 100 ق.م). وثم في مرحلتها الثانية في الفترة الممتدة بين سنة 107م و150م.

أصل وتاريخ المملكة

في عصر ما قبل الميلاد أقامت جالية معينية قادمة من الجوف باليمن. دولة وحضارة في دادان وتيماء شمال الحجاز، كانت تسمى مستوطناتهم دادان. وفي فترة من الفترات أقام المعينون في مدينة دادان لتصبح عاصمة ثانية لهم في الشمال.

وتعد مملكة لحيان من أهم المحطات التجارية على طريق القوافل. مما جعل هذا الموقع يقوم بدور مهم في الحالة الاقتصادية للمجتمع المعيني . وتتميز العلا بقربها من ساحل البحر الأحمر فهي لا تبعد عنه أكثر من مسيرة خمسة أيام. حيث يتوجه التجار إلى الموانئ القريبة لإجراء عمليات البيع والشراء مع التجار الإغريق والمصريين وغيرهم.

نظام الحكم والملوك

تعاقب على حكم مملكة لحيان بعد إعادة بنائها مرة أخرى. واستقلالها عن الأنباط العديد من الملوك، منهم -بجانب تيمي- الملك تامني بن تيمي، والملك تارتلو الملقّب بـ”سكيوبس”، والملك عبدنان، والملك صلحان، والملك فضج، والملك عمدان، والملك شهر بن عاسفان. وغيرهم من الملوك الذين كانت تتميز فترات حكمهم بقصر مدّتها.

تميزت المملكة في عهد الملوك السابقين ب كثرة السرقة والحوادث وانتشر السكر والعربدة في الشوارع، وفَقَدَ المزارعون حماسهم والتجّار رزانتهم. ولم يكن الحكم مستقرًّا في المجمل، بل أن السلطة كانت في يد رئيس مجلس الشعب (هجبل). مما أدّى في النهاية إلى سقوط المملكة عام 150م. وتشتّت شعبها بين العراق وعاد ومكة وقليل منهم من بقيَ في العلا.

ديانة المملكة وأهم الآلهة

كانت ديانة اللحيانيين ديانة وثنية في المقام الأول تعتمد على تعدد الآلهة، ومن أبرز الآلهة التي كانت منتشرة في المملكة الإله ذو غابة. والذي كان يقع مقرّه في وسط العاصمة العلا، وكان هناك فناء كبير به حوض ماء يغتسل منه كل من يريد التعبُّد، وكان شعب مملكة لحيان يتقرّبون لآلهتهم بالدعاء والنذر لتوسيع الرزق وشفاء المرضى.

والدليل على ذلك إنه كان هناك شهر يُشدّ فيه الرحال إلى مقرّ الإله. حيث كانوا يقيمون بالقرب منه وينحرون الذبائح ويقدّمون النذور، ولم يكن ذو غابة هو الإله الوحيد. فهناك آلهة أخرى مثل الإله ود، والإله سلمان، والإله بعل سمن، والإله عجلبون. وكما كانت هناك حرية في التعبُّد دون قيود أو ضغوط أو استهداف من أنصار هذا الإله أو ذاك.

الثقافة واللغة والفنون

وقد تميزت هذه الحضارة العريقة في العديد من المجالات، مثل: الفنون والكتابة والتجارة والبناء، ولا تزال آثارهم باقية هناك حتى يومنا هذا. وكان اللحيانيون يتحدثون لغة عربية شمالية. وكان خطهم الذي يكتبون به هو الخط اللحياني المنبثق عن الخط المسند الجنوبي، وكانت حروف الهجاء عندهم 28 حرفًا كاللغة العربية اليوم. وتشير الوثائق والرسوم التاريخية إلى وجود مدارس لتعليم القراءة والكتابة في العلا، ما يبرهن على اهتمام مملكة لحيان بالتعليم والتعلم.

كما عرف اللحيانيون الموسيقى والفنون ويمارسون العزف على الآلات الوترية كالسمسمية والمزامير، وهو ما توثّقه الرسوم المنقوشة على بعض الواجهات الصخرية لجبل العكة. وبعض الجدران الأخرى في العلا، والتي كشفت عن امتهانهم لبعض المهن الفنية كالنحت والصياغة.

وتتميز منازلهم بالطريقة المعمارية التربيعية، أي بنوا البيوت بشكل مربّع لا تزيد فتحتها عن متر واحد، وعمقها في داخل الصخر حوالي مترَين، ومن أشهر البيوت بيت الأسدين. وكما تميّزوا بنحت الجبال واتخاذها بيوتًا للتباهي ودفن موتاهم بها، ومن أكثر مظاهر التحضر عند اللحيانيين حرية التملك للمرأة وهو ما أثبتتها نقوشهم.

النشاط الاقتصادي

ساعد الموقع الاستراتيجي للحيان في أن تكون قوة اقتصادية كبيرة. إذ كانت واحدة من أهم المحطات التجارية التي تربط بين الشرق والغرب، ما أهّلها لأن تكون قبلة القوافل التجارية، البرّية والبحرية، القادمة من الهند إلى مصر وبلاد الرافدين. وما حوّلها مع مرور الوقت إلى سوق كبير للتجارة الحرة بين الحضارات التي كانت متواجدة في ذلك الوقت. وكما تميّزت مملكة لحيان بتجارة وتصدير البخّور والعطور والبهارات، بجانب المواد الغذائية أبرزها الحبوب والتمور والأعلاف.

كما ازدهرت الزراعة بفضل مصادر المياه المتوفرة، سواء كانت مياه جوفية يتمّ استخراجها عن طريق حفر الآبار، أو مياه الأمطار والسيول وبناء السدود. ومن ثم تميّزت منطقة شمال الجزيرة العربية، بالرخاء الزراعي والحدائق الغنّاءة والمزارع المنتشرة، وقد وثّقت النقوش التي وُجدت في العلا وجود بعض المحاصيل الزراعية كالنخيل.

ومن المؤكد أن الزراعة لا تقوم في مكان ما إلا إذا توفرت به المياه. وسواء كانت هذه المياه جوفية يتم استخراجها عن طريق حفر الآبار. أو بناء السدود التي تحجز خلفها مياه السيول والأمطار. وعلى هذا الأساس قامت الزراعة في مدن شمال الجزيرة العربية كالمملكة وما جاورها.

وتشير النقوش المعينية التي تم العثور عليها بالمنطقة إلى وجود محاصيل زراعية أبرزها ثمار النخيل. ويعتبر التمر مصدر رئيسي في الغذاء للحاضرة والبادية. لاحتوائه على أهم العناصر الغذائية وكذلك لسهولة تخزينه وقابليته للتخزين لمدَّة طويلة. وكذلك لسهولة نقله من مكان إلى آخر. وللنخيل فوائد كثيرة فمن سعفه تصنع البسط ومــن ليفه تصنـع الحبال ومــن جذوعه تسقف المنازل. فقد كان النخيل له فوائد عديدة لذلك نرى المعينيين الشماليون اهتموا بزراعته في ذلك الوقت.

أشهر الآثار المكتشفة في لحيان

يوجد العديد من المكتشفات الأثرية الخاصة بهذ المملكة ومن بينها:

تماثيل لحيانية

تمثال الملك اللحياني هو عمل فني منحوت من الحجر الرملي الأحمر. إذ يُمثل أحد الملوك اللحيانيين، ويعود إلى الفترة ما بين القرن الخامس والقرن الثالث قبل الميلاد. يصل ارتفاع التمثال إلى 2.3 متر، ويزن 800 كليو جرام، كما يظهر النحت عضلات الجذع في البطن والصدر.

  مدائن الأسود (مقابر الأسود)

توجد في مملكة لحيان مئات المقابر وأبرزها المنقوش في الواجهة الصخيرة جنوب الموقع مما يدل على المكانة الاجتماعية لمن دفنوا هناك، وتضم مقبرة الأسود قبوراً منحوتة في الصخر ومزينة بنقوش من الأسود في واحة دادان القديمة، ومن المعتقد أنها كانت خاصة بحكام محليين أو بأشخاص مؤثرين آخرين. وتتألف هذه القبور من فتحات مربعة الشكل على ارتفاعات مختلفة من جانب جبل دادان. إذ يبلغ عمق تجاويفها حوالى مترين، ويعود تاريخها تقريباً إلى القرن الخامس قبل الميلاد؛ فهي الفترة المحتملة لاستيلاء مملكة دادان على المنطقة. ويذكر الباحثون أن اختيار رسم الأسد على واجهات هذه المقابر. هذا كان بسبب ما يمثله الأسد من رمز للقوة والمنعة في ثقافات العالم القديم.

  آثار جبل عكمة

تحول جبل عكمة الأثري شمال العلا إلى وجهة سياحية متفردة يقصده الزوار من مختلف دول العالم. بعدما أعادت الهيئة الملكية لمحافظة العلا، المكان إلى متحف نابض بالحياة ليكون جزءاً من التراث العالمي، فقد يحتوي «عكمة» على كتابات ونقوش الأثرية تعود إلى الحضارة اللحيانية في القرن السادس قبل الميلاد إلى القرن الثاني قبل الميلاد. وهو عبارة عن واد ضيق ينحدر من جبل عكمة وعلى بعد ثلاثة كيلومترات من مدينة العُلا، وهو ذو لون داكن يميل للون الأحمر، وشاهق الارتفاع، وكما توثق هذه النقوش والكتابات تاريخ مملكة لحيان وحضارتها وتفاعلاتها المجتمعية وعلاقاتها الخارجية وتنظيماتها وقوانينها الداخلية.

ويعد الجبل جزءًا من تاريخ وحضارة مملكة لحيان وهو أكبر مصدر معلومات عن الاقتصاد والتجارة والخراج والضرائب. وكان موقعًا مهيبًا على طرق التجارة القديمة، ويضم أكثر من 500 كتابة منحوتة على المنحدرات والواجهات الصخرية التي تعود إلى الفترتين الدادانية واللحيانية، ويعد أكبر مكتبة مفتوحة في الجزيرة العربية.

1. Research
2. Research
3. Jornals
4. Britannica
5. Britannica
6. Britannica

نبذة عن تاريخ مملكة معين القديمة

المعينيون أقدم شعب عربي حمل لواء الحضارة، وقد بلغتنا أخبارهم من الكتابات المدونة بالمسند، والكتب الكلاسيكية اليونانية والرومانية. سكن أهل معين منذ أن ظهروا في التاريخ على المسرح السياسي في الجوف بين نجران وحضرموت في أرض خصبة منبسطة، في مملكة معين وعاصمتها قرناو على ضفة وادي مذاب.

أصل وتاريخ مملكة معين

تعد معين من الممالك العربية القديمة في اليمن وشبة الجزيرة العربية، فقد كان المعينيين أبناء عمومة السبئيون والحضارمة. إلا أن النسابين العرب لم يذكروا هذه الشعب ولا أحد من ملوكهم ولا صلتهم مع سبأ بل طوى كل ذلك النسيان إلى أن كشفت عنها مجموعة من الآثار المكتشفة في القرن العشرين.

المعينيون هم في الاصل فريق من السبئيون. وعندما ضعفت مملكة سبأ، انقسمت القبائل السبئية إلى أربعة أقسام وعرف كل قسم باسم خاص به. فمنهم المعينيون وعاصمتهم (قرناو)، والسبئيون وعاصمتهم (مأرب)، والقتبانيون وعاصمتهم (تمنع)، وكانت أراضيها تشمل عدة قبائل.

حكام مملكة معين

امتلكت مملكة معين حكومة ملكية يرأسها حاكم يلقب بلقب “ملك”. غير أن هذه الحكومة وكذلك الحكومات الملكية الأخرى في جنوب الجزيرة العربية، أجازت أن يشترك شخص أو شخصان أو ثلاثة مع الملك في حمل لقب “ملك”. وإذا كان حامل ذلك اللقب من أقرباء الملك من الدرجة الأولى، كأن يكون ابنه أو شقيقه.

وقد وصلت إلينا جملة كتابات، لقب فيها أبناء الملك أو أشقاؤه بلقب ملك، وذكروا مع الملك في النصوص. ولكننا لم نعثر على كتابات لقب فيها أحد بهذا اللقب، وهو بعيد عن الملك، أي ليس من أقربائه. وربما كانت هذه المشاركة في اللقب، في ظروف خاصة وفي حالات استثنائية. وليس من الواضح في الكتابات العربية الجنوبية أكانت مجرد مجاملة وحمل لقب، والدوافع التي حملت أولئك الملوك على السماح لأولئك الأشخاص بمشاركتهم في حمل اللقب.

ومن الملوك الذين حكموا مملكة معين. كما جاء بما عثروا عليه من أنقاض الجوف وعددهم ٣٦ ملكا يشترك كل بضعة منهم باسم واحد. كما تميز بعضهم عن بعض بالألقاب. وسنوجز بعض من اسماؤهم مرتبة حسب تشابهها:

1. اب يدع
2. اب يدع بتع
3. اب يدع ريام
4. اليفع
5. اليفع ياسر
6. اليفع بتع
7. اليفع ريام
8. وقه إل بتع
9. وقه إل صديق
10. وقه إل ريام

النشاط الاقتصادي في المملكة

مثل المعينيون الصلة الحضارية بين اليمن والعالم الخارجي من خلال عملهم بالتجارة. ويمكن القول أنهم سيطروا على التجارة العالمية في العالم القديم. وقد انعكس نشاطهم التجاري على مناطقهم التي ازدهرت وأصبحت مدن وحواضر تضاهي الحضارات المعاصرة الاخرى في بلاد الرافدين ومصر.

فقد كانت التجارة هي العمود الرئيسي، ثم ما يتحصل عليه من الضرائب على التجارة والزراعة. وكذلك عائدات الاراضي الزراعية التي تستغلها الدولة أو تقوم بتأجيرها. وكان للمعابد عائدات خاصة بها وأراضي يعود ريعها للمعابد، وكذلك النذور التي تقدم للمعابد. أما بالنسبة للتداول، فقد تعاملت مملكة معين بنظام المقايضة، ثم عرفوا النظام النقدي وقاموا بصك عملة خاصة بهم. وقد عثر على قطعة نقدية لملك معيني وهي العملة التي كان يطلق عليها اسم رخمة.

وصل تجار مملكة معين بتجارتهم إلى جزيرة ديلوس في بحر إيجة في النصف الأخير من القرن الثاني ق. م. حيث وجدت فيها آثار صغيرة نقشت بنصوص عربية تدعو لأصحابها آلهة معين (وآلهة سبأ).

الحياة الدينية في مملكة معين

كان في كل مدينة معبد، وأحياناً عدة معابد خصصت لأصنام شعب معين. وقد خصص كل معبد بعبادة صنم واحد، يكرس المعبد له، ويسمى باسمه، وتنذر له النذور، ويشرف على إدارته مجموعة ورجال دين يقومون بالشعائر الدينية ويشرفون على إدارة أوقاف المعبد. ويعرف الكاهن والقيم على أمر الصنم عندهم ب “شوع”، وقد وردت اللفظة في جملة نصوص معينية.

وأما “ود”، فقد ظلت عبادته معروفة في الجاهلية إلى وقت ظهور الإسلام، وقد ورد اسمه في القرآن الكريم. كما تحدث عند ابن الكلبي في كتابه “الأصنام”، وذكر إن قبيلة “كلب” كانت تعبده بدومة الجندل. وكتب اسم “ود” بحروف بارزة على جدار في “القرية” “قرية الفأو”، وذلك يدل على عباده هذه الصنم في هذه البقعة.

أشهر المدن المعينية

كان من مدن مملكة معين، مدينة قرناو (معين)، وهي عاصمة الدولة، وتقع في المنطقة الشرقية في الجوف. كانت قرناو من المدن المشهورة بمعابدها وخاصة معبد الإلهة عشتار والذي وجد خارج أسوار المدينة. ومنها مدينة براقش وقد اكتشفوا فيها حوالي 154 نقشاً.

وقد وردت إشارات لها في نقش النصر الخاص بالملك كرب ال وتر حيث كانت إحدى المدن السبئية ثم أصبحت مدينة معينية. وتأتي هذه المدينة بعد معين من حيث الأهمية، وتمتعت بموقع تجاري مهم على طرق التجارة بين مأرب ونجران. وقد حوت المدينة العديد من المعابد ومنها معبد للإله نكرح الهة الشمس في إحدى ضواحي المدينة. وتعتبر لكثرة معابدها وكأنها العاصمة الدينية لدولة معين.

نهاية المملكة

إذا كان ازدهار مملكة معين عائداً بالدرجة الأولى لنشاطهم التجاري وسيطرتهم على الطرق التجارية منذ القرن الرابع ق.م. فإن نهاية هذه المملكة سياسياً جاء نتيجة لظروف خاصة بالطرق التجارية أيضًا. إذ أدى ازدهار دولة الأنباط وتوسعها وسيطرتها على الطرق التجارية حتى مناطق ديدان، والتي كانت تتبع للمعينيين تجارياً، قد أفقد المعينيين ميزة التحكم في الطريق التجاري الواصل بين اليمن وبلاد الشام. إضافة إلى بروز قوة الدولة الحميرية، وكل ذلك جعل مملكة معين تنتهي سياسياً في حدود القرن الأول ق.م بدليل أنها لم تذكر كدولة حين قدمت الحملة الرومانية.

