ما هي الميزة النسبية ؟

حانت فترة نهاية الدورة الدراسية، ما يعني فتره مشاريع نهاية الدورة، بينما أنت مشغول (ة) بالمذاكرة للامتحانات النهائية، تذكر(ي) أنه تبقى يومان لمشروع نهائي لأحد المواد. نظرا لضيق الوقت، عليكما تبني استراتيجية تمكنكما من الخروج من هذا المأزق، يتكون المشروع من جزأين. الجزء الأول يتضمن كتابة خمس مقالات، و جزء آخر يتضمن صنع فيديوهات. تستطيع انت كتابة مقال واحد في ساعتين بينما صنع الفيديو يأخذ أربع ساعات من وقتك. أما صديقك فتستغرق كتابة المقال منه 12 ساعة، بينما يستغرق صنع الفيديو ساعات. كيف ستقسمان العمل بينكما لإكمال المشروع في الوقت المحدد؟ يمكن حل هذه المشكلة بالتعرف على نظرية الميزة النسبية.

مبدأ التخصص 

ينص مبدأ التخصص في علم الاقتصاد على أنه من المفيد لطرف أن يتخصص ويتاجر في منتج محدد أكثر من تعميم وتوزيع مجهوداته لإنتاج منتوجات أخرى حتى وان كان الأفضل في إنتاج كل هذه المنتجات بين الأطراف الأخرى.

لنأخذ على سبيل المثال الولايات المتحدة و الصين. نفترض أن الولايات المتحدة تستطيع إنتاج 50 كيلوغراما من القمح أو 100 كيلوغرام من الذرة في اليوم الواحد. نفترض أيضا أن الصين تستطيع إنتاج 25 كيلوغرام من القمح أو 5 كيلوغرامات من الذرة. سيكون أفضل للولايات المتحدة التخصص في إنتاج القمح. بينما من الأفضل للصين التخصص في إنتاج الذرة على الرغم من كون الولايات المتحدة الأفضل في إنتاج الاثنين. هذا راجع إلى مفهوم الميزة النسبية.

الميزة النسبية

يعتمد هذا المبدأ على مبدأ تكلفة الفرصة الذي يمكن الاطلاع عليه في هذا المقال. نتكلم عن الميزة النسبية حين يكون لطرف ما (شركة، بلد) مصلحة أكثر في إنتاج (المنتوج أ) من (المنتوج ب). تقوم هذه المقارنة بين المنتجات على مبدأ تكلفة الفرصة. كما ذكر في المقال المشار إليه أعلاه، تمثل تكلفة فرصة (المنتوج أ) في عدد المنتوجات ب التي يمكن صنعها باستعمال نفس الموارد المستعملة لإنتاج المنتوج أ. بطريقة أخرى، تمثل ما سيتم التضحية به من المنتوج ب لصنع المنتوج أ.

إذا عدنا إلى مثال الولايات المتحدة و الصين، إذا قامت الولايات المتحدة بإنتاج القمح فقط، تكون تكلفة الفرصة لإنتاج كيلوغرام من القمح هي كيلوغرامين من الذرة. و من أجل كيلوغرام من الذرة، على الولايات المتحدة التضحية بنصف كيلو من القمح.

بالنسبة للصين، تكون تكلفة الفرصة لإنتاج كيلوغرام واحد من الذرة 5 كيلوغرام من القمح. إذن للولايات المتحدة ميزة نسبية في إنتاج الذرة لأن تكلفة فرصتها أقل من تكلفة الفرصة للقمح. على نفس المنوال، تكون للصين ميزة نسبية في إنتاج القمح.

لنطبق نفس المنهاج على مثال مشروع نهاية السنة. تكون تكلفة الفرصة لعملك على فيديو واحد هي مقالين، بينما تكلفة الفرصة لعمل صديقك على مقال واحد هي اثنين من الفيديوهات. بالتالي، لك ميزة نسبية في العمل على المقالات، و لصديقك ميزة نسبية في العمل على الفيديوهات.

