كيف تختار شركات الأدوية المركب الدوائي الأنسب ؟

ما هو الدواء؟ وكيف يتم اكتشافه وتصنيعه وتطويره؟ ما الاختبارات التي تثبت فعالية الدواء؟ هل من آثار جانبية للدواء المُنتج؟ هل هناك إمكانية لتصنيعه في أشكال صيدلانية جديدة غير الموجودة في السوق الدوائية؟ أم يحمل هذا الدواء الجديد المطور تأثيرًا نوعيًا متميزًا يختلف عما هو متوافر حاليًا في الأسواق الدوائية؟ تابعوا سلسلة المقالات لسبر أغوار الصناعة الدوائية ومعرفة كيف تختار شركات الأدوية المركب الدوائي الأنسب ؟

رحلة إنتاج المركب الدوائي الأنسب

ابتداءً من لحظة اكتشاف التأثير الدوائي الأولي للمادة في المختبر على حيوانات التجربة وصولًا للدواء بشكله النهائي كمستحضر صيدلاني جاهز للاستعمال، تستغرق هذه الرحلة عادةً سنوات طويلة مليئة بالاختبارات والتجارب بكل أنواعها. وتستهلك مبالغ طائلة أيضًا، لذلك تمول الشركات الدوائية العملاقة غالبًا هذه المراحل مع مراكز بحوث عالمية مختلفة، وتسبقها دراسات عميقة حول الجدوى الاقتصادية المأمولة من إنتاج هذا الدواء.

ما الذي يدفع شركات الأدوية لإنتاج دواء بعينه؟

لدينا ما يسمى “الحاجة الطبية غير المُلباة-Unmet medical needs”، أو (UMNs) ويعني هذا المصطلح وجود مرض ما بلا علاج فعال، وربما يكون هناك علاج ولكنه غير فعال عند بعض المرضى، وهذه الحاجة الطبية غير الملباة هي الدافع الأساسي لتمويل عملية اكتشاف دواء جديد.

لتبسيط الفكرة أكثر، هناك ما يُسمى بالأمراض الشائعة والأمراض اليتيمة والأمراض النادرة والأمراض الاستوائية المهملة.

يعاني الكثيرون من ارتفاع في ضغط الدم، وتوجد العديد من الأدوية التي تتعامل مع مثل هذا المرض الشائع. نذكر من تلك الأدوية مجموعات مثبطات (ACE)، وحاصرات بيتا (BB)، وحاصرات قناة الكالسيوم (CCB) وغيرها. لوجود كل هذه المجموعات من العقاقير، يصبح مرض ارتفاع الضغط حاجة مُلباة/مستوفاة بالفعل. أي لا توجد حاجة طبية قوية للتعامل معه.

أما بالنسبة لمرض مثل “مرض تشاجاس- Chagas disease”، وهو عدوى طفيلية قد تسبب للمصاب فشل قلب احتقاني، وفشل القلب الاحتقاني يحدث عندما لا تضخ عضلة القلب الدم كما ينبغي. عند حدوث ذلك، غالبًا ما يرتد الدم، ويمكن أن تتراكم السوائل في الرئتين، الأمر الذي يسبب الإصابة بضيق النفس. ويعتبر التشاجاس مرض استوائي مهمَل (NTD)، لكنه أيضًا حاجة غير ملباة، فلا يوجد عقار يتعامل مع هذه العدوى ويقضي عليها بشكل مباشر.


ماذا عن مرض السكري مثلًا؟ هل هو حاجة مستوفاة أم غير ذلك؟ فرغم أن هناك الكثير والكثير من الأدوية التي تتعامل مع هذا المرض، إلا أن بعض المرضى يعانون من حقن الإنسولين الضرورية لمصابين النوع الأول من هذا المرض. ولتجنب الألم الناتج عن هذه الحقن، سيكون الإنسولين الفموي شكل صيدلاني مرغوب أكثر بالنسية لأولئك المرضى، مما يجعله حاجة طبية غير مستوفاة.

لتحديد ما إذا كان هذا المرض هو حاجة طبية غير ملباة، يتوجب على شركات الأدوية البحث باستمرار في الشروط والعلاجات المتاحة والفجوات واحتياجات المرضى.

كيفية تحديد الهدف الدوائي الأنسب؟

بمجرد تحديد احتياجاتنا الطبية غير الملباة، يحين الوقت لبدء عملية اكتشاف المركب الدوائي الأنسب. وتكون البداية بالبحث عن المسارات البيولوجية المرتبطة بالمرض، لفهم آلية حدوثه. غالبًا ما تتحكم البروتينات في المسارات البيولوجية عبر الإنزيمات والمستقبلات.

يعد اختيار الهدف الدوائي خطوة أساسية في رحلة اكتشاف الأدوية. فمن الناحية النظرية، إذا تمكنت من منع عمل إنزيم أو إغلاق مستقبل على طول المسار البيولوجي، فمن المحتمل أن يكون لديك تأثير علاجي على المرض. لنفترض أن لدينا مجموعة من الإنزيمات والمستقبلات كأهداف دوائية محتملة ومرتبطة باستجابات مختلفة، لكن ما يهمنا حقًا هو علاج التهاب ما. سنختار أحد هذه المركبات كهدف دوائي، ولكن كيف نختار هذا الهدف من بين الأهداف الدوائية المحتملة الكثيرة؟

يفضل بالطبع استخدام البروتينات المتصلة بمسار استجابة واحد فقط من بين الأهداف الموجودة. فمثلًا، يرتبط إنزيم B وإنزيم C بمسار الالتهاب فقط، فهذين الإنزيمين هما أكثر الأهداف جاذبية. بشكل عام، البروتينات هي الأقرب للاستجابة المناسبة، وبالتالي سيكون إنزيم C هو الاختيار الأفضل، ومن ثم يأتي فريق الأحياء الجزيئية لدراسة إنزيم سي وتحديد مدى صلاحيته ليصبح الدواء المستقبلي من عدمها.

اختبارات هامة لإثبات فعالية الدواء الأنسب على الهدف المطلوب

بعد اختيار الهدف، يتقدم فريق علم الأحياء من أجل الاختبار الكيميائي الحيوي، والذي يقيس نشاط البروتين المستهدف. يسمى هذا الاختبار “المقايسة-assay”، ويحدد عاملين أساسين لوصف الدواء.

  • العامل الأول هو potency وتعني الفاعلية أو تركيز الدواء المطلوب للعمل على البروتين المستهدف. فهل سنحتاج إلى 5 مجم من المادة الفعالة أم 10 أم 500؟
  • العامل الثاني هو Efficacy الفعالية وهو حجم/مقدار التأثير على الهدف. أي مقدار تأثير الـ 5 مجم تلك على الإنزيم، فهل تمنعه بالقدر الكافي ولكل درجات الإصابة؟

بعد أن تصبح نتائج هذه الاختبارات في متناول أيدي العلماء، سيختبر فريق الاكتشاف فاعلية وفعالية عدد كبير من الجزيئات ضد الهدف الدوائي المحدد، وتسمى هذه العملية “حملة الفرز-screening campaign”، حيث يتم اختبار أكثر من مليون جزيء باستخدام الحواسيب. من بين هذه الأعداد الهائلة، يرشح عدد قليل منها وربما مركب واحد ذو الفعالية الأقوى ضد المرض، وبذلك يتم الوصول للمُركّب الرئيسي للتقدم في عملية اكتشاف الدواء.

في هذا المقال تم توضيح ثلاثة عمليات رئيسية. أولاً، الهدف الدوائي وهو أساسي للتأثير على المرض. ثانيًا، المقايسة وهي اختبارات كيميائية حيوية تم تطويرها لمعرفة ما إذا كان بإمكاننا التأثير على هذا الهدف. وأخيرًا، فحص عدد كبير من الجزيئات إلى أن يتم الحصول على المركب الرئيسي الذي يفوز بحملة الفرز. تخضع كافة الأدوية الحديثة لهذه العمليات من أجل الوصول لعقار مناسب دون إهدار للموارد من وقت وتمويل.

المصادر

كيف تتفاعل الإشعاعات المؤينة مع المادة ؟ وما هي أنواع التفاعلات النووية؟

تتميز الإشعاعات بكونها تتفاعل معنا دون أن نشعر بوجودها. وتعد الإشعاعات المؤينة أخطر من باقي الإشعاعات، وذلك نظرًا لقدرتها على خلق سلسلة كبيرة من التفاعلات. في هذا المقال، سنتم ما بدأناه سابقًا حول تفاعل الإشعاع مع المادة. وستكون الإشعاعات المؤينة مدار حديثنا فيه. تعالوا لنعرف كيف تتفاعل الإشعاعات المؤينة مع المادة ؟

تختلف طريقة التفاعل بين الإشعاعات والمادة حسب كونها مشحونة أم حيادية. فـ«الجسيمات المشحونة-Charged particles» تتفاعل مع الذرات بواسطة شحنتها، حيث تتجاذب الجسيمات التي تملك شحنات متقابلة، بينما تتنافر الجسيمات التي لها نفس الشحنة. أما «الجسيمات غير المشحونة-Uncharged particles»  فإنها تخترق المادة دون أن تخضع لهذه القوى، وهذا ما يجعل قوة نفاذيتها للمادة كبيرة مقارنة بالجسيمات المشحونة [1].

كيف تتفاعل الإشعاعات المؤينة مع المادة؟

تفاعل الإلكترونات مع المادة

عندما نقذف إلكترونًا (جسيم مشحون) نحو مادة ما، فإنه يظل يتباطأ أثناء اختراقه للمادة، إلى أن يتوقف كليًا بعد أن يفقد كل طاقته. ويتميز هذا التفاعل بـ«قدرة الإيقاف-Stopping power» أي قدرة المادة على إيقاف الإلكترون المقذوف. أو بتعريف أدق هو مقدارالطاقة التي يفقدها الإلكترون خلال متر واحد من مسيره.

وتشكل هذه الميزة عاملًا مهمًا في تحديد خطورة الإشعاع. فكلما زادت قدرة الإيقاف، قلّت قدرة الإلكترون على اختراق المادة، وبالتالي، قلّت معه خطورة تفاعله مع المادة. ويفقد الإلكترون طاقته إما من خلال تفاعله مع النواة مباشرة أو مع الإلكترونات المكونة للذرة. في الحالة الأولى، ينحرف الإلكترون إثر مروره بالمجال المغناطيسي للنواة وتتباطأ حركته، فتتحول الطاقة الحركية -الناتجة عن التباطؤ- إلى إشعاع يدعى «إشعاع الانكباح-Bremsstrahlung radiation».

أما في الحالة الثانية، فإن الإلكترون المقذوف يمنح طاقته لإلكترونات الذرات التي يقتحمها عن طريق سلسلة من التصادمات. فيبدو ككرة تتجاذبها أرجل اللاعبين إلى أن يتوقف نهائيًا بعد أن يفقد كل طاقته [1].

ظاهرة إشعاع الانكباح

تفاعل الفوتونات مع المادة

تتفاعل الفوتونات (جسيم غير مشحون) مع المادة بشكل مختلف عن الإلكترونات. فعند إرسال حزمة من الفوتونات إلى مادة ما، تتفاعل بعضها مع ذرات المادة، بينما تنجح أخرى في تجاوزها دون تفاعل. ويتحدد عدد الفوتونات المتفاعلة عن الأخرى، من خلال معامل يدعى «معامل التوهين-Attenuation coefficient»، والذي يمثل احتمالية تفاعل الفوتون مع المادة. ويتغير هذا المعامل حسب طاقة الفوتون وكثافة المادة. فكلما زادت طاقة الفوتون، زادت معه فرص النفاذ من المادة دون تفاعل.

وفي المقابل: كلما كانت المادة أكثر كثافة، زادت احتمالية لقاء مزيد من الذرات، وبالتالي احتمالية حدوث تفاعل. ويحدث التفاعل ب3 طرق رئيسية وهي التأثير الكهرضوئي، وتأثير كومبتون، والإنتاج الزوجي [1].

التأثير الكهرضوئي

في هذا التفاعل، يمتص أحد إلكترونات الذرات الفوتون القادم كله. أي أن الفوتون يختفي وتتحول كل طاقته إلى الإلكترون الذي ينطلق مبتعدًا عن مداره. ولحدوث هذا التفاعل، يجب أن تتجاوز طاقة الفوتون طاقة الربط التي تربط الإلكترون بالذرة. وهكذا، فإن الإلكترون ينطلق بطاقة تعادل الفرق بين طاقة الفوتون وطاقة الربط لدى الإلكترون. وحسب التجربة، فإن احتمالية هذا الحدث ترتفع كلما اقتربت طاقة الفوتون من طاقة الربط هذه [2].

ظاهرة التأثير الكهرضوئي

تأثير كومبتون

على عكس «التأثير الكهروضوئي-Photoelectric effect»، فإن الفوتون في «تأثير كومبتون-Compton effect» لا يخسر سوى جزء من طاقته أثناء تفاعله مع إلكترونات المادة التي يخترقها. وهكذا، فإن الفوتون لا يختفي كليًا، بل يغير اتجاهه منحرفًا بزاوية معينة عن اتجاهه الأصلي. أما الإلكترون، فينطلق في أحد الاتجاهات حاملًا معه الطاقة التي أخذها من الفوتون. وتزيد فرص حدوث هذا التفاعل حين تكون طاقة الفوتون أكبر بكثير من طاقة الربط لدى الإلكترون [2].

ظاهرة تأثير كومبتون

الإنتاج الزوجي

في ظاهرة «الإنتاج الزوجي-Pair creation»، يتفاعل الفوتون مع المجال الكهرمغناطيسي للذرة فينعدم ويُخلَق مكانه إلكترون وبوزترون (المادة المضادة للإلكترون). بالنسبة للإلكترون فإنه يتفاعل مع المادة كما ناقشنا ذلك سابقًا. أما البوزترون فيفنى مع أول إلكترون يلتقيه. وتتحرر طاقتهما على شكل فوتونين منبعثين بنفس الطاقة لكن باتجاهين متعاكسين. وهذا ما يدعى بظاهرة «التلاشي-Annihilation» التي يمكن اعتبارها الحالة المعاكسة للإنتاج الزوجي. أما عن احتمالية حدوث الإنتاج الزوجي، فإن الفوتون يحتاج على الأقل لطاقة تكافئ الطاقة التي يختزنها الجسيمان المتكوِّنان (الإلكترون والبوزترون). وبالتالي فإن هذه الظاهرة لا تحدث إلا عندما تحمل الفوتونات طاقات عالية [2].

