ألكابتونيوريا أو البول الأسود: ما وراء السواد!

مرض ألكابتونيوريا Alkaptonuria، المعروف أيضًا باسم “البول الأسود”، هو اضطراب وراثي نادر يصيب الأفراد بسبب طفرة جينية. يؤدي هذا الاضطراب إلى عدم قدرة الجسم على تحلل بعض الأحماض الأمينية بشكل صحيح، مما يتسبب في تراكم حمض الهوموجنتيسيت في الجسم. ويرجع سبب هذا التراكم إلى نقص في الإنزيم الذي يلعب دورًا في عملية تحلل هذه الأحماض، والذي ينتج عن طفرة جينية معينة.

ما يلي تاريخ هذا المرض عبر السنين;

تاريخ مرض بِيلَة الكابتونِيَّة (ألكابتونيوريا) واكتشافه:

العصور الوسطى:

  • أولى الملاحظات: تمّت ملاحظة أعراض مرض ألكابتونيوريا لأول مرة في العصور الوسطى، حيث وصف بعض الأطباء حالات غامضة لأشخاص يعانون من بول داكن وألم في المفاصل.
  • صعوبة التشخيص: في ذلك الوقت، لم يكن هناك فهم واضح للسبب الكامن وراء هذه الأعراض، مما جعل التشخيص صعبًا.
  • تسمية المرض:
    • الاسم اللاتيني: Alkaptonuria، مشتق من الكلمات اليونانية “alkapton” (قلوي) و”ouron” (بول).
    • الاسم العربي: بِيلَة الكابتونِيَّة، ترجمة مباشرة للاسم اللاتيني.

في القرن التاسع عشر:

  • تقدم في الفهم:
    • 1819: اكتشف الكيميائي الفرنسي “أنتوان فرانسوا دافريل” وجود مادة كيميائية غير معروفة في بول مرضى بِيلَة الكابتونِيَّة.
    • 1842: حدد الكيميائي الألماني “كارل شتيلر” هذه المادة بأنها حمض الهوموجنتيسيك.
  • ربط الأعراض بالسبب:
    • 1882: اقترح الطبيب البريطاني “أركيبالد غارود” أنّ تراكم حمض الهوموجنتيسيك في الجسم هو سبب أعراض مرض بِيلَة الكابتونِيَّة.
    • 1902: أكد الطبيب الألماني “كارل فون نوردنغ” نظرية غارود من خلال تحليل عينات من أنسجة مرضى ألكابتونيوريا.

خلال القرن العشرين:

  • فهم الوراثة:
    • 1923: اقترح الطبيب الأمريكي “أرشيبالد غارود” أنّ مرض ألكابتونيوريا ينتقل عن طريق الوراثة.
    • 1953: حدد عالم الوراثة البريطاني “جون بيدفورد سوليفان” الجين المسؤول عن المرض على الكروموسوم 3.
  • تطور العلاجات:
    • 1954: تمّ استخدام فيتامين ج لأول مرة كعلاج للمرض، حيث يساعد على تقليل تراكم حمض الهوموجنتيسيك في الجسم.
    • 1980s: تمّ تطوير نظام غذائي خاص للأشخاص المصابين، يقلل من تناول التيروزين والفينيل ألانين، وهما حمضان أمينيان يُنتجان حمض الهوموجنتيسيك.

القرن الحادي والعشرين:

  • علاجات جديدة:
    • 2008: تمّ الموافقة على عقار ” nitisinone” لعلاجه في أوروبا، حيث يعمل على تقليل إنتاج حمض الهوموجنتيسيك في الجسم.
    • 2014: تمّ الموافقة على عقار ” nitisinone” لعلاج مرض ألكابتونيوريا في الولايات المتحدة.
  • العلاج الجيني:
    • أبحاث جارية: يتمّ إجراء أبحاث مكثفة لتطوير علاج جيني،
    • الهدف: إصلاح الجين المعطوب أو إدخاله إلى الجسم لمنع تراكم حمض الهوموجنتيسيك.

الخلاصة:

  • مرّ مرض بِيلَة الكابتونِيَّة برحلة طويلة من الاكتشاف إلى الفهم والعلاج.
  • ساهمت جهود العلماء والأطباء على مرّ السنين في تحسين فهم المرض وتطوير علاجات أكثر فعالية.
  • لا تزال هناك حاجة إلى المزيد من الأبحاث لتطوير علاج شافٍ للمرض.

انتشار مرض بِيلَة الكابتونِيَّة (ألكابتونيوريا) وتوزعه:

  • مرض نادر: يُعدّ مرض ألكابتونيوريا مرضًا نادرًا، حيث يُصيب حوالي 1 من بين 250.000 شخص.
  • معدل حدوثه: يُقدّر معدل حدوث بحوالي 1 لكل مليون مولود جديد.

توزيع المرض:

  • لا يُوجد توزيع جغرافي محدد لمرض بِيلَة الكابتونِيَّة، لكنه موجود في جميع أنحاء العالم.
  • مناطق انتشاره:
    • سلوفاكيا: حيث يُصيب حوالي 1 من بين 10.000 شخص.
    • الجمهورية الدومينيكية: حيث يُصيب حوالي 1 من بين 14.000 شخص.
    • مناطق أخرى: يوجد أيضًا في مناطق أخرى مثل الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا وآسيا.

أسبابه:

بِيلَة الكابتونِيَّة أو ألكابتونيوريا هوَ مَرض وراثي خَلقي سببه نَقص الإنزيم الضروري لِتحليل الحمضين الإمينيين تيروسين (Tyrosine) و فينيل ألانين (Phenylalanine) مما يؤدي إلى تراكُم حمض أكسيداز هوموجنتيزات (Homogentisate Oxidase) في الدَم والبول.

Homogentisic acid
آلية حدوث المرض

انتقال المرض:

يُعدّ الألكابتونيوريا مرضًا متنحيًا Autosomal Recessive. هذا يعني أنّ الشخص لا يُصاب بالمرض إلا إذا ورث نسختين معيبتين من الجين من كلا الوالدين.

اسم الجين وموقعه في مرض بِيلَة الكابتونِيَّة (ألكابتنيوريا):

اسم الجين:

  • اسم الجين العلمي: HGD (Homogentisate 1,2-dioxygenase gene)
  • اسم الجين الشائع: جين هيدروكسيلاز الهوموجنتيسيك

موقعه:

  • الكروموسوم: 3
  • الموقع: 3p21
طفرة ألكابتونيوريا

وظيفة الجين:

  • يُنتج هذا الجين إنزيم هيدروكسيلاز الهوموجنتيسيك، وهو إنزيم ضروري لتحويل مادة كيميائية تسمى حمض الهوموجنتيسيك إلى مادة أخرى.

الطفرة:

  • يحدث مرض بِيلَة الكابتونِيَّة بسبب طفرة في جين HGD. تؤدي هذه الطفرة إلى إيقاف أو تقليل نشاط إنزيم هيدروكسيلاز الهوموجنتيسيك، مما يؤدي إلى تراكم حمض الهوموجنتيسيك في الجسم.

أنواع الطفرات:

  • تتنوع أنواع الطفرات التي تؤثر على جين HGD، تشمل:
    • طفرة الحذف: تُعدّ أكثر أنواع الطفرات شيوعًا، حيث يتمّ حذف جزء من الجين.
    • طفرة الاستبدال: يتمّ استبدال قاعدة واحدة أو أكثر من قواعد الحمض النووي في الجين بقاعدة أخرى.
    • طفرة الإدراج: يتمّ إدراج قاعدة واحدة أو أكثر من قواعد الحمض النووي في الجين بين قاعدتين موجودتين.
    • طفرة التكرار: يتمّ تكرار جزء من الجين مرة واحدة أو أكثر.

تأثير الطفرة:

  • قد تؤثر هذه الطفرات على الجين بشكل مختلف، مما يؤدي إلى تنوع شدة أعراض مرض بِيلَة الكابتونِيَّة.

أعراض شائعة:

  • تلون البول باللون الداكن: يُعدّ هذا أول علامات بِيلَة الكابتونِيَّة، ويظهر غالبًا منذ الولادة. يتحول لون البول إلى اللون الداكن بسبب تراكم حمض الهوموجنتيسيك فيه.
البول الأسود في حالة ألكابتونيوريا
  • ألم المفاصل: عادةً ما يبدأ ألم المفاصل في الظهور بعد سن 30 عامًا.
    • التهاب المفاصل العظمي: تتلف الغضاريف في المفاصل، ممّا يُسبب ألمًا وتيبسًا وصعوبة في الحركة.
    • التهاب المفاصل الروماتويدي: قد يُصاب بعض الأشخاص بالتهاب المفاصل الروماتويدي.
  • تلف صمامات القلب: تتراكم مادة حمض الهوموجنتيسيك على صمامات القلب، ممّا قد يُؤدّي إلى ضيقها أو قصورها.
    • أعراض تلف صمامات القلب: ضيق التنفس، وألم الصدر، والتعب، والانتفاخ في الساقين، وعدم انتظام ضربات القلب.
  • حصى الكلى: تتشكل حصى الكلى من مادة حمض الهوموجنتيسيك.
    • أعراض حصى الكلى: ألم شديد في أسفل الظهر أو الجانب، وغثيان، وقيء، ودم في البول.
  • ترسبات في الأعضاء الأخرى:
    • قد تتراكم مادة حمض الهوموجنتيسيك في أعضاء أخرى، مثل الكبد والرئتين، ممّا قد يُؤدّي إلى تلفها.
    • أعراض تلف الكبد: اصفرار الجلد والعينين، والتعب، وفقدان الشهية، والغثيان والقيء.
    • أعراض تلف الرئتين: ضيق التنفس، والسعال، وألم الصدر.
  • تأثيرات جلدية: قد يتحول لون الجلد إلى اللون الأزرق أو الرمادي بسبب تراكم حمض الهوموجنتيسيك في الجلد.
  • ضعف المناعة: قد يكون المرضى أكثر عرضة للإصابة بالعدوى بسبب ضعف جهاز المناعة.

تشخيص مرض بِيلَة الكابتونِيَّة (ألكابتنيوريا):

يعتمد تشخيص مرض بِيلَة الكابتونِيَّة على عدة عوامل، تشمل:

  • الأعراض: قد يشير وجود بعض الأعراض، مثل تلون البول باللون الداكن وألم المفاصل، إلى الإصابة بالمرض.
  • التاريخ العائلي: وجود تاريخ عائلي مع مرض بِيلَة الكابتونِيَّة يُعدّ عامل خطر مهم.
  • الفحوصات الجسدية: قد يُلاحظ الطبيب بعض العلامات الجسدية، مثل تغير لون الجلد أو وجود حصى الكلى، التي قد تُشير إلى الإصابة بالمرض.
  • الفحوصات المخبرية: تُستخدم مجموعة من الفحوصات المخبرية لتشخيص بِيلَة الكابتونِيَّة، تشمل:
    • تحليل البول: يُظهر تحليل البول وجود حمض الهوموجنتيسيك، وهو المادة الكيميائية التي تتراكم في الجسم في هذا المرض.
    • فحص الدم: يُستخدم فحص الدم لقياس مستويات حمض الهوموجنتيسيك في الدم.
    • اختبارات الجينات: تُستخدم اختبارات الجينات لتحديد وجود طفرة في جين HGD، المسؤول عن إنتاج إنزيم هيدروكسيلاز الهوموجنتيسيك.

مراحل التشخيص:

  • الاشتباه بالمرض: قد يُشتبه الطبيب في الإصابة بِيلَة الكابتونِيَّة بناءً على الأعراض والتاريخ العائلي والفحوصات الجسدية.
  • إجراء الفحوصات المخبرية: تُستخدم الفحوصات المخبرية لتأكيد أو استبعاد التشخيص.
  • اختبارات الجينات: قد تُستخدم اختبارات الجينات لتأكيد وجود طفرة في جين HGD.

تشخيص حديثي الولادة:

  • في بعض البلدان، يتمّ إجراء اختبارات فحص حديثي الولادة للكشف عن بِيلَة الكابتونِيَّة.
  • يُساعد الكشف المبكر عن المرض في بدء العلاج في وقت مبكر، ممّا قد يُساعد على تحسين نوعية الحياة وتقليل خطر حدوث المضاعفات.

