ماذا نعرف عن بطارية بغداد؟

أصبحت البطاريات جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية. تتشعب استخداماتها من أصغر تقنية؛ كساعة يدك وهاتفك المحمول، إلى وجودها في أكبر المنشآت حجمًا وتأثيرًا. ليس للبطاريات تاريخ طويل ومثير للاهتمام وحسب. بل يُتنبأ في المستقبل القريب والبعيد بدخول البطاريات إلى عصر جديد، من الممكن أن يتغلب على معاناة الطاقة في الوقت الحاضر. سنسلط الضوء على بطارية بعينها في هذا المقال باعتبارها أول بطارية في التاريخ، وهي بطارية بغداد. فماذا نعرف عنها؟

ما هي البطارية؟

يمكننا تعريف البطارية بأنها عبارة عن جهاز صغير أو أداة تعمل على حفظ الطاقة الكيميائية. ويمكن أن تتحول إلى صورة أخرى لها وهي الطاقة الكهربائية. بمعنى آخر؛ البطاريات عبارة عن مفاعلات كيميائية صغيرة. تحدث داخلها تفاعلات تعمل على إنتاج إلكترونات طاقة، مستعدة لتنتقل إلى جهاز آخر.

تاريخ موجز للبطاريات

لدى البطاريات تاريخ طويل وحافل عمل على تغيير حياتنا بشكل استثنائي. إلا أننا ما زلنا غير متأكدين تمامًا من تاريخ ظهور أول بطارية. سيجادل الكثيرون بأن أول بطارية ظهرت في عصر التنوير. لكن ظهور البطارية الحديثة التي نعرفها لا تشير بدقة إلى أن فكرة عمل البطاريات بحد ذاتها شيء حديث. فقد وجد مشرف متحف بغداد عام ١٩٣٨ ما يشار إليه الآن ببطارية بغداد.

التحليل للعيّنة أشار إلى أنها تعود إلى أحد الحضارات الرافدينية، حوالي ٢٥٠ سنة قبل الميلاد. واستطردت الافتراضات بأن استخداماتها قد تتضمن طلاء المعادن بالكهرباء، ومسكنات للآلام، وكذلك استخدامها أثناء تأدية الشعائر الدينية.

أول استخدام لمصطلح بطارية

استخدم العالم الأميركي والمخترع بنجامين فرانكلين مصطلح بطارية عام ١٧٤٩. وذلك عندما كان يقوم ببعض التجارب الكهربائية باستخدام مجموعة من المكثفات المرتبطة ببعضها البعض. إلا أن أول بطارية حقيقة اخترعت كانت من صنع الفيزيائي الإيطالي أليساندرو فولت عام ١٨٠٠. قام فولت برص أقراص من النحاس والزنك، تفصل كل قرص عن الآخر قطعة قماش مبتلة بماء مالح. لتتصل مجموعة من الأسلاك بنهاية الأقراص المرصوصة من الجهتين، فيتولد نتيجة لهذا تيار مستمر ثابث. تنتج كل خلية جهدًا كهربائيًا بمعدل 0.76 فولت، مضاعفته تتم عبر زيادة عدد الخلايا الداخلة في التقنية.

بطارية حمض الرصاص

تعتبر بطارية حمض الرصاص أحد أطول البطاريات عمرًا نسبيًا، والتي اخترعت عام ١٨٥٩. وهي التكنولوجيا التي ما زالت تُستخدم لبدء عملية الاحتراق الداخلي في السيارات. وتعتبر أقدم نموذج للبطاريات التي يمكن إعادة شحنها.

نستطيع الآن إيجاد بطاريات بجميع الأحجام والسعات. من البطاريات ذات القدرة التي تتجاوز الميجاواط، والمستخدمة لخزن الطاقة الآتية من مزارع الألواح الشمسية. أو كبديل يضمن الضخ المستقر للطاقة لقرى كاملة أو جزر. حتى البطاريات الصغيرة والمستخدمة في الساعات الإلكترونية.

مبدأ عمل البطاريات

تعتمد البطاريات على تفاعلات مختلفة، والتي تسبب بدورها جهد خلية بسيط يتراوح ما بين ١ إلى ٣.٦ فولت. تعمل عملية الرص للخلايا بطريقة متوالية على زيادة جهد الخلايا، بينما تعمل عملية الرص المتوازي على تحسين التيار. يُعتمد على هذا المبدأ الأساسي لتوليد طاقة كهربائية من خلايا البطاريات من أصغر استخداماتها إلى القدرات العالية التي تصل إلى عدة ميجاوات.
نشهد حاليًا دخولنا إلى مرحلة أخرى من تطوير نماذج ذات سعات كافية لخزن الطاقة المتولدة من الألواح الشمسية أو أنظمة الرياح. والتي ستعمل على مد المنازل بالطاقة اللازمة خصوصًا في أوقات غياب الشمس لأيام متتالية.

بطارية بغداد

في عام ١٩٣٨، وفي وسط عملية مراجعة فيليهم كونيش؛ المشرف على الآثار القديمة في متحف العراق في بغداد. وسط مراجعته للمكتشفات الحديثة من الحفريات في الموقع الأثري الذي وجد بالقرب من مشروع خط السكة الحديدية، فُتن كونيش بمجموعة تتكون من أربع أوعية من السيراميك غير المطلي. عثر على تلك الأوعية داخل مقبرة أُرّخت وتنتمي إلى عهد الاستعمار الفرثي للمنطقة ما بين ٢٤٨ قبل الميلاد إلى ٢٢٦ بعد الميلاد.

محتويات مجموعة بطارية بغداد

كانت مجموعة بطارية بغداد نحاسية، متوجة بالنحاس الملحم بالرصاص حتى قاع الأسطوانات. بينما وُجد مسمار حديدي يحتوي على بقايا ما بدا أنه شمعة اشتعال من الإسفلت، داخل أحد هذه الأسطوانات النحاسية في وعائها. لم يحتو الوعاءان الآخران على أي مسمار، ولكن تواجد بضع مسامير أخرى في القبر جعلت الاكتشاف أكثر إثارة. بينما لم يحتو وعاء السيراميك الرابع إلا على أسطوانات نحاسية. وكان بداخل الأسطوانات النحاسية بقايا مادة تشبه ورق البردي.

استنتاج كونيش عن بطارية بغداد

خلص كونيش إلى أن هذه الأوعية تشبه إلى حد كبير الخلايا الجلفانية. ومن هنا انطلق الجدل حول هذا الاكتشاف ما بين مؤيد ومعارض لهذا الاعتقاد.

ذكر كونيش في تقريره أن صائغي المجوهرات في العراق، المعاصرين للوقت الذي قضاه هناك، كانوا يستخدمون خلية جلفانية بدائية مماثلة إلى حدٍ ما لهذا الاكتشاف. بحيث أن الخلية تتكون مما يطلق عليه المختصون في هذا المجال “وعاء مسامي يحتوي على محلول السيانيد الذهبي”. يوضع الوعاء في قدر يحتوي على محلول كلوريد الصوديوم. ثم يتم وضع قطعة من الزنك في محلول كلوريد الصوديوم مربوطة بسلك إلى القطعة المراد طليها بالذهب. وأخيرًا يتم وضع العنصر المراد طلاؤه في وعاء مسامي يحتوي على محلول سيانيد الذهب. يُنتج الجهد الجلفاني المتولد ما بين الزنك والعنصر المراد طلاؤه طاقة كافية للتأثير على عملية ترسيب الذهب كهربائيًا. ما يساعد بشكل أكبر على هذا الطبيعة المسامية للوعاء الداخلي الذي يرفع من معدل التوصيل الكهربائي.

تباين الآراء حول بطارية بغداد

يعرض مؤرخون آخرون نظريات أخرى لتاريخ بطارية بغداد. فقدم بعضهم تاريخا موجزا ​​للمنطقة التي تم العثور فيها على هذه القطع. ثم وضح أن الخلية التي تماثل تلك التي وجدها كونيش يمكن أن تنتج حوالي 0.5 فولت، ويمكن بالفعل تحقيق الترسيب الكهربائي للذهب من محلول سيانيد الذهب. واستعرض ليثبث نظريته بعض الأمثلة، كأبواق النبيذ القديمة المذهلة المطلية بالذهب من عصر الفرثي. وافترض أن الطلاء بالكهرباء فقط هو الذي يمكنه تفسير رواسب الذهب الموجودة عليها.

من جهة أخرى، استعرض كورزمان نظريته التي تعتبر أن الفرثيين ليس لديهم معرفة بالبطاريات. ويشير إلى أن الأوعية من هذا النوع وُجدت في ثلاثة مواقع مختلفة على الأقل ـ بعضها بقضبان من البرونز والبعض الآخر بقضبان حديدية ـ ويستفيض باستعراضه للمعاني والدلالات الروحانية التي ألحقتها المجتمعات القديمة ببعض المعادن. ويشير إلى أن القصد من الأواني هو أنها مقتنيات يتم إنزالها مع الموتى لمنحهم قوى سحرية. بالإضافة إلى أن الأظافر المصنوعة من الحديد والبرونز، والمزينة بخاتم في النهاية، قد تحمل معاني خاصة للقدماء، مشيرًا بهذا إلى النقوش على ورق البردي المعثور عليها داخل الأوعية المغلقة. وصرح أيضًا أن مدير متحف الفن الإسلامي في برلين اقترح بأن الأوعية قد تكون أساسات رمزية لزوايا القبر.

