ما هي إنجازات الحائزين على جائزة نوبل في الاقتصاد لعام 2020؟

ما هي إنجازات الحائزين على جائزة نوبل في الاقتصاد لعام 2020؟

قررت الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم منح جائزة «Sveriges Riksbank-البنك الوطني السويدي» في العلوم الاقتصادية لعام 2020 تخليدًا لذكرى ألفريد نوبل إلى كل من بول ر. ميلجروم-Paul R. Milgrom وروبرت ب. ويلسون- Robert B. Wilson لتحسينهما نظرية المزاد واختراعهما أشكالا جديدة للمزادات.

كيف حسنت النظريات التي وضعاها آلية عمل المزادات؟

حقوق الصورة محفوظة للأكاديمية الملكية السويدية للعلوم
The Royal Swedish Academy of sciences


درس فائزا هذا العام بول ميلغروم وروبرت ويلسون آلية عمل المزادات، كما أنهما استخدما رؤيتهما الخاصة لتصميم أشكال جديدة للمزادات فيما يخص السلع والخدمات التي يصعب بيعها بطريقة تقليدية كالترددات اللاسلكية.

كيف أفادت اكتشافاتهما البائعين والمشترين ودافعي الضرائب في جميع أنحاء العالم؟

لقد باع الناس الأشياء دائما لمن يدفع أعلى سعر، أو اشتروها من أي شخص يقدم أرخص عرض.
أما حاليا فتباع أغراض تساوي قيمتها مبالغ خيالية في المزادات يوميا، فليس فقط الأدوات المنزلية والقطع الفنية والأثرية هي التي تباع في تلك المزادات العلنية وإنما يمكن عرض الخدمات الأمنية والمعادن والطاقه وكذلك بضائع تابعة لجهات حكومية فيها.

يحاول الباحثون باستخدام نظرية المزادات فهم النتائج المترتبة على القوانين المختلفه الخاصة بالمزايدة والأسعار النهائية والتي تمثل هيكلية أو شكل المزاد.

إن هذا التحليل لصعب لتصرف المزايدين باستراتيجية مستندة على المعلومات المتوفرة، فهم يأخذون بعين الاعتبار ما يعرفونه هم وما يعتقدون أن المزايدين الاخرين يعلمونه كذلك.

كيف طور روبرت ويلسون المزادات العلنية؟

طور روبرت ويلسون نظرية حول المزادات الخاصة بالأشياء ذات القيمة المشتركة وهي أشياء لم تكن ذات قيمة معروفه مسبقا ولكنها في النهاية ستحمل ذات القيمة للجميع، وكمثال على ذلك القيمة المستقبلية للترددات اللاسلكية أو كمية المعادن في منطقة معينة.

بين ويلسون سبب ميل المزايدين العقلانيين لوضع قيمة أقل من أفضل تقدير لهم عن القيمة المشتركة- يتوقع المزايد أنه سيكون للغرض المعروض قيمة ما ولكنه يعرض سعرا أقل مما توقعه- فذلك بسبب الخوف من لعنة الفائزين أي دفع الكثير من المال والخسارة في النهاية.

ماذا عن الفائز بول ميلغروم؟

صاغ Paul Milgrom نظرية أكثر عمومية للمزادات والتي لا تشمل فقط مزادات الأغراض ذات القيمة المشتركة ، ولكن أيضًا ذات القيمة الخاصة أي التي تختلف من مزاود لأخر.


قام ميلغروم بتحليل استراتيجيات عرض الأسعار في عدد من الأشكال المعروفة للمزادات المختلفة موضحا أن صيغة المزاد يمكن أن تمنح البائع أرباحًا أعلى من المتوقع عند معرفة المزايدين ما يقدره بعضهم البعض من قيمة أثناء المزاد.

مع الوقت، طرحت المجتمعات أغراضا أكثر تعقيدا للتداول بين المستخدمين مثل مدرجات إقلاع الطائرات والترددات الراديوية، وفي هذا المجال ما هي إنجازات الحائزين على جائزة نوبل في الاقتصاد لعام 2020؟

ابتكر ميلغروم وويلسون نماذج جديدة لبيع العديد من الأغراض المترابطة ببعضها في المزادات علنية بوقت واحد، وذلك نيابة عن بائع متحمس للربح الجمعي العام بدلا من الربح الأقصى.

ففي عام 1994 ، استخدمت السلطات الأمريكية لأول مرة أحد نماذجهم الخاصة بالمزادات لبيع الترددات اللاسلكية لمشغلي الاتصالات. منذ ذلك الحين، حذت العديد من الدول الأخرى حذوها.

انطلق الفائزان هذا العام في العلوم الاقتصادية من نظرية أساسية ليوظفا نتائجهما لاحقًا في تطبيقات عملية انتشرت على مستوى العالم.

وحسب بيتر فريدريكسون وهو رئيس لجنة الجائزة فإن “اكتشافاتهما تعود بفائدة كبيرة على المجتمع”.

المصدر:

Nobel Prize press conference

نظرية اللعبة: اللعب التعاونية

هذه المقالة هي الجزء 4 من 5 في سلسلة مقدمة في نظرية اللعبة

نظرية اللعبة: اللعب التعاونية

وظفت إحدى الشركات تسنيم (مصممة غرافيك) ومحمد (مبرمج) من أجل بناء موقع إلكتروني لها. تمنح الشركات المصممين غالبًا ١٢٠ دولار بينما تمنح المبرمجين ١٥٠ دولار، إلا أن الأمر مختلف بالنسبة لتسنيم ومحمد، لأنهما سيعملان كفريق الآن. ستمنحهما الشركة ٣٠٠ دولار. فكيف سيقوم الاثنان بتقسيم المبلغ بينهما؟

من منظور نظرية اللعبة، يعتبر محمد وتسنيم لاعبان في «لعبة تعاونية-Cooaporative Game» مفادها تقسيم المكافأة. لحل مسألة التقسيم هذه، ستستعمل نظرية اللعبة «قيم شابلي- Shapley Values» ومفهوم آخر يعرف بـ «المساهمة الهامشية-Marginal Contribution».

قيم شابلي والمساهمة الهامشية

المساهمة الهامشية للاعب هي ما يضيفه هذا اللاعب على المجموع. بطريقة أخرى، إذا عمل محمد وحده على البرمجة فسيحصل على ١٥٠ دولار، لكن إذا أضيفت تسنيم إلى الفريق، سيحصل الاثنان على ٣٠٠ دولار. في هذه الحالة تكون المساهمة الهامشية لمحمد ١٥٠ دولار، ولتسنيم ١٥٠ دولار أيضا.

بنفس الطريقة، إذا عملت تسنيم وحدها ستحصل على ١٢٠ دولار، لكن ما أن يضاف محمد إلى الفريق، يحصل الاثنان على ٣٠٠ دولار. مما يعني أن المساهمة الهامشية لتسنيم تقدر ب ١٢٠ دولار، ولمحمد ب ١٨٠ دولار.

لتحديد المبلغ الذي سيحصل عليه كل من تسنيم ومحمد، سنقوم بحساب قيمة شابلي لكل لاعب ولذلك يكفي ضرب كل مساهمة هامشية ممكنة باحتمالية وقوع هذه المساهمة. فمثلا في حالة تسنيم، نقوم بضرب ١٢٠ ب ١/٢، و١٥٠ ب ١/٢، ثم نقوم بحساب المجموع فنحصل على ١٣٥. بنفس الطريقة يحصل محمد على ١٦٥ دولار (لحساب قيمة شابلي، توجد صيغة رياضية أكثر عمومًا نناقشها بالتفصيل في مقال قادم). لاحظ أن مجموع القيمتين يساوي ٣٠٠ دولار.

مسألة الانتخابات كلعبة تعاونية

تهدف هذه المسألة إلى معرفة تأثير كل حزب على نتائج الانتخابات البرلمانية. يتكون البرلمان من ١٠٠ عضو من ٤ أحزاب موزعة كما يلي: ٤٥، ٢٥، ١٥، ١٥ عضوًا. ما قيمة تأثير كل حزب على النتائج إذا تم اعتماد مبدأ الأغلبية (٥١ صوتا على الأقل للمصادقة على القرار) في حالة المصادقة على قرارٍ ما؟ قد تظن أن الإجابة هي: ٤٥٪، ٢٥٪، ١٥٪، ١٥٪. إلا أن استعمال قيم شابلي يظهر نتائج أخرى.

نظرًا لعدد اللاعبين (٤ أحزاب)، سنستعمل هذا الموقع الذي يقوم بحساب قيمة شابلي لكل لاعب، فيكفي إدخال نتيجة التحالفات الممكنة للاعبين. فمثلا، إن تحالف الحزب الأول (٤٥ صوتًا) مع الثاني (٢٥ صوتًا) ، فحتمًا سيتم قبول القرار ولن نحتاج إلى أصوات الآخرين. من جهة أخرى، مجموع صوت أعضاء الحزب الثالث والرابع فقط (١٥، ١٥ صوتًا)، وهو عدد لا يؤدي إلى المصادقة على القرار. سنشير إلى حدث المصادقة على القرار بالقيمة 1، بينما لعدم المصادقة بالقيمة صفر.

بعد ملء الجدول في الموقع، يتبين لنا أن قيمة تأثير الأحزاب هي: ٥٠٪ (٤٥ عضوًا)، ١٦.٦٧٪ (٢٥ عضوًا) ، ١٦.٦٧٪ (١٥ عضوًا) و١٦.٦٧٪ (١٥ عضوًا). هذا راجع إلى العدد الكبير للأصوات للحزب الأول، لكنه بالأساس يعود إلى ضعف عدد أصوات الأحزاب الأخرى.

وأخيرًا بعد أن تطرقنا لمشكلة تقسيم المكافأة ومسألة الانتخابات، لا بد أنك تستطيع التفكير في مواقف تدفعك لاستعمال النظرية في حياتك اليومية (تقسيم جائزة مالية مع باقي أعضاء الفريق، ملاحظة تأثير أصوات دول حق الفيتو في منظمة الأمم المتحدة). ترقب مزيدًا عن اللعب التعاونية وتطبيقاتها في المقال القادم.

اقرأ أيضًا عن نظرية اللعبة

المصادر:

Coursera
Ucdavis
UBC

ما هي نظرية اللعبة ؟

هذه المقالة هي الجزء 2 من 5 في سلسلة مقدمة في نظرية اللعبة

ما هي نظرية اللعبة ؟

تخيل أن الشرطة ألقت القبض على سجينين من أجل جريمة اقترفاها معًا. استُجوِب السجينان على انفراد، حيث عرضت الشرطة عليهما ما يلي:

  •  إذا اعترف أحدهما باقتراف الجريمة بينما لم يعترف الآخر، سيحظى المعترف بالحرية في حين سيُحكم على الآخر ب10 سنوات في السجن.
  •  إذا اعترف كلاهما، سيقضي كل منهما 4 سنوات في السجن.
  •  إذا لم يعترف أي منهما، سيُحكم عليهما بسنتين في السجن.

تصور أنك أحد السجينين، ما القرار الذي ستتخذه علمًا أنك لن تتمكن من معرفة قرار السجين الآخر؟ إذا بدا الأمر محيرًا، لا تقلق، فنظرية اللعبة مصممة لتساعدك. و تسمى هذه المشكلة بـ «معضلة السجين-Prisoner’s Dilemma» وهي من أشهر الأمثلة على تطبيق نظرية اللعبة. 

ما هي نظرية اللعبة؟

تدور نظرية اللعبة حول دراسة التفاعلات بين اللاعبين. يمكن للاعبين أن يكونوا أنت مقابل شركة تستهدفك لتشتري منتجاتها، أو بلدان في حرب ما بينهما، أو شركات تتنافس على الأسواق. فنظرية اللعبة تدرس اتخاذ القرارات مع وضع الخصوم وتحركاتهم بعين الاعتبار.

أساسيات نظرية اللعبة

تدور نظرية اللعبة حول مفهوم اللعبة. اللعبة هي أي تفاعل بين لاعبين أو أكثر وتعتمد نتائجها على تحركات اللاعبين. اللاعبون هم متخذو القرارات، وتتحكم قراراتهم وقرارات اللاعبين الآخرين في محصلتها التي قد تكون إيجابية أو سلبية. فإذا أخذنا على سبيل المثال معضلة السجين، قد يكون اللاعبان هما السجينين، وتحركاتهما هي الاعتراف أم الإنكار، والمكافأة تكون عدد السنوات في السجن، وبالطبع أفضلها هي 0 سنوات لينال أحدهما الحرية.

«الاستراتيجية المهيمنة-Dominant Strategy» و«الاستجابة المُثلى-Best response»

في نظرية اللعبة، يُعرف الاستجابة المثلى بأنها أفضل تحرك يمكن للاعب أن يختاره مقابل تحرك محدد للخصم. فإذا عدنا إلى معضلة السجين وأخذنا تحرك الاعتراف كمثال، سيكون الاعتراف أفضل استجابة يقوم بها أي سجين لأنه إذا لم يعترف، سيقضي عشر سنوات في السجن في الوقت الذي يستمتع فيه السجين الآخر بالحرية. 

إضافة إلى الاستجابة المثلى، تعتبر الاستراتيجية المهيمنة من أهم مفاهيم نظرية اللعبة. وتختلف الاستراتيجية المهيمنة عن الاستجابة المثلى في عدم اعتمادها على تحرك معين للطرف الآخر. تلزم الإشارة هنا إلى أن الاستراتيجية تشير إلى اختيار اللاعب لتحرك ما.

الاستراتيجية المهيمنة هي الاستراتيجية التي تضمن للاعب نتائج مرضية مهما كان تحرك الخصم. بالعودة لمعضلة السجين، تكمن الاستراتيجية المهيمنة لأي لاعب بالاعتراف أيضًا. ذلك لأن عدم الاعتراف قد يؤدي إلى قضاء 10 سنوات في السجن إذا اعترف الطرف الآخر, بينما يؤدي الاعتراف إما إلى 4 سنوات في السجن مناصفة مع الطرف الآخر، وهذا عادل، أو إلى الحرية، وهذا رائع!

«توازن ناش-Nash Equilibrium»

قبل تعريف توازن ناش، لا بد من الإشارة إلى «ملف تعريف الاستراتيجية-Strategy Profile». ملف تعريف الاستراتيجية يضم استراتيجية محتملة لكل لاعب. فعلى سبيل المثال، (اعتراف اللاعب الأول، عدم اعتراف اللاعب الثاني) و (اعتراف اللاعب الأول، اعتراف اللاعب الثاني) تشكل ملفين من ملفات تعريف الاستراتيجية التي يمكن تسجيلها من معضلة السجين.

يحدث توازن ناش عندما يختار اللاعبون استراتيجياتهم بحيث لا يكون من مصلحتهم تغييرها. إذ أن التغيير قد يتسبب في نتائج غير مرضية. بطريقة أخرى، يحدث توازن ناش عندما نمتلك ملف تعريف استراتيجية حيث أن كل استراتيجية هي الاستجابة المُثلى على الاستراتيجيات الأخرى.

الآن، أصبح من الواضح أن ملف تعريف الاستراتيجية الذي يضم عدم اعتراف كلا اللاعبين لا يحقق توازن ناش. فإذا أخذنا عدم الاعتراف كتحرك، سيكون تحرك الاعتراف الاستجابة المُثلى له لأنه يؤدي إلى الحرية. من جهة أخرى، يتحقق توازن ناش عند اعتراف كلا اللاعبين. ذلك لأن الاعتراف هو الاستجابة المُثلى للاعتراف وليس لأي لاعب المصلحة في عدم الاعتراف إن كان الطرف الآخر سيعترف. فمن يريد قضاء عشر سنوات في السجن؟

ربما لاحظت أننا أشرنا سابقًا إلى أن الاعتراف هو الاستراتيجية المهيمنة لكلا السجينين، وأنها أيضًا تمثل توازن ناش إن اختارها كلا اللاعبين. دعني أخبرك عزيزي القارئ(ة) أن هذه ليست صدفة فأي ملف تعريف استراتيجية يتكون كله من الاستراتيجيات المهيمنة التي يمثلها توازن ناش.

تطبيقات نظرية اللعبة

من تطبيقات نظرية اللعبة بشكل عام ومعضلة السجين بشكل خاص، طريقة عمل الشركات المهيمنة على سوق ما. فإذا تعاونت الشركات فيما بينها، فبإمكانها تحديد سعر عال، وبالتالي حصد أرباح كثيرة. لكن في حال قامت إحدى الشركات بالخروج عن الاتفاق بتخفيض أسعارها، ستحصد أكبر عدد من الزبائن وبالتالي أرباحًا عالية على حساب الشركات الأخرى التي ستخسر زبائنها. أيضًا، إن قررت جميع الشركات المشاركة تخفيض الأسعار، ستنزل الأسعار بشكل كبير، وهو الشيء الذي سيؤدي إلى أرباح قليلة لجميع الشركات.

تطبق نظرية اللعبة أيضًا في مجال البيولوجيا لدراسة تعاون الحيوانات فيما بينها من أجل البقاء، وكذلك في مجال السياسة لدراسة العلاقات الدولية.

أخيرًا، بعد أن تطرقنا لأساسيات نظرية اللعبة وتعرفنا على مفاهيم مثل الاستجابة المُثلى، والاستراتيجية المهيمنة، وتوازن ناش، لا بد أنك أيقنت أن الاعتراف هو أفضل قرار تتخذه إن كنت في وضعية أحد السجينين. إلا أن هذا ليس صحيحًا إذا كانت لديك فرصة للتواصل مع الطرف الآخر، حيث يعتبر عدم الاعتراف هو القرار الأمثل. فقد تتفق مع السجين الآخر على عدم الاعتراف و تقضي سنتين عوض 4 سنوات. في هذه الحالة، أصبحت اللعبة تعاونية. ولنظرية اللعبة وسائل ومفاهيم خاصة بالألعاب التعاونية نكتشفها في المقال التالي.

المصادر:

stanford
coursera
stanford

فقاعة الدوت كوم وانهيار شركات الإنترنت

ما هي فقاعة « الدوت كوم – dot com »؟

فقاعة الدوت كوم، المعروف أيضا باسم فقاعة الإنترنت، كانت ارتفاع سريع في التقييم المالي لأسهم التكنولوجيا الأمريكية التي تغذيها الاستثمارات في الشركات القائمة على الإنترنت خلال «السوق الصاعد – bull market» – أو سوق الثور ويشير إلى فترة ارتفاع أسعار الفوائد الاستثمارية- في أواخر s1990.

خلال فقاعة الدوت كوم، نمت قيمة الأسهم بشكل كبير في سوق التكنولوجيا الذي يهيمن عليه مؤشر «ناسداك –  Nasdaq» -وهو يقيس أداء أكبر 100 شركة تكنولوجية متداولة في بورصة ناسداك- ارتفع من أقل من 1000 نقطة إلى أكثر من 5000 بين 1995 و 2000. وفي عام 2001 وحتى عام 2002، انفجرت الفقاعة، ودخلت الأسهم «سوق الأسهم المتداعية – bear market» – أو سوق الدب، وهو مصطلح يشير إلى السوق التي تنخفض فيها أسعار الأسهم والسندات والأوراق المالية بنسبة 20% على مدار شهرين.