أمراض وراثية أخرى:

الهيموفيليا

متلازمة داون

علاجات مرض بِيلَة الكابتونِيَّة (ألكابتونيوريا):

لا يوجد علاج شافٍ لبِيلَة الكابتونِيَّة، لكن تهدف العلاجات إلى إدارة الأعراض وتحسين نوعية الحياة. تشمل العلاجات ما يلي:

1. معالجة المضاعفات:

  • تخفيف الألم: تُستخدم الأدوية لتخفيف ألم المفاصل، مثل مضادات الالتهابات غير الستيرويدية (NSAIDs) وأدوية مسكنات الألم الأخرى.
  • جراحة استبدال المفاصل: قد تكون جراحة استبدال المفاصل ضرورية في بعض الحالات لعلاج تلف المفاصل المتقدم.
  • معالجة حصى الكلى: قد تشمل علاج حصى الكلى شرب كميات كبيرة من السوائل، والأدوية لتفتيت الحصى، وإجراء جراحة لإزالة الحصى الكبيرة.
  • معالجة تلف صمامات القلب: قد تشمل علاج تلف صمامات القلب إصلاح أو استبدال صمامات القلب.
  • معالجة تلف الأعضاء الأخرى: قد تشمل علاج تلف الأعضاء الأخرى مثل الكبد والرئتين الأدوية والعلاجات الجراحية.

2. النيتسينين:

  • هو دواء يُقلّل من إنتاج حمض الهوموجنتيسيك، ممّا قد يُؤدّي إلى تحسين الأعراض.
  • يتمّ إعطاء النيتسينين عن طريق الوريد.
  • قد يُسبّب النيتسينين بعض الآثار الجانبية، مثل الغثيان والقيء والحمى.

3. النظام الغذائي:

  • يُنصح بتقليل تناول الأطعمة الغنية بالفينيل ألانين والتيروزين.
  • قد يُساعد اتباع نظام غذائي خاص في تقليل تراكم حمض الهوموجنتيسيك في الجسم وتحسين الأعراض.

4. العلاج الجيني:

  • لا يزال العلاج الجيني لمرض بِيلَة الكابتونِيَّة قيد البحث والتطوير.
  • يهدف العلاج الجيني إلى إصلاح الجين المعيب أو إدخاله إلى الجسم لمنع تراكم حمض الهوموجنتيسيك.

مصادر ومراجع:

[1] MedlinePlus

[2] NCBI

[3] AKU society

[4] University of Liverpool

الوراثة والميلانين: فهم مرض البرص | Albinism

البرص: الجمال في الفرادة

هل صادفت يومًا شخصًا بشعر أبيض ناصع وعينين زرقاوين ساحرتين؟ قد يكون هذا الشخص حاملًا لسرّ من أسرار الطبيعة: مرض البرص!

منذ فجر التاريخ، لفت مرض البرص انتباه البشر. تمّ وصف “الرجال البيض” لأول مرة في النصوص المصرية القديمة، حوالي عام 2000 قبل الميلاد. ربطهم المصريون القدماء بآلهة الشمس، واعتبروهم رمزًا للنقاء والبراءة.

في العصور الوسطى، اتخذت نظرة المجتمع تجاه مرض البرص منعطفًا مظلمًا. تمّ اعتبار البرص علامة على لعنة أو مرض، وتمّ استبعاد الأشخاص المصابين به من الحياة العامة. عاشوا في عزلة، يواجهون الخوف والتمييز.

في القرن التاسع عشر، بدأ العلماء في كشف أسرار مرض البرص. اكتشف جوزيف جاكوبس (طبيب بريطاني) أنّ البرص ناتج عن نقص الميلانين، الصبغة التي تُعطي لونًا للجلد والشعر والعينين. ساعد هذا الاكتشاف في تبديد بعض الخرافات حول البرص، وفتح الباب أمام فهم أفضل للمرض.

شهد القرن العشرون تقدمًا هائلًا في علاج مرض البرص. تمّ تطوير واقيات الشمس التي تحمي جلد الأشخاص المصابين من أشعة الشمس الضارة. ساعدت النظارات الطبية والعدسات اللاصقة في تحسين الرؤية. [1]

تعريف البرص وأنواعه:

يُعرف البرص أو المهق (بالإنجليزية: Albinism) بأنه حالة جلدية وراثية تحدث بسبب خلل أو اضطراب في إنتاج صبغة الميلانين (بالإنجليزية: Melanin)؛ وهي مادة طبيعية يتم إنتاجها في الجسم وتمنح الشعر والجلد وقزحية العين لونها. وفي حين أن معظم الأشخاص المصابين بالبرص يتمتعون بصحة جيدة، إلا أنهم قد يعانون من مشكلات في الرؤية.

تقسم حالات البرص بشكل عام إلى نوعين رئيسيين، حيث يختلف كل نوع عن الآخر في الأعضاء المتأثرة والجينات المصابة بالخلل، وفيما يلي شرح موجز لكل منهما:

البرص العيني (Ocular Albinism – OA):
هذا النوع من البرص يتسبب في ظهور أعراضه بشكل أساسي على العينين، مما يؤدي إلى تغير في لون شبكية العين وقزحية العين. يحدث هذا نتيجة خلل أو طفرة جينية في الكروموسوم X، مما يؤثر بشكل رئيسي على المواليد الذكور، لكن قد يصيب الإناث أيضًا في حالات نادرة.

البرص العيني الجلدي (Oculocutaneous Albinism – OCA):
يؤثر هذا النوع من البرص على الجلد والشعر إلى جانب العينين، ويحدث نتيجة لخلل في الجينات المسؤولة عن إنتاج صبغة الميلانين.

بالإضافة إلى الأنواع الرئيسية المذكورة أعلاه، هناك أنواع أخرى أقل شيوعًا للبرص، منها:

متلازمة هيرمانسكي بودلاك (Hermansky-Pudlak Syndrome):
تتشابه أعراض هذا النوع مع أعراض البرص العيني الجلدي، إلا أنه يُسبب أيضًا مشكلات في الأمعاء والقلب والكلى والرئة، بالإضافة إلى اضطرابات النزيف بما في ذلك الهيموفيليا.

متلازمة شدياك هيغاشي (Chediak-Higashi Syndrome):
تتشابه أعراض هذا النوع أيضًا مع أعراض البرص العيني الجلدي، ومع ذلك، يميل لون بشرة المصابين به إلى الفضي أو الرمادي، بالإضافة إلى احتمالية حدوث اضطراب في خلايا الدم البيضاء، الأمر الذي يزيد من خطر الإصابة بالعدوى. [2][3]

أسبابه:

مرض البرص ينشأ نتيجة خلل وراثي يُولد به الطفل المصاب، حيث يحدث هذا الخلل في الجينات المسؤولة عن إنتاج أو توزيع صبغة الميلانين في الجسم، وهو ما قد يؤدي إلى غياب كلي أو انخفاض في كمية الميلانين المنتجة.

بالتالي، يُعتبر البرص اضطرابًا وراثيًا، ولكي يصاب الطفل به، يجب أن يكون كلا الوالدين مصابين بالمرض أو حاملين لجين الإصابة. وفي معظم الحالات، يكون لدى المصابين آباء حاملين لجين الإصابة فقط، دون أن تظهر عليهم أعراض المرض. [2]

ملاحظة:

هناك عدة جينات تلعب دورًا في إنتاج أو توزيع صبغة الميلانين في الجسم، ومن أهمها:

  1. جين TYR (Tyrosinase): هذا الجين يُعتبر أحد أهم الجينات المسؤولة عن إنتاج الميلانين، حيث يُشفر لإنزيم التيروزيناز الذي يلعب دورًا رئيسيًا في تحويل التيروزين (amino acid) إلى دوبا وبعدها إلى الميلانين. يقع هذا الجين على الكروموسوم 11.
  2. جين TYRP1 (Tyrosinase-Related Protein 1): هذا الجين يُشفر لبروتين مرتبط بإنزيم التيروزيناز (TYR)، وهو يشارك في عملية تكوين الميلانين. يقع هذا الجين على الكروموسوم 9.
  3. جين OCA2 (Oculocutaneous Albinism Type 2): يُعتبر هذا الجين مسؤولًا أيضًا عن إنتاج الميلانين، حيث يُشفر لبروتين يلعب دورًا في تنظيم نقل الميلانوسومات (organelles) داخل خلايا الجلد والشعر. يقع هذا الجين على الكروموسوم 15.
  4. جين SLC45A2 (Solute Carrier Family 45 Member 2): يُشفر هذا الجين لبروتين يُعتقد أنه يشارك في نقل الميلانين من داخل الخلايا نحو الخارج، مما يؤثر على توزيع الميلانين في الجسم. يقع هذا الجين على على الكروموسوم 5.

الأعراض:

  1. لون الجلد والشعر والعين:
    • الجلد: يتميز بالشعر الأبيض والبشرة الفاتحة للغاية مقارنةً بالأشقاء أو الأقارب الآخرين.
    • الشعر: قد يكون أبيضًا ناصعًا أو بنيًا. لدى المصابين بالبرص من أصول إفريقية أو آسيوية، يكون لون شعرهم أصفرًا أو أحمرًا أو بنيًا.
    • العيون: قد يتراوح لون العينين من الأزرق الفاتح جدًا إلى البني. يمكن أن يكون لون العين أحمرًا في بعض أنواع الإضاءة.
  2. مشكلات الرؤية:
    • تحرك العينين بشكل غير إرادي (الرأرأة).
    • وضعية رأس غير طبيعية لتحسين الرؤية.
    • عدم نظر العينين في الاتجاه ذاته أو نظر العينين إلى اتجاهين مختلفين (الحول).
    • عدم القدرة على رؤية الأشياء القريبة أو البعيدة (طول النظر أو قصر النظر).
    • حساسية شديدة للضوء (رهاب الضوء). [1][3]

تشخيص الإصابة بالبرص:

تشخيص البرص يتم عادة من خلال التقييم السريري للعلامات والأعراض المرتبطة بهذا المرض، ويشمل العناصر التالية:

  1. الفحص الجسدي: يقوم الطبيب بفحص الجلد والشعر والعيون للبحث عن علامات البرص، مثل البشرة الفاتحة أو غير الموجودة للميلانين، والشعر الأشقر أو الأحمر غير الملون، والعيون الزرقاء أو الرمادية.
  2. التاريخ الطبي والعائلي: يتم استجواب المريض للتحقق من وجود أي تاريخ طبي أو عائلي لحالات البرص، بما في ذلك إذا كان هناك أقارب في العائلة يعانون من المرض.
  1. اختبارات وظيفية: قد يتم إجراء اختبارات وظيفية للعينين والجلد لتقييم مدى تأثير المرض على الرؤية والحس الوجداني وحساسية الجلد لأشعة الشمس.
  2. التصوير الطبي: قد يطلب الطبيب إجراء فحوصات تصويرية مثل الرنين المغناطيسي أو الأشعة السينية لتقييم أي تغيرات في الهيكل أو الوظيفة الداخلية للجسم نتيجة للبرص.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تُجرى اختبارات جينية للتحقق من وجود تغيرات في الجينات المسؤولة عن البرص، وهذا قد يساعد في تشخيص الحالة وفهم سببها بشكل أفضل. تشخيص البرص يتطلب تعاونًا وثيقًا بين الطبيب والمريض، وقد يستغرق وقتًا قبل تأكيد التشخيص بشكل نهائي. [3]

علاجه:

على الرغم من أنه لا يوجد علاج نهائي لمرض البرص حتى الآن، إلا أن هناك عدة خيارات لإدارة الأعراض وتحسين جودة الحياة للمصابين. تشمل العلاجات الشائعة ما يلي:

  1. حماية البشرة من الشمس: ينبغي على المصابين بالبرص تجنب التعرض المباشر لأشعة الشمس وارتداء الملابس الواقية واستخدام واقي الشمس بشكل منتظم لحماية البشرة الحساسة من الضرر الناتج عن الأشعة فوق البنفسجية.
  1. علاج الأمراض المصاحبة: في حال وجود مشاكل صحية مصاحبة مثل مشاكل في الرؤية أو الجلد أو الأمعاء، قد يتطلب العلاج تدخلاً طبيًا متخصصًا.
  2. العلاج الجلدي: يمكن استخدام مستحضرات التجميل لتقليل مظهر البقع البيضاء على البشرة، كما يمكن استخدام الكريمات المرطبة لترطيب البشرة الجافة.
  3. العلاج العيني: قد يتطلب المرضى الذين يعانون من البرص العيني استخدام نظارات شمسية خاصة لتقليل التهيج والحماية من الضوء الساطع.
  4. العلاج النفسي والاجتماعي: يمكن أن يكون للمصابين بالبرص تحديات نفسية واجتماعية نتيجة لظهورهم بشكل مختلف، لذا قد يستفيدون من الدعم النفسي والاجتماعي لمساعدتهم على التعامل مع التحديات اليومية.
  5. البحث السريري: هناك جهود مستمرة في مجال البحث الطبي لتطوير علاجات جديدة وفعالة لمرض البرص، ومن الممكن أن يستفيد المرضى من الانضمام إلى التجارب السريرية لتقييم فعالية العلاجات الجديدة.

