الحصين حيث نحتفظ بالذكريات ونخلق الأحلام

يتّسم عمل الدّماغ بدقّة متناهية وتكاملٍ وظيفيّ يجمع بين مختلف أقسامه. غالباً ما يكون البناء المعرفيّ والنفسيّ أكثر تعقيداً وغموضاً من التّحكم بالوظائف الجسديّة. سنتحدّث في مقالنا عن جزء من الدّماغ تتداخل وظائفه ما بين تشكيل الذّكريات وبناء الأحلام والخيال، وهو الحصين أو قرن آمون.

لماذا يدعى الحصين؟

اكتُشف «الحصين-hippocompus» من قبل الجرّاح «يوليوس قيصر أرانتو -Julius Caesar Arantiu». وقد وصف شكله لأول مرة عام 1587 م مستعينًا بالمصطلح اللاتينيّ «hippokampos» والذي يعني حصان البحر. [1]

يتألّف التّشكيل الحصيني من عدة أقسام وهي: [2]

  • المناطق البنيويّة الأربعة(CA1-4) «لقرن آمون- cornu ammonis»
  • «التلفيف المسنن-dental gyrus»
  • «المرفد-subiculum»

وظائف الحصين

يقع قرن آمون في الفصّ الصدغي للدماغ، ويشكل جزءاً من الجهاز الحوفي الذي يعدّ مركزاً مهمًا لتنظيم الاستجابات العاطفية. [2] ويضمّ أيضاً الوطاء واللّوزة. تساعد هذه البنى في التّحكم بوظائف الجسم المختلفة مثل الجهاز الغدي وما ندعوه استجابة المواجهة أو الهروب. [1]

وهو مسؤول عن تحويل الذّاكرة قصيرة الأمد إلى ذاكرة طويلة الأمد تُخزّن في مكان آخر لاحقاً. كما يقوم بمعالجة واسترداد نوعين من الذّاكرة:[1]

1. الذّاكرة الصريحة وهي المتعلّقة بالحقائق والأحداث، مثل تعلّم كيفيّة حفظ نصّ لمسرحية ما.

2. الذّاكرة المتعلّقة بالعلاقات المكانية والفراغ، وترتبط بتذكّر الطرقات كسائق سيّارة الأجرة الذي يتعلّم الطرق داخل المدينة.

وقد دُعمت الفرضيّة المكانية للذاكرة عام 1971 باكتشاف تنشيط خلايا حصين فأر عند عبوره مسافات محددة من الحيّز المكاني حوله. وهذا ما أدّى إلى اعتباره أداةً يستخدمها الدّماغ لرسم مخطّطاتٍ وخرائط للبيئة المحيطة به. [2]

ماذا يحدث عند إصابة الحصين؟

يعاني الأشخاص نتيجة إصابة الحصين بسبب حادث أو مرض ما من فقدان الذّاكرة وعدم القدرة على تشكيل ذكريات جديدة طويلة الأمد. فقد لا يستطيعون تذكر الأحداث التي وقعت قبل فترة قصيرة من الإصابة، ولكنّهم قادرون على تذكّر الأشياء التي حدثت قبل فترة طويلة. ويعود ذلك إلى تخزين الذكريات القديمة في أجزاء أخرى من الدماغ عندما تم تحويلها إلى ذكريات طويلة الأمد. [1]

تجعل أذيّته تنقّل المريض من مكان إلى آخر صعباً. فقد يكون الشخص قادراً على رسم صورة للحيّ الذي سكن فيه في طفولته، ولكن يصعب عليه الذهاب إلى المتجر في منطقة جديدة. [1]

أجريت واحدة من الدراسات الأولى حول إصابة الحصين على مريض أُزيلت لديه مناطق من القسم المتوسط للفص الصدغي، وشملت الحصين والمناطق المحيطة به. وقد خضع المريض لهذه العملية عام 1953 للتخلص من نوبات الصّرع، وبعد الجراحة بقيت وظائفه الفكريّة سليمة ولكنّه فقد القدرة على تشكيل ذكريات جديدة، وتعرف هذه الحالة بفقدان الذاكرة. [2]

ويرتبط تلف خلاياه بالأمراض النّفسيّة والعصبيّة. فمثلًا، يتعرّض الحصين لخسارة الخلايا بشكل كبير في المراحل الأولى لمرض ألزهايمر. كما لوحظ تلفه في مرض الفصام، بالإضافة إلى تأثّره بالاكتئاب والضغط النفسي. [2]

علاقة الحصين بالأحلام

ترتبط علاقة الحصين بالأحلام بوظيفته المتعلّقة بالذاكرة، فحوالي نصف الأحلام تستمدّ على الأقل عنصراً واحداً من التجارب التي مرّ بها الشخص في حالة اليقظة. ومع ذلك فإنّ المرضى الذين تعرّضوا لإصابة في الحصين يحلمون أيضاً أحلاماً تتضمّن صوراُ من أحداثٍ جديدة لكن ليس لديهم ذاكرة واعية تجاهها.

فبالإضافة إلى ارتباطه بتشكيل الذّاكرة إلّا أنّه يستخدم الذكريات في بناء مشاهد متخيّلة وتصوّر أحداث مستقبليّة بشكلٍ متماسك يفتقده المصابون بخلل في الحصين.

وبملاحظة أربعة أشخاص يعانون من «فقدان الذاكرة-amnesi» ويفتقرون لوظائف الحصين، تبيّن افتقاد أحلامهم للتفاصيل الغنيّة، بالإضافة إلى قلّة عددها وتبين عدم وجود تفاصيل كافية فيما يتعلق بالحيز المكاني.

