هل يمكننا الوثوق في نتائج فحص غشاء البكارة؟

هل يمكننا الوثوق في نتائج فحص غشاء البكارة؟

تعرضت فتاة تركية تبلغ من العمر 14 عام للاعتداء الجنسي من قبل صديقها، فأجريت لها 3 فحوصات لغشاء البكارة لتتمكن المحكمة من إثبات الاعتداء وتوجيه الاتهام ضد المعتدي، ولكن نتائج تلك الفحوصات كانت مختلفة عن بعضها تمامًا. [1]

فحص البكارة أو كما يعرف «بفحص العذرية-virginity test» هو اختبار لعذرية الفتاة-أي احتمالية ممارسة الفتاة للجنس المهبلي من قبل-، وتختلف طرق الفحص حسب المنطقة ولكن معظم الطرق تعتمد على الكشف لسلامة غشاء البكارة تُعرف هذه السلامة بقياس التغيرات في شكل وحجم الغشاء وقياس حجم فتحاته.

ما هو غشاء البكارة؟

«البكارة-hymen» كلمة مشتقة من اسم إله الزواج عند الإغريق «Hymenaeus». في المراحل الأولى من تكون الجنين يكون المهبل عبارة عن أنبوب مصمت مليء بالأنسجة مع نمو الجنين تبدأ تلك الأنسجة في التآكل ليصبح المهبل أنبوب مجوف يصل عنق الرحم بالخارج، ولكن تبقى القليل من تلك الأنسجة المتآكلة لتشكل غشاء عند الفتحة الخارجية للمهبل هذا الغشاء هو ما يعرف بالبكارة.

يحتوي غالبًا هذا الغشاء على فتحة واحدة أو عدة فتحات تختلف أشكالها من فتاة لأخرى تسمح هذه الفتحات بنزول دم الحيض، ولكن في حالات نادرة قد لا يحتوي هذا الغشاء على فتحات مما يشكل عائق في نزول دم الحيض فتخضع الفتاة لعملية جراحية يُثقب فيها الغشاء. تُشير بعض الدراسات إلى أنه من الممكن أن تُولد بعض الفتيات بدون غشاء بكارة. كأي جُزء من جسم الإنسان يتغير شكل وحجم ومرونة البكارة مع التقدم في العمر، وتبدأ هذه التغيرات منذ لحظة الولادة. [2]

بعض من الأشكال المختلفة لفتحات غشاء البكارة

هل يجب أن يحدُث تغير في شكل وحجم وتركيب البكارة بعد أول اتصال جنسي مهبلي ؟

تُشير عدة دراسات إلى أنه ليس من الضروري حدوث تغيرات في البكارة عند أول اتصال جنسي مهبلي. على سبيل المثال في دراسة نُشرت في مجلة «JAMA Pediatric» تدرس تغيرات البكارة بعد الاتصال الجنسي المهبلي عند الفتيات المراهقات وجدت الدراسة أن 52% من المراهقات المشاركات في الدراسة واللاتي مارسن الجنس المهبلي سابقًا لم تكن لديهن أي تغيرات في غشاء البكارة تُشير لحدوث اتصال جنسي مهبلي. [3]

كذلك تُشير عدة دراسات أخرى إلى أن التغيرات في البكارة قد تحدث لأسباب أخرى غير الاتصال الجنسي المهبلي كالعمليات الجراحية أو حدوث إصابات أخرى. [2]

هل يجب أن يحدث نزف مِهبلي عند أول اتصال جنسي مهبلي؟

تُشير الدراسات إلى أنه ليس من الضروري أن يحدث نزف مهبلي عند أول اتصال جنسي مهبلي للأنثى، وقد يحدث النزف المهبلي كنتيجة لتمزق غشاء البكارة ولكن قد يتمزق غشاء البكارة بدون حدوث نزف لأنه يحتوي على القليل من الأوعية الدموية التي تجعل هذا النزف غير ملحوظ.

أحيانًا يكون هذا النزف بسبب التقرحات التي تحدث في جدار المهبل أثناء إدخال العضو الذكري داخل المهبل. [2]

هل يتلقى الأطباء تدريب كافٍ لمعرفة التغيرات التي تحدث في غشاء البكارة؟

غالبًا ما يتعلم طلاب الطب القليل حول غشاء البكارة والفحص المهبلي. مثلًا في المملكة السعودية العربية هناك دراسة تشير أن 43% من طلاب الطب لم يتلقوا أبدًا تدريب للفحص المهبلي. هذا ما يجعل الأطباء غالبًا ما يواجهون صعوبة في التمييز بين التغيرات الطبيعية في شكل البكارة وتلك التي تحدث بسبب الإصابات أو الاتصال الجنسي المهبلي. لذلك من الشائع أن يعتبر الأطباء خطأً تغيرات طبيعية كالتضخم في فتحة أو فتحات البكارة علامة على حدوث الاتصال الجنسي المهبلي. [2]

الخُلاصة:

العلم لا ينفي احتمالية حدوث تغيرات للبكارة أثناء الاتصال الجنسي المهبلي، ولكن فحص البكارة غالبًا ما يُخطيء في التعرف على تلك التغيرات لأن تلك التغيرات قد تحدث كنتيجة لأسباب أخرى غير الاتصال الجنسي المهبلي، وكذلك قد يحدث الاتصال الجنسي المهبلي بدون حدوث تغيرات في البكارة، وقد تولد بعض الفتيات بدون هذا الغشاء هذه الأسباب جعلت فحص البكارة غير متخصص ودقيق، وهذا ما جعل نتائج الفحوصات الثلاثة للفتاة التركية تختلف عن بعضها البعض، ولذلك لا يمكننا الوثوق في نتائج فحص غشاء البكارة.

المصادر:

[1] NCBI

[2] NCBI

[3] JAMANETWORK

علم نفس الابتسامة: ما فوائد الابتسامة وأنواعها ودلالاتها؟

هذه المقالة هي الجزء 12 من 21 في سلسلة مقدمة في علم النفس

علم نفس الابتسامة: ما فوائد الابتسامة وأنواعها ودلالاتها؟

يقول أحد العلماء أن الابتسامة هي الوسط الأمثل للغموض. نحن نبتسم ونرى الابتسامات طوال الوقت حينما نكون سعداء، أو نتعامل مع الناس، أو نلتقط الصور. لكن هل يُمكن أن تخفي هذه البادرة الإنسانية البسيطة مزيدًا من التعقيد؟ دعونا نسكتشف ما فوائد الابتسامة وأنواعها ودلالاتها؟

ما الابتسامة؟

هناك عدد من الحقائق حول الابتسامة يتفق عليها العلماء وهي:

  • الابتسامة لغة عالمية مشتركة بين جميع البشر.

طرح داروين هذا السؤال وليتوصل إلى إجابته، عرض مجموعة من إحدى عشر صورة على ضيوفه وسألهم عن انطباعهم عنها. واتفقت إجاباتهم أن الصور تعبر عن السعادة والحزن والمفاجأة والخوف مع بعض المشاعر الأخرى، ومن هنا استنتج داروين أن هذه المشاعر عالمية يتعرف عليها جميع البشر.

  • الابتسامة فعل غريزي

هناك عدد من الدراسات تثبت أن الأطفال يبتسمون وعمرهم عدة أيام فقط، بل وتثبت دراسات أخرى أنهم يبتسمون داخل الرحم. بالطبع لم يتلق هؤلاء الأطفال أي تعليم للابتسامة مما يدل أنها فعل غريزي.

  • تستخدم الابتسامة كإشارات اجتماعية.

لا يبتسم البشر حينما يكونوا سعداء فقط، وإنما حينما يريدون نقل الشعور بالسعادة. أجريت أحد التجارب في صالات البولينج، حيث تم تصوير اللاعبين أثناء رمي الكرة وبعد إصابتهم جميع القطع. وجد العلماء أن هؤلاء الأشخاص لا يبتسمون عند نجاحهم في ذلك، وإنما تظهر الابتسامة حينما يلتفتون إلى أصدقائهم لينقلوا لهم الخبر السار.

  • لا تقتصر الابتسامة على البشر فقط، وإنما تظهر الرئيسيات أنواعًا من الابتسامات أيضًا.

هل تعبر الابتسامة دومًا عن السعادة؟

علم نفس الابتسامة: ما فوائد الابتسامة وأنواعها ودلالاتها؟

هذا هو الجزء الأكثر تشويقًا والذي يبحث فيه عدد من العلماء، على رأسهم «ماريان لافرانس-marianne lafrance» التي تعد خبيرة العالم الأولى في الابتسامة. يظهر البشر أنواعًا مختلفة من الابتسامات، وليس من الضروري أن تعبر جميعها عن السعادة.

قام أحد الطلاب في جامعة مينيسوتا عام 1924 بتجربة غريبة، جمع عددًا من الطلاب والأساتذة وعلماء النفس وأجلسهم في كراسي مريحة في غرفة واحدة وعرضهم لعدد من المؤثرات الغريية والخطيرة. بداية من وضع ألعابًا نارية تحت كراسيهم، وخداعهم بصعقهم كهربائيًا، وانتهاءًا بجلب فأر أبيض وسؤالهم قطع رأسه. تم تصوير وجوه المشاركين خلال جميع خطوات التجربة، وأمدتنا هذه الصور -رغم بشاعة التجربة وعدم أخلاقيتها- بنتائج مثيرة.

جاءت النتائج أن المشاركين لم يظهروا تعابير مثل الخوف أو الغضب بل أظهروا تعبير مشترك وهو الابتسامة!

فسر العلماء ذلك لاحقًا أن الابتسامة لا تعبر بالضرورة عن السعادة، وإنما يحتمل أن تعبر عن مشاعر مناقضة تمامًا، وفيما يلي سنتعرض للأنواع المختلفة للابتسامة.

أنواع الابتسامة

«ابتسامة دوشين-Duchenne smile»

سميت بهذا الاسم نسبة لعالم الأعصاب الفرنسي دوشين دي بولون الذي اكتشفها. اهتم دوشين بتعابير الوجوه، وكذلك بصعق الأشخاص كهربيًا، فكان يسرع إلى رؤوس الثوار الذين تم قطع رأسهم حديثًا ليصعقهم ويختبر ردود أفعالهم. حتى حالفه الحظ ووجد مريضًا مصابًا بانعدام الحس في وجهه وأجرى عليه جميع تجاربه.

اكتشف دوشين أكثر من 60 تعبيرًا للوجه، من بينهم الابتسامة. التي تتضمن رفع الخدين ووجود خطوط -تعرف باسم قدم الغراب- حول العينين. وتعد الابتسامة صادقة تعبر عن السعادة عندما يتوفر بها هذان المكونين.

ابتسامة الخوف

وتظهر الأدلة على وجود هذه الابتسامة في الرئيسيات. فيشير العلماء إلى إظهار حيوانات الشمبانزي نوعًا من الابتسامة حيث تفتح فمها وتضم أسنانها وتظهر لثتها. وتستخدم هذه الابتسامة عند وقت التوتر أو الخوف، لإظهار الخضوع للأفراد الأكثر هيمنة وقوة.

وبالرغم من أن الشعور بالخوف والابتسام لا يجتمعان عادة عند البشر، إلا أنه ثبت وجودهما عند الاطفال الصغار، الذين يظهرون ابتسامة حقيقية/دوشين عند رؤية أمهاتهم، وابتسامة الخوف أو التوتر عند اقتراب غريب.

فسر داروين هذه التصرفات بأنها يجب أن تخدم وظيفة تطورية ما، فكما فسر رفع البشر حاجبهم وقت الدهشة لزيادة مدى نظرهم وبالتالي سهولة الهروب من الخطر. فسر ابتسامة الشمبانزي أنها تظهر أسنانها مضمومة معًا لتعطي الإيحاء أنها مسالمة لا تنوي للخطر.

ابتسامة بان آم أو الابتسامة الزائفة

تختلف هذه الابتسامة عن ابتسامة دوشين في فقدانها لعنصر حركة العينين. وسُميت باسم «Panam- بان آم» نسبة إلى شركة الطيران الشهيرة، ونوع الابتسامة التي تظهرها مضيفات الطيران. فهي نوع من الابتسامة المهذبة التي تظهر وقت التحية ولا تعكس بالضرورة شعورًا بالسعادة.

ووجد العلماء أن حوالي 71% من الأشخاص يمكنهم التحكم في حركة العين بشكل إرادي، وبالتالي إظهار ابتسامة زائفة على أنها ابتسامة حقيقية.

ابتسامة الازدراء

وهي نوع آخر من الابتسامة التي لا تعكس بالضرورة شعورًا بالسعادة، رغم أنها تشبه إلى حد كبير ابتسامة دوشين. الفرق بينهما هو زم جانبي الفم في حالة ابتسامة الازدراء.

تعكس هذه الابتسامة مزيجًا من شعور الازدراء والاحتقار، وتظهر بشكل واضح في مجتمعات شرق آسيا التي تحرص على استمرار التناغم المجتمعي وعدم خوض صراعات. فنجد أن الأفراد هناك لا يظهرون غضبهم، وإنما يخفونه تحت ستار ابتسامة الازدراء.

ابتسامة الخجل

تظهر هذه الابتسامة في المواقف عالية التوتر التي تتضمن مخاطرة، وتريد عندها ترك انطباع إيجابي. تشبه هذه الابتسامة ابتسامة دوشين إلا أنها تتضمن حركة الرأس إلى الأسفل والجانب مع تجنب التواصل بالعينين.

فوائد الابتسامة

الابتسام فعل رائع، يجعلنا نشعر بشعور جيد حيال أنفسنا وحيال الآخرين أحيانًا. لكن الأمر لا يتوقف عند هذا الحد، يكاد يكون للابتسامة قوى خارقة لا ندرى عنها شيئًا. فما هي؟

  • يحسن الابتسام المزاج العام ويرفع من شعورك بالسعادة.

يشير أحد علماء النفس أن الابتسام يشبه إقامة حفل رفع معنويات لعقلك، فيزيد من معدل إفراز الدوبامين والسيروتونين والإندورفين. فيعمل الإندورفين كمسكن طبيعي للألم.

  • يزيد الابتسام من شعورك بالسعادة أكثر مما تفعل الشوكولاتة.

يشير عالم النفس الشهير رون جوتمان أن ابتسامة واحدة يمكنها أن تولد إثارة مخية بكمية تعادل تلك التي تولد عند أكل ألفي لوح شوكولاتة.

  • يتوقع الابتسام مدى نجاح علاقاتك على المدى الطويل.

قام جوتمان بتحليل العلاقات بين الأزواج، وتوقع ما إذا كان سيدوم زواجهم أم لا عن طريق أنواع الابتسامات التي يظهرونها لبعضهم.

  • يحسن الابتسام مظهرك أمام الآخرين.

عندما تبتسم، يزداد تقدير الآخرين لك، بمعنى أنهم يرونك مهذبًا ولطيفًا وأكثر كفاءة. ومن البديهي فهم كيف يجعلك الابتسام مهذبًا ومحببًا. لكن كيف يجعلك كفؤًا؟ تكمن الإجابة أن البشر يميلون إلى تفسير الحزن أو القلق أنه نقص خبرة أو كفاءة. لذا ربما الابتسام هو طريقك للنجاح في عملك!

  • تتنبأ ابتسامتك الآن بمدى سعادتك في المستقبل.

درست أحد التجارب العلاقة بين صور الطلاب في المرحلة الثانوية في فترة الخمسينات وشكل ابتسامتهم، وبين مدى سعادتهم في الوقت الحالي. وجد العلماء أن الطلاب الذين ابتسموا في صورهم أكثر سعادة وقدرة على تخطى العقبات من الطلاب الذين لم يبتسموا.

كذلك أظهرت الدراسات بعض الأدلة عن وجود علاقة بين الابتسامة وأعمار الأشخاص. الأشخاص ذوي الابتسامات في شبابهم يعيشون عمرًا أطول من هؤلاء قليلي الابتسام.

  • يجعلك الابتسام أكثر جمالًا.

أجريت أحد الدراسات على طلبة جامعيين طُلب منهم تقدير أعمار الأشخاص في الصور، وجاءت النتائج أنهم يتوقعون أن المبتسمين في الصور أصغر سنًا مما هم عليه في الواقع. كذلك ينطبق الأمر على الوزن، فيجعلك الحزن تبدو أكثر وزنًا وأكبر سنًا.

علم نفس الابتسامة: ما فوائد الابتسامة وأنواعها ودلالاتها؟

والآن بعد أن تعرفنا على واحدة من الأمور المشتركة التي تجمعنا كبشر وغير بشر معًا وهي الابتسامة، كذلك تعرفنا على أنواعها ودلالاتها المختلفة، وقواها الخارقة التي تعينك في كثير من جوانب حياتك. فلا تنس أن تبتسم، الابتسامة حقًا قد تنير لك الطريق!

