تقنية الملح الذائب في محطات الطاقة الشمسية

هذه المقالة هي الجزء 9 من 22 في سلسلة موضوعات تأسيسية في الطاقة المتجددة

مع الدعوات والالتزامات للحكومات في العالم لاسيما داخل الاتحاد الأوروبي لتقليل الاعتماد على مصادر الطاقة القائمة على الوقود الأحفوري، بل ذهب الحديث إلى الإنتهاء منها بحلول عام 2030 لبعض الدول. دعت الحاجة المتنامية لمصادر طاقة بديلة مُتجددة أقل تلوثًا تحمي البيئة، وتتسم بالتوفير الاقتصادي لتزود العالم بمخزون كافي من الطاقة. إلا أنَّ الإشكالية لا تكمن بعملية إنتاج الطاقة وحسب، وإنما بتخزينها أيضًا، وذلك يرجع لواحدة من أهم مشكلات بدائل الوقود الأحفوري التي يواجهها العالم اليوم متمثلة بالكفاءة، والاستدامة الموسمية، إلى جانب عدم القدرة على توقع كمية الطاقة الممكن إنتاجها منها في مختلف المواسم، وبالتالي ضمان وفرتها وتخزينها بشكل دوري موسمي.

فكما نعلم الطاقة بشكلٍ عام، والكهربائية بشكلٍ خاص، العِماد الأساسي لضمان التقدم والرخاء الاقتصادي والحضاري للعالم. وذلك يتم عبر الإدارة والتحكم بتوزيع الطاقة على نطاق صناعي من جهة، وتلبية الحاجة للطاقة التي تعتبر متغيرة باختلاف المنشآت؛ والمراكز من جهة أخرى. مما يُعرف حاليًا أن طرق تخزين الطاقة الكهربائية محدودة للغاية ولا تلبي الحد المطلوب؛ لذا إتجهت الأبحاث المختصة لدراسة كيفية تخزين كميات عالية من الطاقة بصورتها البكر.
يكون بالإمكان حفظ الطاقة قرب مراكز توليدها أو نقاط الاستهلاك الأقرب لها؛ مثال لذلك تخزين الطاقة الحرارية باستخدام الملح الذائب.[١]

موجز تاريخي لتقنية الملح الذائب:

يعود أول استخدام لتقنية الملح الذائب إلى عام ١٩٥٠، عندما بدأ مختبر أوك ريدج الوطني في الولايات المتحدة (ORNL) بتطوير واختبار لمركبة مزودة بمحرك يعمل بالوقود النووي باستخدام تقنية الملح الذائب.
وبحلول عام ١٩٥٤، نقلت أورنل تركيز أبحاثها من محركات الوقود النووي إلى المفاعلات النووية، وذلك حصيلة تجارب أظهرت ثبات الأملاح الذائبة وعدم تحللها حين تعرضها للحرارة العالية الناتجة من المفاعلات النووية.
في ذلك الوقت، كانت هيئة الطاقة الذرية الأميركية (AEC) مهتمة أكثر بدراسة مفاعلات توليد الذرات القابلة للانشطار، ولهذا قامت أورنل بتطوير مفاعل توليد ذرات باستخدام الملح ذائب في الستينات. لسوء حظ أورنل المشروع كان ينافس مشروع آخر كانت هيئة الطاقة مهتمة أكثر بتطويره، مما أدى إلى تضارب بأحقية الدعم لمشروع الملح الذائب، مقررة بذلك هيئة الطاقة بدعم المشروع الآخر، موقفة العمل بمشروع مفاعل الملح الذائب. وبهذا أقفل ملف أبحاث مفاعلات الملح الذائب برفع آخر تقرير بالمشروع عام ١٩٧٦.

