تأملات في فن الرواية للكاتبة رضوى عاشور

تأملات في فن الرواية للكاتبة رضوى عاشور

عرّفت الكاتبة المصرية رضوى عاشور أثناء محاضرةٍ ألقتها عام 2004م، في الجامعة الأمريكية في بيروت الرواية على أنها النوع الأدبي الأكثر اشتباكًا بالواقع. حيث أن لها القدرة على ربط الخاص بالعام، وربط الفكرة المجردة بالحياة التي تستعصي على التجريد. وأقرت أن ما يميز الرواية حقًا هو علاقتها الأخص بالواقع الاجتماعي في امتداده وحقيقته.

نشأة الرواية

سردت رضوى عاشور مسار نشأة الرواية كجنس أدبي. وذلك منذ بداية صدورها في إطار واقع اقتصادي وسياسي بعينه في أوروبا. حيث ارتبط ظهورها بصعود البرجوازية، ونشأت مجموعة من الثورات الفكرية التي تخص إدراك الإنسان لذاته وللزمن، ولعلاقته بالوجود.

ويصف بعض الرواد ذلك الفن الحديث بناءًا على ظروف نشأته. حيث عرّفها فيلنج -أحد رواد الرواية الإنجليزية في القرن الثامن عشر- على أنها ملحمة ساخرة تُكتب نثرًا. ووصفها هيجل ولوكاتس بالملحمة البرجوازية.

ولم تجد رضوى إجابة عما كان يجب علينا نحن العرب أن نسمي رواياتنا من حيث النشأة، فقد كانت السير الشعبية التي تُعتبر الشكل المرادف للملحمة عندنا منفية في الأدب الرفيع، ومحصورة في الهامش بفعل صفاتها الشفهية، بالإضافة إلى أن برجوازيتنا لم يُتح لها الاكتمال لإبداع نوع أدبي جديد قد يُنسب إليها.

ورأت رضوى أنه كان من الصعب دراسة الرواية العربية في معزل عن الواقع الاستعماري وقت نشأتها، حيث شكلت منذ بدايتها سجلًا تاريخيًا للمسار الوطني.

ظهور مصطلح “رواية”

استقر الرواد في بدايات القرن العشرين على استخدام مصطلح “الرواية” للتعبير عن ذلك الشكل الأدبي المستجد للكتابة العربية، وتشيد رضوى بالتسمية، فهو مصطلح أكثر إحاطة ومرونة ونفعًا من مصطلح “Roman” المصطلح الفرنسي الذي يعبر عن الرواية، والذي يرتبط بجنس أدبي سابق انسلت منه الرواية، وكان محوره قصص الفروسية والحب.

وفود هذا الأدب جديدًا على الثقافة العربية أضفى عليه نوعًا من المرونة، فقد كان متحررًا من تلك القوالب والقيود المتأصلة في موروثنا الأدبي، لذلك كان لنا حرية التعبير والحركة في كتابة الرواية.

أصبحت الرواية فن مفتوح مرن وفضفاض، فتسمح بنيتها ونسيجها بمزج المُتخيّل بالوثائقي، والمشهد النابض بالفعل والحركة والمشاعر بالفكر والتأمل، وبتفاصيل تاريخية أو قانونية أو علمية.

الحدود بين الرواية والتاريخ

أكدت الكاتبة على أن الحدود التي تفصل بين التاريخ والرواية، وبين التأريخ والرواية هي حدود هشة قابلة لإعادة النظر فيها.

إن الفن الروائي فن مفتوح وقادر على تجاوز الأشكال المعتادة والقيود المفروضة على الفنون الأدبية. سواء كانت بالشكل الكلاسيكي الواقعي المعروف، أو كانت بالشكل الذي اصطُلح على تسميته بالحداثة وما بعد الحداثة.

الرواية العربية في القرن الواحد والعشرين

أضافت رضوى أن الرواية العربية أصبحت في القرن الواحد والعشرين مفتوحة على إمكانيات تجريبية هائلة، فقد أتيحت لها الفرصة للانفتاح على العالم وعلى التاريخ، حيث سقطت في ذلك الوقت الحدود الصارمة بين الأنواع الأدبية.

وأنهت محاضرتها بإضافة، أن الأصل في الرواية إتاحتها إمكانية حكيّ حكايتنا الدالة على موقعنا في الزمان والمكان. أي في التاريخ، وعلى أنها إسهام في أرشيف الإنسانية الدال على عذاباتها، ومخاوفها وأسئلتها ومساراتها، وأشكال تطلعها وعنادها.

اقرأ أيضًا:

ملخص رواية “ثلاثية غرناطة” للكاتبة رضوى عاشور

ملخص رواية “الطنطورية” للكاتبة رضوى عاشور

ملخص رواية “الواجهة” للكاتب يوسف عز الدين عيسى

ملخص رواية “الواجهة” للكاتب يوسف عز الدين عيسى

تُعتبر رواية الواجهة من أشهر أعمال الكاتب والمفكر المصري يوسف عز الدين عيسى، والتي أثنى عليها الكاتب الكبير نجيب محفوظ. وأقر أنها من أفضل الأعمال التي قرأها.
وقد جاءت الرواية لتطرح الكثير من الأسئلة الفلسفية التي تطرأ على أذهاننا جميعًا، عن ماهية الحياة وألم العيش ولغز الموت المحير. وذلك في إطار روائي مميز، يجمع بين الفلسفة والخيال، ليحكي لنا حكاية البطل “ميم نون” من البداية إلى النهاية.

الواجهة:

تبدأ الحكاية بظهور البطل في مدينة غريبة لا يعرفها، كما لا يعرف اسمه أو من أين جاء. ظل وفقًا في مكانه لبعض الوقت مشدوهًا بما يرى من أناقة هذه المدينة ونظافتها، وشوارعها التي تفوح منها رائحة الفل والياسمين ولكنه لا يعرف كيف نقل إليها ولا متى، قاطعت تفكيره فتاة ترتدي ثوبًا ناصع البياض، تمر من أمامه على استحياء. فقرر أن يتبعها علّه يجد من يجيبه عن تلك الأسئلة التي تدور في رأسه.

رأى الفتاة تدخل مبنى يختلف عن مباني المدينة الأخرى، حيث سمع أصواتًا عديدة وتراتيل تنبعث من الداخل، وعندما دخل أبصر مجموعة كبيرة من البشر جميعهم بملابس بيضاء، يجلسون أمام رجل في الخمسين من عمره يرتدي ملابس تشبه ملابس القس، والذي كان يخبرهم بعدم حاجتهم بعد ذلك لجلسات الوعظ والإرشاد، فإن المدينة طاهرة لا يوجد بها من سارق ولا قاتل، ولا حتى رجل منحرف السلوك أو أنثى فاسدة الأخلاق.

انبهر البطل بما رأى وقرر أن يسرع ليسأل القس عن سبب وجوده هنا، ولكنه لم يلحق به فبمجرد انتهاء الجلسة اختفى الجميع من أمام ناظريه. فخرج إلى الشارع شاعرًا بجوع شديد ووحدة قاتلة. وعندها رأى مطعمًا قريبًا منه جذبته إليه رائحة الشواء فتقدم نحوه وجلس إلى مائدة في وسط المطعم.

أقبلت تجاهه فتاة جميلة تعمل بالمطعم، طلب منها أن تحضر له أي طعام يسد جوعه، وأخبرها أنه لا يملك المال، ففاجأته بأنه ليس عليه دفع أي شيء، فهو غريب عن المدينة وله الحق في الطعام والمسكن لمدة عام دون مقابل. لأن تلك هي القوانين.

وعندما سألها عن مسكنه ذهبت باتجاه الهاتف المعلق على الحائط وأدارت رقمًا وتحدث في بضع جمل قصيرة، ثم عادت إليه مرة أخره وأخبرته أن اسمه هو “ميم نون” ودلته على مسكنه، ودهش عندما علم أن المدينة تتكون من شارع واحد وكل سكان المدينة يعيشون فيه، اتجه إلى منزله وقابل خادمه الذي يعمل بالمنزل، وحاول أن يسأله “ميم نون” عن الأسئلة التي تدور في رأسه، ولكنه أخبره أن يذهب إلى مكتب الاستعلامات إذا كان يريد العثور على إجابات.

حكم الإعدام:

ذهب “ميم نون” إلى المطعم في وقت العشاء ولكنه كان قد تأخر كثيرًا عن الموعد، لذا قرر أن يتفقد المدينة، ولاحظ ابتسام كل من قابلهم من أهل المدينة جميعًا له واحتفالهم به، وأثناء سيره تعرف على شابًا يدعى دال والذي دعاه لتناول العشاء في منزله فرحب ميم فورًا، وهناك تعرف على أختيه ووجد طعامًا وفيرًا، وفي أثناء الطعام بدأ حديثه بأنه سعيد في هذه المدينة وأنها مكان مثالي.

ولكن حاولت إحدى الأختين إخباره بشيء ما فنهرها أخوها وخرجت مسرعة من غرفة الطعام، ثم عادت بعد دقائق صارخة أنها رأت الذبابة وقد حان دورها في الإعدام، مما راع “ميم نون” كثيرًا ولم يفهم شيئًا، من ثم ماتت الفتاة أمام ناظريه.

ثم دق جرس الباب وحضر رجلين يرتديان ملابس سهرة سوداء، حملا الفتاة ووضعاها في سيارة سوداء وانطلقا نحو بالوعة في آخر المدينة وألقوها فيها، وهناك سمع “ميم نون” صوت قطار قادم من بعيد ثم أُغلقت البالوعة.

وكان هذا أول تنفيذ لحكم إعدام يشهده “ميم نون” في المدينة، ومنذ هذه اللحظة عرف أن كل من في المدينة محكوم عليهم بالإعدام بأمر من حاكم المدينة، وهو وحده من يقرر وقت وطريقة الإعدام، وتساءل لماذا يأمر الحاكم بقتل فتاة جميلة مثل هذه؟

وفي اليوم التالي ذهب إلى مكتب الاستعلامات وهناك علم أن مهمته في هذه المدينة هي البحث عن الحقيقة، وتأكد هناك من أن جميع من في المدينة محكوم عليهم بالإعدام بما فيهم هو نفسه، وأنهم يلقون في البالوعة بعد تنفيذ الحكم حيث تنتظرهم حياة أخرى.

اللعنة التي حلت على “ميم نون”:

أمضى “ميم نون” أيامًا في صدمة مما علمه عن تلك المدينة وشاهده فيها، وكان يشعر بوحدة شديدة لذا عندما ذهب إلى المطعم دعا الفتاة التي كانت تقدم له الطعام أن تأتي لمنزله وتؤنس وحدته دون أي تفكير دنيء. بُهتت الفتاة بمجرد سماع هذا الكلام، ونهرته واتهمته بأنه يلوث المدينة بخطاياه. وشكته للجهات المسؤولة في المدينة وحرمته من مجانية الطعام والمأوى.

وعندما خرج ميم إلى الشارع تفاجئ بأن الجميع ينظرون له باشمئزاز، وعندما ذهب إلى منزله طرده الخادم جزاءًا لإثمه، وعلم “ميم نون” أنه لكي يحصل على المال يجب أن يدور في طاحونة المدينة. بحث بجد عنها حتى وجدها واستطاع تخطي الاختبار وبدء العمل، وكان عليه أن يدور في الطاحونة وتلهب السياط ظهره من قبل عامل الطاحونة ليحصل على المال.