اقرأ أيضًا: نظرة في تطور المشاعر

المصادر

Natgeo
BBC
psychologytoday

لماذا يصعب علينا الانقطاع عن قراءة “هاري بوتر”؟

لماذا يصعب علينا الانقطاع عن قراءة “هاري بوتر”؟

لقد مررنا جميعًا بشعور الانغماس الكامل عند قراءة قصة خيالية رائعة. غالبًا ما يوصف الشعور بأنه “ضياع في كتاب”، فهو شائع وقوي جدًا، ومع ذلك لم يُدرس العلم الكامن وراءه حتى الآن إلا قليلاً.

لذلك قرر فريق بحثي من جامعة برلين الحرة في ألمانيا دراسة هذا الأمر من خلال مشاهدة ما يحدث داخل أدمغة القراء عندما ينغمسون في قراءة بعض قصص هاري بوتر الرائعة.

قرر الفريق، بقيادة عالم النفس تشون تينغ هسو (Chun-Ting Hsu)، اختبار صحة ما يشيرون إليه على أنه «’فرضية الشعور بالخيال’-‘fiction feeling hypothesis’».

تنص هذه الفرضية على أن الروايات ذات المحتوى العاطفي تدفع القراء إلى الشعور بالتعاطف مع أبطال الرواية – وهو شعور يتم تنشيطه بواسطة شبكة عصبية خاصة تقع في الجزء الأمامي ومناطق القشرة الحزامية الوسطى في الدماغ. وبالطبع، من خلال تعزيز مشاعر التعاطف في الدماغ، ستكون الروايات المشحونة عاطفياً دائمًا أكثر غامرة من القصص ذات المحتوى الأكثر حيادية أو حبكة.

لاختبار هذه الفرضية، جمع الفريق مجموعتين من المشاركين وأعطاهم عدة مقاطع من سلسلة هاري بوتر، من تأليف الكاتبة ج.ك.رولينج، لقراءتها.

طُلب من المجموعة الأولى قراءة مقاطعهم داخل جهاز التصوير بالرنين المغناطيسي، مما سمح للباحثين بالتقاط صور لنشاط أدمغتهم أثناء قراءتهم. طُلب من المجموعة الثانية قراءة نفس المقاطع دون أن يتم مسحها ضوئيًا، ولكن بعد ذلك كان عليهم تقييم كل مقطع بناءًا على مدى شعورهم بالانغمار في القراءة.

وفقًا لإريك جافي من شركة فاست كومباني، كان طول كل مقطع أربعة أسطر، وتراوحت بين إثارة التشويق والخوف (مثل عندما يرى هاري ساحرًا هجين يُدعى كورينيوس كويريل يشرب دم وحيد القرن في هاري بوتر وحجر الفيلسوف)، إلى السيناريوهات المحايدة عاطفيًا (مثل عندما يراقب هاري بومته جالسًا هناك دون فعل أي شئ قبل النوم في هاري بوتر ومقدسات الموت).

وكما كان متوقعًا، تلقت المقاطع المخيفة تقيمًا أعلى بكثير من ناحية الانغمار في القراءة من المقاطع المحايدة. هذا بالطبع ليس مفاجئًا، لكن المثير للاهتمام هو ما كان يحدث في أدمغة المشاركين.

كانت المقاطع المثيرة للخوف في الواقع تدفع مسارات عصبية مختلفة في منطقة «التلفيف الحزامي الأوسط-middle cingulate gyrus» في الدماغ إلى العمل، مما لم تنتج عنه المقاطع الخالية من المشاعر والمحايدة.

يُعتبر التلفيف الحزامي الأوسط جزءًا من «شبكة التعاطف-empathy network» في الدماغ، وترتبط بشكل خاص بالتعاطف مع الألم. نشر الفريق النتائج في مجلة Neuro Report.

إذن تقدم النتائج دليلًا يشير إلى أن دماغ القارئ يتصرف بشكل مختلف وفقًا لمدى عاطفية النص الموجود أمامه. لكن الانغماس في قراءة مقطع من أربعة أسطر يعد تجربة مختلفة اختلافًا جوهريًا عن الانغماس في قراءة كتاب لساعات.

لذا فإن هذه الدراسة بالتأكيد ليست نظرة علم الأعصاب النهائية لـ «رواية القصص-storytelling». إنه لأمر رائع أن يبدأ العلماء أخيرًا في الانتباه إلى الأنشطة الدماغية التي تمكننا من فصل الكتب الجيدة عن الكتب العظيمة.

المصدر: ScienceAlert, PubMed, Fast Company

اقرأ أيضًا: كيف تختار كتاباً جديداً مناسب لك؟

إصلاح غضروف الركبة باستخدام الطباعة ثلاثية الأبعاد!

إصلاح غضروف الركبة باستخدام الطباعة ثلاثية الأبعاد!

مفصل الركبة لدى الإنسان من المفاصل التي يكثر تعرضها للإصابة أو التآكل مع تقدم العمر، وغالبًا ما ينتهي به الأمر بأن يحتاج إلى الجراحة.

ابتكر الباحثون الآن موادًا حيوية هجينة جديدة يمكن استخدامها بمثابة حبر ليسنخدم في الطباعة ثلاثية الأبعاد، بهدف استبدال أو إصلاح الغضروف التالف في الركبة.

الغضروف المفصلي (Meniscus) هو الغضروف المطاطي الذي يشكل وسادة تأخذ شكل حرف C داخل الركبة، ما يمنع عظام الساق العلوية من الاحتكاك بالأخرى السفلية.

تتعرض هذه الغضاريف عادة للتلف بفعل الإصابات الرياضية، وكذلك هي معرضة للتلف مع تقدم العمر، وقد تزداد الأمور سوء في بعض الأحيان فلا يبقى إلا حل إزالة أجزاء من الغضروف المفصلي التالف جراحيًا.

الغضروف المفصلي في الركبة

فيما يخص الدراسة الجديدة، أثبت الباحثون في معهد ويك فورست للطب التجديدي (وهو الطب المعنى بتجديد أنسجة وأعضاء البشر) طريقة جديدة للطباعة الحيوية ثلاثية الأبعاد، التي تعمل على بناء كل من الغضروف والأجزاء الداعمة له.

استخدم الفريق نظام طباعة الأنسجة والأعضاء المتكامل (ITOPS)، وهو نظام يستخدم الخلايا الحية كحبر لطباعة الأنسجة، ويغلفها بمواد هلامية. وهو النظام ذاته الذي استخدمه الباحثون في الدراسات السابقة لطباعة الأنسجة المعقدة مثل العظام والعضلات وحتى الأذنين.

في هذه المرة، استخدم الباحثون عدة أنواع من الحبر الحيوي معًا، لطباعة نسيج الغضروف الليفي بالكامل طبقة تلو الأخرى بشكل متشابك.

كانت المادة الأولى كان عبارة عن مزيج من صمغ الجيلان، هو صمغ تفرزه إحدى أنواع البكتيريا ويعمل على تثخين المواد السائلة وزيادة لزوجتها، ومادة أخرى هي الفيبرينوجين الهلامي.

استخدم الباحثون الفيبرينوجين من قبل في هذا الشأن لتوافقيته العالية مع الأنسجة الحيوية، وسهولة التحكم به، لكنهم كانوا قد واجهوا صعوبات للزوجته العالية. تكمن أهمية الفيبرنوجين في أنه يعمل على تحفيز خلايا الجسم لإعادة التكاثر.

أما الحبر الحيوي الثاني فهو مادة ميثاكريلات الفيبروين الحريرية، التي تساعد على الحفاظ على هيكل الغضروف قويًا ومرنًا.

ما مدى اقترابنا من زراعة الأنسجة المطبوعة داخل البشر؟

وجد الفريق في الاختبارات المعملية التي أجريت باستخدام خلايا الخنازير، أن الخلايا كانت قادرة على التكاثر والبقاء على قيد للحياة ، كما استطاعت بنية الغضروف نفسها أن تبقى سليمة من الناحية الميكانيكية.

وتضمنت التجارب زرع الهياكل المطبوعة في الفئران، فأظهرت الملاحظات خلال الأسابيع العشرة التي تلت الجراحة أن الفئران بدأت في تجديد غضروفها الليفي كما أمل الباحثون.

سيتعين إجراء المزيد من الدراسات للتحقق من أنواع الاستجابات التي قد تكون لدى الجسم تجاه الأجزاء المزروعة، وما إذا كانت الهياكل ستستعيد وظيفة المفصل، وبالطبع، ما إذا كانت النتائج قابلة للتطبيق على البشر.

زيادة حجم دماغ قرد باستخدام جين بشري

ميزتنا أدمغتنا الكبيرة عن بني عمومتنا من الرئيسيات، والقردة العليا، فحجم الدماغ البشري يعادل ثلاثة أضعاف حجم دماغ الشيمبانزي تقريبًا، ولذا فلا عجب في قول أن دماغنا كبير عن سواه، ويعتقد بعض العلماء أن الفضل في قوانا العقلية، ومستويات ذكائنا، يرجع إلى حجم دماغنا الكبير نسبيًا. ولكن تمكن العلماء من زيادة حجم دماغ قرد باستخدام جين بشري في تجربة مثيرة سنناقشها اليوم.

التجربة

قام بعض الباحثين من اليابان، وألمانيا بزرع جين بشري في خلايا قرد جنين، وكانت النتائج مذهلة، حيث أن الجين المسئول عن حجم الدماغ البشري الكبير، قد أدى إلى نفس النتائج لدى وضعه في ذاك الجنين الغير بشري، إذ زاد معدل نمو الدماغ لدى جنين القرد عن المعتاد.

يقول رئيس الدراسة «ويلاند ب.هاتنر-Wieland B.Huttner»:

” كانت لدينا بعض الآمال بخصوص ما يستطيع الجسم فعله، وما ينبغي عليه أن يفعل، إن كان يمتلك الوظيفة التي افترضناها له “

وبالفعل فقد أسفرت التجربة عن النتائج التالية:

• نمو حجم القشرة الدماغية لدى القرد الجنين.
• زيادة ثنايات دماغه (كما ثنايات دماغنا).
• نمو الخلايا المسئولة عن تكوين الأعصاب.
• زيادة الأعصاب تحديدًا في الطبقة العليا من الدماغ (وهذا ما حدث أثناء تطورنا نحن البشر).

ولكن أُجهض جنين القرد بعد 101 يوم (أي قبل 50 يومًا من موعد الولادة الطبيعي)، لأسباب أخلاقية، فلدى كل من اليابان وألمانيا الكثير من الضوابط، والشروط الأخلاقية، المتعلقة بشأن التجارب على الحيوانات عامًة، وعلى الرئيسيات خاصًة.

ما استفدناه من التجربة

في الماضي، كانت تُجرى أمثال هذه التجربة على الفئران، ونتج عنها زيادة في أحجام أدمغة تلك الفئران بالفعل، إلا أن الفئران ليست من الرئيسيات، كما أن الجين المستخدم في تلك التجارب كان نسخة معدلة لتعطي تأثيرًا مضاعفًا، لكن الأمر اختلف في تجربتنا هذه، فقد استخدم الباحثون الجين البشري ARHGAPH11B كما هو، كما أن التجربة كانت على أقرب الحيوانات لنا (القرود)، فزيادة حجم دماغ قرد باستخدام جين بشري قد يساعدنا على فهم تطور أسلافنا، مما نتج عنه حجم دماغنا الكبير.

هل يزيد هذا من ذكاء القرود؟

أُجريت تجربة مشابهة منذ عام في الصين، على ستة قرود، إلا أن الجين المستخدم في تلك التجربة لم يكن مسئولًا عن زيادة حجم الدماغ بشكل مباشر، وكانت النتائج مذهلة بحق، فقد كان الفريق الصيني متأهبًا لرؤية زيادة في أحجام أدمغة القرود، ومعدلات ذكائها كذلك، ولذا فقد وضعوهم تحت أجهزة الرنين المغناطيسي، لقياس كمية «المادة البيضاء-White matter» في أدمغتهم، كما أعطوهم اختبارات لقياس الذاكرة قصيرة المدى، لم تحدث زيادة في أحجام أدمغة القرود، لكنها أبلت بلاءً حسنًا في اختبارات الذاكرة، مما قد يكون مؤشرًا على زيادة ذكاء تلك القرود، وهذا ما اعتبره الفريق نتائج مدهشة.

الخلاصة

يخبرنا العلم بعدم وجود شيء سحري بخصوص الذكاء البشري، فلا شيء يفصلنا عن الحيوانات سوى تلك الجينات، والتي إن امتلكتها الحيوانات تشابهت صفاتها مع صفاتنا، فعلينا أن نتواضع قليلًا، وأن نكون ممتنين لتلك الكفرات التي أعطتنا أدمغتنا.

المصادر

intelligentliving

sciencedaily

inverse

technologyreview

اقرأ أيضًا طفرة جديدة تمكن فيروس كورونا من اصابة الدماغ

Pica أو ما يعرف باضطراب الأكل

غالبًا ما يضع الأطفال الصغار أشياء غير غذائية – غير ضارة نسبيًا – (مثل الثلج أو الألعاب) في أفواههم، وذلك بدافع الفضول لاكتشاف العالم من حولهم. إلا أن البعض منهم يتجاوز ذلك ليصل به الحال إلى تناول أشياء تسبب له مشاكل صحية. تسمى هذه الحالة Pica أو ما يعرف باضطراب الأكل. فما هي البيكا وما أهم أعراضها والأسباب التي تؤدي لحدوثها، تابع المقال لمعرفة المزيد عن هذه الحالة.

Pica أو ما يعرف باضطراب الأكل:

هو الأكل المستمر لمواد ليس لهل قيمة غذائية، مثل الأوساخ والطين والطلاء المتقشر. تعتبر هذه العناصر الأكثر شيوعًا التي يتناولها المرضى. يعد هذا الاضطراب شائع لدى الأطفال الصغار، حيث يصيب ١٠٪ إلى ٣٠٪ من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين ١و ٦ سنوات. كما يحدث أيضًا لدى النساء الحوامل والمرضى من ذوي الإعاقات الذهنية والتنموية.

ما هي علامات وأعراض البيكا؟

يتوق الأشخاص المصابون بالبيكا إلى تناول عناصر غير غذائية مثل: التراب والطين أو الصخور، أو ورقة وثلج وأقلام تلوين، أو الطلاء المتقشر أو الطباشير والبراز ورماد السجائر.

تحدث المشاكل الصحية لدى الأطفال المصابين بالبيكا اعتمادًا على ما يأكلونه، يمكن أن تشمل:

  • فقر الدم الناجم عن نقص الحديد
  • التسمم بالرصاص نتيجة أكل الأوساخ أو الطلاء الحاوي على هذا العنصر
  • الإمساك أو الإسهال نتيجة تناول أشياء لا يستطيع الجسم هضمها (مثل الشعر)
  • الالتهابات المعوية ناتجة عن أكل التربة أو البراز الذي يحتوي على طفيليات أو ديدان
  • انسداد معوي بسبب تناول الأشياء التي تسد الأمعاء
  • إصابات بالفم أو الأسنان

ما الذي يُسبب هذه الحالة؟

لا يوجد سبب محدد للبيكا، ولكنها أكثر شيوعًا عند الأشخاص الذين يعانون من:

  • مشاكل النمو، مثل: التوحد أو الإعاقات الذهنية.
  • مشاكل الصحة العقلية، مثل: اضطراب الوسواس القهري (OCD) أو الفصام.
  • سوء التغذية أو الجوع، إذ قد تساعد العناصر غير الغذائية في الشعور بالشبع.
  • قد تؤدي المستويات المنخفضة من العناصر الغذائية مثل الحديد أو الزنك إلى الرغبة الشديدة في تناول الطعام.
  • ضغط عصبي، حيث غالبًا ما تُشخص بيكا في الأطفال الذين يعيشون في فقر، أو في أولئك الذين تعرضوا لسوء المعاملة أو الإهمال.

كيف يتم تشخيص البيكا؟

تشخص البيكا بدايةً إذا كان الطفل يأكل أشياء غير غذائية. بالإضافة أنه يفعل ذلك لمدة شهر واحد على الأقل، واذا كان السلوك غير طبيعي بالنسبة لعمر الطفل أو لمرحلة نموه، أو أن للطفل عوامل خطر للإصابة بالبيكا، مثل الإعاقة الذهنية.

أيضًا يمكن للأطباء التحقق من فقر الدم أو مشاكل التغذية الأخرى، واختبار مستويات الرصاص في الدم أو إجراء اختبارات البراز للتحقق من الطفيليات. بالإضافة لاختبار الأشعة السينية أو اختبارات التصوير الأخرى لمعرفة ما يأكله الطفل أو للبحث عن مشاكل الأمعاء، مثل الانسداد.