من المهم أن يتم توجيه خطة العلاج الخاصة بمرض البرص بناءً على احتياجات كل فرد بشكل فردي، ويجب استشارة الطبيب المختص قبل بدء أي علاج جديد. [2][3]

اقرأ أيضًا: متلازمة تيرنرمتلازمة داون

سير المرض:

مرض البرص أو المهق لا يؤثر سلبًا على صحة معظم المصابين، وعلى الرغم من ارتفاع خطر الإصابة بسرطان الجلد في بعض الحالات، إلا أن ذلك لا يؤثر بشكل كبير على معدل البقاء على قيد الحياة. يمكن اتخاذ الخطوات التالية لتجنب أو تقليل المشاكل المرتبطة بالبرص:

  1. فحص الجلد بانتظام: من المهم إجراء فحص دوري للجلد كل 6 – 12 شهرًا للكشف المبكر عن أي علامات محتملة لسرطان الجلد.
  2. حماية البشرة من الشمس: يجب تجنب التعرض المباشر لأشعة الشمس قدر الإمكان، واستخدام واقي الشمس ذي الحماية العالية وارتداء الملابس الواقية مثل القمصان طويلة الأكمام والقبعات والنظارات الشمسية.
  3. فحوصات العيون المنتظمة: يُنصح بإجراء فحوصات دورية للعيون كل 2 – 3 سنوات على الأقل للتحقق من صحة الرؤية والكشف المبكر عن أي مشاكل عينية محتملة.

مرض البرص يؤثر في الجلد، العين، والشعر، وقد تتسبب الأعراض في تقليل القدرة على القيام بالمهام اليومية بكفاءة. لذا، إذا لاحظت أي علامات أو أعراض مرتبطة بالبرص، يُنصح بالتوجه للطبيب للحصول على التقييم والعناية اللازمة.[3]

الأبحاث العلمية حول البرص:

ركزت االأبحاث والدراسات على طرق العلاج الفعال بالدرجة الأولى. حيث كان الاهتمام موجّهًا نحو تطبيقات العلاج الجيني والأدوية والخلايا الجذعية…

روابط لبعض هذه الأبحاث:

مراجع:

1- clevelandclinic

2- NCBI

3- MedlinePlus

4- https://www.albinism.org/

مرض العظم الزجاجي: حياة بين الهشاشة والأمل

بينما نتفاعل مع العالم من حولنا بأقدامنا الراشدة والرشيقة، بقوة يدينا الصلبة، يعتبر العظم بمثابة العمود الفقري لحياتنا، يدعمنا ويحمينا في كل خطوة نخطوها. لكن، ماذا لو كانت هذه الحماية تتلاشى ببطء؟ ماذا لو بدأت العظام تصبح هشة كالزجاج؟ هذا هو سردنا لمرض غامض يعرف بـ “مرض العظم الزجاجي”، حيث يتحول العظام من مصدر للقوة إلى زجاج يتمكن من تحطيمه بأبسط الإجهادات.

سنخوض سويًا في هذا المقال رحلة إلى عالم يعج بالتحديات والتساؤلات حول هذا المرض النادر، الذي يتسبب في تغيير حياة المرضى بشكل كامل. دعونا نستكشف معًا أسبابه، وتأثيراته، وأحدث التطورات في عالم علاجه…

جذور المرض واكتشافه:

يُعتقد أنّ مرض العظم الزجاجي Osteogenesis Imperfecta (OI)، ويُعرف أيضًا بـ “تكوّن العظم الناقص” أو “متلازمة العظام الهشّة”، موجود منذ فجر التاريخ. فقد تمّ العثور على بقايا عظمية تدلّ على إصابة بعض الأشخاص بهذا المرض في حضارات مختلفة، مثل مصر القديمة وبلاد الرافدين.

وفي عام 1788، قام الطبيب الفرنسي “بيير فريديريك بوزو” بوصف أول حالة لمرض العظم الزجاجي بشكلٍ دقيق…

يصيب تكوّن العظم الناقص ما يقارب الشخص بين كل 10.000-20.000 ألف شخص، حيث يوجد ما يقارب الـ50.000 حالة في الولايات المتحدة الأمريكية لوحدها. وينتشر بشكل متساوي بين كل من الذكور والإناث. [2][1]

تعريف مرض العظم الزجاجي وأسبابه:

هو حالة طبية نادرة تتسم بضعف في كثافة العظام وهشاشتها، مما يجعلها أكثر عرضة للكسور والتشققات، حتى بسبب الإجهادات البسيطة. ينشأ هذا الضعف نتيجة لنقص في كثافة المعدنيات في العظام، مثل الكالسيوم والفوسفور، مما يؤثر سلبًا على قوتها ومتانتها. وتعود أسباب هذا النقص إلى عوامل فسيولوجية أو راثية مختلفة، بما في ذلك اضطرابات في عملية تكوين العظام أو زيادة في تفكك العظام بسرعة أكبر من ترميمها. إضافة إلى العوامل البيئية (كالتغذية ومستوى النشاط البدني والتعرض لضوء الشمس وغيره)…

الفرق بين العظم الطبيعي (على اليسار) والمصاب بالهشاشة والمرض (الوسط واليمين)

لكننا في هذا المقال سنتطرق للعوامل الوراثية التي تسبب هذا المرض:

من الناحية الوراثية، يُعَزَّز المرض بسبب حدوث طفرات في أحد الجينات المسؤولة عن تكوين النوع الأول من الكولاجين في الجسم. حيث يعتبر الكولاجين النوع الأول مادة أساسية في بنية العظام والجلد والأنسجة الضامة الأخرى. حدوث طفرة في تكوين النوع الأول من الكولاجين يؤدي إلى تكون “عظم ناقص التكوين”، أي عظم هش وسهل الكسر بسبب فقدانه للمتانة والصلابة التي يوفرها الكولاجين السليم.

من أبرز جينات الكولاجين المهمة في عملية تكوين العظام هي:

  1. COL1A1 وCOL1A2: يُعتبر هذان الجينان من أهم الجينات التي تُشفر لإنتاج الكولاجين النوع الأول. هذا النوع من الكولاجين يُعتبر الأساسي في بنية العظام والأنسجة الضامة الأخرى.
  2. COL2A1: هذا الجين يُشفر لإنتاج الكولاجين النوع الثاني الذي يلعب دورًا هامًا في تكوين غضاريف المفاصل.
  3. COL5A1 وCOL5A2 وCOL5A3: هذه الجينات تُشفر لإنتاج الكولاجين النوع الخامس، الذي يساهم في تكوين الألياف الناعمة في الأنسجة الضامة.

تحتوي هذه الجينات على المعلومات الوراثية التي تحدد هيكل ووظيفة الكولاجين المنتج، وأي تغير أو طفرة في هذه الجينات قد يؤدي إلى تشوهات في الكولاجين المنتج، مما يمكن أن يؤدي في بعض الحالات إلى حدوث مرض العظم الزجاجي أو أمراض أخرى ذات صلة بالعظام والأنسجة الضامة.[2][1]

يمكنك معرفة المزيد حول بروتين الكولاجين وخصائصه من خلال مقالنا هنا

أنواعه:

هناك أنواع مختلفة من هذا المرض، وتختلف هذه الأنواع في الوراثة والتأثير على العظام. ومن بين أنواعه الشائعة:

  1. مرض العظم الزجاجي النوع I (OI): يُعتبر OI النوع الأكثر شيوعًا، وهو ناتج عن طفرات في جينات الكولاجين النوع الأول. يتسبب هذا النوع في عظام هشة وكسور متكررة، وقد تتراوح شدة الأعراض بين الأفراد المصابين.
  2. مرض العظم الزجاجي النوع II (OI): يعتبر هذا النوع من المرض أكثر خطورة وندرة من OI النوع I. يتسبب هذا النوع في تشوهات خطيرة في العظام، والتي قد تؤدي إلى وفاة الطفل في مراحل الطفولة المبكرة نتيجة لمشاكل التنفس والتغذية.
  3. مرض العظم الزجاجي النوع III (OI): يتميز هذا النوع بأعراض شديدة مثل تشوهات العظام وتقصر القامة والكسور المتكررة. يمكن أن يكون مرض العظم الزجاجي النوع III أكثر تشابهًا مع مرض العظم الزجاجي النوع II في بعض الحالات.
  4. مرض العظم الزجاجي النوع IV (OI): يتسبب هذا النوع في أعراض متوسطة إلى شديدة من مرض العظم الزجاجي، مع تشوهات في العظام وكسور متكررة.

تُصنَّف الأنواع المذكورة أعلاه تحت فئة Osteogenesis Imperfecta (OI)، ولكن هناك أيضًا أنواع أخرى من مرض العظم الزجاجي تُصنَّف بشكل منفصل، وتختلف في الأسباب والأعراض والتأثيرات على العظام.[2][1]

وراثة مرض العظم الزجاجي:

تعتمد وراثته على عدة أنماط وراثية مختلفة. يمكن أن تُشارك الوراثة في تطوير المرض بسبب الطفرات في الجينات المسؤولة عن تكوين الكولاجين، كما ذُكر في الشرح السابق.

  1. الوراثة الجسمية السائدة: في هذا النوع من الوراثة، يكفي أن يكون جين واحد مصاب بالطفرة في أحد الأبوين ليظهر المرض على الطفل. وغالبًا ما يكون لدى أحد الأبوين مرض العظم الزجاجي، ولكن يتميز المرض الذي ينتج عن هذا النوع من الوراثة بأنه يكون أقل حدة.
  2. الوراثة المتنحية: هنا يجب أن يكون الجين المصاب موجودًا في كلا الأبوين لظهور المرض. وفي هذه الحالة، لا تظهر الأعراض عادةً على الأبوين، ولكن الأبناء الذين يحملون الجين المصاب قد يظهرون أعراض المرض.
  3. الوراثة المرتبطة بالجنس: هنا يكون الطفرة الجينية المسببة للمرض موجودة على إحدى الكروموسومات الجنسية X أو Y. قد يكون المرض أكثر شيوعًا لدى الذكور إذا كان الجين المصاب موجودًا على كروموسوم X، نظرًا لأن الذكور لديهم كروموسوم واحد X وكروموسوم Y.
  4. الطفرات العشوائية: في بعض الحالات، يمكن أن تحدث الطفرات في الجينات بشكل عفوي ومفاجئ، دون أن يكون لها علاقة بتوارثها من الأبوين. وقد تؤدي هذه الطفرات إلى تطوير أشكال أكثر شدة من مرض العظم الزجاجي، ولا يكون هناك تاريخ عائلي للمرض في هذه الحالات.

كما ذكرنا سابقًا، أن تطور المرض وانتقاله يعتمد على مجموعة متنوعة من العوامل الوراثية والبيئية، وقد تكون الوراثة جزءًا فقط من الصورة الكاملة.[2][1]

أعراضه:

أعراض مرض العظم الزجاجي يمكن أن تتفاوت بين الأفراد وتعتمد على نوع وشدة المرض. ومع ذلك، فإن بعض الأعراض الشائعة تشمل ما يلي:

  1. كسور متكررة: يعتبر كسر العظام نتيجة لهشاشة العظام هو العرض الأساسي لمرض العظم الزجاجي. يمكن حدوث الكسور بسهولة حتى من الإجهادات البسيطة، وتكون الكسور شائعة خاصة في العمود الفقري والأذرع والأرجل.
  2. آلام العظام: يعاني الأشخاص المصابون بمرض العظم الزجاجي في بعض الأحيان من آلام في العظام، وخاصة بعد حدوث كسور أو مناورات جسمانية معينة.
  3. تشوهات العظام: قد تؤدي هشاشة العظام إلى تشوهات في هيكل العظام، مما يمكن أن يؤثر على الشكل الطبيعي للعظام ويسبب مشاكل في الحركة والوظيفة.
  4. قصر القامة: نتيجة للكسور المتكررة وتشوهات العظام، قد يتطور قصر القامة لدى الأفراد المصابين بمرض العظم الزجاجي.
  5. مشاكل الأسنان: قد تظهر مشاكل في الأسنان مثل تسوس الأسنان وفقدان الأسنان بشكل أكثر شيوعًا لدى الأشخاص المصابين بمرض العظم الزجاجي.
  1. ضعف العضلات: قد يعاني بعض الأشخاص المصابين بمرض العظم الزجاجي من ضعف في العضلات نتيجة لتقوس العظام وتشوهاتها.[2][1]

تشخيص تكوّن العظم الناقص:

التشخيص يتطلب تقييمًا شاملاً للأعراض والتاريخ الطبي، بالإضافة إلى استخدام عدة طرق تشخيصية. من بين الطرق الشائعة لتشخيص المرض:

  1. التاريخ الطبي والفحص البدني: يقوم الطبيب بجمع معلومات مفصلة عن التاريخ الطبي للمريض، بما في ذلك الأعراض التي يعاني منها وتاريخ الكسور السابقة وأي تاريخ عائلي لمرض العظم الزجاجي. يجري الطبيب أيضًا فحصًا بدنيًا لتقييم العظام والتحقق من وجود تشوهات أو علامات أخرى.
  2. الفحوصات الشعاعية: تعتبر الصور الشعاعية من أهم الفحوصات لتشخيص مرض العظم الزجاجي، حيث يمكن أن تظهر علامات الهشاشة العظمية وتشوهات العظام على الصور الشعاعية.
  1. اختبارات الدم: يمكن أن تُجرى اختبارات الدم لقياس مستويات المعادن الهامة لصحة العظام مثل الكالسيوم وفيتامين د والفوسفات.
  2. اختبارات الجينات: في حالة الاشتباه في وجود مرض العظم الزجاجي الوراثي، قد يتم إجراء اختبارات جينية لتحديد الطفرات في الجينات المسؤولة عن المرض (جينات الكولاجين).
  3. اختبارات الحالة العظمية: تشمل هذه الاختبارات اختبارات كثافة العظام (DEXA scan) لتقييم كثافة العظام ومعرفة مدى هشاشتها.

