مقترح لحل معضلة الخلل الكوني في نظرية النسبية!

في اكتشاف رائد، حدد علماء الفيزياء في جامعة واترلو “خللًا كونيًا” في نظرية النسبية العامة لألبرت أينشتاين التي يعود تاريخها إلى قرن من الزمان. منذ ما يقرب من 100 عام، كانت النسبية العامة هي حجر الزاوية في فهمنا للجاذبية، لكن الأبحاث الجديدة تشير إلى أن الجاذبية تتصرف بشكل مختلف على النطاق الكوني عما كان يعتقد سابقًا. قام فريق البحث بقيادة روبن وين، ونيايش أفشوردي، أستاذ الفيزياء الفلكية في جامعة واترلو، بتطوير نموذج جديد يعدل ويوسع صيغ أينشتاين الرياضية لحل التناقض والخلل الكوني في نظرية النسبية.

وتشير النتائج التي توصل إليها الفريق إلى أن الجاذبية تصبح أضعف بحوالي 1% عند التعامل مع المسافات بمليارات السنين الضوئية. ولهذا الاكتشاف آثار مهمة على فهمنا للكون على المستوى الكوني، بدءًا من تكوين مجموعات المجرات وحتى توسع الكون نفسه. يعد هذا الاكتشاف إنجازًا كبيرًا في مجال أبحاث الجاذبية، الذي يتمتع بتاريخ غني في جامعة واترلو، حيث أدى التعاون متعدد التخصصات بين علماء الرياضيات التطبيقية وعلماء الفيزياء الفلكية إلى أبحاث متطورة.

وبينما تعمق الباحثون في تناقضات النسبية العامة، طوروا نموذجًا جديدًا يوفق بين التناقضات الواضحة في النظرية. النموذج الجديد، الذي يطلق عليه اسم “حاشية لنظرية أينشتاين”، يحل التناقضات دون التأثير على الاستخدامات الناجحة للنسبية العامة. يفتح هذا الاكتشاف آفاقًا جديدة لفهم الكون، وقد يكون القطعة الأولى في اللغز الكوني الذي حيّر العلماء لعدة عقود. إن الآثار المترتبة عميقة، وقد تغير الطريقة التي نفهم بها الكون ومكاننا فيه.

البعد الخفي للجاذبية، حيث الزمان والمكان متشابكان

تخيل أنك تقف على قمة جبل، وتحدق في الأفق الذي يحبس الأنفاس أمامك. وتمتد القمم المغطاة بالثلوج في كل اتجاه، وكل واحدة منها تشهد على قوة الجاذبية التي لا ترحم. يمكنك أن تشعر بوجودها، فهي سبب تعبك وإرهاقك بعد تسلق تلك القمة العالية. ولكن ماذا لو أخبرتك أن الجاذبية هي أكثر من مجرد قوة في الفضاء؟ ماذا لو أخبرتك أنها أيضًا منسوجة في نسيج الزمن نفسه؟

قد يبدو هذا وكأنه جزء من الخيال العلمي، لكنه مفهوم أساسي كان مختبئًا على مرأى من الجميع لأكثر من قرن من الزمان. في عام 1905، أحدثت نظرية ألبرت أينشتاين في النسبية الخاصة ثورة في فهمنا للمكان والزمان. وأظهر أن الزمان والمكان ليسا كيانين منفصلين، بل أبعاد متشابكة تشكل نسيجًا واحدًا موحدًا يسمى الزمكان.

لننتقل سريعًا إلى عام 1915، عندما توسع أينشتاين في عمله السابق في تطوير النسبية العامة. كشفت هذه النظرية الرائدة أن الكتلة والطاقة تشوه الزمكان، مما يجعل الأجسام تتحرك على طول مسارات منحنية نختبرها كجاذبية. ولكن هنا الجزء الرائع: هذا الانحناء لا يؤثر فقط على أبعاد الفضاء الثلاثة (الطول والعرض والارتفاع)، ولكن أيضًا على البعد الرابع للزمن.

