ملخص كتاب التجديد والتحريم والتأويل للكاتب نصر حامد أبو زيد

صدر كتاب التجديد والتحريم والتأويل للكاتب نصر حامد أبو زيد عام 2010. يُعتبر هذا الكتاب خطوةً في المشروع التأويليّ، الذي كرّس الدكتور نصر جهوده فيه لمحاولة تجديد الفكر الدينيّ وتحرير العقل من التزمّت والنزعة الأصوليّة عن طريق صياغة قراءةٍ معاصرةٍ متجدّدةٍ تقتضي مواجهة التأويلات التقليديّة. فالتجديد عنده ليس رغبةً شخصيّةً، بل هو حاجةٌ ملحّةٌ في ضوء المتغيرات التاريخيّة والاجتماعيّة دون المسّ بالطبيعة الإيمانيّة للخطاب القرآنيّ. وعلى الرغم من ذلك، أثارت أفكاره زوبعة انتقاداتٍ من أصحاب العقل الفقهيّ انتهت إلى محاكمته وتفريقه عن زوجته بحجّة الارتداد عن الدين. فماذا قال أبو زيد في كتاب التجديد والتحريم والتأويل؟

«التجديد في أيّ مجالٍ لا ينبع من رغبةٍ شخصيّةٍ أو هوىً ذاتيٍّ عند هذا المفكّر أو ذاك، بل هو أمرٌ ملحٌّ لإطلاق الطاقات وتحريك حالة الركود التي تعاني منها مجتمعاتنا، وهو تعبيرٌ عن المسؤوليّة.»

نصر حامد أو زيد

أهميّة تجديد الخطاب الديني

تظهر الحاجة إلى التجديد عندما تتأزّم الأوضاع السياسيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة. فتدخل الأمّة في حالةٍ من الركود واجترار إنجازات وانتصارات الماضي هرباً من انكسارات وخيبات الحاضر. والتجديد عمليّة تواصلٍ خلّاقٍ بين الماضي والحاضر. فهو خروجٌ من التقليد الأعمى وإعادة إنتاج الماضي باسم الأصالة، وتحررٌ من التبعيّة الفكريّة للغرب باسم التطور.

التجديد في ضوء المتغيّرات الاجتماعيّة

ظهرت في القرن التاسع عشر، واستقرت في القرن العشرين، قناعةٌ بأنّ مجتمعاتنا دخلت مرحلة الحداثة بسبب التغيّر الكبير الذي حدث في البنية السياسيّة وبدايات تشكّل الدولة الحديثة. ولكنّ الهزيمة المدوّيّة في حرب عام 1967 أظهرت أنّ مجتمعاتنا ما تزال مجتمعاتٍ تقليديّةٍ. وأنّ آليّات اتخاذ القرارات آليّاتٌ غير مؤسّساتيّةٍ تابعةٌ لرغبة القائد. استوجب ذلك إعادة قراءة التراث، ليس بهدف التقليد وإعادة الإحياء، بل بهدف النقد واستخلاص النتائج وفق رؤيةٍ حداثيّةٍ.

تقوم الجماعات السياسيّة وأنظمة الحكم المستبدّة بمحاولة توظيف الدين لتحقيق غاياتٍ شخصيةٍ أو حزبيةٍ مستغلّةً تدخّل الدين في كلّ مجالات الحياة. فتعمل على السيطرة على الشعوب من خلال التحالف مع أو الضغط على رجال الدين. يتولّد الخطر هنا من أن يؤدي خلط الدين بالسلطة إلى تحميل الدين مسؤوليّة الظلم السياسيّ. كما حدث سابقاً عندما سببت ممارسات الكنيسة الضرر للدين المسيحيّ في أوروبا. لذلك يجب أن يدخل التنوير وإعمال العقل في كلّ المسائل الدينيّة المحرّم على العقل الغوص فيها من أجل تحريرها من سيطرة الفقهاء وهدم الجدار الذي يحاولون تشييده بين العامّة والخاصّة.

تتشارك الحركات الأصوليّة الفزع من التجديد و التأويل العصريّ للإسلام فيما بينها حتى وان اختلفت مذاهبها. وتعتبر أنّ الآراء التي طرحها السلف صائبةً بسبب قربهم التاريخيّ من العصر الذهبيّ للإسلام، ولأنهم أكثر تقوى من المعاصرين. فأصبحت كلمة التأويل والتفكير النقديّ عندهم رمزاً لمحاولات هدم الإسلام، خاصّةً وأنها ارتبطت بصراعاتٍ سياسيّةٍ تاريخيّةٍ. واعتبرت محاولةً لإرضاء الغرب دون التمييز بين الغرب السياسيّ الذي تحكمه العلاقات والمصالح والغرب الحضاريّ بما يشمله من فكرٍ وفلسفةٍ وفنون. أدى ذلك إلى المزيد من الانغلاق والتقوقع على الذّات ورفض كلّ محاولةٍ لقراءةٍ عصريّةٍ للدين تنطلق من المتغيرات الاجتماعية والثقافيّة.

التجديد في مواجهة التحديات الخارجيّة

تحاول العولمة صنع دينٍ جديدٍ قائمٍ على قوانين السوق والعمل. وهو دينٌ لا يُقهَر ولا يُعطي وعوداً بالرحمة والعدالة والانتقام من الظلم. لذلك فمن الطبيعيّ أن تقاوم كافة المجتمعات- بما فيها المجتمعات التي صنعت الحداثة- هذا الدين وقوانينه القاسية التي صنعها الأقوياء للسيطرة على المجتمع. وقد تمكّن الدين الجديد من احتواء تأثير الأسلحة القديمة المستخدمة في مواجهته والمتمثّلة في الحفاظ على التراث. وعرف كيف يوظفها جيداً في دعوى مكافحة الإرهاب وصراع الحضارات، بحجّة الحفاظ على السلم العالميّ وحريّة حركة السوق. لذلك ينبغي استخدام أسلحةٍ جديدةٍ تكشف وحشيّته، وتساهم ببناء حضارةٍ قادرةٍ على استيعاب الاختلافات والتناقضات عن طريق فتح أبواب العلم والمعرفة والحريّة.

ساهمت مشاريع الحداثة وإعادة التأويل بفصلها بين الإسلام والمسلمين بتمجيد الماضي في مقابل إدانة الحاضر. ولم يتمّ نقد الماضي إلّا في مرحلة الانشطار والتشظي الفكري والثقافي. وساهم ظهور التعليم المدنيّ بدل المدارس الدينيّة المنتشرة حينها في توسيع الفجوة الثقافيّة بين خرجيّ المدرستين. تزامن هذا مع انتشار خطاب الاستشراق الذي يركز على أنّ الإسلام هو المشكلة والعقبة التي تفصل العرب عن التطور والحداثة. مما أدى إلى ظهور خطابٍ دفاعيٍ لتبرئة الإسلام من تخلّف المسلمين. وهكذا ظهر تيار الإصلاح الدينيّ الذي تحالف أحيانا مع السلطة، وهاجمها أحيانا بحسب اختلاف وتوافق المصالح.

التجديد يحصّن الدين من التوظيف السياسيّ

إنّ محاولة نسب التخلّف الاجتماعيّ إلى مشكلةٍ في بنية العقل الإسلاميّ بمعزلٍ عن الظروف الاجتماعيّة والتطورات التاريخيّة تفتقر إلى الصحّة والعقلانيّة. لأنّ السبب الحقيقي يكمن في تفشي الجهل والظلم الاجتماعي والقمع السياسي. لذلك يرى نصر حامد أبو زيد أنه يجب علينا، من أجل نظرةٍ نقديّةٍ متوازنةٍ ونافعة، تأمّل التاريخ الإسلاميّ بوصفه تاريخ المسلمين بوصفهم بشراً وليس تاريخاً مقدساً. كما لا ينبغي فصل الإسلام عن المسلمين لأنّ هذا الفصل يؤدي إلى رسم صورةٍ طوباويّةٍ لدينٍ مثاليٍّ لا يتأثّر بالمتغيّرات الاجتماعيّة.

يمثّل التحليل النقديّ ضرورةً لا بديل عنها لفهم الدين بوصفه خطاباً إنسانيّاً ناتجاً عن البشر أنفسهم دون المساس بقدسيّة المصدر. ونلاحظ تبدّل وتطوّر هذا الخطاب بوضوحٍ وتفاعله مع المتغيّرات خلال مراحل التأسيس الأولى. لذلك فالخطاب القرآنيّ هو خطابٌ حيٌ متفاعلٌ يتطلّب دائماً إعادة قراءةٍ وتأويل من جيلٍ إلى آخر. يجب أن تتم هذه القراءة دون إغفال تأثير العوامل السياسيّة مثل الظلم الاجتماعيّ والقضايا التي تتعلّق بالصراع بين الطبقات. وتميّز هذه القراءة للعوامل السياسيّة بين التواصل الطبيعي وعلاقات التفاعل الحتميّة، وبين محاولات استغلال الدين وتوظيفه سياسياً.

الفن وخطاب التحريم

نستطيع من خلال تحليل الخطاب الدينيّ التعرّف على المناخ الفكريّ العام. فالخطاب الدينيّ، بوصفه جزءاً من الخطاب الثقافي، يزدهر عندما يكون المجتمع متحرراً ومنفتحاً وإنسانيّاً. ويسوده التعصّب وعداء الآخر عندما يختنق المناخ العام.

