مقدمة مبسطة لفهم جائزة نوبل في الفيزياء 2023 وسبب الفوز بها

ذهبت جائزة نوبل في الفيزياء لعام 2023 إلى الفرنسي بيير أغوستيني والمجري النمساوي فيرينك كراوس والفرنسية آن لويلير وذلك عن إنجازهم في توليد نبضات قصيرة للضوء بسرعة الأوتوثانية. إنجاز العلماء الثلاثة سيفتح أمامنا أفق جديدة في فهم ما يحدث بداخل عالم الذرة وأخذ لقطات لحركة الإلكترونات السريعة للغاية، إذ اكتشفت آن لويلير تأثيرًا جديدًا من تفاعل ضوء الليزر مع ذرات الغاز ووضح كل من بيير أغوستيني وفيرينك كرواس إمكانية استخدام التأثير السابق في إنشاء نبضات ضوئية شديدة القصر. فكيف فعلوا ذلك؟ هذا ما سنوضحه في مقالنا لمقدمة مبسطة لفهم جائزة نوبل في الفيزياء 2023 وسبب الفوز بها.

فهم ما يحدث داخل عالم الذرة السريع ليس مستحيلًا بعد الآن!

حينما تشاهد فهدًا يلحق فريسته بسرعة تصل إلى 64 ميلًا في الساعة، لا يمكنك لمح حركة جسده بالتفصيل بل ستراه كالطيف يمر أمامك. كذلك حينما ترى مقاطع فيديو في الأصل هي عبارة عن بضع صور ثابتة ولكن تم استخدام أحد البرامج لتسريع مرور تلك الصور أمام عيونك.

لا يمكن لحواسنا البشرية ملاحظة الحركات شديدة السرعة هذه، لذا نحن بحاجة للتكنولوجيا وحيلها كالالتقاط وتصوير اللحظات القصيرة التي تحدث، لفهم ما يحدث في عالمنا. يتيح لنا التصوير الفوتوغرافي عالي السرعة والإضاءة التقاط صور تفصيلية للكثير من الظواهر. وكلما كان حدوث الظاهرة أسرع، لابد أن تكون سرعة التقاط الصورة أسرع. وينطبق هذا المبدأ على جميع أساليب القياس أو تصوير أي عملية تحدث بسرعة، فإذا كان النظام سريع، يجب أن يكون القياس بسرعة أكبر من سرعة النظام وذلك لالتقاط الأحداث التي تحدث داخل هذا النظام.

يُعد المقياس الزمني الطبيعي للذرات قصير للغاية. فيمكن للذرات في الجزيء أن تتحرك وتتحول في جزء من مليون من مليار من الثانية (الفيمتوثانية). وقد كان أقصى ما يمكننا فهمه هو التفاعلات الكيميائية بين الجزيئات باستخدام نبضات الليزر في زمن قدره فيمتوثانية والتي فاز عنها العالم المصري أحمد زويل بجائزة نوبل سابقًا، لكن العلم لم يتوقف عند ذلك الحد بل مستمر. لذا كان اهتمام العلماء مصوب حول فهم ما هو أدق، أي عالم الذرات هائلة السرعة! وقد ساهم العلماء الثالثة في تصميم تجارب توضح طريقة لإنتاج نبضات ضوئية شديدة القصر، لالتقاط صور للعمليات داخل الذرات والجزيئات.

ولأن حركة الإلكترونات داخل الذرات والجزئيات سريعة للغاية، وتفوق سرعتها الفيمتوثانية، فتتغير مواقع وطاقات الإلكترونات بسرعة تتراوح بين واحد وبضع مئات من الأوتوثانية، والأوتوثانية هي جزء من مليار من مليار من الثانية! فهي قصيرة لدرجة أن عددها في الثانية الواحدة هو نفسه عدد الثواني التي مضت منذ ظهور الكون أي ما يقارب 13.8 مليار سنة. بمعنى أخر، الأوتو ثانية الواحدة فقط تعادل ثانية من عمر الكون.

كشف أسرار عالم الذرة باستخدام نبضات الأوتوثانية!

يتكون الضوء من موجات، اهتزازات في المجالات الكهربائية والمغناطيسية، تتحرك تلك الاهتزازات مع بعضها في الفراغ على نحو سريع، أسرع من أي شيء. كما أن لها أطوال موجية مختلفة وبألوان مختلفة. فمثلًا يبلغ طول موجة الضوء الأحمر حوالي 700 نانومتر، أي جزء من مائة من عرض شعرة الرأس، وتدور بمعدل أربعمائة وثلاثين ألف مليار مرة في الثانية تقريبًا. فلا يمكن للأطوال الموجية المستخدمة في أنظمة الليزر العادية أن تقل عن الفيمتو ثانية، لذا في الثمانينيات، كانت أقصر نبضات ضوئية ممكنة هي تلك التي تصدر في زمن قدره فيمتوثانية، ولا يمكن خرق ذلك. كان اختراق الفيمتوثانية تحدٍ هائل، فماذا يفعل العلماء؟

بالرياضيات، سنحصل على أقصر الموجات!

توضح الرياضيات لنا أنه يمكننا أن نشكل موجة من أمواج أصغر متراكبة، لذا إذا استُخدم عدد من الموجات ذات الأحجام والأطوال الموجية القصيرة في نطاق الأوتوثانية والسعات الصحيحة (المسافات بين القمم والقيعان)، وتراكبت تلك الموجات، ستنشأ لدينا موجات قوية وشديدة القصر في نطاق الأوتوثانية. وإذا تمكننا من رصد تلك الموجات، فبإمكاننا اكتشاف عالم الذرات والجزيئات.

لم يقتصر الأمر على استخدام الليزر فقط لإضافة أطوال موجية جديدة للضوء، حيث مفتاح الوصول إلى أقصر لحظة تمت دراستها هو باستخدام الظاهرة التي تنشأ عند مرور ضوء الليزر عبر الغاز. إذ يتفاعل الضوء مع ذرات الغاز ويسبب موجات انعكاسية تكمل عددًا من الدورات الكاملة لكل دورة في الموجة الأصلية. يمكن مقارنة ذلك بالنغمات المختلفة التي تعطي الصوت طابعه الخاص، مما يسمح لنا بسماع الفرق بين نفس النغمة التي يتم عزفها وتمييزه ما بين الجيتار والبيانو. وفي عام 1987، نجحت آن لويلر وزملاؤها في أحد المختبرات الفرنسية بإنتاج وإظهار النبضات بتسليط أشعة الليزر تحت الحمراء على ذرات غاز خامل.

مساهمة العلماء الثلاثة في جائزة نوبل في الفيزياء 2023

عندما يسلّط ضوء الليزر على الغاز، يؤثر على ذراته ويحدِث اهتزازات كهرومغناطيسية تشوه المجال الكهربائي الذي يحمل الإلكترونات حول نواة الذرة. مما يمكّن الإلكترونات بعد ذلك من الهروب من الذرات، لكن ما يمنعها من الهروب هو المجال الكهربائي الذي ينشأ عنه قوة جذب تحبسها. وعند تسليط الأشعة كما ذكرنا، يحدث بالقوة اضطراب لفترة زمنية صغيرة جدًا فتتمكن بعض الإلكترونات من الهرب أي تتأين طبقًا لميكانيكا الكم حيث ينشأ نفق كمي. من ثم تكتسب تلك الإلكترونات طاقة من المجال الكهربي لأشعة الليزر. لكن حينما يتغير اتجاه المجال الكهربي لأشعة الليزر، تعود الإلكترونات حول الذرة وتطلق الطاقة التي اكتسبتها سابقًا على شكل موجات ضوء في نطاق الأشعة فوق البنفسجية ذات الطول الموجي الصغير في نطاق الأوتوثانية الزمني. وعندما تحدث تلك الظاهرة من عدد كبير من الإلكترونات التي ستكتسب طاقات مختلفة، سيكون لدينا أمواج فوق بنفسجية مختلفة الترددات، تتراكب معًا وتنشأ موجة قوية قابلة للرصد طولها الموجي في نطاق الأوتوثانية.

هذا ما فعلته آن لويلير في 1987 وبيير أغوستيني ومجموعته البحثية في فرنسا عام 2001 في إنتاج ودراسة سلسلة من النبضات الضوئية المتتالية. توصل الباحثان إلى أن نبضة تستمر 250 أوتوثانية. في الوقت نفسه، كان فيرينك كراوس ومجموعته البحثية في النمسا يعملون على تقنية يمكنها اختيار عربة واحدة تشبه النبض يتم فصلها عن القطار وتحويلها إلى مسار آخر واستمرت النبضة التي نجحوا في عزلها لمدة 650 أوتوثانية.

أظهرت هذه التجارب أنه يمكن ملاحظة وقياس نبضات الأوتوثانية، ويمكن استخدامها أيضًا في تجارب جديدة. إن هذه النبضات الضوئية القصيرة يمكن توظيفها لدراسة حركة الإلكترونات، إذ أصبح من الممكن الآن إنتاجها ورصدها بسرعات تصل إلى بضع عشرات من الأوتوثانية فقط، وهذه التكنولوجيا تتطور طوال الوقت.

أقرأ أيضًا: لماذا كانت النبضات الضوئية القصيرة السبب في الفوز بجائزة نوبل عام 2023؟

المصدر: بيان موقع نوبل.

شرح مبسط لجائزة نوبل في الفيزياء 2022 وسبب الفوز بها

باستخدام التجارب الرائدة، أظهر كلا من آلان أسبكت وجون كلاوزر وأنتون زيلينجر، الحائزين على جائزة نوبل في الفيزياء 2022، إمكانية التحقيق والتحكم في الجسيمات الموجودة في حالات التشابك. حيث ما يحدث لجسيم واحد في زوج متشابك يحدد ما يحدث للآخر حتى لو كان أحدهما بعيدًا عن الآخر على نحو كبير جدًا. فما طوره العلماء الحائزين على نوبل في الفيزياء 2022 للأدوات التجريبية بمثابة الأساس لعصر جديد من تكنولوجيا الكم.

قوة التشابك الكمي هو سر نوبل في الفيزياء 2022

لا تمثل ميكانيكا الكم مجرد نظرية أو قضية فلسفية! بل هناك بحث وتطوير مكثف للاستفادة من الخصائص الخاصة بأنظمة الجسيمات الفردية. كل ذلك يصب في مصلحة بناء حواسيب كمية وتحسين القياسات وبناء شبكات كمية وإنشاء اتصال آمن مُشفر كميًا. وتعتمد الكثير من التطبيقات على تقنية الكم، إذ تسمح لجسيمين أو أكثر بالوجود في حالة متشابكة وذلك بغض النظر عن مدى تباعد كلا منهما عن الآخر. يُعرف ذلك باسم «التشابك-Entanglement» والذي أثار جدل واسع في ميكانيكا الكم منذ أن صيغت النظرية.

تحدث ألبرت أينشتاين عن تلك الحركة الخفية عن بُعد. كما قال إروين شرودنجر إنها أهم سمة لميكانيكا الكم. وهذا العام استكشف الفائزون بجائزة نوبل في الفيزياء 2022 هذه الحالات الكمية المتشابكة. ووضعت تجاربهم الأساس للثورة القائمة حاليًا في تكنولوجيا الكم.

ما هو التشابك الكمي؟

حين يتشابك جسيمان كميًا، يمكن للشخص الذي يقيس خاصية لجسيم واحد أن يحدد على الفور نتيجة قياس مكافئ للجسيم الآخر. يحدث الأمر دون الحاجة إلى التحقق، فهو مضمون. وقد يكون ذلك عجيب على مسامعك بالبداية! لكن إذا فكرنا في الكرات بدلاً من الجسيمات. فيمكننا تخيل تجربة يتم فيها إرسال كرة سوداء في اتجاه ما وكرة بيضاء في الاتجاه المعاكس. ويمكن للمراقب الذي يمسك كرة ويرى أنها بيضاء أن يعرف على الفور أن الكرة التي تحركت في الاتجاه الآخر سوداء.

فما يجعل ميكانيكا الكم مميزة هو أن مكافئتها للكرات ليس لها حالات محددة حتى يتم قياسها. قد يبدو الأمر كما لو أن كلتا الكرتين ذو لون رمادي، حتى ينظر شخص ما إلى أخر. بعد ذلك، يمكن أن يأخذ بشكل عشوائي كل الأسود الذي يمكن لزوج الكرات الوصول إليه أو يمكن أن يظهر أنه أبيض. فتتحول الكرة الأخرى على الفور إلى اللون المعاكس.

ولكن كيف يمكن معرفة أن الكرات لم يكن لها لون محدد من البداية؟ حتى لو بدت رمادية اللون، فربما كانت تحتوي على ملصق مخفي بالداخل. يشير إلى اللون الذي يجب أن تصبح عليه عندما ينظر إليها شخص ما.

هل هناك لون ما من الأساس في حالة غياب المراقبة؟

كي نفهم الأمر، يمكن مقارنة الأزواج المتشابكة لميكانيكا الكم بآلة ترمي كرات ذات ألوان متناقضة في اتجاهات متعاكسة نحو طفلين وهما بوب وأليس. وعندما يمسك “بوب” الكرة ويرى أنها سوداء، يعرف على الفور أن “أليس” قد التقطت كرة بيضاء.

نظريًا، عند استخدام المتغيرات الخفية بدلًا من الألوان المحددة من البداية، بدا أن الكرات تحتوي دائمًا على معلومات خفية حول اللون الذي يجب إظهاره لبوب أو أليس. وعلى الرغم من ذلك، تقول ميكانيكا الكم أن الكرات كانت رمادية اللون بشكل ما، إلى أن نظر إليها أحدهما. وعندما تحولت إحداهما إلى اللون الأبيض بنظر أليس إليها، أصبحت الأخرى سوداء. وتفترض مبرهنة بيل لعدم التساوي أن هناك تجارب يمكن أن تفرق بين هذه الحالات. ولكن ما سنراه لاحقًا، أن تلك التجارب أثبتت أن وصف ميكانيكا الكم هو الصحيح وليس مبرهنة بيل.

المتغيرات الخفية وميكانيكا الكم

سبب منح جائزة نوبل في الفيزياء لعام 2022

يُعدّ جزء مهم مما تمت مكافأة العلماء الثلاثة عليه بجائزة نوبل في الفيزياء لعام 2022 هو الإطاحة بمبرهنة عدم التساوي لبيل. إذ تسمح مبرهنة عدم التساوي لبيل بإمكانية التفريق بين “اللا تحديد المسبق للجسيمات في ميكانيكا الكم” من جهة و”الوصف البديل باستخدام تعليمات سرية أو متغيرات خفية” من جهة أخرى. حيث أظهرت التجارب أن الطبيعة تتصرف كما تنبأت ميكانيكا الكم وليس كما توضح المبرهنة. فالكرات رمادية اللون، وبدون معلومات سرية، والمصادفة وحدها هي التي تحدد اللون الأسود والأبيض في التجربة. أي أنه لا توجد حالة أساسية محددة للون الكرات قبل إطلاقها!

طرق جديدة من خلال الحالات الكمية

يمكننا من خلال الحالات الكمية المتشابكة إيجاد طرق جديدة لتخزين المعلومات ونقلها ومعالجتها. وتحدث أشياء مثيرة للاهتمام إذا كانت الجسيمات في زوج متشابك وتتحرك في اتجاهين متعاكسين. فإذا التقى أحدهما بجسيم ثالث بطريقه تصبح متشابكة معهم. ثم يدخلون مع بعضهم في حالة مشتركة جديدة. فيفقد الجسيم الثالث هويته، لكن خصائصه الأصلية انتقلت الآن إلى الجسيم المنفرد من الزوج الأصلي.

هذه الطريقة لنقل حالة كمية غير معروفة من جسيم إلى آخر تسمى النقل الآني الكمي. كان هذا النوع من التجارب أجراه أنتون زيلينجر وزملاؤه في عام 1997. ومن اللافت للنظر أن النقل الآني الكمي هو الطريقة الوحيدة لنقل المعلومات الكمية من نظام لآخر دون أن يفقد أي جزء منها. حيث من المستحيل تمامًا قياس جميع خصائص النظام الكمي ثم إرسال المعلومات إلى المستلم الذي يريد إعادة بناء النظام. وذلك لأن النظام الكمي يمكن أن يحتوي على عدة نسخ من كل خاصية في وقت واحد، حيث يكون لكل نسخة احتمالية معينة للظهور أثناء القياس. وبمجرد إجراء القياس، تبقى نسخة واحدة فقط، وهي النسخة الذي قرأتها أداة قياس. لقد اختفى الآخرون ومن المستحيل معرفة أي شيء عنهم. وعلى الرغم من ذلك، يمكن نقل الخصائص الكمية غير المعروفة تمامًا باستخدام النقل الآني الكمي وتظهر سليمة وكاملة دون فقدان في جسيم آخر، مع ملاحظة أنها تُدمر في الجسيم الأصلي.

هل أمكننا تطبيق الانتقال الآني عمليًا؟

بمجرد عرض الانتقال الآني بشكل تجريبي، كانت الخطوة التالية هي استخدام زوجين من الجسيمات المتشابكة. فإذا تم تجميع جسيم واحد من كل زوج معًا بطريقة معينة، فيمكن للجسيمات غير المضطربة في كل زوج أن تتشابك على الرغم من عدم ملامستها أبدًا لبعضها البعض. تم توضيح تبادل التشابك هذا لأول مرة في عام 1998 من قبل مجموعة أنتون زيلينجر البحثية.

تمكن الفريق من إرسال أزواج الفوتونات المتشابكة وجزيئات الضوء في اتجاهين متعاكسين من خلال الألياف الضوئية لتعمل كإشارات في شبكة كمية. ويتيح التشابك بين الزوج من تمديد المسافات في مثل هذه الشبكة. فهناك حد للمسافة التي يمكن أن ترسل فيها الفوتونات عبر الألياف الضوئية قبل امتصاصها أو فقدان خصائصها. كما يمكن تضخيم الإشارات الضوئية العادية. لكن هذا لم يحدث مع الأزواج المتشابكة. إذ يجب على المضخم أن يلتقط ويقيس الضوء الذي يكسر التشابك. ومع ذلك، فإن تبادل التشابك يعني أنه من الممكن إرسال الحالة الأصلية إلى أبعد من ذلك، وبالتالي نقلها عبر مسافات أطول مما كان ممكنًا.