خرج ميم منهك القوى مدمى الظهر من الطاحونة يحمل عشرين قرشًا، ثم ذهب إلى المطعم ليتناول طعامه، تناوله على عجل وغادر المكان، ومعه كل الأسئلة التي سرقت النوم من عينيه تدور في رأسه، فماذا تكون تلك المدينة؟ ومن هو مالكها؟ ولماذا يستمتع بإعدام الناس؟

رجع “ميم نون” إلى منزله فقد استطاع أن يدفع الإيجار بما كسبه من الطاحونة. وفي اليوم التالي ذهب للطاحونة مرة أخرى ليحصل على قوت يومه، وعندما ذهب للمطعم على العشاء وجد أن أسعار الطعام قد ارتفعت بشكل كبير فلم يستطع شراء عشائه، واستمر في الدوران في الطاحونة لأيام والأسعار تتزايد بشكل مستمر، وأجره في الطاحونة كما هو لا يتغير وأصبحت المعيشة أصعب.

زواج مفاجئ:

عاد ميم إلى منزله في يوم ووجد هاتفًا قد وضع جانب سريره بأمر من مالك المدينة، وعبر هذا الهاتف تلقى مكالمه من رجل مهم في المدينة يدعوه لتناول العشاء معه، وهناك لم يحصل “ميم نون” على إجابات مرضيه على تساؤولاته مثلما كان يظن، ولكنه حصل على وجبة عشاء دسمة وتعرف على فتاة شقراء تعمل لدى هذا الرجل المهم.

وعندما خرج من هناك، وجد في طريقه مبنى معلق عليه لافتة. مكتوب عليها “كل من يشكو الوحدة يدخل هذا المكان” فدخل على الفور. ولكنه وجد هناك باب مكتوب عليه “كل من يرغب في تجربة القلق والحزن يدخل من هذا الباب”. فحاول التراجع ولكن لم يجد مفر من الدخول.


وعندما دخل رأى قاعة احتفالات مليئة بالشباب والفتيات، ووقعت عيناه على الفتاة التي وجدها سابقًا عند الرجل المهم، وعندما ابتسمت له وابستم لها كانت قد تمت مراسم الزواج بينهم واستلما الوثيقة عند خروجهما، تفاجأ ميم مما حدث ولكنه قد اطمأن لأنه لن يظل وحيدًا بعد الآن.

الجزء الخلفي من المدينة:

وفي الصباح ذهبا معًا لتناول الطعام، ولكن النقود التي مع “ميم نون” لم تكف نظرًا لغلاء الأسعار المستمر. ذهب ودار في مرارًا وفي كل مرة عند عودته يجد أن الأسعار قد ارتفعت. وظل يذهب إلى الطاحونة ويرجع ولا يحصل على المال الكافي وسط ضحكات الأطفال ونظرات أهل المدينة، فأدرك أن زواجه لم يكن خطوة جيدة. وعندما استيقظ في اليوم التالي لم يجد زوجته بجانبه، فأخبره الحارس أنها قد تكون في الجزء الخلفي من المدينة!


ذهب ميم إلى مكتب الاستعلامات ليعرف ما هو الجزء الخلفي من المدينة. ولكنه قرر السؤال عن سبب غلاء الأسعار وعدم ارتفاع أجره. فحوكم بالسجن عدة أيام عقابًا على ما فعله. وعندما عاد إلى منزله وجد أن مالك المدينة قد أهداه طفلان، صبي وفتاة في عمر السابعة تقريبًا.
أصبح على ميم مسؤوليات كبيرة لإطعام وكساء الطفلين. وزادت مرات دورانه في الطاحونة وإلهاب ظهره بالسياط، وفي يوم استيقظ من النوم فرأى زوجته تتسلل إلى باب خلفي لم يره مسبقًا داخل المنزل، فتبعها والفضول يأكله ووجد نفسه في مكان قذر تفوح منه رائحة النفايات. وجد نفسه في الجزء الخلفي من المدينة.

رأى ميم جميع أشراف المدينة الذين يعيشون في الواجهة. ومن ضمنهم فتاة المطعم التي عوقب من أجلها والواعظ الذي رآه فور وصوله للمدينة، يمارسون أبشع التصرفات في ذلك الجزء الخلفي، يسيرون أشباه عرايا، يسرقون ويزنون ويقتلون ومن يفعل غير ذلك يلقى العقاب، وتساءل ماذا تفعل زوجته في هذا المكان! وعندما يأس من إيجادها رجع إلى منزله فوجدها قد عادت، ولكنها لم تخبره عن سبب ذهابها إلى هناك.

وفي يوم قضاه ميم وزوجته خارج المنزل لزيارة الرجل المهم، عادا إلى المنزل فلم يجدا الطفلين وكانا قد ذهبا إلى الجزء الخلفي من المدينة. وعندما وجدهما ميم كان الطفل قد صدمته سيارة وتسلما إنذارًا بإعدامه. ولكي يرفع حكم الإعدام عن ولده دار في الطاحونة مائة دورة دون مقابل.

وعندما عاد وجد إبنه الجريح قد شفي، ولكنه لم يجد زوجته التي كانت في الجزء الخلفي من المدينة، وعندما عادت إلى المنزل أمرته أن يدور في الطاحونة لتوفير ثمن شراء ملابس المدرسة للطفلين، وكان “ميم نون” منهك القوى ولكنه ذهب للطاحونة وحصل على النقود.

وعندما عاد خرج مع زوجته لشراء الملابس للطفلين، ولكنه سقط من شدة الإعياء في منتصف الطريق. وتوقفت بجوارهما سيارة حمراء هبط منها رجل سلم الزوجة ظرفًا، عندما فتحته أخبرت ميم نون أنه إنذار بتنفيذ حكم الإعدام فيه ثم تركته وذهبت، وعندما استعاد وعيه بعدما ساعدته فتاة عابرة. هم بالرجوع إلى منزله، ورأى في الطريق برجًا يتم إقامته على أحد جانبيه. وعندما سأل أحدهم علم أن هذا البرج من أجله. ليساعده في البحث عن الحقيقة!

البرج:

اندهش “ميم نون” عندما علم أن البرج من أجله وتفاجأ بحشد كبير من الناس يقفون أمامه يريدون تقبيل يديه والحزن يعلو وجوههم والدموع في أعينهم. حاول ميم التملص منهم وذهب إلى منزله، رأى زوجته بين حشود من البشر تحتفل. وقد اكتسى البيت بأفخم الأساس وامتلأ بأشهى الأطعمة، وعندما رأته اعترتها الصدمة. حيث أنها كانت تظن أنه قد تم تنفيذ حكم الإعدام فيه.

وعندما سأل عن مصدر هذا المال الوفير لم يجد إجابة، وسأل عن أبنائه، علم منها أن الفتى قد تم تنفيذ حكم الإعدام فيه. أما الفتاة فقد أصابها الجنون عندما علمت أن كل من في المدينة محكوم عليهم بالإعدام. وفي اليوم التالي تلقى ميم مكالمة تخبره بضرورة ذهابه إلى البرج ليبدأ عمله.

وبعدما ذهب وجد البرج مجهز على أعلى مستوى، وكانت غرفته في الدور الأخير من البرج فوق أربعين طابقًا، ولكن لم يكن من حقه استخدام المصعد وكان عليه الصعود على قدميه. وكانت غرفته أحقر غرفة في المكان، كما أنه لا يحق له ارتياد المطعم الكبير في البرج. حيث أنهم أخبروه أنه أعلى وأرقى من ذلك وأن كل تلك الخدمات للعاملين بالبرج أما هو فمالكه.

وعندما دخل غرفته سمع صوت صراخ طفلته التي تركتها زوجته له ورحلت، وجد الطفلة حزينة وهزيلة تحتاج للطعام. فذهب للدوران في الطاحونة والبحث عن زوجته. ولكنهم أخبروه أنها قد اختارت أن تعيش في الجزء الخلفي من المدينة فرجع ميم مع طفلته إلى البرج وصعد بها أربعين طابقًا حتى خارت قواه.

وفجأة شعر بهدوء الطفلة وأنها كفت عن البكاء، وعندما تفقدها كان قد تم تنفيذ حكم الإعدام بالجوع فيها. وبعد دفن الفتاة رجع “ميم نون” إلى البرج ومات هناك في صمت. وذلك بعدما نفذ فيه حكم الإعدام بالحزن. وبعد إلقائه في البالوعة، ظهر فتى غريب في المدينة لا يعرف إسمه ولا من أين جاء وعندما ذهب لمكتب الاستعلامات. علم أن مهمته هي البحث عن الحقيقة!

مراجعات أعضاء نادي القراءة لرواية الواجهة:

بعد أن علمت حقيقة تلك المدينة الملعونة وأنا في كل صفحة من طياتها أخشى على عزيزي ميم نون من أن تكون البالوعة من نصيبة . آمنت بكلامه بأن وقوع المصيبة أهون بكثير من انتظارها.

أشفقت على ميم نون حد البكاء وكأنني لم أتأثر برواية من قبل. كان قلبي ينخلع مع كل إعدام يتم تنفيذه وكأنه حقيقة أشعر بها من شدة تأثري بها بت أحلم كل ليلية بأنني قد حان موعد إلقائي فى البالوعة. كم من بالوعات تم إلقائي فيها كل ليلة منذ أن قرأت!.

عايشت المدينة بتفاصيلها. فرحت كفرحهم وحزنت كحزنهم. لم أقرأها في يوم أو نصف يوم أو أقل من ذلك مع قدرتي على فعلها. كنت أخشى أن أصل إلى نهايتها فأفقد لذتي تلك، وكأن للعذاب لذة.

لاحظت الشبه العجيب بين فكرة الإعدام بلا سبب وبين فلسفة الموت. يمكن أن يأتينا دون اعتبار أو حساب أو سابق إنذار. لكنني أحسست فيها بتشبيه بين واقعنا في الحياة وما خلقنا لأجله. شعرت بالاشمئزاز حينها.

” الإنسان لا يشعر بوجوده إلا إذا تعذب، إننا لا نشعر بلحظات السعادة، ولكننا نحس بأيام العذاب”

بعد ربع الرواية بدأ الكلام يتجه مع كل من يحاوره بأننا دُمى صنعها مالك المدينة ويحق له أن يعدمها في أي وقت الشيء الأقرب إلى الملل هو تشابه الحديث بينه وبين أفراد الرواية. حديثه مع الخادم ومع السيدة العجوز ومع واو كلها متشابهة تقريبًا في اللفظ والمعنى.

في أسفل البالوعة محطة قطار وهذا القطار يحمل الذين نُفذ فيهم حكم الإعدام إلي مكان بعيد مجهول، بعد أن تدب فيهم الحياة من جديد، هذا المكان قد يكون أجمل وأروع من هذه المدينة، وقد يكون أسوأ منها .

كل إنسان يراه بصورة مختلفة الكلمة أشبه كثير بفلسفة الموت والبعث والخلود كما ذكرت سالفًا. النصف الأخير من الرواية أشكر نفسي على احتماله كنت على وشك كسر الشاشة من اشمئزازي من كل موقف مر بي وأنا أقرأه.

