تقنية الملح الذائب في محطات الطاقة الشمسية

هذه المقالة هي الجزء 9 من 22 في سلسلة موضوعات تأسيسية في الطاقة المتجددة

مع الدعوات والالتزامات للحكومات في العالم لاسيما داخل الاتحاد الأوروبي لتقليل الاعتماد على مصادر الطاقة القائمة على الوقود الأحفوري، بل ذهب الحديث إلى الإنتهاء منها بحلول عام 2030 لبعض الدول. دعت الحاجة المتنامية لمصادر طاقة بديلة مُتجددة أقل تلوثًا تحمي البيئة، وتتسم بالتوفير الاقتصادي لتزود العالم بمخزون كافي من الطاقة. إلا أنَّ الإشكالية لا تكمن بعملية إنتاج الطاقة وحسب، وإنما بتخزينها أيضًا، وذلك يرجع لواحدة من أهم مشكلات بدائل الوقود الأحفوري التي يواجهها العالم اليوم متمثلة بالكفاءة، والاستدامة الموسمية، إلى جانب عدم القدرة على توقع كمية الطاقة الممكن إنتاجها منها في مختلف المواسم، وبالتالي ضمان وفرتها وتخزينها بشكل دوري موسمي.

فكما نعلم الطاقة بشكلٍ عام، والكهربائية بشكلٍ خاص، العِماد الأساسي لضمان التقدم والرخاء الاقتصادي والحضاري للعالم. وذلك يتم عبر الإدارة والتحكم بتوزيع الطاقة على نطاق صناعي من جهة، وتلبية الحاجة للطاقة التي تعتبر متغيرة باختلاف المنشآت؛ والمراكز من جهة أخرى. مما يُعرف حاليًا أن طرق تخزين الطاقة الكهربائية محدودة للغاية ولا تلبي الحد المطلوب؛ لذا إتجهت الأبحاث المختصة لدراسة كيفية تخزين كميات عالية من الطاقة بصورتها البكر.
يكون بالإمكان حفظ الطاقة قرب مراكز توليدها أو نقاط الاستهلاك الأقرب لها؛ مثال لذلك تخزين الطاقة الحرارية باستخدام الملح الذائب.[١]

موجز تاريخي لتقنية الملح الذائب:

يعود أول استخدام لتقنية الملح الذائب إلى عام ١٩٥٠، عندما بدأ مختبر أوك ريدج الوطني في الولايات المتحدة (ORNL) بتطوير واختبار لمركبة مزودة بمحرك يعمل بالوقود النووي باستخدام تقنية الملح الذائب.
وبحلول عام ١٩٥٤، نقلت أورنل تركيز أبحاثها من محركات الوقود النووي إلى المفاعلات النووية، وذلك حصيلة تجارب أظهرت ثبات الأملاح الذائبة وعدم تحللها حين تعرضها للحرارة العالية الناتجة من المفاعلات النووية.
في ذلك الوقت، كانت هيئة الطاقة الذرية الأميركية (AEC) مهتمة أكثر بدراسة مفاعلات توليد الذرات القابلة للانشطار، ولهذا قامت أورنل بتطوير مفاعل توليد ذرات باستخدام الملح ذائب في الستينات. لسوء حظ أورنل المشروع كان ينافس مشروع آخر كانت هيئة الطاقة مهتمة أكثر بتطويره، مما أدى إلى تضارب بأحقية الدعم لمشروع الملح الذائب، مقررة بذلك هيئة الطاقة بدعم المشروع الآخر، موقفة العمل بمشروع مفاعل الملح الذائب. وبهذا أقفل ملف أبحاث مفاعلات الملح الذائب برفع آخر تقرير بالمشروع عام ١٩٧٦.

غير أن جهود باحثي أورنل لم يذهب سدى، فقد تم افتتاح أول محطة توليد طاقة شمسية استخدمت تقنية الملح الذائب لحفظ الطاقة عام ١٩٩٣ في كاليفورنيا. المحطة مصممة لتخزين ١٠ ميجا واط من الكهرباء خلال ساعة واحدة، استخدمت فيها مرايا عديدة لتوجيه أشعة الشمس نحو البرج المركزي. هذه الأبراج تعمل على امتصاص الأشعة الموجهة إليها لترفع من درجة حرارة الملح وتحفظ الطاقة في الملح بصورة حرارة.
بحلول عام ١٩٩٩، أُغلقت المحطة نتيجة لحاجتها لصيانة ذات تقنية عالية ومتتالية لم تكن متوفرة آنذاك.
نشرت أورنل بعدها مباشرة تقرير مختصر في عام ٢٠٠٠، وألحقته بتقرير مفصل في عام ٢٠٠٢ يوثق البحث كامل في هذا المشروع مما فتح الباب لإعطاء التقنية فرصة أكبر في السوق، لتنتشر على نطاق تجاري أوسع عالميًا. [2]


مبادئ تخزين الطاقة حراريًا في تقنية الملح الذائب:

هنالك صورتان لتخزين الطاقة حراريًا: حرارة محسوسة، أو حرارة كامنة.

الطاقة الحرارية المحسوسة تعتمد تخزين الطاقة الحرارية بطور واحد، بحيث تكون درجة حرارة المادة تتفاوت مع كمية الطاقة المخزونة. معادلة تدفق الحرارة من الحار الى البارد تحقق هذا بالصورة التالية:
Q = m C ΔT
بحيث m تعبر عن الكتلة، و C الحرارة النوعية، و ΔT الفرق في درجات الحرارة.
ينبغي الإشارة إلى أنه يشترط في هذه العملية عزل النظام لإبقاء تدرج درجات الحرارة لأجل خزن الطاقة.