فكر في الأمر مثل كرة بولينج ثقيلة على الترامبولين. تقوم الكرة بتشويه سطح الترامبولين بضغطه للأسفل، مما يؤدي إلى انحناء يؤثر على حركة الأجسام القريبة فيهبط أي جسم على نفس الترامبولين للأسفل تجاه كرة البولينج. وبالمثل، فإن الأجسام الضخمة مثل النجوم والثقوب السوداء تشوه الزمكان، مما يتسبب في تحرك الأجسام الأصغر على طول مسارات منحنية نختبرها كجاذبية. لكن هذا الالتواء يؤثر أيضًا على الزمن، مما يجعله يتحرك بسرعات مختلفة اعتمادًا على قوة مجال الجاذبية. ولهذا السبب يبدو أن الزمن يتباطأ بالقرب من الأجسام الضخمة، وهي ظاهرة تعرف باسم تمدد الزمن الثقالي.

هذا المفهوم المحير للعقل له آثار بعيدة المدى على فهمنا للكون. على سبيل المثال، يساعد في تفسير سبب حاجة الأقمار الصناعية لنظام تحديد المواقع العالمي (GPS) إلى مراعاة تمدد زمن الجاذبية للحفاظ على مداراتها الدقيقة. كما أنه يلقي الضوء على سلوك الثقوب السوداء، تلك الوحوش الكونية التي تشوه الزمكان بشدة لدرجة أنه لا يمكن حتى للضوء أن يفلت من قبضتها.

وبينما نتعمق أكثر في ألغاز الجاذبية، فإننا مجبرون على مواجهة حدود فهمنا الحالي. ما الذي يكمن وراء حدود النسبية العامة، وكيف يمكننا التوفيق بين التناقضات التي تظهر على النطاق الكوني؟ تظل الإجابات، مثل نسيج الزمكان نفسه، متشابكة بمهارة، في انتظار أن يتم كشفها من قبل الجيل القادم من العلماء والمنظرين.

قرن من النسبية العامة

لقد كانت نظرية النسبية العامة لألبرت أينشتاين بمثابة حجر الزاوية في فهمنا للجاذبية لأكثر من قرن من الزمان. منذ بدايتها، خضعت لاختبارات وملاحظات صارمة، وخرجت سالمة، وعززت مكانتها كركيزة أساسية للفيزياء الحديثة. تكمن أناقة النظرية في قدرتها على دمج الزمان والمكان، ونسجهما في نسيج يحدد بنية كوننا ذاته.

لقد لعبت النسبية العامة دورًا أساسيًا في فهمنا للكون، بدءًا من الانفجار الكبير وحتى الثقوب السوداء الغامضة. تم اكتشاف التموجات التي تنبأت بها، موجات الجاذبية في عام 2015، مما زاد من اليقين في النظرية. ومع ذلك، عندما نغامر بالدخول إلى المساحة الشاسعة من مجموعات المجرات وما وراءها، يبدأ تناقض دقيق في الظهور. الجاذبية، التي كانت ذات يوم تطبيقًا مثاليًا لنظرية أينشتاين، بدأت مشاهداتها في الانحراف، مُظهِرة تناقضًا حيّر العلماء لعقود من الزمن. وقد أثار هذا “الخلل الكوني” موجة جديدة من الأبحاث، حيث اتحد الفيزيائيون وعلماء الفلك لكشف أسرار الجاذبية.

وكانت جامعة واترلو، وهي مركز لأبحاث الجاذبية المتطورة، في طليعة هذا المسعى. كان التعاون متعدد التخصصات بين علماء الرياضيات التطبيقية وعلماء الفيزياء الفلكية حافزًا لتحقيق اختراقات، حيث يسعى المجتمع العلمي لتحسين فهمنا للجاذبية. ومع تعمقنا في الكون، تصبح الحاجة إلى تفسير أكثر شمولاً للجاذبية واضحة بشكل متزايد. إن النموذج الرائد لفريق البحث، وهو تعديل لصيغ أينشتاين، يحمل المفتاح لحل التناقضات والخلل الكوني في نظرية النسبية.