ظاهرة الإنتاج الزوجي

وهكذا، يمكننا القول أن التأثير الكهروضوئي يحدث حين تكون طاقة الفوتونات منخفضة نسبيًا. بينما يهيمن تأثير كومبتون عند الطاقات المتوسطة. وتسيطر ظاهرة الإنتاج الزوجي بالنسبة للطاقات العالية [2].

التفاعلات النووية

نقصد بالتفاعلات النووية تلك التي تحصل حين نقذف جسيم (a) إلى نواة ذرة ما (A)، فينتج عن هذا انبعاث جزيء آخر(b) ونواة أخرى (B).

وتتعدد طرق التفاعل حسب نوع الجسيمات والذرات المتفاعلة. فقد ينحرف الجسيم (a) حين يمر بجوار النواة دون أن يخسر شيئًا من طاقته. وفي هذه الحالة، تكون نواتج التفاعل هي المتفاعلات نفسها والشيء الوحيد الذي يطرأ هو انحراف الجسيم المقذوف عن مساره. في حالة أخرى، يفقد الجسيم المقذوف جزءًا من طاقته لصالح النواة فيجعلها في حالة إثارة، قبل أن تعود النواة لحالتها المستقرة باعثة فوتونًا ذا طاقة عالية. أما في العموم، فإن النواتج تكون مختلفة عن المتفاعلات. أي أن النواة المتفاعلة (A) تتحول لعنصر جديد. وهذا ما يحدث عادة في المفاعلات النووية ومسرعات الجسيمات [2].

المعادلة العامة للتفاعل النووي

الانشطار النووي

يندرج هذا التفاعل ضمن آخر حالة ذكرناها في الفقرة السابقة، حيث تنشطر نواة ثقيلة إلى نواتين خفيفتين بعد قذفها بجسيم. وتعد ذرة اليورانيوم أهم مثال على هذا. فبعد قذفها بنيوترون، تنقسم نواة اليورانيوم المشع إلى عناصر أخف محررة طاقة هائلة. وتستعمل هذه الطاقة عادة لإنتاج الكهرباء كما هو الحال في المفاعلات النووية. لكنها، أحيانًا، قد تبيد بلدانًا كما حدث في هيروشيما وناجازاكي باليابان [2].

الاندماج النووي

على عكس الانشطار النووي، تندمج نواتان خفيفتان، في الاندماج النووي، لتشكلا نواة أثقل. وتتغدى شمسنا على هذا النوع من التفاعلات، حيث تندمج ذرتا ديوتيريوم لتشكيل ذرة الهيليوم. وتكون الطاقة المحررة أثناء هذا التفاعل أكبر بكثير من الطاقة التي تُحرَّر أثناء الانشطار النووي. لهذا فإن هذه الظاهرة موضوع لأبحاث علمية مكثفة، إذ تتسابق القوى العظمى على إيجاد طريقة لاستغلال هذه الطاقة الهائلة [2].

الآن، صار بإمكاننا الانتقال إلى دراسة النشاط الإشعاعي ومصادره حتى نتمكن في النهاية من معرفة الطرق الصحيحة للوقاية من الأشعة النووية. وهذا سيكون موضوع المقالات القادمة في هذا المساق.

المصادر

[1] Nuclear Medicine Physics: A Handbook for Teachers and Students
[2] Interaction of Radiation with Matter

تقنية الملح الذائب في محطات الطاقة الشمسية

هذه المقالة هي الجزء 9 من 22 في سلسلة موضوعات تأسيسية في الطاقة المتجددة

مع الدعوات والالتزامات للحكومات في العالم لاسيما داخل الاتحاد الأوروبي لتقليل الاعتماد على مصادر الطاقة القائمة على الوقود الأحفوري، بل ذهب الحديث إلى الإنتهاء منها بحلول عام 2030 لبعض الدول. دعت الحاجة المتنامية لمصادر طاقة بديلة مُتجددة أقل تلوثًا تحمي البيئة، وتتسم بالتوفير الاقتصادي لتزود العالم بمخزون كافي من الطاقة. إلا أنَّ الإشكالية لا تكمن بعملية إنتاج الطاقة وحسب، وإنما بتخزينها أيضًا، وذلك يرجع لواحدة من أهم مشكلات بدائل الوقود الأحفوري التي يواجهها العالم اليوم متمثلة بالكفاءة، والاستدامة الموسمية، إلى جانب عدم القدرة على توقع كمية الطاقة الممكن إنتاجها منها في مختلف المواسم، وبالتالي ضمان وفرتها وتخزينها بشكل دوري موسمي.

فكما نعلم الطاقة بشكلٍ عام، والكهربائية بشكلٍ خاص، العِماد الأساسي لضمان التقدم والرخاء الاقتصادي والحضاري للعالم. وذلك يتم عبر الإدارة والتحكم بتوزيع الطاقة على نطاق صناعي من جهة، وتلبية الحاجة للطاقة التي تعتبر متغيرة باختلاف المنشآت؛ والمراكز من جهة أخرى. مما يُعرف حاليًا أن طرق تخزين الطاقة الكهربائية محدودة للغاية ولا تلبي الحد المطلوب؛ لذا إتجهت الأبحاث المختصة لدراسة كيفية تخزين كميات عالية من الطاقة بصورتها البكر.
يكون بالإمكان حفظ الطاقة قرب مراكز توليدها أو نقاط الاستهلاك الأقرب لها؛ مثال لذلك تخزين الطاقة الحرارية باستخدام الملح الذائب.[١]

موجز تاريخي لتقنية الملح الذائب:

يعود أول استخدام لتقنية الملح الذائب إلى عام ١٩٥٠، عندما بدأ مختبر أوك ريدج الوطني في الولايات المتحدة (ORNL) بتطوير واختبار لمركبة مزودة بمحرك يعمل بالوقود النووي باستخدام تقنية الملح الذائب.
وبحلول عام ١٩٥٤، نقلت أورنل تركيز أبحاثها من محركات الوقود النووي إلى المفاعلات النووية، وذلك حصيلة تجارب أظهرت ثبات الأملاح الذائبة وعدم تحللها حين تعرضها للحرارة العالية الناتجة من المفاعلات النووية.
في ذلك الوقت، كانت هيئة الطاقة الذرية الأميركية (AEC) مهتمة أكثر بدراسة مفاعلات توليد الذرات القابلة للانشطار، ولهذا قامت أورنل بتطوير مفاعل توليد ذرات باستخدام الملح ذائب في الستينات. لسوء حظ أورنل المشروع كان ينافس مشروع آخر كانت هيئة الطاقة مهتمة أكثر بتطويره، مما أدى إلى تضارب بأحقية الدعم لمشروع الملح الذائب، مقررة بذلك هيئة الطاقة بدعم المشروع الآخر، موقفة العمل بمشروع مفاعل الملح الذائب. وبهذا أقفل ملف أبحاث مفاعلات الملح الذائب برفع آخر تقرير بالمشروع عام ١٩٧٦.

غير أن جهود باحثي أورنل لم يذهب سدى، فقد تم افتتاح أول محطة توليد طاقة شمسية استخدمت تقنية الملح الذائب لحفظ الطاقة عام ١٩٩٣ في كاليفورنيا. المحطة مصممة لتخزين ١٠ ميجا واط من الكهرباء خلال ساعة واحدة، استخدمت فيها مرايا عديدة لتوجيه أشعة الشمس نحو البرج المركزي. هذه الأبراج تعمل على امتصاص الأشعة الموجهة إليها لترفع من درجة حرارة الملح وتحفظ الطاقة في الملح بصورة حرارة.
بحلول عام ١٩٩٩، أُغلقت المحطة نتيجة لحاجتها لصيانة ذات تقنية عالية ومتتالية لم تكن متوفرة آنذاك.
نشرت أورنل بعدها مباشرة تقرير مختصر في عام ٢٠٠٠، وألحقته بتقرير مفصل في عام ٢٠٠٢ يوثق البحث كامل في هذا المشروع مما فتح الباب لإعطاء التقنية فرصة أكبر في السوق، لتنتشر على نطاق تجاري أوسع عالميًا. [2]


مبادئ تخزين الطاقة حراريًا في تقنية الملح الذائب:

هنالك صورتان لتخزين الطاقة حراريًا: حرارة محسوسة، أو حرارة كامنة.

الطاقة الحرارية المحسوسة تعتمد تخزين الطاقة الحرارية بطور واحد، بحيث تكون درجة حرارة المادة تتفاوت مع كمية الطاقة المخزونة. معادلة تدفق الحرارة من الحار الى البارد تحقق هذا بالصورة التالية:
Q = m C ΔT
بحيث m تعبر عن الكتلة، و C الحرارة النوعية، و ΔT الفرق في درجات الحرارة.
ينبغي الإشارة إلى أنه يشترط في هذه العملية عزل النظام لإبقاء تدرج درجات الحرارة لأجل خزن الطاقة.

إن أخذنا الماء كمثال، نستطيع القول بأنه يعتبر وسيط مثالي في درجات الحرارة المنخفضة التي تتراوح بين (°90 – 25)، وذلك بسبب الحرارة النوعية لجزيئاته المرتفعة نسبيًا(kJ/kg°C)4.2، بالإضافة لسهولة الحصول عليه.
من جهة أخرى، الحرارة الكامنة تُحفظ باستخدام مواد متغيرة الطور، والتي تستفيد من الحرارة الكامنة النوعية (L) الناتجة من تغير الحالة للمادة:
Q = m C ΔT + m L
المواد متغيرة الطور ممتازة بسبب كثافة تخزينها العالي للطاقة، الماء مثلًا لديه حرارة انصهار أكبر ب ٨٠ مرة من الحرارة المتطلبة لرفع درجة حرارة ١ كجم من الماء درجة مئوية واحدة.[3-4-5]

الأملاح الذائبة:

لدى الأملاح الذائبة خواص تجعلها مؤهلة لتكون وسيط ممتاز لحفظ الطاقة على نطاق واسع في المحطات الكبيرة، مثلًا:
درجة غليانها عالية، ومنخفضة اللزوجة، وضغط تبخرها منخفض، وسعة حرارتها الحجمية عالية؛ فكلما كانت سعة الحرارة الحجمية عالية، كانت مناسبة أكثر لتُحفظ في خزانات بأحجام أقل.

الأملاح المستخدمة في تقنية تخزين الطاقة حراريًا، مثل: نترات الصوديوم والبوتاسيوم،  لديها درجات ذوبان تتراوح بين 300-500°C، وسعة حرارية حجمية تترواح بين 1670 – 3770 kJ/m3°C، ولهذا خليط الملح المستخدم في محطات توليد الطاقة الشمسية المسمى تجاريًا ب “HITEC” يتكون من نترات البوتاسيوم 53%؛ ونترات الصوديوم 40%؛ ونتريت الصوديوم 7%، بدرجة حرارة بالحالة السائلة تتراوح بين 149 – 538°C.
يتم تسخين هذه الأملاح وحفظها في خزانات معزولة خارج أوقات الذروة، وعند الاحتياج يضخ الملح الذائب إلى مولد البخار لاستخدام الحرارة بتوليد الكهرباء.[3-5-6]

تخزين الطاقة في محطات الخلايا الشمسية:

محطات توليد الطاقة باستخدام الخلايا الشمسية ( CSP) تستخدم تقنية التخزين الحرارية و التي تتكون من عاكسات ذات قطوع مخروطية، أو مرايا تتبع للشمس، والتي بدورها تعمل على توجيه أشعة الشمس إلى البرج المستقبل المزود بأنابيب ذات نقاط بؤرية بحيث تنتقل الحرارة عبر مائع وسيط (الملح الذائب)، ومنها المائع ينتقل إلى المبادل الحراري ناقلًا الطاقة إلى الماء المستخدم لإدارة المولد الحراري ليولد الكهرباء.

إن تمعنا في البنى المستخدمة للتخزين، سنجد أن هنالك بنيتان أساسيتان مستخدمتان في منظومة تخزين الطاقة بالأملاح الذائبة، وهما:
بنية الخزانين المزدوجين: يستخدم الملح الذائب كمائع ناقل للحرارة عبر امتصاص الحرارة من المفاعل او المبادل الحراري، وكوسيط تخزين الطاقة الأساسي مستخدم الخزانين معًا الحار والبارد.
خزان آحادي: يُستخدم خزان واحد بحيث يبقي الملح الحار والبارد منفصلين باستخدام فاصل حراري. بحيث يتدفق الملح من الجانب البارد للخزان، ليتم تسخينه، ومن ثم يتدفق إلى الجانب الساخن من الخزان، ليُضخ خارجًا مخلفًا حرارة تستخدم لتوليد الكهرباء، ليعود بعدها إلى الجانب البارد من الخزان.[3-6-7-8]

[1] A. Bielecki, S. Ernst, W. Skrodzka, and I. Wojnicki, 2019. Concentrated Solar Power Plants with Molten Salt Storage:
Economic Aspects and Perspectives in the European Union., International Journal of Photoenergy.

[2] S. Ladkany, W. Culbreth, and N. Loyd, 2018. Molten Salts and Applications I: Molten Salt History, Types, Thermodynamic and Physical Properties, and
Cost., Journal of Energy and Power Engineering.

[3] M. Green, et al. “Nuclear Hybrid Energy Systems: Molten Salt Energy Storage,” INL/EXT-13-31768, November 2013.

[4] B. Reinhardt, ” Thermal Energy Storage,” Physics 240, Stanford University, Fall 2010.

[5] S. M. Hasnain, “Review on Sustainable Thermal Energy Storage Technologies, Part I: Heat Storage Materials and Techniques,” Energy Convers. Manage. 39, 1127 (1998)

[6] Z. Yang, and S. V. Garimella, “Cyclic Operation of Molten-Salt Thermal Energy storage in Thermoclines for Solar Power Plants,” Appl. Energy 103, 256 (2013).

[7] J.E. Pacheco, et al. “Development of a Molten-Salt Thermocline Thermal Storage System for Parabolic Trough Plants,” J. Solar Energy Eng. 124, 153 (2002).

[8] Y. Rajavi, “Concentrating Solar Power,” Physics 240, Stanford University, Fall 2013.