المراجع:

1. Britannica

2. britannica
3. Research
4. Research

من هم الحوريون، وما علاقتهم بمملكة ميتاني؟

في سجلات الحضارات القديمة، تظهر مملكة ميتاني، ملتفة بالغموض والعظمة. إذ تقع ميتاني في قلب بلاد ما بين النهرين، وتتردد تأثيراتها عبر ممرات الزمن، صدى لقصص القوة مع تكشف تدريجي لرمال التاريخ عن عالم ميتاني الغامض. كاشفًا عن عالم شهد صراعات إمبراطوريات، وتشكلت فيه تحالفات، وازدهرت فيه حضارة وسط تيارات مضطربة في الشرق القديم.

من هم الحوريون

الحوريون من الشعوب الغير سامية وقد ظهروا في التاريخ من منتصف الألف الثالث ق.م، حيث كانو ممثلين بأعداد قليلة في شمال بلاد النهرين شرقي نهر دجلة. ثم زاد عددهم منذ عهد سلالة أور الثالثة ، وزادت مساحة الأراضي التي شغلوها وأصبح لهم كيان سياسي. وفي ذلك الحين كان الساميون اكثرية في وسط الفرات وجنوب سورية وفلسطين.

تاريخ ونشأة مملكة ميتاني

بدأت مرحلة تكون دولة ميتاني بعد اغتيال الملك الحثي مورشيلي الأول. الذي بدأ حكمه نحو عام 1620ق.م، فمنذ ذلك الحين أخذ الحوريون والحثيون يتبادلون الغزوات. عبر المنطقة الجبلية الفاصلة بين سورية وبلاد الأناضول. ويبدو أن نشوء ميتاني حينذاك كان قائماً على تحالف من عدة كيانات سياسية حورية.

وفي مطلع القرن الخامس عشر قبل الميلاد. ظهر اسم ميتاني أول مرة في نقوش المقابر المصرية، أما النصوص الآشورية فقد كانت تشير إلى هذه المملكة باسم خانيغَلبات. كما أوردت المصادر المصرية القديمة الاسم السوري لهذه المملكة، وهو نهارينا أو نهريما.

أهم ملوك المملكة

لا يعرف سوى القليل عن الملوك الميتانيين الأوائل؛ بسبب تدمير ثقافتهم لاحقًا على يد الآشوريين. لكننا نعرف أسماءهم من المراسلات التي جرت بينهم وبين الدول الأخرى في زمانهم. ويبدو أن أهم ملوك ميتاني من القرن 16 ق.م هم: كيرتا وابنه شوتارنا الأول وباراتارنا ، أما الملك ( شوشتاتار). فقد وسع حدود دولته بفتحه ألالاخ ونوزي وآشور وكيزواتنا. هَزمت مصر (بقيادة تحوتمس الثالث الذي حكم نحو 1479-1425 ق.م) جيوشَ ميتاني في حلب بعد صراع طويل حول السيطرة على منطقة سوريا.

في عهد الملك شوتارنا الثاني، بلغت مملكة ميتاني قمة مجدها ونفوذها وصارت عضوًا في ما يُعرف اليوم بنادي القوى العظمى الذي يضم أقوى دول المنطقة حينها: مصر وبابل وحاتي (مملكة الحيثيين بالأناضول). وأكثر عهود ملوك ميتاني توثيقًا هي عهدي شوتارنا الثاني وابنه توشراتا، وسبب ذلك هو المراسلات المعروفة برسائل العمارنة، وحتى هذين العهدين ليسا مكتملين.

الحرب مع مصر

اتسع نطاق مملكة ميتاني، مما أثار القوى الكبرى المعاصرة، وسعى الحثيون والآشوريون إلى التحالف معهم ضدها. وتأثرت المملكة بذلك، واضطر ملكها سوشتتر نحو1420ق.م إلى عقد اتفاق سلام وتعاون مع مصر حفاظاً على وحدة مملكته. بل مدّ نفوذه إلى سهل كيليكية أيضاً، وهذا ما أثار الملك الحثي توتخاليا الأول، فقام بحملات على حلب وشمالي سورية.

توثق التحالف الحوري المصري أكثر في مطلع القرن الرابع عشر ق.م. بعقد مصاهرات سياسية، فاقتصرت السيادة المصرية على المناطق الساحلية إلى أوجاريت (رأس شمرا)، والداخلية إلى سهل حمص. ثم ظهرت صراعات دموية ضمن الأسرة الحاكمة في ميتاني حول وراثة العرش. بعد موت ملكها شترنا الثاني، فتوقفت الصلات مع مصر، واستقلت مناطق نينوى (الموصل).

كما ظهرت بوادر تحالف حثي آشوري ضد ميتاني، ثم أعاد حسن العلاقات مع مصر بمصاهرة جديدة دونت أخبارها في «رسالة ميتاني» المكتشفة في تل العمارنة جنوبي مصر، وتعد أهم وثيقة لغوية وأطول نص باللغة الحورية، حتى اليوم. وهي تتحدث عن المفاوضات المتعلقة بزواج ابنة الملك توشراتا (تادوخيبا). أو باللغة الحورانية تتو ـ خِبا (نفرتيتي) من الفرعون أمنوفس الثالث في أواخر عهده. وهناك بعض التكهنات في هذا الصدد تدعي أن نفرتيتي و تادو-هِبا هي امرأة واحدة.

اللغة والكتابة

اعتمد الحوريون الكتابة المسمارية في تدوين لغتهم الهندو ـ آرية، كما دونوا وثائق باللغتين الأكادية والحثية. انتشرت لغتهم على نطاق واسع عند اتساع مملكتهم في أواسط الألف الثاني ق.م، وصارت تأخذ مكانها ضمن المعاجم متعددة اللغات.

كما تم العثور على مجموعات من الوثائق الحورية في نوزي (جنوبي كركوك) ومحيطها. وفي ماري (تل الحريري) وإيمار (تل مسكنه) على الفرات الأوسط. وفي أوغاريت، وفي العاصمة الحثية حاتوشا (بوغازكوي شرقي أنقرة)، كما ترد تعابير ومفردات وأسماء أعلام حورية. في كثير من الوثائق المكتوبة المكتشفة في مناطق الشرق القديم المختلفة.

أهم الالهة

عبد الحوريين آلهة خاصة، طابقوها بمرور الزمن. مع آلهة معروفة في بلاد الرافدين وسورية، ومن أقدمها آلهة إيبلا ومنها (أشتبي، أدمّا، إشخارا). أما أبرزها فهو كمَربي أبو الآلهة، وقد صارت مدينة أوركيش المركز الرئيس لعبادته.

ومن الآلهة التي عبدوها : تشوب ملك الآلهة وإله الطقس، ثم في حلب وإبلا، وقرينته خِبات التي تمتعت بمكانة متميزة في شمالي سورية، والهة الحب والحرب شاووشكا (عشتار الحورية)، وشيميك إله الشمس. وكُشُخ إله القمر، وغيرها. كما أسهمت الهجرة الحورية الثانية التي أثمرت عن نشوء مملكة ميتاني في انتشار عبادة آلهة هندو ـ آرية قديمة (ميثرا، فارونا، إندرا، ناستيا) في المنطقة.

بالإضافة إلى أن الحوريين مارسوا شعائر دينية خاصة، وكانت لهم أعياد محددة الزمان. وقد احتفلوا بها في المعابد وفي غابات صغيرة مقدسة. وركزت الشعائر على مسائل تطهير الروح والبركة الإلهية والتفكير والتأثيرات السحرية، كما اهتم الحوريون بالتعويذات والنبوءات والكهانة والعرافة. وتأثر الحثيون وغيرهم بالمعتقدات الدينية الحورية.

آثار مملكة ميتاني

تعد آثار الحوريين المادية المكتشفة قليلة نسبياً، فالعاصمة وشّوكاني لم تكتشف بعد. والتنقيب في أوركيش مازال يركز على القصر الملكي العائد إلى 2250ق.م تقريباً.

إذ عثر على آثار حورية متفرقة وفي مواقع متباعدة، ويصعب الحديث حالياً عن خصائصها العامة المشتركة، ما نجده في النماذج الفخارية المعروفة بـ«فخار نوزي» المتميزة بأسلوب تشكيلها وزخرفتها وألوانها، وكذلك في «أختام كركوك» الأسطوانية المتميزة بموضوعات المشاهد المصورة عليها وبمادة صنعها وأسلوب النقش فيها.

نهاية مملكة ميتاني

بدأت علامات الضعف بالظهور على ميتاني في أواخر عهد الملك تشراتّا، إذ ازدادت الدولة الحثية المنافسة قوة في عهد ملكها سوبيليليوما الأول. الذي تمكن من الاستيلاء على كركميش نحو عام 1340ق.م.

في ذلك الحين دبت الخلافات بين أعضاء الأسرة الحاكمة. وأصبحت ميتاني تابعة للدولة الآشورية. ولم تستطع مصر مساعدة حليفتها السابقة ميتاني؛ بسبب الضعف الذي كانت تعانيه على أثر حركة أخناتون الدينية. وما ترتب عليها من مشكلات داخلية.

بذلك مهد كله الفرصة للملك الآشوري شلمنصـر الأول.  لكي يوجه الضربة الأخيرة لميتاني ليلحقها بالدولة الآشورية ويهجّر 14400 نسمة من سكانها. أما بقية الحكام الميتانيين فقد انسحبوا إلى الشمال الشرقي. وهناك أنشؤوا مملكة صغيرة عرفت باسم حوري  التي أصبحت نواة لدولة أورارطو في الألف الأول قبل الميلاد.

المراجع

1. britannica
2. Worldhistory
3. Britannica
4. Historyfile
5. Researcher

أين تقع مملكة قتبان حالياً؟

تعد مملكة قتبان من الممالك اليمنية القديمة، وكان لها دور كبير في نشوء وتطور الحضارة اليمنية القديمة. حيث اسهمت بشكل فعال في رسم وتكوين ملامح تلك الحضارة العريقة.

الموقع وأصل القتبانيين

تعد مملكة قتبان واحدة من الممالك اليمنية القديمة، وتتخذ من مديتة تمنع عاصمة لها، والتي تقع في وادي بيحان في موضع كحلان حالياً. وقد ثارت تساؤلات كثيرة حول هذه المملكة، وكان أولها حول نسب القتبانيين فهم تارة ينسبون إلى حمير، ونسبهم فريق آخر الى سبأ، واعتبروهم طائفة من الطوائف السبئية.

وإذا كان بالامكان تفسير ارجاع نسبهم إلى حمير أو سبأ على اعتبار أن هاتين القوتين كانتا الأكثر نفوذاً، مما جعل العديد من القبائل ينتسبون إليها. وفي رأي بعض العلماء أن هذه المملكة عاشت فيما بين القرن السادس والتاسع قبل الميلاد بين عامي (540_ 865) قبل الميلاد.

تاريخ مملكة قتبان

يوضح نقش النصر بأنّ المملكة كانت حليفاً لمملكة سبأ في الحرب ضد مملكتي أوسان وعدن وكل المناطق التاريخية التي كانت متقدمة اقتصادياً. وتمكنت حينها مملكة قتبان من فرض سيطرتها على مختلف انحاء منطقة أوسان بعد سقوطها، كما تشير المعلومات إلى أنّ المملكة قد دمرت ما يفوق ال 300 مدينة تابعة لحضرموت خلال إحدى الحروب مع مملكة حضرموت.

كما اختلف المؤرخون في التوصل إلى تاريخٍ معين لظهور دولة قتبان سياسياً، ورجحوا بأن يكون خلال الفترة ما بين منتصف القرن التاسع والقرن السابع قبل الميلاد. إلّا أنّه من المؤكد أن تكون هذه الدولة قد استمر وجودها حتّى حلول منتصف القرن الأول قبل الميلاد.

وعاشت المملكة خلال الفترة ما بين ( 350- 50) قبل الميلاد عصراً ذهبياً، حيث تشير نصوص النقوش إلى أنّ قتبان كانت من أكثر الممالك اليمنية أهمية في تلك الفترة. وظهر ذلك من خلال قدرة المملكة على فرض سيطرتها على معين وسبأ.

ملوك مملكة قتبان

عرفت مملكة قتبان نظام المكاربة والنظام الملكي. فقد بدأ نظام الحكم كبقية الممالك اليمنية القديمة في بداية أمره. حيث تلقب حكامها الأوائل بلقب مكرب. وهو لقب يطلق على رئيس حلف قبلي في الفترات المتقدمة من تاريخ الممالك اليمنية القديمة.

كما تعاقب عدد كبير من الملوك على مملكة قتبان سنوجز بعض أسمائهم كالآتي:

١. سمعهلي ( 865 ق.م)
٢. ابن هوف (845 ق.م)
٣. ابن شهر (825 ق.م)
٤. ابن وروال (800 ق.م)
٥. فرع كرب (785 ق.م)
٦. اب شيم (590 ق.م)
٧. شهر غيلان (540 ق.م)

وكان من مشاهير مملكة قتبان في عاصمتهم تمنع، الملك ( شهر أكرب). إذ وجد له نصاً مرسوماً يطلب فيه إلى كبير العاصمة بتحصيل الضرائب ممن يسكنون ويزرعون الأراضي في (سدو) قرب العاصمة. وأمر المزارعين بأن يلتزموا بمرسومه.

المعتقدات الدينية

كان القتبانيون يتقربون للآلهة بالدعاء والشكر لترعى السلام والأمن للتجارة في أسفارهم ورحلاتهم. كما وجد في هذه المملكة عدداً من المعابد الهامة، منها معبد الإله عشتار. ويعود بناء هذا المعبد إلى عهد المكاربة من حكام قتبان، وجرت عليه تجديدات فيما بعد.

كما أظهرت الكتابات الرومانية أنّ عدد المعابد فيها، بلغ خمسة وستون معبداً. واستدّل من الكتابات القتبانية على أن الإله القومي الرئيسي الذي يعبده القتبانيون من دون بقية الالهة هو الإله عم، وهو كبير آلهة قتبان.

اقتصاد وتجارة مملكة قتبان

لعبت التجارة دوراً كبيراً في الإزدهار الذي حققه القتبانيون، ويعود ذلك لموقع بلادهم التي كانت تتوسط المناطق الأخرى. فقد كانت حضرموت إلى الشرق، وإلى الشمال ثم سيطرتهم على الأجزاء الجنوبية، ومن أجل التجارة شقّ القتبانيين الطرق ووضعوا القوانين. وقد أستفاد القتبانيين من موقع بلادهم الجغرافي بجوار باب المندب، ومن مجاورتهم لحضرموت التي كانت تنتج أفضل أنواع الطيب والبخور. واشتغلوا بالتجارة وجنوا من وراء ذلك أرباحاً ضخمة.

كما تعتبر الزراعة من الموارد الرئيسية التي اعتمد عليها النشاط الاقتصادي للسكان في مملكة قتبان، والتي بدورها اعتمدت على أنظمة ري غاية في الدقة والإتقان. فقد أقيمت تشييدات هامة للري كالسدود والقنوات المائية، مما يدل على اهتمام القتبانيين بالزراعة.

وتعتبر مملكة قتبان مملكة زراعية في المقام الأول منذ قيامها، فقد تميزت بوفرة الأراضي الزراعية الخصبة والملائمة للزراعة. وهناك العديد من الطرق الزراعية التي كانت متبعة في كثير من مناطق اليمن القديم، ومنها مملكة قتبان على النحو التالي طرق زراعية بسيطة تعتمد على مياه الأمطار ومنها ما يسقى، ومنها ما يعتمد على مياه السيول.

كما عُرف المجتمع القتباني زراعة العديد من المحاصيل كالحبوب والنخيل والكروم والخضراوات والبقوليات وغيرها. كانت زراعتها منتشرة في اليمن القديم بشكل كبير باعتبارها الغذاء الرئيسي للانسان.

علاقات مملكة قتبان الخارجية

شهد التاريخ السياسي لمملكة قتبان بمختلف مراحله الكثير من الأحداث والصراعات مع جيرانها. وكان هذا الصراع إما بدافع التخلص من التبعية لبعض منهم، أو بدافع المنافسة والتوسع على حسابهم. ولم يستأثر هذا الصراع على مجمل العلاقات القتبانية مع جيرانها، بل إنها اقامت علاقات تحالف وصداقة في بعض الأحيان.

علاقتها مع سبأ

ترجح بداية العلاقات القتبانية السبئية إلى حوالي القرن السابع قبل الميلاد. فمن خلال نقش النصر السبئي يتضح لنا أنّ قتبان وسبأ في ذلك الوقت كانتا متحالفتين، وأن العلاقة بينهما كانت في أحسن حالاتها.  فقد وقفت قتبان متضامنة مع سبأ في حربها ضد دولة أوسان. كما أنها أعادت لقتبان اراضيها التي كانت مغتصبة من قبل أوسان.

لكننا نجد بعد هذه الفترة أنّ القتبانيون دخلوا في صراع طويل مع السبئيين كانت بدايته تهدف إلى التخلص من التبعية لهم. وبهذه المرحلة انتهت مرحلة التحالف والصداقة بين قتبان وسبأ وبدأت مرحلة التنافس والصراع.

