بكتيريا الأمعاء | كيف ترتبط الأمراض النفسية ببكتيريا الجهاز الهضمي؟

بكتيريا الأمعاء | كيف ترتبط الأمراض النفسية بالجهاز الهضمي؟

جورج بورتر فيلبس، طبيب نفسي عمل بمستشفى بيثلام الملكية بلندن القرن الماضي. وبينما يمضي في عمله متابعًا مرضاه المصابين بـ «الكآبة-melancholia» وجدهم يعانون من إمساك شديد بالإضافة إلى أعراض تأثر الأيض من هشاشة الأظافر وشحوب البشرة. 

يأتي الاستنتاج البديهي إلى أذهاننا جميعًا، يرجع ظهور هذه الأعراض إلى الاكتئاب. لكن فيلبس تسائل ماذا لو كان الأمر معكوسا؟ ماذا لو أن هذه الأعراض هي سبب الاكتئاب؟

أول الأدلة

عدّل فيليبس النظام الغذائي لثمانية عشر مريضًا مقللًا نسبة اللحوم في غذائهم ومعتمدًا على مشروب من الحليب المخّمر (الكفير) الذي يحتوى على البكتيريا اللبنية (نوع من البكتريا تساعد على الهضم).

جاءت النتائج بشفاء 11 مريضًا بشكل كامل من أعراض الاكتئاب، بالإضافة إلى تحسن اثنين آخرين.

لم يهتم المجتمع العلمي بنتائج تجربة جورج فيليبس في زمنه. لكن بالنظر إلى ما توصل إليه العلم الآن، نجد فيلبس ناجحًا في تقديم أول الأدلة على العلاقة بين بكتيريا الأمعاء والصحة العقلية.

تعريف بكتيريا الأمعاء

يسكن جهازنا الهضمي تريليونات الأجسام الدقيقة من فطريات أو فيروسات أوبكتيريا، تتركز البكتيريا بشكل أساسي في الأمعاء الغليظة، وتختلف من شخص لأخر. بمعنى أن كل منا يملك نسخته المميزة من بكتيريا الأمعاء اعتمادًا على نظامه الغذائي وأسلوب حياته.

تؤثر هذه البكتيريا على كل شيء تقريبًا بداية من الشهية والوزن حتى المشاعر والحالة المزاجية. ويعرف نظام التواصل بينها وبين والدماغ بالمحور الدماغي-المعوي.

دراسات بكتيريا الأمعاء

ظهرت أشهر الأدلة على وجود المحور الدماغي المعوي في عام 2004. إذ أجرى فريق من الباحثين من جامعة كيوشو اليابانية دراستهم على الفئران. استخدم الفريق سلالة من الفئران المعقمة (نشأت في بيئة خالية من الميكروبات) التي لا تحمل أي ميكروبات على أو داخل جسدها. ولاحظوا تقلبات في مستوى هرمون الكورتيكوستيرون والهرمون المحفز للغدة الكظرية. يرتبط كل من الهرمونين بمستوى الضغط النفسي، ومن هنا استنتج العلماء العلاقة بين بكتيريا الأمعاء والحالة المزاجية.

لم يتوقف فريق الباحثين عند هذا الحد، إذ حقنوا سلالة الفئران المعقمة بجرعة بكتيريا لبنية (نفس سلالة البكتيريا التي استخدمها فيليبس في تجربته). لاحظ العلماء انخفاض معدلات الضغط النفسي عند الفئران التي حقنت بسلالة البكتيريا مقارنة بالسلالة المعقمة تمامًا. 

توصل العلماء في دراسة أخرى إلى نتائج تدعم وجود المحور الدماغي-المعوي. إذ حقن العلماء سلالة من الفئران المعقمة بعينة من بكتيريا الأمعاء المستخلصة من مرضى اكتئاب. لوحظ سلوك الفئران ووُجد أنهم أكثر عرضة للانسحاب من مهام بسيطة كالسباحة. كذلك ظهرت عليهم أعراض مثل الحزن والإحباط التي ترتبط بشكل أساسي بمرض الاكتئاب.

كيف يعمل النظام الدماغي-المعوي؟

درس العلماء النظام الدماغي -المعوي، ووضعوا عددًا من النظريات التي تفسره، منها: 

  • التواصل المباشر مع المخ عن طريق العصب الحائر.

هذا العصب من الأعصاب المخية التي تخرج من المخ، ثم تنتشر في أنحاء الجسم.

توجد مستقبلات هذا العصب بالقرب من البطانة الداخلية للأمعاء لتساعد في تنظيم عملية الهضم. لذا عند وجود خلل في بكتيريا الأمعاء يمكنها أن تبعث رسائل كيميائية تؤثر في نشاط هذا العصب وبالتالي المخ. 

  • تسرب الأمعاء 

تحافظ سلالات البكتيريا على سلامة الجدار الداخلى للأمعاء (عن طريق الحفاظ على سلامة الغشاء المخاطي فتمنع تسرب مكوناته إلى مجرى الدم) عند حدوث خلل في هذه البكتيريا، يختل جدار الحماية ويحدث تسريب لمكونات الأمعاء.

نتيجة لهذا الخلل تُفرز «سيتوكينات ما قبل الالتهاب-pre inflammatory cytokines» التي ترفع معدل سيلان الدم إلى المنطقة المصابة وتنظم رد الفعل المناعي. تسبب هذه السيتوكينات أيضاً شعورًا بتدني الحالة المزاجية والنعاس، وهذا هو سبب شعورنا بالإجهاد وقت المرض.

تعد هذه الآلية مفيدة على المدى القصير، إذ تساعد على حفظ طاقة الجسم لمحاربة العدوى. أما على المدى الطويل فيمكنها أن تؤدي إلى الإكتئاب.