هذه الملاحظات تُبيّن أنّ المناطق المسؤولة عن بناء الأحلام في الدّماغ مشابهة لتلك التي تستعيد الذّكريات وتخلق صوراً وأحداثاً متخيّلة خلال اليقظة. فالأحلام كما الخيال والذاكرة تتطلّب تشكيل تفاصيل ومشاهد مبنيّة على ذكريات سابقة، ويبدو أن هذه العملية تعتمد على الحصين. [3]

وما زال هنالك الكثير لنعرفه عن آلية تشكيل الذكريّات وبناء الأحلام، من خلال مزيد من الدراسات حول الحصين والمراكز الأخرى المسؤولة عن الذاكرة.

المصادر:

1.Medical News Today | Hippocampus: Function, size, and problems

2. Britannica | Hippocampus | Definition, Location, Function, & Facts

3. eLife | Memory: How the brain constructs dreams

هل يمكننا بناء الدماغ البشري في المعمل؟

هذه المقالة هي الجزء 7 من 8 في سلسلة دليلك لفهم أساسيات الهندسة الطبية

خلال السنوات القليلة الماضية أصبح العمل والبحث في إمكانية بناء دماغ بشري اصطناعي أكثر جديًة من ذي قبل. حيث أن التطور التكنولوجي خصوصًا في مجال هندسة النسج قد فتح الباب لعدة تساؤلات عن إمكانية بناء دماغ بشري اصطناعي. وتعد هذه الفكرة من أهم الأفكار المطروحة حاليًا لأنه كلما فهمنا الدماغ البشري أكثر كلما استطعنا كشف ومعرفة أسباب العديد من الأمراض، وازدادت قدرتنا على بناء معالجات وحواسيب أفضل من قبل.

هل يمكن بناء الوعي ضمن الدماغ المخبري؟

نعلم أن الخلايا الجذعية يمكن أن تنقسم و تتمايز إلى نوع معين من الخلايا المختصة كالخلايا العضلية، أو العصبية أو الدموية. درس العلماء إمكانية تشكيل الدماغ نسيجيًا عن طريق تحفيز هذه الخلايا الجذعية لتعطينا خلايا عصبية وخلايا دبقة المُكونة للقسم الأكبر من الدماغ.[1]

في أحد التجارب المخبرية لوحظ أنه وبعد مدة زمنية معينة من زراعة الخلايا، قامت هذه الخلايا بالاستجابة لمصدر الضوء الموجود. كما شكلت حساسات ضوئية (عيون بدائية) مرتبطة مع مركز الخلايا عن طريق عدد من الأعصاب. وبعد فحص هذه الخلايا تم كشف نشاط كهربائي مشابه إلى حد ما للنشاط الموجود عند الأطفال الخدّج. الأمر الذي دفع العلماء لطرح تساؤل جديد حول إمكانية تطوير درجة معينة من الوعي ضمن هذه الخلايا المخبرية.

في مطلع عام 2021 أعلن فريق من «جامعة ييل- Yale University» عن نجاح عملية إعادة إحياء جزئية لدماغ خنزير نافق. حدث ذلك قبل ساعات من إجراء العملية من خلال إزالة الدماغ ووضعه في محلول كيميائي خاص. وقد لوحظ أن الدماغ استعاد قدرة خلاياه على التحفيز والنقل الكهربائي. [2]

حالة الوعي لدى الدماغ الاصطناعي

يعرّف العلماء والباحثون الوعي بعدة طرق ولكن حتى الآن لم يتم الوصول إلى تعريف كافي لفهم آلية تشكله ضمن الدماغ. وبالتالي لا يمكن الحكم بشان حالة الدماغ المزروع، وهل تعد ذات درجة معينة من الوعي أو لا.

بمناقشة النتائج المخبرية المذكورة سابقًا، نرى أن الدماغ المخبري قد أعطى إشارات كهربائية مشابهة إلى حد ما للنشاط الموجود عند الأطفال الخدّج. ولكن لم نستطع تجربة ردة فعل هذه الخلايا تجاه المؤثرات المختلفة. يمكن تشبيه الحالة هذه بطبيب يقوم بتجريب عدة مؤثرات على مريضه حتى يحلل استجابة نظامه العصبي. ناهيك عن أن الدماغ الواعي يعطي إشارات معقدة جدًا مقارنة بالإشارات المقتبسة من هذه الخلايا. [1]

يمكن تحديد الوعي بشكل تشريحي باعتباره عدد التلافيف الدماغية والتوصيلات العصبية داخل الدماغ. لذلك كلما زادت هذه التوصيلات زادت درجة الوعي لدى هذا الدماغ. وانطلاقًا من هذا المبدأ، يمكن القول بأن أدمغة الخنازير تعد بيئة أكثر استقرارًا لدراسة الوعي. حيث تحوي أدمغتها توصيلات عصبية كثيرة ناتجة عن التجارب والذكريات التي عاشها أو مر فيها هذا الحيوان.

الدماغ والكهرباء

يمكن تشبيه الخلية العصبية بالدارة الكهربائية البسيطة، حيث يمثل هيكل الخلية المقاومة وجسم الخلية البطارية. لذلك نجد فرق جهد على طرفي الخلية العصبية، وهو الأمر الذي بدوره يولد تيار وحقل كهربائي.