يجب أن يقوم الطبيب بتحليل البيانات المتاحة من هذه الفحوصات والاستنتاجات المستفادة منها لتحديد ما إذا كان المريض مصابًا بمرض العظم الزجاجي ونوعه وشدته، ومن ثم وضع خطة علاجية مناسبة.[2][1]

العلاج:

علاج مرض العظم الزجاجي يهدف إلى تخفيف الأعراض وتقليل خطر الكسور وتحسين نوعية الحياة للأشخاص المصابين. العلاج قد يشمل ما يلي:

  1. الرعاية الطبية المتخصصة: يتطلب علاج مرض العظم الزجاجي التعامل مع فريق طبي متعدد التخصصات، بما في ذلك أطباء العظام وأخصائيي الجراحة العظمية وأطباء الأطفال وأخصائيي التغذية وغيرهم.
  2. العلاج الدوائي: يمكن أن يشمل العلاج الدوائي تناول الأدوية التي تساعد في تقوية العظام وتحسين كثافتها، مثل البيسفوسفونات والكالسيترول وفيتامين د.
  3. العلاج الفيزيائي: يمكن أن يساعد العلاج الطبيعي في تحسين القوة العضلية والتوازن والمرونة، مما يقلل من خطر الكسور.
  1. الأدوية المضادة للآلام: قد يتم وصف الأدوية المضادة للآلام لمساعدة في تسكين الآلام المصاحبة للكسور والآلام العامة.
  2. التدخل الجراحي: في حالات الكسور الشديدة أو التشوهات العظمية الخطيرة، قد يكون الجراحة ضرورية لتصحيح التشوهات وتثبيت الكسور.
  3. العناية الذاتية: يمكن للأشخاص المصابين بمرض العظم الزجاجي اتخاذ إجراءات للعناية بالعظام، مثل الحفاظ على نظام غذائي غني بالكالسيوم والفيتامين د وممارسة التمارين الرياضية المناسبة.

يجب أن يتم تحديد العلاج المناسب لكل حالة بناءً على خصائص المرض وشدته، ويجب أن يتم ذلك بالتعاون مع الطبيب المعالج والفريق الطبي المختص.[2][1]

أبحاث علمية حول مرض العظم الزجاجي:

العلاج الجيني:

1- Curative Cell and Gene Therapy for Osteogenesis Imperfecta

2- Osteogenesis Imperfecta: Current and Prospective Therapies

العلاج بالخلايا الجذعية:

1- Stem Cell Therapy as a Treatment for Osteogenesis Imperfecta

2- Mesenchymal stem cells in the treatment of osteogenesis imperfecta

تحسينات في العلاج الطبيعي:

1- https://www.physio-pedia.com/Osteogenesis_Imperfecta

مراجع ومصادر:

تاي زاكس Tay-Sachs: العدو الصامت

في أعماق تفاصيل الوراثة البشرية تنبت قصصٌ حزينة، ترويها أمراض نادرة تتحدى فهمنا وتحرك مشاعرنا. تاي زاكس Tay-Sachs، هو جزء من هذا اللغز الوراثي، يعتبر تحدياً معقداً للعلم وللأسر التي تتأثر به. إنه اضطراب وراثي نادر يغوص في أعماق الجينات، يلتف حول الحمض النووي ليطلق على الحياة رحلة مليئة بالتحديات.

تاي زاكس، والذي يُلقب أحياناً بـ “العدو الصامت”، يتسلل إلى حياة الأطفال الصغار بصمت، يخفي وراء أضواء الجينات الشرارة التي تشعل ألسنة الأمل وتطفئها بسرعة. إنه مرض يأتي بعبء فقدان السمع، والرؤية، والقدرة على الحركة، محولاً حياة الأطفال البريئة إلى معركة شاقة يصعب على العائلات مواجهتها.

لكن بين تلك الظلال المظلمة، يتألق نور الأمل من خلال جهود العلماء والمنظمات الطبية التي تتصارع من أجل فهم هذا العدو الصامت ومحاربته. هذه هي قصة تاي زاكس، حيث تتشابك الجينات والأمل، وتندلع نيران البحث العلمي لإلقاء الضوء على هذا السر المعقد وراء الأمراض الوراثية.

حدوث وسبب المرض:

داي تاي-زاكس Tay-Sachs disease، ويُسمَّى أيضاً بالشُّحام السفينغولِي الطِّفلِي infantile sphingolipidosis، هو اضطرابٌ وراثي نادر، يُسبِّب ضرراً تدريجياً في الجهاز العصبي، وغالباً ما يُفضي إلى الموت.

وهو مرض وراثي نادر تسببه موروثة متنحية Autosomal Recessive في الكروموسوم 15 وتحديدًا في جين هيكسا HEXA gene، حيث تؤدي إلى نقص نشاط إنزيم هيكسورامينيديز (Hexooraminidase) ذو العلاقة بتكسير الجانجليوسايد (gangliosides) المهم في التواصل الخلوي وعدم تكسيره يقود إلى تراكمه بالخلايا العصبية والاضرار بها. [1]

الدماغ والنخاع الشوكي
الخلية العصبية

وراثة المرض:

كم ا ذكرنا سابقًا، فوراثة مرض تاي زاكس تتبع نمط وراثي معين يعرف بالوراثة المتنحية المتنحية السائدة. يعني ذلك أن الجين المسؤول عن المرض يوجد على الزوج الهجين (أو الزوج المختلط) في الحالة التي تؤدي إلى الإصابة بالمرض – أي كروموسوم 15.

أمراض أخرى متنحية: الفينيل كيتونوريا Phenlkenonuria

ولكي يُصاب الطفلُ بداء تاي-زاكس، لابدَّ أن يكون كلا والديه حاملاً لتلك الطفرة الوراثية Carri، وعندها يكون احتمالُ إصابة الطفل 25 في المائة (في كل حمل). [2][1]

الأعراض:

غالباً ما تبدأ أعراضُ المرض قبلَ أن يبلغ الطفلُ عمرَ ستَّة أشهر، حيث يتباطأ النمو لديه تدريجياً إلى أن يفقدَ قدرته على الحركة تماماً.

تشتمل الأعراضُ المبكِّرة للمرض على إجفال مفرط لدى الطفل عندَ سماع ضجيج مفاجئ، بالإضافة إلى ظهور نقاط أو بقع حمراء قُرب وسط العينين.

بعدَ ذلك، تظهر عندَ الطفل مشاكل أخرى، مثل الضعف العضلي وفقدان الرؤية وفقدان السمع والنوبات الصرعية.

ويموت مُعظمُ الأطفال المصابين بالحالة قبلَ بلوغهم عمر أربع سنوات. [1]

تنويه:

وهذا المرض يظهر لدى مجموعات عرقية أكثر من غيرها ومنهم

  • يهود الاشكيناز.
  • الكاجون: وهم جماعة عرقية تعيش في لويزيانا في الولايات المتحدة وهم ذوو أصول كندية – فرنسية.
  • فرنيسو كندا.
يهود الاشكيناز

التشخيص:

تفيد اختبارات ما قبل الولادة، مثل عينة الزغابات المشيمية (CVS)، وبزل السائل الأمنيوسي، في تشخيص مرض تاي ساكس. تُجرى هذه الاختبارات في حال كان أحد الزوجين حاملًا للمرض أو مشتبهًا بذلك.

تُجرى عينة الزغابات المشيمية بين الأسبوع العاشر، والثالث عشر من الحمل، وتتضمن أخذ عينة من خلايا المشيمة عبر المهبل أو البطن.

يُجرى بزل السائل السلوي Amniotic Fluid بين الأسبوع الخامس عشر والعشرين من الحمل، ويتضمن أخذ عينة من السائل المحيط بالجنين باستخدام إبرة عبر بطن المرأة الحامل.

وفي حال أظهر الطفل أعراض الإصابة بـِ تاي ساكس، فيجب على الطبيب أن يقوم بالفحص السريري، ويتحرى التاريخ العائلي.

يمكن بعد ذلك طلب فحص الدم، حيث يتحقق هذا اختبار من مستويات أحد الإنزيمات التي تسمى هيكسوسامينيداز hexosaminidase في دم الطفل. تكون المستويات منخفضة أو غير موجودة في داء تاي ساكس. [2][1]

علاج تاي زاكس:

لا يتوفَّر حتى الآن أيُّ علاج لداء تاي-زاكس، وتهدف الأدويةُ التي تُعطى للطفل إلى تسكين الأعراض قدر الإمكان.

وتتضمن المعالجة:

  •  مسكنات ألم
  •  الأدوية المضادة للصرع للتحكم بالاختلاجات
  •  علاج فيزيائي
  •  الدعم تغذوي
  •  علاج المشاكل التنفسية
  •  الدعم العاطفي للأسرة مهم أيضًا، فقد تساعد مجموعات الدعم على التأقلم. [1]

دراسات وأبحاث حول مرض تاي زاكس:

 العلاج ببدائل الإنزيم:

نظرًا لأن تاي زاكس ناتج عن نقص إنزيم «Hex-A» ، فيسعى هذا العلاج إلى استبداله. إنه خيار غير فعّال حتى اللحظة بسبب الاختلاطات الحاصلة.

 العلاج الداعم للإنزيم:

يستخدم هذا العلاج جزيئات تثبّت الإنزيم، وتزيد فعاليته. هناك حاجة لمزيد من البحث فيما يخص هذا العلاج.

 العلاج الجيني:

قد تؤدي إضافة معلومات جينية جديدة إلى الخلايا إلى تصحيح عيب الإنزيم المسبب لداء تاي ساكس. وقد وافقت إدارة الغذاء والدواء «FDA» مؤخرًا على التجارب السريرية لدراسة سلامة وفعالية العلاج الجيني. لم يُعرف للآن مدى أمان وفعالية هذا العلاج مع الوقت.

 زراعة الخلايا الجذعية:

يعتمد هذا العلاج على زرع خلايا نقي العظم لتوفير الإنزيم المفقود. لقد وجدت الدراسات فوائد على الحيوانات، ولكن هناك حاجة إلى مزيد من الاستقصاء بالنسبة للبشر. [4][3]

الوقاية من المرض:

نظرًا لأن تاي زاكس متوارث، فلا توجد طريقة لمنعه إلا بالتحري عنه قبل حدوثه؛ أي قبل تكوين أسرة، يجب على الوالدين إجراء اختبار جيني لمعرفة ما إذا كانا حاملين للمرض. هذا الأهم بالنسبة الأشخاص ذوي نسبة الخطورة العليا، مثل اليهود الأشكناز أو الذين لديهم تاريخ عائلي لمرض تاي ساكس. لذا عندما بدأ البحث عن حاملي تاي زاكس في السبعينيات، قلل ذلك عدد اليهود الأشكناز المولودين مع المرض في الولايات المتحدة، وكندا بأكثر من 90%. [1]

أمراض أخرى:

مرض التصلب الجانبي الضموري

مرض هنتغنتون

المراجع والمصادر:

1- medlineplus

2- OMIM

3- Frontiers

4- Nature

متلازمة تيرنر: فهم الوراثة والتأثير!