إن أخذنا الماء كمثال، نستطيع القول بأنه يعتبر وسيط مثالي في درجات الحرارة المنخفضة التي تتراوح بين (°90 – 25)، وذلك بسبب الحرارة النوعية لجزيئاته المرتفعة نسبيًا(kJ/kg°C)4.2، بالإضافة لسهولة الحصول عليه.
من جهة أخرى، الحرارة الكامنة تُحفظ باستخدام مواد متغيرة الطور، والتي تستفيد من الحرارة الكامنة النوعية (L) الناتجة من تغير الحالة للمادة:
Q = m C ΔT + m L
المواد متغيرة الطور ممتازة بسبب كثافة تخزينها العالي للطاقة، الماء مثلًا لديه حرارة انصهار أكبر ب ٨٠ مرة من الحرارة المتطلبة لرفع درجة حرارة ١ كجم من الماء درجة مئوية واحدة.[3-4-5]

الأملاح الذائبة:

لدى الأملاح الذائبة خواص تجعلها مؤهلة لتكون وسيط ممتاز لحفظ الطاقة على نطاق واسع في المحطات الكبيرة، مثلًا:
درجة غليانها عالية، ومنخفضة اللزوجة، وضغط تبخرها منخفض، وسعة حرارتها الحجمية عالية؛ فكلما كانت سعة الحرارة الحجمية عالية، كانت مناسبة أكثر لتُحفظ في خزانات بأحجام أقل.

الأملاح المستخدمة في تقنية تخزين الطاقة حراريًا، مثل: نترات الصوديوم والبوتاسيوم،  لديها درجات ذوبان تتراوح بين 300-500°C، وسعة حرارية حجمية تترواح بين 1670 – 3770 kJ/m3°C، ولهذا خليط الملح المستخدم في محطات توليد الطاقة الشمسية المسمى تجاريًا ب “HITEC” يتكون من نترات البوتاسيوم 53%؛ ونترات الصوديوم 40%؛ ونتريت الصوديوم 7%، بدرجة حرارة بالحالة السائلة تتراوح بين 149 – 538°C.
يتم تسخين هذه الأملاح وحفظها في خزانات معزولة خارج أوقات الذروة، وعند الاحتياج يضخ الملح الذائب إلى مولد البخار لاستخدام الحرارة بتوليد الكهرباء.[3-5-6]

تخزين الطاقة في محطات الخلايا الشمسية:

محطات توليد الطاقة باستخدام الخلايا الشمسية ( CSP) تستخدم تقنية التخزين الحرارية و التي تتكون من عاكسات ذات قطوع مخروطية، أو مرايا تتبع للشمس، والتي بدورها تعمل على توجيه أشعة الشمس إلى البرج المستقبل المزود بأنابيب ذات نقاط بؤرية بحيث تنتقل الحرارة عبر مائع وسيط (الملح الذائب)، ومنها المائع ينتقل إلى المبادل الحراري ناقلًا الطاقة إلى الماء المستخدم لإدارة المولد الحراري ليولد الكهرباء.

إن تمعنا في البنى المستخدمة للتخزين، سنجد أن هنالك بنيتان أساسيتان مستخدمتان في منظومة تخزين الطاقة بالأملاح الذائبة، وهما:
بنية الخزانين المزدوجين: يستخدم الملح الذائب كمائع ناقل للحرارة عبر امتصاص الحرارة من المفاعل او المبادل الحراري، وكوسيط تخزين الطاقة الأساسي مستخدم الخزانين معًا الحار والبارد.
خزان آحادي: يُستخدم خزان واحد بحيث يبقي الملح الحار والبارد منفصلين باستخدام فاصل حراري. بحيث يتدفق الملح من الجانب البارد للخزان، ليتم تسخينه، ومن ثم يتدفق إلى الجانب الساخن من الخزان، ليُضخ خارجًا مخلفًا حرارة تستخدم لتوليد الكهرباء، ليعود بعدها إلى الجانب البارد من الخزان.[3-6-7-8]

[1] A. Bielecki, S. Ernst, W. Skrodzka, and I. Wojnicki, 2019. Concentrated Solar Power Plants with Molten Salt Storage:
Economic Aspects and Perspectives in the European Union., International Journal of Photoenergy.

[2] S. Ladkany, W. Culbreth, and N. Loyd, 2018. Molten Salts and Applications I: Molten Salt History, Types, Thermodynamic and Physical Properties, and
Cost., Journal of Energy and Power Engineering.

[3] M. Green, et al. “Nuclear Hybrid Energy Systems: Molten Salt Energy Storage,” INL/EXT-13-31768, November 2013.

[4] B. Reinhardt, ” Thermal Energy Storage,” Physics 240, Stanford University, Fall 2010.

[5] S. M. Hasnain, “Review on Sustainable Thermal Energy Storage Technologies, Part I: Heat Storage Materials and Techniques,” Energy Convers. Manage. 39, 1127 (1998)

[6] Z. Yang, and S. V. Garimella, “Cyclic Operation of Molten-Salt Thermal Energy storage in Thermoclines for Solar Power Plants,” Appl. Energy 103, 256 (2013).

[7] J.E. Pacheco, et al. “Development of a Molten-Salt Thermocline Thermal Storage System for Parabolic Trough Plants,” J. Solar Energy Eng. 124, 153 (2002).

[8] Y. Rajavi, “Concentrating Solar Power,” Physics 240, Stanford University, Fall 2013.

ما هي المواد الذكية؟

تخيل معي السيناريو الآتي: شاشة هاتف تعيد بناء نفسها حينما تتهشم. عقاقير تبقى حائمة بمجرى الدم كأنها جزء لا يتجزأ من مكوناته الأساسية؛ لتتخذ شكلاً دفاعيًا حين تهاجم أجسام غريبة الجسم. أجنحة طائرة حركتها شبيهة بحركة وديناميكية أجنحة العصفور.