فن طلاء الذهب قديمًا

يدلي أودي بوجهة نظر أخرى عبر الإشارة إلى أن الفن القديم لطلاء الذهب على الفضة والنحاس يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار. فقد استخدم القدماء ثلاثة أساليب للطلاء: التذهيب بالرقائق المعدنية، ولصق الورق الذهبي، والتذهيب النحاسي. وقد استخدمت هذه الطرق حتى الاختراع الأخير ـ إعادة اختراع، كما يسميها ـ للطلاء الكهربائي. يتم التذهيب بالرقائق عبر دس رقائق ذهبية رقيقة في حواف أي عمل فني، أو ببساطة إلصاقها باستخدام غراء على القطعة المراد طليها. أما طريقة لصق الورقة الذهبية فتتم عبر سحق شرائح الذهب وإلصاقها بالعمل. أخيرًا، كان التذهيب بالنحاس عملية مشهورة في وقت مبكر من القرن الثالث قبل الميلاد، وانطوى على استخدام الذهب في خليط مع الزئبق. ومن هنا نستطيع استعراض نوعين من التذهيب الزئبقي؛ الأول يستخدم الزئبق كغراء، والثاني يعمل على تفكك الذهب، ثم تطبيق الناتج بشكل انتقائي على المناطق المرغوبة. بعد ذلك يُطرد الزئبق بالحرارة، ويمكن التعرف بسهولة على كلا النوعين من التذهيب بالزئبق من خلال وجود آثار من الزئبق في طلاء الذهب.

اللغز

تتباين الآراء حول بطارية بغداد، لكن مجرد وجودها يطرح العديد من التساؤلات. هل كانت حقًا أول مبدأ عمل لبطارية؟ وما الذي كان يرجوه مصمموها منها؟ في المقال القادم سنستعرض أكثر دور السماكرة في بلاد ما بين النهرين، ونحلل تقنياتهم لمعرفة ما كانوا يرجونه من اختراع هذه القطعة المثيرة للاهتمام.

المصادر

The UnMuseum – Bagdad Battery
Electricity in the Ancient World | Gates of Nineveh: An Experiment in Blogging Assyriology (wordpress.com)
Galvanotechnik: Grundlagen, Verfahren und Praxis einer Schlüsseltechnologie (hanser-elibrary.com)
Oberflächenvorbehandlung von Metallen | SpringerLink
The touchstone: the oldest colorimetric method of analysis – ScienceDirect
The history and development of batteries (phys.org)

كيف تعمل محطات التوليد الكهرومائية؟

هذه المقالة هي الجزء 19 من 22 في سلسلة موضوعات تأسيسية في الطاقة المتجددة

محطات الطاقة الكهرومائية: كما ذكرنا في المقال السابق عن أهمية الدورة الشمسية في مبدأ عملية توليد الطاقة الكهرومائية. من أهم العوامل التي تؤخذ بعين الإعتبار عند التفكير بإنشاء محطة التوليد الكهرومائية هي مستوى منسوب الماء في الموقع المراد توليد الطاقة منه أو ما يعرف بارتفاع الرأس 《Head》.

ارتفاع الرأس 《Head》

ارتفاع الرأس يعرف بالفرق بين منسوب ارتفاع المصدر، والذي يجب أن يكون عند مستوى معين أو نقطة يبدأ عندها تدفق الماء دون أن يؤثر هذا على منسوب الماء في الموقع، وموقع تفريغه. هذه النقاط التي يتم بينها تدفق الماء مكتسبًا طاقته الكامنة والتي ستكون متاحة للاستخدام في توليد الطاقة الكهربائية المنشودة.

مبدأ عمل محطات التوليد الكهرومائية

تعمل محطات الطاقة الكهرومائية على تحويل الطاقة الكامنة للماء إلى طاقة كهربائية. تتناسب الطاقة الكهربائية المنتجة مع نسبة إرتفاع الرأس؛ نسبة تدفق الماء؛ وكذلك كفاءة العنفة المستخدمة، والتي ستسمح بمرور الماء إلى الجانب الآخر كفتحة تصريف لهذه المياه. خلال عملية تحويل تستخدم فيها الكثير من الآلات الميكانيكية والكهربائية.

توليد الطاقة الكامنة

بافتراض وجود موقع ذو نسبة جيدة من مياه الأمطار والمياه المتدفقة الأرضية، أهم المتطلبات الفيزيائية التي يجب تلبيتها تتمثل بوجود مصدر لتجميع المياه. احتياطي الماء المجمع سيعمل على تغذية المصدر الأساسي، ليبقي منسوب الماء في حدود الارتفاع المطلوب.
توجد آليتان يتم من خلالهما خلق الظروف المناسبة لإعطاء الماء طاقته الكامنة، وهما:

آلية الانسياب السطحي《Run-of-river》

تبنى المحطة في موقع السد أو بمحاذاته، بحيث يعمل السد على حجز الماء من مصدر مائي قريب مكونًا بذلك بركة. عند الحاجة للمياه، يتم فتح منفذ مائي في السد، تتدفق المياه عبره بتأثير الجاذبية، وتتحول الطاقة الكامنة في الماء إلى طاقة حركية تدير العنفة.

آلية تحويل المياه《Diversion》

بينما في عملية التحويل ينقل الماء من مصدره ليتدفق عبر قناة، ومن ثم يؤخذ إلى الأسفل عبر منظومة أنابيب مضغوطة إلى العنفة.

تخزين الماء في محطات التوليد الكهرومائية

وجود محطات الطاقة الكهرومائية قرب مصادر الماء المتحرك يعتبر مهم، لكن وجود السدود أيضًا من الأهمية بمكان. السدود تعمل على تخزين المياه لأوقات الحاجة، سواء أكان غرض
التخزين للاستخدام الزراعي، أم الطاقة، أم غيرهما.

أهمية التخزين

تكمن أهمية التخزين في القدرة على الوصول إلى الماء بأي وقت، وأي موسم. يكمن التحدي في التباين الذي يمكن أن يحدث موسميًا بسبب الطقس، والمناخ؛ وبالتالي تظهر هنا الحاجة للتخزين للتغلب على هذه الإشكالية، وتوفير مخزون جيد من الممكن استخدامه كلما دعت الحاجة بغض النظر عن التباينات الجغرافية والطبوغرافية.

طرق التخزين

اختيار أفضل ميكانيكية يمكن أن تحقق المخزون المطلوب تعتمد على عدة عوامل، منها: طبوغرافية، جيولوجية، عوامل الطقس، وتوفر الخبرات؛ والموارد.

السدود في محطات التوليد الكهرومائية

بناء السدود قد لا يكون حلًا اقتصاديًا للمواقع ذات الطبيعة المفتوحة، ولذا الحاجة للتفكير بطرق أخرى قد يكون أفضل.
مع هذا، بغض النظر عن السيناريو السابق، بناء السد في الحالات الأخرى يعتبر حلًا ناجعًا.

أنواع السدود في محطات التوليد الكهرومائية

أهم ما يجب تحريه عند تصميم أي سد هو عامل الأمان. ففي تصميم أي سد، هنالك قوى يجب أن تؤخذ بعين الإعتبار. أولها، قوة ضغط المائع، ووزن، وكثافة المواد، والضغوط الرافعة كذلك. ثانيًا؛ احتمال حدوث زلازل، أو تسرب، أو ثلوج، أو فيضانات. العوامل الخاصة بالجزء الأول بشكل عام، يمكن حلها بسهولة بالحسابات، والخبرة.

السدود الركامية

يعتبر الأخص من حيث تكاليف البناء، والمواد؛ خصوصًا إذا كان ركام الصخور متوافر. تعتمد السدود الركامية على وزنها لعرقلة قوة المياه المندفعة.

السدود الثقالية

تعتمد بشكل رئيسي على وزنها للثبات، والوزن يأتي من كمية الأسمنت المستخدمة في بناء الهيكل. محور جسم السد قد يكون مستقيماً أو قوسيّاً.

السدود المدعمة

تتعرض مساحة كبيرة من السدود الثقالية إلى ضغوط رافعة، ينتج عن ذلك انخفاض عامل الأمان ضد الانقلاب. لذا كان من اللازم تطوير تتغلب على هذه الضغوط، وهذا ما حققته السدود الداعمة، فأصبحت قادرة على:
– تقليل الضغوط الرافعة من خلال نقل القوى المؤثرة على الجدار الى منطقة أخرى أكثر قوة وتحمل كالأرض، أو الأساسات.
– تقليل كمية الخرسانة المطلوبة.
– الاستفادة من ضغط المياه المخزنة لإعطاء ثبات أكبر.

السدود المقوسة

تتميز هذه السدود برشاقتها، وتصميمها الجذاب والرفيع مقارنة بارتفاعها بنسبة تصل إلى 0.15 وأحيانا أقل لبعض الأنواع الفرعية الأخرى من هذه السدود. تعتمد على شكلها القوسي في نقل الإجهادات إلى كتفي الوادي. يدخل في تصميم هذه السدود حسابات معقدة للإجهاد وعمل تجارب إختبارية للنموذج قبل المضي بالمشروع.

نظرة عامة على التصاميم المختلفة لمحطات التوليد الكهرومائية

الطاقة الكهرومائية من الممكن تواجدها في أي مكان يوجد فيه تدفق آمن للماء من مستوى عالي إلى مستوى منخفض.

توليد الكهرباء في المحطات الكهرومائية

توليد الطاقة: كما نعلم الطاقة لا تفنى ولا تستحدث، ولكن تتحول من صورة إلى أخرى. في عملية توليد الكهرباء، هذا ما يحدث بالضبط. لتوليد هذه الكهرباء، يجب أن يكون الماء في حالة ديناميكية. هذه الطاقة الديناميكية المتولدة من طاقة الوضع، والمسببة لتدفق الماء تعمل على تدوير مراوح العنفة، لتتحول الطاقة الديناميكية إلى طاقة ميكانيكية. ومن هنا تعمل العنفة على إدارة الجزء الدوار للمولد فتتحول الطاقة الميكانيكية إلى طاقة كهربائية.

تصنيف تصاميم محطات التوليد الكهرومائية:

كما ذكرنا مسبقا الطاقة الكهرومائية تعتمد بالأساس على الموقع، ولكن من الممكن تصنيف محطاتها طبقا لهذه العوامل المختلفة:

1. حجم السعة الإنتاجية

يعتبر التصنيف بحسب سعة الطاقة الإنتاجية بالميجا واط أكثر تصنيف يُعمل به على مستوى واسع نسبيًا، قد يختلف المعيار بحسب الدولة، إلا أنه لا يخرج عن التصنيف التالي بالعادة:

Micro P < 0.1 MW

بإمكان المحطات الصغيرة للغاية تزويد الطاقة لمصنع معزول مثلًا، أو تجمع سكني صغير. هذه المحطات قائمة بحد ذاتها ولا ترتبط بالشبكة العامة. تعتمد على آلية الانسياب السطحي، وتزود أحيانًا بخزانات لضمان توليد الطاقة في ظروف السريان الضعيف للماء.