لماذا يسبب الفنّ فزعاً لخطاب التحريم؟

الفنّ كمثالٍ على تأثر تحليل الخطاب الديني بالمناخ الفكري العام، هو ممارسة أقصى درجات الحريّة. حيث يتحرر الإنسان من خلال الفنّ من قيود الفكر واللّغة والجسد، ويبني بواسطته عالمه الخاص. لذلك يكره المتشددون- تشدّداً دينياً كان أم اجتماعيّاً- الفنّ، لأنهم يخلطون ما هو معياريٌّ بما هو فنيٌّ. فهم يسعون، بسبب فزعهم من الحريّة، إلى منع التغيير والحفاظ على اللحظة التاريخيّة والسياسيّة بهدف جعلها أبديّةً. فيتحدثون عن ضوابط ومعايير الحريّة قبل أن تبدأ الممارسة. وهو ما يعاكس الروح الأساسيّة للفنّ الذي يسعى، من خلال الغوص في آفاقٍ مجهولةٍ، لكسر وتأسيس معايير جديدةً تُكسر بدورها في تجاوبٍ مع التقدم العلمي والفكري.

هل تحرّم الأديان الفنّ؟

يظهر ارتباطٌ عضويٌّ واضحٌ بين الدين والفن. لدرجةٍ لا يتصور معها دينٌ بلا فن. يتجلى هذا الارتباط بوضوحٍ في الصور والأيقونات في المسيحيّة، وصيغ الأدعية والصلوات ذات الصياغة الشعريّة الواضحة في كلّ الأديان، فضلاً عن الموسيقى المصاحبة للصلوات في الكنائس والترتيل في قراءة القرآن. بالإضافة إلى تغلغل الفنّ المعماريّ في التصميم الداخلي والخارجي للمساجد والكنائس.

كان الإسلام قد حطّم الأصنام في بداياته حرصاً على التوحيد النقيّ الخالي من شبهة الشرك. لكنّ تحريمها ليس تحريماً أبدياً لفن النحت والتصوير، بدليل أنّ المسلمين لم يحطموا التماثيل في البلدان المفتوحة. فهو تحريمٌ نابعٌ من إدراك متغيرات التاريخ. وازدهر فنّ الموسيقى والغناء في الفضاءات الإسلاميّة. فترتيل القرآن وتجويده هو فنٌ موسيقيٌّ بامتياز. فالإسلام أدرك أنّ الفنّ حاجةٌ إنسانيّةٌ لا يمكن الاستغناء عنها. ويمتلئ القرآن بالأدوات الفنيّة من تصويرٍ وعرضٍ وتخييل. فهو نصٌ أدبيٌ بامتياز انبهر به العرب قبل التشريع والنبوءات. فطبيعته البلاغيّة هي التي دفعت الكثيرين منهم إلى الإيمان به أو الإقرار له بالتمييز والزعم، في محاولة تفسير تفوّقه، بأنه سحرٌ مبينٌ.

أحدث الإسلام تطوراً جديداً في فهم ظاهرة الشعر التي كانت قبل الإسلام مرتبطةً بتصوّر أنّ الشعراء يتلقون الوحي من الجن. تطلّب ذلك التمييز بين مفهوم النبوّة وظاهرة الشعر. فإن كان الشعر وحياً من الجنّ فإنّ القرآن وحيٌ من الملائكة دون الاستغناء عن الحاجة للشعر في الإسلام. من هنا نرى أنّ تحريم الشعر هو تحريمٌ أيديولوجيٌّ بعيدٌ عن الدين. فالشعر بقي موجوداً في عصر النبي وازدهر بعده أيضاً في بلاط الخلفاء. لذلك فإنّ قضية تحريم الفن هي قضية تحريم الحريّة الاجتماعيّة بحجّة الرقابة وحماية الأخلاق. وهو ما يؤمّن مصالح السلطتين السياسيّة والدينيّة في السيطرة على المجتمع ويتفقا عليه بصور مختلفة يعبر عنها كل منهما بأدواته.

جذور إشكاليّة تأويل القرآن

وردت كلمة التأويل في القرآن أكثر من كلمة التفسير التي غالباً ما تأخذ معنى تفسير معاني الكلمات المفردة في مقابل تفسير القصد العام في كلمة التأويل. فالتفسير تمهيدٌ للتأويل. ومع ذلك فقد اتخذت لفظة التأويل معنىً سلبياً في وجدان الإنسان العربيّ وفضّل عليها لفظة التفسير. فاتخذ التأويل تدريجياً- مع التطور الاجتماعي والصراع الفكري والسياسيّ- معنى تحريف القرآن لإثبات ضلالات أخرى. وازداد العداء له مع تنامي الصراعات السياسيّة المرتكزة على تطوّر الفكر الشيعي والاعتزالي والمتصوّف.

رغم ذلك ومع التقدم الحضاريّ وتعدد المرجعيات، ظهرت التأويلات المختلفة بسبب الاختلافات الأيديولوجيّة وتجدد الحركة الفكريّة. فتنازعت الأطراف المختلفة على تحديد مفهوم التأويل. حيث حاول علماء الفقه كبح هذه التأويلات ومصادرتها إلى تأويلٍ واحدٍ صالحٍ لكلّ زمانٍ ومكان. بينما صاغ المعتزلة نظريةً ترى أنّ للفهم مستوياتٍ ومثلها للغموض. وجعلوا المعرفة العقليّة مقياساً للفهم وبالتالي للتفسير. في حين بنى الفكر الحنبلي مذهبه على النقل ومنع الاجتهاد وإرجاع كل المسائل إلى القرآن الذي يفسر بعضه بعضاً، أو إلى الحديث في غياب النص القرآني، ثم أفعال الصحابة. وكان للعوامل السياسيّة والخارجيّة الدور الأبرز في ترسيخ أو اضمحلال تأثير هذه التيارات في الحياة اليوميّة.

التأويل في العصر الحديث

تمّ إقفال باب الاجتهاد بإحكامٍ وتقييد العقل الإسلامي ليتحوّل من التفكير والإنتاج إلى التقليد والتكرار. وأخذ المسلمون لعدة قرونٍ كتب الأقدمين مراجع لهم، وتجنبوا كلام الفلاسفة وأصحاب المنطق العقلي باعتبارهم مضلّلين. ولكنّ الوعي بالهزيمة الفكريّة والعسكريّة وإشكاليّات الاحتكاك بالفكر الأوروبيّ المعاصر دفعت المسلمين إلى استدعاء التراث وخاصّةً الفكر المعتزلي لمواجهة هذه التحديات. فتبنى محمد عبده في منهجه الفكريّ الجامع بين التراث والعلوم العصرية، أنّ هدف التفسير هو تنوير العقل الإسلامي من خلال القرآن. فالقرآن عنده ليس كتاب تاريخٍ، بل هو كتاب هدايةٍ وموعظةٍ للمسلمين ولغيرهم. والله يخاطب البشر على قدر عقولهم لذا فمن الطبيعي أنّ يتطوّر هذا الخطاب بتطوّر العقول.

انقسم المفسرون في العصر الحديث إلى تيّارين مختلفين متصارعين. فبينما تبنّى الأول منهج السلف، واحتكم إلى النقل عنهم والالتزام بتفسيرهم، لتظهر منهم لاحقاً حركة الإخوان المسلمين. اتّبع الآخر، على الرغم من التهديدات والتضييق الممارس ضده، المنهج العقليّ. فقالوا أنّه يجب ألّا نبحث عن الصدق التاريخيّ فيما ورد في القرآن من قصص. حيث أمّنت تلك القصص، التي كانت متداولةً في ذلك العصر، التواصل بين القرآن والنصوص الدينيّة السابقة عليه. فلو كان القرآن جديداً تماماً على العرب حينها لما فهموه ولا آمنوا به. فالجِدّة في القرآن هي جِدّةٌ في الإسلوب والتشريع.

يتخذ الصراع بين منهجي السلف والخلف في التأويل شكلاً دموياً بعد أن كان صراعاً ثقافياً فكرياً. وسيطر أهل السلف الذين هددوا كلّ فكرٍ تجديديٍ على ساحة التفسير. لذلك وجب علينا إيجاد مقاربةٍ جديدةٍ لتأويل القرآن تأويلاً إنسانيّاً معتدلاً لتجاوز حالة الركود الفكريّ التي عانى منها الفكر العربيّ طويلاً.

نظرةٌ جديدةٌ في أفق التأويل

تحوّل النصّ الصامت الذي حُفِظَ في قلوب المسلمين إلى نصٍّ مقروءٍ بعد عمليّة التدوين وإعادة الترتيب والتنقيط، مما أدى إلى تجاهل طبيعته الأصليّة التداوليّة بوصفه خطاباتٍ متعددة المستقبلين التاريخيّن. فالتعامل مع القرآن بوصفه نصاً يقلل من حيويّته ويتجاهل دوره في الحياة اليوميّة. لتجنّب ذلك لابدّ من توظيف أدوات النقد التاريخيّ وعلم الدلالة، المرفوضة في سياق الدراسات القرآنيّة التقليديّة، من أجل قراءةٍ معاصرةٍ للقرآن من خلال النظر في الخطاب القرآنيّ باعتباره عمليّة تواصلٍ ذات خطاباتٍ متنوعةٍ بين الله والنبي.

فمن منظور نصر حامد أبو زيد، يجب التركيز على حيويّة القرآن وتعدد التفاسير في كلّ سياقٍ يتم الاستشهاد به. فكلّ استشهادٍ يتضمّن تفسيراً جديداً. ويجب بالمثل الابتعاد عن تلخيص القرآن حين يتمّ التعامل معه بصفته نصّاً جامداً كما تفعل الحركات الإسلاميّة المعاصرة عندما تحدد سلوك الفرد وحركة المجتمع في قوالب محدّدة. أوقعت هذه القراءة الجامدة المفسّرين في مشكلة التناقض في الآيات القرآنيّة. فاتّبع الفقهاء قاعدة الناسخ والمنسوخ لرفع هذا التناقض. وغاب عن ذهنهم أنّ سياقات القرآن لا يمكن فهمها إلّا وفق منهجٍ تأويليٍ ينظر إلى القرآن بوصفه خطاباً وحواراً. فاختلاف الأحكام ليس تناقضاً وإنّما هو أفقٌ مفتوحٌ أمام المجتمع للاختيار وفق الظروف المتغيّرة.