كل السيناريوهات السابقة ليست مستحيلة ولم تعد كذلك، بل من المحتمل رؤيتها قريبًا خلال ٥ إلى ١٠ سنوات أو أقل! لكن ما الذي يجعل من كل تلك الخصائص التي تكاد تحاكي مشاهد فيلم《خيال علمي》 ممكنة في التقنية الحديثة؟

سؤال سنجيب عليه بكلمة واحدة: «المواد -Materials» أو بأكثر دقّة: «المواد الذكية-The Smart Materials».

المواد و الحضارة:

بدايةً، كانت المواد بشكلٍ عام الأساس لكل التطور الذي تشهده البشرية منذ فجر التاريخ حتى يومنا هذا. إذ يكفينا الإشارة إلى أن معظم العصور التاريخية سميت بأسماء المواد التي اكتشفت في وقتها، واستخدمت في رفد مسيرة الحضارة من كل جانب؛ كالعصر الحجري، والبرونزي، والحديدي، لنصل إلى ما يسمى بالعصر الحديث أو ما يسمى بعصر «المواد المصنعة -The Synthesis Materials» التي لعبت الدور الأهم والأصلي في تفجر عصر “الثورة الصناعية الكبرى”.

مما أدت تواليًا للتكنولوجيا المعاصرة أو ما يلقب بامتياز عصر “المواد الذكية”. نشهد اليوم زخمًا وتسارعًا منقطع النظير في التقنية والفنيات الحديثة لا يمكن أن يُحقق إلا بوجود مواد معينة سمحت ببزوغ تلك القدرات الخارقة التي تدفع تكنولوجياتنا نحو الأمام.[1]

تاريخ المواد الذكية:

المواد الذكية هي عبارة عن مواد معدّلة لديها القدرة على تغيير خصائصها تبعًا لتأثير معين تخضع له. المؤثر الخارجي الذي يسلط عليها قد يكون تيارً كهربائيًا، أو مجالاً مغناطيسيًا، أو حرارة، أو إشعاعًا نوويًا.
إنّ عدنا بالوقت لنعرف متى اكتُشفت هذه المواد الذكية فسنرى بأن اكتشافها أتى بوقتٍ قريب إلى حد ما. إذ يعود هذا التاريخ تحديدًا إلى القرن ١٩ على يد الإخوة “كوري”، اللذان اكتشفا أن عدة مواد كالكوارتز، تنتج طاقة كهربائية عند تعرضها لضغط ميكانيكي. وبالمثل بعد عدة سنوات تم اكتشاف بأن هذه المواد تحمل خصائص إزدواجية، بحيث يجعلها التعرض للتيار الكهربائي تتشكل بطريقة معينة. إلا أنَّ التاريخ يخبرنا أن الحضارات القديمة استخدمت هذه المواد ربما دون دراية كبيرة بما تحمله من خصائص وإمكانيات. من المحتمل أن يكون الأمر على سبيل المصادفة. [1-2]

تصنيفات المواد الذكية:

التقسيمات المتعارفة على المواد الذكية والتي توجد لدينا في الوقت الحالي هي كالآتي:

  • «المواد الكهروضغطية – The Piezoelectric Materials»: هي عبارة عن مواد معدلة لتعطي استجابة ميكانيكة عند تسليط تيار كهربائي عليها أو حرارة، وعكسيًا يمكنها أن تولّد تياراً كهربائيًا عند تعرضها لأي إجهاد أو انفعال ميكانيكي. خصائصها الإزدواجية تجعلها مرشح جيد لاستخدامها كحساسات «Sensors» ومشغلات ميكانيكية «Actuators». أبرز هذه المواد الكوارتز، و ملح روشيل، و فوسفات الألومنيوم.
  • «مواد ذاكرة الشكل – Shape Memory Materials»: هي عبارة عن مواد معدلة تغير من شكلها حين يسلط عليها مؤثر خارجي، لتعود إلى حالتها الأصلية عند تسليط حرارة عليها. أبرز هذه المواد هي سبائك ذاكرة الشكل، وبوليمرات ذاكرة الشكل.
  • «المواد الكهرولونية – Electrochromic Materials»: وهي مواد يتغير لونها حين تعرضها لشحنة كهربائية. هذه المواد تدخل بشكل كبير في صناعة البصريات مثل أكاسيد الفلزات الانتقالية، أبرزها أكسيد الفانديوم الخماسي.
  • «المواد ذات الحساسية الضوئية – Photochromic Materials»: وهي عبارة عن مواد لديها حساسية عالية للضوء تخضعها لتغيير حالتها حين تعرضها له. ومن أبرزها مواد الألياف الضوئية، وهناك أنواع تمتص الضوء لتعيد توجيهه بتركيز أعلى.
  • «المواد الكهرومغناطيسية – Electromagnetic Materials»: وهي عبارة عن مواد معدلة صناعيًا لتستجيب جزيئاتها بشكل مختلف حين تعرضها للمجال المغناطيسي. تستخدم هذه المواد في المجالات الإنشائية، والحربية خصوصًا في عملية التدريع كالفولاذ الكربوني.[4-1]

مجالات استخدامها الحالية:

يتراوح استخدام المواد الذكية بين عدة مجالات كالهندسة الإنشائية والمدنية، و الفضاء، و التقنيات الحربية إلى الطب، مرورًا بصناعة الطائرات والمركبات الجوية.

مستقبل المواد الذكية:

إن نظرنا إلى جسم الطائرة التي نستخدمها في الوقت الحالي وإلى مجسم ليوناردو دافنشي للجسم الأمثل للطيران _بغض النظر عن رأي مصممي المركبات الجوية_ سنلاحظ الاختلاف الواسع ما بين النموذجين، بحيث ما يجعل من نموذج دافنشي صعب تحقيقه هي المواد. يمكنك أن تتخيل الآن كم الاختلاف الذي يمكن أن تحدثه المواد الذكية في المستقبل في عالم المركبات وغيرها الكثير من التطبيقات المختلفة في شتى المجالات.