أجسام تتشابك دون اتصال!

ينبعث زوجان من الجسيمات المتشابكة من مصادر مختلفة. حيث يتم تجميع جسيم واحد من كل زوج معًا بطريقة خاصة تجعلهم متشابكين مع بعضهم البعض، ثم يتشابك الجسيمان الآخران (مثل 1 و 4 في الرسم التخطيطي) أيضًا. على هذا النحو، يمكن أن يتشابك جسيمان لم يكونا على اتصال مطلقًا.

من التناقض إلى اللا مساواة

أينشتاين أخطأ

نحن نسلم بأنه لا يمكن أن يتأثر شيء ما بحدث يقع في مكان آخر دون أن تصل إليه أي إشارة أولًا؟ كما لا يمكن للإشارة أن تنتقل أسرع من الضوء. هذا المبدأ، الذي يسميه الفيزيائيون بالمحلية، كان يُنظر إليه منذ فترة طويلة على أنه افتراض أساسي حول قوانين الفيزياء. لكن ميكانيكا الكم دائمًا مبهرة وعجيبة! فقال ألبرت أينشتاين أن ميكانيكا الكم تسمح “بعمل مخيف عن بعد” -وهو التشابك الكمي-، على حد تعبير أينشتاين. في ميكانيكا الكم، لا يبدو أن هناك حاجة لإشارة لتوصيل الأجزاء المختلفة لنظام ما. حيث أن التشابك الكمي كسر تصور لازمية وجود إشارة وأن تكون أسرع من الضوء، لإنه بالفعل يحدث بسرعة كبيرة. وهذا التناقض مع المحلية محير بالنسبة لإينشتاين وغيره، نظرًا لعدم معرفة ماهية هذا التشابك.

قدم أينشتاين وزملائه منطقهم في عام 1935، بأنه لا يبدو أن ميكانيكا الكم تقدم وصفًا كاملاً للواقع. وذلك أصبح يسمى بمفارقة EPR -الاسم من عدد الأحرف الأولى من أسماء الباحثين-. كما وضحوا أن هناك «متغيرات خفية محلية-local hidden variables».

ما هي المتغييرات الخفية؟

لنفرض أن لديك زوج من الإلكترونات والذي إجمالي دورانهما يساوي صفر وذلك يعني أنه عند قياس دوران أي منهم على طول محور معين سيؤول لنتائج معاكسه للآخر، نظرًا لدورانهما عكس بعضهم البعض. وعلى الرغم من أن الدوران الكلي له قيمة محددة لكن الدوران الفردي لكل إلكترون غير محدد.

الآن لنفرض أنك فصلت هذه الإلكترونات المتشابكة ونقلتها إلى مختبرات بعيدة عن بعضها وأن فرقًا من العلماء في هذه المختبرات يمكنها إجراء قياسات الدوران. فعندما يقيس كلا الفريقين على طول نفس المحور، فإنهما يحصلان على نتائج معاكسة بنسبة 100٪ أيضًا.

يقترح أينشتاين أنه يمكن أن يأتي كل زوج من الإلكترونات مع مجموعة مرتبطة من “المتغيرات الخفية” -كما وضحنا- التي تحدد دوران الجسيمات على طول جميع المحاور في وقت واحد. لكن هذه المتغيرات الخفية غائبة عن الوصف الكمي للحالة المتشابكة، حيث يمكن للمتغيرات الخفية أن تفسر لماذا تؤدي قياسات المحور نفسه دائمًا إلى نتائج معاكسة دون أي انتهاك للمحلية -والمحلية توضح أنه لا يوجد شيء أسرع من الضوء-، قياس إلكترون واحد لا يؤثر على الآخر ولكنه يكشف فقط عن القيمة الموجودة مسبقًا لمتغير خفي.

بيل يستبعد المتغييرات الخفية

أثبت الفيزيائي جون بيل أنه يمكن استبعاد المتغيرات الخفية المحلية أي استبعاد الموقع تمامًا، عن طريق قياس دوران الجسيمات المتشابكة على طول محاور مختلفة. إذ أنه أليس من الممكن أن يكون السبب في النتائج المعاكسة دائمًا هم الأشخاص ذاتهم، ففي المثال السابق علماء المختبر هم المتحكمين في الدوران وقد يتفقوا على قياسات معينة. كما وضح اختلاف عالم الكم عن العالم الكلاسيكي، وأن ميكانيكا الكم غير متوافقة مع المتغييرات الخفية المحلية، لإن التشابك الكمي كسر مبدأ المحلية في العالم الكلاسيكي. ووضح كل ما ذكرناه من خلال مبرهنته عدم التساوي أو عدم المساواة والتي تبيّن أن جميع النظريات ذات المتغيرات الخفية، يكون الارتباط بين نتائج القياسات أقل من قيمة معينة أو مساوي لها على الأكثر. وهذا ما يسمى عدم التساوي لبيل. وعلى الرغم من ذلك، يمكن لميكانيكا الكم أن تنتهك المبرهنة والتنبؤ بقيم أعلى للارتباط بين النتائج مما هو ممكن من خلال المتغيرات الخفية.

تجارب لاختبار عدم التساوي لبيل

أصبح جون كلاوزر مهتمًا بأساسيات ميكانيكا الكم عندما كان طالبًا في الستينيات، ولم يستطع التخلص من فكرة جون بيل بمجرد أن قرأ عنها. في نهاية المطاف، تمكن هو وباحثين آخرين من تقديم اقتراح لنوع واقعي من التجارب يمكن استخدامه لاختبار عدم التساوي لبيل.

تتضمن التجربة إرسال زوج من الجسيمات المتشابكة في اتجاهين متعاكسين. في الممارسة العملية، يتم استخدام الفوتونات التي لها خاصية تسمى الاستقطاب. فعندما تنبعث الجسيمات، يكون اتجاه الاستقطاب غير محدد، وكل ما هو مؤكد هو أن للجسيمات استقطاب متوازي.

يمكن التحقق من ذلك باستخدام مرشح يسمح بالاستقطاب الموجه في اتجاه معين. هذا هو التأثير المستخدم في العديد من النظارات الشمسية، والذي يحجب الضوء الذي تم استقطابه في مستوى معين.

إذا تم إرسال كلا الجسيمين في التجربة نحو المرشحات التي يتم توجيهها في نفس المستوى على نحو عمودي، وانزلق أحدهما عندئذٍ سيمر الآخر أيضًا. إذا كانوا في زوايا قائمة لبعضهم البعض، فسيتم إيقاف أحدهم بينما يمر الآخر. الحيلة هي القياس باستخدام المرشحات الموضوعة في اتجاهات مختلفة بزوايا منحرفة، إذ يمكن أن تختلف النتائج بعد ذلك. فمثلًا، أحيانًا ينزلق كلاهما وأحيانًا واحدًا فقط وأحيانًا لا شيء. يعتمد عدد المرات التي يمر فيها كلا الجسيمين عبر المرشح على الزاوية بين المرشحات.

فتؤدي ميكانيكا الكم إلى ارتباط بين القياسات. تعتمد احتمالية الحصول على جسيم واحد على زاوية المرشح، التي اختبرت استقطاب شريكه على الجانب الآخر من الإعداد التجريبي. هذا يعني أن نتائج كلا القياسين في بعض الزوايا، تنتهك تساوي بيل ولها ارتباط أقوى مما لو كانت النتائج محكومة بمتغيرات خفية وتم تحديدها مسبقًا عند انبعاث الجسيمات.

انتهاك عدم التساوي

بدأ جون كلاوزر على الفور العمل على إجراء هذه التجربة. قام ببناء جهاز يُصدر فوتونين متشابكين في وقت واحد، وكل منهما باتجاه مرشح يختبر استقطابهما. في عام 1972، مع طالب الدكتوراه ستيوارت فريدمان (1944-2012)، كان قادرًا على إظهار نتيجة تمثل انتهاكًا واضحًا لعدم التساوي لبيل واتفق مع تنبؤات ميكانيكا الكم.

في السنوات اللاحقة، واصل جون كلاوزر وغيره من الفيزيائيين مناقشة التجربة وحدودها. كان أحدها أن التجربة كانت عمومًا غير صحيحة. حيث تم أيضًا ضبط القياس مسبقًا مع وجود المرشحات عند زوايا ثابتة. لذلك كانت هناك ثغرات، حيث يمكن للمراقب أن يشكك في النتائج وأنه ماذا لو الإعداد التجريبي بطريقة ما اختار الجسيمات التي تصادف أن يكون لها ارتباط قوي ولم تكتشف الجسيمات الأخرى؟ إذا كان الأمر كذلك، فقد لا تزال الجسيمات تحمل معلومات خفية.

كان القضاء على هذه الثغرة بالذات أمرًا غاية في الصعوبة. لأن الحالات الكمية المتشابكة هشة للغاية ويصعب إدارتها، ومن الضروري التعامل مع الفوتونات الفردية. بعدها قام طالب الدكتوراه الفرنسي آلان أسبكت ببناء نسخة جديدة من الإعداد قام بتحريرها على عدة تكرارات. في تجربته، تمكن من تسجيل الفوتونات التي مرت عبر المرشح وتلك التي لم تمر. هذا يعني أنه تم اكتشاف المزيد من الفوتونات وكانت القياسات أفضل.

في النهاية، كان قادرًا أيضًا على توجيه الفوتونات نحو مرشحين مختلفين تم ضبطهما في زوايا مختلفة. تمثلت البراعة في الآلية التي غيرت اتجاه الفوتونات المتشابكة بعد تكوينها وانبعاثها من مصدرها. كانت المرشحات على بعد ستة أمتار فقط، لذا يجب أن يحدث التبديل في بضعة أجزاء من المليار من الثانية. إذا كانت المعلومات حول أي فوتون سيصل إليه، أثرت في كيفية انبعاثه من المصدر، فلن تصل إلى هذا المرشح. ولا يمكن أن تصل المعلومات المتعلقة بالمرشحات الموجودة على جانب واحد من التجربة إلى الجانب الآخر وتؤثر على نتيجة القياس هناك.

بهذه الطريقة، أغلق آلان أسبكت ثغرة مهمة وقدم نتيجة واضحة جدًا، وهي أن ميكانيكا الكم صحيحة ولا توجد متغيرات خفية.

شرح لتجارب كلا من جون كلوزر وآلان أسبكت وأنتون زيلينجر بالرسوم

  • استخدم جون كلاوزر ذرات الكالسيوم التي يمكن أن تصدر فوتونات متشابكة بعد أن أضاءها بضوء خاص. أقام مرشحًا على كلا الجانبين لقياس استقطاب الفوتونات، وبعد سلسلة من القياسات، كان قادرًا على إظهار أنها انتهكت عدم التساوي لبيل.
تجربة جون كلاوزر
  • طور آلان أسبكت هذه التجربة، باستخدام طريقة جديدة لإثارة الذرات بحيث تنبعث منها فوتونات متشابكة بمعدل أعلى. يمكنه أيضًا التبديل بين الإعدادات المختلفة، لذلك لن يحتوي النظام على أي معلومات مسبقة يمكن أن تؤثر على النتائج.
تجربة آلان أسبكت
  • أجرى أنتون زيلينجر في وقت لاحق المزيد من الاختبارات حول عدم التساوي لبيل. حيث قام بإنشاء أزواج متشابكة من الفوتونات عن طريق تسليط ليزر على بلورة خاصة. واستخدم أرقامًا عشوائية للتبديل بين إعدادات القياس. استخدمت إحدى التجارب إشارات من مجرات بعيدة للتحكم في المرشحات والتأكد من أن الإشارات لا يمكن أن تؤثر على بعضها البعض.
تجربة أنتون زيلينجر

في النهاية

وضعت هذه التجارب والتجارب المماثلة التي سبقتها الأساس للبحث المكثف الحالي في علم المعلومات الكمي. حيث تتيح لنا القدرة على معالجة الحالات الكمية وإدارتها والوصول إلى أدوات ذات إمكانات غير متوقعة. هذا هو أساس الحساب الكمي ونقل وتخزين المعلومات الكمية وخوارزميات التشفير الكمي. الأنظمة التي تحتوي على أكثر من جسيمين وكلها متشابكة وقيد الاستخدام الآن، وكان أنتون زيلينجر وزملاؤه أول من استكشفها.

فتعمل هذه الأدوات المحسنة بشكل متزايد على تقريب التطبيقات الواقعية من أي وقت مضى. حيث تم الآن إظهار حالات الكم المتشابكة بين الفوتونات التي تم إرسالها عبر عشرات الكيلومترات من الألياف الضوئية وبين قمر صناعي ومحطة على الأرض.

يمكنك أيضًا قراءة: ما هو الانتقال الآني الكمي؟

المصدر: موقع جائزة نوبل.

الاحتمالات في ميكانيكا الكم

الاحتمالات في ميكانيكا الكم

هناك العديد من التفسيرات لميكانيكا الكم، والتي توضح لنا عدم إمكانية التنبؤ بالنتائج بموثوقية تامة، ولكن نعتمد على مجموعة من القواعد والتي تخضع للاحتمال، فما هي الاحتمالات في ميكانيكا الكم؟

ما هي قاعدة «بورن-Born» وما دورها؟

تخبرنا النظريات الفيزيائية عن ماهية النظام وكيف يتغير بمرور الوقت. تفعل ميكانيكا الكم ذلك أيضًا ولكنها تأتي مع مجموعة جديدة من القواعد التي تحكم ما يحدث عند ملاحظة الأنظمة أو قياسها، وخاصة باخبارها إنه لا يمكن التنبؤ بنتائج القياس بثقة تامة. وكل ما علينا فعله هو حساب احتمال الحصول على كل نتيجة محتملة.

إذ تخضع القياسات الكمية لقاعدة «بورن-Born»، وهي قاعدة وضعها ماكس بورن. الذي أدرك أن سعة الموجة الكمية تتنبأ باحتمالية اكتشاف جسيم في موضع معين، وقد تتضمن السعة أعددًا مركبة، ولا نستخدم سوى الأرقام الموجبة في الاحتمال فلا يوجد ما يُسمى الجذر التربيعي لسالب واحد، ذلك لا معنى له في الاحتمال! لكن قاعدة بورن حلت تلك المشكلة، بتعاملها مع الأعداد المركبة، حيث تقوم الدالة الموجية بتعين (سعة) لكل نتيجة قياس واحتمال الحصول على هذه النتيجة يساوي تربيع السعة.

لماذا نربّع السعة؟

المضاعفة هي الطريقة التي نجد بها احتمال وقوع حدثين، تخيل معيّ على سبيل المثال انبعاث فوتون واحد باتجاه لوحة فوتوغرافية. في هذه الحالة يتجه الفوتون نحو موضع معين على الصفيحة وإلكترون في هذا الموضع يمتصه، فأنت ترصد كل من الألكترون والفوتون.

ما هو الاحتمال إذًا في ميكانيكا الكم؟

يبدأ الاحتمال بمعنى مباشر وواضح ومن ثم كلما اقتربنا يصبح أكثر تعقيدًا. لديك عملة معدنية رميتها عدة مرات، فالنسبة قبل التجريب هي احتمال ظهور أي من الوجهين بنسبة 50٪. لكن إذا بدأت بالتجريب عدة مرات قد تختلف النسبة لكل من الوجهين كليًا.

هناك مفاهيم عديدة لتعريف الاحتمال، الأول هو الموضوعية أو المادية التي تتعامل مع الاحتمالية على أنها سمة أساسية للنظام، وهي طريقة لوصف السلوك، فالتكرار هو مثال على نهج موضوعي للاحتمال ويُعرّف هنا الاحتمال بأنه تكرار حدوث الأشياء من خلال العديد من التجارب مثل رمي العملات.

الثاني، هو الذاتية أو الإثباتية والتي تتعامل مع الاحتمالية على أنها شخصية أو انعكاس لمصدقية الفرد أو درجة الاعتقاد حول ما هو صحيح أو ما سيحدث ومثال على ذلك هو احتمال بايز والذي يوضح لنا كيفية تحديد مصداقيتنا عندما نحصل على معلومات جديدة حول شيء أو حدث ما، أي يمكننا وصف احتمالية وقوع حدث ما بمعرفة المعلومات المرتبطة به. وذلك على النقيض من التكرار، فمن المنطقي في نظرية بايز إرفاق احتمالات مسبقة بناء على معلومات مرتبطة بالحدث.

فيساعدنا التفكير في ميكانيكا الكم على توضيح الاحتمالات والعكس صحيح، وبوضوح ميكانيكا الكم كما هي مفهومة لوقتنا هذا لا تساعدنا فعليًا في الاختيار بين المفاهيم المتنافسة للاحتمالية، فهناك حالات مختلفة تستدعي تلك المفاهيم وليس مفهومًا واحدًا محددًا.

أمثلة على الفرق بين الذاتية والموضوعية؟

لننظر لثلاثة من المناهج الرائدة لنظرية الكم. هناك نظريات “الانهيار الديناميكي” مثل نموذج الانهيار التلقائي (GRW) الذي اقترحه «جيانكارلو غيراردي-Giancarlo Ghirardi» و«ألبرتو ريميني-Alberto Rimini» و«توليو ويبر-Tullio Weber» في عام 1985. ثانيًا، هناك نهج “الموجة التجريبية” أو “المتغير الخفي”، وأشهرها نظرية دي برولي-بوم، التي اخترعها «ديفيد بوم-David Bohm» في عام 1952 بناءً على أفكار سابقة من «لويس دي برولي-Louis de Broglie». وأخيرًا، “العوالم المتعددة” التي اقترحها «هيو إيفريت-Hugh Everett» في عام 1957.

تمثل الأمثلة السابقة طريقة لحل مشكلة القياس في ميكانيكا الكم. تكمن المشكلة في نظرية الكم التقليدية بأنها تصف حالة النظام من حيث دالة الموجة، والتي تتطور بسلاسة وحتمية وفقًا لمعادلة شرودنجر. وعند المراقبة تنهار وظيفة الموجة فجأة لتتحول إلى نتيجة رصد معينة، فالانهيار نفسه لا يمكن التنبؤ به. فتقوم الدالة الموجية بتعيين رقم لكل نتيجة محتملة، واحتمال ملاحظة تلك النتيجة يساوي قيمة تربيع الدالة الموجية. فالاحتمالية في مثل هذه النماذج أساسية وموضوعية. لا يوجد شيء في الحاضر يحدد المستقبل بدقة.