Small 0.1 MW < P < 10 MW

المحطات الصغرى أيضًا تعتمد على آلية الانسياب السطحي، إلا أنها ترتبط بالعادة بالشبكة العامة للطاقة.

Medium 10 MW < P < 100 MW

تتنوع آليات التوليد للمحطات المتوسطة ما بين الانسياب السطحي، والتحويل. وترتبط دومًا بالشبكة العامة. المخطط قد يضم وجود سد يعمل على توليد ارتفاع رأس، ومكونات المحطة تشبه مكونات المحطات الكبرى.

Large P > 100 MW

المحطات الكبرى: تتصل دوما بالشبكة العامة للطاقة، ويمكن أن تعتمد على نهر جاري، أو ماء مخزون سلفًا.

2 .ارتفاع الرأس المتوفر

من الممكن أن يختلف الحد الأدنى بحسب معايير الدولة، أو المؤسسة التي ستقام فيها المحطة. مثلًا البعثة الدولية للسدود العليا تعرف السد العالي بأنه أعلى من ١٥ متر.
يجب الإشارة إلى أن التصنيف بحسب ارتفاع الرأس قد يكون غير متوافق مع تصنيف السعة الإنتاجية. بما أن السعة الإنتاجية تتناسب مع ناتج ما هو متواجد من ارتفاع الرأس والتدفق، فمن الممكن لمنظومة تعتمد على ارتفاع رأس عالي أن تصنف كمحطة صغرى.
بشكل عام، المنحدرات الجبلية توفر الظروف الضرورية لتحقيق ارتفاع رأس عالي، بينما الأراضي المنخفضة ذات وديان تتبع نهر واسع تمثل مواقع جيدة لارتفاع رأس صغير نسبيًا.
1. High head: H > 100 m
2. Medium head: 30 m < H < 100 m
3. Low head: H < 30 m

3 .منظومة تدفق الماء إلى المحطة

1. التصاميم المعتمدة على الانسياب السطحي:

هذا النوع يولد الطاقة باستخدام التدفق النهري بشكل مباشر. تباين الطقس، والتغيرات الموسمية والتي ستؤثر على الطاقة الإنتاجية يجعله مصدر غير موثوق. معظم محطات هذا النوع لا تحتوي على سعة تخزينية، وإن وجدت فتكون بالعادة محدودة للغاية مما يجعل أقصى ساعات ذروة من الممكن تحقيقها عبرها بضعة سويعات.

2. التصاميم المعتمدة على التخزين:

هذا النوع يعتمد على الجدول المائي الذي تم حجزه من قبل السد ليشكل خزان يتم حفظ الماء فيه خلال أوقات التدفق العالي، ليتم استخدامه لاحقًا في فترات التدفق المنخفض. استخدام هذه الآلية من الممكن أن يشكل ضمان جزئي للتغيرات الطبيعية التي قد تحدث بشكل فجائي.

3. التصاميم المعتمدة على التخزين بالضخ:

هذا النوع يخزن الماء عبر ضخه من خزان منخفض، أو نهر منخفض، إلى خزان ذو موقع أعلى. يتم ضخ الماء خلال ساعات الاستخدام المنخفض. هذه العملية من الممكن أن ترفع الكفاءة إلى ٨٠ بالمئة.

المصادر:

Hydroelectric Power
Hydroelectric power: A brief guide to the
generation of electricity using hydroelectric powe
r
A review of pumped hydro energy storage – IOPscience

ما هي الطاقة الكهرومائية وكيف تطورت عبر العصور؟

هذه المقالة هي الجزء 18 من 22 في سلسلة موضوعات تأسيسية في الطاقة المتجددة

ما هي الطاقة الكهرومائية؟

هي أحد صور تحول الطاقة الكامنة إلى طاقة متحركة، وتعتبر أحد مصادر الطاقة المتجددة النظيفة الخالية من الملوثات الهوائية والأرضية والمائية.
تأتي الطاقة الكهرومائية من الماء المتدفق من عدة مصادر، قد تكون العيون، أو الأنهار، أو الشلالات. حركة الماء المتأثرة بالجاذبية الأرضية تعطيه قوة دفع تساعد على تحريك العنفات، والتي بدورها تحرك المولدات لإنتاج الطاقة الكهربائية.[1]

دورة الماء والشمس

يمكننا أن نعزي صورة هذه الطاقة كأحد صور الطاقة الشمسية، فما يحدث هنا بالضبط هو نتيجة ما يسمى بالدورة الهيدرولوجية أو دورة الماء، وهي نتاج حركة المياه على الأرض، وداخلها، وفوقها وتحول حالتها بسبب تغير الحرارة، والأشعة القادمة من الشمس.[1]

الدورة الهيدرولوجية

عندما تقوم الشمس بتسخين المحيطات مكونة بذلك بخار ماء متصاعد يتحرك بحركة التيارات الهوائية الناتجة عن تغير الضغط، يتكثف بخار الماء في طبقات الجو العليا ليكون سحب مشبعة ببخار الماء، والتي تتحرك بدورها بفعل التيارات الهوائية حول الكرة الأرضية، مما يؤدي إلى اصطدام بعضها البعض مسببة تساقط الأمطار.
بحسب المنطقة الجغرافية التي يتساقط فيها المطر تختلف حالة المادة، فمثلًا في المناطق ذات الظروف المناخية الباردة يتساقط الماء كثلوج تتراكم لتكون أنهار جليدية تذوب حينما تبدأ درجات الحرارة بالارتفاع، أما في الظروف المناخية الحارة يتساقط المطر في حالته السائلة.

تعاود الأمطار الهاطلة السقوط إما فوق المحيطات والبحار، وإما فوق سطح الأرض لتسيل كمياه أمطار جارية نتيجة للجاذبية الأرضية. ثم يعود بعض من هذه المياه إلى مجاري الأنهار، ليتحرك نحو المحيطات.

من جهة أخرى، مياه الأمطار التي تسقط على سطح الأرض، يتسرب بعضها إلى جوف الأرض بفعل عملية الارتشاح لتشكل مياه عذبة جوفية. يبقى جزء من هذه المياه قريباً من سطح الأرض، ويمكن أن يسيل مرة أخرى إلى داخل مجاميع المياه السطحية لتشكل مياهاً جوفية. تجد بعض من المياه الجوفية فتحات على سطح الأرض حيث تخرج منها كينابيع من المياه العذبة. وهكذا تظل المياه تتحرك ليعود بعضها إلى مصادره الأولية لتنتهي بذلك دورة هيدرولوجية واحدة، لتحل محلها دورة أخرى.[2]

موجز تاريخي لتطور الطاقة الكهرومائية

منذ بداية عصور الحضارة، حاول الإنسان استغلال المياه الجارية، فعمد إلى استحداث طرق مبتكرة للاستفادة من الطاقة الهيدروديناميكة للماء، والتي ساعدتنا للوصول إلى أحدث التقنيات المستخدمة حاليًا في توليد الطاقة الكهرومائية.[3]

تقنيات الطاقة المائية في العصور القديمة

في العصور القديمة في بلاد الرافدين، قبل ستة آلاف سنة تقريبًا، تم تطوير تقنيات زراعية، وأجهزة تعتمد على الماء كعنصر رئيسي لتشغيلها مثل الساعات المائية، والتي تعتبر أحد أقدم الطرق لقياس الوقت.[3]

في العام ألف قبل الميلاد، طور الفرس تقنية تمت تسميتها بقنات. تعتمد بشكل رئيسي على بناء قنوات طويلة، وضيقة تقام بشكل عمودي لتزود السكان بالماء على مستوى مدن بأكملها. وبنفس الوقت، قام الصينيون ببناء تقنية مشابهة لتقنية قنات في منطقة تسمى طوربان في الصين.[3]

إلا أن أول محاولة لاستخدام الماء في إنتاج الطاقة كانت في الصين في عهد سلالة الهان الغربية عام ٢٠٢ قبل الميلاد. كانت عبارة عن مطرقة ضخمة مزودة بعجلة مياه رأسية أطلق عليها إسم مطرقة الإمالة، واستخدمت بشكل رئيسي في طحن الحبوب، وتكسير خام المعادن، وصناعة الورق.[4]

تقنيات الطاقة المائية في العصور الحديثة

المحاولات الأولية للاستفادة من طاقة المياه لإنتاج الكهرباء كانت مرافقة لبداية النمو الاقتصادي للحضارة الغربية، عندما قام ريتشارد أركرايت بإنشاء طاحونة كرومفورد، في وادي ديرونت، في إنجلترا عام ١٧٧١ لاستخدامها في صناعة القطن والذي يعد أول نظام مصنعي متكامل في العالم تم تشغيله باستخدام الطاقة المائية.[4]

حصلت بعض التطورات الرئيسية في تقنية الطاقة المائية في النصف الأول من القرن التاسع عشر. ففي عام ١٨٢٧، أنشأ المهندس الفرنسي بينوا فورنيرون عنفة مائية تعمل على إنتاج ستة حصان من الطاقة.[4]
عام ١٨٤٩، طور المهندس الأميركي البريطاني جيمس فرانسيس أول عنفة مائية حديثة، والتي ما زالت قيد الاستخدام الواسع حتى يومنا هذا.[4]
في القرن العشرين، قام البروفيسور النمساوي فيكتور كابلان بتطوير عنفة كابلان عام ١٩١٣ والتي تعتبر أول عنفة مائية ذات مراوح فاتحة بذلك المجال لدخول مرحلة حديثة من إنشاء محطات كهربائية كاملة تعمل بالطاقة المائية.[4]

[1] Hydroelectric Power.
[
2] A Summary of the Hydrologic Cycle
[3]A brief history of Hydroelectricity
[4]A brief history of hydropower