بالرغم من تعدد المجالات التي تستخدم المواد الحديثة حاليًا، إلا أن استخدامنا لها يظل محدودًا للغاية مقارنة بالخصائص التي يمكن أن تمدنا بها، والأسباب تعود إلى تكلفة تصنيعها العالية، والقفزة في مجال النانوتكنولوجي الذي سيسهل من صناعتها؛ حيث لا يزال قيد دراسات واسعة لتطبيق نظرياته على مستوى تجاري واقتصادي كبير. إلا أن الأمر ليس بعيد المدى ربما سيأخذ أقل من ١٠ سنوات لتصبح المواد الذكية قيد الاستخدام غير المحدود سواء بالكميات أو الخصائص وحينها سنشهد قفزة أكبر لم نشهدها من قبل في المحفل التقني.[4]

فكما قلنا بدايةً الحضارة هي المواد والطاقة، والمواد والطاقة هما الحضارة. متى ما تجاوزنا محدوديتهما سيتحقق الكثير مما ظنناه خيالًا، أو ربما ما سنصل إليه هو أبعد من الخيال نفسه.

المصادر:
[1] Smart Structures Theory
[2] minervaconservation
[3]Introduction, Classification and Applications of Smart Materials
[4] Scope of Smart Materials in Future

كرة دايسون، مصدر طاقة لا تنتهي

يرتب «مقياس كارداشيف-Kardashev scale» الحضارات الفضائية الافتراضية إلى ثلاث أنواع رئيسية بناء على مقدار الطاقة التي يستخدمها كل منهم، على النحو التالي:
• النوع الأول، يستطيع هذا النوع السيطرة على كافة أشكال الطاقة المتاحة على كوكبه.


• النوع الثاني، يستطيع هذا النوع السيطرة على كل الطاقة القادمة من النجم الذي يدور حوله كوكبه.

• النوع الثالث، يستطيع هذا النوع السيطرة على كل الطاقة التي تحتويها مجرته.

ونحن كبشر لم نبلغ النوع الأول، ولكن كيف لنا أن نسيطر في يوم من الأيام على طاقة الشمس الكاملة؟
الحل في بناء كرة دايسون

ما هي كرة دايسون؟

كرة دايسون هي بناء تخيلي يُبنى في الفضاء، حيث يكون عبارة عن كرة تحيط بالنجم لاستخراج طاقة ذلك النجم الضوئية، تماما مثلما نفعل مع الخلايا الشمسية، ولكن بالطبع على مقياس أكبر.

تم تقديم نموذج كرة دايسون عام 1960 على يد الفيزيائي «فريمان دايسون-Freeman Dyson»، حيث افترض وجود حضارة فضائية تسعى لإيجاد طاقة تناسب معدلات استهلاكها المتزايدة، وكان الحل الذي اقترحه هو بناء كرة حول النجم الذي يدور حوله كوكبهم.

لماذا نحتاج إلى كرة دايسون؟

نحن في حاجة دائمة إلى الطاقة، فعدد البشر يتزايد بشكل مستمر، كما أن مخزون كوكبنا من الوقود الأحفوري على وشك الانتهاء، لذا فنحن نحتاج إلى مصدر طاقة نظيفة عظيمة.

ولك أن تفكر فيما يمكننا تحقيقه إذا وضعنا يدنا على هذه الكمية الكبيرة من الطاقة، فهذه الطاقة كافية لتنقلنا إلى حضارة من النوع الثاني، حيث سنمتلك وقتها الطاقة الكافية لتحويل المريخ، والسفر إلى النجوم الاخرى، وغيرها الكثير من الأمور التي نحلم بها.

كيف نقوم ببناء كرة دايسون؟

علينا أولًا أن نرى مدى صلاحية نموذجنا عنها، فهناك العديد من المشاكل في نموذج الكرة، حيث أنه سيكون مغلقًا ومتماسكًا، وهو ما يصعب بناءه ليحيط بنجم، بالإضافة إلى إمكانية تأثير جاذبية النجم عليه مما قد يؤدي إلى انهياره باتجاه النجم وهو ما سيسبب كافة أنواع المشاكل غير المرغوبة، بالإضافة إلى كمية الكويكبات الكبيرة التي تدور حول الشمس، حيث سيكون اصطدام كويكب بالكرة كافيًا لتفكيكها وانهيارها.

النموذج الغير مناسب


نحتاج إلى شيء أخف، ربما ليس كرة، ولكن سرب، نحتاج إلى سرب دايسون، وهو عبارة عن سرب كبير من الخلايا الشمسية التي تدور حول الشمس لاستخراج طاقتها الكبيرة، وتوجيه هذه الطاقة نحو نقطة مركزية لإعادة توجيهها نحو الأرض لاستخدامها في كافة أنواع الاستخدامات المختلفة.

النموذج المناسب


لنقوم بعملية البناء نحتاج إلى كميات كبيرة من الموارد والطاقة، وهو ما لا نجده على كوكبنا، لذا فالحل سيكون في اختيار أحد كواكب المجموعة الشمسية لتفكيكه واستخدام موارده لبناء كرة دايسون، ويبدو عطارد كاختيار مثالي، حيث أنه يحتوي على الكثير من المعادن، بالإضافة إلى قربه من الشمس وامتلاكه لجاذبية ضعيفة مقارنة بالأرض، مما سيتيح إطلاق الخلايا الشمسية إلى مدار الشمس بسهولة.