القرآن بوصفه خطاباً

ينطلق التفسير المفتوح للقرآن في مواجهة التفسيرات الكليانيّة والسلطويّة، من اختلاف الطبيعة الإنسانيّة واختلاف معنى الحياة. فالخطاب القرآنيّ هو عمليّة نقاشٍ ومحاورةٍ تتم وفق متغيرات المتحاورين. والقرآن لا يمثّل خطاباً أحاديّ الصوت، فهو خطابٌ حواريٌ تتعدد الأصوات فيه من صوت المقدّس إلى صوت المَلَك وصوت الإنسان. ويتحول هذا الخطاب إلى سجالٍ مع المشركين يتطور من خلاله الإعجاز البلاغيّ والأسلوبيّ للقرآن من خلال المقارنة بينه وبين الشعر وسجع الكهنة. ويتخذ مع المؤمنين أسلوب الحوار الذي تمّ من خلاله صياغة الأوضاع الفقهيّة.

المصادر: كتاب التجديد والتحريم والتأويل لِ نصر حامد أبو زيد

ملخص كتاب بحث الإنسان عن معنى (الجزء الأول)

في كتابه بحث الإنسان عن معنى، يحكي الطبيب النفسي النمساوي الشهير فيكتور فرانكل عن التجربة العصيبة التي مر بها داخل معسكرات الاعتقال النازية. وكيف تأثر بها وأسهمت بشكل كبير لاحقًا في وضعه لأساسيات واحدة من أشهر مدارس العلاج النفسي المعروفة الآن. وهي العلاج بالمعنى المعروفة باسم logotherapy. يقوم العلاج بالمعنى على فكرة أن إيجاد المعنى والهدف من الحياة هو مفتاح سعادة الإنسان وراحته.

في الواقع، بدأ فيكتور صياغة نظريته عندما كان في فيينا، النمسا من قبل حلول العدوان النازي. وبعدها عندما تم اعتقاله لمدة 3 سنوات، شارع فيكتور بتطبيق أفكار نظريته عليه وعلى زملائه في المعسكر في محاولة منه لإيجاد المواساه.

ينقسم الكتاب إلى جزئين. في الجزء الأول يباشر فيكتور الحديث عن تفاصيل تجربته في معسكرات الاعتقال ومراحلها المختلفة. أما في الجزء الثاني فيبدأ بتوضيح أساسيات العلاج بالمعنى.

في هذا المقال، يتم سرد ملخص الجزء الأول فقط. وسيتم نشر ملخص للجزء الثاني في مقال لاحق.

الوصول إلى المعسكر

يروي فيكتور تفاصيل نقله هو وعائلته إلى المعسكر بعد رحلة طويلة شاقة. وعند وصولهم، يتم تصفيتهم حسب مقدرة كل فرد على العمل. فالأفراد ذوي المقدرة البدنية على العمل يتم إرسالهم إلى معسكرات أخرى خاصة بالأعمال الشاقة. ويتم إرسال جميع من ليس لديه مقدرة بدنية (بما في ذلك الأطفال وكبار السن والمرضى) إلى غرف الغاز حيث يلقون حتفهم.

عرفت غرف الغاز بالإبادة الجماعية، حيث يتم إدخال الأفراد في غرفه مغلقة ومن ثم ضخها بالغاز المسمم فيتم إعدام جميع من فيها خنقًا.
فيروي هنا فرانكل بأنه عند مفترق الطرق، عند مرحلة اختيار من عليه الذهاب إلى معسكر الأعمال الشاقة ومن سيتم إرساله إلى غرف الغاز، كان الجميع يحاولون جاهدين التظاهر بالمقدرة البدنية لتجنب المصير المحتوم.
بعد اجتياز مرحلة التصفية، يتم اختيار فرانكل للذهاب إلى معسكر أخر ليقضي سنوات مقبلة من حياته في الأعمال القسرية.
كان حراس المعسكر يحرصون على سلب جميع ممتلكات المساجين. حيث يروي فرانكل أنه وقبل دخولهم المعسكر يتم أخذ كل الممتلكات دون استثناء. ولا يقتصر الأمر على الممتلكات المادية فحسب، فمعاملة حراس المعسكر للمساجين بتعمد الإهانة والوحشية والتعنيف الجسدي سلبت منهم أيضًا حقوقهم الأساسية في التعامل الآدمي.
فيقول فرانكل أنه في المعسكر يتم سلب جميع الممتلكات المادية والحقوق الأساسية. وحتى أدنى مستوى من الكرامة الإنسانية ليتركوا بذلك الفرد مجرد تمامًا من كل شيء.

المراحل النفسية الثلاث للسجين في معسكرات الاعتقال

يروي فرانكل أن السجين في معسكرات الاعتقال يمر بثلاث مراحل نفسية أساسية. من بداية دخوله المعسكر وحتى خروجه منه. المراحل هم: الصدمة واللااكتراث والإحباط. المرحلة النفسية الأولى تتجلى عند وصولهم إلى المعسكر. حيث يختبر السجين مشاعر الصدمة جراء ما يشهده من انتهاكات وسلب مباشر وغير مباشر للكيان الإنساني الذي هو عليه.

الحياة داخل المعسكر

يتحدث فرانكل عن تفاصيل الحياة من داخل المعسكر التي لا تخلو من مختلف ممارسات الظلم والقهر والمعاملة اللاإنسانية التي يتعرض لها المساجين. وفي تلك المرحلة بالتحديد، عندما يجتاز السجين مرحلة الصدمة، وهي المرحلة الأولى من مراحله النفسية الثلاث، ينتقل إلى المرحلة الثانية، وهي مرحلة اللااكتراث. تتطور هذه المرحلة بشكل كبير كآلية دفاعية نفسية عند السجين لمواجهة جميع أشكال العذاب التي يتعرض لها.
في تلك المرحلة، تعمد فرانكل التركيز على ذكر المعاناة اليومية المتفرقة التي كانوا يواجهونها. ولم يتطرق إلى الحديث عن الألم الوجودي العميق المصاحب للتجربة بشكل كبير.

فمن ضمن مما عاناه السجين، وساهم بشكل كبير في التأثير عليه هو قلة الطعام وسوء التغذية العام. فحراس المعسكر كانوا يتعمدون تجويع المساجين وحرمانهم من الطعام كلما سنحت الفرصة.
فكان هَم السجين الأوحد خلال اليوم هو الحصول على قسط من الطعام للبقاء على قيد الحياة بأي ثمن. ويأتي ذلك إلى جانب قلة ساعات النوم بالإضافة إلى ساعات العمل الطويلة الغنية بجميع أنواع العذاب النفسي والجسدي.
يذكر فرانكل هنا أن كثير من المساجين لم يتحملوا الحياة داخل المعسكر فبعضهم حاول الهرب والبعض الآخر لجأ إلى الانتحار.

وفي منتصف ذلك العذاب المضني، يحاول فرانكل جاهدًا تطبيق أفكار نظريته العلاجية عليه وعلى أصدقائه. لمساعدتهم على تحمل مشاق الحياة التي وجدوا أنفسهم بصددها.
ففي وسط جميع أنواع العذاب والظلم والفوضى التي تحوم حول الحياة داخل المعسكر. يرى فرانكل أنه بإمكان الحياة أن تكون ذات معنى وبإمكان الفرد تحقيق ذلك المعنى.
وأن معاناة الفرد دليل على قدرته في تحقيق ذلك المعنى. فالمعاناه تحمل في طياتها جرأة في مواجهة العذاب والألم وشجاعة تحمله. بالإضافة إلى فضيلة التحكم بالنفس عن طريق عدم السماح لتلك المعاناة بأن تقود سلوك الفرد إلى الأسوأ.
فيرى فرانكل أن المعاناة والصعوبات يحملان في طياتهما فرصة عظيمة لاستخراج الكثير من المعان.

آمال زائفة

يروي فرانكل أنه في أيامهم داخل المعسكر كان السجين يحلم باليوم الذي سيطلق به سراحه. فكانوا يسرفون في الحلم وكان الكثير يمضون أيامهم في تخيل شكل الحياة ما بعد التحرر. وأدرك فرانكل التأثير السلبي لذلك على المساجين. حيث أن تلك التخيلات لم تأت بمفردها بل تأتي عادة جمًا إلى جمب مع الكثير من الإشاعات عن أنباء لانتهاء الحرب والتحرر. فيعلق الكثير آمالهم على توقعات زائفة بالتحرر القريب ويسرفون في التخيلات الواعدة، وعندما يمر الوقت دون تغير في الأحداث واستمرار الحرب، يصاب الكثير بمشاعر إحباط شديدة قد تودي بهم أحيانًا.

الحياة بعد المعسكر

في آخر أيامه في معسكرات الاعتقال، يذكر فرانكل كم السعادة التي شعر بها هو وأصدقائه عندما وصلهم أنباء انتهاء الحرب والإفراج القريب عنهم. فيروي أنه لم يستطع النوم هو وزملائه من فرط سعادتهم وتحمسهم. ففي أول يوم خرج فيه من بوابة المعسكر هو وزملائه كانوا في حالة عدم تصديق بأنهم أخيرًا قادرون على تخطي بوابة المعسكر دون خوف من الحراس.