مقترح لحل معضلة الخلل الكوني في نظرية النسبية!

الخلل الكوني: كشف النقاب عن تناقض الجاذبية

لعقود من الزمن، كان العلماء على دراية بوجود تناقض غريب في جاذبية الكون. كان الأمر كما لو أن تأثيرات الجاذبية أصبحت أضعف عند قياسها على مسافات هائلة، تمتد لمليارات السنين الضوئية. لقد حيرت هذه الظاهرة الغامضة علماء الفيزياء وعلماء الفلك، مما يهدد بقلب فهمنا للكون رأسا على عقب. تمت صياغة مصطلح “الخلل الكوني” لوصف هذا الشذوذ، والذي يبدو أنه يتعارض مع المبادئ الأساسية للنظرية النسبية العامة لأينشتاين.

لفهم حجم هذا الخلل، فكر في توسع الكون. تخيل بالونًا ضخمًا ينتفخ باستمرار وإلى ما لا نهاية، فتتحرك المجرات الموجودة داخل البالون أو على سطحه بعيدًا عن بعضها البعض بوتيرة متسارعة باستمرار. كلما كانت المجرة بعيدة عنا، كلما تحركت بسرعة أكبر، واقتربت من سرعة الضوء. قادت هذه الملاحظة العلماء إلى إدراك أن تأثير الجاذبية يجب أن يكون أضعف عند المقاييس الكبيرة للغاية.

لقد بحث فريق البحث في جامعة واترلو في قلب هذه المعضلة، ساعيًا إلى التوفيق بين التناقض بين النسبية العامة وسلوك الجاذبية المرصود. ومن خلال إعادة فحص نظرية أينشتاين، تمكنوا من تطوير نموذج جديد يعدل الصيغ الرياضية لاستيعاب الخلل الكوني في نظرية النسبية. يقدم هذا الإنجاز منظورًا جديدًا للكون، ويسلط الضوء على العلاقات المعقدة بين الجاذبية والفضاء والزمن.

فكر في الخلل الكوني باعتباره شذوذًا خفيًا في نسيج الزمكان. يبدو الأمر كما لو أن الكون يهمس بسر، ويكشف عن بنية أساسية لم يلاحظها أحد حتى الآن. ومن خلال الاستماع إلى هذا الهمس، قد يكشف العلماء أسرارًا جديدة عن الكون، وتكشف تدريجيًا أسرار الجاذبية والكون.

ظهور نموذج جديد للجاذبية

لقد كان الكشف عن أسرار الجاذبية مسعى دام قرنًا من الزمان للفيزيائيين. كان فريق البحث، بقيادة روبن وين، يعمل بلا كلل لفك اللغز، وتعديل وتوسيع صيغ أينشتاين الرياضية لحل هذا التناقض الكوني. تخيل أنك تقوم بتفكيك ساعة سويسرية مصنوعة بدقة، وتعديل آلياتها المعقدة، وإعادة تجميعها للحصول على ساعة أكثر دقة. وهذا ما فعله الفريق بنظرية أينشتاين. النموذج الجديد ليس بديلاً عن النسبية العامة، بل هو تحسين، أو حاشية، إذا صح التعبير. إنه تكيف يفسر سلوك الجاذبية على المستوى الكوني بشكل أفضل. لا يؤثر هذا النموذج على التطبيقات الناجحة للنسبية العامة؛ إنه ببساطة يوفر فهمًا أكثر دقة للجاذبية في السياقات المتطرفة.

لكي نفهم أهمية هذا التعديل، دعونا نضعه في منظوره الصحيح. تخيل أنك تقيس سرعة سيارة تسير على طريق مستقيم. والآن تخيل أن الطريق يمتد لمليارات السنين الضوئية. كلما ذهبت أبعد، كلما بدا أن السيارة تتحرك بشكل أسرع، حيث تصل إلى سرعة الضوء تقريبًا. وهذا ما نراه مع المجرات التي تبتعد عنا. لقد تنبأت نظرية أينشتاين بهذا، لكن النموذج الجديد يحسن فهمنا لدور الجاذبية في هذه الرقصة.