التبني تجربة اجتماعية أم تحدٍ تربوي؟

التبني هو علاقة يقوم فيها زوجان أو أسرة بالحصول على صلاحية انضمام طفلٍ لا يمكن لوالديه البيولوجيين تربيته لأي سبب. فيعتبر نقلًا قانونيًا لجميع حقوق الطفل إلى الزوجين أو الأسرة، ويتوجب على الوالدين المتبنيين الالتزام بحقوق الطفل، من رعاية كاملة وتربية، فيحصل على جميع الفوائد العاطفية والاجتماعية[1]. سنتناول في هذه المقالة لمحة تاريخية عن التبني، وسنحاول معرفة هل التبني تجربة اجتماعية أم تحدٍ تربوي؟

لمحة تاريخية عن التبني

يوجد مفهوم التبني في مختلف الثقافات والبلدان ويمكن أن نتتبعه حتى روما القديمة، حيث المنشأ، متتبعين رحلة تطوره قوميًا ثم دوليًا.

ظهرت الصورة الأولى لنظام التبني في القرن السادس. فحسب نصوص القانون الروماني Codex Justinianeus. فإنه يمكن للحاكم أو البطريرك أن يستعين بطفل من أسرة أخرى “نبيلة” في حالة احتمالية وفاته دون وريث”ذكر”. فكان هدفه تقليديًا هو مواصلة خط الذكور لأغراض الإرث والوراثة؛ وكان معظم المتبنين من الذكور. إذ تلجأ الأسرة الحاكمة لتبني طفل من أسرة ذات عدد كبير من الأطفال. فيتمتع هذا الطفل بكافة الحقوق التى قد يتمتع بها الطفل الحقيقي للأسرة في حال وجوده. كما يرث كباقي أفراد الأسرة الجديدة.

واستمر التبني في هذا السياق إلى حدود الإمبراطورية البيزنطية (330 إلى 1453) حتى أواخر العصور الوسطى (1300 إلى 1500) . ثم بدأت القوانين تتغير، إذ لم يسمح القانون الفرنسي بالتبني، كما حظر القانون الإيطالي والقانون العام الإنجليزي التبني حظرًا صريحًا. وذلك بسبب التحول في السياسية خلال تلك الفترة (فترة العصور الوسطى). إذ أُعيدت صياغة قوانين المواريث وأصبح الميراث قاصرًا على صِلات القرابة بالدم فقط. في محاولة للحفاظ على أعراق الأسر المالكة والتحكم في الثروات المملوكة لها.

في ذلك الوقت، كان هناك أطفال بحاجة للتبني، ومع حظر تبنى الأطفال، بدأ إيداع الأطفال فاقدي العائل في مبانٍ وطنية أو مراكز دينية. حيث اعتنى بهم مسؤولي الدير أو المؤسسة الدينية. وعندما يشتد عضد الطفل ويكبر، يقوم بالخدمة في هذا الدير أو المؤسسة التي تولت رعايته. ومع تزايد عدد الأطفال عديمي المأوى، بدأت الكنيسة في تنظيم الممارسة المؤدية إلى ظهور دور الأيتام الرسمية الأولى في أوروبا.

ثم توسعت مراكز الرعاية تلك بسرعة إلى خارج الكنيسة. وسرعان ما تم الزّج بالأطفال كقوة عاملة في القطاع العام والخاص دون النظر إلى حقوقهم من الدعم. ثم ولدت فكرة استعباد الكفلاء كفرصة لنقل الأطفال من دور الأيتام المزدحمة إلى كفالة أُسر تُعلم الطفل حرفة أو مهنة ليعول نفسه أو أسرته الكافلة. وغالبًا ما يتم إجبارهم على التلمذة الصناعية تلك حتى بلوغهم سن الرشد.

واستمر هذا الشكل من العبودية بإسم التبني حتى متصف القرن التاسع عشر. حين ظهر سياق أيديولوجي جديد وهو النظر في أهمية دور الجماعة في حياة الفرد. فبرزت أهمية رفاه الأطفال عديمي الأُسر، واعتبار التبني وسيلة لتعزيز مصلحة الطفل وتوفير مناخ أفضل لتنشئته.[2]

أول قانون للتبني

في عام 1851، صدر قانون ماساتشوستس لتبني الأطفال. والذي يقتضي بضرورة تأكد القاضي من حصول الوالدين المتبنيين على موافقة الوالدين البيولوجيين أو الوصي على الطفل. بالإضافة إلى ضرورة التأكد وإثبات القدرة والإمكانات الكافية لتربية الطفل المتبني بما في ذلك توفير فرصة التعليم المناسبة له. وتُترك الموافقة على قرار التبني للقاضي. مما جعل مسألة التبني إحدى شؤون الدولة وتتم تحت إشرافها. ويعتبر قانون ماساتشوستس هو أول قانون تبني يهدف إلى حماية حقوق الطفل.[3]

واستمرت فكرة التبني في النمو والتحور مرورًا بفكرة قطارات الأيتام وذلك نتيجة اكتظاظ دور الأيتام بالأطفال بعد أن أوقفت الحرب الأهلية حالات التبني. فجاء تشارلز لورينغ برايس، مدير جمعية نيويورك لمساعدة الأطفال بفكرة قطارات الأيتام، وهي فكرة قائمة على نقل الأطفال من المدن مثل نيويورك وبوستن إلى الغرب الأمريكي، لتتبناهم أُسر تقوم على رعايتهم وتشغيلهم في نفس الوقت. وقد كانت بعض تلك الأسر جيدة وصالحة بينما كان بعضها الآخر سيئًا وغير مُخول برعاية الطفل، إذ تعرضه لأسوأ معاملة.[4]

التبني دوليًا

بدأ تاريخ التبني الدولي بعد فترة وجيزة من الحرب العالمية الثانية. إذ أُرسل الأطفال اليتامى من ألمانيا إلى الأسر في اليونان واليابان وحتى الولايات المتحدة. فكانت الأسر في الولايات المتحدة ترسل وكيلًا إلى المحكمة لإكمال إجراءات عملية التبني في بلد المنشأ للطفل. ولهذا وصفت بكونها “تبني بالوكالة”. وقد استمرت بل وتزايدت عمليات التبني تلك، خاصة في أعقاب الحروب الفيتنامية والكورية.

استمر”التبني بالوكالة” حتى عام 1955، حينما مارس هاري وبيرثا هولت الضغط على الكونجرس لتولي مسؤولية عمليات التبني المستجدة. فأُنشئت أول وكالة دولية للتبني باسم وكالة هولت الدولية لخدمات الأطفال. والتى ما تزال قائمة حتى اليوم.[5]

التبني حتى يومنا هذا

منذ الستينات، نما نشاط الوكالات في تحديد أو تصنيف الأطفال المنتظرين في دور الرعاية. فقد وصف بعضهم بأن لهم احتياجات خاصة بعد تشخيص إعاقة. أو صنّفوا حسب أعمارهم، أو تم وضعهم كمجموعات أخوية. وقد يصنفون حسب العرق أيضا. ومنذ تلك الفترة زاد قبول تبني الأطفال ذوي الرعاية الخاصة للإهتمام بتعليمهم. واستمرت عمليات التبني في التوسع والإزدياد، فعندما فتحت الصين أبوبها أمام فرص التبني عام 1992، ارتفعت أعداد حالات التبني إلى عنان السماء.[6]

وخلال عام 2004 (ذروة التبني الدولي) تمت 22.990 حالة تبني من بلد أجنبي إلى الولايات المتحدة. وخلال العام نفسه حدثت 45.288 حالة تبني في العالم كله. وقد اكتسب الأمر أهمية بالغة لضمان حق الطفل المُتبنى في التعليم، فقد نشأت اتفاقية لاهاي عام 1993 لتكفل حقوق الطفل المدفوعة والحرص على أخلاقية ومشروعية إجراءات التبني. خاصةً بعد إحاطة أكثر عمليات التبني الدولي بشائعات الفساد مما أدى إلى إغلاق بعض الدول أبوابها وقوانينها الباب في وجه عمليات التبني عامةً.[7]

الأبوة والأمومة سلوك يتسم بالتحدي لأطفال التبني

يواجه الآباء بالتبني معرفة ما الذي يدفع طفلهم إلى التصرف بالطريقة التي يتصرفون بها وما يمكنهم فعله لمساعدتهم على التعامل.

من المهم إدراك واستيعاب أن الصدمة النفسية التي عانى أو يعاني منها الطفل قبل أن ينضم لأسرتك يمكن أن تظهر في سلوكه، مستواه التحصيلي،.. فلابد من استيعابها وتسلحك بالموارد المناسبة للتعامل مع الطفل وتهذيبه ودعمه. ولتعلم أن مرحلة انتقال الطفل إلى منزلك ليست النهاية، وأنها مرحلة خطرة لابد من الاستعداد المناسب لها. فمن المهم إدراك تلك الحقيقة الصعبة. فبناء المهارات للوالدين مهمة ليست سهلة وعلينا أن نقوم بالعمل لمعرفة ما يحتاج إليه طفلنا كي ينجح، كما نحتاج أيضًا إلى معرفة ما يجري داخلنا والذي قد يحوُل دون نجاح الطفل في بيوتنا.

علي مدى سنتين، أجريت دراسة على بعض الأطفال المُتبنين مؤخرًا من مؤسسات الرعاية، يظهر الأطفال تحسنًا كبيرًا لكن غير كامل من ناحية معالم النمو. فقد بُنيت الدراسة على الفحص البدني وتقييم كفاءة عمل الغدد ونمو العظام، كذلك الاختبارات المعرفية العصبية، والفحوصات السلوكية. خلصت الدراسة إلى أن الأطفال يعانون من عجز وخلل في النمو المعرفي مع تحسن الضوابط والمؤثرات. فالتماسك الأسري وإتاحة فرصة التعبير عن الذات عاملان مهمان للتطور السلوكي المعرفي، ويطوران مشاكل سلوكية أقل. والعكس، فالتنازع الأسري وزيادة فرض القواعد والتقييد يطوران خللا معرفيا وسلوكيا.[8]

إذ تؤدي البيئة الأسرية المتماسكة إلى تخفيف حدة المحن والخبرات القاسية السابقة لدي الأطفال الصغار. بينما تركز النزاعات الأسرية على تذكر الشدائد السابقة.

 وتؤثر عوامل أخرى كثيرة على نمو الطفل. فهناك عاملان يشيعان عند آباء الأطفال الحاضنين أو المتبنين هما الصدمة وتأخر النمو. فكما ذكرنا سابقًا فإن سوء الأحوال الأسرية هو مجرد مثير للصدمة التي تعرض لها الطفل سابقًا. والتأخيرات في النمو يمكن أحيانًا أن تكون سابقة أو تتعايش مع الصدمات الناجمة عن الإساءة أو الإهمال التي تعرض لها أطفالنا.

المسائل السلوكية والعاطفية في الأطفال المتبنين

إن الأطفال المتبنين لديهم سلوكيات واحتياجات فردية كمثل الأطفال الطبيعيين، بل قد تتطلب السلوكيات التي طورت وتشكلت في الحياة المؤسسية أو دور الرعاية، بالإضافة إلى تلك التي تنتج عن اضطراب كبير في الحياة أو نتيجة التعرض إلى صدمة، اهتمامًا خاصًا. والأسرة المتبنية هي المسؤولة عن تولي مهام التربية والتهذيب والتطوير، والأخذ في الاعتبار أن المعاملة المناسبة للطفل المتبني ذو التاريخ المختلف من الخبرات والصدمات قد تكون مختلفة عن المعاملة المناسبة للأطفال البيولوجيين، إنه حقًا تحدٍ كبير!

قد يكون للأطفال المتبنيين مشاكل سلوكية مثل نوبات الغضب العنيفة أو التحفيز الذاتي الحسي في أوقات التوتر أو الإثارة، وقد يمتثلون أيضًا لسلوكيات مُعارضة أو عدوانية أو اكتئاب  أو قلق.

كما قد تؤثر الاختلافات الثقافية أيضًا على سلوك الطفل بطرق لا يسهل على الأسرة إدراكها. كما قد يصعب على الأطفال الجدد في الأسرة (المتبنون) فهم عواطف الآخرين مما يتسبب في حدوث فجوة اجتماعية. من الممكن أيضًا أن تتعارض السلوكيات السابق تطورها ( في دور الرعاية) مع السلوكيات الجديدة المرغوبة أو غير اللائقة في الأسرة. لعل أحد أهم المعضلات هو التعلق، التعلق وتنمية الثقة بين الطفل وأفراد الأسرة، والأسرة كلها ككيان. والسنوات القليلة الأولى في حياة الفرد هي الأضعف والأنسب لتطور التعلق، فيعتبر زرع الثقة والأمان في نفس الطفل تحديا كبيرا، يولد النجاح فيه التعلق ونمو الإحساس بالإنتماء لدى الطفل.[9]

التبني والصحة العقلية

تبين بعض الدراسات التي أجرتها الولايات المتحدة أن الأطفال المتبنين معرضون لمشاكل عاطفية وسلوكية أكثر من الأطفال غير المتبنين.

وعندما يتعلق الأمر بالعلاقة بين التبني والصحة العقلية، فالمعرفة هي القوة. وبوصفك أحد الوالدين، فإن مجرد إدراك أن طفلك قد يتعرض لواحدة أو أكثر من أي مشاكل قد تؤثر على صحته العقلية يشكل خطوة أولى هامة. ولأن الأطفال غير قادرين عادة على التعبير أو حتى تحديد ما يشعرون به، فمن غير المرجح أن يطلبوا المساعدة. من خلال تثقيف نفسك عن المشاعر التي يعيشها المتبنون نتيجة تبنيهم، يمكنك توفير دعم أفضل يحتاج إليه طفلك.