ويحكي عن تفاصيل ذلك اليوم، فيقول أنهم بالرغم من شدة حماسهم وهم بداخل المعسكر للخروج، عندما خرجوا فعلًا كان الأمر مختلفًا عما تصوروه. حيث شعروا في البداية بعدم الرضا عندما لم يجدو ما كانوا ينشدونه عند خروجهم من المعكسر. بل سرعان ما تطور هذا الشعور بعدم الرضا إلى شعور عميق بالإحباط عند عودتهم إلى منازلهم ليجدوا أن عائلاتهم بأكلمها لم تعد على قيد الحياة. وأن الحياة خارج المعسكر لم تكن كما كانوا يتصورونها في أذهانهم طوال سنوات المعسكر. وهنا، يمر السجين بآخر مرحلة نفسية من المراحل الأساسية خلال رحلته إلى وخارج المعسكر، مرحلة الإحباط العميق.


يرى فرانكل في نهاية الجزء الأول بأنه حتى إذا كانت الحياة بالفعل خارج المعسكر كما تخيلوها بداخله، فإنها مع ذلك لن تستطيع تعويضهم عن كم المعاناة التي شهدوها هناك. وأوضح أيضًا بأنهم لا يحتاجون السعادة المادية بالأساس. فعند النظر إلى الوراء والتأمل في التجارب والمحن التي اجتازوها وبالشخص الذي أصبحوا عليه بعد تلك المحنة فإن ذلك يبعث شعورًا مليئًا بالمعنى والتتويج.

اقرأ أيضًا: ملخصات كتب

ملخص رواية “الواجهة” للكاتب يوسف عز الدين عيسى

ملخص رواية “الواجهة” للكاتب يوسف عز الدين عيسى

تُعتبر رواية الواجهة من أشهر أعمال الكاتب والمفكر المصري يوسف عز الدين عيسى، والتي أثنى عليها الكاتب الكبير نجيب محفوظ. وأقر أنها من أفضل الأعمال التي قرأها.
وقد جاءت الرواية لتطرح الكثير من الأسئلة الفلسفية التي تطرأ على أذهاننا جميعًا، عن ماهية الحياة وألم العيش ولغز الموت المحير. وذلك في إطار روائي مميز، يجمع بين الفلسفة والخيال، ليحكي لنا حكاية البطل “ميم نون” من البداية إلى النهاية.

الواجهة:

تبدأ الحكاية بظهور البطل في مدينة غريبة لا يعرفها، كما لا يعرف اسمه أو من أين جاء. ظل وفقًا في مكانه لبعض الوقت مشدوهًا بما يرى من أناقة هذه المدينة ونظافتها، وشوارعها التي تفوح منها رائحة الفل والياسمين ولكنه لا يعرف كيف نقل إليها ولا متى، قاطعت تفكيره فتاة ترتدي ثوبًا ناصع البياض، تمر من أمامه على استحياء. فقرر أن يتبعها علّه يجد من يجيبه عن تلك الأسئلة التي تدور في رأسه.

رأى الفتاة تدخل مبنى يختلف عن مباني المدينة الأخرى، حيث سمع أصواتًا عديدة وتراتيل تنبعث من الداخل، وعندما دخل أبصر مجموعة كبيرة من البشر جميعهم بملابس بيضاء، يجلسون أمام رجل في الخمسين من عمره يرتدي ملابس تشبه ملابس القس، والذي كان يخبرهم بعدم حاجتهم بعد ذلك لجلسات الوعظ والإرشاد، فإن المدينة طاهرة لا يوجد بها من سارق ولا قاتل، ولا حتى رجل منحرف السلوك أو أنثى فاسدة الأخلاق.

انبهر البطل بما رأى وقرر أن يسرع ليسأل القس عن سبب وجوده هنا، ولكنه لم يلحق به فبمجرد انتهاء الجلسة اختفى الجميع من أمام ناظريه. فخرج إلى الشارع شاعرًا بجوع شديد ووحدة قاتلة. وعندها رأى مطعمًا قريبًا منه جذبته إليه رائحة الشواء فتقدم نحوه وجلس إلى مائدة في وسط المطعم.

أقبلت تجاهه فتاة جميلة تعمل بالمطعم، طلب منها أن تحضر له أي طعام يسد جوعه، وأخبرها أنه لا يملك المال، ففاجأته بأنه ليس عليه دفع أي شيء، فهو غريب عن المدينة وله الحق في الطعام والمسكن لمدة عام دون مقابل. لأن تلك هي القوانين.

وعندما سألها عن مسكنه ذهبت باتجاه الهاتف المعلق على الحائط وأدارت رقمًا وتحدث في بضع جمل قصيرة، ثم عادت إليه مرة أخره وأخبرته أن اسمه هو “ميم نون” ودلته على مسكنه، ودهش عندما علم أن المدينة تتكون من شارع واحد وكل سكان المدينة يعيشون فيه، اتجه إلى منزله وقابل خادمه الذي يعمل بالمنزل، وحاول أن يسأله “ميم نون” عن الأسئلة التي تدور في رأسه، ولكنه أخبره أن يذهب إلى مكتب الاستعلامات إذا كان يريد العثور على إجابات.

حكم الإعدام:

ذهب “ميم نون” إلى المطعم في وقت العشاء ولكنه كان قد تأخر كثيرًا عن الموعد، لذا قرر أن يتفقد المدينة، ولاحظ ابتسام كل من قابلهم من أهل المدينة جميعًا له واحتفالهم به، وأثناء سيره تعرف على شابًا يدعى دال والذي دعاه لتناول العشاء في منزله فرحب ميم فورًا، وهناك تعرف على أختيه ووجد طعامًا وفيرًا، وفي أثناء الطعام بدأ حديثه بأنه سعيد في هذه المدينة وأنها مكان مثالي.

ولكن حاولت إحدى الأختين إخباره بشيء ما فنهرها أخوها وخرجت مسرعة من غرفة الطعام، ثم عادت بعد دقائق صارخة أنها رأت الذبابة وقد حان دورها في الإعدام، مما راع “ميم نون” كثيرًا ولم يفهم شيئًا، من ثم ماتت الفتاة أمام ناظريه.

ثم دق جرس الباب وحضر رجلين يرتديان ملابس سهرة سوداء، حملا الفتاة ووضعاها في سيارة سوداء وانطلقا نحو بالوعة في آخر المدينة وألقوها فيها، وهناك سمع “ميم نون” صوت قطار قادم من بعيد ثم أُغلقت البالوعة.

وكان هذا أول تنفيذ لحكم إعدام يشهده “ميم نون” في المدينة، ومنذ هذه اللحظة عرف أن كل من في المدينة محكوم عليهم بالإعدام بأمر من حاكم المدينة، وهو وحده من يقرر وقت وطريقة الإعدام، وتساءل لماذا يأمر الحاكم بقتل فتاة جميلة مثل هذه؟

وفي اليوم التالي ذهب إلى مكتب الاستعلامات وهناك علم أن مهمته في هذه المدينة هي البحث عن الحقيقة، وتأكد هناك من أن جميع من في المدينة محكوم عليهم بالإعدام بما فيهم هو نفسه، وأنهم يلقون في البالوعة بعد تنفيذ الحكم حيث تنتظرهم حياة أخرى.

اللعنة التي حلت على “ميم نون”:

أمضى “ميم نون” أيامًا في صدمة مما علمه عن تلك المدينة وشاهده فيها، وكان يشعر بوحدة شديدة لذا عندما ذهب إلى المطعم دعا الفتاة التي كانت تقدم له الطعام أن تأتي لمنزله وتؤنس وحدته دون أي تفكير دنيء. بُهتت الفتاة بمجرد سماع هذا الكلام، ونهرته واتهمته بأنه يلوث المدينة بخطاياه. وشكته للجهات المسؤولة في المدينة وحرمته من مجانية الطعام والمأوى.

وعندما خرج ميم إلى الشارع تفاجئ بأن الجميع ينظرون له باشمئزاز، وعندما ذهب إلى منزله طرده الخادم جزاءًا لإثمه، وعلم “ميم نون” أنه لكي يحصل على المال يجب أن يدور في طاحونة المدينة. بحث بجد عنها حتى وجدها واستطاع تخطي الاختبار وبدء العمل، وكان عليه أن يدور في الطاحونة وتلهب السياط ظهره من قبل عامل الطاحونة ليحصل على المال.

خرج ميم منهك القوى مدمى الظهر من الطاحونة يحمل عشرين قرشًا، ثم ذهب إلى المطعم ليتناول طعامه، تناوله على عجل وغادر المكان، ومعه كل الأسئلة التي سرقت النوم من عينيه تدور في رأسه، فماذا تكون تلك المدينة؟ ومن هو مالكها؟ ولماذا يستمتع بإعدام الناس؟

رجع “ميم نون” إلى منزله فقد استطاع أن يدفع الإيجار بما كسبه من الطاحونة. وفي اليوم التالي ذهب للطاحونة مرة أخرى ليحصل على قوت يومه، وعندما ذهب للمطعم على العشاء وجد أن أسعار الطعام قد ارتفعت بشكل كبير فلم يستطع شراء عشائه، واستمر في الدوران في الطاحونة لأيام والأسعار تتزايد بشكل مستمر، وأجره في الطاحونة كما هو لا يتغير وأصبحت المعيشة أصعب.

زواج مفاجئ:

عاد ميم إلى منزله في يوم ووجد هاتفًا قد وضع جانب سريره بأمر من مالك المدينة، وعبر هذا الهاتف تلقى مكالمه من رجل مهم في المدينة يدعوه لتناول العشاء معه، وهناك لم يحصل “ميم نون” على إجابات مرضيه على تساؤولاته مثلما كان يظن، ولكنه حصل على وجبة عشاء دسمة وتعرف على فتاة شقراء تعمل لدى هذا الرجل المهم.