غير أن جهود باحثي أورنل لم يذهب سدى، فقد تم افتتاح أول محطة توليد طاقة شمسية استخدمت تقنية الملح الذائب لحفظ الطاقة عام ١٩٩٣ في كاليفورنيا. المحطة مصممة لتخزين ١٠ ميجا واط من الكهرباء خلال ساعة واحدة، استخدمت فيها مرايا عديدة لتوجيه أشعة الشمس نحو البرج المركزي. هذه الأبراج تعمل على امتصاص الأشعة الموجهة إليها لترفع من درجة حرارة الملح وتحفظ الطاقة في الملح بصورة حرارة.
بحلول عام ١٩٩٩، أُغلقت المحطة نتيجة لحاجتها لصيانة ذات تقنية عالية ومتتالية لم تكن متوفرة آنذاك.
نشرت أورنل بعدها مباشرة تقرير مختصر في عام ٢٠٠٠، وألحقته بتقرير مفصل في عام ٢٠٠٢ يوثق البحث كامل في هذا المشروع مما فتح الباب لإعطاء التقنية فرصة أكبر في السوق، لتنتشر على نطاق تجاري أوسع عالميًا. [2]


مبادئ تخزين الطاقة حراريًا في تقنية الملح الذائب:

هنالك صورتان لتخزين الطاقة حراريًا: حرارة محسوسة، أو حرارة كامنة.

الطاقة الحرارية المحسوسة تعتمد تخزين الطاقة الحرارية بطور واحد، بحيث تكون درجة حرارة المادة تتفاوت مع كمية الطاقة المخزونة. معادلة تدفق الحرارة من الحار الى البارد تحقق هذا بالصورة التالية:
Q = m C ΔT
بحيث m تعبر عن الكتلة، و C الحرارة النوعية، و ΔT الفرق في درجات الحرارة.
ينبغي الإشارة إلى أنه يشترط في هذه العملية عزل النظام لإبقاء تدرج درجات الحرارة لأجل خزن الطاقة.

إن أخذنا الماء كمثال، نستطيع القول بأنه يعتبر وسيط مثالي في درجات الحرارة المنخفضة التي تتراوح بين (°90 – 25)، وذلك بسبب الحرارة النوعية لجزيئاته المرتفعة نسبيًا(kJ/kg°C)4.2، بالإضافة لسهولة الحصول عليه.
من جهة أخرى، الحرارة الكامنة تُحفظ باستخدام مواد متغيرة الطور، والتي تستفيد من الحرارة الكامنة النوعية (L) الناتجة من تغير الحالة للمادة:
Q = m C ΔT + m L
المواد متغيرة الطور ممتازة بسبب كثافة تخزينها العالي للطاقة، الماء مثلًا لديه حرارة انصهار أكبر ب ٨٠ مرة من الحرارة المتطلبة لرفع درجة حرارة ١ كجم من الماء درجة مئوية واحدة.[3-4-5]

الأملاح الذائبة:

لدى الأملاح الذائبة خواص تجعلها مؤهلة لتكون وسيط ممتاز لحفظ الطاقة على نطاق واسع في المحطات الكبيرة، مثلًا:
درجة غليانها عالية، ومنخفضة اللزوجة، وضغط تبخرها منخفض، وسعة حرارتها الحجمية عالية؛ فكلما كانت سعة الحرارة الحجمية عالية، كانت مناسبة أكثر لتُحفظ في خزانات بأحجام أقل.

الأملاح المستخدمة في تقنية تخزين الطاقة حراريًا، مثل: نترات الصوديوم والبوتاسيوم،  لديها درجات ذوبان تتراوح بين 300-500°C، وسعة حرارية حجمية تترواح بين 1670 – 3770 kJ/m3°C، ولهذا خليط الملح المستخدم في محطات توليد الطاقة الشمسية المسمى تجاريًا ب “HITEC” يتكون من نترات البوتاسيوم 53%؛ ونترات الصوديوم 40%؛ ونتريت الصوديوم 7%، بدرجة حرارة بالحالة السائلة تتراوح بين 149 – 538°C.
يتم تسخين هذه الأملاح وحفظها في خزانات معزولة خارج أوقات الذروة، وعند الاحتياج يضخ الملح الذائب إلى مولد البخار لاستخدام الحرارة بتوليد الكهرباء.[3-5-6]