تُعدّ متلازمة تيرنر Turner Syndrome واحدة من الاضطرابات الجينية النادرة التي تؤثر على الإناث، وتتميز بوجود تواجد نقصي أو غياب تام لأحد الكروموسومات الجنسية X. يعاني الأفراد الذين يعانون من هذه المتلازمة من مجموعة من التحديات الصحية والاجتماعية. سنتناول في هذا المقال أسباب المتلازمة، أعراضها، التشخيص، وسبل العلاج وغيرها.

تعد متلازمة تيرنر اضطرابًا شائعًا نسبيًا، حيث يصيب حوالي 1 من كل 2500 إلى 3000 فتاة. وفي معظم الحالات، لا يتم تشخيص الإصابة بالمتلازمة حتى عمر المراهقة… [1] [2] 

أسباب متلازمة تيرنر:

تحدث متلازمة تيرنر نتيجة لنقص أو غياب إحدى كروموسومات X عند الإناث. يحدث هذا النقص عادة بصورة عشوائية أثناء تكوّن البويضة أو في الحياة الجنينية المبكرة. ويحدث ذلك نتيجةً لخلل في الحيوان المنوي للأب أو بويضة الأم مما يتسبب في احتواء جميع خلايا الجسم على نسخة واحدة فقط من الكروموسوم ذاته (النمط احادي الصباغ ).

وفي حالات معينة، يمكن أن تحدث نتيجة لاختلال عملية الانقسام الخلوي في المراحل المُبكرة من تطور الجنين مما يتسبب بتواجد خلايا احادية الصبغي ( X ) وأخرى تحمل نسختين منه (النمط الفسيفسائي).

إضافة إلى ذلك يعتقد بعض الباحثين أن بعض العوامل البيئية، مثل التعرض للإشعاع أو المواد الكيميائية، قد تزيد من خطر الإصابة بمتلازمة تيرنر. ومع ذلك، لا يوجد دليل علمي قوي يدعم هذه النظرية.

تشمل عوامل الخطر الأخرى المحتملة لمتلازمة تيرنر ما يلي:

  • عمر الأم: تزداد احتمالية إصابة الأطفال بمتلازمة تيرنر إذا كانت والدتهم أكبر من 35 عامًا عند الحمل.
  • الوزن عند الولادة: قد يكون الأطفال الذين يولدون بوزن أقل عرضة للإصابة بمتلازمة تيرنر.
  • مشاكل الحمل: قد تكون النساء اللائي يعانين من مشاكل الحمل، مثل الإجهاض المتكرر أو الولادة المبكرة، أكثر عرضة لأن يكون أطفالهن مصابون بمتلازمة تيرنر. [1] [2] 

أعراض متلازمة تيرنر:

  1. قصر القامة: ويعتبر واحد من أكثر العلامات البارزة لهذه المتلازمة. قد يتطلب العلاج بواسطة هرمون النمو.
  2. مشاكل القلب والأوعية الدموية: يزيد خطر حدوث مشاكل في القلب والأوعية الدموية، ويشمل ذلك التضيق التاجي والاضطرابات في هيكل القلب.
  3. مشاكل التكاثر:
    وذلك بسبب عدم انتظام الدورة الشهرية أو انقطاعها، وربما يحدث العقم في الحالات المستعصيّة… [1] [2]

التشخيص:

يتم تشخيص متلازمة تيرنر عادةً من خلال اختبارات الدم أو التصوير بالموجات فوق الصوتية.

اختبارات الدم

يتم إجراء اختبارات الدم الأكثر شيوعًا لتشخيص متلازمة تيرنر، والمعروفة باسم تحليل كروموسومات. يمكن إجراء هذا الاختبار في أي عمر، ولكنه يتم إجراؤه غالبًا عند الولادة أو أثناء الحمل.

يمكن استخدام تحليل كروموسومات لتحديد عدد الكروموسومات في الخلايا. عادةً ما يكون لدى الفتيات المصابات بمتلازمة تيرنر كروموسوم X واحد فقط في كل خلية. يمكن أن يكشف تحليل كروموسومات أيضًا عن أي مشاكل كروموسومية أخرى قد تكون مرتبطة بمتلازمة تيرنر.

التصوير بالموجات فوق الصوتية

يمكن استخدام التصوير بالموجات فوق الصوتية لتقييم أعضاء الجسم، مثل القلب والكلى. قد يكشف التصوير بالموجات فوق الصوتية عن بعض المشاكل الصحية المرتبطة بمتلازمة تيرنر، مثل عيوب القلب أو الكلى.

اختبارات أخرى

قد يلزم إجراء اختبارات أخرى لتقييم المشاكل الصحية المرتبطة بمتلازمة تيرنر، مثل مشاكل الغدة الدرقية أو مشاكل السمع.

الخطوات

فيما يلي الخطوات العامة لتشخيص متلازمة تيرنر:

  1. التاريخ الطبي والفحص البدني: سيسأل الطبيب عن تاريخك الطبي وسيقوم بفحص بدني للبحث عن أي علامات أو أعراض لمتلازمة تيرنر.
  2. اختبارات الدم: سيطلب الطبيب إجراء اختبارات دم لتحديد عدد الكروموسومات في الخلايا.
  3. التصوير بالموجات فوق الصوتية: قد يطلب الطبيب إجراء تصوير بالموجات فوق الصوتية لتقييم أعضاء الجسم، مثل القلب والكلى.
  4. اختبارات أخرى: قد يلزم إجراء اختبارات أخرى لتقييم المشاكل الصحية المرتبطة بمتلازمة تيرنر.

التشخيص المبكر

يساعد التشخيص المبكر للمرض في ضمان حصول الفتيات المصابات على الرعاية الطبية المناسبة في وقت مناسب. كما يمكن أن يساعد العلاج بالهرمونات البديلة في تحفيز النمو وتطور الفتاة الجنسية… [1] [2] 

سبل العلاج:

  1. العلاج بواسطة هرمون النمو: يمكن استخدام هرمون النمو لتحسين القامة لدى الأفراد المصابين.
  2. العلاج الهرموني: يمكن تقديم العلاج الهرموني لتعويض الهرمونات الناقصة، والتي قد تساهم في تحسين النمو وتطوير السمات الثانوية الجنسية (لاسيما هرمون الاستروجين)..
  3. الدعم النفسي والاجتماعي:
    يمكن أن يكون الدعم النفسي والاجتماعي حيويًا لتعزيز التكيف الاجتماعي والعاطفي للأفراد المصابين. [1][2] 

أمراض وراثية ذات صلة:

الأبحاث العلمية:

هناك العديد من الأبحاث العلمية الجارية حول هذه المتلازمة، والتي تركز على تطوير علاجات جديدة وفهم أفضل للاضطراب.

علاجات جديدة

أحد المجالات الرئيسية للبحث هو تطوير علاجات جديدة لمتلازمة تيرنر. تركز بعض الأبحاث على استخدام العلاج الجيني لإضافة كروموسوم X إضافي إلى خلايا الفتيات المصابات. تركز أبحاث أخرى على استخدام العلاجات الهرمونية لتحفيز النمو والتطور الجنسي لدى الفتيات المصابات.  [3]

فهم أفضل للاضطراب

تركز الأبحاث الأخرى على فهم أفضل للمتلازمة. حيث يحاول الباحثون تحديد العوامل التي تساهم في تطور الاضطراب وتحديد كيفية تأثيره على نمو وتطور الفتيات المصابات. [4]

التوقعات

يبدو أن الأبحاث الجارية حول المتلازمة واعدة. من المرجح أن تؤدي هذه الأبحاث إلى تطوير علاجات جديدة وفهم أفضل للاضطراب، مما سيحسن حياة الفتيات المصابات بها.

في النهاية، فإن فهم هذا المرض يساعد في توفير الرعاية الفعّالة للأفراد المتأثرين. يتطلب ذلك طرقًا حديثة تساعد في التشخيص المبكر والإدارة الشاملة، وهذا يحتاج إلى تظافر الجهود والتعاون بين الأطباء والمتخصصين في الرعاية الصحية والعائلات.

ولا ننسى أن توفير الدعم والفهم للأفراد الذين يعانون منها يلعب دورًا حاسمًا في تعزيز جودة حياتهم وتحسين فرص تحقيقهم الكامل في مختلف جوانب الحياة.

المراجع:

[1] NCBI

[2] medlinePlus

[3] elesvier

[4]  pubmed

متلازمة مارفان: فهم متعمق لاضطراب وراثي نادر

تُعدّ «متلازمة مارفان – Marfan Syndrome» واحدة من الأمراض الوراثية النادرة والتي تؤثر على الأنسجة الضامة في الجسم. اكتشفت هذه الحالة لأول مرة في عام 1896 من قبل الطبيب الفرنسي أنطوان مارفان، الذي وصف الخصائص الرئيسية للمرض. يعتبر هذا الاضطراب سائدًا وراثيًا، ويؤثر على الأماكن التي تتكون فيها الأنسجة الضامة، مثل الأوعية الدموية والعظام والعيون والقلب.

تصيب متلازمة مارفان حوالي 1 من كل 5000 شخص في جميع أنحاء العالم. كما تصيب متلازمة مارفان الرجال والنساء بالتساوي.

الأسباب ووراثة متلازمة مارفان

تتسبب متلازمة مارفان في تحطيم أو تلف بروتين الفايبريلين fibrillin الذي يدعم الأنسجة الضامة في الجسم (طفرة جينية في الجين «FBN1» الموجود على الكروموسوم رقم 15). الوراثة السائدة هي السبب الرئيسي للإصابة بالمتلازمة (مرض وراثي صِبْغي جسدي سائد)، حيث يكون الشخص المصاب قد ورث نسخة معينة من الجين المسؤول عن إنتاج بروتين الفايبريلين من أحد الوالدين. [1][2]

فالأشخاص الذين يعانون من المتلازمة لديهم فرصة بنسبة 50% لتمرير الاضطراب إلى كل طفل من أطفالهم.

وراثة متلازمة مارفان

العلامات والأعراض

تتنوع العلامات والأعراض التي قد يظهرها الأفراد المصابون بمتلازمة مارفان، وتشمل ذلك:

  1. الطول الشاذ: فقدان توازن في نسبة الطول بين الأطراف العلوية والسفلية.
  2. الوجه الطويل والضيق: ملامح الوجه تكون مميزة، مع عيون واسعة.
  3. تمدد الأوعية الدموية: يمكن أن يؤدي تأثير المتلازمة على الأوعية الدموية إلى تمدد في الشريانين والوريدين.
  4. مشاكل في القلب: يعاني الأفراد المصابون بالمتلازمة من مشاكل في الصمامات القلبية والشرايين. [2][3]

مضاعفات متلازمة مارفان

  • مضاعفات القلب والأوعية الدموية و تشوهات في الصمامات. 
  • فشل عضلة القلب.
  • حدوث أم الدم الأبهرية و تسلخ الأبهر.
  • الإصابة بأمراض العين وإختلال المقدره البصرية لدى المصاب.
  • من الممكن أن تسبب المتلازمة صعوبات في التنفس، إما من خلل النسيج الضام أو من تشوهات جدار الصدر.
  • توقف التنفس أثناء النوم.
  • مضاعفات الحمل التي قد تهدد حياة الجنين. [3]

التشخيص والعلاج

تتضمن عمليات التشخيص فحصًا جسديًا وتقييمًا للتاريخ الطبي واختبارات صورية مثل التصوير بالرنين المغناطيسي للقلب. من الناحية العلاجية، يركز الأطباء على التحكم في الأعراض ومنع مضاعفات المرض، وقد يتطلب ذلك استخدام أدوية تؤثر على ضغط الدم وعمل القلب. [3] إضافة إلى الفحوصات الجينية وخاصة جين الفايبروجين.

البحث العلمي

يركز البحث العلمي الحالي [4] على تطوير علاجات جديدة لمتلازمة مارفان، بما في ذلك:

  • أدوية لتعزيز قوة النسيج الضام
  • علاجات جينية لإصلاح الطفرات الجينية المسؤولة عن المتلازمة

بعض الأمثلة على الأبحاث العلمية الأخيرة المتعلقة بمتلازمة مارفان:

  • في دراسة نُشرت في مجلة Nature Communications في عام 2023، اكتشف الباحثون طريقة جديدة لتعزيز قوة النسيج الضام في الفئران المصابة بالمتلازمة.
  • في دراسة نُشرت في مجلة Nature Medicine في عام 2022، طور الباحثون علاجًا جينيًا ناجحًا في الفئران المصابة بالمتلازمة.

هذه الأبحاث تبشر بمستقبل أفضل للأشخاص المصابين بمتلازمة مارفان، حيث يمكن أن تؤدي إلى تطوير علاجات جديدة تمنع تطور المضاعفات الخطيرة لهذه الحالة.