هل من وقاية لمنع حدوث البيكا؟

إن الانتباه لعادات الأكل والإشراف الدقيق على الأطفال المعروفين بوضع الأشياء في أفواههم قد يساعد في اكتشاف الاضطراب قبل حدوث المضاعفات.

ما العلاج المناسب لهذه الحالة؟

اعتمادًا على التشخيص، يصف لك الطبيب العلاج المناسب. يبدأ علاج البيكا عادةً بمعالجة المشكلات التي يسببها أولاً. مثلا إذا كان المريض يعاني من التسسم بالرصاص، يصف له الطبيب دواء آليته الأساسية الارتباط بالرصاص، ومن ثم اطراحه بالبول. يصاب بعض الأشخاص بالالتهابات أو غيرها من الأعراض الشديدة نتيجة للبكتيريا. قد يشمل العلاج في هذه الحالات المضادات الحيوية أو حتى الجراحة.
اقترحت دراسة نشرت عام 2000 في مجلة تحليل السلوك التطبيقي أن تناول مكمل بسيط متعدد الفيتامينات قد يكون علاجًا فعالًا في بعض الحالات.

لمعالجة البيكا نفسها، يجب على الطبيب أولاً تحديد سبب اشتهاء الشخص للمواد غير الغذائية. يمكن للأطباء مساعدة الوالدين في إدارة السلوكيات المتعلقة بالبيكا وإيقافها. على سبيل المثال، يمكنهم العمل مع أولياء الأمور على طرق لمنع الأطفال من الوصول للأشياء غير الغذائية التي يأكلونها، كاستخدام أقفال أو رفوف عالية لإبقاء الأشياء بعيدة عن متناول أيدي الأطفال. من المحتمل أن يحتاج بعض الأطفال الذين يعانون من البيكا إلى مساعدة من طبيب نفسي أو غيره من متخصصي الصحة العقلية.

سلوك طبيعي!

من الطبيعي أن يضع الأطفال حتى عمر سنتين الأشياء في أفواههم، لذلك لا يُعتبر السلوك عادةً اضطرابًا إلا إذا كان عمر الطفل أكبر من عامين. عادةً ما تتحسن هذه الحالة مع تقدم الأطفال في السن، ولكن بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من مشاكل في النمو أو الصحة العقلية، يمكن أن تظل مشكلة في وقت لاحق من الحياة.

المصادر:

اقرأ المزيد حول متلازمة الطفل الرمادي

أبرز ملامح أجندة جو بايدن العلمية

كانت فترة رئاسة «دونالد ترامب» فترة عصيبة في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية؛ بسبب قراراته وتوجيهاته الانعزالية التي أدت إلى تآكل مكانة بلاده كرائدة عالمية في مجال البحث العلمي والتعاون الدولي وتهميش الحقائق.

الآن وبعد إعلان فوز «جو بايدن» في انتخابات رئاسية محتدمة، ما هي أبرز ملامح أجندة جو بايدن العلمية؟ وهل سيستطيع «بايدن» إعادة مكانة بلاده كقِبلة للعلماء والباحثين؟ وما هي أهم الأولويات العلمية والبحثية في أجندته الرئاسية؟ وكيف سيقوم بتنفيذها في دولةٍ انقسم فيها الرأي العام بشدة؟

فلا شك أن مجرد تولي «جو بايدن» منصبه في 20 يناير المقبل، ستُتاح له فرصة تغيير العديد من السياسات التي تبنتها إدارة ترامب. تلك التي أسفرت عن تأخر الولايات المتحدة عن ملاحقة تسارع أبحاث العلوم والصحة العامة والتخاذل عن المشاركة في حل المشكلات العالمية.

إدراة ترامب في مواجهة الأزمات العالمية

إن أسلوب تعامل الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب» مع الأزمات العالمية مثل: جائحة كوفيد-19، أزمة تغير المناخ، وتهميش الحقائق واعتماد الاخبار المضللة، تجاهل دور العلماء والعاملين في وكالات الصحة العامة مثل (مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، كذلك إدارة الغذاء والدواء). وعدم الالتزام بالقوانين والمعاهدات الدولية. كل ذلك كان مرعبًا للغاية، عبر عنها الباحثون بأنها أزمة وطنية على عكس أي أزمة شوهدت من قبل.

أزمة جائحة كوفيد-19 في أجندة جو بايدن العلمية

سعى «ترامب» مرارًا إلى التقليل من شأن هجوم الفيروس التاجي. كما سعى إلى التقليل من شأن معارضة الجهود الحكومية والمحلية لإحتواء الأزمة. فقد أغلق الطريق أمام التواصل مع الدول والمنظمات العالمية خلال حربها ضد الفيروس. لا سيما حينما قرر سحب الثقة من منظمة الصحة العالمية-WHO -منتقدًا المنظمة لدعمها الصين حيث بدأ تفشي المرض- وإيقاف التمويل الذي تشتد الحاجة إليه من قِبل منظمة الصحة لمكافحة الفيروسات مثل فيروس كورونا وفيروس شلل الأطفال، والأمراض الأخرى على مستوى العالم. كما زعم «ترامب» أن التوجيهات والتقارير الصادرة عن مراكز السيطرة على الأمراض، تعمد إلى إبطاء اختبار اللقاح بهدف الإضرار بفرص إعادة انتخابه.

في هذا الصدد، نجد أبرز ملامح أجندة جو بايدن العلمية هو إعادة الولايات المتحدة للمشاركة في مواجهة الوباء من جديد، والتي بدأ تنفيذها في شهر مارس هذا العام. فقد كوَّن «بايدن» فريقًا خاصًا للتعامل مع تبعيات فيروس كورونا المستجد، الفريق الذي يضم العديد من الشخصيات البارزة في مجال الطب والصحة العامة. ويعمل الفريق على تكثيف برامج الاختبار وتتبع العمل مع المسئولين لتنفيذ إجراءات السلامة وتعزيز مرافق الصحة العامة، ذلك للمساعدة في السيطرة على انتشار فيروس كورونا المستجد وإعادة بناء برامج التأهب للأوبئة التي أوقفتها إدارة ترامب.

كما وعد الفريق بالاستماع إلى العلم. وأشاد العلماء بتلك الخطوات، لأنها ستعطي الفرصة للوكالات الحكومية للقيام بعملها بشكل صحيح. هذا بالإضافة إلى إعادة فتح طرق التواصل مع الدول الأخرى بشأن أبحاث الحرب ضد فيروس كورونا المستجد. كم االتزم بإعادة دعم منظمة الصحة العالمية مرة أخرى.

أزمة تغير المناخ

فيروس كورونا المستجد ليس هو القضية الخلافية الوحيدة التي سيواجهها الرئيس «بايدن»ز فبعد أن تحرك «ترامب» لسحب الولايات المتحدة رسميًا من اتفاقية باريس للمناخ عام 2015، وتراجعه عن تنفيذ بعض اللوائح التي تهدف إلى الحد من الغازات الدفيئة ووصفة للإحترار العالمي بأنه “خُدعة”! أصبحت مشكلة المناخ أيضَا من المشكلات التي تترأس جدول أعمال «بايدن».

فقد وضع خطة لحملة بتكلفة 2 تريليون دولارًا أمريكيًا، هي أساس برنامج أطلق عليه برنامج المناخ الأكثر عدوانية على الإطلاق. سيقوم البرنامج على استثمارات الطاقة النظيفة واعتماد البنية التحتية منخفضة الكربون. كما تهدف خطة بايدن إلى توليد كهرباء نظيفة بنسبة 100٪ بحلول 2035، بصافي انبعاثات “صفر” بحلول 2050. والسؤال الأهم هنا، ماهي الخطوات التي ستسير بها تلك البرامج الضخمة؟

أوضح «بايدن» أن الولايات المتحدة ستنضم مجددّا  إلى اتفاقية باريس للمناخ، سعيًا منه لأن تصبح بلاده شريكًا نشطًا مع أكثر من 190 دولة التزمت بالحد من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري. بالإضافة لتعيين لجنة صديقة للمناخ في وكالة حماية البيئة، والتحرك سريعًا لاستعادة وتعزيز اللوائح المناخية والبيئية التي تراجعت في عهد «ترامب».

ميادين بحثية أخرى تشغل أجندة جو بايدن العلمية

أبحاث علوم السرطان

بالإضافة إلى تعزيز أساليب التعامل مع الوباء وتغير المناخ، سيكون لدى الرئيس بايدن الحماس لإعطاء الأبحاث العلمية دورها المستحق من جديد. فسيستعين «بايدن» بالخبراء لتنسيق السياسة العلمية وإنشاء محاور بحثية في البيت الأبيض. وتعتبر علوم السرطان هي المجال البحثي الأكثر وضوحًا «لبايدن». لاسيما بعد وفاة ابنه عن عمر 46 عامًا في عام 2015 بسبب سرطان الدماغ. فقد ترأس «بايدن» مبادرة حكومية انطلقت عام 2016 تحت إسم “Cancer moonshot”  التي تهدف إلى تسريع وتيرة التقدم والبحث العلمي حول مرض السرطان من خلال التنسيق مع المؤسسات والباحثين لتبادل البيانات والنتائج.

مجال الفضاء

يعد مجال استكشاف الفضاء أحد المجالات القليلة التي بذلت فيها إدارة «ترامب» جهودًا كبيرة. فما هي خطة «بايدن» في هذا المجال؟ وهل سيستطيع تغيير المسار الذي حدده «ترامب» للتقدم في مجال الفضاء؟

إنه لأمر غير معروف، خاصةً أن «بايدن» لم يكن منخرطًا بعمق في قضايا السياسة الفضائية. ومع ذلك أعرب عن حماسه للإهتمام بمجال الفضاء. من ناحية أخرى، يشير الخبراء إلى أن وكالة ناسا قد لا تغير مسارها بشكل كبير في عهد الرئيس «بايدن»، فهي ملتزمة بمواصلة استكشاف الفضاء. لكن لا أحد يعلم ما هي توجيهات إدارة «بايدن» إزاء ما يجب تنفيذه في برنامج الانتقال البشري للفضاء التابع لوكالة ناسا. إذ وجه «ترامب» الوكالة سابقَا للتركيز على هبوط البشر على القمر بحلول عام 2024. فهل مازال سطح القمر على الموعد الذي حدده ترامب؟ أم سيكون لـ «بايدن» موعدًا آخر؟

حظر السفر إلى الولايات المتحدة الأمريكية

لم يهمل «بايدن» أيضًا القرارات الخاصة بإدارة ترامب المتعلقة بالهجرة وحظر السفر، طالت بعضًا من الدول المسلمة. التي قللت من جاذبية الولايات المتحدة كوجهة للطلاب والباحثين الأجانب.

فقد تعهد «بايدن» بإلغاء حظر السفر وتسهيل الأمر على العلماء والمهندسين الأجانب، الحاصلين على درجة الدكتوراه. للبقاء بشكل دائم في الولايات المتحدة. كما اقترح زيادة عدد التأشيرات المتاحة للعمال ذوي المهارات العالية.

هكذا تبدو الملامح الأولى لأجندة جو بايدن العلمية. التركيز على البحث العلمي والأمن القومي والسيطرة على ما خلفته فترة إدارة «ترامب» للبلاد. وتغيير رسائل الصحة العامة ومعالجة حالة انعدام الثقة العامة التي طالت المجتمع الدولي تجاه بلاده. من أجل إعادتها إلى مكانتها الريادية في البحث العلمي.

لكن، أيمكن لفترة رئاسية واحدة مدتها 4 سنوات أن تضع الولايات المتحدة على طريق التعافي؟

المصادر:

nbcnews

ncbi

washingtonpost

nature

nature

newscientist

the conversation

لقاح فيروس كورونا الجديد من شركة Pfizer .. هل اقتربنا من الحل؟

مع التخوف الشديد من بداية موجة جديدة من الإصابات بفيروس كورونا، ظهر خبر مُبشر! حيث أعلنت شركة فايزر (Pfizer) وشريكتها الألمانية شركة بيونتك (BoiNtech) عن لقاح فيروس كورونا الجديد، والذي أثبت نجاحه في المرحلة الثالثة من التجارب السريرية.

وُجد أن اللقاح المنتظر فعال بنسبة تصل إلى 90% في مقاومة كوفيد-19 عند المتطوعين، في أول اختبار مؤقت لفاعليته، دون دليل على تعرضهم للإصابة بـ (SARS cov-2). شملت الدراسة حوالي 43,538 متطوعًا مع نسبة تصل إلى 42% من خلفيات متنوعة، كما أنه لم تظهر أي مخاوف تتعلق بسلامتهم، وما زال يتم جمع البيانات المتعلقة بالسلامة والفعالية. (1)

متى يتوفر اللقاح؟

حاليًا، من المفترض أن يتم التقدم بطلب للحصول على ترخيص الاستخدام في حالات الطوارئ (EUA) إلى إدارة الغذاء والدواء (FDA)، وذلك بعد التأكد من معايير السلامة والفعالية المطلوبة، والذي من المتوقع حدوثه خلال الأسبوع الثالث من نوفمبر. وفقًا للتوقعات الحالية، يتوقع أن يتم إنتاج 50 مليون جرعة بنهاية عام 2020 و1,3 بليون جرعة خلال عام 2021، كما ستنشر كل من شركة ( فايزر – Pfizer) (وبيونتك- BoiNtech) دراستهما في ورقة بحثية. (1)

تفاصيل عن اللقاح الجديد

اللقاح الجديد مبني على تقنية mRNA، والذي أظهر دلائل على فعاليته في الوقاية من فيروس كورونا. أُجري أول تحليل مؤقت للفعالية في 8 نوفمبر، من قبل لجنة مراقبة البيانات الخارجية المستقلة (DMC) للمرحلة الثالثة من التجارب السريرية. بعد مناقشات مع (إدارة الغذاء والدواء – FDA)، اختارت الشركات التخلي عن التحليل المؤقت المكون من 32 حالة، وإجراء أول تحليل مؤقت لما لا يقل عن 62 حالة. عند اختتام المناقشات، وصل عدد الحالات القابلة للتقييم إلى 94 حالة، وأجرى DMC تحليله الأول على كل الحالات. تشير حالة الانقسام بين الأفراد الذين تم تلقيحهم وأولئك الذين تلقوا الدواء الوهمي إلى أن معدل فعالية اللقاح أعلى من 90٪ خلال 7 أيام بعد الجرعة الثانية، وهذا يعني، أن الحماية تتحقق خلال 28 يوم بعد بداية التطعيم بمعدل جرعتين. ومع استمرار الدراسات؛ فقد تختلف نسبة فعالية اللقاح النهائية. (1)

اللقاح في المستقبل القريب

لم تبلغ (DMC) عن أي مخاوف تتعلق بالسلامة، كما توصي باستمرار الدراسة، وجمع البيانات الإضافية كما هو مخطط له، وسيتم مناقشة البيانات النهائية مع السلطات في مختلف أنحاء العالم. بدأت المرحلة الثالثة من التجارب السريرية في 27 يوليو وسجلت 43,538 متطوعًا حتى الآن، كما تلقى 38,955 متطوعًا الجرعة الثانية خلال 8 نوفمبر، ومن المفترض أن تستمر مراقبة المتطوعين على المدى الطويل لمدة عامين إضافيين. ما زال اللقاح قيد الدراسة، ومن المتوقع أن تستمر هذه الدراسة خلال التحليل النهائي، عندما تتراكم 164 حالة مؤكد إصابتها بالفيروس، كما أن الدراسة تقيم إمكانية توفير اللقاح المرشح للحماية للأفراد الذين سبق لهم الإصابة بكورونا، وكذلك الوقاية ضد أعراضه الشديدة. ستقييم الفعالية مرة أخرى بناءً على الحالات المتراكمة بعد 14 يوم من الجرعة الثانية. سيساعد جمع كل هذه البيانات في التطوير، عبر اجراء التجارب والمقارنات بين اللقاحات الجديدة.