المصادر:

Econport

Crash Course

ما هو التحليل الهامشي؟

قمت بشراء دراجه نارية لكنك ندمت على شرائها بعد وقت جد قصير ولن تستعملها أبداً، فهي لا تناسبك. هل ستقوم ببيع الدراجة النارية بثمن أقل بكثير من الذي اشتريتها به؟ أم ستقوم بإبقائها في المرآب بحجة أنك قد أخطأت مرة واحده فلا داعي لارتكاب خطأ آخروبيعها بسعر أقل بكثير؟ من وجهه نظر علم الاقتصاد تعد الحجة الأخيرة واهية لأنها لا تحترم مبدأ الفائدة والتكلفة. للإشارة إلى نقطه ضعف هذه الحجة يستعمل علم الاقتصاد «التحليل الهامشي-Marginal Analysis»، و هو موضوع هذا المقال.

«الفائض الاقتصادي-Economic Surplus»

قبل التعرف على التحليل الهامشي، لا بد من التعرف على الفائض الاقتصادي.

الفائض الاقتصادي هو طرح «التكلفة الإضافية -Incremental Cost» سواء كانت «صريحة-Explicit» أو «ضمنية-Implicit» من «الفائدة الإضافية -Incremental Benefit». لكن ما معنى التكلفة الإضافية الصريحة والتكلفة الإضافية الضمنية؟ التكلفة الإضافية الصريحة هي أي تكلفه يمكن التعبيرعن قيمتها مالياً، أي يكون مصدر هذه التكلفة عبارة عن عملية تجارية يتم فيها دفع المال. من جهه أخرى تعبر التكلفة الصريحة عن الشيء الذي يُضحى به، ولكن لا يدفع من أجله المال، كالوقت مثلاً.

يجب على القرارات الاقتصادية أن تسعى إلى إكثار الفائض وذلك بإكثار الفوائد وتقليل التكاليف. أي يجب تقليل تكلفة الفرصة. إذاً يُمكننا الفائض الاقتصادي من ملاحظة مساهمة تكلفة الفرصة في تحديد ما إذا تم استغلال الموارد بطريقه فعالة.

كمثال على الفائض الاقتصادي: تم عرض فرصه عمل عليك في مدينه أخرى براتب شهري يقدر بـ $250، بينما يبلغ راتبك الحالي$200. من جهه أخرى، تبلغ تكلفه السكن $100 في مدينتك الحالية بينما تبلغ $120 في المدينة الجديدة. ما هو الاختيار العقلاني؟ في هذه الحالة نستعمل صيغه الفائدة الاقتصادية مع اعتبار أن الراتب هو الفائدة الإضافية وأن تكلفة السكن هي التكلفة الإضافية. إذاً يكون الفائض الاقتصادي للعمل في المدينة الأخرى $130 = $120 – $250, بينما الفائض الاقتصادي في العمل الحالي هو: $100=$100-$200. بذلك ستوفر $30 إضافية.

لكن تصور أنك توفر فقط $5 إذا انتقلت إلى للمدينة الأخرى؟ هل ستذهب للمدينة الأخرى؟ حسب الفائض الاقتصادي نعم رغم أنك تتقاضى $200 في الأصل. فعند الاعتماد على الفائض الاقتصادي، يجب الانتباه إلى القيم المطلقة فقط و هي $5 الزائدة، و ليس نسبة $5 ل $200.

التحليل الهامشي

يعتبر التحليل الهامشي واحد من أهم التقنيات لتحديد مدى فعاليه قرار ما. من بين مفاهيم تحليل الهامشي نجد مفهوم هامش الربح و الذي يشير إلى قيمة التغيير في الربح الكلي إثر القيام بخطوة إضافية. على سبيل المثال تصور أنك تبيع 15 قلماً بـ $29 ، بينما تبيع 17 قلماً ب $33، إذن هامش الربح لبيع قلم واحد هو 2 /(29 – 33) و هي دولارين.

