كيف اكتشفت تاو يويو علاجا للملاريا بفضل الطب الصيني القديم؟

كيف اكتشفت تاو يويو علاجا للملاريا بفضل الطب الصيني القديم؟

ولدت تاو يويو سنة 1930 ونشأت في مدينة نينغبو في محافظة جيجيانغ الصينية، ثم درست في جامعة بيكين في مدينة بيجين. عملت في الأكاديمية الصينية للطب الصيني التقليدي منذ سنة 1965، حيث تشغل حاليا منصب رئيسة العلماء.

كيف اكتشفت تاو يويو علاجا للملاريا بفضل الطب الصيني القديم؟

درست تاو علم الأدوية في كلية الطب في بيكين، حيث تعلمت كيفية تصنيف النباتات الطبية واستخراج المكونات الفعالة وتحديد هياكلها الكيميائية. وعندما تخرجت في عام 1955 وهي في الرابعة والعشرين من عمرها، عُيِّنت تاو للعمل في الأكاديمية المنشأة حديثاً للطب الصيني التقليدي، حيث مكثت هناك طيلة حياتها المهنية. وبين سنتي 1959 و1962، درست بدوام كامل الطب الصيني التقليدي للباحثين المدربين على الطريقة الغربية العصرية.

طلبت فيتنام الشمالية من الصين أن تساعدها في مكافحة الملاريا التي تسببت في خسائر فادحة في صفوف جنودها في حرب فيتنام. أطلق الرئيس ماو تسي تونج المشروع رقم 523 في 23 مايو 1967 لإيجاد علاج للملاريا المقاومة للكلوروكوين.

وفي عام 1969، عُينت تاو رئيسة للمشروع 523، عندما كان عمرها 39 عاماً. وكان أول عمل لها هو البحث عن آثار الملاريا. ولهذا السبب، سافرت إلى جزيرة هاينان في جنوب الصين، التي كانت تعاني في ذلك الوقت من تفشي الملاريا.

في تلك الغابات المطيرة، شهدت تاو بشكل مباشر الخسائر المدمرة للمرض في صفوف البشر. فاضطرت إلى ترك ابنتها البالغة من العمر سنة واحدة مع والديها ووضعها في دار حضانة. وقد مرت ثلاث سنوات قبل أن ترى أطفالها مرة أخرى.

قالت تو: “كان العمل أولوياتي القصوى، لذلك كنت على استعداد لأضحي بحياتي الشخصية.”

ولدى عودتهم إلى بيكين، استعرض الفريق نصوص طبية قديمة لفهم الطرق الصينية التقليدية لمكافحة الملاريا. وفي ذلك الوقت، تم اختبار أكثر من 240 ألف مركب لاستخدامه في العقاقير المضادة للملاريا المحتملة، ولم ينجح أي منها. وفي الأخير، وجد الفريق إشارة إلى النبتة “الشيح حولي” التي استُخدمت في الصين في حوالي سنة 400 ميلادية لمعالجة «الحمى المتقطعة» التي تعد أحد أعراض الملاريا.

قالت تو “سيساعدنا الطب الصيني في التغلب على الأمراض التي تهدد الحياة في جميع بقاع العالم، وسيتمتعون بفوائده”

في عام 1971 قام فريق تاو بعزل مركب نشط في الشيح حولي والذي بدا وكأنه يكافح الطفيليات الصديقة للملاريا. لم ينجح الفريق بعد اختبار مستخلصات المركب، فعادت تو مرة أخرى إلى النص الصيني القديم وتساءلت عما إذا كان العنصر الفعال في النبتة يتضرر عند الغليان لتحضير المذيب، ولذلك حاولت تحضيره مرة أخرى، لكن هذه المرة استخدمت مذيب قائم على الإيثر. بما أنه يغلي في درجة حرارة منخفضة لم يتضرر الشيح حولي، وعندما اختبرته على الفئران والقرود كان معدل نجاحه 100 بالمئة. ثم قامت تاو واثنين من زميليها باختبار المادة على نفسيهما قبل اختبارها على 21 مريضاً في مقاطعة هاينان فتعافو جميعهم.

وفي العام التالي، قام فريق تاو بترشيح الأرتيميسينين، أي المكون النشط للمركب. ونشروا النتائج التي توصلوا إليها، ورغم أن أعمالها لم تنشر باللغة الإنجليزية حتى سنة 1979. وفي عام 1981، دعتها منظمة الصحة العالمية والبنك الدولي والأمم المتحدة إلى تقديم النتائج التي توصلت إليها على المسرح العالمي.

