تأثير المرجعية الذاتية، كيف يشكل الدماغ تصوراتنا الذاتية؟

يسجل الدماغ كل التجارب التي نتعرض لها خلال حياتنا ويكوّن من خلالها معرفتنا لأنفسنا؛ وذلك من خلال ربط آلاف الخلايا العصبية مع بعضها. يبدو الأمر داخل أدمغتنا مثل حاسوب دائم التحديث للمعلومات، حيث أنه يحتفظ بصور ذهنية عن ذواتنا في الحاضر. وللذاكرة دور كبير في ثبات هويتنا الأساسية.

لا سيما أننا نستطيع الرجوع للماضي في أدمغتنا من خلال الذكريات، ونسافر إلى المستقبل من خلال تخيلاتنا للغد. كيف يشكل الدماغ تصوراتنا الذاتية؟

ما هي المناطق المسؤولة في الدماغ عن معرفتنا لأنفسنا؟

نشرت مجلة (SCAN) دراسة كشف فيها الباحثون قدرة إحدى المناطق الموجودة في الدماغ على تربيط معرفتنا لأنفسنا في الحاضر والمستقبل. وأن الإصابات في تلك المنطقة تتسبب قصور في تصورنا عن ذواتنا. وتسمى هذه المنطقة قشرة الفص الجبهي البطني (VMPFc). تعد هذه المنطقة هي المسؤولة عن تصوراتنا لأنفسنا وتثبيت الزمن المتعلق بهذه الصورة في دماغنا.

لاحظ اختصاصيو علم النفس أن عقولنا تعالج المعلومات المتعلقة بذواتنا على نحوٍ مختلف عن معالجتها للتفاصيل الأخرى. كما يتم استدعاء الذكريات التي تشير إلى الذات غالبًا بطريقة أسهل من أشكال التذكّر الأخرى في أدمغتنا. حيث تعتمد هذه الذكريات على «تأثير المرجعية الذاتية_SRE» الذي يمنح المعلومات المتعلقة بذواتنا امتيازًا خاصًّا.

كما وجد المختصون أن الذكريات المرتبطة بذواتنا تتميز عن الذكريات المتعلقة بأحداث محددة والذاكرة الدلالية التي ترتبط بمعرفتنا العامة.

وهكذا يصبح تأثير المرجعية الذاتية وسيلة لفهم الدور الذي تؤديه العمليات في الدماغ في صياغة معرفتنا لأنفسنا. حيث استعانت بعض الأبحاث بالتصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI). حيث يمكن للباحثين قياس تدفق الدم بوصفه مقياسًا لنشاط الدماغ؛ وذلك لتحديد مناطق الدماغ التي تتنشط بسبب تأثير المرجعية الذاتية. وقد وجدت هذه الدراسات أن قشرة الفص الجبهي البطني مرتبطة بعملية التفكير في الذات.

تنقسم قشرة الفص الجبهي البطني إلى قسم علوي يسمى المنطقة الخارجية، وقسم سفلي يسمى المنطقة البطنية. تساهم المنطقتين في صياغة كافة أشكال التفكير المتعلقة بمعرفتنا بأنفسنا. يساهم كلاهما في صياغة أشكال التفكير المرتبطة بذواتنا؛ تقوم المنطقة الخارجية بوظيفة التمييز بين الذات والآخرين. كما أنها مرتبطة بأداء المهمات المختلفة؛ في حين يساهم القسم البطني في التعامل مع العواطف.

ماذا يحدث لتصوراتنا عن ذواتنا عند إصابة (VMPFc)؟

درس الباحثون في الدراسة السابقة حالات سبعة أشخاص ممن تعرضوا لإصابات في قشرة الفص الجبهي البطني. ومجموعة أخرى من ثمانية أشخاص لديهم إصابات في أجزاء أخرى من الدماغ، بالإضافة إلى 23 شخصًا سليمًا لا يعانون من أي إصابات في الدماغ. كان الهدف من الدراسة معرفة إن كانت المرجعية الذاتية تتأثر بشكل أكبر بإصابة الدماغ بشكل عام أم بإصابة قشرة الفص الجبهي البطني.

وقد خضع جميع المشاركين في الدراسة لاختبار عصبي نفسي شامل لمعرفة مدى قدرتهم على الخضوع لمجموعة من الاختبارات المعرفية. وتتضمن الطلاقة اللغوية والذاكرة المكانية قصيرة المدى. طلب الباحثون من المشاركين تحديد مجموعة من الصفات يرونها في أنفسهم وكذلك مجموعة من الصفات يرون بها أحد المشاهير في كلٍ من الوقت الحاضر وبعد مرور عشرة أعوام. وكان على المشاركين في وقت لاحق استدعاء هذه الصفات كاملة.

اكتشف الباحثون أن الأشخاص المصابين بإصابات أخرى في الدماغ تمكنوا من استدعاء عدد من الصفات المرتبطة بذواتهم في الحاضر والمستقبل أكبر من عدد الصفات المرتبطة بالمشاهير؛ وأن تأثير المرجعية الذاتية يشمل الذات المستقبلية والذات الحالية. إذ كان الأشخاص الذين لديهم إصابات في الدماغ أقل قدرةً من المشاركين الأصحاء على استدعاء التفاصيل المتعلقة بذواتهم المستقبلية.

جاءت نتائج الاختبارات التي أجراها الباحثون على الأشخاص الذين لديهم إصابة في قشرة الفص الجبهي البطني مختلفةً اختلافًا واضحًا. إذ أظهرمن لديهم إصابات في هذه المنطقة قدرة ضئيلة أو معدومة على تذكر صفاتهم وصفات المشاهير في الحاضر والمستقبل بالمقارنة ببقية المشاركين. كما كان هؤلاء الأشخاص أقل إيمانًا بقدرة الفرد على امتلاك سمات معينة بالمقارنة بالمشاركين الآخرين في الدراسة.

يمكن أن تساعدنا إصابات الدماغ على فهم وظيفة تلك المنطقة من الدماغ. كما توضح هذه الدراسة العلاقة بين إصابة قشرة الفص الجبهي البطني وتغير الشخصية وتبلد العواطف والكثير من التحولات في الوظائف العاطفية؛ كما توضح الدراسة أيضًا أن إصابة هذه المنطقة تؤدي إلى حدوث ذكريات كاذبة يسردها الأشخاص على أنها حدثت بالفعل بسبب خلل في آليات استعادة الذكريات وتتبعها. 

كيف تؤثر إصابة الدماغ على حاضرنا ومستقبلنا؟

طلب الباحثون من المشاركين التفكير في ذواتهم في الماضي؛ لكن قشرة أمام الفص الجبهي البطني لم تسجل أي نشاط أكثر من الذي سجلته عند التفكير في شخص آخر. وهكذا، يبدو أن ذواتنا الماضية غريبة على أنفسنا، كما لو كانت تخص أحد آخر. وقد قدم الباحثون تفسيرًا لهذه الحالة حيث أننا عند إدراك أي عيب في سلوكنا أو ذواتنا القديمة يجعلنا نميل إلى وضع مسافة بين الحاضر والماضي.

تضم القشرة الأمامية الجبهية شبكة تساهم في عملية التخطيط للمستقبل. وتتألف هذه الشبكة من الحُصين الذي يؤدي دور مهم في تشكيل الذاكرة العرضية التي تجعلنا نتكر أحداث حياتنا بتتابع زمني صحيح. والتأثير على نشاط الحُصين يؤدي إلى تغيير التخيلات الإبداعية والمستقبلية.

من الواضح أن التفكير المستقبلي قد أدى دورًا مهمًّا في تطور البشر؛ إذ من المحتمل أن تكون تلك القدرة قد أسهمت في تطور اللغة. كما أن لها دورًا رئيسيًّا في تحقيق التواصل بين البشر.