  • تؤثر بكتيريا الأمعاء على عملية هضم وتمثيل «أسلاف-precursors» النواقل العصبية المهمة مثل السيروتونين والدوبامين. كلًا منهما معروف بأهميته للصحة العقلية والحالة المزاجية.
  • يؤثر المخ أيضًا على مكونات بكتيريا الأمعاء، إذ يسبب الضغط النفسي ارتفاع نسبة الالتهاب وبالتالي يؤثر على بكتيريا الأمعاء، التي تؤثر بدورها على المخ وهكذا.

خاتمة

دراسة الأمراض النفسية من منظور الجهاز الهمضي مجال علم جديد ومميز، ويقدم لنا آمالًا جديدة.
على الرغم من وجود الأدوية المضادة للاكتئاب إلا أن أعراضها الجانبية تقلل الزام المرضى بها، ولا تقدم حلًا قاطعًا. لذا يأمل العلماء من خلال دراستهم لبكتيريا الجهاز الهضمي إلى التوصل إلى حلول جديدة ومضمونة للأمراض النفسية وأهمها الاكتئاب.

اقرأ أيضًا: ما هو اكتئاب ما بعد التخرج وكيف يمكن التخلص منه؟

المصادر

متلازمة توريت | 7 مُضاعفات ولا أحد يعرف السبب!

“أريدك أن تتخيل كيف ستشعر لو اهتز كتفك الأيسر بشكل مستمر، ودارت عيناك بثبات، وانقبض فكك بشدة لدرجة أن أسنانك كانت على وشك التحطم. بالإضافة إلى ذلك، اضطررت إلى إطلاق صرخة عالية النبرة كل عشر ثوان”

هذا هو الوصف الذي استخدمته عائشة علواني، فتاة مصابة بمتلازمة توريت، في حديثها على منصة تيد (ted) عن رحلتها مع هذا المرض.

فما هي تلك المتلازمة؟ وما أعراضها وأسبابها والعلاج المقترح لها؟

ما هي متلازمة توريت؟

متلازمة توريت هي اضطراب عصبي يصيب الأطفال عادة بين سن الثانية والخامسة عشر. تتضمن حركات أو أصوات لا إرادية متكررة مثل: الرمش المتكرر أو هزات الكتف أو ترديد أصوات وكلمات غير مفهومة وأحيانًا بذيئة.

أول من اكتشف هذه المتلازمة هو عالم الأعصاب الفرنسي (Georges Gilles de la Tourette) حيث شّخص رجلًا بعمر السادسة والثمانين بها، ومن هنا جاء الاسم.

تظهر هذه المتلازمة عادة عند الأطفال فيما بين سن الثانية والخامسة عشر، مع احتمالية إصابة الذكور بمعدل أكبر من الإناث ثلاث أو أربع مرات. قد تستمر أعراض توريت طوال العمر وتكون من النوع المزمن، ولكن في أغلب الأحوال تتحسن الأعراض مع انتهاء سن المراهقة ودخول مرحلة  البلوغ.

الأعراض

«العرّات-Tics» هي أشهر أعراض متلازمة توريت، وهي حركات أو أصوات مفاجئة ومتكررة تختلف في شدتها بين البسيط والمعقد.

  • العرّات البسيطة هي حركات قصيرة ومفاجئة ومتكررة، ويستخدم المريض بها عددًا محدودًا من المجموعات العضلية مثل: الرمش، أو التجهم، أو هز الكتف. وقد تكون العرات صوتية أيضًا مثل: تسليك الحلق، أو النعار، أو الشم.
  • العرّات المعقدة وهي حركات مميزة ومتناسقة يستخدم بها المريض العديد من المجموعات العضلية. مثل: التجهم مع هز الكتف ودوران الرأس، أو صوتية مثل: تكرار عبارات وكلمات.

يسبق أعراض توريت شعورًا بالتوتر والرغبة في تحريك العضلات المصابة، يختفي هذا التوتر عندما يستجيب المريض للعرات ثم يعاود الظهور مجددًا وهكذا. وفي بعض الحالات المتقدمة قد ينخرط المريض في سلوكيات مؤذية للنفس كأن يلكم وجهه، أو يردد كلمات بذيئة، أو يكرر كلمات الآخرين.

بالنظر إلى ما أسلفنا ذكره يمكننا تقسيم أعراض متلازمة توريت إلى نوعين:

  • عرّات حركية
    مثل: الرمش وهز الكتف ورعشة الأنف وحركة الفم وهز الرأس.
    وقد تكون أكثر تعقيدًا مثل: لمس وشم الأشياء، أو المشي بنمط معين، أو القفز، أو استخدام إشارات بذيئة.
  • عرّات صوتية
    مثل: السعال والنعار والزمجرة
    وقد تكون أكثر تعقيدًا مثل: ترديد نفس الكلمات والعبارات، أو ترديد عبارات الآخرين، أو استخدام كلمات بذيئة.

الأسباب

السبب الرئيسي لظهور متلازمة توريت ليس معروفًا حتى الآن، فهذه المتلازمة معقدة ويرتبط ظهورها بعدد من العوامل الجينية والبيئية. بالإضافة إلى بعض التغيرات في مناطق محددة من المخ وما يربط بينها من نواقل عصبية أهمها الدوبامين والسيروتونين.