التحديات والرعاية

تواجه الأفراد المصابون بمتلازمة مارفان تحديات عديدة، بما في ذلك الاحتياج المستمر للمتابعة الطبية والفحص الدوري لتقييم صحة القلب والأوعية الدموية. يتطلب الأمر أيضًا دعمًا نفسيًا للتعامل مع التأثيرات النفسية والاجتماعية للحالة. وتظل تلك المتلازمة تحديًا طبيًا ووراثيًا، ومع ذلك، يساهم الفهم المتزايد لهذا المرض في تطوير استراتيجيات علاجية أفضل وتحسين جودة حياة الأفراد المصابين به.

المصادر والمراجع:

1- NIH
2- MEDLINE PLUS
3- OMIM
4- NATURE

متلازمة داون أو متلازمة الحب والسعادة!

أقرّت الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 2012 مذكرة تقضي بإحياء يوم عالمي لمتلازمة داون (أو متلازمة الحب) وذلك في الحادي والعشرين من مارس في كل عام. وقد كان الهدف الأساسي من هذه الذكرى هو لتركيز الجهود الهادفة لتحسين نوعية حياة تلك الفئة من ذوي الاحتياجات الخاصة، وتقديم الدعم الكافي لهم من تعليم وعمل ورعاية طبية، وتوجيه الوعي العام عليهم ورفع التوعية المجتمعية بهم.

ولاختيار اليوم (21) دلالة خاصة، ألا وهي اشارةً لامتلاك مرضى متلازمة داون نسخة زائدة من الصبغي/ الكروموسوم رقم 21 في الجينوم الخاص بهم.

فما هي سمات متلازمة داون أو متلازمة الحب؟ وما هي أسبابها وعواضها؟

تسميتها

سُمّيت متلازمة داون بهذا الاسم نسبةً إلى الطبيب البريطاني جون لانغدون داون الذي كان أول من وصف سمات هذه المتلازمة. علمًا أنه أطلق عليها اسم “المنغولية” أو “البلاهة المنغولية” في البداية تشبيهًا بالعرق المنغولي (شكل العينين)، ليتم تغيير التسمية فيما بعد.

كما يُحب أن يسمّيها البعض بمتلازمة الحب أو السعادة، في إشارة للحالة العاطفية السعيدة المحببة التي  يتمتعون بها.

إضافة إلى تسمية الـ “التثالث الصبغي 21” أو “Trisomy 21” 

[1]

تعريفها وأسبابها

متلازمة داون هي اضطراب جيني أو كروموسومي ناتج عن وجود كروموسوم إضافي كامل أو جزئي، يسمى الكروموسوم 21 الإضافي. ويعتبر هذا الاضافي الجيني هو السبب الرئيسي لحدوثها.

 يحدث ذلك عندما يحدث خلل في عملية تقسيم الخلايا، بحيث يتشكل كروموسوم إضافي غير مقترن في الخلية الجنينية المخصبة في المرأة قبل الحمل. وعندما يتم الانخراط في الحمل، ينتقل هذا الكروموسوم الإضافي إلى كل خلية في جسم الجنين ويؤدي إلى التغييرات الجسمانية والعقلية المتعلقة بهذه المتلازمة.

عادة ما يكون عدد الكروموسومات لدى الإنسان 46 كروموسومًا، 23 منها يأتي من الأب و23 من الأم. وتنقسم هذه الكروموسومات إلى زوجين من الكروموسومات الجنسية (X و Y) و 22 زوجًا من الكروموسومات اللاجنسية المعروفة باسم الكروموسومات الأوتوزومية.

عند الأشخاص الذين يعانون من المتلازمة، يكون هناك زوج إضافي من الكروموسوم 21، مما يؤدي إلى وجود 47 كروموسومًا بدلاً من 46 كما هو الحال في الأشخاص الأصحاء. [2]

الكاريوتايب أو النمط النووي لمتلازمة داون

العوارض

تتفاوت العوارض التي يعاني منها الأشخاص الذين يعانون من متلازمة الحب، ويختلف شدتها من شخص لآخر. ومع ذلك، فإن بعض العوارض الشائعة لمرضى متلازمة داون تشمل:

  • تأخر النمو الجسدي والذهني.
  • مظهر جسدي مميز، مثل عيون بارزة ووجه مستدير ورقبة قصيرة.
  • مشاكل صحية، مثل ضعف العضلات وضعف الإبصار والسمع ومشاكل القلب والأمعاء والغدد الصماء والجهاز العصبي المركزي. تأخر في التحدث والتواصل اللفظي.
  • صعوبة في التعلم والاحتفاظ بالمعلومات وتذكرها.

 علاوة على ذلك، قد يواجه الأشخاص بعض الصعوبات الاجتماعية والعاطفية، مما يتطلب دعمًا إضافيًا وتعاطفًا من المجتمع والعائلة. ومع ذلك، فإن مرضى المتلازمة يمكنهم العيش حياة طويلة وسعيدة، ويمكن أن يحققوا إنجازات كبيرة في العديد من المجالات.  [2]

عوامل الخطر

يعتبر العامل العمري هو العامل الأكثر شيوعًا لحدوث المتلازمة. فكلما زاد عمر الأم، كلما زادت فرص أو احتمالية حدوثها في طفلها، وذلك لأن الخلايا المسؤولة عن إنتاج البويضات تتعرض لتلف مع الزمن، مما يزيد من احتمالية حدوث خلل في الكروموسومات.

وتشير الدراسات إلى أن النساء اللواتي يلدن طفلاً بمتلازمة داون في الأعمار الشابة (أقل من 35 عامًا) يكون لديهن خطر أقل لحدوثها في الحملات اللاحقة، مقارنة بالنساء اللواتي يلدن في سن الأربعينيات أو ما بعدها.

 تجدر الإشارة إلى أن معظم الأطفال الذين يولدون من أمهات أكبر سنًا لا يعانون من متلازمة داون، وهذا يشير إلى أن العمر الأم يعتبر عامل خطر لحدوث المتلازمة فقط وليس سببًا مباشرًا. [3]

انتشار المتلازمة حول العالم

تعتبر متلازمة داون واحدة من أكثر الاضطرابات الجينية شيوعًا في جميع أنحاء العالم، وتؤثر على حوالي 1 من كل 700-1000 مولودًا حول العالم.

وتختلف معدلات الانتشار من بلد إلى آخر، حيث يوجد بعض البلدان التي تشهد معدلات أعلى من الانتشار من غيرها. على سبيل المثال، يتم تشخيص حوالي 6000 حالة جديدة من المتلازمة في الولايات المتحدة الأمريكية كل عام، ويعتبر هذا الرقم أعلى بكثير من البلدان الأخرى.

وفي بعض البلدان، توجد معدلات أعلى بسبب زيادة متوسط العمر الأمومي والأبوي وتحسين رعاية الصحة الجنينية وتحسين الإدارة الصحية في العام.

وعلى الرغم من أن الانتشار يختلف من بلد إلى آخر، إلا أنها تظل تحديًا عالميًا يواجهه المجتمع الطبي والعائلات والحة العامة عمومًا. [3]

تشخيصها

يتم التشخيص عادةً بعد الولادة، حيث يتم فحص المولود وإجراء اختبارات إكلينيكيّة لتحديد ما إذا كان يعاني من متلازمة داون أم لا.

ويتم ذلك عن طريق الكشف عن علامات الاضطراب الشائعة المرتبطة بالحالة، مثل:

  • عيون صغيرة ومقعرة.
  • وجه مستدير وصغير الحجم.
  • عنق قصير وعريض.
  • تأخر في النمو والتطور العقلي.
  • وجود شق بين الشفتين العلوية واللثة (شق الشفة الأرنبية).
  • وجود تشوهات قلبية في بعض الحالات.

يتم أيضًا إجراء اختبار الكروموسومات لتحديد عدد الكروموسومات في الخلايا الجنينية، ويتم فحص هذه العينة باستخدام تقنيات مختلفة مثل الامتزاز الجزيئي للحمض النووي (PCR) أو فحص كشف الهيبريدة الجزيئية (FISH) أو فحص التسلسل الجيني الكامل (WGS).

 يمكن أيضًا إجراء فحص الدم لقياس مستويات البروتينات والمواد الكيميائية الأخرى في الدم. تجدر الإشارة إلى أنه في بعض الأحيان، قد لا يتم تشخيص متلازمة داون إلا بعد فترة من الوقت بسبب عدم وجود أعراض واضحة في المولود، وبعض الحالات يمكن أن يتم تشخيصها في وقت لاحق من الحياة. [4]

العلاج

في الطبع لا يوجد علاج شامل وكامل، ولكن يتم علاج الأعراض والمضاعفات المرتبطة بها.

ويشمل العلاج:

  1. التدخل التربوي: يتم توفير الدعم التربوي والتعليمي المناسب للأشخاص المصابين بمتلازمة داون لمساعدتهم على تحسين قدراتهم والتكيف مع المجتمع.
  2. العلاج النفسي: يمكن أن يكون العلاج النفسي مفيدًا للأشخاص المصابين، حيث يمكن أن يساعد على التغلب على المشاعر السلبية وتحسين الصحة النفسية.
  3. العلاج الطبيعي والتخفيف من الضغط: حيث يمكن تحسين الصحة العامة للمرضى عن طريق ممارسة النشاط البدني المنتظم والتغذية الصحية والحفاظ على وزن صحي.
  4. العلاج الدوائي: يتم استخدام الأدوية لعلاج الأمراض المصاحبة للمتلازمة، مثل مشاكل الغدة الدرقية، وضغط الدم العالي، والاضطرابات النفسية.
  5. الجراحة: يتم اللجوء إلى الجراحة في بعض الحالات الخطيرة، مثل تصحيح تشوهات القلب.

إن توفير الدعم والرعاية الجيدة لمرضى المتلازمة يمكن أن تحسن نوعية حياتهم وتساعدهم على العيش بشكل طبيعي في المجتمع. [4]

في النهاية، وفي سياق الحديث عن فئة تشكل نسبة مرتفعة نسبيًا من ذوي من الاحتياجات الخاصة، لا سيّما في البلدان العربية، أضحى من الضروري تركيز جهود المؤسسات الصحية والطبية والإعلامية لدعم وتسليط الضوء على توفير الخدمات اللازمة لكافة لتلك الفئات، إضافة إلى العمل على إحداث توعية مجتمعية من شأنها أن تدرك الخطأ والصواب حول الأمراض عمومًا، والوراثية منها على وجه الخصوص…

المصادر:

  1. CAGS
  2. OMIM
  3. Altibbi
  4. Mayoclinic

تعرف أيضًا على مرض فينيل كيتونوريا عبر هذا الرابط هنا

العنف وجين المحارب The Warrior Gene، علاقة الجينات بالسلوكيات العنيفة؟

على مدى عقود يدرس العلماء ارتباط الجينات بالسلوكيات المختلفة. ولا يزال هناك عديد من التساؤلات حول ارتباط الجينات بهذه السلوكيات وحول تأثير البيئة والظروف المختلفة التي يتعرض لها الفرد على تحفيز هذه الجينات ليظهر السلوك. فكما ذكرنا مسبقاً في حديثنا عن الجينات الأنانية وكيف يفسر بعض العلماء سلوكيات مثل التضحية والإيثار في ضؤئها. فإن جين المحارب والجينات المماثلة له يُرجح العلماء أن تكون شديدة الارتباط بسلوك العنف لدى كثير من البشر.

