لماذا فاز وايزمان وكاريكو بجائزة نوبل الطب 2023 ؟

قررت جمعية نوبل منح جائزة نوبل الطب 2023 لكلا من الهنجارية الأمريكية “كاتالين كاريكو” والأمريكي “درو وايزمان” لاكتشافاتهما المتعلقة بتعديلات قاعدة النيوكليوزيد التي مكنت من تطوير لقاحات mRNA فعالة ضد كوفيد-19.

كانت اكتشافات الفائزين بجائزة نوبل الطب 2023 حاسمة لتطوير لقاحات mRNA فعالة ضد كوفيد-19 خلال الوباء الذي بدأ في أوائل عام 2020. ومن خلال النتائج الرائدة التي توصلوا إليها، والتي غيرت فهمنا بشكل أساسي لكيفية تفاعل mRNA مع جهاز المناعة لدينا، ساهم الفائزان في المعدل السريع غير المسبوق لتطوير اللقاحات أثناء أحد أكبر التهديدات لصحة الإنسان في العصر الحديث.

اللقاحات قبل الوباء

يحفز التطعيم تكوين استجابة مناعية لمسببات مرضية معينة. وتلك الاستجابة المناعية تمنح الجسم القدرة على مكافحة المرض في حالة التعرض له لاحقًا كأنها ذاكرة مناعية. وكانت اللقاحات القائمة على الفيروسات الميتة أو المضعفة متاحة منذ فترة طويلة، وتمثلت في اللقاحات ضد شلل الأطفال والحصبة والحمى الصفراء. وفي عام 1951، حصل ماكس ثيلر على جائزة نوبل في الفسيولوجيا أو الطب لتطوير لقاح الحمى الصفراء.

بفضل التقدم في البيولوجيا الجزيئية في العقود الأخيرة، تم تطوير لقاحات تعتمد على مكونات فيروسية فردية، وليس فيروسات كاملة. إذ تستخدم أجزاء من الشفرة الوراثية الفيروسية، والتي عادةً ما تشفر البروتينات الموجودة على سطح الفيروس، في صنع البروتينات التي تحفز تكوين الأجسام المضادة التي تحجب الفيروس. ومن الأمثلة على ذلك اللقاحات ضد فيروس التهاب الكبد B وفيروس الورم الحليمي البشري. وبدلاً من ذلك، تمكن العلماء من نقل أجزاء من الشفرة الوراثية الفيروسية إلى فيروس حامل غير ضار، “ناقل”. وتستخدم هذه الطريقة في اللقاحات ضد فيروس الإيبولا حاليًا. فعندما يتم حقن لقاحات الشفرة الوراثية الفيروسية، ينتج الجسم البروتين الفيروسي المحدد في خلايانا، مما يحفز الاستجابة المناعية ضد الفيروس المستهدف.

يتطلب إنتاج لقاحات كاملة تعتمد على الفيروسات والبروتينات والنواقل تطوير لتقنيات زراعة الخلايا على نطاق واسع. وتحد هذه العملية كثيفة الاستخدام للموارد من إمكانيات الإنتاج السريع للقاحات استجابةً لتفشي الأوبئة والأمراض. لذلك، حاول الباحثون منذ فترة طويلة تطوير تقنيات لقاحات مستقلة عن زراعة الخلايا، لكن ثبت أن ذلك يمثل تحديًا.

لقاحات mRNA فكرة واعدة

في خلايانا، يتم نقل المعلومات الوراثية المشفرة في الحمض النووي إلى الحمض النووي الريبوزي المرسال (mRNA)، والذي يستخدم كقالب لإنتاج البروتين. خلال الثمانينات، تم تقديم طرق فعالة لإنتاج mRNA بدون زراعة الخلايا، وسميت النسخ المختبري. أدت هذه الخطوة الحاسمة إلى تسريع تطوير تطبيقات البيولوجيا الجزيئية في العديد من المجالات. وانطلقت منذ ذلك الحين أيضًا أفكار استخدام تقنيات mRNA لأغراض اللقاحات والعلاج، ولكن لا تزال هناك حواجز في الطريق. كان الرنا المرسال المنسوخ في المختبر غير مستقر ويشكل تحديًا في إيصاله للمواقع المستهدفة، مما يتطلب تطوير أنظمة دهنية حاملة متطورة لتغليف الرنا المرسال كي لا يتعرض لمهاجمة الخلايا المناعية البشرية فتدمره. علاوة على ذلك، أدى mRNA المنتج في المختبر إلى حدوث تفاعلات التهابية ومناعية بالفعل. لذلك كان الحماس لتطوير تقنية mRNA للأغراض السريرية محدودًا في البداية. لم يكن أحد يعلم حينها أن تقنية كهذه قد تنقذ العالم يومًا ما أو تحصل على نوبل الطب 2023 بالتأكيد!

لكن لم تثبط هذه العقبات عزيمة عالمة الكيمياء الحيوية المجرية “كاتالين كاريكو”، التي كرست جهودها لتطوير طرق لاستخدام الحمض النووي الريبوزي المرسال في العلاج. فخلال أوائل التسعينيات، عندما كانت أستاذة مساعدة في جامعة بنسلفانيا، ظلت وفية لرؤيتها المتمثلة في تحويل mRNA كسلاح علاجي، رغم صعوبة إقناع ممولي الأبحاث بأهمية مشروعها. وقد كان زميل كاريكو الجديد في جامعتها هو عالم المناعة درو وايزمان. كان وايزمان مهتمًا بالخلايا الجذعية، التي لها وظائف مهمة في المراقبة المناعية وتنشيط الاستجابات المناعية الناجمة عن اللقاح. وسرعان ما بدأ تعاون مثمر بين الاثنين، مدفوعًا بأفكار جديدة، مع التركيز على كيفية تفاعل أنواع مختلفة من الحمض النووي الريبوزي (RNA) مع الجهاز المناعي.

كشف مذهل استحق نوبل الطب 2023

لاحظ كاريكو ووايزمان أن الخلايا الجذعية تتعرف في المختبر على الحمض النووي الريبوزي المرسال (mRNA) المنسوخ باعتباره مادة غريبة. مما يؤدي إلى تنشيط الخلايا الجذعية وإطلاق جزيئات الإشارة الالتهابية، وبذلك تمكنوا من تفسير المشكلة التي تواجه الmRNA. تساءل الباحثان عن سبب التعرف على الرنا المرسال (mRNA) المنقول في المختبر على أنه جسم غريب في حين أن الرنا المرسال (mRNA) المستخلص من خلايا الثدييات لم يؤد إلى نفس الاستجابة الالتهابية! أدرك كاريكو ووايزمان أن هناك بعض الخصائص المهمة غير المكتشفة تميز الأنواع المختلفة من الرنا المرسال.

يحتوي الحمض النووي الريبوزي (RNA) على أربع قواعد، مختصرة A وU وG وC، وتتوافق مع A وT وG وC في الحمض النووي، وهي حروف الشفرة الوراثية. وقد عرف كاريكو ووايزمان أن القواعد الموجودة في الحمض النووي الريبوزي (RNA) المستخلص من خلايا الثدييات يتم “تعديلها كيميائيًا” في كثير من الأحيان. في حين أن الحمض النووي الريبوزي المرسال (mRNA) المنسوخ في المختبر ليس كذلك. إذن يبدو أن غياب القواعد “المُعدّلة” في الحمض النووي الريبي (RNA) المنسوخ في المختبر يحمل سرًا يمكنه أن يفسر التفاعل الالتهابي غير المرغوب فيه.

كشف سر نوبل الطب 2023

للتحقق من الفرضية، أنتج الباحثان أنواعًا مختلفة من mRNA، كل منها يحتوي على تغييرات كيميائية فريدة في قواعدها. وتم تعريض تلك الأنواع للخلايا الجذعية، وكانت النتائج مذهلة. نجح الباحثان في التغلب على الاستجابة الالتهابية بعد تضمين بعض التعديلات الأساسية في الحمض النووي الريبوزي المرسال. كان هذا بمثابة تغيير نموذجي في فهمنا لكيفية تعرف الخلايا على أشكال مختلفة من الرنا المرسال والاستجابة لها. أدرك كاريكو ووايزمان على الفور أن اكتشافهما كان له أهمية كبيرة في استخدام mRNA كعلاج. ونشرت هذه النتائج الرئيسية عام 2005، أي قبل خمسة عشر عامًا من ظهور جائحة كوفيد-19.