تقول تاو: “أرتيميسينين … هدية حقيقية من الطب الصيني القديم. لكنَّ هذه ليست المرة الوحيدة التي تثمر فيها حكمة الطب الصيني ».

استغرق الأمر عقدين من الزمان لمنظمة الصحة العالمية لتوصي أخيراً بالعلاج بالمركب المكون من مادة الأرتيميسينين للدفاع الأولي ضد الملاريا. وصفت مؤسسة لاسكير، التي منحت تاو جائزة في البحوث الطبية السريرية في عام 2011، أن اكتشاف الأرتيميسينين بمثابة “أهم تدخل صيدلي في نصف القرن الماضي”

ومن جانبها، كانت تو رافضة لأخذ الجائزة، حيث قالت: « لا أريد الشهرة ». وعندما قبلت جائزة نوبل لعام 2015 في علم وظائف الأعضاء أو الطب، كان عنوان محاضرتها “اكتشاف الأرتيميسينين: هدية من الطب الصيني التقليدي إلى العالم”. لكنها كانت فخورة باكتشافها فكل عالم يحلم بتقديم شيء يمكن أن يساعد العالم.

المصادر:  1. هنا 2. هنا 

 

اقرأ أيضا: لماذا يعتبر ختان الإناث جريمة إنسانية؟

مميزات ميدالية جائزة نوبل

“بينما كانت القوات تزحف في شوارع كوبنهاجن، كنت مشغولاً بإذابة ميداليات لاوي-Laue وأيضاً ميداليات جيمس فرانك-James Franck”

فما هي مميزات ميدالية جائزة نوبل ؟

فمنذ عام 1901، كانت ميداليات جائزة نوبل جزءاً من العديد من القصص الرائعة. فكان واجباً علينا أن نذوب ثلاث ميداليات نوبل في الدنمارك لإخفائها عن النازيين. وقد اختلطت ميداليتان من ميداليات نوبل بين حائزين مختلفين واستغرق الأمر منهم أربع سنوات لتصحيح الخطأ. وقد تسببت ميدالية نوبل في إرباك أمن المطار عندما تبين أنها سوداء تماما في آلة الأشعة السينية في فارغو نورث داكوتا-Fargo North Dakota. وبذلك نعتبرها على أقل تقدير ميدالية ذهبية خاصة جدا.

في عام 1902، حصل الفائزون على أول ميدالية “حقيقية” لجائزة نوبل في الفيزياء والكيمياء والفيزيولوجيا والطب والأدب حيث صممها النحات السويدي إريك ليندبرغ-Erik Lindberg. بالطبغ قد تتسآل لماذا لم تمنح لهم ميداليات حقيقية منذ عام 1901أي عندما تم منح الجوائز الأولى لنوبل؟ ويرجع السبب في التأخير إلى أن تصاميم الجوانب العكسية لأوسمة نوبل “السويدية” لم توضع في صيغتها النهائية في الوقت المناسب قبل الاحتفال بمنحها لأول مرة في عام 1901. ويلزم أن توافق كل مؤسسة من المؤسسات الحائزة على الجوائز على هذه التصميمات.

ويبدو من مراسلات إريك ليندبرغ مع والده الأستاذ أدولف ليندبرغ-Adolf Lindberg أن كل واحد من الفائزين بجائزة عام 1901 حصل على ميدالية “مؤقتة”، وكانت ميداليات تحمل صورة ألفريد نوبل-Alfred Nobel وصنعت من معدن أساسي كتذكار حتى انتهاء تصنيع الميداليات “الحقيقية”. ولم تكتمل أولى هذه الميداليات حتى أيلول/سبتمبر 1902.

تصميم فرنسي

كان إريك ليندبرج-Erik Lindberg يعيش في باريس خلال السنوات التي صمم فيها الميداليات، فوفقاً للشاعر الأيرلندي وليام بتلر ييتس-William Butler Yeats التصميم يبدو فرنسي للغاية. بعد أن حصل ييتس-Yeats على جائزة نوبل للأدب في عام 1923 كتب ما يلي في كتاب “جائزة السويد-The Bounty of Sweden”.