ولكن على عكس الدارة الكهربائية المصنوعة من المعادن، فالخلايا العصبية نسيج بيولوجي تعتمد على الأيونات السالبة والموجبة. وتستخدم الدارة الكهربائية الإلكترونات لتشكل التيار الكهربائي، بينما في الخلية العصبية نرى ثلاث مصادر للأيونات وهي الصوديوم Na+، والبوتاسيوم K+ والكلور Cl . وهذا يشبه أن يكون لدينا عدة طرق لنقل الكهرباء من وإلى الخلية العصبية. وبما أن الدماغ يحوي ملايين الخلايا العصبية، لذا يمكن تشبيهه بمعالج الحاسوب. إذ يحتوي معالج الحاسوب على ملايين الترانزستورات. لذلك وفي ظل صعوبة التجريب المخبري على الأنسجة، بدأ التوجه لمحاكاة عمل الدماغ بشكل إلكتروني ضمن الحواسيب. وتم تطوير حواسيب تحاكي الدماغ بشكل جزئي، مما فتح الباب للعديد من التطبيقات التي استوحت من هذه التجربة الكثير من المعلومات. كان آخر تلك التطبيقات رقاقة إيلون ماسك نيورالينك للتحكم بعض وظائف الدماغ. [3]

ويعمل العلماء على تحديد نظريات الوعي التي قد تكون الممر لمعرفة السر وراء عمل الدماغ. حيث تشكل الدماغ إلى الآن حاجز ضبابي وموضع جدل واسع ومثار طرح علماء الفلسفة والأخلاق لعدة تساؤلات حول صحة امتلاك مخلوقات مخبريه نوع معين من الوعي.

المصادر:

[1]- Nature
[2]- Smithonian Mag
[3]- Youtube

ما هي هندسة النسيج الحيوي وما تطبيقاتها؟

هذه المقالة هي الجزء 2 من 8 في سلسلة دليلك لفهم أساسيات الهندسة الطبية

ما هي هندسة النسيج الحيوي؟

تعد هندسة النسيج الحيوي أحد أهم فروع الهندسة الطبية. تستخدم هندسة النسيج الحيوي مجموعة طرق من العلوم الهندسية والخلايا الحية بالإضافة إلى علم المواد الحيوية وعلوم الكيمياء بهدف إنتاج أنسجة جديدة مشابهة للأنسجة التالفة لاستبدالها.

تعد قدرة الجسم على تجديد الأنسجة التالفة ضعيفة، ومن الممكن أن يحدث تلف أو فقدان أنسجة بسبب الأمراض أو الحوادث. في حال لم يتم إصلاح أو إزالة النسيج المتضرر، قد يمتد التلف إلى أنسجة أخرى، مما يؤدي إلى تفاقم الحالة. من هنا، جاءت أهمية هندسة النسيج الحيوي والتي تقوم على استخدام المواد الحيوية والخلايا الحية لإنتاج أنسجة وظيفية جديدة لإصلاح أو استبدال الأعضاء البشرية التالفة.

ما هو الهدف من الهندسة النسيجية الحيوية؟

تستخدم هندسة النسيج الحيوي بشكل رئيسي لإنتاج وتطوير نسج جديدة تستخدم لإصلاح أو استبدال النسج التالفة مثل أنسجة الغضاريف، وأنسجة القلب مثل الصمامات القلبية، وأنسجة البنكرياس المنتجة للأنسولين، والأنسجة الوعائية مثل الأوعية الدموية. وتستخدم أيضا لأغراض بحثية، يمكن الاستفادة منها لدراسة سلوك خلايا معينة. كما يمكن استخدامها لخلق بيئة نسيجية محاكية للجسم البشري لاختبار تأثير الأدوية عليها.

كيف تعمل هندسة النسيج الحيوي؟

الهدف من عملية هندسة النسج هو إنتاج نسيج ثلاثي الأبعاد. من أجل ذلك يتم أولًا زرع الخلايا والجزيئات الحيوية على هياكل تدعى بالسقالات.

 السقالات هي عبارة عن هياكل أو قوالب تشبه شكل النسيج الذي نريد إنتاجه، وهي نوعان, النوع الأول هو سقالات حيوية مصنوعة من جزء حقيقي من الجسم لكنه معالج كيميائيًا. والنوع الثاني صناعية وتكون مصنوعة من مواد خاصة متوافقة حيويًا ولا تسبب رفض مناعي كبير داخل الجسم الحي.

ينمو النسيج ضمن هذه السقالات وفي ظروف ملائمة، بحيث يأخذ نفس شكلها عند انتهاء النمو وبالتالي نحصل على النسيج المطلوب.[1]

ما هو نوع الخلايا المستخدم في هندسة النسيج الحيوي؟ وما هي الجزيئات الحيوية؟

تستخدم الخلايا الجذعية، وهي خلايا غير متمايزة، يمكنها التكاثر والتمايز إلى أي نوع من الخلايا كالخلايا العضلية أو العصبية، كما أن لها القدرة على التكاثر والتجدد باستمرار. لهذه الخلايا نوعان:

  • الخلايا الجذعية الجنينية: وتوجد في بطانة المشيمة للجنين، وتتصف بالقدرة العالية على التكاثر والتمايز إلى أي نوع من الخلايا عدا خلايا المشيمة والأغشية المحيطة بالجنين.
  • الخلايا الجذعية الناضجة: وتوجد في عدة مناطق من جسم الإنسان، وظيفتها تعويض الخلايا التالفة بشكل طبيعي بعد انتهاء العمر المحدد لها.[1]

بعد معالجة الخلايا وزرعها ضمن السقالات، يجب إضافة مواد خاصة لتحفيز الخلية على أداء وظائفها بشكل طبيعي كالانقسام وأخذ الأغذية من الوسط المغذي الخاص. وتسمى هذه المواد المضافة بالجزئيات الحيوية أو الحبر الحيوي.[3]

ما هي أهم تطبيقات هندسة النسج الحيوية؟

قام باحثون في «المعهد الوطني للهندسة الطبية والحيوية – NIBIB» بالعديد من التجارب والأبحاث ضمن هذا المجال، وأهمها:

  • التحكم في الخلايا الجذعية من خلال البيئة المحيطة:

تم في هذه التجربة وضع الخلايا الجذعية ضمن بيئات فراغية مختلفة، وقد تبين اختلاف نوع الخلايا التي تحولت لها الخلايا الجذعية باختلاف المكان الذي وضعت فيه. أي أنه تم اكتشاف طريقة ميكانيكية-حيوية لتحديد تمايز الخلايا.