تخزين الطاقة في محطات الخلايا الشمسية:

محطات توليد الطاقة باستخدام الخلايا الشمسية ( CSP) تستخدم تقنية التخزين الحرارية و التي تتكون من عاكسات ذات قطوع مخروطية، أو مرايا تتبع للشمس، والتي بدورها تعمل على توجيه أشعة الشمس إلى البرج المستقبل المزود بأنابيب ذات نقاط بؤرية بحيث تنتقل الحرارة عبر مائع وسيط (الملح الذائب)، ومنها المائع ينتقل إلى المبادل الحراري ناقلًا الطاقة إلى الماء المستخدم لإدارة المولد الحراري ليولد الكهرباء.

إن تمعنا في البنى المستخدمة للتخزين، سنجد أن هنالك بنيتان أساسيتان مستخدمتان في منظومة تخزين الطاقة بالأملاح الذائبة، وهما:
بنية الخزانين المزدوجين: يستخدم الملح الذائب كمائع ناقل للحرارة عبر امتصاص الحرارة من المفاعل او المبادل الحراري، وكوسيط تخزين الطاقة الأساسي مستخدم الخزانين معًا الحار والبارد.
خزان آحادي: يُستخدم خزان واحد بحيث يبقي الملح الحار والبارد منفصلين باستخدام فاصل حراري. بحيث يتدفق الملح من الجانب البارد للخزان، ليتم تسخينه، ومن ثم يتدفق إلى الجانب الساخن من الخزان، ليُضخ خارجًا مخلفًا حرارة تستخدم لتوليد الكهرباء، ليعود بعدها إلى الجانب البارد من الخزان.[3-6-7-8]

[1] A. Bielecki, S. Ernst, W. Skrodzka, and I. Wojnicki, 2019. Concentrated Solar Power Plants with Molten Salt Storage:
Economic Aspects and Perspectives in the European Union., International Journal of Photoenergy.

[2] S. Ladkany, W. Culbreth, and N. Loyd, 2018. Molten Salts and Applications I: Molten Salt History, Types, Thermodynamic and Physical Properties, and
Cost., Journal of Energy and Power Engineering.

[3] M. Green, et al. “Nuclear Hybrid Energy Systems: Molten Salt Energy Storage,” INL/EXT-13-31768, November 2013.

[4] B. Reinhardt, ” Thermal Energy Storage,” Physics 240, Stanford University, Fall 2010.

[5] S. M. Hasnain, “Review on Sustainable Thermal Energy Storage Technologies, Part I: Heat Storage Materials and Techniques,” Energy Convers. Manage. 39, 1127 (1998)

[6] Z. Yang, and S. V. Garimella, “Cyclic Operation of Molten-Salt Thermal Energy storage in Thermoclines for Solar Power Plants,” Appl. Energy 103, 256 (2013).

[7] J.E. Pacheco, et al. “Development of a Molten-Salt Thermocline Thermal Storage System for Parabolic Trough Plants,” J. Solar Energy Eng. 124, 153 (2002).

[8] Y. Rajavi, “Concentrating Solar Power,” Physics 240, Stanford University, Fall 2013.