وعندما خرج من هناك، وجد في طريقه مبنى معلق عليه لافتة. مكتوب عليها “كل من يشكو الوحدة يدخل هذا المكان” فدخل على الفور. ولكنه وجد هناك باب مكتوب عليه “كل من يرغب في تجربة القلق والحزن يدخل من هذا الباب”. فحاول التراجع ولكن لم يجد مفر من الدخول.


وعندما دخل رأى قاعة احتفالات مليئة بالشباب والفتيات، ووقعت عيناه على الفتاة التي وجدها سابقًا عند الرجل المهم، وعندما ابتسمت له وابستم لها كانت قد تمت مراسم الزواج بينهم واستلما الوثيقة عند خروجهما، تفاجأ ميم مما حدث ولكنه قد اطمأن لأنه لن يظل وحيدًا بعد الآن.

الجزء الخلفي من المدينة:

وفي الصباح ذهبا معًا لتناول الطعام، ولكن النقود التي مع “ميم نون” لم تكف نظرًا لغلاء الأسعار المستمر. ذهب ودار في مرارًا وفي كل مرة عند عودته يجد أن الأسعار قد ارتفعت. وظل يذهب إلى الطاحونة ويرجع ولا يحصل على المال الكافي وسط ضحكات الأطفال ونظرات أهل المدينة، فأدرك أن زواجه لم يكن خطوة جيدة. وعندما استيقظ في اليوم التالي لم يجد زوجته بجانبه، فأخبره الحارس أنها قد تكون في الجزء الخلفي من المدينة!


ذهب ميم إلى مكتب الاستعلامات ليعرف ما هو الجزء الخلفي من المدينة. ولكنه قرر السؤال عن سبب غلاء الأسعار وعدم ارتفاع أجره. فحوكم بالسجن عدة أيام عقابًا على ما فعله. وعندما عاد إلى منزله وجد أن مالك المدينة قد أهداه طفلان، صبي وفتاة في عمر السابعة تقريبًا.
أصبح على ميم مسؤوليات كبيرة لإطعام وكساء الطفلين. وزادت مرات دورانه في الطاحونة وإلهاب ظهره بالسياط، وفي يوم استيقظ من النوم فرأى زوجته تتسلل إلى باب خلفي لم يره مسبقًا داخل المنزل، فتبعها والفضول يأكله ووجد نفسه في مكان قذر تفوح منه رائحة النفايات. وجد نفسه في الجزء الخلفي من المدينة.

رأى ميم جميع أشراف المدينة الذين يعيشون في الواجهة. ومن ضمنهم فتاة المطعم التي عوقب من أجلها والواعظ الذي رآه فور وصوله للمدينة، يمارسون أبشع التصرفات في ذلك الجزء الخلفي، يسيرون أشباه عرايا، يسرقون ويزنون ويقتلون ومن يفعل غير ذلك يلقى العقاب، وتساءل ماذا تفعل زوجته في هذا المكان! وعندما يأس من إيجادها رجع إلى منزله فوجدها قد عادت، ولكنها لم تخبره عن سبب ذهابها إلى هناك.

وفي يوم قضاه ميم وزوجته خارج المنزل لزيارة الرجل المهم، عادا إلى المنزل فلم يجدا الطفلين وكانا قد ذهبا إلى الجزء الخلفي من المدينة. وعندما وجدهما ميم كان الطفل قد صدمته سيارة وتسلما إنذارًا بإعدامه. ولكي يرفع حكم الإعدام عن ولده دار في الطاحونة مائة دورة دون مقابل.

وعندما عاد وجد إبنه الجريح قد شفي، ولكنه لم يجد زوجته التي كانت في الجزء الخلفي من المدينة، وعندما عادت إلى المنزل أمرته أن يدور في الطاحونة لتوفير ثمن شراء ملابس المدرسة للطفلين، وكان “ميم نون” منهك القوى ولكنه ذهب للطاحونة وحصل على النقود.

وعندما عاد خرج مع زوجته لشراء الملابس للطفلين، ولكنه سقط من شدة الإعياء في منتصف الطريق. وتوقفت بجوارهما سيارة حمراء هبط منها رجل سلم الزوجة ظرفًا، عندما فتحته أخبرت ميم نون أنه إنذار بتنفيذ حكم الإعدام فيه ثم تركته وذهبت، وعندما استعاد وعيه بعدما ساعدته فتاة عابرة. هم بالرجوع إلى منزله، ورأى في الطريق برجًا يتم إقامته على أحد جانبيه. وعندما سأل أحدهم علم أن هذا البرج من أجله. ليساعده في البحث عن الحقيقة!

البرج:

اندهش “ميم نون” عندما علم أن البرج من أجله وتفاجأ بحشد كبير من الناس يقفون أمامه يريدون تقبيل يديه والحزن يعلو وجوههم والدموع في أعينهم. حاول ميم التملص منهم وذهب إلى منزله، رأى زوجته بين حشود من البشر تحتفل. وقد اكتسى البيت بأفخم الأساس وامتلأ بأشهى الأطعمة، وعندما رأته اعترتها الصدمة. حيث أنها كانت تظن أنه قد تم تنفيذ حكم الإعدام فيه.

وعندما سأل عن مصدر هذا المال الوفير لم يجد إجابة، وسأل عن أبنائه، علم منها أن الفتى قد تم تنفيذ حكم الإعدام فيه. أما الفتاة فقد أصابها الجنون عندما علمت أن كل من في المدينة محكوم عليهم بالإعدام. وفي اليوم التالي تلقى ميم مكالمة تخبره بضرورة ذهابه إلى البرج ليبدأ عمله.

وبعدما ذهب وجد البرج مجهز على أعلى مستوى، وكانت غرفته في الدور الأخير من البرج فوق أربعين طابقًا، ولكن لم يكن من حقه استخدام المصعد وكان عليه الصعود على قدميه. وكانت غرفته أحقر غرفة في المكان، كما أنه لا يحق له ارتياد المطعم الكبير في البرج. حيث أنهم أخبروه أنه أعلى وأرقى من ذلك وأن كل تلك الخدمات للعاملين بالبرج أما هو فمالكه.

وعندما دخل غرفته سمع صوت صراخ طفلته التي تركتها زوجته له ورحلت، وجد الطفلة حزينة وهزيلة تحتاج للطعام. فذهب للدوران في الطاحونة والبحث عن زوجته. ولكنهم أخبروه أنها قد اختارت أن تعيش في الجزء الخلفي من المدينة فرجع ميم مع طفلته إلى البرج وصعد بها أربعين طابقًا حتى خارت قواه.

وفجأة شعر بهدوء الطفلة وأنها كفت عن البكاء، وعندما تفقدها كان قد تم تنفيذ حكم الإعدام بالجوع فيها. وبعد دفن الفتاة رجع “ميم نون” إلى البرج ومات هناك في صمت. وذلك بعدما نفذ فيه حكم الإعدام بالحزن. وبعد إلقائه في البالوعة، ظهر فتى غريب في المدينة لا يعرف إسمه ولا من أين جاء وعندما ذهب لمكتب الاستعلامات. علم أن مهمته هي البحث عن الحقيقة!

مراجعات أعضاء نادي القراءة لرواية الواجهة:

بعد أن علمت حقيقة تلك المدينة الملعونة وأنا في كل صفحة من طياتها أخشى على عزيزي ميم نون من أن تكون البالوعة من نصيبة . آمنت بكلامه بأن وقوع المصيبة أهون بكثير من انتظارها.

أشفقت على ميم نون حد البكاء وكأنني لم أتأثر برواية من قبل. كان قلبي ينخلع مع كل إعدام يتم تنفيذه وكأنه حقيقة أشعر بها من شدة تأثري بها بت أحلم كل ليلية بأنني قد حان موعد إلقائي فى البالوعة. كم من بالوعات تم إلقائي فيها كل ليلة منذ أن قرأت!.

عايشت المدينة بتفاصيلها. فرحت كفرحهم وحزنت كحزنهم. لم أقرأها في يوم أو نصف يوم أو أقل من ذلك مع قدرتي على فعلها. كنت أخشى أن أصل إلى نهايتها فأفقد لذتي تلك، وكأن للعذاب لذة.

لاحظت الشبه العجيب بين فكرة الإعدام بلا سبب وبين فلسفة الموت. يمكن أن يأتينا دون اعتبار أو حساب أو سابق إنذار. لكنني أحسست فيها بتشبيه بين واقعنا في الحياة وما خلقنا لأجله. شعرت بالاشمئزاز حينها.

” الإنسان لا يشعر بوجوده إلا إذا تعذب، إننا لا نشعر بلحظات السعادة، ولكننا نحس بأيام العذاب”

بعد ربع الرواية بدأ الكلام يتجه مع كل من يحاوره بأننا دُمى صنعها مالك المدينة ويحق له أن يعدمها في أي وقت الشيء الأقرب إلى الملل هو تشابه الحديث بينه وبين أفراد الرواية. حديثه مع الخادم ومع السيدة العجوز ومع واو كلها متشابهة تقريبًا في اللفظ والمعنى.

في أسفل البالوعة محطة قطار وهذا القطار يحمل الذين نُفذ فيهم حكم الإعدام إلي مكان بعيد مجهول، بعد أن تدب فيهم الحياة من جديد، هذا المكان قد يكون أجمل وأروع من هذه المدينة، وقد يكون أسوأ منها .

كل إنسان يراه بصورة مختلفة الكلمة أشبه كثير بفلسفة الموت والبعث والخلود كما ذكرت سالفًا. النصف الأخير من الرواية أشكر نفسي على احتماله كنت على وشك كسر الشاشة من اشمئزازي من كل موقف مر بي وأنا أقرأه.

الجزء الخلفي من المدينة ومن بعده البرج وحديث الخادم ولا سيما كلمة يا سيدي أنت اعلى قدرًا من الموظفين هنا لذلك لست أهلًا لدرجة كذا .. شعرت بالاستفزاز.