ما هي العناصر الأرضية النادرة، وفيمَ تستخدم؟

هذه المقالة هي الجزء 13 من 22 في سلسلة موضوعات تأسيسية في الطاقة المتجددة

تعد المواد الخام أهم عائق يحول دون تحقيق النقلة المرجوة من مصادر الطاقة الحالية إلى مصادر متجددة نظيفة. في معظم دول العالم وأهمها الاتحاد الأوروبي، أسهمت الحاجة الماسة لمواد تحقق هذه النقلة في خلق زخم بحثي تُوج بعدة نتائج ربما لم تتناسب في النهاية مع ما هو متاح في السوق العالمية. فالتركيز كان نحو العناصر الأرضية النادرة، والتي يشكل عدم توفرها عائقًا أمام استخدامها على مدى اقتصادي وتجاري واسع. كونها ليست في متناول جميع الأقطار، أدى هذا إلى خلق تداعيات سياسية واقتصادية بدأنا نشهدها في الأعوام الأخيرة.[1] فما هي العناصر الأرضية النادرة، وفيمَ تستخدم؟

العناصر الأرضية النادرة

هي عبارة عن مجموعة من سبعة عشر عنصر كيميائي في الجدول الدوري، وتحديدًا السكانديوم، الإتريوم، واللانثانيدات. يعتبر السكاندوم والإتريوم عناصر أرضية نادرة بسبب ظهورها في الفلزات مع اللانثانيدات وبسبب خواصها الكيميائية المشابهة لها. أطلق اسم “نادرة” على هذه العناصر بسبب قلة الأماكن التي كانت تستخرج منها سابقا، إلا أنه مؤخرًا فإنه يعثر على تركيز عالٍ نسبيًا من هذه العناصر في القشرة الأرضية.[2] تستخدم هذه المواد في تطبيقات التقنيات الحديثة على نطاق واسع، وأهمها: النيوديميوم، والباراسيوديميوم، والديسبروسيم، والتربيوم؛ والتي تدخل جميعها في صناعة المغناطيس الدائم المسمى ب ” نيوديميوم- حديد- البورون” «NdFeB».

العناصر الأرضية النادرة سياسيًا

كما ذكر سابقًا، من الممكن العثور على هذه المعادن بتركيز عالٍ نسبيًا في القشرة الأرضية، إلا إن ارتفاع تكلفتها يعزو إلى عملية استخراجها المعقدة بسبب عدم تواجدها بصورتها النقية في الطبيعة، عدا أن توزيعها الجغرافي متباين بحد ذاته.
فتركز معظم المناجم في الصين سبب ندرة تنوع لهذه الثروة، واحتياج السوق العالمية لهذه المواد جعل منها سلاح جيوسياسي فعال تستخدمه الصين لتوسيع نفوذها، وتلوح به كورقة ضغط في المفاوضات السياسية والتجارية.

علاوة على ذلك، قامت الصين بتوسيع أعمال الحفر والتعدين في مناجمها والمناطق الخاضعة لسيطرتها كخطوة لزيادة إنتاج الأجزاء ذات القيمة السوقية المرتفعة، مثل: السبائك، والمغناطيس الدائم، مطالبة بريادة عالمية وهيمنة في سلسلة القيمة لهذه الصناعة بشكل مكتمل، تنفيذًا للخطة الإستراتيجية للحزب الحاكم لعام ٢٠٢٥.

فبعد حدوث أزمة المعادن النادرة بين عامي ٢٠١٠ – ٢٠١١؛ الناتجة عن تذبذب أسعارها ما بين صعود مفاجئ وانخفاض حاد، تزايد التوتر العالمي، مما دفع إلى تشكل وعي جمعي في المجتمع الدولي بضرورة دعم مشاريع البحث والتعدين في هذا المجال.

فتعددت الندوات المتخصصة المقامة، ودشنت نشاطها بإنشاء أول مؤسسة عالمية«Rare earth industrial association» تعنى بصناعة المعادن النادرة عام ٢٠١٩.[1]

المغناطيس الدائم «NdFeB»

طُور مغناطيس «NdFeB» لأول مرة عام ١٩٨٤ عبر جنرال موتورز، ومؤسسة سوميتومو«General Motors and Sumitomo Corporation»، استحدثت المؤسستان السبيكة بشكل منفرد وعبر طرق تصنيع مختلفة تمامًا، وكانت النتيجة مغناطيس دائم مشبع «Bonded permanent magnets» من صنع جنرال موتورز ، ومغناطيس دائم متكلس«Sintered permanent magnets» من صنع سوميتومو.

تتكون هذه السبائك من النيوديميوم، والباراسيوديميوم، والديسبروسيم، والتربيوم. بينما يساهم كلًا من النيوديميوم، والباراسيوديميوم في زيادة صلابة المغناطيس، يعمل كلًا من الديسبروسيم، والتربيوم على تحسين قابلية التمغنط خصوصًا في درجات الحرارة العالية.

من الممكن التلاعب في نسب المواد في المركب لإنتاج خواص مغنطة مختلفة. فمن الممكن استبدال النيوديميوم، والباراسيوديميوم بعناصر أخرى بصورة محدودة خاضعة لشروط مواصفات التشغيل.

في السنوات القليلة السابقة، ركزت معظم الأبحاث على الاستفادة القصوى من استخدام الديسبروسيم، والتربيوم، بالرغم من تكلفتهما العالية.[1,3]

استخدام «NdFeB» في تقنيات الطاقة الحديثة

منذ بزوغ فجرها في عام ٢٠٠٥، بشرت مولدات المغناطيس الدائم، خصوصًا تلك المستخدمة في عنفات السواحل، بمرحلة جديدة لقدرتها على إنتاج كمية عالية من الكهرباء، وبكفاءة عالية رغم صغر حجمها، فاتحة المجال لزيادة الإنتاج السنوي من الطاقة بتكاليف أقل.

يحتوي المغناطيس المستخدم في مولدات عنفات الرياح على ٢٨.٥% نيوديميوم، ٤.٤ باراسيوديميوم، ١% بورون، ٦٦% حديد، بوزن يصل إلى ٤ طن.

بعد التداعيات السياسية الأخيرة، توالت الجهود لتقليص محتويات المغناطيس الدائم من المعادن النادرة في مولدات عنفات الرياح. فعلى سبيل المثال، خفضت شركة سيمنز جيميزا للطاقة المتجددة«Siemens Gamesa Renewable Energy» نسبة الديسبروسيم في مولداتها إلى نسبة أقل من ١%. وفي خطوة أكثر جرأة، طورت «GreenSpur Renewables» نموذج لمولدات ذات مغناطيس حديدي خال من المعادن النادرة، وبعد مروره بعدة مراحل اختبارية ناجحة، ستبدأ الشركة بتسويقه تجاريًا.

حاليًا، عدة نماذج تم اختبارها بنجاح لمولدات ذات ١٢ ميجا واط، مع الوصول إلى ٢٠ ميجا واط في ٢٠٢٢. مع أن معظم المحاولات تسير في اتجاه تقليص استخدام المعادن النادرة، لا يزال العالم بعيد عن تطوير مغناطيس دائم فعال خال من عناصر الأرض.

مستقبلًا، يمكن للبدائل أن تتضمن مولدات بمغناطيس ذو توصيلية فائقة «superconductor-based generators»، كتلك المختبرة في مشروع إيكو سوينج«EcoSwing project» والتي تم تمويلها من قبل الاتحاد الأوروبي. أحد الحلول البديلة يشمل استخدام المولدات الهجينة «hybrid drive generators»، والتي تستخدم مغناطيس دائم صغير مقارنة بالنوع العادي. الأخير يمكن أن يخفض الاعتماد على المعادن النادرة بنسبة ثلثين في العنفة الواحدة. مع هذا، تبقى كل الخيارات المتاحة بحاجة للكثير من التطوير والدراسة لتصبح مؤهلة لاستبدال المعادن النادرة.[1,3]

[1]THE ROLE OF RARE EARTH ELEMENTS IN WIND ENERGY AND ELECTRIC MOBILITY
[2] Rare-earth element
[3]Critical Materials for the Energy Transition – IRENA

تاريخ طاقة الرياح

هذه المقالة هي الجزء 10 من 22 في سلسلة موضوعات تأسيسية في الطاقة المتجددة

تعود مساعي الإنسان للاستفادة من طاقة الرياح إلى العصور القديمة عندما حاول استخدامها للإبحار. بعدئِذ خدمت الرياح البشرية عبر تغذية الطواحين العملاقة بالطاقة التي استخدمت لطحن الحبوب، وتشغيل مضخات الماء. مرت هذه التقنية بمراحل تطور عديدة امتدت لعقود، لتصل إلى منظومتها الحديثة المعقدة. وسنتحدث هنا عن نبذة عن تاريخ طاقة الرياح.