المناهج الثلاثة ذاتية أم موضوعية؟ وكيف توضح مفهوم الاحتمالية؟

تتوافق نظريات الانهيار الديناميكي تمامًا مع النظرة المتكررة القديمة للاحتمالية. ما سيحدث بعد ذلك غير معروف، والتكرار هو المؤدي للنتائج المختلفة. فنظريات الانهيار الديناميكي توضح على نحو رياضي دقيق كيف ينشأ العالم الحتمي للأجسام الصلبة الكلاسيكية من العالم المجهري للأنظمة العشوائية والمموجة. فتُصنف نظريات الانهيار على أنها نظريات متنافسة لميكانيكا الكم ويمكن بسهولة تحديد بعض الآثار الفيزيائية باختبارات؛ للإتيان بنتائج قاطعة.

نظرية الموجة التجريبية؟

أما عن نظرية الموجة التجريبية، فهي توضح أنه لا يوجد شيء عشوائي. تتطور الحالة الكمية على نحو حتمي. الجديد هو مفهوم المتغيرات الخفية مثل المواضع الفعلية للجسيمات، إضافةً إلى دالة الموجة التقليدية. الجسيمات هي ما نلاحظه بالفعل، بينما تعمل الدالة الموجية فقط على إرشادها. فهي تعيدنا إلى عالم الميكانيكا الكلاسيكية مع ملاحظة أنه عندما لا نجري ملاحظة، فإننا لا نعرف ولا نستطيع معرفة القيم الفعلية للميكانيكا الكلاسيكية.

فنتعرف على المتغيرات الخفية من خلال مراقبتها، ووجب الاعتراف بجهلنا للآن وإدخال توزيع احتمالي على قيمهم المحتملة. إذًا الاحتمالية في نظريات الموجة التجريبية ذاتية حيث تفسر ميكانيكا الكم على أنها حتمية بعيدًا عن إشكاليات كانهيار الموجة أو ازدواجية الجسيمات وغيرها، فهي بمثابة تفسير لنظرية الكم أيضًا.

الاحتمالات في العوالم المتعددة

وأخيرًا العوالم المتعددة، التي تخضع لمعادلة شرودنجر ولا توجد أية انهيارات أو متغيرات إضافية، فقط نستخدم معادلة شرودنجر لكي نتنبأ بما سيحدث حينما يقيس مراقب جسمًا كميًا في تراكب. حيث يكون النظام المشترك للمراقب والجسم يتطور إلى تراكب متشابك، وفي كل جزء من التراكب، يكون للجسم نتيجة قياس محددة ويقوم المراقب بقياس تلك النتيجة. فكل جزء من النظام يتطور على نحو منفصل عن الأجزاء الأخرى.

لكن ما طبيعة الاحتمال في العوالم المتعددة؟

كما ذكرنا في العوالم المتعددة، يمكن معرفة الدالة الموجية التي تتطور ولا يوجد شيء غير متوقع. لكن تخيل أنك ستقيس نظام كمي وتتفرع الدالة الموجية إلى عوالم مختلفة، للتبسيط سنفرض أن هناك عالمان. لن نسأل بعد القياس في (أي عالم سأكون فيه!) فهذا ليس منطقي. فسيكون هناك شخصان واحد في كل فرع كلاهما ينحدر منك وليس لدى أي منهما ادعاء بأنه (أنت بالفعل).

عدم اليقين والدالة الموجية

ولكن حتى لو كلاهما يعرف الدالة الموجية للكون، فهناك الآن شيء لا يعرفانه: أي فرع من الدالة الموجية هم فيه. سيكون هناك فترة من الوقت بعد حدوث التفرع ولكن قبل أن يكتشف المراقبون النتيجة التي تم الحصول عليها في فرعهم. إنهم لا يعرفون مكان وجودهم في الدالة الموجية، هذا هو عدم اليقين الذاتي بموضعك.

قد تعتقد أنه يمكنك فقط إلقاء نظرة على النتيجة التجريبية بسرعة كبيرة. بحيث لا تكون هناك فترة ملحوظة من عدم اليقين. لكن في العالم الحقيقي، تتفرع الدالة الموجية بسرعة كبيرة بمقاييس زمنية تتراوح من 10 إلى 21 ثانية أو أقل. هذا أسرع بكثير من وصول الإشارة إلى عقلك. ستكون هناك دومًا فترة زمنية عندما تكون في فرع معين من الدالة الموجية، لكنك لا تعرف أي فرع.

فمهما كانت التنبؤات التي تقوم بها للنتائج التجريبية. فلا يجب أن تتغير إذا انفصلت أجزاء من الدالة الموجية تمامًا من النظام. فيوضح لك عدم اليقين بأنه يمكنك معرفة كل شيء عن الكون لكن لا يزال هناك شيء لست متأكدًا منه. فنستخدم قاعدة بورن فمثلًا أنت تعرف كيف سيتطور الكون ولكن تتضمن هذه المعرفة اقتناعك بأن جميع التوقعات التي تصدرها غير مؤكدة وتستخدم هنا قاعدة بورن لتعيين مصداقية كل توقع. ففي حالة الدالة الموجية أيضًا ستستخدم تلك القاعدة.

فمن الممكن اعتبار كل مفاهيم الاحتمال نسخًا من عدم اليقين. فكل ما عليك فعله هو النظر لكل العوالم الممكنة أو النسخ المختلفة للواقع التي يمكن للمرء أن يتصورها، فتخضع بعض العوالم لقواعد نظريات الانهيار الديناميكي، وتتميز كل منها بالتسلسل الفعلي للنتائج لجميع القياسات الكمية التي أُجريت. وتوصف عوالم أخرى من خلال نظريات الموجة التجريبية. فتجول بنا دراسة الاحتمال من تقليب العملات إلى العوالم المتعددة موضحة أننا لا نعتمد على مفهوم واحد أو قاعدة بخصوص الاحتمالات في ميكانيكا الكم، فعالم الكم مليء بالاحتمالات.

المصادر

ما هي ميكانيكا الكم ولم هي معقدة؟

ميكانيكا الكم هي أحد أغرب علوم الفيزياء الحديثة. فهي علم يتكون من عدد من النظريات الفيزيائية المترابطة ظهرت لتفسير الظواهر الفيزيائية على مستوى الذرة و الجسيمات دون الذرية. قال عنه العالم ريتشارد فاينمان أن ميكانيكا الكم هي النظرية التي يستخدمها الجميع ولا يفهمها أحد! لأن نتائجها غير مقبولة من قبل الجمهور غير العلمي وحتى طلاب الفيزياء أحياناً. وذلك غالباً لأننا نطبق تفسير الظواهر التي نراها ونتعامل معها يومياً على كل شيء في الكون. ولكن الميكانيكا التي نحتاجها لتفسير الظواهر على المستوى الذري ودون الذري تختلف عن الميكانيكا التي نتعامل معها يومياً والتي وضعها نيوتن. حيث أن الظواهر التي تحدث على المستوى الذري ودون الذري لا يمكن تفسيرها بما نملكه من علم نستخدمه يومياً. ولذلك فإن ميكانيكا الكم تعد من العلوم الفيزيائية الغريبة إلى حد ما. ولكن ما هي ميكانيكا الكم ؟[1]

ما هي ميكانيكا الكم ؟

ميكانيكا الكم هي نظرية تدرس المادة والطاقة على مستويات صغيرة جداً. وتدرس سلوك وبنية المكونات الأساسية والأولية للطبيعة كالذرة ومكوناتها وبعض القوى الأساسية في الطبيعة. وتنتشر الظواهر الكمية حولنا بشكل أساسي وكبير، ولكن من شبه المستحيل رصدها من قبل الأشخاص أمثالنا. حيث أنها تقتصر على الجسيمات كالإلكترونات والبروتونات والفوتونات. وذلك ما يعطي انطباع على أن ميكانيكا الكم علم غريب أو أنها من عالم آخر. ولكن في الحقيقة فإن ميكانيكا الكم تملأ الكثير من الفجوات في طريقة فهمنا للفيزياء لتعطينا بذلك تفسيراً أكثر وضوحًا لحياتنا اليومية.

وقد تم إدخال الاكتشافات الكمية في طريقة فهمنا الأساسية للمواد، كالكيمياء، والأحياء، وعلوم الفضاء. وشكلت ميكانيكا الكم مصدر ثمين وحجر الأساس للكثير من الاختراعات مثل الليزر والترانزستور. ويدرس العلماء احتمالية تفسير ميكانيكا الكم للجاذبية واتصالها مع المكان والزمان. ويصل الجنون في هذه النظرية إلى حد إمكانية تفسيرها أن كل شيء في الكون (أو في الأكوان الأخرى) مرتبط بشكل أو بآخر بكل شيء عبر مجموعة من الأبعاد العليا التي لا يمكن لحواسنا إدراكها.[1] [2]

تاريخ ميكانيكا الكم

تم وضع ميكانيكا الكم في أواخر القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين. حيث قدم العالم الألماني ماكس بلانك عام 1900 م الفرضية الكمومية التي تنص على أن أي نظام ذري يشع، يمكن تقسيمه نظرياً إلى عدد من وحدات الطاقة بحيث تتناسب كل وحدة طردياً مع التردد الذي تنتجه في مستويات طاقة محددة. ويمكن حساب قيمة وحدات الطاقة باستخدام ثابت طرحه بلانك سمي باسمه “ثابت بلانك”. ولكن لم يهتم بلانك في البداية، ولكن تغير ذلك مع مرور الزمن ومع تمكن النظرية الكمومية من تفسير العديد من الظواهر التي لم يكن لها تفسير في الفيزياء الكلاسيكية. حتى جاء العالم آينشتاين عام 1905 م وقدم تفسيراً مؤيداً لبلانك للنظرية الكهروضوئية. حيث أشار آينشتاين إلى أن الضوء ليس موجة متصلة، ولكنه عبارة عن جسيمات أطلق عليها اسم الفوتونات تحمل طاقات محددة يمكن حسابها باستخدام ثابت بلانك.

غيّرت النظرية الكمومية تصورنا للذرة التي تتكون من نواة محاطة بالإلكترونات. وقد صوّرت هذه النظرية الإلكترونات على أنها جسيمات تدور حول الذرة بشكل منتظم من دون إمكانية تحديد مكانها في الذرة بشكل دقيق. حيث أن ما تقدمه هذه النظرية مجرد احتمالات عن مكان وجود الإلكترونات. وقالت النظرية أيضاً بأنه يمكن للإلكترونات أن تنتقل بين مستويات الطاقة المختلفة وذلك لأن الذرات تفقد أو تكسب إلكترونات في الكثير من المواضع. ولكن لا يمكن إيجاد الإلكترونات بين المدارات بشكل عشوائي لأن ذلك سيعمل على إسقاط بنية الذرة المستقرة.[2] وقد عمل الكثير من العلماء على تطوير هذه النظرية ومن أهمهم:

  • ماكس بلانك
  • ألبرت آينشتاين
  • نيلز بور
  • لويس دي بروي
  • ماكس بورن
  • بول ديراك
  • ويرنر هايزنبيرغ
  • باولي
  • شرودنجر
  • ريتشارد فاينمان

غرابة وجنون نظرية الكم!

تقول ميكانيكا الكم بأن حياتنا اليومية ما هي إلا جزء ضئيل من الكون. وتقول هذه النظرية بأنه لا وجود للحاضر والماضي والمستقبل بأشكاله المستقلة. فكل شيء مرتبط ببعضه البعض، حيث أنه يمكن للمستقبل أن يؤثر بالماضي والعكس. فكيف يكون ذلك؟

في الماضي كان الاعتقاد السائد بأن المادة عبارة عن وحدات دائرية الشكل مصمتة لا يمكن تجزئتها إلى وحدات أصغر وسميت بالذرات. ولكن مم تتكون؟ وقتها لم يكن أحد يعرف إجابة هذا السؤال. ولهذا السبب فشل العلماء في تفسير توهج مصباح أديسون. وتصارع العلماء في محاولة تفسير هذه الظاهرة. حتى جاء بلانك ونجح في تفسير الطاقة (الضوء) حيث قال مثلما ذكرنا سابقاً بأن الضوء يتكون من جسيمات صغيرة، وأيد هذه النظرية العالم نيلز بور حيث قدم تفسيراً منطقياً لكيفية انطلاق الضوء من الذرات. فقال بأن الإلكترونات إذا اكتسبت طاقة بقيمة معينة فإنها تنتقل من مستوى طاقة إلى آخر. وبما أن الذرة تميل إلى الاستقرار فإن هذه الإلكترونات ستعود إلى مدارها الأصلي. وعندما تعود ستطلق الطاقة التي اكتسبتها على شكل ضوء. وهذا ما أيّد وبشدة ما قاله بلانك.

وبعدها خرج آينشتاين بنظرية الكهروضوئية ليؤيد بذلك نظرية ميكانيكا الكم أيضاً. ولكن بعد وضع النظرية الكهروضوئية فتحت أبواب الجحيم في الفيزياء. فقد استنتج آينشتاين بأن الضوء عبارة عن جسيمات. ولكن جاء بعدها العالم هوك أثبت بأن الضوء عبارة عن أمواج أي أنها عبارة عن اضطرابات، ولكن اضطراب ماذا؟ بما أن هناك اضطراب فيجب أن يحدث على مادة مثل موجات البحر الناتجة عن اضطراب الماء. ولكن لأن الضوء ليس مادة فما الشيء الذي يحدث له الاضطراب والذي ينتج الضوء؟! فعاد آينشتاين وافترض الطبيعة المزدوجة للضوء. ولكن بعدها قال دي بروي بأن الإلكترون يمكن أن يكون موجة وبالتالي فإن الذرة عبارة عن موجة. وبذلك فإن المادة عبارة عن أمواج، وبذلك فنحن وكل شيء حولنا عبارة عن أمواج! [2]

قطة شرودنجر

أحد التجارب الغريبة في عالم ميكانيكا الكم، حيث تخيل العالم شرودنجر وضع قطة في صندوق مغلق يحتوي على عداد غايغر ( وهو جهاز حساس يعمل على رصد الإشعاعات والإلكترونات المقذوفة بشكل دقيق ) وعلى مطرقة ومادة مشعة وزجاجة تحتوي على حمض الهيدروسيانيك، حيث يكون احتمال تحلل ذرة واحدة واطلاقها للإلكترونات خلال ساعة أمراً ممكناً، وعند رصد عداد غايغر للإلكترونات المقذوفة يعمل على تحطيم زجاجة الحمض بواسطة المطرقة وبذلك تموت القطة على الفور. وتكون المعضلة بذلك معرفة ما إذا كانت القطة ميتة أم على قيد الحياة بعد مرور الساعة دون فتح الصندوق !

من وجهة نظر ميكانيكا الكم فإن القطة بعد مرور الساعة تكون في حالة مركبة بين الحياة والموت ! أي أن القطة ليست حية وليست ميتة أيضاً وإنما حية وميتة في نفس الوقت.

وتباينت آراء العلماء بخصوص ميكانيكا الكم بشكل عام وبخصوص هذه التجربة بشكل خاص، فمثلاً قال ستيفن هوكينغ “إذا جاء إلي أحد وأراد ذكر قطة شرودنجر سأرفع عليه بندقيتي!”

وفي النهاية ومهما خضنا في هذا العلم فإنه سيكون من الصعب جداً فهمه بشكل كامل.

المصادر

  1. Wikipedia
  2. Caltech

ما هو الوعي الكمي ؟

يعد الوعي الكمي أحد علوم الفيزياء الحديثة المثيرة للجدل، حيث يندرج تحت علم الفيزياء الحيوية الكمومية. ويركز هذا العلم على قضايا الوعي والذكاء وعلاقتهما بفيزياء الكم. حيث أن حجة العلماء العاملين على هذا الفرع العلمي قائمة على وجود فوتونات حيوية في الدماغ. وأين وجدت الفوتونات بالتالي فبالتأكيد يوجد مكان لفيزياء الكم!

الوعي الكمي “Quantum mysticism”

يعرف أيضاً باسم التصوّف الكمي. يعد أحد أكثر العلوم (إذا صح التعبير) المثيرة للجدل في الأوساط العلمية. حتى أنه يشار إليه بازدراء في الكثير من الأحيان. وهو عبارة عن مجموعة من معتقدات الميتافيزيقيا والممارسات المرتبطة بها. والتي تدعي إمكانية بل حتمية ربط جوانب الوعي والروحانيات والذكاء ( والتي تمثل جانب كبير من معتقدات الصوفية ) بأفكار و نظريات ميكانيكا الكم. ولذلك سميت بالتصوّف الكمي.

وقد تعرّض هذا العلم وهذه الأفكار والنظريات إلى سيل من الانتقادات في الأوساط العلمية وخاصة علماء ميكانيكا الكم. وقد وصفت بالدجل وبالعلم الزائف.[1]

ورقة ويجنر

كتب العالم ويجنر “Eugene Wigner” في العام 1961 ورقة بعنوان ملاحظات على أسئلة العقل والجسد “Remarks on the mind-body questions”. أشار فيها إلى أن المراقب ( الواعي ) لعب دوراً أساسياً في ميكانيكا الكم. وقد اتخذت هذه الورقة كمصدر إلهام للصوفيين اللاحقين. وذلك بالرغم من أن ويجنر اتبع أسلوب وأفكار فلسفية في المقام الأول أثناء إعداده لهذه الورقة. وذلك الأمر يعد مخالفاً إلى حد ما للأفكار و المعتقدات الموجودة في تعاليم الصوفية. ولكن في أواخر سبعينيات القرن الماضي قام ويجنر بالتراجع عن أفكاره ورفض ارتباط الوعي البشري بميكانيكا الكم. [1]

الوعي الكمي أحد خرافات الميكانيكا الكمية!

في وقتنا الحاضر تتعرض نظرية الوعي الكمي للكثير من الانتقادات في أروقة أقسام الفيزياء في جميع الأقطاب العلمية في العالم. حيث يرفض العلماء فكرة لعب الميكانيكا الكمية التي وضعت من قبل مجموعة من العلماء المرموقين و هم آينشتاين وبور وبلانك وباولي وهايزنبيرغ دوراً في الصوفية والروحانيات. ولكن لنعود قليلاً إلى الوراء، إلى أوائل سبعينيات القرن الماضي حيث بدأت ثقافة صوفية العصر الجديد بالظهور.