عوامل الإصابة

  1. الجينات وتاريخ العائلة: الجينات أحد عوامل ظهور هذا المرض، لذا تزداد احتمالية الإصابة به في حالة ظهوره في تاريخ العائلة.
  2. العوامل البيئية: حينما تجتمع بعض العوامل البيئية المحفزة كالضغط المستمر، ونظام النوم غير الصحي مع الجينات، تزداد احتمالية الإصابة بمتلازمة توريت.
  3. الجنس: تزداد احتمالية إصابة الذكور بمتلازمة توريت بنسبة 4:1 مقارنة بالإناث.

متلازمة توريت والتوحد

لا تتوقف أعراض توريت عند الحركات اللإرادية وحسب، بل تمتد لتؤثر على سلوك الشخص وحياته الاجتماعية. أحد الاضطرابات التي لاحظ العلماء ارتباطها بشكل واضح بمتلازمة توريت هو «اضطراب طيف التوحد-ASD» 

في دراسة حديثة أجراها علماء جامعة كاليفورنيا بسان فرانسيسكو، تم اختبار 294 طفل مصاب بمتلازمة توريت. ووجدوا أن ما يقرب من 23% منهم تظهر عليه أعراض اضطراب طيف التوحد. أما عند اختبار 241 بالغ جاءت النسبة 8.7 % فقط.

حلل العلماء هذه النتائج ووجدوا أن واحد من كل خمسة أطفال مصابين بمتلازمة توريت، تظهر عليه أعراض اضطراب طيف التوحد. لكن عند مقارنة نسبة التوحد عند البالغين والأطفال توصل العلماء أن مصابي توريت ربما يطورون أعراضًا تشبه أعراض التوحد، لكنه ليس توحد حقيقي. بمعنى أن أعراض التوحد الشائعة في متلازمة توريت تقل وتختفي مع البلوغ، أما التوحد الفعلي فهو مستمر مدى الحياة.

بالإضافة إلى أعراض التوحد، يشيع ظهور هذه الحالات أيضًا مع متلازمة توريت:

  • اضطراب فرط الحركة
  • اضطراب الوسواس القهري
  • صعوبات التعلم
  • اضطرابات النوم 
  • القلق
  • الاكتئاب

علاج متلازمة توريت

  1. لا يحتاج أغلب مصابي توريت العلاج، لأن الأعراض تظهر وتزول تلقائيًا دون إعاقة لجودة حياة المريض.
  2. تحتاج بعض الحالات علاجًا عندما تعيق الأعراض (العرّات) أنشطة الحياة اليومية.
    يُنصح المريض في هذه الحالات بأدوية كابحة للعرّات مثل: هالوبيريدول وبيمو زايد.
  3. أدوية توريت لا تصلح لجميع المرضى، ولا تشفي المرضى نهائيًا. بالإضافة إلى أعراضها الجانبية من زيادة الوزن والشعور بالخدر.
  4. ينصح بعض المرضى بالعلاج السلوكي للسيطرة على العرّات.
    وذلك بتدريبهم على تحديد المشاعر التي تستثير الأعراض والعمل على استبدالها، أو بتدريبهم على التحكم في الرغبة (التوتر الداخلي) الذي يستثير العرّات.

المصادر

التاريخ الكبير: كيف بدأت الحياة على كوكبنا؟

إن أحد أكثر الأسئلة التي تظهر مدى جهلنا بالكون هو كيف بدأت الحياة على كوكبنا؟

كيف لكل هذا التعقيد أن ينشأ؟ العشرات من الآلاف من العمليات الكيميائية الحيوية، التي تحدث بداخلك بينما تقرأ هذا المقال. لكن العلم لديه بعض الآراء والفرضيات بهذا الشأن.

التشابه بين الكائنات الحية وعلاقته بكيفية بداية الحياة

إذا ما تأملت أشكال الحياة من حولك، فستجد تشابهات كثيرة، لنأخذ على سبيل المثال آلية عمل الفيروسات، لا تستطيع الفيروسات التكاثر ذاتيًا، لذا تتكاثر الفيروسات عن طريق زرع مادتها الوراثية بداخل خلية حية، مما يحول تلك الخلية لمصنع ينتج آلاف الفيروسات من نفس النوع، إنه لغريب حقًا كيف تحولت الخلية من كائن قائم بذاته، إلى مصنع لكائن آخر، وكل هذا حدث بمجرد تغيير المادة الوراثية للخلية، فقد قام الRNA الخاص بالفيروس بتغيير وظيفة الخلية كليًا.ولكن ما علاقة هذا بنشأة الحياة؟

هذا يخبرنا أن للحياة أصل مشترك واحد، وأن الحياة نشأت من كائن أولي واحد.على سبيل المثال، نحن تستطيع أن نأكل الموز، فكر بهذا، لماذا نستطيع هضم الموز؟ لأنه وببساطة، حجر الأساس الذي يكون الموز، هو نفسه حجر الأساس الذي يكوننا، بل والذي يكون كل الكائنات الحية.جرب مثلا أن تأكل صخرة، لن تستطيع، لأنه لا يوجد قاسم حيوي مشترك بينك وبين الصخرة، لذا فبما أن بعض الحيوانات تتغذى على النباتات، وبعض الحيوانات تتغذى على آكلات النباتات، فكلهم لديهم أصل واحد.

البحث عن أصل الحياة

ولكن هل يمكننا تتبع هذا السلف المشترك؟ الإجابة هي نعم وبكل تأكيد، فالسجل الأحفوري للنباتات، يخبرنا بوجود حفريات لنباتات بعمر 3 بليون سنة، ولكن هذا لا يمكن أن يكون هو أصل الحياة، إذ أن به الكثير من التعقيد الذي لا يمكن أن ينشأ من كيمياء بسيطة، لذا فأصل الحياة أبسط من هذا.