علاقتها مع حضرموت

من خلال النقوش الحضرمية التي يعود تاريخها إلى حوالي نهاية القرن السابع والسادس قبل الميلاد، نقلاً عن حرب قام بها الملك الحضرمي (يدع ال بين) ضد قتبان. ويبدو أنّ حضرموت في هذه الفترة قد استغلت انشغال قتبان في حربها مع سبأ فقامت بحملات توسعية في الأراضي القتبانية. وهو ما يفسر وجود اسم الإله عم إله قتبان الرئيسي في النقوش الحضرمية بعد الإله سين الإله الرئيسي لحضرموت.

وفي نهاية القرن الثاني ق.م قامت بعض القبائل التابعة لقتبان بإعلان استقلالها. وهو ما أدى إلى ضعف وتدهور مملكة قتبان. فاستغلت حضرموت الظروف التي تمر بها قتبان وقامت في منتصف القرن الأول ق.م بغزو قتبان. تم خلال ذلك الغزو تدمير واحراق العاصمة القتبانية تمنع.

النحت وتشكيل المعادن

أبدع اليمنيون القدماء ومنهم القتبانيون في نحت الأحجار وتشكيل المعادن بمختلف أنواعها. سواء على هيئة أشكال آدمية أو حيوانية أو زخارف نباتية. كما تشهد بذلك مختلف القطع الفنية الجميلة التي خلفوها مستفيدين في ذلك من توفر المواد الخام الأولية في بلادهم كالأحجار القابلة للنحت والمعادن كالحديد والذهب.

استخدم القتبانيون أحجار المرمر بشكل كبير بمختلف أنواعه في نحت وتشكيل أعمال فنية رائعة كالتماثيل البشرية والحيوانية. ويأتي في مقدمة التماثيل تمثال أطلق عليه عمال الحفريات الأثرية اسم السيدة مريم، الذي يعتبر من أجمل وأكمل المنحوتات القبورية في اليمن.

وكما برع القتبانيون في حرفتي صناعة الأسلحة والصياغة. إذ صنعوا الحلي وأدوات الزينة كالقلائد والسلاسل والأقراط. ففي مقبرة تمنع، تم العثور على أقراط وحلي نسائية، اعتبرها الآثاريون من أروع وأجمل القطع الفنية المكتشفة في ذلك الوقت.

وتعتبر صناعة الأسلحة من أهم الحرف التي دخلت المعادن فيها، وخاصة الحديد، وتشمل الأسلحة السيوف والخناجر. ومن المحتمل أنّ القتبانيين قد صدّروا ما زاد عن حاجتهم من الأسلحة إلى ساحل أفريقيا الشرقي وغيره من المناطق.

المراجع:

1. Britannica
2. Research
3. Research
4. Research

استكشاف أسرار مملكة الرُها القديمة

في أعماق أروقة التاريخ وعلى أرض الشرق الأوسط، تتجسد مملكة الرُها القديمة كرمز للثراء الثقافي والتاريخي. إذ إنها أحدى الحضارات القديمة التي تنسجم ببهائها وتعمقها مع خيوط الزمن. حيث تتلاقى الأساطير والحقائق في سرد ملحمي يروي قصة هذه البقعة الفريدة.

موقع مملكة الرُها

تقع مملكة الرُها في منطقة الجزيرة الفراتية. وتحديداً في الجزء الشمالي من سوريا بين نهري دجلة والفرات(جنوب شرق تركيا حالياً). تأسست هذه المملكة في مدينة الرُها عام (132 ق.م _ 244 م).

وقد سميت بعدة اسماء منها (اسروينا، أورهي، أدما، اديسا، عربايا). لأن سكانها من العرب الآراميين وكانت نسبة من سكانها من اليهود. وهذا ما كان يميزها عن باقي المدن. ويذكر إنها أولى الممالك التي اعتنقت الديانة المسيحية؛ ولهذا لقبت باسم المدينة المقدسة.

تاريخ مملكة الرُها

 كانت مملكة الرُها مستوطنة قديمة، تم اختيارها لموقعها المفيد على سهل خصب مع مياه وفيرة من فرع قريب من نهر الفرات، بينما كانت محمية أيضاً بحلقة من التلال إلى الجنوب.

كان الموقع مركزاً لعبادة إله القمر. حيث قام سلوقس الأول، أحد قادة الإسكندر الأكبر المقدونيين الذين أسسوا الإمبراطورية السلوقية. بتأسيس المدينة كمستوطنة عسكرية في عام 304 قبل الميلاد. وأعطاها سلوقس الاسم الجديد للرها (إديسا)، بعد الاسم الأصلي للعاصمة القديمة لمقدونيا.

في القرن 2 قبل الميلاد، أصبحت العاصمة والمقر الملكي لمملكة الرُها. بالإضافة إلى أنَّ سكان الرُها كانوا مزيجاً من اليونانيين والبارثيين والآراميين الساميين. على الرغم من أن المملكة كانت في الواقع، دولة تابعة لبارثيا، إلا أنها أثبتت أنها منطقة عازلة مفيدة بين تلك الإمبراطورية والإمبراطورية الرومانية الناشئة.

حكام مملكة الرُها

حكمت الرها أسرة ذات أصول عربية وهي الأسرة الأبجرية. وسميت كذلك؛ نسبة لتكرار اسم ابجر او أبكر بين حكامها. ومعنى (ابجر) في اللغة الأرامية (أعرج). ومعناها باللغة العربية (صاحب الكرش). وكان عدد الحكام الذين توالوا على عرش مملكة الرُها ٣٠ ملكاً. وسنبرز منهم أهم الحكام:

أول ملك محلي استولى على عرش مملكة الرُها كان (اريو). ثم خلفه على حكم المملكة الملك (عبدو بن زرعو). الذي خلفه (أبراداشت) ، وخلفه (بكرو الأول) في سنة 94 ق.م شاركه في الحكم (معنو) وذلك لمدة أربعة أشهر. ثم شاركه في الحكم (أبجر بيقا) الذي قتل الملك (بكرو الثاني) في سنة 92 ق.م واستولى على عرش المملكة. وبعد ذلك خلفه أبجر الخامس أوكاما (الأسود) الذي كان من أهم الملوك المؤثرين في تاريخ المدينة، خصوصاً على صعيد الأسبقية الدينية المسيحية عبر مراسلاته الشهيرة مع المسيح و تلاميذه، وعبر دعوتهم مراراً إلى المدينة لإضفاء البركة عليها.

في السنة العاشرة لمملكته حدثت فتنة في أورهاي نفي على أثرها الملك أبجر أوكاما. و حكم عوضاً عنه أخوه (معنو الرابع). وأخيراً كان (أبجر الحادي عشر أبراهاط) سنة 242م، لم يستمر حكمه سوى سنتين، ومع نهاية حكم (أبجر الحادي عشر)، انتهت مملكة الرُها سياسياً.

الأوضاع الاقتصادية

شكلت الزراعة المصدر الأول للإقتصاد في الرُها، وعماد ثروة البلاد، ويشرف على الأراضي الزراعية الواقعة حول المدينة موظف يدعى (والي العرب). يقوم بجباية الضرائب من السكان ويحمي المزارعين من تعديات البدو والاعراب.

كما تركزت الزراعة في الأرياف والقرى وأهمها: زراعة الكروم والحبوب والخضار، ولم تكن حياة الفلاحين مرفهة وكثيراً ما كانوا يعجزون عن دفع الضريبة المتوجبة عليهم. كما شغل الصّناع مكانة متميزة في مملكة الرُها فقد أدّت التجارة دوراً مهماً في تعزيز مكانة مملكة الرُها وإنماء ثروتها.

فقد كان معظم التجار من المحليين والسلعة الرئيسة فيها الحرير. غير أن الحركة التجارية تراجعت بعد تحول طرق التجارة إلى البحر الأحمر ثم تدهورت بعد أن عمد الرومان إلى تربية دودة الحرير وإنتاج هذه السلعة ما أثّر ذلك على أوضاع التجار فترك قسم كبير منهم حرفتهم وانضموا إلى الحرس الملكي.

الديانة واللغة

اعتنق أهل مملكة الرها في بداية حياتهم، الوثنية كما انتشرت في بلاد الرافدين، وتقوم على عبادة الكواكب وبعض مظاهر الطبيعة. وتسمى الناس باسمائها وشيدوا لها الاصنام والمعابد وقدموا لها الاضاحي. نذكر أهم الهتهم: الشمس وسموها بعل عجلول، والقمر وأطلقوا عليه اسم سين ورسموه على نقودهم وتيجان ملوكهم. بالاضافة إلى بعلشمين وهو كبير الالهة.

واعتنقت فيما بعد الديانة المسيحية في العصر البيزنطي، فقد كان الأدب السرياني المسيحي الذي  تشكل منذ اللحظات الأولى لوجود المسيحية، ترسخ مع الزمن، ليصبح جزءاً من تاريخ المدينة السريانية، التي قامت بتصديره إلى العالم المسيحي في الخارج، لتتأثر بها المناطق القريبة كأرمينيا بداية وروسيا في وقت متأخر.

وصلت شهرة المدينة في ذلك العصر إلى أقاصي أديرة وكهوف الرهبان في الغرب الأوربي. تربعت المدينة في العهد البيزنطي على قائمة المدن في الأهمية بالنسبة للدين المسيحي، عبر تقليدها العريق في الأدبيات الدينية. ويبدأ التقليد المسيحي الرهاوي بنقاش فكرة دخول المسيحية إلى بلاد ما بين النهرين وإلى الرها على الأخص.

إن التقليد في كنيسة مملكة الرها وما بين النهرين عموماً؛ يؤكد أن الرسل الذين بشروا في هذه المنطقة هم أربعة: توما الرسول؛ حواري المسيح، ثم التلميذ أدي من السبعين الذين اختصهم المسيح للكرازة. ترسخ هذا التقليد في كتب تاريخ مدينة الرها مع بدايات القرن الثالث الميلادي، ليزداد رسوخاً خلال القرون اللاحقة.

بعض المؤرخين يرجح أن يكون للمجوس الذين زاروا القدس، لرؤية المسيح، دور في نشر الدين في منطقة ما بين النهرين في القرن الأول الميلادي، بعد عودتهم إلى بلادهم. كما كانت لغة المملكة الرسمية هي اللغة السريانية والتي تسمى “لغة الرها” حيث أن هذه اللغة نشأت وانتشرت من هذه المدينة، وفي هذه المدينة استحدث الخط الأسطرنجيلي من الخط التدمري. والذي هو بدوره مستحدث من الآرامي والمسند اليمني.

البقايا الاثرية في الرها

شهدت بقايا أثرية قليلة ثمينة من تاريخ مملكة الرها الطويل والحافل بالأحداث لا تزال مرئية اليوم. ولعلَّ أكثر ما يلفت الانتباه هو عمودين، يبلغ ارتفاع كل منهما حوالي 18.2 متر (60 قدما)، يقفان على قلعة المدينة. كانت الأعمدة تعلوها ذات مرة تماثيل الملك أبجر الثامن وملكته ولكنها تعود إلى القرنين 3 و 4 الميلاديين كما هو موضح في نقش سرياني على إحدى القواعد.

تنتمي إلى تاريخ مماثل بقايا بركتين كبيرتين من الأسماك، كانتا تستخدمان في السابق للحفاظ على سمك الشبوط (الكارب) لاستخدامات دينية لآلهة الخصوبة.  وهناك بعض الأجزاء من جدران التحصين في المدينة لا تزال في الموقع والعديد من المقابر والفسيفساء من أواخر العصور القديمة وأوائل العصور الوسطى في الرها. غالبية هذه الفسيفساء تعود للطبقات العليا الغنية، وغالباً ما تُظهر مشاهد من الحياة اليومية أو تمثيلات لشاغلي القبر وأسرهم.

أيقونة منديل الرها

وفقاً للأسطورة التي تم تسجيلها لأول مرة في القرن ال 6 الميلادي، أصبح (أبغار الخامس)، ملك الرها في أوائل القرن الأول الميلادي، مريضاً بشكل خطير ودعا يسوع المسيح لعلاجه. كان غير قادر على الزيارة شخصياً، ضغط المسيح على وجهه على قطعة قماش، مما ترك انطباعاً، ثُم أرسل قطعة القماش إلى أبغار. عند تلقي الهدية، تم شفاء الملك بأعجوبة وأصبح مسيحياً. والأهم من ذلك، كان يرافق المنديل رسالة، تعتبر في حد ذاتها أثراً مُقدساً، تنُصُّ على أنه طالما كانت المدينة في حوزتها المنديل، فلن يتم الاستيلاء عليها أبداً من قبل جيش العدو.

يبدو أن قصة المنديل استندت إلى التحول الفعلي إلى المسيحية لملك لاحق يحمل نفس الاسم، أبغار التاسع. مهما كانت أصول القصة، فإن الحقيقة المهمة هي أن شعب الرها، إلى جانب العديد من الآخرين في العالم المسيحي، اعتقدوا أنها صحيحة.

علاوةً على ذلك، تم نسخ الصورة الموجودة على أيقونة المعجزة، والتي ربما تكون أول الآثار المقدسة من نوعها، في العديد من اللوحات الجدارية والقباب في الكنائس حول العالم المسيحي حيث أصبح التمثيل القياسي المعروف باسم “المسيح ضابط الكُل” مع وجه المسيح الأمامي الكامل يحمل كتاب الإنجيل في يده اليسرى ويؤدي بركة بيمينه. ستلهم الصورة أيضا تصميم عملات الإمبراطورية البيزنطية. كان للمانديليون تأثيرات أخرى أيضا، حيث تم الاستشهاد بالأيقونة بشكل متكرر في الحجج اللاهوتية لتجسد المسيح كرجل حقيقي خلال العصور الوسطى.

الحملة الصليبة الثانية وانهيار مملكة الرها

دعا البابا أوجينيوس الثالث الذي حكم (1145-1153 م) رسمياً إلى شن حملة صليبية، ما يعرف الآن باسم الحملة الصليبية الثانية. الذي قاد الحملة الصليبية الملك الألماني كونراد الثالث ولويس السابع ملك فرنسا.

كما تم نهب المدينة مرة اخرى احتفاءً بقوة نور الدين زنكي الجديدة. وتم ذبح جميع المواطنين الذكور المسيحيين في المدينة، وتم بيع النساء والأطفال في العبودية، تماما كما حصل مع زملاؤهم الغربيون قبل عامين. لضمان عدم إمكانية استخدام الرها مرة أخرى من قبل العدو. وتم تدمير تحصيناتها بشكل منهجي.

المراجع:

1. Worldhistory
2. Britannica
3. Newadvent.org
4. Abouthistory
5. Historyfiled

نبذة عن مملكة نوميديا وأهميتها قديماً

عرفت منطقة شمال إفريقيا تعاقب عديد الحضارات على حكمها، من ذلك الممالك الأمازيغية، ولعلّ أشهرها مملكة نوميديا التي وحّدت المنطقة تحت راية مملكة واحدة وأخرجتها من التشتّت إلى الاندماج لتكون قوّة كبيرة قاربت أن تضاهي قوة قرطاج وروما في ذلك الوقت.

نبذة تاريخية عن مملكة نوميديا

تعد مملكة نوميديا واحدة من الممالك الأمازيغية القديمة والتي نشأت في الجزائر حوالي سنة 202 قبل الميلاد لتشمل الجزائر وجزء من ليبيا وتونس والمغرب. فقد كان يوجد قبل تأسيس مملكة نوميديا مملكتين أمازيغيتين في أرض الجزائر هي مملكة “الماسيل”  في الشرق، ومملكة “المازيسيل”  في الغرب. 

خلال تلك الفترة كانت الحرب البونيقية مشتعلة بين قرطاج وروما وكانت مملكة الماسيل حليف للرومان في حين أن مملكة المازيسيل كانت حليف لقرطاج وبسبب ذلك شجعت قرطاج ملك المازيسيل صيفاكس بالتوسع ضد مملكة الماسيل بسبب مساندتهم للرومان وبذلك اشتـعلت حرب طاحنة بين المملكتين الأمازيغيتين.[1]

فقد تمكن ملك الماسيل “ماسينيسا”  من هزيمة ملك المازيسيل “صيفاكس”  في معركة سيرتا سنة 203 قبل الميلاد وقام بتوحيد المملكتين الأمازيغيتين في مملكة واحدة وهي “مملكة نوميديا”  وبفضل ماسينيسا نجح الرومان من هزيمة قرطاج مما أتاح له الفرصة لتوسيع مملكتة على حساب الأراضي القرطاجية. [2]

أبرز ملوك مملكة نوميديا

يعد الملك ماسينيسا، مؤسس الدولة النوميدية، الذي حكم من عام 202 ق.م حتى وفاته في عام 238ق.م. وامتدت فترة حكمه قرابة 54 عاماً. ثانياً الملك ميسيبسا. وهو ابن المؤسس ماسينيسا. ولد عام 200 ق.م وحكم من 148 إلى تاريخ وفاته 118 ق.م.