  • زراعة كبد إنسان في أجسام الفئران:

قام باحثون بتطوير أنسجة كبد بشرية يمكن زراعتها في أجسام الفئران، بحيث يحافظ فأر التجارب على كبده الطبيعي. وبما أن الكبد الجديد يستطيع استقلاب الأدوية بشكل مماثل لكبد الإنسان، يمكن الاستفادة منه لاختبار الأدوية وكيفية استقلابها على الكبد البشري المزروع قبل توجيهها للبشر.

  • صناعة وسط خاص للإبقاء على النسيج أثناء تطويره:

وجد الباحثون أن النسيج في أطواره الأولى لا يستطيع أخذ الغذاء من الشعيرات الدموية بسبب قلة سماكة وبالتالي يتلف النسيج بسبب انعدام التغذية، لذلك يجب أن يوضع النسيج في مراحله الأولى ضمن مادة هلامية مغذيّة طول فترة النمو في المختبر، وهذه المادة تختلف باختلاف نوع النسيج الذي نريد تطويره.[2]


المصادر:

[1]-Very Well Health
[2]-National Institute of Biomedical Imaging and Bioengineering
[3]-Massachusetts Institute of Technolog

ما هي الهندسة الطبية؟ وما هي فروعها؟

هذه المقالة هي الجزء 1 من 8 في سلسلة دليلك لفهم أساسيات الهندسة الطبية

ما هي الهندسة الطبية؟

هي تطبيق مبادئ حل المشاكل والتقنيات الهندسية ضمن المجال الطبي بشكل عام وعلى جسم الإنسان بشكل خاص. وقد برزت  بشكل أكبر بعد ظهور الحاجة إلى زرع أجهزة إلكترونية في الجسم مثل  «الناظمات القلبية – Pacemakers» وزراعة «الأطراف الصناعية – Artificial Limbs ». واستمرت الهندسة الطبية في التطور حتى ضمت عدة مجالات إضافية مثل هندسة النسج والطباعة ثلاثية الأبعاد للأعضاء البديلة.[1]

كيف تختلف الهندسة الطبية عن غيرها من الاختصاصات الهندسية؟

الاختلاف الأساسي هو أن الهندسة الطبية تستهدف صحة الإنسان بشكل مباشر. يدمج هذا الاختصاص المعارف المختلفة من الهندسة الميكانيكية، والإلكترونية، والكهربائية، وعلوم الحاسوب، وعلم الأحياء والطب ليكوّن علم قائم بحد ذاته يخدم المجال الطبي ويمنحه حلول إضافية وفعّالة.

ما هو عمل المهندسين الطبيين؟

ينقسم عمل المهندسين الطبيين إلى أكثر من مجال وتخصص، من أهمها:

  1. تصميم وتطوير الأجهزة البديلة مثل الناظمات القلبية، والكلى الصناعية، والقلب الصناعي، والأطراف الصناعية، والأوعية الدموية الصناعية وغيرها الكثير.
  2. برمجة أجهزة مراقبة المرضى في المستشفيات و تطويرها.
  3. برمجة وتطوير أنظمة التصوير الطبي «الطبقي المحوري – CT»، و«التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني – PET »، و«الرنين المغناطيسي – MRI» والتصوير بالأمواج فوق الصوتية.
  4. إجراء الأبحاث العلمية والتطويرية في مجال المواد الطبية الحيوية ومحاولة اكتشاف خلطات جديدة.
  5. إجراء الأبحاث العلمية في مجال الميكانيكا الحيوية.
  6. صيانة الأجهزة الطبية، ويعد مجالًا واسعًا بسبب التنوع الكبير في الأجهزة الطبية وخصوصية كل جهاز، فقد نجد اختصاصات مختلفة ضمن مجال الصيانة. [2]

ما هي المؤهلات اللازمة لدراسة هذا المجال؟

يجب أن يكون الشخص الراغب بدراسة هذا المجال ملمًّأ بمبادئ الفيزياء، والكيمياء، وعلوم الأحياء، والميكانيكا، والرياضيات والتشريح. ومن الممكن أن يعمل ضمن هذا المجال المهندسين الحاصلين على شهادات أخرى مثل الهندسة الكهربائية بعد أن يخضعوا لدورة تدريبية تعزز الجانب الطبي لهم بالإضافة إلى خبرتهم الأساسية بالجانب التقني والإلكتروني.[3]

ما هي تصنيفات الأجهزة التي يتعامل معها المهندس الطبي؟

تتصف الأجهزة الطبية بالتنوع الكبير، ولكن يمكن تصنيفها ضمن مجموعات كما يلي:

  • الأجهزة التعويضية الجزئية أو الكلية، وتتمثل في الأطراف الصناعية، سواء للقدمين أو لليدين، أو أجهزة تصحيح التشوهات الخلقية للأطراف.
طرف صناعي علوي
  • التجهيزات الخاصة بالمستشفيات والمراكز العلاجية: وتتمثل في الأسرّة، وتجهيزات الغرف بأنواعها وأيضًا تمديدات شبكة الغازات الخاصة بالمستشفى.
  • أجهزة التشخيص والمراقبة: وأمثلة على هذا النوع: السماعة الطبية، وعتاد إضاءة غرف العمليات، وجهاز قياس ضغط الدم وضغط قاع العين وضغط التنفس، ومقاييس نسب السكر في الدم.
جهاز قياس تركيز السكر في الدم
  • أجهزة التصوير: مثل التصوير المقطعي، والمسحي والإلكتروني، وأجهزة رسم تخطيط القلب وأجهزة رسم تخطيط الدماغ.
جهاز التصوير بالإصدار البوزيتروني PET
  •  المجاهر: وتُعد من أبرز أجهزة الهندسة الطبية الحيوية المُستخدمة في المخابر ومراكز الأبحاث، وهناك الكثير من الأنواع، ومنها: المجاهر الضوئية، والإلكترونية، وأجهزة التحليل الطيفي.[3]

المصادر

[1]-Michigan Tech
[2]-Marquette University
[3]-Drexel University

الواقع الافتراضي في الطب

هذه المقالة هي الجزء 6 من 9 في سلسلة ما هو الواقع الافتراضي وكيف سيشكل مستقبلنا؟

أحدثت فكرة استخدام الواقع الافتراضي في مجال الطب ثورة علمية في السنوات الأربع الأخيرة. بالإضافة لسباق في الابتكارات والأفكار والتي دفعت مجال الطب والرعاية الصحية خطوات إضافية إلى الأمام. وازدادت بشكل كبير في السنتين الأخيرتين خصوصًا بعد جائحة كورونا وظهور فكرة الاستطباب عن بعد.