عادة ما يحتاج الطفل الذي يصارع أي اضطراب اكتئابي أو قلق أو سلوك إلى خطة علاج متعددة الأوجه لمعالجة السلوك و الوصول للاستقرار العاطفي في المنزل وفي المدرسة وفي البيئة الاجتماعية. اعتمادًا على عوامل مثل عمر الطفل وشدة الاضطراب، قد يشمل العلاج شكلًا من أشكال العلاج التفاعلي مثل الفن أو المغامرة أو الموسيقى أو اللعب. هذه العلاجات يمكن أن تساعد في التواصل مع مشاعرالطفل وتعلمه السلوكيات الإيجابية. وبينما تتابع العلاج لطفلك، لا تهمل بقية العائلة. فالمرض العقلي هو مرض يصيب كل شخص في المنزل. والواقع أن متلازمة الاكتئاب بعد التبني هي حالة معروفة لدى الآباء الذين تبنوا طفلاً مؤخراً. الأعراض مشابهة للاكتئاب بعد الولادة في الآباء والأمهات.[10]

المصادر

[1]adoption

[2]adoption

[3]britannica

[4]socialwelfare

[5]uoregon

[6]brandeis

[7]brandeis

[8]ncbi

[9]chop

[10]evidence

عائلة اللغات الهندو-أوروبية

هذه المقالة هي الجزء 2 من 8 في سلسلة العائلات اللغوية وأقسامها

عائلة اللغات الهندو-أوروبية


تعد عائلة اللغات الهندو-أوروبية (Indo-European Languages) من العائلات اللغوية الأساسية. وتصنف على أنها العائلة الأكبر من ناحية عدد المتحدثين، إذ يزيد عدد الناطقين بلغاتٍ تنتمي إلى هذه العائلة على 3 مليار شخص في العالم. ولكنها ليست الأكبر من حيث عدد اللغات. فتقع تحت مظلة العائلة الهندو-أوروبية حوالي 445 لغة [1].

عائلة اللغات الهندو-أوروبية

تصنيف اللغات ضمن العائلة

كان أول من استخدم اسم “الهندو-أوروبية” العالم اللغوي الألماني فرانز بوب في عام 1816. وقد اشتق هذه التسمية للإشارة إلى عائلة اللغات الموجودة في أوروبا وآسيا، بما في ذلك شمال الهند وإيران وأفغانستان وباكستان وبنغلادش [2].
ولكن يرجع اكتشاف التشابه بين اللغات في أوروبا وتلك المحكية في الهند إلى قبل ذلك. وكان نتيجة فتح باب التجارة بين هاتين المنطقتين في القرن السادس عشر. حيث لوحظ وجود تشابه غريبٍ بين بعض المفردات في اللغة السنسكريتية ومقابلاتها في اللغة الإيطالية. ومن الأمثلة على ذلك كلمة “الإله” وهي “deva” بالسنسكريتية وتقابلها “dio” بالإيطالية، وكلمة الأفعى وهي “sarpa” بالسنسكريتية وتقابلها “serpe” بالإيطالية. إضافة إلى بعض الأرقام مثل “سبعة وثمانية وتسعة” وهي بالسنسكريتية “sapta, ashta, nava” وبالإيطالية “sette, otto, nove” على الترتيب [3].

وقد تعمق المستشرق ويليام جونز في القرن الثامن عشر في مقارنة السنسكريتية واللاتينية واليونانية القديمة. وخَلُص إلى أن التشابه بين جذور الأفعال والصيغ القواعدية هو أكبر من أن يكون بمحض الصدفة. كما كانت دراسات جونز أساساً لمزيد من الأبحاث التي أجراها هو وعلماءٌ لغويون من بعده، ممن أتقنوا اللغة السنسكريتية وقواعدها. ومن الجدير بالذكر أن جونز اعتمد في دراسته على أبحاث العالم اللغوي السنسكريتي بانيني، والذي كان قد وضع نظاماً منهجياً ودقيقاً لتحليل الكلمات حوالي عام 500 ق.م. [3].

أصل اللغات الهندو-أوروبية

يعود أصل اللغات الهندو-أوروبية إلى اللغة الهندو-أوروبية البدائية (Proto-Indo-European). وترجح الدراسات أن هذه اللغة القديمة – التي لم تعد موجودة الآن – كانت منتشرة في منطقة أوكرانيا والمناطق المجاورة في القوقاز وجنوبي روسيا. وانتشرت من هناك إلى معظم أوروبا، ثم وصلت إلى الهند. إضافة لذلك، وجدت الأبحاث التي تعقبت هذه اللغة أنها كانت قد بدأت تفقد وحدتها حوالي عام 3400 ق.م.

ولكن لم يطور المتحدثون الأصليون للغة الهندو-أوروبية البدائية نظام كتابة للغتهم، مما جعل إيجاد دليلٍ مادي عليها بالأمر الصعب. ولهذا السبب، يلجأ علم اللغويات إلى محاولة إعادة بناء هذه اللغة وصياغتها باستخدام طرق مختلفة. وتتفاوت هذه الطرق من مقارنة اللغات المختلفة التي تنتمي إلى هذه العائلة، إلى إجراء دراساتٍ مقارنة تتجاوز اللغة بحد ذاتها. على سبيل المثال، تركز بعض الأبحاث على دراسة الأساطير والقوانين والهيئات المجتمعية التي كانت سائدة في تلك المجتمعات الناطقة بهذه اللغة البدائية الأصلية [4].

المجموعات الفرعية للعائلة الهندو-أوروبية

تقسم عائلة اللغات الهندو-أوروبية إلى مجموعات فرعية، ولكن بعضها انقرض مع الزمن. ومن ضمن المجموعات الفرعية التي انقرضت اللغات الأناضولية (Anatolian). وقد كانت سائدة في الألفيتين الأولى والثانية ق.م. في المناطق التي تقابل حالياً القسم الآسيوي من تركيا وشمال سوريا. إضافة لذلك، توجد مجموعة اللغات الهندية الإيرانية (Indo-Iranian) والتي كانت منتشرة في مناطق وسط وشمال الهند، وإيران، وأفغانستان. ثم توجد اللغة اليونانية (Greek) التي تشكل مجموعة فرعية على الرغم من أنها كانت على مر التاريخ لغة واحدة، ولكن تضم لهجاتٍ متنوعة. ومثلها الأرمينية (Armenian) التي تشكل مجموعة فرعية في العائلة الهندو-أوروبية مع أنها لغة واحدة. ثم لا ننسى مجموعة اللغات الإيطاليكية (Italic)، وتعد اللغة اللاتينية من أبرز مكوناتها، وتضم بدورها اللغات الرومانسية كالفرنسية والإسبانية والإيطالية. وأخيراً سنذكر مجموعة اللغات الجرمانية (Germanic) التي انقرض بعض منها وبقي بعضها الآخر كالإنكليزية والألمانية والهولندية [5].

بعض المجموعات الفرعية ضمن العائلة الهندو-أوروبية

توجد المزيد من المجموعات الفرعية تحت مظلة اللغات الهندو-أوروبية. وعموماً، تنتشر هذه اللغات حالياً في معظم أوروبا والمستعمرات الأوروبية السابقة وأجزاء كثيرة من جنوب غرب وجنوب آسيا [5].

المصادر

  1. Ethnologue
  2. CLMC
  3. The Indo European Language
  4. World History Encyclopedia
  5. Britannica

اختبار مساق مدخل إلى الفلسفة وفروعها

هذه المقالة هي الجزء 11 من 11 في سلسلة مدخل إلى الفلسفة وفروعها

املأ الاستمارة من فضلك في نهاية الاختبار، فستساعدنا في استخراج شهادة بإتمامك قراءة مقالات المساق.

هذا المساق متاح للأعضاء المسجلين فقط، سجل عضوية في موقعنا وسيتاح لك إكمال الاختبار للحصول على شهادة.


أن تكون عاقلًا في أكثر الأماكن جنوناً! ما هي تجارب روزينهان؟

الأمراض النفسية ما زالت غامضة حتى عصرنا هذا، وهذا ما يجعل الأطباء عمومًا، والأطباء النفسيين خصوصًا، عرضة للوقوع في الخطأ خلال التشخيص للمريض. وهناك العديد من المحاولات للتأكد من صحة التشخيصات، ولمحاولة فهم ماهية السلوك “الغير طبيعي”. من خمسينات القرن الماضي بدأ النهج الطبي باستخدام الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية (Diagnostic and Statistical Manual of Mental Disorders). الذي استخدِم بغرض تحديد السلوك الطبيعي عن غير الطبيعي. ولكن في ستينيات القرن الماضي بدأ العديد من الأطباء بنقد النهج الطبي. أحدهم كان دايفيد روزينهان الذي قام بدراسة لإثبات انتقاده لهذا النهج. [1]

تجربة روزينهان

كانت تجربة روزينهان من التجارب التي أجريت لتحديد صحة التقييم النفسي. تظاهر المشاركون فيها بالهلوسة لدخول المستشفيات النفسية، ولكنهم تصرفوا بشكل طبيعي بعد ذلك. وبالرغم من هذا، تم وصف أدوية مضادة للذهان لهم. أجرى الدراسة البروفسيور دايفيد روزنهان ونشر دراسته في مجلة العلوم عام 1973 بعنوان “أن تكون عاقلًا في أكثر الأماكن جنونًا.

الفرضية التي استندت عليها التجربة

هدف هذه الدراسة كان اختبار الفرضية التي تقول بأن الأطباء النفسيون لا يستطيعون التمييز بشكل موثوق بين العقل والجنون. كان يهدف بشكل رئيسي إلى معرفة ما إذا كانت الخصائص الظاهرة التي تؤدي للتشخيص تكمن في المرضى أنفسهم، أم في البيئات والظروف المحيطة التي يوجد المريض فيها. كما أراد أيضًا أن يرى المشفى من وجهة نظر المريض. [1]

مراحل التجربة

وقسم روزينهان دراسته إلى مرحلتين.

الدراسة الأولى: المريض الزائف

حاول مجموعة من الأشخاص الغير مريضين نفسيًا، وبلغ عددهم 8 أشخاص، الدخول إلى 12 مستشفى مختلفًا في خمس ولايات مختلفة. تنوعت المستشفيات من القديم إلى الجديد، بعضه يملك نسبًا جيدة من الموظفين والبعض الآخر يعاني من نقص في الموظفين. كما تنوع المرضى الزائفون في الجنس و الأعمار والمهن، وكان من بينهم روزينهان نفسه.
اتصل المشاركون بالمستشفى لتحديد مواعيدهم .وذكروا في التقييم النفسي الأولي أنهم يسمعوون أصوات غريبة من نفس جنسهم تقول كلمات مثل (فارغ، أجوف) .اختيرت هذه المفردات بعناية لتشابهها مع أعراض الأزمات الوجودية (انعدام المعنى للحياة). قاموا بإعطاء المستشفى أسماء مستعارة ومهن مختلفة وأعراض وهمية، ولم يكن لأي منهم تاريخ سابق في السلوك المرضي. [2]
تم توجيه المشاركين ليتصرفوا بشكل طبيعي في حال تم قبولهم، وتم قبول الجميع في المستشفيات جميعها. وبالرغم من أن أعراضهم متطابقة، تم تشخيص سبعة منهم بالفصام، وواحد مصاب بالذهان الهوسي الاكتئابي، وهو التشخيص الذي حصل عليه في المستشفى الخاص وهو مرض أخف وطئًا من الفصام “الشيزوفرينيا”. بقي المشاركون مدة تتراوح بين 7 أيام إلى 52 يومًا، وخرجوا جميعًا عدا شخص واحد، بتشخيص الفصام ولكنه بحالة هدوء. الأمر الذي اعتبره روزينهان دليلًا على أن المجتمع ما زال ينظر للمرض العقلي على أنه حالة لن يتعافلى فيها المريض، وسيكون وصمة عار له طول حياته. [2]

الدراسة الثانية: تجربة المحتال الوهمي

في الدراسة الثانية استخدم روزينهان مستشفى مشهور في مجال البحث العلمي كان قد سمع مسبقًا بنتائج دراسة روزينهان الأولى وادعى طاقمه أنه لن يحصل سوء التشخيص في هذا المشفى. ولذلك اتفق معهم روزينهان بأنه سيقوم خلال الشهور الثلاثة القادمة بإدخال مرضى وهميين إلى هذا المشفى، وسيقوم الموظفون بتقييم الشخص إن كان مريضًا حقيقيًا أم محتالًا. من بين 193 مريضًا، تم اعتبار 41 مريضًا محتالين، و42 آخرين كانوا مشتبه بهم. في الواقع لم يرسل روزينهان أي مريض محتال بينهم، أي جميع الذين اشتبه بهم الموظفون بأن يكونوا محتالين كانوا مرضى عاديين. واستنتج بأن أي عملية تشخيص تقودنا لارتكاب أخطاء جسيمة مثل هذه لا يمكن الوثوق بها. [2]

نتائج التجربة

تفكك الشخصية Depersonalisation

في التجربة التي شارك بها المرضى الوهميون، لاحظ جميع المشاركين بأن الأطباء والموظفون بالكاد أعاروهم أي اهتمام. قام ستة مشاركين بقياس مدى تفاعل الموظفون معهم خلال مدة 129 يومًا من الدراسة، وتراوح التواصل اليومي بين المرضى والموظفين بين 3 إلى 25 دقيقة. إن غياب التواصل البصري والحوار مع المرضى يبين مدى تجاهل الموظفين للمرضى، وبالتالي يرفع من احتمالات وقوعهم في خطأ التشخيص. [3]
من أسباب تعرض الفرد لتفكك الشخصية أولًا الطريقة التي يعامل بها الموظف المريض، بالسلوك الخائف أو غير الواثق أو المتعالي على المريض سيقود به نحو التجنب وبالتالي لتفكيك الشخصية. ثاني الأسباب هو الترتيب الطبقي للمشفى العقلي، فالإدارة هي الأقل تفاعلًا مع المرضى، وهذا ما يقود الموظفين الأقل منهم إلى اتباع سلوكهم وتجاهل المرضى بدورهم. [2]

الشعور بالعجز وغياب الإنسانية

يقول روزينهان بأن ” الشعور الساحق بالعجز يغزو الفرد خلال تعرضه باستمرار لتفكيك شخصيته بسبب المصح العقلي” بالإضافة للتجاهل وغياب الثقة بين طاقم المشفى والمريض يتملك المريض شعور بأنه عاجز أمام أي شيء ومجبر على اتباع الأوامر. كما أفاد جميع المرضى الوهميين من تجربة روزينهان بأنه تملكهم شعور بغياب انسانيتهم وعجزهم عن مواجهة ذلك. [2]

الوصم

أكد روزينهان بأن الوصم بالمرض ، كأن نقول “مجنون” أو مصاب بالشيزوفرينيا، هو ما يتعرض له المريض حتى بعد خروجه من المشفى يبقى موصومًا بمرضه وكأنه عار لمدى حياته. [2]

نقد التجربة

تم انتقاد التجربة من قبل العديد من العلماء والباحثين، قال سيمور كيتي بأن تصرف الموظفين هو السلوك الطبيعي لأي عامل في هذا القطاع. كما أشار آخرون أن اتفاق 7 من أًصل 8 حالات في التشخيص هو دليل الموثوقية للمشافي. [4]

يبقى لنا أن نتساءل بعد دراسات روزينهان كم من المرضى تم تشخصيهم بشكل خاطئ وكم من الأصحاء تم إدخالهم للمشافي العقلية التي تؤدي لجنونهم.