بالإضافة إلى الملك ماستنبال الذي كان الشريك الثالث على عرش مملكة نوميديا مع اخويه، وحكم نوميديا من عام 148 ق.م إلى تاريخ وفاته 140 ق.م. وقد كان ابنه يوغرطة الأبن له من زوجته القرطاجية.

وأخيراً يوغرطة فقد ولد عام 160 ق.م. ولم يعجبه تقسيم المملكة من قبل عمه ميسيبيسا ليكون شريكاً عليها مع ولدي عمه. فتخلص منهما ووحد الدولة. وخاض أشهر حرباً شرسة ضد الرومان. و يوبا الأول الذي حكم من 60 ق.م حتى  عام 46 ق.م وهو آخر ملك نوميدي. وأصبحت المملكة بعدها مقاطعة رومانية.[3]

الملك يوغرطة

الحياة الأقتصادية في المملكة

مارس النوميديون لكسب معيشتهم الصيد إلى جانب الزراعة وتربية الماشية. حيث توفرت بنوميديا مادة القنص، فإلى جانب الأستفادة من لحم وجلود الحيوانات المصطادة. فكان من الضروري القضاء على بعض الحيوانات المفترسة التي أصبحت خطر يهدد السكان ومالديهم من ثروة حيوانية مستأنسة.

فقد ظهرت بوادر زراعة الحبوب لأول مرة في منطقة الصحراء الوسطى. حيث أظهرت الرسومات الجدارية في مملكة نوميديا عرض لمشاهد تتعلق باجراءات الزرع والحصاد. وكانت أدواتهم الفنية والتي كانوا يستخدمونها في حياتهم الزراعية مشتملة على فؤوس ومطاحن وفخار. إضافة إلى بقايا لتجهيز بدائي للري غرب المملكة. وزراعة أشجار الزيتون واستخراج الزيت منه وأعتبروه من المواد الأساسية. فإلى جانب استخدامه للأغراض المنزلية كانوا يدهنون به عضلاتهم خلال الحرب.[4]

الحياة والمجتمع في المملكة

ووفقًا للمؤرخين اليونانيين والرومان فقد اتبع النومانديون في حياتهم نظاماً غذائياً نباتياً، وأعرضوا عن تناول الكحوليات، وتشاركوا في ممارسة التمارين الرياضية بصورة منتظمة،، وكانوا يرتدون الصنادل أو يذهبون حفاة، فأسلوب الحياة النباتي عالِ الطاقة إلى جانب مناخ المنطقة أتاح لهم حياة طويلة وصحة قوية.

وعادةً ما كان يتم الإشادة بالنوميديين من قبائل المسيلي لبراعتهم الشديدة في التعامل مع الخيول وترويضها أكثر حتى من نظرائهم في الماسيسيلي، ويتردد بأن الناس هناك قد نشأوا بنوع من الاتصال الوثيق مع خيولهم لدرجة أنهم شكلوا حالة من الارتباط الشعوري غير المحسوس مع خيولهم فلم يتطلبوا السرج أو اللجام للتعامل معها،

وقد حاول الرومان وكذلك القرطاجيون استغلال هذا الامتياز فاستخدموا الفرسان النوميديين كجنود مرتزقة خلال فترة الحرب البونيقية الثانية، حيث وضعوا ضد بعضهم البعض بحسب ولاءاتهم المعلنة.[2]

المعبودات في مملكة نوميديا

لم يعرف النوميديون وحدة دينية. فقد آمنوا نوعاً ما بتعدد الآلهة، وقاموا بتقديم القرابين لأرواح السابقين وتبجيل الموتى ( الملوك منهم بشكل خاص) واتَّبعوا نوعاً من التقويم القمري، حيث قاموا أيضاً بعبادة الشمس والقمر، وفي فترة تاريخية لاحقة بدأت عبادة أشكال من الآلهة الشخصية أو المجسمة (أي تلك التي تحمل بعض الصفات الإنسانية).

حيث يزعم البعض بأنها أسفرت عن بعض من أهم الآلهة التي تم تصديرها إلى مصر القديمة مثل: أمون، وأوزوريس، ونيث، ويرجع البعض من المؤرخين القدماء أصول هذه الآلهة إلى ليبيا والتي تعني لحد ما نوميديا.[3]

أهم المعابد في المملكة

صومعة الخروب

صومعة الخروب هي التسمية التي أطلقها السكان على المعبد وتعني “البرج”، ومعروف باسم قبر قسطنطين. ويقع هذا المعبد على هضبة على بعد ٣ كيلومترات شمال شرق قرية الخروب. وينتمي معبد الخروب إلى نوع المعابد ذات الأدوار والذي اعتاد تشييده منذ القرن الرابع ق.م في كل من مدن أسيا وسوريا وصقلية، ولا ينتمي إلى العهد الروماني.[5]

ووفقاً لوثيقة من متحف سيرتا الوطني فإن الحفريات التي قام بها علماء الآثار الفرنسيون بين عامي 1915 و 1916 تثير احتمال أن تكون حجارة الضريح من الطراز الهيليني التي استوردها العمال اليونانيون الذين عملو تحت يد ملوك نوميديا خاصة ماسينيسا وابنه الأكبر ميكيبسا المعروفان لتحمسهما بالفن الهيليني القديم.[1]

المعبد الملكي الموريتاني

يقع هذا المعبد بين الجزائر العاصمة ومدينة شرشال ويقع على مرتفع يصل طوله إلى 261 م فوق سطح البحر. له شكل اسطواني ذو صفائح يعلوه مخروط مدرج.  ومصنف كمعلم وطني وضمن مواقع التراث العالمي حسب اليونسكو.

يمتازُ الضريح بانعكاس أشعّة الشمس الذهبيّة على مياه البحر، وتحيطُ به الأشجار الكثيفة، وقد اكتشفه دريان بيربروجر عالم الآثار الفرنسيّ، ويحتوي الضريح على نقوش تمثّل صورة أسد ولبؤة، وأروقة، والمبنى.

كما عُرف باسم “قبور الرومية” كما يسميه السكان المحليون، وكان يحتوي على أربعة أبواب وهمية متقابلة من الجهات الأربع شرق غرب، وشمال جنوب، تشبه في تقاطعها بخط نظر بين كل جهتين متقابلتين صليباً لاتينياً، فاعتقدوا أن القبر مسيحي، ولكن اتضح انه قبر لملكة رومانية، بني في إبان حكم الرومان لمملكة موريتانية القيصرية.[4]

نهاية مملكة نوميديا

لم يحقق ماسينيسا جميع طموحاته، أي أن يوسع مملكته على حساب قرطاجة وموريتانيا، وتوفي قبل أن تنهار قرطاجة التي كان ينتظر الفرصة السانحة للانقضاض عليها وضمّها إلى مملكته الواسعة الأطراف،فلما أحس الرومان بما كان يطمح إليه ماسينيسا وهو توسيع مملكته على حساب جيرانه الأعداء، سارعت روما إلى تقسيم عرشه بين أولاده الثلاث، وهم (ماسيبسا ومستنبعل وغولوسن). كما تم توزيع السلطات بين الابناء الثلاثة بحضور سيبون الافريقي الذي حاصر قرطاجة، وجاء ليعلن تبعية مملكة نوميديا للعاصمة روما سنة 40 قبل الميلاد.[5]

المراجع
1. britannica.com
2. Thinkafrica.net
3. Academic.accelerator.com
4. Hatshepsut.com
5. Ancientplace.africa.com

ماذا تعرف عن مملكة كرمة، وأين تقع؟

كان النوبيون مجموعة من القبائل، التي تعيش في مناطق شمال السودان، يعود إلى ما قبل الميلاد بكثير، وتمتد مناطقهم من جنوب مدينة الخرطوم وحتى حدود السودان الشمالية مع مصر. وهذه المناطق بقعة ثرية بالحضارات والممالك كمملكة كرمة التي سنتناول الحديث عنها في هذا المقال.

نشاة مملكة كرمة

نشأت مملكة كرمة في منطقة دونغولا في السودان الحديث، وهي مملكة نيلية أفريقية قديمة، عاصمتها مدينة كرمة، ظهرت في منتصف الألفية الثالثة قبل الميلاد، وسيطرت في أوج قوتها على العديد من الشلالات على نهر النيل، والتي كانت تغطي أراضي واسعة.

فقد برزت كقوة في المنطقة؛ بسبب موقعها الاستراتيجي الواقع على العديد من طرق القوافل المتجهة إلى مصر، والبحر الأحمر، والقرن الأفريقي. وبذلك فرضوا ضرائب ورسوم باهظة على جميع قوافل التجارة المارة عبر هذه الطرق، وكانت هذه الضرائب السبب الأساسي في ثروة كرمة.[1]

أبرز حكام المملكة

تشير الدراسات إلى وجود العديد من الملوك الذين حكموا مملكة كرمة. فقد بدأ الحكم من عهد الملك كاشتاوتنتهي حتى عهد الملك مالنقين، والقصر الملكي وكانت مروي مركزاً إقليمياً وكانت المقابر الملكية في مدينة الكرو التاريخية. يأتي من بعده الملكة ماكيدا ويحتمل أن تكون هي بلقيس ملكة سبأ.

بالإضافة إلى الملك اسركماني العام 950 قبل الميلاد. وأخيراً كادملو فقد  وجد نحت لها في أحد المعابد القريبة. وقد امتد حكم هؤلاء الملوك لمدة قرن تقريباً ما بين 690 و590 قبل الميلاد، وبما أنهم كانوا يحكمون كلا من مصر والسودان.[2]

مجتمع كرمة

حضارة كرمة كانت ريفية في المقام الأول، حيث كان عدد سكان مدينة كرمة حوالي 2000 نسمة فقط. فقد مارس النوبيون في هذه الفترة الزراعة والصيد وتربية الماشية مثل الأبقار والأغنام، وعملوا في ورش تنتج السلع الخزفية والمعدنية. القطع الأثرية الأكثر ارتباطاً بحضارة كرمة هي على الأرجح الدفوفة (المعابد).

ولذلك أبقت مواد البناء المصنوعة من الطوب اللبن الجزء الداخلي منها باردة على الرغم من الشمس النوبية الحارة، في حين سمحت الأعمدة الطويلة بتدفق هواء أكبر. كانت جدرانها مزينة بالبلاط ومزخرفة برسومات متقنة، وبعضها مبطن بالذهب.[4]

أهم المعالم في مملكة كرمة

أثبتت الدراسات والأعمال الآثرية التي أجريت على مواقع حضارة كرمة. إن هذه الحضارة لها الكثير من المخلفات الآثرية المادية التي تعكس النشاطات المعمارية لأهل هذه الحضارة. هذا بجانب بعض المخلفات التي تصور المخلفات الدينية والممارسات الثقافية التي كانت سائدة. ومن أبرز الآثار الموجودة في المملكة حتى الآن.

الدفوفة الشرقية والغربية

تعتبر من أهم معالم كرمة الآثرية، وأكثر الهياكل غرابة في النوبة والوحيدة من نوعها في الوجود وهما عبارة عن مبنى ومعبد جنائزي كبير من الطوب اللبن التي تبعد حوالي 3,5 كم من مجرى النيل.[3]

فقد تأتي أهمية الدفوفتان على أنهما مدافن حكام وسكان فترات حضارة كرمة المتعاقبة. إضافة إلى وجود المقابر التي تحمل شكل الكوم المستدير من الخارج. أما حفرة الدفن فهي دائرية أو بيضاوية تم فيها دفن صاحب القبر على عنقريب من الخشب ويحيط به الأثاث الجنائزي المكون من عدة أشياء منها الأواني الفخارية وأدوات الزينة.[5]

عادات الدفن في كرمة

تتميز طقوس الدفن في الديفوفة بأنها تحوي ما بين 20 و 30 قبر لملوك ورعايا هذه المملكة، والتي تعتبر شاهداً على طقوس دفن يعود تاريخها إلى حوالي 2500 قبل الميلاد. كما كانت تحتوي على جثمان الشخص المتوفى في وضعية الجنين، حيث يكون رأسه متجها نحو الشرق، ووجهه نحو الشمال.

كما كان سكان المنطقة يتبعون طقوس دفن خاصة. ومن هذه الطقوس، إحياء مراسيم تأبين متكررة لعدة سنوات. وهي مراسيم تجتمع فيها العائلة حول القبر لمشاركة الميت في مأدبة كبرى. تُترك بعدها الأواني مقلوبة فوق الأرض في دليل على تقاسم الوجبة مع الميت.[4]

علاقة المملكة مع مصر

تشير المصادر التاريخية إلى أن مملكة كرمة ومصر كانتا تتفاعلان بشكل كبير خلال الفترة الزمنية التي امتدت من حوالي 2500 قبل الميلاد إلى 1500 قبل الميلاد. في البداية، استخدم الملوك الكوشيون كرمة للدفن الملكي والاحتفالات الخاصة. مما يوحي ببعض الارتباط فيما بينهم.[3]

كما كان لها صلات تجارية معها وتتمثل في المنتجات الحيوانية والعاج والأبنوس. كما أنشأ المصريون الحصون في الحدود الجنوبية لمصر لتأمين تجارة وتأمين مصر من أي خطر. لأنهم كانوا يتخوفون أي هجمات من الجهة الجنوبية.

سقوط كرمة

غزت المملكة المصرية في عهد الفرعون تحتمس الأول من الأسرة الثامنة عشر في مصر مملكة كرمة في عام 1504 قبل الميلاد، ودمر عاصمتها مدينة كرمة، وأنشأ فيها مستوطنة جديدة، تُعرف اليوم باسم الدقي جل (ومعناها التل الأحمر)، ثم وضعوا نائباً فيها ليحكمها ويحافظ على أراضيها وثرواتها، واستمر المصريون في حكم كرمة، حتى ظهرت مملكة كوش، بعد تفكك المملكة المصرية خلال فترة عرفت باسم انهيار العصر البرونزي.[5]

المراجع

1. Heritagedaily.com
2. Unchicago.edu
3. History.com
4. Thinkafrica.net
5. Thearchaeologist.com

مملكة المناذرة، أول ممالك العرب قبل الاسلام

تعتبر مملكة المناذرة واحدة من الممالك العربية التي حكمت قبل الإسلام. وتميزت بالقوة والحضارة المذهلة التي ما تزال آثارها قائمة إلى هذا اليوم. وفي هذا المقال سنقدم أبرز المعلومات المتعلقة بمملكة المناذرة.

التأسيس والنشأة

المناذرة هم سلالة عربية حكمت العراق قبل الإسلام، ويعود نسبهم إلى بني لخم من تنوخ. هاجر المناذرة من مأرب في اليمن، بعد خراب سد مأرب، وكوّنوا مملكة قوية من أقوى ممالك العراق العربية قبل الإسلام. فكانت هذه المملكة هي امتداد للممالك العربية التي سبقتها مثل مملكة الحضر. وقد امتدت مملكة المناذرة من العراق ومشارف الشام شمالاً، حتى عمان جنوباً، متضمنة البحرين، وهجر، وساحل الخليج العربي. واستمرت مملكتهم في الحيرة حتى احتلها الفرس في مهدها. وبهذا أصبحت مملكة شبه مستقلة وتابعة للفرس، ومع ذلك أكملت الحيرة ازدهارها وقوتها. كان لمملكة المناذرة دور مهم بين الممالك العربية، فقد عززت علاقاتها مع الحضر وتدمر والأنباط والقرشيين. [1]

الحيرة عاصمة المملكة

الحيرة هي عاصمة المناذرة وقاعدة ملكهم، ويرجع أقدم ذكر للحيرة لعام (132م). وقد رابطت بها قوات مملكة تدمر، حيث تقع الحيرة قرب الكوفة حالياً وقريبة من نهر الفرات. ويمر في الحيرة نهر متفرع، كان يروي الحيرة، ومنه كانوا يركبون القوارب حتى الخليج العربي. كانت المملكة تتحدث العربية والآرامية والفارسية، وكان لها إسهامات كبيرة في الحياة الفكرية والدينية. كما اعتن أهل مملكة المناذرة وملوكها الديانة المسيحية التي دخلت إلى العراق في القرن الأول الميلادي، غير إنها انتشرت في القرن الثالث الميلادي. وأسس أهل المناذرة مذهبأ خاصا بهم سمي المذهب النسطوري والذي تمايز عن بعض معتقدات الكنائس الرومانية والقبطية. [3]

ملوك المناذرة

أول من حكم الحيرة كانوا من بني تنوخ، إذ كانت هذه القبيلة قد وصلت إلى البحرين من اليمن واستقرت فيها. ثم انتقل القبيلة إلى العراق بقيام الحرب الأهلية في فارس، فهاجروا إلى منطقة الحيرة والأنبار. وكان اسم الملك الأول “مالك بن فهم” وهو من الأزد، ثم انتقل الحكم بعدها إلى جذيمة الأبرش الذي يعود في نسبه إلى العرب العاربة. وفي مطلع القرن الخامس، يظهر اسم النعمان الأول، وعُرف باسم النعمان السائح؛ لأنه ترك ملكه في أواخر أيام حكمه، وخرج مستخفياً هارباً لا يعلم به أحد. وذكر عن النعمان أنه كان محارباً قوياً ورجلاً حازماً، اشترك في معارك كثيرة مع عرب الشام، كما ينسب إليه بناء قصر الخورنق. [4]

الحياة الفكرية والأدبية

كانت الحيرة منبرًا للفكر والمعرفة وزخرت بمعاهد العلم ومدارسه. وقد تلقى إيليا الحيري مؤسس دير مار إيليا دراسته الدينية في إحدى مدارس الحيرة، إضافة إلى مار عبدا الكبير دراسته في إحدى مدارس الحيرة، وكذلك نصير أبو موسى بن نصير فاتح الأندلس. كما تعلم المرقش الأكبر الكتابة وبعض العلوم في الحيرة. [1]

كان لموقع الحيرة بالغ الأثر في تلاقح الحضارات. إضافة إلى اهتمام ملوك الحيرة بالتدوين، إذ أمر النعمان بن المنذر بنسخ أشعار العرب فنسخت له. وقد عثر على بعضها مدفوناً في قصره الأبيض في زمن المختار، وكانوا ملوك المناذرة يشجعون الشعراء بالعطايا. ومن شعراء الحيرة، المثقب العابدي، و النابغة الذبياني، وطرفة بن العبد، وعمرو بن كلثوم، وعمرو بن قميئة، وولبيد بن ربيعة. كانت الحيرة مركزاً علمياً هاماً، وملتقى الأدباء في الجاهلية. وكان النعمان بن المنذر يجتمع بأدباء العرب في قصر الخورنق، ويقيم مهرجاناً أدبياً يسمى “المؤتمر”، فكانت الحيرة محجاً للأدباء والمثقفين. [2]

أهم الآثار الموجودة في المملكة

تركت مملكة المناذرة الكثير من الآثار الشاهدة على حضارتها العريقة، من أبرزها ما يأتي:

1. قصر الخورنق

الخورنق هو قصر بُني في نواحي العراق. ويعتقد أنه كان موجوداً قرب ما يسمى حالياً أبو صخير جنوب العراق. بناه النعمان بن امرؤ القيس في القرن الرابع الميلادي، وقد ورد الحديث عنه في أحاديث العرب وأشعارهم. ويُروى أن قصر الخورنق كان أحد أجمل قصور الكوفة، وقد استغرق بناؤه عشرين عاماً. وبعد أن انتهى البناء، عرضه على الملك النعمان، انبهر بن المنذر أشد الانبهار.