كيف تطورت الخلايا الشمسية؟ ولماذا يُستخدم السيليكون في صناعة الخلايا الشمسية؟

هذه المقالة هي الجزء 5 من 22 في سلسلة موضوعات تأسيسية في الطاقة المتجددة

تخيل مصدر طاقة لا حدود له عمليًا وليس له تكلفة وقود ولا يصدر منه أي انبعاثات لثاني أكسيد الكربون. ذلك المصدر موجود بالفعل وهي الشمس التي تشرق وتغرب أمام ناظريك كل يوم. تأتي الطاقة الشمسية في شكل إشعاع كهرومغناطيسي وهو في الأساس موجات حرارة وضوء تُشعها الشمس. تخيل كمية الإشعاع الشمسي الذي يسقط على سطح الأرض خلال عام وهو بالطبع يختلف حسب الموقع الجغرافي أو بحسب بعد المنطقة عن خط الاستواء ماذا لو أمكننا تسخير كل هذا الإشعاع لتوليد الطاقة؟ لتصور الأمر بشكلٍ أوضح، يتلقى كل متر مربع من سطح الأرض طاقة كافية سنويًا لتشغيل مروحة سقف متوسطة الحجم بينما يتلقى مترين مربعين ما يكفي لتشغيل تلفزيون، وقد تكفي ثلاثة أمتارٍ مربعة لتشغيل غسالة صغيرة. الآن ألق نظرة سريعة وشاهد عدد الأمتار المربعة من المساحات الفارغة الموجودة في كل مكان في العالم وستتيقن أن لدينا كمية طاقة هائلة يمكننا تسخيرها والاستفادة منها. لكن كيف بدأ البشر في تسخير الطاقة الشمسية عبر التاريخ؟ وما كان دور السيليكون في صناعة الخلايا الشمسية؟ هذا ما سنعرفه في السطور القادمة من هذا المقال.

العدسات الحارقة

من الناحية النظرية، استخدام البشر الطاقة الشمسية في وقت مبكر من القرن السابع قبل الميلاد استخدموا ضوء الشمس لإشعال الحرائق بواسطة العدسات المكبرة. في وقت لاحق من القرن الثالث قبل الميلاد، استخدم الإغريق والرومان المرايا لإضاءة المشاعل للاحتفالات الدينية. أصبحت هذه المرايا أداة طبيعية يشار إليها باسم “المرايا المحترقة” ووثقت الحضارة الصينية استخدام المرايا لنفس الغرض لاحقًا في عام 20 بعد الميلاد.

العدسات الحارقة

توجد طريقة تاريخية أخرى لحصاد الإشعاع الشمسي لا يأخذها الكثير من الناس في الاعتبار عند التفكير في الطاقة الشمسية وهي استخدامها في التصميم المعماري. لطالما شُيدت المباني مع مراعاة دفء الشمس فمن القرن الأول وحتى القرن الرابع قبل الميلاد بُنيت الحمامات الرومانية بنوافذ كبيرة موجهةٍ للجنوب والتي من شأنها التقاط طاقة الشمس بطريقةٍ أكثر فعالية مما يحافظ على الحمامات دافئة بشكل معتدل في الشتاء. في وقت لاحق من القرن الثالث عشر الميلادي، وضع أسلاف الأمريكيين الأصليين في “بويبلو” المعروفين باسم “أناسازي” أنفسهم في مساكن مواجهة للجنوب على المنحدرات لالتقاط دفء الشمس خلال أشهر الشتاء الباردة. الجدير بالذكر أن هذه الممارسة المعمارية مستمرة حتى يومنا هذا.

مصيدة “هوراس دي سوسور” الشمسية

مع تزايد استخدام الزجاج خلال القرن الثامن عشر، أدرك الكثيرون قدرته على احتجاز الحرارة الشمسية وقد لاحظ «هوراس دي سوسور-horace de saussure» هذه الظاهرة وهو أحد علماء الطبيعة البارزين في أوروبا في تلك الفترة وكتب ما يلي: “إنها لحقيقةٌ معروفة وحقيقة ربما كانت معروفة منذ أمدٍ طويل أن أي مكان يصبح أكثر سخونة عندما تمر أشعة الشمس عبر الزجاج سواءً كان ذلك المكان غرفةً أو عربةً أو أي شيئًا آخر “. كان هذا العالم الفرنسي السويسري مندهشًا تمامًا من أن هذه الظاهرة الشائعة لم تؤد إلى أي بحث تجريبي حول درجة الحرارة القصوى التي يمكن بلوغها في مصيدة زجاجية للحرارة الشمسية. عند تجربة الطاقة الشمسية، فضّل معاصروه العمل بالمرايا المحترقة والتي يمكن أن تؤدي أعمالاً مذهلة مثل حرق الأشياء عن بعد أو إذابة أصعب المعادن في غضون ثوانٍ. في عام 1767، شرع دي سوسور في تحديد مدى فعالية مصائد الحرارة الزجاجية في جمع طاقة الشمس.