وبفضل هذه الأبحاث الجديدة أصبح لدينا الآن فكرة أفضل من أي وقت مضى عن المكان الذي تتشكل فيه هذه القدرة المحورية داخل الدماغ.

المصادر:

  1. scientific american

ما هو تأثير البيئة على المشاعر؟

يختبر كل شخص على هذا الكوكب العواطف، حيث تمثل العواطف كل المشاعر أو الأفكار التي تنشأ بشكل تلقائي على العكس من التفكير الواعي المنظم، عندما ننظر إلى هذا الأمر من منظور عالمي؛ هناك العديد من الاختلافات في كيفية تفسيرنا للتعبير عن المشاعر عندما تختلف البيئة والثقافة المجتمعية.

قد يعتقد المرء أنه إذا كان الشخص سعيدًا في الصين، فسوف تظهر هذه السعادة على الأمريكي بنفس الطريقة. حيث أنه من منظور عالمي للسلوك التنظيمي تبيّن في الحقيقة الثقافات المختلفة تفسر المشاعر وتعبر عنها وتختبرها بشكل مختلف.
هل هناك علاقة بين المشاعر واللغة؟ وكيف يتصرف البشر بشكل فردي أو اجتماعي؟

ما هي فكرة ريتشارد نيسبت عن المشاعر؟

ورد في كتاب «جغرافية الفكر لريتشارد نيسبت_the geography of thought Richard Nisbett» أنه من المهم فهم كيفية قراءة الفروق الدقيقة بين مشاعر الأشخاص الذين يأتون من بيئات مختلفة؛ لا سيما أنه من المستحيل تقريبًا بناء فريق دولي ناجح من العمال إذا لم يتمكن الأفراد التقاط أو فهم مشاعر أعضاء فريقهم.

حيث أنه مثلًا قد يكون شعور شخص من البرازيل بالعواطف يؤثر على كيفية تفسير أو تلقي شخص آخر من تايوان لمشاعر هذا الشخص. ويأتي هذا التفسير من الإشارات التي قد يرسلها كتعابير الوجه ولغة الجسد التي يلتقطها الآخرون ثم يفسرونها.

قد لا يبدو أن هناك فجوة كبيرة بين ما يشعر به شخص ما في بلد ما وكيف يفسر هذا الشعور الآخر لكن افي الواقع هناك فرق؛ حيث قرر الباحثون في إحدى الدراسات أن يعرضوا صورًا لمجموعة من الأفراد من دول مختلفة لأشخاص أظهروا مشاعر مختلفة، مثل السعادة أو الحزن أو القلق أو المفاجأة.

قام الباحثون ببعض الدراسات على أشخاص من أمريكا وتشيلي والبرازيل والأرجنتين واليابان. المدهش أن الجزء الأكبر منهم خمّنوا المشاعر التي كانوا يشاهدونها بشكل صحيح.

لكن كانت هناك نسبة كبيرة من الأفراد الذين أخطئوا في التعرف على بعض المشاعر. على سبيل المثال، خمن 32٪ من الأرجنتينيين مشاعر الخوف بشكل خاطىء. كما أخطأ 37٪ من المشاركين اليابانيين في تخمين شعور الغضب.

تثبت هذه التجربة البسيطة أنه لا يمكننا تفسير المشاعر عالميًا بنفس الطريقة،إذ يمكن للأشخاص من البلدان الأخرى إساءة تفسير المشاعر التي يمرون بها؛ مما قد يؤدي بهم إلى التفاعل مع المحيط بطريقة خاطئة.

كما أنه من الشائع مثلًا أن يحضر الأفراد جنازة ويظهروا حزنهم. بينما يجب في بعض البلدان أن يكون الشخص رزينًا وألا يُظهر الحزن في الجنازات.[1]

 كيف تؤثر اللغة على فهمنا للمشاعر؟

تبقى اللغة هي أساس الوجود، حيث أنها ليست مجرد تجربة فاللغة تلخص كامل معرفتنا وخبراتنا. كما أنها تشكل كل ما نشعر به وأيًا كان ما نقوم بمعالجته. وفي نفس الوقت، تقوم بوضع علامات على تلك المعلومات وتصنفها عاطفياً. الفكرة هي أن اللغة تشكل المشاعر وفي نفس الوقت تشكل الإدراك.

في القرن التاسع عشر بدأ الاهتمام الحقيقي بكيفية وصف اللغة لثقافة المجتمعات. وفي القرن العشرين، تم إنشاء فرضية «سابير وورف_sapir-whorf» لوصف كيفة تأثير بنية اللغة على الطريقة التي يرى بها متحدثو هذه اللغة العالم؛ لذلك يمكننا أن نرى ونستطيع فهم تلك اللغة أو إنتاج طرق محددة لمعالجة المشاعر وتنظيم هذه المشاعر والتعبيرات اللغوية بطريقة نحوية.

الحقيقة هي أنه وفقًا لكل الطرق المختلفة للدراسات في الأنثروبولوجيا؛ فإن المشاعر هي دراسات اجتماعية ولغوية وتطورية. تثبت جميع الدراسات الاثنوجرافية أن العواطف هي مجرد تعبير ثقافي واحد للتعامل مع المشاكل المستمرة للعلاقة الاجتماعية. لذا فإن العواطف أيديولوجية، على الرغم من العواطف الجسدية أو الطبيعية الواضحة جدًا قبل الثقافة.

كيف تختلف مشاعر العار والذنب في الثقافات المختلفة؟

تفرض بعض الثقافات على أفرادها أن يشعروا بطريقة معينة خلال حدث ما. على سبيل المثال، تعتبر مشاعر الذنب في الدول الغربية فردية على الرغم من أنواع من العلاقات الاجتماعية والعائلات؛ والحقيقة هي أن الترابط العائلي ومن ثم الترابط الاجتماعي أضعف بكثير من ذلك الموجود بالفعل في المجتمعات الشرقية التي يعتبرونها أكثر ترابطًا. لذلك، في المجتمعات الغربية الناس أكثر عرضة للشعور بالذنب

على العكس من ذلك؛ يميل البشر في البلدان الشرقية إلى الشعور بالعار أكثر نتيجة أفعالهم، وذلك لأنهم أكثر وعيًا بالتفاعل الاجتماعي الذي يتم فيه تقييم أفعالهم. لذا نستطيع القول أن اللغة تشكل الطرق التي نشعر بها وتحدد الاستراتيجيات الاجتماعية والعاطفية.[2]

المصادر

  1. the geography of thought Richard Nisbett
  2. COURSERA

لماذا توجد المشاعر عند الإنسان؟

غالبًا ما نتمنى نحن البشر عند لحظات الألم الجسدي أو النفسي الشديدين لو أن لدينا القدرة على فقدان الشعور! هل تخيلت الفكرة؟ حياة كاملة بلا أي شعور بالألم أو الحزن، هل ستكون حياتنا أفضل بلا شعور؟ ولماذا توجد المشاعر عند الإنسان؟

أغلب البشر لا يستطيعون العيش بدون مشاعر، حيث أن وجود المشاعر ضروري جدًا لأنها تنقذنا من الوقوع في ظروف خطيرة أو مؤلمة. لذلك فإن العواطف جزءًا لا يتجزأ من حياتنا، فهي تساعد على تنظيم الجسم وتحافظ على بقائنا أحياء، كما أنها ضرورية للمواقف الاجتماعية. لا سيما أن البشر لا يستطيعون العيش بمفردهم مدى الحياة.

لماذا وجدت المشاعر؟ وكيف يترجم دماغنا تركيبة المشاعر الغريبة؟

كيف تنقذنا المشاعر من الأمراض الجسدية؟

هل تساءلت يومًا عن تفسير شعورك بالألم الشديد في أحد أعضاء جسمك؟ إنها أحد أهم وظائف المشاعر. عندما تشعر بألم في معدتك يرسل الجسم إشارات إلى الدماغ ويحثه على اتخاذ ردة فعل تجاه هذا الألم. وهذا ما يسمى الفحص التلقائي لحالة الجسم الداخلية حيث أن ردة الفعل تحقق استجابة جيدة للجسم.