بدأ بعض العلماء الذين اعتنقوا التصوّف الشرقي بتحليل الظواهر التخاطبية المزعومة بواسطة ميكانيكا الكم. حيث ظهرت كتب لعلماء وكُتّاب مثل آرثر كوستلر ولورانس لي شان وآخرون اقترحوا فيها إمكانية تفسير ظواهر التخاطر باستخدام ميكانيكا الكم. وفي نفس العقد ظهرت مجموعة فايزكس الأساسية، وهي مجموعة تتكون من عدد من علماء الفيزياء الذين تمسكوا بالوعي الكمي بعد انخراطهم في أمور التخاطر، والروحانيات، والتأمل، وتمارين مختلفة من العصر الجديد للصوفية الشرقية. وقد كتب أحد منتسبي هذه المجموعة وهو فريتجوف كابرا كتاب “استكشاف أوجه التشابه بين الفيزياء الحديثة والتصوّف الشرقي” وذلك عام 1975. تبنى هذا الكتاب العصر الجديد للوعي الكمي، واكتسب شهرة واسعة بين عامة الناس.[2] [3]

ما هو الوعي الكمي؟

حسناً، تكلمنا عن أن الوعي الكمي علم زائف كما يقول الكثير من العلماء. وتكلمنا أيضاً عن علماء آمنوا بالوعي الكمي. ولكن ما هو الوعي الكمي؟

بصورة مبسطة، الوعي الكمي هو علم يفسر الوعي البشري والذكاء وظواهر التخاطر في علوم الروحانيات والصوفيات بميكانيكا الكم وبالتالي فهو يقع بين التصوّف الشرقي وميكانيكا الكم. وفي بداية ظهور هذا العلم آمن به الكثير من الناس، وذلك لأنه دعم ببراهين مقنعة إلى حد ما وقتها. مثل أن ما يتحكم بالوعي البشري هي الفوتونات العصبية أو الحيوية. ويمكن أن يطبق على تلك الفوتونات مبادئ ميكانيكا الكم. وبالتتابع أصبح تفسير الوعي البشري بميكانيكا الكم ممكناً بل أكيداً بوجهة نظر المؤمنين بالوعي الكمي.

وبالرغم من غرابة هذه النظرية، وغرابة التفسيرات التي أوجدتها لربط الوعي بالكم. إلا أن ظهر مجموعة من العلماء الذين دافعوا عنها وقاوموا لربط الإثنين معاً. فقد كان كلا العلمين صعب الفهم، ومعقدين إلى حد ما. وهذا لا يعني بالضرورة أنهما مرتبطان بشكل ما حقًا أو أنهما يفسران بعضهما البعض. ورغم تزايد عدد المعارضين لها منذ ظهورها في النصف الثاني من القرن السابق. إلا أن أول نظرية مفصلة للوعي الكمي ظهرت في التسعينيات على يد الفيزيائي الحائز على جائزة نوبل من جامعة أكسفورد روجر بنروز، وعالم التخدير ستيوارت هامروف من جامعة أريزونا. والذين قالوا في هذه النظرية ( بشكل شديد الإختصار ) بأن الحسابات الكمومية في الأنابيب الدقيقة (وهي نوع من أنواع الهياكل الخلوية) لها دور وتأثير في إطلاق الخلايا العصبية وبالتبعية الوعي. [3]

اعتقادات بنروز وهاموفر

ذكرنا سابقاً بأن من بين مجتمع العلماء الرافض بأغلبيته الساحقة لهذه النظرية ظهر عدد من العلماء المرموقين المؤيدين لهذه النظرية. ومنهم بنروز الحاصل على جائزة نوبل وعالم التخدير هاموفر. فقد اتفق الاثنان على أن أحد مكونات الدماغ المسؤلة عن إطلاق الخلايا العصبية وهي الأنابيب الدقيقة كما أشرنا سابقاً لها القدرة على إجراء حسابات كمومية عالية الدقة لإطلاق الخلايا العصبية ( وهذا يعني بأن أدمغتنا عبارة عن حواسيب كمومية ). و الخلايا العصبية لها دور كبير في عملية الوعي والإدراك وبالتالي يكون الوعي نتيجة عدد من الحسابات الكمومية. ويدعي العالمان بأن هذه الأنابيب الدقيقة تتمتع بسلوك كمي، وذلك يتجلى في خصائصها المتمثلة في الموصلية الفائقة والميوعة الفائقة ( وذلك في درجات الحرارة المنخفضة فقط ). وذلك ما جعل هذين العالمين يؤمنان بنظرية الوعي الكمي.[2][3]

لماذا رفضت الأغلبية الساحقة من العلماء نظرية الوعي الكمي؟

لاقت نظرية الوعي الكمي رفضاً كبيراً منذ ظهورها في ألمانيا في عشرينيات القرن الماضي وحتى يومنا هذا. فقد رفضها في بداية ظهورها عدد من العلماء منهم اينشتاين رغم اتهامه بالتصوف وماكس بلانك وغيرهم. ولكن لماذا رفض العلماء هذه النظرية؟

يدعي المتصوفون والمؤمنون بهذه النظرية بأن ميكانيكا الكم ترتبط بالوعي، والوعي هو المسؤول عن خلق الواقع وبالتالي فإنه يمكننا التحكم بالواقع بواسطة ميكانيكا الكم. ويقر المتصوفون بإمكانية التحكم بالواقع إذا قمنا بتطبيق قوى عقلية كافية.

وقد وصل بعض المؤمنين بهذه النظرية إلى حد تفسير ظواهر نفسية وربما ظواهر خارقة بميكانيكا الكم. مثلما فعل أميت غوسوامي “Amit Goswami” حيث فسر الرؤية عن بعد والخروج من الجسد بالكم. وقد ذكر ذلك حرفياً في كتابه: كيف يخلق الواقع العالم المادي. وغيره من فسر إمكانية شفاء الأمراض بواسطة التفكير وجلسات التأمل بميكانيكا الكم مثلما فعل الطبيب ديباك شوبرا.

وقد رفض العلماء هذه النظرية لعدم وجود أدلة واضحة ومنطقية على صحتها. وقد رفض العلماء فكرة تفسير أمور غير منطقية بتاتاً بميكانيكا الكم. [1]

مصادر

1.Wikipedia
2.phys.org
3.physicsworld.com

حل لغز أويلر كميًا بعد 243 عامًا!

تبهرنا ميكانيكا الكم يومًا بعد يوم، فتحل لنا هذه المرة لغزًا منذ 243 عامًا! ففي عام 1779، طرح عالم الرياضيات السويسري الشهير ليونارد أويلر لغزًا يُسمى (36 ضابط لأويلر). ووضح أويلر بنفسه أنه من المستحيل حله ولكن بعد كل تلك الأعوام. استطاع باحثون حله ولكن ما هو هذا اللغز بالضبط؟ وكيف حُل لغز أويلر كميًا بعد 243 عامًا! هذا ما سنعرفه في السطور التالية من مقالنا.

ما لغز الـ 36 ضابط؟

احضر ورقة وقلم، وتخيل معي أنك تقود جيشًا من ستة أفواج وكل فوج يتضمن ستة ضباط من ست رتب مختلفة. فكيف يمكنك ترتيب الضباط في مربع 6×6 بحيث في كل صف وكل عمود في المربع ضابط واحد فقط من كل فوج ومن كل رتبة؟ بعد تجربتك في حل ذلك اللغز ستجد أنه من المستحيل أن لا تحصل عملية التكرار. على عكس لو جربت ذلك وأنت لديك خمسة أو سبعة أفواج من ضباط من خمس أو سبع رتب، فستجد أن ذلك له حل. ودعني أوضح لك عزيزي القارئ أن أويلر وهو صانع هذا اللغز، وضح أن ذلك الترتيب للستة ضباط مستحيل كما ذكرنا.

قد يذكرك لغز الـ 36 ضابطًا بالمربعات اللاتينية، والمربع اللاتيني هو مجموعة مربعة من الرموز (أرقام أو أحرف…) يظهر فيها كل رمز مرة واحدة فقط في كل صف وعمود أيضًا، وإذا دمجت مربعين لاتينيين من نفس الحجم برموز مختلفة. فسينتج عن ذلك مربع أويلر ويحتوي على أزواج من الرموز. بحيث يظهر كل رمز في الزوج مرة واحدة بالضبط في كل صف أو عمود. فقد تتذكر لعبة السودوكو والتي وجب أن لا تتكرر الرموز فيها. فهنالك العديد من الألغاز المماثلة التي شغلت الناس لأكثر من 2000 عام واستُخدمت هذه المربعات في الفن والتخطيط الحضري وللمتعة.

محاولات لحل اللغز، لكن دون جدوى

أدرك أويلر أن حل اللغز سيعطينا مربعًا لاتينيًا 6×6. فقد جاء الكثيرون بعد أويلر ولم يتمكنوا من حل ذلك اللغز. أيضًا، أثبت عالم الرياضيات الفرنسي «غاستون تاري-Gaston Tarry» أنه ليس هناك طريقة لترتيب 36 ضابطًا في مربع 6×6 دون تكرار. لكن في عام 1960، استخدم علماء الرياضيات الحواسيب؛ لإثبات وجود حلول لأي عدد من الأفواج والرتب الأكبر من اثنين وكان الرقم ستة مُستثنى وكان ذلك غريبًا بالنسبة لهم.

حل لغز ضباط أويلر بعد 243 عامًا!

مؤخرًا، نُشرت ورقة بحثية على الإنترنت وأُرسلت إلى Physical Review Letters. إذ أوضح فيها مجموعة من علماء فيزياء الكم من الهند وبولندا أنه من الممكن ترتيب 36 ضابطًا مع الإيفاء بمعايير أويلر ويمكن الحصول على مزيج كمي من الرتب والأفواج للضباط. فنتيجة ذلك سلسلة من التطويرات في الألغاز والمربعات اللاتينية وليست مجرد متعة ولعب. فعلينا أن نشير أن بداية العصر الجديد من اللغز الكمي عام 2016. حيث بدأ عندما كان لدى «جيمي فيكاري-Jamie Vicary» من جامعة كامبريدج وتلاميذه فكرة حول إمكانية أن تكون الإدخالات التي تظهر في المربعات اللاتينية كمية.

سحر ميكانيكا الكم

قد تبنى علماء الفيزياء النظرية والرياضيين المربعات اللاتينية الكمية. ففي عام 2021، ابتكر الفيزيائيان الفرنسيان «أيون نيتشيتا-Ion Nechita» و«جوردي بيلت-Jordi Pillet» نسخة كمية من سودوكو. فبدلًا من استخدام الأعداد الصحيحة من 0 لـ 9، تأتي لتحوي كل من الصفوف والأعمدة والمربعات الفرعية في السودوكو تسعة متجهات عمودية. ففي ميكانيكا الكم، يمكن للإلكترونات على سبيل المثال أن تكون في (تراكب) لحالات متعددة. فأيضًا مدخلات المربعات اللاتينية الكمية قد تكون في تلك الحالة (حالة التراكب). رياضيًا، تمثل الحالة الكمية بمتجه (له طول واتجاه) مثل السهم والتراكب هو ذلك السهم. فهكذا المدخلات في المربعات اللاتينية قد يكون للمدخل الواحد أكثر من قيمة.

ضباط أويلر كميين

في النسخة الكلاسيكية من اللغز، مطلوب إدخال ضابط من كل رتبة وفوج محددين جيدًا، وسنتصور أن الضباط الـ 36 على أنهم قطع شطرنج ملونة. فيمكن أن تكون رتبتهم ملكة أو ملكًا أو حصانًا (فارسًا) أو جنديًا (بيدقًا) أو قلعة (رخًا) أو غيرها من قطع الشطرنج المتنوعة وتمثل الأفواج الألوان كما بالصورة الأحمر أو البرتقالي أو الأصفر أو الأرجواني أو الأزرق أو الأخضر. فوجب ترتيب تلك القطع داخل مربع 6×6 ولا يحدث تكرار في أي صف أو عمود من فوج أو رتبة.

النسخة الكمية من لغز أويلر

لكن في النسخة الكمية، يتشكل الضباط من تراكبات الرتب والأفواج، كيف ذلك؟ يمكن أن يكون الضابط تراكبًا لملك أحمر وملكة برتقالية مثلًا، أي في الوقت ذاته، قد يكون الضابط شاغلًا لأكثر من رتبة أو فوج. كذلك يحمل الضباط مبدأ التشابك، أي إذا كان الملك الأحمر متشابكًا مع ملكة برتقالية، فحتى لو كان الملك والملكة في حالة تراكب لأفواج متعددة. فإن ملاحظة الملك الأحمر سيخبرك بأن الملكة برتقالية وبسبب غرابة طبيعة التشابك. يمكن أن يكون الضباط على طول كل خط عموديًا.

الآن بعد كل ذلك، كان على مؤلفي الورقة بناء مصفوفة 6×6 مليئة بضباط الكم بمساعدة الحاسوب، فتوصل الباحثون لحل شبه كلاسيكي أي ترتيب الـ 36 ضابطًا كلاسيكيًا مع تكرار عدد قليل من الرتب والأفواج في عمود أو صف. وطبقوا خوارزمية غيرت الترتيب نحو حل كمي وتعمل الخوارزمية مثل حل مكعب روبيك، إذ تصلح الصف الأول، ثم العمود الأول ومن ثم العمود الثاني وهكذا… وعندما كرروا الخوارزمية مرارًا وتكرارًا. في النهاية وصل الباحثون لنقطة يمكنهم فيها رؤية النمط وملء الإدخالات القليلة المتبقية يدويًا.

ما قد يثير الدهشة ونهايةً لمقالنا عزيزي القارئ، أن إحدى السمات المدهشة لهذا الحل وفقًا لأحد المؤلفين المشاركين وهو «سهيل رازر-Suhail Rather» وهو فيزيائي في المعهد الهندي للتكنولوجيا. أن المفاجأة هي المعاملات التي تظهر في مداخل المربع اللاتيني الكمي وكيف أن نسبة المعاملات التي استقرت عليها الخوارزمية كانت Φ أو 1.618 (النسبة الذهبية).

المصادر

  1. +plusmagazine
  2. arxiv
  3. quantamagazine

ما هي لغات البرمجة الكمية؟

ما هي لغات البرمجة الكمية؟

تحدثنا عزيزي القارئ عن الصراع الكمي في مقالات سابقة ووضحنا شراسته. فتحدي IBM للحوسبة الكمية في 2021 خير مثال، الذي شارك فيه 3100 مشارك من 94 دولة عن تطبيقات الحواسيب الكمية باستخدام Qiskit. إذ لم يقتصر التحدي على الحوسبة الكمية وكيفية استخدام Qiskit. بل في أي شيء متعلق بالحوسبة الكمية في الصناعة وذلك بتطبيق تكنولوجيا الكم في المجالات العلمية مثل الكيمياء والتعلم الآلي وغيرها وساهم أكثر من 1293 مشارك في تقديم مشاركة واحدة على الأقل لها أثرها وشاركت دول عدة جديدة في المنافسة وكانت السعودية هي الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط. إذ حاز الدكتور إبراهيم المسلم على المركز الثاني عالميًا ونال المركز الأول «نافان بنشاشتابوسه-Naphan Bencgasattabuse» من كوريا الجنوبية. [1]

وكما للحوسبة التقليدية لغات برمجة تتعامل بها، أيضًا للحواسيب الكمية لغات. وهنا سيدور حديثنا حول ما هي لغات البرمجة الكمية؟ وكيف يمكنك ممارسة الحوسبة الكمية والتلاعب بالـ Quibts وبالتأكيد تبادر إلى ذهنك سؤال، ما الـ Qiskit؟ كل ذلك وأكثر سنجيب عنه في هذا المقال، فهيا بنا…

ما هو Qiskit؟

يمنح عملاقة التكنولوجيا مثل Google وIBM المستخدمون الذين لديهم شغف تعلم الحوسبة الكمية فرصة لمعرفة كيفية برمجة ومعالجة الدوائر الكمية. باستخدام لغات البرمجة الكمية ولتعلم فحص مفاهيم الحوسبة الكمية مثل التراكب والتشابك والتلاعب بالـ Qubits وإدارة الأجهزة الكمية والتحقق من الخوارزميات

فـ Qiskit هو SDK -مجموعة أدوات تطوير البرامج في حزمة واحدة قابلة للتثبيت- مفتوح المصدر للعمل على الحواسيب الكمية من IBM. إذ يُترجم لغات البرمجة الشائعة مثل Python للآلة الكمية وأي شخص خارج مختبرات IBM يمكنه استخدامه. إذ تعد أداة تعليمية ممتازة لتطوير فهمك عمليًا حول المفاهيم الكمية، يوجد كذلك Cirq وهو من شركة Google ومشابه لـ Qiskit.

لكن وجب التنبيه أنه على الأقل وجب أن تكون لديك خلفية جيدة حتى تستطع البدء فهو مناسب لفئات مثل الخبراء في مجالات الكيمياء والذكاء الاصطناعي والمطوريين الذين لديهم معرفة بالدوائر الكمية ويودون في اختبار مزايا الكم وخبراء ميكانيكا الكم. [4,3]

علاقات لغات البرمجة الكلاسيكية باللغات الكمية؟

كما نحن البشر نتحدث بلغات مختلفة فالحواسيب لها لغاتها. تتيح لغات البرمجة في الحواسيب التقليدية إعطاء تعليمات للحاسوب بلغة يفهمها. فلغة البرمجة الكمية هي تلك التي يمكن استخدامها لكتابة برامج الحاسوب الكمي. فنظرًا لأن التحكم في أي آلة يكون بواسطة جهاز كلاسيكي. فإن لغات البرمجة الكمية الحالية تتضمن هياكل تحكم كلاسيكية أيضًا وتسمح بعملها على البيانات الكلاسيكية والكمية فسنجد لغة Python من اللغات المستخدمة والأساسية وكذلك C وJavascript وغيرهم. [2]

ما هي البيئات التي تتيح لك ممارسة الحوسبة الكمية؟

كما ذكرنا فور معرفتك بالأساسيات البرمجية وتعلم اللغات الكلاسيكية؛ يمكنك البدء مباشرةً في بيئات ستوفر لك التعامل مثل Qiskit وCirq. وإليك في السطور الآتية بعض لغات البرمجة الكمية المهمة في تنمية تدريبك على الحوسبة الكمية بجانب اللغات الكلاسيكية.

