الشرق الأوسط بين مطرقة الاحتباس الحراري وسندان موجات الجفاف

بعينين يملأهما الحزن والحسرة يتذكر قاسم مزرعته التي كانت تمتلأ بكل أنواع الخضروات والثمار، فالمزرعة التي تقع في محافظة البصرة والتي تبلغ مساحتها هكتارًا واحدًا كان إنتاجها يكفي لإطعام أسرته المكونة من ثمانية أفراد، لكن اليوم يتصاعد الغبار من تحت قدميه وهو يمشى على أرضه بعد أن أدى تفاقم الحرارة  والجفاف المرتبط بتغير المناخ، إلى فقدان ما يقرب من 90% من محاصيله الشتوية، بما في ذلك البامية والباذنجان[1].

قاسم هو واحد من آلاف المزارعين الذين فقدوا سبل عيشهم بسبب موجات الجفاف الشديدة التي ضربت معظم البلدان العربية. والتي تعد إحدي الآثار الناتجة عن تغير المناخ والإحتباس الحراري. فوفقًا لدراسة حديثة نشرت خلال الشهر الجاري، فإن موجات الجفاف الشديدة التي حدثت منذ عام 2020 وحتي اليوم دمرت حياة الملايين من البشر في كل من سوريا والعراق وإيران. وما كانت تلك الموجات الحارة لتحدث لولا الاحتباس الحراري الذي سببه الإنسان.

وأضافت الدراسة التي أجرتها مجموعة World Weather Attribution إن أزمة المناخ تعني أن حالات الجفاف الشديدة وطويلة الأمد لم تعد نادرة، ففي نهري دجلة والفرات، اللذان يغطيان أجزاء كبيرة من سوريا والعراق، كانت تحدث موجات الجفاف الشديدة بهذه الدرجة مرة واحدة كل 250 عاماً تقريباً. لكن اليوم ومع الاحتباس الحراري فمن المتوقع حدوثها مرة واحدة كل عقد من الزمان. فما هو الجفاف وكيف يتأثر البشر به؟ [2]

ما هو الجفاف؟

يعرف الجفاف بأنه فترة غير معتادة من الطقس الجاف الناجم عن انخفاض في معدل هطول الأمطار وارتفاع درجات الحرارة. ويؤثر الجفاف بالسلب على كافة مناحي الحياة. ويقدر أن حوالى 55 مليون شخص حول العالم يتأثرون بالجفاف كل عام، مما يهدد سبل عيشهم، ويزيد من خطر إصابتهم بالأمراض والوفاة والهجرة الجماعية.

عندما ترتفع درجات الحرارة يتبخر الماء، بصورة أسرع، وبالتالي يزيد خطر الجفاف أو إطالة فتراته. وتؤثر ندرة المياه على 40% من سكان العالم. وتشير التقديرات إلى أن ما يصل إلى 700 مليون شخص يواجهون خطر النزوح نتيجة للجفاف بحلول عام 2030. [3]

ما الذي يسبب الجفاف؟ 

يحدث الجفاف نتيجة لمجموعة من الأسباب الطبيعية والبشرية نذكرها على النحو التالي:

الأسباب الطبيعية

1-التغير في درجة حرارة المحيطات:

تعتبر ظاهرتي النينو والنينا من الأنماط المناخية التي يمكن أن تسبب الجفاف في بعض أنحاء العالم. فظاهرة النينو التي ترتفع فيها درجة حرارة المياه السطحية في المحيط الهادئ على طول الساحل الأوسط لأمريكا الجنوبية يمكن أن تؤدي إلى الجفاف في جنوب غرب الولايات المتحدة وجنوب أفريقيا. كما أن ظاهرة النينا التي تنخفض فيها درجة حرارة المياه السطحية، تؤثر على أنماط العواصف، مما يؤدي إلى الجفاف في كل من إندونيسيا وأستراليا.

2- التيار النفاث:

هو عبارة عن رياح قوية تتدفق عالياً في الغلاف الجوي، ويمكن أن يؤدي التغير في التيار النفاث إلى حدوث الجفاف في بعض المناطق عن طريق جلب الهواء الجاف من أجزاء إلى أجزاء أخرى حول العالم.

الأسباب البشرية

1-تغير المناخ :

الاحتباس الحراري يجعل الطقس أكثر تطرفًا، وبالتالي يجعل الأماكن أكثر جفافاً عن طريق زيادة نسبة التبخر.

2- إزالة الغابات:

تلتقط النباتات والأشجار المياه وتطلق البخار في الغلاف الجوي، مما يؤدي إلى تكوين السحب ثم المطر. وقد لاحظ العلماء وجود علاقة ما بين إزالة الغابات والجفاف.

3- ارتفاع الطلب على المياه:

هناك عدة أسباب قد تجعل الطلب على المياه يفوق العرض، كالزراعة المكثفة والزيادة السكانية مما يؤدي إلى حدوث الجفاف في المناطق التي تعاني من ندرة المياه[4].

10 تهديدات يشكلها الجفاف على البلدان

يمكن أن يؤثر الجفاف الشديد على:

1-إمدادات المياه: تعرف حالات الجفاف من نقص كمية المياه المتاحة. فأثناء فترات الجفاف، قد يكون وصول المجتمعات المحلية إلى المياه محدودًا لأغراض الاستخدام المنزلي كالشرب والطهي والتنظيف وسقي النباتات. وقد يؤدي الجفاف إلى ارتفاع تكاليف المياه أو التقنين أو تدمير مصادر المياه المهمة كالآبار.

2- الزراعة: يؤثر الجفاف على الماشية والمحاصيل، بما في ذلك الذرة وفول الصويا والقمح. وعلى الصعيد العالمي، ضرب الجفاف العديد من مناطق سلة الغذاء الرئيسية في وقت واحد في عام 2012، مما زاد من عدم استقرار أسعار الغذاء. وفي البلدان التي تواجه بالفعل انعدام الأمن الغذائي، يمكن أن يؤدي ارتفاع التكاليف إلى اضطرابات اجتماعية، والهجرة، والمجاعة.

3- النقل: يمكن أن يؤدي الجفاف إلى انخفاض منسوب مياه الأنهار، مما يهدد التجارة النهرية. فمراكب النقل تحتاج إلى ما لا يقل عن تسعة أقدام من المياه للعمل. وغالبًا ما يصاحب الجفاف فيضانات شديدة. كما أن لحرائق الغابات التي يغذيها الجفاف تداعيات على السفر عن طريق إغلاق الطرق والسكك الحديدية.

4- الطاقة: يمكن أن يثير الجفاف مخاوف بشأن إنتاج الكهرباء من المحطات التي تتطلب مياه تبريد للحفاظ على عمليات إنتاج آمنة، وقد تصبح الطاقة الكهرومائية أيضًا غير متوفرة أثناء فترات الجفاف. وعندما تتزامن موجات الحر مع فترات الجفاف، يمكن أن ينمو الطلب على الكهرباء، مما يؤدي إلى تفاقم الضغط على الشبكة [5].

5- خطر المجاعة: يؤدي الجفاف إلى انعدام الأمن الغذائي بتضرر المحاصيل. وعندما لا يتمكن جزء كبير من السكان من الحصول على الغذاء، يُعرف هذا بالمجاعة ويؤدي إلى انتشار سوء التغذية الحاد والمرض والوفاة في جميع أنحاء المنطقة المتضررة.

6- سوء التغذية: يؤدي نقص الأغذية إلى سوء التغذية الحاد، فالأطفال الذين يعانون من سوء التغذية يصبحون عرضة للأمراض والتأخر الشديد في النمو. كما أنهم أكثر عرضة للوفاة بسبب حرمانهم من الفيتامينات والمعادن الأساسية اللازمة لنموهم السليم.

7- زيادة الأمراض: يؤثر الجفاف على الوصول إلى مصادر مياه الشرب النظيفة، مما يؤدي إلى تفشي الأمراض المعدية كالكوليرا والتيفويد. ويمكن أن تنتشر هذه الأمراض أيضًا في الأماكن التي تعاني من ضعف في أنظمة الصرف الصحي. وضعف شبكة الصرف الصحي هو أحد الآثار الجانبية الأخرى لعدم توفر المياه النظيفة.

8- حرائق الغابات: تتسبب الظروف الجافة في حرائق الغابات التي تعرض المنازل للخطر، وتؤثر على جودة الهواء، وتؤدي إلى تفاقم أمراض الرئة المزمنة.

9- النزوح البيئي: بدون الحصول على المياه النظيفة أو الغذاء، يضطر الكثيرون إلى مغادرة منازلهم وتركها بشكل دائم من أجل البقاء على قيد الحياة. وتشير منظمة الصحة العالمية إلى أن “ندرة المياه تؤثر على 40% من سكان العالم. وأن ما يصل إلى 700 مليون شخص معرضون لخطر النزوح نتيجة للجفاف بحلول عام 2030”.

10- الصراع: وجدت الأبحاث أن الجفاف يؤدي إلى تفاقم الصراعات. فهجرة الأشخاص بشكل جماعي من مناطق الجفاف والمجاعة يمكن أن تؤدي إلى زيادة التوترات السياسية والصراعات بسبب زيادة التنافس على الموارد. [6]

سوريا والعراق وموجات الجفاف

أدى انخفاض وعدم انتظام معدلات هطول الأمطار خلال موسمي الشتاء 2020/2021، المصحوب بدرجات حرارة أعلى من المتوسط، إلى ظروف جفاف في شمال  وشرق سوريا، أدت تلك الموجات إلى خسائر كبيرة في إنتاج المحاصيل والثروة الحيوانية، إضافة إلى الانخفاض غير المسبوق في مستويات المياه في نهر الفرات. إن الانخفاض في مستويات النهر دائما ما يعقبها انخفاض في القدرة الإنتاجية لقطاع الطاقة. فينقطع التيار الكهربائي، مما والذي أثر على حياة أكثر من ثلاثة ملايين شخص في جميع أنحاء الشمال الشرقي السوري. [7]

ووفقًا لدراسة أجرتها منظمة السلام الهولندية “باكس”، فقد شهدت سوريا ثلاث موجات جفاف منذ عام 1980، كانت أشدها بين عامي 2006 و2010، فبحسب الدراسة، وخلال صيف 2021 شهدت سوريا مرة أخري مستويات منخفضة من هطول الأمطار وانخفاضًا حادًا في تدفق المياه إلى نهر الفرات. وقد أثر انخفاض هطول الأمطار على الغطاء النباتي وتربية الماشية لافتقارهم إلى المراعي ومصادر المياه.