الواقع الافتراضي في التسويق

هذه المقالة هي الجزء 7 من 9 في سلسلة ما هو الواقع الافتراضي وكيف سيشكل مستقبلنا؟

تطورت العديد من مجالات الحياة بعد دخول الواقع الافتراضي عليها، وكان لمجال التسويق والتجارة حصته من هذا التطور، مما وضعه في مستوى مختلف تمامًا في ظل التطلعات والعمل القائم على استخدام الواقع الافتراضي في التسويق .

إيجابيات لاستخدام الواقع الافتراضي في التسويق

  1. إثارة إعجاب العملاء. إذ تعد تقنية الواقع الافتراضي تقنية جذابة بسبب المؤثرات البصرية والصوتية التي يمكن للمستخدم تجربتها، لذلك فهي تخلق انطباعًا جيدًا بكل تأكيد. الأمر الذي قد يشجع العملاء على الاطلاع على المنتجات وبنفس الوقت تجربة هذه التقنية.
  2. تسهيل التفاعل بين العميل والمنتج. إذ يوفر تطبيق الواقع الافتراضي للمستخدم تجربة المنتج، أي يمكن له استكشافه وتجربته افتراضيًا قبل شرائه مما يخلق ثقة أكبر لدى المشتري.
  3. تسهيل الحملات التسويقية. فالحملات التسويقية الافتراضية لا تحتاج إلا لنظارات الواقع الافتراضي والتطبيق الخاص بالحملة.وبذلك يمكن أن تتم الحملة عن بُعد. أي يمكن لعدد أكبر من المشاركين مشاهدة الحملة، وبالتالي تتسع المناطق التي تستهدفها الحملة التسويقية وتقل التكاليف المادية على الشركة المسوِّقة.
  4. تخفيف العبء على فريق المبيعات. إذ يُغني استخدام الواقع الافتراضي فريق المبيعات عن قطع مسافات طويلة لإيجاد زبائن قد يرغبون بشراء المنتجات. بدلًا من ذلك، يمكنهم إنشاء تجمّعات افتراضية يعرضون من خلالها المنتجات بحيث يمكن للناس الانضمام ورؤية المنتج. وفي حال الرغبة بالشراء، يمكنهم القيام بذلك مباشرة وبشكل إلكتروني. [1]

بعض صعوبات تطبيق الواقع الافتراضي في التسويق

خلق تجارب مشتركة. فما زالت أغلب التطبيقات الحالية للواقع الافتراضي التي تستخدم في صالات العرض تسمح لمستخدم واحد باستعمالها، بمعنى أنه لا يمكن لمستخدمين اثنين أن يستخدموها في آن واحد. لذلك، قد تتطلب تجربة المنتج من قبل جميع الزوار وقتًا طويلًا. وقد يحتاج تجهيز المعارض الافتراضية تكاليف عالية فلا تستطيع الشركات الناشئة والصغيرة توفيرها.

كيف يستخدم الواقع الافتراضي في التسويق؟

يمكن تصميم غرف للعرض والمحاكاة، فهي الأكثر استخدامًا وانتشارًا. يمكن للمستخدمين الدخول إلى هذه الغرف لرؤية المنتجات والعناصر قبل شرائها. ويمكنهم التفاعل معها بل وتعديلها، يمكن مثلًا تفحّص الأثاث وتعديله لمشاهدة مدى ملاءمته لمنزل العميل. كما يعد استخدام الواقع الافتراضي لتسويق منتج ما أداة رابحة، وذلك لأن الواقع الافتراضي يوفر رسوميات ثلاثية أبعاد ومؤثرات بصرية ونصوص جذابة، مما يزيد إعجاب العميل بالمنتج.

يستخدم الواقع الافتراضي في بيع العقارات

إذ تقوم بعض الشركات العقارية باستخدام تطبيقات خاصة تسمح للمستخدم بمعرفة المزيد من المعلومات التفصيلية عن العقار، مثل رؤية المنزل وموقعه وواجهته وتقسيمه داخليًا وغيرها من التفاصيل. «InmobiliAR» منصة مكسيكية تدمج تقنيتي الواقع الافتراضي والواقع المعزز، تتيح للمستخدمين البحث عن المنازل واستكشافها بطريقة عصرية وفعالة، يمكن زيارة الموقع من هنا. [2]

عقد المناسبات الافتراضية

إذ يمكن للشركة عقد الحدث التسويقي الخاص بها بشكل افتراضي. ويعد أحد الحلول التي لجأت إليها بعض الشركات أثناء جائحة كورونا أو عند ارتفاع عدد الإصابات في مكان إقامة الحدث لمواجهة الإغلاقات الحكومية. فينقعد الحدث افتراضيًا ويشترك فيه العملاء باستخدام النظارات الخاصة بالواقع الافتراضي، حيث يمكنهم التجول ضمن قاعة الحدث والتفاعل مع الآخرين عن طريق «الأفاتار-Avatar».

تعرف على بعض الشركات التي تقدم خدمات التسويق باستخدام تقنيات الواقع الافتراضي

  • تسويق السيارات: قامت شركة «أستون مارتن-Aston Martin» مؤخرًا بتسويق أحد سياراتها الحديثة باستخدام تقنيات الواقع الافتراضي. إذ تتيح هذه التجربة رؤية السيارة من الخارج وتفحّص أجزائها الداخلية بشكل مفصل ودقيق.
  • في مجال البنوك: قام «بنك أمريكا-Bank Of America» بتطبيق فكرة البنك الافتراضي، وأتيحت لبعض المستخدمين والشركات. سمح التطبيق بزيارة البنك بشكل افتراضي وإجراء التعاملات المالية، بالإضافة إلى إمكانية عرض البيانات المالية لحساب شخص ما بشكل تفاعلي بالكامل.
  • تسويق الطائرات: قامت شركة «إيمبرر-Embraer» للطيران في فترة الإغلاق الصحي الخاص بكورونا باستخدام الواقع الافتراضي للإعلان عن طراز جديد لطائراتها. وأتاحت التجربة للمستخدمين الدخول إلى الطائرة وتفحصها من الداخل، واستقبلت الشركة ملاحظات المستخدمين حول التجربة وقد لاقت نجاحا كبيرً.[3]

ما زال تطبيق الواقع الافتراضي في هذا المجال في بدايته ويخطو خطوات خجولة للأمام.ولكن من المتوقع مع الزمن أن يأخذ مركزًا مهمًا في تطور التسويق والتجارة.

المصادر

[1]-Program Ace
[2]-Mbryonic
[3]-TJIP

زيت السمك (الأوميغا 3): علاج أم تجارة؟

الأوميغا ثري هو أهم نوع من أنواع الدهون غير المشبعة أو الدهون الصحية، التي لها دور مهم في الوقاية من العديد من الأمراض المزمنة مثل فقدان الذاكرة وأمراض القلب. وتتضمن عائلة الأوميغا 3 أنواعًا عديدة، وأهمها هي: ALA – SDA – DPA – EPA – DHA .

تنقسم الأحماض الأمينية عمومًا إلى نوعين: أحماض هامة وأحماض غير هامة. والأحماض الأمينية الهامة هي التي لا يستطيع الجسم تخليقها، ولذلك يجب الحصول عليها من خارج الجسم. وأما غير الهامة فهي التي يستطيع الجسم تخليقها، لذلك لا حاجة إلى مصادر خارجية لها.

وتعتبر الأوميغا 3 من الأحماض الأمينية الهامة، إذ لا يستطيع الجسم تخليقها. ويجب الحصول عليها من مصادر خارجية عن طريق التغذية. وقد يكون ذلك عن طريق المكملات الغذائية والأدوية. وعلى سبيل المثال نحصل على ALA من بذور النباتات، وتتحول داخل الجسم إلى جميع الأنواع الأخرى من الأوميغا ثري. ولكن هذا التحول غير كافٍ حيث يتم التحويل بمعدل 3% عند الذكور و10% عند الإناث.

كيف نحصل على الأوميغا ثري من الغذاء؟

يُصنع كل من DHA – EPA – DPA عن طريق الحيوانات البحرية مثل الطحالب والعوالق النباتية.

تتغذى الأسماك والثدييات المائية والقشريات على الحيوانات البحرية، وتدخل هذه العناصر في دورة الغذاء، وتُخزن في الدهون والكبد، ثم تصل إلى الأنسان عندما يتغذى على هذه الأنواع من الأسماك.

إن المصادر الغذائية الهامة ل… هي الأسماك السمينة أو الدهنية مثل أسماك السالمون والسردين والرنجة، والسمك الأبيض مثل سمك الهلبوت وسمك القد. بالإضافة إلى دهون الحيتان وزيت السمك من التونة وزيت الكريل.

أما مصادر ALA فهي المكسرات والبذور مثل بذور الكتان وبذور الشيا وعين الجمل، بالإضافة إلى الزيوت مثل زيت فول الصويا.

وطبقًا للمركز القومي للصحة الأمريكي، فإن أغلب البالغين يحصلون على الكمية الموصى بها -1.1 جم للنساء و1.6 جم للرجال- على شكل ALA. ولكن هذا وحده لا يكفي، إذ يجب الاعتماد على مصادر خارجية لـ EPA و DHA.

[2]

كيف تفيد الأوميغا ثري صحتنا؟

إن للأوميغا ثري فوائد عديدة لصحتنا فهي:

  • تمتلك خصائص مضادة للالتهابات: حيث تساعد على تخفيف الالتهاب المزمن أو الالتهاب ذو الدرجة المنخفضة المرتبط بتطور السمنة وأمراض القلب وأدوية السرطان، حيث تقلل من علامات الالتهابات مثل سي ريأكتيف بروتين والإنترلوكين. بالإضافة إلى ذلك تقلل من الضغط والتوتر والالتهابات وتحمي من تطور الأمراض المزمنة.
  • تقلل الكوليسترول: في دراسة حديثة مدتها 6 أسابيع، تم الاستخدام اليومي لـ 1.2 جم من DHA على الأقل. فقلّت مستويات الدهون الثلاثية، وكذلك الكوليسترول الضار LDL، وزاد الكوليسترول الجيد HDL. وهذا يؤدي إلى قلة أمراض القلب ومتلازمة الأيض. ولكن أثبتت دراسة أخرى حديثة أنه ليس له أي تأثير على مرضى القلب أو الذين لديهم عوامل خطورة لأمراض القلب. وتزداد أهميتها عند الأشخاص الذين تزيد مستوى الدهون الثلاثية لديهم عن 500.
  • تقلل من ضغط الدم: حيث تحسن من صحة الأوعية الدموية. وتزيد من إتاحة أكسيد النيتريك الذي يعمل على استرخاء الأوعية الدموية، فيقل الضغط.
  • من الممكن أن تقلل من خطورة أمراض القلب: وذلك عن طريق تقليل العلامات المرتبطة بأمراض القلب. وكذلك الدهون الثلاثية والكوليسترول وضغط الدم. إذ إن 4 جم من EPA يؤدي إلى انخفاض 25% من مشاكل القلب بالنسبة للأشخاص الذين لديهم مستويات دهون ثلاثية عالية. ويشترط في على مرضى القلب أن يحصلوا على 1 جم فقط، مقارنة بالأشخاص الأصحاء الذين قد يصل احتياجهم إلى 4 جم يوميًا.
  • تحسن من صحة مريض السرطان وتقبله للعلاج: حيث تساعد مرضى سرطان الدماغ والرقبة والثدي على المحافظة على وزن الجسم، وتقليل فقد العضلات المرتبط بتطورات المرض. بالإضافة إلى تحسين الصحة النفسية لمرضى سرطان الثدي.
  • تحسن فرصة التخلص من الاكتئاب: حيث تحمي من مشاكل الاكتئاب العامة في الأعمار بين 15 و25 عامًا. ولُوحظ من خلال التجربة أنها تقلل من أعراض نوبات الاكتئاب.
  • يساعد الأطفال في التطور البصري والعصبي، وأيضًا في تطوير القدرات العقلية كالتفكير والتذكر والتعلم وخاصة لدى مرضى فرط الحركة وتشتت الانتباه.
  • تحمي من أمراض الزهايمر وفقدان الذاكرة: كما أن لها تأثيرًا إيجابيُا على الحماية من فقدان الذاكرة المرتبط بتقدم السن.
  • تقلل من دهون الكبد المرتبطة بأسباب أخرى غير شرب الكحوليات.
  • تخفف من ألم الدورة الشهرية، وتحسن الصحة النفسية للنساء في مرحلة انقطاع الطمث.
  • تساعد على النوم حيث إن نقص DHA مرتبط بهرمون النوم(الميلاتونين) لذا فإن الحصول عليه يساعد على النوم لفترات أطول. [4]
  • تحسن صحة الجلد وتساعد على ترطيبه وكذلك على ترطيب العين. [1]

خرافات عن الأوميغا ثري: ماذا لا تفعل؟

  • أوميغا ثري لا تقلل من خطر الموت بأمراض القلب مثل السكتة القلبية.وقد تم الوصول لهذه النتيجة بعد دراسة على أكثر من 80 ألف شخص.
  • جلطات الدم: بالرغم من أن أوميغا ثري تقلل من تجمعات الصفائح الدموية إلا أن ذلك التأثير ضعيف. ولا تستطيع الجرعات الصغيرة منع التجلطات، أما الجرعات الأكبر فلا يوجد دراسات عليها حتى الاّن، لذا فهي لا تمنع الجلطات.
  • لا تمنع أو تعالج السكري: إذ لا تؤثر على مستوى سكر الصائم ولا مقاومة الجسم للأنسولين ولا مشاكل الأيض في النوع الثاني من السكري.
  • لا تمنع السرطان: حيث أثبتت ذلك دراسة على أكثر من مليون شخص يحصلون على جرعات عالية من الأوميغا ثري يوميًا من 5 – 15 جم. كما لا تقلل من خطر الإصابة بسرطان الرئة، بل وفي بعض الحالات قد تزداد فرص الإصابة. [3]

الأوميغا ثري هي نوع من أنواع المكملات الغذائية التي قد تحتاج إليها في بعض الحالات ولكنه لا يعالج كل شيء.