ولكننا نحتاج طاقة كبيرة كذلك لتفكيك كوكب عطارد، وهو ما سيجعل من بنائها مهمة صعبة، حيث أنها قد تتطلب عقودًا لإتمام عملية البناء التي ستتم على النحو التالي:

نقوم بوضع خلايا شمسية على سطح كوكب عطارد، وهو ما سيوفر الطاقة للبدء في عملية التعدين وإعادة تشكيل المعادن لصناعة الخلايا الشمسية الخاصة بكرة دايسون، ثم نقوم بإطلاق عدد صغير من الخلايا الشمسية التي صنعناها نحو مدار الشمس، ونستخدم الطاقة التي ستحصل عليها هذه الخلايا لصنع المزيد من الخلايا، حيث ستوفر خلية شمسية تدور حول الشمس الطاقة اللازمة لبناء واحدة مثلها، وستوفر اثنتان ما يكفي لبناء اثنتين مثلهم، وستوفر أربعة الطاقة اللازمة لصنع أربعة مثلهم، وهو ما يعرف ب«النمو الأسي-Exponential growth»، وعلى هذا النحو قد ننتهي من بناء كرة دايسون بعد 10 أعوام من البدء.

قد يبدو حلم كرة دايسون بعيد المنال في الوقت الحالي، لكنه لن يكون بذلك البعد على أحفادنا، فأجدادنا لم يكونوا قادرين على الحصول على المعلومات التي نستطيع الحصول عليها الآن بنقرة زر، وهي فكرة تدعو للتأمل.

المصادر

space
earthsky
nerdist

ما هو الوخز بالإبر وما هي آلية عمله؟

يستخدم أكثر من 3 ملايين أمريكي علاج الوخز بالإبر، ولكنه يُعتبر أكثر شيوعًا في البلدان الأخرى، في فرنسا، على سبيل المثال، جرب واحد من كل خمسة أشخاص علاج الوخز بالإبر، في هذا المقال سنتعرف على هذا العلاج وآلية عمله وهل صحيح أن الوخز بالإبر بمثابة دواء لكل داء!

«الوخز بالإبر-Acupuncture»:

هو ممارسة علاجية قديمة للطب الصيني التقليدي حيث يتم إدخال إبر رفيعة جدًا عبر جلد المريض في نقاط محددة من الجسم، إلى أعماق مختلفة، تشير الأبحاث إلى أنه يمكن أن يساعد في تخفيف الألم، ويستخدم لمجموعة واسعة من الشكاوى الأخرى.

كيف يعمل الوخز بالإبر؟

علميًا لا تزال آلية عمل هذا العلاج غير واضحة، حيث يدّعي البعض أنه يعمل من خلال موازنة الطاقة الحيوية، بينما يعتقد البعض الآخر أن لها تأثيرًا عصبيًا.

يشرح الطب الصيني التقليدي أن الصحة هي نتيجة توازن متناغم بين الأطراف التكميلية المتطرفة لـ “yin” و “yang” لقوة الحياة المعروفة باسم Qi وتُنطق «تشي-chi»، يُقال إن المرض نتيجة لاختلال توازن هذه القوى، وإن إن Qi تتدفق عبر خطوط الطول، أو المسارات، في جسم الإنسان.

يمكن الوصول إلى تدفقات الطاقة هذه من خلال 350 نقطة وخز بالإبر في الجسم، وإذا تم إدخال الإبر في هذه النقاط مع التوليفات المناسبة يعيد تدفق الطاقة إلى التوازن الصحيح. لا يوجد دليل علمي على وجود خطوط الطول أو نقاط الوخز بالإبر، ومن الصعب إثبات وجودها أو عدم وجودها، لكن العديد من الدراسات تشير إلى أن الوخز بالإبر يعمل في بعض الحالات.

نقاط الوخز بالإبر

استخدم بعض الخبراء علم الأعصاب لشرح الوخز بالإبر، حيث يُنظر إلى نقاط الوخز بالإبر على أنها أماكن يتم فيها تحفيز الأعصاب والعضلات والنسيج الضام، مما يزيد التحفيز من تدفق الدم، وفي نفس الوقت يحفز نشاط مسكنات الألم الطبيعية في الجسم (الأندروفين).

دراسات حول فعالية الوخز بالإبر في علاج بعض الأمراض:

آلام أسفل الظهر:

وجدت إحدى الدراسات الكبيرة أن الوخز بالإبر يعمل بشكل أفضل من العلاجات التقليدية لآلام الظهر التي استمرت لأكثر من ثلاثة أشهر.

الصداع النصفي وصداع التوتر:

وُجدت دراستان كبيرتان أن الأشخاص الذين يتلقون الوخز بالإبر يعانون من “صداع التوتر” أيام أقل من أولئك الذين يتلقون الرعاية التقليدية.

«الألم العضلي الليفي-Fibromyalgia»:

الدراسات التي تختبر مدى فعالية الوخز بالإبر ضد آلام الألم العضلي الليفي كانت لها نتائج مختلطة، حيث أظهر البعض أنه يوفر تخفيفًا مؤقتًا للألم، ولكن البعض الآخر لم يفعل ذلك.

آلام التهاب المفاصل:

يمكن أن يكون الوخز بالإبر إضافة مفيدة للعلاج التقليدي لهشاشة العظام، كما يقول المعهد الوطني لالتهاب المفاصل وأمراض الجهاز العضلي الهيكلي، وقد أظهرت بعض الأبحاث المبكرة أن الوخز بالإبر خفف من آلام التهاب المفاصل في الركبة.

«متلازمة النفق الرسغي-Carpal Tunnel Syndrome»:

تم اختبار الوخز بالإبر ومقارنته بحبوب الستيرويد، أفاد المرضى ممن عُولج بالوخز بالإبر، بارتياح أكبر من المجموعة التي تتناول الدواء.

ألم الأسنان:

تظهر بعض الدراسات أن الوخز بالإبر يوفر الراحة من آلام قلع الأسنان أو جراحة الأسنان.

آلام أخرى:

لقد جرب الناس الوخز بالإبر لألم الرقبة وآلام العضلات ومرفق التنس وتشنجات الدورة الشهرية، على أمل تجنب الأدوية وآثارها الجانبية.