أين نشأت الحياة؟

هناك العديد من الفرضيات التي تدعي بأن أصل الحياة من خارج الأرض، وأن السماء أمطرت علينا نيازكها محملة بأولى الكائنات الحية، ولكن هذا لا يجيب عن السؤال، هو فقط يلقي بالمشكلة في مكان آخر، لذا فسنركز على ادعاء نشأتها على الأرض.

كيف بدأت الحياة

لنحول المواد الكيميائية الميتة إلى كائنات حية، نحتاج إلى بعض المركبات الكيميائية المعقدة، كالأحماض الأمينية على سبيل المثال، كما نحتاج أيضًا إلى طاقة كبيرة، لتحول هذه المركبات الكيميائية المعقدة، إلى خلية حية غاية في التعقيد، ولحسن الحظ، كل هذا كان موجودًا قبل 3 بليون سنة، فقد كانت البراكين على كوكبنا أكثر نشاطًا، وذلك بسبب زيادة الحرارة، لذا فيمكننا أن نفترض أن الحياة نشأت حول أحد الفوهات البركانية، الموجودة في أعماق المحيطات، حيث توجد الكثير من الحرارة لتحويل الكيمياء الميتة إلى كائن حي، ولكن كما نرى من حولنا، يمكننا رؤية الكائنات الحية الدقيقة في صراع دائم مع بعضها البعض، من أجل البقاء، بل أن بعضها يتغذى على البعض الآخر، لذا فيمكننا القول بوجود العديد من الكائنات الأولية الدقيقة، التي تصارعت في أعماق المحيطات من أجل البقاء، إلى أن نجح نوع واحد بالاستمرار، مما أدى إلى وجودك الآن تقرأ هذا المقال.

الخلاصة

لا يمكننا الجزم بشأن أصل الحياة، فليس بمقدورنا التأكد من هذا بآليات العلم التجريبي، ولكن يمكننا الخروج ببعض الافتراضات والسيناريوهات وفقًا لما نراه من حولنا، ومن يدري؟ أليس من الممكن أن يكون من يكتشف أصل الحياة هو أحد قُرّاء هذا المقال؟

من كورس ل Coursera مقدم من «جامعة أمستردام-Amsterdam

coursera

لقراءة سلسلة التاريخ الكبير ج6 من هنا

سلسلة (التطور) – مقال (3): “هل يمكن للإنسان أن يتأثر بظاهرة الانتقاء الطبيعي ؟”

سلسلة (التطور) – مقال (3): “ههل يمكن للإنسان أن يتأثر بظاهرة الانتقاء الطبيعي ؟”

بعد حديثنا عن الانتقاء الطبيعي، ورأينا بأنفسنا الأدلة على وجوده، وكيف أنه يمكن أن تتطور رقاب الزرافات بواسطة الانتقاء الطبيعي.

ولكن ربما بدأت تتساءل عزيزي القارئ، هل يمكن للانتقاء الطبيعي أن يطور أعضاء وتراكيب معقدة، كالعين مثلًا، هل يمكن لأعيننا أن تكون قد تأثرت عن طريق الانتقاء الطبيعي ؟ أم أن الانتقاء الطبيعي لا يغير إلا تفاصيل بسيطة صغيرة ؟ وهل يمكن للإنسان أن يتأثر بظاهرة الانتقاء الطبيعي ؟

وفي الحقيقة، فإن الأجابة هي نعم !

يجب علينا إدراك أن الانتقاء الطبيعي يحدث دائمًا بخطوات صغيرة وبسيطة، وهذه الخطوات تكون دائمًا في مصلحة الكائن الحي.

كيف تطورت أعين الكائنات البدائية بمرور الزمن ؟

فيمكن مثلًا أن نتخيل نوعًا من الديدان البدائية، والتي لم تكن تتمتع بعيون معقدة ولكنها كانت تمتلك خلايا مسطحة تعمل «مستحثات ضوئية-photoreceptors». وتعرف مستحثات الضوء بأنها خلايا تستجيب لسقوط الضوء عليها، وبالتالي يمكنها التفريق بين الضوء والظلام فقط.

وبالتالي يمكن لهذه الدودة على الأقل أن تفرق بين الضوء والظلام، فيمكنها مثلًا أن تزحف حتى تشعر بالظلام، فمن المحتمل أن تكون الدودة قد زحفت حتى صارت تحت صخرة، وبالتالي فهي في أمان، وبالتالي يمكن لهذه المستحثات الضوئية أن تساعدها ولو بشكل بسيط على النجاة.

وبعد حدوث العديد من الخطوات بواسطة الانتقاء الطبيعي، يمكن لهذه المستحثات الضوئية المسطحة أن تتطور حتى تصبح مقعرة كالكوب الفارغ، وبالتالي عندما يسقط الضوء عليها من اتجاه معين، يمكن للدودة أن تحدد الاتجاه الذي سقط منه الضوء ويمكنها أن تحدد الاتجاه الذي ستزحف إليه. وهكذا تتطور الأمور أكثر وتتحسن لتساهم في نجاة الدودة.

وبالتالي فإنه مع الوقت، وحدوث التغيرات الطفيفة مع الوقت، يمكن أن يؤدي ذلك في النهاية إلى تطوير تراكيب معقدة.

هل تطورت عين الانسان بنفس الطريقة ؟

ولكن ماذا عنا ؟ هل نتطور ؟ هل يتعرض بنو الانسان إلى الانتقاء الطبيعي ؟ لأنه بمراقبة التقدم والرقي الذي وصل إليه الانسان، يصعب تصور أنه لا يزال هناك صراع على الحياة يمتد لأجيال ويمكن من خلاله حدوث الانتقاء الطبيعي.