ما هي تقنية mRNA وهل هي آمنة؟؟

كما قلنا في بداية المقال، فإن اللقاح الجديد صُنِّع بتقنية جديدة تسمى mRNA، ولم يتم الموافقة عليها من قبل للاستخدام البشري؛ فهذه هي المرة الأولى التي يتم استخدامها على البشر، ففي العادة، تعمل اللقاحات العادية على استخدام أجزاء من الفيروس؛ لتحفيز جهاز المناعة للمقاومة، والتغلب على الفيروس. لكن باستخدام هذه التقنية؛ فإن (mRNA) يحفز جهاز المناعة على استهداف بروتين معين اسمه (spike)، الموجود على سطح فيروس الكورونا، هذا البروتين يساعد الفيروس على مهاجمة خلايا الإنسان. نظريًا فإن تَعطُّل هذا البروتين يعني عدم الإصابة بالفيروس. ومن مميزات هذه اللقاحات أنه يمكن تصنيعها سريعًا، كما أن تكلفتها منخفضة مقارنة بالتقنيات المستخدمة في اللقاحات الأخرى. (1)

الأعراض الجانبية للقاح تتشابه مع الأعراض الاعتيادية للقاحات، مثل ارتفاع درجة الحرارة والصداع وغيرها من الأعراض المعتادة، حيث لم يُصرح بوجود أعراض جانبية خطيرة. ولكن يظل القلق قائمًا فيما يتعلق بها، حيث أنها لم تستخدم على البشرمن قبل؛ لذا فإن مؤشرات السلامة هامة للغاية.

مازالت الدراسة مستمرة، لم نحصل بعد على صورة أوضح للبيانات حول هذه النسبة العالية من الفعالية، فهذا التحليل يشتمل بيانات 94 شخص مصابًا بالكورونا، وليس هناك أي دليل على أن اللقاح يمنع الإصابة بالفيروس عند المتطوعين الذين حصلوا على اللقاح الفعلي وليس العلاج الوهمي، من المرجح أن يظهر عليهم أعراض قليلة، لكن يبدو أن اللقاح يقلل من المضاعفات.

اللقاحات الجديدة

الجميل في الأمر أن لقاح فايزر ليس اللقاح الوحيد الذي يبدو واعدًا؛ فهناك لقاحات جديدة ما زالت قيد الدراسة السريرية، أملًا في الحصول على نتائج جيدة. مثل لقاح جامعة (أكسفورد – Oxford) و(شركة – Astrazenc) في المملكة المتحدة، ومن المرجح أن تصدر النتائج المؤقتة للقاح خلال أسابيع، ومن المرجح أن يتوفر اللقاح بكميات محدودة في نهاية 2020، ويعتمد تصنيع اللقاح على تقنية اللقاحات ناقلات الفيروسات الغدية (adenovirus Vector Vaccin). (2)

لقاح شركة (Moderna) في الولايات المتحدة، الذي سينهي المرحلة الثالثة في نهاية نوفمبر، ومن المرجح أنه سيكون متاح في الربع الأول من 2021، ويعتمد على تقنية (mRNA)، كما أنها بدأت تجاربها في شهر مارس الماضي وكانت أول شركة تبدأ في تطوير لقاح للكورونا.

لقاح شركة (Novavax) في الولايات المتحدة، كانت المرحلة الثالثة من الاختبارات السريرية جيدة، ضمت 100,000 متطوع من المملكة المتحدة، ومن المفترض أن يكون متاح في النصف الثاني من عام 2021. ويعتمد على تقنية لقاح البروتين المساعد (protein adjuvant (vaccine، والذي يعزز جهاز المناعة.

لقاح شركة (janssen pharmaceuticals) وهي جزء من شركة ( Johnson & Johnson) في الولايات المتحدة، نتائج المرحلة الثالثة كانت جيدة، ومن المرجح أنه سيكون متاح خلال النصف الأخير من 2021، وهو لقاح بتقنية اللقاحات النقابات للفيروسات الغدية (adenovirus Vector Vaccine).

لقاح شركة (valneva) الفرنسية ستصنع الجرعات في إسكتلندا، ومن المفترض أن يكون متاح خلال النصف الأخير من عام،2021 إذا كانت البيانات الخاصة بالسلامة والفاعلية جيدة كما أن اللقاح مصنوع تقنية الفيروس الخامل (inactivated virus). (2)

لقاح شركة (sinovac) الصينية، اللقاح في المرحلة الثالثة من التجارب السريرية، والذي يُجرى في كل من البرازيل وتركيا وإندونيسيا، ومن المتوقع أن تظهر البيانات المؤقتة في نوفمبر. لكن تم توقيف التجارب السريرية في البرازيل؛ بسبب ظهور أعراض جانبية، كذلك تم استخدامه من قبل، خلال حالات الطوارئ في المدينة الصينية (جياشينغ -Jiaxing)، ويستخدم تقنية الفيروس الخامل. (2)

إذًا ماذا بعد؟

يبدو الأمر مثيرًا للتفاؤل، وهو كذلك بالفعل! لكن هناك بعد الصعوبات التي ربما ستواجه توزيع اللقاح، ما زال هناك الكثير من الدراسات والأسئلة الغير مجابة بعد. فيما يتعلق باللقاحات الجديدة وبالأخص لقاح فايزر الجديد. كما أن اللقاحات لها مستويات مختلفة من الفعالية، حيث توفر الجرعة المثالية كما يسميها مطورو اللقاح ،مناعة معقمة، والتي تحمي الناس بشكل تام من الإصابة بالعدوى، ولكن العديد من اللقاحات لا تلبي هذا الغرض، ربما تقلل من ظهور المرض، حتى لو استمر البعض في الإصابة به. كما أن طرح ملايين اللقاحات عالميًا، يمثل كابوسًا لوجسيتيًا، سواء في النقل أو التخزين أو التوزيع، فاللقاح لا بد أن يُشحن ويحفظ في -70 درجة مئوية! وهي درجة أبرد من درجات حرارة تبريد اللقاحات الأخرى. لذا فالأمر سيشكل عقبة في الكثير من البلدان، بالإضافة إلى التخوف من عدم توفر المواد للقاح. (3)

ولكن رغم ذلك؛ فإن النتائج الإيجابية ستكون مؤشرًا جيد لباقي الشركات المصنعة للقاحات الجديدة. ربما يبدو الأمر معقدًا، أو سيأخد الكثير من الوقت على عكس المتوقع، ولكنه يعطي أملًا كبيرًا لتجاوز هذه الجائحة في المستقبل القريب، وحتى لو أخذ العالم جميعه اللقاح؛ فإن الفيروس سيبقى موجودًا! لذا لا بد أن التعامل بحذر، والاستمرار في التباعد الاجتماعي، واتباع وسائل الحماية الإعتيادية من غسل الأيدي وارتداء الكمامات، حتى تتضح الرؤية أكثر، ويصبح هناك بيانات واضحة للتعامل اللقاحات وطرق توفيرها واستخدامها في البلدان المختلفة.

اقرأ أيضًا: هل يمكن لفيروس كورونا أن يسكّن الألم؟

المصادر

  1. Pfizer and BioNTech Announce Vaccine Candidate Against COVID-19 Achieved Success in First Interim Analysis from Phase 3 Study | Pfizer. (2020). Retrieved 12 November 2020, from here.
  2. Grover, N. (2020). 6 key questions about the Pfizer/BioNTech Covid-19 vaccine. Retrieved 12 November 2020, from here.
  3. We just got the world-changing news that Pfizer’s coronavirus vaccine works. Here’s what you need to know and why you shouldn’t throw your mask away just yet. (2020). Retrieved 12 November 2020, from here.

هل السفر عبر الزمن أصبح ممكناً وما علاقة الجاذبية بذلك؟

هل السفر عبر الزمن أصبح ممكناً وما علاقة الجاذبية بذلك؟

منذ أكثر من مئة عام توصل العالم الفيزيائي الشهير ألبرت أينشتاين إلى فكرة تعبر عن الآلية التي يعمل بها الوقت وأطلق عليها اسم النسبية، انطلق أينشتاين من مبادئ الفيزياء الكلاسيكية والتي تنص على أن الكون مؤلف من ثلاثة أبعاد رئيسة ليضيف أينشتاين بعداً رابعاً وهو الزمان، وانطلق بقوله أن الزمان والمكان مترابطين معاً وأطلق على هذا الترابط اسم الزمكان. افترض أينشتاين بنظريته إمكانية أنثناء نسيج الزمكان بفعل الجاذبية ولكي نستطيع فهم الفكرة بشكل مبسط يمكن اعتبار نسيج الزمكان عبارة عن قطعة من الأسفنج يجلس عليه شخص ما، فعند جلوس هذا الشخص فإنه سيؤثر عليها بقوة الأمر الذي سيؤدي إلى حدوث انحناء أو تشوه في شكل هذا النسيج، الأمر ذاته يحصل إذا ما اعتبرنا نسيج الزمكان هو قطعة الأسفنج وقوة الشخص هي قوة الجاذبية.

أخبرنا أينشتاين أيضا أن الأجسام لا تستطيع التحرك بسرعة أكبر من سرعة الضوء والمقدرة ب 186‪ ألف ميل بالثانية، وأن الوقت يتباطئ ويتسارع اعتماداً على السرعة التي تتحرك بها الأجسام بالنسبة إلى الأشياء الأخرى، أي أننا كلما تحركنا بشكل أسرع كلما كان مرور الوقت أبطأ وكثيراً ما تستخدم هذه النظرية بكتب وقصص الخيال حيث يفترض الكاتب سفر الأبوين أو أحد الأصدقاء بواسطة مركبة فضائية ذات سرعات كبيرة للغاية(سرعات قريبة من سرعة الضوء) في رحلة إلى الفضاء البعيد ليعودوا بعد مدة فيجدوا صغارهم قد أضحوا عجائز، إلا أنهم أي (المسافرين) لم يتقدموا في العمر سوا القليل!.

توفر نظرية أينشتاين العديد من السيناريوهات للسفر عبر الزمن منها :

1_ السفر من خلال الثقوب السوداء : على الرغم من استحالة الأفلات من الجاذبية الساحقة للثقوب السوداء افترض العالم هوكينغ إمكانية السفر إذا ما تمكنا من بناء سفينة قادرة على الهروب من جاذبية الثقب بسرعة كبيرة، فإذا استطاعت هذه المركبة الدوران حول هذا الثقب فإن الطاقم الذي في المركبة سيقضون نصف المدة التي سيقضيها أقرانهم على كوكب الأرض، لنتخيل أنهم تمكنوا من الدوران لمدة خمس سنوات، هذه الخمس سنوات ستمر على أقرانهم في كوكب الأرض كعشر سنوات. على الرغم من استحالة الفكرة في وقتنا الحالي إلا أننا نأمل أن تتحقق في المستقبل.

2_ الأوتار الكونية : تفترض هذه النظرية وجود أنابيب ضيقة من الطاقة تمتد عبر كامل طول الكون المتوسع باستمرار ومن المحتمل أن تشكل هذه الأنابيب مناطق رقيقة البنية تحوي على كميات كبيرة من الكتلة مما يؤدي إلى تشوه نسيج الزمكان حولها بقوة مما يجعل السفر عبر الزمن ممكناً.

في الختام نقول نعم السفر عبر الزمن حقيقي ولكنه ليس على الأرجح كالسفر الذي نشاهده في الأفلام وقصص الخيال العلمي فهو ليس فتحة دائرية زاهية اللون نتنقل من خلالها بين العصور لمحاربة الأشرار بل الأمر أكثر تعقيداً، السفر الذي نقصده هو السفر بإجزاء من الثانية الذي يتجلى بشبكات تحديد المواقع والأقمار الصناعية، فيما اعتبر بعض العلماء نظرنا إلى المجرات والكواكب البعيدة بواسطة التلسكوب هو سفر عبر الزمن وذلك لأن وصول الضوء المنبعث منها إلينا يحتاج وقتاً طويلاً وهذا يعني أننا عندما ننظر إلى هذه المجرات فأننا ننظر إلى الماضي.

المصادر:

The Great Courses Daily

space.com

space place

العلاج النفسي الوجودي والبحث عن جذور مشاكلنا

العلاج النفسي الوجودي والبحث عن جذور مشاكلنا

لم تعد تكتفي ذات الإنسان الفرد بمواجهة مجتمعها وقضاياه، فهي صارت ذات عالمية. كما أن العالم لم يعد مجرد مجموعة من الدول والثقافات المغلقة على نفسها، فهو عالم واحد في مشكلاته بالنسبة لكل فرد منا. شهد العالم حربين عالميتين حصدتا أرواح ملايين البشر، غير أن من لم يشهدوا المعارك لم يفكروا في تلك الحربين، والكثيرين منهم لم يسمعوا بهما حتى. لكن الآن، تغريدة واحدة قادرة على هز كيان ملايين البشر، كل صغيرة وكبيرة في العالم باتت تخصنا حيثما كنا. هذا وفضلا عن الأزمات الاقتصادية ومشاكل التفاوت الطبقي وخطابات الكراهية وبروز قيم جديدة تناقض موروثنا الثقافي والأخلاقي. في عالم كهذا، غالبا ما نشعر باللا جدوى من محاولاتنا في تغيير يومنا للأفضل، نواجه صعوبة في تغطية مصاريفنا اليومية، نشعر بأن اللا معنى يكتسح العالم. نستطيع القول بأننا نعاني من مشاكل وجودية بحتة؛ لذا، فإن العلاج الوجودي قد يستطيع مساعدتنا في إضفاء معنى لحياتنا وتفعيل إمكاناتنا لمواجهة المعاناة المستمرة.

العلاج النفسي الوجودي:

حسب فيلسوف القرن العشرين باول تيليش، يواجه العلاج النفسي الوجودي هواجس الحياة المطلقة المتمثلة بالوحدة والمعاناة وانعدام المعنى ضمن قالب من العدل والصدق والتي يمكن تشخيصها في كل فرد منا وذلك لكونها متجذرة في تجاربنا الشخصية(1). فهذا النوع من العلاج لا يبحث في ماضي الفرد والتاريخ المرضي في العائلة. وبدلًا من إلقاء اللوم على أحداث من الماضي فالعلاج الوجودي يرى فيه بصيرة لتصبح أداة لتعزيز الحرية والإصرار(2). وأغلب الأساليب المستخدمة في العلاج الوجودي تركز على المسؤولية وحرية الاختيار وذلك لأن الكينونة التي تعاني من المشاكل اختيرت لأن تكون ذلك، بمعنى أن الفرد قد اختار هذه المعاناة أو الطريقة المؤدية إليها، لذا، فالمعالج النفسي كما يقول إرفين يالوم هو رفيق درب المريض، يساعده من خلال التعاطف والدعم لاستنباط البصيرة وتحديد الاختيارات وتهيئة أفق مناسب لملاقاة الذات.
يعتمد العلاج الوجودي على بعض الأفكار الرئيسة الكامنة وراء الوجودية كفلسفة، وهي:

  • نحن مسؤولون عن اختياراتنا الشخصية.
  • الاختيارات التي نتخذها تجعلنا أفرادًا مميزين، ونحن نعيد تشكيل أنفسنا باستمرار من خلال تلك الخيارات.
  • نحن من نصنع لنا معنى في الحياة.
  • القلق خاصية طبيعية في حياة الإنسان.
  • يجب أن نتصالح مع القلق لنعيش بشكل أصيل(3).

رواد العلاج الوجودي:

كان أوتو رانك من بين المعالجين الوجوديين الأوائل الذين سعوا بنشاط نحو هذا التخصص، وبحلول منتصف القرن العشرين رفع كل من باول تيليش ورولو ماي وإرفين يالوم أفق النظرية الوجودية في العلاج النفسي من خلال كتابات تأسيسية لها، كما أثرت الوجودية في المدارس والنظريات الأخرى مثل العلاج المنطقي الذي طوره فيكتور فرانكل وعلم النفس الإنساني، وهناك جمعية باسم التحليل الوجودي تأسست في عام 1998، وتم إنشاء المجتمع الدولي للمستشارين الوجوديين في عام 2006(4).

الفرضيات الوجودية المتعلقة بالشخص:

التعامل مع المريض أو العميل تحدده الاعتبارات التي نعطيها له وذلك من أجل بناء ثقة قوية والتي هي أساس كل علاج نفسي. لذا فالعلاج الوجودي ينطلق من تصورات أو فرضيات أساسية لنبني عليها علاقتنا مع المريض، والتي هي:
1- كل الكائنات الحية تتمركز حول ذاتها وتسعى جاهدة للمحافظة على التمحور أو التمركز، وهذه هي المشكلة التي يقع فيها المريض أثناء المعالجة.
2- الكائنات البشرية لديها النزعة وإمكانية مشاركة الآخرين والخروج من دائرة التمحور الذاتي.
3- المرض أو الاضطراب طريقة يسعى الفرد من خلالها إلى الحفاظ على كينونته.
4- الكائنات البشرية يمكن أن تشترك في مستوى معين من الوعي الذاتي الذي يتيح لها تجاوز الوضع الآني أو الموقف الفوري والنظر إلى مجالات أرحب تسمح بكم هائل من الاحتمالات(5).