وتشير الدراسة إلى أن المجتمعات الرعوية في سوريا تعاني بشكل متزايد من تأثير تغير المناخ وانخفاض أسعار الماشية، مما يدفع هذه المجتمعات إلى حافة الفقر [8].

لم يختلف الحال كثيرًا في العراق،  ففي نهاية عام 2021، سجلت المنظمة الدولية للهجرة ما يقرب من 20 ألف شخص نازح بسبب ندرة المياه وملوحتها وسوء نوعيتها في 10 محافظات من أصل 19 محافظة عراقية [9]. كما شهدت واحدة من كل 15 أسرة عراقية في أواخر عام 2021 هجرة فرد واحد على الأقل من أفرادها للبحث عن فرص اقتصادية جديدة وفقًا للمجلس النرويجي للاجئين. ومع تزايد حدة التغيرات المناخية وموجات الجفاف من المرحج أن يتزايد النزوح بشكل كبير. [10]

وتعاني الدولة الواقعة في الشرق الأوسط من آثار ارتفاع درجات الحرارة منذ عدة سنوات، حتى أن التقارير الحكومية تحذر من أن نهري دجلة والفرات قد يجفان تمامًا بحلول عام 2040. [11] وفي تقريرها الصادر في مارس 2023 أوضحت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ أن حالات الجفاف أصبحت أكثر تواتراً وأن حدوثها وشدتها سيستمران في الزيادة بسبب تغير المناخ[12]. كما حذرت دراسة أجرتها وكالة ناسا من أن احتمال حدوث موجات جفاف كبرى -تدوم لعقد أو أكثر- من المتوقع أن تزيد نسبتها من 12% إلى أكثر من 60%. [13]

الجفاف في المنطقة العربية

تعد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من بين أكثر المناطق عرضة لتغير المناخ في العالم. فوفقًا لتقرير الأمم المتحدة لن تنجو أي بلد من مخاطر التغيرات المناخية فدول الخليج ستواجه استنزاف الموارد المائية في غضون الخمسين عام المقبلة، كما تواجه أنظمة إنتاج الغذاء والمياه في جميع أنحاء بلاد الشام انهيارًا  وشيكًا. [14]

ووفقًا لمعهد الموارد المائية فإن منطقة الشرق الأوسط تعاني من ندرة المياه بصورة كبيرة. فالبحرين والكويت ولبنان وعمان وقطر يتعرضون للإجهاد المائي بسبب انخفاض العرض المقترن بالطلب من الاستخدام المنزلي والزراعي والصناعي. وتشير التقديرات إلى أن 83% من السكان يتعرضون للإجهاد المائي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا[15]. ومن المتوقع أن يعيش مليار شخص إضافي في ظل الإجهاد المائي بحلول عام 2050.

بناء القدرة على الصمود في مواجهة الجفاف

عند معالجة حالات الجفاف، فإن أول ما يتبادر إلى الذهن هو الحاجة إلى تخزين المياه لنوبات الجفاف. ولكن تبين أن الحفاظ على رطوبة التربة أمرًا بالغ الأهمية لاستدامة أنظمتها وحمايتها من تأثير الجفاف. لذلك فمن الأهمية بمكان الحفاظ على الغابات والمناظر الطبيعية وغيرها من النظم الطبيعية التي تعمل على تحسين صحة التربة والاحتفاظ بالمياه.

وينبغي على الدول أن تستثمر بشكل استباقي في نظم المعلومات والاستشعار عن بعد كأنظمة الإنذار المبكر، وحلول أخري كتحلية المياه. هذا بالإضافة إلى التوسع في خطط إعادة استخدام المياه وإعادة تدويرها، وتجميع مياه الأمطار. [16] في الوقت الحالي فإن جميع المناطق حول العالم معرضة لحدوث الجفاف، ولكن تبقي البلدان العربية والنامية أكثر عرضة للآثار الاجتماعية والاقتصادية للجفاف بسبب أن نسبة كبيرة من سكانها يعملون في الزراعة.

المراجع:

(1)context

(2) worldweatherattribution

(3)who

(4), (6)rescue

(5)c2es

(7)reliefweb

(8)paxforpeace

(9)un

(10)nrc

(11)climatechangenews

(12).ipcc

(13)svs

(14)brookings

(15)wri

(16)worldbank

كيف تساعد المدن الذكية في الحد من التغير المناخي؟

هذه المقالة هي الجزء 13 من 18 في سلسلة كيف ستغير المدن الذكية من شكل عالمنا؟

يشكّل التغير المناخي مشكلةً حرجةً تمتدّ عبر الحدود الوطنية، والمجالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. ويواجه الباحثون مهمةً صعبةً بسبب كثرة أسباب نشوئه، فقام الفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ بوضع أوّل تقييم عام 1990. وبدأت بعده عقود من البحوث الدولية، والمناظرات السياسية، والتحذيرات العلمية المشؤومة على نحو متزايد. على الرغم من الجهود المبذولة، فإن الفشل في خفض الانبعاثات الكربونية واضح إلى حدّ محبط. والواقع أن الزيادة العالمية في الانبعاثات كانت بلا هوادة، حيث أصبحت أعلى بنسبة 60% مما كانت عليه في عام 1999. [1] نتيجةً لذلك يعتقد الخبراء أن التهديدات تشكّل حالة طوارئ عالمية يمكن أن يترتّب عليها عواقب كارثية بالنسبة للبشرية. لذلك بدأت المدن الذكية بتطبيق خطط جديدة للحد من التغير المناخي والمشكلات البيئية فيها بالاعتماد على التقنيات الذكية.

ما هي أسباب التغير المناخي؟

يعتبر تغير المناخ مسألةً معقّدةً ذات عوامل مساهمة متعددة، حيث تتفاعل هذه العوامل مع بعضها البعض وتساهم في حدوث التغير المناخي. بسبب ذلك يصعب إلقاء المسؤولية التامة على البشر فقط، على الرغم من إثبات الأدلة العلمية دور الأنشطة البشرية في زيادة تغير المناخ. [2]

يتمثّل المسبب الرئيسي لتغير المناخ في زيادة انبعاث الغازات الدفيئة ولاسيما ثاني أكسيد الكربون CO2، والميثان CH4، وأكسيد النيتروز N2O. فتحجز هذه الغازات الحرارة في الغلاف الجوي للأرض، مما يؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة العالمية. ويعتبر حرق الوقود الأحفوري مثل الفحم، والنفط، والغاز الطبيعي مصدرًا رئيسيًا لهذه الانبعاثات. ويشمل ذلك الانبعاثات الصادرة من محطّات توليد الطاقة، والنقل، والعمليات الصناعية. على سبيل المثال؛ تطلق بعض العمليات الصناعية كإنتاج الإسمنت، والتصنيع الكيميائي غازات دفيئة في الغلاف الجوي. إضافةً إلى ذلك تنتج الأنشطة الزراعية مثل إنتاج الماشية، وزراعة الأرز انبعاث الميثان، وأكسيد النيتروز، وتمتلك هذه الغازات قدرة احترار أعلى بكثير من ثاني أكسيد الكربون.[2]

تؤدي الإدارة غير السليمة للنفايات إلى انبعاث غاز الميثان في الجو، مثل تحلّل النفايات العضوية في مدافن القمامة. كما يساهم قطع الأشجار، وإزالة الغابات، والتوسع الحضري في التغيرات لأن الأشجار تمتصّ ثاني أكسيد الكربون. بالتالي تقلّل إزالة الغابات من قدرة الأرض على إزالة الغازات الدفيئة. وقد تؤثر التغييرات في استخدام الأراضي على الأنماط المناخية المحلية والإقليمية للأرض.[2]

المشكلات البيئية في المدن

تواجه المدن مجموعةً من القضايا البيئية المؤثرة على صحة السكان ورفاهيتهم. وتشمل بعض المشكلات البيئية الأكثر إلحاحًا في المدن ما يلي:

  • تلوث الهواء: غالبًا ما ترتبط المدن المكتظّة بمستويات عالية من تلوث الهواء بسبب حركة المرور، والصناعة، وغيرها من المصادر. ويترتّب على ذلك آثارًا صحيةً خطيرةً على السكان مثل حدوث مشاكل في الجهاز التنفسي، وزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب.[3]
  • تلوث المياه: تؤدي التنمية الحضرية إلى زيادة الصرف، وتصريف مياه المجارير مما قد يلوث مصادر المياه كالأنهار، والبحيرات. فيؤثر ذلك بدوره على صحة الإنسان، والنظم البيئية المائية.[4]
  • المشاكل البيئية تحت سطح الأرض: يؤثر التحضُّر أيضًا على البيئة تحت سطح الأرض، بما في ذلك التغيُّرات في المياه الجوفية، ونوعية التربة فيؤثر ذلك على كل من صحة الإنسان، والنظام البيئي.[4]
  • التخلّص من القمامة: تولِّد المدن كميات كبيرةً من النفايات التي يصعب إدارتها، ويمكن أن يؤدي التخلص غير السليم منها إلى تلوث البيئة، ومخاطر صحية.[3]
  • الازدحام المروري: تواجه أغلب المدن الكبيرة مشكلة الازدحام المروري التي تزيد من انبعاث الغازات الضارّة، وتلوث الهواء.[5]
  • المساحات الخضراء: غالبًا ما تمتلك المدن مساحات خضراء محدودةً والتي تؤثر على نوعية الهواء، ودرجة الحرارة، ونوعية الحياة بشكل عام، وتخفّف من حدّة بعض هذه المشكلات.[6]

دور المدن الذكية في الحد من التغير المناخي والمشكلات البيئية

يعتبر الخبراء المدن الذكية أداةً مهمةً لمكافحة التغير المناخي والمشكلات البيئية في المدن من خلال تعزيز الممارسات المستدامة، والحد من الاحتباس الحراري. فتساعد المدن الذكية في تخفيف آثار تغير المناخ، وخلق مستقبل أكثر استدامةً للأجيال القادمة. ويتحقّق ذلك بواسطة إدارة الطاقة الذكية، والتنقل المستدام، والإدارة السليمة النفايات، والتخطيط الحضري. وذلك عن طريق الاستفادة من التقنيات المتطوّرة مثل الذكاء الاصطناعي AI، وإنترنت الأشياء IoT، وأجهزة الاستشعار، وتعلم الآلة وغيرها الكثير.