المصدر: A cosmic glitch in gravity – IOPscience

عدسة الجاذبية أحد أغرب الظواهر الفلكية!

ما هو مفهوم عدسة الجاذبية؟

محاكاة تظهر عدسة الجاذبية لثقب أسود عند مروره بين الأرض ومجرة درب التبانة.

عرف علم الفلك الفيزيائي عدسة الجاذبية على أنها انحناء الضوء الصادر عن جسم فضائي بسبب آثار جاذبية الأجرام الفضائية الضخمة عليه. حيث يقع الجرم السماوي الذي يسبب انحناء الضوء بين مصدر ضوء بعيد وبين التليسكوب الموجود في الفضاء. ويعرف هذا التأثير باسم “المفعول العدسي التثاقلي-Gravitational Lensing”. وقد تنبأ العالم ألبرت آينشتاين بمقدار هذا الانحناء في نظريته الشهيرة النسبية العامة.يتأثر مسار الضوء في الفضاء بجاذبية النجوم الضخمة أو الثقوب السوداء. حيث يوجد في الفضاء نجوم مهولة الحجم تصل إلى مئة ضعف حجم الشمس. وبفعل قوى الجاذبية العالية لهذه النجوم التي تفوق شدة جاذبية الشمس ملايين المرات فإن الضوء المار بجانبها يتأثر بجاذبيتها. فينحني مسار الضوء حوله كما ينحني في العدسة. لذلك سميت بعدسة الجاذبية.[1] [2]

طرحت نظرية عدسة الجاذبية لأول مرة عام 1784 على يد العالم البريطاني “هنري كافنديش-Henry Cavendish”. ثم مرةً أخرى عام 1801 على يد العالم الألماني “يوهان جورج فون سولدنر-Johann Georg von Soldner”. حيث قالا بأن نظرية الجاذبية لإسحق نيوتن تتنبأ بأن الضوء في الفضاء سوف ينحني حول جسم ضخم. كما ذكر سابقاً عام 1704 في كتابه البصريات. وقام العالم سولدنر قيمة معدل الانحناء. ثم قام العالم ألبرت آينشتاين عام 1911 باحتساب قيمة الانحناء بالاعتماد على مبدأ التكافؤ فقط. فظهرت النتائج مشابهة لتلك التي خرج بها سولدنر. ولكن عام 1915 قام باحتساب قيمة الانحناء مرة أخرى خلال عملية استكمال النسبية العامة. فظهر بأن نتائج عام 1911 كانت تشكل نصف القيمة الصحيحة فقط. و كان قد أصبح ألبرت آينشتاين بذلك أول من قام بحساب القيمة الصحيحة لانحناء الضوء.[3] [1]

أنواع عدسة الجاذبية

تنقسم عدسات الجاذبية إلى ثلاثة أنواع:

  1. عدسة قوية: حيث نستطيع رؤية تأثيرها عن طريق تشوهات مرئية يمكن رؤيتها بسهولة. مثل عدسة آينشتاين، والأقواس، والصور المتعددة.
  2. عدسة ضعيفة: حيث تكون التشوهات أصغر بكثير من عدسات الجاذبية القوية. حيث لا يمكن إيجادها إلا بتحليل عدد كبير من معطيات التلسكوبات الموجودة في الفضاء. و يتم تحليلها بطريقة إحصائية لإيجاد تشوهات واضحة بنسبة قليلة. حيث تظهر هذه العدسات على أنها امتداد للأجسام بشكل عمودي على مركز العدسة. و لرصد عدسة جاذبية ضعيفة يجب استخدام عدد كبير جداً من بيانات المجرات. وذلك نظراً لشكلها الإهليجي. وبما أن إشارة هذا النوع من العدسات تكون ضعيفة. يمكن احتساب مجال العدسة في أي منطقة. وبالتالي يمكننا ذلك من إعادة ترتيب توزيع الخلفية للمواد في منطقة العدسة. وعلى وجه الخصوص إعادة بناء التوزيع الخلفي للمادة المظلمة.
  3. عدسة صغرية الجاذبية: حيث لا يمكن رصد هذه العدسة، ولا يمكن رؤية أي تشويه في الشكل. ولكن نستدل على هذا النوع من العدسات عن طريق احتساب كمية الضوء المستلمة من جسم موجود خلف العدسة. حيث تتغير وقت مروره من العدسة. [1]