مصادر

[1] medical news today

[2] webmed

[3] healthline

[4] medscape

ماذا سيحدث لو انقرض النحل؟

ماذا سيحدث لو انقرض النحل؟

منذ حوالي 130 مليون سنة خلال أوائل «Cretaceous period- العصر الطباشيري» يحدث شيء غير متوقع إلى حد ما، لقد أزهرت زهرة. كان هذا بلا شك غريب بالنسبة للكوكب، فلم ير أحد زهرة من قبل. كانت النباتات في كل مكان من الطحالب وأشجار الصنوبر والسراخس و «Cycads-السيكايات» [1] لماذا وكيف حدث هذا؟ الإجابة غير واضحة تمامًا.

ظهور «كاسيات البذور – Angiosperms»

يبدو ظهور النباتات المزهرة المعروفة مجتمعة باسم كاسيات البذور مختلفًا تمامًا عن أي نباتات أخرى في ذلك الوقت وبدون أسلاف تطورية واضحة وقد أسماها داروين عام 1879 “اللغز البغيض” [2]، حيث غزت النباتات المزهرة في 100 مليون سنة كل موطن على سطح الأرض تقريبًا، اليوم تمثل 9 من كل عشر أنواع نبات على هذا الكوكب، لقد أعادوا تعريف المناظر الطبيعية وشكلوا الأسس لنظم بيئية جديدة.

ولكن هل تسطيع كاسيات البذور فعل كل هذا بمفردها؟

تبادل المنفعة بين النبات والنحل

تحتاج النباتات إلى المساعدة على التكاثر، وبالطبع أكبر المساهمين في زيادة نشاط النبات هو النحل.

تعود أعشاش النحل المتحجرة، أو المخلوقات الشبيهة بالدبابير الموجودة في «غابات أريزونا المتحجرة – petrified forest of Arizona» إلى حوالي 220 مليون سنة قبل ظهور الزهور بالشكل الذي نعرفه اليوم. يعتقد العلماء أنه في ذلك الوقت لم يكن هناك الكثير من التعاون بين النحل فبدأت الزهور بالتطور. اقترحت دراسة أن النباتات الزيتية من فصيلة كاسيات البذور تطورت حوالي 28 مرة لتصبح أكثر جاذبية للحشرات الطائرة وخاصة النحل. وهي عملية يُعتقد أنها مسؤولة جزئيًا عن التنويع السريع والانتشار في الكوكب.

استجابة لذلك تطور شكل النحل وبنيته وسلوكه لتحسين وصوله إلى حبوب الطلع والرحيق.[3]

أهمية النحل للحياة على كوكب الأرض

يصنف العلماء النحل كنوع ضروري لبقاء الحياة على الأرض، فهو مهم للنظام البيئي وقد ينهار من دونه. تعتمد 90% من المحاصيل المزروعة تجارياً على تلقيح النحل والحشرات الأخرى. تقدر إحدى الدراسات الدولية أيضاً أن الإنتاج الغذائي العالمي السنوي الذي يعتمد على الملقحات يبلغ نصف تريليون دولار. بدون النحل، لن يكون هناك لوزٌ، كما سيختفي التفاح، والتوت الأزرق، والكرز، والأفوكادو، والخيار، والبصل، والعنب، والبرتقال، والقرع.

لن ينهار نظامنا الغذائي بدون النحل، ولكن سيعاني الكثيرون من الجوع. سنظل قادرين على زراعة المواد الغذائية الأساسية مثل الحبوب التي يتم تلقيحها بواسطة الرياح. رغم ذلك، لن تتوفر الفواكه والخضار، أو لن نستطيع تحمل تكلفتها، ومن المحتمل أنك لن تستطيع شرب القهوة أيضًا.

«اضطراب انهيار المستعمرات – colony collapse disorder_ CCD»

1- في الولايات المتحدة الأمريكية

في منتصف نوفمبر عام 2006م، قام مربي النحل الأمريكي ديف هاكنبرغ «Dave hackenberg» باكتشاف من شأنه أن يهز عالم تربية النحل. في فحص روتيني ل2400 خلية، وجد 400 خلية منها مهجورة تمامًا، لم يمت النحل، ولكنه رحل وترك خليته.

بحلول فبراير 2007 أبلغت العديد من عمليات تربية النحل الكبيرة في الولايات المتحدة عن حالات مماثلة، حيث فقد البعض ما يصل إلى 90% من مستعمراتهم. حدثت حالات اختفاء مشابهة على مدار تاريخ تربية النحل، حيث يعود تاريخ أول حالة إلى عام 1869. حملت على هذه الظاهرة عدة أسماء منها: «مرض الاختفاء – disappearing disease» و«مرض مايو -May disease». رغم ذلك، ما حدث عام 2006 كان غير مسبوق في حجمه فأطلقوا عليها اسمًا جديدًا وهو «اضطراب انهيار المستعمرات – CCD».

على مدى السنوات التسعة التالية قضى اضطراب انهيار المستعمرات تقريبًا على حوالي ثلث مستعمرات النحل في الولايات المتحدة الأمريكية كل عام دون أن يتمكن أحد من معرفة السبب. تفيد التقارير أن مربي النحل فقدوا 105,240 مستعمرة نحل بسبب اضطراب انهيار المستعمرة خلال الأشهر الأولى من عام 2020. في 1 أبريل 2020، فقد النحالون 44٪ من مستعمراتهم، وهذا هو ثاني أعلى معدل للخسائر منذ بدء هذه الدراسات الاستقصائية في عام 2006.

2- في الصين

الولايات المتحدة ليست الوحيدة التي تعاني من اضطراب انهيار المستعمرات، فهناك نمط عالمي. أحد أبرز الأمثلة مقاطعة هانيوان-الصين المعروفة بعاصمة الإجاص في العالم. مع انخفاض أعداد النحل المحلية بشكل حاد، يتم التلقيح السنوي اللازم لضمان محصول كامل من الفاكهة الآن يدويًا، زهرة واحدة في كل مرة.

3- في ألمانيا

وجدت دراسة استمرت عقودًا للمحميات الطبيعية أن 75% من الحشرات الطائرة قد ماتت خلال الثلاثين عامًا الماضية. يظن بعض العلماء أن هذا كله جزء من حدث انقراض جماعي يموت فيه غالبية أنواع الكوكب، وهذا حدث خمس مرات قبل أن نكون أحياء لنعلم به، وها نحن نشهد المرة السادسة.

تتناقص أعداد الحيوانات في جميع أنحاء الكوكب بسرعة كبيرة لدرجة أن الباحثين يقولون أننا في حالة «إبادة بيولوجية – Biological annihilation».تشكل الحشرات حوالي 90% من جميع أنواع الحيوانات على هذا الكوكب، وأكثر من نصف جميع الكائنات الحية. تشير التقديرات إلى وجود ما يقارب من 1.4 مليار حشرة لكل إنسان على وجه الأرض.[4]

كيف نحد من انقراض النحل؟

الخطوة الأولى هي فهم المشكلة، وهي ليست كما اقترح البعض تحصل بسبب الهواتف المحمولة، أو الإشعاع الكهرومغناطيسي.

أسباب انقراض النحل

حدد العلماء عددًا من الأشياء التي يمكن أن تؤثر على مجموع الملقحات من الحشرات، ربما يكون المرشح الأكثر وضوحًا هو تغير المناخ، الذي يؤثر على جميع النظم البيئية. رغم ذلك، لا يوجد حتى الآن الكثير من الأدلة التي تربط بشكل مباشر بين تغير المناخ وموت النحل الحشرات.

1- تدمير مواطن هذه الحشرات

حيث يميل البشر إلى الاستيلاء على البيئات الطبيعية لبناء مرافقهم. مواقف السيارات، ومراكز التسوق تترك مساحة أقل للأنواع الأخرى للعيش والنمو.

2- الزراعة

ترتبط الزراعة الحديثة ارتباطًا وثيقًا بهذا الأمر، حيث أن هناك مساحات متزايدة من الأراضي، غالبًا ما تكون غابات، يتم تطهيرها وإعادة استخدامها لزراعة المحاصيل الغذائية.

3- المبيدات الحشرية

تعتمد الزراعة التجارية بشكل كبير على استخدام المبيدات الحشرية، من المنطقي أن النحل، كونه من الحشرات، لا يتفاعل بشكل جيد مع هذه المواد. تنتشر فئة جديدة نسبيًا من المبيدات الحشرية وهي «مبيدات النيونيكوتين – neonicotinoids» على نطاق واسع في الزراعة اليوم. قد تكون هذه الفئة قاتلة للنحل، حيث تبين أن هذه المواد الكيميائية لها تأثير إدمان غير مقصود يشبه النيكوتين على النحل يجعلها تعود مرارًا للحصول عليه. من الممكن أن تجعل هذه المواد النحل يواجه مشاكل مع الطيران والتنقل.

تشمل الأعراض أيضاً انخفاض حاسة التذوق، وبطئ تعلم المهام الجديدة، وكلها تؤثر على القدرة على إيجاد الطعام وإنتاجية الخلية. [5] لمبيدات الحشرات الأخرى تأثيرات أقل فتكًا، لكنها تعمل على إضعاف جهاز المناعة لدى النحل، مما يجعله عرضة للإصابة بالأمراض والطفيليات وهو ما قد يؤدي إلى انقراض النحل في النهاية.

4- سوء التغذية

ومن الأسباب الأخرى التي تؤدي لموت النحل الانخفاض الكبير في جودة تغذية النحل، حيث تميل أساليب الزراعة الحديثة إلى تفضيل «الزراعة الأحادية-Monoculture». هذه الممارسة هي زراعة مساحات شاسعة من الأرض بنوع واحد من النباتات. في أسوأ الحالات، قد تكون هناك آلاف الهكتارات من الأراضي المزروعة بمحاصيل تجارية لا يتم تلقيحها بواسطة الحشرات كفول الصويا أو الذرة.

كما أن الزراعة الأحادية للمحاصيل المزهرة ليست أفضل بكثير، لأن غذاء النحل يصبح أحادي البعد، ويفتقر إلى التنوع الغذائي الكافي، نتيجة لذلك، تصبح أجهزة المناعة لدى النحل ضعيفة. ضعف الجهاز المناعي قد يؤدي إلى انقراض النحل بمجرد تعرضه لأي مرض أو طفيليات.

5- الطفيليات

مع كل هذه المشاكل ظهر العدو الأقوى للنحل، وهو «عث الفاروا المدمر – Varroa Destructor Mite». يبلغ طول هذا المخلوق 1.2 ملم فقط، لكنه قادر على إحداث أضرار جسيمة. يخترق هذا العث جسم النحل، ويحقن مزيجًا من الأنزيمات الهاضمة التي تعمل على امتصاص دهون الجسم. حقيقًة، تتجسد خطورة عث الفاروا في انتقاله إلى الخلية ويقضي على أكثر من 20% من المستعمرة، مما يؤدي إلى موت الخلية بالكامل.[6]

لذلك نحتاج إلى اتخاذ خطوة جدية للمواجهة ظاهرة انقراض النحل، والمحافظة على استمرارية الحياة على كوكب الأرض.

المصادر:

[1] digitalcommons
[2] ecoevocommunity.nature
[3]royalsocietypublishing
[4] Science
[5] springer
[6] pnas

ملخص كتاب بحث الإنسان عن معنى (الجزء الأول)

في كتابه بحث الإنسان عن معنى، يحكي الطبيب النفسي النمساوي الشهير فيكتور فرانكل عن التجربة العصيبة التي مر بها داخل معسكرات الاعتقال النازية. وكيف تأثر بها وأسهمت بشكل كبير لاحقًا في وضعه لأساسيات واحدة من أشهر مدارس العلاج النفسي المعروفة الآن. وهي العلاج بالمعنى المعروفة باسم logotherapy. يقوم العلاج بالمعنى على فكرة أن إيجاد المعنى والهدف من الحياة هو مفتاح سعادة الإنسان وراحته.

في الواقع، بدأ فيكتور صياغة نظريته عندما كان في فيينا، النمسا من قبل حلول العدوان النازي. وبعدها عندما تم اعتقاله لمدة 3 سنوات، شارع فيكتور بتطبيق أفكار نظريته عليه وعلى زملائه في المعسكر في محاولة منه لإيجاد المواساه.

ينقسم الكتاب إلى جزئين. في الجزء الأول يباشر فيكتور الحديث عن تفاصيل تجربته في معسكرات الاعتقال ومراحلها المختلفة. أما في الجزء الثاني فيبدأ بتوضيح أساسيات العلاج بالمعنى.

في هذا المقال، يتم سرد ملخص الجزء الأول فقط. وسيتم نشر ملخص للجزء الثاني في مقال لاحق.

الوصول إلى المعسكر

يروي فيكتور تفاصيل نقله هو وعائلته إلى المعسكر بعد رحلة طويلة شاقة. وعند وصولهم، يتم تصفيتهم حسب مقدرة كل فرد على العمل. فالأفراد ذوي المقدرة البدنية على العمل يتم إرسالهم إلى معسكرات أخرى خاصة بالأعمال الشاقة. ويتم إرسال جميع من ليس لديه مقدرة بدنية (بما في ذلك الأطفال وكبار السن والمرضى) إلى غرف الغاز حيث يلقون حتفهم.

عرفت غرف الغاز بالإبادة الجماعية، حيث يتم إدخال الأفراد في غرفه مغلقة ومن ثم ضخها بالغاز المسمم فيتم إعدام جميع من فيها خنقًا.
فيروي هنا فرانكل بأنه عند مفترق الطرق، عند مرحلة اختيار من عليه الذهاب إلى معسكر الأعمال الشاقة ومن سيتم إرساله إلى غرف الغاز، كان الجميع يحاولون جاهدين التظاهر بالمقدرة البدنية لتجنب المصير المحتوم.
بعد اجتياز مرحلة التصفية، يتم اختيار فرانكل للذهاب إلى معسكر أخر ليقضي سنوات مقبلة من حياته في الأعمال القسرية.
كان حراس المعسكر يحرصون على سلب جميع ممتلكات المساجين. حيث يروي فرانكل أنه وقبل دخولهم المعسكر يتم أخذ كل الممتلكات دون استثناء. ولا يقتصر الأمر على الممتلكات المادية فحسب، فمعاملة حراس المعسكر للمساجين بتعمد الإهانة والوحشية والتعنيف الجسدي سلبت منهم أيضًا حقوقهم الأساسية في التعامل الآدمي.
فيقول فرانكل أنه في المعسكر يتم سلب جميع الممتلكات المادية والحقوق الأساسية. وحتى أدنى مستوى من الكرامة الإنسانية ليتركوا بذلك الفرد مجرد تمامًا من كل شيء.