إدارة الطاقة الذكية

تنفّذ المدن الذكية عدّة استراتيجيات بهدف الحد من بصمتها الكربونية، وتحسين كفاءة استخدام الطاقة، والتخفيف من وطأة التغير المناخي والمشكلات البيئية. فتعطي المدن الذكية الأولوية لدمج مصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح في أنظمة الطاقة الخاصة بها. يساعد ذلك على تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، وتقليل غازات الاحتباس الحراري. [7][8]

تطبِّق المدن الذكية تقنيات كفاءة الطاقة لتحسين استهلاك الطاقة، وتتضمن الأبنية الذكية التي تمكّن من تحسين مراقبة واستعمال الكهرباء.[7] على سبيل المثال؛ تستخدم أنظمة إنارة ذكية تعتمد على أجهزة استشعار فتعدل هذه الأنظمة مستويات الإنارة على أساس كمية الضوء الطبيعي الداخل إلى البناء، فتساهم في خفض صرف الكهرباء.

إضافةً إلى ذلك، تستخدم المدن الذكية «شبكات متناهية الصغر- Microgrids» وهي نظم محلية لتوزيع الطاقة، تعزز موثوقية الطاقة ومرونتها. وتتضمّن تقنيات تخزين الطاقة مثل البطاريات من أجل تخزين الطاقة المتجددة الزائدة لاستخدامها لاحقًا.[8]

تنقل مستدام

تشجع المدن الذكية استعمال وسائل النقل العام والتي تساعد في الحد من الانبعاثات، وتحسين جودة الهواء، وتعزيز أنماط الحياة الأكثر صحةً. فتستثمر في الهياكل الأساسية للنقل العام مثل الحافلات السريعة، والسكك الحديدية، وشبكات مترو الأنفاق، لكي توفر خيارات عديدة تتّسم بالكفاءة والموثوقية.[9] تؤدي كذلك نظم إدارة حركة المرور دورًا حاسمًا في تعزيز وسائط النقل العامة في المدن عن طريق تقليل الازدحام. إذ تعتمد على أجهزة استشعار توفر بيانات آنية، من ثم تستخدم تحليلات متقدّمةً لتحسين تدفّق حركة المرور. تستطيع كذلك إعطاء الأولوية في إشارات المرور إلى المركبات العامة مما يزيد سرعتها مقارنةً مع المركبات الخاصة. كما توفر الأنظمة معلومات لحظيةً للمواطنين عبر تطبيقات على الهاتف المحمول حول ظروف المرور، وجداول النقل العام، والطرق البديلة. نتيجةً لذلك يستطيع السكان اتّخاذ قرارات فعّالة بشأن أسلوب سفرهم. [10]

لنساعد مدينتنا على التفكير بعمق

تحظى أنظمة مشاركة الدراجات بشعبية متزايدة بين الناس كوسيلة نقل مستدامة ومريحة. وتشمل أسطولًا من الدراجات التي يمكن للمستخدمين تأجيرها لفترات قصيرة، وعادةً ما تكون مقابل رسوم مالية. يؤثر النظام بشكل إيجابي على التنقل المستدام عن طريق تشجيع التحول من الرحلات القصيرة بالسيارات إلى الدراجات.[11][12] تواجه مشاركة الدراجات على الرغم من فوائدها الكثيرة تحديات مثل السرقة، وتلف الدراجات، والقدرة المحدودة في ظلّ جائحة كورونا.[12]

المركبات الكهربائية EVs

يشكّل التقارب بين الطاقة والتنقل ضرورةً أساسيةً بالنسبة للمدن الذكية، ومن هنا تأتي أهمية المركبات الكهربائية. والمركبات الكهربائية EVs هي المركبات التي تعمل بالطاقة الكهربائية بدلًا من البنزين، أو وقود الديزل. وتستخدم المحركات الكهربائية، والبطاريات لتشغيل المركبة مما يعني أنها تنتج صفر انبعاثات، وتعدّ أكثر ملاءمةً للبيئة من المركبات التقليدية.[13] وتتضمّن المركبات الكهربائية عدّة أنواع تختلف بحسب المنطقة، والجهة الصانعة وهي:

  • مركبات كهربائية تعمل بالبطارية BEVs: تعمل هذه السيارات فقط بالكهرباء المخزنة في بطاريات قابلة للشحن، ليس لديها محرّك احتراق داخلي، ولا تنتج انبعاثات. تزداد شعبيتها باستمرار، وتتوفّر بأحجام مختلفة بدءًا بالسيارات الصغيرة وحتى سيارات الدفع الرباعي الأكبر حجمًا.[14]
  • مركبات كهربائية هجينة موصولة PHEVs: تحتوي هذه المركبات على محرك كهربائي، ومحرك احتراق داخلي. ويمكن شحنها من مصدر طاقة خارجي كما يمكن تشغيلها باستخدام البنزين، بسبب ذلك تستطيع التحوّل إلى محرك الاحتراق الداخلي عندما تنضب البطّارية.[15]
  • مركبات كهربائية هجينة HEVs: تحتوي على محرك كهربائي، ومحرك احتراق داخلي لكن لا يمكن شحنها من مصدر طاقة خارجي. عوضًا عن ذلك تشحن البطارية من خلال المكابح، ومحرّك الاحتراق الداخلي، لكنها تُنتج بعض الانبعاثات.[15]
  • مركبات خلية الوقود الكهربائية FCEVs: تستخدم خلايا الوقود الهيدروجيني لتوليد الكهرباء من أجل تشغيل المحرك الكهربائي. ولا تنتج أي انبعاثات ولها مدى حياة أطول من المركبات الكهربائية BEVs. لكن البنية التحتية للتزوّد بالوقود الهيدروجيني محدودة حاليًا.[15]

إدارة النفايات

تستخدم المدن الذكية مزيجًا من التقنيات والنظم لتقليل النفايات، وتحسين طرق جمعها بهدف خلق بيئة أكثر نظافةً وصحةً لسكانها. وتعتمد عمومًا على صناديق القمامة الذكية وهي صناديق مجهزة بأجهزة استشعار تكشف متى تصبح ممتلئةً وتنبّه موظّفي إدارة النفايات من أجل تفريغها. بسبب ذلك يقلّ مقدار الوقت، والموادّ اللازمة لجمع النفايات. كما يمكن للصناديق ضغط النفايات لتوفير مساحة أكبر مما يقلّل الحاجة إلى عمليات التفريغ المتكرّر.[16]

علاوةً على ذلك تهدف المدن الذكية إلى تقليل النفايات عن طريق تعزيز ممارسات مثل إعادة التصنيع، والاستخدام، والتدوير. نتيجةً لذلك تقل كمية النفايات التي تحتاج إلى إدارة، وتخلق أيضًا فرصًا اقتصاديةً جديدةً. وتحتاج حتى تنجح بهذا النظام تثقيف المواطنين حول ممارسات إدارة النفايات السليمة مثل فصل المواد القابلة لإعادة التدوير عن المواد غير القابلة لإعادة التدوير.[17]

المساحات الخضراء

تسعى المدن الذكية إلى خلق بيئات حضرية أكثر استدامةً ومرونةً. فيمكن دمج البنية التحتية الخضراء والزرقاء مثل الحدائق والمسطحات المائية في المشهد الحضري. ويمكن للمدن كذلك تشجيع بناء مبانٍ خضراء تتضمّن سمات مثل الأسقف الخضراء والحدائق الرأسية. فلا تسهم هذه المباني فقط في زيادة المساحات الخضراء في المدينة، لكن تساعد أيضًا على الحدّ من الاحتباس الحراري. زيادةً على ذلك تدعم المدن الذكية مبادرات الزراعة الحضرية فتعزّز بذلك الإنتاج الغذائي المحلي، وتقلل من البصمة الكربونية المرتبطة بنقل الأغذية.[18]

بالطبع تستفاد المدن من التقنيات الذكية لتحسين استخدام الموارد. على سبيل المثال: يمكن الاعتماد على أجهزة الاستشعار، وتحليل البيانات لرصد مستويات رطوبة التربة، وتوفير الريّ للأشجار عند الضرورة فقط لتقليل هدر المياه.

لقد وصلنا اليوم إلى نقطة لا يمكننا فيها إنكار خطر التغير المناخي، والمشكلات البيئية، وما يترتّب عليها من نتائج كارثية تهدّد مستقبل كوكبنا. بالتالي نحتاج اتّخاذ تدابير وخطط جديدة وفعّالة للحد من المشكلة، وهذا ما تسعى إليه المدن الذكية الآن.

المصادر

  1. Semantic scholar
  2. Research Gate
  3. Semantic scholar
  4. National Library of medicine
  5. IEEE
  6. IOP Science
  7. Research Gate
  8. MDPI
  9. MDPI
  10. Semantic scholar
  11. Research Gate
  12. Research Gate
  13. Semantic scholar
  14. Semantic scholar
  15. IEEE
  16. Semantic scholar
  17. Journal of Emerging Technologies and Innovative Research
  18. Research Gate

كيف يؤثر الاحتباس الحراري على كوكب الأرض؟

هذه المقالة هي الجزء 6 من 18 في سلسلة مقدمة في تغيرات المناخ وتأثيراتها البيئية

ذوبان الأنهار الجليدية، ارتفاع مستوي سطح البحر، حرائق الغابات، ظواهر متطرفة أحدثها التغير المناخي بفعل غازات الاحتباس الحراري. قد يعتقد البعض أن التغيرات المناخية  قد تشتمل على ارتفاع درجات الحرارة فحسب. بل الحقيقية أنه توجد مجموعة من التأثيرات الأخري الآخذة في الظهور بفعل استمرار البشر في زيادة كميات غازات الدفيئة المسببة للاحتباس الحراري في الغلاف الجوي. مما أدي إلى تغيير إيقاعات المناخ وبالتالى التأثير على نمط الحياة للكائنات الحية.[1].