في مزيد من الدراسات التي نشرت في عامي 2008 و2010، أظهر كاريكو ووايزمان أن الرنا المرسال المعدّل أدى إلى زيادة إنتاج البروتين بشكل ملحوظ مقارنة بالرنا المرسال غير المعدل. وأن السبب في هذا التأثير يرجع إلى انخفاض تنشيط الإنزيم الذي ينظم إنتاج البروتين. ومن خلال اكتشافاتهما بأن التعديلات الأساسية أدت إلى تقليل الاستجابات الالتهابية وزيادة إنتاج البروتين، تمكن كاريكو وويسمان من إزالة العقبات الحاسمة في طريقهما إلى التطبيقات السريرية لـ mRNA.

لقاحات mRNA وإمكاناتها المذهلة!

بدأ الاهتمام بتكنولوجيا mRNA في التزايد، وفي عام 2010، كانت العديد من الشركات تعمل على تطوير هذه التقنية. وتمت متابعة اللقاحات ضد فيروس زيكا وفيروس كورونا المسبب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية؛ ويرتبط الأخير ارتباطًا وثيقًا بـ SARS-CoV-2. وبعد تفشي جائحة كوفيد-19، تم تطوير لقاحين معدلين من الحمض النووي الريبوزي المرسال (mRNA) لتشفير البروتين السطحي لـ SARS-CoV-2 بسرعة قياسية. تم الإبلاغ عن تأثيرات وقائية تبلغ حوالي 95%، وتمت الموافقة على كلا اللقاحين في وقت مبكر من ديسمبر 2020.

إن المرونة والسرعة المذهلة التي تمكنا بها من تطوير لقاحات mRNA ضد الكورونا تمهد الطريق لاستخدام التقنية ذاتها أيضًا للقاحات ضد الأمراض المعدية الأخرى. وفي المستقبل، يمكن استخدام هذه التكنولوجيا لتوصيل البروتينات العلاجية وعلاج بعض أنواع السرطان.

تم تقديم العديد من اللقاحات الأخرى ضد الكورونا، بناءً على منهجيات مختلفة، بسرعة. وتم تقديم أكثر من 13 مليار جرعة لقاح لكوفيد-19 على مستوى العالم. لقد أنقذت اللقاحات حياة الملايين ومنعت الإصابة بأمراض خطيرة لدى آخرين، مما سمح للمجتمعات بالانفتاح والعودة إلى الظروف الطبيعية. ومن خلال اكتشافات كل من كاتيلين ووايزمان الأساسية لأهمية التعديلات الأساسية في الحمض النووي الريبوزي المرسال، ساهم الحائزان على جائزة نوبل لهذا العام بشكل حاسم في هذا التطور التحويلي خلال واحدة من أكبر الأزمات الصحية في عصرنا.

المصدر: البيان الصحفي لجائزة نوبل الطب 2023

بطاقة تعريفية للفائزان بجائزة نوبل الطب 2023

كالتالين كاريكو

ولدت كاتالين كاريكو عام 1955 في زولنوك بالمجر. وحصلت على درجة الدكتوراه من جامعة سيجد في عام 1982 وأجرت أبحاث ما بعد الدكتوراه في الأكاديمية المجرية للعلوم في زيجيد حتى عام 1985. ثم أجرت أبحاث ما بعد الدكتوراه في جامعة تيمبل، في فيلادلفيا، وجامعة العلوم الصحية، في بيثيسدا. وفي عام 1989، تم تعيينها كأستاذ مساعد في جامعة بنسلفانيا، حيث بقيت حتى عام 2013. ثم أصبحت نائبة رئيس ثم نائبة الرئيس الأولى في شركة BioNTech RNA Pharmaceuticals. ومنذ عام 2021، عملت أستاذة في جامعة سيجد وأستاذة مساعدة في كلية بيرلمان للطب في جامعة بنسلفانيا.

درو وايزمان

ولد درو وايزمان عام 1959 في ليكسينغتون، ماساتشوستس، الولايات المتحدة الأمريكية. حصل على درجة الماجستير والدكتوراه من جامعة بوسطن في عام 1987. وأجرى تدريبه السريري في مركز بيث إسرائيل ديكونيس الطبي في كلية الطب بجامعة هارفارد وأبحاث ما بعد الدكتوراه في المعاهد الوطنية للصحة. في عام 1997، أنشأ وايزمان مجموعته البحثية في كلية بيرلمان للطب بجامعة بنسلفانيا. وهو أستاذ عائلة روبرتس في أبحاث اللقاحات ومدير معهد بنسلفانيا لابتكارات الحمض النووي الريبي (RNA).

ثمانية قرارات جعلت جوائز نوبل تبدو حمقاء!

لا يمكن سحب جوائز نوبل، لذلك يجب على لجنة التحكيم التفكير مليًا في اختياراتهم للجوائز الست كام عام. تكمن الأزمة في المعضلة التالية، فالاكتشاف قد يبدو رائدًا اليوم، ولكن هل سيصمد أمام اختبار الزمن؟ أراد مؤسس الجائزة ألفريد نوبل تكريم أولئك الذين حققت اكتشافاتهم “أكبر فائدة للبشرية”. فيما يلي عدة قرارات لجائزة نوبل تبدو موضع تساؤل بعد أن رماها الزمان بسهامه. إليك في هذا المقال ثمانية قرارات جعلت جوائز نوبل تبدو حمقاء بدرجة ما!

1. فوز ألماني شارك في هجمات بالغاز السام

حصل فريتز هابر على جائزة الكيمياء لعام 1918 لاكتشافه كيفية إنتاج الأمونيا من غازات النيتروجين والهيدروجين. وتم استخدام طريقته لتصنيع الأسمدة، وقدم اكتشافه دفعة كبيرة للزراعة في جميع أنحاء العالم. لكن تغاضت لجنة نوبل تمامًا عن دور هابر في المواد الكيميائية التي استخدمت خلال الحرب العالمية الأولى. إذ دعم هابر بحماسة المجهود الحربي الألماني، وأشرف على أول هجوم بغاز الكلور في إبرس في بلجيكا عام 1915. وقد أسفر استخدام غاز الكلور في إبرس عن مقتل الآلاف من قوات الحلفاء.

2. عندما منحت نوبل في الطب لاكتشاف سبب السرطان

فاز العالم الدنماركي يوهانس فيبيجر بجائزة الطب عام 1926 لاكتشافه أن الدودة المستديرة تسبب السرطان في الفئران. وكانت هناك مشكلة واحدة فقط، وهي أن الدودة المستديرة لا تسبب السرطان في الفئران!

أصر فيبيجر على أن بحثه أظهر أن الفئران التي تناولت يرقات الديدان عن طريق أكل الصراصير قد أصيبت بالسرطان. وفي الوقت الذي فاز فيه بالجائزة، اعتقدت لجنة تحكيم نوبل أن هذا أمر منطقي. ولكن اتضح لاحقًا أن الفئران أصيبت بالسرطان بسبب نقص فيتامين أ. خطأ كارثي من اللجنة ومن منهجيتها بالطبع!

3. مكتشف استخدام مادة الدي.دي.تي DDT

كانت جائزة الطب لعام 1948 للعالم السويسري بول مولر تكريمًا لاكتشاف ذو حدين. إذ لم يخترع مولر ثنائي كلورو ثنائي الفينيل ثلاثي كلورو الإيثان، أو المعروف اختصارًا بالـ DDT، لكنه اكتشف خصائصه كمبيد قوي للآفات. إذ يمكن للمادة أن تقتل الكثير من الذباب والبعوض والخنافس في وقت قصير.

أثبت المركب فعاليته في حماية المحاصيل الزراعية ومكافحة الأمراض التي تنقلها الحشرات مثل التيفوس والملاريا. أنقذ المبيد مئات الآلاف من الأرواح وساعد في القضاء على الملاريا في جنوب أوروبا.

ولكن في الستينيات، وجد دعاة حماية البيئة أن مادة الدي.دي.تي سامة للحياة البرية والبيئة. فحظرت الولايات المتحدة مادة الدي.دي.تي عام 1972. وفي عام 2001، تم حظر الDDT بموجب معاهدة دولية، على الرغم من السماح ببعض الإعفاءات لبعض البلدان التي تكافح الملاريا.

4. فوز جراحة الفص المخي بجائزة الطب

ربما بدا قطع أدمغة الناس فكرة جيدة في ذلك الوقت، ولكن بلا شك لم تكن مكافأة العالم البرتغالي أنطونيو إيغاس مونيز في عام 1949 لابتكاره عملية جراحية للفص المخي لعلاج الأمراض العقلية أفضل أوقات جوائز نوبل.

أصبحت هذه الجراحة شائعة جدًا في الأربعينيات من القرن الماضي، وفي حفل توزيع الجوائز تم الإشادة بها باعتبارها “واحدة من أهم الاكتشافات على الإطلاق في مجال العلاج النفسي”. لكن كان لها آثار جانبية خطيرة، إذ مات بعض المرضى وأصيب آخرون بأضرار بالغة في الدماغ. حتى العمليات التي اعتُبرت ناجحة تركت المرضى غير مستجيبين ومخدرين عاطفيًا.