الجزء الخلفي من المدينة ومن بعده البرج وحديث الخادم ولا سيما كلمة يا سيدي أنت اعلى قدرًا من الموظفين هنا لذلك لست أهلًا لدرجة كذا .. شعرت بالاستفزاز.

الشيء الأكثر تأثيرًا كان النهاية أو البداية، سيفهم مقصدي من قرأها. في النهاية هناك بعض الأمور التي يجب مراجعتها ولكن كاتبها رحمه الله كنت ولا زلت من أشد الناس إعجابًا بمدرسته. مدرسة الربط بين الواقع والخيال والأحلام. مدرسة لم أر غيره اتجه لها إلا تابعًا.

قرأت له من قبل العسل المر وثلاث وردات وشمعة والتمثال والأب لكن لم اقرأ رواية مخيبة لآمالي لا من الناحية الأدبية ولكن من التأثير النفسي مثل الواجهة.

عبد الله جمال

ملخص رواية الغريب للكاتب والفيلسوف ألبير كامو

للمزيد من ملخصات الكتب

أدب ما بعد الاستعمار: خصائصه وسماته

أدب ما بعد الاستعمار: خصائصه وسماته

يتمحور أدب ما بعد الاستعمار حول فكرة الاستعمار (Colonisation) في دولة ما. فنجد أعمالاً تناقش هذه المرحلة بحد ذاتها. في حين تنتقل أعمال أخرى للحديث عن مرحلة الاستقلال – أي ما بعد الاستعمار – وتبعات هذه التجربة التي خضعت لها الدولة المعنية.

مفهوم الاستعمار

للحديث عن هذا النوع الأدبي، يجب أولاً تعريف مفهوم الاستعمار، ولو بشكل بسيط ومختصر. يُعرَّف الاستعمار على أنه سيطرة دولة أو شعب على دولة أخرى أو شعب آخر وإخضاعهم. وينطوي الاستعمار على الانتقال الفعلي لمجموعة من الشعب الأول إلى أرض الشعب الآخر التي يريدون استعمارها، والاستقرار فيها، وممارسة سيطرة فعلية عليها. وهذا ما يميز مصطلح الاستعمار عن الإمبريالية (Imperialism). فالإمبريالية تعني سيطرة دولة ما على أخرى، سواء أكان ذلك عن طريق الاستقرار فيها أم التحكم بسيادتها بطرقٍ غير مباشرة [1].

كما يمكننا هنا التمييز بين عدة مصطلحات، تختلف من حيث المعنى ومن حيث ترتيبها الزمني بالنسبة لمرحلة الاستعمار. فيأتي أولاً مصطلح “الاستعمار” (colonisation) وهو، كما ذكرنا، فترة السيطرة الفعلية على شعب أو دولة ما. ثم يأتي مصطلح “إنهاء الاستعمار” (decolonisation) للدلالة على استقلال الشعب أو الدولة، واستعادة حريتهم. بعد ذلك، تأتي مرحلة “ما بعد الاستعمار” (post-colonisation) والتي تشير إلى الفترة التي تلي الاستقلال في هذه الدولة. وأخيراً لدينا مصطلح “الاستعمار الجديد” (neo-colonisation) الذي يُعنى بآثار الاستعمار التي تستمر حتى بعد انتهاء حكمه، والتي تتمثل بالاستعمار الثقافي والسيطرة السياسية غير المباشرة [2].

ولكن ما أهمية هذه المصطلحات في الأدب؟

أدب ما بعد الاستعمار

يطلق اسم “أدب ما بعد الاستعمار” (Post-colonial literature) على النتاج الأدبي الذي يناقش موضوعاً متعلقاً بالاستعمار في دولة ما. وعلى الغالب ينتمي المؤلف للدولة التي كانت ترزح تحت وطأة المستعمرين. وإن لم يكن قد عاش مرحلة الاستعمار مباشرة، يمكن أن يكون من الفئة التي عانت من الاستضعاف والاستعباد من قبل الفئة الأقوى. ونذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر، سلمان رشدي من الهند. وولي سوينكا وتشينوا أتشيبي من نيجيريا. الطيب صالح من السودان، وتوني موريسون الأفريقية الأمريكية.

ولكن قد ينتمي بعض أدباء ما بعد الاستعمار إلى الفئة الأقوى، فيناهضون بكتاباتهم الأعمال التميزية ضد الآخر. ومن الأمثلة على ذلك الكاتبة ندين غورديمير، وهي من جنوب أفريقيا. لكنها كانت تحظى بامتيازات في ظل نظام الفصل العنصري باعتبارها من الأقلية ذات البشرة البيضاء. ويقع في هذه الفئة أيضاً الكاتب البولندي-البريطاني جوزيف كونراد والكاتب الإنكليزي إي أم فورستر الذين استعرضا مواضيع متعلقة بالاستعمار في أفريقيا والهند في روايتيهما “قلب الظلام – Heart of Darkness” و”الطريق إلى الهند – A Passage to India”، على الترتيب. وأخيراً يمكن ذكر الكاتبة البريطانية جين ريس، والتي عاشت في جزيرة دومينيكا في منطقة الكاريبي. وتطرح روايتها الأشهر “بحر سارجاسو الواسع – Wide Sargasso Sea” الكثير من الأفكار التي تقارب فكرة الاستعمار وأثرها على الشعوب الخاضعة من منظور الضحية.

وقد حصل عدد لا بأس به من كتاب أدب ما بعد الاستعمار على جائزة نوبل للآداب، أمثال غورديمر، وموريسون، وسوينكا. وكان آخرهم الروائي التنزاني عبد الرزاق جُرنة “عن أعماله الأدبية الصريحة والمعبّرة عن آثار الاستعمار ومصير اللاجئ في المعبر بين الثقافات والقارات” [3]. وتُعزى أهمية أدب ما بعد الاستعمار إلى المواضيع التي يناقشها، والتي تمسّ حالة شعب كاملٍ، لا مجرّد أفراد أو أقليات. كما يتطرق في تسليطه الضوء على نتائج الاستعمار إلى أثر هذه التجربة على المستعمرين أنفسهم.

مواضيع أدب ما بعد الاستعمار

إذاً، يناقش أدب ما بعد الاستعمار تجربة الاستعمار وآثارها في الماضي والحاضر على مستوى المجتمعات المعنية التي عاشتها، وعلى المستوى الأوسع الذي يتضمن آثار الاستعمار العالمية. فمن الممكن أن يتحدّث العمل الأدبي من هذا النوع عن الحياة في ظل المستعمِر، أي في فترة الاستعمار (colonisation) نفسها. كما يمكن أيضاً أن يناقش كيف تحولت الحياة بعد الاستقلال (post-colonisation)، وما الآثار التي عانت منها المستعمرات بعد نيل حريتها (neo-colonisation) [4].

وكما ذُكر سابقاً، تتنوع جنسيات المؤلفين في هذا النوع الأدبي، ويعود هذا التنوع إلى خضوع عدد كبير من الدول للاستعمار. غالباً ما كانت الدول المستعمِرة دولاً أوروبية، وتعد إنكلترا إحدى أكبرها وأكثرها انتشاراً. وقد امتدت المستعمرات الإنكليزية والأوروبية في أفريقيا، وأمريكا الجنوبية، ومنطقة الكاريبي، إضافة إلى دولٍ في آسيا كالهند والدول العربية. لكن لم تتزامن جميع فترات استعمار الدول مع بعضها. وأدى هذا التوزع الجغرافي والزمني للاستعمار، إضافة إلى الاختلافات الثقافية للمجتمعات الضحايا، إلى إغناء النوع الأدبي الذي يناقش هذه المرحلة وتنوع مواضيعه. فنجد في هذه الأعمال الأدبية طرحاً للكثير من الأفكار كالهوية، والضياع، والنزوح، والتنقل، والتأثر بالآخر، والشتات، والاختلاف، وغيرها. وفيما يلي نتطرق للحديث عن موضوعي الهوية والشتات في أدب ما بعد الاستعمار لما لهما من مكانة جوهرية، وباعتبارهما يمثلان تجربة مشتركة بين أغلب الشعوب التي خضعت للاستعمار، إن لم نقل جميعها.

الهوية في أدب ما بعد الاستعمار

تعدّ فكرة الهوية (Identity) إحدى النقاط الجدلية لدى شخصيات أدب ما بعد الاستعمار. ويتجلى تعقيد الهوية هنا بالاختلاف (difference) الكامن بين هويتين لشعبين اجتمعا على أرض واحدة، مما قد يؤدي إلى ضياع هوية الأفراد الأصلية. فالامتزاج بين ثقافتين مختلفتين – ربما اختلافاً كبيراً – يحفّز هذا الشعور بالاختلاف. وهذا ما قد يؤدي إلى صراع بين “النفس-self” و”الآخر-other”. فبالنسبة للمستعمرين، تُعد الشعوب الأصلية هي الشخص الآخر المختلف عنهم، والعكس صحيح بالنسبة لضحايا الاستعمار.

التغير في الهوية الأصلية

تحدث الناقد الهندي هومي بابا (Homi Bhabha) عن فكرتي الهجين والازدواجية بالنسبة للهوية. تمثل الازدواجية (Ambivalence) المزيج المعقد من الانجذاب والنفور الذي يسم العلاقة بين المستعمر وضحيته. فالمستعمر يرغب بأن يجعل الشعب الآخر مثله ويفرض قواعده عليه. ولكن في الوقت ذاته، هذه المحاكاة (Mimicry) التي يمارسها الشعب الخاضع تخيف المستعمِر وتهدد بقاءه لأنها تجعل من ضحيته نسخة مشوشة عنه. مما يجعله غير قادر على التحكم بها أو توقعها، فهي تشبهه، ولكن ليس تماماً، وهذا ما يكسبها طابعاً غامضاً [5]. من الأمثلة على الازدواجية شخصية “Nwoye” في رواية “الأشياء تتداعى – Things Fall Apart” لشينوا أتشيبي. فهو يعيش حالة من عدم اليقين فيما يتعلق ببعض العادات التي يراها خاطئة في قبيلته، إلا أن عواطفه تجاه القبيلة تجعله متردداً في قبول الثقافة الجديدة.

كما يتحدث بابا عن وجود مزيج هجين (Hybrid) بين الهويتين المعنيتين، قد يؤدي إلى خلق مساحة جديدة (Third Space) تجمع بين عالم المستعمِر وعالم ضحيته. فالاعتراف الواعي والإدراك لهذه الهوية الثقافية المزدوجة يؤدي إلى تجاوز غرابة التنوع الثقافي الذي يحمله المستعمر عند التصادم مع الثقافة الأخرى. فبالنسبة للمجموعتين، تحمل تجربة الاستعمار مواجهة مع ثقافة جديدة كلياً كما ذكرنا، وهذا أمر لا يخلو من الاستغراب وردود الفعل المتباينة. لكن قبول هذه الازدواجية يؤدي إلى ظهور أفراد بشخصيات هجينة تحمل طابعاً من كل ثقافة على حدة.