تطبيقات الواقع الافتراضي في الطب

  • تتيح محاكاة العمل الجراحي قبل إجراءه الإحاطة بجميع الاحتمالات الوارد حدوثها أثناء العمل الجراحي، وبالتالي زيادة عامل الأمان وتقليل المفاجآت.
  • يتيح الواقع الافتراضي مكاملة المعلومات التي يحصل عليها الأطباء بشكل منفصل، مثل صور «الرنين المغناطيسي – MRI» وصور «الطبقي المحوري – CT» والتحاليل الدموية وغيرها من المعلومات. بعدذلك يقوم النظام بتوليد محاكاة بصرية تفاعلية لهذه المعلومات على شكل جسد افتراضي، يستطيع الأطباء من خلالها تتبع الحالة المرضية بدقة عالية.
  • علاج الأمراض النفسية مثل الرهاب، يمكن استخدام الواقع الافتراضي لعلاج حالات الرهاب المختلفة، حيث تستخدم هذه التقنية لمساعدة المرضى في التغلب على مخاوفهم وعيش حياة أفضل. وقد أظهرت هذه الطريقة نتائج واعدة في علاج الأشخاص الذين يعانون من مخاوف من المرتفعات أو العناكب أو الأماكن المغلقة وغيرها.
  • العلاج الفيزيائي أو العلاج الطبيعي، يساهم الواقع الافتراضي في تسريع العلاج الفيزيائي وجعله أسهل، وذلك لأنه يصرف تركيز المريض عن الألم الذي يعاني منه. حيث يستهدف الواقع الافتراضي إدراك المستخدم وبالتالي سوف يركز على المكان الذي انتقل إليه وليس على الألم.وأيضا يساعد من ناحية إجراء العلاج وذلك عن طريق وضع مسار افتراضي يجب على المريض أن يسلكه بطريقة معينة تجعله يقوم بالحركات اللازمة. [1]

ومن الحالات التي يساعد استخدام الواقع الافتراضي في علاجها:

  • التواء الكاحل.
  • آلام الكتف.
  • معالجة ما بعد جراحة الكاحل، الركبة أو الورك.
  • آلام الظهر والرقبة والفقرات.

فوائد استخدام الواقع الافتراضي في الطب

1- يتيح للكوادر الجديدة المزيد من التدريب

استخدام الواقع الافتراضي يعطي درجة حرية كبيرة أثناء تدريب المتعلم. وبناءًا على ذلك فإنه يتيح للطبيب أن يتدرب على إجراء العملية بسهولة تامة بعيدًا عن أي ضغط نفسي قد ينتج عند التدريب الواقعي.

2- الاستطباب عن بعد

فتح استخدام الواقع الافتراضي في الطب المجال أمام تطور الاستطباب عن بعد، فأصبح الطبيب قادرًا على إجراء العملية من منزله باستخدام غرفة توفر بيئة افتراضية تحاكي غرفة العمليات الحقيقية وبمساعدة روبوتات جراحية خاصة موجودة في غرفة العمليات الواقعية.

3- جمع البيانات

يساعد في تجميع البيانات في صورة واحدة مما يسهل على الأطباء معرفة تفاصيل المرض بسرعة أكبر.[2]

شركات تقدم خدمات الواقع الافتراضي ضمن مجال الطب

1- «FundementalVR»

شركة رائدة في استخدام الواقع الافتراضي في التعليم والتدريب الطبي. تقوم بتوفير تدريب الأطباء حديثي التخرج على إجراء العمليات الجراحية بواسطة بيئة افتراضية تفاعلية ومتكاملة ومشابهة جدا للعمليات الواقعية. يمكن زيارة الموقع من هنا.

2- «Karuna Labs»

تقدم هذه الشركة خدمات لعلاج الآلام المزمنة بوساطة بيئة افتراضية خاصة تتيح للمريض تلقي العلاج ضمن العيادة أو في المنزل لكنشرط أن يملك أدوات الواقع البيئة الافتراضية. يمكن زيارة الموقع من هنا.

3- «OxfordVR»

شركة تقدم خدمات لعلاج الأمراض النفسية وخاصة حالات الرهاب والخوف، مثل حالات الخوف من المرتفعات، وقد وجد أن العلاج بهذه الطريقة قد خفض حوالي 68% من المشاكل عند المرضى خلال أسبوع واحد بمعدل ساعتين يوميًا. يمكن زيارة الموقع من هنا.

4- «EchoPixel»

تقدم هذه الشركة خدمة فريدة تدعى «True3D» وتقوم بتجميع البيانات والصور الطبية للمريض وتعالجها وتولد صورة تفاعلية للمريض، يمكن للأطباء التعامل معها و إجراء تجارب عليها قبل التنفيذ على المريض[3]. يمكن زيارة الموقع من هنا.

إن استخدام الواقع الافتراضي في مجال الطب يفتح العديد من المجالات لتطوير القطاع الصحي أكثر فأكثر. ومع ذلك قد يحتاج للمزيد من الوقت لكي يدخل بشكل أوسع وأكثر وثوقية.