الانهيار في مؤشر ناسداك الذي شهد ارتفاع بخمسة أضعاف، سقط من الذروة عن 5048.62 يوم 10 مارس/آذار عام 2000، إلى 1,139.90 في 4 أكتوبر/تشرين الأول عام 2002، انخفاض بنسبة 76.81%. وبحلول نهاية عام 2001، كانت معظم أسهم شركة دوت كوم قد فشلت. حتى أسعار الأسهم المتداولة لشركات تكنولوجيا الرقائق مثل سيسكو، إنتل وأوراكل فقدت أكثر من 80٪ من قيمتها. وسيستغرق الأمر 15 عاما حتى يستعيد ناسداك قيمته، وهذا ما حدث في 23 أبريل/نيسان 2015.

كيف بدأت؟

انبثقت فقاعة الدوت كوم كمزيج من المضاربة وبدع الاستثمار –الذي يشير للحماس المفرط في الاستثمار-، الوفرة في رأس المال الاستثماري أدى لتمويل الشركات الناشئة ولكن فشلت شركات الدوت كوم في جني الأرباح. ضخ المستثمرين الأموال في شركات الانترنت خلال التسعينات آملين في أن تلك الشركات سوف تصبح يوما ما ناجحة ومربحة، وتخلى العديد من المستثمرين وأصحاب رؤوس الأموال عن نهج الحذر في الاستثمار خوفاً من عدم القدرة على الاستفادة في ظل الاستخدام المتزايد للإنترنت.

مع إغراق أسواق رأس المال قطاع التكنولوجية بالأموال، كانت الشركات الناشئة في سباق للحصول على السوق الأكبر بسرعة. فالشركات التي لا تملك أي حقوق ملكية تكنولوجية لمنتجات أو اختراعات تخلت عن المسؤولية المالية، وأنفقت ما تملك من أموال على التسويق، لإنشاء علامات تجارية تميز نفسها عن المنافسين. بعض الشركات الناشئة أنفقت ما يصل إلى 90% من ميزانيتها على الإعلانات.

في عام 1997 بدأ تدفق كميات قياسية من رأس المال إلى ناسداك. وبحلول عام 1999، كانت نسبة 39% من جميع استثمارات رأس المال الاستثماري تذهب إلى شركات الإنترنت. وفي ذلك العام، 295 اكتتاب من 457 كانت تتعلق بشركات الإنترنت، تليها 91 في الربع الأول فقط من عام 2000.

وقد حذر رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي «ألان جرينسبان – Alan Greenspan» الأسواق من الوفرة غير المنطقية في 5 ديسمبر/كانون الأول 1996. واستغلت البنوك السيولة الفائضة التي أنشأها بنك الاحتياطي الفيدرالي قبل سنة 2000. وفي نهاية المطاف انفجرت الفقاعة بطريقة مذهلة، مما ترك العديد من المستثمرين يواجهون خسائر فادحة والعديد من شركات الإنترنت في حالة انهيار حيث يقدر أن نصف شركات التكنولوجية والأنترنت انهارت في تلك الأزمة. من الشركات الشهيرة التي نجت من الفقاعة تشمل أمازون، إيباي، وبراسيلين وغيرهم.

كيف انفجرت فقاعة الدوت كوم وأدت لانهيار شركات الإنترنت؟

كانت التسعينيات فترة تقدم تكنولوجي سريع في العديد من المجالات، ولكن تسويق الإنترنت هو الذي أدى إلى أكبر توسع في نمو رأس المال شهدته البلاد على مدار تاريخها. على الرغم من أن معايير التكنولوجيا المتطورة حمل لواءها شركات مثل “إنتل” و “سيسكو” و “أوراكل” وهي شركات عريقة في هذا المجال، كانت شركات الدوت كوم الناشئة التي غذّت الزيادة المفاجئة سوق الأسهم التي بدأت في عام 1995.

الفقاعة التي تشكلت على مدى السنوات الخمس القادمة تم تغذيتها بالمال الرخيص، رأس المال السهل، ثقة السوق المفرطة، والمضاربة الخالصة. الرأسماليون المغامرون متلهفون لإيجاد النتيجة الكبيرة التالية واستثمروا بحرية في أي شركة مع “com.” بعد اسمها. التقييمات كانت على أساس الأرباح والمكاسب التي لن تحدث لبعد عدة سنوات إذا كان نموذج العمل للشركة يعمل فعلا بشكل جيد، وجميع المستثمرين كانوا على استعداد للتغاضي عن التقاليد الأساسية لعملهم. الشركات التي لم تولد الإيرادات والأرباح وفي بعض الحالات المنتج النهائي، ذهبت إلى سوق الاكتتابات العامة الأولية التي شهدت أسعار أسهمها تضاعفاً بمقدار ثلاث وأربع مرات في يوم واحد، مؤدية إلى تهافت جنوني للمستثمرين.

بلغ مؤشر ناسداك ذروته في 10 مارس/أذار عام 2000، عند 5048، أي ما يقرب ضعف ما كان عليه في العام السابق. ومباشرا في ذروة السوق، وضعت العديد من شركات التكنولوجيا الرائدة، مثل Cisco وDell، أوامر بيع ضخمة لأسهمها، مما أثار حالة من الذعر بين المستثمرين. وفي غضون أسابيع قليلة خسر سوق الأسهم 10٪ من قيمته. وبدء نضوب رأس المال الاستثماري وشريان الحياة لشركات الإنترنت التي تعاني في الأصل من ضائقة مالية. أصبحت شركات الدوت كوم التي وصلت قيمتها السوقية بمئات الملايين من الدولارات عديمة القيمة في غضون أشهر. وبحلول نهاية عام 2001، أُغلقت غالبية شركات الإنترنت المتداولة علنًا ، وتبخرت تريليونات الدولارات من رأس المال الاستثماري. وهذه هي قصة فقاعة الدوت كوم وانهيار شركات الإنترنت.

مصادر:

businessinsider
investopedia

مواضيع اخرى: هل حقا الديب ويب مكان للجريمة

كيف تؤجج اللامساواة نار وفيات كورونا ؟

كيف تؤجج اللامساواة نار وفيات كورونا ؟

على الرغم من أن عدد سكان الولايات المتحدة والبرازيل والمكسيك مجتمعين لا يتجاوز 8.3% من إجمالي سكان العالم، إلا أن وفيات هذه الدول الثلاث جراء فيروس كورونا المستجد تشكل 64% من وفيات العالم بأكمله.
كما أن وفيات ثلاث دول أوروبية (بريطانيا و إسبانيا وإيطاليا) تشكل 60% من وفيات أوروبا. على الرغم من أن مجموع سكانها لا يتجاوز 38% من سكان القارة. إذ نجد أعداد وفيات أقل بشكل ملحوظ في دول شمال ومنتصف أوروبا مقارنة بهذه الدول الثلاث.

ثمة عوامل عدة مسؤولة عن معدل الوفيات جراء مرض COVID-19، منها: كفاءة القيادة السياسية، ومدى مناسبة استجابة الحكومة للأزمة، وتوافر الأسرّة لاستقبال المرضى في المستشفيات، وأوضاع السفر الدولي، بالإضافة إلى هيكل الفئات العمرية للسكان.
ومع ذلك، يبدو أن ثمة سمة هيكلية عميقة تلعب الدور في تشكيل هذه العوامل، ألا وهي دخل البلاد وتوزيع الثروة.

تملك الولايات المتحدة، بالإضافة إلى البرازيل والمكسيك ارتفاعًا في المدخول يصاحبه عدم مساواة في توزيع الثروة. حسب البنك الدولي فإن معامل جيني (وهو مقياس لعدالة توزيع الدخل تعني عنده علامة 100 عدم مساواة كاملة، وعلامة 0 المساواة التامة في الدخل) للسنوات الأخيرة (2016-2018) كان يساوي 41.4 في الولايات المتحدة، و53.5 في البرازيل، أما في المكسيك فكان 45.9.

للولايات المتحدة معامل جيني الأعلى بين الاقتصادات المتقدمة، بينما تعد البرازيل والمكسيك بين الأكثر ارتفاعا في عدم المساواة على الإطلاق.
أما في أوروبا، فتسجل إيطاليا وإسبانيا وبريطانيا: 35.6 و 35.3 و 34.8، على التوالي في معامل جيني، وبذلك تفوق نظيراتها الشمالية والشرقية، مثل فنلندا (27.3)، النرويج (28.5) ، الدنمارك (28.5)، النمسا (30.3) ، بولندا (30.5)، والمجر (30.5).

من الجدير بالذكر أن الارتباط بين معدلات الوفيات لكل مليون وعدم المساواة في الدخل، بعيد عن أن يكون الإجابة المثالية؛ ذلك أن عوامل أخرى ذات أهمية كبيرة يجب أخذها بعين الاعتبار.
على سبيل المثال، يعتبر مقدار عدم المساواة في فرنسا على قدم المساواة مع ألمانيا، لكن معدل وفيات COVID-19 عندها أعلى بكثير. كما أن معدل الوفيات في السويد أعلى بكثير مما هو عليه في جيرانها، رغم أنها تتمتع بالمساواة بشكل أعلى نسبياً، لأن السويد قررت الحفاظ على سياسات الإبعاد الاجتماعي طوعية بدلاً من إلزام المواطنين بها. وسجلت بلجيكا -التي تقوم نسبياً على المساواة- معدلات وفاة عالية جدًا، ويرجع ذلك جزئيًا إلى قرار السلطات بالإبلاغ عن حالات الوفاة المحتملة جنباً إلى جنب مع حالات الوفاة المؤكدة بـCOVID-19.

إن ارتفاع عدم المساواة في الدخل كارثة اجتماعية من نواح عديدة. كما ذكرت (كيت بيكيت) و(ريتشارد ويلكنسون) بشكل مقنع في كتابين مهمين، “مستوى الروح”و”المستوى الداخلي”. إذ يؤدي ازدياد عدم المساواة بالمجمل إلى تدهور الظروف الصحية العامة، ما يزيد بشكل كبير من احتمالية الوفاة جراء COVID-19.

علاوة على ذلك، يؤدي ارتفاع مستوى عدم المساواة إلى انخفاض التماسك والثقة الاجتماعيين، بالإضافة إلى المزيد من الاستقطاب السياسي، وكل ذلك يؤثر سلبًا على قدرة الحكومات واستعدادها لاعتماد تدابير رقابية قوية. فإن عدم المساواة المرتفع يعني أن نسبة أكبر من العمال ذوي الدخل المنخفض -من عمال النظافة والصيارفة والحراس وعمال التوصيل والصرف الصحي وعمال البناء وعمال المصانع – عليهم أن يستمروا في حياتهم اليومية، حتى في ظل خطر التعرض للإصابة. يعني كذلك المزيد من الأشخاص ممن يعيشون في البيئات المزدحمة، وبالتالي المزيد ممن لا يقدرون على عزل أنفسهم عن خطر الوباء.

يشكل القادة الشعبويون سببًا لتفاقم العواقب الوخيمة لعدم المساواة.
قد انُتخب كل من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والرئيس البرازيلي يير بولسونارو، ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون من قبل مجتمعات تعاني عدم التساوي، والانقسام الاجتماعي، بدعم العديد من الناخبين الساخطين من الطبقة العاملة (عادة ما يكونون من الرجال البيض والأقل تعليماً، ممن يسخطون علی وضعهم الاجتماعي والاقتصادي المتدهور). لكن سياسة الاستياء هذه تصطدم بسياسة السيطرة على الوباء. ذلك أن سياسة الاستياء تتجنب رأي الخبراء، وتستخف بالأدلة العلمية، وتسخط على علية القوم الذين يطلبون منهم عبر الإنترنت التزام المنزل بينما هم لا يملكون رفاهية فعل ذلك.

تعاني الولايات المتحدة من عدم التكافؤ، والانقسام السياسي بشكل كبير جدًا، وتدار بطريقة سيئة للغاية في ظل حكم ترامب لدرجة أنها تخلت بالفعل عن أي استراتيجية وطنية متماسكة للسيطرة على التفشي. إذ نقلت جميع المسؤوليات إلى حكومات الولايات كل على حدى وإلى الحكومات المحلية، والتي تركت لتدفع الخطر عن نفسها بمفردها.
وصل الأمر أنه في بعض الأحيان، قد لجأ المتظاهرون اليمينيون المدججون بالسلاح إلى الاحتشاد في عواصم الولايات لمعارضة القيود المفروضة على النشاط التجاري والتنقل الشخصي. حتى الكمامات لم تسلم من التسييس: ذلك أن ترامب يعارض ارتداءها، وكان قد اعتبر مؤخرا أن بعض الناس يفعلون ذلك لمجرد التعبير عن معارضته. والنتيجة أن أتباعه يصرون علی عدم ارتداءها، وأن الوباء، الذي بدأ في الولايات الديمقراطية، يضرب الآن قاعدة ترامب في الولايات الجمهورية بشدة.

علاوة على ذلك، تحاكي سياسة البرازيل والمكسيك السياسة الأمريكية. ذلك أن بولسونارو والرئيس المكسيكي أندريس مانويل لوبيز أوبرادور هم شعبويون بطريقة تشبه ترامب، فهم يسخرون من الفيروس، ويزدرون مشورة الخبراء، ويستيهينون بالمخاطر، ويرفضون إجراءات الحماية الشخصية أشد الرفض. ويأخذون بيد بلادهم إلى كارثة مشابهة لتلك التي خلقها ترامب.

وباستثناء كندا وأماكن قليلة أخرى، دمرت دول أمريكا الشمالية والجنوبية بسبب الفيروس، لأن نصف الكرة الأرضية الغربي بأكمله تقريبًا يتشارك في إرث من عدم المساواة والتمييز العنصري. وحتى تشيلي التي تتمتع بحكم جيد، سقطت ضحية للعنف وعدم الاستقرار في العام المنصرم، بسبب عدم المساواة الشديد والمزمن. في هذا العام، كانت تشيلي (إلى جانب البرازيل وإكوادور وبيرو) من أعلى الدول في العالم في معدلات الوفاة جراء COVID-19

كما أسلفنا، ليس عدم المساواة هو الحكم النهائي. فالصين غير متكافئة إلى حد ما ( 38.5 درجة في مقياس جيني)، لكن حكوماتها الوطنية والمحلية تبنت إجراءات رقابة صارمة بعد التفشي الأول في مدينة ووهان، وكبحت انتشار الفيروس. أدى التفشي الأخير في بكين، بعد أسابيع من عدم تسجيل حالات مؤكدة جديدة، إلى تجديد عمليات الإغلاق والفحص.

ومع ذلك، نشهد مرة أخرى في معظم البلدان الأخرى العواقب الوخيمة لعدم المساواة الجماعية: الإدارة غير المستقرة، وانعدام الثقة الاجتماعية، ووجود أعداد كبيرة ممن لا يستطيعون حماية أنفسهم من الأخطار المحدقة. وما يثير القلق، أن الوباء نفسه يفاقم حالة عدم المساواة بشكل أكبر.

فبينما يزدهر الأغنياء الآن عن طريق العمل عبر الإنترنت (ارتفعت على سبيل المثال، ثروة جيف بيزوس مؤسس أمازون بمقدار 49 مليار دولار منذ بداية العام، بفضل التحول الملحوظ إلى التجارة الإلكترونية)، يفقد الفقراء وظائفهم ومعها صحتهم وحيواتهم. ومن المؤكد أن عواقب عدم المساواة ستأخذ في الازدياد، إذ تعمل الحكومات المتعطشة للإيرادات على تقليص الميزانيات والخدمات العامة الضرورية للفقراء.

لكن لكل شيء ثمن. ففي غياب حكومات متماسكة وجديرة بالثقة بوسعها إبداء استجابة وتنفيذ استراتيجية وبائية جيدة ومستدامة من أجل الانتعاش الاقتصادي، سينزلق العالم لمزيد من موجات عدم الاستقرار الناتجة عن المزيد من الأزمات العالمية.

مترجم عن جيفري ساكس، أستاذ التنمية المستدامة والسياسة الصحية في جامعة كولومبيا.

المصدر:

project-syndicate

كارل ماركس والفرق بين الشيوعية والاشتراكية ؟

بعد مرور أكثر 200 عام على مولد الفيلسوف والاقتصادي الشهير كارل ماركس والمرتبط اسمه بالشيوعية التي غيرت من شكل عالمنا المعاصر قد تفاجأ بعدم وجود أي دولة شيوعية في تاريخ العالم بأكمله! وما الفرق بين الشيوعية والاشتراكية ؟

هناك دول وصفت نفسها بأنها شيوعية مثل الصين وكوريا الشمالية لكن تعريفيا لم توجد أبدًا دولة قائمة على المبادئ الشيوعية كاملة، إذن:

  • فمن هو كارل ماركس؟
  • وما هي الشيوعية؟
  • وما علاقتها بالاشتراكية؟
  • وما الفرق بين الشيوعية والاشتراكية؟

«لا يكفي تفسير العالم بل يجب تغييره».

من هو كارل ماركس؟

«كارل هاينريش ماركس-Karl Heinrich Marx» ولد في 5 مايو 1818 بمدينة ترير، مقاطعة الراين، في بروسيا [ألمانيا] وتوفي في 14 مارس 1883 بلندن، إنجلترا، وهو فيلسوف، واقتصادي، وعالم اجتماع، ومؤرخ، وصحفي واشتراكي ثوري. لعبت أفكاره دورًا هامًا في تأسيس علم الاجتماع وفي تطوير جميع الأنظمة الاشتراكية، ويعد أحد أعظم الاقتصاديين في التاريخ، نشر العديد من الكتب خلال حياته أهمُها بيان الحزب الشيوعي (1848) -مع فريدريك إنجلز- و كتاب رأس المال (1867–1894).

كارل ماركس

تدرب ماركس أولا ليصبح فيلسوف ثم تحول عن الفلسفة في منتصف العشرينات من عمره نحو الاقتصاد والسياسة، ورغم انفصاله عن الفلسفة فإن كتاباته اللاحقة كانت ذات صلة كبيرة بالنقاشات الفلسفية المعاصرة؛ خاصة في فلسفة التاريخ والعلوم الاجتماعية والفلسفة الأخلاقية والسياسية.

«الفقر لا يصنع ثورة وإنما وعي الفقر هو الذي يصنع الثورة .. الطاغية مهمته أن يجعلك شيخًا فقيراً، الطاغية مهمته أن يجعل وعيك غائباً».

فقد كانت نظرية ماركس للتاريخ تتمحور حول تتابع وتطور أشكال المجتمع والقوى الإنتاجية البشرية، يرى ماركس أن العملية التاريخية تسير عبر سلسلة ضرورية من أنماط الإنتاج وتتميز بالصراع الطبقي حتى تبلغ ذروتها مع الشيوعية.

أطلق ماركس أسم البرجوازيين على طبقة الأغنياء والملاك والبروليتاريا على الطبقة العاملة، ورأى أنه يجب إحداث تغير عام بحيث تمتلك البروليتاريا أدوات الإنتاج بدلا من البرجوازيين وعلى كل الأفراد في المجتمع العمل بمساواة وهذه هي الاشتراكية التي رأى ماركس أنها خطوة في الطريق بعد الرأسمالية ونحو الشيوعية.

«حتى اليوم كان تاريخ أي مجتمع هو تاريخ الصراعات الطبقية فيه».

وأعتمد تحليل ماركس الاقتصادي للرأسمالية على نسخته من نظرية العمل مقابل القيمة، ويتضمن تحليل الربح الرأسمالي باعتباره استخلاص القيمة الفائضة من البروليتاريا التي تتم أستغلالها من البرجوازيين. يأتي تحليل التاريخ والاقتصاد معًا في تنبؤات ماركس بالانهيار الاقتصادي الحتمي للرأسمالية لتحل محلها الشيوعية.