ما المقصود بالإحتباس الحراري؟

يعرف الاحتباس الحراري بأنه ارتفاع درجة حرارة سطح الأرض عن الحد الطبيعي، نتيجة احتجاز كميات كبيرة من حرارة الشمس التي يمكن أن تتسرب إلى الفضاء، بفعل غازات الدفيئة.[2]

وتغير المناخ هو المصطلح الذي يستخدمه العلماء لوصف التحولات المعقدة في مناخ الأرض، التي تؤثر على أنظمة المناخ والطقس. في عام 1896 ربط العالم السويدي سفانتي أرهينيوس ما بين ارتفاع درجات الحرارة والزيادة في كمية غاز ثاني أكسيد الكربون الناتج عن حرق الوقود الأحفوري.[3]

غازات الاحتباس الحراري وتأثيرها على توازن طاقة الأرض والمناخ

تعمل الشمس كمصدر أساسي للطاقة لمناخ الأرض.  بعض طاقة الشمس الواردة إلينا تنعكس  مباشرة إلى الفضاء عن طريق الأسطح اللامعة كالجليد، والباقي يمتصه السطح. يُعاد انبعاث الكثير من هذه الطاقة الشمسية الممتصة على شكل حرارة. أي اضطراب في هذا التوازن للطاقة الواردة والصادرة سيؤثر على المناخ.

إذا مرت كل الطاقة الحرارية المنبعثة من السطح عبر الغلاف الجوي إلى الفضاء، فإن متوسط درجة حرارة سطح الأرض سيكون أبرد عشرات الدرجات مما هو عليه اليوم. تعمل غازات الدفيئة في الغلاف الجوي، بما في ذلك بخار الماء وثاني أكسيد الكربون والميثان وأكسيد النيتروز، على جعل السطح أكثر دفئًا من ذلك. لأنها تمتص وتبعث الطاقة الحرارية في جميع الاتجاهات مما يحافظ على درجة حرارة سطح الأرض وجعلها أكثر دفئًأ.[4]

التأثير الطبيعي للاحتباس الحراري هو ما يحافظ على مناخ الأرض  صالحًا للعيش. فبدونه سيكون سطح الأرض أبرد بحوالي 60 درجة فهرنهايت (33 درجة مئوية) في المتوسط.[5]  لكن زيادة غازات الدفيئة في الغلاف الجوي تجعله أكثر فاعلية في منع الحرارة من الهروب إلى الفضاء، وبالتالى ترتفع درجة حرارة الارض.

كما تعمل غازات الدفيئة المنبعثة من الأنشطة البشرية على تغيير توازن طاقة الأرض وبالتالي مناخها.[6]

الغازات المسببة للاحتباس الحراري

1– غازثاني أكسيد الكربون

وهو غاز من غازات الدفيئة مسؤول عن حوالي ثلاثة أرباع الانبعاثات. والتي يمكن أن تبقي في الغلاف الجوي لآلاف السنين. فوفقًا لمرصد ” ماونا لوا” للغلاف الجوي في هاواي، وصلت مستويات غاز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي إلى حوالي 411 جزءًا في المليون وهو أعلى متوسط شهري تم تسجيله على الإطلاق وذلك في عام 2018.

تأتي غالبية انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون من حرق المواد العضوية كالفحم والنفط والغاز والخشب والنفايات الصلبة.  

2- الميثان

المكون الرئيسي للغاز الطبيعي، ويمثل حوالي 16% من جميع انبعاثات غازات الاحتباس الحراري. وتوجد أغلبية الانبعاثات الخاصة به في مدافن النفايات، والغاز الطبيعي والصناعات البترولية، والزراعة.

3- أكسيد النيتروز

تمثل انبعاثاته حوالى 6% من انبعاثات غازات الدفيئة العالمية. ووفقًا للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ فإنه عمره في الغلاف الجوي قد يتجاوز قرنًا من الزمن وذلك مقارنة بغازات الدفيئة الأخري. كما أنه أقوي من غاز ثاني أكسيد الكربون بنحو 264مرة.

تعتبرالزراعة والثروة الحيوانية، بما في ذلك الأسمدة وحرق المخلفات الزراعية، إلى جانب حرق الوقود الأحفوري، من أكبر مصادر انبعاثات غاز أكسيد النيتروز.

4- الغازات الصناعية

كالغازات المفلورة مثل الهيدروفلوروكربون، والمركبات الكربونية الفلورية المشبعة، وسداسي فلوريد الكبريت، وثلاثي فلوريد النيتروجين، ومركبات الكلوروفلوروكربون، كل هذه الغازات لديها إمكانية احتجاز الحرارة داخل الغلاف الجوي بنسبة أكبر من غاز ثاني أكسيد الكربون، وتبقي في الغلاف الجوي من مئات إلى آلاف السنين. وتمثل هذه الغازات  حوالي 2 % من جميع الانبعاثات، وهي تستخدم كمبردات ومذيبات وفي التصنيع.[7]

5- الأوزون: يتكون غاز الأوزون من خلال تفاعل كيميائي بين انبعاثات أكاسيد النيتروجين والمركبات العضوية المتطايرة من السيارات ومحطات الطاقة والمصادر الصناعية والتجارية الأخرى في وجود ضوء الشمس.

بالإضافة إلى أنه يعمل على احتجاز الحرارة على سطح الأرض،  فإنه يعتبر من الملوثات التي يمكن أن تسبب مشاكل صحية في الجهاز التنفسي وتضر بالمحاصيل والنظم البيئية.

6- بخار الماء

هو غاز آخر من غازات الدفيئة ويلعب دورًا رئيسًا في التغيرات المناخية بسبب قدرته على احتجاز الحرارة. يحتوي الهواء الأكثر دفئًا على رطوبة أكثر من الهواء البارد. لذلك مع زيادة تركيزات غازات الدفيئة وارتفاع درجات الحرارة العالمية. تزداد أيضًا الكمية الإجمالية لبخار الماء في الغلاف الجوي، مما يزيد من حدة الاحترار.[8]

من أين تأتي غازات الاحتباس الحراري؟

وفقًا للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، فإن النشاط الاقتصادي واستخدام الطاقة، وأنماط استخدام الأراضي والتكنولوجيا كلها عوامل مؤثرة وتؤدي إلى زيادة كمية غازات الدفيئة في الغلاف الجوي، وفيما يلي بعض مصادر انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.

إنتاج الكهرباء

وهي المسؤولة عن ربع انبعاثات غازات الدفيئة الموجودة في الغلاف الجوي. يستخدم الغاز والفحم لإنتاج الكهرباء، ولذا يعمل على إطلاق كميات من غاز ثاني أكسيد الكربون والميثان وأكسيد النيتروز، مما يسبب الاحتباس الحراري. فعلى سبيل المثال  بلغت نسبة الانبعاثات الناتجة عن إنتاج الكهرباء في الولايات المتحدة الأمريكية حوالي 27,5% وذلك في عام 2017.

 الزراعة واستخدام الأراضي

تبلغ نسبة الانبعاثات الناتجة عن أنشطة الانتاج الزراعي حوالي 25%، ففي الولايات المتحدة الأمريكية شكلت الأنشطة الزراعية حوالي 8,4% من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في عام 2017، وكانت الغالبية العظمي منها عبارة عن غاز الميثان وأكسيد النيتروز.

الصناعة والنقل

تساهم الصناعة بنحو خُمس الانبعاثات العالمية. كما أن حرق الوقود المشتق من البترول كالبنزين والديزل لتشغيل أنظمة النقل العام حول العالم يساهم بنحو 14% من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.   

المباني

تساهم بنحو 6.4% من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية. هذه الانبعاثات التي تتكون في الغالب من غازي ثاني أكسيد الكربون والميثان، تنبع بشكل أساسي من حرق الغاز الطبيعي، بالإضافة إلى أن المصادر الأخري كالصرف الصحي والنفايات تساهم في زيادة انبعاثات غازات الدفيئة.[9]

آثار غازات الاحتباس الحراري

لغازات الاحتباس الحراري آثار بيئية وصحية بعيدة المدى. فعلي المستوي البيئي تتسبب في حدوث العديد من الظواهر الجوية المتطرفة كالاحترار وحرائق الغابات.[10] وعلى المستوي الصحي تتسبب فى زيادة الأمراض الناجمة عن ارتفاع درجات الحرارة كأمراض القلب والجهاز التنفسي. ومع الزيادة المستمرة في درجات الحرارة ستتواجد المزيد من الأمراض و ستتضاعف أعداد الوفيات في كل من المناطق الحضرية والريفية.[11]

ما الذي يمكننا فعله للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري؟

يعد التحول إلى الطاقة المتجددة، والتخلص التدريجي من الفحم عناصر مهمة للحد من انبعاثات غازات الدفيئة. في نهاية المطاف، من الضروري وجود أهداف أقوى لخفض الانبعاثات للحفاظ على صحة الإنسان والبيئة على المدى الطويل.

ففي عام 2021، شهد مؤتمر الدول الأطراف المعني بتغير المناخ إطلاق معاهدة عالمية بين أكثر من 100 دولة الهدف منها هو خفض انبعاثات الميثان بنسبة 30% بحلول عام 2030.

من خلال اتخاذ خيارات ذات تأثيرات أقل ضررًا على البيئة، يمكن للجميع أن يكونوا جزءًا من الحل وأن يؤثروا في التغيير.[12]

المراجع

 (5),(1)nationalgeographic
(9), (2)nrdc
(10),(7),(3),nationalgeographic
 (6),(4)royalsociety
(8)epa
(11)climate
(12)news
image source: nrdc.

تقنية الملح الذائب في محطات الطاقة الشمسية

هذه المقالة هي الجزء 9 من 22 في سلسلة موضوعات تأسيسية في الطاقة المتجددة

مع الدعوات والالتزامات للحكومات في العالم لاسيما داخل الاتحاد الأوروبي لتقليل الاعتماد على مصادر الطاقة القائمة على الوقود الأحفوري، بل ذهب الحديث إلى الإنتهاء منها بحلول عام 2030 لبعض الدول. دعت الحاجة المتنامية لمصادر طاقة بديلة مُتجددة أقل تلوثًا تحمي البيئة، وتتسم بالتوفير الاقتصادي لتزود العالم بمخزون كافي من الطاقة. إلا أنَّ الإشكالية لا تكمن بعملية إنتاج الطاقة وحسب، وإنما بتخزينها أيضًا، وذلك يرجع لواحدة من أهم مشكلات بدائل الوقود الأحفوري التي يواجهها العالم اليوم متمثلة بالكفاءة، والاستدامة الموسمية، إلى جانب عدم القدرة على توقع كمية الطاقة الممكن إنتاجها منها في مختلف المواسم، وبالتالي ضمان وفرتها وتخزينها بشكل دوري موسمي.