جين المحارب

تلعب السيالات العصبية على سبيل المثال: الدوبامين والسيروتونين والنورأدرينالين دوراً محورياًً في التأثير على الحالة المزاجية للإنسان وقدرته على التعلم والتذكر ومشاعره تجاه من حوله.
يتم التحكم في مستويات هذه السيالات العصبية عن طريق إنزيم أوكسيداز أُحادي الأمين-أ (ماو-أ) Monoamine oxidase-A (MAO) والذي يقوم بتكسير هذه السيالات عند زيادتها عن الحد المعتدل. ويعتبر جين ماو-أ هو الجين الأساسي المسئول عن وظيفة إنزيم ماو-أ. ويقع هذا الجين على الكروموسوم الأنثوي إكس X Chromosome. ولكن تحوراً من هذا الجين يكون منخفض النشاط. من ثم لا ينتج الإنزيم بكميات كافية. وقد لوحظ أن حمل هذه النسخة منخفضة النشاط مرتبط بزيادة احتمال العنف او الجرأة على المخاطرة. يشار إلى هذا الجين المتحور بجين المحارب. [2]

إنزيم ماو-أ ينظم مستويات السيالات العصبية في الجسم. [3]
يشار إلى تحور جين ماو-أ ذو النشاط المنخفض بجين المحارب. [4]

الرابط بين العنف وجين المحارب في الدراسات العلمية

ارتباط جين المحارب ومستويات انزيم ماو-أ المنخفضة بالسلوك العنيف في البشر

في عام 1990 ميلادية ربطت دراسة بين قلة مستويات إنزيم ماو-أ والقيام بسلوكيات مضادة للمجتمع. خصوصاً لدى الأشخاص الذين تعرضوا لضغوطات وظروف صعبة في طفولتهم. [2] بينما في عام 1993 قام باحثون بتتبع جين المحارب في عائلة هولندية مشهورة بأفراد ذوي سلوك عدواني وتأخر في القدرات العقلية. وقد لاحظوا انتشار الجين بين ذكور العائلة. ومن هذه الدراسة تم اكتشاف أن هذا التحور من جين المحارب مسئول عن السلوك العنيف لدى المصابي بمتلازمة برونر Brunner Syndrome.
[5]

كذلك أُجريت في 2008 دراسة في الولايات المتحدة على أطفال في سن من 7 وحتى 12 سنة. وقد وجدت هذه الدراسة أن الأطفال الذين يمتلكون نسخة من جين ماو-أ ينتج عنها قلة إنتاج الإنزيم يكونون أكثر عدائية وعنف من أقرانهم الذين يمتلكون نسخة نتنج الإنزيم بكميات كافية. لكن ذلك يرتبط بأن يكون الطفل تعرض لظروف معيشية صعبة. تشمل على سبيل المثال: المشاكل الأسرية، قلة الأصدقاء بالمدرسة والرسوب في الامتحانات. [2]

لاحظت بعض الدراسات انتشار جين المحارب لدى الأطفال العدوانيين. [6]

بدا من دراسة أجراها باحثون على مجرمين في فنلندا وجود علاقة بين جين المحارب وارتكاب جرائم القتل. كما لاحظوا أن احتمال ارتكاب تلك الجرائم عند هؤلاء الأشخاص يزداد عندما يتعاطوا مواد مثل الكحول والأمفيتامينات. حيث تتسبب تلك المواد في زيادة الدوبامين ومن ثم يؤدي وجود جين المحارب إلى ضعف قدرة الجسم على تكسيره. لذلك ربما يكون ذلك سبب زيادة احتمالية ارتكاب هؤلاء الأشخاص تلك الجرائم. كما تمكنوا من اكتشاف جين آخر يرتبط بالعنف هو سي دي إتش 13 CDH13.
[7]

يبدو أن جين المحارب منتشراً بين المجرمين الخطرين. [8]

التجارب على الفئران تعضد الربط بين جين المحارب والعنف

كذلك فإن الدراسات المجراة على الفئران والتي تم تعديلها جينياً بحيث تم تعطيل جين ماو-أ بها كانت عدائية وغير اجتماعية. بينما أظهرت الفئران التي تم تعطيل الجين فيها جزئياً نشاطاً اجتماعياً أقل وإن كانت لم تظهر سلوكاً عنيفاً متزايداً كما في حالة التعطيل الكلي للجين. [5]

يؤدي غياب وظيفة ماو-أ إلى سلوكيات عدوانية في فئران التجارب. [9]

تأثير جين المحارب يظهر في تصويرالمخ بالأشعة

على صعيد آخر وجدت دراسة أن تأثير امتلاك نسخة من جين المحارب تظهر جلية على تركيب المخ. حيث أن الترابط بين المناطق المسئولة عن التحكم بالعواطف أظهر نمطاً مختلفاً عن الطبيعي. [5]

هل جين المحارب مسئول وحده عن العنف؟

تميل معظم الأبحاث المنشورة في هذا المجال إلى أن كون الشخص يحمل جين المحارب لا يكفي لكوّن الشخص سلوكاً معادياً للمجتمع وعنيفاً. وإنما ترى أنه ينبغي أن يصاحب ذلك تأثير من البيئة المحيطة. حيث وجدت دراسة أن احتمال تكوين شخصية عنيفة يزداد في حال تعرض الأطفال الذكور الحاملين لجين المحارب في طفولتهم لمعاملة أو ظروف سيئة. [10]

تميل العديد من الدراسات إلى أن الظروف التي ينشأ فيها الفرد قد تبرز أثر جين المحارب ومن ثم لا ترى ان حمله كافٍ وحده لتوليد سلوك عنيف. [11]

جينات أخرى مرتبطة بالعنف

في حقيقة الأمر تم رصد أكثر من جين يزيد حمل أشكال متحورة منها احتمالية تكوين شخصية عدائية وعنيفة. على سبيل المثال:

  1. جين دات1 DAT1 gene:
    هذا الجين مسئول عن تكوين ناقل للدوبامين يقوم بتعطيله ومن ثم السيطرة على كمياته وتأثيراته حتى لا تزيد عن الحد. [2]
  2. جين دي آر دي2 DRD2 gene:
    هذا الجين مسئول عن تكوين المستقبلات التي يرتبط بها الدوبامين. من ثم تساهم في تحفيز مركز المكافآت بالمخ. وقد وجد العلماء أن بعض تحورات هذا الجين قد تتسبب في زياة احتمالية تكوين شخصية عدوانية. ليس هذا فحسب، بل وجدوا أيضا أنها قد تزيد من احتمالية أن يكون الشخص مدمناً. [2، 12]
  3. جين مستقبل الأندروجن Androgen receptor gene:
    وجد العلماء تحورات لهذا الجين تتسبب في زيادة احتمالية أن يكون الشخص عنيفاً. [2]

ايجابيات دراسة جين المحارب وغيره من الجينات المرتبطة بالسلوك العنيف

  1. زيادة فهمنا لتأثير البيئة والظروف والتنشئة على تطور السلوك العنيف لدى حاملي هذه الجينات.
  2. تطوير أدوات فحص جينية قد تساعدنا في تشخيص الحالات التي تحمل الجينات المسئولة عن العنف.
  3. تطوير علاجات تساعد من يحملون تلك الجينات على السيطرة على السوك العنيف وتحسين قدراتهم الاجتماعية. [5]

تبعات اجتماعية لربط جين المحارب بالعنف

التأثير على أحكام القضاء

يرى البعض أن هذا الربط قد يستخدم كذريعة لتخفيف الأحكام على المجرمين. أو زيادة فترة حجزهم لتقليل خطرهم. حيث أجرى باحثون دراسة على 181 قاضٍ بالولايات المتحدة. عرضوا فيها على القضاة قضايا مختلفة تم فيها تقديم طلب بتخفيف الحكم على المجرم بحجة أنه يحمل جين المحارب. وكانت النتيجة أنه بشكل عام أدى عرض الدليل البيولوجي بالقضاة إلى تخفيف العقوبة. [13]

يخشى كثيرون من أن يستخدم جين المحارب كذريعة أمام القضاء للنجاة من العقاب. [14]

ربما بدت لك عزيزي القاريء تلك المخاوف نظرية. لذلك دعني أحدثك عن قصة فتاة إيطالية قامت بقتل أختها وحرق جثتها. ثم حاولت قتل والديها. وفي المحكمة طالب الدفاع من القاضي فحصها نفسياً. لكن الفحص النفسي أتى بنتائج متعارضة. من ثم طالب الدفاع بفحصها جينياً وبإجراء أشعة على المخ. وبالفعل تبين أنها حاملة لجينات تزيد احتمال تكوين سلوك عنيف. كما بينت الأشعة انها تعاني من خلل في بعض مناطق التحكم بالمشاعر. ونتيجة لذلك تم تخفيض عقوبتها من المؤبد إلى 20 عاماً. [15]

وهذه ليست الحالة الوحيدة. ففي خمس سنوات فقط كان هنا 20 حالة مماثلة. ويعترض بعض العلماء على استخدام مثل تلك االفحوصات كأداة للتبرير للمجرمين كون الأمر لا تحكمه الجينات وحدها. كذلك فإن مستويات الجين المحارب في جزء من الدماغ لا تستطيع أن تعبر عن كل أجزاء الدماغ. [17]

القلق من قبول الحتمية الجينية

بالإضافة لذلك يخشى البعض من التمييز بين البشر على أساس جيني. لكن أشد هذه المخاوف وأكثرها عمقاً هو خشية البعض من أن يؤدي ذلك إلى تقبُل فكرة الحتمية الجينية. [17]

لربما تثير تلك النتائج التي تربط بين السلوكيات والجينات في أنفسنا قلقاً حول إرادتنا الحرة وحرية الاختيار. لكننا ندعوك إلى عدم التسرع عزيزي القاريء. فمثل تلك النتائج لا تقطع بالحتمية الجينية أو بمعنى آخر لا تعني أننا أسرى لجيناتنا التي ورثناها دون اختيار. فحتى يومنا هذا يعتقد أغلب العلماء أنه من المبكر استخدام تلك النتائج في القطع بالحتمية الجينية. خصوصاً وانه كما ذكرنا سابقاً لا تزال الدراسات غير كافية والأمر معقد ومتداخل. ففي كثير من الأحيان يلعب أكثر من جين دوراً في الصفة الواحدة. كذلك التجارب التي نتعرض لها والبيئة التي ننشأ فيها وعادات جديدة نضيفها لجدولنا بل حتى الطعام الذي نتناوله قد يؤثروا في آلية عمل جيناتنا.

كما أن كثير من البشر استطاعوا التغيير في حالتهم المزاجية والجسدية وسلوكياتهم عن طريق إدخال تغييرات بسيطة تدرجية على نمط حياتهم كما ذكرنا في التغذية الجينومية في مقال القرصنة البيولوجية. ولربما شاهدت عزيزي القاريء بعض هؤلاء المحاربين الذين تمكنوا من خسارة وزنهم وانتصروا على استعدادهم الجيني للسمنة. ولذلك يميل عدد كبير من العلماء إلى الاعتقاد بحرية الإرادة وأن الإنسان قادر نسبياً على التحرر من قيود تركته الجينية.

المصادر:

  1. مصدر الصورة البارزة:
    Chasing the ‘warrior gene’ and why it looks like a dud so far – Genetic Literacy Project
  2. The genetics of violent behavior (jax.org)
  3. Schematic diagram of major routes of inactivation of the monoamine… | Download Scientific Diagram (researchgate.net)
  4. Japanese Samurai Warrior PNG Free Image | PNG All
  5. From warrior genes to translational solutions: novel insights into monoamine oxidases (MAOs) and aggression (nih.gov)
  6. Supporting a child with aggressive or difficult behaviour – Barefoot Social Work (weebly.com)
  7. Genetic background of extreme violent behavior | Molecular Psychiatry (nature.com)
  8. Silhouette Aggressive Criminal Attacking with Knife Dangerous Man Using Weapon by stockbusters (videohive.net)
  9. Drug calms violent rats | Nature
  10. MAOA, Childhood Maltreatment, and Antisocial Behavior: Meta-analysis of a Gene-Environment Interaction – Biological Psychiatry (biologicalpsychiatryjournal.com)
  11. Child abuse in Hong Kong escalating as pandemic sees children and stressed parents spending more time at home, expert says | South China Morning Post (scmp.com)
  12. The DRD2 gene in psychiatric and neurological disorders and its phenotypes – PubMed (nih.gov)
  13. The Double-Edged Sword: Does Biomechanism Increase or Decrease Judges’ Sentencing of Psychopaths? (science.org)
  14. Criminal Waiting For Courts Ruling Stock Photo – Download Image Now – iStock (istockphoto.com)
  15. Italian court reduces murder sentence based on neuroimaging data : News blog (nature.com)
  16. Stefania Albertani folle? Battaglia in aula – Homepage, Cirimido (laprovinciadicomo.it)
  17. Lighter sentence for murderer with ‘bad genes’ | Nature

علم الوراثة الدوائي

علم الوراثة الدوائي
في غرفة عمليات أحد المشافي يستعيد المريض وعيه بشكل طبيعي بعد زوال تأثير مخدر الهالوتان الذي دام بضع ساعات بعد إتمام العملية الجراحية بنجاح وبدون مضاعفات تُذكر، وبالمقابل وفي حالة أخرى في مشفى آخر بعد إعطاء المريض جرعة مماثلة من المادة المخدرة نفسها تطورت لديه حمى شديدة وتقلص عضلي شديد لينتهي بانحلال سريع للعضلات وموت المريض بعد فشل الأطباء في إنقاذه، وهنا لا بُدّ أن نتساءل لماذا قد اختلفت استجابة المريضين للدواء المخدر نفسه؟ وهل نحن أمام حالة فردية تخص الهالوثان أم أننا سنجد هذا التباين بالاستجابة باستخدام أدوية أخرى؟ (1)
للإجابة عن هذه الأسئلة سنتناول في هذا المقال «علم الوراثة الدوائي-pharmacogenetics»