الوخز بالإبر والعناية بالسرطان:

يمكن أن يقلل الوخز بالإبر من أعراض الغثيان والقيء، حتى بعد العلاج بأدوية السرطان أو الجراحة، وهنا تنبع أهميته إذ يُستخدم أحيانًا لمساعدة الأشخاص على التكيف مع أعراض السرطان أو العلاج الكيميائي، ويمكن أن يساعد أيضًا في إدارة الهبات الساخنة المرتبطة بسرطان الثدي.

الوخز بالإبر والخصوبة:

المشاهير مثل المطربين سيلين ديون وماريا كاري ينسبون الفضل إلى الوخز بالإبر – المستخدم مع علاجات العقم – لمساعدتهم على الحمل، تدعم مراجعة الدراسات الطبية هذا الرأي، مما يشير إلى أن الوخز بالإبر قد يعزز فعالية علاجات الخصوبة، من خلال تقليل التوتر وزيادة تدفق الدم إلى المبايض.

الوخز بالإبر للإقلاع عن التدخين؟

تم استخدام الوخز بالإبر في مجموعة متنوعة من الحالات الأخرى، بما في ذلك الإقلاع عن التدخين والأرق والتعب والاكتئاب والحساسية.

الأدلة مختلطة لبعض استخدامات الوخز بالإبر، حيث وجدت الدراسات أن إبر الوخز بالإبر الموضوعة في الأذن الخارجية لمساعدة الأشخاص على الإقلاع عن التدخين لا تعمل.

مخاطر الوخز بالإبر:

على الرغم من أن الوخز بالإبر آمن بشكل عام وأن المشاكل الخطيرة نادرة، إلا أن هناك بعض المخاطر، مثلًا، قد تسبب الإبر غير المعقمة العدوى، وفي مناطق معينة يمكن للإبر التي يتم إدخالها بعمق شديد أن تثقب الرئتين أو المرارة أو تسبب مشاكل في الأوعية الدموية، هذا هو السبب في أنه من المهم الاستعانة بشخص استوفى معايير التعليم والتدريب في الوخز بالإبر.

تأثير الدواء الوهمي؟

يقول المشككون إن الوخز بالإبر يعمل فقط لأن الناس يعتقدون أنه سيفعل، وهو تأثير يسمى «تأثير الدواء الوهمي-placebo effect»، كما ويؤكد العلماء أنه ما يزال هناك الحاجة للمزيد من الدراسات والأبحاث العلمية حول فعالية هذه الممارسة العلاجية.

الوعد الذي يحمله الوخز بالإبر!

قد يوفر الوخز بالإبر تخفيفًا إضافيًا للألم عند استخدامه مع مسكنات الألم أو علاج آخر، مثل التدليك، وقد يقلل من الحاجة إلى الأدوية ويحسن نوعية حياة بعض الأشخاص الذين يعانون من الآلام المزمنة.
في الولايات المتحدة، دعت مراجعة أجرتها المعاهد الوطنية للصحة إلى إجراء بحث قوي للتحقق من الوعد الذي يحمله الوخز بالإبر للعديد من الحالات المختلفة.

اقرأ المزيد حول: داء مينيير وما هي أهم أسبابه؟

المصادر:

أساسيات الطاقة المتجددة: نبذة تاريخية عن الطاقة والديناميكا الحرارية

هذه المقالة هي الجزء 3 من 22 في سلسلة موضوعات تأسيسية في الطاقة المتجددة

 أساسيات الطاقة المتجددة: نبذة تاريخية عن الطاقة والديناميكا الحرارية . إذا ألقينا نظرةً على الجدول الزمني لاستخدام الطاقة سنلاحظ أنه في البداية استخدم البشر الكتلة الحيوية لطهي الطعام وللحفاظ على دفئهم وهذا يعني عمليًا أن الشمس كانت هي المصدر الرئيسي لتوفير جميع احتياجاتنا من الطاقة تقريبًا. في تلك الفترة كان لدينا أيضًا حيوانات وأشخاص يقومون بأعمال، ولكن كل طاقتنا تقريبًا لا تزال تأتي من الشمس في شكل كتلة حيوية. أدى ارتفاع عدد السكان وازدهار الصناعة إلى نقص كبير في الطاقة في القرن السابع عشر بسبب إزالة الغابات وكانت أوروبا هي الأكثر تضررًا.

أدى اكتشاف قوانين الديناميكا الحرارية في العام 1850 إلى بزوغ عصر المحركات البخارية وطُورت العديد من التقنيات التي تستخدم البخار وبالرغم من أن كفاءتها منخفضة مقارنةً بما لدينا من التقنيات حاليًا إلا أنها كانت تؤدي العديد من العمليات بسهولة؛ إذ يمكن لمحرك واحد القيام بعمل العديد من الأشخاص والخيول دون الحاجة إلى أي فترات راحة وغيّرت طريقة استخدام الطاقة مما سمح لنا بالتقدم بسرعة أكبر بكثير من ذي قبل. وفي عام 1860 اتجه استطاع العلماء استخدام طاقة الزيوت لتشغيل المحركات وحتى هذه الفترة كان الجو الميكانيكي هو السائد والمسيطر على تشغيل المحركات واستخدام الطاقة وفي عام 1879 ابُتكر المصباح الكهربائي وبدأ عصر الكهرباء ومن هنا تحسنت طريقة حياتنا وأصبحنا ننجز العديد من المهام والأعمال اعتمادًا على الطاقة الكهربائية وتنوعت الطرق التي يمكننا من خلالها توليد الكهرباء ففي عام 1942 استطاع العلماء تسخير الطاقة النووية الناتجة عن انشطار العناصر المشعة كاليورانيوم لتوليد الكهرباء وفي الوقت الحاضر تسعى الدول إلى تبني مصادر طاقة مستدامة وصديقة للبيئة وبالفعل توجد العديد من محطات توليد الكهرباء باستخدام الطاقة الشمسية والرياح وطاقة المد والجزر التي تتسم بخاصية الاستدامة أي أنها لا تنضب وأيضًا تُوصف بأنها مصادر طاقة صديقة للبيئة.