تصور أن تكلفة صنع 15 قلماً تقدر ب $25 دولار، بينما تقدر تكلفة 17 قلماً ب $18.إذاً هامش التكلفة يقدر ب 2 / (15 – 17) وهو دولار واحد للقلم الواحد. إذن هل يعتبر بيع 17 قلما عوض 15 قرارا صائبا؟ باستعمال مبدأ الفائدة والتكلفة سيكون القرار صائباً إذا كان هامش الربح أكبر من هامش التكلفة. في هذه الحالة يكون صنع وبيع 17 قلم هو القرار الأمثل.

إذا عدنا إلى المثال الأول للدراجه النارية، نرى أن الربح الهامشي لبيع الدراجة النارية هو سعر بيعها مهما كان هذا الثمن، بينما تكون التكلفة الهامشية صفراً. من جهة أخرى، نرى أن الربح الهامشي لإبقاء الدرجة النارية هو صفر لأنك ندمت على شراءها فلن تستعملها، بينما تتجلى التكلفة الهامشية لإبقائها على المكان الذي تأخذه في المرآب (لاحظ هنا أن التكلفة ضمنية و غير صريحة)، باستعمال مبدأ الفائدة و التكلفة، يكون بيع الدراجة النارية هو القرار الصائب.

المصادر:

Edx

Oxy

ما هو الاقتصاد الجزئي؟

لابد انك مررت بموقف عجزت فيه عن اتخاذ القرار الأنسب. من الأمثلة على هذه المواقف الحيرة عند شراء هاتف جديد نظرا لتعدد الهواتف بشتى الأنواع والأشكال. تبقى حائرا في اختيار النوع المناسب لك، لاحتياجاتك ولمصروفك. في الحقيقة، يوجد علم اجتماعي يهتم فقط بدراسه اتخاذ القرارات ألا وهو علم الاقتصاد والذي سنتطرق إليه بالتفصيل.

من بين فروع الاقتصاد نجد «الاقتصاد الجزئي-Microeconomics» الذي يمثل محل اهتمام هذا المقال.

ما هو الاقتصاد الجزئي وما الفرق بينه وبين «الاقتصاد الكلي-Macroeconomics»؟

يدرس الاقتصاد الجزئي أساسيات اتخاذ القرار أو القرارات المثلى مع الحرص على استغلال الموارد المتوفرة قدر المستطاع. كما يدرس الاقتصاد الجزئي مدى تأثير السياسة العامه على الأسواق إيجابيا أو سلبيا.

يتمثل الاختلاف بين الاقتصاد الجزئي والكلي في كون الكلي مهتم اكثر بتدخل الاقتصاد بشؤون الدولة و السياسة، كما يستعمل مفاهيم الاقتصاد لدراسة نطاقات واسعة كالشعوب والدول بدلا من الشركات و الأسواق، من بين المفاهيم المرتبطة بالاقتصاد الكلي نجد الناتج المحلي الإجمالي وسعر الفائدة.

«مبدأ الندرة-Scarcity Principle»

أول مبدأ سنتطرق إليه هو مبدأ الندرة، تكون الموارد نادرة حين يكون الطلب عليها اكثر من عرضها. ينص مبدأ الندرة على أن الموارد تكون غالبا نادرة بالمقارنة مع احتياجنا لهذه الموارد. بما أن الموارد نادرة علينا أن نختار بين هذه الموارد فليس بالإمكان الحيازة عليها كلها. إذن في غالب الأحيان يكون علينا التضحية بشيء من أجل الحصول على شيء آخر. تكمن أهمية هذا المبدأ في تطبيقاته في الحياة العامة. فعلى المستهلك من جهه الاختيار بين ما سيشتري من المنتوجات، وذلك لندرة المال الذي يملكه على سبيل المثال، وتتمثل التضحية التي يقوم بها في عدم اشتراء بعض المنتوجات الأخرى رغم رغبته فيها. نجد هذا المبدأ أيضا في طريقة تدبير الحكومات للأموال، وكيفيه توزيعها على مختلف القطاعات.