وقد لا يحدث هذا لدى الجيل الأول من ضحايا الاستعمار أو المستعمرين، بل من الممكن أن يظهر في الأجيال القادمة التي باتت أكثر إغراقاً في ثقافة الآخر وتقبلاً لها [5]. ويمكن رؤية الشخصية الهجينة في الشاب “Olunde” من مسرحية “الموت وفارس الملك – Death and the King’s Horseman” للكاتب وولي سوينكا. وهو ابن فارس الملك الذي يغادر قبيلته لدراسة الطب في إنكلترا، لكنه لا يتخلى عن هويته الأصلية. بل يحتضن الجانبين في شخصيته، ويعود لتلبية نداء الواجب تجاه قبيلته عندما يتطلب الأمر.

التمسك بالهوية الأصلية

لا يمكن القول بأن جميع شخصيات أدب ما بعد الاستعمار تعاني من حالة تقلّب أو تذبذب أو صراع تجاه الهوية. فقد نجد أن هناك من يتمسك بهويته الأصلية بقوة. بل إن الاستعمار يزيد من صموده وتعلقه بجذوره. بالعودة إلى تشينوا أتشيبي، فهو يصور في روايته “أشياء تتداعى – Things Fall Apart” شخصية “Okonkwo” الذي يرفض اعتناق أي من المبادئ القادمة من الثقافة الجديدة. وهذا يؤدي به إلى المنفى بعيداً عن قبيلته. كما نرى هذا التشبث بالعادات الأصلية في رواية “قلب الظلام – Heart of Darkness” لجوزيف كونراد. ويتجسد في جماعة آكلي لحوم البشر (Cannibals) في الكونغو. فهم لا يأبهون لوجود المستعمر، بل يشرعون بممارسة عاداتهم التي يمكن وصفها بالمنفرة من وجهة نظر المستعمر، عندما تسنح لهم الفرصة.

الشتات في أدب ما بعد الاستعمار

من المواضيع الأخرى التي يسلط أدب ما بعد الاستعمار الضوء عليها هو موضوع الشتات (Diaspora). ويتمثل الشتات بشعوب البلاد الأصلية التي أجبرت على الخروج من بلادها في ظل الاستعمار. عادة ما تشرح الأعمال الأدبية فكرة الشتات بالتركيز على قصص الترحال والسفر وعدم الاستقرار. ونجد ذلك، مثلاً، في رواية “رحمة – A Mercy” للكاتبة توني موريسون، ورواية “بحر سارجاسو الواسع – Wide Sargasso Sea” للكاتبة جين ريس [6].

وأخيراً، لا تخلو روايات عبد الرزاق جُرنة من هذه لأفكار المميّزة لأدب ما بعد الاستعمار، إضافة إلى مواضيع أخرى. فنراه يتحدث عن الشتات واللجوء والضياع والهوية. ونرى شخصياته العربية الأفريقية تعيش تجارب التنقل في البلاد التي هاجرت أو هربت إليها. ولا يمكن تجاهل أثر تجربته الشخصية في الهروب من بلاده واللجوء إلى إنكلترا بعيداً عن الاضطرابات والعنف [7].

على أمل أن تجد أعمال جرنة طريقها إلى القارئ العربي، الذي لابدّ وأن عانت بلاده من الاستعمار، وعاش أجداده تجربة مشابهة لما يحكى عنه في أدب ما بعد الاستعمار.

اقرأ أيضاً: عودة نوبل الأدب 2021 لأفريقيا بعد عقدين من الزمان

المصادر

  1. Stanford Encyclopedia of Philosophy – Colonialism
  2. Introduction to Literature, Criticism and Theory – Andrew Bennet and Nicholas Royle
  3. The Nobel Prize
  4. The British Academy – What is postcolonial literature?
  5. Post-colonial Studies: Key Concepts – Bill Ashcroft, Gareth Griffiths, and Helen Tiffin
  6. Postcolonial Literatures in Context – Julie Mullaney
  7. Writers Make the Worlds

عودة نوبل الأدب 2021 لأفريقيا بعد عقدين من الزمان

لم يحصل على نوبل الأدب من قبل غير أديبين أفارقة هم «نجيب محفوظ-Naguib Mahfouz» من مصر عام 88 و «جون ماكسويل كويتزي-John Maxwell Coetzee» من جنوب افريقيا عام 2004؛ ثم خاصمت نوبل الأدب القارة السمراء لما يقرب من عقدين من الزمان حتى عودة نوبل الأدب اليها بالتنزاني عبدالرزاق جرنة عليها هذا عام 2021 عن

“سرده المتعاطف الغير متهاون وتفهمه العميق لتأثيرات الاستعمار ومصير اللاجئين العالقين بين الثقافات والقارات”

لجنة نوبل


نوبل الأدب 2021

عبدالرازق جرنة


“يقسم الوقف إلى خمسة أجزاء متساوية، على النحو التالي: / – – – / جزء للشخص الذي أنتج في مجال الأدب العمل الأكثر تميزًا في اتجاهًا مثاليًا …”

مقطتع  من وصية ألفريد نوبل


 من هو عبدالرازق جرنة؟

تنزاني الأصل والمنشأ ولد في زنجبار عام 1948 وعاش بها على المحيط الهندي حتى هجرته وحيداً لاجئًا الى بريطانيا عام 1960. بعد تحررها سلميًا من الحكم الاستعماري البريطاني عام 1963 مرت زنجبار بثورة أدت في ظل نظام الرئيس عبيد كرومي إلى قمع واضطهاد المواطنين ذو الأصل العربي ومحاولة إبادتهم في مجازر جماعية وحيث ينتمي جرنة إلى المجموعة الإثنية المضطهدة، أُجبر على ترك أسرته والفرار من تنزانيا -المشكلة حديثا- في الثامنة عشر من عمره ولم يتمكن من العودة إلى زنجبار حتى عام 1984 مما سمح له برؤية والده قبل وقت قصير من وفاته.

ورغم أن لغته الام هي السواحلية إلا أنه استطاع تطويع الانجليزية لتخدم غايتها النبيلة في تسليط الضوء على مشاكل اللاجئين الأفارقة المشتتين بين ثقافتهم ولغتهم الأم وثقافات البلدان التي فتحت لهم أبوابها  واستضافتهم كمواطنين بها.

“أحيانًا أعتقد أن قدري هو أن أعيش تحت الأنقاض والاضطراب البيوت المتهدمة”

عبدالرزاق جرنة

بدأ الكتابة في الواحد والعشرين من عمره متغلبا على العائق اللغوي والثقافي بين جذوره الأفريقية ومتلقي ادبه الأوروبيين على الأغلب. إلا أن الأدب العظيم لا ولم يهزم بعد، فحيثما وجد الابداع وجد الأدب طريقة لمحبيه.

“عبد الرزاق جرنة يكسر بوعي التقاليد، ويقلب المنظور الاستعماري لتسليط الضوء على منظور السكان الأصليين”.

لجنة نوبل

ألّف جرنة 10 روايات وعدد من القصص القصيرة، وكان أستاذاً للغة الإنجليزية و آداب ما بعد الاستعمار في جامعة كنت، كانتربري، حتى تقاعده.

رواياته:
ذاكرة المغادرة (1987)
طريق الحج (1988)
دوتي (1990)
الجنة (1994)
الإعجاب بالصمت (1996)
عن طريق البحر (2001)
الهجر (2005)
الهدية الأخيرة (2011)
القلب الحصى (2017)
الحياة بعد الموت (2020)

ملحوظة: حصل ألبير كامو على نوبل الأدب وهو فرنسي مولود في الجزائر لذا قد يعد أفريقي أيضا.

مصادر

موقع نوبل
البيان الصحفي

ملخص رواية “الرسام تحت المجلى” للكاتب أفونسو كروش

ملخص رواية “الرسام تحت المجلى” للكاتب أفونسو كروش

الرسام تحت المجلى

“يمكن أن يُحفظ الماء في قوارير، لكن من المستحيل أن تُحفظ فيها القصص دون أن تفسد بسرعة، فالقصص لا تعيش إلا سائبة في الهواء الطلق كالحيوانات البرية، لتتمكن من العدو عارية”

أفونسو كروش، رواية الرسام تحت المجلى

صدرت رواية “الرسام تحت المجلى” للكاتب البرتغالي أفونسو كروش عام 2018، من دار مسكيلياني للنشر بترجمة من  مها عطفة، تناول فيها الكاتب حياة الرسام إيفان سورس، الذي عاش سابقًا في بيت جده، ليحول الكاتب تلك القصة العادية التي سمعها من جده وجدته إلى عمل فني رائع، حيث أضاف عليه تعديلاته الروائية المبتكرة، بعدما غير اسم الرسام إلى “جوزيف سورس”، مقسمًا الراوية إلى جزئين أساسيين، الأول كتاب الأعين المفتوحة، والثاني كتاب الأعين المغلقة.

كتاب الأعين المفتوحة

ولد جوزيف سورس في منزل كبير يمتلكه عقيد في الجيش يدعى العقيد مولر، حيث كان والداه يعملان لدى العقيد، فكان والده كبير الخدم أما والدته فهي المسؤولة عن كي الملابس، فور ولادته تنبأت القابلة أنه سيصبح فنانًا، مما أحزن الأم كثيرًا فقد كانت ترى أن الفنانين يعيشون في حزن دائم، لأنهم في كل مرة يرون العالم ينظرون إليه وكأنهم يرونه لأول مرة.

في اليوم التالي لولادة جوزيف، دخل العقيد مولر غرفة الأم حاملًا ابنه ويلهيلم، الذي لم يتم سنته الأولى بعد، وأخبرها أنه قرر أن يتلقى جوزيف تعليمه مع ويلهيلم على يد المعلم هافل كوبيكي، وعندما وصل الطفلان للسن التي تسمح لهما بالتعلم، بدأ هافل كوبيكي دروسه معهما، وكان دائمًا ما يقرأ عليهما النصوص الكلاسيكية القديمة غير مكترث بسنهما على الإطلاق، وكذلك لاحظ تقدم سورس في القراءة على ويلهيلم وبدايه ظهور علامات الرسام البارع عليه.

كان أسلوب سرد سورس للقصص يسر قلب كوبيكي كثيرًا، وخاصة طريقته في التعبير من خلال الرسوم، فكان سورس يمضي ساعات أمام الورق البني ممسكًا بقلمه ليخربش عليه بيوتًا وأزهارًا وسماوات، فيمكن القول أن أفكاره كانت عبارة عن رسوم.

وتعتبر الدائرة هي أول شيء خطه سورس على الورق، حيث اعتبر أنها أكثر الأشكال طبيعية، كما أنها قادرة على احتواء كل شيء، وفكر أن كل شيء يسير في دوائر بدءًا من الذكريات وانتهاءًا بالحكايات، وهكذا ظل سورس يرسم الدوائر الواحدة تلو الأخرى، حتى تلاشت طفولته ودخل في طور المراهقة.

استخدم سورس دفاتر رسم كثيرة، ولكنه كان يرسم بالأخص على اثنين منهما، دفتر أبيض وآخر أسود وكان يسميهما كتاب الأعين المفتوحة وكتاب الأعين المغمضة، كان يرسم في الأول العيون المفتوحة التي يراها، عيني والدته ووالده وعيني جارته فرانتيشكا وأعين العابرين في الشارع، أما الثاني فيرسم فيه عيونهم وهي مغمضة، ولم يكن والده راض عما يفعله ولكن سورس أصر على هوايته.