أشهر لغات البرمجة في الحوسبة الكمية

هنالك نوعان من لغات البرمجة الكمية، الأول لغات البرمجة الأساسية وتتكون من تعليمات تُنفذ خطوة بخطوة وتشمل اللغات الأساسية في الحواسيب الكلاسيكية مثل Python وC وJavascript وPascal، وإليك ثلاثة من أشهر اللغات [5]:

لغة QCL

هي واحدة من أولى لغات البرمجة الكمية وتشبه لغة C وPascal من حيث بناء الجملة Syntax وأنواع البيانات. فهي لغة تحكم عالية المستوى ومستقلة عن بنية الحواسيب الكمية ويمكن للمبرمجين الجمع بين كود C كلاسيكي وكود كمي… [8]

لغة QMASM

نشأت QMASM كلغة لتعريف الدائرة الكمية ومع تطور الحساب الكمي، اعتُمدت اللغة كطريقة لتحديد الدوائر الكمية كمدخلات في الحاسوب الكمي. لوصف العمليات على الـ Qubits وهي منخفضة المستوى، فتستخدم لوصف الدوائر البسيطة نسبيًا وهنالك لغات أخرى عالية المستوى مثل لغات سنذكرهم في السطور القادمة. [6] التي بإمكانها التعامل مع مليارات من Qubits.

لغة Silq

نشرت في عام 2020 وهي لغة عالية المستوى من ETH Zurich في سويسرا وتُحدث باستمرار. نبع الاحتياج لتلك اللغة لملاحظة الباحثين أن كل لغات البرمجة السابقة منخفضة المستوى خاصة في التعامل مع الـ Quibts. ففي كل مرة وجب عليك التفكير في جميع القيم الناشئة من العملية التي تقوم بها وذلك يستغرق وقتًا وينتج عن ذلك بالتأكيد أخطاء. [7]

النوع الثاني هو لغات البرمجة الوظيفية وهي لا تعتمد على تنفيذ التعليمات خطوة بخطوة بل على الدوال الرياضية. أي يتم تحويل المخرجات باستخدام تحويلات رياضية وتعد أقل شيوعًا من اللغات الأساسية وإليك أشهر اللغات:

لغة QML

هي لغة تعريفية مصممة لوصف واجهة مستخدم البرنامج ونُشرت في عام 2007 وتشبه Haskell وتُستخدم لغة Javascript كلغة برمجة نصية في QML وقبل التعمق فيها وجب أن تكون كما ذكرنا مرارنا لديك خلفية برمجية [9] وفهم للغات الويب الأخرى مثل HTML وCSS…

لغتا QPL وQFC

هما لغتان من لغات البرمجة الكمية حددهما «بيتر سيلينجر-Peter Selinger» وتعمل كل منهم على البيانات الكمية والكلاسيكية. [10]

لغة Quipper

هي لغة شهيرة ذات مستوى عال، وتستخدم لوصف الدوائر عالية المستوى ومعالجتها وتحوي مكتبات واسعة من الدوال الكمية بما في ذلك مكتبات الأعداد الصحيحة الكمية وتحويل فورييه الكمي ومكتبات لتحليل دقيق للدوائر والعديد من المزايا. [11]

فيما تتميز لغة Twist؟

هناك عزيزي القارئ العديد من اللغات لكن تحدثنا عن الأحدث والأشهر ولنختم جزء اللغات بلغة Twist التي أثارت ضجة في عامنا هذا 2022، فما هي تلك اللغة وما المميز فيها؟

سعى علماء من علوم الحاسوب والذكاء الاصطناعي CSAIL التابع لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا إلى إنشاء لغة خاصة بهم للحوسبة الكمية وتسمى (Twist). وتستطيع تلك اللغة أن تصف أجزاء البيانات المتشابكة في برامج الكم والتحقق منها. ويمكن للمبرمج الكلاسيكي فهمها وتستخدم اللغة مفهوم يسمى Purity أو النقاء ويفرض ذلك المفهوم عدم وجود التشابك وينتج عنه برامج أكثر سهولة والأخطاء أقل بكثير. فالمميز هنا أنه لطالما تطلبت برمجة الحواسيب الكمية فهم للتشابك ولكن تأتي Twist لتسهل الأمر على المبرمجين بفرضها عدم وجوده بمفهوم Purity. إضافة إلى أن اللغات البرمجية الكمية لا تزل تربط عمليات منخفضة المستوى معًا مستبعدة أحيانًا معايير مهمة مثل أنواع البيانات… لكن التحدي الذي تتخذه Twist حاليًا هو تسهيل البرمجة الكمية. نهاية فقد دعمت الجهود عليها جزئيًا من قبل MIT-IBM Waston AI lab والمؤسسة الوطنية للعلوم ومكتب البحوث البحرية. [12]

المصادر

  1. IBM
  2. quantiki
  3. .ibm
  4. quantumai
  5. aimultiple
  6. github
  7. sliq
  8. github
  9. qml
  10. liquisearch
  11. qcf
  12. researchgate
  13. mit

ما هي الخوارزميات الكمية؟

قبل أن نتعرف عن ما هي الخوارزميات الكمية، وجب أن نعرف أن مصطلح الخوارزمية مشتق من اسم عالم الرياضيات الفارسي محمد بن موسى الخوارزمي من القرن التاسع، وظهرت الفكرة الحديثة للخوارزمية في اللغة الإنجليزية في القرن التاسع عشر وأصبحت أكثر شيوعًا منذ خمسينيات القرن الماضي.

تستخدم الخوارزميات في كل جزء من علوم الحاسوب، وهي التي تسمح للحاسوب بفعل كل شيء، فيتمثل جزء كبير من برمجة الحاسوب في معرفة كيفية صياغة الخوارزمية. إذ أنها تعتبر القدرة على تحديد خطوات واضحة لحل مشكلة ما، أيضًا فهي أمرًا مهمًا في العديد من المجالات، لذلك فنحن نستخدم الخوارزميات التي تسمح لنا بتفكيك المشكلات ووضع تصور للحلول. [5]

بعد تلك المقدمة البسيطة، لنلقى نظرة أوسع على ماهية الخوارزميات الكمية.

بعد وقت قصير من إثبات جودل عدم اكتماله الشهير، نُشرت العديد من الأوراق البحثية لتميز بين الدوال التي يمكن حسابها والتي لا يمكن حسابها. فأظهرت الأوراق أن هنالك البعض منها لا يمكن حسابه ويتطلب إثبات مثل هذه النظرية تعريفًا رياضيًا وكانت التعريفات مختلفة. في النهاية، أدى هذا إلى اقتراح أطروحة «تشرش-تورينغ»، سميت على اسم العالمين الرياضيين ألونزو تشيرش وآلان تورينج. إذ كان يرى معظم علماء الحاسوب أن الحوسبة الكلاسيكية هي كل ما في الأمر، ولا تستطيع الآلات الكلاسيكية إجراء كل هذه الحسابات بكفاءة مثل السلوك الكيميائي للجزئ، إذ يرتبط هذا السلوك بسلوك الإلكترونات، فتعتمد الحالة الكمية لكل إلكترون على حالات الآخرين بسبب ظاهرة ميكانيكا الكم، فحساب هذه الحالات معقد للغاية. [1،2]

انتهاك أطروحة تشرش-تورينغ!

يشير المبدأ الأساسي لأطروحة تشرش-تورينغ إلى حل مشكلة حسابية على نحو أسرع من خلال:

  • تقليل الوقت لتنفيذ خطوة واحدة.
  • تنفيذ العديد من الخطوات بالتوازي أو تقليل إجمالي الخطوات.

لكن اكتشاف حواسيب كمية انتهك الأطروحة من خلال حل بعض المهام الحسابية بخطوات أقل بكثير من أفضل خوارزمية كلاسيكية أيضًا لنفس المهمة وفتح الباب أمام طرق جديدة لحل المشكلات الحسابية.

فصور الخوارزميات القادرة على حل حسابات معقدة ليس بالأمر الهين. لكن في عام 1994، اقترح موظف شاب في مختبرات بيل يسمى بيتر شور خوارزمية كمية تحلل الأعداد الصحيحة على نحو أسرع من أي خوارزمية كلاسيكية وتخترق العديد من أنظمة التشفير الشائعة. بعدها بعامين فقط، ابتكر زميل شور في مختبرات بيل ويُدعى لوف جروفر خوارزمية تسرع العمليات الكلاسيكية للبحث من خلال قواعد البيانات غير المصنفة. [4]

آلان تورنج وألونزو تشرش

ما هي خوارزمية الكم ببساطة؟

الخوارزمية هي إجراء عملية حسابية تبعًا لمجموعة من الخطوات المتتالية أو سلسلة من التعليمات لحل مشكلة ما. إذ يمكن تنفيذ كل خطوة على حاسوب، لذلك تنفذ الخوارزمية الكمية على حاسوب كمي. كذلك من الممكن تشغيل جميع الخوارزميات الكلاسيكية على الحاسوب الكمي. يرجع ارتباطها بكلمة (الكم) نظرًا لتمتعها بمبادئ ميكانيكا الكم مثل التراكب والتشابك…

ما هي دوائر الكم؟

توصف الخوارزميات الكمية على نحو أكثر شيوعًا بواسطة دائرة الكم، فالدائرة الكمية هي نموذج للحسابات الكمية، إذ تكون خطوات حل المشكلة عبارة عن بوابات كمية، تُجرى على كيوبت أو أكثر. فتكمن القيمة المضافة للخوازميات الكمية في قدرتها على بعض المشكلات بسرعة مثل خوارزمية شور وجروفر المذكورتين. [3]

أشهر الخوارزميات الكمية

  • «Deutsch-Jozsa».
  • «Bernstein-Vazirani».
  • «Simon’s».
  • «Shor’s».
  • «Grover’s».

فستتفوق الخوارزميات الكمية عزيزي القارئ على نحو كبير خاصة في محاكاة أنظمة تتمتع بدرجات حرية كمية عالية. فتطبيقاتها ستشمل حل المشاكل في الكيمياء وعلوم المواد والفيزياء النووية… فتلك مقدمة في الخوارزميات الكمية. فتابعنا؛ لمعرفة المزيد عن الخوارزميات الكمية وكيفية عملها.

المصادر

  1. Proceedings of Symposia in Applied Mathematics 58, 143-160, 2002‏
  2. quantumagazine
  3. quantum inspire
  4. nap.edu

التجربة الثورية في ميكانيكا الكم: تجربة شتيرن-غيرلاخ

التجربة الثورية في ميكانيكا الكم: تجربة شتيرن-غيرلاخ

أحدثت تجربة شتيرن-غيرلاخ ثورة في ميكانيكا الكم، إذ أظهرت أن الكم المكاني موجود بالفعل وهو ظاهرة لا يمكن استيعابها إلا بميكانيكا الكم وسنتعرف في مقالنا على تلك التجربة لكن دعونا أولا نأخذ نبذة عن علمائها…

* (لمعرفة بعض من ظواهر ميكانيكا الكم تابع مقال ما الفرق بين البت الكمي والبت الكلاسيكي؟)

من هو «أوتو شتيرن-Oto Stern»؟


هو عالم ألماني، ولد في عام 1888 في Żary وهي مدينة غرب بولندا وتوفي في 1969 في Berkeley، حاز على جائزة نوبل للفيزياء عام 1943.

مراحل في حياة شتيرن

كان يدرس مبكرًا نظرية الديناميكا الحرارية الإحصائية وأصبح محاضرًا في الفيزياء النظرية بجامعة فرانكفورت ومن ثم أستاذًا في الكيمياء الفيزيائية في جامعة هامبورغ.

حينها أجرى شتيرن ووالتر جيرلاخ تجربتهما التاريخية في هامبورغ في أوائل عشرينيات القرن الماضي.

اضطر شتيرن في عام 1933 للمغادرة من ألمانيا بسبب وصول النازيين إلى السلطة وذهب إلى الولايات المتحدة. إذ أصبح باحثًا في الفيزياء في معهد كارنيجي للتكنولوجيا ومكث هناك لحين تقاعده عام 1945.

حصل على جائزة نوبل عام 1943 لدوره في التجربة الشهيرة شتيرن-غيرلاخ في حين استُبعد زميله والتر غيرلاخ لأنه استمر في العمل مع النازيين أثناء الحرب، وأحدثت تجربتهما ثورة في ميكانيكا الكم. [1]

من هو «والتر غيرلاخ-Walther Gerlach»؟

هو عالم فيزيائي ألماني ولد في 1889 في Biebrich am Rhein وتوفي في 1979 في Munich. اشتهر بشكل خاص بعمله مع أوتو شتيرن.

مراحل في حياة غيرلاخ


تلقى تعليمه في جامعة توبنغن، إذ أصبح محاضرًا عام 1916 وبعد فترات في غوتنغن وفرانكفورت عاد إلى توبنغن كأستاذ في الفيزياء في عام 1925. ومن ثم أستاذ في الفيزياء في ميونخ من عام 1929 إلى عام 1957.

قدم مساهمات عدة في مجالات الإشعاع والتحليل الطيفي ونظرية الكم وله عدة كتب مثل «Magnetismus (1931), Include Grundlagen der Quantentheorie (1921), Humaniora und Natur (1973)». [2]

ما هي تجربة شتيرن-غيرلاخ ببساطة؟

يدور الإلكترون حول النواة وينتج عنه تيار وتتصرف الذرة كما لو كانت مغناطيسيًا صغيرًا! أجرى كل من العالمان أوتو شتيرن ووالتر غيرلاخ تجرية في عام 1922 هدفها توضيح الاتجاه المكاني للجسيمات الذرية ودون الذرية ذات القطبية المغناطيسية. (أي إثبات أن الحركة المدارية للإلكترون كمية).

ما الذي استخدماه شتيرن وغيرلاخ في تجربتهما؟

•فرن كهربائي
•مجال مغناطيسي غير منتظم
•عينة من الفضة
•لوح زجاجي

خطوات التجربة


تم تسخين عينة الفضة في فرن كهربائي، لتنطلق حزمة من ذرات الفضة. وُجهت تلك الحزمة -استخدمت ذرات الفضة لأن غلافها الخارجي يحتوى على إلكترون واحد فقط- عبر مجموعة من الشقوق المحاذية. ومن ثم عبرت مجال مغناطيسي غير منتظم (كان القطب الشمالي مددب لتصبح شدة المجال المغناطيسي كبيرة والجنوبي مقعر لتقل عنده شدة المجال المغناطيسي). [3]

ومن ثم تترسب ذرات الفضة على اللوح الزجاجي ويحدث ما هو ليس متوقع؟

فيما خالف تلك التجربة الفيزياء الكلاسيكية؟

تعد ذرة الفضة محايدة كهربيًا فهي مغناطيس ذري يتسبب في دوران إلكترون غير مزدوج في أن ينشأ قطب شمالي وقطب جنوبي مثل إبرة البوصلة تمامًا. كذلك في المجال المغناطيسي غير المنتظم تكون القوى الموجودة على القطبين غير متساوية. فعند توجيه الحزمة تترسب ذرات الفضة في منطقتين فقط كما موضح بالشكل.

تجربة شتيرن-غيرلاخ

هذا ما خالف الفيزياء الكلاسيكية لأنه توقع العلماء أن تتوزع ذرات الفضة بشكل عشوائي. من خلال تلك التجربة توصل العلماء إلى أن للإلكترون حركة مدارية كمية حول النواة. وآنذاك لم يكن معروف عدد الكم المغزلي وكان معروف العزم المغناطيسي فقط، إذ تحتوى ذرة الفضة على 47 إلكترون وفي غلافها الخارجي 5s يظهر الـ Spin حيث جميع إلكتروناتها عزمها المغناطيسي صفر وذلك لإكتمال جميع الأغلفة عدا الذرة الأخيرة، فتتصرف الذرة كجسم عدده الكمي مقداره 1/2. [3,4]

تطبيقات تجربة شتيرن-غيرلاخ

طُبقت تجربة شتيرن-غيرلاخ لدراسة النيتروجين النشط وكذلك كان لها الفضل في اكتشاف الرنين المغناطيسي على يد العالم إيزيدو رابي.

المصادر

مصدر 1 2 3 4

لغز الطاقة المظلمة: ما تفسيراته المحتملة؟

هذه المقالة هي الجزء 1 من 9 في سلسلة رحلة بين 8 ألغاز كونية مذهلة!

تعتبر «الطاقة المظلمة-Dark Energy» إحدى الظواهر غير المفسرة في الكون. فهي المسؤولة عن زيادة سرعة توسعه، ومنعه من الانكماش على نفسه. ورغم أنها تشكل حوالي ثلاثة أرباع الكون، إلا أننا حتى الآن لا نعرف طبيعتها والسر وراءها. وقد تعتقد أن لهذه الطاقة علاقة ب«المادة المظلمة-Dark Matter». ولكن في الحقيقة، لا يربط بين اللغزين سوى كلمة “مظلمة”، إشارةً لأننا لا نعلم عن كليهما شيئًا. فما الذي دفعنا للاعتقاد بوجود هكذا طاقة غامضة؟ وما تفسيراتها المحتملة؟ 

ما هي الطاقة المظلمة؟

من الصعب الإجابة عن هذا السؤال، فطبيعتها لا تزال مجهولة. ولكننا نعلم يقينًا أنها مهمة، فقد قدر العلماء أنها تشكل 68% من كوننا، واعتمدت تقديراتهم هذه على مقدار تأثيرها في توسع الكون. بينما شكلت المادة المظلمة حوالي 27% من الكون. أما ال 5% المتبقية فهي كل ذرة في الأرض وعليها، وكل جسم رصدناه وقد نرصده خارجها. وكأننا نقول أن ما ندعوها مادةً عاديةً أقل شيوعًا من أن تكون كذلك! [1]

وقد تشرح قصة اكتشاف الطاقة المظلمة ما نعرفه عنها:

اكتشاف الطاقة المظلمة

مهد اكتشاف توسع الكون الطريق أمام الطاقة المظلمة، ولا معنى لها من دونه:

توسع الكون

في عام 1929؛ اكتشف الفلكي الأمريكي «إدوين هابل-Edwin Hubble» أن الكون يتوسع. كما لاحظ أنه كلما كانت المجرة أبعد عن الأرض؛ كلما تحركت أسرع بعيدًا عنها. لكن ذلك لا يعني أن الأرض هي مركز الكون، بل أن كل شيء في الفضاء يبتعد عن كل شيء بمعدل ثابت سمي «ثابت هابل-Hubble Constant».
[2]

وفي مطلع تسعينيات القرن الماضي، تأكد العلماء من توسع الكون. فكان أمامهم احتمالين: إما أن الكون فيه مادة جاذبيتها كافية لجعله ينكمش على نفسه في حدث «الانكماش العظيم-The Big Crunch». أو أن مقدار المادة في الكون أقل بقليل من ذلك؛ فيستمر بالتوسع دون توقف، وحتى في هذه الحالة؛ ستبطؤ الجاذبية من سرعة توسعه. لكن لم يتمكن العلماء من رصد هذا التباطؤ، رغم تأكدهم من وجوب حدوثه نظريًا، فالكون يحوي مادة تكفي جاذبيتها لينكمش. [3]

صورة توضح حدث الانكماش العظيم

الكون يتسارع

ثم حدثت المفاجأة عام 1998. حين عمل فريقان مستقلان من الفلكيين على حساب المسافات بين النجوم عن طريق تحليل صور «مستعر أعظم-Supernova» بعيد جدًا. وعند قياسهم ضوء المستعر الأعظم؛ لاحظوا أنه أخفت مما ينبغي، مما يعني أن الضوء سافر لمسافات أبعد مما توقعوا، وأن الكون يتوسع أسرع من ذي قبل!