كيف تتكون الرياح؟

الشمس هي المحرك الرئيسي المتحكم بنطاق واسع من تغيرات الأحوال الجوية للأرض. يتلقى خط الإستواء كميات كبيرة من الإشعاع الشمسي مقارنة بما يتلقاه القطبان الشمالي والجنوبي، مما ينتج عنه ارتفاع درجة حرارة سطح الأرض عند خط الاستواء، وبالتالي ارتفاع درجة حرارة الهواء الملامس له، فتقلّ كثافته ويرتفع نحو الأعلى مسبباً بانخفاض ضغط الهواء في الطبقات الدنيا. عكس هذا يحدث في المناطق القطبية، حيث تكون درجة حرارة الأرض منخفضة ممّا يؤدّي لانخفاض درجة حرارة الهواء الملامس له وارتفاع كثافته وهبوطه بالقرب من سطح الأرض، الأمر الذي يتسبب في ازدياد ضغطه وتحركه نحو المناطق الحارة المنخفضة الضغط الملامسة لسطح الأرض، بينما يأتي مكانه الهواء الساخن القليل الكثافة القادم من المناطق الاستوائية الحارّة.[1]

طاقة الرياح في التاريخ القديم

ثمة خلاف تاريخي حول بداية ظهور هذه الميكانيكية المستخدمة للرياح كمصدر طاقة. يرجح البعض بأنها ظهرت لأول مرة في بابل، حيث يعتقد أن الملك البابلي حمورابي خطط لاستخدامها في مشروع الري الموسع الذي كان يطمح إليه في القرن السابع عشر قبل الميلاد؛ والبعض الآخر يفترض بأنها ظهرت لأول مرة في الهند.[2]

طبقًا لما ورد في أرثاشاسترا – المخطوطة السنسكريتية التي كتبها كاوتيليا خلال القرن الرابع قبل الميلاد – عن إشارة إلى آلالات تدار عبر الرياح لتعمل على رفع المياه. عدا هذه المخطوطة، لم يتم إيجاد تسجيل دقيق يثبت وجود هذه التقنيات على أرض الواقع، أو دلائل محسوسة تؤكد ترجمتها إلى ميكانيكيات واقعية مستخدمة.[2]

بداية عصر الطواحين الهوائية

أقدم تسجيل تاريخي موثق لتصميم الطواحين الهوائية يعود إلى القرن الثاني قبل الميلاد. يشير إلى استخدام الفرس الطواحين الهوائية لطحن الحبوب خلال تلك الفترة، مستخدمين آلات رأسية المحور مزودة بأشرعة مصنوعة من حزم القصب، أو الخشب. كان حجر الطحن مرتبط بعمود رأسي، وتم ربط الأشرعة بالمركز باستخدام دعامات أفقية. حجم الأشرعة يحدد من خلال المواد المستخدمة في التصنيع، لكن عادة كانت أبعادها بين خمسة متر طولي، وتسعة متر ارتفاع.[2]

بحلول القرن الثالث عشر ميلادي، كانت المطاحن منتشرة في أوروبا. تبنى الفرنسيون التقنية في عام ١١٠٥ ميلادية، ولحقهم الإنجليز في عام ١١٩١ ميلادية. خلافًا لتصميم الفرس الرأسي، الطواحين الأوروبية كانت أفقية المحور، ذات بنية مزينة. بني البرج من الخشب، أو الطوب؛ وصممت مساحة مقطعه العرضي لتأخذ شكلًا دورانيًا، أو متعدد الأضلاع. كان يتم توجيه العضو الدوار يدويًا إلى اتجاه الرياح عبر تحريك الذيل، وبالمثل كان يتم حماية الطاحون من الرياح العاتية عبر إدارة العضو الدوار عكس اتجاه الرياح، أو إزالة القماش الذي يغطي العضو الدوار.[2]

ضخ الماء باستخدام الرياح

أتى بعدها الهولنديون بتصميم مستحدث من صنع المصمم «يان أدريانسن». أدخلت العديد من التحديثات للتصميم، وتم ابتكار العديد من الأنواع المختلفة، مثل: تياسكر، والطواحين الدخانية. أخذ تصميم المقطع العرضي للعضو الدوار شكل الجناح الحامل لرفع الكفاءة.
استخدمت هذه الطواحين بجانب طحن الحبوب استخدامات أخرى عديدة، كان منها: تجفيف الأراضي الرطبة.[2]
وصلت هذه التقنية إلى أميركا عام ١٧٠٠ ميلادية عبر المهاجرين الهولنديين. حينها ظهرت الطواحين المستخدمة لضخ الماء، والتي ما زالت تعتبر أحد أهم التطبيقات لطاقة الرياح.[2]

بداية تطور منظومة طاقة الرياح

ظهرت العنفات ذات المراوح المتعددة أميركية الصنع عام ١٨٠٠ ميلادية، مزودة بعضو دوار صغير بقطر يتراوح من متر إلى عدة أمتار.[2]
كان الغرض من هذه التقنية ضخ المياه من تحت سطح الأرض للاستخدامات الزراعية. أعطت هذه المضخات المائية بمراوحها المعدنية، وتصميمها الهندسي الفعال نتائج أفضل من سابقاتها من التقنيات المستخدمة في هذا المجال. وتباعًا، أُنشئت أكثر من ستة مليون وحدة في الولايات المتحدة مابين ١٨٥٠ و١٩٣٠ ميلادية.[2]

المولدات الكهربائية ومحطات طاقة الرياح

بدأ عصر المولدات الكهربائية التي تعمل بالرياح في وقت قريب إلى حدٍ ما من عام ١٩٠٠ ميلادية. بحيث صُنعت أول عنفة رياح حديثة لإنتاج الكهرباء في الدنمارك عام ١٨٩٠ ميلادية، وعملت على تزويد المناطق الريفية بالكهرباء.[2]

خلال الفترة نفسها، صُنع أول مولد كهربائي يعمل بالرياح في كليفلاند بولاية أوهايو، مستخدمًا لأول مرة صندوق تروس سرعات. عملت المنظومة على مد الطاقة لمدة عشرين عامًا.[2]
اُستخدمت العديد من الطرق الحديثة للتصميم الهندسي للعنفات خلال هذه الفترة. وتم تطوير العضو الدوار، وزعانف العنفات مما أدى إلى رفع الكفاءة، والفاعلية لهذه المنظومات الحديثة. وبحلول عام ١٩١٠م، زودت مئات من هذه المنظومات العديد من قرى الدنمارك بالطاقة.
بدأت التجارب البحثية تأخذ مجالًا أوسع، ونتيجةً لذلك أُنشئت محطات إنتاج الطاقة بالرياح في العديد من الدول، أبرزها: الولايات المتحدة، والدنمارك، وفرنسا، وألمانيا، والمملكة المتحدة.[2]

إلا أنه في السنوات اللاحقة ظهرت مصادر طاقة أكثر اقتصادية، وكفاءة مثل: الوقود الأحفوري، والطاقة النووية. فكانت المقارنة بين تكلفة إنتاج الكهرباء من هذه المحطات، ومن إنتاجها في محطات الرياح لا تصب في مصلحة الأخيرة.[2]
وبهذا تناقص الاهتمام بطاقة الرياح بحلول عام ١٩٧٠م.

العودة إلى طاقة الرياح

أجبرت أزمة النفط التي حدثت في عام ١٩٧٣م العلماء والمهندسين، وصناع القرار على إيجاد حلول بديلة بعدما تراءى لهم أن الاعتماد على النفط كمصدر طاقة رئيسي يترتب عليه تبعات على اقتصادهم بناءًا على سياساتهم المتبعة. وبات جليًا أن حدوث أي توتر سياسي، سيطوق توفر الوقود الأحفوري مما سيؤدي إلى ارتفاع أسعاره بشكل جنوني، فيصبحون بذلك تحت رحمة دول الأوبك. ومن جانب آخر، أدرك العالم أن الوقود الأحفوري مصيره الإنتهاء يومًا ما.

خيار الاعتماد على الطاقة النووية كان مصدر تساؤل كبير أيضًا، وذلك بسبب خطورة تداعياتها على البيئة والبشر على حد السواء. كل هذه العوامل أدت لإحياء الاهتمام بطاقة الرياح، وبذلت جهود حثيثة لإيجاد حلول تغطي جوانب العجز في هذه التقنية. توالت البحوث في مجالات مصادر الطاقة، وتطوير المنظومات الحالية التي من شأنِها جعل التقنية أكثر اقتصادية، وكفاءة، واستدامة.[2]

المصادر
[1] Wind Energy Fundamentals
[2] Wind Energy

تقنية الملح الذائب في محطات الطاقة الشمسية

هذه المقالة هي الجزء 9 من 22 في سلسلة موضوعات تأسيسية في الطاقة المتجددة

مع الدعوات والالتزامات للحكومات في العالم لاسيما داخل الاتحاد الأوروبي لتقليل الاعتماد على مصادر الطاقة القائمة على الوقود الأحفوري، بل ذهب الحديث إلى الإنتهاء منها بحلول عام 2030 لبعض الدول. دعت الحاجة المتنامية لمصادر طاقة بديلة مُتجددة أقل تلوثًا تحمي البيئة، وتتسم بالتوفير الاقتصادي لتزود العالم بمخزون كافي من الطاقة. إلا أنَّ الإشكالية لا تكمن بعملية إنتاج الطاقة وحسب، وإنما بتخزينها أيضًا، وذلك يرجع لواحدة من أهم مشكلات بدائل الوقود الأحفوري التي يواجهها العالم اليوم متمثلة بالكفاءة، والاستدامة الموسمية، إلى جانب عدم القدرة على توقع كمية الطاقة الممكن إنتاجها منها في مختلف المواسم، وبالتالي ضمان وفرتها وتخزينها بشكل دوري موسمي.

فكما نعلم الطاقة بشكلٍ عام، والكهربائية بشكلٍ خاص، العِماد الأساسي لضمان التقدم والرخاء الاقتصادي والحضاري للعالم. وذلك يتم عبر الإدارة والتحكم بتوزيع الطاقة على نطاق صناعي من جهة، وتلبية الحاجة للطاقة التي تعتبر متغيرة باختلاف المنشآت؛ والمراكز من جهة أخرى. مما يُعرف حاليًا أن طرق تخزين الطاقة الكهربائية محدودة للغاية ولا تلبي الحد المطلوب؛ لذا إتجهت الأبحاث المختصة لدراسة كيفية تخزين كميات عالية من الطاقة بصورتها البكر.
يكون بالإمكان حفظ الطاقة قرب مراكز توليدها أو نقاط الاستهلاك الأقرب لها؛ مثال لذلك تخزين الطاقة الحرارية باستخدام الملح الذائب.[١]

موجز تاريخي لتقنية الملح الذائب:

يعود أول استخدام لتقنية الملح الذائب إلى عام ١٩٥٠، عندما بدأ مختبر أوك ريدج الوطني في الولايات المتحدة (ORNL) بتطوير واختبار لمركبة مزودة بمحرك يعمل بالوقود النووي باستخدام تقنية الملح الذائب.
وبحلول عام ١٩٥٤، نقلت أورنل تركيز أبحاثها من محركات الوقود النووي إلى المفاعلات النووية، وذلك حصيلة تجارب أظهرت ثبات الأملاح الذائبة وعدم تحللها حين تعرضها للحرارة العالية الناتجة من المفاعلات النووية.
في ذلك الوقت، كانت هيئة الطاقة الذرية الأميركية (AEC) مهتمة أكثر بدراسة مفاعلات توليد الذرات القابلة للانشطار، ولهذا قامت أورنل بتطوير مفاعل توليد ذرات باستخدام الملح ذائب في الستينات. لسوء حظ أورنل المشروع كان ينافس مشروع آخر كانت هيئة الطاقة مهتمة أكثر بتطويره، مما أدى إلى تضارب بأحقية الدعم لمشروع الملح الذائب، مقررة بذلك هيئة الطاقة بدعم المشروع الآخر، موقفة العمل بمشروع مفاعل الملح الذائب. وبهذا أقفل ملف أبحاث مفاعلات الملح الذائب برفع آخر تقرير بالمشروع عام ١٩٧٦.