قام دي سوسور أولاً ببناء مصيدة شمسية مصغرة بسماكة خمسة جدران بناها من خمسة صناديق مربعة من الزجاج كل صندوق يحوي الصندوق الآخر، وقطّع قواعد الصناديق بحيث يمكن تكديس الصناديق الخمسة الواحدة داخل الأخرى فوق طاولة خشبية سوداء. بعد تعريض الجهاز للشمس لعدة ساعات، ومع تدوير هذه المصيدة بحيث تصطدم الأشعة الشمسية دائمًا بالأغطية الزجاجية للصناديق بشكل عمودي، قاس دي سوسور درجة الحرارة. كان الصندوق الخارجي هو الأبرد، وزادت درجة الحرارة في الصناديق الداخلية. سجل الجزء السفلي من الصندوق الداخلي أعلى درجة حرارة -189.5 درجة فهرنهايت   أي ما يعادل 89.5 درجة مئوية وهي تقارب درجة غليان الماء.

مصيدة “هوراس دي سوسور” الشمسية

اكتشاف التأثير الكهروضوئي

في عام 1839، اكتشف العالم إدموند بيكريل التأثير الكهروضوئي من خلال تجربة الخلايا الإلكتروليتية: خلال هذه العملية، أدرك “بيكربل” أنه يتم إنتاج المزيد من الكهرباء إذا تعرضت الخلايا لأشعة الشمس. يُعرف التأثير الكهروضوئي بأنه ظاهرة توليد التيار الكهربي عند تعريض بعض المواد للضوء وهذه الخاصية هي ما تمتاز بها أشباه الموصلات كالسيليكون والجرمانيوم واللذان يُعدان العنصران الأساسيان في صناعة الخلايا الشمسية. أُحرز مزيد من التقدم في عام 1876، عندما اكتشف مجموعة من العلماء أن السيلينيوم يمكن أن يحول الضوء إلى كهرباء بدون حرارة. استخدام السيلينيوم بعد ذلك لإنشاء أول خلية شمسية في عام 1883 وسُجلت براءة اختراع أول سخان مياه يعمل بالطاقة الشمسية بعد ذلك بعشر سنوات.

تفسير أنشتاين للتأثير الكهروضوئي

قبل أينشتاين، لاحظ العلماء هذا التأثير ولكنهم كانوا متحيرين من سلوكه لأنهم لم يفهموا طبيعة الضوء تمامًا. في أواخر القرن التاسع عشر، قرر الفيزيائيان جيمس كليرك ماكسويل في اسكتلندا وهندريك لورنتز في هولندا أن الضوء يبدو وكأنه يتصرف كموجة أُثبت ذلك من خلال رؤية كيف تُظهر موجات الضوء التداخل والحيود والتشتت وهي أمور سمات في جميع أنواع الموجات بما في ذلك الموجات في الماء. في عام 1900، حاول عالم الفيزياء “ماكس بلانك” تفسير انبعاث الضوء من الأجسام الساخنة ووجد أن الطاقة الضوئية تنبعث على هيئة حزم اسماها “الكمات” وأن مقدار الكم يعتمد على تردد الإشعاع ويرتبط بما يُعرف بثابت بلانك.