مراحل الوعي الذاتي:

كل فرد منا يمر في مراحل مختلفة، ولكل منها مشاكلها وتحدياتها وخصائصها الحيوية والمعرفية، السابقة تؤثر في اللاحقة، وهكذا فإن شخصيتنا في مرحلة الشباب غير مستقلة تمامًا عن التجارب التي عشناها في الطفولة والمراهقة. والوعي الذاتي من الأسس الرئيسة في علم النفس الوجودي، وهذا الوعي يمر بأربع مراحل:
1- البراءة والطهارة: تظهر قبل ولادة الوعي بالذات وهي تمثيل واقعي وخاصية للرضيع.
2- العصيان: تشمل هذه المرحلة الطفولة والمراهقة حيث يسعى الفرد إلى تكوين قوة داخلية تكفل له تأمين حقوقه الخاصة، ومن علامات هذه المرحلة العدوانية والانحراف.
3- الوعي الطبيعي بالذات: وهي المرحلة التي نعني عندما نتحدث عن الشخصية السوية، حيث ان الشخص قادر على التعليم والاستفادة من أخطائه والعيش كفرد مسؤول.
4- مرحلة الوعي الإبداعي: تتضمن القدرة على رؤية شيء ما خارج نطاق التصورات والقيود العادية وذلك باكتساب واكتشاف شيء خاطف ولماح من الحقيقة الموضوعية كما تظهر في الواقع(5).

القضايا الأربع في التشخيص:

عكس المدارس التقليدية ومنها التحليلية والسلوكية، لا يعول العلاج الوجودي على الجانب الحيوي للفرد أو البيئة التي تحيطه، فالفرد أكثر من مجرد كائن يخضع لشروط البيئة، كما يتعدى كيانه الحيوي؛ فهو في مواجهة مستمرة وحوار لا ينقطع مع الوجود في كليته. لذا فالمعالج النفسي الوجودي بدلًا من أن يعود إلى ماضي الفرد أو يحلل البيئة الثقافية والفيزيائية المحيطة به، يمضي قدمًا نحو المخاوف الكامنة في الإنسان والتي تحول بينه وبين حياة مستقرة. وهذه القضايا أو المخاوف التي تقف وراء الاضطرابات النفسية هي:

  • الحرية والمسؤولية.
  • الموت.
  • العزلة.
  • اللا معنى(6).

ما هي الاضطرابات التي يمكن معالجتها وجوديًا؟


طالما أن الناس عادة ما يقعون في إشكالية عدم التمييز بين المشكلة النفسية والاضطراب النفسي؛ يقتضي الأمر توضيح الفرق بينهما. فعندما نفقد شخصًا عزيزًا علينا مثلاً، نجد بأننا لا نرغب في الأكل، نواجه صعوبة في النوم أو ننام لساعات طويلة، نفقد شغفنا بممارسة النشاطات التي كنا نستمتع بها، لا نؤدي واجباتنا المدرسية أو المهنية بصورة جيدة، نعيش حالة حزن شديد وحتى الرغبة في الموت. ففي هذه الحالة لدينا مشكلة نفسية، وهي ستزول مع الوقت، ويمكننا أيضا حلها عن طريق تقنية حل المشكلات أو الدعم النفسي، وإذا ما أردنا أن نزور معالجًا نفسيًا فجلسات نفسية قليلة كافية لنستعيد حيويتنا وشغفنا.
لكن، حينما نجد فجأة بأن صحتنا النفسية بدأت تتدهور وتستمر معنا أعراض الاكتئاب: فقدان الشهية، فقدان أو زيادة الوزن، الأرق أو النوم لساعات كثيرة، الأفكار الانتحارية، الحزن الشديد والتشاؤم، نوبات من البكاء، صعوبة في التركيز، لأسابيع ودون وجود سبب واضح؛ فهذا يعني لدينا اضطراب نفسي (الاكتئاب) ويجب أن نزور معالجًا نفسيًا. ومعالجة الاضطراب تستغرق شهورًا من الجلسات النفسية. والعلاج النفسي الوجودي من بين الأساليب العلاجية الكثيرة التي يمكن أن يلجأ إلى استخدامها المعالج النفسي. والاضطرابات التي يمكن للعلاج الوجودي التعامل معها، هي كالتالي:

  • القلق.
  • اضطراب الشخصية الاعتمادية.
  • الاكتئاب.
  • «اضطراب الكرب التالي للصدمة النفسية – PTSD»
  • «اللامبالاة – Apathy»
  • الخجل.
  • الاستياء.
  • الغضب والعدوانية.
  • اليأس والشعور باللا معنى.
  • الذهان(6).

ملخص:

ليس العلاج النفسي الوجودي هو الوحيد الذي يمكن الاعتماد عليه مع الاضطرابات المذكورة؛ مستوى تعليم المريض، عمره وطبيعة الاضطراب تحدد الاساليب والتقنيات التي يلجأ إليها المعالج النفسي، كما أنه يمكن استخدام أكثر من اسلوب وتقنية في الخطة العلاجية. غير أن هذا العلاج فعال مع الاضطرابات التي يكون سببها الشعور بلا معنى الحياة وعدم الجدوى من العيش مع الظروف والاستسلام لها، وبما أن السوداوية من الاعراض البارزة للكثير من الاضطرابات النفسية فالعلاج الوجودي بإمكانه مساعدة المريض في تصحيح تصوراته ومفاهيمه حول الحياة وعلاقاته مع الآخرين.

مصادر:


1- psychology today

2_ Counselling Directory
3_ positive psychology
4- good therapy
5- باربرا انجلر، مدخل إلى نظريات الشخصية، ترجمة فهد بن عبدالله، ص420-421.
6- healthline

كيف تطورت الخلايا الشمسية؟ ولماذا يُستخدم السيليكون في صناعة الخلايا الشمسية؟

هذه المقالة هي الجزء 5 من 22 في سلسلة موضوعات تأسيسية في الطاقة المتجددة

تخيل مصدر طاقة لا حدود له عمليًا وليس له تكلفة وقود ولا يصدر منه أي انبعاثات لثاني أكسيد الكربون. ذلك المصدر موجود بالفعل وهي الشمس التي تشرق وتغرب أمام ناظريك كل يوم. تأتي الطاقة الشمسية في شكل إشعاع كهرومغناطيسي وهو في الأساس موجات حرارة وضوء تُشعها الشمس. تخيل كمية الإشعاع الشمسي الذي يسقط على سطح الأرض خلال عام وهو بالطبع يختلف حسب الموقع الجغرافي أو بحسب بعد المنطقة عن خط الاستواء ماذا لو أمكننا تسخير كل هذا الإشعاع لتوليد الطاقة؟ لتصور الأمر بشكلٍ أوضح، يتلقى كل متر مربع من سطح الأرض طاقة كافية سنويًا لتشغيل مروحة سقف متوسطة الحجم بينما يتلقى مترين مربعين ما يكفي لتشغيل تلفزيون، وقد تكفي ثلاثة أمتارٍ مربعة لتشغيل غسالة صغيرة. الآن ألق نظرة سريعة وشاهد عدد الأمتار المربعة من المساحات الفارغة الموجودة في كل مكان في العالم وستتيقن أن لدينا كمية طاقة هائلة يمكننا تسخيرها والاستفادة منها. لكن كيف بدأ البشر في تسخير الطاقة الشمسية عبر التاريخ؟ وما كان دور السيليكون في صناعة الخلايا الشمسية؟ هذا ما سنعرفه في السطور القادمة من هذا المقال.

العدسات الحارقة

من الناحية النظرية، استخدام البشر الطاقة الشمسية في وقت مبكر من القرن السابع قبل الميلاد استخدموا ضوء الشمس لإشعال الحرائق بواسطة العدسات المكبرة. في وقت لاحق من القرن الثالث قبل الميلاد، استخدم الإغريق والرومان المرايا لإضاءة المشاعل للاحتفالات الدينية. أصبحت هذه المرايا أداة طبيعية يشار إليها باسم “المرايا المحترقة” ووثقت الحضارة الصينية استخدام المرايا لنفس الغرض لاحقًا في عام 20 بعد الميلاد.

العدسات الحارقة

توجد طريقة تاريخية أخرى لحصاد الإشعاع الشمسي لا يأخذها الكثير من الناس في الاعتبار عند التفكير في الطاقة الشمسية وهي استخدامها في التصميم المعماري. لطالما شُيدت المباني مع مراعاة دفء الشمس فمن القرن الأول وحتى القرن الرابع قبل الميلاد بُنيت الحمامات الرومانية بنوافذ كبيرة موجهةٍ للجنوب والتي من شأنها التقاط طاقة الشمس بطريقةٍ أكثر فعالية مما يحافظ على الحمامات دافئة بشكل معتدل في الشتاء. في وقت لاحق من القرن الثالث عشر الميلادي، وضع أسلاف الأمريكيين الأصليين في “بويبلو” المعروفين باسم “أناسازي” أنفسهم في مساكن مواجهة للجنوب على المنحدرات لالتقاط دفء الشمس خلال أشهر الشتاء الباردة. الجدير بالذكر أن هذه الممارسة المعمارية مستمرة حتى يومنا هذا.

مصيدة “هوراس دي سوسور” الشمسية

مع تزايد استخدام الزجاج خلال القرن الثامن عشر، أدرك الكثيرون قدرته على احتجاز الحرارة الشمسية وقد لاحظ «هوراس دي سوسور-horace de saussure» هذه الظاهرة وهو أحد علماء الطبيعة البارزين في أوروبا في تلك الفترة وكتب ما يلي: “إنها لحقيقةٌ معروفة وحقيقة ربما كانت معروفة منذ أمدٍ طويل أن أي مكان يصبح أكثر سخونة عندما تمر أشعة الشمس عبر الزجاج سواءً كان ذلك المكان غرفةً أو عربةً أو أي شيئًا آخر “. كان هذا العالم الفرنسي السويسري مندهشًا تمامًا من أن هذه الظاهرة الشائعة لم تؤد إلى أي بحث تجريبي حول درجة الحرارة القصوى التي يمكن بلوغها في مصيدة زجاجية للحرارة الشمسية. عند تجربة الطاقة الشمسية، فضّل معاصروه العمل بالمرايا المحترقة والتي يمكن أن تؤدي أعمالاً مذهلة مثل حرق الأشياء عن بعد أو إذابة أصعب المعادن في غضون ثوانٍ. في عام 1767، شرع دي سوسور في تحديد مدى فعالية مصائد الحرارة الزجاجية في جمع طاقة الشمس.

قام دي سوسور أولاً ببناء مصيدة شمسية مصغرة بسماكة خمسة جدران بناها من خمسة صناديق مربعة من الزجاج كل صندوق يحوي الصندوق الآخر، وقطّع قواعد الصناديق بحيث يمكن تكديس الصناديق الخمسة الواحدة داخل الأخرى فوق طاولة خشبية سوداء. بعد تعريض الجهاز للشمس لعدة ساعات، ومع تدوير هذه المصيدة بحيث تصطدم الأشعة الشمسية دائمًا بالأغطية الزجاجية للصناديق بشكل عمودي، قاس دي سوسور درجة الحرارة. كان الصندوق الخارجي هو الأبرد، وزادت درجة الحرارة في الصناديق الداخلية. سجل الجزء السفلي من الصندوق الداخلي أعلى درجة حرارة -189.5 درجة فهرنهايت   أي ما يعادل 89.5 درجة مئوية وهي تقارب درجة غليان الماء.

مصيدة “هوراس دي سوسور” الشمسية

اكتشاف التأثير الكهروضوئي

في عام 1839، اكتشف العالم إدموند بيكريل التأثير الكهروضوئي من خلال تجربة الخلايا الإلكتروليتية: خلال هذه العملية، أدرك “بيكربل” أنه يتم إنتاج المزيد من الكهرباء إذا تعرضت الخلايا لأشعة الشمس. يُعرف التأثير الكهروضوئي بأنه ظاهرة توليد التيار الكهربي عند تعريض بعض المواد للضوء وهذه الخاصية هي ما تمتاز بها أشباه الموصلات كالسيليكون والجرمانيوم واللذان يُعدان العنصران الأساسيان في صناعة الخلايا الشمسية. أُحرز مزيد من التقدم في عام 1876، عندما اكتشف مجموعة من العلماء أن السيلينيوم يمكن أن يحول الضوء إلى كهرباء بدون حرارة. استخدام السيلينيوم بعد ذلك لإنشاء أول خلية شمسية في عام 1883 وسُجلت براءة اختراع أول سخان مياه يعمل بالطاقة الشمسية بعد ذلك بعشر سنوات.

تفسير أنشتاين للتأثير الكهروضوئي

قبل أينشتاين، لاحظ العلماء هذا التأثير ولكنهم كانوا متحيرين من سلوكه لأنهم لم يفهموا طبيعة الضوء تمامًا. في أواخر القرن التاسع عشر، قرر الفيزيائيان جيمس كليرك ماكسويل في اسكتلندا وهندريك لورنتز في هولندا أن الضوء يبدو وكأنه يتصرف كموجة أُثبت ذلك من خلال رؤية كيف تُظهر موجات الضوء التداخل والحيود والتشتت وهي أمور سمات في جميع أنواع الموجات بما في ذلك الموجات في الماء. في عام 1900، حاول عالم الفيزياء “ماكس بلانك” تفسير انبعاث الضوء من الأجسام الساخنة ووجد أن الطاقة الضوئية تنبعث على هيئة حزم اسماها “الكمات” وأن مقدار الكم يعتمد على تردد الإشعاع ويرتبط بما يُعرف بثابت بلانك.

بعد ذلك في عام 1905 جاء أينشتاين ليوسع نظرية بلانك في تفسيره لظاهرة التأثر الكهروضوئي. يظهر التأثير الكهروضوئي عندما يسقط الضوء على معدن ويؤدي هذا إلى انبعاث الكترونات على الفور من ذلك المعدن ولكن إذا كان تردد الضوء منخفضًا فلن تبعث أي الكترونات. أوضح أينشتاين أنه بغض النظر عن كثافة الضوء الساقط على المعدن فإن الضوء يعمل كجسيم اسماه الفوتون ويمنح طاقته لأحد الالكترونات مما يؤدي ذلك إلى تحرير الإلكترون في حالة إذا كان تردد الضوء الساقط مناسبًا للإلكترون في المعدن وهكذا فُسرت العلاقة التي اكتشفها بلانك بين الطاقة والتردد أنه عند انخفاض تردد الضوء الساقط فلن تنبعث الإلكترونات. بعبارة أخرى، يعني ذلك أن الفوتونات لا تحتوي على طاقة كافية لتحرير الإلكترونات. منُح أينشتاين جائزة نوبل في الفيزياء وذلك لتفسيره التأثير الكهروضوئي والذي انتشرت تطبيقاته فيما بعد لتعم كافة المجالات التقنية حيث اُستخدمت الخلايا الكهروضوئية في بداية الأمر في الكشف عن الضوء باستخدام أنبوبة فارغة بها كاثود -قطب سالب- ليبعث إلكترونات، وأنود -قطب موجب- ليجمع التيار الناتج ومن ثم تطوّرت تلك الأنابيب الضوئية إلى «وصلات ثنائية-Diodes» ضوئية مصنوعة من أشباه موصلات والتي تُستخدم في تطبيقات مثل الخلايا الشمسية والدوائر الدقيقة والألياف البصرية في الاتصالات.