الشيء الأكثر تأثيرًا كان النهاية أو البداية، سيفهم مقصدي من قرأها. في النهاية هناك بعض الأمور التي يجب مراجعتها ولكن كاتبها رحمه الله كنت ولا زلت من أشد الناس إعجابًا بمدرسته. مدرسة الربط بين الواقع والخيال والأحلام. مدرسة لم أر غيره اتجه لها إلا تابعًا.

قرأت له من قبل العسل المر وثلاث وردات وشمعة والتمثال والأب لكن لم اقرأ رواية مخيبة لآمالي لا من الناحية الأدبية ولكن من التأثير النفسي مثل الواجهة.

عبد الله جمال

ملخص رواية الغريب للكاتب والفيلسوف ألبير كامو

للمزيد من ملخصات الكتب

ملخص رواية “لا تقتل عصفورًا ساخرًا” للكاتبة هاربر لي

ملخص رواية “لا تقتل عصفورًا ساخرًا” للكاتبة هاربر لي

صدرت رواية “لا تقتل عصفورًا ساخرًا”، للكاتبة الأمريكية هاربر لي عام 1960، فازت بجائزة البوليتزر، وأصبحت علامة في الأدب الأمريكي، بعدما حققت نجاحًا سريعًا فور صدورها، وحولت إلى فيلم يحمل نفس اسم الرواية “لا تقتل عصفورًا ساخرًا” عام 1962، وقد فاز بجائزة أوسكار.

طفولة صاخبة

تعيش سكاوت الصغيرة ذات الست سنوات مع أخيها جيم، ووالدها أتيكوس الذي كان يعمل بالمحاماة، في بلدة صغيرة تدعى مايكوم.

كان جيم وسكاوت يقضيان العطلة الصيفية يلعبان في فناء المنزل، ولا يتخطيان أبدًا المسافة التي يصلها صوت كالبورنيا طباختهم، والقائمة على رعايتهم بعد وفاة الأم، وفي أحد الصباحات الباكرة من الإجازة، التقيا “ديل” ذلك الفتى الصغير، الذي كان يقضي إجازته مع خالته الآنسة راشيل، والتي كانت تسكن في المنزل المجاور لمنزلهم.

استقبلا ديل، وشاركهم اللعب طوال الإجازة وتمثيل المسرحيات. كان منزل آل رادلي الذي يقبع عند المنعطف وراء منزل سكاوت، يلهب خيال ديل كما فعل مع كل أطفال البلدة. فقد دارت حوله الكثير من الأساطير عن تحول ابن آل رادلي إلى شبح حاقد. وظن أهل البلدة أنه يخرج ليلًا، ويتلصص على نوافذ الناس. كانوا يعزون أي حادثه غريبة تحدث في البلدة، لذلك الشبح من آل رادلي.

نبعت كل تلك الحكايات من انعزال المنزل وأهله عن البلدة. وهي نزعة لا يغفرها أهل مايكوم أبدًا. لم يكن السيد رادلي يذهب إلى الكنيسة، ولم تشارك السيدة رادلي جاراتها في حفلات الشاي وجلسات السمر. أما الإبن والذي أطلق عليه أهل البلد اسم بو رادلي، فقد اختفى داخل منزله ولم يكن يظهر للعامة. أصبح المنزل مصدر حيرة وخوف أطفال بلدة مايكوم.

توم روبنسون

مع بداية عام دراسي جديد، لم تكن سكاوت تعلم أنها بداية المتاعب، التي لا حصر لها مع الأطفال في المدرسة. إذ دعى أولئك الأطفال أتيكوس بمحب الزنوج، فلم تفهم سكاوت المعنى في البداية. لكنها أحست أنه لقب غير مستحب، بسبب الطريقة التي تلفظ بها الأطفال هذه الكلمات.

عندما سألت أبيها عن معناه، وعن السبب الذي جعل الأطفال يطلقون عليه محب الزنوج، أخبرها أنه تولى قضية رجل أسود البشرة، يدعى توم روبنسون، عامل بسيط يعيش في مستوطنة الزنوج، الواقعة خلف مقلب نفايات البلدة.

وأوصاها هي وأخيها أن يكونا صبورين على الكلام القبيح الذي سيسمعانه الفترة القادمة. ما عليهما سوى تجاهل هذا الكلام، والمضي في طريقهما. وعندما سألته سكاوت إذا كان سيربح القضية أم لا، فكان جوابه أن خسارته للقضية معلنة منذ مائة عام من توليه لها.

ولم تقتصر مشاجرات سكاوت مع أصدقائها في المدرسة فقط، ولكن امتدت للأقارب أيضًا. فقد نشبت مشاجرة كبيره بينها وبين قريبها فرانسيس، أثناء التجمع العائلي في عيد الميلاد، بسبب تطاوله أمامها على أتيكوس، وتصريحه بأنه يخزي أفراد العائلة. كانت نتيجة المشاجرة، أن لكمت سكاوت فرانسيس لكمة قوية في أسنانه.

ما قبل المحاكمة

مع اقتراب موعد محاكمة توم روبنسون، الذي اتُهم ظلمًا باغتصاب ابنه السيد يويل، الذي يقع منزله بجانب مقاطعة الزنوج، كثرت اجتماعات أتيكوس الغامضة مع رجال البلدة. وفي يوم، اضطر للخروج ليلًا حاملًا سلكًا كهربائيًا طويلًا، وفي نهايته مصباح. تبعه جيم وديل وسكاوت خلسة، حتى وصل إلى سجن مايكوم.

نصب السلك بين قضبان نافذة الطابق الثاني، وجلس مستندًا إلى الباب الأمامي يقرأ. وبعد دقائق توقفت مجموعة سيارات أمام السجن مباشرة، ووضع أتيكوس صحيفته بهدوء، وكأنه يتوقع وصولهم. ثم خرج مجموعة من الرجال وأحاطوا به، وسألوه عن توم روبنسون، وأمروه بالابتعاد عن الباب.

لم تتحمل سكاوت وانطلقت مسرعة باتجاه أبيها لتحميه. تبعها جيم وديل كذلك، وعندها رحل الرجال كما جاءوا، بعدما رأوا هؤلاء الأطفال. سمعوا صوتًا من نافذة السجن يسأل إذا رحل الرجال أم لا، فأجابه أتيكوس أن ينام ويأخذ قسطًا من الراحة. كان هذا صوت توم روبنسون.

المحاكمة

يوم المحاكمة كان مناسبة خاصة لأهالي مايكوم، فقد استعد معظم أهالي البلدة لمشاهدة المحاكمة، وكذلك جيم وسكاوت وديل قد قرروا الحضور متجاهلين أمر أتيكوس بالبقاء في المنزل، بدأ استجواب الشهود، وبعد الاستماع إلى السيد يويل وابنته ماييلا يويل المعنية بالحادثة، جاء دور توم ربنسون، بدأ يقص على الحاضرين ما حدث في ذلك اليوم، وكيف دعته الآنسة ماييلا إلى البيت ليصلح لها الأبواب التي تخلخلت مفصلاتها. استجاب لأمرها، فحص الباب وجده سليمًا وحركته طبيعية.

فجأة أغلقت ماييلا الباب، وحين أخبرها برغبته في الرحيل، انقضت عليه وضمته من خصره، وتطاولت حتى قبلته على جانب وجهه، وقد حاول التملص منها ولكن في هذه اللحظة وصل السيد يويل، وشرع في الصراخ على ابنته، مما دفع توم للركض بأقصى سرعته خوفًا مما سيلاقاه.

بعدما فرغ الشهود وانتهى أتيكوس من مرافعته، كانت كل الأدلة تشير إلى براءة توم روبنسون، وكان الأمر متروكًا لقرار هيئة المحلفين، والذين أدانوه جميعًا متجاهلين كل الأدلة التي تفيد برائته، ولكن لم يكن هناك أمل ببراءة زنجي في مثل هذه البلدة.

بعد صدور الحكم انهار جيم، لم يستوعب كيف لهم إن يدينوه بالرغم من كل الأدلة التي في صالحه، وفي هذه اللحظة أدرك برعم صغر سنه مدى بشاعة البشر.

ظهور بو رادلي

في اليوم التالي للمحاكمة، بدأت متاعب السيد يويل في الظهور، فقد توعد أتيكوس بالانتقام، بعدما كشف كذبه أمام أهل مايكوم جميعًا، وعندما قابله في الشارع، قام السيد يويل بالبصق في وجهه، وكان أتيكوس مهذبًا إلى حد اتفز السيد يويل كثيرًا.

وبعد أيام قليلة من المحاكمة حاول توم روبنسون الهرب من السجن، ولكنه لقى حتفه تحت وابل رصاص الحرس، فالبرغم من أن أتيكوس أخبره، بأن له فرصة جيده في الاستئناف، إلا أنه قد فقد الأمل كليًا، ورأى أن لون بشرته، قد حكم عليه بالإعدام قبل المحاكمة بكثير.

بدأت الأيام بعد تلك الحادثة، أن تعود لمسارها الطبيعي إلى حد ما، وبدأ العام الدراسي وعاد جيم وسكاوت إلى المدرسة، قررت سكاوت المشاركة، في العرض الذي سيقام في احتفال الهالوين هذه السنة.

في يوم الاحتفال لم يستطع أتيكوس مرافقتهما، وبعد انتهاء العرض وفي طريق العودة، سمعا صوت شخص ما يتبعهما، ركضا بأسرع ما يمكنها، ولكنه استطاع اللحاق بهما والاشتباك بجيم، كُسرت ذراع جيم وأُغشي عليه، ثم هجم على سكاوت وحطم زيها وحاول قتلها بسكين حادة، ولكن بو رادلي خرج من منزله في الوقت المناسب، واستطاع إنقاذها وحمل جيم إلى المنزل.