بعد ذلك في عام 1905 جاء أينشتاين ليوسع نظرية بلانك في تفسيره لظاهرة التأثر الكهروضوئي. يظهر التأثير الكهروضوئي عندما يسقط الضوء على معدن ويؤدي هذا إلى انبعاث الكترونات على الفور من ذلك المعدن ولكن إذا كان تردد الضوء منخفضًا فلن تبعث أي الكترونات. أوضح أينشتاين أنه بغض النظر عن كثافة الضوء الساقط على المعدن فإن الضوء يعمل كجسيم اسماه الفوتون ويمنح طاقته لأحد الالكترونات مما يؤدي ذلك إلى تحرير الإلكترون في حالة إذا كان تردد الضوء الساقط مناسبًا للإلكترون في المعدن وهكذا فُسرت العلاقة التي اكتشفها بلانك بين الطاقة والتردد أنه عند انخفاض تردد الضوء الساقط فلن تنبعث الإلكترونات. بعبارة أخرى، يعني ذلك أن الفوتونات لا تحتوي على طاقة كافية لتحرير الإلكترونات. منُح أينشتاين جائزة نوبل في الفيزياء وذلك لتفسيره التأثير الكهروضوئي والذي انتشرت تطبيقاته فيما بعد لتعم كافة المجالات التقنية حيث اُستخدمت الخلايا الكهروضوئية في بداية الأمر في الكشف عن الضوء باستخدام أنبوبة فارغة بها كاثود -قطب سالب- ليبعث إلكترونات، وأنود -قطب موجب- ليجمع التيار الناتج ومن ثم تطوّرت تلك الأنابيب الضوئية إلى «وصلات ثنائية-Diodes» ضوئية مصنوعة من أشباه موصلات والتي تُستخدم في تطبيقات مثل الخلايا الشمسية والدوائر الدقيقة والألياف البصرية في الاتصالات.

تفسير أينشتاين للتأثير الكهروضوئي: يمنح الفوتون طاقته لأحد الالكترونات مما يؤدي ذلك إلى تحرير الإلكترون

استخدام السيليكون في تصنيع الخلايا الشمسية

ذكرنا سابقًا أن الخلايا الكهروضوئية كانت تصنع من السيلينيوم ولكن الخلايا الشمسية التي نعرفها نعرفها اليوم مصنوعة من السيليكون. يعتبر البعض أن الاختراع الحقيقي للألواح الشمسية يُنسب لكل من “داريل شابين” و”كالفن فولر” و”جيرالد بيرسون” وذلك لابتكارهم لأول خلية السيليكون كهروضوئية في مختبرات بيل في عام 1954. يعتقد الكثيرون بأن هذا الحدث يمثل الاختراع الحقيقي لتكنولوجيا الكهروضوئية لأنه كان المثال الأول لتقنية الطاقة الشمسية التي يمكنها بالفعل تشغيل جهاز كهربائي لعدة ساعات في اليوم. يمكن لأول خلية شمسية من السيليكون تحويل ضوء الشمس بكفاءة تبلغ أربعة بالمائة، أي أقل من ربع ما تستطيع الخلايا الحديثة القيام به. الجدير بالذكر أن بعض الشركات حاليًا صنعت خلايا شمسية بكفاءة تتعدى 30% وإن كنت ترغب بمعرفة المزيد عن مفهوم الكفاءة الكهربائية يمكنك الرجوع لهذا المقال. قد تتساءل عزيزي القارئ ما هي السمة المميزة في عنصر السيكليون ليكون العنصر المثالي لتصنيع الخلايا الشمسية؟