حسنًا، لنتحاور معًا، هل يمكن لموضوع العين الذي تكلمنا عنه سابقًا أن تنطبق عليه كل شروط الانتقاء الطبيعي وبالتالي يمكننا إثبات أن الانسان لا زال يتعرض للانتقاء الطبيعي.

هل هناك تنوع ؟ نعم بالطبع. على سبيل المثال، إذا نظرت حولك، حتمًا ستجد أحدهم يضع نظارات. يمكن لهذا على الأقل أن يعد تنوعًا.

هل هناك توارث لتلك الصفة ؟ ضعف النظر الذي يستدعي بالضرورة ارتداء نظارة يكون متوارثًا، فتجد أشخاصًا يضعون النظارات وكان آباؤهم كذلك من واضعين النظارات.

ولكن هل هناك صفة الاختيار ؟ هل يعتبر ضعف النظر أو قوته بشكل ما ضروري أو مهم للنجاة في عصرنا الحالي ؟

ربما كانت صفة قوة النظر ضرورية ومهمة للبشر الذين عاشوا في مجتمعات تعتمد على الصيد بشكل أساسي في الحياة، فإن كنت تمتلك نظرًا أقوى زادت فرصتك في إتقان الصيد وبالتالي تزداد فرصتك في النجاة. ولكن في عصرنا الحالي، نحن لا نعتمد بشكل أساسي على الصيد في مجتمعاتنا هذه. وبالتالي لا يمكن أن تساهم صفة قوة النظر في النجاة في وقتنا هذا، ولكن في النهاية، “الانتقاء الطبيعي” هو قانون طبيعي، كالجاذبية الأرضية مثلًأ، يمكننا أن نتحايل عليه أو نمنعه في بعض الحالات، ولكن لا يمكننا أن نمنع حدوثه بشكل كامل، وفي الحقيقة فنحن لا زلنا في صراع على النجاة.

صراعنا الخاص على النجاة!

يمكننا أن نتحدث على سبيل المثال عن الأمراض، كالمالاريا مثلًا، فقد تسبب هذا المرض في حصد العديد من الأرواح في أفريقيا، وفي أوروبا والولايات المتحدة، تسبب بعض الأمراض في قتل الملايين من البشر، والإيدز مثلًا، يمكننا الحديث قليلًا عن الايدز.

يصاب الناس بالعديد من الفيروسات والبكتيريا، ولكن بعضهم يشتد عليه المرض أكثر من غيره، فهل تساهم جيناتنا في ذلك ؟ وهل للانتقاء الطبيعي دور في حدوث ذلك ؟

الإجابة هي نعم، يمكن لأنواع مختلفة من الجينات أن تغير قابلية تعرض الأفراد إلى الإصابة بالإيدز أكثر من غيرهم، ودراسة هذه الجينات يمكنها في المستقبل أن تمكننا من ابتكار أدوية لوقف أو الإبطاء من حدوث العدوى.

منذ الثمانينات، أصيب العديد من البشر بفيروس الايدز، ولكن لم يصب به كل من تعرض له، وقد حير ذلك الأمر العلماء لفترة من الزمن، وبدأوا يراقبون تلك الحالات، هل يمكن أن يمتلك البعض مناعة طبيعية تجاه الإيدز ؟

يمكننا فهم ذلك بسهولة إن فهمنا الطريقة التي يتعامل بها فيروس الإيدز مع خلايانا. وككل الفيروسات، لا يمكن لفيروس الإيدز أن يصنع نسخًا من نفسه بدون مساعدة من خلايا الإنسان، وبالتالي فهي تدخل إلى خلايا الإنسان وتستخدم الآلية الخاصة بها في الانقسام وتصنع نسخًا عديدة من نفسها وتنتشر في الجسم كله.

ولكن يمكن لفيروسات الإيدز أن تدخل إلى خلايا معينة فقط، فكيف يمكنها إذًا أن تجد الخلايا المناسبة ؟

يمكنها أن تفعل ذلك عن طريق بروتينات مخصصة لذلك تدعى المستقبلات، وهذه المستقبلات تكون موجودة على سطح الخلية لتتلقى المعلومات وتقوم بنقلها إلى داخل الخلية. ويقوم فيروس الإيدز بالإمساك بسطح الخلايا التي تحتوي على مستقبل يدعى CD4.

تعد الخلايا التي تحتوي على مستقبل CD4 جزءًا مهمًا من مناعة الجسم ضد كل الأمراض، وعندما يمسك فيروس الإيدز بها فإنه يدمرها تدريجيًا ويعيق الجهاز المناعي، ولذا سمي بمرض نقص المناعة.

ويتضح أيضًا أن مستقبلات CD4 ليست كافية، فهناك بروتين آخر يدعى CCR5 يعتبر مساعدًا للمستقبل CD 4 لأنه يعمل معه، ويعد هو الباب الذي يتيح دخول فيروس الإيدز لداخل الخلية.

اتضح أن الكثير ممن يمتلكون مناعة طبيعية ضد فيروس الإيدز توجد بداخلهم طفرة في بروتين CCR5 تدعى هذه الطفرة CCR5-delta32 ، وتؤدي هذه الطفرة إلى تكوين بروتين أصغر لا يصمد فوق سطح الخلية، وبالتالي لا تستطيع معظم أشكال فيروس الإيدز أن تصيب الخلايا بالعدوى إن لم يكن هناك بروتين CCR5 على سطح الخلية.

يمتلك الأفراد الذين عندهم نسختان من هذه الطفرة (حيث قاموا بتوارثها من الوالدين) مناعة كبيرة تجاه الإصابة بالإيدز. ويحدث ذلك الأمر لحوالي 1 بالمئة من القوقازيين( السلالة القوقازية من البشر).