قانون التفرع

وكما كان سورس مولع برسم العيون، كان أيضًا يعشق الأشجار وخاصة جذوعها، ويرى أنها تستطيع مواصلة النمو إلى الأبد إن لم تتفرع إلى أغصان، وأسمى هذه النظرية “قانون أندرونيكوس فيما يتعلق بشجرة ديسقوريدس”، حيث سبق لذلك الفيلسوف أن ناقش تلك المسألة من قبل.

وهكذا اعتقد سورس أنه إذا تجنب أي شخص التفرع مع رغباته، فإن بإمكانه أن يصل إلى أماكن بعيدة جدًا في نفسه، وكان سورس يتجنب كل أشكال التفرع والرفاهية، فمثلًا كان يأكل فقط ما يحتاجه ليظل على قيد الحياة، ويحاول ألا يشعر أكثر من اللازم، وقرر أن يكرس نفسه لهوايته فقط.

ولكن لكل قاعدة شواذ، وقد كانت علاقته بفرانتيشكا جارته هي الجزء الشاذ في قانونه الخاص، وكانت سببًا في صراع داخلي مرير مع نفسه، فهي أكيد مدعاة للتفرع، ولكن قرر سورس أن يستمر في علاقته بها، ويقفز السور العالي بين بيتها وبيت العقيد مولر فقط ليراها ويستمع إليها وإلى تفاصيلها الغريبة، بغض النظر عن قانونه.

الاستعارات القاتلة

وفي أمسية من الأمسيات التي يستقبل فيها العقيد مولر صديق من أصدقائه، جلسا معًا ليتناقشا كالعادة في الكثير من الأمور بينما كان كبير الخدم يغفو بجانبهما، ليستيفظ فجأة على صوت العقيد مولر وهو يصرخ بصديقه ويشير إلى صدره قائلا “إن ما تحمله في صدرك، -وكان يقصد القلب- هو أشد الأسلحة فتكا على الإطلاق، إنه الحجر الذي قتل به قابيل هابيل”.

اضطرب كبير الخدم كثير، فقد كان غير قادر على فهم الاستعارات، وانتظر صديق العقيد مولر ليغادر ومن ثم أمسكه بقوة، وراح يفتشه باحثًا عن ذلك السلاح الذي تحدث عنه العقيد، وحاول الصديق جاهدًا أن يشرح له مقصد عبارة العقيد ولكن بلا فائدة فقد باغته كبير الخدم بضربة على رأسه أودت بحياته.

وبعد هذا الحادث حكم على والد سورس بالإعدام، ولكن العقيد مولر لم يتخل عن سورس ولا عن والدته وسمح لهما بالبقاء في المنزل، حاول سورس جاهدًا بعد فترة أن يستحضر صورة والده ولكنه لم يكن يراه إلا معلقًا من رقبته، ورأى أنه من المؤسف أن يلقى شخصان حتفهما بسبب صورة بلاغية، أما والدته فقد رفضت قبول وفاة زوجها، وكانت تحضر المائدة كل يوم واضعة طبقًا لشخص إضافي، وتضع ملابس زوجها على الكرسي المقابل.

عندما اندلعت الحرب

بعد فترة من وفاة والده التحق سورس بالجيش ليشارك في الحرب، كان يمضي وقته مستلقيًا في الخندق ينظر إلى السماء ويتذكر فرانتيشكا، أو يمضي وقته مع صديقه ماتيخ، كان سورس يكره القتل أما ماتيخ فكان يرى أن القتل من طبيعة الحياة، وفي الحرب لا يوجد أناس بل يوجد أعداء فقط.

وعندما يكون سورس مجبرًا على إطلاق النار، فإنه يوجه نحو فضاء مجهول، رافعًا سلاحه نحو الأعلى لكي تخطئ رصاصاته الهدف، حيث كان قانونه لكسب الحرب أن لا يقتل ولا يُقتل، وقبل بضعة شهور من انتهاء الحرب رجع سورس إلى بيته متشوقًا لرؤية فرانتيشكا، ولكن عندما وصل علم بأمر خطبتها من ويلهيلم، فجن جنونه وقضم أذنه فقطعها، ثم أخذ والدته وخرج من بيت العقيد مولر بلا رجعه.

الماضي لا يمضي أبدًا

عاش سورس مع والدته في بيت صغير استأجره، وكانت السنوات الأولى هي الأصعب، فقد حاول سورس جاهدًا ولم يترك عملًا إلا وعمل فيه، حتى اكتفى وقرر أن يدرس الرسم، فضاقت به الأحوال كثيرًا، مما دفعه إلى أن يضع والدته في مستشفى المجانين ليتخلص من عبء وجودها، حيث أنها أصبحت الآن تفرعًا يعيق قانونه الخاص.

وبعدما وضعها في مستشفى المجانين بفترة وصلته رسالة من صديقه القديم ماتيخ، يخبره فيها عن حياته في الولايات المتحدة ويدعوه للعمل معه، وبعد شهر وجد نفسه هناك دون أن يودع والدته التي لم يزرها قط منذ دخولها المستشفى، وبعد ما يناهز العام تلقى سورس رسالة من العقيد مولر يحثه فيها على القدوم لرؤية والدته، وكان رد فعل سورس أن مزق الرسالة وألقاها في القمامة منزعجًا.

واصل العقيد مولر بإرسال تلك الرسائل لسورس مصرًا على قدومه لرؤية والدته وعلى أخذها معه، لم يرد سورس على أي منها حتى جاءته الرسالة الأخيرة من العقيد يخبره بقدومه بنفسه ليأخذه إلى والدته، بعد تلك الرسالة بأيام قليلة قرأ سورس في الجريدة خبر كارثة سقوط منطاد قطع المحيط الأطلسي من ألمانيا للولايات المتحدة، وتوقفت عيناه عند قائمة الضحايا ليقرأ اسم “العقيد غوستاف مولر”.

وبعد تلك الحادثة بما يزيد عن سنتين قرر سورس الرجوع إلى والدته التي هجرها، بعدما ساءت أحواله الصحية وضعف بصره.

الحياة تسير في دوائر

عاد سورس لبلدته وظل لمدة شهر يبحث في ساحة المجانين، على أمل أن يجد المستشفى التي ترك فيها والدته، حتى علم من أحد المارة أن المستشفى قد هدمت، وقتل كل من فيها لأنهم جميعًا كانوا من اليهود.

بعد ذلك قرر سورس العودة إلى الولايات المتحدة خائبًا ولكنه وجد نفسه ممنوعًا من السفر، وحاول الحصول على جواز سفر مزيف عبر به إلى سويسرا وسُجن هناك فترة ثم أطلقوا سراحه من جديد ليجد نفسه في الشارع بلا مأوى.

استأنف سورس سفره قاصدًا لشبونة ليستقل من هناك عابرة المحيطات إلى أمريكا، ولكن الشرطة أرسلته إلى بيت اللاجئين لأن صلاحية جواز سفرة قد انتهت، وحين وصل إلى هناك علم بأمر ترحيله فقرر الهرب من الشرطي، واختبأ في محل تصوير لسيد يدعى كوستا والذي ساعده في الاختباء وأخذه لبيته.

افترش سورس المساحة تحت المجلى في مطبخ السيد كوستا وجعلها مخدع نومه، مختبئًا حتى لا يباغته رجال الشرطة، ومضت عليه الأيام تحت المجلى هاجرًا دفاتره، ونظره يضعف كل حين عن سابقه.

كتاب الأعين المغلقة

أصيب سورس باكتئاب شديد، وعبثا حاول السيد كوستا وزوجته الترفيه عنه، حتى قرر سورس أن يعود للرسم مرة أخرى فأحضر أخشابًا ودهنها بالأبيض وبدأ برسم لوحة لصلب المسيح، وبالرغم من الثناء الذي ناله من السيد كوستا وزوجته إلا أنه ظل غارقًا في تعاسته.

وفي اليوم التالي، أحضر له السيد كوستا كيس قماش، مملوءًا بآلاف الصور الملتقطة عنده في محل التصوير من أجل جواز السفر، ليستطيع سورس أن يواصل رسمه للعيون المغمضة والمفتوحة، وفي أثناء بحث سورس في تلك الصور وجد صورة والدته، لتخبره بأنها ما زالت على قيد الحياة ولم تلق حتفها في المشفى.

ذهب السيد كوستا في اليوم التالي قاصدًا بيت اللاجئين للبحث عن والدة سورس، وأصر على لقاء الحاخام والتحدث معه، فأخبره أنها مكثت في بيت اللاجئين لبعضة أسابيع ثم غادرت مع رجل ألماني بلا أذن، ساعدها في الحصول على تأشيرة الخروج إلى الولايات المتحدة.

منذ علم سورس بذلك الخبر، أخذت حالته في التحسن وأصبح قادرًا على الرؤية بصورة أفضل، ثم بدأ الشك في أسلوب قانون التفرع الذي كان يتبعه، ونمت بداخله رغبات دفينه لنمو شجرته بفروع وأوراق خضراء، وفكر في أنه يمكن أن يستلقي في يوم ما على أحد تلك الفروع مرتاحًا في آخر المساء.

ساعد السيد كوستا سورس في أن يحصل على جواز سفر جديد، وتأشيرة للولايات المتحدة، وأوصله إلى رصيف الميناء ليستقل العبارة، ثم تعانقا بحرارة، وسار سورس باتجاه القارب ملوحًا للسيد كوستا وفي عين كل منهما دمعة أو اثنتين.

للمزيد من ملخصات الكتب

اقرأ أيضًا:

ملخص رواية “هيا نشتر شاعرًا” للكاتب أفونسو كروش

ملخص رواية “هيا نشترِ شاعرًا” للكاتب أفونسو كروش

ملخص رواية “هيا نشترِ شاعرًا” للكاتب أفونسو كروش

“إن أبيات الشعر تحرر الأشياء. وإننا حينما ندرك شاعرية الحجر فإننا نحرره من تحجره، ننقذ كل شيء بالجمال، ننقذ كل شيء بالشعر. ننظر إلى جذع ميت فنبعث فيه الحياة”

من رواية “هيا نشتر شاعرًا”، لأفونسو كروش

ماذا لو اختفى الفن؟

إن التساؤل عن أهمية الأدب والفن قديم قدم نشأتهما، وقد تباينت الإجابات حوله ووُصف بأنه سؤال جوهري، وإذا بحثنا عن نشأة الفن فسنجد أنه وجد مع وجود الإنسان، فقد صنع الإنسان البدائي منحوتات جمالية ورسومات لحيونات على جدران الكهوف، والفن بمختلف أشكاله وسيلة للتعبير عن المشاعر وإثراء التجربة الإنسانية والترفيه والتقدير الثقافي.

إن العالم الذي ننتمي إليه الآن في طريقه لفقد صلته بالفن وقيم الجمال، كما يتجه إلى أن يكون مجتمع رقمي وصناعي جامد، يتموضع فيه الفن والجمال داخل دائرة النشاطات الترفيهيه غير النفعية، فماذا لو اختفى الفن فعلًا عن عالمنا كما توقع أفونسو كروش في روايته؟

هيا نشترِ شاعرًا

تُعتبر رواية “هيا نشترِ شاعرًا” أول عمل يترجم إلى اللغة العربية للكاتب البرتغالي أفونسو كروش، والتي صدرت من دار مسكيلياني للنشر، وظهر فيها الأسلوب المميز للكاتب الذي يعتمد على الرمزية والتشويق.