فكما نعلم الطاقة بشكلٍ عام، والكهربائية بشكلٍ خاص، العِماد الأساسي لضمان التقدم والرخاء الاقتصادي والحضاري للعالم. وذلك يتم عبر الإدارة والتحكم بتوزيع الطاقة على نطاق صناعي من جهة، وتلبية الحاجة للطاقة التي تعتبر متغيرة باختلاف المنشآت؛ والمراكز من جهة أخرى. مما يُعرف حاليًا أن طرق تخزين الطاقة الكهربائية محدودة للغاية ولا تلبي الحد المطلوب؛ لذا إتجهت الأبحاث المختصة لدراسة كيفية تخزين كميات عالية من الطاقة بصورتها البكر.
يكون بالإمكان حفظ الطاقة قرب مراكز توليدها أو نقاط الاستهلاك الأقرب لها؛ مثال لذلك تخزين الطاقة الحرارية باستخدام الملح الذائب.[١]

موجز تاريخي لتقنية الملح الذائب:

يعود أول استخدام لتقنية الملح الذائب إلى عام ١٩٥٠، عندما بدأ مختبر أوك ريدج الوطني في الولايات المتحدة (ORNL) بتطوير واختبار لمركبة مزودة بمحرك يعمل بالوقود النووي باستخدام تقنية الملح الذائب.
وبحلول عام ١٩٥٤، نقلت أورنل تركيز أبحاثها من محركات الوقود النووي إلى المفاعلات النووية، وذلك حصيلة تجارب أظهرت ثبات الأملاح الذائبة وعدم تحللها حين تعرضها للحرارة العالية الناتجة من المفاعلات النووية.
في ذلك الوقت، كانت هيئة الطاقة الذرية الأميركية (AEC) مهتمة أكثر بدراسة مفاعلات توليد الذرات القابلة للانشطار، ولهذا قامت أورنل بتطوير مفاعل توليد ذرات باستخدام الملح ذائب في الستينات. لسوء حظ أورنل المشروع كان ينافس مشروع آخر كانت هيئة الطاقة مهتمة أكثر بتطويره، مما أدى إلى تضارب بأحقية الدعم لمشروع الملح الذائب، مقررة بذلك هيئة الطاقة بدعم المشروع الآخر، موقفة العمل بمشروع مفاعل الملح الذائب. وبهذا أقفل ملف أبحاث مفاعلات الملح الذائب برفع آخر تقرير بالمشروع عام ١٩٧٦.

غير أن جهود باحثي أورنل لم يذهب سدى، فقد تم افتتاح أول محطة توليد طاقة شمسية استخدمت تقنية الملح الذائب لحفظ الطاقة عام ١٩٩٣ في كاليفورنيا. المحطة مصممة لتخزين ١٠ ميجا واط من الكهرباء خلال ساعة واحدة، استخدمت فيها مرايا عديدة لتوجيه أشعة الشمس نحو البرج المركزي. هذه الأبراج تعمل على امتصاص الأشعة الموجهة إليها لترفع من درجة حرارة الملح وتحفظ الطاقة في الملح بصورة حرارة.
بحلول عام ١٩٩٩، أُغلقت المحطة نتيجة لحاجتها لصيانة ذات تقنية عالية ومتتالية لم تكن متوفرة آنذاك.
نشرت أورنل بعدها مباشرة تقرير مختصر في عام ٢٠٠٠، وألحقته بتقرير مفصل في عام ٢٠٠٢ يوثق البحث كامل في هذا المشروع مما فتح الباب لإعطاء التقنية فرصة أكبر في السوق، لتنتشر على نطاق تجاري أوسع عالميًا. [2]


مبادئ تخزين الطاقة حراريًا في تقنية الملح الذائب:

هنالك صورتان لتخزين الطاقة حراريًا: حرارة محسوسة، أو حرارة كامنة.

الطاقة الحرارية المحسوسة تعتمد تخزين الطاقة الحرارية بطور واحد، بحيث تكون درجة حرارة المادة تتفاوت مع كمية الطاقة المخزونة. معادلة تدفق الحرارة من الحار الى البارد تحقق هذا بالصورة التالية:
Q = m C ΔT
بحيث m تعبر عن الكتلة، و C الحرارة النوعية، و ΔT الفرق في درجات الحرارة.
ينبغي الإشارة إلى أنه يشترط في هذه العملية عزل النظام لإبقاء تدرج درجات الحرارة لأجل خزن الطاقة.

إن أخذنا الماء كمثال، نستطيع القول بأنه يعتبر وسيط مثالي في درجات الحرارة المنخفضة التي تتراوح بين (°90 – 25)، وذلك بسبب الحرارة النوعية لجزيئاته المرتفعة نسبيًا(kJ/kg°C)4.2، بالإضافة لسهولة الحصول عليه.
من جهة أخرى، الحرارة الكامنة تُحفظ باستخدام مواد متغيرة الطور، والتي تستفيد من الحرارة الكامنة النوعية (L) الناتجة من تغير الحالة للمادة:
Q = m C ΔT + m L
المواد متغيرة الطور ممتازة بسبب كثافة تخزينها العالي للطاقة، الماء مثلًا لديه حرارة انصهار أكبر ب ٨٠ مرة من الحرارة المتطلبة لرفع درجة حرارة ١ كجم من الماء درجة مئوية واحدة.[3-4-5]

الأملاح الذائبة:

لدى الأملاح الذائبة خواص تجعلها مؤهلة لتكون وسيط ممتاز لحفظ الطاقة على نطاق واسع في المحطات الكبيرة، مثلًا:
درجة غليانها عالية، ومنخفضة اللزوجة، وضغط تبخرها منخفض، وسعة حرارتها الحجمية عالية؛ فكلما كانت سعة الحرارة الحجمية عالية، كانت مناسبة أكثر لتُحفظ في خزانات بأحجام أقل.

الأملاح المستخدمة في تقنية تخزين الطاقة حراريًا، مثل: نترات الصوديوم والبوتاسيوم،  لديها درجات ذوبان تتراوح بين 300-500°C، وسعة حرارية حجمية تترواح بين 1670 – 3770 kJ/m3°C، ولهذا خليط الملح المستخدم في محطات توليد الطاقة الشمسية المسمى تجاريًا ب “HITEC” يتكون من نترات البوتاسيوم 53%؛ ونترات الصوديوم 40%؛ ونتريت الصوديوم 7%، بدرجة حرارة بالحالة السائلة تتراوح بين 149 – 538°C.
يتم تسخين هذه الأملاح وحفظها في خزانات معزولة خارج أوقات الذروة، وعند الاحتياج يضخ الملح الذائب إلى مولد البخار لاستخدام الحرارة بتوليد الكهرباء.[3-5-6]

تخزين الطاقة في محطات الخلايا الشمسية:

محطات توليد الطاقة باستخدام الخلايا الشمسية ( CSP) تستخدم تقنية التخزين الحرارية و التي تتكون من عاكسات ذات قطوع مخروطية، أو مرايا تتبع للشمس، والتي بدورها تعمل على توجيه أشعة الشمس إلى البرج المستقبل المزود بأنابيب ذات نقاط بؤرية بحيث تنتقل الحرارة عبر مائع وسيط (الملح الذائب)، ومنها المائع ينتقل إلى المبادل الحراري ناقلًا الطاقة إلى الماء المستخدم لإدارة المولد الحراري ليولد الكهرباء.

إن تمعنا في البنى المستخدمة للتخزين، سنجد أن هنالك بنيتان أساسيتان مستخدمتان في منظومة تخزين الطاقة بالأملاح الذائبة، وهما:
بنية الخزانين المزدوجين: يستخدم الملح الذائب كمائع ناقل للحرارة عبر امتصاص الحرارة من المفاعل او المبادل الحراري، وكوسيط تخزين الطاقة الأساسي مستخدم الخزانين معًا الحار والبارد.
خزان آحادي: يُستخدم خزان واحد بحيث يبقي الملح الحار والبارد منفصلين باستخدام فاصل حراري. بحيث يتدفق الملح من الجانب البارد للخزان، ليتم تسخينه، ومن ثم يتدفق إلى الجانب الساخن من الخزان، ليُضخ خارجًا مخلفًا حرارة تستخدم لتوليد الكهرباء، ليعود بعدها إلى الجانب البارد من الخزان.[3-6-7-8]

[1] A. Bielecki, S. Ernst, W. Skrodzka, and I. Wojnicki, 2019. Concentrated Solar Power Plants with Molten Salt Storage:
Economic Aspects and Perspectives in the European Union., International Journal of Photoenergy.

[2] S. Ladkany, W. Culbreth, and N. Loyd, 2018. Molten Salts and Applications I: Molten Salt History, Types, Thermodynamic and Physical Properties, and
Cost., Journal of Energy and Power Engineering.

[3] M. Green, et al. “Nuclear Hybrid Energy Systems: Molten Salt Energy Storage,” INL/EXT-13-31768, November 2013.

[4] B. Reinhardt, ” Thermal Energy Storage,” Physics 240, Stanford University, Fall 2010.

[5] S. M. Hasnain, “Review on Sustainable Thermal Energy Storage Technologies, Part I: Heat Storage Materials and Techniques,” Energy Convers. Manage. 39, 1127 (1998)

[6] Z. Yang, and S. V. Garimella, “Cyclic Operation of Molten-Salt Thermal Energy storage in Thermoclines for Solar Power Plants,” Appl. Energy 103, 256 (2013).

[7] J.E. Pacheco, et al. “Development of a Molten-Salt Thermocline Thermal Storage System for Parabolic Trough Plants,” J. Solar Energy Eng. 124, 153 (2002).

[8] Y. Rajavi, “Concentrating Solar Power,” Physics 240, Stanford University, Fall 2013.