غير أن جهود باحثي أورنل لم يذهب سدى، فقد تم افتتاح أول محطة توليد طاقة شمسية استخدمت تقنية الملح الذائب لحفظ الطاقة عام ١٩٩٣ في كاليفورنيا. المحطة مصممة لتخزين ١٠ ميجا واط من الكهرباء خلال ساعة واحدة، استخدمت فيها مرايا عديدة لتوجيه أشعة الشمس نحو البرج المركزي. هذه الأبراج تعمل على امتصاص الأشعة الموجهة إليها لترفع من درجة حرارة الملح وتحفظ الطاقة في الملح بصورة حرارة.
بحلول عام ١٩٩٩، أُغلقت المحطة نتيجة لحاجتها لصيانة ذات تقنية عالية ومتتالية لم تكن متوفرة آنذاك.
نشرت أورنل بعدها مباشرة تقرير مختصر في عام ٢٠٠٠، وألحقته بتقرير مفصل في عام ٢٠٠٢ يوثق البحث كامل في هذا المشروع مما فتح الباب لإعطاء التقنية فرصة أكبر في السوق، لتنتشر على نطاق تجاري أوسع عالميًا. [2]


مبادئ تخزين الطاقة حراريًا في تقنية الملح الذائب:

هنالك صورتان لتخزين الطاقة حراريًا: حرارة محسوسة، أو حرارة كامنة.

الطاقة الحرارية المحسوسة تعتمد تخزين الطاقة الحرارية بطور واحد، بحيث تكون درجة حرارة المادة تتفاوت مع كمية الطاقة المخزونة. معادلة تدفق الحرارة من الحار الى البارد تحقق هذا بالصورة التالية:
Q = m C ΔT
بحيث m تعبر عن الكتلة، و C الحرارة النوعية، و ΔT الفرق في درجات الحرارة.
ينبغي الإشارة إلى أنه يشترط في هذه العملية عزل النظام لإبقاء تدرج درجات الحرارة لأجل خزن الطاقة.

إن أخذنا الماء كمثال، نستطيع القول بأنه يعتبر وسيط مثالي في درجات الحرارة المنخفضة التي تتراوح بين (°90 – 25)، وذلك بسبب الحرارة النوعية لجزيئاته المرتفعة نسبيًا(kJ/kg°C)4.2، بالإضافة لسهولة الحصول عليه.
من جهة أخرى، الحرارة الكامنة تُحفظ باستخدام مواد متغيرة الطور، والتي تستفيد من الحرارة الكامنة النوعية (L) الناتجة من تغير الحالة للمادة:
Q = m C ΔT + m L
المواد متغيرة الطور ممتازة بسبب كثافة تخزينها العالي للطاقة، الماء مثلًا لديه حرارة انصهار أكبر ب ٨٠ مرة من الحرارة المتطلبة لرفع درجة حرارة ١ كجم من الماء درجة مئوية واحدة.[3-4-5]

الأملاح الذائبة:

لدى الأملاح الذائبة خواص تجعلها مؤهلة لتكون وسيط ممتاز لحفظ الطاقة على نطاق واسع في المحطات الكبيرة، مثلًا:
درجة غليانها عالية، ومنخفضة اللزوجة، وضغط تبخرها منخفض، وسعة حرارتها الحجمية عالية؛ فكلما كانت سعة الحرارة الحجمية عالية، كانت مناسبة أكثر لتُحفظ في خزانات بأحجام أقل.

الأملاح المستخدمة في تقنية تخزين الطاقة حراريًا، مثل: نترات الصوديوم والبوتاسيوم،  لديها درجات ذوبان تتراوح بين 300-500°C، وسعة حرارية حجمية تترواح بين 1670 – 3770 kJ/m3°C، ولهذا خليط الملح المستخدم في محطات توليد الطاقة الشمسية المسمى تجاريًا ب “HITEC” يتكون من نترات البوتاسيوم 53%؛ ونترات الصوديوم 40%؛ ونتريت الصوديوم 7%، بدرجة حرارة بالحالة السائلة تتراوح بين 149 – 538°C.
يتم تسخين هذه الأملاح وحفظها في خزانات معزولة خارج أوقات الذروة، وعند الاحتياج يضخ الملح الذائب إلى مولد البخار لاستخدام الحرارة بتوليد الكهرباء.[3-5-6]

تخزين الطاقة في محطات الخلايا الشمسية:

محطات توليد الطاقة باستخدام الخلايا الشمسية ( CSP) تستخدم تقنية التخزين الحرارية و التي تتكون من عاكسات ذات قطوع مخروطية، أو مرايا تتبع للشمس، والتي بدورها تعمل على توجيه أشعة الشمس إلى البرج المستقبل المزود بأنابيب ذات نقاط بؤرية بحيث تنتقل الحرارة عبر مائع وسيط (الملح الذائب)، ومنها المائع ينتقل إلى المبادل الحراري ناقلًا الطاقة إلى الماء المستخدم لإدارة المولد الحراري ليولد الكهرباء.

إن تمعنا في البنى المستخدمة للتخزين، سنجد أن هنالك بنيتان أساسيتان مستخدمتان في منظومة تخزين الطاقة بالأملاح الذائبة، وهما:
بنية الخزانين المزدوجين: يستخدم الملح الذائب كمائع ناقل للحرارة عبر امتصاص الحرارة من المفاعل او المبادل الحراري، وكوسيط تخزين الطاقة الأساسي مستخدم الخزانين معًا الحار والبارد.
خزان آحادي: يُستخدم خزان واحد بحيث يبقي الملح الحار والبارد منفصلين باستخدام فاصل حراري. بحيث يتدفق الملح من الجانب البارد للخزان، ليتم تسخينه، ومن ثم يتدفق إلى الجانب الساخن من الخزان، ليُضخ خارجًا مخلفًا حرارة تستخدم لتوليد الكهرباء، ليعود بعدها إلى الجانب البارد من الخزان.[3-6-7-8]

[1] A. Bielecki, S. Ernst, W. Skrodzka, and I. Wojnicki, 2019. Concentrated Solar Power Plants with Molten Salt Storage:
Economic Aspects and Perspectives in the European Union., International Journal of Photoenergy.

[2] S. Ladkany, W. Culbreth, and N. Loyd, 2018. Molten Salts and Applications I: Molten Salt History, Types, Thermodynamic and Physical Properties, and
Cost., Journal of Energy and Power Engineering.

[3] M. Green, et al. “Nuclear Hybrid Energy Systems: Molten Salt Energy Storage,” INL/EXT-13-31768, November 2013.

[4] B. Reinhardt, ” Thermal Energy Storage,” Physics 240, Stanford University, Fall 2010.

[5] S. M. Hasnain, “Review on Sustainable Thermal Energy Storage Technologies, Part I: Heat Storage Materials and Techniques,” Energy Convers. Manage. 39, 1127 (1998)

[6] Z. Yang, and S. V. Garimella, “Cyclic Operation of Molten-Salt Thermal Energy storage in Thermoclines for Solar Power Plants,” Appl. Energy 103, 256 (2013).

[7] J.E. Pacheco, et al. “Development of a Molten-Salt Thermocline Thermal Storage System for Parabolic Trough Plants,” J. Solar Energy Eng. 124, 153 (2002).

[8] Y. Rajavi, “Concentrating Solar Power,” Physics 240, Stanford University, Fall 2013.

ما هي المواد الذكية؟

تخيل معي السيناريو الآتي: شاشة هاتف تعيد بناء نفسها حينما تتهشم. عقاقير تبقى حائمة بمجرى الدم كأنها جزء لا يتجزأ من مكوناته الأساسية؛ لتتخذ شكلاً دفاعيًا حين تهاجم أجسام غريبة الجسم. أجنحة طائرة حركتها شبيهة بحركة وديناميكية أجنحة العصفور.

كل السيناريوهات السابقة ليست مستحيلة ولم تعد كذلك، بل من المحتمل رؤيتها قريبًا خلال ٥ إلى ١٠ سنوات أو أقل! لكن ما الذي يجعل من كل تلك الخصائص التي تكاد تحاكي مشاهد فيلم《خيال علمي》 ممكنة في التقنية الحديثة؟

سؤال سنجيب عليه بكلمة واحدة: «المواد -Materials» أو بأكثر دقّة: «المواد الذكية-The Smart Materials».

المواد و الحضارة:

بدايةً، كانت المواد بشكلٍ عام الأساس لكل التطور الذي تشهده البشرية منذ فجر التاريخ حتى يومنا هذا. إذ يكفينا الإشارة إلى أن معظم العصور التاريخية سميت بأسماء المواد التي اكتشفت في وقتها، واستخدمت في رفد مسيرة الحضارة من كل جانب؛ كالعصر الحجري، والبرونزي، والحديدي، لنصل إلى ما يسمى بالعصر الحديث أو ما يسمى بعصر «المواد المصنعة -The Synthesis Materials» التي لعبت الدور الأهم والأصلي في تفجر عصر “الثورة الصناعية الكبرى”.