المخطط الزمني لاستخدام الطاقة

قوانين حفظ الكتلة والطاقة

قبل الخوض في تفاصيل قوانين حفظ الطاقة والكتلة لابد من معرفة ما هو نظام الطاقة؟ وفقًا للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ -أو ما تُعرف اختصارًا ب«IPCC»- يُعرف نظام الطاقة بأنه “جميع المكونات المتعلقة بإنتاج وتحويل ونقل واستخدام الطاقة “. لذلك قد يحتوي نظام الطاقة على عدد من العناصر المتباينة، ولكن دائمًا ما يكون لنظام الطاقة له حدود. هذه الحدود ليست ثابتة ويمكنك اختيار مكان رسمها، ولكن بمجرد رسمها عليك أن تكون متسقًا مع كيفية استخدامها. يمكن أن يكون للنظام أيضًا طاقة أو كتلة تدخل فيه وتخرج منه، لذا فإن ما هو داخل الحدود ليس بالضرورة معزولًا عن المحيط الخارجي. يخضع تدفق الكتلة والطاقة لقوانين حفظ الكتلة والطاقة.

في عام 1789، صاغ العالم «أنطوان لافوازييه-Antoine Lavoisier» قانون حفظ الكتلة والذي ينص على أن الكتلة تظل ثابتة أي لا يمكن استحداثها أو تدميرها بالرغم من حدوث تفاعلات كيميائية أو تحولات فيزيائية داخل نظام معزول. بمعنى آخر، إن الكتلة التي تدخل حدود النظام يجب أن تغادر الحدود أو تتراكم داخل الحدود. وبالمثل قانون حفظ الطاقة، والذي يعرف بالقانون الأول للديناميكا الحرارية والذي ينص على أن الطاقة لا تُفنى ولا تُستحدث ولكن تتحول من شكلٍ إلى آخر أي أن إجمالي كمية الطاقة في تلك الحدود يبقى ثابتًا. إن المفتاح الأساسي لفهم قانون حفظ الطاقة هو تذكر للطاقة أشكال مختلفة فإذا نظرت إلى نظام واعتقدت أنك فقدت الطاقة في مكان ما، فما حدث بالواقع هو أن الطاقة قد تغيرت إلى شكل لم تفكر فيه بعد! تشمل الأشكال المختلفة للطاقة الحركية والكهربائية والكامنة والحرارية. وتُعرف الطاقة الحركية بأنها الطاقة التي يمتلكها الشيء بسبب حركته والطاقة الكهربائية بسبب حركة الإلكترونات والطاقة الكامنة بسب موضعها أو كيميائها والطاقة الحرارية بسبب درجة الحرارة. لتوضيح فكرة قانون حفظ الطاقة دعنا نتابع المثال التالي: عندما ترفع كرة التنس بعيدًا عن الأرض، يكون لديها طاقة كامنة وعندما تسقطها تتحرك كرة التنس وتتحول الطاقة الكامنة إلى طاقة حركية وبمجرد أن تتوقف الكرة عن الحركة قد تعتقد أن هذه الطاقة الحركية لها قد فقدت. لكن في الواقع، أن الطاقة تحولت إلى شكل آخر أي قد تحولت إلى صوت وقليلًا من الطاقة الحرارية.

ما هو الإنتروبي؟

السؤال الأهم الآن، ما الذي يجري بالضبط حينما يتغير أحد أشكال الطاقة إلي آخر؟ ولماذا تتغير بالأساس؟ قدَم العالمُ «رودولف كلاوزيوس-Rudolf Clausius» إجابةً جزئيةً لهذا السؤال مقدمًا الأساسيات لما سيعرف لاحقًا بالقانون الثاني للديناميكا الحرارية. بمنتصف خمسينيات وستينيات القرن التاسع عشر قدَم أول تحليل رياضي متماسك واضح لطريقة عمل الديناميكا الحرارية وهي أن الطاقة تتحرك دومًا في إتجاه واحد فقط وذلك في صيغة معادلة رياضية سماها «الإنتروبي-Entropy» وهي مشتقة من الكلمة اللاتينية «اentrope» وتعني التحوّل أوالفوضى. ملخص هذه المعادلة باختصار أنه عندما تنتقل الطاقة من جسم ساخن إلي جسم بارد، يرتقع معدل الإنتروبي دومًا بطريقة أخري، الإنتروبي هو مقياس لكيفية تبدد الحرارة -الطاقة- أو تشتتها. ورأي كلاوزيوس أن هذه العملية الغير قابلة للعكس جارية في الكون الفسيح، وأن كل الأشياء التي تطلق الحرارة مرتبطة معًا بطريقةٍ ما إضافةً إلى أن إنتروبي الكون آخذة في الازدياد، ولا يمكن تفادي ما سيحدث. رغم ذلك، نشأ جدال عظيم وحيرة كبيرة عن ماهية هذا الشيء المسمي بالإنتروبي ولماذا يزيد علي الدوام؟

يرتفع الإنتروبي لمكعب الثلج مع ذوبانه. وتزداد الفوضى داخل النظام. فالثلج مكون من جزيئات الماء المرتبطة ببعضها في نسيج كريستالي. وعندما يذوب الثلج، تكتسب الجزيئات طاقةً أكثر وتبتعد عن بعضها أكثر ليتفكك بناؤها ويتحول إلى سائل وعند تبخر هذا السائل يرتفع الإنتروبي بشكل أكبر ويرمز له بالرمز S.