جزاء سنمار

وتحكي الروايات أنه قيل للملك أن هناك قطعة حجرية أو عمودًا بالقصر لو زالت لسقط القصر كله، وإنه لا يعلم مكانها غير الباني. وقيل إنه قال: “إني لأعرف في هذا القصر موضع عيب إذا هُدم تداعى القصر بأكمله”. وأضاف: “لقد صممت هذا القصر لك وحدك، ولا يمكن لأي شخص مهما كان أن يشيد مثله. ولقد تركت آجرة (طوبة) في موضع محدد، إن أزحتها من مكانها انهدم القصر برمته. فإن تعرضت مملكتك لغزو، أو تمكَّن الأعداء منك، فما عليك إلا أن تزيلها من موضعها فينهدم القصر فوق رؤوسهم جميعاً، وتهرب أنت ولن يبقى لهم شيء.” فقال النعمان: “ومن يعلم بأمر هذه الآجرة؟!” قال سنمار: “أنا وأنت فقط يا مولاي.” فتوجس الملك منه ريبة وخوفاً، وأحاطت به الوساوس والظنون. ورأى النعمان أن هذا السر الخطير يجب ألا يعلم به أحد؛ فباغته على حين غرة، ودفعه من على قمة القصر فمات. [3]

2. قصر السدير

قصر السدير هو أحد القصور التي بناها المناذرة اللخميون، في الحيرة بالقرب من قصر الخورنق. وينسب بناء قصر السدير إلى الملك النعمان الأول الملقب بالأعور والذي حكم الحيرة (390-420م). ويقع السدير في البرية ما بين الحيرة و بلاد الشام، واشتهر النعمان بن امرئ القيس بانه باني الخورنق والسدير. كانت للقصرين شهرة عظيمة في تاريخ الحيرة. كما يقال أنه شهد أحد أهم المؤتمرات في التاريخ العربي قبل الإسلام وهو «مؤتمر الخورنق». ففي هذا المؤتمر حاول الملك اللخمي توحيد كلمة العرب، للحد من نفوذ الدولة الساسانية. [4]

دير مار إيليا

 هو دير يقع في الجانب الأيمن من نهر دجلة جنوب الموصل، أسسه الراهب ايليا الحيري في نهاية القرن السادس الميلادي والذي جاء من مدينة الحيرة. ترك إيليا كل ما يملكه، ورحل عن مدينته للتنسك، حيث قصد نصيبين، ثم بنى ديره هذا بعد ذلك. وفي دير مار إيليا عدد كبير من الزخارف والنقوش، وفي عام 1743م قام قائد فارسي بتدميره فأوقع فيه الخراب والدمار، وحالياً هو مجموعـة أطلال مهجورة. [4]

انهيار مملكة المناذرة

وفي النهاية يمكن القول أن نهاية مملكة المناذرة جاءت نتيجة لعدة عوامل، منها الحروب والصراعات الداخلية والتحالف مع الفرس والرومان. كما أن الحروب الداخلية بين الأمراء والملوك على السلطة كانت من العوامل التي أدت إلى انهيار المملكة. بالإضافة إلى الحلفاء الفرس والرومان الذين ساهموا في إضعاف المملكة وتقوية منافسيها. [5]

المراجع

1. Britannica.com
2. Iranicaonline
3. Historytoday.com
4. Arabian Chronicle: Lakhmid Kingdo
5. Ancient- epic

عوالم من الصخر، استكشاف مملكة الأنباط

تضم شبه الجزيرة العربية العديد من الممالك القديمة التي حكمت المنطقة خلال العصور القديمة. ومن بين هذه الممالك مملكة الأنباط التي نجحت في تحويل الصخر والحجارة إلى مدن وقرى لا تزال حاضرة إلى الآن.

نشأة وتاريخ الأنباط

الأنباط قوم من العرب جاؤوا من قلب شبه الجزيرة العربية إلى بلاد الشام وشمالي الحجاز. حيث كان مجيء الأنباط إلى جنوبي الأردن نحو القرن السادس ق.م على الأرجح، على أن أول ذكر لهم في التاريخ، يعود إلى عام 312 قبل الميلاد عندما غزاهم «أنتيغون» أحد قادة الاسكندر المقدوني ولكنه باء بخيبة الأمل.

ويُقسم تاريخ الأنباط إلى فترتين أساسيتين، تمتد الأولى من 312 قبل الميلاد حتى احتلال الرومان لبلاد الشام. وتمتد المدة الثانية من عام 64 قبل الميلاد حتى عام تأسيس الإمبراطور الروماني ترايانوس للولاية الجديدة التي سميت «الولاية العربية» وعاصمتها بصرى، وقد حلت محل مملكة الأنباط. وهم أيضاً عرب وموطنهم كان يسمى «العربية  الحجرية» وأسماء الأعلام لديهم عربية (حارث – عبادة – مالك – قصي – جميلة)، ومعبوداتهم عربية (ذو الشرى واللات والعزى وهُبَل ومَناة).

البتراء عاصمة الأنباط

البتراء هي مدينة أثرية وتاريخية تقع في محافظة معان في جنوب المملكة الأردنية الهاشمية، وتشتهر بعمارتها المنحوتة بالصخور ونظام قنوات جر، وتعتبر واحدة من أهم المعالم الأثرية في العالم. كانت البتراء عاصمة مملكة الأنباط القديمة، وكانت محطة استراتيجية على طريق الحرير. وتعتبر البتراء موقعًا أثريًا مهمًا للغاية، وقد تم تسجيلها كموقع للتراث العالمي من قبل اليونسكو في عام 1981م. وتحتوي البتراء على العديد من المعالم الأثرية الهامة، مثل الخزنة والمعبد الكبير والمسرح والدير. وتعتبر البتراء وجهة سياحية شهيرة في الأردن وتستقطب السياح من جميع أنحاء العالم.

خزنة البتراء

تعتبر الخزنة الصخرية الضخمة المَعلَم الأهم في الموقع الأثري الرئيسي ضمن مدينة البتراء جنوب الأردن التي يطغى عليها لون رمالها وجبالها الوردية. شهد المكان وعبر سنوات سبقت التقويم الميلادي رحلات أهل الصحراء وأصول عاداتهم وتقاليدهم وتراثهم. حيث يستدعي الوصول إلى الخزنة المرور في طريق يشق جبال صخرية على الطرفين ويطلق عليه “سيق” يمر وسط أجزاء طبيعية وأخرى منحوتة.

وأثناء تجاوز “سيق” الصخور مشياً على القدمين أو بواسطة عربة يجرها حصان يوجّهه مُرشد من أبناء المكان. يمكن مشاهدة بقايا أقواس بمثابة بوابة للمدينة على جانبيها قنوات مياه وسدود وبعض الأحجار التي تنتشر بين أرضية من البلاط تنسجم مع محراب بارز وتماثيل يونانية. وبمجرد عبور “السيق” تظهر الخزنة عبر مبنى أثري محفور في الصخر يستقبل ولوج المدينة الوردية التي انضمت عام 2007 إلى عجائب الدنيا السبع وفق التصنيف الجديد وقتها. وقد حازت البتراء على غطاء التراث العالمي عام 1985 وأُدرجت ضمن محمية طبيعية ذات تقييم متقدم.

تتكون واجهة المبنى من طابقين بارتفاع يصل إلى 40 متراً وعرض يقترب من 25 متراً. فيما تشير معلومة مُرفقة على أحد الأعمدة الصلبة إلى افراغ المكان من مئات آلاف الأمتار المكعبة من الحجر الرملي عند اعادة اكتشافه في القرن التاسع عشر، وذلك من أجل الحصول على شكل أثري كفيل بمقاومة ظروف طبيعية. 
يوجد أعلى الخزنة قناة مائية تسهم في منع احتجاز الأمطار بما لا يؤثر سلباً في البناء. أما على بعض الجوانب، فثمة ثقوب مزدوجة يعتقد أنها كانت تستخدم في تثبيت “السقالات” لإنجاز عمليات النحت.

الديانة السائدة في مملكة الأنباط

الديانة النبطية تشبه ديانة العرب قبل الإسلام، كانت تقوم بالأصل على تقديس الأجسام الفلكية وغيرها من عناصر الطبيعة وبعض القيم كالشجاعة والعدالة. وبعض الأرباب كانوا بالأساس أرباب لقبيلة معينة أو مكان محدّد كما يدل اسمائها ونسبتها بـ «ذو» والأرباب. والربات لا يمثلون تمثيلاً تشخيصياً بل رمزياً، إذا صح التعبير، ويتقرب الناس منها بالنذور والأضحيات وبالدعوات.

ومن معبودات مملكة الأنباط اللات واسمها يعني الربة وهي موحدة بأثينا. وكانت عبادتها غالباً في القسم الشمالي من بلاد الأنباط، وقد اختلطت خصائص اللات بالعزى أحياناً. أما ربة القَدَر فهي «مَناة» اسمها يتردد كثيراً في كتابات المدافن خاصة في موقع الحجر (مدائن صالح). وتقابل مناة بالربة نيمسيس، ومناة لدى عرب الحجاز هي الثالثة في ثالوث الربّات  اللات والعزّى ومناة.

أشهر ملوك الأنباط

ليس بين الباحثين اتفاق على سياق الترتيب الذي توالى فيه الملوك على حكم مملكة الأنباط. فقد يعد حارثة الأول أول ملك نبطي وتطول المدة بعد حارثة الأول حتى نسمع عن ملك نبطي آخر. والأخر هو عبادة الأول الذي استمر في عهده النزاع بين الأنباط والحشمونيين. والذي انتصر عليهم في معركة أم قيس. وتلاه الحاكم الحارث الثالث حيث يعتبر المؤسس الحقيقي لمملكة الأنباط. يقترن اسم الحارث بفتوحات كبرى وانتصارات هيأت المجال للأنباط أن يوسعوا نطاق أملاكهم على حساب السلوقيين واليهود في آن واحد.

النشاط الاقتصادي في المملكة النبطية

كان الاقتصاد النبطي يقوم أساساً على التجارة والوساطة وعلاقة الأنباط بالبطالمة، والسلوقيين ومن ثم بالرومان. وانتشارهم على طول طريق التجارة الدولية بين البحر الأحمر وسورية ناتج غالبًا عن الحاجة إلى ضمان السير الطبيعي المأمون لتجارتهم الناجحة. فقد كان أقدم تجارة للأنباط هي إنتاج الإسفلت وبيعه لمصر حيث يستخدم في التحنيط. وقيامهم بالمبادلات الدولية والسيطرة على طرق التجارة العالمية مستفيدين من موقعهم الممتاز الذي تتلاقى عنده أهم طرق القوافل، ومنها الطرق الجنوبية الشمالية التي تصل اليمن وحضرموت ببلاد الشام. مرّت تجارة الأنباط بمحاذاة البحر الأحمر ثم تفرعت إلى موانئ البحر المتوسط. هناك طريق أخرى غربية تسير من معان باتجاه غزة وشمالي مصر، كما أن هناك طريق ثالثة شرقية تجتاز دُومة الجندل (واحة الجوف اليوم) لتتصل بمنطقة الخليج العربي.

على هذه الطرقات كانت تتم المبادلات التجارية لبضائع كالعطور والبخور واللبان من الجزيرة العربية والحرير والرياش من فارس والهند وما وراء النهر. بينما الزجاج والتماثيل والأخشاب والأقمشة والحبوب من بلاد الشام. وقد جمَّع الأنباط من هذه العمليات أموالاً طائلة، مكنتهم من إقامة مملكتهم القوية التي كان قوامها طبقة من أغنياء التجار ورجال القوافل. تحلقت دولة الأنباط حول عاصمة منيعة هي البتراء، فضربوا العملة الخاصة بهم ووضعوا مكوساً على الترانزيت وعلى البيع والشراء. وكان يحمي هذه المصالح هجانة شديدو البأس وجيش متمرس.

الفن والنحت النبطي

إن الفن النبطي فن مَحلّي متأثر بفن جنوبي الجزيرة العربية والرافدين، وقد طبع بطابع هلنستي خاصة من مدرسة الاسكندرية والمدرسة السورية، نتيجة للقرب الجغرافي والعلاقات السياسية والاقتصادية المشتبكة. وتجلى الفن النبطي أكثر ما تجلى في العمارة، وخاصة عمارة المدافن، والمعابد التي أصبح لها طابع متميز.

تركز معظم فن العمارة في مدينة البتراء وتجلَّى بنحت الصخر الرملي الجميل وإنشاء الأوابد في أعماقه أو على ذراه حتى لو كانت معابد أو مسارح. وقد برز الفن النبطي خاصة بنحت واجهات معمارية زخرفية رشيقة بديعة للأوابد، وأكثرها من المدافن. وتعتمد هذه الواجهات على زخرف المدرجات وأشكال الصور، وعلى كل حال فإن الأنباط، في حدود ما يعرف من منحوتاتهم، أمناء للتقاليد الشرقية في الميل إلى النقش البارز أكثر من الميل إلى التماثيل.

أما نحت التماثيل لدى الأنباط فهو أقل طرافة وأهمية، وهو منفَّذ بالحجر الكلسي أو الرملي في الجنوب وبحجر البازلت في الشمال. ومنه ما هو محليِّ صرف، ومنه ما هو تقليد لموضوعات إغريقية، أو مزيج من الفن الإغريقي والتقاليد المحلية.

لغة مملكة الأنباط

لغة الأنباط كانت اللغة النبطية. وهي لغة سامية شرقية قديمة كانت تكتب في المملكة النبطية القديمة التي كانت تقع في منطقة شمال شبه الجزيرة العربية وجنوب الشام. يعتقد أن اللغة النبطية كانت بالأبجدية النبطية، وكانت لها تأثير كبير على اللغة العربية واللغات السامية الأخرى في المنطقة.

أهم المواقع النبطية

تقع واحة العلا إلى الجنوب من الحجر وفيها كتابات نبطية. فقد كشفت بعض النصوص في واحة الجوف (دُومة الجندل في المملكة العربية السعودية)، وقد عمل الآثاري بيتر بار بالتعاون مع دوائر الآثار السعودية بمسح لهذه المواقع في أواخر الستينات. ومن المواقع النبطية الأخرى وادي رمّ شرقي العقبة وتنور غربي طريق البتراء _ الكرك، وموقع عَبْدة (أفدات) في شبه جزيرة سيناء. وتوجد مأدبا وكانت من أهم المراكز النبطية، وفي بصرى (في سورية) يوجد العديد من الآثار كالحي النبطي والأقواس النبطية. 

نهاية المملكة النبطية

تم تدمير مملكة الأنباط على يد الإمبراطور الروماني تراجان في عام 105 ميلادي. وتشير المصادر إلى أن هناك عدة أسباب لانهيار المملكة النبطية، بما في ذلك الصراعات الداخلية والتقلبات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وكانت المملكة تعتمد بشكل كبير على التجارة والتحكم في طرقها في المنطقة. ولكن مع تغيّر الأوضاع السياسية والاقتصادية في المنطقة، مما أدى إلى تراجع نفوذ المملكة وتدهور اقتصادها.