تفسير أينشتاين للتأثير الكهروضوئي: يمنح الفوتون طاقته لأحد الالكترونات مما يؤدي ذلك إلى تحرير الإلكترون

استخدام السيليكون في تصنيع الخلايا الشمسية

ذكرنا سابقًا أن الخلايا الكهروضوئية كانت تصنع من السيلينيوم ولكن الخلايا الشمسية التي نعرفها نعرفها اليوم مصنوعة من السيليكون. يعتبر البعض أن الاختراع الحقيقي للألواح الشمسية يُنسب لكل من “داريل شابين” و”كالفن فولر” و”جيرالد بيرسون” وذلك لابتكارهم لأول خلية السيليكون كهروضوئية في مختبرات بيل في عام 1954. يعتقد الكثيرون بأن هذا الحدث يمثل الاختراع الحقيقي لتكنولوجيا الكهروضوئية لأنه كان المثال الأول لتقنية الطاقة الشمسية التي يمكنها بالفعل تشغيل جهاز كهربائي لعدة ساعات في اليوم. يمكن لأول خلية شمسية من السيليكون تحويل ضوء الشمس بكفاءة تبلغ أربعة بالمائة، أي أقل من ربع ما تستطيع الخلايا الحديثة القيام به. الجدير بالذكر أن بعض الشركات حاليًا صنعت خلايا شمسية بكفاءة تتعدى 30% وإن كنت ترغب بمعرفة المزيد عن مفهوم الكفاءة الكهربائية يمكنك الرجوع لهذا المقال. قد تتساءل عزيزي القارئ ما هي السمة المميزة في عنصر السيكليون ليكون العنصر المثالي لتصنيع الخلايا الشمسية؟

لماذا يُستخدم السيليكون في صناعة الخلايا الشمسية؟

يُعتبر السيليكون واحد من أكثر العناصر توافرًا في الطبيعة ويوجد بشكل أساسي في رمال الصحاري على هيئة أكاسيد السيلكون. لكن ما يجعل السيليكون عنصرًا مميزا في تصنيع الخلايا الشمسية هو تركيبه الكيميائيي الفريد؛ إذ تحتوي ذرة السيليكون على 14 الكترون موزعة على ثلاث مستويات طاقة.  مستويين الطاقة الاول والثاني الاقرب للنواة يكونان ممتلأن تماماً بالالكترونات والمستوى الثالث أو المستوى الخارجي يحتوي على 4 الكتورنات فقط اي يكون نصفه ممتلئ والنصف الاخر فارغ حيث ان المدار يكتمل بـ 8 الكترونات.  وتسعى ذرة السيليكون لان تكمل النقص في عدد الالكترونات في المستوى الخارجي ولتفعل ذلك فإنها تشارك أربع الكترونات من ذرات سيليكون مجاورة وبهذا ترتبط ذرات السيليكون بعضها البعض في شكل تركيب بلوري وهذا التركيب البلوري له فائدة كبيرة في الخلية الكهروضوئية بلورة سيليكون نقية وللعلم بلورة السيليكون النقية لا توصل التيار الكهربي بكفاءة لانه لا يوجد الكترونات حرة لتنقل التيار الكهربي حيث ان كل الالكترونات قد قيدت في التركيب البلوري. ولهذا ولكي يتم استخدام السيليكون في الخلية الشمسية فإننا بحاجة إلى إجراء تعديل بسيط في التركيب البلوري وذلك عن طريق عملية تطعيم ذرات عناصر أخرى تسمى عملية «تطعيم-doping» وهذه الذرات الاضافية تُعرف باسم «شوائب-impurities» وهي ضرورية لعمل الخلية الشمسية. تعمل الشوائب في ذرات السليكون على السليكون النقي بالطاقة وتجعل بعض الكترونات السيليكون تتحرر وتترك مكانها شاغر ويطلق على هذا المكان الشاغر اسم «الفَجوة-hole».  تعمل هذه الفجوة على السماح لالكترون في الجوار بالانتقال اليها تاركاً فجوة اخرى وهكذا تستمر حركة الالكترونات في اتجاه وحركة الفجوات في الاتجاه المعاكس وهذه الحركة هي تيار كهربي. منذ اختراع الخلايا الشمسية سعى العلماء لتطوير كفاءتها وفي الوقت الحالي نجد محطات طاقة شمسية تزود المدن والمصانع بالكهرباء ولكن ليس هذا فحسب فتطبيقات الخلايا الشمسية لم تقتصر على تزويد المنشئات والأحمال في كوكبنا فقط بل وصل استخدامها أيضًا للفضاء الخارجي.

كيف تُزود الأقمار الصناعية بالكهرباء؟

تُستخدم الطاقة الشمسية في الواقع في الفضاء الخارجي لتشغيل الأقمار الصناعية. في عام 1958، استخدم القمر الصناعي “Vanguard I” لوحة صغيرة بقدرة واحد واط لتشغيل أجهزة الراديو الخاصة به. في وقت لاحق من ذلك العام، زُودت المركبات الفضائية “Vanguard II” و “Explorer III” و “Sputnik-3” بتقنية الخلايا الشمسية وفي عام 1964، أطلقت وكالة ناسا أول مركبة فضائية من طراز Nimbus ، وهو قمر صناعي قادر على العمل بالكامل على ألواحٍ شمسية بقدرة 470 واط وفي عام 1966، أطلقت وكالة ناسا أول مرصد فلكي مداري في العالم  مدعومًا بألواح شمسية تبلغ قدرتها واحد كيلوواط.

المصادر

energysage
greenmatch
solargain
instituteforenergyresearch
Energy Principles and Renewable Energy-edx
dartmouth
howstuffworks
livescience solarcooking
university of delft

لماذا نخاف ؟ لماذا نحب أطفالنا ؟ لماذا نكره الخيانة ؟ نظرة في تطور المشاعر

هذه المقالة هي الجزء 11 من 21 في سلسلة مقدمة في علم النفس

لماذا نخاف ؟ لماذا نحب أطفالنا ؟ لماذا نكره الخيانة ؟ “ليتني أستطيع التحكم بمشاعري، ليتني أنحيها جانبًا واعتمد على عقلانيتي فقط في الحكم على الأمور”.هل سمعت هذا الكلام من قبل؟ ربما حدثك به صديق أو قلته لنفسك؟ يمكننا الجزم أن أغلبنا بالفعل سمع أو تحدث به. لكن هل التخلص من المشاعر نافع حقًا؟ لماذا نخاف ؟ لماذا نحب أطفالنا ؟ لماذا نكره الخيانة ؟

لماذا نخاف ؟ لماذا نحب أطفالنا ؟ لماذا نكره الخيانة ؟

النظرية الخاطئة للمشاعر

لمعرفة الإجابة سأقص عليك أولًا قصة صغيرة:
في الرابع والعشرين من سبتمبر عام 1848، تعرض الشاب «فينياس جايدج-phineas gage» صاحب الخمسة وعشرين عامًا لحادث مروع. عمل جايدج رئيسًا للعمال في منجم، وأثناء تأديته عمله حدث انفجار مفاجئ، أُصيب جايدج على إثره بأنبوب طوله متر تقريبًا دخل من خده الأيسر ليخرج من مؤخرة رأسه “ملطخًا بقطع من مخه” كما أدلى الطبيب المُستدعى إلى مكان الحادث.

المدهش أن جايدج لم يمت بعد هذا الحادث، ولم يفقد حتى الوعي، بل ركب على ظهر دابة حتى وصل إلى المشفى، وهناك تولى الطبيب علاجه حتى استقرت حالته بعد مدة. لو انتهت القصة هنا لقلنا هذا مثال رائع لحسن حظ جايدج وخبرة الطبيب المعالج. لكن لسوء الحظ، لم يحدث هذا.

لاحظ الطبيب تغير سلوك جايدج ووصفه بالطفولي المتقلب. لم يستطع جايدج التحكم في رغباته، وأهمل عمله حتى خسره، وانتهى به الأمر بترك عائلته والالتحاق بسيرك متنقل مع الأنبوب الذي أصابه!
تقدم لنا هذه القصة مثالًا رائعًا عن الفكرة الخاطئة عن المشاعر. التخلص من المشاعر ليس أمرًا جيدًا، والفصل بين العقلانية والمشاعر ليس منطقيًا. فنجد جايدج فقد جزءًا من قدرته الشعورية بسبب الحادث، وترتب على ذلك تأثر نشاطه العقلي بشكل كبير.

حالة فريدة

لفهم ذلك بشكل أوضح، سأقص عليك قصة أخرى.
بطل هذه القصة مريض لعالم الأعصاب «أنطونيو داماسيو-Antonio damasio» يُدعى إليوت. عمل إليوت في شركة تجارية، كان موظفًا ممتازًا وزوجًا مسئولًا. إلى أن أتته بعض نوبات الصداع اكتشف بعدها إصابته بورم في المخ. تم استئصال هذا الورم مع جزء كبير من الفص الأمامي من المخ ومن هنا بدأت المشكلة.

لم تتأثر ذاكرة إليوت بعد العملية، أو إدراكه، أو حتى معدل ذكائه، لكنه فقد القدرة على اتخاذ قرارته. كان إليوت يقضي الظهيرة بأكملها محاولًا إيجاد طريقة لتصنيف ملفات عمله، هل يصنفها حسب التاريخ أو الحجم أو النوع؟ ونتيجة لتأثر أدائه فقد إليوت عمله، كذلك انتهى زواجه سريًعا ولم تتحسن حالته مجددًا.
فقد إليوت جزءًا من مشاعره، لم يستطع التواصل مع ما يجلب له السعادة أو الحزن أو الغضب أو الخوف. عندما عرض عليه طبيبه صورًا تنقل هذه المشاعر، قال إنه يتذكر هذه المشاعر لكنه فقط لم يعد يختبرها. وهو ما وصفه الطبيب “أن تعرف لكن لا تشعر”
نتيجة لهذا الخلل تأثرت قدرات إليوت على اتخاذ القرارات، وهذا مثال آخر على عدم التعارض بين العقلانية والمشاعر. فبدون المشاعر لن نتمكن من فعل أي شيء.
لذا عندما يشكو لك صديقك مشكلته المرة القادمة، صرت تعرف ماذا عليك إخباره!

السؤال الأهم: لماذا؟

والآن بعد أن تعرضنا للنظرة الخاطئة عن المشاعر، دعنا نسرد الرواية الصحيحة لها.
يقول الفيلسوف ويليام جيمس

هناك عدد من الأسئلة تخطر في ذهن عالم النفس فقط. مثل: لماذا نبتسم عندما نشعر بالسعادة؟ لماذا لا نتجهم؟ لماذا لا نستطيع التحدث إلى جمهور كبير كما نتحدث مع صديق؟ ولماذا تثير فتاة معينة مشاعرنا بالكامل؟

وهنا يثير جيمس نقطة هامة، أننا نتعامل مع المشاعر كأنها حقائق مطلقة عن العالم، تحدث لأنها تحدث ولا بديل لذلك. أما التفسير فيكمن في علم النفس التطوري.
يجبرنا علم النفس التطوري على رؤية الأحداث بشكل علمي، أن نبتعد عن كونها طبيعية وغريزية ونتحرك خطوة للوراء لنسأل السؤال الأهم: لماذا؟
لماذا نخاف؟ لماذا نحب أطفالنا؟ ولماذا نكره الخيانة؟
تلك هي التساؤلات الثلاثة الكبري التي سنتعرض لها ونفسرها في مقال اليوم. نظرة في تطور المشاعر: لماذا نخاف؟ لماذا نحب أطفالنا؟ لماذا نكره الخيانة؟

لماذا نخاف؟

تنقسم المشاعر إلى مشاعر غير اجتماعية مثل الخوف ومشاعر اجتماعية مثل المشاعر تجاه الأقارب، وغير الأقارب.
الخوف شعور أساسي، وعالمي (يشعر به جميع البشر)، وله تعبير وجهي مميز يمكن لكل البشر التعرف عليه، كذلك تمتلكه معظم الفصائل غير البشرية. والسبب وراء تصنيف الخوف تحت بند المشاعر غير الاجتماعية هو أنك يمكنك أن تخاف شخصًا، كذلك يمكنك أن تخاف شيئًا مثل الأماكن المغلقة. وذلك على عكس المشاعر الاجتماعية التي تختص بالبشر فقط.
هناك مثيرات عالمية للخوف مثل: الثعابين والعناكب والعواصف والمرتفعات والظلام والمياه العميقة والحيوانات الضخمة. لكن ما الأمر المشترك بينهم جميعًا؟
الإجابة أن هذه المثيرات كانت مخيفة ومهددة للحياة في بيئة أجدادنا. فشكلت خطرًا على مدار التاريخ التطوري لنا، وانتقلت هذه المعلومات على مر الأجيال. لذا بالمقارنة بالسيارات والأسلحة ومفاتيح الكهرباء -رغم زيادة معدل خطرهم علينا في البيئة الحالية- نجد أننا لا نخافها مثل الثعابين مثلاً، لأنها اختراعات مستحدثة لم تؤثر في تاريخنا التطوري.
هناك دراسة تمت على أطفال نشأوا في ضواحي شيكاغو، سُئلوا عن أكبر مخاوفهم. وجاءت الثعابين والعناكب في المركز الأول، ليس القتل أو الأسلحة أو التعرض لحادث سيارة.
دراسة أخرى تمت على نوع من القردة، نشأت هذه القردة في المعمل فلم تتعرض لهذه المؤثرات قبلًا في الطبيعة. عُرضت عدة مقاطع لمجموعة من القردة ترى ثعبانًا فيظهر عليها الخوف وتبتعد عنه. ثم عُرضت قردة المعمل على ثعبان فأظهرت خوفًا كبيرًا. لكن هذا لم يثبت شيئًا، ربما خوف القردة من الثعابين فطري وريما اكتسبته من رؤية المقاطع، لذا قام العلماء بخطوة إضافية. نجحوا باستخدام تقنيات تعديل الصور والفيديو في عرض عدة مقاطع لقردة تخاف الزهور وتبتعد عنها. وعند تعريض قردة المعمل لنفس المؤثر. لم يظهروا أي خوف.
لذا توصل العلماء أن البشر والرئيسيات على حد سواء لديها النزعة للخوف من الثعابين أو العناكب، لأن تلك الكائنات شكلت خطرًا على أجدادنا، والأفراد الذين خافوها وتجنبوها استطاعوا النجاة والبقاء والتكاثر، وهذا هو الهدف التطوري الذي نسعى له جميعًا. نظرة في تطور المشاعر: لماذا نخاف؟ لماذا نحب أطفالنا؟ لماذا نكره الخيانة؟

لماذا نحب أطفالنا؟

ذكرنا سابقًا أن المشاعر الاجتماعية تشمل مشاعرك تجاه اقاربك، وغير أقاربك. جميعنا نحب أبنائنا وأخوتنا وآبائنا، لكننا أسلفنا أن علم النفس التطوري يسأل دومًا السؤال: لماذا؟
لماذا تطور البشر ليصبحوا طيبين وعطوفين؟ ما تفسير هذا السلوك الإيثاري؟
يكمن السر هنا في التكاثر وليس البقاء، لا تساعد الطيبة والإيثار والعطف على بقاء الإنسان، فمن المحتمل أن يدفعك الحب إلى التضحية بروحك من أجل ابنك مثلاً. لكنها تساعد على التكاثر وتكرار الجينات، وهذا هو الهدف الأكبر.
تخيل معي اثنين من الحيوانات يحملان جينين مختلفين، أحدهما يجعل الحيوان يهتم بذريته والآخر يجعله يهتم بنفسه فقط. ماذا سيحدث في الجيل التالي؟
سيتفوق الحيوان الذي تطور ليهتم بذريته -من وجهة نظر الانتقاء الطبيعي- على الحيوان الذي يهتم بنفسه فقط، لأن جيناته ستنتقل وتتكرر عبر الأجيال.
وتعرف هذه النظرية باسم نظرية «الجين الأناني-Selfish gene theory» لصاحبها العالم ريتشارد دوكينز. وتعد واحدة من أشهر النظريات وأكثرها جدلًا في علم بيولوجيا التطور التي شهدها القرن الماضي.