الفيضانات الكارثية بأوروبا عام 2021، أسباب ونتائج

الفيضانات الكارثية بأوروبا عام 2021، أسباب ونتائج

تعتبر الفيصانات أحد أكثر الكوارث الطبيعية كلفة. حيث تكبد العالم خسائر تعادل 104 مليار دولار أمريكي سنوياً وفق بعض التقديرات. [1] وفي خلال الفترة من 15 إلى 17 يوليو اجتاحت فيضانات كارثية عدة مدن في شمال غرب أوروبا. مخلفةً دمارًا شاملًا وصفه البعض بأنه أصعب كارثةٍ مرت بها تلك الدول بعد الحرب العالمية الثانية. فقد أسفرت عن خسائر كبيرة بالأرواح والممتلكات والبنية التحتية يصعب حتى الآن تقديرها بدقة. لكن مما لا شك فيه؛ أنها إنذار مبكر من الطبيعة حتى يتخذ البشر سياسات أكثر محافظةً على البيئة في تلك الدول وفي الاتحاد الأوروبي وفي العالم أجمع. الفيضانات الكارثية بأوروبا عام 2021، أسباب ونتائج

كيف حدثت الفيضانات الكارثية؟

في بداية الكارثة هطلت أمطار غزيرة من يوم 13 وحتى يوم 15 يوليو 2021 على شمال ووسط أوروبا. وصلت غزارة تلك الأمطار في ألمانيا مثلاً؛ أنه خلال يومين هطلت كميات تهطل في العادة في شهر أو أكثر. ونتيجة لتلك الأمطار الغزيرة؛ ارتفعت مناسيب الأنهار في تلك المناطق بشكل غير مسبوق خلال عقود سابقة. مما أدى إلى فيضانات عنيفة ألحقت دمارًا وخسائرًا بغالبية المناطق القريبة من تلك الأنهار. [2، 3]

الفيضانات الكارثية وأنظمة الإنذار المبكر ضد الفياضانات في ألمانيا

على الرغم من الاستعداد الكبير للفيضانات واستخدام أنظمة تنبؤ تحديدًا في ألمانيا، إلا أنها لم تتمكن من الاستعداد لتلك الفيضانات الكارثية غير المسبوقة. ويُرجع البعض ذلك إلى خلل في التواصل بين الجهات المختصة أو تأخر في استجابتهم في بعض المدن. خاصةً أن بعض المناطق أطلقت إنذار مبكر، فكانت وفياتها أقل بالمقارنة بغيرها. لكن كل تلك المدن تعرضت لخسائر مادية فادحة. جهات رسمية في المناطق الألمانية التي لم تستجب مبكراً للإنذار ردت بأن الفشل كان بسبب كمية الأمطار الشديدة الغزارة والتي لم تكن متوقعة. [2]

ما النتائج التي أسفرت عنها هذه الفيضانات الكارثية؟

خسائر بشرية

أسفرت تلك الفيضانات الكارثية عن ما يربو على 100 قتيل وهو أكبر عدد من القتلى تتسبب فيه فيضانات خلال الخمسمائة أو الألف سنة الماضية، وذلك وفقاً لصحيفة النيويورك تايمز. [2] في بلجيكا على سبيل المثال؛ كان عدد الضحايا 31 قتيل. بينما اختلف الحال في ألمانيا؛ فقد كانت الخسائر البشرية هي الأعلى. حيث نتج عن الكارثة أكثر من 160 قتيل. وهذه هي الأرقام حتى 20 يوليو بالإضافة إلى مئات المفقودين. ومع ذلك؛ فإن العدد الحقيقي للمفقودين والقتلى غير محدد بدقة بسبب انقطاع الاتصالات عن كثير من الأماكن المتضررة. [3]

خسائر مادية

مما لا شك فيه أن تلك الفيضانات سببت دماراً شديداً للمنازل والسيارات والممتلكات ومحطات الكهرباء والاتصالات. لكن حتى اليوم لا يوجد تقييم دقيق للخسائر المادية التي تسببت فيها هذه الفيضانات. على الرغم من ذلك، يتوقع بعض الأخصائيين في التأمينات أن خسائر شركات التأمين وحدها ستتراوح بين 2-6 مليار دولار. [4]

صورة لإحدى الأماكن المتضررة من الفيضان بألمانيا قبل الكارثة وبعدها. [5]

أسباب

العلاقة بين الفياضانات الكارثية والتغير المناخي

لطالما صمد البشر أمام التغيرات المناخية المختلفة التي فرضتها عليهم الطبيعة وتأقلموا معها. وكان هذا أحد أسرار بقائهم على هذا الكوكب. لكن منذ الثورة الصناعية؛ زاد تأثير الإنسان السلبي على الطبيعة بشكل ملحوظ. وقد أضحى مصطلح التغير المناخي مرتبط بشكل كبير بتأثيرات الإنسان السلبية على البيئة؛ مثل: ثقب الأوزون و الاحتباس الحراري.

ارتفاع درجة حرارة الأرض

أدى ظهور الأنشطة الصناعية إلى ارتفاع متزايد في درجة حرارة الكوكب. حيث ارتفعت درجات الحرارة في كثير من المناطق على سطح الأرض إلى ما يزيد على 1.5 درجة مئوية زيادة أعلى من درجة حرارة الأرض قبل الحقبة الصناعية. ونتج عن ذلك موجات الحر الشديد التي تتعرض لها كثير من البلدان. ويُتوقع أن تستمر في السنوات القادمة. و ستتعدى أثار ذلك الضرر المباشر على الجسد والصحة إلى أضرار غير مباشرة مثل: الجفاف والفيضانات وحرائق الغابات وغير ذلك من الآثار. [6]

شكل يوضح متوسط التغير في درجة حرارة الأرض عبر الزمن، على اليسار تظهر درجات الحرارة وبالأسفل الأعوام.
ويظهر متوسط ارتفاع درجة الحرارة في الفترة من 1979 وحتى 2020 بمعدل درجة مئوية واحدة.
المصدر: وكالة ناسا للفضاء. [7]

كيف تسبب التغير المناخي في كارثة الفياضانات؟

يميل عدد كبير من العلماء إلى ترجيح ارتباط هذه الفياضانات الكارثية بالتغير المناخي وتأثير الغازات الدفيئة والاحتباس الحراري على تقلبات درجات الحرارة. ويعد الربط بين التغير المناخي وزيادة الفيضانات في أوروبا أمراً ليس وليد الحدث. فالقضية بالفعل مُثارة في عدد من التقارير والدراسات السابقة. وهذا الأمر لا يقتصر على الفيضانات وإنما يشمل حرائق الغابات وغرق السواحل وغير ذلك من الكوارث الطبيعية. [8، 10] وكذلك يلزم التنويه إلى أن أحد هذه الدراسات في 2019 توقعت أن الدفاعات المصممة ضد الفيضانات لن تكون كافية لصدها مستقبلاً. [1]

يفسر بعض العلماء ارتباط تلك الفيضانات الكارثية بالتغير المناخي كالتالي: يؤدي التطرف في ارتفاع درجات الحرارة إلى تبخير كميات كبيرة من المياه. كما أن ارتفاع درجات الحرارة يزيد من قدرة الجو على التشبع بكميات أكبر من البخار. ومن ثم هطلت هذه الكميات على هيئة أمطار شديدة الغزارة. وكنتيجة لذلك؛ ارتفعت مناسيب الأنهار بشكل كبير ومفاجىء. مما أدى الى فيضانات اجتاحت مواقع كثيرة بالقرب من تلك الأنهار وسببت الكارثة. [3]

في الختام؛ أغلب التقديرات تميل إلى أن التغير المناخي هو المسئول الرئيسي عن تلك الفيضانات الكارثية. ومن ثم؛ فإن كارثة الفيضانات تلك ربما تسهم بشكل قوي في خفض الأصوات الغير عقلانية الداعمة لإنكار التغير المناخي. كما قد تكون دافعاً قوياً للدول الصناعية الكبرى لاتخاذ خطوات أكثر جرأة لوقف تأثير الانسان السلبي على مناخ الكوكب وتفادي غضب الطبيعة الهادر وردها الغير متوقع.

المصادر

  1. Changing climate both increases and decreases European river floods
  2. European Floods Are Latest Sign of a Global Warming Crisis
  3. Europe’s deadly floods leave scientists stunned
  4. Berenberg sees $2-3 bln reinsurance losses from European floods, overall losses higher
  5. Germany floods: How a country was taken by surprise
  6. A Degree of Concern: Why Global Temperatures Matter – Climate Change: Vital Signs of the Planet
  7. Global Temperature | Vital Signs – Climate Change: Vital Signs of the Planet
  8. Extreme weather events in Europe
  9. River floods — European Environment Agency
  10. Current European flood-rich period exceptional compared with past 500 years
  11. مصادر الصورة البارزة الممثلة للمقالة:
    At least 160 dead, hundreds missing in devastating European floods
    In pictures: Floods kill dozens in Germany and Belgium
    German floods: Several feared dead after landslide south of Cologne  

ما هو أثر البلاستيك على البيئة؟

البلاستيك، تلك المادة التي تدخل في صناعة كل شيء في حياتنا اليومية تقريبًا، فهو يدخل في صناعة الأدوات المنزلية، وقطع غيار السيارات والمركبات، والأكياس، وغيرها الكثير.
إلا أن له العديد من المساوئ فتعالوا معنا نعرف أثر البلاستيك على البيئة.

تأثير البلاستيك على الحياة البحرية


ينتهي المطاف بما يزيد عن 8 مليون طن من البلاستيك في المحيطات كل عام، وهو ما يشكل نسبة 80% من «الحطام البحري-Marine debris»، مما يؤدي إلى إصابات الكائنات البحرية واختناقها.

بعض الكائنات البحرية مثل الحيتان والأسماك والسلاحف تنخدع وتظنه طعامًا فتلتهمه، مما يؤدي إلى وفاتها من الجوع نتيجة امتلاء معدتها به، كما أن البلاستيك الطافي على سطح البحر يؤدي إلى انتشار البكتيريا وانتشار العدوى داخل الأجناس البحرية.

تأثير البلاستيك على الطعام

عُثر على قطع صغيرة من البلاستيك في ملح الطعام ومياه الصنبور، ومن المعروف أن كثيرًا المواد الكيميائية المستخدمة في صناعنه هي مواد مسرطنة، وتتفاعل مع «نظام الغدد الصماء-Endocrine system» في الجسم، مسببة بذلك شتى أنواع الخلل العصبي والمناعي والتناسلي.