وكما هو حال كل كتابات أفونسو كروش، أثارت الرواية الكثير من الأسئلة الفلسفية الملحة، والتي تدور حول جدوى الفن والجمال وخاصة الشعر، يحتج من خلالها الكاتب على مجتمعاتنا الغارقة في الجشع والماديات بأسلوب ساخر، كما أنها احتوت على أبيات مستوحاه من شعراء كثيرين مثل بول سيلان ووالت وايتمان وبوكوفيسكي وغيرهم.

اختيار شاعر

تدور أحداث الرواية في عالم تخيلي قريب من عالمنا الذي نعيش فيه الآن، عالم رقمي جامد يُوصف فيه كل شيء بالأرقام حتى أسماء الأشخاص، فإذا أردت مثلًا أن تقول أنك تناولت السبانخ على الغداء فيجب عليك ذكر كم كيلو جرامًا أكلت، وكم سعر الكيلو وهكذا، تبدأ الأحداث عندما تحس الابنة بطلة الرواية برغبتها في شراء شاعر.

فقد كان الشعراء والرسامون والنحاتون يباعون في المتاجر كالحيوانات الأليفة، وهي قد عزمت الأمر على أن تشتري شاعرًا فالرسامين والنحاتين يسببون الكثير من الفوضى.

ذهبت الابنة مع والدها للمتجر الذي يعج بشعراء من كل الأصناف، قصار، طوال، وبنظارات وهم الأغلى، وقع في النهاية اختيارها على شاعر نحيف يرتدي سترة وسروالًا بنيًا ويمسك كتابًا تحت ذراعه، ولم تكن ملابسه برعاية أية ماركة مما يدل على انحطاط مستواها، فاشتروه بثمن معقول ونصحهم البائع بأن يشتروا له دفترًا بأوراق بيضاء كنوع من الترفيه.

انتقل الشاعر ليعيش تحت الدرج في بيت الأسرة، ومذ انتقل إلى هناك وقد تغيرت حياة الابنة بشكل ملحوظ، فقد كانت تلازم الشاعر معظم الوقت، تراقب تصرفاته وتستمع إلى استعاراته التي كانت تراها في البداية ترهات لا نفع منها، ولكنها سرعان ما انتبهت لها وأحبتها واندفعت لفهمها وتذوقها، وبحكم العادة توالى الضيوف والأصدقاء على البيت لرؤية الشاعر الجديد ليستمعوا لقصائده الغير مفيدة بالنسبة لهم.

كانت أحوال الأسرة على ما يرام، حتى عاد الأب إلى البيت حاملًا أخبار مرعبة، فقد كان المصنع الذي يعمل فيه يمر بضائقة مالية صعبة وأوشك على الإفلاس، لذلك طالب الأسرة بتقليل النفقات وشد الحزام، وكان الأب في حالة هياج معظم الوقت محمر الوجه وثائر، ولم يكن الشاعر يعي حجم الأزمة وكان كل ما يتسطيع فعله هو إلقاء القصائد والاستعارات التي أسقطها على الوضع الراهن، والتي لم يفهمها الأب مما أثار غضبه.

أما أخيها فلا يرى الشاعر ذي قيمة ويرى أنه لا يأتي من ورائه غير المشاكل، واستمر على نظرته تلك حتى ساعده الشاعر في نيل قلب محبوبته بجمله كتبها له على قطعة من الورق، أسرت الجملة قلب الفتاة بالرغم من خلوها من الدلالات الرقمية، فلا يحتاج التعبير عن مشاعر الحب والإعجاب إلى أرقام.

ازدادت الأمور المادية للأسرة سوءًا مما اضطر الأب لأن يسرح الشاعر، وخصوصًا بعدما صرح الشاعر بأن أصحاب البنوك والأسواق المالية سارقين، لذلك أخذ الأب وابنته الشاعر وتركوه في حديقة عامة تعج بالشعراء المنبوذين.

رحل الشاعر من المنزل ولكنه ترك أثرًا وبصمة في كل فرد من الأسرة، فقد بدأت الابنة تفهم جمال الاستعارات والمجاز، وأن ترى الأمور بطريقة مختلفة من نافذة مثل تلك النافذة التي رسمها الشاعر يومًا على الجدار وزعم أنها تطل على البحر.

وبفضل الشاعر استطاعت الأم أن تشعر بذاتها وترفض إهانة زوجها ومعاملته الوقحة لها، وذلك لأنها بدأت أن تولي مشاعرها اهتمامًا أكثر كما نصحها الشاعر باستعاراته الغريبة، لذلك فضلت الانفصال على أن يتم معاملتها كسلعة جامدة لا كإنسانة لها مشاعر.

أما الأب فقد استطاع أن يتخطى الأزمة وينقذ تجارته من الإفلاس بفضل الشاعر أيضًا، فعندما سألته ابنته من أين جاءته الفكرة التي أنقذت المصنع وتملص من الإجابة، قررت البحث في جيوب سترته ووجدت ورقة كُتب عليها اقتباس قاله الشاعر لوالدها من قبل، يتشابه مع الحل الذي أوجده لحل الأزمة، فاستنتجت أن الفكرة التي أنقذت المصنع لمعت في ذهن والدها بفضل ذلك الاقتباس، وهكذا يضع الشاعر بصمته مرة أخرى ليغير مصير الأسرة.

ولم تهجر الابنه الشاعر قط وإنما كانت تزوره دائمًا في الحديقة التي وضعوه فيها، والتي تعج بشعراء مهجورين مثله، وكانت تشاركه في قول الاستعارات والشعر ورؤية الحياة من تلك النافذة التي رُسمت يومًا على الجدار وكانت تطل على البحر.

ما يشبه الخاتمة

في هذا الجزء المنفصل عن الرواية، يوضح الكاتب أن العديد من الناس ينظرون للثقافة على أنها مصدر تهديد، حيث أنه إذا لم يكن للفن والثقافة أهمية فلم يكن ليقبل أحد على حرق مكتبة الإسكندرية أكثر من مرة، أو على تدمير بوذا باميان وآثار تدمر.

وإن الخيال والثقافة يبنيان كل ما نحن عليه، والخيال ليس هروبًا من القبح والمظالم الاجتماعية، وإنما هو تصميم لبناء بديل، هندسة فرضية لمجتمع أكثر انسجامًا مع توقعاتنا الإنسانية والأخلاقية.

للمزيد من ملخصات الكتب

ملخص رواية القضية فرانز كافكا

ملخص رواية القضية فرانز كافكا

يقدّمها نادي قراءة الأكاديمية بوست عن مناقشة في 29 أغسطس 2019، ملخص رواية القضية فرانز كافكا

بداية مُربكة للقضية

يستيقظ جوزيف ك ليجد من يأكل طعامه

رجل في الثلاثين من عمره يدعى جوزيف ك يستيقظ، فإذا برجلين يأكلان طعام إفطاره ويبلغاه أنه متهم بقضية، ثم يحاولان إبتزازه لأخذ الأموال منه وإجباره علي ارتداء ملابس معينة، فيأخذ للتحقيق في الغرفة المجاورة لغرفته. فيخبره مسؤول التحقيق أنه متهم بقضية، ولكن ك لا يعرف ماهية تلك القضية، حتى أن المسؤول نفسه لم يكن على علم بالقضية ولكنه أخبر بطل الرواية جوزيف ك بأنه يمكنه الذهاب لعمله مع ثلاثة رجال رافقوا المسؤول عن التحقيق أثناء دخوله لم يلحظهم جوزيف، لكنه أدرك بعد ذلك أنهم من موظفي البنك.

أيام ثقيلة

يقضي ك يومه ثم يعود لغرفته ويعتذر لجارته في الغرفة، ثم ينام وينتهي يومه الأول بعد الاتهام، وفي اليوم التالي يستيقظ ويذهب للعمل فيتلقي مكالمة بتحديد المحاكمة و أول جلسة ومكان المحكمة ولكن ينتهي الإتصال دون ساعة محددة للمحاكمة وهو ما أثار دهشة ك!

يستيقظ ك في اليوم الموعود ويذهب للمحكمة، ولا يدري توقيت المحاكمة، فيذهب للعنوان، وإذا به مبني في أفقر أحياء المدينة مليئ بسكان الفقراء!
يسأل ك: أين النجار؟ كحيلة منه كي لا يلفت انتباه السكان لقضيته الغريبة!
أخيرًا أجابه أحد السكان بأن النجار في الطابق التالي. يصعد ك ويطرق الباب فإذا بامرأة تغسل الملابس، فتأذن له بدخول الغرفة في الداخل، وفجأة يجد ك نفسه في قاعة المحكمة، لتبدأ المحاكمة بمجرد دخوله، ويتعجب من تلك الضجة ليبدأ بالدفاع عن نفسه باحتقار القضية والمحكمة، لتنتهي مرافعته فجأة كما بدأت ويذهب.

بعد الجلسة الأولى من القضية

يعود في اليوم التالي لا يجد المحكمة يتحدث مع المرأة غاسلة الملابس، ثم يصعد لسطح المبني يجد مكاتب الدواوين، فيدخل المكتب بجوار حارس المحكمة وبعد رؤية المتهمين الآخرين، يختنق ك من المكان ولا يقوي علي الحركة فيسقط وتتهاوي قواه ويخرجوه، ليعود لكامل نشاطه ويذهب لغرفته لينام بعد يوم بلا هدف ولا مكسب!

يستيقظ ك كعادته ليذهب للعمل، ولكن تؤثر القضية على مجري حياته، فيضعف أداؤه في البنك، وتضيق نفسه، إلى أن يأتي ضيف، (عمه) والذي عرف بالقضية، ويقلق علي شؤون العائلة فيأخذ ك لمحامي صديقه في زيارة مفاجئة وفورية، وعنده دخولهما على المحامي، يفاجأ العم بمرض المحامي، وبالرغم من هذا يتحدثون في القضية ويصدف وجود مدير ديوان المحكمة.

تحدث ضوضاء وترتفع الأصوات في النقاش فيخرج ك ولا يستمع لتلك المناقشة، فتنتهي بدون وجوده لينشغل بالممرضة ليني القائمة على العناية بالمحامي، وعندما يفرغ منها، وجد عمه ينهره ويتعجب من عدم إهتمامه بالقضية!

تمر الأيام

يحاول ك أن يهتم بعمله مرة أخرى ويتغلب على قلقه، فالأداء ضعيف وسلوكه غير مناسب لمنصبه، لكن القضية تعيقه عن ذلك، ولا يشعر بأي تقدّم بالتعامل مع هذا المحامي، حتى أنه لا يشعر بإهتمام المحامي من الأصل، ويقرر ك أنه سيوكل محامي آخر!
يذهب ك للمحامي ليخبره بقراره فيغضب المحامي، ويلجأ المحامي إلى حيلة ليوضح لجوزيف حسن معاملته له، فيأمر بإحضار متهم آخر في قضية أخري، ويأخذ في إذلاله، فيركع المتهم على الأرض، ويرجوه أن يخبره أسرار القضية، ولكن لم يتحقق مراد المحامي، بل يشمئز ك من الأحداث ويتأكد من صحة قراره.