المراجع

1. Worldhistory
2. Britannica
3. Alchetron.com
4. Historyfiles
5. History.com

مملكة غرناطة، أجمل ممالك الأندلس

إنَّ الحضارة الأندلسيَّة تميَّزت دائماً ببصمتها الخاصَّة وكونيَّتها وتفرُّدها، وقد شهد العالم كلُّه ذلك من خلال الآثار الباقية؛ سواءٌ المادِّيَّة منها أم السلوكيَّة، والتي ما زالت راسخةً في أذهان وعادات الشعوب التي تماسَّت مع حضارة الأندلس. وفي المقال التالي نحن بصدد التعرف على أحد أهم ممالك الأندلس وهي مملكة غرناطة الأندلسية.

الموقع والتسمية

تقع مملكة غرناطة في جنوب مدينة مدريد (عاصمة أسبانيا حالياً). وهي إحدى ولايات الجنوب الأسباني وتطل على البحر المتوسط من الجنوب وتطل على نهر شنيل وبساتين قصور الحمراء وتلها العالي. وكما أنها تعلو قرابة (669) متر فوق سطح البحر مما جعل مناخها غاية في اللطف والجمال. ومنه اشتق اسمها، حيث تعني كلمة غرناطة عند عجم الأندلس “رمتنة” وذلك لحسنها وجمالها.

تاريخ المملكة

تأسست مملكة غرناطة في موضع مدينة رومانية صغيرة تعرف باسم أليبيري. وطوال التاريخ الروماني بأسره لم يكن لهذه المدينة ذكر كبير. فقد يرجع ازدهار المدينة وعظمتها إلى أسرة بني الأحمر بعد أن دخلها محمد بن يوسف بن نصر استجابة لدعوة أهلها عام 635هـ / 1238 م لحمايتهم من الصليبيين ومنذ ذلك الحين أصبحت غرناطة عاصمة لمملكة بني الأحمر.[1]

مجتمع غرناطة

تمتعت غرناطة بمجتمع متنوع ومتعدد الثقافات والأديان، بما في ذلك مسلمين ومسيحيين ويهود. ولذلك كانت تعد من أهم المدن الأندلسية التي تميزت بالتسامح والتعايش السلمي بين الأديان المختلفة. كما بوجه عام تبدو من الخارج بسيطة متشابهة ويغلب على جدرانها اللون الأبيض.[2]

ولكنها بالمقابل غنية من الداخل إذ يظهر السخاء في زخرفة السقوف، واهتمام الأندلسيين بتزيين البيوت يعبّر عن ميلهم إلى الزخرفة الدقيقة، فمنذ القرن الثالث عشر للميلاد/السابع الهجري بدأوا يرصفون البيوت بالخزف، والمربعات الخزفية حلت في عهد بني الأحمر مكان الرخام في زخرفة البيوت.[3]

حكام مملكة غرناطة

وجد العديد من الملوك الذين حكموا مملكة غرناطة نستعرض فيما يلي أشهرهم وهو عبد الرحمن الداخل الذي تلقب بـ الناصر،  فقد دخل الأندلس وهي تتأجج بالنزاعات القبلية والتمردات على الولاة حيث قضى عبد الرحمن في فترة حكمه، التي استمرت 33 عامًا، في إخماد الثورات المتكررة على حكمه في شتى أرجاء الأندلس، تاركاً لخلفائه إمارة استمرت لنحو ثلاثة قرون.

ويأتي بعده عبد الرحمن الناصر الذي حكم من عام 912 إلى عام 961، يمثل عهده النهضة التي وصلتها الدولة الاموية. وبهذا حافظ على حدود الدولة الخارجية عن طريق تحقيق انتصارات عسكرية على الممالك المسيحية المجاورة في الشمال. وأخيراً أبو عبد الله محمد الصغير الذي كان آخر ملوك غرناطة، وحكم من عام 1482 إلى عام 1492، وشهد حكمه سقوط غرناطة بيد الملوك الكاثوليك الإسبان.[5]

آخر حكام مملكة غرناطة

الحياة الإقتصادية في المملكة

تمتعت الحياة الاقتصادية في مملكة غرناطة بالتقدم والازدهار حيث تعدد المُنتجات الزراعية والصناعية وطرق وأساليب الري والعلاقات التجارية الناجحة مع البلدان القريبة والبعيدة. والتي أدت بدورها إلى نشاطات اقتصادية مُتشابكة كانت بحاجة إلى ضبط القوانين وتنظيم العلاقات وتعيين الحقوق والواجبات.

فقد كان على مملكة غرناطة إبرام العديد من المُعاهدات التي تضمنت في بنودها النشاط الاقتصادي مع الممالك والدول. وكان من بين هذه المعاهدات تلك التي كانت بين غرناطة وأرغون . كما عقدت مملكة غرناطة مع نظيراتها بعض الجمهوريات التجارية والإمارات الإيطالية مثل جنوة وفلورنسا لأجل الحصول على مُنتجات الشمال الأفريقي. وخاصةً الأصباغ والأصواق والحبوب، فيما كانوا يبيعون بالمقابل الحرير الأندلسي والخشب.[4]

أهم الأماكن الآثرية في مملكة غرناطة

قصر الحمراء

تميزت مملكة غرناطة بأبرز آثار العهد الإسلامي، ومن بينهم قصر الحمراء الذي بني في عهد محمد الأول بن يوسف بن نصر “الأحمر” الملقب بالغالب بالله، إذ اندرج ضمن مواقع التراث العالمي من قبل اليونسكو عام 1984 متضمنة حدائق ملحقة بالقصر. وهي مكان استجمام وراحة أمراء غرناطة المسلمين عندما كانوا يريدون الفرار من ملل الحياة الرسمية في القصر.[2]

وبهذا كانت تقع في موقع يسمح برؤيتها من جميع أنحاء المدينة. حيث تم بناء القصر والحدائق على طراز بنو الأحمر في عهد محمد الثالث، وتم إعادة تصميمها بعد فترة وجيزة من قبل أبو الوليد إسماعيل. وهي الآن من أكثر الأماكن جذبًا للسياح في غرناطة. بالإضافة إلى ذلك يضم القصر في مملكة غرناطة العديد من الأقسام والصالات والمآذن والقباب، ومن أهم هذه الأقسام:

بهو البركة وهو القسم الرئيسي في القصر، ويتميز بوجود بركة ماء وسطه، ويحيط به العديد من الأروقة والصالات والمعالم الأخرى. وإلى جانبه قاعة الأختين وتقع في شرق بهو البركة، وعرفت بهذا الاسم لأن أرضها تحتوي على قطعتين من الرخام متساويتين وضخمتين.

وبالإضافة إلى ذلك قاعة الملوك وهي القاعة الرئيسية في القصر، وتتميز بجدرانها الزخرفية والملونة والتي تحتوي على العديد من النقوش والرسومات الإسلامية. وأخيراً لدينا قصر الخليفة وهو الجزء الأكثر خصوصية في القصر. ويضم العديد من الغرف والصالات والمعالم الأخرى، ويتميز بتصميمه الفريد والزخارف الجميلة. [3]

الحديقة المحيطة بقصر الحمراء

كاتدرائية غرناطة

بُنيت كاتدرائية غرناطة فوق مسجد غرناطة الشهير الذي بناه بنو الأحمر وسط المدينة. حيث بدأت أعمال البناء فيه أثناء عصر النهضة الإسباني في أوائل القرن السادس عشر. وبعد فترة وجيزة من سقوط غرناطة بيد الملكان الكاثوليكيان (فرناندو الثاني وإيزابيلا) تم تكليف خوان جيل دي هونتانون وإنريكي إيجاس بأعمال البناء.[5]

الزخارف الإسلامية في قصر الحمراء

تميزت زخارف قصر الحمراء بالتنوع والتعقيد، وتشمل العديد من الأشكال والرموز الإسلامية والعربية. وتتضمن هذه الزخارف النقوش الخطية بأنواعها، مثل الخط النسخ والخط الكوفي، والتي تم نسخها بأسلوب المرآة المعكوسة، بمعنى أن الكلمة نفسها كتبت تارةً من اليمين وأخرى من اليسار.

فقد تم نقش العديد من القصائد الشعرية على جدران القصر، بما في ذلك قصائد لشعراء كانوا حُجّاب للملك ورؤساء وزراءه، فقد كانت تعبر هذه القصائد عن الحياة الاجتماعية والثقافية في الأندلس، وكان هناك ثلالة شعراء يمثلون (القصيدة المنقوشة وهم : ابن الجيّاب، وابن الخطيب، وابن زمرك وهو أهمّهم وقد شغل الثلاثة جميعُهم منصب الوزير الأعظم ، وكانوا كتّاباً كباراً للبلاط الملكي، إذ كانوا يشرفون بأنفسهم على تزويق وتنميق المباني، كما كانوا يشرفون على وضع القصائد والزيادة فيها، أوالنقصان منها حتى تتلاءم والحيّز المكاني المخصّص لها فى القصر.

وهنالك نموذج لهذا الشّعرالمنقوش على جدران الحمراء نقدّم الأبيات التالية لابن زُمرك التي خطّت على حاشية من مَرْمرٍ مَسْنُون، وَذَهَبٍ مَوْضُون ببهو الأسود،إنه يقول فيها : 

يذوبُ لجين سال بين جواهر  /غدا مثله فى الحُسن أبيضَ صافيَا

تشابه جار للعيون بجامدٍ  /  فلمْ ندرِ أيّاً منهما كان جاريَا

ألمْ ترَ أنّ الماءَ يجرى بصفحها  /  ولكنّها سدّت عليه المجاريَا

كمثلِ مُحبٍّ فاضَ بالدّمع جفنُه   /    وغصّ بذاك الدّمعُ إذ خافَ واشيَا.[3]

سقوط مملكة غرناطة

كان سقوط غرناطة المعقل الوحيد للمسلمين في الأندلس في الثاني من يناير من عام 1942م، بعد أن استسلمت وسلُّمت بإتفاقية وقعها أخر حكام المملكة( أبو عبد الله الصغير) مع كل من فرديناند، وإيزابيلا من الطائفة الكاثوليكية. وقد كان هذا السقوط نتيجة حتمية بعد حروب شنّها الصليبيون على دويلات المسلمين في الأندلس طوال أربعة قرون. حيث عرفت تلك الحروب الصليبية ب حروب الإسترداد.

ولذلك كان من الأسباب التي أدت إلى سقوط غرناطة وتتمثل في الترف وحب الدنيا وكثرة المعاصي والإسراف فيها وموالاة أعداء المسلمين وتنازع ملوك المسلمين وغيرها من الأسباب وبذلك يمثل سقوط غرناطة نهاية الحكم الإسلامي في الأندلس، وكان لهذا الحدث تأثير كبير على تاريخ إسبانيا وأوروبا بشكل عام.[2]

المراجع

1. Britannica.co
2.University of cambridge
3. Civitates granada
4. Historical introduction
5. History.com

مملكة سبأ من المواقع المدرجة على قائمة التراث العالمي.

تمیز الیمن القدیم بممیزات قلما توفرت لغیره من البلدان. أدت إلى نشوء حضارتها و تطورھا في جنوب شبه الجزیرة العربیة. ونشوء ممالك قديمة مهمة مثل مملكة سبأ. فقد يعد موقعها الاستراتيجي الذي يتوسط الثلاث قارات، من أھم الأسباب التي أھلتها لبناء حضارتها.

موقع مملكة سبأ

كانت منطقة مأرب الواقعة في شرق العاصمة اليمنية صنعاء عاصمة لمملكة سبأ، ومهد أعرق حضارة قديمة عرفت في جنوب الجزيرة العربية. فقد اعتبر الحميريون امتداداً متكاملاً لمملكة سبأ التي سادت كامل منطقة جنوب الجزيرة العربية، حتى مناطق ارتيريا وأثيوبيا الشرقية في القرن الأفريقي.

كما انها كانت واحدة من أقوى وأضخم الإتحادات القبلية في اليمن القديم، ويرجع تاريخ وجودها إلى القرن الحادي عشر قبل الميلاد. فاستطاعت تكوين نظام سياسي وصُف بالفيدرالية ضمت مملكة حضرموت ومعين. وسميت المملكة بهذا الاسم، نسبة إلى سبأ بن يشجب بن يعرب بن أرفخشد.[1]

مملكة سبأ وعلاقتها بسد مأرب

يمثل سد مأرب أحد أهم وأقدم منظومات الري المتطورة والعجائب الهندسية لحضارة سبأ، وحِيكت في بنائه الأساطير. فضخامة حجارته جعلت الناس يتناقلون أن من بناه هم عمالقة من قوم عاد. وبفضل السد تحولت مدينة مأرب إلى واحدة من حواضر العالم القديم.[1]

كما كانت بدايات إنشاء السد تتمثل في حجز أجزاء من وادي ذنة بين جبلي البلق الشمالي والأوسط. عبر بناء عتبات مرصوفة من الأحجار والطين على شكل جدران طولية لكسر حدة السيل والتخفيف من قوته. وعُثر على نوع من أسلوب العمارة البدائي هذا في الجنوب الغربي من الوادي.

فقد ساهم الطمي الناتج عن السد في توسع الأراضي الخصبة. وتحولت الزراعة إلى مورد اقتصادي للحضارة السبئية وعامل استقرار على مر قرون طويلة، وفي الوقت نفسه كان السد عامل تهديد؛ فانهياراته تكررت بسبب تراكم ترسبات الطمي في حوضه.[2]

الأهمية الإقتصادية والتجارية

كان للمملكة أهمية خاصة لدى الشعوب القديمة، حول البحر المتوسط كونها مصدر القوافل التجارية وممراً تجارياً. فقد ارتبط اقتصاد سبأ بالنشاط الزراعي، فعملوا السبئيون بالزراعة وأقاموا العديد من السدود للإستفادة من مياه الأمطار، وأشهرها سد مأرب ويعد من أعاجيب العالم، الذي ساهم في زراعة النباتات العطرية.

فقد ساعد الموقع الجغرافي الذي تحتله مدينة مأرب على التحكم بالطريق التجاري الذي يبدأ من ميناء قنا، وصولاً إلى البحر المتوسط. فكان له الفضل في إتقانهم لمهنة التجارة التي درت عليهم أموالاً طائلة. فكان من نتائج هذا الثراء تشييد المباني وتفننوا بتزينها وزخرفتها. وكما تاجرت أيضاً بالعطور والدر والبخور واللبان.[2]

النظام الملكي وأشهر الحكام

شهدت مملكة سبأ عدة أنواع من أنظمة الحكم التي سادتها في فترة قيامها. أولها حكم الكهنة، ثم انتقل إلى الحكم الملكي. حيث تم تأسيس المملكة على يد كربئيل وتر، الذي قام بتوسيع نفوذ سبأ، وشن حملات على المناطق الساحلية الجنوبية الغربية لليمن وسيطر عليها، واتخذ مدينة «صَرْواح» عاصمة للمملكة، ثم نقلها إلى «مأرب».

ومن ناحية أخرى كانت المملكة تحكمها سلالة ملكية، وقد تم تسجيل أسماء بعض الحكام الأكثر شهرة في تاريخ المملكة، ومن بين هؤلاء الحكام “كريب الأول” وهو أحد أوائل ملوك سبأ، ويعتقد أنه حكم المملكة في الفترة ما بين 1200 قبل الميلاد إلى 1150 قبل الميلاد.

ومن بعده جاء “يثعمر بن قحطان” وهو أحد أشهر ملوك سبأ، وذكر اسمه في القرآن الكريم. إضافةً إلى الملكة بلقيس وهي التي ذكرت في القرآن الكريم والتوراة.[3]

الحياة الدينية

تشير المصادر التاريخية والأثرية إلى أن معبد (برآن) يعد المعبد الرئيسي للإله (المقة) إله الدولة السبئية، ويطلق العامة على أطلاله (محرم بلقيس)، ويرجع تاريخ بناءه إلى القرن الخامس قبل الميلاد الذي قام بتسوير حائط المعبد.

وتمثلت هذه الأهمية بأنه كان رمزاً للسلطة الدينية في سبأ، وكان لازماُ على الشعوب التي ضمت إلى الدولة السبئية. زيارة المعبد وتقديم القرابين والنذور لإله المقة تعبيراً عن الخضوع والولاء للدولة السبئية.[5]

أهم الاثار والمكتشفات

كشفت العديد من الدراسات أن التماثيل والمنحوتات السبئية تتشابه إلى حد كبير مع التماثيل اليونانية، لكنها تتفوق عليها بإظهار البعد الثقافي للمملكة. وكان الكثير منها مصنوع من البرونز وحجر الجير وعدد بسيط أُستخدم فيه الذهب والفضة، كما عكست تلك التماثيل بعض ملامح الحياة الاجتماعية في ذلك الوقت حيث تضمنت صوراً للفلاحين والمزارعين البسطاء بجانب أخرى للطبقات الثرية.