إنني قادر على دراسة وتحليل ميداليتي، تصميمها الساحر الزخرفي الأكاديمي وسلوكها الفرنسي. إنها عمل التسعينات يظهر شاباً يستمع إلى إلهة الإلهام تقف جانبا كشابة جميلة مع قيثارة كبيرة في يدها. بينما أتفحصها أدرك أنني كنت وسيماً ذات مرة مثل ذلك الشاب لكن مقطوعاتي الشعرية التي لم أتمرن عليها كانت عجزة والآن أنا مسن مصاب بداء المفاصل، ولم يبق شيء للنظر إليه سوى إلهة الإلهام الشابة الخاصة بي”.

مميزات ميدالية جائزة نوبل

إن ييتس- وكل الفائزين الآخرين منذ عام 1901 حصلوا على ميداليات جائزة نوبل التي صممها إريك ليندبرج استناداً إلى التصاميم الأصلية. وبما أن إريك ليندبرغ كان مسؤولا عن تصميم ميداليات نوبل “السويدية”، فقد كُلف النحات النرويجي غوستاف فيغلند-Gustav Vigeland بتصميم ميدالية السلام النرويجية في عام 1901. ولكن بما أن غوستاف فيغلند كان نحاتاً وليس نقاشا على الميداليات، فقد صنع إريك ليندبرغ نتوءات من أجل ميدالية السلام استناداً إلى تصاميم فيغلند. ولا تزال تصاميمهم مستعملة حتى اليوم.

فجميع الميداليات لها بعض الإختلافات في التصميم (باستثناء ميداليتي الفيزياء والكيمياء المتشابهتين) ولكنها تبقى ميدالية ذهبية تحمل صورة الشخص ومنقوش مناسب. يعرض الوجه الأمامي من جميع الميداليات صورة لألفريد نوبل في صيغ مختلفة. وعلى الجانب الآخر من الميداليات “السويدية” الثلاث نجد أن العبارة الرئيسية هي نفسها: “Inventas vitam iuvat excoluisse per artes- الإختراعات تعزز الحياة التي يتم تجسيدها من خلال الفن“ (ويمكن ترجمة العبارة كالتالي “وهم الذين حسنوا الحياة على الأرض بواسطة الاكتشافات الجديدة”) في حين أن الصور تختلف بحسب رموز المؤسسات التي حصلت على الجائزة. فوسام السلام مكتوب عليه “Pro pace et fraternitate gentium-من أجل السلام والأخوة بين البشر“ بينما وسام الاقتصاد لا يكتب عليه أي إقتباس على الإطلاق.

مواصفات ميدالية نوبل

وعلى جميع ميداليات نوبل “السويدية” يُنقش اسم الفائز بوضوح تام على الوجه المعاكس، في حين أن اسم الفائزين بجائزة نوبل للسلام والاقتصاد يتم نقش أسماءهم على حافة الميدالية بمعنى أنه ليس واضحا، مما أدى إلى خلق مشاكل بالنسبة للفائزين بجائزة الاقتصاد لعام 1975، الروسي ليونيد كانتوروفيتش Leonid Kantorovich والأميركي جوالينغ كوبمان Tjalling Koopmans، حيث اختلطت ميداليتهم في ستوكهولم، وبعد أسبوع عاد الفائزون بالجائزة إلى بلدانهم حاملين الميداليات الخطأ. وبما أن الواقعة حدثت أثناء الحرب الباردة فقد استغرق الأمر أربع سنوات من الجهود الدبلوماسية لاستبدال الميداليات لمالكيها الشرعيين.

كانت الميداليات “السويدية” تزن كل منها 200 غرام تقريباً وقطرها 66 مم، ومصنوعة من 23 قيراطاً من الذهب. ومنذ 1980 أصبحت تصنع من 18 قيراطا من الذهب المعاد تدويره. ويوزَّع على جميع الميداليات 175 غراماً بإستثناء ميدالية العلوم الإقتصادية التي تزن 185 غ.

جورج دي هيفسي George de Hevesy الحائز على جائزة نوبل

هناك العديد من الإشاعات حول ما حدث لأوسمة نوبل التي حصل عليها ثلاثة من الحائزين على جائزة نوبل في الفيزياء أثناء الحرب العالمية الثانية: ميدالية الألماني ماكس فون لاوي (Max von Laue (1914، وميدالية جيمس فرانك (James Franck (1925، وميدالية دان نيلز بوهر (Dane Niels Bohr (1922.