مصور الديوان

يذهب ك لمصور الديوان- بتوصية من أحد عملاء البنك كان قد عرف بالقضية- فيصل للمصور ويفهم منه أنواع القضايا وكيفية الخروج منها (براءة وهمية، جرجرة، براءة حقيقية) فيدرك برائته و يدرك عدم قدرته على الحصول عليها، ليخرج من المرسم من باب آخر ليجد نفسه في الديوان والمتهمين أمامه ولكنه ينجح في الخروج من المكان ليعود لمنزله!

لقاء الكنيسة

في أحد الأيام يستيقظ ك ويذهب للعمل مبكرًا، إذ تم إبلاغه بوجود عميل إيطالي خاص يحتاج زيارة لكنيسة المدينة، فيتحدث مع العميل و مديره وتم تحديد اللقاء في الكنيسة، ثم يصل ك للكنيسة في الميعاد المحدد في جو شديد غائم شديد الأمطار والبرودة، فيدخل ك من باب الكنيسة الرئيسي!
ينتظر العميل الذي تأخر! ويحاول البحث عنه حول أبواب الكنيسة الأخري، لكنه لم يأت بعد، ثم يضطر للجلوس في أحد المقاعد ويتأمل رسومات الكنيسة.

يروي القس قصة الريفي والحارس رواية القضية فرانز كافكا

فجأة يصعد أحد القساوسة ليلقي موعظة، فيحاول ك أن ينهض ليغادر ويسمع صوت القس ينادي عليه، فيحاول عدم الالتفات، لكن يشير له القس بأن يقترب!

يسأله القس عن القضية، فيفاجأ ك بمعرفته لها، ثم يتحدثا عن القضية، فينزل القس من مكانه ويتجولا بالكنيسة والجو شديد البرودة مليئ بالأمطار يكسوه الظلام يكاد ك لا يري شئ ولا يشعر إلا بالقس الذي يلتصق به لكي لا يضل الطريق.

القس: سأخبرك قصة!
فلاح فقير لديه قضية و يريد دخول صرح العدالة و‏هناك حارس العدالة يقف بجوار الباب و يمنع دخوله فيتذلل الفلاح الريفي للدخول بكل السبل، ويدفع الرشوة ولكن يأبى الحارس أن يدخله، ويفقد الريفي الأمل في تخطي الحارس باعتباره أضعف الحراس فما باله ببقيتهم على الأبواب التالية!

ويظل‏ الريفي أمام باب العدالة والحارس واقف أمامه لتمر الأعوام ويقضي الريفي عمره و يتمني أن يجتاز ذلك الحارس باعتباره العقبة الوحيدة أمام العدالة إلي أن تنقضي حياته، ويبدأ في لفظ أنفاسه الأخيرة، فيقوم الحارس بإغلاق المدخل المصمم للريفي وحده للدخول، ليموت الريفي كالكلب!

يتناقش الراهب و ك فيمن خدع الآخر، الحارس أم الريفي أم غيرهم!

نهاية أغرب من الرواية

بعد عام يستيقظ ك ليجد حارسين أمامه فيرتدي ملابسه ويرافقانه ويشعر أنها النهاية فيتأمل ويفكر في القضية، ويعود بالأحداث ويشعر بمضي الوقت، إلى أن يصلوا إلي كهف خارج المدينة، فيزيلا ملابسه وتوضع رقبته بجوار صخرة ويتبادل الحارسان السكين التي توضع في قلب ك وتدور ليموت كالكلب!

إليك فيلم عن الرواية مترجم إلى الإنجليزية:

[embedyt] https://www.youtube.com/watch?v=SA9JTxfOgAk[/embedyt]

ملخص رواية “مئة عام من العزلة” لجابرييل جارسيا ماركيز

ملخص رواية “مئة عام من العزلة”

تعتبر مئة عام من العزلة أشهر مؤلفات الكاتب الحائز على نوبل جابرييل جارسيا ماركيز، مما يضعها في مكانة خاصة لدى القراء لما فيها من رمزية وأحداث وطريقة سرد بديعة وغنية اعتمادا على مدرسة الواقعية السحرية.

  • البداية

تبدأ أحداث الرواية بعائلتي بوينديا وآل إيغواران المختلطان بالتزاوج لينتج عن نسلهما طفل بذيل، مما يجعلها لعنة تخشاها أحد أبطال القصة الرئيسيين “أورسولا”. تزوجت أورسولا ابنة آل إيغواران من السيد خوسية أركاديو بوينديا سليل عائلة بوينديا، ووصل الزوجان إلى قرية “ماكوندو” الصغيرة المنعزلة لينجبا رغم المخاوف 3 أبناء، هم خوسية أركاديو وأورليانو وأمارانتا.

الغجر

يزور القرية من حين إلى آخر مجموعة من الغجر يتزعمهم “ملكياديس”، فيتحمس الأب “خوسية أركاديو بوينديا” لما يحضره معه ملكياديس ويسارع بشرائه أو بمبادلته، حتى أن نزواته المعرفية تلك قد كلفت العائلة الكثير لعدم قدرته على استغلال ما يجلبه ملكياديس معه في شيء مفيد، إذ أثار المغناطيس رهبة أهل القرية جميعا، كما أن قدرات العدسة المُجمعة قد أذهلت بوينديا بشكل خاص حتى سعى إلى أن يستخدمها كسلاح حربي، إلى أن فشل وركّز في غرفة الكيمياء داخل بيته محاولا خلط العناصر وفهم المزيد، ولكن لم تفز عائلته من محاولاته إلا بخسارة أورسولا ذهبها.

الطفلان

انجرف الطفلان مع أبيهما في نزواته المعرفية رغم اختلاف شخصياتهما، وكان أورليانو مميز بقدراته على التنبؤ، فأخبر أمه بقدوم زائر جديد للبيت، وهو ما حدث بالفعل بقدوم الطفلة “ربيكا” ليتبناها الثنائي وتصبح فرد جديد في الأسرة.

رحل خوسية أركاديو الإبن مع الغجر بشكل مفاجئ بعد أن هام بإحداهن، وغاب عن الأسرة لفترة، وعبث غيابه بعقل أورسولا التي قررت أن ترحل للبحث عنها، لتغيب لفترة طويلة أثارت قلق الأب إلى أن تعود أورسولا وفي رفقتها العديد من التجار للقرية بملابس جديدة ودون أن تخبر أحد بما فعلت أو رأت خارج القرية!

يقدم إلى القرية وافد جديد ممثل للحكومة، وهو القاضي ليفرض على بيوت القرية أن تستخدم الدهان الأزرق، مما أثار حنق الأب بوينديا ليتشاجر مع القاضي ويكاد يضربه، ليعود القاضي مرة أخرى بعد طرد بوينديا له محميًا بالجنود، فيسمح له بوينديا على ألا يفرض على أحد لون معين في دهان المنازل، فيتفق الطرفان في النهاية.

أحب أورليانو ابنة القاضي “ريميديوس” الصغيرة، وطلب من أبيه خطبتها، فهاج أبيه ورفض الأمر في البداية إلا أن أقنعته أورسولا، لكن استغل الأب رغبة أورسولا في تزويج ابنه أورليانو بريميديوس في تزويج ربيكا بالشاب الإيطالي الوسيم عازف الموسيقى بيترو كريسبي، فتتوعد أمارانتا ربيكا وتحيك لها الخدع وتصب عليها اللعنات لإيقاف زواجهما (ربيكا وبيترو كريسبي) فيفسد زواجهما بالفعل بعد سنوات من الانتظار.

تموت ريميديوس زوجة أورليانو نزفًا في الليل ويحزن الجميع فينشغل أورليانو بالحرب بين الليبراليين والمحافظين ليصبح قائد لقوات التمرد الليبرالية ويخوض عشرات الحروب ضدها حتى كاد أن يموت أمام فرقة الإعدام والتي تبدأ بها القصة بالأساس في شكل حدث رئيسي يتوقف عنده الزمن ليتذكر فيه أورليانو كل ما فات من أحداث، ليتدخل أخيه خوسيه أركاديو الفحل الذي عاد للقرية وتزوج من ربيكا المسكينة لينقذ الكولونيل أورليانو من الموت.

من البداية لم يحظ زواج ربيكا وأركاديو على موافقة أورسولا خوفًا من عودة لعنة الذيل لطفلهما المحتمل فتطردها أورسولا من بيتها، بينما يهيم بيترو كريسبي بحب أمارانتا التي لم تهتم به، فينتحر الوسيم الإيطالي في النهاية داخل محله.

 

  • لعنة الحب

تظهر شخصية العاهرة بيلار تيرنيرا لينجب منها كل أخ على حدة، فأنجب أورليانو منها ابنه خوسيه أورليانو وأنجب خوسية أركاديو منها أيضا ابنه اللقيط أركاديو الذي يتربى في بيت ربيكا منفيين من بيت أورسولا الجدة. ثم تحرق أمارانتا يدها ببرود في فرن العائلة ليستمر الحرق معها طوال حياتها وحتى مماتها وكأنها تأثرت بانتحار بيترو كريسبي بشكل ما فلم تحتمل الألم النفسي وحاولت استبداله بألم الحرق.

انطلق الكولونيل أورليانو في حروبه، وأنجب 17 ابن وابنه لم نعرف عنهم شيء وخاض 32 حرب خسرها في النهاية ضد المحافظين ليعود إلى القرية ويوقع الهدنة بعد أن فقد الهدف من تلك الحرب ولم يعد يعرف لها سببا، بل وكان يتعجب من رفاقه لوجود أسباب يحاربون من أجلها. إذ تسببت الحرب في فقده لأصدقائه ومخالفته لبعض مبادئه، فقرر التنحي عن الحرب والبقاء مع أورسولا في بيتها.

يموت الجد بوينديا بعد أن قضى آخر أيامه تحت شجرة الكستناء فتمطر السماء زهورا صغيرة في لحظة سحرية مميزة يتألم لها جزء منك أثناء قراءة الرواية وتترك انطباعها داخل القارئ بلا شك.

تتكرر لعنة الحب مع أبناء أركاديو ابن خوسية أركاديو والذي أنجبهم من سانتا صوفيا التي أرسلتها بيلار تيرنيرا عندما لم تطيق محبة أركاديو لها وهو ابنها من خوسية أركاديو، لتنجب سانتا صوفيا من أركاديو ثلاثة أبناء هم: خوسيه أركاديو سيغوندو وأورليانو الثاني وريميديوس الجميلة.

فيحب كل من خوسية أركاديو سيغوندو وأورليانو الثاني عاهرة جديدة اسمها بيترا كوتيس وكأن لعنة بيلار تيرنيرا تتجدد، بينما يثير جمال ونقاء ريميديوس الجميلة كل من يراه حتى انتحر شخصان بسبب جمالها ولا مبالاتها بهما وبحبهما لها لتنتهي نهاية غريبة ممسكة بطرفي ملاءة وطائرة بعيدا عن بيت أورسولا فينسدل عن قصتها الستار فجأة.