ومع ذلك رفض ماركس التكهن بالتفصيل حول طبيعة الشيوعية ، بحجة أنها ستنشأ بطريقة طبيعية خلال العمليات التاريخية، ولم يكن يريد تحقيق مثال أخلاقي محدد مسبقًا، وكانت فكرته الأساسية هي أنه في فترة الانتقال من الملكية إلى الديمقراطية في أوروبا تم استغلال العمال والمزارعين الأوروبيين بقسوة من طبقة الملاك الأغنياء وهذا خلق ظلم اجتماعي متوارث.

كيف نشأت الاشتراكية والشيوعية؟

«تاريخ البشرية هو تاريخ البحث عن الطعام».

نبعت كلا الفلسفتين من الرغبة في القضاء على الطبقات الاجتماعية واستغلال طبقة الملاك للطبقة العاملة المنتجة؛ تلتزم كلا من الاشتراكية والشيوعية بالمبدأ القائل بأن الموارد الاقتصادية يجب أن تكون مملوكة بشكل جماعي للجمهور وتسيطر عليها منظمة مركزية، ولكنها تختلف في إدارة ومراقبة الاقتصاد، فما الفرق بينهما؟

ما هي الاشتراكية؟

الاشتراكية هي عقيدة اجتماعية اقتصادية تدعو إلى الملكية العامة بدلاً من الملكية الخاصة أو السيطرة الفردية على الممتلكات والموارد الطبيعية. وفقا للنظام الاشتراكي لا يعيش الأفراد أو يعملون في عزلة ولكنهم يعيشون بالتعاون مع بعضهم البعض، لذا فكل ما ينتجه الأفراد هو إلى حد ما منتج اجتماعي.

وكل شخص يساهم في إنتاج سلعة يحق له الحصول على حصة فيه، وبالتالي يجب على المجتمع ككل امتلاك أو على الأقل السيطرة على الممتلكات لصالح جميع أعضائه.

في الاشتراكية، يقرر الشعب بنفسه من خلال المجالس المحلية والمجالس المنتخبة شعبيا كيفية عمل الاقتصاد، وهذا يجعل الاشتراكية نظامًا ليبراليًا لأن غالبية الناس لديهم رأي حول كيفية إدارة الدولة، وتؤيد الاشتراكية وجهة النظر القائلة بأنه ينبغي توزيع السلع والخدمات بناء على إنتاجية الفرد.

وهناك نوعان من الملكية في الاشتراكية:

  1. الملكية الشخصية التي يمكن للفرد أن يمتلكها ويستمتع بها.
  2. الملكية الصناعية المخصصة للاستخدام الإنتاجي للمجتمع.

مثلا يمكن للأفراد الاحتفاظ بكاميراتهم الرقمية ولكن لا يمكنهم الاحتفاظ بمصنع ينتج كاميرات رقمية، وبينما يمكن الاحتفاظ بالممتلكات الشخصية إلا أن الاشتراكيين يتأكدون من أنه لن يتم استخدام أي ملكية خاصة كأداة للقمع والاستغلال.

ويعتبر الاشتراكيون الرأسمالية تهديدًا للمساواة والمصلحة العامة، لكنهم يعتقدون أنه لا توجد حاجة للقضاء على الطبقة الرأسمالية لأنه يمكن أن تستخدم كأداة جيدة في الانتقال إلى الاشتراكية طالما أنها خاضعة لسيطرة صحيحة، ويؤمن الاشتراكيون أيضا أن الرأسمالية يمكن أن توجد في دولة اشتراكية والعكس صحيح.

ما هي الشيوعية؟

الشيوعية هي عقيدة سياسية اقتصادية تهدف إلى استبدال الملكية الخاصة والاقتصاد القائم على الربح بالملكية العامة والسيطرة المجتمعية على الأقل على وسائل الإنتاج الرئيسية (مثل المناجم والطواحين والمصانع) والموارد الطبيعية للمجتمع. وبالتالي فإن الشيوعية هي شكل من أشكال الاشتراكية – شكل أعلى وأكثر تقدمًا.

لكن الشيوعية تسيطر على اقتصادها من خلال حزب واحد متسلط ومن ثم تتميز بأنها محافظة لأن الاقتصاد يعمل على أساس قرارات النخبة. وتعتقد الشيوعية أنه يجب توزيع الثروة على الجماهير بناءً على احتياجات الفرد، وفيها تكون جميع السلع والخدمات ملكية عامة لاستخدامها والتمتع بها من قبل جميع السكان بلا تملك!

ومن وجهة نظر الشيوعيين لا بد من تدمير الرأسمالية كليا من أجل إفساح المجال نحو مجتمع لا طبقي.

أهم 5 فروق بين الاشتراكية والشيوعية:

  1. الاشتراكية نظام اقتصادي بينما الشيوعية نظام اقتصادي وسياسي.
  2. في الاشتراكية: تدار موارد الاقتصاد ويسيطر عليها الناس أنفسهم من خلال الكوميونات أو المجالس، بينما في الشيوعية  ترتكز الإدارة والسيطرة على عدد قليل من الأفراد في حزب واحد متسلط.
  3. يوزع الاشتراكيون الثروة على الناس بناء على الجهود الفردية التي يبذلها الفرد، في حين يقوم الشيوعيون بتوزيع الثروة على أساس احتياجات الفرد.
  4. يستطيع الاشتراكيون امتلاك عقارات شخصية بينما لا يستطيع الشيوعيون ذلك.
  5. تسمح الاشتراكية للرأسمالية بالوجود وسطها بينما تسعى الشيوعية للتخلص من الرأسمالية.

«تبدأ منطقة الحرية من حيث يتوقف العمل المحدد بالضرورة »

لذا بناء على مبادئ الشيوعية فأن كل الدول التى تظن أنها شيوعية هي في الحقيقة اشتراكية، حتى الاتحاد السوفيتي كان يسمى رسميًا «اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية»!

المصادر:

حوار مع بيل غيتس حول سياق تنبؤاته لفيروس كورونا قبل 5 سنوات ومستلزمات اللقاح

حوار مع بيل غيتس حول سياق تنبؤاته لفيروس كورونا قبل 5 سنوات ومستلزمات اللقاح: فيما يلي تأتي بعض النقاط المهمة لحوار بيل غيتس وتريفر نواه حول تنبؤات بيل غيتس لفيروس كورونا المستجد سنة 2015 وكيفية السيطرة على الجائحة في انتظار التوصل للقاح كامل.

تريفر نواه: بيل غيتس، قمت بالتنبؤ سنة 2015 من خلال حديث لك في TEDx بالكثير مما يحدث اليوم ما تسبب في اندلاع الكثير من العنواين لنظريات المؤامرة مثل “اختراع بيل غيتس فيروس كورونا المستجد لإثبات صحة كلامه”. هل كان حديثك عن فيروس كورونا المستجد بالذات أم مجرد فرضية تحققت؟

بيل غيتس: لم تكن لدي أدنى فكرة في ذلك الوقت أن الأمر يتعلق بفيروس كورونا المستجد أو أنه سيضرب في أواخر سنة 2019، بل كان حديثي يستهدف تشجيع الحكومات على الإستثمار في المجال الصحي للتصدي للفيروسات والتحكم في عدد الإصابات. لست في موقف لأقول “أترون لقد أخبرتكم!”. للأسف كان من الواضح أن الفيروسات هي أكبر مهدد للبشرية وقد تتسبب في مقتل الملايين لكن لم يتم استخدام طوال هذه المدة للإستعداد لتجهيز مراكز للكشف ومصانع للقاحات. لقد قامت مجلة New England Journal Of Medicine بتنبؤات أكثر دقة من تلك التي أفدت بها في حديثي لكن لم يتم أخد ذلك بعين الاعتبار، لذلك نعاني حاليا ويستغرقنا الأمر الكثير من الوقت للتصدي للفيروس.

نواه: كيف يعقل أنك شخص غير حكومي وكنت على علم بما قد يحصل، في حين أن المنظمات والحكومات التي من واجبها حماية الأشخاص لم تقم بالكثير؟ هل كانوا على علم بالأمر أم قاموا بتجاهله؟ أعلم أنك تتواصل مع مجموعة من المنظمات كمركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) ومنظمة الصحة العالمية (WHO)، فمالذي حصل؟

بيل: هنالك الكثير من الأفراد الذين كانوا قلقين أيضا كالدكتور أنتوني فاوتشي والذي شاهد العديد من الأوبئة. لقد حالفنا الحظ في عدة أوبئة مثل إيبولا، زيكا، سارس، وميرس لأنها لا تتناقل بسرعة ولا تستهدف الجهاز التنفسي. خلال حديثي في TED Talk، أكدت في ذلك الوقت على هذا النوع من الفيروسات التي تصيب الجهاز التنفسي وتتناقل بسرعة في ظل إمكانيات التنقل والسفر بين بلدان العالم. وقلت في حديثي “هذا ما يبقيني مستيقظا في الليل، ويقلقني أكثر من اندلاع الحرب”. كان من اللازم إجراء تجارب ومحاكاة لمثل هذه السيناريوهات لمعرفة كيف يمكن التواصل مع القطاع الخاص للحصول على الأجهزة التنفسية وأجهزة الكشف وأي شكل من أشكال الحجر الصحي يجدر بنا تطبيقه. أما في حالنا اليوم فقد أصبحنا فجأة نواجه فيروسا على أرض الواقع دون إجراء تجارب وتحضيرات سابقة. كما ترى فالأمر مختلف عما يحدث في حالة اندلاع حرب حيث يتم إجراء سابقا 20 محاكاة لعدة أنواع من التهديدات الممكنة إلى جانب التداريب العسكرية وتوفير الخدمات اللوجستية.

(الدكتور أنتوني فاوتشي: مختص في علم المناعة، ومدير المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية، وعضو في فريق عمل البيت الأبيض المعني بجائحة فيروس كورونا.)

نواه: أنت في مركز مثير للإهتمام ويمكن اعتبارك مختص في هذا المجال بفضل أعمالك الخيرية حيث أحد أهدافك القضاء على الملاريا في العالم بشكل عام وفي افريقيا بشكل خاص كما أنك تعمل مع مختصين في الأمراض المعدية. نحن الآن في عز جائحة فيروس كورونا المستجد، في نظرك مالذي يجب القيام به للمضي قدما في ظل الإستجابة المتأخرة من طرف القادة؟

بيل غيتس: في الوقت الراهن فالآليات الأساسية هي تغيير سلوكاتنا، التباعد الإجتماعي (والذي يقصد به البقاء في المنزل قدر المستطاع) والتشخيص على نطاق واسع لعزل المختلطين بحاملي الفيروس والتحكم في أعداد المصابين. تقوم مؤسستنا (مؤسسة بيل وميلندا غيتس) بنمدجة الوضع الحالي ووضع توقعات للمستقبل، كما نعمل على إيجاد علاج (عقار) فعال في الوقت الحالي بغية تقليص عدد الوفيات ونأمل أن ترخص بعض العقارات في الستة شهور القادمة لكن الحل الوحيد الذي سيمكننا من العودة لممارسة حياتنا الطبيعية والجلوس في الملاعب إلى جانب العديد من الأشخاص دون قلق هو إيجاد لقاح فعال وتوزيعه على جميع بلدان العالم وليس احتكاره من أجل مواطني دولة واحدة، هكذا سنحصل على مناعة واسعة ومنع الفيروس من الانتشار بأعداد كبيرة.

نواه: أصيبت العديد من الدول بالفيروس وتعاملت معه في أوقات مختلفة، فحتى داخل الولايات المتحدة لم تطبق جميع الولايات التباعد الاجتماعي والحجر الصحي في نفس الوقت، بل وأن بعض الولايات لم تطبقه إطلاقا. فالوقت الذي سينجح بلد ما في احتواء الفيروس والسيطرة عليه، قد يكون بلد آخر لم يأخد الأمر على محمل الجد ولم يطبق الإجراءات الصحية على نطاق واسع كالبرازيل، بيلاروس (روسيا البيضاء)، وهنغاريا. حيث قد يسافر شخص ما من البرازيل إلى أحد البلدان الآمنة مثلا، هل من شأن هذا أن يتسبب في تقويض جهود البلدان التي قامت بالإجراءات اللازمة؟

بيل غيتس: للأسف فالبلدان الغنية التي سيطرت على الفيروس لن تسمح للأشخاص من هذه البلدان لدخول أراضيها إلا إذا تم تشخيصهم أو أثبتوا مناعتهم. وهذا سيمنع الكثير من الأفراد من عبور الحدود بشكل كبير خلال السنوات القادمة إلى حين التوصل للقاح كامل وفعال.

نواه: لقد كنت من بين الأوائل الذين تبرعوا بمبلغ كبير لمكافحة الفيروس ومساعدة المتواجدين في الصفوف الأمامية من المجال الطبي للحصول على المعدات اللازمة. وأتذكر أنك في آخر مرة تبرعت أنت وزوجتك مليندا بمبلغ 100 مليون دولار، لكن على ما يبدو فالمبالغ المالية ليست قادرة على تسوية الوضع الحالي، مالذي تأمل تحقيقه في هذه الفترة؟

بيل غيتس: إن نجحنا في إجراء العدد المطلوب من التشخيصات فسيتغير الكثير. تملك مؤسستنا خبرة عميقة في مجال الأوبئة المعدية والكثير من المتخصصين في هذا المجال، لذلك توصلنا لما يجب فعله فيما يخص اللقاح، ومن شأن تبرعاتنا المبكرة أن تسرع شتى العمليات والقرارات. فمثلا خلال عملية تركيب العديد من اللقاحات، يستوجب تمويل سبع لقاحات واعدة مثلا بالرغم من أننا سنختار إثنين في نهاية المطاف وذلك لتفادي ضياع الوقت في مرحلة اختيار اللقاح الوحيد المناسب. وسنعمل على تشييد مصانع ومستلزمات تصنيع جميع اللقاحات السبعة. حسب رأيي ورأي الدكتور فاوتشي فالتوصل للقاح كامل يتطلب 18 شهرا، لذلك فمن الأفضل بدء عمليات تصنيع مختلف اللقاحات. سيكلفنا الأمر هدر بضع مليارات دولار على تصنيع لقاحات لن تستعمل في نهاية الأمر لأن لقاح آخر ربما أثبتت فعاليته.

ويمكن رفع الحضر والحجر الصحي في الصيف وإعادة فتح مقرات العمل…إلخ, لكن سيزال الوضع بعيدا على ما اعتدنا عليه، لأن الجميع سيراوده القلق وقد يتم فرض ارتداء الكمامات. عموما هنالك الكثير من الإجراءات التي يستوجب اتخاذها لتقليل الأضرار قبل تلقيح ساكنة العالم ضد الفيروس. يعد 7 مليار شخص عدد كبير من الطلبات إلا أنه الحل الوحيد والأمثل الذي يجب الوصول إليه لإعادة الأمور لمجاريها.

نواه: بيل غيتس، لقد تنبأت بهذه الجائحة تقريبا قبل 5 سنوات، هل هناك شيء آخر تود أن تحذرنا منه؟ أو هل هناك موضوع آخر يقلقك ويبقيك مستيقظا خلال الليل؟

بيل غيتس: إن فيروس كورونا المستجد وباء تشكل بشكل طبيعي وبالرغم من أنه ليس هينا على الإطلاق إلا أنه يمكن أن تكون أوبئة أخرى أخطر منه ويشمل الأمر فيروسات مصنعة للإرهاب البيولوجي. عموما، أرى أن هذه الجائحة ستغير العالم كثيرا وستمكننا للإستعداد لمختلف الأوبئة مستقبلا.

حوار مع بيل غيتس حول سياق تنبؤاته لفيروس كورونا قبل 5 سنوات ومستلزمات اللقاح

المصدر: Trevor Noah’s interview on The Daily Social Distancing Show

تصفح أيضا مقالات أخرى عن فيروس كورونا المستجد من هنا

مترجم: كيف سيكون عالم ما بعد كورونا؟ أربعة احتمالات مستقبلية

عالم ما بعد كورونا؟

  • أين سنكون بعد ستة أشهر، سنة، عشر سنوات من الآن؟ 
  • أستلقي مستيقظا في الليل أتساءل ما يخبئه المستقبل أحبائي، وأصدقائي وأقاربي الضعفاء.
  • أتساءل ماذا سيحدث لعملي، على الرغم من أنني محظوظ أكثر من كثيرين: أحصل على أجر مرضي ويمكنني العمل عن بعد. 
  • لكن لا يزال لدي أصدقاء يعملون لحسابهم الخاص ويتوقعون البقاء لأشهر بدون أجر، وأصدقاء فقدوا وظائفهم بالفعل. 
  • أصاب الفيروس التاجي الاقتصاد بشدة موازية لما أصاب البشر، فماذا سنفعل 

هناك عدد من الحلول المستقبلية المحتملة، وكلها تعتمد على كيفية استجابة الحكومات والمجتمع للفيروس التاجي وتداعياته الاقتصادية. نأمل أن نستخدم هذه الأزمة لإعادة البناء، وإنتاج شيء أفضل للإنسانية، لكننا أيضًا قد ننزلق إلى شيء أسوأ.

أعتقد أننا يمكن أن نفهم وضعنا -وما قد يكمن في مستقبلنا- من خلال النظر إلى الاقتصاد السياسي للأزمات الأخرى. يركز بحثي على أساسيات الاقتصاد الحديث: سلاسل التوريد العالمية والأجور والإنتاجية. أنظر إلى الطريقة التي تساهم بها الديناميكيات الاقتصادية في تحديات مثل تغير المناخ وانخفاض مستويات الصحة العقلية والبدنية بين العمال. لقد جادلنا بأننا بحاجة إلى نوع مختلف تمامًا من الاقتصاديات إذا أردنا بناء مستقبل عادل اجتماعيًا وسليم بيئيًا. وفي مواجهة أزمة COVID-19 أصبح هذا أكثر وضوحًا من ذي قبل.

إن الاستجابات لوباء COVID-19 هي ببساطة تضخيم الديناميكية التي تدفع الأزمات الاجتماعية والبيئية الأخرى: إعطاء الأولوية لنوع من القيمة على الأنواع الأخرى. لعبت هذه الديناميكية دورًا كبيرًا في توجيه الاستجابات العالمية لـ COVID-19. لذا مع تطور الاستجابات للفيرو ، كيف يمكن أن يتطور مستقبلنا الاقتصادي؟

عالم ما بعد كورونا؟

من منظور اقتصادي، هناك أربعة حلول مستقبلية محتملة: 

  • الانحدار إلى البربرية والفوضى
  • الرأسمالية القوية
  • الاشتراكية المتطرفة
  • التحول إلى مجتمع مدني متحد مبني على المساعدات المتبادلة. 

نسخ من جميع هذه الأحتمالات المستقبلية ممكنة تمامًا، وإن لم تكن مرغوبة.

التغييرات الصغيرة لم تعد مجدية:

إن الفيروس التاجي مثله مثل تغير المناخ؛ جزء من مشكلة هيكلنا الاقتصادي. على الرغم من أن كلاهما يبدو أنهما مشاكل «بيئية» أو «طبيعية» إلا أنهما مدفوعان اجتماعياً.