تراجعت هذه الطريقة بسرعة في الخمسينيات من القرن الماضي حيث انتشرت أدوية علاج الأمراض العقلية. وبالطبع نادرًا ما يتم استخدامها اليوم.

5. عندما لم يفز المهاتما غاندي بجائزة السلام

تم ترشيح زعيم الاستقلال الهندي، الذي يعتبر أحد أعظم أبطال التاريخ في الكفاح السلمي، لجائزة نوبل للسلام ما لا يقل عن خمس مرات. ولكنه لم يفز قط!

وقد أقرت لجنة جائزة السلام، التي نادرًا ما تعترف بخطأ، في النهاية بأن عدم منح جائزة غاندي كان بمثابة إغفال. وفي عام 1989 – أي بعد 41 عامًا من وفاة غاندي – أشاد رئيس لجنة نوبل بغاندي عندما قدم جائزة ذلك العام إلى الدالاي لاما. بالتأكيد لا يحتاج غاندي لإشادة نوبل، فكفاحه باقٍ في تاريخ بلاده للأبد. وسيبقى تجاهل غاندي من القرارات التي جعلت جوائز نوبل تبدو حمقاء، أليس كذلك؟

6. تكريم عرفات ورابين وبيريز!

كرمت لجنة جائزة نوبل للسلام عام 1994 رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين ووزير الخارجية الإسرائيلي شيمون بيريز وزعيم منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات لجهودهم في التفاوض على السلام بين إسرائيل وفلسطين في سلسلة اللقاءات التي جرت في أوسلو عام 1993. وقد مُنحوا جائزة نوبل للسلام على الرغم من عدم تمكنهم من التوصل إلى أي اتفاق عملي للسلام في تلك الاجتماعات.

عندما صوتت لجنة نوبل لمنح عرفات جائزة السلام، استقال أحد أعضائها على الفور واستنكر علنًا عرفات”كإرهابي “.

المؤرخ بيرتون فيلدمان في “جائزة نوبل: تاريخ العبقرية والخلاف والهيبة”

في الواقع، كان عرفات قد انخرط في السابق في العديد من الأعمال البارزة ضد إسرائيل. كما ترأس الفلسطينيين حيث استمروا في كفاح مسلح في السنوات اللاحقة حتى وفاته في عام 2004. المهزلة هنا تكمن في اعتبار عرفات “إرهابي” رغم كفاحه ضد احتلال لبلاده، وأن يمنح المحتل جائزة عن سلام لم يتحقق من الأصل. وحتى إن فرضنا أن نوبل لا تمنح لإنجازات من منظور وطني محدود، فلم منحت الجائزة لنيلسون مانديلا رغم كفاحه المسلح ضد نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا. لذلك يأتي منح رابين وبيريز مدعاة أكبر للاستنكار ويستحق الاستقالة أكثر من عرفات بالتأكيد.

7. أدباء عظماء خسروا الجائزة بسبب سوء تفسير

صرح مؤسس جائزة نوبل ألفريد نوبل في وصيته أن جائزة الأدب يجب أن تُمنح للمؤلف الذي أنتج “في مجال الأدب العمل الأكثر تميزًا في اتجاه مثالي”.و في السنوات الأولى للجائزة (1901 إلى 1912)، فسرت لجنة اختيار نوبل هذه الصياغة على أنها تعني الكتّاب الذين كانوا يدافعون عن المثالية السامية الداعية للحياة والتفاؤل.

لهذا السبب، لم تعترف اللجنة ببعض أشهر المؤلفين في ذلك الوقت – وفي الواقع، طوال الوقت – مثل جيمس جويس، وليو تولستوي، وأنطون تشيخوف، ومارسيل بروست، وهنريك إبسن، ومارك توين، الذين اعتُبرت أعمالهم متشائمة وديستوبيا رغم عظمة كتاباتهم.

ماتت هذه الأساطير الأدبية قبل أن تعيد اللجنة تفسيرها لإرادة نوبل، لتعيد صياغة كلماته على أنها تعني “الأعمال ذات الجدارة الأدبية الدائمة”.

8. جدول مندليف لم يفز بنوبل!

يعد الجدول الدوري للعناصر أحد أكثر الأدوات فائدة – وبالتأكيد الأكثر شهرة – في كل الكيمياء. وكانت البصيرة العظيمة لمنشئ الجدول الأصلي، الكيميائي الروسي دميتري مينديليف، في تنظيم العناصر وفقًا لأوزانها الذرية. ويؤدي القيام بذلك إلى الكشف عن أنماط في خصائصها.

على سبيل المثال، جميع العناصر الكيميائية الموجودة في العمود الموجود في أقصى اليمين هي “غازات نبيلة” لا تكوّن بسهولة روابط كيميائية مع أي شيء آخر. علاوة على ذلك، فإن العناصر الموجودة في المنطقة الوسطى من الجدول كلها معادن. قام منديليف باستخدام جدوله الدوري بالعديد من الاستنتاجات المفيدة حول طبيعة المادة. وكان قادرًا حتى على التنبؤ بخصائص العناصر التي لم يتم اكتشافها بعد.

ومع ذلك، على الرغم من حقيقة أن مندليف عاش حتى عام 1907، أي بعد ست سنوات من بدء منح جائزة نوبل في الكيمياء، لم يتم الاعتراف بإنجازاته. كان ذلك بحق إحدى القرارات التي جعلت جوائز نوبل تبدو حمقاء!

كان استبعاد مندليف بسبب مكائد وراء الكواليس من قبل أحد أعضاء لجنة اختيار نوبل الذي اختلف مع عمل مندليف.

“الطريق إلى ستوكهولم: جوائز نوبل والعلوم والعلماء” (أكسفورد، 2002)، للكاتب إستفان هارغيتاي والعهدة عليه في مصداقية ادعاءاته

بعض هذه الأحداث يمكن تفسيرها بأشكال مختلفة. وبعضها قد يفسره أعضاء تحكيم نوبل فقط ولا يمكن الدفاع عنهم بأي حال من الأحوال. لكن من المؤكد أن الجائزة تحاول أن تصبح على درجة أعلى من التدقيق في العقود الأخيرة، لكن يبدو أن الأخطاء لا مفر منها. إذ سقطت الجائزة في فخ الفضائح الجنسية والمالية وتلاها استقالات عديدة، مما أدى إلى إلغاء جائزة نوبل في الأدب عام 2018 وتأجيلها لمدة عام. إذن، فالأخطاء جزء رئيسي في أي جماعة بشرية ولا يمكن تلافيه، لكن ما يجب تمييزه هو القدرة على تصحيح المسار. فالفارق بين جماعة تصحح وتنبذ سلوكياتها الخاطئة وجماعة أخرى لا تعترف بها بالمرة. وتبقى تلك القرارات الثمانية التي جعلت جوائز نوبل تبدو حمقاء، فهل لديكم المزيد؟ شاركونا آرائكم في التعليقات.

المصادر

Five decisions that made the Nobel Prizes look bad (phys.org)
Top 5 Nobel Prize Goof-Ups | Live Science
The official website of the Nobel Prize – NobelPrize.org

توقعات جوائز نوبل 2021، من سيفوز؟

توقعات جوائز نوبل 2021، كيف نعرف من سيفوز بجوائز نوبل 2021؟ وكيف تنجح «تحليلات كلارفيت-Clarivate Analytics» في توقع الفائزين بجائزة نوبل على مر الأعوام؟ وهل ستصدق توقعات جوائز نوبل 2021 ؟

27 نوفمبر 1895: وقع ألفريد نوبل وصيته الأخيرة ومنح النصيب الأكبر من إرثه المادي لسلسلة من الجوائز في الفيزياء والكيمياء وعلم وظائف الأعضاء والطب والأدب والسلام – باسم جوائز نوبل وتُمنح “لأولئك الذين منحوا، خلال العام السابق، أكبر فائدة للبشرية”.

ميدالية نوبل

ما هي «تحليلات كلارفيت-Clarivate Analytics»؟

سيكتشف العالم الفائزين بجوائز نوبل 2021 خلال أقل من أسبوع حيث تعلن الجوائز الأهم علميًا كل عام يوم الاثنين الأول من شهر أكتوبر وهو يوافق 4 أكتوبر هذا العام، لكن بدأت الإثارة من الآن، حيث يحاول العديد من المحللين التنبؤ بمن يحصد الجوائز كل عام.