نظرية الجين الأناني

دعنا نتعمق قليلًا في نظرية دوكينز، ولفعل ذلك علينا تبني منظورًا مختلفًا. وهو منظور فيروس نزلة البرد. لماذا نعطس عندما نصاب بالبرد؟
أحد الإجابات أن الجسد يود التخلص من الجراثيم بداخله. لكنها ليست صحيحة تمامًا. تأتي الإجابة الأكثر تشويقًا عند التخلي عن المنظور الأناني (أنا مصاب بنزلة برد)، وتبني منظور فيروس نزلة البرد: تطورت الفيروسات عبر السنين مثل باقي الحيوانات، وجاء تطورها عن طريق البقاء والتكاثر. ووسيلة الفيروس للتكاثر هو جسمك، والتحكم به كي تعطس وتطرده خارجًا لينتشر ويتكاثر.
يستخدم الفيروس جسمك كأداة للتكاثر!
مثال آخر: أحد تأثيرات الأمراض المنتقلة جنسيًا مثل الزهري أنه يزيد الرغبة الجنسية ويدفع الناس إلى الانخراط في المزيد من العمليات الجنسية. هذه هي وسيلة الفيروس في الانتشار.
يوجد الجين الأناني أيضًا في الحيوانات. مثل طفيل «المقوسات-Toxoplasmosis» الذي يعيش في أجساد الفئران، ثم ينتقل إلى أجساد القطط التي تتغذى عليها، ومنه إلى فضلات القطط ثم أجساد الفئران مرة أخرى. الفأر المصاب بداء المقوسات معافٍ تمامًا، باستثناء أمر واحد فقط: يعدل الطفيل مخ الفأر ويجعله أقل خوفًا من القطط، وهذه هي آلية الطفيل لاستخدام جسد الفأر للتكاثر.
إذًا يرى دوكينز أن جسد الحيوان هو وسيلة الجين لصنع جين آخر/التكاثر. لكن ما أهمية هذا في علم النفس؟ وكيف يجيب عن سؤال الطيبة والإيثار؟

تطبيق نظرية الجين الأناني في علم النفس

قبل الإجابة عن هذا السؤال، دعونا نوضح اثنين من المفاهيم الهامة في علم النفس: «السببية القصوي والمباشرة-Ultimate and proximate causation»
السببية المباشرة: هي تفسير سلوك الحيوان وفقًا لآلياته الداخلية وعوامل الإثارة.
السببية القصوى: هي تفسير سلوك الحيوان وفقًا للتطور، كيف يساهم هذا السلوك في الانتقاء الطبيعي؟
لذا عندما سُئل أحد المفكرين: هل تضحي بحياتك من أجل أخيك؟
أجاب: لا، لكني سأمنحها بكل سرور لثلاثة أخوة، وخمسة من أبناء الأخ، وتسعة من أقارب الدرجة الأولى.
وهو بالطبع يمزح، لا يوجد شخص سوي يحسب هذه الحسابات عند التعامل مع أبنائه أو إخوته. إننا نحبهم لأننا فقط نفعل، نشعر بالسعادة في وجودهم، ونلجأ إليهم وقت الحاجة، نحب منحهم وقتنا ومالنا وربما أرواحنا، دون أن نسأل لماذا. وهذا بالتحديد السبب المباشر للإيثار.
أما الإجابة الأكثر علمية والتي تفسرها نظرية الجين الأناني: هي إجابة المفكر السابقة. نحن نحب أبنائنا وإخواننا وأقاربنا لأننا نتشارك معهم نفس الجينات. وإذا خُير الجين الأناني بين التضحية بالجسد الذي يسكنه، أو موت عدد من إخوته، سيختار التضحية. لأنها صفقة مثالية، حيث يحمل إخوته نفس جيناته، ويضمن بقائهم التكاثر وتكوين عدد أكبر من النسخ. وهذه هي السببية القصوى التي تفسر الإيثار من وجهة نظر الانتقاء الطبيعي. نظرة في تطور المشاعر: لماذا نخاف؟ لماذا نحب أطفالنا؟ لماذا نكره الخيانة؟

لماذا نكره الخيانة؟

لم يواجه التطور صعوبة كبيرة في تفسير المشاعر تجاه الأقارب، بما أن التطور مدفوع بقوى تهدف إلى تكرار الجين وتكاثره، فمن المنطقي أن تحب الحيوانات ذريتها وتعتني بها، لأنها حاملة جيناتها. لكن الأمر المحير حقًا هو علاقات البشر والحيوانات بغير أقاربها، كيف تعود هذه العلاقات المعقدة بالفائدة من وجهة نظر الانتقاء الطبيعي؟

تظهر أمثلة كثيرة لهذا النوع من العلاقات في الطبيعة. منها:

  • اعتناء الحيوانات بنظافة بعضها البعض، كما يحدث في القردة فتجدها تزيل الحشرات من أجساد رفاقها.
  • إطلاق صرخات تحذيرية عند اقتراب الخطر، رغم تهديد هذا الفعل لحياة صاحبه.
  • ترعى الحيوانات أطفال أحدها الآخر. ومن وجهة نظر تطورية بحتة، من الأفضل أن تلتهم هذه الحيوانات الأطفال، فهي مصدر البروتين كذلك لا تحمل جيناتها. لكن ما يحدث عكس ذلك.
  • تتشارك الحيوانات الطعام كما يحدث في الخفافيش.

الإيثار المتبادل

تعمل الخفافيش معًا في نظام دقيق، حيث تذهب مجموعة للصيد وجمع الدماء وتعود لتوزيعه على باقي الأفراد. وبهذا تتبع الخفافيش مبدأ «الإيثار المتبادل-Reciprocal alturistim»
بمعنى أن العمل معًا يعود بفائدة أكبر من العمل وحيدًا، أي تفوق المنفعة التكلفة.
فعندما يبدأ أحد الخفافيش بالإيثار يعود الأمر بالفائدة عليه، لأنه سيلتقي مساعدة في المقابل.
لو توقف الأمر عند هذا الحد، لصار التفسير سهلًا. نحن نعطي ونتوقع أن نأخذ في المقابل، أي تفوق المنفعة التكلفة، هذا ليس هدفًا تطوريًا سيئًا، أليس كذلك؟
لكن اللغز لا يتوقف هنا، حيث تظهر مجموعة من الغشاشين أو ما يطلق عليهم علماء الاقتصاد: المنتفعين بالمجان.
تخيل معي اثنين من الجينات، الجين الأول لخفاش يخرج للصيد ويشارك ما يحصل عليه مع باقي الأفراد. والجين الثاني لخفاش لا يخرج للصيد لكنه ينتفع مما يجلبه الآخرون. أيهما أكثر تفوقًا تطوريًا؟
الجين الثاني يحصل على كميات طعام أكبر وعمل أقل، وبالتالي يتفوق بلا شك على الجين الأول.
لكن أين التفسير؟ إذا كانت آليات الغش والانتفاع بالمجان أكثر تفوقًا، فكيف تطورت آليات التعاون وترسخت هكذا؟
تكمن الإجابة في «اكتشاف الغشاشين-Cheaters Detection»
لا يمكن للايثار المتبادل العمل إلا إذا كانت الحيوانات مهيئة مسبقًا لاكتشاف الغشاشين.
لفهم ذلك أكثر، دعني أسرد لك هذه التجربة.
تابع العلماء عشًا للخفافيش، وراقبوا نشاط خفاش معين خرج للصيد ثم عاد بعد فترة حاملًا الدم ليوزعه على رفاقه. لكن العلماء قاموا بطريقة ما بمنع هذا الخفاش من مشاركة الدم مع رفاقه. فماذا حدث؟
عندما خرج أفراد آخرون للصيد وعادوا بالدماء، لم يشاركوه الطعام وتركوه يتضور جوعًا.
ومن هنا نستنتج أن الاختيار الأفضل دائمًا هو التعاون، تعلمت الحيوانات هذا النظام، ونشأ من إيثارها المتبادل علاقات معقدة ومدهشة.
وبالطبع يظهر الإيثار المتبادل في البشر أيضًا، بل ويجادل بعض علماء النفس أن هذه الحساسية تجاه الغشاشين والتركيز على عملية الايثار التبادلي لها دور هام في تطور السلوك الاجتماعي عند البشر.

معضلة السجين

التفسير الكلاسيكي لهذا الرأي يأتي باستخدام «معضلة السجين-Prisoner’s dilemma»
معضلة السجين هي لعبة يستخدمها الباحثون في علم النفس لمعرفة متى يختار البشر التعاون أو الخيانة. لهذه اللعبة صور كثيرة، لكن الشكل الكلاسيكي لها كالتالي:
أنت وصديقك قررتما السطو على بنك لكن قُبض عليكما، فيأتي إليك الضابط ليعرض عليك مجموعة من الخيارات.

  • تخون وتعترف على السجين الثاني، فيُطلق سراحك ويقضي هو مدته في السجن.
معضلة السجين (حقوق الصورة: University of Michigan Heritage Project)
  • تتعاون ولا تشي بالسجين الثاني، بينما هو يشي بك، فيطلق سراحه، وتقضي أنت مدتك في السجن.
  • تتعاونا معًا ولا يشي أحدكما بالآخر، فيطلق سراحكما.
  • تشيا بأحدكما الآخر، فتذهبا كلاكما إلى السجن.


عند تحليل هذه الاختيارات، نجد أن أحسنها هو أن يتعاون كلاكما معًا فلا يُسجن أحد. وأسوأها أن تشيا ببعضكما فيذهب كلاكما إلى السجن.
لكن الاختيار الأسلم في كل مرة هو الخيانة، فأنت لا تضمن تعاون صديقك معك. لذا إذا اخترت الخيانة واختار صديقك التعاون فستخرج حرًا، وإذا اخترت الخيانة وكذلك صديقك فلن ينتهي بك الأمر وحيدًا في السجن.
وبتحليل الاختيارات المختلفة لمعضلة السجين، وجد العلماء أن مشاعرنا تتناظر مع كل اختيار منها:

  • نحب الأشخاص الذين يتعاونون معنا، ونتشجع أن نكون أكثر لطفًا معهم في المستقبل.
  • لا نحب أن يخدعنا أحد، يجعلنا هذا نشعر بالغضب والخيانة، ويحفزنا لتجنبهم في المستقبل.
  • نشعر بالسوء حينما نخون شخص تعاون معنا، ويحفزنا ذلك للتعامل بشكل أفضل في المستقبل.

نظرة في تطور المشاعر: لماذا نخاف؟ لماذا نحب أطفالنا؟ لماذا نكره الخيانة؟

والآن بعد أن تعرضنا لسؤال المشاعر وتفاصيله الدقيقة، وتعرفنا على الحالات المؤسفة لاختلال العقل نتيجة فقدان جزء من المشاعر، وفسرنا الرؤية الصحيحة لها، وأجبنا عن الأسئلة الثلاث الأكبر: لماذا نخاف؟ لماذا نحب أطفالنا؟ لماذا نكره الخيانة؟
في المرة القادمة التي تبتسم فيها، أو تتجهم، أو تستمتع بصوت ما، ويزعجك آخر، تذكر ألا تنظر إلى هذه الأمور كأنها حقائق كونية، واسأل نفسك دومًا السؤال الأهم: لماذا؟

اقرأ أيضًا: نظرية مثلث الحب

المصادر

علم الوراثة الدوائي

علم الوراثة الدوائي
في غرفة عمليات أحد المشافي يستعيد المريض وعيه بشكل طبيعي بعد زوال تأثير مخدر الهالوتان الذي دام بضع ساعات بعد إتمام العملية الجراحية بنجاح وبدون مضاعفات تُذكر، وبالمقابل وفي حالة أخرى في مشفى آخر بعد إعطاء المريض جرعة مماثلة من المادة المخدرة نفسها تطورت لديه حمى شديدة وتقلص عضلي شديد لينتهي بانحلال سريع للعضلات وموت المريض بعد فشل الأطباء في إنقاذه، وهنا لا بُدّ أن نتساءل لماذا قد اختلفت استجابة المريضين للدواء المخدر نفسه؟ وهل نحن أمام حالة فردية تخص الهالوثان أم أننا سنجد هذا التباين بالاستجابة باستخدام أدوية أخرى؟ (1)
للإجابة عن هذه الأسئلة سنتناول في هذا المقال «علم الوراثة الدوائي-pharmacogenetics»

علم الوراثة الدوائي


يُعنى علم الوراثة الصيدلي بدراسة الاختلاقات الكثيرة في استجابة المرضى للأدوية، وذلك بسبب التنوع الكبير للأنماط الجينية بين الأفراد،وبالتالي يساعد هذا العلم الأطباء على صياغة وصفات طبية أكثر ملاءمة للمرضى من حيث النوع والكمية.(2)

هناك ثلاثة آليات تؤثر في الفعالية العلاجية للدواء وهي:استقلاب الدواء ونقل الدواء ومستقبل الدواء
ويمكن للبروتينات المسؤولة عن الآليات الثلاث أن تختلف بالتركيز والفعالية بين الأعراق المختلفة بشكل عام وبين الأفراد بشكل خاص فالجينات المسؤولة عن إنتاج هذه البروتينات معرضة للكثير من الحوادث الطفرية أثناء انتقالها من جيل لآخر فيمكن لتغير أساس نكليوتيدي واحد(الوحدة الأساسية لبناء الجين) لأحد الجينات أن يحدث تغيرًا واضحًا في تأثير البروتين المنتج وكمثال على هذه الحالة يمكننا العودة إلى مقدمة هذه المقال فتلك الاستجابة الشديدة للهالوتان المخدر سببها تغير نكليوتيد واحد فقط في جين (RYR1) المسؤول عن إنتاج بروتين مستقبل الريانودين للعضلات الهيكلية وتسمى هذه الحالة بمتلازمة
«فرط الحرارة الخبيث -malignant hyperthermia» التي تصبح مميتة إذا لم يتوفر التدخل الطبي السريع والفعّال. (3)
وفي حالات أخرى قد يُحذف الجين بالكامل، وكمثال على ذلك فإنّ 10% من القوقازيين يفقدون إحدى نسختي جين (TBMT) المسؤول عن إنتاج إنزيم يستقلب ويزيل سميّة أدوية «الثيوبورينات-Thiopurines» وبالتالي تنخفض كمية هذا الإنزيم إلى النصف من الحالة الطبيعية وبذلك تصبح أجسامهم غير قادرة على تحمل الجرعات الاعتيادية من هذه الأدوية المستخدمة في العلاج الكيميائي لمرضى سرطان الدم،لذلك يوصي العلماء بإجراء اختبار كشف خلل الاستقلاب لتحديد الجرعة الدوائية الأمثل لجسم المريض. (4)
وبحالة معاكسة تمامًا قد يتضاعف الجين المسؤول عن إنتاج إنزيم (CYP2D6) المسؤول عن استقلاب طيف واسع من الأدوية، وكنتيجة لذلك تزداد سرعةالاستقلاب وفعاليته في أجسام المرضى حاملي هذا التغاير الجيني ، وهنا لابدّ أن نذكر أن هذه الحالة ما زالت مبهمةً إلى حد ما، فإلى الآن لا توجد دراسة منهجية تشرح هذه الحالة بشكل كامل على أمل أن يجد علماء الوراثة الدوائية تفسير هذه الظاهرة في أقرب وقت. (5)

انحصر تركيزنا في الأمثلة السابقة على التغيرات التي تطال جينًا واحدًا فقط إلا أنّ معظم الاستجابات الدوائية تنتج عن عن صفات بالغة في التعقيد والتداخل، وتتأثر الاستجابة بالعوامل البيئية المحيطة بما في ذلك بالأدوية الأخرى المعطاة بشكل متزامن وهذا ما يتطلب دراسات على مستوى الجينوم بأكمله في فرع علمي يسمى ب
«علم الوراثة الجينومي الدوائي-pharmacogenomics»

الطب الشخصي


يمكننا أن نعتبر «الطب الشخصي-personalized medicine» التطبيق العملي لاكتشافات علماء الوارثة الدوائية فهو يسعى لتحقيق التشخيص الأمثل وتقديم الدواء الأمثل بالجرعة والوقت المثاليين، وذلك بناء على الخارطة الجينومية لكل مريض على حدى، ولكننا في الحقيقة ما زلنا بعيدين عن تحقيق هذه الغاية فهناك عديد من العقبات التي تعوق التقدم في الطب الشخصي من بينها الكلفة العالية لسلسلة الجينوم لجميع المرضى إضافة إلى صعوبة تفسير التحاليل الجينية ومقارنتها فالجينوم البشري مكون من أكثر من ثلاثة مليارات نكليوتيد.(2)

يطمح علماء الوراثة الدوائية بمستقبل يكون فيه العلاج الشخصي أمرًا اعتياديًا ويتطلب إجراءات روتينية بسيطة، ولكن إلى ذلك الحين لا بُدّ من العمل على حل المشكلات القائمة في هذا المجال واستثمار مزيد من الجهود والموارد لتطوير التقنيات المساعدة، ولكن من يدري قد نشهد في حياتنا مرحلة تصبح فيها شيفرتنا الجينية جزءًا أساسيًا من بطاقة هويتنا الشخصية.

المصادر:
https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC1867813/ (1)
https://www.nature.com/articles/6500338 (2)
https://scholar.google.com/scholar?hl=ar&as_sdt=0%2C5&q=malignant+hyperthermia&btnG=#d=gs_qabs&u=%23p%3D-b76jlDtCdEJ (3)
https://www.nature.com/articles/537S60a (4)
https://www.nature.com/articles/6500406 (5)

التنشئة الاجتماعية: الطبع مقابل التطبّع

هذه المقالة هي الجزء 3 من 9 في سلسلة مقدمة في علم الاجتماع

هل يولد الطفل بشخصية محددة؟ أم أنه يكتسب صفاته من محيطه؟ إلى أي مدى توثر التنشئة الاجتماعية على نمو شخصياتنا؟ لماذا يختلف أخوان توأم في الشخصية إلى هذا الحد، رغم جيناتهم وظروفهم الاجتماعية المشتركة؟  تدور كل هذه الأسئلة في بالنا عند محاولة فك لغز شخصيتنا أو شخصيات الأشخاص المحيطين بنا، وتظهر التنشئة الاجتماعية كعامل فاعل ومؤثر في تحديد هوياتنا؟ فما هي التنشئة الاجتماعية؟ وما هي مكوناتها؟ وما الذي يغلب، الطبع أم التطبع؟

ما هي التنشئة الاجتماعية؟ وما هي أهميتها؟

في صيف عام 2005، اشتكى عدد من سكان فلوريدا في الولايات المتحدة الأميركية لقسم الشرطة من وجود فتاة غريبة تظهر من النوافذ المكسورة لبيتٍ في حالة رثّة. بالفعل، اقتحمت الشرطة المنزل المذكور وكانت الصدمة! فقد وجدوه مليئًا بالأوساخ والحشرات، أبوابه ونوافذه مخلوعة، ومفروشاته قديمة ومهترئة. ثم وجدوا فتاة صغيرة، تبدو في السابعة من عمرها، ملقاةً على فراش ممزق وجسدها مليء بلسعات الحشرات والقروح. بحسب والدتها، التي كانت موجودة في المنزل أيضًا، تُدعى الفتاة “دانييل”. أُجليت سريعًا من المنزل وأُخذت إلى المستشفى لفحصها. وُجدت دانييل، حتى بعد استعادة عافيتها (والتأكد من عدم إصابتها بمرض مزمن أو جيني)، عاجزة عن أي نوع من التواصل بالكلام أو بالتعابير أوالبكاء وعاجزة عن علك الطعام وبلعه ولا تجيد استخدام أدوات الطعام والمرحاض، وحتى لا تستطيع الوقوف أو المشي ولا تفهم ماهية الكرسي وطريقة استخدامها.