المراحل النفسية الثلاث للسجين في معسكرات الاعتقال

يروي فرانكل أن السجين في معسكرات الاعتقال يمر بثلاث مراحل نفسية أساسية. من بداية دخوله المعسكر وحتى خروجه منه. المراحل هم: الصدمة واللااكتراث والإحباط. المرحلة النفسية الأولى تتجلى عند وصولهم إلى المعسكر. حيث يختبر السجين مشاعر الصدمة جراء ما يشهده من انتهاكات وسلب مباشر وغير مباشر للكيان الإنساني الذي هو عليه.

الحياة داخل المعسكر

يتحدث فرانكل عن تفاصيل الحياة من داخل المعسكر التي لا تخلو من مختلف ممارسات الظلم والقهر والمعاملة اللاإنسانية التي يتعرض لها المساجين. وفي تلك المرحلة بالتحديد، عندما يجتاز السجين مرحلة الصدمة، وهي المرحلة الأولى من مراحله النفسية الثلاث، ينتقل إلى المرحلة الثانية، وهي مرحلة اللااكتراث. تتطور هذه المرحلة بشكل كبير كآلية دفاعية نفسية عند السجين لمواجهة جميع أشكال العذاب التي يتعرض لها.
في تلك المرحلة، تعمد فرانكل التركيز على ذكر المعاناة اليومية المتفرقة التي كانوا يواجهونها. ولم يتطرق إلى الحديث عن الألم الوجودي العميق المصاحب للتجربة بشكل كبير.

فمن ضمن مما عاناه السجين، وساهم بشكل كبير في التأثير عليه هو قلة الطعام وسوء التغذية العام. فحراس المعسكر كانوا يتعمدون تجويع المساجين وحرمانهم من الطعام كلما سنحت الفرصة.
فكان هَم السجين الأوحد خلال اليوم هو الحصول على قسط من الطعام للبقاء على قيد الحياة بأي ثمن. ويأتي ذلك إلى جانب قلة ساعات النوم بالإضافة إلى ساعات العمل الطويلة الغنية بجميع أنواع العذاب النفسي والجسدي.
يذكر فرانكل هنا أن كثير من المساجين لم يتحملوا الحياة داخل المعسكر فبعضهم حاول الهرب والبعض الآخر لجأ إلى الانتحار.

وفي منتصف ذلك العذاب المضني، يحاول فرانكل جاهدًا تطبيق أفكار نظريته العلاجية عليه وعلى أصدقائه. لمساعدتهم على تحمل مشاق الحياة التي وجدوا أنفسهم بصددها.
ففي وسط جميع أنواع العذاب والظلم والفوضى التي تحوم حول الحياة داخل المعسكر. يرى فرانكل أنه بإمكان الحياة أن تكون ذات معنى وبإمكان الفرد تحقيق ذلك المعنى.
وأن معاناة الفرد دليل على قدرته في تحقيق ذلك المعنى. فالمعاناه تحمل في طياتها جرأة في مواجهة العذاب والألم وشجاعة تحمله. بالإضافة إلى فضيلة التحكم بالنفس عن طريق عدم السماح لتلك المعاناة بأن تقود سلوك الفرد إلى الأسوأ.
فيرى فرانكل أن المعاناة والصعوبات يحملان في طياتهما فرصة عظيمة لاستخراج الكثير من المعان.

آمال زائفة

يروي فرانكل أنه في أيامهم داخل المعسكر كان السجين يحلم باليوم الذي سيطلق به سراحه. فكانوا يسرفون في الحلم وكان الكثير يمضون أيامهم في تخيل شكل الحياة ما بعد التحرر. وأدرك فرانكل التأثير السلبي لذلك على المساجين. حيث أن تلك التخيلات لم تأت بمفردها بل تأتي عادة جمًا إلى جمب مع الكثير من الإشاعات عن أنباء لانتهاء الحرب والتحرر. فيعلق الكثير آمالهم على توقعات زائفة بالتحرر القريب ويسرفون في التخيلات الواعدة، وعندما يمر الوقت دون تغير في الأحداث واستمرار الحرب، يصاب الكثير بمشاعر إحباط شديدة قد تودي بهم أحيانًا.

الحياة بعد المعسكر

في آخر أيامه في معسكرات الاعتقال، يذكر فرانكل كم السعادة التي شعر بها هو وأصدقائه عندما وصلهم أنباء انتهاء الحرب والإفراج القريب عنهم. فيروي أنه لم يستطع النوم هو وزملائه من فرط سعادتهم وتحمسهم. ففي أول يوم خرج فيه من بوابة المعسكر هو وزملائه كانوا في حالة عدم تصديق بأنهم أخيرًا قادرون على تخطي بوابة المعسكر دون خوف من الحراس.

ويحكي عن تفاصيل ذلك اليوم، فيقول أنهم بالرغم من شدة حماسهم وهم بداخل المعسكر للخروج، عندما خرجوا فعلًا كان الأمر مختلفًا عما تصوروه. حيث شعروا في البداية بعدم الرضا عندما لم يجدو ما كانوا ينشدونه عند خروجهم من المعكسر. بل سرعان ما تطور هذا الشعور بعدم الرضا إلى شعور عميق بالإحباط عند عودتهم إلى منازلهم ليجدوا أن عائلاتهم بأكلمها لم تعد على قيد الحياة. وأن الحياة خارج المعسكر لم تكن كما كانوا يتصورونها في أذهانهم طوال سنوات المعسكر. وهنا، يمر السجين بآخر مرحلة نفسية من المراحل الأساسية خلال رحلته إلى وخارج المعسكر، مرحلة الإحباط العميق.


يرى فرانكل في نهاية الجزء الأول بأنه حتى إذا كانت الحياة بالفعل خارج المعسكر كما تخيلوها بداخله، فإنها مع ذلك لن تستطيع تعويضهم عن كم المعاناة التي شهدوها هناك. وأوضح أيضًا بأنهم لا يحتاجون السعادة المادية بالأساس. فعند النظر إلى الوراء والتأمل في التجارب والمحن التي اجتازوها وبالشخص الذي أصبحوا عليه بعد تلك المحنة فإن ذلك يبعث شعورًا مليئًا بالمعنى والتتويج.

اقرأ أيضًا: ملخصات كتب

البارانويا: أفكار غير منطقية ومعتقدات خاطئة!

طريقة تفكير تؤدي إلى شعور الأشخاص بعدم الثقة والشك في الآخرين. قد ينطوي هذا النمط من التفكير الوهمي على مشاعر الاضطهاد، مما يجعل الشخص يعتقد أنه في حالة خطر دائم.
في هذه المقالة، نحدد البارانويا ونناقش أعراضها وأسبابها والحالات ذات الصلة.

ما هي البارانويا؟

يشير هذا المصطلح الغريب نوعًا ما إلى أفكار ومشاعر غير منطقية وأحيانًا قد تكون مستمرة. إذ يعتقد الشخص أن الآخرين يحاولون إيذائه أو خداعه أو استغلاله. وقد يشعر الشخص أيضًا بأن الآخرين يراقبونه أو يستمعون إليه على الرغم من عدم وجود دليل على ذلك.

يرى بعض الناس الأفكار المصابة بجنون العظمة ما هي إلا مجرد أوهام! ولكن متى؟ عندما تصبح هذه الأفكار غير المنطقية والمعتقدات الخاطئة ثابتة لدرجة أنه لا يمكن حتى للأدلة المضادة إقناع الشخص بأن ما يعتقده غير صحيح.

مؤشرات للإصابة بجنون العظمة أو البارانويا؟

إن من مؤشرات الإصابة: التوتر المستمر أو القلق المرتبط بمعتقدات الآخرين الذي يرافقه عدم الثقة/التصديق أو سوء الفهم. وبالتالي يصبح تكوين علاقات مع الآخرين أمرا صعبا بالإضافة إلى المشاكل في العمل والعلاقات الشخصية. هذا كله يجعل الشخص يشعر بأن من حوله يتآمر ضده ويحاول إيذائه جسديًا وعاطفيًا. فيغلُب عليه الشعور بالظلم أو الاضطهاد بالرغم من عدم وجود أي تهديد، مما يدفعه إلى العزلة والانطواء على نفسه.

الاضطهاد والبارانويا؟

إن الاضطهاد هو أحد أكثر الأوهام شيوعًا في مثل هذا الاضطراب. والعامل الرئيسي الذي يساهم في ذلك هو الميل المبالغ فيه إلى الإشارة إلى الذات. أي إساءة تفسير ملاحظات وإيماءات وأفعال الآخرين بشكل منهجي بتلقفها على أنها إهانات مقصودةـ أو علامات على السخرية والازدراء الموجهة إلى الذات.
تصبح الإشارة إلى الذات وهما بجنون العظمة عندما يستمر المرء في الاعتقاد بأنه هدف لأعمال أو تلميحات معادية. يرتكبها بعض الأعداء أو مجموعة من الأعداء، في حين أن هذا ليس هو الحال في الواقع.

ما هي الأسباب المتحملة للبارانويا؟

لا يزال العلماء غير متأكدين من السبب الدقيق، ولا تزال الأبحاث جارية. إلا أن الدلائل تشير إلى مجموعة من العوامل المختلفة التي من المحتمل أن تلعب دورًا، والتي من بينها:

  • علم الوراثة: قد يؤثر وجود جينات معينة على مدى احتمالية إصابة الشخص بالبارانويا. على سبيل المثال، سلط مقال صدر عام 2018 الضوء على التباين الجيني، المعروف باسم SNP rs850807، باعتباره مرتبطًا بشدة بجنون العظمة.
  • كيمياء الدماغ: الناقلات العصبية عبارة عن مرسال كيميائي يلعب دورًا رئيسيًا في وظائف المخ. ويؤثر على الأفكار والمشاعر، على سبيل المثال، تشير مقالة صدرت عام 2018 إلى دور الدوبامين في التفكير بجنون العظمة.
  • الصدمة: الصدمة السابقة قد تشوه أفكار الشخص ومشاعره. على سبيل المثال، تشير دراسة أجريت عام 2017 إلى أن صدمة الطفولة مرتبطة بشكل كبير بمعتقدات جنون العظمة، وتضيف دراسة أجريت عام 2019 أنها تزيد من خطر الإصابة بالذهان.
  • الإجهاد: تشير الدلائل إلى أن جنون العظمة قد يكون أكثر شيوعًا لدى الأشخاص الذين عانوا من ضغوط شديدة أو مستمرة. على سبيل المثال، تشير دراسة أجريت عام 2016 إلى أن التوتر يمكن أن يؤدي إلى جنون العظمة، وقد تساعد استراتيجيات إدارة الإجهاد في الحد منه.

كيف يتم تشخيص البارانويا؟

قد يكون من الصعب تشخيص البارانويا، لأنه ليس فقط عرضًا للعديد من الحالات. ولكن لأن الأشخاص الذين يعانون منه قد يحاولون تجنب الأطباء والمستشفيات وغيرها من الأماكن الطبية، وقد لا يدركون أن لديهم مثل هذه الأفكار.
عادةً ما يطرح الطبيب أو أخصائي الصحة العقلية أسئلة حول التاريخ الطبي للشخص، وإجراء الفحص البدني وتقييم الأعراض، بالإضافة للاختبارات النفسية. وقد يتطلب الأمر بعض اختبارات الدم والأشعة، وذلك لاستبعاد الأسباب المحتملة الأخرى للأعراض.

هل من علاج للبارانويا؟

هذه قائمة ببعض العلاجات التي قد تكون مفيدة في بعض الحالات:

  • العلاج بالكلام: قد تساعد هذه الأنواع من العلاج الشخص على فهم تجاربه وتطوير استراتيجيات التأقلم لإدارة الأفكار بجنون العظمة.
  • العلاجات الفنية والإبداعية: تشجع الناس على توجيه أفكارهم ومشاعرهم والتعبير عنها. قد يكون هذا مفيدًا إذا كان الناس يجدون صعوبة في التحدث عن تجاربهم.
  • الأدوية: إذا تم تشخيص الشخص بحالة مثل الفصام، فقد يقترح الطبيب الأدوية المضادة للذهان. إذ تساعد هذه في تقليل الأفكار بجنون العظمة وتسمح للشخص بالتفكير بوضوح ومنطقية. كما تفيد الأشخاص الذين لا يعانون من الفصام ولكن يعانون من الأفكار المزعجة المتعلقة بجنون العظمة.

تشير الدلائل إلى أن المضاعفات المحتملة للبارانويا قد تشمل:

  • سلوكيات السلامة: تؤثر الإصابة على السلوكيات التي قد يفعلها الناس لجعل أنفسهم يشعرون بالأمان. مما يدفعهم لتجنب مواقف معينة والتصرف بعدوانية تجاه الآخرين.
  • العزلة: يشعر أولئك الناس بأن لا أحد يفهمهم مما يجعلهم يميلون للعزلة والإنطواء على الذات.
  • القلق والحزن: بالطبع سيؤثر ما ذُكر على حالتهم المزاجية.
  • وصمة العار: قد يتعرضون للتمييز من قبل الآخرين بسبب سوء الفهم حول البارانويا.

المصادر:

اقرأ المزيد حول: القلق وكيفية السيطرة عليه

معنى أن تهديك قطتك فأرًا

هل سبق وقدمت لك قطتك إحدى فرائسها كالفأر مثلا؟ هل رأيتها يومًا تصطاد الحشرات حولها وكأنها تلهو؟ فلما تصطاد القطط دومًا؟ وهل لذلك علاقة بجوعها؟

حافز القطط للصيد

تميل القطط لأكل اللحوم في الغالب بدلًا من الطعام النباتي وذلك نتيجة لطبيعتها الناتجة عن التطور. فنرى أنياب القطط الحادة البارزة لتساعدها على قطع اللحوم. وحتى طبيعة الجهاز الهضمي للقطط يُصعب عليها أكل النبات، ولكنه يهضم اللحوم بسهولة. ونتيجة لاحتواء طعام القطط المُصنع على نسبة كبيرة من الأرز والذرة، فتحاول القطط تعويض احتياجاتها للحوم بالصيد. ولكن، حتى لو وفرت لقطتك اللحوم الكافية ستراها أيضًا تميل للصيد، ولكن دون أن تأكل فريستها.