ومن أهم المتوقعين سنويًا شركة «كلاريفيت-Clarivate» التي تأسست عام 2016 وتدير مجموعة من الخدمات العلمية تركز بشكل كبير على تحليلات البحث العلمي والأكاديمي، وبراءات الاختراع ومعايير الامتثال للجودة والاختبارات الصيدلانية والتكنولوجيا الحيوية.

تدير كلاريفيت منصة «شبكة العلم – Web of Science» وهي قاعدة بيانات معروفة في الوسط العلمي للأبحاث العلمية وتنشر من خلالها قائمة الباحثين الأكثر تأثيًرا في العالم سنويًا تحت مسمى «كلاريفيت الاستشهاد-Clarivate Citation» منذ تسعة عشر عامًا، وتستند إلى بيانات النشر والاقتباس لـ 52 مليون مقالة علمية مفهرسة في قاعدة بياناتهم منذ عام 1970 حتى الآن.

«إذا كنت قد رأيت أبعد، فذلك بالوقوف على أكتاف العمالقة.»

إسحاق نيوتون

لماذا تعد «كلاريفيت الإستشهاد-Clarivate Citation» أهم مؤشرات نوبل؟

يتم اختيار الفائزين بجوائز الاستشهاد عن طريق تحديد الأوراق البحثية الرائدة في مجالاتها والتي تم الاستشهاد بها أكثر من 2000 مرة خلال السنوات العشر الماضية في أبحاث علمية أخرى من نفس المجال وهم 5700 بحث فقط أي أقل من 0.01% من الأبحاث!

ويتم اختيار الباحثين لأدائهم الاستثنائي في واحد أو أكثر من المجالات العلمية؛ من بين هؤلاء الحاصلين على «جوائز الاستشهاد-citation laureates» هناك 59 شخصًا حصلوا على جوائز نوبل بعد ذلك بوقت قصير!

«كلاريفيت الإستشهاد-Clarivate Citation»، توقعات جوائز نوبل 2021

الطب وعلم وظائف الأعضاء

جان-بيير شانجوا

«لمساهمته في فهمنا للمستقبلات العصبية وخاصة تحديد مستقبلات الأسيتيل-كولين النيكوتينية وخصائصها الفراغية»

«جان-بيير شانجوا-Jean-Pierre Changeux» فرنسا |  الولايات المتحدة الأمريكية. أستاذ فخري  في كوليج دو فرانس ومعهد باستور بباريس؛ الكلية الدولية. معهد كافلي المخ والعقل. وجامعة كاليفورنيا سان دييغو، سان دييغو،كاليفورنيا.

«تاداميتسو كيشيموتو»

و«تاداميتسو كيشيموتو-Tadamitsu Kishimoto» اليابان

أستاذ مختبر تنظيم المناعة، مركز أبحاث WPI لبحوث علم المناعة الرائدي، جامعة أوساكا، أوساكا.

«توشيو هيرانو»

«توشيو هيرانو-Toshio Hirano» اليابان

رئيس المعاهد الوطنية لعلوم وتكنولوجيا الكم والإشعاع، تشيبا. أستاذ فخري  بجامعة أوساكا، أوساكا.

لتحديدهم وعزلهم فيروس هانتا، كعامل الحمى النزفية المصحوبة بمتلازمة الكلى.

«كارل م. جونسون»

«كارل م. جونسون-Karl M. Johnson» الولايات المتحدة الأمريكية، وقد عمل سابقًا في مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها؛ ويعمل كأستاذ مساعد فخري بجامعة نيو مكسيكو.

«هو وانغ لي»

و«هو وانغ لي-Ho Wang Lee» كوريا الجنوبية وهو أستاذ فخري بجامعة كوريا، سيول، والرئيس السابق وعضو الأكاديمية الوطنية للعلوم.

لاكتشافهم بروتين Interleukin-6 ووصفهم خواصهُ الفسيولوجية والباثولوجيا التي ساهمت في تطوير علم الدواء.

الكيمياء

«باري هاليويل»

لأبحاثه الرائدة في كيمياء الجذور الحرة، بما في ذلك دور الجذور الحرة ومضادات الأكسدة في إحداث الأمراض للبشر.

«باري هاليويل-Barry Halliwell» سنغافورة، وهو مستشار التعيينات الأكاديمية والتميز البحثي, نائب رئيس جامعة سنغافورة الوطنية (NUS)؛ ورئيس المجلس الاستشاري الطبي الحيوي وكالة العلوم والتكنولوجيا والبحوث (A * STAR)، وأستاذ  قسم الكيمياء الحيوية، كلية يونغ لو لين للطب، بجامعة سنغافورة الوطنية.

«وليام ل.جورجنسن»

لدراسته وإيجاده طرقًا ذكية في الكيمياء الحاسوبية للأنظمة العضوية والجزيئية الحيوية في المحاليل، مما يساهم في تصميم وتصنيع الأدوية الجديدة.

«وليام ل.جورجنسن-William L. Jorgensen» الولايات المتحدة الأمريكية، ويعمل أستاذًا في الكيمياء في قسم الكيمياء، جامعة ييل، نيو هيفن، كونيتيكت.

«ميتسو ساواموتو»

لاكتشاف وتطوير البلمرة الجذرية الحية المحفزة بالمعادن.

«ميتسو ساواموتو-Mitsuo Sawamoto» اليابان، ويعمل كأستاذ بمعهد بحوث الحدود، جامعة تشوبو، كاسوجا، إيتشي، وأستاذ فخري بجامعة كيوتو، كيوتو اليابان.

الفيزياء

«أليكسي واي كيتاييف»

للحساب الكمي الطوبولوجي، حيث يتم تشفير المعلومات الكمومية وحمايتها باستخدام الخصائص الطوبولوجية للأنظمة متعددة-الأجسام.

«أليكسي واي كيتاييف-Alexei Y. Kitaev» الولايات المتحدة الأمريكية، وهو أستاذ بأكاديمية رونالد وماكسين ليندي للفيزياء النظرية والرياضيات، معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا ومعهد المعلومات والمادة الكمية، باسادينا، كاليفورنيا.

«مارك إي جي نيومان»

لإجراء أبحاث واسعة النطاق حول أنظمة الشبكات بما في ذلك العمل على بنية المجتمع ونماذج الرسم البياني العشوائية

«مارك إي جي نيومان-Mark E. J. Newman» الولايات المتحدة الأمريكية، وهو أستاذ بجامعة أناتول رابوبورت المتميزة للفيزياء، قسم الفيزياء ومركز دراسة النظم المعقدة، جامعة ميشيغان، آن أربور، ميتشيغن.

«جورجيو باريزي»

للاكتشافات الرائدة في الديناميكا اللونية الكمومية وفي دراسة الأنظمة المعقدة المضطربة.

«جورجيو باريزي-Giorgio Parisi» إيطاليا، وهو أستاذ فخري للفيزياء النظرية، جامعة روما لا سابينزا، روما.

الاقتصاد

«ديفيد ب.أودريتش»

للبحث الرائد في ريادة الأعمال والابتكار والمنافسة.

«ديفيد ب.أودريتش-David B. Audretsch» الولايات المتحدة الأمريكية، ويعمل كأستاذ متميز ورئيس قسم للتنمية الاقتصادية، ومدير معهد استراتيجيات التنمية، كلية أونيل للشؤون العامة والبيئية، جامعة إنديانا، بلومنغتون، إنديانا.

و«ديفيد ج تيس-David J. Teece» الولايات المتحدة الأمريكية، مدير مبادرة توشر لإدارة رأس المال الفكري، أستاذ إدارة الأعمال معهد ابتكار الأعمال، كلية هاس للأعمال، جامعة كاليفورنيا، بيركلي، بيركلي، كاليفورنيا.

«جويل مكير»

لدراسات تاريخ وثقافة التقدم التكنولوجي وعواقبه الاقتصادية.

«جويل مكير-Joel Mokyr»الولايات المتحدة الأمريكية، حاصل على أستاذية روبرت هـ. ستروتز في الآداب والعلوم، وأستاذ الاقتصاد والتاريخ، جامعة نورث وسترن، إيفانستون، إلينوي.

«كارمن م.رينهارت»

«كارمن م.رينهارت-Carmen M. Reinhart» الولايات المتحدة الأمريكية، حاصلة على أستاذية مينوس أ. زومباناكيس في النظام المالي الدولي، كلية هارفارد كينيدي، كامبريدج، ماساتشوستس.

«كينيث س. روجوف»

«كينيث س. روجوف-Kenneth S. Rogoff» الولايات المتحدة الأمريكية، وهو أستاذ الاقتصاد وحاصل على أستاذية توماس د. كابوت في السياسة العامة، قسم الاقتصاد، جامعة هارفارد، كامبريدج، ماساتشوستس.