وعندما حضر محقق الشرطة، وذهب لتفحص مكان الحادث، وجد جثة السيد يويل ملقاه على الطريق، مطعونًا بسكين مطبخ بين أضلعه، كان يحاول قتلهما انتقامًا من أتيكوس، وكان ظهور بو رادلي في تلك الليلة العزاء الوحيد لسكاوت، وأخيرًا قد تبددت الأسطورة التي طالما شغلتها، ورأته أمامها حيًا.

اقرأ أيضًا ملخص رواية “هيا نشتر شاعرًا” لأفونسو كروش

للمزيد من ملخصات الكتب

ملخص رواية “العمى” للكاتب جوزيه ساراماغو

ملخص رواية “العمى” للكاتب جوزيه ساراماغو

“المعجزة الوحيدة التي نستطيع تحقيقها هي أن نستمر في العيش ، نحافظ على هشاشة الحياة من يوم إلى آخر” جوزيه ساراماغو، رواية العمى

تبدأ الحكاية عند إحدى إشارات المرور في أحد شوارع المدينة عندما أضاءت الشارة منبهة السيارات للعبور حدثت جلبة شديدة بسبب عدم تحرك سيارة واحدة في الأمام، ظن الناس في البداية أن هناك عطل ما في السيارة ولكن كان السبب أغرب من ذلك بكثير فقد عمى صاحب السيارة بدون أي مقدمات ولكن كان هذا العمى مختلفًا فقد كان عمى لونه أبيض وكأنه سقط في بحر حليبي لا يرى شيئًا سوى البياض، عرض أحد المارة مساعدته وأوصله لبيته ثم سرق سيارته وهرب.

ذهب الرجل مع زوجته لطبيب العيون ليرى أين المشكلة، دخلوا العيادة فوجدوا فيها مرضى آخرين في انتظار مقابلة الطبيب، كهل ذو عين معصوبة وفتاة ترتدي نظارة سوداء وطفل صغير مع أمه، دخل الأعمى مع زوجته إلى الطبيب وبعد الفحص لم يجد أي مشكلة في عينيه فقد بدتا سليمتين تمامًا فأمره الطبيب بإجراء بعض التحاليل لمعرفة ما سبب هذه الحالة الغريبة.

رجع الطبيب إلى بيته في حيرة تامة فلم يمر عليه حالة كهذه من قبل ويكاد يجزم أنها لم تمر على أحد من زملائه أيضًا، حكى لزوجته ما حدث وذهب ليراجع بعض المراجع عله يجد ما يفيد ولكن وبدون مقدمات وجد نفسه يسبح في بحر حليبي، قد أصابه العمى هو الآخر.

أحس الطبيب بخطورة الأمر وفكر أن يكون عمى هذا الرجل معديًا، حاول أن يكلم الجهات المسؤولة لينبههم بقدوم جائحة في الطريق ولكن لم يستمع إليه أحد، حتى وجدوا المزيد من الحالات فأخبروه أن يحضر نفسه سوف تنقله سيارة إسعاف مع الآخرين، وعند حضور السيارة ادعت زوجته بأن العمى أصابها هي الأخرى حتى تكون مع زوجها.

تم نقلهم إلى مبنى قديم ومتهالك كان يستخدم كمستشفى للأمراض العقلية سابقًا وأرشدهم إلى الغرف الجنود عبر مكبرات الصوت ووعدوهم بتقديم الطعام بانتظام كل يوم وأمروهم بالالتزام التام وعدم محاولة الخروج والاهتمام بنظافة المكان لأنها مسؤوليتهم الخاصة.

تم وضع العميان في جناح والمخالطين لهم في الجناح المقابل، كانت الغرفة الأولى من جناح العميان تضم الطبيب والأعمى الأول وسارق السيارة الذي عمى هو الآخر بعد سرقته تلك والفتاة ذات النظارة السوداء والطفل الصغير وموظف استقبال عيادة الطبيب.

حاولت زوجة الطبيب المساعدة في تنظيم الأمور قليلًا في الغرفة مع إخفاء أمر قدرتها على الإبصار عن الجميع إلا زوجها، ولم يمر يومان حتى وصل المزيد من المصابين وبعد أيام أصبح كل المخالطين عميان والتقى الأعمى الأول بزوجته وجمع شملهم من جديد.

مع مرور الوقت ازداد عدد العميان واكتظ المكان بالبشر وأصبحت حصص الطعام لا تكفي الجميع، كما أصبحت دورات المياه أقذر مكان على وجه الأرض وملأت الرائحة أرجاء المبني، وكانت زوجة الطبيب دائمًا ما تخبرهم بضرورة الحفاظ على ما تبقى لهم من إنسانيتهم في هذا المكان البائس، مع كثرة الأعداد كان صعب على الجنرال وجنوده السيطرة على الوضع وأصدر أوامر واضحة أن من يقترب من البوابات فسوف يقتل وبالفعل قتلوا مجموعة من العميان وأمروا الباقيين بدفنهم في حديقة المبنى، ومن ضمن الوافدين الجديدين على الغرفة الأولى كان الكهل الذي كان في عيادة الطبيب وصل ومعه راديو صغير يعمل بالحجارة سمعوا منه أخبار العالم الخارجي والتي كانت سيئة جدًا، كما حكى لهم الكهل كيف كانت الكارثة عندما عمى أول سائق نقل عام وأول طيار وكيف تحطمت الطائرة ومات كل من فيها، وزيادة الأعداد وكيف لم تستطع الحكومة احتواء الموقف وانتشرت الفوضى.

وفي يوم خرج مجموعة من الغرفة الأولى لإحضار الطعام ولكنهم لم يستطيعوا الوصول إليه فقد وجدوا عائق في طريقهم، مجموعة من العميان تسد عليهم الطريق مسلحين بهراوات ومع أحدهم مسدس يهدد به كل من يحتج، استولوا على حصص الطعام وغرفة كاملة لهم.

رجع مندوبو الغرفة الأولى وفي يأس أخبروا الجميع بما حدث، ثم وصلتهم الأوامر لو أنهم يريدون الطعام فإن عليهم الدفع وجمع كل ما معهم من أوراق نقدية ونفائس وتقديمها لهم مقابل الطعام، امتثل الجميع للأوامر وذهب الطبيب والأعمى الأول لاستلام حصص الطعام، فسلموهم ثلاثة صناديق فقط من الطعام حاول الطبيب الاعتراض ولكنهم هددوه بالمسدس فأخذ الصناديق ورجع في حزن.

لم يكتف هؤلاء من الأموال والمقتنيات فأصدروا الأوامر في غير احتشام أنهم يريدون النساء وعلى كل غرفة أن تمتثل للأوامر وإلا فلا طعام، أو يكون مصيرهم كمصير تلك المجموعة من العميان التي أعلنت العصيان فكان جزاؤها الموت، في خزي وأسى امتثلت جميع الغرف للأوامر واستلموا الطعام، وقامت زوجة الطبيب بعدها بقتل قائدهم باستخدام مقص كان معها قصاصًا لما حدث لهن، وظل هؤلاء المجرمين مختبئين في غرفتهم خوفًا من أن ينال أحدهم ما ناله القائد.

بعد أيام لم يصل فيها الطعام ولا سمع فيها صوت الجنزال عبر المكبر، نشب حريق هائل في غرفة المجرمين أشعلته إحدى الفتيات اللاتي تعرضن للاغتصاب، لم يقدروا على السيطرة على الحريق فنشب في أرجاء المكان وهرب من هرب من العميان والآخرين لاقوا حتفهم في النيران، قادت زوجة الطبيب زوجها والطفل الصغير والفتاة ذات النظارة السوداء والكهل والأعمى الأول وزوجته للخارج بعد أن علموا بأمر قدرة زوجة الطبيب على الرؤية، استطاعوا الخروج من البوابة ولم يجدوا أحدًا من الجنود في الخارج، فقرروا الذهاب لبيت كل واحد منهم بالترتيب الأقرب فالأبعد ولكن كان عليهم أن يستريحوا ويأكلوا أولًا.

هبت زوجة الطبيب للاستطلاع فوجدت كل الحوانيت فارغة ويقطنها البشر فسألت أحدهم وأخبرها أن المدينة كلها أصابها العمى ولم يعرف أي أحد بيته أو مكانة فقرروا السكن في أول مكان يقابلهم حتى لو كان حانوت.

رجعت زوجة الطبيب لمجموعاتها وأخبرتهم بما عرفت وبدأوا في التحرك بعد أن وجدت لهم بعض الطعام وناموا قليلا في أحد الحوانيت، مروا على بيوتهم جميعًا ولكنها كانت فارغة أو مسكونة فقرروا البقاء معًا والذهاب لبيت الطبيب الذي صمد أمام محاولات اقتحامه وظل على حالته الأولى، وفي أثناء طريقهم لبيت الطبيب رأت زوجته مدى الحال السيئة التي وصلت لها المدينة فالقاذورات تملأ المكان والجثث من البشر والحيوانات ملقاه على الطريق ولا طعام يكفي أحد وحال الناس يرثى لها وقد تخلوا عن معظم صفات الحياء والإنسانية في سبيل مواكبة الأزمة.

مكثوا في بيت الطبيب فترة كانت خلالها زوجته تعتني بهم وتنظم شؤونهم حتى تكل وتخور قواها، وكانوا يتدبرون الطعام بشق الأنفس ولا ماء للشرب أو النظافة فاعتمدوا على ماء المطر وتأقلموا على الروائح المنبعثة من الشارع بفعل القاذورات.