هناك خيار آخر، إذا واجهت نفس الحالة الصعبة ولم تحدث عملية الفحص التلقائي، بالتالي فإن دماغك لم يستجب لإشارات الجسم، قد يؤدي هذا إلى مضاعفات خطيرة، ومنها موت الجسم، إذًا هذا هو الغرض الأساسي الجسدي والتنظيمي للنظام العاطفي.

كما أن الإدراك يجعل الدماغ يفعل شيئين مختلفين أحدهما هو تعيين المعلومات، والآخر هو تلقي معلومات متعددة من عدة مدخلات حسية من أجسامنا وأيضًا من المساهمات الخارجية.

في الوقت نفسه، تحتاج إلى تحديد كل هذه المعلومات ومعالجتها وتسجيلها في الدماغ. وفي حال حدوث هذه الحالة في المستقبل؛ يتفاعل معها الجسم بشكل أسرع، كما أن الدماغ يحاول فهم ما حدث ويحاول ملأ الفجوة طوال الوقت. [1]

ما هي قيمة ودور العواطف؟

إن دور العواطف  أساسي جدًا، خصوصًا فيما يتعلق بعملية استدلال المخ على مواضع الألم. كتب طبيب الأعصاب أنطونيو داماسيو في عام 1994 كتابًا مثيرًا للاهتمام للغاية يسمى «خطأ ديكارت-the Descartes’ Error» الذي قدم فيه فرضية «العلامات الجسدية – Somatic marker hypothesis».

الأمر بسيط للغاية، يحاول الدماغ طوال الوقت تصنيف المعلومات التي يتلقاها على أنها تصنيف إيجابي أو سلبي أو نوع آخر من الفئات. كما يتم تسجيله في ذاكرة الدماغ من أجل الاستجابة بسرعة لموقف مثل هذا في المستقبل. لذلك يمكن للجسم أن يتذكر التجارب الجيدة والسيئة في الوقت نفسه. أتاحت البنية العاطفية ملء الفراغ لتركيز الانتباه أو لإجراء تقييم أو إعادة توليد للموقف. حتى أن التوقعات النفسية  يمكن أن تولد تقييمًا لتأثيرات معينة، أو حتى إدارة أهداف الجسم.

كيف يختلف تأثير المشاعر على الأشخاص باختلاف الأعمار؟

فحص الباحثون آثار العمر وطريقة الاستجابة والعاطفة المحددة على معرفة السعادة والحزن والغضب والخوف لدى 45 طفلاً في سن ما قبل دخول المدرسة تتراوح أعمارهم بين 26-54 شهرًا. تم وضع مقياس يتضمن الدمى لجذب انتباه الأشخاص، ولتضمين التقييم في التفاعل الاجتماعي المستمر.

أشارت النتائج باستخدام هذا المقياس إلى أن:

  1. الأشخاص الأكبر سنًا قاموا بتسمية التعبيرات العاطفية والتعرف عليها بشكل أفضل من الأشخاص الأصغر سنًا.
  2. القدرة على التعرف على التعبيرات العاطفية كانت أكبر من القدرة على تسميتها، وخاصة تعبير الخوف.
  3. كانت القدرة على التعرف على المشاعر السعيدة أكبر من القدرة على التعرف على المشاعر السلبية (أي الحزن والغضب والخوف)، في حين أن تسمية التعبير السعيد تفوق المشاعر الخاصة بتعبيرات الغضب أو الخوف.
  4. تجاوزت القدرة على التعرف على التعبيرات الحزينة وتسميتها قدرات التعرف على تعبيرات الغضب أو الخوف
  5. كان من الأسهل تفسير المواقف السعيدة والحزينة، كما ارتكب بعض الأشخاص أخطاء معينة لمشاعر معينة. [2]

كيف ساعدت المشاعر البشر على البقاء؟

ساعدت المشاعر أسلافنا من البشر الأوائل على النجاة بأنفسهم في الغابة، حيث أنهم كانوا بحاجة المشاعر لاتخاذ رد الفعل الصحيح ضد المخاطر التي واجهتهم حينها.

كما أن العواطف تساعدنا على اتخاذ القرارات والتخطيط للمستقبل. تناول كتاب “خطأ ديكارت” قصة مريض تمت إزالة الجزء التالف من الفص الأمامي لدماغه. حيث لاحظ الطبيب ضعف في قدراته الاجتماعية، على الرغم من أن قدرته على الحساب والفهم كانت جيدة، بل يمكن القول أنها ممتازة.

إلا أن الطبيب لاحظ في الوقت الذي قضاه مع المريض أنه لا يظهر أي نوع من العواطف، كما أقرّ المريض أن جميع الأشياء التي كانت تثير عاطفته توقفت عن فعل ذلك بعد إجراء العمل الجراحي، مما أضعف قدرته على اتخاذ القرار.

بدون المشاعر لن نكون قادرين إلى التوصل لحلول أو قرارات نهائية. ربما يكون البكاء نهاية لموجة حزن كبيرة، والغضب بداية إزاحة حمل عن كاهلك. كما أن كل أهدافنا التي نريد تحقيقها بحاجة لدافع أو قيمة مرتبطة بها، وبدون المشاعر ستضيع هذه القيمة.

لذلك علينا الاهتمام بفهم مشاعرنا، لأنها تعكس قيمنا الداخلية، واحتياجاتنا الفردية. كما أننا بفهم عواطفنا بإمكاننا تغيير سلوكنا وتوجيهه نحو الأفضل.

المصادر:

  1. coursera
  2. Child Study Journal

ما هي المشاعر؟ وكيف نشعر بها؟

تتحكم المشاعر بحياتنا أغلب الوقت، لدينا دائمًا هذا الصراع مع عواطفنا التي تتحكم بمزاجنا وإنتاجيتنا، نختبر جميع أنواع المشاعر في يومنا العادي ولكن من الصعب جدًا تفسير سبب هذه المشاعر التي تحدث في نفس اللحظة.

هناك الكثير من الخلاف حول ماهية المشاعر وكيفية دراستها، لذلك يدخل في دراستها العديد من مجالات البحث مثل الفلسفة وعلم النفس وعلم الاجتماع وعلم الإنسان وعلم الأعصاب. على الرغم من هذا لم يتوصل الباحثون إلى اتفاق حول هذه التركيبة الغريبة!

فما هي المشاعر من وجهة نظر فلسفية؟ ولماذا نشعر بها؟

ما هي المشاعر؟

لا يوجد توافق في الآراء في الكتابات حول تعريف المشاعر. إن هذا المصطلح يعتبر مسلماً به في حد ذاته، وفي أغلب الأحيان يتم تعريف المشاعر بالإشارة إلى قائمة: الغضب، والاشمئزاز، والخوف، والفرح، والحزن، والمفاجأة. حيث أن وصف حدوث المشاعر غير كافٍ للتعبير عما نشعر به بالضبط.

تفترض معظم التفسيرات العلمي أن المشاعر مثل أي حالة عقلية أخرى تدعمها العمليات الجسدية في الدماغ أو الجسم وبالتالي يمكن تفسيرها تفسيرًا ماديًا، حيث تعرف العاطفة على أنها رد فعل معقد يتضمن عناصر تجريبية وسلوكية وفسيولوجية.

العواطف هي كيفية تعامل الأفراد مع الأمور أو المواقف التي يجدونها ذات أهمية شخصية. إن التجارب العاطفية تشتمل على ثلاثة مكونات: التجربة الذاتية ، والاستجابة الفسيولوجية ، والاستجابة السلوكية أو التعبيرية..