«تكلفه الفرصة-Opportunity Cost»

تعتبر تكلفه الفرصة مفهوما اقتصاديا يساعد على اتخاذ القرار الأمثل، ويقوم على مبدأ “ما لم يتم اختياره”. بطريقه أخرى لمعرفه تكلفه الفرصة لقرار ما، يكفي أن تسأل/ي نفسك/ي ما هي قيمه القرار الآخر الذي لم أتخده؟ وما قيمه التضحيات التي قمت بها عند اتخاذ هذا القرار؟ على سبيل المثال، تخيل انك في محل لبيع الكعك، ومعك دولار واحد. بالدولار الواحد قد تشتري ثلاث فطائر أو كعكة الجبن. ما هي تكلفه الفرصة لشراء كعكه الجبن؟ لنطرح السؤال بطريقه أخرى، بماذا ستضحي إن اخترت كعكة الجبن؟ إذن تكلفة فرصه كعكه الجبن هي الفطائر الثلاث.

«مبدأ التكلفة و الفائدة-Cost-Benefit Principle»

حين اتخاذ أي قرار لابد من ذكر التكلفة الإضافية والفائدة الإضافية لهذا القرار. يقوم مبدأ التكلفة والفائدة على اختيار القرارات التي تؤدي إلى فائدة إضافيه أكثر من أو تساوي التكلفة الإضافية. وهذا راجع إلى ندرة الموارد التي تطرقنا إليها في مبدأ الندرة

وأخيرا لابد انك بدأت التفكير في استعمال هذه المبادئ في حياتك العامه فالحياه مليئه بالمواقف التي تتطلب اتخاذ القرارات: شراء هاتف جديد، اختيار الشعبة الدراسية بداية مشروع ما وغيرها. ترقب/ي المزيد عن الاقتصاد الجزئي في المقال القادم.

المصادر:

Edx

نظرية اللعبة: اللعب التعاونية

هذه المقالة هي الجزء 4 من 5 في سلسلة مقدمة في نظرية اللعبة

نظرية اللعبة: اللعب التعاونية

وظفت إحدى الشركات تسنيم (مصممة غرافيك) ومحمد (مبرمج) من أجل بناء موقع إلكتروني لها. تمنح الشركات المصممين غالبًا ١٢٠ دولار بينما تمنح المبرمجين ١٥٠ دولار، إلا أن الأمر مختلف بالنسبة لتسنيم ومحمد، لأنهما سيعملان كفريق الآن. ستمنحهما الشركة ٣٠٠ دولار. فكيف سيقوم الاثنان بتقسيم المبلغ بينهما؟

من منظور نظرية اللعبة، يعتبر محمد وتسنيم لاعبان في «لعبة تعاونية-Cooaporative Game» مفادها تقسيم المكافأة. لحل مسألة التقسيم هذه، ستستعمل نظرية اللعبة «قيم شابلي- Shapley Values» ومفهوم آخر يعرف بـ «المساهمة الهامشية-Marginal Contribution».

قيم شابلي والمساهمة الهامشية

المساهمة الهامشية للاعب هي ما يضيفه هذا اللاعب على المجموع. بطريقة أخرى، إذا عمل محمد وحده على البرمجة فسيحصل على ١٥٠ دولار، لكن إذا أضيفت تسنيم إلى الفريق، سيحصل الاثنان على ٣٠٠ دولار. في هذه الحالة تكون المساهمة الهامشية لمحمد ١٥٠ دولار، ولتسنيم ١٥٠ دولار أيضا.