أمثلة على عدسات الجاذبية

العنقود الكروب توسكاني

تم رصد العديد من الأجسام الفضائية التي تصنع جاذبيتها العظيمة تأثير لعدسة الجاذبية. مثل العنقود الكروي “توسكاني-Tucanae47”. حيث يبعد عنا مسافة 13.40 سنة ضوئية. ويبدو لنا من الأرض بأن قطره لا يتعدى قطر القمر. ولكنه في الواقع يشغل مساحة تعادل 120 سنة ضوئية من الفضاء. وهذه الصورة تمثل صورة لنجم سوبر قوة جاذبيته تعادل ضعف قوة جاذبية الشمس مليار مرة. وبذلك يشكل هذا العنقود عدسة جاذبية حوله. حيث تبدو لنا النجوم الواقعة خلفه بصورة انزياحية مشوهة. و تنطبق هذه الصورة على 200 عنقود نجمي كروي في مجرة درب التبانة. وآلاف العناقيد الأخرى في المجرات المجاور لنا. وتعتبر نجوم جميع هذه العناقيد حول نجم سوبر. وهذا ما يجعل كل من صور هذه العناقيد تظهر في حركة دورانية عشوائية وغير متزامنة كما نراها في المجرات.[3]

عدسة الجاذبية للشمس

عام 1936 تنبأ العالم ألبرت آينشتاين بأن أشعة الضوء التي تمر بجانب الشمس والتي تتفادى حوافها. ستنحني على بعد 542 وحدة فلكية من الشمس ( ستتحول إلى نقطة بؤرية ). وبالتالي إذا وضعنا مسباراً عند تلك المسافة أو أبعد فإننا يمكن أن نستخدم الشمس كعدسة جاذبية.[1] [2]

البحث عن عدسات الجاذبية

في الماضي تم اكتشاف معظم عدسات الجاذبية عن طريق الخطأ. حيث أدى البحث عن العدسات في النصف الشمالي من الكرة الأرضية. باستخدام ترددات الراديو في نيو مكسيكو في الولايات المتحدة الأمريكية إلى اكتشاف 22 نظاماً جديداً للعدسات. فأدى ذلك إلى فتح طريق جديد كلياً للبحث عن الأجسام البعيدة جداً، وإيجاد قيم للمعالم الكونية التي تساعدنا على فهم الكون بشكل أفضل. وإذا تم إجراء تلك الأبحاث في النصف الجنوبي من الكرة الأرضية باستخدام أدوات وبيانات عالية المعايرة واضحة المعالم. فيمكن توقع بأن تكون النتائج مشابهة لتلك الظاهرة في الجزء الشمالي.[1]