1. التجربة الذاتية

تبدأ كل المشاعر لدينا بتجربة ذاتية، يشار إليها أيضا على أنها حافز، ولكن ما معنى هذا؟ 
في حين أن المشاعر الأساسية يعبر عنها جميع الأفراد بغض النظر عن الثقافة أو التنشئة، فإن التجربة التي تنتج عنهم يمكن أن تكون ذاتية إلى حد كبير.

الخبرات الذاتية يمكن أن تتراوح من شيء بسيط مثل رؤية لون إلى شيء معقد وكبير مثل الزواج أو فقد شخص عزيز، بغض النظر عن مدى قوة التجربة، يمكن أن تثير العديد من المشاعر في فرد واحد وقد تكون المشاعر مختلفة من فرد إلى آخر. على سبيل المثال، قد يشعر شخص ما بالغضب والندم لفقدان شخص محبوب بينما يشعر شخص آخر بحزن شديد.

2. الاستجابات الفسيولوجية

جميعنا نعرف كيف يخفق القلب بسرعة عند الخوف، هذه الاستجابة الفسيولوجية هي نتيجة رد فعل الجهاز العصبي الذاتي تجاه المشاعر التي نعاني منها. حيث يتحكم الجهاز العصبي الذاتي في استجاباتنا الجسدية غير الطوعية وينظم استجابتنا للقتال.

وفقًا للعديد من علماء النفس، من المحتمل أن تكون استجاباتنا الفسيولوجية قد ساعدتنا على التطور والبقاء على قيد الحياة كبشر عبر التاريخ.

من المثير للاهتمام، أن الدراسات أظهرت أن الاستجابات الفسيولوجية المستقلة تكون أقوى عندما تكون تعابير وجه الشخص مشابهة للحالة الشعورية التي يعيشها. وبعبارة أخرى ، فإن تعابير الوجه تلعب دورًا هامًا في الاستجابة للعاطفة بالمعنى المادي.

3. الاستجابات السلوكية

تعتبر الاستجابة السلوكية هي التعبير الفعلي عن العاطفة. يمكن أن تشمل الاستجابات السلوكية ابتسامة أو عبوس أو ضحكة أو تنهيدة، جنبًا إلى جنب مع العديد من ردود الفعل الأخرى اعتمادًا على المعايير الاجتماعية والشخصية.

في حين تشير الأبحاث الوافرة إلى أن العديد من أشكال التعبير عن الوجه عالمية ومشتركة بين البشر جميعًا، مثل العبوس للإشارة إلى الحزن، إلا أن المعايير الاجتماعية الثقافية والتربية الفردية تلعب أيضًا دورًا في استجاباتنا السلوكية. على سبيل المثال، كيفية التعبير عن الحب تختلف من شخص لآخر ومن ثقافة لأخرى.

الاستجابات السلوكية مهمة لتوضيح مشاعرنا للآخرين، ولكن تظهر الأبحاث أنها مهمة أيضًا لتحقيق الراحة النفسية للأفراد، حيث وجدت دراسة في مجلة علم النفس غير الطبيعي أنه أثناء مشاهدة الأفلام العاطفية السلبية والإيجابية، كان لقمع الاستجابات السلوكية للمشاعر تأثيرات جسدية على المشاركين، وتضمنت الآثار ارتفاع معدل ضربات القلب.

وهذا يشير إلى أن التعبير عن الاستجابات السلوكية للمحفزات الإيجابية والسلبية على حد سواء، هو أفضل لصحتك العامة من إخفاء تلك الاستجابات داخلك. لذلك، هناك الكثير من الفوائد للابتسام والضحك والتعبير عن المشاعر السلبية بطريقة صحية.

توضح الاستجابات الفسيولوجية والسلوكية المرتبطة بالمشاعر أن العاطفة أكثر من كونها حالة عقلية . بل تؤثر العاطفة على سلوكنا وصحتنا. فضلاً عن ذلك فإن قدرتنا على فهم استجابات الآخرين السلوكية تلعب دوراً ضخماً في ذكائنا العاطفي.

المشاعر وعلم النفس

يعود تاريخ النظريات والفرضيات حول العواطف إلى قرون مضت. والواقع أن العواطف الأساسية أو الأولية ترد في «كتاب الحقوق-Book of Rites»، وهو موسوعة صينية من القرن الأول.
إن تحديد وقياس العاطفة أصعب بكثير من العديد من الاستجابات البشرية الأخرى. أجريت الكثير من الدراسات في علم النفس العاطفي التي تتعلق بالمشاعر الأساسية، واستجاباتنا النفسية والسلوكية، ودور الذكاء العاطفي في حياتنا.

المشاعر الأساسية والمعقدة

تنقسم المشاعر في علم النفس العاطفي إلى مجموعتين: أساسية ومعقدة. حيث ترتبط المشاعر الأساسية مع تعابير الوجه المعترف بها وتميل إلى أن تحدث تلقائيًا. كان تشارلز داروين أول من اقترح أن تعابير الوجه الناتجة عن العاطفة عالمية ويشعر بها عامة الناس. كان هذا الاقتراح فكرة محورية لنظريته في التطور، مما يعني ضمنًا أن العواطف وتعبيراتها كانت بيولوجية وقابلة للتكيف. في الواقع، لاحظ الباحثون وجود المشاعر عند الحيوانات، مما يشير إلى أنها محورية للبقاء على قيد الحياة في الأنواع الأخرى أيضًا. ومن المرجح أن تكون العواطف الأساسية قد لعبت دورًا في بقائنا على قيد الحياة طوال التطور البشري.

حدد عالم النفس العاطفي بول إيكمان ستة عواطف أساسية يمكن تفسيرها من خلال تعابير الوجه. وشملت السعادة والحزن والخوف والغضب والمفاجأة والاشمئزاز. ووسع القائمة في عام 1999 لتشمل أيضا الإحراج والإثارة والازدراء والخزي والفخر والرضا والتسلية، رغم أن هذه الإضافات لم يتم تكييفها على نطاق واسع.

قائمة بالمشاعر الأساسية الستة

1. الحزن
2. السعادة
3. الخوف
4. الغضب
5. المفاجأة
6. الاشمئزاز

في ثمانينيات القرن العشرين، حدد عالم النفس «روبرت بلوتشيك-Robert Plutchik» ثماني عواطف أساسية جمعها في أزواج من المتناقضات، بما في ذلك الفرح والحزن، والغضب والخوف، والثقة والاشمئزاز، والمفاجأة والتوقع. يعرف هذا التصنيف بعجلة المشاعر ويمكن مقارنته بعجلة الألوان من حيث أن بعض العواطف المختلطة معًا يمكن أن تخلق عواطف معقدة جديدة.

في الآونة الأخيرة، وجدت دراسة جديدة من معهد علم الأعصاب وعلم النفس في جامعة غلاسكو في عام 2014 أنه بدلًا من ستة، قد يكون هناك فقط أربع عواطف أساسية يمكن التعرف عليها بسهولة. واكتشفت الدراسة أن الغضب والاشمئزاز يتشابهان في تعابير الوجه، وكذلك المفاجأة والخوف. ويشير هذا إلى أن الاختلافات بين تلك المشاعر قائمة على أساس اجتماعي وليس على أساس بيولوجي. وعلى الرغم من كل البحوث والتكيفات المتضاربة، فإن معظم البحوث تعترف بوجود مجموعة من العواطف الأساسية العالمية ذات السمات الوجودية المعترف بها.

هناك ظواهر مختلفة للمشاعر المعقدة وقد لا يكون من السهل التعرف عليها، مثل الحزن أو الغيرة أو الندم. وتعرف العواطف المعقدة بأنها “مجموع اثنين أو أكثر من العواطف الأخرى”. ويستخدم (APA) مثالًا على أن الكراهية هي اندماج في الخوف والغضب والاشمئزاز. والمشاعر الأساسية، من ناحية أخرى، غير ثابتة وفطرية. وتشمل العواطف المعقدة الأخرى الحب، والإحراج، والحسد، والامتنان، والذنب، والكبرياء، والقلق، من بين العديد من المشاعر الأخرى.