أثر البلاستيك على البيئة وتغير المناخ

عند حرق البلاستيك (وهو إحدى منتجات البترول)، ينتج عن ذلك انبعاث كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون، وهو إحدى الغازات التي تسبب «تأثير البيت الأخضر-Greenhouse effect»، مما يؤدي إلى زيادة درجات الحرارة على سطح الأرض فيما يعرف بظاهرة «الاحتباس الحراري-Global warming».

حجم الكارثة

ليس الأمر بالهين، قد تكون قد سمعت عن «رقعة القمامة العظيمة في المحيط الهادي-The great pacific garbage patch»، وهو عبارة عن تجمع للنفايات البشرية، يقع في شمال المحيط الهادي، وتبلغ مساحة هذه الرقعة 1.6 مليون كيلومتر مربع، أي أنه أكبر من مساحة فرنسا بثلاث مرات!

ما الذي يمكننا فعله؟

يمكننا فعل الكثير من الأمور لتقليل حجم «تلوث البلاستيك-Plastic pollution»، حيث يمكننا استبداله بمواد أخرى، فبعض المنتجات مثل أكياس البلاستيك وأكواب القهوة يمكن استبدالها بمواد أخرى مثل الأكياس الورقية.

كما يمكننا إعادة تدويره لمنعه من الوصول إلى مجاري المياه، مما يؤدي إلى انتهاء المطاف به في المحيطات مسببًا كافة أنواع المشاكل. (علمًا بأنه ليست كل أنواع البلاستيك قابلة لإعادة التدوير)

كما يمكننا مقاطعة «الميكروبيدات-Microbeads» المستخدمة في مستحضرات التجميل، حيث أن حجمها الصغير يسهل من وصولها إلى مجاري المياه وبالتالي إلى المحيطات.

الخلاصة

الأمر معقد في الواقع، فالمشكلة الكبرى تكمن في أن البلاستيك لا يتحلل، مما يعني أن كل البلاستيك الذي تم إنتاجه على مدار التاريخ البشري لا يزال موجودًا في النظام البيئي بصورة أو بأخرى، أي أننا سنحتاج إلى التفكير في دورة البلاستيك ككل إن أردنا حلًا لهذه المشكلة.

المصادر

IUCN
nationalgeographic
nationalgeographic

هل يمكننا إزالة ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي؟

هل يمكننا إزالة ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي؟

لقد تم التسليم بفشل العالم في الحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من الوقود الأحفوري وعدم كفاية التدابير المخطط لها، حتى أكثر عمليات التخلص التدريجي من ثنائي أكسيد الكربون فشلت في تحقيق أهداف اتفاقية باريس2015، إضافة الى تزايد الذعر فيما يتعلق بمستقبل الكوكب، كل هذه التحديات دفعت لنداءات دولية لإجراء أبحاث عاجلة في مجموعة خيارات عملية إزالة الكربون ونطاقها وتكاليفها وتحدياتها …

لماذا علينا إزالة غاز CO2؟

ثنائي أكسيد الكربون هو غاز دفيئ يمتص ويصدر الحرارة لتسخين اليابسة والمحيطات على سطح الأرض بشكل مستمر، وهو أهم الغازات الدفيئة المعمرة على الأرض، يمتص حرارة أقل لكل جزيئ من الغازات الدفيئة أو الميثان أو أكسيد النيتروز، ولكنه أكثر وفرة ويبقى في الجو لفترة أطول، وفي حين أن ثنائي أكسيد الكربون أقل وفرة وأقل قوة من بخار الماء، فإنه يمتص أطوال موجية من الطاقة الحرارية التي لايستخدمها بخار الماء، مما يجعله يضيف إلى تأثير الاحتباس الحرري بطريقة فريدة، فالزيادات في co2 في الغلاف الجوي مسؤولة عن حوالي ثلثي اختلال توازن الطاقة الإجمالية التي يتسبب في احترار الارض.
ويمتد خطره إلى المسطحات المئية حيث أن ثنائي أكسيد الكربون يذوب في المحيطات، فيتفاعل مع جزيئات الماء مما ينتج حمض الكربونيك مما يخفض درجة الحموضة، منذ بداية الثورة الصناعية انخفض الرقم الهيدروجيني للمحيط من 8.21 إلى 8.10 وهذا الانخفاض في الرقم الهيدروجيني يسمى تحمض المحيطات

قد لا يبدو انخفاض 0.1 كبيراً، ولكن مقياس الأس الهيدروجيني لوغارتمي(الأس الهيدروجيني= لوغاريتم تركيز أيونات الهيدروجين)، فانخفاض الأس الهيدروجيني درجة واحدة يعني زيادة 10 أضعاف في الحموضة، إذا التغيير 0.1 يعني زيادة الحموضة بنسبة 30% تقريباً، ويتمثل خطر الحموضة الزائدة في المسطحات المائية أنها تقف عائقاً أمام قدرة الحياة البحرية على استخراج الكالسيوم من الماء لبناء هياكلها العظمية.

ثنائي أكسيد الكربون في الماضي والمستقبل:

أدت الزيادات الطبيعية في تركيز الCO2 إلى تدفئة الأرض بشكل دوري خلال دورات العصر الجليدي، بدأت الحلقات الدافئة آنذاك بزيادة طفيفة في حرارة الواصلة من الشمس بسبب انحناء بسيط في محور الأرض أو في مسارها حول الشمس، واستناداً إلى فقاعات الهواء المحبوسة في الجليد (وغيرها من الأدلة المناخية) يمكن معرفة أن نسبة غاز CO2 لم يتجاوز 300 جزء من المليون قبل الثوة الصناعية.

تجوية السيليكان لإزالة ثنائي أكسيد الكربون:

التجوية هي كسر أو حل الصخور بواسطة عوامل بيئية كيميائية أوميكانيكية أو بيولوجية، وبمجرد تكسير الصخور، تقوم عملية تسمى التآكل بنقل قطع الصخور بعيداً، حيث لا توجد أي صخرة يمكنها أن تقاوم التجوية والتآكل معًا.

من المقبول على نطاق واسع أن عملية التجوية الكيميائية لصخور السيليكات “ERW” يمكن أن تتحكم في تغيير المناخ على المدى الطويل بازالة ثنائي أكسيد الكربون في الجو من خلال ترسيب الكربون، وتعتمد على تعديل التربة ذات الصخور الغنية بالكالسيوم والمغنيسيوم أو مايسمى بصخور السيليكات، على سبيل المثال: صخرة البازلت التي تمتاز بكونها وفيرة وسريعة التجوية، يمكن أن تكون مثالية لتطبيق التجوية على الأراضي الزراعية، مما قد يكون فعالاً في تحسين التربة والمحاصيل إضافة إلى تسريع إزالة الCO2

فيمكن نشر صخور السيليكات في الأراضي الزراعية حتى تحدث لها عملية التجوية لإحداث عمليات إزالة الكربون من الغلاف الجوي (المعروفة اِختصارا بCDR)، وهو ما صار ضرورياً في الوقت الراهن، مما يساعد في تخفيف من تغير المناخ الناجم عن النشاط البشري، إضافة إلى تحسين الأمن الغذائي وسلامة التربة، وتقليل مستويات تحمض المحيطات.

ومن الجدير بالذكر أن الصين والهند والولايات المتحدة الأمريكية والبرازيل تتمتع بامكانات كبيرة قد تساعد على تحقيق المتوسط التي تسعى إليه عملية CDR على مستوى العالم، بنسبة تتراوح بين 0,5 و 2 جيجا طن من غاز CO2 سنوياً بتكلفة تتراوح بين 80 و180 دولار أمريكي لكل طن، وتعد هذه الأهداف والتكاليف شاقة بغض النظر عن سياسات الطاقة المستقبلية التي سيتم تطبيقها، ويناقش الباحثون التحديات المستقبلية والفرص التي تنتج عن استخدام هذه التقنية ، بما في ذلك احتمال الزيادة المفرطة في مواد السيليكا الصناعية، واحتمال انتقال نواتج التجوية من البر الى المحيطات.

مصادر (هل يمكننا إزالة ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي؟):

Science direct

National Geographic

Nature

المزيد:

ليست جميع الفيروسات سيئة، يمكن لبعضها حماية صحتنا

حرائق غابات الأمازون: سيناريو كارثي لظاهرة الاحتباس الحراري

تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن

شهد العالم في الأسابيع الماضية جحيم عاشته غابات الأمازون وبأرقام قياسية تصل إلى 76,000 حريق لأكثر من 3 أسابيع، وزيادة بنسبة 80 % عن حرائق العام الماضي وذلك حسب فترة اندلاع الحريق. ومقارنة بعام 2010 -أسوأ عام للجفاف مرت بها الأمازون- يعتبر عام 2019 هو الأسوأ في تاريخ حرائق الغابات، حيث التهمت النيران حوالي 7000 ميل مربع من الغابات، وهي مساحة أصغر بقليل من مساحة ولاية نيو جيرسي الأمريكية. وهو بداية لمستقبل مبهم سيزداد فيه وتيرة الاحتباس الحراري وتأثيراته الكارثية على الحياة البيئية.

ويشار إلى الرئيس البرازيلي بولسونارو بأصابع الاتهام في حرائق الأمازون، التفاصيل في المقال.

خريطة توضح أعداد وأماكن حرائق غابات الأمازون

وتشير العديد من الدراسات إلى تحول كارثي نتيجة هذا الكم الهائل من الحرائق، فالغابات ستدخل في سيناريو الموت البطيء بإنتاج كميات كبيرة من الكربون قد تصل إلى 140 مليار طن، والذي بدوره سيزيد من وتيرة الاحتباس الحراري. ولاستيعاب أهمية غابات الأمازون، تطلق غابات الأمازون لوحدها نسبة لا يستهان بها من الأكسجين تتراوح بين 6- 20 % من أكسجين الكوكب، وبالإضافة إلى إيواء مليارات النباتات والحيوانات المعتمدة بشكل أساسي عليها. والأهم، أنها مسؤولة عن سلامة صحة كوكبنا.