كان معهد الفيزياء النظرية التابع للبروفسور بوهر Bohr في كوبنهاجن ملاذاً للفيزيائين اليهود الألمانيين منذ عام 1933. أودع (ماكس فون لاوي) و (جيمس فرانك) ميدالياتهما هناك لكي لا تعثر عليها السلطات الألمانية بعد احتلال الدنمارك في إبريل/نيسان 1940، كانت الميداليات المهمة الأولى لبوهر حسب الكيميائي المجري جورج دي هيفيسي (وهو أيضاً من أصل يهودي وحائز على جائزة نوبل في الكيمياء في عام 1943، أنظر الصورة)، الذي عمل في المعهد. كان إرسال الذهب إلى خارج البلاد بمثابة جريمة كبرى في ألمانيا تحت حكم هتلر. وبما أن أسماء الفائزين كانت منقوشة على الميداليات، فإن اكتشافها من قِبل القوات النازية كان سيؤدي إلى عواقب وخيمة جدا.

“لقد اقترحت أن ندفن الميدالية، ولكن بوهر لم يحب هذه الفكرة لأن الميدالية قد تنكشف، فقررت إذابته. بينما كانت القوات الغازية تزحف في شوارع كوبنهاجن، كنت مشغولاً بإذابة ميداليات لاوي وجيمس فرانك. وبعد الحرب، استعيد الذهب وقدمت مؤسسة نوبل بكل سخاء ميداليتين جديدتين للاوي وفرانك”

اقتباس من جورج دي هيفيسي (مغامرات في بحوث النظائر المشعّة Adventures in Radioisotope Research، المجلد 1، الصفحة 27، بيرغامون Pergamon، نيويورك، 1962، الذي تحدث عن ميدالية فون لاوي von Laue.

كتب دي هيفيسي إلى فون لاوي بعد الحرب أن مهمة إزاحة الميداليات لم تكن سهلة، لأن الذهب عديم التفاعل ويصعب تذويبه. فقد احتل النازيون معهد بور وفتشوه بدقة شديدة لكنهم لم يجدوا أي شيء. وانتظرت الميداليات انتهاء الحرب في محلول الماء الملكي أو ماء الفضة ولم يذكر دي هيفيسي ميدالية بور، ولكن الوثائق الواردة في أرشيف نيلز بور في كوبنهاغن تبين أن ميدالية نيلز بور وميدالية الدنماركي August Krogh في الطب قد تم التبرع بها لمزاد أقيم في 12 آذار/مارس 1940 لصالح صندوق الإغاثة الفنلندي. واشترى هذه الميداليات مشترٍ مجهول الهوية وتبرع بها إلى المتحف التاريخي الدانمركي في فريدريكسبورغ حيث لا تزال محتفظة بها.

ما الذي حدث لميداليتي فون لاوي وفرانك ؟

وفيما يتعلق بميداليتي فون لاوي وفرانك، يتضمن أرشيف نيلز بور رسالة من نيلز بور مؤرخة 24 كانون الثاني/يناير 1950 بشأن تسليم الذهب إلى الأكاديمية السويدية الملكية للعلوم في ستوكهولم ويتعلق الأمر بهاتين الميداليتين. وتذكر مداولات مؤسسة نوبل في 28 شباط (فبراير) 1952 أن الپروفسور فرانك نال ميداليته المميزة في احتفال أُقيم في جامعة شيكاغو في 31 كانون الثاني (يناير) 1952.

يملك Brian Schmidt صاحب جائزة نوبل في الفيزياء عام 2011 تجربة خاصة مع ميداليته في مطار فارجو Fargo. طلبت منه جدته في فارغو منه جلب الميدالية وفي طريق عودته إلى بيته، اضطر شميت إلى إرسال ميداليته الذهبية عبر آلة الأشعة السينية في أمن المطار. وبدا حراس المطار مشوشين جدا مع هذا الشيء الأسود على الشاشة وسألوا عن ماهيته ومن أعطاه إياه. فأجاب شميت إنها ميدالية ذهبية حصلت عليها من ملك السويد. فتسآل الأمن لماذا أعطاه الملك هذه الميدالية، فأجاب شميت لأنني ساعدت في اكتشاف أن معدل تمدد الكون يتسارع.

تلك كانت بعض قصص ومميزات ميدالية جائزة نوبل، ولكن قد يشهد المستقبل على المزيد من الغرائب.

مصادر:
موقع جائزة نوبل الرسمي

Exit mobile version