وفي يوم من تلك الأيام صرخ الأعمى الأول “أنا أرى، أنا أرى”، عاد له بصره بدون مقدمات كما ذهب منه بدون مقدمات، قرر الأعمى الأول بعد أن صار بصيرا أن يرجع هو وزوجته إلى بيتهم ووافقته الفتاة ذات النظارة السوداء بعد أن عاد لها بصرها هي الأخرى ورجعت إلى بيتها ورافقها الكهل، أما الطبيب وزوجته فظلوا في بيتهم مع الطفل الصغير الذي لا يعرف عنوانه ولا يعرف أين أمه، استعاد الطبيب هو الآخر بصره وتعالت صيحات الفرح في الشارع بسبب استعادتهم لبصرهم جميعًا وذهب وباء العمى فجأة كما اجتاح المدينة فجأة.

للمزيد من ملخصات الكتب

ملخص رواية “شجرة البؤس” للأديب طه حسين

ملخص رواية “شجرة البؤس” للأديب طه حسين

“لكأن للبؤس شجرة تضرب بجذورها في أرواحنا تتغذى على أيامنا وتمتص حيويتنا وآمالنا ثم تطرح ثمارها من حسك وشوك نلوكها مرغمين فلا مفر من قدرنا المرسوم”
طه حسين، رواية شجرة البؤس

تدور أحداث الرواية في أحد الأقاليم المصرية وتروي حكاية الصديقين التاجرين على وعبد الرحمن، فالأول كان تاجرًا من سكان الأقاليم أما الثاني فهو تاجر يعيش في القاهرة جمعتهما ظروف العمل وأصبحا صديقين حميمين وتربط بينهما علاقة مصاهرة فقد تزوج خالد ابن علي من نفيسة بنت عبد الرحمن تلك الفتاة البائسة صاحبة الوجه الدميم الذي كان سببًا في أن تكون حياتها مأساة برغم من رغد العيش في بيت والدها إلا أنها لم تسلم من مضايقات من قريب وبعيد حتى أصبحت ترى نفسها وكأنها الشيطان.

تم الزواج بأمر من شيخ الإقليم الذي يبجله ويعظمه كُلًا من عبد الرحمن وعلي وابنه خالد فبمجرد أن أمر بالزواج وباركه وافق جميع الأطراف دون نقاش ومجادلة، حتى خالد لم يعترض على الزواج ولم يعترض على زوجته في البداية، وبالرغم من عدم موافقة أم خالد ورفضها لتلك العروس بشعة المنظر لابنها إلا أنها خضعت إلى أمر زوجها ولكنها هددته بأنه بهذا الزواج يزرع بذرة شجرة البؤس في عقر داره، ولم تتحمل هي تلك الزيجة ورقدت في الفراش مريضة ثم وافتها المنية بعد الزواج بأيام قليلة.

عاش خالد سعيدًا مع زوجته في البداية لا يعبأ بشكلها وكانت هي نعم الزوجة والصاحبة والسكن ورزق منها بفتاة صغيرة كانت معجزة الخالق في جمالها ووجهها المشرق مثل الصباح وأسماها سميحة، ولكن منذ ولدت هذه الطفلة ورأى جمالها أدرك مدى قبح زوجته فأصبح لا يكف عن مضايقتها ومقارنتها بابنتها فقد غلبته نفسه الأمارة بالسوء ولم يستطع منع نفسه من إيذاءها، وكانت نفيسة في ذلك الوقت تحمل في جوفها طفلة ثانية وعندما ولدت كان للطفلة نصيب من حظ أمها البائس ودمامة شكلها، وزادت مضايقات خالد لزوجته ومقارنة بناته ببعضهن وبأمهم مما كسر قلب نفيسة وآلمها كثيرًا حتى ألم بها المرض ورقدت في الفراش لا تدري بأي أرض هي ولا تعي ما يحدث حولها، فطلب عبد الرحمن من خالد أن يردها إليه هي وبناتها حتى يعتني بهن وحتى ترتاح نفيسة قليلًا.

ظلت نفيسة مقيمة عند والدها فترة طويلة حتى نسيها أبو خالد أو كاد ينساها لولا رؤيته لولده يعيش عيشة الأعزب ويرثى لحاله، أما هو فقد اتخذ لنفسه الكثير من الزوجات ورزق بالكثير من الأبناء وكبرت عائلته وأصبح ماله بالكاد يكفي تلك البطون الجائعة، بل أصبح ماله لا يكفي لسداد ديونه واستنكر عليه الشيخ فعلته وأصبح حديث أهل المدينة جميعًا، أما خالد فقد انشغل بعمله الجديد ككاتب في المحكمة الشرعية.

كان معظم راتب خالد يذهب لوالده ليساعده على إعالة أسرته الكبيرة، أما عبد الرحمن فقد كانت تجارته تعرضت للكساد وصعبت عليه الحال وما زاد الأمر سوءًا زيارة الشيخ وأصحابه التي كلفته معظم ثروته لإرضاء الشيخ فكل ليله كانت تقام حلقات الذكر وتذبح الذبائح حتى كانت آخر ليلة للشيخ عند عبد الرحمن انقضت وذهب معها آخر جزء من ثروته ولم يبق له إلا الدار التي يسكنها.

بعد ذهاب الشيخ بأيام قليلة مات عبد الرحمن تاركًا زوجته وابنته في رعاية خالد وأبيه، انتقلتا من القاهرة للمدينة للعيش في بيت أبو خالد حتى لحقت أم نفيسة بزوجها وتركت نفيسة وحيدة يشتد عليها مرضها حتى أصبحت لا تعي شيئا ولا تعرف حتى بناتها.

بعد أيام من موت عبد الرحمن مات الشيخ وهو يصلي بأصفيائه بعد أن أوصى خالد أن يتزوج من ابنة مسعود ذلك التاجر الثري الذي يعيش في المدينة ولأن مسعود يثق في الشيخ ثقة عمياء فقد وهب ابنته إلى خالد دون تردد، وتولى ابراهيم ابن الشيخ مكانه من بعده ولقب هو الآخر بالشيخ وأصبح الآمر الناهي صاحب الكلمة والمشورة المباركة كما كان والده، وأول عمل له أنه هم بتنفيذ وصايا والده ومنها أمر زواج خالد من منى بنت مسعود، وكان أبو خالد مغتاظًا من هذا الزواج وفي قرارة نفسه كان لا يريده أن يتم ولكن أمر الشيخ نافذ فأما العروس فقد كان يريدها لنفسه وأما ثروة مسعود فستذهب كلها لخالد دون أن يستفيد هو منها، وكانت نفسه غالبة عليه وامتلأ قلبه بالشر والحقد على ولده حتى اتخذ خالد دارًا منفصله وبعيده عن دار والده وعاش فيها هانئ البال مع زوجته التي رزقته الكثير من الصبية الصغار.

استمرت حياة خالد مستقرة وهادئة حتى أمره الشيخ بالعمل في الدائرة السنية والانتقال من مدينة إلى مدينة أخرى لغرض في نفس الشيخ وذلك لأن تلك المدينة استعصت علىه فلم يكن له مريدين فيها ولا أتباع فأراد أن يكون هناك دار تابعه له في البلدة حتى يستطيع الذهاب إليها في أي وقت.

انتقل خالد إلى عمله الجديد وسكن في دار رحبة مع منى وأولاده في استقرار حتى علم بأن مرض نفيسة قد اشتد عليها فاقترحت منى أن تنتقل نفيسة وبناتها إلى بيتهم حتى تستطيع رعايتها، عاملت منى البنات ونفيسة على أحسن ما يرام حتى تزوجت سميحة تلك الفتاة ذات الوجه الجميل من رجل ثري له أولاد من زوجة أخرى وعاشت معه حياة شقية تعيسة لا تخلو من الصعاب وظلت جلنار في بيت أبيها تكابد عناء العمل في المنزل ورعاية الصغار ولكن كانت تشغل به نفسها عما تراه من أخواتها من نفور وبغض لوجهها.

بعد أن رزقت منى بطفلتها الأولى تغيرت نظرتها إلى جلنار وتغيرت معاملتها لها وتركت عليها أعمال المنزل كلها فأصبحت كالخادمة في بيت أبيها وتحطمت أحلامها بالزواج بعد أن خطب سالم ابن عمها والذي كانت تكن له مشاعر طيبة أختها من أبيها ولم يخطبها هي، كانت الصدمة قوية عليها حطمت قلبها ولم تنته نوائبها عند هذا الحد ولكن ساء الوضع بوفاة والدتها، فقد أصبحت وحيدة كليًا تعمل خادمة في بيت أبيها بوجه بشع وروح ضائعة وقلب مكسور.

وكان خالد حريصًا على أن يعلم أولاده ويلحقهم بالمدارس التي حرم هو منها ويلبسهم أزياء على الموضة ولكن بسبب كثرة عدد أبناؤه ضاقت عليه الحال وأصبح يجاهد ليحافظ على ما تبقى من منزله حتى كبر الأولاد وسافر منهم من سافر وتزوج من تزوج، وبقيت جلنار المسكينة وحيدة تعاني في بيت أبيها وكأنها ثمرة من شجرة البؤس التي زرعها أباه عندما زوجه من نفيسة.

مرت الأيام ثقيلة على روح جلنار تتحمل فيها مضايقات منى وبناتها ولا تعترض على قدرها المحتوم حتى مات خالد وامتلأ البيت بالحزن ولم تتحمل جلنار وفاة والدها فدخلت غرفتها ولزمتها أيامًا لم تخرج منها إلا إلى جوار والدها في تلك الدار التي لا يعرف أهلها تحاسدًا ولا تباغضًا والتي لا لغو فيها ولا تأثيم.

ملخص رواية “بداية ونهاية” لنجيب محفوظ

للمزيد من ملخصات الكتب

Exit mobile version