نعم، يحدث تغير المناخ بسبب امتصاص غازات معينة للحرارة، لكن هذا تفسير ضحل للغاية لفهم تغير المناخ، نحتاج إلى فهم الأسباب الاجتماعية التي تبقي على انبعاث الغازات الدفيئة، وبالمثل COVID-19 نعم السبب المباشر هو الفيروس، لكن إدارة آثاره تتطلب منا أن نفهم السلوك البشري وسياقه الاقتصادي الأوسع.

معالجة كل من COVID-19 وتغير المناخ أسهل بكثير إذا قمت بتقليل النشاط الاقتصادي غير الضروري، في حالة تغير المناخ إذا أنتجت أشياء أقل  فإنك تستخدم طاقة أقل فتنبعث منها غازات دفيئة أقل، COVID-19 إذا اختلط الناس ببعض تنتشر العدوى؛ يحدث هذا في المنازل وأماكن العمل وفي الرحلات، لذا تقليل ذلك كله قد يقلل الأزمة.

ربما يساعد تقليل الاتصال بين الأشخاص أيضًا في استراتيجيات التحكم الأخرى، تتمثل إحدى إستراتيجيات التحكم الشائعة في تفشي الأمراض المعدية في تتبع الاتصال والعزل، حيث يتم تحديد المخالطين للشخص المصاب، ثم عزلهم لمنع أنتشار المرض، يكون هذا أكثر فاعلية عند تتبع نسبة عالية من جهات الاتصال، كلما قل عدد المخالطين قل عدد الذين يجب تتبعهم والوصول إلىهم.

يمكننا أن نرى من تجربة ووهان أن إجراءات الإبعاد والإغلاق الاجتماعي مثل هذه فعالة. الاقتصاد السياسي مفيد في مساعدتنا على فهم سبب عدم أتباعهم في وقت سابق في البلدان الأوروبية والولايات المتحدة.

اقتصاد هش

الإغلاق يضغط على الاقتصاد العالمي، نحن نواجه ركودا خطيرا وقد دفع هذا الضغط بعض قادة العالم للدعوة إلى تخفيف إجراءات الإغلاق.

حتى مع إعلان 19 دولة حالة من الإغلاق، دعا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس البرازيلي جاير بولسونارو إلى التراجع عن تدابير التخفيف. دعا ترامب الاقتصاد الأمريكي إلى العودة إلى طبيعته في غضون ثلاثة أسابيع (لقد قبل الآن أنه يجب الحفاظ على التباعد الاجتماعي لفترة أطول).

 قال بولسونارو: «يجب أن تستمر حياتنا، يجب الحفاظ على الوظائف … يجب علينا -نعم- العودة إلى طبيعتها».

في المملكة المتحدة وفي هذه الأثناء قبل أربعة أيام من الدعوة إلى إغلاق لمدة ثلاثة أسابيع كان رئيس الوزراء بوريس جونسون أقل تفاؤلًا؛ قائلاً إن المملكة المتحدة يمكن أن تحول المد في غضون 12 أسبوعًا. ومع ذلك، حتى لو كان جونسون على صواب يبقى الأمر أننا نعيش مع نظام اقتصادي يهدد بالانهيار عند الوباء التالي.

إن أسباب إنهيار الاقتصاديات واضحة إلى حد ما، توجد الشركات لتحقيق الربح. إذا لم يتمكنوا من الإنتاج لا يمكنهم بيع الأشياء، هذا يعني أنهم لن يحققوا أرباحًا، مما يعني أنهم أقل قدرة على توظيفك. 

يمكن للشركات القيام -على مدى فترات زمنية قصيرة- الاحتفاظ بالعمال الذين لا يحتاجون إليهم على الفور: فهم يريدون أن يكونوا قادرين على تلبية الطلب عندما يعود الاقتصاد إلى الارتفاع مرة أخرى. ولكن إذا بدأت الأمور تبدو سيئة حقًا فهي كذلك. لذا، يفقد المزيد من الناس وظائفهم أو يخشون فقدان وظائفهم. لذلك يشترون أقل وتبدأ الدورة بأكملها مرة أخرى وننطلق نحو الكساد الاقتصادي.

في الأزمات العادية فإن الوصفة الطبية لحل هذا الأمر بسيطة تساهم الحكومة، وتنفق حتى يبدأ الناس في الاستهلاك والعمل مرة أخرى. (هذه الوصفة هي ما يشتهر به الاقتصادي جون ماينارد كينز).

لكن التدخلات العادية لن تنجح هنا لأننا لا نريد أن يتعافى الاقتصاد -على الأقل ليس على الفور- الهدف الأساسي من الإغلاق هو منع الأشخاص من الذهاب إلى العمل حيث ينشرون المرض. اقترحت إحدى الدراسات الحديثة أن رفع إجراءات الإغلاق في ووهان (بما في ذلك إغلاق أماكن العمل) في وقت قريب جدًا قد تشهد الصين ذروة ثانية للحالات في وقت لاحق من عام 2020.

جيمس ميدواي، اقتصاد الحرب أم اقتصاد السلم؟

كما كتب الاقتصادي جيمس ميدواي فإن الآستجابة الصحيحة لـ COVID-19 ليست اقتصاد زمن الحرب «مع زيادة هائلة في الإنتاج» لكن بدلاً من ذلك  نحتاج إلى اقتصاد «ضد الحرب» وخفض الإنتاج بشكل كبير. وإذا أردنا أن نكون أكثر مقاومة للأوبئة في المستقبل (و لتجنب أسوأ التغيرات المناخية) نحن بحاجة إلى نظام قادر على تقليص الإنتاج بطريقة لا تعني فقدان سبل العيش.

لذا ما نحتاجه هو عقلية اقتصادية مختلفة تميل إلى التفكير في الاقتصاد على أنه الطريقة التي نشتري بها ونبيع الأشياء، ولا سيما السلع الاستهلاكية، لكن هذا ليس ما يجب أن يكون عليه الاقتصاد أو يحتاج إليه. إن الاقتصاد في جوهره هو الطريقة التي نأخذ بها مواردنا ونحولها إلى الأشياء التي نحتاجها للعيش، بالنظر إلى هذا  يمكننا أن نبدأ في رؤية المزيد من الفرص للعيش بشكل مختلف تسمح لنا بإنتاج أشياء أقل دون زيادة البؤس.

لطالما اهتمت أنا والاقتصاديون الإيكولوجيون/البيئيون الآخرون بمسألة كيف تنتج أقل بطريقة اجتماعية عادلة، لأن التحدي المتمثل في إنتاج أقل هو أمر أساسي أيضًا في معالجة تغير المناخ،  كلما زاد إنتاجنا للغازات الدفيئة التي تنبعث منها. إذا كيف يمكنك تقليل كمية الأشياء التي تقوم بها مع إبقاء العمال في وظائفهم؟

تتضمن الاقتراحات تقليل مدة أسبوع العمل أو كما ذكرت بعض أعمالي الأخيرة يمكنك السماح للأشخاص بالعمل بشكل أبطأ و بضغط أقل. لا ينطبق أي من هذين مباشرة على COVID-19 حيث يتمثل الهدف في تقليل الاتصال بدلاً من الإنتاج، ولكن جوهر المقترحات هو نفسه، عليك أن تقلل من اعتماد الناس على الأجر/الراتب ليتمكنوا من العيش.

ما هو الاقتصاد؟

المفتاح لفهم الردود على COVID-19 هو السؤال عن الغرض من الاقتصاد، حاليا الهدف الأساسي للاقتصاد العالمي هو تسهيل تبادل الأموال، هذا ما يسميه الاقتصاديون «قيمة التبادل».

الفكرة السائدة للنظام الحالي هو أن قيمة التبادل هي نفس قيمة الاستخدام. على أساس أن الناس سينفقون الأموال على الأشياء التي يريدونها أو يحتاجون إليها وهذا الفعل من إنفاق المال يخبرنا شيئًا عن مدى تقديرهم لـ «استخدامه» هذا هو السبب في أن الأسواق تعتبر أفضل طريقة لإدارة المجتمع، فهي تسمح لك بالتكيف وهي مرنة بما يكفي لمطابقة القدرة الإنتاجية مع قيمة الاستخدام.

ما يوضحه COVID-19 هو مدى كذب معتقداتنا حول الأسواق في جميع أنحاء العالم تخشى الحكومات من تعطل الأنظمة الحيوية أو تحميلها بشكل زائد: سلاسل التوريد، والرعاية الاجتماعية، ولكن بشكل أساسي الرعاية الصحية وهناك الكثير من العوامل المساهمة في ذلك ولكن أول اثنين هم:

أولاً، من الصعب جدًا جني الأموال من العديد من الخدمات المجتمعية الأساسية ويرجع هذا جزئيًا إلى أن نمو إنتاجية العمل هو المحرك الرئيسي للأرباح: القيام بالمزيد بعدد أقل من الموظفين. فهم عامل تكلفة كبير في العديد من الشركات، وخاصة تلك التي تعتمد على التفاعلات الشخصية مثل الرعاية الصحية، ونتيجة لذلك يميل نمو الإنتاجية في قطاع الرعاية الصحية إلى أن يكون أقل من بقية الاقتصاد  وترتفع تكاليفه أسرع من المتوسط.

ثانيًا، الوظائف في العديد من الخدمات المهمة ليست تلك التي تميل إلى أن تكون ذات قيمة عالية في المجتمع. توجد العديد من أفضل الوظائف مدفوعة الأجر فقط لتسهيل التبادل ولكسب المال. إنهم لا يخدمون غرضًا أوسع للمجتمع: فهم ما يسميه عالم الأنثروبولوجيا ديفيد جرابر «وظائف خادعة/bullshit jobs» ومع ذلك -لأنهم يجنون الكثير من المال- لدينا الكثير من المستشارين وصناع الإعلانات الضخمة والقطاع المالي الضخم. في هذه الأثناء لدينا أزمة في الرعاية الصحية والاجتماعية حيث يضطر الناس غالبًا إلى ترك وظائف مفيدة يستمتعون بها، لأن هذه الوظائف لا تدفع لهم ما يكفي للعيش!.

وظائف لا طائل منها

وظائف لا طائل منها!

حقيقة أن الكثير من الناس يعملون في وظائف لا طائل من ورائها هي جزئياً سبب عدم استعدادنا للرد على COVID-19. يبرز الوباء أن العديد من الوظائف ليست ضرورية ومع ذلك نفتقر إلى عدد كاف من العاملين الرئيسيين للاستجابة عندما تسوء الأمور.

يضطر الناس إلى العمل في وظائف لا طائل من ورائها لأنه في مجتمع حيث تكون قيمة التبادل هي المبدأ الموجه للاقتصاد، فإن السلع الأساسية للحياة متاحة بشكل رئيسي من خلال الأسواق. هذا يعني أن عليك شرائها ولشرائها تحتاج إلى دخل  يأتي من وظيفة.

الجانب الآخر من هذه العملة هو أن الاستجابات الأكثر جذرية (والفعالة) التي نشهدها لتفشي COVID-19 تتحدى هيمنة الأسواق وقيمة التبادل. في جميع أنحاء العالم تتخذ الحكومات إجراءات بدا قبل ثلاثة أشهر أنها مستحيلة. في إسبانيا تم تأميم المستشفيات الخاصة. في المملكة المتحدة أصبح احتمال تأميم وسائل النقل المختلفة حقيقيًا جدًا، وأبدت فرنسا استعدادها لتأميم الشركات الكبرى.

وبالمثل نشهد انهيار أسواق العمل. توفر بلدان مثل الدنمارك والمملكة المتحدة دخلًا للناس لمنعهم من الذهاب إلى العمل. هذا جزء أساسي من الإغلاق الناجح. هذه التدابير أبعد ما تكون عن الكمال. ومع ذلك فإنه التحول من مبدأ أن على الناس العمل من أجل كسب دخلهم والتحرك نحو فكرة أن الناس يستحقون أن يتمكنوا من العيش حتى إذا لم يتمكنوا من العمل.

يعكس الاتجاهات السائدة في الأربعين سنة الماضية. خلال هذا الوقت ، كان يُنظر إلى الأسواق وقيم الصرف على أنها أفضل طريقة لإدارة الاقتصاد ونتيجة لذلك تعرضت الأنظمة العامة لضغوط متزايدة للتسويق، ليتم تشغيلها كما لو كانت شركات تجارية يتعين عليها كسب المال. وبالمثل أصبح العمال أكثر تعرضًا للسوق، فقد أزالت عقود الساعات الصفرية والاقتصاد الكبير طبقة الحماية من تقلبات السوق التي كانت توفرها العمالة الطويلة الأجل والمستقرة.

يبدو أن COVID-19 يعمل عكس هذا الاتجاه، حيث يأخذ الرعاية الصحية وسلع العمل من السوق ويضعها في أيدي الدولة التي تنتجها لأسباب عديدة بعضها جيد والبعض سيئ. ولكن على عكس الأسواق ، لا يتعين عليهم الإنتاج مقابل قيمة التبادل وحدها.

هذه التغييرات تعطيني أمل وتوفر الفرصة لإنقاذ العديد من الأرواح. حتى أنهم يشيرون إلى إمكانية التغيير على المدى الطويل الذي يجعلنا أكثر سعادة ويساعدنا على معالجة تغير المناخ. ولكن لماذا استغرقنا وقتًا طويلاً للوصول إلى هنا؟ لماذا كانت العديد من البلدان غير مهيأة للغاية لإبطاء الإنتاج؟ الجواب يكمن في تقرير حديث لمنظمة الصحة العالمية: لم يكن لديهم «عقلية» الصواب.

خيالنا الاقتصادي

كان هناك إجماع اقتصادي واسع النطاق لمدة 40 عامًا وقد حد هذا من قدرة السياسيين ومستشاريهم على رؤية الشقوق في النظام ، أو تخيل البدائل. هذه العقلية تقودها إلى معتقدان مرتبطان:

  1. السوق هو ما يوفر جودة حياة جيدة، لذلك يجب حمايته
  2. سيعود السوق دائمًا إلى طبيعته بعد فترات قصيرة من الأزمات

هذه الآراء مشتركة بين العديد من الدول الغربية لكنهما أقوى في المملكة المتحدة والولايات المتحدة وكلاهما بدا أنهما مستعدان بشدة للرد على COVID-19.

في المملكة المتحدة تم تسريب ملخص ما قيل في اجتماع خاص لكبار مساعدي رئيس الوزراء تجاه COVID-19 على أنه استخدام «مناعة القطيع» حماية الاقتصاد وإذا كان ذلك يعني أن بعض «أصحاب المعاشات قد يموتون للأسف»!. 

أنكرت الحكومة ذلك، ولكن ماذا إذا كانت التلك حقيقية فليس من المستغرب. في مناسبة حكومية في وقت مبكر من الوباء أن يقول لي موظف حكومي كبير: «هل يستحق الأمر الاضطراب الاقتصادي؟ إذا نظرت إلى تقييم جودة للحياة، ربما لا».

هذا النوع من الآراء مستوطن في فئة النخبة ويمثلها بشكل جيد مسؤول تكساس الذي جادل بأن العديد من كبار السن «سيموتون بسرور بدلاً من رؤية الولايات المتحدة تغرق في ركود اقتصادي»!. تعرض وجهة النظر هذه العديد من الأشخاص الضعفاء للخطر (وليس كل الأشخاص الضعفاء من كبار السن) وكما حاولت أن أوضح هنا فهو خيار زائف.

أحد الأشياء التي يمكن أن تفعلها أزمة COVID-19 هو توسيع هذا الخيال الاقتصادي. بينما تتخذ الحكومات والمواطنون خطوات كانت تبدو قبل ثلاثة أشهر مستحيلة، فإن أفكارنا حول كيفية عمل العالم يمكن أن تتغير بسرعة، دعونا نلقي نظرة على المكان الذي يمكن أن يأخذنا إليه هذا التخيل.

احتمالات عالم ما بعد كورونا

لمساعدتنا في رؤية المستقبل سأستخدم تقنية من مجال دراسات المستقبل. تأخذ عاملين تعتقد أنهم مهمين في المستقبل، وتتخيل ما سيحدث في ظل مجموعات مختلفة من تلك العوامل.

العوامل التي أريد أن آخذها في الحسبان هي القيمة والمركزية. تشير القيمة إلى كل ما هو مبدأ موجه لاقتصادنا. هل نستخدم مواردنا لزيادة قيمة التبادلات والأموال، أم نستخدمها لزيادة قيمة الحياة؟ تشير المركزية إلى الطرق التي يتم بها تنظيم الأشياء، إما عن طريق الكثير من الوحدات الصغيرة أو بواسطة قوة قيادة واحدة كبيرة. يمكننا تنظيم هذه العوامل في شبكة والتي يمكن بعد ذلك ملؤها بالسيناريوهات. لذا يمكننا التفكير فيما قد يحدث إذا حاولنا الاستجابة للفيروس التاجي بالمجموعات الأربعة المتطرفة:

  1. رأسمالية الدولة: استجابة مركزية، إعطاء الأولوية لقيمة التبادل
  2. البربرية: استجابة لامركزية تعطي الأولوية لقيمة التبادل
  3. اشتراكية الدولة: استجابة مركزية، وإعطاء الأولوية لحماية الحياة.
  4. المساعدة المتبادلة: الاستجابة اللامركزية إعطاء الأولوية لحماية الحياة.
أربعة أحتمالات مستقبلية

المستقبل الأول: رأسمالية الدولة

رأسمالية الدولة هي الاستجابة المهيمنة التي نراها في جميع أنحاء العالم في الوقت الحالي. ومن الأمثلة النموذجية المملكة المتحدة وإسبانيا والدنمارك.

يستمر المجتمع الرأسمالي في الدولة في السعي وراء قيمة التبادل باعتبارها الضوء الموجه للاقتصاد. لكنها تعترف بأن الأسواق في أزمة تتطلب الدعم من الدولة. بالنظر إلى أن العديد من العمال لا يستطيعون العمل لأنهم مرضى  أو خائفون على حياتهم، فإن الدولة تتدخل بطريقة دعم بتقديم الائتمان من الخزانة وتسديد الدفعات المباشرة للشركات.

التوقعات هنا هي أن هذا سيكون لفترة قصيرة. الوظيفة الأساسية للخطوات التي يتم اتخاذها هي السماح لأكبر عدد ممكن من الشركات بمواصلة التداول. في المملكة المتحدة على سبيل المثال لا يزال يتم توزيع المواد الغذائية في الأسواق (على الرغم من أن الحكومة خففت قوانين المنافسة). عندما يتم دعم العمال مباشرة يتم ذلك بطرق تسعى إلى تقليل الاضطراب في الأداء الطبيعي لسوق العمل. لذا على سبيل المثال كما هو الحال في المملكة المتحدة يجب على أصحاب العمل التقدم بطلب للحصول على المدفوعات وتوزيعها. ويكون حجم المدفوعات على أساس قيمة التبادل التي عادة ما يخلقها العامل في السوق بدلاً من فائدة عمله!.

هل يمكن أن يكون هذا سيناريو ناجح؟ ممكن، ولكن فقط إذا ثبت أن COVID-19 لا يمكن السيطرة عليه خلال فترة قصيرة. مع تجنب الإغلاق الكامل للحفاظ على أداء السوق لا يزال من المحتمل أن يستمر انتقال العدوى. في المملكة المتحدة لا يزال البناء غير الأساسي مستمرًا، مما يجعل العمال يختلطون في مواقع البناء لكن تدخل الدولة المحدود سيصبح من الصعب الحفاظ عليه إذا ارتفع عدد القتلى. ستؤدي زيادة المرض والموت إلى إثارة الاضطرابات وتعميق الآثار الاقتصادية مما يجبر الدولة على اتخاذ المزيد والمزيد من الإجراءات الجذرية لمحاولة الحفاظ على أداء السوق.