حملت النظرية الجديدة الصاعقة والمثيرة للجدل للرياضي لصاحبها «لودفيغ بولتزمان-Ludwig Boltzman» الإجابة علي هذا السؤال. بمنتصف القرن التاسع عشر بدأت مجموعة صغيرة من العلماء بالتساؤل عمّا إذا كان الكون عند أصغر المستويات يعمل بصورة مغايرة تمامًا عن تجارب حياتنا اليومية وأدى هذا التساؤل إلي جعل الحرارة مفهومًا أقل غموضًا بكثير عند النظر إليها من منظور الذرات. لاحظ بولتزمان والآخرون أن الجسم لو كان ساخنًا فببساطة تكون ذراته في حركة أسرع، وتتصادم ببعضها البعض باستمرار مغيرة اتجاهها وسرعتها علي الدوام وكانت تلك فكرة بالغة القوة، ولكن كانت تكمن المشكلة في العدد المهول من الذرات حتي في أصغر الأماكن فكيف يمكن قياس حركتهم جميعًا؟ لذا الإتيان بمعادلة رياضية تصف كل هذا كان ضربًا من المستحيل! لتفسير هذا الطور الجديد من الواقع كان لابد من الانسلاخ من التقليدية في التفكير، وهو ما فعله بولتزمان حيث رأي أنه يمكن قياس حركة الذرات ككل عوضًا عن محاولة قياس وفهم التحركات الدقيقة لكل ذرة منفردة.

في ذاك الوقت لم يكن أمر وجود الذرات مسلمًا به حتي لدي العلماء الكبار لذا بعد أن أنهى بولتزمان إحدى نظرياته عن الذرة نهض العالم الفيزيائي «إرنست ماخ-Ernst Mach» وقال ببساطة: “لا أؤمن بوجود الذرات” وكونه تعليقًا على لسان عالم رفيع كإرنست أحدث ضررًا مضاعفًا إلي جانب كونه لاذعًا وقليل الاحترام كان يري نُقَاد أرنست أنه مجرد حالم فلا أحد رأى الذرات من قبل، ولن يراها أحد لذا هي ليست حقيقية. رأى بولتزمان أن العالم يتكون من ذرات افتراضية، وفهمها يكون عبر رياضيات الاحتمالات وأدرك ما عجز عنه بولتزمان السبب الحقيقي الذي يجعل الجسم الساخن دائمًا يبرد ،النظام كله ينتقل من حالة نظامية شديدة الخصوصية تشمل كل الطاقة المتركزة في بقعة واحدة إلي نظام فوضوي حيت يتوزع مقدار الطاقة نفسه علي أكبر عدد من الذرات بطريقة أخري تخيل كتلة من المعدن الساخن الذرات بداخلها تتزاحم في الأرجاء، وبينما تتزاحم تلك الذرات علي حافة الكتلة تنقل بعضًا من طاقتها إلي الذرات علي سطح الطاولة، ثم تتضارب هذه الذرات مع جاراتها وهكذا. وبهذه الطريقة فإن الطاقة الحرارية تتشتت وتنتشر ببطء ووفق سلوك منطقي وطبيعي.

ليس هذا التفسير هو ما جعل بولتزمان مبدعًا، بل قدرته على تمثيل كل هذا رياضيًا، قدرته علي اشتقاق صيغة رياضية تمكن من حساب الفوضى النظام و أوضح كلاوزيوس أن شيئًا ما دعاه “الإنتروبي” كان ينمو مع الوقت، أما بولتزمان فوضح ماهية هذا الشيء، الإنتروبي في الواقع هو مقياس لفوضوية الأشياء. هناك وسائل كثيرة جدًا لعشوائية وفوضية الأشياء أكثر من وسائل ترتيبها ونظامها لهذا ستصل عشوائية الكون في تصاعد طالما لم يعبث به أحد. سترتحل الأشياء من النظام إلي الفوضي، وهذا القانون ينطبق علي كل شيء بدءًا من إبريق شاي يهوي على الأرض وينكسر إلي نجمٍ ملتهبٍ في الفضاء السحيق.

كل ما سبق هو تعبير عن نزعة الكون ليرتحل من النظام إلى الفوضى، الفوضى هي مصير كل شيء. ويُعتقد بناءًا علي هذا التفسير، أن عملية التغيير والانحلال حتمية، أن الكون نفسه لابد في يوم ما أن يصل لنقطة الإنتروبي القصوى، ألا وهي الفوضى العظمى، الكون بحد ذاته لابد وأن يموت يومًا ما. في النهاية عزيزي القارئ يمكن أن تُخبر والدتك ألا تتكبد عناء تنظيم غرفتك الغير مرتبة فغرفتك مثلها كمثل أي يميل أيّ نظام مغلق يميل إلى التغيّر أوِ التحوّل تلقائيًّا بزيادة أنتروبيته حتّى يصل إلى حالة توزيع متساوٍ في جميع أجزائه، مثل تساوي درجةِ الحرارة، تساوي الضغط، تساوي الكثافة وغير تلكَ السمات. مع ذلك، وعند نقطة معيّنة قد تصل غرفتك الغير مرتّبة إلى الحالة الإنتروبية القصوى، بحيث أنّه مهما توقّفت عن ترتيبِ الغرفة فلن تصبحَ الأمور أكثر تعقيدًا، لذا فلا حاجة لبذل أي جهد للمحافظة على ترتيبها. فسيكون أكثر كفاءةً للطاقة أن تُتركَ الغرفة على طبيعتها، تسير نحو حالتها الإنتروبية القصوى.

إلى هنا نصل إلى نهاية مقالنا أساسيات الطاقة المتجددة: نبذة تاريخية عن الطاقة والديناميكا الحرارية ولمتابعة الأجزاء السابقة من السلسلة اضغط هنا وهنا

المصادر

Energy Principles and Renewable Energy-edx
csun.edu
entropysimple
BBC
space

Exit mobile version