للمساهمات في الاقتصاد الكلي الدولي ورؤى حول الديون العالمية والأزمات المالية.

هكذا جاءت توقعات كلاريفيت، فهل ستصدق؟ هذا ما سنتابعه سويًا في 4 أكتوبر القادم، تابعونا.

فوز برنامج الغذاء العالمي (WFP) التابع للأمم المتحدة بجائزة نوبل للسلام لعام 2020

فوز برنامج الغذاء العالمي (WFP) بجائزة نوبل للسلام 2020 

«لجهوده في القضاء على الجوع، ومساهمته في تحسين الأوضاع من أجل السلام في مناطق النزاع والدور المُحرّك والفاعل في مكافحة استخدام الجوع كسلاح في الحروب والنزاعات».

يلتزم المجتمع الدولي بالقضاء على الجوع وتحقيق الأمن الغذائي وتحسين التغذية في العالم بحلول عام 2030، لكن لا يزال هناك واحداً من بين كل تسعة أشخاص في العالم لا يملك ما يكفيه من الغذاء. فيأتي الغذاء وما يتعلق به من مساعدات في صميم الجهود الساعية إلى كسر هذه الحلقة من الجوع والفقر.

ما هو برنامج الغذاء العالمي (WFP)؟

برنامج الغذاء العالمي (برنامج الأغذية العالمي) (WFP) هو فرع المساعدات الغذائية للأمم المتحدة وأكبر منظمة إنسانية في العالم تعالج الجوع وتعزز الأمن الغذائي. 

وفقًا لتصريحات المنظمة فهم يوفرون مساعدات غذائية لما يقارب 91.4 مليون شخص في 83 دولة كل عام. من مقرهم الرئيسي في روما وأكثر من 80 مكتبًا محليًا حول العالم، يعمل برنامج الأغذية العالمي لمساعدة الأشخاص الذين لا يستطيعون إنتاج الطعام أو الحصول على ما يكفي منه لأنفسهم وأسرهم. وهم عضو في مجموعة الأمم المتحدة الإنمائية وجزء من لجنتها التنفيذية. 

مقر برنامج الغذاء العالمي في روما

تاريخ المنظمة

تأسس برنامج الأغذية العالمي عام 1963 بعد مؤتمر منظمة الأغذية والزراعة FAO (الفاو) عام 1960، عندما اقترح «جورج ماكغفرن-George McGovern» مدير برنامج الغذاء من أجل السلام في الولايات المتحدة -وقتها- إنشاء برنامج مساعدات غذائية متعدد الأطراف. 

تم إنشاء برنامج الأغذية العالمي رسميًا عام 1963 من قبل منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة والجمعية العامة للأمم المتحدة على أساس تجريبي لمدة ثلاث سنوات ثم تم تمديد البرنامج بشكل دائم عام 1965.

ما سبب فوز برنامج الغذاء العالمي بالجائزة؟

عام 2015 تم اعتماد القضاء على الجوع كأحد أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة لكن عام 2019  عانى 135 مليون شخص من الجوع الحاد وهو أعلى رقم شهده العالم منذ عقود وجاءت معظم الزيادة بسبب الحرب والنزاع المسلح،  فقدم برنامج الأغذية العالمي المساعدة لما يقرب من 100 مليون شخص في 88 دولة.

 كما ساهمت جائحة الفيروس التاجي (كورونا) في زيادة عدد ضحايا الجوع في العالم في بلدان مثل: اليمن وجمهورية الكونغو الديمقراطية ونيجيريا وجنوب السودان وبوركينا فاسو، أدى الصراع العنيف والوباء إلى ارتفاع كبير في عدد الأشخاص الذين أصبحوا اليوم يعيشون على شفا المجاعة، وفي مواجهة هذا الوباء أظهر برنامج الأغذية العالمي قدرة رائعة على تكثيف جهوده كما صرحت المنظمة نفسها:

 «حتى يوم اكتشاف لقاح طبي، الغذاء هو أفضل لقاح ضد الفوضى».

جهود المنظمة

يوميًا؛ يقوم البرنامج بأرسال 5600 شاحنة، و20 سفينة، و92 طائرة لإيصال الأغذية وغيرها من المساعدات لمن هم في أمس الحاجة إليها. ويقوم سنويًا بتوزيع ما يقرب من 15 مليار حصة غذائية بتكلفة تقديرية تصل إلى 0.31 دولاراً أمريكياً للحصة الواحدة. وتعكس هذه الأرقام دور البرنامج الحيوي في الاستجابة لحالات الطوارئ، فهو قادر على إنجاز المهمة بسرعة كبيرة حتى في أصعب البيئات.

وقد كان برنامج الأغذية العالمي مشاركًا نشطًا في العملية الدبلوماسية التي بلغت ذروتها في مايو 2018 بتبني مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بالإجماع القرار رقم 2417  والذي تناول لأول مرة بشكل صريح الصلة بين الصراع المسلح والجوع. كما شدد مجلس الأمن على التزام الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بالمساعدة في ضمان وصول المساعدات الغذائية إلى المحتاجين، وأدان استخدام التجويع كوسيلة من وسائل الحرب.

مؤتمر الإعلان عن فوز برنامج الغذاء العالمي بالجائزة

اليوم في معهد نوبل في أوسلو صرحت رئيسة لجنة نوبل النرويجية  «بيريت ريس أندرسن-Berit Reiss-Andersen» أن الحائز على جائزة عام 2020  هو برنامج الأغذية العالمي لأنها أرادت 

«تحويل أنظار العالم إلى ملايين الأشخاص الذين يعانون من الجوع أو يوشكون أن يواجهوا هذا الخطر … وأن الجوع يستخدم كسلاح حرب ونزاع».

سيعاني الأطفال في اليمن من الجوع والفقر لمدة 20 عامًا بسبب الحرب

وقالت أندرسون:

«إن الجائزة هي دعوة للمجتمع الدولي لتمويل وكالة الأمم المتحدة بشكل كاف لضمان عدم تجويع البشر. وقالت إن برنامج الأغذية العالمي كان من الممكن أن يحصل على الجائزة من دون تفشي جائحة فيروس كورونا. لكن الفيروس عزز أسباب إعطائه لبرنامج الأغذية العالمي، بما في ذلك الحاجة إلى التعاون الدولي في وقت الأزمة العالمية».

من كان المرشحين هذا العام؟

وصُرح سابقًا بأن هناك 318 مرشحًا قيد الدراسة هذا العام، منهم 211 فردًا و 107 منظمة، ومن بين الشخصيات الأخرى التي تم اعتبارها: الناشطة السويدية في مجال المناخ «جريتا شونبرغ-Greta Thunberg» البالغة من العمر 17 عامًا، والمنشق الروسي وزعيم المعارضة «أليكسي نافالني-Alexei Navalny» الذي تعافى من هجوم بغاز الأعصاب ألقى باللوم فيه على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ومنظمة الصحة العالمية لدورها في التصدي لوباء فيروس كورونا.

دونالد ترامب مرشح لنوبل للسلام!

على صعيد أخر صرح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب  إنه كان يجب أن يفوز بجائزة السلام العام الماضي؛ والتي منحت لرئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد بعد أن أبرم اتفاق سلام مع إريتريا، وقال البيت الأبيض إن ترامب رشح لجائزة 2021 عن الوساطة التي أجراها لتطبيع العلاقات بين الإمارات والبحرين مع إسرائيل.

قيمة الجائزة

مُنحت مائة جائزة نوبل للسلام منذ عام 1901 حتى الآن لأفراد و24 جائزة لمنظمات، بينما يتم الإعلان عن الفائزين بجميع جوائز  نوبل في ستوكهولم، تُمنح جائزة السلام في العاصمة النرويجية أوسلو.

إلى جانب المكانة الأدبية الهائلة للجائزة، تبلغ القيمة المادية للجائزة 10 ملايين كرونة أي أكثر من مليون دولار أمريكي وميدالية ذهبية يتم تسليمها في حفل يقام سنويًا في اوسلو في 10 ديسمبر ذكرى وفاة مؤسس الجائزة ألفريد نوبل، لكن سيتم إلغاء حفل هذا العام بسبب الوباء العالمي.

وفي النهاية اختتم بيان نوبل بقول:

«إن عمل برنامج الأغذية العالمي لصالح البشرية هو مسعى ينبغي لجميع دول العالم أن تؤيده وتدعمه».