بينما إذا امتلك الفرد نسخة واحدة من هذه الطفرة فإنها تعطيه بعض المناعة تجاه المرض، وتقوم بتخفيف آثار المرض إذا ما أصيب الفرد بالإيدز بالفعل. وهذا الأمر منتشر بنسبة أكبر عن سابقه حيث يمكن ملاحظته في عشرين بالمئة من السلالة القوقازية من البشر.

حسنًا، هناك أناس إذًا يتمتعون عن غيرهم بمقاومة ومناعة طبيعية ضد هذا المرض، ولكن هذه الطفرة توجد بنسبة كبيرة في شمالي أوروبا. على الرغم من انتشار الإيدز بشكل أكبر في أفريقيا، فإنه لا تزال الطفرة المسئولة عن المناعة ضد هذا الفيروس قليلة جدًا في أفريقيا، ويعتبر ذلك بسبب حداثة فيروس الإيدز نسبيًا بالنسبة للبشر، فالفيروس لم ينتقل للإنسان من القرود إلا قبل ثمانين عامًا فقط.

لماذا زاد متوسط طول قامة الانسان مؤخرًا ؟

ولكن ماذا عن صفاتنا الطبيعية الفسيولوجية بعيدًا عن الأمراض وغيره ؟ هل تأثرت هي الأخرى بالانتقاء الطبيعي ؟هل يمكن للإنسان أن يتأثر بظاهرة الانتقاء الطبيعي ؟ في صفاته الطبيعية؟ كطول قامة الإنسان مثلًا ؟ فما نعلمه أن الإنسان كان أقصر قامة قبل ألف عام، كيف يمكن لطول الإنسان أن يزداد في تلك الفترة ؟

حسنًا، لنراجع شروط الانتقاء الطبيعي مرة أخرى، هل هناك تنوع ؟ نعم بالطبع، هل هناك توارث لتلك الصفة ؟ نعم هناك توارث، ولكن هل يفيد ذلك نوعًا ما في بقاء الأفراد الأطول قامة؟

أذهل العلماء السرعة التي ازدادت بها أطوال قامات الهولنديين، فكان الهولنديون يتمتعون بقامة قصيرة نسبيًا قبل قرن من الزمان، ولكن ما لبثوا أن ازدادت أطوال قامتهم بشكل كبير.

افترض الباحثون في البداية أن السبب قد يرجع ربما إلى تحسن ظروف المعيشة، فالطعام الغني بالبروتينات والكربوهيدرات من الممكن أن يساهم في بنية أقوى وقامة أطول، ولكن من المستحيل أن يكون ذلك هو السبب الوحيد، فقد ارتفع مستوى المعيشة نسبيًا بالنسبة لأغلب سكان قارة أوروبا، فلما يزداد متوسط أطوال الهولنديين وحدهم ؟

بالإضافة إلى ذلك، فقد أثبتت دراسة أجريت عام 2000 ونشرت في مجلة Nature أن أصحاب القامة الأطول يميلون إلى إنجاب أبناء أكثر من ذوي القامات الأقصر، ما السر إذًا ؟

حسنًا، ربما يعود السبب إلى النساء، فربما تفضل النساء الرجل الأطول. لأنهن يعتقدن أنه أكثر صحة وقوة، وبالتالي يملك الرجال الأطول فرصة أكبر في الزواج والإنجاب أكثر من ذوي القامات القصيرة. ألا يمكن لهذا أن يكون السبب الحقيقي ؟ لو كان ذلك السبب حقًا، فإن هذا النوع من الانتقاء يطلق عليه الانتقاء الجنسي، وهو نوع خاص جدًا من الانتقاء الطبيعي، وسنتحدث عنه لاحقًا في المقال التالي.

المصدر

Coursera
genetics.thetech
Theguardian
انظر أيضًا الأدلة العملية على التطور

مقاومة إدمان الهواتف الذكية والتخلص منه

في هذه المقال سوف تعرف كيفية مقاومة إدمان الهواتف الذكية والتخلص منه لأن الهواتف الذكية توفر مهربًا من الواقع، تمامًا مثل إدمان المخدرات أو القمار وقد حان الوقت للاعتراف بأن أجهزتنا يمكن أن تؤثر سلبًا على حياتنا وعلينا إجراء تغيير.

حيث تم قبول إدمان الهواتف الذكية على نطاق واسع لدرجة أنه يوجد اسم للخوف من أن تكون بلا هاتف ذكي وهو نوموفوبيا. كما توجد مراكز علاج محددة للمساعدة على الانفصال عن التكنولوجيا.

كيف ندمن على هواتفنا الذكية:

إن الدماغ المدمن على الهاتف الذكي هو نفسه الدماغ المدمن على الكوكايين، حيث نحصل على نشوة في كل مرة تضيء شاشتنا بإشعار جديد. كل ذلك بفضل الدوبامين، المادة الكيميائية الجيدة التي يتم إطلاقها في كل مرة تفعل فيها شيئًا تستمتع به، مثل تناول وجبتك المفضلة أو الحصول على مئات الإعجابات على أحدث منشورات إنستجرام الخاصة بك. يعزز الدوبامين ويحفز السلوك الذي يجعلنا نشعر بالرضا، وبالتالي يمكن أن يخلق الإدمان.

لكن وفقًا لورقة نُشرت في مجلة Frontiers in Psychology، فإن سلوكنا الوسواس تجاه هواتفنا والسبب الحقيقي الذي نتصفح فيه انستجرام في الساعة الواحدة صباحًا عندما يكون لدينا اجتماع مهم  في اليوم التالي لا علاقة له بالهاتف نفسه، بل هو مدفوع بالفعل بإدمان تطوري للاختلاط بالآخرين، بالإضافة إلى الحاجة إلى أن يرانا الآخرون ومراقبة سلوكهم.