المستقبل الثاني: الهمجية/البربرية

هذا هو السيناريو الأكثر قتامة الهمجية هي المستقبل إذا واصلنا الاعتماد على قيمة التبادل كمبدأ توجيهي ومع ذلك نرفض تقديم الدعم لأولئك الذين يخرجون من الأسواق بسبب المرض أو البطالة فهو يصف حالة لم نرها بعد.

تفشل الشركات ويتضور العمال جوعًا لعدم وجود آليات لحمايتهم من الحقائق القاسية للسوق. لا يتم دعم المستشفيات بتدابير استثنائية، وبالتالي تصبح مرهقة ويموت  الناس. الهمجية هي في نهاية المطاف دولة غير مستقرة تنتهي بالدمار أو الانتقال إلى أحد أقسام الشبكة الأخرى بعد فترة من الدمار السياسي والاجتماعي.

هل يمكن أن يحدث هذا؟ القلق هو أنه يمكن أن يحدث عن طريق الخطأ أثناء الوباء، أو عن طريق القصد بعد ذروة الوباء. الخطأ هو إذا فشلت الحكومة في التدخل بطريقة كبيرة بما يكفي خلال أسوأ وقت للجائحة. قد يتم تقديم الدعم للشركات والأسر ولكن إذا لم يكن ذلك كافيًا لمنع انهيار السوق في مواجهة الأمراض المنتشرة ، فستحدث الفوضى وقد تُرسل المستشفيات أموالاً إضافية وأشخاصًا، ولكن إذا لم يكن ذلك كافيًا فسيتم إبعاد المرضى بأعداد كبيرة.

من المحتمل أن تكون هناك إمكانية للتقشف الشديد بعد أن يكون الوباء قد بلغ ذروته، وتسعى الحكومات إلى العودة إلى الوضع «الطبيعي». وقد تم تهديد هذا في ألمانيا سيكون هذا كارثيا. ليس أقله أن تأجيل تمويل الخدمات الحيوية أثناء التقشف قد أثر على قدرة البلدان على الاستجابة لهذا الوباء.

سيؤدي الفشل اللاحق للاقتصاد والمجتمع إلى اضطرابات سياسية واجتماعية ، مما يؤدي إلى فشل الدولة وانهيار كل من أنظمة رعاية الدولة والمجتمع.

المستقبل الثالث: اشتراكية الدولة

تصف اشتراكية الدولة أول مستقبل يمكن أن نراه مع تحول ثقافي يضع نوعًا مختلفًا من القيمة في قلب الاقتصاد. هذا هو المستقبل الذي نصل إليه بتمديد التدابير التي نراها حاليًا في المملكة المتحدة وإسبانيا والدنمارك.

المفتاح هنا هو أن تدابير مثل تأميم المستشفيات والمدفوعات للعمال لا تعتبر أدوات لحماية الأسواق ، ولكن طريقة لحماية الحياة نفسها. في مثل هذا السيناريو تتدخل الدولة لحماية أجزاء الاقتصاد الضرورية للحياة: إنتاج الغذاء والطاقة والمأوى على سبيل المثال، بحيث لا تعد الأحكام الأساسية للحياة على أهواء السوق. تقوم الدولة بتأميم المستشفيات، وتوفر السكن مجانًا. وأخيرًا فإنه يوفر لجميع المواطنين وسيلة للوصول إلى سلع مختلفة – سواء الأساسيات أو أي سلع استهلاكية يمكننا إنتاجها بقوة عاملة مخفضة.

لم يعد المواطنون يعتمدون على أصحاب العمل كوسطاء بينهم وبين المواد الأساسية للحياة. تتم المدفوعات لجميع الأشخاص مباشرةً ولا تتعلق بقيمة الصرف  بدلاً من ذلك ، فإن المدفوعات هي نفسها للجميع (على أساس أننا نستحق أن نتمكن من العيش، لمجرد أننا على قيد الحياة) ، أو أنها تستند إلى فائدة العمل. عمال السوبرماركت، وسائقو التوصيل، ومكدسات المستودعات، والممرضات، والمدرسون، والأطباء يصبحون محل الرؤساء التنفيذيون.

من الممكن أن تظهر اشتراكية الدولة كنتيجة لمحاولات رأسمالية الدولة وتأثيرات الوباء المطول. إذا حدث ركود عميق وكان هناك خلل في سلاسل التوريد بحيث لا يمكن إنقاذ الطلب عن طريق نوع السياسات الكينزية القياسية التي نراها الآن (طباعة الأموال، مما يسهل الحصول على القروض وما إلى ذلك) ، فقد تتولى الدولة الإنتاج.

هناك مخاطر على هذا النهج – يجب أن نكون حذرين لتجنب الاستبداد. ولكن حسنًا، قد يكون هذا أفضل أمل لنا ضد تفشي COVID-19 الشديد، دولة قوية قادرة على حشد الموارد لحماية الوظائف الأساسية للاقتصاد والمجتمع.

المستقبل الرابع: المساعدة المتبادلة

المساعدة المتبادلة هي المستقبل الثاني الذي نعتمد فيه حماية الحياة كمبدأ توجيهي لاقتصادنا. لكن في هذا السيناريو، لا تقوم الدولة بدور محدد. وبدلاً من ذلك  يبدأ الأفراد والمجموعات الصغيرة في تنظيم الدعم والرعاية داخل مجتمعاتهم.

تتمثل المخاطر في هذا المستقبل في أن المجموعات الصغيرة غير قادرة على تعبئة نوع الموارد المطلوبة بسرعة لزيادة فعالية الرعاية الصحية مثلاً. ولكن يمكن أن تساعد المساعدة المتبادلة على منع انتقال العدوى بشكل أكثر فاعلية، من خلال بناء شبكات دعم مجتمعية تحمي قواعد العزل الضعيفة والشرطية. يرى الشكل الأكثر طموحا لهذا المستقبل تنشأ هياكل ديمقراطية جديدة. تجمعات المجتمعات القادرة على تعبئة موارد كبيرة بسرعة نسبية. يتحد الأشخاص معًا لتخطيط الاستجابات الإقليمية لوقف انتشار المرض و (إذا كانت لديهم المهارات) لعلاج المرضى.

أمل وخوف

هذه الرؤى هي سيناريوهات متطرفة وخطط عامة، ومن المرجح أن تختلط ببعضها البعض. خوفي هو الانتقال من رأسمالية الدولة إلى البربرية. أملي هو مزيج من اشتراكية الدولة والمساعدة المتبادلة: دولة قوية وديمقراطية تحشد الموارد لبناء نظام صحي أقوى، وتعطي الأولوية لحماية الضعفاء من نزوات السوق وتستجيب وتمكن المواطنين من تكوين مجموعات المساعدة المتبادلة بدلاً من عمل وظائف لا معنى لها.

ما نأمل أن يكون واضحًا هو أن كل هذه السيناريوهات تترك بعض أسباب الخوف، ولكن أيضًا بعض الأمل. يبرز COVID-19 أوجه القصور الخطيرة في نظامنا الحالي. من المرجح أن تتطلب الاستجابة الفعالة لهذا التغيير الاجتماعي الجذري. لقد جادلت بأن ذلك يتطلب تحركًا حادًا بعيدًا عن الأسواق واستخدام الأرباح كطريقة أساسية لتنظيم الاقتصاد، الجانب التصاعدي لهذا هو إمكانية بناء نظام أكثر إنسانية يجعلنا أكثر مرونة في مواجهة الأوبئة المستقبلية والأزمات الوشيكة الأخرى مثل تغير المناخ.

يمكن أن يأتي التغيير الاجتماعي من العديد من الأماكن ومع العديد من التأثيرات، لكن المهمة الرئيسية بالنسبة لنا جميعًا هي المطالبة بأن تأتي الأشكال الاجتماعية الناشئة من أخلاقيات تقدر الرعاية والحياة والديمقراطية. المهمة السياسية المركزية في هذا الوقت من الأزمة هي الحياة (وتكاد تكون منظمة) حول هذه القيم.

المصدر: What will the world be like after coronavirus? Four possible futures

دراسات | الاقتصاد الموازي المصري: فرص ضائعة

مقدمة

يمكننا من خلال توضيح مفهوم الاقتصاد الموازي وتعريفه بأنه أي نشاط اقتصادي غير رسمي يمارسه الأفراد أو المؤسسات ولا يتم إحصائه بشكل رسمي، أي لا تعرف الأجهزة الحكومية قيمته الفعلية، ولا يدخل في حسابات الناتج القومي، وبالتالي لا يدخل في الحصيلة الضريبية ولا يخضع العاملين فيها لأي نظام اجتماعي، (الاسرج، ٢٠١٠) ملاحظة مشاكل وجود هذا النوع من الاقتصاد بل وشغله نسبة كبيرة من اقتصاد البلدان النامية. سنركز في هذا الورقة على معرفة أهم أسباب انتشار هذا الشكل من الاقتصاد، بالإضافة الي أهم ما يترتب عليه من مشاكل وسنحاول الوصول إلى أهم الحلول والخطط التي يمكن اتباعها من أجل دمج الاقتصاد غير الرسمي وتحويله إلى صورة رسمية، والاستفادة من الدخل الجاري من هذه المشاريع والذي لا يدخل في الحسابات القومية كما تم الذكر سابقًا.

مراجعة الأدبيات

أثناء مراجعة الأدبيات التي تركزت حول موضوع ورقتنا، حاولنا الإجابة عن بعض الأسئلة الرئيسية، أولها هو ما أهم سمات الإقتصاد الموازي أو الإقتصاد غير الرسمي؟ أي متي يمكننا إطلاق لفظ غير رسمي على مؤسسة ما؟

الاقتصاد الموازي المصري: فرص ضائعة

عرض حسين عبد المطلب الاسرج في ورقته البحثية “انعكاسات القطاع غير الرسمي على الاقتصاد المصري” سمات القطاع غير الرسمي، ويركز على غياب التسجيل الضريبي والسجلات الرسمية مثل السجل التجاري، السجل الصناعي، تراخيص العمل، إلخ لهذه المؤسسات، مع وجود قواعد وهياكل تنظيمية التي تنظم عملها. بالإضافة لذكره سيطرة المشاريع الفردية على القطاع غير الرسمي في مصر حيث ذكر أن ٩٢٪ من مشاريع القطاع غير الرسمي هي مشاريع فردية. (الاسرج، ٢٠١٠).

ثانيًا لماذا يظهر هذا النوع من الاقتصاد؟

يمكن اعتبار البيروقراطية اهم اسباب ظهور هذا النوع من الاقتصاد، كما ذكرت “ريم عبد الحليم” في دراستها “الاقتصاد غير الرسمي في الشركات الصغيرة والمتوسطة في مصر”، فإن البيروقراطية سمة سائدة في كل مؤسسات الدولة. (عبد الحليم،٢٠١٩). وفقا لبيانات البنك الدولي فإن الاجراءات القانونية في مصر تستهلك الكثير من المجهود والوقود وكذلك التكاليف المادية، وهو ما يجعل الاقتصاد غير الرسمي ينمو بشكل أكبر، حيث يوفر ذلك علي صاحب الشركة أو المشروع العديد من الخطوات المكلفة:

الاسم القانونيعدد الخطواتالوقت المطلوب
تسجيل الأعمال التجارية٧ خطوات٨ ايام
تصاريح البناء٢١ خطوة١٧٩ يوم
إنفاذ العقد٤٢ خطوة٢.٧ سنة
دفع ضريبة الشركات١٧ دفعة٢٢٧ ساعة

(World Bank,2014)

بالإضافة الي كفاءة النظام الضريبي في مصر الذي يعاني على مستوي التشريع ومستوي التطبيق والممارسة، فمثلا طبقا لتعديلات الدستور في يونيو ٢٠١٧، فإن أصحاب الدخل الشهري الأقل من ٦٠٠ جنيه هم فقط المعفون من الضريبة، اي المواطنين الذين وفقا لخط الفقر الدولي يعتبروا فقراء.

ثالثًا ما هو وضع الاقتصاد الموازي في مصر؟

وصلت نسبة الأنشطة غير الرسمية في مصر إلي ٣٥٪ من الناتج المحلي الكلي وذلك في الفترة ١٩٩٧- ٢٠٠٦ طبقا لدراسة أصدرها البنك الدولي، وهذه النسبة في الحقيقة تعتبر نسبة مرتفعة نظرًا لأن نفس التقرير ذكر أن متوسط هذه النسبة بين دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية كان ١٣.٥٪. (Friedrich,2010) بالإضافة الي التقرير الصادر عن البنك الدولي بعنوان (مصر: الطابع الغير الرسمي هو السائد) الصادر عام ٢٠١٣، الذي ذكر أن نسبة ٥٥٪ من العاملين في مصر بين ١٥-٦٥ عام يعملون بشكل غير رسمي.  وأخيرا تقرير البنك الأفريقي الذي ذكر أن نسبة العاملين في القطاع غير الرسمي في مصر يقدر بحوالي ٦١٪ وذلك في القطاعات غير الزراعية وفقًا لاحصاءات عام ٢٠١٣. (FDB,2016)

رابعًا ما هي أهم المشاكل الناتجة عن وجود الاقتصاد الموازي في مصر؟

تعتبر تسهيل عملية غسيل الأموال من أهم المشاكل المترتبة عن الاقتصاد الموازي، حيث أنه وسيلة يستخدمها الفرد من أجل طبع صفة الرسمية على أموال مجهولة أو مشبوهة المصدر حتى يستطيع التعامل بها بصفة رسمية من دون مسائلات قانونية.

بالإضافة الي تأثير وضع الاقتصاد الموازي على إيرادات الدولة من الضرائب والرسوم المتعلقة بتسيير الأعمال، حيث لا تدخل هذه المشاريع تحت الصفة الرسمية وبالتالي لا يتم تسديد حصتها من الضرائب، مما يؤثر على إيرادات الدولة.

بالإضافة إلى تأثير هذا النشاط على سوق المنافسة حيث أن تكلفة المشاريع الرسمية تزيد مع زيادة مسؤوليتها، مثال علي ذلك ضرورة تأمينها على الموظفين، او ما تدفعه من ضرائب، وتنافس مع مشروع غير رسمي، لم يقوم بدفع نفس التكاليف وبالتالي لم يعد هناك تنافس عادل في السوق. (عباس، ٢٠١٩).

التوصيات:

بعد مناقشة مفهوم الاقتصاد الموازي، يجب مناقشة الطريقة الأمثل للتعامل مع هذه الظاهرة، وهو ما يتمثل في دمج القطاع غير الرسمي في القطاع الرسمي، والذي يمكّن الدولة والسوق من الاستفادة مما يحققه القطاع غير الرسمي من خلق فرص عمل وزيادة الانتاج والنمو، وكذلك تساعد الحكومة علي تجميع البيانات السليمة، وحصد إيرادات الدولة من الضرائب التي تمثل الجزء الأكبر من الميزانية، وتمكننا من تلخيص التوصيات في النقاط الأتية:

١.  مساعدة وتيسيير دمج القطاع غير الرسمي في القطاع الرسمي:

أ. تسهيل الاجراءات، واختصار الخطوات واستخراج التصاريح اللازمة لمزاولة النشاط الاقتصادي.
ب. تعديل معدلات الضرائب المفروضة، او اعطاء هذه المنشآت مدة معقولة من الإعفاء الضريبي، يسمح للمنشآت بتحقيق معدلات من الربح لدعم نموها.
ج. مساعدة أصحاب العمل في إضفاء صفة الرسمية على العاملين عن طريق تحسين قوانين التأمينات وقوانين العمل الأخري.
د. مساعدة اصحاب المشاريع الصغيرة، عن طريق اعطائهم مزايا وفترات سماح ضريبية، وأسعار فوائد أقل، ومثال علي ذلك هي مبادرة البنك المركزي للمشاريع الصغيرة والمتوسطة .
هـ.  تأسيس نقابات أو جمعيات تعاونية للعاملين في القطاع غير الرسمي.
و. زيادة دور المحليات في الرقابة على العمالة العشوائية. (عباس، ٢٠١٩).

٢. الشمول المالي:
حسب تعريف البنك المركزي المصري، فإن الشمول المالي هو أن كل فرد أو مؤسسة في المجتمع يمكنه الوصول إلى منتجات مالية مناسبة لاحتياجاته، مثل: حسابات التوفير، حسابات جارية، خدمات الدفع والتحويل، التأمين، التمويل والائتمان، إلخ، ويكون تقديم هذه الخدمات من خلال القنوات الشرعية، مثل البنوك وهيئات البريد والجمعيات الأهلية وغيرها. وذلك لضمان أن كل فئات الشعب تتمكن من إدارة أموالهم ومدخراتهم بشكل آمن وسليم لضمان عدم لجوء الأغلبية للوسائل غير الرسمية التي لا تخضع لأي رقابة واشراف.

إن أهمية الشمول المالي في دمج الاقتصاد الموازي تكمن في سهولة تعامل المشاريع والأفراد مع النظام البنكي، بالإضافة إلى بناء الثقة بين النظام البنكي والأفراد، والتي تشجعهم على التعرف على الخدمات البنكية التي يمكنهم الاستفادة منها في مشاريعهم أو حتى بشكل شخصي، وذلك يساعد على إضفاء الرسمية على معاملاتهم.

لذلك ومع زيادات معاملات الأفراد الإلكترونية والبنكية، يمكن بسهولة حثهم علي دمج أعمالهم تحت المظلة الرسمية، وذلك يشمل بالتأكيد مبادارات تمويل المشروعات والتمويل الشخصي للبنوك والتي تدعم الثقة ما بين الأفراد والنظام البنكي، وتساعد المستثمرين وتحفزهم تجاه الأعمال الرسمية. (البنا، ٢٠١٨).

قائمة المراجع:

الأسرج، ” انعكاسات القطاع غير رسمي على الاقتصاد المصري، ورقة بحثية”، وزارة الصناعة والتجارة والخارجية،٢٠١٠.
عباس، “الاقتصاد غير الرسمي في مصر: المشكلات والحلول”، المعهد المصري للدراسات، ٢٠ مارس ٢٠١٩.
عبد الحليم، ” الاقتصاد الغير رسمي في الشركات الصغيرة والمتوسطة في مصر: تعريف ومراجعة تشريعية”، مركز المشروعات الدولية الخاصة، ص١٦.
غالي، منصور، والبراوي، ” العمل غير الرسمي وأثره على الاقتصاد القومي”، وزارة المالية، الادارة المركزية للبحوث المالية والتنمية.

African Development Bank, “Addressing informality in Egypt”, Working Paper, 201.
 Schneider, Buehn, E.Montenegro,” Shadow Economics all over the world: New Estimates for 162 Countries from 1999 to 2007, Policy Research Papers, World Bank Group, July 2010.
World Bank,” Informal is the New Normal” Issues Brief No.2, December 2013.
World Bank,” Doing Business in Egypt, Washington, 2014.