لماذا يُستخدم السيليكون في صناعة الخلايا الشمسية؟

يُعتبر السيليكون واحد من أكثر العناصر توافرًا في الطبيعة ويوجد بشكل أساسي في رمال الصحاري على هيئة أكاسيد السيلكون. لكن ما يجعل السيليكون عنصرًا مميزا في تصنيع الخلايا الشمسية هو تركيبه الكيميائيي الفريد؛ إذ تحتوي ذرة السيليكون على 14 الكترون موزعة على ثلاث مستويات طاقة.  مستويين الطاقة الاول والثاني الاقرب للنواة يكونان ممتلأن تماماً بالالكترونات والمستوى الثالث أو المستوى الخارجي يحتوي على 4 الكتورنات فقط اي يكون نصفه ممتلئ والنصف الاخر فارغ حيث ان المدار يكتمل بـ 8 الكترونات.  وتسعى ذرة السيليكون لان تكمل النقص في عدد الالكترونات في المستوى الخارجي ولتفعل ذلك فإنها تشارك أربع الكترونات من ذرات سيليكون مجاورة وبهذا ترتبط ذرات السيليكون بعضها البعض في شكل تركيب بلوري وهذا التركيب البلوري له فائدة كبيرة في الخلية الكهروضوئية بلورة سيليكون نقية وللعلم بلورة السيليكون النقية لا توصل التيار الكهربي بكفاءة لانه لا يوجد الكترونات حرة لتنقل التيار الكهربي حيث ان كل الالكترونات قد قيدت في التركيب البلوري. ولهذا ولكي يتم استخدام السيليكون في الخلية الشمسية فإننا بحاجة إلى إجراء تعديل بسيط في التركيب البلوري وذلك عن طريق عملية تطعيم ذرات عناصر أخرى تسمى عملية «تطعيم-doping» وهذه الذرات الاضافية تُعرف باسم «شوائب-impurities» وهي ضرورية لعمل الخلية الشمسية. تعمل الشوائب في ذرات السليكون على السليكون النقي بالطاقة وتجعل بعض الكترونات السيليكون تتحرر وتترك مكانها شاغر ويطلق على هذا المكان الشاغر اسم «الفَجوة-hole».  تعمل هذه الفجوة على السماح لالكترون في الجوار بالانتقال اليها تاركاً فجوة اخرى وهكذا تستمر حركة الالكترونات في اتجاه وحركة الفجوات في الاتجاه المعاكس وهذه الحركة هي تيار كهربي. منذ اختراع الخلايا الشمسية سعى العلماء لتطوير كفاءتها وفي الوقت الحالي نجد محطات طاقة شمسية تزود المدن والمصانع بالكهرباء ولكن ليس هذا فحسب فتطبيقات الخلايا الشمسية لم تقتصر على تزويد المنشئات والأحمال في كوكبنا فقط بل وصل استخدامها أيضًا للفضاء الخارجي.

كيف تُزود الأقمار الصناعية بالكهرباء؟

تُستخدم الطاقة الشمسية في الواقع في الفضاء الخارجي لتشغيل الأقمار الصناعية. في عام 1958، استخدم القمر الصناعي “Vanguard I” لوحة صغيرة بقدرة واحد واط لتشغيل أجهزة الراديو الخاصة به. في وقت لاحق من ذلك العام، زُودت المركبات الفضائية “Vanguard II” و “Explorer III” و “Sputnik-3” بتقنية الخلايا الشمسية وفي عام 1964، أطلقت وكالة ناسا أول مركبة فضائية من طراز Nimbus ، وهو قمر صناعي قادر على العمل بالكامل على ألواحٍ شمسية بقدرة 470 واط وفي عام 1966، أطلقت وكالة ناسا أول مرصد فلكي مداري في العالم  مدعومًا بألواح شمسية تبلغ قدرتها واحد كيلوواط.

المصادر

energysage
greenmatch
solargain
instituteforenergyresearch
Energy Principles and Renewable Energy-edx
dartmouth
howstuffworks
livescience solarcooking
university of delft

جهاز جديد يمكنه رفع كفاءة الخلايا الشمسية إلى 80%!

جهاز جديد يمكنه رفع كفاءة الخلايا الشمسية إلى 80%!

تقنية جديدة من جامعة Rice نستطيع من خلالها استخدام أنابيب الكربون النانوية المتواضعة، لصنع خلايا شمسية أكثر كفاءة.