من هي لويز جليك الفائزة بجائزة نوبل للأدب عام 2020؟

أصبحت الشاعرة لويز جليك الفائزة بجائزة نوبل للأدب عام 2020 أول امرأة أمريكية تفوز بالجائزة منذ 27 عامًا بعد فوزها اليوم لما وصفه الحكام بأنه:

«حس شعري لا لبس فيه، يجعل الوجود الفردي عالميًا بجمال بسيط»

من هي لويز جليك الفائزة بجائزة نوبل للأدب عام 2020؟

ولدت «لويز غليُك-Louise Glück» في مدينة نيويورك بتاريخ 22 أبريل 1943، وهي الإبنة الكبرى لرجل الأعمال «دانيال جليك» وزوجته «بياتريس جليك» كان والدي السيد دانيال جليك من اليهود المجريون المهاجرون إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وامتلكت العائلة فيما بعد متجر للبقالة في مدينة نيويورك. 

أصبح والد لويز أول فرد في عائلته يولد في الولايات المتحدة، وكان طموحه أن يصبح كاتبًا، كما كانت والدة لويز خريجة كلية ويلسلي المرموقة؛ لذا تلقت من والديها تعليمًا عن الأساطير اليونانية والقصص الكلاسيكية منذ الصغر وتأثرت بها فبدأت كتابة الشعر في سن مبكرة للغاية.

عندما كانت مراهقة أصيبت لويز بمرض «فقدان الشهية العصبي» والذي كان تحدي حاسم في أواخر سنوات المراهقة والشباب، وقد وصفت المرض في أحد مقالاتها بأنه نتيجة جهدها للاستقلال عن والدتها.

وخلال خريف عامها الأخير في المدرسة الثانوية بدأت العلاج النفسي، وبعد بضعة أشهر تم إخراجها من المدرسة للتركيز على إعادة تأهيلها على الرغم من تخرجها في عام 1961، إلا أنها أمضت السنوات السبع التالية في العلاج، حتى تغلبت على المرض وتعلمت كيفية التفكير طريقة صحية بعيدة عن حالتها المرضية. 

نتيجة لحالتها لم تلتحق لويز بالكلية كطالبة بدوام كامل وقد وصفت قرارها بالتخلي عن التعليم العالي لصالح العلاج بأنه ضروري، وبدلاً من ذلك التحقت بدورة تعليمية في الشعر في كلية «سارة لورانس» من عام 1963 إلى عام 1965، والتحقت بورش لتعليم الشعر في كلية التعليم العام بجامعة كولومبيا، والتي كانت تقدم برامج للطلاب المميزين.

الديوان الأول

خلال مسيرتها المهنية  استكشفت السيدة جلوك موضوعات الصدمة والفقدان بالإضافة إلى الشفاء والولادة بلغة رقيقة مجردة وغير مزخرفة، ويرى النقاد الأدبيين إنها من خلال القيام بذلك تمكنت من تحويل الحياة اليومية إلى تمثيل أوسع ومؤثر للوحدة والألم مع تقديم الأمل في التجديد في نفس الوقت.

ونشرت ديوانها الأول «المولود الأول-Firstborn» عام 1968 وسرعان ما رسخت نفسها كواحدة من أبرز الشعراء المعاصرين في الولايات المتحدة، حتى حصلت بالفعل على العديد من الجوائز بما في ذلك:

  • «جائزة بوليتزر» عام 1993 .
  • جائزة الكتاب الوطني عام 2014.
  • شاعرة الولايات المتحدة الأولى من 2003 إلى 2004.
  • وتعمل حاليًا أستاذة للغة الإنجليزية في جامعة ييل، بمدينة نيو هيفن، بولاية كونيتيكت الأمريكية.

ووجدت جمهورًا كبيرًا في كل من الولايات المتحدة والعالم بمجموعاتها الشعرية التي وجدت نجاحًآ بارزًآ مثل: «انتصار أخيل-The Triumph of Achilles» عام 1985، و«أرارات-Ararat التي أثنى عليها «أندرس أولسون – Anders Olsson» رئيس لجنة نوبل قائلا عن اللهجة الطبيعية المخادعة لهذه الأعمال.

«إنه صريح ولا هوادة فيه، ولا أثر للزخرفة الشعرية».

لويز غليك ليست فقط منخرطة في مغامرات وظروف الحياة المتغيرة، بل هي أيضًا شاعرة التغيير الجذري والولادة الجديدة، حيث تأتى الانتصارات في أْعمالها من إحساس عميق بالخسارة. في واحدة من أكثر مجموعاتها انتشارًا «السوسن البري -The Wild Iris» والتي حصلت على جائزة بوليتزر عنها ، تصف عودة الحياة المعجزة بعد الشتاء في قصيدة «قطرات الثلج-Snowdrops»:

لم أكن أتوقع النجاة

فاجأتني الأرض، فلم أكن أتوقع…

أن استيقظ مرة أخرى، أن أحس..

جسدي في الأرض الرطبة

قادر على التحرك مرة أخرى، والتذكر

كيفية التفتح مرة أخرى بعد ذلك الوقت الطويل

في الضوء البارد

من أوائل الربيع

خائف، نعم، ولكني بينكم مرة أخرى

أبكي، نعم، بالمخاطرة والفرح

في رياح العالم الجديد.

صعوبة فوزها بالجائزة

آخر شاعر فاز بجائزة نوبل هو الكاتب السويدي توماس ترانسترومر، الذي نال الجائزة عام 2011، بالإضافة لصعوبة فوز شاعر بالجائزة؛ تضاءلت أيضًا آمال الكتاب الأمريكيين في الفوز منذ عام 2008 عندما قال السكرتير الدائم للأكاديمية السويدية «هوراس انغدال» إن الكتاب الأمريكيين «حساسون للغاية تجاه الاتجاهات السائدة في ثقافتهم الجماهيرية».

«الولايات المتحدة معزولة للغاية ومحدودة فهم لا يترجمون أدبهم بشكل كاف ولا يشاركون حقًا في الحوار الأدبي العالمي، وهذا الجهل مقيد؛ بالطبع هناك أدب قوي في جميع الثقافات الكبرى لكن لا يمكنك الابتعاد عن حقيقة أن أوروبا لا تزال مركز العالم الأدبي … وليس الولايات المتحدة».

هل تمحو السيدة جليك الفضائح السابقة؟

وقد يساعد قرار منح جائزة نوبل للآداب إلى السيدة جلوك الأكاديمية السويدية على النأي عن الفضائح التي ابتليت بها في السنوات الثلاث الأخيرة فقد توقع المراقبون أن الأكاديمية السويدية ستذهب إلى «خيار آمن» هذا العام مثل:

الشاعرة الكندية «آن كارسون» أو الروائي الصيني «يان ليانك»، أو الروائي الياباني الأكثر مبيعًا «هاروكي موراكامي»، فمن بين الحائزين السابقين على جائزة نوبل في الأدب وعددهم 116 فائز هناك 15 امرأة فقط! كما أن آخر كاتب أفريقي أسود فاز بها هو «وول سوينكا» في عام 1986.

كما اهتزت الهيئة المهيبة بسبب مزاعم الاعتداء الجنسي وسوء السلوك المالي عام 2017 التي بلغت ذروتها في بإدانة جان كلود أرنو زوج عضو الأكاديمية كاتارينا فروستنسون بتهمة الاغتصاب في عام 2018، واكتشاف تسريبها أسماء الفائزين السابقين وتلا ذلك سلسلة من الاستقالات من أعضاء الأكاديمية مما أدى لتأجيل جائزة 2018.

عند الإعلان عن الفائزين لعامي 2018 و 2019 في العام الماضي كانت الأكاديمية تأمل في وضع حد للنقد ووعدت بأن لجنة التحكيم كانت «تبحث في جميع أنحاء العالم» عن الفائزين وتبتعد عن التركيز الأوروبي الموجه نحو الذكور لكن بدلاً من ذلك اختاروا كاتبين أوروبيين:

الكاتبة البولندية الشهيرة« أولغا توكارتشوك»، والكاتب النمساوي «بيتر هاندكه» الذي تعرض لانتقادات واسعة النطاق لدعمه الزعيم الصربي السابق سلوبودان ميلوسيفيتش الذي توفي في السجن عام 2006 بعد محاكمة دولية بتهمة الإرهاب وارتكاب جرائم ضد الإنسانية.

قيمة الجائزة

بالإضافة لشهادة الفوز المميزة والتي ترسم بشكل فردي يدويًا لكل فائز والميدالية الذهبية المميزة للفائزين بفئة الأدب القائلة: «لمن حسن حياة البشر باكتشاف الفنون»، قيمة الجائزة المادية هذا العام 10 ملايين كرونة سويدية أي أكثر من مليون دولار أمريكي تُمنح من قبل الأكاديمية السويدية المكونة من 18 حكمًا للكاتب الذي يرونه استوفى الشرط المنصوص عليه في وصية ألفريد نوبل:

«أنتج في مجال الأدب العمل الأكثر تميزًا في اتجاه مثالي».