  • فساد الأسرة

لم تتوقع أورسولا يوما أن يظلم أبنائها أحدا، إلا أن خوسية أركاديو وأركاديو قد تعاونا على سرقة أراضي سكان ماكوندو وتخويفهم، ودافعت عن أهل القرية ضد ظلم أركاديو، ولكن بعد موت خوسية أركاديو وبعد عودة الكولونيل أورليانو واكتشافه لتلك السرقات يقرر إعادة الحق لأهله بعد حديث قصير مع ربيكا التي لم تمانع على الإطلاق.

انقلاب الأحوال

دخول شركة الموز إلى ماكوندو للاستفادة من ثرواتها الطبيعية، فينضم خوسية أركاديو سيغوندو للشركة، ويعمل كمراقب عمال، ثم يرث صفة تمرد الكولونيل أورليانو، فيثور مع العمال، إلى أن تقرر الشركة فتح النار على عمالها، وينتقل خبر موت 3 آلاف شخص في هذا اليوم عبر خوسيه أركاديو سيغوندو للعائلة بعد هروبه، ليبقى في بيت أورسولا وداخل غرفة الكيمياء دارسًا وقارئا لما فيها.

يحب أورليانو الثاني فيرناندا الأرستقراطية والتي تربت على أن تكون ملكة، رغم علاقته ببيترا كوتيس، فلم يلبث أن عاش مع فيرناندا قليلا ثم رحل عنها ليعيش مع بيترا كوتيس والتي كانت بمثابة تميمة الحظ، فاغتنى بشدة وفحش، حتى أن ذاع صيت غناه وحضر حفلاته القاصي والداني، لتبغض أورسولا غناه الفاحش وغير المستحق من وجهة نظرها وتعتبره بلاء على الأسرة، فكان يسخر منها ويدهن أعمدة المنزل بأوراق البنكنوت.

أنجب أورليانو الثاني من فيرناندا الأرستقراطية 3 أبناء، وهم: ميمي وخوسية أركاديو الثالث وأمارانتا أورسولا، وتسيطر فيرناندا على المنزل بعد كبر سن أورسولا وإصابتها بمشاكل في الإبصار وبعد وفاة أمارانتا وأورسولا، وتستمر العلاقات المتوترة بين فيرناندا وأورليانو الثاني الذي هجرها بسبب التزامها الزائد وأرستقراطيتها المرهقة بالنسبة له، لكنه عاد في النهاية إليها بعد أن وعدها بأن يموت في منزلها.

 

مصير مختلف

تقرر فيرناندا والتي تصبح أورسولا جديدة استئجار حارس لقتل عشيق ابنتها ميمي ذي الفراشات الصفراء بيبليانو الذي يتسلل إليها ليلًا وتنجح خطتها بالفعل ولكن بعد فوات الأوان، فقد أنجبت ميمي ابنها “أورليانو بيبليانو” بالفعل ليعيش مع فيرناندا في نفس البيت مخفيًا في غرفة الكيمياء مع خوسية أركاديو سيغوندو، فتقرر إرسال ابنها خوسية أركاديو الثالث إلى روما ليصبح البابا.

وفجأة تمطر سماء ماكوندو لقرابة الخمس سنوات، فتضيع ثروة أورليانو الثاني ويحاول في نهاية حياته أن يفي بوعده لإبنته أمارانتا أورسولا لتسافر إلى بروكسل لتستكمل دراستها، فيعود للعمل بكل جد واجتهاد في بيع تذاكر اليناصيب لينجح في مسعاه وتسافر أمارانتا لبروكسل بالفعل.

ثم يموت التوأم خوسية أركاديو سيغوندو وأورليانو الثاني في نفس اليوم، ولا يبقى في البيت إلا فيرناندا التي تعاني من مرض عضال مع الابن غير الشرعي لابنتها ميمي أورليانو بيبليانو في غرفة الكيمياء، وبعد غنى زوجها الفاحش لا تجد فيرناندا بعد هذا العمر إلا سلة طعام يومية لا تعلم مرسلها الحقيقي والتي كانت بيترا، وتموت فيرناندا في النهاية بعد توقف المطر ويعود ابنها خوسية أركاديو الثالث في روما ليقرأ رسائل أمه فلا يجب إلا أورليانو بيبليانو فيعرف حقيقته كابن غير شرعي لميمي.

 

كنوز العائلة

تركت العائلة خلفها كنزان، أحدهما عبارة عن لفافات ميلكياديس الغجري والتي لطالما حاول أفراد الأسرة على فك شفرتها لفهم محتواها في غرفة الكيمياء، ليحمل أورليانو بيبليانو عبء فكها وقراءتها بعد أن كوّن من سنوات عزلته في غرفة الكيمياء حصيلة معرفية ضخمة وهائلة.

والكنز الثاني هو من الذهب الذي أصرت أورسولا قبل موتها على عدم الإفصاح به بعدما رأت من غنى أورليانو الثاني الفاحش من بلاء على أسرتها وتكرارهم لنفس الأخطاء، فأخفته داخل بلاط غرفتها، ولم يكتشفه إلا ابن فيرناندا العائد من روما خوسية أركاديو الثالث، والذي لطالما كذب على الأسرة بشأن دراسته في روما، ليعود ويعبث مع رفاقه في منزل الأسرة بكنوزها، وفي يوم قرر طرد رفاقه، فعادوا إليه لينتقموا منه فأغرقوه في حوض الاستحمام وسرقوا الذهب.

 

  • نهاية رواية “مئة عام من العزلة”

تعود أمارانتا أورسولا من بروكسل متزوجة من جاستن، إلا أن علاقتها لم تستمر بسبب رغبة زوجها في العودة إلى بروكسل بعد أن أخطأ في تقدير رغبة زوجته في تحمل ماكوندو، فأحبها أورليانو بيبليانو، ورغم العلاقة غير الشرعية بينهما، أنجبا الطفل الأخير لعائلة بوينديا فأسماه أبيه “أورليانو”، وفي تطور درامي يكتشف الأب أورليانو بيبليانو شفرة أوراق ميكلياديس الغجري السنسكريتية بعد وفاة أمارانتا أورسولا نزفا من ولادتها، ويكتشف أن ابنه أوليانو له الذيل الملعون الذي خافت منه الجدة أورسولا طوال حياتها فيأكل الطفل النمل الذي هاجم القرية ودمرها.

وبينما يقف أورليانو بيبليانو ممسكا بأوراق ميلكياديس ليقرأها متأثرا بما حدث لزوجته وابنه وخواء قرية ماكوندو من السكان تقريبا لكثرة كوارثها، يكتشف أن أوراق ميلكياديس ما هي إلا نبوءة لكل ما حدث للعائلة طوال عقود وعلى مدار 7 أجيال تروي الأحداث بدقة وتتنبأ بها، كما تتنبأ في اللحظات الأخيرة بعاصفة هائلة تمحو القرية وبيت العائلة وكل من فيه، لتفنى عائلة بوينديا وأورسولا عن آخرها بعد “مئة عام من العزلة” !

 

وقد ناقش فريق عمل الأكاديمية بوست في أحد أندية القراءة الرواية.

نادي القراءة الأول ورواية “مئة عام من العزلة” لجابرييل جارسيا ماركيز

نادي القراءة الأول ورواية “مئة عام من العزلة” لجابرييل جارسيا ماركيز

أطلقت الأكاديمية بوست أولى أندية القراءة بالتعاون مع مكتبة مصر العامة وجاء لقاء نادي القراءة الأول ورواية “مئة عام من العزلة” لجابرييل جارسيا ماركيز، في 25 يوليو 2019 الساعة الواحدة ظهرًا.

البداية

بدأت فعاليات الجلسة بسرد مختصر عن أحداث الرواية الكثيفة والمفعمة بالأحداث والتفاصيل، وعن الكاتب جابرييل جارسيا ماركيز وانتاجه الأدبي وأسلوبه المعروف بالواقعية السحرية، ثم انطلق الأعضاء في الإعلان عن آرائهم المختلفة بخصوص أحداث الرواية ككل.

1 نادي القراءة 1 – مئة عام من العزلة – 25 يوليو 2019

تفاوتت الآراء فيما يخص الشخصية المفضّلة للقرّاء في الرواية بين الجدة الكبرى أورسولا، وبين الكولونيل أورليانو، فعبّر البعض عن مدى التضحيات التي قدّمتها الجدة للعائلة، واندهش لقوة شخصيتها وصلابتها الدائمة وحيويتها المستمرة، بينما عبر آخر عن ما وصل إليه الكولونيل من سلام نفسي بعد سنوات من الحروب والتمرد والصراعات وكيف كان صادقًا مع نفسه عندما علم أنه لا يحارب إلا من أجل كرامته وكبريائه لا أكثر.

ماذا قصد الكاتب بالعزلة في روايته؟

كما تفاوتت آراء القرّاء فيما يخص “العزلة” وما يقصده الكاتب بها. هل كانت عزلة ماكوندو هي عزلة مدينة؟ أم هي عزلة سكانها؟ أم هي عزلة أفراد البيت الواحد؟ أم هي عزلة الفرد عن نفسه!

2 نادي القراءة 1 – مئة عام من العزلة – 25 يوليو 2019
  • الموت في أحداث رواية “مئة عام من العزلة” :

كما سادت لحظات من الضحك بين القراء أثناء النقاش بتذكر الأحداث السحرية للرواية وكيفية موت الكثير من أبطالها بطرق غريبة ومأساوية أحيانا ورمزية أحيانا أخرى، إلا أن البدايات دائما ما كانت غير معبّرة بالمرة عن النهايات. إذ أن بعض الشخصيات سادت شرورها واضطربت لها صفحات الرواية بقوة، إلا أن نهاية حياتها لم تكن بذلك الشر ولا بتلك القوة والعنف، بل على العكس تماما.

 

3 نادي القراءة 1 – مئة عام من العزلة – 25 يوليو 2019
  • دور العلم في رواية “مئة عام من العزلة” :

بدا وجود العلم كعنصر مهم في الرواية، يظهر تارة ويختفي تارة، إلى أن يفرض نفسه بقوة في نهاية الرواية ليصبح هو الأداة الوحيدة لفك طلاسم أوراق ميكياديس الغجري التي تحكي قصة الأجيال السبعة لعائلة بويندا والتي احتار القرّاء والحاضرين في رمزيتها، فاعتبرها بعضهم رمزًا لأهمية العلم، واعتبرها آخرون بلا أهمية محورية في الرواية أو دلالة مقصودة من الكاتب، إلا أن شخصية أورليانو الأخير والذي فك طلاسم الأوراق ألقت بظلالها على المناقشة في جوانب عدة كرمز للإنسان المعاصر المنعزل والمنكب على العلم والوارث لإرث لا يمكن تحمله.

نالت الرواية استحسان أغلبية الحضور، إلا أن أهمية بعض تفاصيلها لم تكن بادية للبعض الآخر، وتنتهي الجلسة الأولى من نادي القراءة بعد ساعتين من النقاشات الممتعة مع حضور مميز، وإليكم ملخص واف لأحداث الرواية لمن يرغب في الاستزادة.

استكملت إدارة الأكاديمية بوست بالتعاون مع مشروع بيت تحوت إقامة فعاليات نادي القراءة افتراضيًا، ويمكنك حجز مقعدك الآن من هنا.

Exit mobile version