لم يتوقع أحد ذلك، كما لم يتمكن أحد من شرحه، ولكن الجميع كان متيقنًا من وجود سبب وراءه. ثم حاول الباحثون تفسيره بشتى الطرق. اعتمدوا في بعضها على نماذج نظرية أينشتاين للجاذبية، وعلى تدفق غامض من الطاقة في بعضها الآخر. فيما اقترح آخرون أن نظرية أينشتاين خاطئة ولا بد من الإتيان بنظرية جديدة تزيل الغموض عن التوسع.

ولا يعلم الباحثون حتى الآن ما هو التفسير الصحيح، ومهما يكن فقد أطلقوا عليه اسم الطاقة المظلمة. [4] إليك أبرز التفسيرات المحتملة للطاقة المظلمة:  

التفسيرات المحتملة

الطاقة المظلمة سمة من سمات الفضاء

يقترح بعض العلماء أن الطاقة المظلمة ليست سوى سمة من سمات الفضاء. فقد كان «ألبرت أينشتاين-Elbert Einstein» أول من لاحظ أن الفضاء الفارغ كيان بحد ذاته، وهي سمة من سمات الفضاء المميزة التي نقترب من فهمها شيئًا فشيئًا. كما وضح احتمالية تولد المزيد من الفضاء تباعًا. ثم جاء أحد نماذج نظرية أينشتاين للجاذبية، تحديدًا النموذج الذي يتضمن «الثابت الكوني-The cosmological Constant»، ليتوقع أن “الفضاء الفارغ” يملك طاقته الخاصة. حيث افترض أن هذه الطاقة هي سمة من سمات الفضاء ذاته لا تفترق عنه. وبما أنها سمة له؛ لا بد لنسبتها أن تبقى ثابتة.

والآن لنجمع توقعات أينشتاين سويةً. إذا بدأ المزيد من الفضاء بالوجود، على الطاقة هذه أن تزداد لتبقى نسبتها ثابتة في الفضاء. وكنتيجة لذلك، قد تزيد هذه الطاقة من سرعة توسع الكون أكثر فأكثر.

ولكن للأسف؛ لا أحد يرى سببًا لوجود ثابت كوني كهذا، أو لأخذه هذه القيمة بالتحديد والتي تسبب تسريع توسع الكون. [5]

تفسير الكم للطاقة المظلمة

قدمت ميكانيكا الكم شرحها الخاص للطاقة المظلمة مقترحةً مصدرًا للطاقة الغامضة هذه، واعتمدت فيه على «نظرية الكم للمادة-The quantum theory of matter». ففي هذه النظرية؛ يكون الفضاء ممتلئًا بأزواج من الجسيمات الافتراضية، التي تفني بعضها باستمرار، وتتولد نتيجة اهتزاز حقول الطاقة. قد يبدو ذلك مقنعًا، ولكن عندما حسب العلماء مقدار الطاقة التي سيمتلكها الفضاء في نموذج نظرية الكم هذا، وجدوا أنه أكبر ب 120 10 (1 متبوع ب 120 صفرًا) مرة من مقدار الطاقة الفعلي. [6]

من النادر أن يحصل العلماء على إجابة خاطئة لهذه الدرجة، لذلك يستمر الغموض.

الطاقة المظلمة كنوع جديد من الطاقات الديناميكية

فيما يقترح علماء آخرون أن الطاقة المظلمة نوع جديد من الطاقة أو حقول الطاقة الديناميكية. طاقة تملأ الكون ولكن تأثيرها على توسعه معاكس تمامًا لتأثير المادة والطاقة العاديتان. ويدعوها بعضهم «الجوهر-Quintessence»، نسبةً إلى العنصر الخامس من عناصر المادة عند الإغريق. وحتى لو كان الجوهر صحيحًا، لن يحل من الغموض شيئًا. بل على العكس، سيضع أمامنا تساؤلات جديدة عن طبيعته أو السبب وراء وجوده، وكأننا حللنا اللغز بلغز آخر. [7]

خطأ ما في نظرية أينشتاين

أما الاحتمال الأخير فيقترح أن نظرية أينشتاين للجاذبية خاطئة. ويطلب نظرية جديدة تفسر هذا التوسع المتسارع. قد يحل ذلك لغز الطاقة المظلمة، ولكنه أيضًا يؤثر على فهمنا لتأثير المادة العادية في المجرات والعناقيد المجرية. ولو افترضنا أننا بحاجة لنظرية كهذه، كيف لها أن تكون؟ وكيف سيمكنها وصف حركة الأجسام في مجموعتنا الشمسية بشكل صحيح كما فعل أينشتاين، وأن توفق ذلك مع تسارع توسع الكون في الوقت ذاته؟ لربما يوجد نظرية كهذه، ولكننا لم نتوصل لها بعد. [8]

إن السؤال حول طبيعة الطاقة المظلمة يتطلب –كما يبدو- بيانات أضخم بكثير من التي أوصلتنا لاكتشافها، وربما زمنًا أطول.

المصادر

[1] CERN
[2] Hubble Space Telescope website
[3] NASA
[4] Scientific American
[5] Harvard university
[6] DeGruyter
[7] Princeton University
[8] NASA_2

ما الذي يميز البت الكمي عن البت الكلاسيكي؟

هزم حاسوب «IMB Deep Blue» بطل الشطرنج «غاري كاسباروف» في عام 1997، إذ حسب 200 مليون حركة في الثانية، وكان ذلك بسبب خطأ في برمجيه الجهاز، ومن المثير أن الحاسوب الكمي سيكون قادرًا على حساب تريليون حركة في الثانية! في عام 2019، حقق فريق من جوجل إنجازًا ببناء حاسوب كمي باستخدام كيوبتات فائقة التوصيل، فحاسوب «Sycamore» حل مشكلة تستغرق 10 آلاف سنة بالحواسيب التقليدية في 200 ثانية فقط… في عام 2020، بنى فريق صيني حاسوب كمي باستخدام كيوبتات ضوئية، إذ تعتمد على الضوء وتجعل الحاسوب أسرع. [7،8]

أما في يوليو الماضي، قام فريق بحثي صيني أخر ببناء جهاز حاسوب كمي، إذ أكمل هذا الحاسوب عملية حسابية في ما يزيد قليلًا عن ساعة مقارنة بحاسوب تقليدي سيكملها في ثماني سنوات! إضافة إلى شركة IBM التي صرحت أنها بحلول 2023، ستبني حاسوبًا كميًا من 1000 كيوبت، حيث أنه كلما زاد عدد الكيوبتات زادت سرعة ومعالجة الحاسوب. أخيرًا، تأتي الإمارات بأنها ستدخل هذا السباق وتستعد ببناء حاسوب كمي. [6،9]

فوسط هذا الصراع الكمي، نقدم لكم سلسلة في الحوسبة الكمية وعملياتها…

ففي هذا المقال سنتحدث عن البنية الأساسية للحواسيب الكمية؛ لنخوض بعدها في تفاصيل العوامل التي نتلاعب فيها بتلك البنية، وتلك البنية الأساسية هي الكيوبت أو البت الكمي؟ فما هو البت الكمي وما الذي يميزه؟

وقبل الحديث عن ماهية الكيوبت، علينا معرفة بعض المصطلحات الهامة، ألا وهي: التراكب والتشابك والتداخل.

ما هو التشابك الكمي؟

هو أحد الظواهر الغريبة التي نراها داخل عالم الكم، عندما يرتبط جسيمان أو أكثر بطريقة معينة بغض النظر عن المسافة بينهما في الفضاء. ففي العقود الأولى من القرن العشرين، طور الفيزيائيون الأفكار الأساسية وراء التشابك أثناء دراستهم لميكانيكا الكم ووجدوا أنه لابد لوصف الأنظمة دون الذرية استخدام ما يسمى بالحالة الكمية.

التشابك

ما هي الحالة الكمية؟


لا يوجد شيء مؤكد في عالم الكم فمثلًا لا نعرف أبدًا مكان وجود الإلكترون في الذرة بالضبط، فتأتي الحالة الكمية هنا لتلخص احتمالية قياس خاصية معينة لجسم ما مثل موضعه… فتصف جميع الأماكن التي قد نجد فيها الإلكترون.

ميزة أخرى للحالات الكمية

صدرت ورقة بحثية في عام 1935، حيث قام إلبرت أينشتاين وبوريس بودولسكي وناثان روزن بفحص مدى قوة ارتباط الحالات الكمية مع بعضها. وجدوا حينها أنه عندما يرتبط جسيمان؛ فإنهما يفقدان حالتهما الكمية الفردية ويتشاركان في حالة واحدة. تلك الحالة الموحدة هي التشابك الكمي. إذ بسبب الترابط الشديد، فإن قياسات أحد الجسمان تؤثر تلقائيًا على الآخر بغض النظر عن بعدهما عن بعضهما.

كان إروين شرودنجر أول عالم فيزياء استخدم كلمة “تشابك” وهو أحد مؤسسي ميكانيكا الكم ووصف التشابك بأنه الجانب الأكثر أهمية في ميكانيكا.

طرق تشابك الجسميات

هناك العديد من الطرق إحداها تتمثل في تبريد الجسميات ووضعها بالقرب من بعضها بحيث تتداخل حالاتها الكمية مما يجعل من المستحيل تمييز جسيم عن الآخر.

تتمثل الطريقة الأخرى في اعتمادها على بعض العمليات دون الذرية مثل الاضمحلال النووي والذي ينتج عنه تلقائيًا جزيئات متشابكة. كذلك من الممكن إنشاء جزيئات متشابكة من الفوتونات أو جسيمات الضوء. يمكن استخدام التشابك الكمي في التشفير وكذلك في الحوسبة الكمية. [3]

ما هو التراكب الكمي؟

إحدى الخصائص التي يتميز بها الكيوبت هي حالة التراكب، فالتراكب أحد المبادئ الأساسية لميكانيكا الكم. يمكن رؤية الموجة التي تصف نغمة موسيقية على أنها عدة موجات بترددات مختلفة في الفيزياء الكلاسيكية. فالتراكب هو إضافة حالتين كميتين أو أكثر لخلق حالة كمية أخرى. [1]

التراكب

ما هو التداخل الكمي؟

استمر الجدل حول إذا ما كان الضوء جزيئات أم موجات إلى أكثر من ثلاثمائة عام. حتى أعلن إسحاق نيوتن في القرن السابع عشر أن الضوء يتكون من تيار من الجسميات. وابتكر توماس يونغ تجربة الشق المزدوج في أوائل القرن التاسع عشر؛ لإثبات أن الضوء عبارة عن موجات. على الرغم من صعوبة قبول نتائج التجربة إلا أنها قدمت دليلًا على التداخل الكمي. حينها صرح الفيزيائي ريتشارد فاينمان أنه يمكن استيعاب أساسيات ميكانيكا الكم من خلال تجربة الشق المزدوج. [4]

يمكن أن تتداخل حالات الكيوبت مع بعضها لأن كل حالة تُوصف بسعة احتمالية مثل اتساع الموجات. يوجد نوعان من التداخل، فالتداخل البناء يعزز السعة والهدام يلغي السعة. تُستخدم تلك التأثيرات في خوارزميات الحوسبة الكمية مما يجعلها مختلفة عن الخوارزميات الكلاسكية. [3]

التداخل

ما هو الكيوبت؟

تتضمن جميع العمليات الحسابية إدخال للبيانات ومعالجتها وفقًا لقواعد معينة ومن ثم إخراج النتيجة النهائية لنا. والوحدة الأساسية للبيانات هي “البت” أما الوحدة الأساسية للحسابات الكمية هي “البت الكمي أو الكيوبت”.

فالكيوبت الكمي يشبه البت الكلاسيكي. إذ من حيث قدرة البت الكلاسيكي فله حالتين 1 أو 0 أما البت الكمي فله حالات متعددة مثل 1 أو 0 أو 2 أو تراكبًا للحالات. [5]

كيف تصنع الكيوبتات؟


يمكن تصنيع الكيوبتات من أيونات أو فوتونات أو ذرات اصطناعية أو حقيقة أو اشباه الجسيمات.

كيف يتم تمثيل الكيوبتات؟

تُمثل الكيوبتات من خلال تراكب حالات متعددة محتملة، إذ يستخدم الكيوبت ظواهر ميكانيكا الكم.

إذ يمنح التراكب الحواسيب الكمية قوة حوسبة فائقة، فيسمح للخوارزميات الكمية بمعالجة المعلومات في وقت أقل ويعمل كل من التراكب والتداخل والتشابك على إنشاء قوة حوسبة يمكنها حل المشكلات بشكل أسرع من الحواسيب الكلاسيكية. [2]

أهم ما يميز الكيوبت عن البت

المصادر

[1] Quantum-inspire
[2] Azure-Microsoft
[3] Livescience
[4] Whatis
[5] Jack D. Hidary, Quantum Computing: An Applied Approach, Springer, 2019, (page 17-18)

[6] Wired

Ibm [7]

bbc [8]

[9] Ibm

ما هي البيولوجيا الكمية “علم الأحياء الكمي”؟

ما هي البيولوجيا الكمية “علم الأحياء الكمي”؟

الأنظمة البيولوجية ديناميكية، وتتبادل باستمرار الطاقة والمادة مع البيئة من أجل الحفاظ على حالة من عدم التوازن وهي الحالة المرادفة للحياة.

سمحت لنا التطورات في تقنيات الملاحظة العلمية وأدوات الفحص بدراسة الديناميكيات البيولوجية على نطاقات صغيرة بشكل متزايد. كشفت مثل هذه الدراسات عن أدلة على تأثيرات ميكانيكا الكم -والتي لا يمكن تفسيرها بالفيزياء الكلاسيكية- في مجموعة من العمليات البيولوجية.

علم الأحياء الكمي هو دراسة مثل هذه العمليات، وهنا سنقدم تعريفًا للحالة الحالية للمجال، بالإضافة إلى رؤى حول الاتجاهات المستقبلية.

ما هي ميكانيكا الكم؟

ميكانيكا الكم هي النظرية الأساسية التي تصف خصائص الجسيمات دون الذرية والذرات والجزيئات والتجمعات الجزيئية وربما أصغر من ذلك. تعمل ميكانيكا الكم على مقاييس نانومترية وشبه نانومترية وهي أساس عمليات الحياة الأساسية مثل البناء الضوئي والتنفس والرؤية.

في ميكانيكا الكم، كل الكائنات لها خصائص تشبه الموجة، وعندما تتفاعل، يصف التماسك الكمي الارتباطات بين الكميات الفيزيائية التي تصف مثل هذه الأشياء بسبب هذه الطبيعة الشبيهة بالموجة.

تظهر ميكانيكا الكم في ظواهر بيولوجية عديدة مثل البناء الضوئي والتنفس والرؤية. كلها أحداث يحدث فيها نقل طاقة ونقل إلكترون في إطار يعتمد على القفز على السطح.

في مراكز التفاعل الضوئي ومجمعات حصاد الضوء في النباتات، لوحظت الظواهر المتذبذبة في العديد من الدراسات التي أجريت في التسعينيات وكانت تُنسب عادةً إلى تكوين حزم موجية اهتزازية أو إلكترونية مختلطة.

أدى الكشف عن التماسك الكمي الإلكتروني طويل العمر (660 قدمًا وأطول) أثناء نقل طاقة الإثارة في نظام التمثيل الضوئي إلى إحياء الاهتمام بدور ميكانيكا الكم لشرح عمليات الحياة الأساسية للكائنات الحية [3].

ومع ذلك، فإن فكرة لعب الظواهر الكمومية – مثل التماسك – دورًا وظيفيًا في الأنظمة الحية العيانية ليست مستحدثة في التسعينات، ولكن للأمر تاريخ يعود لمؤسسي ميكانيكا الكم.

تاريخ البيولوجيا الكمية

في عام 1932، أي بعد 10 سنوات من حصول عالم الفيزياء الكمومية نيلز بور على جائزة نوبل عن عمله في التركيب الذري، ألقى محاضرة بعنوان “الضوء والحياة” في المؤتمر الدولي للعلاج بالضوء في كوبنهاغن [4].

أثار هذا السؤال حول ما إذا كانت نظرية الكم يمكن أن تسهم في الفهم العلمي للأنظمة الحية أم لا. كان من بين الحضور ماكس ديلبروك، وهو فيزيائي شاب ساعد لاحقًا في تأسيس مجال البيولوجيا الجزيئية وفاز بجائزة نوبل عام 1969 لاكتشافاته في علم الوراثة [5].

تتكون جميع الأنظمة الحية من جزيئات، وتوصف جميع الجزيئات بشكل أساسي بواسطة ميكانيكا الكم. ومع ذلك، فإن الفصل الواسع للمقاييس بين الأنظمة الموصوفة بواسطة ميكانيكا الكم وتلك التي تدرس في علم الأحياء، وكذلك الخصائص التي تبدو مختلفة للمادة غير الحية والحية، قد حافظت على بعض الفصل بين مجموعتي المعرفة (الفيزياء والأحياء).