نوبل الكيمياء 2019 | من هم الفائزون وما سبب فوزهم؟

نوبل الكيمياء 2019 وبطاريات الليثيوم

قررت الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم أن تمنح جائزة نوبل الكيمياء 2019 إلى: 

  • (جون ب. جودنوف- John B. Goodenough) 
  • (ام. ستانلي ويتنغهام- M. Stanley Whittingham)
  • (اكيرا يوشينو-Akira Yoshino)

 وذلك لتطويرهم بطاريات الليثيوم.

نبذة عن الفائزين بجائزة نوبل الكيمياء 2019

ستانلي ويتنغهام

ولد عام 1941 في بريطانيا وحصل على شهادة الدكتوراه عام 1968 من جامعة أوكسفورد، وعمل بروفيسور في جامعة بينغهامتون في الولايات المتحدة الأمريكية.

جون جودنوف

ولد عام 1922 في مدينة جينا في ألمانيا وحصل على شهادة الدكتوراه عام 1952 من جامعة شيكاغو بأمريكا، وشغل منصب رئيس كلية كوكريل الهندسية في جامعة تكساس.

اكيرا يوشينو

ولد عام 1948 في مدينة سويتو في اليابان وحصل على شهادة الدكتوراه عام 2005 من جامعة أوساكا اليابانية، كما حصل على الزمالة الفخرية من مؤسسة اساهي كاساي في طوكيو، وعمل بروفيسور في جامعة مياجو في اليابان.

بطاريات الليثيوم وسبب فوزها بجائزة نوبل الكيمياء 2019

بفضل هؤلاء العلماء تمكن العالم من صنع كل الأشياء التي يمكن إعادة شحنها، تُستخدم تلك البطاريات القوية في كل شيء بداية من الهواتف المحمولة وحتى أجهزة اللابتوب والأجهزة الكهربائية، أضف على ذلك قدرتها على تخزين كميات كبيرة من طاقة الرياح والطاقة الشمسية، جاعلةً حلم الاستغناء عن الوقود الحفري ممكناً.

دور ستانلي ويتنغهام

بدأت فكرة صنع بطاريات الليثيوم أيون أثناء أزمة الوقود في السبعينيات، سعى وقتها العالم ستانلي ويتنغهام إلى تطوير تقنيات توفر طاقة بعيدة عن الوقود الحفري. فبدأ بحثه بدراسة المواد (فائقة التوصيل-Superconductors) وأكتشف حينها مادة غنية بالطاقة استخدمها في صنع قطب كاثود مبتكر في بطارية الليثيوم، تلك المادة كانت (ثنائي كبريتيد التيتانيوم – titanium disulfide) والتي – على المستوى الجزيئي – تمتلك مسافات بينية تستطيع استيعاب أيونات الليثيوم. أما قطب الأنود فقد استخدم ستانلي معدن الليثيوم في صنعه والذي يمتلك قدرة كبيرة على فقد الإلكترونات.

وبهذا أُنتجت أول بطارية بجهد عظيم يقدر ب 2 فولت، بالرغم كون معدن الليثيوم شديد التفاعل وكون البطارية قابلة للانفجار حينها.

دور جون جودنوف

جاء بعد ذلك دور العالم جون جودنوف، الذي تنبأ بإمكانية زيادة جهد بطارية الليثيوم بمجرد تبديل ثنائي كبريتيد المعدن بأوكسيد المعدن. وبعد بحث قدمه عام 1980، توصل إلى أن استخدام قطب كاثود مصنوع من أوكسيد الكوبالت مع أيونات الليثيوم ينتج بطارية بجهد يصل إلى 4 فولت، والذي كان اكتشاف جلل وقتها، جذب انتباه جميع الأوساط العلمية.

دور اكيرا يوشينو

باستخدام قطب الكاثود الذي طوره جودنوف، قام اكيرا يوشينو عام 1985بابتكار أول نسخة من بطاريات الليثيوم الآمنة التي يمكن استخدامها تجارياً. فبدلاً من استخدام الليثيوم النشط الغير آمن في قطب الأنود، قام باستخدام (فحم الكوك- petroleum coke) وهو مادة كربونية تملك نفس خصائص قطب الكاثود من حيث قدرتها على استيعاب أيونات الليثيوم.

تضافر جهود العلماء الثلاثة

وكانت نتيجة جهود العلماء الثلاثة بطارية قوية يمكن إعادة شحنها مئات المرات قبل أن يقل أداءها، فالشيء المميز في بطاريات الليثيوم أيون أن عملها لا يعتمد على تفاعل كيميائي يقوم بتدمير الأقطاب، لكن على انسياب أيونات الليثيوم ذهاباً وأياباً بين قطبي الكاثود والأنود.

وبدخول بطارية الليثيوم السوق التجاري عام 1991، حدثت ثورة في عالمنا وانفتح الطريق أمام غزو التقنيات اللاسلكية والطاقة الغير أحفورية حياتنا.

كيف أحدث الفائزون بجائزة نوبل الفيزياء 2019 ثورة في علم الفلك؟

كيف أحدث الفائزون بجائزة نوبل الفيزياء 2019 ثورة في علم الفلك؟

كيف أحدث الفائزون بجائزة نوبل ثورة في علم الفلك؟ استكشف ميشيل مايور-Michel Mayor وديدييه كويلوز Didier Queloz مجرة درب التبانة بحثا عن عوالم مخفية. وفي عام 1995، قاموا باكتشاف أول كوكب خارج نظامنا الشمسي يدور حول نظير شمسي.

تحدى اكتشافهم أفكارنا حول هذه العوالم الغريبة وأفضى إلى ثورة في علم الفلك. إن الكواكب الخارجية المعروفة التي يزيد عددها عن 4000 كوكب تثير الدهشة بأشكالها الغنية، حيث أن معظم هذه الكواكب لا تشبه نظامنا في شيء. وقد دفعت هذه الإكتشافات الباحثين الى تطوير نظريات جديدة عن العمليات الفيزيائية المسؤولة عن ولادة الكواكب.ويتفق معظم علماء الكون الآن على أن نموذج الانفجار العظيم هو قصة حقيقية عن أصل الكون وتطوره، على الرغم من أن 5 في المائة فقط من مادته وطاقته أصبحت معروفة الآن. هذه القطعة الصغيرة من المادة تجمعت في النهاية لتصنع كل ما نراه حولنا من النجوم والكواكب والأشجار والأزهار والبشر أيضاً. هل نحن وحدنا في الكون؟ أهناك حياة في مكان آخر في الفضاء على كوكب يدور حول شمس أخرى؟ لا أحد يعلم لكننا نعرف الآن أن الشمس ليست وحدها التي تملك كواكب، وأن معظم مئات بلايين النجوم في درب التبَّانة ينبغي أن تكون مرافقة أيضا لكواكب. يعرف الفلكيون الآن أكثر من 4000 كوكب خارجي واكتُشفت عوالم جديدة غريبة لكن لا شيء يبدو مثل نظامنا الكوكبي.

علن ميشيل مايور وديدييه كويلوز اكتشافهما المثير في مؤتمر فلكي عقد في فلورنسا الإيطالية في 6 أكتوبر من 1995. كان أول كوكب أثبت أنه يدور حول نجم من النوع الشمسي الكوكب بيغازي بي-51 يتحرك بسرعة حول نجمه 51 بيغازي الذي يبعد ب50 سنة ضوئية عن الأرض ويستغرق لإكمال مداره أربعة أيام، مما يعني أن مساره قريب من النجم الذي لا يبعد عنه سوى ثمانية ملايين كيلومتر. يسخن النجم الكوكب ب 1000 درجة سلسيوس ونلاحظ أن الأمور تعد هادئة كثيرا على الأرض التي تدور حول الشمس على بعد 150 مليون كيلومتر لمدة عام.

كما تبين أن الكوكب المكتشف حديثاً ضخم جدا فهو أشبه بأكبر كرة غازية في النظام الشمسي: المشتري. وبالمقارنة مع الأرض، يكون حجم المشتري أكبر بـ 1300 مرة ويزن أكثر منه ب 300 مرة. ووفقاً لأفكار سابقة حول الكيفية التي تتشكل بها المنظومات الكوكبية، فإن الكواكب بحجم المشتري كان من المفترض أن تتكون بعيداً عن النجوم التي تستضيفها، وبالتالي فإن دورانها يستغرق وقتاً طويلاً. يستغرق المشتري حوالي 12 عاماً لإكمال دائرة واحدة على الشمس، لذا فإن الفترة المدارية القصيرة لـ 51 بيغازي بي كانت مفاجأة لصائدي الكواكب الخارجية. لقد كانوا يبحثون عنه!