المصادر
[1]-Make An App Like
[2]-Grendel Games
[3]- Hitconsultant

كيف اكتشفت تاو يويو علاجا للملاريا بفضل الطب الصيني القديم؟

كيف اكتشفت تاو يويو علاجا للملاريا بفضل الطب الصيني القديم؟

ولدت تاو يويو سنة 1930 ونشأت في مدينة نينغبو في محافظة جيجيانغ الصينية، ثم درست في جامعة بيكين في مدينة بيجين. عملت في الأكاديمية الصينية للطب الصيني التقليدي منذ سنة 1965، حيث تشغل حاليا منصب رئيسة العلماء.

كيف اكتشفت تاو يويو علاجا للملاريا بفضل الطب الصيني القديم؟

درست تاو علم الأدوية في كلية الطب في بيكين، حيث تعلمت كيفية تصنيف النباتات الطبية واستخراج المكونات الفعالة وتحديد هياكلها الكيميائية. وعندما تخرجت في عام 1955 وهي في الرابعة والعشرين من عمرها، عُيِّنت تاو للعمل في الأكاديمية المنشأة حديثاً للطب الصيني التقليدي، حيث مكثت هناك طيلة حياتها المهنية. وبين سنتي 1959 و1962، درست بدوام كامل الطب الصيني التقليدي للباحثين المدربين على الطريقة الغربية العصرية.

طلبت فيتنام الشمالية من الصين أن تساعدها في مكافحة الملاريا التي تسببت في خسائر فادحة في صفوف جنودها في حرب فيتنام. أطلق الرئيس ماو تسي تونج المشروع رقم 523 في 23 مايو 1967 لإيجاد علاج للملاريا المقاومة للكلوروكوين.

وفي عام 1969، عُينت تاو رئيسة للمشروع 523، عندما كان عمرها 39 عاماً. وكان أول عمل لها هو البحث عن آثار الملاريا. ولهذا السبب، سافرت إلى جزيرة هاينان في جنوب الصين، التي كانت تعاني في ذلك الوقت من تفشي الملاريا.

في تلك الغابات المطيرة، شهدت تاو بشكل مباشر الخسائر المدمرة للمرض في صفوف البشر. فاضطرت إلى ترك ابنتها البالغة من العمر سنة واحدة مع والديها ووضعها في دار حضانة. وقد مرت ثلاث سنوات قبل أن ترى أطفالها مرة أخرى.

قالت تو: “كان العمل أولوياتي القصوى، لذلك كنت على استعداد لأضحي بحياتي الشخصية.”

ولدى عودتهم إلى بيكين، استعرض الفريق نصوص طبية قديمة لفهم الطرق الصينية التقليدية لمكافحة الملاريا. وفي ذلك الوقت، تم اختبار أكثر من 240 ألف مركب لاستخدامه في العقاقير المضادة للملاريا المحتملة، ولم ينجح أي منها. وفي الأخير، وجد الفريق إشارة إلى النبتة “الشيح حولي” التي استُخدمت في الصين في حوالي سنة 400 ميلادية لمعالجة «الحمى المتقطعة» التي تعد أحد أعراض الملاريا.

قالت تو “سيساعدنا الطب الصيني في التغلب على الأمراض التي تهدد الحياة في جميع بقاع العالم، وسيتمتعون بفوائده”

في عام 1971 قام فريق تاو بعزل مركب نشط في الشيح حولي والذي بدا وكأنه يكافح الطفيليات الصديقة للملاريا. لم ينجح الفريق بعد اختبار مستخلصات المركب، فعادت تو مرة أخرى إلى النص الصيني القديم وتساءلت عما إذا كان العنصر الفعال في النبتة يتضرر عند الغليان لتحضير المذيب، ولذلك حاولت تحضيره مرة أخرى، لكن هذه المرة استخدمت مذيب قائم على الإيثر. بما أنه يغلي في درجة حرارة منخفضة لم يتضرر الشيح حولي، وعندما اختبرته على الفئران والقرود كان معدل نجاحه 100 بالمئة. ثم قامت تاو واثنين من زميليها باختبار المادة على نفسيهما قبل اختبارها على 21 مريضاً في مقاطعة هاينان فتعافو جميعهم.

وفي العام التالي، قام فريق تاو بترشيح الأرتيميسينين، أي المكون النشط للمركب. ونشروا النتائج التي توصلوا إليها، ورغم أن أعمالها لم تنشر باللغة الإنجليزية حتى سنة 1979. وفي عام 1981، دعتها منظمة الصحة العالمية والبنك الدولي والأمم المتحدة إلى تقديم النتائج التي توصلت إليها على المسرح العالمي.

تقول تاو: “أرتيميسينين … هدية حقيقية من الطب الصيني القديم. لكنَّ هذه ليست المرة الوحيدة التي تثمر فيها حكمة الطب الصيني ».

استغرق الأمر عقدين من الزمان لمنظمة الصحة العالمية لتوصي أخيراً بالعلاج بالمركب المكون من مادة الأرتيميسينين للدفاع الأولي ضد الملاريا. وصفت مؤسسة لاسكير، التي منحت تاو جائزة في البحوث الطبية السريرية في عام 2011، أن اكتشاف الأرتيميسينين بمثابة “أهم تدخل صيدلي في نصف القرن الماضي”

ومن جانبها، كانت تو رافضة لأخذ الجائزة، حيث قالت: « لا أريد الشهرة ». وعندما قبلت جائزة نوبل لعام 2015 في علم وظائف الأعضاء أو الطب، كان عنوان محاضرتها “اكتشاف الأرتيميسينين: هدية من الطب الصيني التقليدي إلى العالم”. لكنها كانت فخورة باكتشافها فكل عالم يحلم بتقديم شيء يمكن أن يساعد العالم.