كما كان هناك العديد من المعالم في المملكة سُجلت على قائمة التراث العالمي مثل مدينة مأرب القديمة، ومدينة ومعبد صرواح، وسد مأرب القديم بمرافقه، ومعبد أوام، ومعبد برآن.

إضافةً على ذلك اشتهروا بفن النحت فاعتمد السبئيون في نحتهم على الحفر على الحجر أو المرمر، فكانوا ينقشون الصور أو الآثار التي يريدون تخليدها على سطح المادة المحفور عليها، كما استعملوا الأحجار الكريمة لارتدائها كخواتم لليد بعد تزيينها بكتابات بخط المسند لختم الوثائق والمستندات الرسمية.[4]

الأساطير والقصص في مملكة سبأ

تحتوي مملكة سبأ على العديد من الأساطير والحكايات التي تدور حولها، ومن بينها قصة ملكة سبأ. التي زارت الملك سليمان عليه السلام في بلاد الشام. ولأنها كانت تريد الاطلاع على حكمته وعلمه. وعن رحلة الملكة إلى بلاد الشام وما حدث خلال هذه الرحلة. إضافةً إلى قصة الإله المقة الذي كان يعبد في مملكة سبأ، وكيف كان يعتبر هذا الإله من أهم الآلهة في الحضارة السبئية.[3]

سقوط المملكة

في عام 115 قبل الميلاد تحالفت سبأ ومملكة حضرموت المجاورة، وأحرقا عاصمة مملكة قتبان، وهو ما أشعل فتيل الحروب الأهلية في تلك المنطقة، حتى واجهت سبأ تحالفات عدائية كبيرة، نجحت مع مرور الوقت في إضعاف المملكة وتقويض نفوذها، ما أدى إلى تفتيت النظام الفيدرالي واستقلال كل قبيلة على حدة، ليبدأ عقد سبأ في الانفراط حبة تلو الأخرى، وصولًا إلى انهيارها بشكل تام وسقوطها في أيدي الحميريين في القرن الثالث الميلادي.

هناك روايات ثانية ترجع سقوط سبأ إلى انهيار مقومات نهضتها، في إشارة إلى نفوذها الاقتصادي، حيث فقدت الكثير من هذا النفوذ بسبب تحويل البطالمة التجارة من البر إلى البحر، وبذلك تراجعت حصة سبأ في العوائد التجارية وهو ما كان بمثابة ضربة قاصمة قوضت ثقلها الاقتصادي في المنطقة، فيما ذهبت ثالثة إلى أن انهيار سد مأرب كان السبب الرئيسي وراء انهيار المملكة وتشتت شعبها.[5]



المراجع

1. Britannica.com
2. worldhistory.org
3. Historyfiles.com
4. heritagedaily.com

5. BIBLICAL ARCHAEOLOGY SOCIETY

مملكة الحضر، أقدم الممالك العربية في العراق

تعد مملكة الحضر واحدة من أقدم المدن التاريخية الهامة في بلاد مابين النهرين، فهي تتميز بتاريخها الغني والمتنوع الذي يعود إلى العصور القديمة.

الموقع وأهمية مملكة الحضر (عربايا)

تقع مدينة الحضر في قلب بادية الجزيرة الشمالية التابعة لمحافظة نينوى شمالي العراق، وتتوسط نهري دجلة والفرات عند الأطراف الشمالية الغربية من العراق. وامتد نفوذها إلى نهر دجلة من الشرق والفرات من الغرب. لكن في عصر ازدهارها، امتد نفوذها شمالاً إلى ما وراء سنجار.

نشأت مملكة الحضر وتعرف أيضا بـ”عربايا”، أي مملكة العرب على أنقاض طبقات سكنية تعود إلى الفترة الآشورية الحديثة. حيث نمت وتوسعت لتصبح مملكة مستقلة في القرن الثاني قبل الميلاد. واستمر حكمها إلى عام 241 من الميلاد، عندما سقطت على يد الملك الساساني شابور الأول.

تشير النقوش الكتابية إلى أن اسم المملكة كُتب بالآرامية بصيغة “حطرا”. ومن ذلك ما نٌقش على المسكوكات المضروبة فيها من الحضريين أنفسهم شعارا لعملتهم الوطنية الخاصة، وذلك في عبارة “حطرا دي شمش”، وتعني الحضر مدينة الشمس أو العائدة للشمس.

أصبحت مملكة الحضر هي الدولة العازلة بين إمبراطوريتين مهمتين، وهما إمبراطورية الإسكندر وإمبراطورية الفرس. ثم الإمبراطورية السلوقية والساسانية والفرثية، لتصبح بذلك حلقة وصل تاريخية، والملاذ الآمن للقبائل العربية والآرامية. وأنشأت مدينة مزدهرة عمرانياً واقتصادياً، لا سيما أنها كانت محطة عبور للقوافل التجارية.[1]

ملوك الحضر

ظلت مملكة الحضر تحت هيمنة الحكم الروماني مئات السنين، ولم تزدهر وتصبح مملكة لها حضورها المستقل وثقلها الإقليمي إلا بعد سقوط الرومان. وقد تناوب على حكمها 4 ملوك عرب فقط، خلال 84 عامًا، كان أولهم الملك ولجش الذي حكم 65 عاماً. تم التعرف عليه من أكثر من 20 نقشًا من النقوش التي وجدت في المملكة.[5]

وتلاه في الحكم شقيقه الملك سنطروق الأول، وقد وجدت كتابة على أحد المباني الأثرية بالمملكة تقول: “سنطروق هو ملك العرب”. ثم تولى الحكم نجله الأكبر الملك عبد سيما الذي دام حكمه عشر سنوات فقط.

أما الملك سنطروق الثاني فهو الأطول حكمًا للمملكة، فقد دام حكمه أكثر من 40 عامًا. وفي عهده شهدت الحضر أكبر ازدهار لها، على المستوى الجغرافي التوسعي أو الاقتصادي. فامتدت البلاد إلى ما بعد نهر الفرات في الغرب، ووصلت إلى تخوم بلاد الشام. الخاضعة حينها للحكم الروماني.[4]

الديانة في المملكة

سكنت مملكة الحضر قبائل عربية، وعاش وسطهم القليل من الآراميين، ولم تكن سوى قرية نشأت خلال العصر الآشوري الحديث (عام 612 قبل الميلاد). واستغلت غياب قوة الإمبراطورية الآشورية لتتوسع وتصبح مركزا لاستقطاب الأفراد من البدو ورعاة الإبل والمتجولين في عموم البادية الشمالية.[1]

أهل الحضر كانوا يعبدون آلهة عدة منها اللات وشمش. وتعني الحقيقة المطلقة عند الحضريين، كما نعتوا الشمس بالإله الأكبر وقد تخيلوه على هيئة كهل عاقل. كما توضح رسومهم على أقواس وإسكفات في المعبد الكبير، فقد انتقلو من الوثنية و تحولوا إلى الديانة المسيحية. وأصبحت مملكتهم مملكة دينية ذات حكم ديمقراطي، وتتمتع بأرقى معاني الديمقراطية وحرية إبداء الرأي مقارنة بالممالك الأخرى.[2]

العمارة والفن

شهدت الحضر العديد من الاكتشافات الهامة على مر السنين. ومن بين أهم الاكتشافات التي تم العثور عليها في مملكة الحضر عملات معدنية تحمل اسم “حضر شمش” وتماثيل. وتعد العملات والتماثيل جزءًا من التراث الثقافي للمدينة، كما تم اكتشاف أبراج مراقبة وحمامات ذات نظام تسخين متطور. تعكس حمامات عربايا التقدم التكنولوجي الذي كانت تتمتع به المملكة. كما احتوت على مكان عبادة مخصص لكاتب الله نبو والإلهة ناني، بالإضافة إلى شهادة من كاهنة للإلهة عشتار دي أربيل، وربما أيضًا اسم ذكر الله آشور.

تم العثور أيضاً على نقش بارز يمثل الإلهة على ظهر جمل في معبد اللات، والذي يشير إلى طقوس دينية. يمكن القول بأن هذه الاكتشافات تعكس الحضارة والتقدم الذي تمتعت به مملكة الحضر، وتعد جزءاً من التراث الثقافي لهذه المدينة التاريخية.

كلها كانت عوامل مساعدة دفعتهم للتفكير بالإبداع وإيجاد عناصر عمرانية خاصة متمثلة بالمعابد في إبراز الالهة ومكانتهم. فقد تم العثور على البرونز وأعداد كبيرة من المسكوكات، منها ما هو مضروب في مدينة الحضر. حيث امتلكت مملكة الحضر داراً لضرب العملة النحاسية والفضية والذهبية.[3]

قطع معدنية كانت مستخدمة في مملكة الحضر.

علاقات مملكة الحضر

تشكلت علاقات مملكة الحضر مع الدول الأخرى في المنطقة وخارجها على مر السنين، وكانت هذه العلاقات تتميز بالتعقيد والتنوع. ومن بين العلاقات الدبلوماسية التي كانت تربطها مع الدول الأخرى، علاقات تجارية ودبلوماسية مع الإمبراطورية الرومانية. وكانت تستورد منها بعض المواد الأساسية مثل الحديد والبرونز. وأيضاً كان لها علاقات مع الإمبراطورية الساسانية فاستوردت منها الحرير والتوابل. [5]

الكتابة الحَضَرية

تُعتبر الكتابة الحضرية كتابة خاصّة، شأنها شأن الكتابات في الممالك المجاورة لها كالتدمرية والنبطية، وهي ليست آرامية كما يُعتقد. فمحاولات المتخصّصين في الآرامية لقراءتها باءت كلّها بالفشل منذ أواخر القرن التاسع عشر الميلادي وما بعده، وإن كانت قد تأثّرت بالآرامية في وضعها لبعض الحروف.

كما لم تُفسّر رموز هذه الكتابة كاملة إلاّ في سنة 1951م على يدي فؤاد سفر ومحمّد علي مصطفى. وتأكّد ذلك بعثورهما على حروفها كاملة منقوشة على الجدار الشرقي لمعبد بَعْلَشْمون بترتيب أبجد هوز حطي كلمن سعفص قرشت، وبذلك تيسّر قراءة هذه الكتابة.[3]

حروف الأبجدية الحضرية، وجدت منقوشة على الجدار الشرقي لمعبد بعلشمون. تعود على وجه التقريب إلى القرن الثاني الميلادي.

سقوط المملكة

سقطت المملكة عام 141 من الميلاد، بعد أن حرر آخر ملوك الحضر أقاليم السواد وشهرزور من سلطة الاحتلال الساساني. فأعدّ الإمبراطور الساساني شابور الأول العدّة للهجوم على الحضر، بعد أن فشل والده في احتلالها سابقاً. ففرض عليها حصاراً، وتمكن من اختراقها واحتلالها بعدما ساعده أشخاص من داخلها. [4]

المراجع
1. Britannica.com
2. Unesco.org
3. Depedia.org
4. Heritagedaily.com
5. Ancientneareast

ممالك من العصر البرونزي، مملكة إيمار أين تقع وكيف اكتُشفت؟

تشير الحضارات التي تشكلت على ضفاف الأنهار إلى المدن التي تعتمد على الزراعة والتي تقع بجوار الأنهار وتستفيد منها كمصدر موثوق للمياه والشرب والزراعة. ومن هذه الحضارات مملكة إيمار التي تعد من الممالك القديمة التي ساهم وقوعها على ضفاف نهر الفرات في تطور وأزدهار المملكة آنذاك.

موقع مملكة إيمار

تأسست إيمار في منتصف الألف الثالث قبل الميلاد وكانت تقع على ضفاف نهر الفرات. حيث كانت مركزًا تجاريًا مهمًا في عصر البرونز، وتحتل موقعًا حيويًا بين مراكز القوة في الجزيرة العليا وأناضوليا-سوريا.

بالإضافة إلى أنها كانت مرتبطة بالعالم القديم الأكبر من خلال القوة الحثية، التي كانت مقرها النهائي في أناضوليا، والتي تمثلت في سوريا من خلال مملكة كركميش.

اكتشاف المملكة

في القرن الثالث عشر قبل الميلاد، شكلت إيمار مركزًا مهمًا للمملكة الحيثية في مواجهة الآشوريين، بحيث كان ملك إيمار تابعًا لملك كركميش الذي كان بدوره قريبًا وتابعًا للملك الحثي.

فقد تم اكتشاف إيمار عام 1972 من قبل بعثة المعهد الفرنسي للدراسات العربية في دمشق ضمن حملة الإنقاذ الدولية لحوض الفرات.[1]

تسمية الموقع

حملت هذه المدينة تسميات عدة. وكان أقدم ذكر لها في النصوص المسمارية هو (إيمار). في حين ذكرها ياقوت الحموي في معجم البلدان باسم (باليس)، وأشار إلى أنها بلدة صغيرة. وقد ذكرها الأراميون باسم (بيت_بالس)، وباسم ( بارباليسوس) في العهد الكلاسيكي.[1]

إيمار في النصوص القديمة

لقد ورد اسم إيمار في العديد من النصوص والوثائق الكتابية المكتشفة في بلاد ما بين النهرين وشمال سورية، كما ورد اسمها في قائمة المدن التي نجدها مكتوبة على جدران معبد الكرنك من عهد تحوتمس الثالث. وتتحدث بعض الرُقم المكتشفة في إيبلا عن هدايا من الأثواب والمنسوجات قدمت لكبار رجال المدينة.

ويرد ذكر إيمار في نصوص ماري وأوغاريت اللذان يعودان إلى مطلع الألف الثاني قبل الميلاد. إلا أن الوثائق الأكثر أهمية هي التي تم العثور عليها في إيمار نفسها. والتي قدمت صورة متنوعة عن النشاطات التي كانت تجري داخل المدينة وخارجها.[2]

حكام مملكة إيمار

الحكام في إيمار كانوا يتبعون النظام الملكي، وأن النصوص التي تتحدث عنهم تقدم أسماء بعض الحكام ولقبهم الملكي “لوغال” ويمكن القول ومن خلال بعض النصوص  المكتشفة أن السلطة فيها لم تكن مطلقة بيد الملك بل كانت هناك سلطة معبد ورجال دين. وهي التي كانت تشرف على أراضي زراعية واسعة.

فقد كانت السلطة الفعلية والقرارات المهمة بيد ملوك كركميش. إذ كان حكام إيمار تابعين لهم في الأمور والقرارات وخصوصاً بالعلاقات الخارجية. وتؤكد المكتشفات أن حكام مملكة إيمار اهتموا بها وتعاملوا معها بخصوصية نظراً لموقعها الجغرافي المتميز وفي رصد تحركات القبائل البدوية على أطراف البادية السورية.

ووفقاً للنصوص المذكورة فقد ورد فيها أسماء ثلاثة من ملوكها وهم ( أب_ دامو)، (أشجي_دامو)، (روسي_دامو) وأحد أمرائها يدعى (شرسا_دامو).[5]

الحياة الدينية

كانت تمارس عبادة بعل وزوجته عشيرة، تمامًا كما كان يفعل الآراميون والفينيقيون القدماء. حيث كان بعل إلهًا للخصوبة والمطر والرعد، بينما كانت عشيرة إلهة للخصوبة والأمومة. تأتي الأدلة على ذلك من مصادر مختلفة، بما في ذلك الآثار الأثرية والنصوص القديمة مثل ألواح إيمار.

كما اكتشف أرشيف لجميع التراتيل التي كانت تنشد في حجرة العبادة أثناء تأدية الطقوس والمراسيم الدينية، فكانت الطقوس التي تصاحب تقديم الأضاحي والقرابين من حيوانات وخبز وشراب. كما وصفت الأعياد الدينية مثل عيد الذكر التي كانت تجري خارج المدينة وتدوم عدة أيام. وكان الإله داجان هو الإله الرئيسي في هذا العيد. كما كان هناك عيد العرش الذي كان يقام في المعبد.[4]

الحياة الإقتصادية

اعتمدت الحياة الاقتصادية في مملكة إيمار على الزراعة والتجارة وتربية الماشية. فقد كانت زراعة الحبوب النشاط الزراعي الأهم في المجتمع في عصر البرونز المتأخر.
 أما بالنسبة للتجارة كانت تقع على طريق التجارة الرئيسي بين الجزيرة العليا وأناضوليا. وتم العثور على العديد من النصوص التجارية في إيمار، والتي تشير إلى وجود تجارة بين إيمار ومملكتي ماري وإبلا وبعض الممالك الأخرى المجاورة.[3]

مملكة إيمار وعلاقاتها التجارية

كانت مملكة إيمار تضم ميناءً تجارياً مهماً يعد عقدة مواصلات تربط بلاد الرافدين بالممالك التي تقع إلى الغرب منها عن طريق الفرات أو الطريق البري. وكانت السفن تفرغ حمولتها في هذا الميناء، ثم تنقل البضائع على الحمير أو الثيران إلى (حلب)، وعلى العكس كانت البضائع تُنقل من حلب وقطنة إلى إيمار بالأسلوب نفسه.