هل السفر عبر الزمن أصبح ممكناً وما علاقة الجاذبية بذلك؟

هل السفر عبر الزمن أصبح ممكناً وما علاقة الجاذبية بذلك؟

منذ أكثر من مئة عام توصل العالم الفيزيائي الشهير ألبرت أينشتاين إلى فكرة تعبر عن الآلية التي يعمل بها الوقت وأطلق عليها اسم النسبية، انطلق أينشتاين من مبادئ الفيزياء الكلاسيكية والتي تنص على أن الكون مؤلف من ثلاثة أبعاد رئيسة ليضيف أينشتاين بعداً رابعاً وهو الزمان، وانطلق بقوله أن الزمان والمكان مترابطين معاً وأطلق على هذا الترابط اسم الزمكان. افترض أينشتاين بنظريته إمكانية أنثناء نسيج الزمكان بفعل الجاذبية ولكي نستطيع فهم الفكرة بشكل مبسط يمكن اعتبار نسيج الزمكان عبارة عن قطعة من الأسفنج يجلس عليه شخص ما، فعند جلوس هذا الشخص فإنه سيؤثر عليها بقوة الأمر الذي سيؤدي إلى حدوث انحناء أو تشوه في شكل هذا النسيج، الأمر ذاته يحصل إذا ما اعتبرنا نسيج الزمكان هو قطعة الأسفنج وقوة الشخص هي قوة الجاذبية.

أخبرنا أينشتاين أيضا أن الأجسام لا تستطيع التحرك بسرعة أكبر من سرعة الضوء والمقدرة ب 186‪ ألف ميل بالثانية، وأن الوقت يتباطئ ويتسارع اعتماداً على السرعة التي تتحرك بها الأجسام بالنسبة إلى الأشياء الأخرى، أي أننا كلما تحركنا بشكل أسرع كلما كان مرور الوقت أبطأ وكثيراً ما تستخدم هذه النظرية بكتب وقصص الخيال حيث يفترض الكاتب سفر الأبوين أو أحد الأصدقاء بواسطة مركبة فضائية ذات سرعات كبيرة للغاية(سرعات قريبة من سرعة الضوء) في رحلة إلى الفضاء البعيد ليعودوا بعد مدة فيجدوا صغارهم قد أضحوا عجائز، إلا أنهم أي (المسافرين) لم يتقدموا في العمر سوا القليل!.

توفر نظرية أينشتاين العديد من السيناريوهات للسفر عبر الزمن منها :

1_ السفر من خلال الثقوب السوداء : على الرغم من استحالة الأفلات من الجاذبية الساحقة للثقوب السوداء افترض العالم هوكينغ إمكانية السفر إذا ما تمكنا من بناء سفينة قادرة على الهروب من جاذبية الثقب بسرعة كبيرة، فإذا استطاعت هذه المركبة الدوران حول هذا الثقب فإن الطاقم الذي في المركبة سيقضون نصف المدة التي سيقضيها أقرانهم على كوكب الأرض، لنتخيل أنهم تمكنوا من الدوران لمدة خمس سنوات، هذه الخمس سنوات ستمر على أقرانهم في كوكب الأرض كعشر سنوات. على الرغم من استحالة الفكرة في وقتنا الحالي إلا أننا نأمل أن تتحقق في المستقبل.

2_ الأوتار الكونية : تفترض هذه النظرية وجود أنابيب ضيقة من الطاقة تمتد عبر كامل طول الكون المتوسع باستمرار ومن المحتمل أن تشكل هذه الأنابيب مناطق رقيقة البنية تحوي على كميات كبيرة من الكتلة مما يؤدي إلى تشوه نسيج الزمكان حولها بقوة مما يجعل السفر عبر الزمن ممكناً.

في الختام نقول نعم السفر عبر الزمن حقيقي ولكنه ليس على الأرجح كالسفر الذي نشاهده في الأفلام وقصص الخيال العلمي فهو ليس فتحة دائرية زاهية اللون نتنقل من خلالها بين العصور لمحاربة الأشرار بل الأمر أكثر تعقيداً، السفر الذي نقصده هو السفر بإجزاء من الثانية الذي يتجلى بشبكات تحديد المواقع والأقمار الصناعية، فيما اعتبر بعض العلماء نظرنا إلى المجرات والكواكب البعيدة بواسطة التلسكوب هو سفر عبر الزمن وذلك لأن وصول الضوء المنبعث منها إلينا يحتاج وقتاً طويلاً وهذا يعني أننا عندما ننظر إلى هذه المجرات فأننا ننظر إلى الماضي.