الآثار الجانبية السيئة لهذا الإدمان:

  • تساهم الهواتف الذكية في مشاكل النوم حيث أن استخدام الهاتف الذكي قبل النوم يجعله أكثر صعوبة بسبب الضوء الأزرق الذي ينبعث منه
  • يمكن أن تضر الهواتف الذكية أيضًا بالعلاقات الرومانسية بين الأشخاص. فعندما ينظر شريكك إلى الهاتف أكثر منك، هذا يبعث برسالة مفادها أن هاتفهم أكثر أهمية من شريكهم. وعندما يشعر الشريك بالرفض أو عدم التقدير، سيختار في النهاية شخصًا آخر يقدر رفقته.
  • يمكن أن يكون لها تأثير سلبي على الأبوة والأمومة حيث أظهرت الأبحاث أنه عندما يكون الآباء على هواتفهم الذكية أثناء وجودهم مع أطفالهم، فإنهم ليسوا حاضرين بالكامل، مما قد يؤدي إلى مجموعة من المشاكل العاطفية لدى الأطفال، وفقًا لـ Psychology Today.
  • يتوقع الناس منا أن نكون متصلين بالإنترنت ومتصلين بهواتفنا طوال الوقت ففي عصر الهواتف الذكية، غالبًا ما يتوقع منك الأشخاص أن تكون متصلاً رقميًا على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع والرد على رسائلهم فورًا خاصةً مع البريد الإلكتروني ووسائل التواصل الاجتماعي. ومع ذلك، هذا ليس واقعيًا، ويمكن أن يسبب مشاكل عندما يكون لدى أحد الطرفين عقلية التوفر على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع والآخر لا يفعل ذلك.
  • بعض الناس يبنون قيمتهم الذاتية على الإعجابات على وسائل التواصل الاجتماعي
  • ينسى الناس كيفية المواعدة وتكوين صداقات في الحياة الواقعية حيث أظهرت بعض الدراسات أننا نقضي بالفعل وقتًا أقل مع بعضنا البعض في الواقع لأن الاتصال عبر الإنترنت أقنعنا بأننا قد اجتمعنا بالفعل.
  • تقول بعض الأبحاث أن الهواتف الذكية ليست جيدة لأدمغتنا حيث يمكن للهواتف الذكية تشجيع الكسل العقلي ويبطئ من عملية تفكيرك.
  • قد لا تكون جيدة لصحتنا العقلية حيث يؤدي الاستخدام المتزايد للهواتف الذكية إلى الاكتئاب.

كيف نتخلص من هذا الإدمان:

  • حدد الشكل الذي تريد أن تبدو عليه علاقتك بهاتفك.

يبدأ العديد من الأشخاص بهدف غامض دون تحديد ما يحاولون فعلاً تغييره أو تحقيقه، أو تحديد سبب حاجتهم لهواتفهم وإذا لم تأخذ الوقت الكافي لمعرفة ذلك، فمن المرجح أن ينتهي بك الأمر في علاقة غير مرضية أو غير صحية

  • اكتشف مقدار الوقت الذي تقضيه حاليًا على هاتفك.

قم بتثبيت تطبيق تتبع الوقت مثل Moment أو (OFFTIME) الذي سيجمع البيانات حول مقدار الوقت الذي تقضيه يوميًا على هاتفك وعدد مرات امساكه. قد تكون هذه المعلومات محبطة في البداية لكنها طريقة رائعة لتتبع تقدمك وتعزيز حافزك.

  • حدد بعض الأشياء المحددة التي ترغب في القيام بها في وقتك المسترد.

إذا كنت تستخدم هاتفك أقل، فسوف ينتهي بك الأمر إلى المزيد من وقت الفراغ. الكثير من هذا الوقت سيكون قليلًا في البداية، مثل عندما تركب المصعد أو تنتظر في الطابور. ويمكن أن تكون هذه فرصًا رائعة لأخذ نفس عميق ولا تفعل شيئًا. ومن المحتمل أيضًا أن تجد نفسك بحاجة لملء أوقات فراغ أطول. ومن أجل منع نفسك من العودة إلى هاتفك للترفيه عنك، من الضروري أن تتخذ قرارًا بشأن العديد من الأنشطة التي ترغب في استخدامها هذا الوقت ثم قم بإعداد البيئة الخاصة بك لزيادة احتمال التزامك بهذه الأنشطة.

  • استخدم التطبيقات لحماية نفسك من التطبيقات.

قد يبدو هذا اقتراحًا غير بديهي، ولكنه في الواقع فعال للغاية. تسمح لك تطبيقات مثل (Freedom (iOS و (OFFTIME) و Flipd بحظر وصولك إلى التطبيقات ومواقع الويب المحددة مسبقًا. يمكنك تمكين أداة حظر التطبيقات الخاصة بك عندما تحاول التركيز في العمل، أو يمكنك تحديد جدول لساعات اليوم التي تريد الوصول فيها إلى الألعاب والتطبيقات المغرية الأخرى

  • حذف تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي.