فقد تمتعت إيمار بعلاقات طيبة مع المدن المهمة في تلك الفترة. وخصوصاً إيبلا في نهاية الألف الثالث قبل الميلاد، وماري التي كانت تنافس إيبلا على تمتين العلاقات الطيبة مع إيمار. تبعت إيمار مملكة يمحاض في مطلع الألف الثاني قبل الميلاد، وأصبحت الميناء الرئيسي لها على نهر الفرات، ثم استولى عليها الحثيون عندما احتلوا حلب. وقضوا على مملكة يمحاض وذلك في مطلع النصف الثاني من الألف الثاني قبل الميلاد. وبقيت المدينة ذات موقع تجاري مهم على نهر الفرات حتى تم القضاء عليها عام 1187قبل الميلاد.[2]

أهم الاكتشافات الآثرية

من الأمور المهمة التي أسفرت عنها التنقيبات ظهور شواهد كثيرة من العمارة الدينية والمدنية، منها معابد مستطيلة الأبهاء وذات مدخل محوري، وبيوت ذات ثلاث غرف في بناء منتظم على المصاطب. كما عُثر على كثير من الأواني الفخارية والمذابح والأختام الأسطوانية وغيرها مما يجده الزائر متحف حلب معروضاً في جناح حوض الفرات.
بالإضافة إلى وجود بقايا عدة معابد ضمن المدينة وأهمها معبد بعل ومعبد عشتار اللذين توضعا في قلب المدينة، ويتألف مخطط المعبدين من قاعة كبيرة متطاولة الشكل ومخطط المعابد هنا متوافق مع ما هو سائد في سورية منذ الربع الأول للألف الثالث قبل الميلاد.

كما تميزت المملكة ببعض فنون النحت على الحجر بطريقة الصب كنحت التماثيل والأواني وبعض الصناديق المستطيلة التي عثر عليها بكميات كبيرة التي نقشت عليها أشكال متنوعة تمثل نساءً وطيوراَ وأشكالاً هندسية والتي تبين أهمية التصوير النحتي السوري.[5]

نهاية المملكة

مملكة إيمار تم نهبها وتدميرها من قبل شعوب البحر عام 1187 قبل الميلاد. وقد حدث هذا خلال فترة الاضطرابات التي عانت منها المملكة، وذلك بعد انهيار الإمبراطورية الحيثية.

وبدلاً من ذلك، تم إعادة توطينها، عندما كانت تحت السيطرة البيزنطية وظلت موجودة حتى القرن السادس الميلادي على الأقل، على الرغم من أنها أصبحت حالياً في حالة خراب.[1]

المراجع:
1. Historyfiles.com : syriaemar
2. Britannica : Emar
3. Encyclopedia.com : Emar
4.ancient.neareast.studies : Emar
5. Ancientneareast.com

أين تقع مملكة ماري ومن قام بإكتشافها؟

قدِم الأموريون إلى سوريا في منتصف الألف الثالث قبل الميلاد مع الكنعانيين من شبه الجزيرة العربية، عندما نزل الأموريون في بلاد الشام، أخذوا يتجولون في شمال سوريا بحثاً عن المناطق الأكثر خصوبةً، إلى أن استقروا في عدة مدن مكونين ممالك كان من أهمها مملكة ماري المعروفة ب تل الحريري.

موقع مملكة ماري

تقع ماري المعروفة حالياً باسم (تل الحريري)، على بعد 11كم إلى الشمال الغربي من مدينة البوكمال على الضفة اليمنى لنهر الفرات. في منتصف الطريق الذي يصل بين البحر المتوسط وبلاد مابين النهرين.

فقد شكل اكتشافها عام 1933 حدثًا هامًا لفت أنظار علماء الآثار والباحثين وحثهم على دراسة تلك الحضارة، ومعرفة الازدهار التي كانت عليه تلك الفترة.

اكتشاف مملكة ماري

اكتشفت ماري مصادفة عام 1933م ،عندما وجد جماعة من البدو تمثالاً نصفياً في سفح تل الحريري، فقاموا بإخبار السلطات الفرنسية. وبعدها بدأت بعثة فرنسية تابعة لمتحف اللوفر بالتنقيب في الموقع. بذلك أدت التنقيبات التي كانت برئاسة أندريه بارو إلى التأكد من أن هذا التل هو الموقع الأساسي لمملكة ماري.[1]

Image title

Your subtitle here

حكام مملكة ماري

مملكة ماري كانت تحت حكم عدة ملوك على مر العصور. ومن بين الملوك البارزين في مملكة ماري يمكن ذكرهم: أولاً الملك سرجون الأكادي. الذي حكم ماري في فترة 2200 قبل الميلاد .

ثانياً الملك يجد ليم: برز من السلالة الأمورية تقريباً، حيث بدأ الملك حكمه بتوسيع نطاق نفوذه على طول نهر الفرات، إلى منطقة الخابور في الشمال.[2]

وأخيراً الملك زمري ليم: تميز حكم زمري ليم بقوة ماري ونفوذها، حيث نجح في مواجهة الآشوريين، وتحقيق انتصارات عسكرية فقد كانت فترة حكمه تعتبر العصر الذهبي لمملكة ماري.[1]

مخطط مملكة ماري

بنيت مملكة ماري في الألف الثالث قبل الميلاد وفق مخطط منتظم يحيط بها سور دفاعي قوي. وقامت ضمن هذا السور بيوت المدينة ومعابدها. وكان اللبن المسطح المستخدم في العراق القديم هو مادة البناء الرئيسة، كما استخدم الآجر في الأقواس والأحواض بانتظام وقصورها، موزعة حول الشوارع.[2]

أهم المكتشفات الآثرية في مملكة ماري

القصر الملكي

يعود في تاريخه للألف الثاني لما قبل الميلاد، والذي يُعتبر من العمارة القديمة الشرقية. ويعتبر هذا القصر الملكي من أفخم القصور التاريخية. كما شيد القصر وسط المدينة في مكان مرتفع. وهو مربع الشكل في سوره عدة أبواب، وكل باب مخصص لدخول نوع محدد من الناس.

كما كان القصر مقسماً إلى أجزاء عديدة يتجمع كل قسم منها. وقد رُصعت بعض جدران القصر الرئيسة بلوحات ملونة،أخذت مناظرها، بما أخذ به فن النحت المحلي في عهدها من واقعية الملامح وتفاصيل الأزياء.[3]

Image title

Your subtitle here

تمثال آلهة الينبوع

من بين الاكتشافات، تمّ العثور على بعض التماثيل مثل تمثال (آلهة الينبوع) متمثلاً بإمرأة واقفة ترتدي ثوباً طويلاً متموجاً مشيرا إلى تموجات المياه، وتتدلى منه فروع صغيرة ترمز إلى مجاري الأنهار. كما تمسك الإلهة بيدها إناءً تتدفق منه المياه. رمزاً للخصوبة والحياة ،ويعرض هذا التمثال حالياً في متحف حلب.

Image title

Your subtitle here

الديانة في ماري

حظيت العبادة في مملكة ماري بالاهتمام الأكبر ،مما دفع سكان ماري لبناء معابد آلهتهم وفق طراز معماري متميز، وقد تم العثور على عدة معابد هامة منها معبد “عشتار” و”داغان” و”شمش” وبعض التماثيل بوضعية العبادة.
كما هناك العديد من المعابد منها معبد “عشتار”‏ يقع على حافة المدينة الغربية وكان المعبد متميزاً بمساحة واسعة ذات نتوءات بارزة، وتحتوي على منصات لتقديم القرابين، وعلى قاعة للهيكل تقام فيها طقوس العبادة، ومعبد “شمش” ويقع في الشمال الشرقي من القصر ويتألف من باحة يحيط بها جدار ذو بروزات.
من ناحية أخرى عثر على لقى كثيرة في معبد “عشتار” وأكثرها تماثيل أشخاص في وضعية العبادة، وتماثيل آلهة وبعض المعابد متعددة القاعات، وبعضها يضم حجرة واحدة، وكانت هذه المعابد على غاية من الثراء والزينة، وكان في معابد ماري كتبة لتسجيل ما يخرج منها وما يدخل إليها من الأموال التي تجبى أو تنفق باسم المعبد. [3]

الموسيقى في ماري

تُعتبر آثار ماري أغنى مصدر كتابي مؤرّخ للموسيقى في عصر البرونز، حيت تضمّ رقماً وكتابات جدارية تتحدث عن الموسيقى والهيكل التنظيمي للموسيقيين في القصر الملكي وكيفية اختيار العازفين والمغنين. ولعل “أورنينا” عازفة ومغنية المعبد، ما زالت الرمز الأجمل لماري التي تعكس عمق تأثير الموسيقى في حياة الإنسان.

فقد عزفت ماري الآلات الموسيقية الوترية والإيقاعية والهوائية، كآلة القيثارة ذات الأوتار التسعة وآلة القيثارة المصنوعة من خشب الصندل المغطى بالذهب، وصندوقها الصوتي المصنوع من الجلد، وآلة الهارب.

كما ذكر الأرشيف الملكي أنواع الآلات الموسيقية ومواد صناعتها وتأثير نوع كل مادة على صوت النغم الموسيقي، مثل صناعة الناي من خشب الأبنوس المفضل على خشب التنوب، وصناعة القيثارة من الجلد بعد نقعه في اللبن والحليب والقطران، ثم تلوينها، وكيفية معالجة جلد البقر لصنع الطبول.[6]

مملكة ماري وعلاقاتها التجارية

لعبت مدينة ماري دوراً بارزاً في التجارة والمواصلات التجارية ما بين جنوب بلاد الرافدين وسورية وآسية الصغرى. حيث يضيء أرشيف ماري لنا جوانب عديدة من حياة تلك المدينة ومنها الجانب التجاري.

ومن مواد التجارة التي كانت ماري تستوردها أو تعبرها إلى بلاد بابل، الخمر الذي كان يُستورد من سورية وبشكل خاص من مدينة إيمار والاخشاب بأنواعها المختلفة كالأرز والسرو والصنوبر وزيوت الاشجار ومنتجاتها.

كما كانت الطرق التجارية التي تربط سورية مع بلاد الرافدين تمر عبر ماري. أحد هذه الطرق كان يتجه إلى الشمال الغربي بمحاذاة الفرات حتى إيمار. فقد كانت ماري تجني أرباحاً جمة من الجمارك التي تفرضها على القوافل التجارية التي تعبر أراضيها.

وبالطبع كان لها علاقات متبدلة مع مملكة إيبلا المعاصرة. وتذكر نصوص إبلا مدرسة الكتبة في ماري،حيث تعلّم كتبة إيبلا كما تشير النصوص إلى حملة عسكرية من قبل إبلا ضد ماري في عهد ملكها ابلول – إيل.[5]

نهاية مدينة ماري

شهدت مملكة ماري فترتي ازدهار الأولى في الألف الثالث. والثانية في الألف الثاني قبل الميلاد في حين سقطت ماري في نهاية المرحلة الأولى بيد الملك الأكادي شروكين وتعرضت للدمار والتخريب.
أما في المرحلة الثانية استمر زمري ليم في حكمه تحت السيادة البابلية لمدة عامين. ثم حدث عصيان في ماري، فأرسل الملك حمورابي البابلي جيشاً إليها دك أسوارها وأحرق القصر الملكي وبداخله الملك زمري ليم.[4]

المراجع:

  1. Worldhisotry.org
  2. historyfile: City State of Mari
  3. Britannica.com: mari ancient city
  4. Heritagedaily: Mari the ancient city
  5. Ancient pages: lost kingdome Mari
  6. Harvard.Archive University

من هي زنوبيا، وكيف وصلت إلى حكم مدينة تدمر؟

تعد زنوبيا من أشهر الشخصيات في التاريخ، فقد كانت ملكة المستعمرة الرومانية في مدينة تدمر في سوريا آنذاك. حكمت في الفترة الواقعة بين (267 – 272م)، وقامت بغزو عدة مقاطعات في الجهة الشرقية من روما.

نشأة زنوبيا وبداية حياتها

ولدت زنوبيا في تدمر، سوريا في عام 240 م. وكان لها عدة أسماء كزينب كما عرفها العرب، وسبتيما زنوبيا باليونانية، وأوريليا زنوبيا باللاتينية. وقد كانت سوريا في ذلك الوقت مقاطعة رومانية. وكانت زنوبيا تتقن، إضافة إلى لغتها الأمّ التدمرية، اللغتين المصرية واليونانية، وكانت تتحدّث اللاتينية أيضاً.

صفات الملكة زنوبيا

كانت غزيرة المعارف، مولعة بالصيد والقنص، تحسن أكثر اللغات الشائعة في عصرها. كما كانت ملكة جليلة ذات رأي وحكمة، وعاشت عظمة ملوكية مقلدة ملوك الأكاسرة. تثقفت بالثقافة اليونانية، كان لها اطلاع واسع على تاريخ الشرق والغرب.

تولّي زنوبيا العرش

تزوجت زنوبيا من سبتيموس أودينثوس المعروف بأُذينة، الحاكم الروماني لسوريا، الذي أنجبت منه ابناً واحدًا، وهب اللات. وقد حكم أُذينة مدينة تدمر، التي كانت مركزاً تجارياً مُهماً على طريق الحرير بين الشرق والغرب. وبذلك كان يجب على التجار القادمين إلى روما أو العائدين منها التوقف في تدمر لدفع الضرائب وللراحة. لم تخلفه زنوبيا في منصبه بعد وفاته فحسب، بل إنها عقدت العزم على بسط سلطانها على الدولة الرومانية الشرقية. وكان ابنها وهب اللات لا يزال حينذاك طفلاً، فتسلمت مقاليد الحكم. كما حصلت العديد من المعارك خلال فترة حكمها كملكة لتدمر بينها وبين الإمبراطورية الرومانية منها معركة انطاكية ومعركة حمص وقد أسفرت عن فوز الإمبراطورية الرومانية.

سيطرة الملكة زنوبيا على مصر

تميزت فترة حكم زنوبيا لتدمر بسلسلة من الحملات العسكرية التي كانت تهدف إلى توسيع إمبراطوريتها. فنجحت في السيطرة على مصر، التي كانت واحدة من أغنى مناطق الإمبراطورية الرومانية. لذلك أدى التوسع الجريء الذي قادته زنوبيا إلى صدام مباشر مع الإمبراطورية الرومانية. حكم الامبراطورية آنذاك الإمبراطور أوريليان، فكانت أفعال زنوبيا بمثابة تحدٍ واضح لسلطة الرومان في منطقة البحر الأبيض المتوسط الشرقي. فقد امتدت دولتها من الفرات إلى النيل، وقامت بتوسيع نفوذها وبسط سيطرتها على أقوى الأمبراطوريات وهي الإمبراطورية الرومانية الشرقية. [2]

أهم أعمال الملكة زنوبيا

كانت زنوبيا من الملكات اللواتي قمن بثورة كبيرة في دور قيادة الأنثى في عصرها، إذ إنها قامت بكثير من الأعمال التي خلدها التاريخ. حيث قادت جيوشها إلى معارك كبيرة، وهزمت جيوش لم تتمكن إمبراطوريات كبيرة من هزمها. وبالإضافة إلى ذلك فقد أصدرت الملكة زنوبيا عملة خاصة بمدينة تدمر وصكّت النقود في إنطاكية. كما طبعت على عملتها صورة وهب اللات على وجه وعلى الوجه الثاني صورة الإمبراطور أورليانوس. كما أزالت من النقود صورة الإمبراطور لتميّز النقود السورية التدمرية عن نقود روما. وايضًاكانت زنوبيا تدعم الفنون والثقافة، وقد قامت بإنشاء مكتبة في تدمر ودعمت الفنون والآداب.[3]

آخر أيام زنوبيا

قطعت زنوبيا إمدادات الحبوب عن روما؛ فقد سيطرت على مصر وثروتها من الحبوب التي تُقدمها إلى روما. فتعاظم تحدي زنوبيا للإمبراطورية الرومانية وهو ما استفز الإمبراطور أورليانوس، الذي استحوذ على السلطة في روما. لذلك أعلن الإمبراطور الجديد حربه على زنوبيا، وبالفعل استطاع أن يهزم جيوشها في أنطاكية بتركيا الآن. وبذلك فقد اختلف العرب حول قصة موت “زنوبيا”، فبعضهم يعتقد بأن حياتها انتهت في منزل بسيط أعده لها ( أورليانوس). وبعضهم الآخر يقول أنها امتنعت عن الأكل، وخارت قواها وماتت. بينما تقول رواية أخرى بأنها قد طلبت من أحد حراسها بأن يأتي لها بالسم، فشربته وماتت به.

الأوضاع بعد وفاة زنوبيا

تولى وهب اللات الحكم على مملكة تدمر وأصبح الملك الأخير لتلك المملكة. ولا يوجد الكثير من المعلومات حول الأحداث التي جرت في مملكة تدمر بعد وفاة زنوبيا، قاد وهب اللات جيوش مملكة تدمر في غزوها لمصر وآسيا الصغرى لفترة، ولكنه تمكن الإمبراطور الروماني أوريليان من هزيمته وأسره ونقله إلى روما حيث توفي بعد ذلك بوقت قصير.[4]

المراجع:

  1. Britannica
  2. History.magazine
  3. thecollector.com
  4. worldhistory
Exit mobile version