عملية الموت البطيء للغابات

أظهر بحث في مجلة Nature Communications، شارك فيه Luiz Aragao محاضر في علوم نظم الأرض بجامعة Exeter وبمساعدة Jos Barlow أستاذ علوم الحفاظ على البيئة مع Liana Anderson الباحثة في جامعة Oxford، أن حرائق الغابات مسؤولة عن جزء كبير من الكربون المنبعث. فخلال الجفاف، يمكن أن تنتج هذه الحرائق حوالي مليار طن من CO₂. وهذا وحده ضعف كمية الكربون المنبعثة بشكل فعال من خلال إزالة الغابات في منطقة الأمازون. ومع ذلك، في حين أن إزالة الغابات معروفة كمحرك مهم لانبعاثات الكربون، فحرائق الغابات  تشكل تهديداً أقل وضوحاً ولكنها لا تزال ضارة. ولمعرفة مدى سوء المشكلة، قام علماء البحث بدمج بيانات الأقمار الصناعية حول المناخ الحالي ومحتوى الكربون في الغلاف الجوي وصحة النظم الإيكولوجية للغابات. وكشفت النتائج الانبعاثات الناتجة عن حرائق الغابات المدارية آخذة في الازدياد، على الرغم من أنها لا تزال غير محسوبة في تقديرات الانبعاثات الوطنية.

مساحات شاسعة من الغابات المحروقة في الأمازون

حرائق الغابات، بشرية أم طبيعية؟

كثيراً ما أثير الجدل حول أسباب حرائق الغابات، وهنا الدراسة توضح مزيج من الأنشطة البشرية والجفاف الطبيعي في آن واحد. فالبشر هم العامل الأول من احتدام الحرائق، وخصوصاً الاحتباس الحراري؛ بسبب استخدام الوقود الحفري بكميات هائلة في الثورات الصناعية وحتى الآن. والذي سبّب بدوره ارتفاع معدلات الغازات الدفيئة وثنائي أكسيد الكربون في الغلاف الجوي. وأيضاً إزالة الغابات واستبدالها بالزراعة والمراعي الطبيعية.

إزالة غابات الأمازون بقصد زراعي أو تربية الماشية

أما السبب الطبيعي يرجع إلى الجفاف السنوي، فالأشجار لديها كميات أقل من المياه أثناء موجات الجفاف، ويتباطأ نموها وتكون أقل قدرة على إزالة ثنائي أكسيد الكربون من الغلاف الجوي عن طريق عملية التمثيل الضوئي. ومن ثم تتساقط أوراق الأشجار، مما يعني المزيد من الحطب والأوراق الجاهزة للإحتراق على أرض الغابة، وبدون مظلة كثيفة للاحتفاظ بالرطوبة؛ تفقد الغابة بعض الرطوبة، والتي كانت بمثابة مانع وسد يحول بينها وبين حدوث الحرائق.
ويتفاقم الوضع من خلال قطع الأشجار الإنتقائي لأنواع محددة من الأشجار، حيث ستتضائل مساحة المظلات المحافظة على الرطوبة وتعريض أكبر مساحة للحرائق. والنتيجة: الغابات المطيرة المقاومة للحريق ستصبح قابلة للاشتعال.

غابات الأمازون على أعتاب بوابة الجحيم!

كواحدة من الموقعين على اتفاق باريس بشأن تغير المناخ، تلتزم البرازيل بخفض انبعاثاتها إلى 37% أقل من مستويات عام 2005 بحلول عام 2025. ويعتبر الانخفاض الكبير في معدلات إزالة الغابات على مدار العقد الماضي بداية رائعة. ومع ذلك، فإن سياسة إزالة الغابات لا تساعد في الحد من حرائق الغابات لوحدها، وبالتالي فهي غير فعالة بشكل كامل في تخفيف انبعاثات الكربون من الأمازون. لذا تحتاج  البرازيل الآن للتركيز بشكل عاجل على دمج خسائر CO2 الناتجة عن حرائق الغابات في تقديراتها؛ فمن المتوقع أن تزداد انبعاثات الحرائق في المستقبل بفضل الجفاف الشديد، والتوسع في قطع الأشجار بشكل انتقائي، والاستخدام المستمر للحرائق لإدارة المراعي أو لإزالة الغطاء النباتي في الأراضي الزراعية.

لذلك يجب على البرلزيل أن تبدأ بزيادة ميزانية منظمة مكافحة الحرائق. كما ينبغي أن تتجنب قطع الأشجار الانتقائي في المناطق المعرضة للحرائق، وتضمن دائماً أن إدارة الغابات تشكل عوامل فعالة في الوقاية من الحرائق على المدى الطويل.

مخاوف فقدان غابات الأمازون والاحتباس الحراري

أوضحت دراسة  نشرت في عام 2000 مدى سوء ارتفاع درجات على غابات الأمازون، حيث ستتوقف غالات الأمازون عن إنتاج الأكسجين بحلول عام 2050.

تخزن غابات العالم  أجمع حوالي 25% من CO2، وفي حالة استمرار السيناريو دون الأخذ في الاعتبار بالاحتياطات اللازمة؛ ستصل غابات الأمازون لنقطة تحول لا رجعة فيها، حيث ستصبح الغابات المطيرة غابات سافانا أفريقة بالإضافة إلى إطلاق 140 مليار طن من الكربون المخزن في تلك الغابات إلى الغلاف الجوي وتأثيره بالسلب على ظاهرة الاحتباس الحراري، وذلك  حسب تقرير Rainforest Trust.

إزالة مكثفة لغابات الأمازون شمال ولاية بارا بالبرازيل عام 2000

واستناداً إلى تقارير عديدة، أوضحت صحيفة The Guardian في تقرير لها تحت عنوان تسارع إزالة غابات الأمازون تصل إلى “نقطة تحول” لا رجعة فيها: زيادة أعداد  المزارعين وشركات قطع الأشجار في منطقة الأمازون وإزالة مساحات  كبيرة منها خلال شهر يوليو فقط. ويقدر معدل إزالة الغابات في الدقيقة مساحة بحجم كرة القدم. حسب تقرير BBC، نقلاً عن بيانات الأقمار الصناعية لشهر يوليو.

في النهاية

دائماً ما تندلع الحرائق بغابات الأمازون في كل عام، لكنها تتسارع بسبب الظروف الحارة والجافة. ومعظمها بسبب المزارعين وشركات قطع الأشجار، وبالتأكيد ستنعكس بالسلب على  البشر مثل ما حدث في مدينة ساوباولو البرازيلية، التي تبعد 2000 ميل عن الغابات المطيرة، حيث غرقت في ظلام حالك نتيجة دخان الحرائق الكثيف حتى أصبح النهار ليلاً نتيجة حجب أشعة الشمس الصيفية عن المدينة.

المصادر

Business Insider

National Geographic

The Conservation

Nature

ولا تنس تقييم المقال 🙂

200 حيوان رنّة ضحية التغير المناخي، والأسوء قادم لباقي الفصائل

200 جثة رّنة نافقة بسبب التغيرات المناخية

 

عثر باحثو المعهد القطبي النرويجي على جثث الرّنة المتناثرة في أرخبيل القطب الشمالي لسفالبارد-Svalbard وذلك خلال مشروع رصد تعداد الرّنة، ومدته 10 أسابيع، حيث أعلن الفريق أن 200 جثة رّنة نافقة بسبب التغيرات المناخية

 

وأشارت أصابع الإتهام إلى التغيرات المناخية، في مثل هذه الفاجعة البيئية؛ فذلك الرقم الكبير يعتبر عَرَضًا للوصول لمستوى عالٍ من خطر انقراض بعض الفصائل على الكوكب.

عثور عالمة البيئة Åshild Ønvik Pedersen في صيف 2017 على حيوان رنّة نافق بالقرب من مطار سفالبارد

 

الرنة المنتشرة في بعض المناطق المجاورة للقطب الشمالي كالغابات الشمالية، جرينلاند، اسكندنافيا، روسيا، ألاسكا وكندا. تُعد عنصرًا هامًا في النظام البيئي القطبي، والنفوق المستمر لها سيكون له تأثيرًا كبيرًا على البيئة والحيوانات في القطب الشمالي.

كما أنها ستزيد من انتشار بعض أنواع النباتات الغير مرغوب فيها.

وقد أكد الباحثون أن تعداد الرّنة على مستوى العالم قد انخفض إلى 56% بسبب أزمة الغذاء، بالإضافة لزيادة عدد الوفيات في مواليد العام الماضي، كما أن أضعفهم وأصغرهم لا يستطيع مواجهة الظروف القاسية المستجدة.

 

إذ أرجع الباحثون سبب النفوق إلى الأزمة المناخية، حيث تعتبر منطقة سفالبارد هي أكثر المناطق تأثرًا بتغيرات المناخ، فهي الأسرع إحترارًا على وجه الكوكب؛ فدرجة الحرارة ترتفع بمعدل يزيد عن ضعف معدلها في باقي إنحاء الكوكب، مسببة بذلك إلى سقوط الأمطار بغزارة، وتشكل طبقة صعبة الإختراق من الجليد على الغطاء النباتي من التندرا، مما يجعل عملية التنقيب والعثور على الغذاء مهمة صعبة إلى حد الفشل بالنسبة للرّنة التي اعتادت حفر الثلوج بإستخدام حوافرها. مما أدى إلى حدوث مجاعات بهذا الشكل.

كما وُجدت بعض أفراد الرّنة هزيلة، فاقدة الكثير من وزنها وتعاني من سوء التغذية؛ بسبب اتجاهها إلى استهلاك الأعشاب البحرية والأعشاب فوق المرتفعات والجبال العالية، كمحاولة للتكيف مع ظروف البيئة.

الرّنة لا تُعتبر الحيوان الوحيد الذي يعاني من آثار تغير المناخ، فالدببة القطبية المعزولة مهددة أيضا بخطر المجاعة المحتمل بسبب ذوبان الجليد.

 

الأمر ليس مجرد 200 جثة رّنة نافقة، إنما هو إنذار لكارثة على وشك الحدوث، فالأرض على مشارف إستقبال انقراض جماعي قد يودي ربع جميع الثدييات وثلث البرمائيات وحوالي 13%من جميع أنواع الطيور، إذ لم يتم التصدي للنشاط البشري من إزالة الغابات و الصيد الجائر والتلوث بالإضافة لأزمة المناخ الحالية.

المصدر:

ScienceAlert

Exit mobile version