تختلف العواطف المعقدة اختلافًا كبيرًا في كيفية ظهورها على وجه الشخص وليس لديها تعابير يمكن التعرف عليها بسهولة. الحزن يبدو مختلفًا تمامًا بين الثقافات والأفراد. بعض المشاعر المعقدة، مثل الغيرة، قد لا يكون لها أي تعبير الوجه المصاحب على الإطلاق.

ما هي نظريات المشاعر؟

فهمنا سابقًا أن العاطفة متعددة الأوجه وقابلة للنقاش. وهكذا، فإن العديد من نظريات المشاعر موجودة. وفي حين تدحض بعض النظريات نظريات أخرى بشكل مباشر، فإن العديد منها يبني على الآخر. هذه بعض النظريات الشائعة عن علم النفس العاطفي التي ساعدت في تشكيل المجال وما هي نظرة البشر للمشاعر.

1.«نظرية جيمس لانج-James-Lange Theory»

نظرية جيمس لانج للمشاعر هي واحدة من أوائل نظريات المشاعر في علم النفس الحديث. وتفترض النظرية التي وضعها ويليام جيمس وكارل لانج في القرن التاسع عشر، أن المحفزات الفسيولوجية (المثيرة) تتسبب في رد فعل الجهاز العصبي الذاتي الذي يدفع الأفراد بدوره إلى تجربة المشاعر. يمكن لردود أفعال الجهاز العصبي أن تتضمن نبضات قلب سريعة، عضلات مضغوطة، عرق وغيرها. وفقًا لهذه النظرية، تأتي الاستجابة الفسيولوجية قبل السلوك العاطفي. مع مرور الوقت، تم تحدي نظرية جيمس لانج، وكذلك توسعت في نظريات أخرى، مما يشير إلى أن العاطفة هي مزيج من الاستجابة الفسيولوجية والنفسية.

2. «نظرية ردود الفعل الوجودية-Facial-Feedback Theory»

تشير نظرية ردود الفعل الوجودية للمشاعر إلى أن تعابير الوجه هي أمر بالغ الأهمية في ممارسة المشاعر. ترتبط هذه النظرية بعمل تشارلز داروين وويليام جيمس الذي افترض أن تعابير الوجه تؤثر على العاطفة على عكس كونها استجابة لعاطفة. تقول هذه النظرية أن المشاعر مرتبطة مباشرة بالتغيرات الجسدية في عضلات الوجه. وهكذا، سيكون الشخص الذي أجبر نفسه على الابتسام أكثر سعادة من شخص تظاهر بالعبوس المزيف.

3.«نظرية كانون-بارد-Cannon-Bard Theory»

طورها والتر كانون وفيليب بارد في عشرينيات القرن العشرين، تم تطوير نظرية كانون-بارد للمشاعر لدحض نظرية جيمس لانج. تفترض هذه النظرية أن التغيرات الجسدية والمشاعر تحدث في وقت واحد بدلًا من واحد بعد الآخر. هذه النظرية مدعومة بعلم الأحياء العصبية الذي يقول أنه بمجرد اكتشاف الحدث المحفز ، يتم نقل المعلومات إلى كل من اللوزة الدماغية وقشرة الدماغ في نفس الوقت. إذا كان هذا صحيحًا، فالشهوة والعاطفة هما حدث واحد في نفس الوقت.

4. «نظرية شاختر-سينغر-Schachter-Singer»

تقدم هذه النظرية التي طورها ستانلي شاختر وجيروم إي سينجر عنصر المنطق في عملية العاطفة. النظرية تفترض أننا عندما نعاني من حدث ما فإنه يسبب إثارة فيزيولوجية، وعندما نحاول إيجاد سبب للإثارة عندها، نختبر العاطفة.

5. «نظرية التقييم المعرفي-Cognitive Appraisal Theory»

كان ريتشارد لازاروس رائد نظرية التقييم المعرفي، ووفقًا لهذه النظرية يجب أن يحدث التفكير قبل التعرض للمشاعر. وهكذا ، فإن الشخص يختبر أولًا تجربة التحفيز، والتفكير، ومن ثم سيختبر في ذات الوقت تجربة الاستجابة الفسيولوجية والمشاعر.

هذه النظريات ليست الوحيدة الموجودة للمشاعر، لكنها تقدم أمثلة عظيمة عن أن الأفكار والمشاعر وُجدت مختلفة بعضها عن بعض. ما تشترك فيه كل نظريات العاطفة هو فكرة أن العاطفة تقوم على نوع من التحفيز الذاتي أو الخبرة الشخصية، مما يحفز على رد فعل بيولوجي ونفسي.

بماذا يفيدنا فهم مشاعرنا؟

كما ناقشنا سابقًا، ساعدت المشاعر البشر على التطور والبقاء على قيد الحياة. وفقًا لإيكمان الذي طور عجلة العاطفة “سيكون خطيرًا جدًا إذا لم يكن لدينا عواطف. كما أنها ستكون حياة مملة جدًا. لأنه في الأساس، مشاعرنا هي التي تدفعنا نحو الإثارة، والمتعة، حتى الغضب “. لهذا السبب من المهم أن نكون قادرين على فهم المشاعر، كما أنها تلعب دورًا مهم في تصرفاتنا.

يجادل (إيكمان) بأن المشاعر بناءة بشكل أساسي. وهي متأثرة بما هو مفيد لجنسنا بشكل عام وما تعلمناه أثناء تربيتنا. إنها توجه سلوكنا بطريقة تقودنا إلى نتيجة إيجابية. ومع ذلك، يمكن أن تصبح العواطف مدمرة إذا كانت العواطف اللاواعية تسبب ردود فعل لسنا قادرين على فهمها.

طالما أنك تفهم ماهية مشاعرك وتحوّل ما فهمته عنها إلى أفعال، يعني أنك تقوم بما يسمى بالوعي العاطفي. ويطلق على قدرة القيام بذلك مع الآخرين أيضًا باسم الذكاء العاطفي.

ما هو الذكاء العاطفي؟

الذكاء العاطفي هو القدرة على الإدراك والتحكم وتقييم المشاعر. اُقترح هذا المصطلح لأول مرة الباحثين بيتر سالوفي وجون دي ماير ووجد شعبية من خلال كتاب دان جولمان عام 1996م. يعرّف هذا الكتاب الذكاء العاطفي بأنه القدرة على التعرف على عواطفنا وفهمها وإدارتها، فضلًا عن التعرف على عواطف الآخرين وفهمها والتأثير عليها.

اكتسبت دراسة الذكاء العاطفي شعبية كبيرة منذ منتصف التسعينات، خصوصًا بين المهنيين في مجال الأعمال التجارية، ومدربي العلاقات، وكثر استخدام المصطلح لتشجيع الآخرين على تحسين حياتهم. يعتقد العديد من الباحثين أن الذكاء العاطفي يمكن تحسينه مع مرور الوقت، بينما يجادل البعض الآخر بأنها صفة ولدنا بها أو بدونها.

ماذا تشمل مكونات الذكاء العاطفي؟

  • تقييم المشاعر والتعبير عنها سواء كانت مشاعرنا أو مشاعر الآخرين من حولنا: تعني التعرف على المشاعر أو التعبير عنها بشكل لفظي أو غير لفظي.
  • تعلم تنظيم العواطف في النفس وإدارتها: حيث يتم تحفيز كافة الأطراف نحو نتائج إيجابية.
  • استخدام العواطف بطرق تكيفية: حيث أن تعلم كيفية استخدام العواطف وتفسيرها يقود إلى تحقيق نتائج إيجابية.