لجعل هذا الأمر ممكنًا، صمم علماء من الجامعة مصفوفة من أنابيب الكربون النانوية أحادية الجدار، تقوم بتوجيه الأشعة تحت الحمراء، وبالتالي زيادة كفاءة الخلايا الشمسية بشكل كبير.

وقد أشرف على هذه التقنية العالمان Gururaj Naik و Junichiro Kono بمدرسة براون للهندسة بالجامعة. وقد نُشِرَ عملهما بدورية ACS Photonics.

هذا الجهاز يُعد بمثابة باعث حراري زائدي المقطع، حيث يمكنه أن يمتص الحرارة الشديدة، التي يمكنها أن تتشتت وتنتشر في الغلاف الجوي، ثم ضغطها في نطاق ترددي ضيق، وإشعاعها مرة أخرى كضوء يمكن تحويله إلى كهرباء.

وقد اعتمدت صناعة هذا الجهاز على اكتشاف قام به نفس فريق العلماء، ففي عام 2016 تمكن الفريق من العثور على طريقة بسيطة لتصنيع رقاقة متجانسة وعالية الدقة باستخدام الأنابيب النانوية، وقد أدى هذا الاكتشاف إلى أن يفكر العلماء في استخدام الرقاقة لتوجيه الفوتونات الحرارية.

الفوتونات الحرارية هي مجرد فوتونات تنبعث من جسم ساخن، فإذا نظرت إلى جسم ساخن باستخدام كاميرا حرارية، سترى أن الجسم يتوهج، وهذا لأن الكاميرا تلتقط هذه الفوتونات المثارة حراريًا.

إن الأشعة تحت الحمراء هي أحد مكونات الضوء الصادر من الشمس التي تزود كوكبنا بالحرارة، ولكنها تمثل جزء صغير من الطيف الكهرومغناطيسي. مشكلة الإشعاع الحراري أن نطاقه عريض حيث أن له طول موجي كبير، في حين أن تحويل الضوء إلى كهرباء في الخلايا الشمسية لا يكون فعالًا إلا إذا كان الإشعاع في نطاق ضيق، لهذا لا نستفيد من الإشعاع الحراري في عملية إنتاج الكهرباء.

لزيادة كفاءة الخلايا الشمسية، كان لابد من الإستفادة من الإشعاع الحراري المفقود، وذلك عن طريق ضغط الفوتونات الحرارية ذات النطاق العريض إلى نطاق ضيق، وهو ما مثل تحدي كبير للعلماء.

لضغط الفوتونات الحرارية إلى نطاق ضيق، استخدم العلماء رقائق الأنابيب النانوية، والتي سمحت لهم بعزل الفوتونات الحرارية -والتي كانت تهدر في الأحوال العادية- ثم امتصاصها وتحويلها إلى فوتونات ضيقة النطاق، يمكن إشعاعها مرة أخرى كضوء، ثم استخدام الضوء في إنتاج الكهرباء.

يمكننا أن نتخيل مدى أهمية هذه التقنية، والتي تعد بمثابة طفرة في مجال إنتاج الطاقة، فإذا نظرنا إلى إنتاج الطاقة في الصناعة سنجد أن 20% من الطاقة المنتجة يهدر في صورة إشعاع حراري لا يُستفاد منه، هذه الطاقة المهدرة تكفي لإمداد ولاية تكساس بالكهرباء لمدة ثلاث سنوات!

ومن ناحية أخرى فإن كفاءة تحويل الطاقة للوسائل المتبعة حاليًا في الحصول على الطاقة لا تتعدى 50%، لكن باستخدام هذا الجهاز في الخلايا الشمسية يمكننا رفع كفاءة تحويل الطاقة بها من 22% إلى 80% وهو شئ غير مسبوق!

بلا شك، فإن هذه التقنية تعد طفرة كبيرة، وسيكون لها تطبيقات كثيرة في الأجهزة التي تعتمد على الحرارة في توليد الكهرباء.

المصدر: Phys.org

Exit mobile version