بالتعاون مع Cairo Graduate Colleague

الأوبئة والاقتصاد في التاريخ؛ هل يختلف تأثير COVID-19 على الاقتصاد عن غيره؟

إن الأوبئة هي عامل حتمي ومؤثر في سير حلقة الاقتصاد وتطوره، فقد جعلت مظاهر الاقتصاد الكبير من شبكات التجارة المترابطة والمدن الاقتصادية الكبرى من المجتمعات موطنًا كبيرًا للثراء ولكنها أيضًا جعلتها أكثر ضعفًا في مواجهة الأوبئة، فمنذ إمبراطوريات العصور القديمة وحتى مراحل الاقتصاد العالمي الحاضر؛ يُتوقع أن يكون تأثير COVID-19 مختلفًا عما سبقه من الأوبئة والجوائح في العصور السابقة من الناحية الاقتصادية، ومع معرفة القليل من المعلومات عن تلك الفيروسات والبكتريا، فإن عدد الضحايا سيكون على مستوى مختلف عن ضحايا الأوبئة السابقة كوباء الموت الأسود أو الأنفلونزا الإسبانية، ومع ذلك؛ فإن خراب الماضي يقدم لنا بعض الدلالات حول تأثير فيورس COVID-19 على تغيير خريطة الاقتصاد العالمي.

على الرغم من التأثير المروع للأوبئة على البشر؛ إلا أن أثارها الإقتصادية ليس بنفس الدرجة من السوء على المدى الطويل، فقد قضى الموت الأسود على ثلثي سكان أوروبا وترك ندوبًا قاسية في تاريخ القارة البيضاء، ولكن في أعقابه؛ كانت المساحة المزروعة أكثر بكثير من طاقات العمال المتوفرين لزراعتها، فقد أدت قلة العمالة الزراعية نتيجة ارتفاع عدد الضحايا إلى زيادة قوة العمال وقدرتهم على المساومة على الأرض وامتلاكها من مُلاكها مما ساهم في انهيار النظام الاقتصادي الاقطاعي، ويبدو أنها كانت سببًا في أن يصبح اقتصاد أجزاء من شمال غرب أوروبا في مسار واعد ومتقدم، فقد ارتفعت الدخول الحقيقة للعمال الاوروبيين بشكل واضح بعد ذلك الوباء الذي ضرب القارة بين عامي 1347- 1351م ، وفي تلك الأوقات – فترة ما قبل العصر الصناعي –  عادة ما أدت هذه الدخول المرتفعة إلى نمو سكاني أسرع وبالتالي إلى قلة نسبة محدودي الدخل – كما لاحظ توماس مالتوس Thomas Malthus (باحث سكاني واقتصادي سياسي إنجليزي)  –  ولكن لم تكن قاعدة مالتوس هذه قابلة للتطبيق في جميع أنحاء أوروبا كلها، فلم تثبت نظريته صدقها بعد انحسار الوباء.

يناقش كل من نيكو فويقلاندرز Nico Voigtländer ( من جامعة كليفورنيا – لوس أنجلوس) وهانز جواكيم فوث Hans-Joachim Voth ( الآن بجامعة زيورخ) فكرة أن الدخل المرتفع الناتج من سنوات الطاعون أدى إلى زيادة الإنفاق على السلع المصنعة ذاتيًا داخل المدن وبالتالي أدى إلى ارتفاع مستوى التحضر فيها، لقد دفع الطاعون وبشكل فعال أجزاء من أوروبا كانت تعاني التوزان بين الأجور المنخفضة وقلة التحضر إلى مسار أكثر ملائمة لتطور اقتصادي تجاري ثم صناعي بعد ذلك.

وبالمثل؛ فقد حدث ما يشبه ذلك في أعقاب وباء الأنفلونزا الإسبانية التي قتلت ما بين 20- 100 مليون شخص خلل الفترة من 1918- 1920م، إذ لم تعد اقتصاديات الصناعة التي واكبت أوائل القرن الـ20 تلائم ما جاء به مالتوس، ومع ذلك ؛ وحسب ما يراه كل من إليزبيث بيرنرد ( جامعة برانديز ) ومارك سيغلر ( جامعة ولاية كليفورنيا ) أن الولايات المتحدة الأمريكية كانت أكثر الدول تضررًا من وباء الأنفلونزا الإسبانية ولكنها نمت بشكل أسرع اقتصاديًا من غيرها عقب تلك الجائحة.

في الولايات المتحدة الأميريكية، وبعد السيطرة والتحكم على مجموعة من العوامل الاقتصادية والديموغرافية وجدوا أن وفاة إضافية واحدة لكل ألف شخص ساهمت في زيادة متوسط النمو السنوي للدخل الحقيقي للفرد على مدى عقد لاحق على الأقل بنسبة 0.15 نقطة مئوية، وعلى الرغم من أن حصيلة COVID-19 من الضحايا من المرجح أن تكون قليلة جدًا لتعزيز هذه الفكرة( زيادة الأجور) إلا أنها قد تجبر الشركات على تبني تقنيات جديدة من أجل العمل في الوقت الذي ستصبح المخازن والمكاتب فارغة دون المساس بدرجات النمو والإنتاجية .

ورغم كل التحليلات التي في ظاهرها إيجابية، لا يستبعد الباحثون الأثر والتأثير الشديد لفيروس COVID-19 على الاقتصاد العالمي إذا لم يتم احتواء الوباء بشكل أسرع ، وإذا تم ذلك؛ يمكن أن لا يستمر تأثيره السلبي على الاقتصاد لفترة طويلة ، ولكن على العكس إذا لم يتم احتواءه بسرعة يمكن أن يكون قويًا بما يكفي لإغلاق بعض الشركات الكبرى مما يؤدي إلى ارتفاع حاد في نسبة البطالة.

استطاعت المخاوف من انتشار فيروس كورونا في زعزعة الأسواق العالمية

وهنا يجب أن يبرز دور الحكومات وتدخلها للتخفيف من حدة الأزمات التي تسببها الأوبئة، عن طريق تقديم الأموال بشكل مباشر إلى الأسر المتضررة مع تقديم الدعم المناسب للعمال من نسبة الأموال المخصصة للطوارئ في تلك البلاد، مع استعداد نفسي لنسبة من فئة العمالة لخسارة وظائفهم، ومن خلال ما تسببه هذه الأوبئة وبشكل خاص COVID-19 من حالة عزل للدول وخاصة الولايات المتحدة فإن تأثيره على ما يمكن تسميته بالتموج الإقتصادي أمر لا مفر منه.  ومن المؤكد أن عدة قطاعات ستضرر بشكل كبير ومن أولها المتاجر والمطاعم ( التي أغلقت أبوابها تمامًا ) ومعها شكرات الطيران والسياحة بسبب القيود على السفر والتنقل، وهناك بعض الصناعات التي ستتأثر بشكل أقل وخاصة تلك الصناعات البعيدة عن المجال الطبي والذي يقتصر الضرر عليهم في قلة الطلب على صناعتهم؛ وفي ضوء ذلك تضطر البنوك إلى التساهل في سداد القروض لأن جزء من قاعدة عملائها فقد عمله.

يعتبر الكثيرون أن فيروس كوفيد 19 قد يعتبر الصدمة الاقتصادية الأسرع والأعمق في التاريخ ، فقد تأثر الاقتصاد العالمي بشكل سريع خلال ثلاثة أسابيع فقط في ظل الأزمة الحالية، فالأمر قد استغرق فقط 15 يومًا ليهبط سوق الأسهم الأميريكية بنسبة 20% وهو أسرع إنخفاض شهدته تلك السوق على الإطلاق، ويتوقع أن ينخفض الناتج المحلي الأميريكي بنسبة سنوية تبلغ 6% ،وقد حذر وزير الخزانة الأميريكي من أن معدل البطالة قد يرتفع إلى أعلى من 20% وهو ضعف مستوى النسبة خلال الأزمة الحالية .

للمزيد حول تأثير الكورونا على الاقتصاد العالمي: ما هو تأثير فيروس كورونا على الاقتصاد العالمي ؟

المصادر :

economist

.theguardian

investopedia

ما هو تأثير فيروس كورونا على الاقتصاد العالمي ؟

مع انتشار فيروس كورونا أو مايعرف بالفيروس التاجي، انخفضت أسعار الأسهم. منذ ذروته في فبراير، انخفض مؤشر S&P 500 بنسبة ١٧٪؜  وهو مؤشر سوق الأسهم الذي يتتبع أسهم ٥٠٠ شركة أمريكية ذات رؤوس أموال كبيرة. وهي تمثل أداء سوق الأسهم و يستخدمه المستثمرون كمعيار للسوق ككل، حيث تتم مقارنة جميع الاستثمارات الأخرى. أن خطر فيروس كورونا على الاقتصاد العالمي أكبر بكثير من المخاطر الصحية. إذا كان الفيروس يؤثر بشكل مباشر على حياتك فمن المرجح أن يكون ذلك من خلال منعك من الذهاب إلى العمل، أو التسبب بطردك من العمل أو إفلاس عملك.

تعتبر تريليونات الدولارات التي تم مسحها من الأسواق المالية هذا الأسبوع مجرد البداية، إذا لم تتدخل حكوماتنا. وإذا استمر الرئيس «ترامب-Trump» في التعثر في تعامله مع الوضع، فقد يؤثر ذلك أيضًا على فرص إعادة انتخابه. وقد حدد «جو بايدن-Joe Biden» على وجه الخصوص فيروس كورونا على أنه ضعف لترامب، واعدًا بقيادة “ثابتة ومطمئنة” خلال ساعة الحاجة الأمريكية.

في جميع أنحاء العالم، تسبب فيروس كورونا بوفاة ٤٣٨٩ مع ٣١ حالة وفاة أمريكية حتى اليوم. لكنها سوف تشل الملايين من الناحية الاقتصادية، خاصة وأن الوباء شكل عاصفة مثالية مع انهيار سوق الأسهم، وحرب نفطية بين روسيا والمملكة العربية السعودية، وانتشار حرب فعلية في سوريا إلى أزمة مهاجرة محتملة أخرى.

يدعونا فيروس كورونا إلى النظر للوراء باعتباره اللحظة التي تعطلت فيها الخيوط التي تربط الاقتصاد العالمي؛ والشركات الناشئة والمتنامية مثل الأعمال التجارية والتي قد تنتهي بدفع الثمن.

بنفس أهمية مكافحة الفيروس إن لم يكن أكثر أهمية هو تطعيم اقتصاداتنا ضد جائحة الذعر القادم. يمكن أن تأتي المعاناة الإنسانية في شكل مرض وموت. ولكن من الممكن أيضًا تجربة عدم القدرة على دفع الفواتير أو خسارة منزلك.
تكافح الشركات الصغيرة على وجه الخصوص مع إيقاف تزويدها بالمؤن، وتركها بدون منتجات أو مواد أساسية. أدى إغلاق المصانع في الصين إلى انخفاض قياسي في مؤشر مدير المشتريات في البلاد والذي يقيس ناتج التصنيع. الصين هي أكبر مصدر في العالم ومسؤولة عن ثلث التصنيع العالمي، لذا فإن مشكلة الصين هي مشكلة الجميع حتى في خضم حرب تجارية بين البيت الأبيض و «بكين-Beijing».

كل هذا يجعل الأمر أكثر مدعاة للقلق من استمرار الحكومات في اعتبارها أزمة صحية وليست اقتصادية. لقد حان الوقت لتولى الاقتصاديون المسؤولية عن الأطباء، قبل أن ينتشر الوباء الحقيقي.

على الرغم من أن الصين تتحمل العبء الأكبر من التكلفة الاقتصادية والبشرية للفيروس، فإن الكثيرين في بكين سيشهدون بريقًا فضيًا في ضعف الاقتصاد الأمريكي، وإلهاءًا عن حروب ترامب التجارية التي بدا أنها تتصاعد دون نهاية في الأفق.

متزامنة تمامًا مع الفيروس التاجي، اندلعت حرب نفط روسية سعودية. على المدى القصير، يمكن لكل من موسكو والرياض تحمل انخفاض أسعار النفط بنسبة ٣٠٪؜ بين عشية وضحاها. لكن أعمال الغاز الصخري في أمريكا لا يمكنها ذلك حيث إن عملية التكسير الأكثر تكلفة تعني أن جزءًا كبيرًا من قطاع النفط الأمريكي لن يكون موجودًا ببساطة إذا بقيت أسعار النفط عند أدنى مستوياتها التاريخية، مما يؤدي إلى عمليات الإغلاق وفقدان الوظائف وربما حتى حالات الركود على مستوى الدولة.

دفع الرئيس ترامب من خلال التخفيضات الضريبية على الرواتب المتأخرة ومساعدة العمال لكل ساعة عمل وهي إجراءات ستساعد أصحاب العمل والموظفين على حد سواء على البقاء. في المملكة المتحدة، كشف المستشار «ريشي سوناك-Rishi Sunak» اليوم عن ميزانية مخصصة لفيروس كورونا. لكن يحتاج الجميع إلى التفكير بشكل أكبر إذا كانوا يريدون التعامل بشكل صحيح مع كيفية تغيير هذا العامل الجديد للوضع الراهن.

الأمر لا يتعلق فقط بالفيروسات التاجية وأسعار النفط أو حتى الاقتصاد العالمي. بل يمثل انعكاس لميزان القوى بين الشرق والغرب. كان مركز هذا، على مدى السنوات ال ١٠ الماضية، سوريا. بعد عقد من الصراع على الأرض، يبدو أن المواجهة تصاعدت الآن من حرب بالوكالة إلى صراع اقتصادي.

شهدت القوى العظمى الناشئة في روسيا والصين ما يعتبره الكثيرون بتدخل أمريكي في سوريا وهم يحاولون الآن تعزيز رؤيتهم لعالم متعدد الأقطاب. وبدلاً من السماح للسعودية حليفة الولايات المتحدة بقيادة أسواق النفط من خلال «كارتل أوبك-OPEC cartel»، تريد روسيا والصين إعادة تشكيل الأسواق العالمية وأرصدة القوى لصالحها.

من أجل البقاء على قيد الحياة خلال هذه التحولات، ستحتاج الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وغيرها لحماية مستقبل أعمالهم، كبيرها وصغيرها، والبحث عن فرص للاستفادة من النظام الاقتصادي العالمي الجديد، وليس إنكاره. إن تجاهل هذه التغييرات التي سببها فيروس كورونا على الاقتصاد العالمي سيكون أكثر ضررا من أي جائحة مرضية.

إذا استمر تفشي المرض بعد شهر نيسان (أبريل) بكثير سيكون من الصعب تجنب الركود الكامل والأسوأ من ذلك، أن أسعار الفائدة طويلة الأجل قريبة بالفعل من الصفر مما يحد بشدة من قدرة الاحتياطي الفيدرالي على تعزيز الاقتصاد الأمريكي. يمكن أن تساعد السياسة المالية مثل تخفيض ضريبة الرواتب، على الرغم من أن ما يحد من الاستهلاك في هذا الوقت ليس نقص المال بل عدم الرغبة في الإنفاق.
لذا، ما إذا كانت الأسواق تبالغ في رد الفعل يعتمد على احتمال استمرار التفشي. يبدو أن الأسواق تتوقع أن يستمر تأثير الوباء لفترة أطول من شهرين. لكن القدرة على التحمل تعتمد إلى حد كبير على تدابير الاحتواء وصناع السياسات لدينا.

المصادر: Independent

CNN 

اقرأ ايضًا باحثة مصرية تطور اختبار الكورونا المستجد في جونز هوبكينز

 

ما مصير البحث العلمي المشترك بعد خروج المملكة المتحدة من الإتحاد الأوروبي؟

ما مصير البحث العلمي المشترك بعد خروج المملكة المتحدة من الإتحاد الأوروبي؟

في الساعة الحادية عشرة من مساء يوم 31 يناير، كان الباحثون بين أولئك الذين يشعلون الشموع بمناسبة خروج المملكة المتحدة من الإتحاد الأوروبي. معظم العلماء لم يوافقوا على خروج بريطانيا من الإتحاد الأوروبي، فقد اشترك العلماء في تأسيس حملة وطنية لإجراء استفتاء ثان على عضوية البلاد في الإتحاد الأوروبي، خشية أن يؤدي هذا الانقسام إلى تدمير الإتحاد الذي عمل على تعزيز التعاون والنهوض بالمعرفة طيلة الأعوام السبعة والأربعين الماضية, لكنها باءت بالفشل بعد تفعيل البريكست.

ما مصير البحث العلمي المشترك بعد خروج المملكة المتحدة من الإتحاد الأوروبي؟

ستكون الأشهر الأحد عشر المقبلة فترة غير مؤكدة مع دخول المملكة المتحدة إلى المرحلة الانتقالية حيث يتعين عليها أن تتفاوض على شروط علاقاتها مع الإتحاد الأوروبي في المستقبل. ولا يعرف الباحثون في المملكة المتحدة بعد ما إذا كانوا سيشاركون في برامج البحوث المشتركة للإتحاد الأوروبي. كما أصبح مستقبل العديد من الباحثين في الإتحاد الأوروبي الذين يريدون أن يعيشوا في بريطانيا بين أيدي وكالة البحوث والإبداع في المملكة المتحدة-UK Research and Innovation، وليس بين أيدي وزارة الداخلية في المملكة المتحدة، أي المؤسسة التي عملت طيلة قسم من العقد الماضي على وضع وتنفيذ السياسات الرامية إلى الحد من الهجرة إلى المملكة المتحدة.

لطالما كانت البحوث من الإهتمامات المحورية بالنسبة للوحدة الأوروبية. ففي عام 1973، انضمت بريطانيا إلى ما هو أسمى من “الجماعة الإقتصادية الأوروبية”، والتي أصبحت فيما بعد الإتحاد الأوروبي. لقد انضمت إلى منظمة أُسست لتعزيز عدد من المبادئ التي تتمحور بالأساس على حل النزاعات عن طريق التفاوض والتسوية، أهمية اتخاد الأمم المتجاورة قراراتها معا وتحقيق مصالح جميع الأعضاء مادام بوسع الدول الغنية مساعدة الدول الفقيرة.

وضعت جميع هذه المبادئ من أجل هدف واحد وهو تجنب تكرار الحرب الوحشية التي خرج منها مؤسسو الإتحاد الأوروبي. وكان علماء القارة الأوروبية جزءاً كبيراً من الحرب العالمية الثانية، وهذا هو السبب الذي جعل مهندسي الكتلة يخططون لكي تصبح البحوث المشتركة (خاصة في التكنولوجيا) جزءاً من وحدة التكتل الأوروبي. وقد ألهمت فكرة “التعاون البحثي وأهميته في بناء السلام” تكتلات إقليمية أخرى في أفريقيا وأمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي.

ومع تبلور الإتحاد الأوروبي، كان بعض القادة العلميين البريطانيين متشككين في التعاون مع زملائهم الأوروبيين. ولكن الشكوك تلاشت مع وضوح الفوائد المترتبة على إنشاء منطقة أبحاث أوروبية (لا تختلف عن تلك المتواجدة في الولايات المتحدة) والتمويل وحرية التنقل في التكتل.

فقد حصل الباحثون البريطانيون على ثاني أكبر حصة من أموال الإتحاد الأوروبي في بلادهم (بعد المزارعين). ولغاية يونيو 2019، كان التمويل يتعدى مليار يورو سنويا (1,1 مليار دولار أميركي). وخصص جزء كبير من هذا المبلغ للمشاريع التعاونية ذات الأثر المجتمعي، مثل الدراسة الاستقصائية الاجتماعية الأوروبية European Social Survey التي تتتبع المواقف الإجتماعية المتغيرة في 38 بلد أوروبي، وبرنامج السماء النظيفة (Clean Sky Programme)، الذي يعمل فيه باحثون من 27 بلدا للحد من انبعاثات الكربون في الطائرات والضوضاء، ومبادرة الأدوية المبتكرة Innovative Medicines Initiative، حيث يتعاون الباحثون لتطوير أدوية للحالات التي تعاني من نقص الخدمات مثل السل.