مباشرة بعد هذا الاكتشاف، قام اثنان من الفلكيين الأمريكيين وهما بول بتلر وجفري مارسي، بتحويل تلسكوبهما بإتجاه النجم 51 بيغازي-51 Pegasi b، وسرعان ما تمكنا من تأكيد اكتشاف مايور وكويلوز. وبعد بضعة أشهر فقط وجدوا كوكبين خارجيين جديدين يحلقون حول نجمين من النوع الشمسي. كانت هذه الاكتشافات جد مفيدة للفلكيين الذين لا يحبدون الإنتظار لشهور وسنوات لرؤية كوكب خارجي يدور حول نجم من النوع الشمسي. بفضل هذه الإكتشافات، كان لديهم الوقت لمشاهدة الكواكب تأخذ دورة تلو الأخرى.

أول كوكب يدور حول نجم من النوع الشمسي يمكن العثور عليه خارج نظامنا الشمسي يقع في كوكبة بيجاسوس. يدور حول نجم يسمى 51 Pegasi، وهو مرئي فقط بالعين المجردة عندما تكون السماء مظلمة. ومع ذلك، من السهل التعرف على النجوم الأربعة التي تشكل ميدان بيجاسوس.

كيف اقترب هذا الكوكب من النجم؟ يشكك السؤال في النظرية القائمة بشأن الأصول الكوكبية وأفضى إلى نظريات جديدة تصف كيفية تكوّن كرات الغاز الكبيرة عند حواف أنظمتها الشمسية، ثم تدور نحو النجم المضيف.

إن الأساليب المعقدة ضرورية لتعقب كوكب خارجي Exoplanet لأن الكواكب الخارجية لا تتوهج من تلقاء نفسها، بل تعكس ضوء النجوم. أما الطريقة التي تستخدمها مجموعات البحوث للعثور على كوكب ما تسمى السرعة السعاعية؛ يتم قياس حركة النجم المضيف الذي يتأثر بجاذبية كوكبه. وبينما يدور الكوكب حول نجمه، يتحرك النجم أيضاً بشكل طفيف، فكلاهما يتحرك حول مركز جاذبيته المشترك. يتأرجح النجم إلى الوراء وإلى الأمام في خط الرؤية من نقطة المراقبة الأرضية.

ويمكن قياس السرعة الشعاعية بإستخدام تأثير دوبلر Doppler المعروف. فالأشعة الخفيفة من جسم يتحرك نحونا تكون أكثر زرقة، وإذا كان الجسم يتحرك بعيدا عنا تكون الأشعة أكثر احمراراً. وهذا هو نفس التأثير الذي نسمعه عندما يرتفع صوت سيارة الإسعاف بينما تتحرك باتجاهنا وينخفض بعد مرورها.

وبالتالي فإن تأثير الكوكب يغير بالتناوب لون ضوء النجم نحو الأزرق أو الأحمر؛ وهذه التغييرات في طول الموجة الضوئية هي التي يلتقطها الفلكيون بأجهزتهم. ويمكن تحديد التغيرات في اللون بدقة بقياس الأطوال الموجية الضوئية للنجم، مما يتيح قياساً مباشراً لسرعته على مستوى الرؤية.

تعد السرعات نصف القطرية تحديا لأنها منخفضة للغاية. فجاذبية المشتري مثلا تجعل الشمس تتحرك ب 12 متر في الثانية حول مركز جاذبية النظام الشمسي. فالأرض لا تساهم إلا بمقدار 0.09 متر في الثانية، وهذا ما يفرض متطلبات إستثنائية لحساسية المعدات المستخدمة إذا ما أريد اكتشاف كواكب شبيهة بالأرض. ولزيادة الدقة، يقيس الفلكيون عدة آلاف من الأطوال الموجية في آن واحد. وينقسم الضوء إلى أطوال موجية مختلفة بإستخدام مطياف Spectrograph.

كيف أحدث الفائزون بجائزة نوبل ثورة في علم الفلك؟

وفي أوائل التسعينات، عندما بدأ ديدييه كويلوز حياته البحثية في جامعة جنيف، كان ميشيل مايور قد قضى بالفعل سنوات عديدة في دراسة حركة النجوم، وصنع أدوات القياس الخاصة به بمساعدة باحثين آخرين. وفي عام 1977، تمكن مايور من تركيب أول مطياف له على تلسكوب في مرصد Haute-Provence على بعد 100 كيلومتر شمال شرق مرسيليا. وهذا ما سمح بالحد الأدنى للسرعات بنحو 300 متر في الثانية، ولكن هذا الإرتفاع كان عاليا بحيث يمنعه من رؤية كوكب يسحب نجمه.

وبالاشتراك مع فريق البحث، طُلب من طالب الدكتوراه ديدييه كويلوز تطوير طرق جديدة لإجراء قياسات أكثر دقة. واستخدموا تكنولوجيات جديدة عديدة مكّنت من النظر بسرعة إلى العديد من النجوم وتحليل النتائج في موقعها. وبإمكان الألياف البصرية أن تحمل ضوء النجوم إلى المطياف دون أن تشوهه، وأن تعمل على تحسين أجهزة الاستشعار الرقمية للصور، وأن تزيد من حساسية الآلة للضوء (جائزة نوبل في الفيزياء لعام 2009 لتشارلز كاو، وويلارد بويل، وجورج سميث). وتتيح الحواسيب القوية للعلماء تطوير برامجيات مصنوعة خصيصا لمعالجة الصور والبيانات الرقمية.

وعندما انتهى العمل على المطياف الجديد في ربيع عام 1994، نزلت السرعة اللازمة إلى بين 15 و10 متر في الثانية، وكان أول اكتشاف لكوكب خارجي يقترب بسرعة. في ذلك الوقت، لم يكن البحث عن الكواكب الخارجية جزءاً من علم الفلك السائد ولكن مايور و كويلوز قرروا أن يعلنوا عن اكتشافهم. وأمضوا عدة أشهر في صقل نتائجهم. في أكتوبر 1995 كانوا على استعداد لتقديم أول كوكبهم إلى العالم.

اكتشاف عدة عوالم جديدة: كان أول اكتشاف لكوكب خارج الأرض يدور حول نجم من النوع الشمسي سبباً في اندلاع ثورة في علم الفلك. تم الكشف عن آلاف العوالم الجديدة المجهولة. فالمنظومات الكوكبية الجديدة لا تكتشفها التلسكوبات على الأرض فحسب، بل تكتشفها الأقمار الصناعية أيضا. فالمقراب الفضائي الأمريكي TESS يقوم حاليا بمسح اكثر من 200 ألف نجم من النجوم الأقرب إلينا بحثا عن كواكب شبيهة بالأرض. وفي السابق، كان مقراب Kepler الفضائي قد أتى بمكافآت سخية، إذ عثر على أكثر من 2300 كوكب خارجي.

وإلى جانب الإختلافات في السرعة الشعاعية، يتم الآن استخدام القياس الضوئي العابر عند البحث عن الكواكب الخارجية. وهذه الطريقة تقيس التغيُّرات في شدة ضوء النجم عندما يمر كوكب أمامه في حالة ما إذا حدث ذلك على مرأى منا. ويتيح القياس الضوئي العابر أيضا للفلكيين أن يرصدوا الغلاف الجوي للكوكب الخارجي مع مرور ضوء النجم عليه في الطريق نحو الأرض. وفي بعض الأحيان يمكن استخدام كلتا الطريقتين؛ ويوفر القياس الضوئي العابر حجم الشبكة الخارجية، بينما يمكن تحديد كتلتها باستخدام طريقة السرعة نصف القطرية. ومن الممكن بعد ذلك حساب كثافة الكوكب الخارجي وبالتالي تحديد بنيته.

وقد فاجأتنا الكواكب الخارجية المكتشفة حتى الآن بتنوع مذهل في الأشكال والأحجام والمدارات. فقد طعنت أفكارنا المسبقة عن الأنظمة الكوكبية وأجبرت الباحثين على مراجعة نظرياتهم عن العمليات الفيزيائية المسؤولة عن ولادة الكواكب. ومن المقرر أن تبدأ عدة مشاريع في البحث عن الكواكب الخارجية، فقد نجد في نهاية المطاف جواباً للسؤال الأبدي حول ما إذا كانت الحياة موجودة في مكان آخر.

الشمس هي واحدة من عدة ملايين النجوم في مجرتنا درب التبانة، وينبغي أن يكون هناك كواكب تدور حول معظم تلك النجوم. حتى الآن ، اكتشف علماء الفلك أكثر من 4000 كوكب حول النجوم الأخرى وهم يواصلون البحث في مجال الفضاء الأقرب لنا.
المصدر: Noble Prize Website
Exit mobile version