ينفتح أصحاب الذكاء عاطفي على تجارب عاطفية إيجابية وسلبية، يعرفون المشاعر ويوصلونها إلى الآخر بشكل مناسب. كما يمكن للناس ذوي الذكاء العاطفي استخدام فهمهم لعواطفهم وعواطف الآخرين كدافع نحو النمو الشخصي والاجتماعي،

أما أصحاب الذكاء العاطفي المنخفض قد لا يستطيعون فهم عواطفهم والسيطرة عليها أو على عواطف الآخرين. وهذا يمكن أن يُشعر الآخرين بالسوء عندما يجدون أن أفعالهم وتعبيراتهم غير مفهومة.

من الواضح أن هناك فوائد شخصية ومهنية لتحسين ذكائك العاطفي. وفي فوربس، تناول «شايد مينغ تان-Chade-Meng Tan» فوائد تحسين الذكاء العاطفي، كما أشار إلى أن الذكاء العاطفي المرتفع يرتبط بأداء أفضل في العمل، ويجعل الناس قادة أفضل، ويهيئ الظروف للسعادة الشخصية. وقال: “هناك أيضاً فوائد شخصية مقنعة، وتظهر أبسط هذه الفوائد في ثلاث صفات بالشخصية وهي الهدوء ووضوح العقل، والمرونة، كما ستكون العلاقات عند الأشخاص الذين يملكون ذكاء عاطفي أكثر إرضاءً”.

يلعب الذكاء العاطفي دورًا في النجاح الشامل يشبه إلى حدٍ كبير الذكاء التقليدي. في الواقع، يجادل بعض الباحثين على أنها تلعب دورًا أكبر. قدم عالم النفس دانيال جولمان في كتابه “الذكاء العاطفي: ما الذي قد يهم أكثر من معدل الذكاء”  فكرة أن معدل الذكاء العاطفي أشبه بكثير بمعدل الذكاء التقليدي، فإن معدل الذكاء هو مقياس لإثبات الذكاء العاطفي عند الأفراد. ويجادل غولمان بأن معدل الذكاء العاطفي يساوي ضعف معدل الذكاء والمهارات التقنية مجتمعة عندما يتعلق الأمر بالنجاح.

وسواء كان ذلك صحيحا أم لا فهو أمر قابل للنقاش بالتأكيد، ولكن الذكاء العاطفي قد خدم البشر بشكل جيد طوال تطورنا وتاريخنا. كما أنه لعب دورًا قبل فترة طويلة من تحديده رسميًا.

ما هو مستقبل علم النفس العاطفي؟

لقد تم بالفعل إجراء العديد من الدراسات والبحوث القوية حول المشاعر، لذلك فإن مجال علم النفس العاطفي لديه بلا شك مستقبل مثير بدءًا بالذكاء الاصطناعي إلى التحديات الجديدة انتهاءً بالنظريات الراسخة، لا يوجد تفسير لما سيكون عليه فهمنا للبشر واستجاباتهم العاطفية في المستقبل.[1]

ولنختم بإنفوجراف مُبسط عن نظريات المشاعر وفوائدها.

ما هي المشاعر وكيف نشعر بها؟


المصادر:
UWA

هل تمتلك الحيوانات مشاعر الانتقام؟

ضجت الأخبار في الآونة الأخيرة بقصة القرود في الهند التي قتلت 250 كلبًا انتقامًا لقرد رضيع قتلته الكلاب في الهند. حيث قامت عشرات القرود بمهاجمة الكلاب بشكل وحشي واختطفتهم من الشوارع وألقتهم من أماكم مرتفعة!

نشرت وسائل الإعلام صورة لأحد القرود وهو يمسك جروًا صغير ويصعد به إلى مكان مرتفع ويقذفه إلى أسفل. وحينما حاول الأطفال والأهالي حماية الكلاب وجهت القردة غضبها نحو السكان؛ وأُصيب بعضهم بجروح حينما هاجمت القرود طفلًا في الثامنة من عمره وجرّته بعيدًا، إلا أن الأهالي تمكنوا من إنقاذه قبل أن تقتله القردة الغاضبة.

دفعنا هذا الحدث للتساؤل عن مشاعر الانتقام؟ وما تأثيرها على أدمغتنا؟ وهل الانتقام صفة إنسانية خاصّة، أم أنه صفة تطورية تمتلكها باقي الحيوانات أيضًا؟

تفسير الانتقام عند البشر

رغم قسوة الانتقام، إلا أن العلم قد أظهر أن الدماغ البشري يمكن أن يستمتع بأنواع معينة منه. حيث كشفت فحوصات التصوير بالرنين المغناطيسي(MRI) أن التفكير في الانتقام ينشط مركز المكافأة. إذ يزيد إنتاج الدوبامين -الناقل العصبي الذي يُشعرك بالرضا- بنفس الطريقة التي يزيد بها عندما تتناول الحلوى أو المخدرات.

في هذا السياق، علينا أن نكون دقيقين جدًا في تمييز أنواع السلوك التي تُعتبر انتقامًا. كما علينا التفكير في السلوكيات التي تولدها الآليات النفسية المصممة للوظائف البيولوجية وفق «مايكل ماكولو- Michael McCullough» أستاذ علم النفس ومدير مختبر التطور والسلوك البشري.

قد تتساءل لم علينا أن نقوم بمثل هذا التمييز بين السلوكيات؟ حسنًا، هناك سلوكيات يمكن أن تبدو كأنها انتقام، ولكنها ليست كذلك. لنأخذ على سبيل المثال شعورك بنشوة الانتقام عند موت قاتل أبيك، هل كان راحة؟ أم إحساسًا بالعدالة؟ أم متعةً بسيطة للانتقام؟

ستسمع الناس يقولون أشياء تبدو صحيحة: إنها تصحيح خطأ ما، أو خدمة العدالة، لكن كل هذا حقًا غير كافٍ ليُسمى انتقامًا. فالانتقام لا يتمحور حول رغبة الإنسان بتحقيق العدالة.

لتعريف الأمثل للانتقام هو رغبتك بجعل مكاسب الأشخاص الذين قاموا بإيذائك أقل، كأن تصل إلى أعمق نقطة منهم وتُغير شعورهم الجيد الذي حققوه عند إيذائك.

أحد أهداف الانتقام هو تغيير حوافز عدونا لمواصلة الكفاح العنيف ضدنا. ترتفع رغبتك بالانتقام عندما يشاهد أشخاص آخرين تعرضك للإهانة، لأنك في تلك الحالة تفكر أنك إذا لم تنتقم ستُصبح لقمة سائغة في فم الجميع.[1[

هل يجب أن يكون الفعل قويًا ليُعتبر انتقامًا؟

ليس من الضروري حقًا أن يكون الفعل قويًا، مثلًا عندما تقود سيارتك ويصادفك سائق يتصرف معك بأسلوب متبجّح، قد تختار الصراخ أو الشتم. سبابك لن يدفع  السائق الآخر للخوف منك أو تحاشيك ولكنه نوعًا ما سيجعلك تشعر أن ذلك السائق لم يستطع إيذائك دون أن ينال عقابه.

قد يبدو السلوك غير فعال في العالم الحديث، ولكنه كان ليكون فعالًا جدًا في الوقت الذي ضُبطت فيه عقولنا حيث كان عدد الناس والمجموعات أقل مما هو عليه الآن.

ما هي آثار مشاعر الانتقام على الدماغ؟

نحن لا نشعر بالانتقام من أي شخص، ولكن نشعر بالرغبة في الانتقام حصرًا عندما يأتي الأذى من شخصٍ نهتم به ونعرفه جيدًا. لذا كغريب يشاهد الأحداث لن تشعر بشيء. فعندما يتعرض شخص ما للإهانة أو سوء المعاملة، لا ينشط نظام المكافأة في الدماغ فحسب، بل تنشط قشرة الفص الجبهي الأمامية للدماغ أيضًا.