حرية التنقل

وإدراكا من الحكومة لما قد تخسره، فإنها تجري تحقيقا بشأن ما إذا كان بوسع بريطانيا أن تدفع للإنضمام إلى برامج الإتحاد الأوروبي. ولكن في الوقت نفسه، كان الوزراء يستعدون لإحتمال عدم حدوث ذلك. وذلك لأن عضوية المملكة المتحدة في برامج البحوث في الإتحاد الأوروبي ستتطلب شكلاً من أشكال حرية التنقل. ولحد الوقت الحالي، قالت حكومة المملكة المتحدة إن حرية التنقل يجب أن تنتهي. ويتوقف الإنضمام إلى برامج الاتحاد الأوروبي أيضا على شروط علاقة المملكة المتحدة مع الإتحاد الأوروبي في المستقبل. فهناك وجهات نظر متباينة داخل الحكومة بشأن مدى قرب بريطانيا من قوانين وأنظمة شركائها السابقين في الإتحاد الأوروبي. ولكن من منظور الباحثين والمجتمع ككل، تعد الفوائد المترتبة عن هذا النظام أكبر من تلك المترتبة على الانتقال في الإتحاد الأوروبي، على الأقل في الوقت الراهن.

فمن مصلحة الجميع أن تستمر بريطانيا في التوافق مع أطر صنع القرار في القارة بشأن البيئة، البيانات، سلامة الأغذية، وعلوم الحياة الواسعة. إن القضايا البيئية دولية بطبيعتها، لذلك ليس هناك معنى أو منطق إذا باشرت بريطانيا في خلق معاييرها الخاصة، أو التوافق مع أقلية من البلدان. وينطبق الشيء نفسه على اللوائح التنظيمية المتعلقة بالتكنولوجيات مثل تلك المعنية بتحرير الجينات والذكاء الإصطناعي. ويتعين على الباحثين في المملكة المتحدة أن يشاركوا في الجهود العالمية.

أمنية رالف داهرندورف

الفيلسوف الألماني البريطاني رالف داهرندورف

كتب الفيلسوف الألماني البريطاني رالف داهرندورف الكلمات التالية بسبب إحباطه سنة 1995 عندما وجدت حكومة محافظة سابقة في المملكة المتحدة نفسها في حالة من الاضطراب بسبب علاقة بريطانيا بالإتحاد الأوروبي:

“يرى الكثيرون أن الإتحاد الأوروبي نموذج يحتذى به، ويجب أن تكون بريطانيا جزء منه”

كان داهرندورف في وضع حيث كان بوسعه أن يرى العلاقة بين بريطانيا والإتحاد الأوروبي من جوانب عدة. فقد كان بوسعه أن يرى كيف فسر البعض عضوية الإتحاد الأوروبي باعتبارها خسارة للسيادة في دولة ما بعد الإمبريالية. ولكن بوصفه لاجئاً من ألمانيا النازية، رحبت به بريطانيا، لذلك أدرك أيضاً الأهمية التي يتمتع بها الإتحاد الأوروبي الرافض لعودة الحكم الاستبدادي في أوروبا.

سيتم رفض رغبة داهرندورف، ولكن من الضروري ألا تسمح كل من المملكة المتحدة والدول الأعضاء الـ 27 المتبقية ومؤسسات الإتحاد الأوروبي بالتقليل من أهمية تلك المهمة بسبب البركست.

إن الإتحاد الأوروبي موجود لحماية الديمقراطية وسيادة القانون. ويكفل استمرار السلام والرخاء عن طريق التفاوض والتسوية، وحرية السفر والتجارة، وعن طريق مساعدة القوي للضعيف. وتحفز جميع هذه المبادئ بالمعرفة والبحث والابتكار. وهذه قيم يتعين على كل دولة أن تتطلع إليها، بما في ذلك المملكة المتحدة حتى لو لم تعد جزءاً من الإتحاد الأوروبي.

المصدر: هنا

معاناة جون ناش الفائز بجائزة نوبل مع الفصام وحادث مماته

ولد جون فوربس ناش في 13 يونيو من عام 1928 في بلوفيلد (فيرجينيا الغربية). حصل ناش المعروف بعالم الرياضيات على جائزة نوبل للإقتصاد سنة 1994 بفضل أعماله وجهوده البارزة في علم الرياضيات ونظرية الألعاب.

للإشارة فنظرية الألعاب هي وسيلة تستخدم في التحليل الرياضي كما أنها فرع من الرياضيات التطبيقية حيث توفر الأدوات اللازمة لتحليل المواقف بفضل القرارات المترابطة التي يتخذها الأطراف (اللاعبين).

يقول ناش أن بلوفيلد مدينة صغيرة ولم تكن مركزا للمثقفين ولا التكنولوجيات المتقدمة بل كانت عبارة عن مجتمع لرجال الأعمال والمحامين. لذلك اعتبر الأمر من وجهة نظره الفكرية تحديا حيث يجب على الشخص التعلم من المعرفة الموجودة في العالم بأسره وليس من بيئته.

دراسة جون ناش

درس ناش في جامعة كارنيجي (جامعة كارنيجي ميلون حاليا)، واعتبر نفسه محظوظا لحصوله على منحة دراسية تغطي جميع التكاليف (منحة George Westinghouse). لكن بعد فصل دراسي واحد في الهندسة الكيميائية وجدت المقررات الدراسية جد صارمة خصوصا الرسم الميكانيكي.

وبعد الاستمرار في الكيمياء لفترة، صادف صعوبات أخرى في التحليل الكمي حيث لم يكن الأمر يتعلق بمدى قدرة المرء على التفكير في الحقائق وفهمها أو تعلمها، وإنما بمدى قدرة المرء على التعامل مع الماصّة-pipette والقيام بالتحاليل في المختبر.

في ذلك الوقت، حصل جون على الكثير من التشجيع من كلية الرياضيات للتحول إلى دراسة الرياضيات باعتبارها تخصصه، لذلك تحول ليصبح طالبا رسميا في قسم الرياضيات. وفي النهاية تعلم الكثير وتقدم كثيرا في الرياضيات وتمت مكافأته بدرجة الماجستير (ماستر-Master) في الرياضيات بالإضافة إلى درجة البكالوريوس (الإجازة- Bachelor degree).

تخرج جون ناش ولمعانه

عندما تخرج ناش، عُرضت عليه زمالات للإلتحاق إما بجامعة هارفرد أو جامعة برينستون. ولكن اعتبر زمالة برينستون أكثر كرما إلى حد ما، كما بدت برينستون أكثر اهتماما لجعله يأتي إليها.

قرر جون دراسة “الإقتصاد الدولي” وكنتيجة للتعرض للأفكار والمشاكل الإقتصادية، توصل إلى فكرة البحث الذي نشر في المجلة المرموقة Econometrica بعنوان “مشكلة المساومة-The Bargaining Problem”. كما تم قبول فكرة نظرية الألعاب كأطروحة للحصول على درجة الدكتوراه في الرياضيات. وعندما كان مدربا في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا كتب ورقته البحثية تحت عنوان “Real Algebraic Manifolds” وأرسلها للنشر.

بعد حصوله على شهادة الدكتوراه سنة 1950، عمل في جامعة برينستون وبعدها انتقل إلى معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا واستقال في وقت لاحق ليعود إلى جامعته الأصلية، تحديدا معهد المحاسبة الدولي، كعضو مؤقت بعد حصوله على منحة ألفريد سلون. قدم في تلك الفترة العديد من الأعمال وقام بحل معضلة كلاسيكية تتعلق بالهندسة التفاضلية.

بداية اضطرابات جون ناش العقلية!

نشأت الإضطرابات العقلية في الأشهر الأولى من سنة 1959 حين كانت زوجته أليسيا حاملة. ونتيجة لذلك، استقال جون من منصبه كعضو هيئة التدريس في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا.

عاش جون الكثير من المعاناة بسبب مرض الفصام ما دفعه لقضاء الكثير من الوقت في المستشفيات، لكنه لم يتخلى عن أعماله في علم الرياضيات. وهي القصة التي تم تقديمها في فيلم A beautiful Mind.

يقول جون لموقع نوبل:

“بشكل ما لم أعد مريضا نفسيا في الوقت الحالي ولا أتناول أية أدوية تخص المشاكل العقلية لكن للأسف لدي إبن يعاني من المشاكل النفسية، يتناول الأدوية ويقوم بزيارة أطباء الأمراض العقلية.”

مات جون وزوجته يوم 23 ماي من سنة 2015 في حادث لسيارة الأجرة التي كانت تقلهما من المطار بعد قضاء عطلة في النرويج. تداولت الأخبار أن أن الزوجان لم يرتديا حزام السلامة في المقعد الخلفي للسيارة ما أثار ضجة كبيرة في الولايات المتحدة الأمريكية فيما يخص فرض ارتداء حزام السلامة حتى في المقاعد الخلفية.

كانت أليسيا ناش تخشى كثيرا الرحيل هي وزوجها خصوصا أن ابنهما يعاني ويحتاج الدعم النفسي. وللأسف تحقق أسوء مخاوفها بعد حادث موتهما.

مصادر: 1.هنا 2.هنا 3.هنا 4.هنا 5.هنا 

البحث العلمي كوسيلة لحل احتجاجات تشيلي

دور البحث العلمي في حل احتجاجات تشيلي

بعد ثوان قليلة من انفجار قنبلة الغاز المسيل للدموع بجانب مارسيلو جاك، أصبح التنفس عصيّاً وبدأت الجموع بالاختناق، فبدأ جاك – عالم فلك في جامعة لا سيرينا في تشيلي، بالركض مع زميله سعياً للأمان بعد أن سادت حالة الاختناق والإقياء أو الإغماء بين صفوف المحتجين. الاحتجاج الذي كان مخططاً أن يكون سلمياُ سرعان ما تم تفرقته بالقنابل المسيلة للدموع ورشاشات المياه من قبل الشرطة.

القشة التي قصمت ظهر البعير

في الثامن عشر من اكتوبر، اندلعت الاحتجاجات في مفترق مدن تشيلي تعبيراً عن الاحتجاج عن ارتفاع سعر تذكرة المترو في سانتياغو العاصمة بمقدار 30 بيزو، ما يعادل 0.04 دولاراً. ورغم سحب رئيس الجمهورية لهذا القرار بعد ثورة الشعب إلا أنها كانت القشة التي أنهكت الناس بعد عقود من عدم التساوي الاقتصادي-الاجتماعي والفساد الحكومي. كما كشف المحتجون عن فضائح بالرشاوي، وزيادة تكلفة التعليم والعناية الصحية، وعبروا أن الذل الذي يتعرض له المتظاهرون كأمثلة مصغرة عن قلة كرامة الشعب لدى حكومته الديكتاتورية التي استلمت السلطة في التسعينات.

إن سياسات الحكومة ساهمت في توسيع الفجوة بين التشيليين منذ 1990، إذ ما نسبته 1% من أثرياء البلد تكسب 33% من الدخل الوطني بينما يكسب %70 من العاملين شهرياً ما يعادل 500 دولار أو أقل ورواتب تقاعدية لا تتجاوز 150 دولار.
أن مسار الثورة أخذ طابعاً عنيفاً، وذلك لم يوقف المتظاهرين إلا أنه عزز الخوف بينهم. ومع إغلاق الجامعات ومشاركة الطلاب في الاحتجاج، نشر عالم فيزياء فلكية من جامعة لا سيرينا، فاكوندو غوميز، ورقة الكترونية احتجاجية مع زملائه بسبب احتجاز ثلاثة طلاب من جامعتهم وتعذيبهم وإهانتهم بالإضافة لتهديدهم بالرمي في النهر.

قوية علمياً، ضعيفة سياسياً

انضم الباحثون والعلماء أيضاً لثورة الشعب، ومن ناحية ثانية، أدركوا أن المجتمع العلمي في تشيلي لديه ميزة تغيير مجريات الأمور، ويتحمل بعض المسؤولية للمساعدة في حل الموقف الاجتماعي والسياسي الحالي. كان هذا حافزاً لبعض الباحثين بتنظيم لقاءات مع ممثلي الحكومة لحل القضايا الاجتماعية والاقتصادية في تشيلي. خصوصاُ وأن الشارع يطالب بتغييرات عميقة وشاملة تصل إلى تغيير الدستور الذي أقرته الحكومة منذ تأسيسها.

يقترح الباحثون أن إعادة هيكلة تمويل الأبحاث العلمية قد يساعد في حل المشكلة، تناولت أحد الافكار تقييم العلماء للحصول على التمويل الحكومي، إذ تكون الأولوية للأبحاث التي يمكن أن تحسن المستوى المعيشي على المستوى المحلي والوطني، وهذا سيحفز الباحثين لتوجيه العمل على قضايا تهم السكان، كحل مشكلة أزمة المياه الحالية ودراسة فقر التجمعات السكانية المحيطة بالمدن الكبيرة من أجل مساعدتها.

تفتقر تشيلي للتكامل بالتخطيط على المستويين العلمي والسياسي، رجوعاً لعام 2015، مع موجة احتجاجات بين الباحثين إثر استقالة مسؤول التمويل لأكبر مؤسسة علمية في البلاد، وهي اللجنة الوطنية للبحث العلمي والتقني. صرح المسؤول المستقيل فرانسيسكو بريفا أن خططه لإنعاش الاستثمار المحلي في العلم باءت بالإحباط، بسبب البيروقراطية الخانقة على حد تعبيره. تعتبر تشيلي مصدراً لمخازن متنوعة للثروات الطبيعية واقتصادها قوي وثابت إلا أنها لا تعطي شأناً للموارد النافذة، وعلمياً، تركز على الفوائد القصيرة الأمد بدلاً من تطوير مناهج علمية تحسن إمكانيات البلاد بمجرد نفاذ النحاس والذهب ومنتجات الأسماك. تستثمر تشيلي أقل من 0.4% من ناتجها المحلي الإجمالي في العلوم، مقارنة مع 2.8% للولايات المتحدة و1.7% في البرازيل، عموماً، إن دولة البرازيل هي الوحيدة بين دول امريكا اللاتينية التي تستثمر أكثر من 1% من ناتجها المحلي الإجمالي في البحث العلمي.

إلى الآن، تحدث أكثر من خمسين عالماً إلى أعضاء مجلس الشيوخ حول مناقشة المشاكل الاقتصادية الاجتماعية، والبعض الآخر يتساءل عن الميزانية الكافية للأبحاث، وهل هذا سيدفع فقط بعض المراكز العلمية للعمل بالدعم المحلي والدولي وماذا سيحلّ بالمراكز الأخرى.

نوبل الاقتصاد 2019 من أجل فقراء العالم، ما هي أفضل طرق الحد من الفقر العالمي؟

نوبل الاقتصاد 2019 من أجل فقراء العالم، ما هي أفضل طرق الحد من الفقر العالمي؟

وكيف وضع الفائزون الثلاثة نوبل الاقتصاد 2019 أُساس الإجابة على هذا السؤال شديد الأهمية للإنسانية؟

على مدى العقدين الماضيين تحسنت مستويات المعيشة بشكل ملحوظ في كل مكان في العالم تقريبًا وتضاعف الرفاه الاقتصادي (الذي يقاس بإجمالي الناتج المحلي للفرد-GDP) في أفقر البلدان بين عامي 1995 و 2018، وانخفض معدل وفيات الأطفال إلى النصف مقارنة بعام 1995، وارتفعت نسبة الأطفال الملتحقين بالمدارس من 56 إلى 80 في المائة.

المشكلة

رغم هذه التحسينات الدراماتيكية التي حدثت في حياتنا إلا أن إحدى أكثر القضايا الإنسانية إلحاحاً هي الحد من الفقر العالمي بجميع أشكاله؛ فلا يزال أكثر من 700 مليون شخص يعيشون تحت خط الفقر.

ولا يزال خمسة مليون طفل دون سن الخامسة يموتون كل عام بسبب أمراض كان من الممكن الوقاية منها أو علاجها -في كثير من الأحيان بعلاجات غير مكلفة- وما زال نصف أطفال العالم يتركون المدرسة دون مهارات القراءة والكتابة والحساب الأساسية!.

الفائزون

لذا فقد قررت الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم منح جائزة Sveriges Riksbank في العلوم الاقتصادية في ذكرى ألفريد نوبل عام 2019 إلى:

«ابهيجيت بانيرجي-Abhijit Banerjee» من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، كامبريدج، الولايات المتحدة الأمريكية.

«استير دوفلو-Esther Duflo» معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، كامبريدج، الولايات المتحدة الأمريكية.

«مايكل كريمر-Michael Kremer» جامعة هارفارد، كامبريدج، الولايات المتحدة الأمريكية.

«عن منهجهم التجريبي لتخفيف الفقر العالمي»

كيف تساعدنا أبحاثهم على محاربة الفقر؟

الأبحاث التي أجراها الفائزون هذا العام قد حسنت بشكل كبير قدرتنا على مكافحة الفقر في العالم خلال عقدين فقط،  كما غير نهجهم الجديد القائم على التجربة اقتصاديات التنمية التي أصبحت الآن مجالًا مزدهرًا للأبحاث.

قدم الفائزون طريقة جديدة للحصول على إجابات موثقة حول أفضل الطرق لمكافحة الفقر في العالم، باختصار تنطوي الإجابة على تقسيم هذه المشكلة إلى أسئلة أصغر وأكثر قابلية للإدارة، على سبيل المثال أسئلة مثل ما الطرق الأكثر فعالية لتحسين النتائج التعليمية أو صحة الطفل؟

تقسم هذه الأسئلة الكبرى لأسئلة أصغر وأكثر دقة، كي يتم الإجابة عليها بشكل أسهل وأفضل من خلال تجارب مصممة بعناية لتصل للأشخاص الأكثر تضرراً، لذا يقدم هذا النوع من الأبحاث الجديدة تدفقًا ثابتًا من النتائج الملموسة، مما يساعد على التخفيف من مشاكل الفقر العالمي.

البداية

في منتصف التسعينيات أظهر مايكل كريمر وزملاؤه قوة هذه الطريقة باستخدام تجارب ميدانية لاختبار مجموعة من التحديثات التي يمكن أن تحسن نتائج المدارس في غرب كينيا.

أبهيجيت بانيرجي وأستير دوفلو مايكل كريمر سرعان ما أجروا دراسات مماثلة لقضايا أخرى في بلدان أخرى جعلت طريقتهم البحثية القائمة على التجارب تهيمن تماما على اقتصاديات التنمية في العالم حتى اليوم.

كنتيجة مباشرة لأحد دراساتهم استفاد أكثر من خمسة ملايين طفل هندي من البرامج الفعالة للتدريس العلاجي في المدارس، و يستفيد آخرون من الرعاية الصحية الوقائية التي تم تقديمها في العديد من البلدان الأخرى.

وهذان مثالان فقط على كيف ساعد هذا البحث الجديد بالفعل في التخفيف من حدة الفقر في العالم. كما أن لديها إمكانات كبيرة لزيادة تحسين حياة أسوأ الناس في جميع أنحاء العالم.