بنفس الطريقة، إذا عملت تسنيم وحدها ستحصل على ١٢٠ دولار، لكن ما أن يضاف محمد إلى الفريق، يحصل الاثنان على ٣٠٠ دولار. مما يعني أن المساهمة الهامشية لتسنيم تقدر ب ١٢٠ دولار، ولمحمد ب ١٨٠ دولار.

لتحديد المبلغ الذي سيحصل عليه كل من تسنيم ومحمد، سنقوم بحساب قيمة شابلي لكل لاعب ولذلك يكفي ضرب كل مساهمة هامشية ممكنة باحتمالية وقوع هذه المساهمة. فمثلا في حالة تسنيم، نقوم بضرب ١٢٠ ب ١/٢، و١٥٠ ب ١/٢، ثم نقوم بحساب المجموع فنحصل على ١٣٥. بنفس الطريقة يحصل محمد على ١٦٥ دولار (لحساب قيمة شابلي، توجد صيغة رياضية أكثر عمومًا نناقشها بالتفصيل في مقال قادم). لاحظ أن مجموع القيمتين يساوي ٣٠٠ دولار.

مسألة الانتخابات كلعبة تعاونية

تهدف هذه المسألة إلى معرفة تأثير كل حزب على نتائج الانتخابات البرلمانية. يتكون البرلمان من ١٠٠ عضو من ٤ أحزاب موزعة كما يلي: ٤٥، ٢٥، ١٥، ١٥ عضوًا. ما قيمة تأثير كل حزب على النتائج إذا تم اعتماد مبدأ الأغلبية (٥١ صوتا على الأقل للمصادقة على القرار) في حالة المصادقة على قرارٍ ما؟ قد تظن أن الإجابة هي: ٤٥٪، ٢٥٪، ١٥٪، ١٥٪. إلا أن استعمال قيم شابلي يظهر نتائج أخرى.

نظرًا لعدد اللاعبين (٤ أحزاب)، سنستعمل هذا الموقع الذي يقوم بحساب قيمة شابلي لكل لاعب، فيكفي إدخال نتيجة التحالفات الممكنة للاعبين. فمثلا، إن تحالف الحزب الأول (٤٥ صوتًا) مع الثاني (٢٥ صوتًا) ، فحتمًا سيتم قبول القرار ولن نحتاج إلى أصوات الآخرين. من جهة أخرى، مجموع صوت أعضاء الحزب الثالث والرابع فقط (١٥، ١٥ صوتًا)، وهو عدد لا يؤدي إلى المصادقة على القرار. سنشير إلى حدث المصادقة على القرار بالقيمة 1، بينما لعدم المصادقة بالقيمة صفر.

بعد ملء الجدول في الموقع، يتبين لنا أن قيمة تأثير الأحزاب هي: ٥٠٪ (٤٥ عضوًا)، ١٦.٦٧٪ (٢٥ عضوًا) ، ١٦.٦٧٪ (١٥ عضوًا) و١٦.٦٧٪ (١٥ عضوًا). هذا راجع إلى العدد الكبير للأصوات للحزب الأول، لكنه بالأساس يعود إلى ضعف عدد أصوات الأحزاب الأخرى.

وأخيرًا بعد أن تطرقنا لمشكلة تقسيم المكافأة ومسألة الانتخابات، لا بد أنك تستطيع التفكير في مواقف تدفعك لاستعمال النظرية في حياتك اليومية (تقسيم جائزة مالية مع باقي أعضاء الفريق، ملاحظة تأثير أصوات دول حق الفيتو في منظمة الأمم المتحدة). ترقب مزيدًا عن اللعب التعاونية وتطبيقاتها في المقال القادم.