تنشط هذه المنطقة عندما تخطط لتحقيق هدفٍ ما. لنقل أن هناك شيء تريد العمل عليه، مثل التدريب للماراثون القادم. حين نخطط لهذه الأنواع من الأهداف، نرى نشاطًا مختلفًا في القشرة الأمامية اليسرى. يهدف هذا النشاط إلى التخطيط لكيفية وصولنا إلى ما نريده. يبدو الانتقام في دماغنا كرغبة في الحصول على شيء نريده بشدة. [1[

هل نتشارك مشاعر الانتقام مع غيرنا من الكائنات الحية وفقًا لمسارنا التطوري؟

أحد المفاهيم التي اعتقد بعض الباحثين أنها فريدة من نوعها عند البشر هي فكرة الإنصاف، أي أن الجميع يجب أن يحصلوا على نفس المزايا والعيوب. وللتحقق مما إذا كانت الشمبانزي تؤمن بالإنصاف، درس الباحثون كيفية استجابتها لما قد يعتبره البشر حالات غير عادلة.

قام العلماء بوضع الشمبانزي واحدًا تلو الآخر في أقفاص، حيث يمكنها الحصول على الطعام من طاولة منزلقة خارج القفص. وكان لكل شمبانزي حبل يمكنه أن يرمي الطعام على الأرض عند سحبه. لم يقم أيًا من الشمبانزي بسحب الطاولة عندما كانوا يأكلون، ولكن عندما سرق أحد الشمبانزي الطعام من الآخر من خلال شدّ الحبل قام الأول بعدها بسحب الحبل 50% من المرات. تعتبر هذه التجربة دليلًا على أنهم يغضبون عندما يتم إيذائهم ويقومون بالانتقام حقًا.

هل يختلط انتقام القرود بالحقد؟

حسب التجربة السابقة نفسها، عندما وضع الباحثون الطعام أمام الشمبانزي ومنعوهم من الأكل، لم يسحبوا الحبل أو يرموا الطعام لمجرد رؤية القردة الأخرى تأكل منه. وهذا يشير إلى أن الشمبانزي ليس حاقدًا، فهم لم يعاقبوا باقي القردة لحصولهم على ما لا يمكنهم هم أنفسهم الحصول عليه. [2]

ما هي آلية انتقام القرود من بعضها؟

لا تعبث مع قرد، لأنك إذا فعلت ذلك، قد ينتقم من عائلتك وأصدقائك! ففي دراسة أُجريت على قرود المكاك اليابانية، ظهر أنها تجمع المعلومات عن شركاء بعضها البعض لتستفيد منها عندما يحين وقت الانتقام. اهتم الباحثون بمسألة كيفية حصول المكاك على مثل هذه الدراية الاجتماعية والاستفادة منها، لذا قرر الباحثون التركيز على نوبات العدوان.

اطلعت المجموعة البحثية على أكثر من 500 ساعة من تسجيلات الفيديو التي تظهر التبادلات التي جرت في مجموعة من 57 قرد مكاك يعيشون في حديقة حيوانات روما. ثم قاموا بتحليل حوالي 15,000 حلقة من العدوان التي خاضها القرود، منتبهين إلى العلاقات بين الأفراد المعنيين.

أولًا، أكد الباحثون أن القرود التي تجد نفسها في الطرف المعتدَى عليه تميل إلى الالتفاف ورد العدوان على طرف ثالث. وغالبًا ما يوجه هذا الانتقام إلى أحد أقارب المعتدي الأصلي. ولكن كيف تحدد القرود من هم الأقرباء؟

حسنًا، قد تعتقد أن الإجابة تكمن في أنهم كانوا متواجدين لفترة كافية ليكبروا سويًا، ولكن لا يبدو أن هذا هو الحال. عندما نظر الباحثون في الصراعات التي تنطوي على القرود الأكبر سنًا، تبين أن الأقارب لم يتم استثنائهم من الانتقام. حيث بدا أن الضحايا سيستهدفون شركاء مهاجمهم (القرود الأخرى المرافقون له). إن لم يكونوا أقاربه، فهم على الأرجح المقربون منه.

ومن المثير للاهتمام، أن هناك فائدة لضرب أفراد الأسرة في سبيل تحقيق العدالة. كانت قرود المكاك التي بحثت عن أقارب القرود التي أرادت تسوية الحساب معهم أقل عرضة للإيذاء مرة أخرى في المستقبل. في حين بدا أن النحيب على الأصدقاء لم يقدم سوى ارتياح فوري، ولكن لن يضمن الحماية في المستقبل. [3]

المصادر

  1. scientific american
  2. live science
  3. scientific american

ماذا سيحدث لو انقرض النحل؟

ماذا سيحدث لو انقرض النحل؟

منذ حوالي 130 مليون سنة خلال أوائل «Cretaceous period- العصر الطباشيري» يحدث شيء غير متوقع إلى حد ما، لقد أزهرت زهرة. كان هذا بلا شك غريب بالنسبة للكوكب، فلم ير أحد زهرة من قبل. كانت النباتات في كل مكان من الطحالب وأشجار الصنوبر والسراخس و «Cycads-السيكايات» [1] لماذا وكيف حدث هذا؟ الإجابة غير واضحة تمامًا.

ظهور «كاسيات البذور – Angiosperms»

يبدو ظهور النباتات المزهرة المعروفة مجتمعة باسم كاسيات البذور مختلفًا تمامًا عن أي نباتات أخرى في ذلك الوقت وبدون أسلاف تطورية واضحة وقد أسماها داروين عام 1879 “اللغز البغيض” [2]، حيث غزت النباتات المزهرة في 100 مليون سنة كل موطن على سطح الأرض تقريبًا، اليوم تمثل 9 من كل عشر أنواع نبات على هذا الكوكب، لقد أعادوا تعريف المناظر الطبيعية وشكلوا الأسس لنظم بيئية جديدة.

ولكن هل تسطيع كاسيات البذور فعل كل هذا بمفردها؟

تبادل المنفعة بين النبات والنحل

تحتاج النباتات إلى المساعدة على التكاثر، وبالطبع أكبر المساهمين في زيادة نشاط النبات هو النحل.

تعود أعشاش النحل المتحجرة، أو المخلوقات الشبيهة بالدبابير الموجودة في «غابات أريزونا المتحجرة – petrified forest of Arizona» إلى حوالي 220 مليون سنة قبل ظهور الزهور بالشكل الذي نعرفه اليوم. يعتقد العلماء أنه في ذلك الوقت لم يكن هناك الكثير من التعاون بين النحل فبدأت الزهور بالتطور. اقترحت دراسة أن النباتات الزيتية من فصيلة كاسيات البذور تطورت حوالي 28 مرة لتصبح أكثر جاذبية للحشرات الطائرة وخاصة النحل. وهي عملية يُعتقد أنها مسؤولة جزئيًا عن التنويع السريع والانتشار في الكوكب.

استجابة لذلك تطور شكل النحل وبنيته وسلوكه لتحسين وصوله إلى حبوب الطلع والرحيق.[3]

أهمية النحل للحياة على كوكب الأرض

يصنف العلماء النحل كنوع ضروري لبقاء الحياة على الأرض، فهو مهم للنظام البيئي وقد ينهار من دونه. تعتمد 90% من المحاصيل المزروعة تجارياً على تلقيح النحل والحشرات الأخرى. تقدر إحدى الدراسات الدولية أيضاً أن الإنتاج الغذائي العالمي السنوي الذي يعتمد على الملقحات يبلغ نصف تريليون دولار. بدون النحل، لن يكون هناك لوزٌ، كما سيختفي التفاح، والتوت الأزرق، والكرز، والأفوكادو، والخيار، والبصل، والعنب، والبرتقال، والقرع.

لن ينهار نظامنا الغذائي بدون النحل، ولكن سيعاني الكثيرون من الجوع. سنظل قادرين على زراعة المواد الغذائية الأساسية مثل الحبوب التي يتم تلقيحها بواسطة الرياح. رغم ذلك، لن تتوفر الفواكه والخضار، أو لن نستطيع تحمل تكلفتها، ومن المحتمل أنك لن تستطيع شرب القهوة أيضًا.