المصادر:

The Great Courses Daily

space.com

space place

تاريخ الجاذبية

تاريخ الجاذبية

هناك أربعة قوانين فيزيائية أساسية تحكم الكون، الجاذبية، والكهرومغناطيسية، والقوة النووية الضعيفة، والقوة النووية القوية. ومع أن الجاذبية هي الأكثر ضعفًا بينها، إلا أنها قد شكلت عالمنا، فمن دوران الكواكب في مداراتها في الفضاء، إلى ثبات أقدامنا على الأرض، يمكن أن نرى تأثيرها في كل مكان، وعلى مدار عدة قرون تغير مفهومها ليصبح على ما هو عليه اليوم. يعرض المقال بعض الخطوط الرئيسية في تاريخ تطور فهمنا للجاذبية.

العالم الإغريقي اليوناني

اعتقد الفيلسوف اليوناني أرسطو أنه لا وجود لتأثير أو حركة دون سبب، وأن العناصر الثقيلة تنجذب للأرض بفعل <<انجذاب داخلي-Inner Gravitas>> أو <<ثقالة-Heaviness>> تدفعها للتحرك باتجاه الأسفل دون تأثير قوة خارجية، إنما بتأثير طبيعتها الداخلية.

في القرن السادس، قام العالم البيزنطي الإسكندري << جون فيلوبنوس-John Philoponus>> بتقديم <<نظرية الزخم-Theory of Impetus>> التي تنص بأن الحركة المستمرة تعتمد على قوة مسببة تتقلص بفعل الزمن، والتي جاءت كتعديل لنظرية أرسطو حول أن استمرارية الحركة يتطلب تطبيق قوة ثابتة مستمرة.

ابن سينا

العالم الإسلامي

في القرن الحادي عشر اقام العالم الفارسي ابن سينا بنشر نظرية الزخم الخاصة به، والتي جاءت في كتاب الشفاء، وبعكس فيلوبنوس ، الذي اعتقد بأن القوة المؤثرة على الأجسام ستتناقص حتى في الفراغ، أظهرها ابن سينا على أنها مستمرة في الأصل، وتحتاج لقوة خارجية كمقاومة الهواء لتشتيتها. قام ابن سينا بالتمييز بين القوة والميل، وجادل في أن الجسم قد كسب ميلًا عندما يتحرك بعكس اتجاه حركته الطبيعية، واستنتج أن استمرارية الحركة معتمدة على الميل المنقول إلى الجسم، وأن الجسم سيبقى في حالة حركة حتى يفقد ميله.

في القرن نفسه، اقترح العالم الفارسي البيروني أن ثقل الأجسام ذات الثقالة لديها كتلة، ووزن، وجاذبية، كالأرض تمامًا. وقام بنقد أرسطو وابن سينا لعرضهما الأجسام ذات الثقالة كفاقدة لتلك الخصائص. في القرن الثاني عشر افترح العالم الخازيني أن الجاذبية هي جسم يتغير اعتمادُا على المسافة من مركز الكون (يقصد بها الأرض). 

وقدم أبوبكر الخازني تفسيراً لتسارع جاذبية الأجسام الساقطة. وافترض أنه يمكن تسريع سقوط الأجسام من خلال تراكم الزيادات المتتالية للقوة مع الزيادات المتتالية للسرعة، والتي تخالف نظرية أرسطو التي تنص بأن أن القوة الثابتة تنتج حركة موحدة-كان ذلك في القرن الثاني عشر-وفي ذات القرن اقترح العالم العربي ابن باجه أن كل قوة هي رد فعل لقوة ما، لكنه لم يحدد ضرورة تساوي تلك القوتين ولا اتجاههما (كما جاء في قانون نيوتن الثالث في ما بعد) [1].