اقرأ أيضًا عن نظرية اللعبة

المصادر:

Coursera
Ucdavis
UBC

ما هي نظرية اللعبة ؟

هذه المقالة هي الجزء 2 من 5 في سلسلة مقدمة في نظرية اللعبة

ما هي نظرية اللعبة ؟

تخيل أن الشرطة ألقت القبض على سجينين من أجل جريمة اقترفاها معًا. استُجوِب السجينان على انفراد، حيث عرضت الشرطة عليهما ما يلي:

  •  إذا اعترف أحدهما باقتراف الجريمة بينما لم يعترف الآخر، سيحظى المعترف بالحرية في حين سيُحكم على الآخر ب10 سنوات في السجن.
  •  إذا اعترف كلاهما، سيقضي كل منهما 4 سنوات في السجن.
  •  إذا لم يعترف أي منهما، سيُحكم عليهما بسنتين في السجن.

تصور أنك أحد السجينين، ما القرار الذي ستتخذه علمًا أنك لن تتمكن من معرفة قرار السجين الآخر؟ إذا بدا الأمر محيرًا، لا تقلق، فنظرية اللعبة مصممة لتساعدك. و تسمى هذه المشكلة بـ «معضلة السجين-Prisoner’s Dilemma» وهي من أشهر الأمثلة على تطبيق نظرية اللعبة. 

ما هي نظرية اللعبة؟

تدور نظرية اللعبة حول دراسة التفاعلات بين اللاعبين. يمكن للاعبين أن يكونوا أنت مقابل شركة تستهدفك لتشتري منتجاتها، أو بلدان في حرب ما بينهما، أو شركات تتنافس على الأسواق. فنظرية اللعبة تدرس اتخاذ القرارات مع وضع الخصوم وتحركاتهم بعين الاعتبار.

أساسيات نظرية اللعبة

تدور نظرية اللعبة حول مفهوم اللعبة. اللعبة هي أي تفاعل بين لاعبين أو أكثر وتعتمد نتائجها على تحركات اللاعبين. اللاعبون هم متخذو القرارات، وتتحكم قراراتهم وقرارات اللاعبين الآخرين في محصلتها التي قد تكون إيجابية أو سلبية. فإذا أخذنا على سبيل المثال معضلة السجين، قد يكون اللاعبان هما السجينين، وتحركاتهما هي الاعتراف أم الإنكار، والمكافأة تكون عدد السنوات في السجن، وبالطبع أفضلها هي 0 سنوات لينال أحدهما الحرية.

«الاستراتيجية المهيمنة-Dominant Strategy» و«الاستجابة المُثلى-Best response»

في نظرية اللعبة، يُعرف الاستجابة المثلى بأنها أفضل تحرك يمكن للاعب أن يختاره مقابل تحرك محدد للخصم. فإذا عدنا إلى معضلة السجين وأخذنا تحرك الاعتراف كمثال، سيكون الاعتراف أفضل استجابة يقوم بها أي سجين لأنه إذا لم يعترف، سيقضي عشر سنوات في السجن في الوقت الذي يستمتع فيه السجين الآخر بالحرية. 

إضافة إلى الاستجابة المثلى، تعتبر الاستراتيجية المهيمنة من أهم مفاهيم نظرية اللعبة. وتختلف الاستراتيجية المهيمنة عن الاستجابة المثلى في عدم اعتمادها على تحرك معين للطرف الآخر. تلزم الإشارة هنا إلى أن الاستراتيجية تشير إلى اختيار اللاعب لتحرك ما.

الاستراتيجية المهيمنة هي الاستراتيجية التي تضمن للاعب نتائج مرضية مهما كان تحرك الخصم. بالعودة لمعضلة السجين، تكمن الاستراتيجية المهيمنة لأي لاعب بالاعتراف أيضًا. ذلك لأن عدم الاعتراف قد يؤدي إلى قضاء 10 سنوات في السجن إذا اعترف الطرف الآخر, بينما يؤدي الاعتراف إما إلى 4 سنوات في السجن مناصفة مع الطرف الآخر، وهذا عادل، أو إلى الحرية، وهذا رائع!