«اضطراب انهيار المستعمرات – colony collapse disorder_ CCD»

1- في الولايات المتحدة الأمريكية

في منتصف نوفمبر عام 2006م، قام مربي النحل الأمريكي ديف هاكنبرغ «Dave hackenberg» باكتشاف من شأنه أن يهز عالم تربية النحل. في فحص روتيني ل2400 خلية، وجد 400 خلية منها مهجورة تمامًا، لم يمت النحل، ولكنه رحل وترك خليته.

بحلول فبراير 2007 أبلغت العديد من عمليات تربية النحل الكبيرة في الولايات المتحدة عن حالات مماثلة، حيث فقد البعض ما يصل إلى 90% من مستعمراتهم. حدثت حالات اختفاء مشابهة على مدار تاريخ تربية النحل، حيث يعود تاريخ أول حالة إلى عام 1869. حملت على هذه الظاهرة عدة أسماء منها: «مرض الاختفاء – disappearing disease» و«مرض مايو -May disease». رغم ذلك، ما حدث عام 2006 كان غير مسبوق في حجمه فأطلقوا عليها اسمًا جديدًا وهو «اضطراب انهيار المستعمرات – CCD».

على مدى السنوات التسعة التالية قضى اضطراب انهيار المستعمرات تقريبًا على حوالي ثلث مستعمرات النحل في الولايات المتحدة الأمريكية كل عام دون أن يتمكن أحد من معرفة السبب. تفيد التقارير أن مربي النحل فقدوا 105,240 مستعمرة نحل بسبب اضطراب انهيار المستعمرة خلال الأشهر الأولى من عام 2020. في 1 أبريل 2020، فقد النحالون 44٪ من مستعمراتهم، وهذا هو ثاني أعلى معدل للخسائر منذ بدء هذه الدراسات الاستقصائية في عام 2006.

2- في الصين

الولايات المتحدة ليست الوحيدة التي تعاني من اضطراب انهيار المستعمرات، فهناك نمط عالمي. أحد أبرز الأمثلة مقاطعة هانيوان-الصين المعروفة بعاصمة الإجاص في العالم. مع انخفاض أعداد النحل المحلية بشكل حاد، يتم التلقيح السنوي اللازم لضمان محصول كامل من الفاكهة الآن يدويًا، زهرة واحدة في كل مرة.

3- في ألمانيا

وجدت دراسة استمرت عقودًا للمحميات الطبيعية أن 75% من الحشرات الطائرة قد ماتت خلال الثلاثين عامًا الماضية. يظن بعض العلماء أن هذا كله جزء من حدث انقراض جماعي يموت فيه غالبية أنواع الكوكب، وهذا حدث خمس مرات قبل أن نكون أحياء لنعلم به، وها نحن نشهد المرة السادسة.

تتناقص أعداد الحيوانات في جميع أنحاء الكوكب بسرعة كبيرة لدرجة أن الباحثين يقولون أننا في حالة «إبادة بيولوجية – Biological annihilation».تشكل الحشرات حوالي 90% من جميع أنواع الحيوانات على هذا الكوكب، وأكثر من نصف جميع الكائنات الحية. تشير التقديرات إلى وجود ما يقارب من 1.4 مليار حشرة لكل إنسان على وجه الأرض.[4]

كيف نحد من انقراض النحل؟

الخطوة الأولى هي فهم المشكلة، وهي ليست كما اقترح البعض تحصل بسبب الهواتف المحمولة، أو الإشعاع الكهرومغناطيسي.

أسباب انقراض النحل

حدد العلماء عددًا من الأشياء التي يمكن أن تؤثر على مجموع الملقحات من الحشرات، ربما يكون المرشح الأكثر وضوحًا هو تغير المناخ، الذي يؤثر على جميع النظم البيئية. رغم ذلك، لا يوجد حتى الآن الكثير من الأدلة التي تربط بشكل مباشر بين تغير المناخ وموت النحل الحشرات.

1- تدمير مواطن هذه الحشرات

حيث يميل البشر إلى الاستيلاء على البيئات الطبيعية لبناء مرافقهم. مواقف السيارات، ومراكز التسوق تترك مساحة أقل للأنواع الأخرى للعيش والنمو.

2- الزراعة

ترتبط الزراعة الحديثة ارتباطًا وثيقًا بهذا الأمر، حيث أن هناك مساحات متزايدة من الأراضي، غالبًا ما تكون غابات، يتم تطهيرها وإعادة استخدامها لزراعة المحاصيل الغذائية.

3- المبيدات الحشرية

تعتمد الزراعة التجارية بشكل كبير على استخدام المبيدات الحشرية، من المنطقي أن النحل، كونه من الحشرات، لا يتفاعل بشكل جيد مع هذه المواد. تنتشر فئة جديدة نسبيًا من المبيدات الحشرية وهي «مبيدات النيونيكوتين – neonicotinoids» على نطاق واسع في الزراعة اليوم. قد تكون هذه الفئة قاتلة للنحل، حيث تبين أن هذه المواد الكيميائية لها تأثير إدمان غير مقصود يشبه النيكوتين على النحل يجعلها تعود مرارًا للحصول عليه. من الممكن أن تجعل هذه المواد النحل يواجه مشاكل مع الطيران والتنقل.

تشمل الأعراض أيضاً انخفاض حاسة التذوق، وبطئ تعلم المهام الجديدة، وكلها تؤثر على القدرة على إيجاد الطعام وإنتاجية الخلية. [5] لمبيدات الحشرات الأخرى تأثيرات أقل فتكًا، لكنها تعمل على إضعاف جهاز المناعة لدى النحل، مما يجعله عرضة للإصابة بالأمراض والطفيليات وهو ما قد يؤدي إلى انقراض النحل في النهاية.

4- سوء التغذية

ومن الأسباب الأخرى التي تؤدي لموت النحل الانخفاض الكبير في جودة تغذية النحل، حيث تميل أساليب الزراعة الحديثة إلى تفضيل «الزراعة الأحادية-Monoculture». هذه الممارسة هي زراعة مساحات شاسعة من الأرض بنوع واحد من النباتات. في أسوأ الحالات، قد تكون هناك آلاف الهكتارات من الأراضي المزروعة بمحاصيل تجارية لا يتم تلقيحها بواسطة الحشرات كفول الصويا أو الذرة.

كما أن الزراعة الأحادية للمحاصيل المزهرة ليست أفضل بكثير، لأن غذاء النحل يصبح أحادي البعد، ويفتقر إلى التنوع الغذائي الكافي، نتيجة لذلك، تصبح أجهزة المناعة لدى النحل ضعيفة. ضعف الجهاز المناعي قد يؤدي إلى انقراض النحل بمجرد تعرضه لأي مرض أو طفيليات.

5- الطفيليات

مع كل هذه المشاكل ظهر العدو الأقوى للنحل، وهو «عث الفاروا المدمر – Varroa Destructor Mite». يبلغ طول هذا المخلوق 1.2 ملم فقط، لكنه قادر على إحداث أضرار جسيمة. يخترق هذا العث جسم النحل، ويحقن مزيجًا من الأنزيمات الهاضمة التي تعمل على امتصاص دهون الجسم. حقيقًة، تتجسد خطورة عث الفاروا في انتقاله إلى الخلية ويقضي على أكثر من 20% من المستعمرة، مما يؤدي إلى موت الخلية بالكامل.[6]

لذلك نحتاج إلى اتخاذ خطوة جدية للمواجهة ظاهرة انقراض النحل، والمحافظة على استمرارية الحياة على كوكب الأرض.

المصادر:

[1] digitalcommons
[2] ecoevocommunity.nature
[3]royalsocietypublishing
[4] Science
[5] springer
[6] pnas

Exit mobile version