مما أدت تواليًا للتكنولوجيا المعاصرة أو ما يلقب بامتياز عصر “المواد الذكية”. نشهد اليوم زخمًا وتسارعًا منقطع النظير في التقنية والفنيات الحديثة لا يمكن أن يُحقق إلا بوجود مواد معينة سمحت ببزوغ تلك القدرات الخارقة التي تدفع تكنولوجياتنا نحو الأمام.[1]

تاريخ المواد الذكية:

المواد الذكية هي عبارة عن مواد معدّلة لديها القدرة على تغيير خصائصها تبعًا لتأثير معين تخضع له. المؤثر الخارجي الذي يسلط عليها قد يكون تيارً كهربائيًا، أو مجالاً مغناطيسيًا، أو حرارة، أو إشعاعًا نوويًا.
إنّ عدنا بالوقت لنعرف متى اكتُشفت هذه المواد الذكية فسنرى بأن اكتشافها أتى بوقتٍ قريب إلى حد ما. إذ يعود هذا التاريخ تحديدًا إلى القرن ١٩ على يد الإخوة “كوري”، اللذان اكتشفا أن عدة مواد كالكوارتز، تنتج طاقة كهربائية عند تعرضها لضغط ميكانيكي. وبالمثل بعد عدة سنوات تم اكتشاف بأن هذه المواد تحمل خصائص إزدواجية، بحيث يجعلها التعرض للتيار الكهربائي تتشكل بطريقة معينة. إلا أنَّ التاريخ يخبرنا أن الحضارات القديمة استخدمت هذه المواد ربما دون دراية كبيرة بما تحمله من خصائص وإمكانيات. من المحتمل أن يكون الأمر على سبيل المصادفة. [1-2]

تصنيفات المواد الذكية:

التقسيمات المتعارفة على المواد الذكية والتي توجد لدينا في الوقت الحالي هي كالآتي:

  • «المواد الكهروضغطية – The Piezoelectric Materials»: هي عبارة عن مواد معدلة لتعطي استجابة ميكانيكة عند تسليط تيار كهربائي عليها أو حرارة، وعكسيًا يمكنها أن تولّد تياراً كهربائيًا عند تعرضها لأي إجهاد أو انفعال ميكانيكي. خصائصها الإزدواجية تجعلها مرشح جيد لاستخدامها كحساسات «Sensors» ومشغلات ميكانيكية «Actuators». أبرز هذه المواد الكوارتز، و ملح روشيل، و فوسفات الألومنيوم.
  • «مواد ذاكرة الشكل – Shape Memory Materials»: هي عبارة عن مواد معدلة تغير من شكلها حين يسلط عليها مؤثر خارجي، لتعود إلى حالتها الأصلية عند تسليط حرارة عليها. أبرز هذه المواد هي سبائك ذاكرة الشكل، وبوليمرات ذاكرة الشكل.
  • «المواد الكهرولونية – Electrochromic Materials»: وهي مواد يتغير لونها حين تعرضها لشحنة كهربائية. هذه المواد تدخل بشكل كبير في صناعة البصريات مثل أكاسيد الفلزات الانتقالية، أبرزها أكسيد الفانديوم الخماسي.
  • «المواد ذات الحساسية الضوئية – Photochromic Materials»: وهي عبارة عن مواد لديها حساسية عالية للضوء تخضعها لتغيير حالتها حين تعرضها له. ومن أبرزها مواد الألياف الضوئية، وهناك أنواع تمتص الضوء لتعيد توجيهه بتركيز أعلى.
  • «المواد الكهرومغناطيسية – Electromagnetic Materials»: وهي عبارة عن مواد معدلة صناعيًا لتستجيب جزيئاتها بشكل مختلف حين تعرضها للمجال المغناطيسي. تستخدم هذه المواد في المجالات الإنشائية، والحربية خصوصًا في عملية التدريع كالفولاذ الكربوني.[4-1]

مجالات استخدامها الحالية:

يتراوح استخدام المواد الذكية بين عدة مجالات كالهندسة الإنشائية والمدنية، و الفضاء، و التقنيات الحربية إلى الطب، مرورًا بصناعة الطائرات والمركبات الجوية.

مستقبل المواد الذكية:

إن نظرنا إلى جسم الطائرة التي نستخدمها في الوقت الحالي وإلى مجسم ليوناردو دافنشي للجسم الأمثل للطيران _بغض النظر عن رأي مصممي المركبات الجوية_ سنلاحظ الاختلاف الواسع ما بين النموذجين، بحيث ما يجعل من نموذج دافنشي صعب تحقيقه هي المواد. يمكنك أن تتخيل الآن كم الاختلاف الذي يمكن أن تحدثه المواد الذكية في المستقبل في عالم المركبات وغيرها الكثير من التطبيقات المختلفة في شتى المجالات.

بالرغم من تعدد المجالات التي تستخدم المواد الحديثة حاليًا، إلا أن استخدامنا لها يظل محدودًا للغاية مقارنة بالخصائص التي يمكن أن تمدنا بها، والأسباب تعود إلى تكلفة تصنيعها العالية، والقفزة في مجال النانوتكنولوجي الذي سيسهل من صناعتها؛ حيث لا يزال قيد دراسات واسعة لتطبيق نظرياته على مستوى تجاري واقتصادي كبير. إلا أن الأمر ليس بعيد المدى ربما سيأخذ أقل من ١٠ سنوات لتصبح المواد الذكية قيد الاستخدام غير المحدود سواء بالكميات أو الخصائص وحينها سنشهد قفزة أكبر لم نشهدها من قبل في المحفل التقني.[4]

فكما قلنا بدايةً الحضارة هي المواد والطاقة، والمواد والطاقة هما الحضارة. متى ما تجاوزنا محدوديتهما سيتحقق الكثير مما ظنناه خيالًا، أو ربما ما سنصل إليه هو أبعد من الخيال نفسه.

المصادر:
[1] Smart Structures Theory
[2] minervaconservation
[3]Introduction, Classification and Applications of Smart Materials
[4] Scope of Smart Materials in Future

أساسيات الطاقة المتجددة: ما هو مفهوم الطاقة؟ وما هي القدرة؟

هذه المقالة هي الجزء 1 من 22 في سلسلة موضوعات تأسيسية في الطاقة المتجددة

أساسيات الطاقة المتجددة: ما هو مفهوم الطاقة؟ وما هي القدرة؟ على الرغم من أننا نعيش في القرن الحادي والعشرين، إلا أنه لا يزال هناك حوالي مليار ومئتي مليون شخص في العالم يعيشون بدون كهرباء.

في الوقت الحالي نحصل على معظم حصصنا من الكهرباء عن طريق الوقود الأحفوري سيء السمعة فكلما زاد استهلاكنا للطاقة، كلما ارتفعت نسبة ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي والذي يتسبب برفع درجة الحرارة ونشوء ظاهرة الاحتباس الحراري.

لتوفير الطلب المتزايد على الطاقة سنحتاج إلى إعادة التفكير في مصادر إنتاج الطاقة وإيجاد حلول نظيفة قادرة على تلبية الطلب الهائل للطاقة وفي الوقت ذاته لا تؤثر بشكل سلبي على البيئة ومناخ كوكبنا وهذا الأمر سيتطلب أيضًا التضحية بمبالغ ضخمة لأجل إعادة هيكلة البنية التحتية لإنتاج الطاقة.

من جانب آخر، كلما زاد عدد الأشخاص الذين يفهمون تحديات الطاقة التي تواجهنا، زادت فرصنا لإيجاد حلول لهذا التحدي العالمي. لذا من خلال هذه السلسلة المعرفية سنتعرف معًا على أساسيات الطاقة المتجددة وإن لم تكن عندك معرفة مسبقة في هذا المجال فلا تقلق ستجد ضالتك هنا وسنرشدك إلى كافة المصطلحات والمفاهيم الهندسية والاقتصادية المتعلقة بالطاقة المتجددة.

ما الفرق بين الطاقة والقدرة؟

غالبًا ما يخلط الناس بين هذين المصطلحين لكننا سنوضح الفرق بينهما بشكل أوضح في السطور القادمة. تُعرف الطاقة بأنها المقدرة على إنجاز شغل وتُقاس بوحدة الجول أو بمعنى آخر تُقاس بوحدة واط في الثانية.

لإعطائك فكرة عن وحدة قياس الطاقة، فإن «الجول-Joule» الواحد هو مقدار الطاقة المطلوبة لرفع 100 جرام لارتفاع متر واحد. وللطاقة أشكال عديدة كالطاقة الكامنة وهي الطاقة التي يمتلكها شيء ما بسبب موضعه أو تركيبه الكيميائي ومن أمثلتها طاقة الجاذبية. وعلى النقيض فالطاقة الحركية هي الطاقة التي يمتلكها الشيء بسبب حركته ومن أمثلتها الأمواج والرياح والعجلات. وأيضًا من أشكال الطاقة، الطاقة الحرارية والكهرومغناطيسية وغيرها.

بالنسبة للطاقة الكهربائية فتعرف بأنها ما يستهلكه أو ينتجه جهاز معين من قدرة في فترة زمنية محددة أي أن الطاقة الكهربائية تساوي حاصل ضرب القدرة الكهربائية في الزمن وتقاس غالبًا بوحدة (واط. ساعة) أو (كيلو واط ساعة) بمعنى آخر ما تشتريه من شركة الكهرباء هي طاقة كهربائية فمثًلا إذا اشتريت 10 كيلو واط ساعة وكان لديك ثلاجة تبريد قدرتها 1 كيلو وات فإنها ستستمر بالعمل لفترة عشر ساعات لأنه في كل ساعة ستستهلك الثلاجة 1 كيلو واط. اما القدرة الكهربائية فتُعرف بأنها معدل تحويل الطاقة وتُقاس بوحدة (واط) أو (كيلو واط) أو مضاعفاته ولتبسيط الأمر يمكننا القول بأن الطاقة ترتبط بالقدرة بنفس الطريقة التي ترتبط بها المسافة بالسرعة فالقدرة تناظر السرعة بينما الطاقة تناظر المسافة وبما أن المسافة تُحسب بالعلاقة التالية (المسافة= السرعة/ الزمن) فبالمثل تُحسب القدرة بالعلاقة التالية (القدرة= الطاقة/الزمن).