علم الوراثة الدوائي


يُعنى علم الوراثة الصيدلي بدراسة الاختلاقات الكثيرة في استجابة المرضى للأدوية، وذلك بسبب التنوع الكبير للأنماط الجينية بين الأفراد،وبالتالي يساعد هذا العلم الأطباء على صياغة وصفات طبية أكثر ملاءمة للمرضى من حيث النوع والكمية.(2)

هناك ثلاثة آليات تؤثر في الفعالية العلاجية للدواء وهي:استقلاب الدواء ونقل الدواء ومستقبل الدواء
ويمكن للبروتينات المسؤولة عن الآليات الثلاث أن تختلف بالتركيز والفعالية بين الأعراق المختلفة بشكل عام وبين الأفراد بشكل خاص فالجينات المسؤولة عن إنتاج هذه البروتينات معرضة للكثير من الحوادث الطفرية أثناء انتقالها من جيل لآخر فيمكن لتغير أساس نكليوتيدي واحد(الوحدة الأساسية لبناء الجين) لأحد الجينات أن يحدث تغيرًا واضحًا في تأثير البروتين المنتج وكمثال على هذه الحالة يمكننا العودة إلى مقدمة هذه المقال فتلك الاستجابة الشديدة للهالوتان المخدر سببها تغير نكليوتيد واحد فقط في جين (RYR1) المسؤول عن إنتاج بروتين مستقبل الريانودين للعضلات الهيكلية وتسمى هذه الحالة بمتلازمة
«فرط الحرارة الخبيث -malignant hyperthermia» التي تصبح مميتة إذا لم يتوفر التدخل الطبي السريع والفعّال. (3)
وفي حالات أخرى قد يُحذف الجين بالكامل، وكمثال على ذلك فإنّ 10% من القوقازيين يفقدون إحدى نسختي جين (TBMT) المسؤول عن إنتاج إنزيم يستقلب ويزيل سميّة أدوية «الثيوبورينات-Thiopurines» وبالتالي تنخفض كمية هذا الإنزيم إلى النصف من الحالة الطبيعية وبذلك تصبح أجسامهم غير قادرة على تحمل الجرعات الاعتيادية من هذه الأدوية المستخدمة في العلاج الكيميائي لمرضى سرطان الدم،لذلك يوصي العلماء بإجراء اختبار كشف خلل الاستقلاب لتحديد الجرعة الدوائية الأمثل لجسم المريض. (4)
وبحالة معاكسة تمامًا قد يتضاعف الجين المسؤول عن إنتاج إنزيم (CYP2D6) المسؤول عن استقلاب طيف واسع من الأدوية، وكنتيجة لذلك تزداد سرعةالاستقلاب وفعاليته في أجسام المرضى حاملي هذا التغاير الجيني ، وهنا لابدّ أن نذكر أن هذه الحالة ما زالت مبهمةً إلى حد ما، فإلى الآن لا توجد دراسة منهجية تشرح هذه الحالة بشكل كامل على أمل أن يجد علماء الوراثة الدوائية تفسير هذه الظاهرة في أقرب وقت. (5)

انحصر تركيزنا في الأمثلة السابقة على التغيرات التي تطال جينًا واحدًا فقط إلا أنّ معظم الاستجابات الدوائية تنتج عن عن صفات بالغة في التعقيد والتداخل، وتتأثر الاستجابة بالعوامل البيئية المحيطة بما في ذلك بالأدوية الأخرى المعطاة بشكل متزامن وهذا ما يتطلب دراسات على مستوى الجينوم بأكمله في فرع علمي يسمى ب
«علم الوراثة الجينومي الدوائي-pharmacogenomics»

الطب الشخصي


يمكننا أن نعتبر «الطب الشخصي-personalized medicine» التطبيق العملي لاكتشافات علماء الوارثة الدوائية فهو يسعى لتحقيق التشخيص الأمثل وتقديم الدواء الأمثل بالجرعة والوقت المثاليين، وذلك بناء على الخارطة الجينومية لكل مريض على حدى، ولكننا في الحقيقة ما زلنا بعيدين عن تحقيق هذه الغاية فهناك عديد من العقبات التي تعوق التقدم في الطب الشخصي من بينها الكلفة العالية لسلسلة الجينوم لجميع المرضى إضافة إلى صعوبة تفسير التحاليل الجينية ومقارنتها فالجينوم البشري مكون من أكثر من ثلاثة مليارات نكليوتيد.(2)

يطمح علماء الوراثة الدوائية بمستقبل يكون فيه العلاج الشخصي أمرًا اعتياديًا ويتطلب إجراءات روتينية بسيطة، ولكن إلى ذلك الحين لا بُدّ من العمل على حل المشكلات القائمة في هذا المجال واستثمار مزيد من الجهود والموارد لتطوير التقنيات المساعدة، ولكن من يدري قد نشهد في حياتنا مرحلة تصبح فيها شيفرتنا الجينية جزءًا أساسيًا من بطاقة هويتنا الشخصية.

المصادر:
https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC1867813/ (1)
https://www.nature.com/articles/6500338 (2)
https://scholar.google.com/scholar?hl=ar&as_sdt=0%2C5&q=malignant+hyperthermia&btnG=#d=gs_qabs&u=%23p%3D-b76jlDtCdEJ (3)
https://www.nature.com/articles/537S60a (4)
https://www.nature.com/articles/6500406 (5)

نظرية التطور: أحافير حية قد تغير المبدأ الأساسي للانتخاب الطبيعي

أثارت نظرية التطور العديد من المناقشات الحماسية. حيث يوجد مبدأ واحد يوافق عليه جميع الخبراء في المجال وهو أنَّ الانتخاب الطبيعي يحدث على مستوى الجينوم.
لكن اكتشف فريق بحثي من جامعة كاليفورنيا مؤخراً دليلاً قاطعاً على أنَّ الانتخاب الطبيعي قد يحدث أيضاً على مستوى فوق الجينوم. يطلق مصطلح فوق الجينوم على مجموعة الملاحظات الكيميائية للجينوم حيث تحدد الجينات التي يجب تنشيطها ومتى وإلى أي مدى يجب ذلك.  يغير الاكتشاف الجديد الفكرة المقبولة على نطاق واسع عن نظرية التطور بأنَّ الانتخاب الطبيعي يعمل حصرياُ على الاختلاف في تسلسل الجينوم.

نظرية التطور: أحافير حية تغير مبدأها الأساسي

نُشرت داسة بتاريخ 16/01/2020 في مجلة الخلية حيث درس الباحثون خميرة « Cryptococcus neoformans »التي تصيب الأشخاص الذين يعانون من ضعف جهاز المناعة وهي مسؤولة عن 20% من وفيات مرضى الإيدز. أظهرت نتائج الدراسة أنًّ الخميرة تحتوي على علامة فوق جينية في تسلسل الحمض النووي الخاص بها، لكن بناءً على التجارب المخبرية والنماذج الإحصائية كان يجب أنْ تختفي العلامة من النوع في وقت ما خلال عصر الديناصورات.

عملية المثيلة

تنشأ علامة المثيل عن عملية ربط مجموعة المثيل في الجينوم حيث تمكنت من الالتحام لمدة تزيد عن 50 عام بعد تاريخ الانتهاء المتوقع.

يقول العالم « Hiten Madhani » أستاذ الكيمياء الحيوية في جامعة كاليفورنيا: « لقد رأينا أنَّ عملية المثيلة يمكن أنْ تخضع للاختلافات الطبيعية ويمكن اختيارها لمدة تزيد عن 50 عام، ويعتبر هذا أسلوب غير مسبوق للتطور ولا يعتمد على التغييرات في تسلسل الحمض النووي للكائن الحي.»

توجد عملية المثيلة في جميع الفقاريات والنباتات بالإضافة إلى العديد من الفطريات والحشرات. لكن تفتقر العديد من الكائنات الحية النموذجية لعملية المثيلة بما في ذلك خميرة الخبز S. cerevisiae والديدان الدائرية C. elegans وذبابة الفاكهة. حيث تنحدر هذه الأنواع من أسلافها القدامى الذين فقدوا إنزيماتهم الضرورية لنقل عملية المثيلة من جيل إلى جيل. لكن كيف نجحت خميرة  C. neoformans في تجنب المصير نفسه؟

كيف حافظت خميرة C. neoformans على المثيلة؟

أظهر الباحثون في الدراسة الجديدة أنّه كان لدى سلف خميرة « C. neoformans » نوعين من الإنزيمات التي تتحكم في مثيلة الحمض النووي. أحدهما يسمى « de novo methyltransferase » وهو المسؤول عن إضافة مجموعة مثيل إلى الحمض النووي المجرد الذي لا يمتلك أي جزيء. أما النوع الآخر فيدعى « maintenance methyltransferase » حيث يقوم هذا الإنزيم بنسخ علامات المثيل التي أضافها إنزيم « de novo methyltransferase » ثم يُرفقها بالحمض النووي الذي لا يمتلك مجموعة مثيل.

لكن بعد ذلك في وقت ما خلال عصر الديناصورات فَقَدَ سلف خميرة «C. neoformans » إنزيم « de novo methyltransferas »، ومنذ ذلك الحين يعيش نسلها بإنزيم واحد مما يجعلها من الأنواع الوحيدة التي تمتلك مثيلة للحمض النووي دون وجود إنزيم « de novo methyltransferas »

نظرية التطور ودور الانتخاب الطبيعي

على الرغم من بقاء إنزيم « maintenance methyltransferase » متاحاً لنسخ أي علامات مثيلة موجودة بالفعل، أظهرت الدراسة أنَّه لولا دور الانتخاب الطبيعي في الحفاظ على المثيلة، فإنَّ الخسارة القديمة لإنزيم « de novo methyltransferas » كان يجب أنْ تؤدي إلى زوال سريع واختفاء نهائي لمثيلة الحمض النووي في خميرة « C. neoformans » .

يمكن أنْ تُفقد علامات المثيلة بشكل عشوائي، مما يعني أنَّه بغض النظر عن دقة نسخ  « maintenance methyltransferase » للعلامات الموجودة على مسارات جديدة للحمض النووي، فإنَّ الفقد المتراكم للمثيل سيترك في النهاية إنزيم الصيانة بدون قالب للعمل.  ورغم تصور العلماء أنَّ الفقد يحدث بوتيرة بطيئة، إلا أنَّ الملاحظات التجريبية سمحت للباحثين بتحديد أنَّ كل علامة مثيلة يمكن أن تختفي من نصف السكان بعد 7500 جيل فقط.

الانتخاب الطبيعي يمتد إلى مافوق الجينوم

لا يُفسِّر الحصول على علامات مثيلة جديدة نادرة وعشوائية استمرار المثيلة في خميرة « C. neoformans »، حيث أظهرت التجارب المخبرية أنَّ معدل نشوء علامات المثيلة الجديدة بالصدفة  أبطأ بنسبة 20% من معدل فقدان المثيلة.خلال فترات الزمن التطورية كانت الخسائر ستهيمن بشكل واضح، وبدون وجود إنزيم « de novo methyltransferas » للتعويض، فإنَّ المثيلة كانت ستختفي من « C. neoformans » في الوقت الذي اختفت فيه الديناصورات لولا ضغوط الانتخاب الطبيعي التي فضلت بقاء المثيلة.

عندما قارن الباحثون مجموعة متنوعة من سلالات خميرة « C. neoformans » التي كان معروفاً أنها تباعدت عن بعضها منذ 5 ملايين عام، وجدوا أنَّ الأمر لم يقتصر على أنَّ جميع السلالات تحتفظ بمثيلة الحمض النووي، بل كانت علامات المثيل تغطي مناطق متشابهة من الجينوم، مما يوحي بأنَّ علامات المثيل في مواقع جينومية معينة تمنح نوعاً من ميزة البقاء.

يقول العالم « Hiten Madhani » بأنَّ الانتخاب الطبيعي يحافظ على المثيلة في مستويات أعلى بكثير مما هو متوقع من عملية محايدة من المكاسب والخسائر العشوائية، حيث يعتبر هذا المكافيء الفوق جيني للتطور الدارويني. ويعود سبب اختيار التطور لهذه العلامات الخاصة إلى أنَّ إحدى وظائف المثيلة الرئيسية هي الدفاع عن الجينوم.

في السابق لم يكن هناك دليل على حدوث هذا النوع من الانتقاء خلال هذه المقاييس الزمنية، ويقول العالم Hiten Madhani: «هذا مفهوم جديد تماماًلكن السؤال المهم الآن هو هل يمكن أن يحدث هذا خارج هذا الظرف الاستثنائي؟ وكيف نجده؟»

المصادر:

Science Daily

CELL

 

Exit mobile version