المصادر:  1. هنا 2. هنا 

 

اقرأ أيضا: لماذا يعتبر ختان الإناث جريمة إنسانية؟

مميزات ميدالية جائزة نوبل

“بينما كانت القوات تزحف في شوارع كوبنهاجن، كنت مشغولاً بإذابة ميداليات لاوي-Laue وأيضاً ميداليات جيمس فرانك-James Franck”

فما هي مميزات ميدالية جائزة نوبل ؟

فمنذ عام 1901، كانت ميداليات جائزة نوبل جزءاً من العديد من القصص الرائعة. فكان واجباً علينا أن نذوب ثلاث ميداليات نوبل في الدنمارك لإخفائها عن النازيين. وقد اختلطت ميداليتان من ميداليات نوبل بين حائزين مختلفين واستغرق الأمر منهم أربع سنوات لتصحيح الخطأ. وقد تسببت ميدالية نوبل في إرباك أمن المطار عندما تبين أنها سوداء تماما في آلة الأشعة السينية في فارغو نورث داكوتا-Fargo North Dakota. وبذلك نعتبرها على أقل تقدير ميدالية ذهبية خاصة جدا.

في عام 1902، حصل الفائزون على أول ميدالية “حقيقية” لجائزة نوبل في الفيزياء والكيمياء والفيزيولوجيا والطب والأدب حيث صممها النحات السويدي إريك ليندبرغ-Erik Lindberg. بالطبغ قد تتسآل لماذا لم تمنح لهم ميداليات حقيقية منذ عام 1901أي عندما تم منح الجوائز الأولى لنوبل؟ ويرجع السبب في التأخير إلى أن تصاميم الجوانب العكسية لأوسمة نوبل “السويدية” لم توضع في صيغتها النهائية في الوقت المناسب قبل الاحتفال بمنحها لأول مرة في عام 1901. ويلزم أن توافق كل مؤسسة من المؤسسات الحائزة على الجوائز على هذه التصميمات.

ويبدو من مراسلات إريك ليندبرغ مع والده الأستاذ أدولف ليندبرغ-Adolf Lindberg أن كل واحد من الفائزين بجائزة عام 1901 حصل على ميدالية “مؤقتة”، وكانت ميداليات تحمل صورة ألفريد نوبل-Alfred Nobel وصنعت من معدن أساسي كتذكار حتى انتهاء تصنيع الميداليات “الحقيقية”. ولم تكتمل أولى هذه الميداليات حتى أيلول/سبتمبر 1902.

تصميم فرنسي

كان إريك ليندبرج-Erik Lindberg يعيش في باريس خلال السنوات التي صمم فيها الميداليات، فوفقاً للشاعر الأيرلندي وليام بتلر ييتس-William Butler Yeats التصميم يبدو فرنسي للغاية. بعد أن حصل ييتس-Yeats على جائزة نوبل للأدب في عام 1923 كتب ما يلي في كتاب “جائزة السويد-The Bounty of Sweden”.

إنني قادر على دراسة وتحليل ميداليتي، تصميمها الساحر الزخرفي الأكاديمي وسلوكها الفرنسي. إنها عمل التسعينات يظهر شاباً يستمع إلى إلهة الإلهام تقف جانبا كشابة جميلة مع قيثارة كبيرة في يدها. بينما أتفحصها أدرك أنني كنت وسيماً ذات مرة مثل ذلك الشاب لكن مقطوعاتي الشعرية التي لم أتمرن عليها كانت عجزة والآن أنا مسن مصاب بداء المفاصل، ولم يبق شيء للنظر إليه سوى إلهة الإلهام الشابة الخاصة بي”.

مميزات ميدالية جائزة نوبل

إن ييتس- وكل الفائزين الآخرين منذ عام 1901 حصلوا على ميداليات جائزة نوبل التي صممها إريك ليندبرج استناداً إلى التصاميم الأصلية. وبما أن إريك ليندبرغ كان مسؤولا عن تصميم ميداليات نوبل “السويدية”، فقد كُلف النحات النرويجي غوستاف فيغلند-Gustav Vigeland بتصميم ميدالية السلام النرويجية في عام 1901. ولكن بما أن غوستاف فيغلند كان نحاتاً وليس نقاشا على الميداليات، فقد صنع إريك ليندبرغ نتوءات من أجل ميدالية السلام استناداً إلى تصاميم فيغلند. ولا تزال تصاميمهم مستعملة حتى اليوم.

فجميع الميداليات لها بعض الإختلافات في التصميم (باستثناء ميداليتي الفيزياء والكيمياء المتشابهتين) ولكنها تبقى ميدالية ذهبية تحمل صورة الشخص ومنقوش مناسب. يعرض الوجه الأمامي من جميع الميداليات صورة لألفريد نوبل في صيغ مختلفة. وعلى الجانب الآخر من الميداليات “السويدية” الثلاث نجد أن العبارة الرئيسية هي نفسها: “Inventas vitam iuvat excoluisse per artes- الإختراعات تعزز الحياة التي يتم تجسيدها من خلال الفن“ (ويمكن ترجمة العبارة كالتالي “وهم الذين حسنوا الحياة على الأرض بواسطة الاكتشافات الجديدة”) في حين أن الصور تختلف بحسب رموز المؤسسات التي حصلت على الجائزة. فوسام السلام مكتوب عليه “Pro pace et fraternitate gentium-من أجل السلام والأخوة بين البشر“ بينما وسام الاقتصاد لا يكتب عليه أي إقتباس على الإطلاق.