قد تبدو بعض تصرفاتنا اليومية طبيعية وسهلة، فيُخيّل إلينا أنها قد وُلدت معنا. لكن الحقيقة أننا اكتسبناها على مر الوقت من محيطنا من خلال التنشئة الاجتماعية. فالفتاة “دانييل” تعطينا مثالًا حيًا عن أهمية التفاعل العاطفي والاجتماعي لتنمية كل القدرات الفكرية والجسدية والنفسية، حتى أكثرها بساطة.

التنشئة الاجتماعية هي عملية اكتساب الفرد للأفكار المجردة (القيم والمبادئ وتمييزالصح من الخطأ …) والأفعال العمليّة (طريقة التعبير والحديث والسلام والأكل والتعامل مع الآخرين …) من مجتمعه، ليصبح فعالًا في هذا المجتمع. ويتم الاكتساب إجمالًأ من خلال مراقبة الأشخاص الآخرين وتقليدهم، أو من خلال تعليم أو تشريط مقصود من قِبل المحيطين به أفرادًا أو مؤسسات. وتلعب التنشئة الاجتماعية دورًا جمًا في نمو وتحديد شخصية كلٍّ منا، ورسم دوره الاجتماعي فيما بعد. وتُصنف التنشئة الاجتماعية نوعين:

– «التنشئة الاجتماعية الأولية-Primary Socialization» وهي تعلم الفرد من عمر باكر للقيم والمبادئ والأفكار والأفعال الاجتماعية وهي إجمالًا تبدأ في المنزل مع أفراد العائلة.

– «التنشئة الاجتماعية الثانوية-Secondary Socialization» وهي مسار اكتساب التصرفات المحبذة لمجتمع معين أو المناسبة له. وهي تبدأ خارج المنزل في المناسبات الاجتماعية.

هل يغلب الطبع التطبع فعلًا؟

من يحدّد شخصية الإنسان؟ هل يُولد الطفل بشخصية تحدّدها الجينات أم يلعب المجتمع الدور الأكبر في رسم ملامحها؟  لطالما شكّلت هذه الأسئلة صلب نقاش طويل دار بين علماء النفس والطب النفسي والجيني وعلماء الاجتماع والجريمة.

في السنوات الأخيرة، اعتُبر هذا النقاش عقيم وغير مُجدٍ من قِبل العديد من العلماء، فاعتبره طبيب الأعصاب «نيك كرادوك- Nick Craddock» نقاشًا قديمًا وسادجًا وغير مفيد (سنة 2011)، وسمّى طبيب الأعصاب «برايان ترينور-Brian Traynor» ثنائية الطبع والتطبّع بالثنائية المغلوطة (سنة 2010).  ويقول علماء الجينات أن الجينات تتفاعل مع المحيط، بطريقة معقدة جدًا ولا يمكن تفسيرها أو توقعها بالوسائل العلمية الموجودة حتى الآن. بالإضافة إلى ذلك، يعتبر علم ما فوق الجينات (Epigenetics) أن الظروف الحياتية تؤثرعلى التعبير الجيني.

يتداخل سؤال الطبع والتطبع مع سؤال الإرادة الحرة، وبالتالي يطرح صحة كل الأنظمة الأخلاقية والقوانين وأنظمة المحاسبة. وعلى الرغم من أن الاتفاق أن التفاعل بين “الطبع” و”التطبع” هو الجواب الأكثر دقة، إلا أنه جواب غير كافٍ، بحيث يبحث العلماء عن مزيد من الدلائل حول السمات الفطرية والمشتركة بين كل الشعوب والمجتمعات، والسمات المُكتسبة من التربية والتنشئة الاجتماعية.

من الأمثلة على ذلك، سأل العلماء طويلًا: هل تعبيرات الوجه هي فطرية أم مكتسبة؟ وأثبتت آخر دراسات علم النفس الاجتماعي أنها فطرية، كونها مشتركة عند كل الثقافات. كما يعتمدها الأطفال المكفوفون أيضًا، رغم أنهم لا يتعلمون تعابير الوجه بالتقليد، فهم يمارسونها فطريًا فيبتسمون عند فرحهم ويبكون عند غضبهم.

من الأسئلة الشائعة أيضًا: هل يولد الأطفال عنيفين؟ يختلف العلماء حول الإجابة، فتعتبر بعض الدراسات أن سمات العنف تولد مع الإنسان، ويتعلم الطفل كيفية السيطرة عليها (فيقول البروفيسور في طب الأطفال والطب النفسي للأطفال ريتشارد تريمبلاي أن العنف مشكلة تطال كل أطفال العالم خصوصًا تحت عمر الثالثة)، حتى أن بعضها تعطي للعنف تاريخ تطوري، بحيث احتاج الإنسان البدائي إلى العنف ليعيش، فاكتسبنا جميعًا جينات عنفية. في المقابل بيّنت دراسات أخرى بحثت في تصرفات الأهل والأطفال بين عمر الصفر وعمر ال7 سنوات أن العنف مكتسب ويتأثر خصوصًا بتربية الأهل.

وكلاء التنشئة الاجتماعية:

يُعتبر مسار التنشئة الاجتماعية مسارًا طويلًأ ومعقدًا، تتداخل فيه أدوار العديد من المجموعات والمؤسسات التي تتفاعل مع الشخص وتؤثر على نموه الاجتماعي، وتسمّى ب”وكلاء التنشئة الاجتماعية”. فمن هم هؤلاء الوكلاء؟

العائلة:

تشكل العائلة التجربة الاجتماعية الأولى للطفل، فهو يؤمن كل حاجاته ويكتسب كل قدراته من خلالها. ولا تقتصر على العائلة والأخوة فقط، بل تطال الأقرباء أيضًا. ولكن من المهم الإشارة أن تربية العائلة للطفل لا تحصل بطريقة معزولة عن المجتمع الأوسع، فتتأثر العائلة بالقيم والعادات العامة وثقافة البلد ووضعه التاريخي والسياسي والاقتصادي. كما تتأثر التنشئة بالطبقة الاجتماعية التي تنتمي إليها العائلة، والأدوار الاجتماعية لأفرادها. فمثلًا في معظم المجتمعات الشرقية التقليدية تكون الأم ربة منزل، وتهتم بالقسم الأكبر من التنشئة. بينما في السويد مثلًا، تُعد ظاهرة الأب الملازم للبيت شائعة، لا بل محبذة من الدولة (بحيث تعطي عطلة أبوّة عند ولادة طفل جديد)، فيكون الوالدان متشاركان في التنشئة الاجتماعية.

 فحتى أبسط علاقات التنشئة بين الطفل وعائلته هي علاقة معقدة ومتداخلة مع عوامل أخرى.

مجموعة الأقران:

وهي تتألف من الأشخاص المشابهين بالعمر والطبقة الاجتماعية والاهتمامات. ويختبر الطفل التفاعل مع أقرانه حتى قبل دخوله إلى المدرسة أحيانًا (أولاد الجيران مثلًا). ويكون هذا الاحتكاك بغاية الأهمية للطفل، بحيث يتعلم المشاركة والالتزام بقواعد بسيطة (قواعد لعبة) ويشكل الخطوة الأولى في طريق إنماء شخصيته الاجتماعية.

المدرسة:

هي المؤسسة الأولى التي ترسم ملامح الحياة الاجتماعية للطفل. فهو للمرة الأولى يتفاعل مع عدد كبير من الأفراد والأقران، بالإضافة إلى أنه يلتزم بقواعد ومبادئ عامة صارمة.

ولا يقتصر تعليم المدرسة على المنهج الأكاديمي التي تعطيه، بل تحمل أيضًا ما يسميه علماء الاجتماع ب”المنهج الخفي”، بحيث يتعلم الولد احترام الآخرين والالتزام بقواعد الصف وتبادل الأدوار ومشاركة الأغراض، ثم كيفية التعبير عن الرأي والقيم المدنية والوطنية والدينية أحيانًا.

وتثبت الدراسات يومًا بعد يوم، خاصة تلك المتعلقة بعلم نفس التعلم، أن أسلوب التعليم يؤثر بشكل هام على الحالة النفسية للأطفال، فأثبتت دراسة للتلاميذ الثانويين، أجرتها جامعة ميامي، الفروقات النفسية بين التلاميذ الذين يتعلمون بأساليب تنافسية مقابل آخرين يتعلمون بأساليب تعاونية.

مكان العمل:

يقضي البالغون معظم أوقاتهم في مكان عملهم. ورغم أنهم قد اكتسبوا الكثير من التنشئة الاجتماعية منذ طفولتهم، إلا أن مسار التنشئة لا يتوقف. فيختبر الشخص البالغ أنواعًا جديدة من الأدوار الاجتماعية والعلاقات الرسمية.

الدين والمؤسسات الدينية:

يختلف تأثير الدين على التنشئة الاجتماعية مع اختلاف الحقبات والبلدان والمناطق في العالم. ولكن في كثير من الأحيان ترتبط العادات والقيم والممارسات التي يتعلمها الفرد من طفولته، بالتعاليم والممارسات الدينية.

وتؤثر المؤسسات الدينية أحيانًا على شكل الحكم السياسي، أو التعليم (من خلال مدارس دينية)، وبالتالي يتعاظم دورها في التأثير على طبيعة التنشئة الاجتماعية.

الدولة:

قد يكون دور الدولة غير ظاهر في التنشئة، لكنها فعليًا من أكثر الوكلاء تأثيرًا على طبيعة التنشئة الاجتماعية. فالدولة هي التي تفرض نظام الحكم، وهي تصوغ القوانين التي ترعى كل المؤسسات الأخرى. فتمنع الدول الأوروبية بحسب القوانين أي نوع من العنف اللفظي أو الجسدي في العائلة. بينما لا تتدخل دول أخرى بالعنف المنزلي وتعتبره شأنًا خاصًا بالعائلة نفسها. وهنا يظهر تأثير الدولة على التنشئة العائلية.

الإعلام:

يلعب الإعلام اليوم دورًا كبيرًا في نشر الأفكار، ويتعاظم دوره تدريجيًا في التأثير على الرأي العام وعلى التنشئة الاجتماعية. ونقصد بالإعلام وسائل الإعلام التقليدية (التلفاز والراديو) من جهة، والإعلام الإجتماعي (Social media) الذي يُعد تأثيره أكبر وأضخم في التأثير على شكل الحياة الاجتماعية من جهة أخرى.

ختامًا، رحلة اكتشاف ذواتنا شيقة وصعبة وما زالت في بداياتها، فنحن بحاجة للكثير من البحث والتفتيش لمعرفة تأثير كل من جيناتنا ومحيطنا الاجتماعي وكيفية التفاعل بينهما. والأكيد أنه علينا مراجعة أهمية التنشئة الاجتماعية، وبالتالي إصلاح المجتمع من أعلاه إلى أسفله، لخلق شخصيات أكثر صحة وتوازن.

المصادر:

edX courses: Introduction to Sociology
NCBI
Science Daily

هل يمكن لفيروس كورونا أن يسكّن الألم؟

هل يمكن لفيروس كورونا أن يسكّن الألم؟

«ريف بريتوريوس» رجل أمريكي يبلغ من العمر 49 عام، تعرض لحادث سير في عام 2011 جعله يعاني من عدة كسور في فقرات الرقبة وضرر بالغ في الأعصاب. يعاني «ريف» من آلام مستمرة في ساقيه، وصفها بأنّها تشبه وقوع الماء الساخن على ساقيه باستمرار. لقد كانت شدة الألم توقظه من نومه كل ليلة. في التاسع عشر من يوليو الماضي أصيب ريف بفيروس كورونا في مكان عمله. لقد خفف المرض من شعور «ريف» بالألم وجعله يختفي تمامًا في كثير من الأحيان. ولأول مرة منذ تعرضه لحادث السير كان «ريف» قادرًا على النوم بشكل متواصل، ولكن سرعان ما عاد الألم مجددًا عندما بدأ «ريف» يتعافى من فيروس كورونا. [1]

كيف يمكن لفيروس كورونا أن يسكّن الألم؟

نُشرت دراسة في مجلة «pain» لمجموعة باحثين من جامعة أريزونا للعلوم الصحية تدرس كيف يُسَكّن الألم، عن طريق تثبيط مسار «VEGF-A/neuropilin-1» بواسطة البروتين الشائك الموجود على سطح فيروس كورونا. لفهم نتائج الدراسة دعونا أولًا نذكر بعض المعلومات المهمة:

1. عندما تُصاب أجسادنا بضرر كوخزة الإبرة أو العدوى مثلًا، هناك بروتين يدعى «عامل النمو البطاني الوعائي_ VEGF» هذا البروتين موجود في أجسامنا وله علاقة بتخليق ونمو الأوعية الدموية كذلك له القدرة على الارتباط بمستقبلات «النيوروبيلين-neuropilin receptors» هذا الارتباط يُحدِث سلسلة من التفاعلات التي تحفز «العصبونات-neurons» فنشعُر بالألم.

2. السطح الخارجي لفيروس كورونا يتكون من بروتين رئيسي يدعى «البروتين الشائك» هذا الذي يُعطي الفيروس المظهر التاجي تحت المجهر، يرتبط هذا البروتين بعدة مستقبلات موجودة في جسم الإنسان أهمها «ACE2 receptor» ليسبب المرض. [2]

نعود من جديد لفهم ما فعله باحثو جامعة أريزونا للعلوم الصحية: عمل الباحثون على اختبار صحة فرضية أنّ «البروتين الشائك» لفيروس كورونا يعمل على مسار الألم «1-VEGF-A/Neuropilin»، فأجروا مجموعة تجارب لحيوانات التجارب عن طريق استخدام بروتين«VEGf-A» كمحفز للعصبونات لخلق الإحساس بالألم ومن ثم أضافوا «البروتين الشائك» لتلك الحيوانات. لقد وجد العلماء أن البروتين الشائك يمكنه أن يرتبط بمستقبلات «neuropilin-1» فيحِل محل بروتين «VEGF-A» ويمنعه من الارتباط، وبالتالي يثبط هذا سلسلة التفاعلات التي تسبب الألم. يقول الباحثون أنّ نتائج الدراسة تدل على أنّ فيروس كورونا يُمكنه أن يسكّن الألم، ولكن هذا لا يلغي احتمالية وجود طريقة عمل أخرى للفيروس يمكن أن يسبب بها الألم. [3]

كيف يمكن أن نستفيد من نتائج هذه الدراسة؟

1. يمكن لهذه الدراسة تفسير سبب عدم شعور البعض بفيروس كورونا رغم الإصابة به، فسر ذلك الدكتور «خانا-khanna» أحد المشاركين في هذه الدراسة بأنه يمكن لحاملي الفيروس ممن لا تظهر عليهم أعراض الإصابة ألّا يشعروا بالمرض لأن الفيروس أخفى الألم، إثبات أن هذا التسكين للألم هو ما يساهم في انتشار الفيروس بسرعة ستكون له قيمة عظيمة.

2. كذلك تكمن أهمية هذه الدراسة في أنّه يمكنها فتح الباب لاكتشاف مسكنات جديدة للألم. رغم النتائج المذهلة لهذه الدراسة، إلّا أنّه لا زلنا نحتاج دراسات أخرى تُجرى على الإنسان، بدلًا من حيوانات التجارب للتأكد ممّا يحدث حقًا.

لا شك أنّ جائحة الكورونا أثّرت سلبًا على البشرية أجمع، ولكن من يدري لربّما هذا الفيروس يعلمنا طريقة جديدة نسكّن بها آلامنا.

المصادر

[1] scientificamerican

[2] The University of Arizona

[3] International Association for the Study of Pain

Exit mobile version