في الآونة الأخيرة، مكنتنا التطورات التقنية مثل التحليل الطيفي فائق السرعة [6]، والتحليل الطيفي للجزيء الفردي [7-11]، والفحص المجهري [12-14] والتصوير الجسيمي الفردي [15-18] ، من دراسة الديناميكيات البيولوجية على نحو متزايد. إذ تكشف مقاييس الطول والوقت متناهية الصغر تلك عن مجموعة متنوعة من العمليات الضرورية لوظيفة النظام الحي التي تعتمد على تفاعل دقيق بين التأثيرات الفيزيائية الكمومية والكلاسيكية.

تعريف البيولوجيا الكمية “علم الأحياء الكمي”

يمكننا تعريف علم الأحياء الكمي أو البيولوجيا الكمية بأنها تطبيق نظرية الكم على جوانب من علم الأحياء حيث فشلت الفيزياء الكلاسيكية في إعطاء وصف دقيق لها.

على الرغم من هذا التعريف البسيط، لا يزال الجدل حول أهداف ودور المجال في المجتمع العلمي قائمًا.

سنستعرض معًا وجهة النظر لمكانة بيولوجيا الكم اليوم، ونقرأ سويًا بعض السبل المحتملة لمزيد من التقدم في هذا المجال.

ما هي البيولوجيا الكمية “علم الأحياء الكمي”؟

حقق علم الأحياء -في نموذجه الحالي- نجاحًا كبيرًا في تطبيق النماذج الكلاسيكية على الأنظمة الحية. في معظم الحالات، لا تلعب التأثيرات الكمومية الدقيقة على المقاييس الجزيئية (البينية) دورًا محددًا في الوظيفة البيولوجية الكلية، لكن لكلمة “الوظيفة” مفهوم واسع!

على سبيل المثال: كيف تعمل الرؤية والتمثيل الضوئي على المستوى الجزيئي وعلى نطاق زمني فائق السرعة؟ كيف يتعامل الحمض النووي مع النيوكليوتيدات المكدسة المفصولة بنحو 0.3 نانومتر، مع فوتونات الأشعة فوق البنفسجية؟ كيف يحفّز الإنزيم تفاعل كيميائي حيوي أساسي؟ كيف يتعامل دماغنا مع الخلايا العصبية المنظمة على مقياس تحت نانومتري مع مثل هذا الكم الهائل من المعلومات؟ كيف يعمل استنساخ الحمض النووي والتعبير الجيني؟

يُعتقد عمومًا أن الاختلافات بين التقريب الكلاسيكي ونموذج ميكانيكا الكم لا تكاد تُذكر في هذه الحالات، على الرغم من أن كل عملية تحكمها قوانين ميكانيكا الكم بالكامل.

ولكن دعونا نطرح سؤالنا الأساسي هنا، ماذا يحدث عندما تتلاشى الحدود بين الأنظمة الكمومية والأنظمة الكلاسيكية؟ أو في صياغة أخرى، هل هناك وظائف بيولوجية أساسية تبدو وكأنها كلاسيكية ولكنها ليست كذلك في الواقع؟

إن دور علم الأحياء الكمومي هو تحديدًا إيجاد هذا الارتباط وكشفه. في الأساس، كل المادة – الحية أو غير الحية – خاضعة لميكانيكا الكم، وتتكون من أيونات أو ذرات أو جزيئات، وتُحدد نظرية الكم خصائص توازن تلك الذرات أو الجزيئات بدقة.

نتيجة لذلك، يمكن الادعاء بأن البيولوجيا كلها ميكانيكية كمومية. ومع ذلك، فإن هذا التعريف لا يعالج الطبيعة الديناميكية للعمليات البيولوجية، أو حقيقة أن الوصف الكلاسيكي للديناميكيات بين الجزيئات يبدو غالبًا كافيًا.

لذلك، يجب تعريف علم الأحياء الكمومي من حيث الاتساق في القدرات التفسيرية للنماذج الميكانيكية الكلاسيكية مقابل النماذج الميكانيكية الكمومية لعملية بيولوجية معينة.

البيولوجيا الكمية، ضرورة أم رفاهية!

أثناء دراستنا للأنظمة البيولوجية على المقاييس النانوية، نجد أن هناك عمليات موجودة في الكائنات الحية، سنستعرضها تفصيليًا، يُعتقد حاليًا أن الصيغة الكمومية ضرورية لتوصيفها.

بينما نواجه صعوبة حقيقية في ملاحظة التأثيرات الكمومية على مقاييس الوقت والطول التي نختبرها في حياتنا اليومية والأحداث التي نعايشها ونراها بالعين المجردة، يظهر لنا اعتماد العمليات الضرورية للوظائف وبقاء الكائن الحي على التأثيرات الميكانيكية الكمومية الديناميكية على نطاق الجزيئات.

إن التفاعل بين هذه المقاييس الزمنية والمكانية بالتحديد هو ما تبحثه البيولوجيا الكمومية بهدف بناء صورة فيزيائية متسقة.

قد تتضمن الآمال الكبيرة لبيولوجيا الكم مساهمة في تعريف وفهم الحياة، أو في فهم الدماغ والوعي. ومع ذلك، فإن هذه المشاكل قديمة قدم العلم نفسه، ومن الأفضل أن نسأل عما إذا كان علم الأحياء الكمومي يمكن أن يساهم في إطار قادر من خلاله على طرح هذه الأسئلة بطريقة تقبل الوصول إلى إجابات جديدة.

تعمل دراسة العمليات البيولوجية بكفاءة على الحدود بين عوالم الفيزياء الكمومية والفيزياء الكلاسيكية. ويعد علم الأحياء الكمومي باستحداث مبادئ تصميم لتقنيات النانو الكمومية مستوحاة بيولوجيًا، مع القدرة على الأداء بكفاءة على مستوى أساسي في البيئات الصاخبة في درجة حرارة الغرفة وحتى الاستفادة من هذه “البيئات الصاخبة” للحفاظ على أو حتى تعزيز الخصائص الكمومية [19 ، 20].

من خلال هندسة مثل هذه الأنظمة، قد نتمكن من اختبار وتحديد المدى الذي يمكن أن تؤدي إليه التأثيرات الكمية في تعزيز العمليات والوظائف الموجودة في علم الأحياء، والإجابة في النهاية عما إذا كانت هذه التأثيرات الكمية قد تطورت لتحقيق أهدافها في تصميم الأنظمة.

الأهم من ذلك هو أن التقنيات المستوحاة من الأحياء الكمومية يمكن أن تكون مفيدة جوهريًا بشكل مستقل عن الكائنات الحية التي ألهمتها، وقد تلهمنا وتفتح الباب أمام مستقبل بيولوجي مختلف تمامًا عما نعرفه اليوم.

اقرأ أيضًا: 10 معلومات يجب أن تعرفها عن ميكانيكا الكم

مصادر
1. F’orster T. 1946Energiewanderung und Fluoreszenz. Naturwissenschaften,6, 166-175. (doi:10.1007/BF00585226) Crossref, ISIGoogle Scholar

2. Marcus RA. 1956On the theory of oxidation-reduction reactions involving electron transfer. I. J. Chem. Phys.24, 966-978. (doi:10.1063/1.1742723) Crossref, ISIGoogle Scholar

3.Engel GS, Calhoun TR, Read EL, Ahn T-K, Mančal T, Cheng Y-C, Blankenship RE, Fleming GR. 2007Evidence for wavelike energy transfer through quantum coherence in photosynthetic systems. Nature446, 782-786. (doi:10.1038/nature05678) Crossref, PubMed, ISIGoogle Scholar

4. Bohr N. 1933Light and life. Nature131, 421-423. (doi:10.1038/131421a0) CrossrefGoogle Scholar

5. McKaughan DJ. 2005The influence of Niels Bohr on Max Delbrück. Isis96, 507-529. (doi:10.1086/498591) Crossref, PubMed, ISIGoogle Scholar

6. Jonas DM. 2003Two-dimensional femtosecond spectroscopy. Ann. Rev. Phys. Chem.54, 425-463. (doi:10.1146/annurev.physchem.54.011002.103907) Crossref, PubMed, ISIGoogle Scholar

7. Moerner WE, Shechtman Y, Wang Q. 2015Single-molecule spectroscopy and imaging over the decades. Faraday Discuss.184, 9-36. (doi:10.1039/C5FD00149H) Crossref, PubMed, ISIGoogle Scholar

8. Gruber JM, Malý P, Krüger TPJ, van Grondelle R. 2017From isolated light-harvesting complexes to the thylakoid membrane: a single-molecule perspective. Nanophotonics7, 81-92. (doi:10.1515/nanoph-2017-0014) Crossref, ISIGoogle Scholar

9. Kondo T, Chen WJ, Schlau-Cohen GS. 2017Single-molecule fluorescence spectroscopy of photosynthetic systems. Chem. Rev.117, 860-898. (doi:10.1021/acs.chemrev.6b00195) Crossref, PubMed, ISIGoogle Scholar

10. Liebel M, Toninelli C, van Hulst NF. 2018Room-temperature ultrafast nonlinear spectroscopy of a single molecule. Nat. Photonics12, 45-49. (doi:10.1038/s41566-017-0056-5) Crossref, ISIGoogle Scholar

11. Malý P, Gruber JM, Cogdel RJ, Mančal T, van Grondelle R. 2016Ultrafast energy relaxation in single light-harvesting complexes. Proc. Natl Acad. Sci. USA113, 2934-2939. (doi:10.1073/pnas.1522265113) Crossref, PubMed, ISIGoogle Scholar

12. Šrajer V, Schmidt M. 2017Watching proteins function with time-resolved x-ray crystallography. J. Phys. D: Appl. Phys.50, 373001. (doi:10.1088/1361-6463/aa7d32) Crossref, PubMed, ISIGoogle Scholar

13. Young Let al.2018Roadmap of ultrafast x-ray atomic and molecular physics. J. Phys. B: At. Mole. Opt. Phys.5, 032003. (doi:10.1088/1361-6455/aa9735) Crossref, ISIGoogle Scholar

14. Borst JW, Visser AJWG. 2010Fluorescence lifetime imaging microscopy in life sciences. Meas. Sci. Technol.21, 102002. (doi:10.1088/0957-0233/21/10/102002) Crossref, ISIGoogle Scholar

15. Tsuji Y, Yamamoto K, Yamauchi K, Sakai K. 2018Single-particle reconstruction of biological molecules—story in a sample (Nobel Lecture). Angew. Chem. Int. Ed.57, 2-18. (doi:10.1002/anie.201712504) Crossref, ISIGoogle Scholar

16. K’uhlbrandt W, Wang DN, Fujiyoshi Y. 1994Atomic model of plant light-harvesting complex by electron crystallography. Nature367, 614-621. (doi:10.1038/367614a0) Crossref, PubMed, ISIGoogle Scholar

17. Hell SWet al.2015The 2015 super-resolution microscopy roadmap. J. Phys. D: Appl. Phys.48, 443001. (doi:10.1088/0022-3727/48/44/443001) Crossref, ISIGoogle Scholar

18. Shashkova S, Leake MC. 2017Single-molecule fluorescence microscopy review: shedding new light on old problems. Biosci. Rep.37, BSR20170031. (doi:10.1042/BSR20170031) Crossref, PubMed, ISIGoogle Scholar

19. Mohseni M, Rebentrost P, Lloyd S, Aspuru-Guzik A. 2008Environment-assisted quantum walks in photosynthetic energy transfer. J. Chem. Phys.129, 174106. (doi:10.1063/1.3002335) Crossref, PubMed, ISIGoogle Scholar

20. Plenio M, Huelga S. 2008Dephasing-assisted transport: quantum networks and biomolecules. New J. Phys.10, 113019. (doi:10.1088/1367-2630/10/11/113019) Crossref, ISIGoogle Scholar

10 معلومات يجب أن تعرفها عن ميكانيكا الكم

أحدثت نظرية الكم ثورة حقيقية في العلم، فأزاحت الستار عن العالم الغريب القابع خلف أبسط ظواهر حياتنا اليومية وصولاً لنشأة الكون، وبين كل ذلك؛ كانت عصب الثورة الرقمية في القرن العشرين. تدرس «ميكانيكا الكم-Quantum mechanics» سلوك المادة في المستوى دون الذري. وتهدف لتحديد خصائص الذرات ومكوناتها مثل الإلكترونات والبروتونات، بالإضافة إلى تفاعلات هذه الجسيمات مع الطيف الكهرومغناطيسي. [1] إليك أهم 10 معلومات عن ميكانيكا الكم والمبادئ التي تحكم هذا العالم الغريب.

1.تكميم الطاقة

أولى المعلومات عن ميكانيكا الكم تتلخص في وجود قواسماً مشتركةً بين ميكانيك الكم وحذائك، فكما تحتاج لمقاس يناسبك، كذلك الطاقة تكون في كميات محددة أو «quantas». أصغر الكميات «ثابت بلانك-Planck constant» وما تبقى مضاعفاته.

لفهم المبدأ السابق يمكننا تطبيقه على الضوء، فالضوء يُصدر بشكل قطع منفصلة محددة تدعى «الفوتونات-Photons». وبحسب المبدأ؛ لا يمكنك صنع نصف فوتون أو 64.4 فوتونات، يمكنك فقط صناعة أعداد صحيحة منه.

إلا أن الطاقة أهم بقليل من حذائك، فقد أحدث هذا الاكتشاف ثورة في الفيزياء الحديثة على يد «ماكس بلانك-Max Planck». كما حاز ألبرت أينشتاين على جائزة نوبل في الفيزياء لإثباته ذلك عام 1921. [2]

2. الطبيعة المثنوية

في عام 1906؛ حاز «ج.ج تومسون-J.J Thomson» جائزة نوبل لاكتشافه أن الالكترونات عبارة عن جسيمات، ثم جاء ابنه جورج عام 1937 ليثبت أن الالكترونات موجات. فأيهما صحيح؟

في عالم الكم كلاهما على حق، حيث يدعى هذا المبدأ «ازدواجية موجة-جسيم-wave-particle duality» ويعد حجر الزاوية في فيزياء الكم.

كما ينطبق على الالكترونات والضوء، فأحياناً نحتاج لاعتبار الضوء طيف كهرومغناطيسي، وفي أحيان أخرى يستحسن تصوره بشكل جسيمات الفوتونات. [3]

3. يمكن للأشياء أن تكون في مكانين في الوقت ذاته

تعد ازدواجية الموجة-الجسيم مثالاً على مبدأ «التراكب-superposition»، وهو تواجد الكم أو الشيء في مكانين أو حالتين في نفس اللحظة.

مثلاً؛ يتواجد الالكترون هنا وهناك في ذات الوقت، ولكننا عندما نرصده نجبره على اختيار مكان منها.

يمكننا تخيل الالكترون كمجموعة من الاحتمالات، يمكننا تلخيصها رياضياً ب«تابع الموجة-wave function». وقيامنا بالرصد ييدمر التابع وحالة التراكب ويجبر الالكترون على اختيار حالة من ضمن الاحتمالات الممكنة.

يمهد هذا المبدأ لتجربة «قطة شرودينغر-Schrödinger’s cat»، وهي قطة محبوسة في صندوق مغلق حيث مصيرها محكوم بأداة كمية ما. وبما أن الأداة توجد بحالتين مختلفتين لحين القيام بالرصد؛ فإن القطة حية وميتة في الوقت ذاته لحين قيامنا بذلك. [4]

4. قد تقودنا ميكانيكا الكم لأكوان متعددة

تتبع الفكرة السابقة (أن عملية الرصد تهدم التابع وتجبر الكم على اختيار حالة معينة) لتفسير «كوبنهاغن-Copenhagen» لفيزياء الكم، لكن ذلك ليس التفسير الوحيد، حيث يعتقد مؤيدو فكرة العوالم المتعددة أنه لا حاجة للاختيار!

بل أنه في لحظة القيام بعملية الرصد والقياس؛ ينقسم الواقع إلى نسختين: واحدة نرصد فيها الكم وقد اختار الحالة a، والثاني حيث يختار الحالة b.

وبالتالي يتكون الواقع من العديد من الطبقات المتشابكة، وعند رؤيته على المستويات الأكبر؛ تتفكك هذه الطبقات ويبدو كل منها عالماً يشكل كوناً من الأكوان المتعددة.[5]

5. تساعدنا في تحديد صفات النجوم

بيّن الفيزيائي الدنماركي «نيلز بور-Niels Bohr» أن مدارات الالكترونات داخل الذرات مكممة أيضاً، حيث تأتي في قياسات محددة تدعى مستويات الطاقة.

عندما ينتقل إلكترون من مستوى أعلى إلى أخفض؛ يطلق فوتوناً له طاقة مساوية لفرق الطاقة بين المدارين الذين انتقلهما الإلكترون، والعكس صحيح؛ يمتص الإلكترون فوتوناً ويستعمل طاقته ليقفز إلى مستوى طاقة أعلى.

يستعمل الفلكيون هذا التأثير دائماً، فيتمكنون من معرفة مكونات النجوم عن طريق تحليل ضوئهم إلى طيف يشبه قوس قزح وتحديد الألوان المفقودة.

وبما أن المواد الكيميائية المختلفة تمتلك مستويات طاقة متباعدة بشكل مختلف؛ يمكنهم تحديد مكونات الشمس والنجوم الأخرى بناءً على الألوان غير الموجودة. [5]

6. بدون ميكانيكا الكم لما سطعت الشمس!

تصنع الشمس طاقتها خلال عملية تدعى «الاندماج النووي-Nuclear fusion»، والتي تتم باندماج بروتونين معاً – الجسيم موجب الشحنة في الذرة-.

الآن قد تتساءل كيف لهما أن يلتصقا ببعضهما ولهما الشحنة نفسها، ألن يتنافرا؟

إذا ما درسناهما كجسيمين سيتنافران تماماً كما يتنافر قطبي المغناطيس المتشابهين. يسمي الفيزيائيون ذلك ب«حاجز كولوم-Coulomb barrier» وهو كالحائط الذي يحول بين البروتونين.

وعندها ستصطدم البروتونات في الحائط وتبتعد: لن يوجد اندماج نووي ولن يوجد ضوء شمس!

والآن لنعتبرهم موجات.