عندما يتعلق الأمر بامتصاص الوقت، فإن تطبيقات الوسائط الاجتماعية هي الأسوأ. فقد تم تصميمهم لجعلنا نقضي أكبر وقت ممكن عليهم. فكل دقيقة ننفقها على وسائل التواصل الاجتماعي هي فرصة أخرى لعرض إعلانات لنا. بعبارة أخرى، نحن لسنا عملاء على تطبيقات التواصل الاجتماعي، المعلنون هم. واهتمامنا هو ما يباع. هذا لا يعني أنه لا يمكنك استخدام وسائل التواصل الاجتماعي إذا كنت تريد ذلك حقًا. ولكن إذا كان هدفك هو قضاء وقت أقل على هاتفك، ففكر في قصر نفسك على استخدام الوسائط الاجتماعية فقط على جهاز الكمبيوتر الخاص بك.

  • إعداد مجيب آلي للنص.

كثير من الناس يترددون في أخذ فترات راحة من هواتفهم لأن فكرة أخذ وقت طويل للرد على الرسائل النصية تؤكد عليهم. الحل؟ قم بتعيين استجابة تلقائية للرسالة النصية لإخبار الأشخاص بأنك ستأخذ استراحة، وأنك سترد عليهم عند عودتك. إذا كانت لديهم رسالة عاجلة، فسيعرفون كيفية إيجاد طريقة أخرى للوصول إليك. هذه أداة غير مستغلة بشكل كبير تحدث فرقًا كبيرًا بشكل مدهش. بدءًا من iOS 11، تتمتع Apple بميزة “عدم الإزعاج أثناء القيادة” والتي يمكن تخصيصها لأي موقف (يجب عليك استخدامها بوضوح أثناء القيادة أيضًا). يمكن لمستخدمي Android استخدام تطبيق تابع لجهة خارجية، مثل LilSpace أو رسالة نصية للرد التلقائي على الرسائل القصيرة.

  • افعل كل الأشياء الأخرى التي تعرف أنه من المفترض أن تفعلها ولكنك لم تفعل ذلك بعد.

– قم بشحن هاتفك بعيدًا عن سريرك

– قم بتعطيل جميع الإشعارات باستثناء المكالمات الهاتفية والرسائل وأحداث التقويم

– أعد تصميم شاشتك الرئيسية بحيث لا تعرض سوى التطبيقات التي تعتبر أدوات مفيدة، مع التطبيقات المستهلكة للوقت (بما في ذلك البريد الإلكتروني) مدفونة في مجلد في الشاشة الداخلية(interior screen).

– احصل على ساعة منبه غير التي في هاتفك، وإلا فإنك تضمن أن هاتفك سيكون أول شيء تصل إليه في الصباح.

– أبقِ هاتفك بعيدًا عن الطاولة أثناء الوجبات.

  • تذكر هدفك دائمًا

الخاتمة:

هل تعتقد عزيزي القاريء أنك عندما تعرف كيفية مقاومة إدمان الهواتف الذكية والتخلص منه، سيزيد هذا من إنتاجيتك وتصبح إنسانًا فعالًا في المجتمع أم لا

مصدر(1)، مصدر(2)، مصدر(3)، مصدر(4)

كيف تمكن نورمان بورلوغ من إنقاذ الملايين من الجوع؟

الأب الروحي للثورة الخضراء: كيف تمكن نورمان بورلوغ من إنقاذ الملايين من الجوع؟

يقول نورمان بورلوغ، الفائز بجائزة نوبل للسلام لسنة 1970:

“لا يمكنك بناء السلام على معدة فارغة”

ولد المهندس الزراعي الذي أنقد الملايين من الجوع، يوم 25 مارس من سنة 1914 في ولاية آيوا وتوفي في 12 سبتمبر من سنة 2009 في مدينة دالاس بولاية تكساس الأمريكية. دائما ما يرتبط تعبير “الثورة الخضراء- The green revolution” باسم نورمان بورلوغ. فماهي هذه الثورة؟

كيف تمكن نورمان بورلوغ من إنقاذ الملايين من الجوع؟

تشير الثورة الخضراء إلى زيادة كبيرة في إنتاج الحبوب الغذائية (لا سيما القمح والأرز). وكانت بدايات نجاح هذه الثورة في المكسيك وشبه القارة الهندية. تتطلب الأصناف الجديدة من الحبوب الغذائية كميات هائلة من الأسمدة الكيميائية ومبيدات الحشرات لإنتاج المردودات المرتفعة. بالرغم من دورها الفعال في محاربة الجوع إلا أن هذه التقنية تثير القلق بشأن الآثار البيئية المحتملة والتكاليف.

حصل نورمان على الدكتوراه في سن 27 عاما، وذلك بفضل بحثه في حماية النباتات. وعمل في المكسيك في أربعينيات وخمسينيات القرن العشرين لجعل البلاد مكتفية ذاتياً من الحبوب الغذائية بفضل التقنيات الجديدة للثورة الخضراء. أوصى بورلوغ بتحسين أساليب الزراعة، وعثر على سلالة قوية من القمح (القمح القزم) المتكيفة مع الظروف المكسيكية. وبحلول سنة 1957، أصبحت البلاد مكتفية ذاتيا من القمح.

كان النجاح في المكسيك سبباً في جعل بورلوج مستشاراً زراعيا مرغوباً في البلدان التي لم يكن إنتاجها الغذائي يواكب نموها السكاني. وفي منتصف الستينيات، قدم القمح القزم إلى الهند وباكستان، وازداد الإنتاج بشكل كبير. والواقع أن تعبير “الثورة الخضراء” جعل اسم المهندس نورمان بورلوج معروفاً خارج الدوائر العلمية، ولكنه كان يؤكد دوماً على أنه جزء فقط من فريقه.

ويجدر بالذكر أن نورمان بورلوج من مناصري تقنيات ضبط النسل بغية تحقيق توازن بين النمو السكاني والإنتاج الغذائي.

المصادر: Nobel Prize, Britanica

Exit mobile version