الطاقة لا تُفنى ولا تُستحدث

بالتأكيد عزيزي القارئ أنك قد سمعت هذه الجملة مرارًا وتكرارًا أثناء مراحلك الدراسية وتعلمت أن الطاقة لا تأتي من العدم ولا تفنى بل تتحول من شكل إلى آخر وهذا ما يُعرف بمبدأ حفظ الطاقة أو بسياقٍ آخر القانون الأول في الديناميكا الحرارية.

يمكنك ملاحظة مبدأ حفظ الطاقة في شتى المجالات فالمصباح الكهربائي الذي ينير غرفتك ما هو إلا أداة تحول الطاقة الكهربائية إلى طاقة حرارية وكذلك سخان المياه في حمامك وتوربينات الرياح تحول الطاقة الحركية إلى طاقة كهربائية والخلايا الشمسية تحول الطاقة الشمسية إلى طاقة كهربائية والأمثلة لا تحصى.

ما هي وحدات قياس الطاقة والقدرة؟

عند النظر إلى المعلومات التي تصف أنظمة الطاقة والتكنولوجيا، من المهم فهم معنى الوحدات المطبقة على الأرقام. توجد العديد من الأسباب وارء استخدام وحدات مختلفة لوصف الطاقة أو القدرة ومن تلك الأسباب أنها تمنح القارئ أو المتعلم الأريحية إذ قد يكون من الصعب النظر إلى عدد  ما بالجول وعدد آخر ب (الكيلوواط ساعة) ومعرفة أيهما أكبر على الفور.

لذلك نحتاج إلى التحويل إلى وحدة مشتركة، يشار إليها أحيانًا على أنها أساس مشترك، قبل أن تتمكن من مقارنة الأرقام أو استخدامها بسهولة فبنفس الطريقة التي لا يمكنك بها إضافة أسابيع وثواني معًا-بالرغم من أن كلاهما يستخدم لوصف الوقت- والتوصل إلى إجمالي الوقت بالأيام، لا يمكنك إضافة (ساعة واط ) وجول معًا للحصول على إجابة  معب عنها بوحدة «برميل النفط المكافئ-barrels of oil equivalents» -وحدة قياس للطاقة-.

في النهاية، لا يهم الوحدة التي تقوم بتحويلها إليها، كل ما تحتاجه هو الحصول على نفس الوحدات قبل أن تتمكن من جمعها أو طرحها.

الصورة التالية تحتوي على بعض الوحدات التي تستخدم لوصف الطاقة وأيضًا القيم المكافئة لوحدة الجول مقارنة مع هذه الوحدات فعللى سبيل المثال واحد واط ساعة(Watt hour) يساوي 3600 جول .

نفس الأمر ينطبق على القدرة فيمكن التعبير عن القدرة بالعديد من الوحدات مثل «وحدة الحصان-Horsepower» و«الوحدة الحرارية البريطانية-British Thermal »وغيرها وتوضح الصورة التالية علاقة هذه الوحدات مع وحدة الواط فمثًلًا 1 حصان يساوي 746 واط.

ما الفرق بين الحرارة ودرجة الحرارة؟

هل تعلم أنه يمكنك إضافة حرارة إلى النظام دون تغيير درجة الحرارة؟ كثير منا يفعل ذلك كل صباح عندما نغلي الماء في الغلاية لتحضير القهوة أو الشاي.

لا يهم مدى سرعة ظهور الفقاعات في الغلاية أو المدة التي تترك فيها المياه لتسخن، فمهما فعلت فلن ترتفع درجة حرارة الماء في الغلاية عن 100 درجة مئوية. هذا لأن كل الحرارة التي تضيفها تُستخدم لإعطاء جزيئات الماء طاقة كافية لتصبح بخار ماء بدلاً من زيادة درجة الحرارة من الماء.

في لغتنا اليومية، نستخدم مصطلحي الحرارة ودرجة الحرارة بشكل تبادلي تقريبًا، ولكن في هذه السلسلة التعليمية، عليك أن تفهم أنهما ليسا نفس الشيء إذ بإمكانك إضافة أو إزالة الحرارة من النظام دون تغيير درجة الحرارة.

تُعرف درجة الحرارة بإنها مقياس لمدى سخونة أو برودة الجسم وتتناسب طرديًا مع الطاقة الحركية لجزيئات ذلك الجسم فجزيئات الماء الساخن تمتلك طاقة حركية أعلى وبالتالي درجة حرارة الماء الساخن تكون عالية وبشكلٍ عامٍ، عندما تمتص المواد الحرارة، تزداد درجة حرارتها، وعندما تطلق الحرارة، تتحرك الجزيئات بشكل أبطأ وبالتالي تنخفض درجة الحرارة.

تُقاس درجة الحرارة بالدرجة مئوية، ولكن غالبًا ما تُقاس أيضًا بدرجات فهرنهايت ويمكنك أن تحول درجة الحرارة من الدرجة المئوية إلى درجة الفهرنهايت باستخدام العلاقة التالية:

تُقاس رجة الحرارة أيضًا بالمقياس المطلق ووحدة قياسها هي الكالفن ولعلك قد سمعت بالصفر المطلق والذي يساوي -273.15 درجة مئوية وعند الصفر المطلق تصل الحركة الحرارية للذرات والجزيئات إلى الحد الأدنى لها أو يمكننا القول، عند درجة حرارة الصفر المطلق تتوقف جميع جزيئات المادة عن الحركة. يمكن التحويل من الدرجة المئوية إلى درجة المطلق باستخدام العلاقة التالية:

إذن ماذا عن الحرارة؟ الحرارة هي أحد أشكال الطاقة وبما أنها كذلك لذا فوحدة قياسها هي “جول” كما ذكرنا آنفًا.

تنتقل الحرارة بشكل طبيعي من الوسط الأعلى درجة حرارة إلى الوسط ما لم يبذل شغل يغير مسار هذه العملية ففي الوضع الطبيعي إذا كان تركت قهوتك الساخنة لوهلة فستنخفض درجة حرارتها أي أن الحرارة انتقلت من الوسط الساخن -كوب القهوة- على الوسط الأقل درجة حرارة-الهواء الجوي- وبالمثل إذا كان الجو حارًا وقمت بفتح نافذة غرفتك فبعد فترة زمنية ستشعر بالسخونة في غرفتك درجة حرارة ولكن هذا لا يحدث إذا كان لديك مكيف تبريد ففي هذه الحالة لم يُعد الأمر طبيعيًا بل أثرت على العملية ببذل شغل ومع ذلك لا تنس أن تغلق نافذة غرفتك أثناء تشغيل المكيف حتى لا تنتقل الحرارة من الوسط الأعلى درجة حرارة-الهواء الجوي في هذه الحالة- إلى الوسط الأقل درجة حرارة-غرفتك في هذه الحالة-.

أخيرًا تُجدر الإشارة إلى أنه عند وجود فرق في درجة الحرارة يمكننا استغلال ذلك في إنجاز شغل وخير مثال على ذلك المولدات الكهروحرارية.

ما هي البادئات العددية «Numerical Prefixes»؟

إن الوحدات الأساسية لقياس كل من القدرة والطاقة هي الواط والجول ولكن هاتين الوحدتين ذات قيم صغيرة جدًا حتى أن متطلبات الطاقة اليومية للفرد حوالي 8 ملايين جول. هذا يعني أنه عند استخدامها ، ينتهي بك الأمر بأعداد كبيرة جدًا للحديث عن الأشياء العادية ومن هنا تكمن أهمية استخجام البادئات العددية لوصف طاقة أو قدرة الأنظمة الكهربائية إذ تتيح لك البادئات إضافة حرف إلى مقدمة الوحدة  لمنعك من إضافة الأصفار في الخلف.

يمكن إضافة البادئات إلى أي وحدات فمثلًا  الكيلوجرام هو في الواقع وحدة الجرام، مع البادئة كيلو مما يعني إضافة 1000. إذن 1 كيلوجرام يساوي 1000 جرام.

هذا أفضل بالطبع خاصة عندما تذهب لشراء 5 كيلو جرام من الطماطم من البائع فليس من الحكمة أن تقول له أعطيني 5000 جرام من الطماطم! في الصورة أدناه تظهر أهم  البادئات العددية الشائعة التي نستخدمها لوصف الأرقام الكبيرة فمثلًا 1000 واط يساوي كيلو واط واحد – وهو يمثل قدرة سخان كهربائي صغير.

أما الميجاواط فتساوي مليون واط فمثلًا تولد توربينات الرياح الكبيرة 8 ملايين واط، لذا من المحتمل أن تكون الميجاواط هي الوحدة  التي قد تستخدم لوصف إنتاج توربيات الرياح من الطاقة.

وألف مليون واط هو نفسه جيجاواط “Giga watt”ونستخدم هذه الوحدة لوصف إنتاج محطات التوليد الكبيرة كالمحطات المبنية على السدود الضخمة. يبلغ استخدام الطاقة في جميع أنحاء العالم حوالي 16 تيراواط “Tera watt” حيث يبلغ التيراواط مليون مليون واط وتُقاس الطاقة الإجمالية المستقبلة من الشمس بالبيتاواط “Peta watt” أي ألف تريليون وآخر ما سنذكره هو إكساوات “Exa watt”، وهي أفضل وحدة يمكن استخدامها لقياس القدرة المطلوبة لتنشيط أقوى ليزر في العالم  وهكذا تساعد هذه البوادئ العديدية في تقليل الأصفار إذ من لأسهل كثيرًا أن تكتب أو تقول بأن المحطة الكهربائية تولد  1.6 جيجاواط مما يقال إنها تنتج ألف ستة مائة مليون واط. وفي النهاية ينبغي التذكير بأن  الأرقام تحتاج إلى نفس الوحدات، بما في ذلك البادئات قبل أن تتمكن من إضافتها أو طرحها.

إلى هناك نصل لنهاية مقالنا التمهيدي أساسيات الطاقة المتجددة: ما هو مفهوم الطاقة؟ وما هي القدرة؟ في سلسلة أساسيات الطاقة المتجددة والذي ناقشنا فيه أهم المفاهيم المتعلقة بالطاقة والقدرة وكيفية وصف كل منهما بالوحدات القياسية.

المصادر:

Energy Principles and Renewable Energy-edx
Heatspring

Exit mobile version