عندما تصل قمة الموجة للحائط تكون مقدمة الموجة قد عبرته بالفعل.

علم أن ارتفاع الموجة يمثل المكان المحتمل وجود البروتون فيه، وعلى رغم أن احتمالية وجوده في مقدمة الموجة ضئيلة؛ إلا أنها تتحقق أحياناً، وعندها يكون وكأن البروتون عبر خلال الحاجز وبالتالي يحدث الاندماج النووي. أما هذا التأثير فيعرف باسم «النفق الكمومي-Quantum tunneling».
[6]

7. توقف ميكانيكا الكم انهيار النجوم الميتة

خلال حياة النجم؛ يَبقى في حالة من «التوازن الهيدروستاتيكي-hydrostatic equilibrium»، وهو توازن بين الطاقة الناتجة عن الاندماج النووي والتي تتجه للخارج وطاقة الجاذبية المتجهة للداخل؛ مما يحافظ على شكل النجم ويمنعه من الانهيار.

إلا أنه في نهاية حياة النجم ينفذ وقوده ويتوقف الاندماج؛ فتربح الجاذبية جاعلةً النجم ينهار على نفسه.[7]

وكلما أصبح أصغر كلما انضغطت المادة أكثر، وهنا يأتي دور «مبدأ باولي في الاستبعاد-Pauli exclusion principle»؛ أحد مبادئ ميكانيكا الكم الذي يمنع بعض الجسيمات كالإلكترونات من التواجد في نفس الحالة الكمية.

وبينما تحاول الجاذبية القيام بذلك، تواجه مقاومة يدعوها الفلكيون «ضغط تنكس الإلكترون-Electron degeneracy pressure»، فيتوقف الانهيار ويتشكل جسم جديد بحجم الأرض يدعى «قزم أبيض-White dwarf».
[8] 

8. تسبب تبخر الثقوب السوداء

يعد «مبدأ الريبة لهايزنبيرغ-Heisenberg uncertainty principle» أحد أهم مبادئ ميكانيك الكم، وينص على استحالة تحديد خاصّيتين لنظام ما بشكل دقيق بنفس الوقت: كلما عرفنا أحدها بدقة أكبر، كلما كان من الأصعب تحديد الخاصية الثانية.

ينطبق ذلك على سرعة الجسيم وموقعه، أو طاقته والزمن.

الأمر أشبه بأخذ قرض مالي، يمكنك اقتراض مبلغ كبير من المال لفترة زمنية قصيرة، أو اقتراض مبلغ صغير لمدة أطول، وليس الاثنين معاً!

يقودنا ذلك إلى فكرة الجسيمات الافتراضية، إذا اقتُرٍضت طاقة كافية من الطبيعة؛ يمكن لها أن تولد زوجين من الجسيمات الافتراضية في الفراغ بشكل (جسيم-مضاد جسيم)، ثم يختفيان بسرعة حتى لا يتخلفان عن سداد القرض؛ في عملية تسمى «الإفناء-Annihilation».

نعم، الفراغ الكمي ليس فارغاً تماماً!

افترض «ستيفن هوكينج-Stephen Hawking» حدوث هذه التذبذبات قرب حدود ثقب أسود ما: سيبتلع الثقب الأسود أحد الجسيمين، بينما سيستطيع الآخر الهرب من الثقب على شكل «إشعاع هوكينج-Hawking Radiation».

وبمرور الوقت، يتقلص الثقب الأسود وكأنه يتبخر! لأنه لا يسدد القرض كاملاً. [9]

9. تفسر ميكانيكا الكم بنية الكون على النطاق الكبير

إن «الانفجار العظيم-Big bang» أحد أفضل نظرياتنا عن نشأة الكون، وقد عُدل في الثمانينات ليتضمن نظرية أخرى تدعى «التضخم-Inflation».

تنص نظرية التضخم على انتفاخ الكون وصولاً لحجم حبة عنب؛ ذلك بعد ما كان أصغر من ذرة، وذلك في أول تريليون من تريليون تريليون جزء من الثانية، أي أن حجمه تضاعف حوالي 1078 مرة.

لاستيعاب ذلك؛ تخيل تكبير خلية دم حمراء بنفس المقدار، سيتجاوز حجمها الكون المنظور بأكمله!

وبما أنه كان أصغر من ذرة؛ فمن المرجح أن تذبذبات كمية مرتبطة بمبدأ هايزنبيرغ للريبة قد حكمت الكون في ذلك الوقت. والتضخم سبب نمو الكون بسرعة كبيرة؛ فلم يتثن لهذه التذبذبات الكمية أن تختفي، مما أدى لتركيز الطاقة أ:ثير في بعض الأماكن.

يعتقد الفلكيون أن ذلك كان بمثابة بذور تجمعت حولها المادة مشكلةً المجرات والعناقيد المجرية التي نرصدها اليوم. [5]

10. عالم من الأشباح!

إلى جانب إثباته تكميم الضوء؛ كذلك اعتقد أينشتاين بوجود تأثير ” شبحي عن بعد”. وهذا التأثير الشبحي هو آخر العشر معلومات عن ميكانيكا الكم في هذا الموضوع. نعرف اليوم ذلك ب«التشابك الكمي-Quantum entanglement»، ولكننا حتى الآن نجهل حقيقة ما يحدث فيه!

لنقل أننا أحضرنا زوجاً من الجسيمات بحيث تكون حالتها الكمية مرتبطة  أو “متشابكة”، أحدها في الحالة a والآخر في الحالة b: متعاكسين تماماً. فإذا كان أحدهما أزرق، يكون الثاني أحمر وهكذا.

وبحسب مبدأ باولي بالاستبعاد؛ يستحيل أن يكون لهما نفس الحالة الكمية، وعندها إذا قمنا بتغيير الجسيم الأزرق وجعلناه أحمراً مثلاً، سيتغير الآخر فوراً ليصبح معاكسه الأزرق من جديد.

في التشابك الكمي سيحدث ذلك حتى ولو وضعنا كل جسيم في جانب من الكون، وكأن معلومات التغيير الذي قمنا به قد سافرت أسرع من الضوء! [10]

قد لا نفهم ميكانيكا الكم بشكل كامل، ولكننا متيقنون من غرابتها أولاً وعظمتها ثانياً. شاركنا معلومات أخرى عن ميكانيكا الكم في التعليقات.

المصادر

[1] Britannica
[2] space
[3] Cornell university
[4] joint quantum institute
[5] space
[6] Harvard
[7] science direct
[8] university of Chicago
[9] nature
[10] nature

كيف تطور مفهومنا عن الذرة؟

فكرة الذرة فكرة قديمة قدم الفكر البشري، فلطالما تساءل الإنسان عن أصغر شيء ممكن، وعن مما تتكون المادة، واليوم سنقص عليكم قصة تطور المفهوم البشري عن الذرة، وكيف توصلنا إلى النموذج الحالي.

«ديموقريطوس-Democritus»

كان الفيلسوف اليوناني ديموقريطوس من أوائل الفلاسفة الذين قاموا بتقديم نموذج للذرة، حيث افترض ديموقريطوس أنك تستطيع تقسيم المادة إلى أجزاء صغيرة وتستمر في هذه العملية إلى أن تصل إلى جزء صغير جدا من المادة لا يمكن تقسيمه إلى أجزاء أصغر، وكانت هذه هي الذرة عند ديموقريطوس.

«أرسطو-Aristotle»

رفض أرسطو فكرة الذرة، ورأى أن كل المواد في الكون تتكون من عناصر الطبيعة الأربعة، وهي الهواء والماء والأرض والنار، إلا أن هذه الفكرة الغير علمية تسببت في تعطيل حركة البحث العلمي لما يزيد عن 1000 عام.

«روبرت بويل-Robert Boyle»

كان بويل هو أول من افترض فكرة العناصر، حيث قال أن هناك عناصر محددة في الطبيعة ولكل عنصر منها صفاته المميزة، ووضع تعريفًا للعنصر الكيميائى حيث قال أن المادة التي يمكن تقسيمها إلى مادتين أو أكثر لا تعتبر عنصرًا.

«جون دالتون-John Dalton»

أكمل دالتون على أفكار من سبقوه وصاغ نظريته عن الذرة، ونلخص لكم نظريته في الخمس نقاط التالية:

• كل المواد تتكون من جزيئات صغيرة محددة تُدعى الذرات.
• الذرة غير قابلة للرؤية أو التدمير والتفكيك.
• كل الذرات لنفس العنصر تتشارك صفات متطابقة، بما في ذلك الوزن.
• الذرات للعناصر المختلفة لها كُتل مختلفة وصفات مختلفة.
• تتكون المركبات من اتحاد ذرات العناصر المختلفة بنسب ثابتة بأرقام صحيحة.

«جوزيف جون طومسون-Joseph John Thompson»

السير جوزيف جون طومسون، الحاصل على جائزة نوبل في الفيزياء، وهو مكتشف الإلكترونات، ولكن كيف اكتشفها؟

اكتشف طومسون الإلكترونات عن طريق «تجربة أشعة الكاثود-Cathode rays experiment»، حيث قام بتفريغ أنبوب زجاجي من الهواء، ووضع قطبين كهربائيين على طرفي الأنبوب، ثم قام بشحن أحد القطبين ولاحظ انطلاق أشعة متوهجة من الكاثود (القطب سالب الشحنة) باتجاه القطب الآخر.

ولاختبار خصائص أشعة الكاثود تلك، قام طومسون بوضع صفيحتين حول الكاثود، واحدة ذات شحنة موجبة والأخرى سالبة، فانطلقت أشعة الكاثود باتجاه الصفيحة ذات الشحنة الموجبة.

فقام بوضع استنتاجات هي:

• أشعة الكاثود تتكون من جزيئات ذات شحنة سالبة.
• يجب أن تتواجد تلك الجزيئات كجزء من الذرة حيث أن كتلة الجزيء الواحد منها تساوي 1/2000 من كتلة ذرة الهيدروجين (أصغر الذرات).
• يمكن إيجاد هذه الجزيئات ما دون الذرية في أي ذرة من ذرات العناصر المختلفة.

وعُرفت هذه الجسيمات فيما بعد باسم الإلكترونات.

«إرنست رذرفورد-Ernest Rutherford»

قام رذرفورد بتجربة مدهشة نقلت مفهومنا عن الذرة نقلة كبيرة، حيث قام بإحضار مصدر لأشعة ألفا (أشعة موجبة الشحنة)، ووضعه أمام طبقة من الذهب، ثم قام بإطلاق أشعة ألفا باتجاه الذهب، فلاحظ ثلاث ملاحظات:

• جزء من أشعة ألفا انطلق في خط مستقيم وعبر حاجز الذهب بدون انحراف
• جزء آخر انعكس وعاد إلى الخلف.
• جزء صغير من الأشعة عبر إلى الاتجاه الآخر ولكن مع انحراف في مساره.

وكان تفسير الجزء الذي عبر بدون انحراف هو أن معظم الذرة عبارة عن فراغ، أما الجزء المنعكس فكان نتيجة لاصطدام أشعة ألفا الموجبة بأجسام موجبة داخل الذرة، وأما تفسير انحراف الجزء الضئيل من أشعة ألفا هو التنافر بين الأشعة وبين تلك الجسيمات الموجبة.

وهذه الجسيمات الموجبة عرفت فيما بعد باسم البروتونات.

«دي برولي-De Broglie»

قال دي برولي أن الجزيئات الصغيرة مثل الإلكترون يمكن معاملتها على أنها جزيء وموجة في آن واحد، حيث تمتلك خواص الاثنين، وهو ما يعرف ب«الطبيعة المزدوجة-Dual nature».

«ويرنر هايزنبيرج-Werner Heisenberg»

إحدى أسس ميكانيكا الكم هو مبدأ الريبة لهايزنبيرج، حيث قال هايزنبيرج بمحدودية المعلومات الممكن الحصول عليها حول أي نظام كمّي، فيستحيل معرفة موقع الإلكترون وسرعته في نفس الوقت، إما هذا أو ذاك، ولكن لا يمكن معرفة الاثنين معًا.

النموذج الحديث

قال «نيلز بور-Niels Bohr» بوجود 7 مستويات طاقة يمكن للإلكترونات التواجد فيها حسب طاقتها، وتأخذ في ترتيبها الحروف (K,L,M,N,O,P,Q)، وأن الإلكترون يمكنه أن ينتقل من مستوى إلى آخر عن طريق اكتسابه كمية من الطاقة تُدعى «الكم-quantum»، وهو شيء صحيح، لكنه افترض عدم إمكانية وجود الإلكترون بين هذه المستويات، إلا أن هذا الافتراض تمت تخطئته باكتشاف المستويات الفرعية (s,p,d,f)، وهذه المستويات الفرعية تحوي عددًا من «المداريات-orbitals» تختلف في أعدادها حسب طاقة كل مستوى فرعي، وهو ما دفع الفيزيائيين إلى القول بوجود ما يسمى ب«سحابة الإلكترونات-Electron cloud»، وهي عبارة عن عدد من المواقع التي تزداد فيها احتمالية تواجد الإلكترون حول الذرة.

في الختام

تطور التصور البشري عن الذرة على مدار فترة تزيد عن 2500 سنة، وكل خطوة يخطوها الإنسان في سبيل المعرفة تزيد من معرفته وتطورها، فنقف على أكتاف معرفة الماضي لنرى أبعد مما رأى من سبقونا، وتأتي الأجيال الجديدة لتقف على أكتاف الجيل الحالي، وهكذا تتطور المعرفة البشرية.

المصادر

britannica
britannica
britannica
britannica
britannica
britannica
britannica
britannica

بطانات الضوء قد تعطينا حواسيب كمومية أفضل

بطانات الضوء قد تعطينا حواسيب كمومية أفضل

تعد ميكانيكا الكم واحدة من أنجح نظريات العلوم الطبيعية، فعلى الرغم من أن تنبؤاتها غالبًا ما تكون غير بديهية، إلا أنه لم يتم إجراء تجربة واحدة حتى الآن لم تتمكن النظرية من تقديم وصف مناسب لها.

إلى جانب الزملاء في bigQ (المركز القومي للأبحاث الوطنية الدنماركية)، يعمل قائد المركز البروفيسور أولريك لوند أندرسن على فهم واستخدام الآثار الكمومية العيانية.

يقول أولريك: “إن الرأي السائد بين الباحثين هو أن ميكانيكا الكم هي نظرية صالحة عالميا، وبالتالي تنطبق أيضا على العالم اليومي المرئي الذي نعيش فيه عادة. وهذا يعني أيضًا أنه من الممكن مراقبة الظواهر الكمومية على نطاق واسع، وهذا هو بالضبط ما نسعى جاهدين للقيام به في bigQ”.

في مقال جديد في دورية Science، يصف الباحثون كيف نجحوا في خلق ضوء متشابك ومضغوط في درجة حرارة الغرفة. هذا الاكتشاف يمكن أن يمهد الطريق لحواسيب كمومية أقل تكلفة وأكثر قوة.

يهتم عملهم بأحد أكثر الظواهر الكمومية صعوبةً في فهمها: التشابك entanglement. هذه الظاهرة تصف كيف يمكن جلب الأشياء المادية إلى حالة تكون مرتبطة فيها بشكل معقد بحيث لا يمكن وصفها بشكل فردي.

إذا كان هناك تشابك بين جسمين، فيجب اعتبارهما كيان واحد بغض النظر عن مدى بعدهما عن بعض، سيظلان يتصرفان كوحدة واحدة. وإذا تم قياس الأجسام بشكل فردي، فستكون النتائج مرتبطة بدرجة لا يمكن وصفها استنادًا إلى قوانين الطبيعة الكلاسيكية. هذا ممكن فقط باستخدام ميكانيكا الكم.

التشابك لا يقتصر على الأجسام المادية فقط. في جهودهم لرصد الظواهر الكمومية على نطاق ماكروسكوبي، تمكن الباحثون في bigQ من إنشاء شبكة من 30000 نبضة متشابكة من الضوء مرتبة في شبكة ثنائية الأبعاد موزعة في المكان والزمان. هذا تقريبا يحدث عن حياكة عدد لا يحصى من الخيوط الملونة معًا في بطانية منقوشة.

أنتج الباحثون أشعة ضوئية ذات خواص ميكانيكية خاصة، ونسجوها معًا باستخدام مكونات الألياف الضوئية لتشكيل حالة كم متشابكة للغاية مع بنية شبكية ثنائية الأبعاد، تسمى أيضًا حالة الكتلة.

يقول ميكيل فيلسبل لارسن، المؤلف الرئيسي للبحث: “على عكس حالات الكتلة التقليدية، فإننا نستفيد من درجة الحرية المؤقتة  للحصول على شبكة ثنائية الأبعاد مكونة من 30000 نبضة ضوئية. الإعداد التجريبي بسيط للغاية بشكل مدهش. معظم الجهد المبذول كان في تطوير فكرة إنتاج حالة الكتلة cluster state”.

إنشاء مثل هذه الدرجة الواسعة من التشابك الفيزيائي الكمومي -في حد ذاته- هو بحث أساسي مثير للاهتمام. حالة الكتلة هي أيضًا مورد محتمل لإنشاء جهاز كمبيوتر كمي بصري. يعد هذا النهج بديلاً مثيراً للاهتمام للتقنيات فائقة التوصيل الأكثر انتشارًا، حيث يحدث كل شيء في درجة حرارة الغرفة.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن استخدام وقت التماسك الطويل لضوء الليزر، مما يعني أنه يمكن الحفاظ عليه كموجة ضوئية محددة بدقة لمسافات طويلة جدًا.

وبالتالي لن يحتاج كمبيوتر الكم البصري إلى تقنية تبريد مكلفة ومتقدمة. في الوقت نفسه، ستكون وحدات الكيوبت الموجودة في ضوء الليزر أكثر تحملًا من أقاربه الإلكترونية شديدة البرودة المستخدمة في الموصلات الفائقة.

يضيف أولريك: “من خلال توزيع حالة الكتلة التي تم إنشاؤها في المكان والزمان، يمكن أيضًا بسهولة توسيع نطاق جهاز كمبيوتر الكم البصري بحيث يحتوي على مئات من وحدات الكيوبت. وهذا يجعله مرشحًا محتملاً للجيل القادم من أجهزة الكمبيوتر الكمومية الأكبر والأكثر قوة”.

المصدر: Phys.org

Exit mobile version