مواصفات ميدالية نوبل

وعلى جميع ميداليات نوبل “السويدية” يُنقش اسم الفائز بوضوح تام على الوجه المعاكس، في حين أن اسم الفائزين بجائزة نوبل للسلام والاقتصاد يتم نقش أسماءهم على حافة الميدالية بمعنى أنه ليس واضحا، مما أدى إلى خلق مشاكل بالنسبة للفائزين بجائزة الاقتصاد لعام 1975، الروسي ليونيد كانتوروفيتش Leonid Kantorovich والأميركي جوالينغ كوبمان Tjalling Koopmans، حيث اختلطت ميداليتهم في ستوكهولم، وبعد أسبوع عاد الفائزون بالجائزة إلى بلدانهم حاملين الميداليات الخطأ. وبما أن الواقعة حدثت أثناء الحرب الباردة فقد استغرق الأمر أربع سنوات من الجهود الدبلوماسية لاستبدال الميداليات لمالكيها الشرعيين.

كانت الميداليات “السويدية” تزن كل منها 200 غرام تقريباً وقطرها 66 مم، ومصنوعة من 23 قيراطاً من الذهب. ومنذ 1980 أصبحت تصنع من 18 قيراطا من الذهب المعاد تدويره. ويوزَّع على جميع الميداليات 175 غراماً بإستثناء ميدالية العلوم الإقتصادية التي تزن 185 غ.

جورج دي هيفسي George de Hevesy الحائز على جائزة نوبل

هناك العديد من الإشاعات حول ما حدث لأوسمة نوبل التي حصل عليها ثلاثة من الحائزين على جائزة نوبل في الفيزياء أثناء الحرب العالمية الثانية: ميدالية الألماني ماكس فون لاوي (Max von Laue (1914، وميدالية جيمس فرانك (James Franck (1925، وميدالية دان نيلز بوهر (Dane Niels Bohr (1922.

كان معهد الفيزياء النظرية التابع للبروفسور بوهر Bohr في كوبنهاجن ملاذاً للفيزيائين اليهود الألمانيين منذ عام 1933. أودع (ماكس فون لاوي) و (جيمس فرانك) ميدالياتهما هناك لكي لا تعثر عليها السلطات الألمانية بعد احتلال الدنمارك في إبريل/نيسان 1940، كانت الميداليات المهمة الأولى لبوهر حسب الكيميائي المجري جورج دي هيفيسي (وهو أيضاً من أصل يهودي وحائز على جائزة نوبل في الكيمياء في عام 1943، أنظر الصورة)، الذي عمل في المعهد. كان إرسال الذهب إلى خارج البلاد بمثابة جريمة كبرى في ألمانيا تحت حكم هتلر. وبما أن أسماء الفائزين كانت منقوشة على الميداليات، فإن اكتشافها من قِبل القوات النازية كان سيؤدي إلى عواقب وخيمة جدا.

“لقد اقترحت أن ندفن الميدالية، ولكن بوهر لم يحب هذه الفكرة لأن الميدالية قد تنكشف، فقررت إذابته. بينما كانت القوات الغازية تزحف في شوارع كوبنهاجن، كنت مشغولاً بإذابة ميداليات لاوي وجيمس فرانك. وبعد الحرب، استعيد الذهب وقدمت مؤسسة نوبل بكل سخاء ميداليتين جديدتين للاوي وفرانك”

اقتباس من جورج دي هيفيسي (مغامرات في بحوث النظائر المشعّة Adventures in Radioisotope Research، المجلد 1، الصفحة 27، بيرغامون Pergamon، نيويورك، 1962، الذي تحدث عن ميدالية فون لاوي von Laue.

كتب دي هيفيسي إلى فون لاوي بعد الحرب أن مهمة إزاحة الميداليات لم تكن سهلة، لأن الذهب عديم التفاعل ويصعب تذويبه. فقد احتل النازيون معهد بور وفتشوه بدقة شديدة لكنهم لم يجدوا أي شيء. وانتظرت الميداليات انتهاء الحرب في محلول الماء الملكي أو ماء الفضة ولم يذكر دي هيفيسي ميدالية بور، ولكن الوثائق الواردة في أرشيف نيلز بور في كوبنهاغن تبين أن ميدالية نيلز بور وميدالية الدنماركي August Krogh في الطب قد تم التبرع بها لمزاد أقيم في 12 آذار/مارس 1940 لصالح صندوق الإغاثة الفنلندي. واشترى هذه الميداليات مشترٍ مجهول الهوية وتبرع بها إلى المتحف التاريخي الدانمركي في فريدريكسبورغ حيث لا تزال محتفظة بها.

ما الذي حدث لميداليتي فون لاوي وفرانك ؟

وفيما يتعلق بميداليتي فون لاوي وفرانك، يتضمن أرشيف نيلز بور رسالة من نيلز بور مؤرخة 24 كانون الثاني/يناير 1950 بشأن تسليم الذهب إلى الأكاديمية السويدية الملكية للعلوم في ستوكهولم ويتعلق الأمر بهاتين الميداليتين. وتذكر مداولات مؤسسة نوبل في 28 شباط (فبراير) 1952 أن الپروفسور فرانك نال ميداليته المميزة في احتفال أُقيم في جامعة شيكاغو في 31 كانون الثاني (يناير) 1952.

يملك Brian Schmidt صاحب جائزة نوبل في الفيزياء عام 2011 تجربة خاصة مع ميداليته في مطار فارجو Fargo. طلبت منه جدته في فارغو منه جلب الميدالية وفي طريق عودته إلى بيته، اضطر شميت إلى إرسال ميداليته الذهبية عبر آلة الأشعة السينية في أمن المطار. وبدا حراس المطار مشوشين جدا مع هذا الشيء الأسود على الشاشة وسألوا عن ماهيته ومن أعطاه إياه. فأجاب شميت إنها ميدالية ذهبية حصلت عليها من ملك السويد. فتسآل الأمن لماذا أعطاه الملك هذه الميدالية، فأجاب شميت لأنني ساعدت في اكتشاف أن معدل تمدد الكون يتسارع.

تلك كانت بعض قصص ومميزات ميدالية جائزة نوبل، ولكن قد يشهد المستقبل على المزيد من الغرائب.

مصادر:
موقع جائزة نوبل الرسمي

Exit mobile version