جاليليو جاليلي

توضيح لتجربة جاليلي

<<كان جاليلو جاليلي-Galileo Galilei>> أول من تحدى نظرية أرسطو، وتعتبر تجربته الشهيرة التي أجرها من برج بيزا المائل، أولى التجارب العلمبة المضبوطة، واهتم جاليلو جاليلي بمعدلات سقوط الأجسام، واعتقد أنه بدون وجود مقاومة للهواء ستسقط بمعدل يتناسب وكثافتها، وهذا يخالف رأي أرسطو القائل بأن الأجسام الأثقل ستسقط بسرعة أكبر لأن طبيعتها ترجع للأرض، وقرر القيام بتجربة للتأكد من صحة ادعائه، ووجد بعدها أن الأجسام الأثقل تأخذ زمنًا أقل للوصول إلى الأرض، ولكن بفارق بسيط تسببه مقاومة الهواء، وبدون هذا الفارق ستسقط الأجسام بنفس السرعة تقريبًا. [2][3].

نيوتن

مستخدما اقتراح <<روبرت هوك- Robert Hooke >> الذي نص بوجود قوة جاذبية تعتمد على مقلوب مربع المسافة، نشر نيوتن “Philosophiæ Naturalis Principia Mathematica” الذي جاء فيه <<قانون التربيع العكسي للجاذبية الكونية- Inverse Square Law of Universal Gravitation >>، والذي ينص على أن القوة المطبقة على الكواكب يجب أن تتناسب مع عكس مربع المسافة من المركزين لكل كوكبين. استخدم نتيوتن نظريته في حساب قوة الجاذبية، وذلك باستخدام القوة اللازمة لابقاء القمر في مداره من الأرض، ولكن الرقم الذي وصل إليه لم يكن دقيقًا، نظرًا لأن المسافة من سطح الأرض لمركزها لم يعرف بعد أنذاك.  

ادعى نيوتن بأن الجاذبية هي قوة كونية، وأن جاذبية الشمس هي ما يبقي الكواكب في المجموعة الشمسبة في مداراتها، واليوم، جميع الحسابات المتعلقة بمدارات الكواكب والأقمار الإصطناعية تتبع الخطوات رسمها نيوتن [4].

أينشتاين

أتى أينشتاين في النسبية الخاصة بأن جميع القوانين الفيزيائية هي نفسها لكل المراقبين غير المتسارعين، وأن سرعة الضوء في الفراغ هي نفسها بغض النظر عن سرعة المراقب، وكنتيجة لذلك، وجد أن الزمان والمكان متشابكين فيما يعرف بالزمكان، والأحداث التي تظهر في وقت معين لمراقب ما، يمكن أن تحدث في وقت مختلف لمراقب آخر، وذلك ما يدعى بـ<<نظرية الارتباط العامة-General Theory of Relativity>>. 

أثناء عمل أينشتاين على نظرية الإرتباط، لاحظ أن الأجسام الثقيلة تسبب تشوهًا في الزمكان، تخيل وضع جسم كبير في وسط ترامبولين، سيقوم الجسم بسحب غلاف الترامبولين المحيط به باتجاه الأسفل، وإذا كانت هناك أجسام أخرى صغيرة عليه، فستندفع باتجاه الجسم الكبير-بنفس الكيفية تجذب الكواكب الصخور في الفضاء [5]. 

نسيج الزمكان والأرض

بناءً على التجارب والملاحظات، فإن وصف آينشتاين للجاذبية يفسر العديد من التأثيرات التي لا يمكن تفسيرها بقانون نيوتن؛ كالإختلافات الدقيقة في مدارات عطارد والكواكب الأخرى. تتنبأ النسبية العامة أيضًا بتأثيرات جديدة للجاذبية، مثل <<موجات الجاذبية-Gravitational Waves>>، و<<عدسة الجاذبية-Gravitational Lensing>> وتأثير الجاذبية على الوقت المعروف باسم <<تمدد الزمن الثقالي-Gravitational Time Dilation>>. تم تأكيد العديد من هذه التنبؤات عن طريق التجربة أو الملاحظة، وكان آخرها موجات الجاذبية [6].

  • المصادر:

[1] History of Gravitational Theory

[2] GALILEO’S EXPERIMENT

[3] Was Galileo Wrong?

[4] Newton’s theory of “Universal Gravitation”

[5] Theory General Relativity

[6] Introduction to Genera Relativity

Exit mobile version