منهج جديد لتخفيف حدة الفقر في العالم

كان هناك وعي باختلافات متوسط ​​الإنتاجية بين الدول الغنية والفقيرة ومع ذلك وكما أشار أبهيجيت بانيرجي وأستير دوفلو تختلف الإنتاجية بشكل كبير ليس فقط بين الدول الغنية والفقيرة ولكن أيضًا داخل الدول الفقيرة نفسها. 

يستخدم بعض الأفراد أو الشركات أحدث التقنيات بينما يستخدم الآخرون (الذين ينتجون سلعًا أو خدمات مماثلة) وسائل إنتاج قديمة وبالتالي فإن متوسط ​​الإنتاجية المنخفض يرجع إلى حد كبير إلى قدم تقنيات بعض الأفراد والشركات.

 فهل يعكس هذا نقص الائتمان أو سوء تصميم السياسات أو أن الناس يجدون صعوبة في اتخاذ قرارات استثمارية عقلانية بالكامل؟ يتعامل المنهج البحثي الذي صممه الحائزون على جائزة هذا العام مع هذه الأنواع من الأسئلة بالضبط.

التجارب الميدانية المبكرة في المدارس

درست الأبحاث الأولى كيفية التعامل مع مشكلات التعليم، وما التدخلات التي تزيد من النتائج التعليمية بأقل تكلفة؟

في البلدان المنخفضة الدخل نجد أن ندرة الكتب المدرسية وحقيقة أن غالبًا ما يذهب الأطفال إلى المدرسة جائعين عاملًا كبيرا على تحصيلهم الدراسي:

فهل تتحسن نتائج التلاميذ إذا تمكنوا من الوصول إلى المزيد من الكتب المدرسية؟

أم أن منحهم وجبات مدرسية مجانية سيكون أكثر فعالية؟ 

في منتصف التسعينيات  قرر مايكل كريمر وزملاؤه نقل جزء من أبحاثهم من جامعاتهم في شمال شرق الولايات المتحدة إلى المناطق الريفية في غرب كينيا من أجل الإجابة على هذه الأنواع من الأسئلة وقاموا بعدد من التجارب الميدانية بالشراكة مع المنظمة الغير حكومية المحلية (NGO).

يعتمد الفرق في الإنتاجية بين البلدان المنخفضة الدخل والبلدان مرتفعة الدخل على التقنيات المستخدمة في الإنتاج

بداية التجارب الميدانية في المدارس؟

 حسنًا؛ إذا كنت ترغب في دراسة تأثير وجود المزيد من الكتب المدرسية على نتائج تعلم التلاميذ فإن المقارنة العامة بين المدارس ليست طريقة قابلة للتطبيق، بسبب اختلاف الحالات داخل المدرسة الواحدة في نواح كثيرة، مثلا؛ عادة ما تشتري العائلات الأكثر ثراء المزيد من الكتب لأطفالها وربما تكون الدرجات أفضل في المدارس التي يقل عدد الأطفال الفقراء فيها وهكذا.

تتمثل إحدى طرق التحايل على هذه الصعوبات في التأكد من أن المدارس التي تتم مقارنتها لها نفس الخصائص المتوسطة، يمكن تحقيق ذلك من خلال إتاحة الفرصة للبت في تحديد المدارس التي يتم تعيينها في أي مجموعة للمقارنة -وهي رؤية قديمة تقوم عليها التقاليد الطويلة للتجربة في العلوم الطبيعية والطب- على عكس التجارب السريرية التقليدية استخدم الفائزون تجارب ميدانية درسوا فيها كيفية تصرف الأفراد في بيئاتهم الطبيعية اليومية.

الكتب أم الوجبات أم الدروس الخصوصية؟

أخذ كريمر وزملاؤه عددًا كبيرًا من المدارس التي كانت بحاجة إلى دعم كبير وقسموها بشكل عشوائي إلى مجموعات مختلفة، تلقت جميع المدارس في هذه المجموعات موارد إضافية لكن بأشكال مختلفة وفي أوقات مختلفة. 

في إحدى الدراسات وفر الباحثون المزيد من الكتب المدرسية في حين وفرت دراسة أخرى الوجبات المدرسية المجانية. نظرًا لأن اختيار المادة المتوفرة لكل مدرسة تم عشوائيًآ، لم تكن هناك فروق في المتوسط ​​بين المجموعات المختلفة في بداية التجربة.

وهكذا أمكن للباحثين ربط الاختلافات اللاحقة في نتائج التعلم بمختلف أشكال الدعم، مثلا أظهرت التجارب أنه لا يوجد ارتباط بين توفير المزيد من الكتب أو الوجبات المجانية في نتائج التعلم!. غير في حالة الطلاب المتفوقين الذين يساعدهم وجود المزيد من الكتب.

في التجارب الميدانية وجد أن توفير الكتب المدرسية والوجبات المجانية أدت لتحسن بسيط في النتائج في حين أدت المساعدة التعليمية للطلاب الضعيفين على تحسين النتائج التعليمية بشكل أكبر.

التجارب الميدانية

كما أظهرت التجارب الميدانية اللاحقة أن المشكلة الأساسية في العديد من البلدان المنخفضة الدخل ليست نقص الموارد! لكن المشكلة الأكبر هي أن التعليم لا يتكيف بشكل كافٍ مع احتياجات التلاميذ.

في أول هذه التجارب درس الباحثون برامج الدروس الخصوصية العلاجية للتلاميذ في مدينتين هنديتين. مُنحت المدارس في مومباي و فادودارا إمكانية الوصول إلى مساعدي تدريس جدد يدعمون الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة. وضعت هذه المدارس ببراعة وعشوائية في مجموعات مختلفة مما سمح للباحثين بقياس تأثيرات مساعدي التدريس بشكل موثوق.

أظهرت التجربة بوضوح أن المساعدة في استهداف أضعف التلاميذ كانت تدبيرا فعالا على المدى القصير والمتوسط.

هذه الدراسات المبكرة في كينيا والهند أعقبتها العديد من التجارب الميدانية الجديدة في بلدان أخرى، مع التركيز على مجالات مهمة مثل الصحة، والائتمان، واعتماد التكنولوجيا الجديدة.

وكان الفائزون الثلاثة في طليعة هذا الأبحاث بسبب عملهم أصبحت التجارب الميدانية طريقة قياسية لخبراء التنمية عند التحقيق في آثار التدابير الرامية إلى تخفيف حدة الفقر.

ربط التجارب الميدانية بالنظرية

التجارب جيدة التصميم موثوقة للغاية – فهي تتمتع بصلاحية داخلية. وقد استخدمت هذه الطريقة على نطاق واسع في التجارب السريرية التقليدية للأدوية الجديدة التي جندت المشاركين بشكل خاص، كان السؤال غالبًا ما إذا كان للعلاج المعين تأثير كبير من الناحية الإحصائية أم لا.

التجارب التي صممها الحائزون على جائزة هذا العام لها ميزتان؛

أولاً: اتخذ المشاركون قرارات فعلية في بيئاتهم اليومية، سواء في مجموعة التدخل أو في المجموعات الضابطة. هذا يعني أن نتائج اختبار تدبير سياسة جديد يمكن تطبيقها في الواقع.

ثانياً: اعتمد الفائزون على النظرة الأساسية التي تشير إلى أن الكثير مما نريد تحسينه (مثل النتائج التعليمية) يعكس العديد من القرارات الفردية (على سبيل المثال بين التلاميذ والآباء والمعلمين). تتطلب التحسينات المستدامة بالتالي فهمًا لـ لماذا يتخذ الناس القرارات التي يتخذونها -القوى الدافعة وراء قراراتهم-. لم يختبر العلماء الثلاثة ما إذا كان تدخل معين قد نجح (أم لا) فقط، ولكن أيضًا لماذا.

دراسة الحوافز والقيود والمعلومات التي حفزت قرارات المشاركين ، استخدم الفائزون نظرية العقد والاقتصاد السلوكي التي تم مكافأته بجائزة العلوم الاقتصادية عامي 2016 و2017 على التوالي.

تعميم النتائج

إحدى القضايا الرئيسية هي ما إذا كانت النتائج التجريبية لها صلاحية خارجية، بمعنى آخر ما إذا كانت النتائج يمكن أن تنطبق في سياقات أخرى.

  • هل من الممكن تعميم نتائج التجارب في المدارس الكينية على المدارس الهندية؟
  • هل تحدث فرقًا إذا كانت هناك منظمة غير حكومية متخصصة أو سلطة عامة تدير تدخلاً معينًا يهدف إلى تحسين الصحة؟
  • ماذا يحدث إذا تم توسيع نطاق التدخل التجريبي من مجموعة صغيرة من الأفراد ليشمل المزيد من الأشخاص؟
  • هل يؤثر التدخل أيضًا على الأفراد خارج مجموعة التدخل، لأنهم محرومون من الوصول إلى الموارد أو يواجهون أسعارًا أعلى؟

بحث الفائزون أيضًا صلاحية تعميم نتائج أبحاثهم، وعلاج أي تداعيات جديدة تنتج عن تطبيق هذه النتائج في البيئات المختلفة، كما أن ربط التجارب والنظريات الاقتصادية يزيد من فرص نجاح تعميم النتائج، لأن أنماط السلوك الأساسية غالبًا ما يكون لها تأثير على سياقات أوسع.

نتائج ملموسة

أدناه ، نقدم بعض الأمثلة على استنتاجات محددة مستقاة من نوع البحث الذي بدأه الفائزون، مع التركيز على دراساتهم الخاصة.

التعليم:

لدينا الآن منظور واضح للمشاكل الأساسية في العديد من مدارس البلاد الفقيرة؛ المناهج والتدريس لا يتوافقان مع احتياجات التلاميذ، وهناك نسبة عالية من التغيب بين المعلمين والمؤسسات التعليمية ضعيفة بشكل عام.

الدراسة المذكورة أعلاه أظهر أن الدعم المستهدف للتلاميذ الضعفاء كان له آثار إيجابية قوية ، حتى في المدى المتوسط وكانت هذه الدراسة بداية عملية تفاعلية تسير فيها نتائج البحوث الجديدة جنبًا إلى جنب مع برامج واسعة النطاق بشكل متزايد لدعم التلاميذ، وصلت هذه البرامج الآن إلى أكثر من 100.000 مدرسة هندية.

تحققت تجارب ميدانية أخرى من عدم وجود حوافز واضحة ومساءلة للمعلمين، الأمر الذي انعكس على مستوى عالٍ من التغيب.

إحدى طرق تعزيز حافز المعلمين هي توظيفهم بعقود قصيرة الأجل يمكن تمديدها إذا كانت نتائجهم جيدة.

دوفلو كريمر وآخرون قارنوا آثار توظيف المعلمين بهذه الشروط أو خفض عدد التلميذ لكل معلم يعمل بعقد دائم، ووجدوا أن التلاميذ الذين لديهم مدرسون بعقود قصيرة الأجل حققوا نتائج اختبار أفضل بكثير، وأن وجود عدد أقل من التلاميذ لكل معلم يعمل بعقد دائم لم يكن له أي آثار مهمة.

بشكل عام، يُظهر هذا البحث الجديد القائم على التجربة في مجال التعليم في البلدان المنخفضة الدخل أن الموارد الإضافية ذات قيمة محدودة عمومًا. ومع ذلك فإن الإصلاحات التعليمية التي تكيف التعليم مع احتياجات التلاميذ لها قيمة كبيرة، كما يعد تحسين الإدارة المدرسية ومحاسبة المعلمين الذين لا يقومون بعملهم من التدابير الفعالة من حيث التكلفة.

الصحة:

​​إحدى القضايا المهمة هي ما إذا كان ينبغي فرض رسوم على الرعاية الطبية والصحية وإذا كان الأمر كذلك فما هي التكلفة التي ينبغي أن تتحملها.

بحثت تجربة ميدانية قام بها كريمر ومؤلف مشارك كيف يؤثر السعر على حبوب التخلص من الديدان في حالات العدوى الطفيلية. وجدوا أن 75 في المائة من الآباء أعطوا أطفالهم هذه الحبوب عندما كان الدواء مجانيًا، مقارنةً بـ 18 في المائة عندما يكلفون بدفع أقل من دولار أمريكي، وهو سعر لا يزال مدعومًا بشكل كبير.

بعد ذلك وجدت العديد من التجارب المماثلة نفس الشيء: الفقراء حساسون للغاية للأسعار فيما يتعلق بالاستثمار في الرعاية الصحية الوقائية.

انخفاض جودة الخدمة هو تفسير آخر لماذا تستثمر العائلات الفقيرة القليل على الإجراءات الوقائية. ومن الأمثلة على ذلك أن العاملين في المراكز الصحية المسؤولة عن التطعيم غالبًا ما يغيبون عن العمل.

بانيرجي ودوفلو وآخرون حققوا فيما إذا كانت عيادات التطعيم المتنقلة -حيث كان طاقم الرعاية دائمًا في الموقع- يمكنها حل هذه المشكلة.

تضاعفت معدلات التلقيح ثلاثة أضعاف في القرى التي تم اختيارها عشوائياً للوصول إلى هذه العيادات، بنسبة 18 في المائة مقارنة بـ 6 في المائة. زاد هذا بدرجة أكبر  إلى 39 في المائة إذا حصلت الأسر على كيس من العدس كمكافأة عندما قاموا بتطعيم أطفالهم.

نظرًا لأن العيادة المتنقلة تكلف مال أكثر أذا عملت لوقت أطول لأقناع العائلات بتطعيم أطفالهم فأن التكلفة الإجمالية للتطعيم قد انخفضت فعليًا إلى النصف على الرغم من النفقات الإضافية للعدس!.

نقص التفكير العقلاني:

في دراسة التطعيم  لم تحل الحوافز وتحسين توافر الرعاية المشكلة بالكامل، حيث ظل 61 في المائة من الأطفال محصنين جزئياً. من المحتمل أن يكون معدل التطعيم المنخفض في العديد من البلدان الفقيرة أسباب أخرى، أحدها هو أن الناس ليسوا دائماً عقلانيين تمامًا. قد يكون هذا التفسير أيضًا مفتاحًا للملاحظات الأخرى التي -على الأقل في البداية- تبدو صعبة الفهم.

واحدة من هذه الملاحظات هي أن الكثير من الناس يترددون في اعتماد التكنولوجيا الحديثة. في تجربة ميدانية مصممة بذكاء من دوفلو وكريمر وآخرون. تم التحقيق في سبب عدم تبني أصحاب الحيازات الصغيرة -خاصة في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى- ابتكارات بسيطة نسبيًا مثل الأسمدة الصناعية على الرغم من أنها ستوفر فوائد كبيرة.

أحد التفسيرات هو التحيز الحالي -يأخذ الوقت الحالي قدرًا كبيرًا من وعي الناس لذلك يميلون إلى تأخير قرارات الاستثمار.

عندما يأتي الغد سيواجهون القرار نفسه مرة أخرى ويختارون مرة أخرى تأخير الاستثمار، قد تكون النتيجة حلقة مفرغة لا يستثمر فيها الأفراد في المستقبل على الرغم من أن من مصلحتهم طويلة الأجل تعتمد على القيام بذلك.

وللعقلانية المقيدة آثار مهمة على تصميم السياسات، إذا كان الأفراد متحيزين للأمر الواقع؛  فإن الإعانات المؤقتة تكون أفضل من الإعانات الدائمة: وهو العرض الذي ينطبق هنا فقط ويقلل الآن من حوافز تأخير الاستثمار. هذا هو بالضبط ما اكتشفوه في تجربتهم: كان للإعانات المؤقتة تأثير أكبر بكثير على استخدام الأسمدة من الإعانات الدائمة.

القروض الصغيرة:

استخدم اقتصاديو التنمية أيضًا تجارب ميدانية لتقييم البرامج التي تم تنفيذها بالفعل على نطاق واسع. أحد الأمثلة على ذلك هو إدخال القروض الصغيرة بشكل كبير في مختلف البلدان والتي كانت مصدر تفاؤل كبير.

بانيرجي ودوفلو وآخرون أجرا دراسة أولية عن برامج الائتمانات الصغيرة يركز على الأسر الفقيرة في مدينة حيدر أباد الهندية. أظهرت تجاربهم الميدانية آثارًا إيجابية صغيرة على الاستثمارات في الشركات الصغيرة الحالية، لكنها لم تجد أي آثار على الاستهلاك أو مؤشرات التنمية الأخرى، لا في 18 أو 36 شهرًا. وقد وجدت تجارب ميدانية مماثلة في بلدان مثل البوسنة والهرسك وإثيوبيا والمغرب والمكسيك ومنغوليا نتائج مماثلة.

التأثيرات السياسة:

كان لعمل الفائزين آثار واضحة على السياسة ، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر. بطبيعة الحال ، من المستحيل قياس مدى أهمية أبحاثهم بدقة في صياغة السياسات في مختلف البلدان. ومع ذلك ، فمن الممكن في بعض الأحيان رسم خط مستقيم من البحث إلى السياسة.

كان لبعض الدراسات التي ذكرناها بالفعل تأثير مباشر على السياسة، قدمت دراسات الدروس الخصوصية العلاجية حججًا لبرامج الدعم الواسعة النطاق التي وصلت الآن إلى أكثر من خمسة ملايين طفل هندي.

لم تُظهر دراسات التخلص من الديدان أن التخلص من الديدان يوفر فوائد صحية واضحة لأطفال المدارس، ولكن أيضًا أن أولياء الأمور حساسون للغاية للسعر وفقًا لهذه النتائج توصي منظمة الصحة العالمية بتوزيع الدواء مجانًا على أكثر من 800 مليون من تلاميذ المدارس الذين يعيشون في المناطق التي يصاب فيها أكثر من 20 في المائة بنوع محدد من الديدان الطفيلية.

هناك أيضًا تقديرات تقريبية لعدد الأشخاص الذين تأثروا بنتائج البحث هذه. يأتي أحد هذه التقديرات من شبكة الأبحاث العالمية التي ساعد اثنان من الفائزين في العثور عليها (J-PAL)؛ البرامج التي تم توسيع نطاقها بعد تقييمها من قبل الباحثين في الشبكة وصلت إلى أكثر من 400 مليون شخص.

ومع ذلك قلل هذا بشكل واضح من التأثير الكلي للبحوث لأنه بعيدًا عن جميع الاقتصاديين في مجال التنمية المرتبطة بـ J-PAL. ينطوي العمل على مكافحة الفقر أيضًا وعدم استثمار الأموال في تدابير غير فعالة.

أصدرت الحكومات والمنظمات موارد كبيرة لاتخاذ تدابير أكثر فعالية من خلال إغلاق العديد من البرامج التي تم تقييمها باستخدام أساليب موثوقة وأثبتت أنها غير فعالة.

كان لبحوث الفائزين تأثير غير مباشر على تغيير كيفية عمل الهيئات العامة والمنظمات الخاصة، من أجل اتخاذ قرارات أفضل وبدأت أعداد متزايدة من المنظمات التي تكافح الفقر العالمي بشكل منهجي في تقييم التدابير الجديدة، وغالبًا ما تستخدم التجارب الميدانية.

لعب الفائزين هذا العام دوراً حاسماً في إعادة تشكيل البحوث في اقتصاديات التنمية. على مدى 20 عامًا فقط وأصبح الموضوع مجالًا مزدهرًا، تجريبيًا في المقام الأول. وساعد هذا البحث الجديد القائم على التجربة بالفعل في التخفيف من وطأة الفقر العالمي ولديه إمكانات كبيرة لزيادة تحسين حياة أكثر الناس فقراً على الكوكب.

المصدر:

بيان لجنة نوبل

Exit mobile version