تميل القطط للصيد فقط لوجود رغبة في الصيد. يعتقد العلماء أن تصرف كهذا مرتبط بطبيعتها كحيوان، حتى لو لم تكن بحاجة للحوم. وتتمرن القطط على الصيد وهي تلعب، حتى لو كانت تطارد الحشرات. وتُعلم القطط الأم اطفالها الصيد وهم صغار فالأمر كالورث الذي ينقله جيل لآخر. وباستخدام قوانين فيزيائية بسيطة نرى القطط تملك مهارات يمكن ألا تتواجد في كثير من حيوانات أخرى. وتستطيع القطط أن تكشف مكان الفريسة، حتى لو كانت متخفية أيضًا بتفسير فيزيائي بسيط.

الفعل ورد الفعل

تستخدم القطط إحدى قوانين الفيزياء الأساسية وهو قانون الفعل ورد الفعل. تستطيع القطط من خلال ذلك المبدأ أن تحدد ما إذا كانت الفريسة متخفية في مكان ما أم لا. ويعتقد العلماء أن القطط تحلل الموقف ليس فقط من خلال ما ترى، ولكن مما تسمع أيضًا. فمثلا عندما يهتز صندوق ما فتبدأ القطط تحلل ما إذا كان صوت ما صدر خلال تلك الهزة أم لا. وأجرى علماء من جامعة كيوتو في اليابان تجربة على عدد من القطط حيث هزوا عدد من الصناديق مجموعة منها تحتوي على أجسام وأُخرى فارغة ثم قلبوا تلك الصناديق. كشفت نتائج التجربة أن القطط كانت تنظر لوقت أطول وتحدق بالصناديق التي تصدر أصواتًا وتستعد لمواجهة الجسم عند قلب الصندوق.

وكل تلك المهارات لا تدل إلا على أن القط صياد ماهر يستطيع الصيد حتى في أسوء الظروف. وكغريزة فطرية للقطط فهي تصطاد، ولكن لما قد تهديك فرائسها؟

لما قد تهديك قطتك فأرًا؟

يعتقد العلماء أن من المحتمل أن تهديك فريستها لعدة أسباب. واحد من تلك الأسباب هو اعتقاد القطط أن البشر يغيبون فترات طويلة على مدار اليوم في الصيد. وتصطاد القطط لتساهم في زيادة غنيمة اليوم والمشاركة بمهاراتها في تلك المهام الضرورية كما ترى. وبالتالي فقد يكون قطك يشعر بالمسؤولية تجاه المنزل فيرى أن من واجبه أن يشارك. واعتقاد آخر وهو أن القطط بحاجة لمزيد من اللحوم كما شرحنا. وفي النهاية، هل يوجد طريقة تحد من صيد القطط للفئران أو أي فريسة أخرى؟ والاجابة لا، حتى إطعامهم جيدًا لن يوقفهم فالصيد شيء داخلي بالنسبة لهم كما لو كان هواية.

المصادر

https://icatcare.org/understanding-the-hunting-behaviour-of-pet-cats-an-introduction

https://basepaws.com/blogs/news/how-do-cats-hunt

https://www.wired.co.uk/article/cats-laws-of-physics

ما هي أهمية النمذجة ثلاثية الأبعاد في علم الآثار؟

يدرس علم الآثار البقايا التي خلفّها أسلافنا، ومن خلالها نتعرف على تطورهم وهجراتهم وحضارتهم. يمكن أن تكون هذه البقايا عبارة عن كسر فخارية أو هياكل عظمية أو بقايا معمارية.

ورغم الفكرة الشائعة في الإعلام عن استخدام علماء الآثار للخرائط المهترئة والفرشاة في أعمال التنقيب، إلا أن الواقع مختلف تمامًا. حيث يعتمدون في دراسة المكتشفات على العديد من العلوم كالكيمياء العضوية والجيولوجيا والبيولوجيا والأنثروبولوجيا. [1]

لقد ساعدت العلوم والتقنيات الحديثة في حصولنا على نتائج مذهلة لم نكن نتخيلها في العقود الماضية، فمن خلال التعاون ما بين علماء الآثار وعلماء الوراثة استطعنا الحصول على الحمض النووي للنياندرتال والذي ساعدنا على فهم الكثير عن حياة النياندرتال واحتماليات انقراضه. [2]

أهمية النمذجة ثلاثية الأبعاد في علم الآثار

كانت «النمذجة ثلاثية الأبعاد-3D Modeling» واحدة من المجالات التي استخدمها علماء الآثار، فاستعملوا أدوات وبرامج مطوري ألعاب الفيديو أو مختصي الرسوم المتحركة. سمحت النمذجة ثلاثية الأبعاد بتوثيق وتحليل الماضي بطرق لم تكن ممكنة من قبل. إذا نستطيع اليوم من خلف شاشات حواسيبنا مشاهدة القطع والحفريات أو القيام بجولات افتراضية في المتاحف العالمية. [1]

توثيق الحفريات الأثرية

تهدف أعمال التنقيب إلى فهم الطبقات الموجودة في الموقع، وتأريخ القطع المكتشفة ودراستها ضمن سياقها التاريخي. ولكن قد يضطر علماء الآثار لإزالة الطبقات من الفترات الأحدث لاكتشاف الطبقات من الفترات الأقدم. وإن إزالة أي طبعة دون توثيقها بشكل دقيق يعني ضياعها إلى الأبد.

ساعدت النمذجة ثلاثية الأبعاد على توثيق الحفريات الأثرية بدقة من خلال منهجية «البنية من الحركة-Structure from Motion»، والتي تعتمد على التقاط سلسلة من الصور المتداخلة. ومن خلال استخدام البرامج يمكننا تجميع الصور ومعالجتها للحصول على نموذج ثلاثي الأبعاد عالي الدقة ومحدد جغرافيًا للحفريات. [1]

توثيق القطع الأثرية

بعد الانتهاء من الحفريات الأثرية يقوم علماء الآثار بإنشاء نماذج ثلاثية الأبعاد للعديد من النماذج المهمة، لمساعدة الباحثين والمؤرخين ومختصي اللغات القديمة على دراسة القطع دون الحاجة إلى السفر لمعاينة القطع. ويوثق علماء الآثار القطع الأثرية من خلال كاميرات الديجتال أو «الماسحات الليزرية-3D laser scanners»، ومن ثم يتم إنشاء نماذج ثلاثية الأبعاد لدراستها من قبل المتخصصين أو طباعة نماذج منها أو حتى رفعها على مواقع الويب مثل موقع Sketchfab.

يمكن للمهتمين مشاهدة هذه النماذج وتحميل المتوفر منها بشكل مجاني على حواسيبهم، بالإضافة لإمكانية تعديل أبعادها وطباعتها بالطابعات ثلاثية الأبعاد. [1]

أهمية النمذجة ثلاثية الأبعاد في توثيق التراث الثقافي

أصبحت النمذجة ثلاثية الأبعاد للقطع والمواقع الأثرية جزءًا مهمًا لتثقيف وتوعية المجتمعات بالتراث الثقافي المحلي والعالمي. من الأمثلة الناجحة في هذا السياق هو ما قدمه علماء آثار وطلاب جامعة نورث كارولينا في أمريكا، إذ عملوا منذ عام 2015 على إنشاء نماذج ثلاثية الأبعاد لقطع وحفريات بالإضافة إلى القطع الأثرية المحفوظة في متحف الجامعة. هذه النماذج متاحة للعامة بشكل مجاني على موقع Sketchfab، وموجودة في متحف افتراضي على موقع الجامعة. [1]

إن الجهود المتزايدة لتوثيق الحفريات والقطع كنماذج ثلاثية الأبعاد ستساعد المختصين والمهتمين بعلم الآثار حول العالم بالحصول على هذه المعلومات القيّمة، كما أنها ستحفظ تراثنا الثقافي للأجيال القادمة. [5]

يمكنك قراءة إعادة بناء لوجه طفل حيث كشفت النمذجة مدى دقة لوحات المومياوات المصرية.

المصادر

[1] The Pipettepen
[2]medlineplus
[3] sketchfab
[4] ancientnc
[5] unesco

العائلات اللغوية وتقسيماتها

هذه المقالة هي الجزء 1 من 8 في سلسلة العائلات اللغوية وأقسامها

تنتمي لغات العالم إلى عائلات لغوية (language families). والعائلة اللغوية هي مجموعة من اللغات المرتبطة ببعضها، والتي تطورت عن أصل مشترك (protolanguage) أو لغة سلف مشتركة (ancestral language). في أغلب الأحيان، لا تكون اللغة السلف معروفة بشكل مباشر، ولكن من الممكن اكتشاف بعضٍ من خصائصها عبر تطبيق دراسة منهجية مقاربة للغات المتفرعة عنها. فاللغة الأصلية أو السلف هي لغة كانت موجودة في فترة ما في التاريخ، ونشأت عنها مجموعة من اللغات الأخرى مع مرور الوقت [1].

ما هي اللغة؟ وكيف نجد العائلات اللغوية؟

لنقف أولاً عند تعريف اللغة. وفق قاموس«Merriam Webster» تُعرّف اللغة على أنها نظام الكلمات أو الإشارات التي يستخدمها الناس للتعبير عن أفكارهم ومشاعرهم والتواصل مع غيرهم [2]. ومعظم اللغات التي نعرفها حالياً هي نسخٌ مطورةٌ من لغات أقدم منها. لكن عند وصفها بالمطورة، لا نقصد أنها أفضل من أسلافها، بل المعنى هنا أنه طرأ عليها تعديلاتٌ وتغييراتٌ نتيجة التأثر ببعضها عبر الانتقال إلى مناطق جغرافية أخرى.

عادة ما يدرس علم اللغويات التاريخي ارتباط اللغات ببعضها. وكما ذكرنا، عبر تطبيق دراسة منهجية مقاربة، يسعى اللغويون إلى إعادة صياغة اللغة الأصل لمجموعة اللغات المرتبطة. تعتمد هذه الطريقة على دراسة الكلمات الأقل عرضة للتغير في اللغات، ومنها الضمائر، والكلمات التي تدل على القرابة العائلية، والكلمات التي تدل على أسماء أعضاء الجسم. وقد أثبتت هذه الطريقة فعاليتها في الكشف عن روابط بين لغات مختلفة، وبالتالي تتبع الأصل المشترك لها. ولكن من المهم أيضاً الانتباه إلى أن بعض التشابهات قد لا تكون نتيجة الاشتراك بالأصل. إذ من الوارد أن تستعير لغةٌ ما كلماتٍ من لغة أخرى حتى وإن لم تكونا من نفس السلف. وأحياناً يكون التشابه بمحض الصدفة لا غير [3].

تصنيف العائلات اللغوية

لا يخلو تقسيم العائلات اللغوية من الجدل حول آلية التصنيف وجمع لغات مع بعضها دون غيرها. إذ يرى البعض أنه من الأفضل تجميع عدد كبير من اللغات ضمن عدد قليل من العائلات. في حين يفضل آخرون التقسيم إلى عائلات أكثر وفق أسس أقوى تجمع اللغات ضمن العائلة الواحدة. بسبب هذا الاختلاف، ومع قلة عدد الأبحاث في دراسة لغات معينة، لا يوجد عدد ثابت ومتفق عليه للعائلات اللغوية. توجد عائلات لغوية لا تضم سوى لغة واحدة. في حين أنه من غير الممكن وضع لغات معينة مع غيرها، وعليه تصنف على أنها لغات معزولة لا تشبه غيرها [3].

تقسيم العائلات اللغوية

إذاً، فاللغات كالبشر، ترتبط ببعضها وتنقسم إلى عائلات، وتتشارك كل عائلة ببعض الصفات والخصائص. حسب موقع إثنولوج (Ethnologue)، توجد حوالي 142 عائلة لغوية مختلفة. والعائلات الستة الأساسية حسب تصنيف الموقع ذاته هي عائلة اللغات الهندو-أوروبية (Indo-European)، وعائلة اللغات الصينية التبتية (Sino-Tibetan)، وعائلة اللغات النيجرية الكنغوية (Niger-Congo)، وعائلة اللغات الأفريقية الآسيوية (Afroasiatic)، وعائلة اللغات الأسترونيزية (Austronesian)، وعائلة لغات ترانس غينيا الجديدة (Trans-New Guinea) [4].

العائلات اللغوية الأساسية

تقسم العائلات اللغوية إلى وحداتٍ أصغر تدعى الأفرع أو المجموعات الفرعية. على سبيل المثال، تنقسم عائلة اللغات الهندو-أوروبية إلى مجموعات فرعية كمجموعة اللغات الجرمانية، ومجموعة اللغات الإيطاليكية، وغيرها. وحتى هذه الأفرع تنقسم بدورها إلى مجموعات أصغر، منها ما هو موجود حتى الآن، ومنها ما انقرض ولم يعد مستخدماً. بالعودة إلى اللغات الهندو-أوروبية، تضم المجموعة الفرعية التي تدعى الإيطاليكية مجموعاتٍ أصغر، من بينها اللغات الرومانسية. واللغات الرومانسية بدورها هي مجموعة من اللغات الفردية كالفرنسية والإسبانية والإيطالية والبرتغالية وغير ذلك الكثير [1]. وسيكون هذا موضوع مقالات أخرى.

هل يزيد عدد اللغات أم ينقص؟

لكن هذا التنوع اللغوي في أنحاء العالم غير ثابت. إذ يؤدي نقص عدد متحدثي اللغة – ومتعلميها – إلى اضمحلالها وانقراضها. حالياً، لا يزيد عدد متحدثي ربع لغات العالم على الألف شخص. ويتوقع بعض اللغوين أنه خلال القرن القادم، ستختفي حوالي نصف اللغات الموجودة. وهذا يعني أن خطر الانقراض يهدد نسبة من اللغات أكبر بكثير من تلك التي يهددها من الأنواع البيولوجية [5].

المصادر
World Languages
Merriam Webster
Introduction to language families
Ethnologue
How many languages are there in the world?

Exit mobile version