«توازن ناش-Nash Equilibrium»

قبل تعريف توازن ناش، لا بد من الإشارة إلى «ملف تعريف الاستراتيجية-Strategy Profile». ملف تعريف الاستراتيجية يضم استراتيجية محتملة لكل لاعب. فعلى سبيل المثال، (اعتراف اللاعب الأول، عدم اعتراف اللاعب الثاني) و (اعتراف اللاعب الأول، اعتراف اللاعب الثاني) تشكل ملفين من ملفات تعريف الاستراتيجية التي يمكن تسجيلها من معضلة السجين.

يحدث توازن ناش عندما يختار اللاعبون استراتيجياتهم بحيث لا يكون من مصلحتهم تغييرها. إذ أن التغيير قد يتسبب في نتائج غير مرضية. بطريقة أخرى، يحدث توازن ناش عندما نمتلك ملف تعريف استراتيجية حيث أن كل استراتيجية هي الاستجابة المُثلى على الاستراتيجيات الأخرى.

الآن، أصبح من الواضح أن ملف تعريف الاستراتيجية الذي يضم عدم اعتراف كلا اللاعبين لا يحقق توازن ناش. فإذا أخذنا عدم الاعتراف كتحرك، سيكون تحرك الاعتراف الاستجابة المُثلى له لأنه يؤدي إلى الحرية. من جهة أخرى، يتحقق توازن ناش عند اعتراف كلا اللاعبين. ذلك لأن الاعتراف هو الاستجابة المُثلى للاعتراف وليس لأي لاعب المصلحة في عدم الاعتراف إن كان الطرف الآخر سيعترف. فمن يريد قضاء عشر سنوات في السجن؟

ربما لاحظت أننا أشرنا سابقًا إلى أن الاعتراف هو الاستراتيجية المهيمنة لكلا السجينين، وأنها أيضًا تمثل توازن ناش إن اختارها كلا اللاعبين. دعني أخبرك عزيزي القارئ(ة) أن هذه ليست صدفة فأي ملف تعريف استراتيجية يتكون كله من الاستراتيجيات المهيمنة التي يمثلها توازن ناش.

تطبيقات نظرية اللعبة

من تطبيقات نظرية اللعبة بشكل عام ومعضلة السجين بشكل خاص، طريقة عمل الشركات المهيمنة على سوق ما. فإذا تعاونت الشركات فيما بينها، فبإمكانها تحديد سعر عال، وبالتالي حصد أرباح كثيرة. لكن في حال قامت إحدى الشركات بالخروج عن الاتفاق بتخفيض أسعارها، ستحصد أكبر عدد من الزبائن وبالتالي أرباحًا عالية على حساب الشركات الأخرى التي ستخسر زبائنها. أيضًا، إن قررت جميع الشركات المشاركة تخفيض الأسعار، ستنزل الأسعار بشكل كبير، وهو الشيء الذي سيؤدي إلى أرباح قليلة لجميع الشركات.

تطبق نظرية اللعبة أيضًا في مجال البيولوجيا لدراسة تعاون الحيوانات فيما بينها من أجل البقاء، وكذلك في مجال السياسة لدراسة العلاقات الدولية.

أخيرًا، بعد أن تطرقنا لأساسيات نظرية اللعبة وتعرفنا على مفاهيم مثل الاستجابة المُثلى، والاستراتيجية المهيمنة، وتوازن ناش، لا بد أنك أيقنت أن الاعتراف هو أفضل قرار تتخذه إن كنت في وضعية أحد السجينين. إلا أن هذا ليس صحيحًا إذا كانت لديك فرصة للتواصل مع الطرف الآخر، حيث يعتبر عدم الاعتراف هو القرار الأمثل. فقد تتفق مع السجين الآخر على عدم الاعتراف و تقضي سنتين عوض 4 سنوات. في هذه الحالة، أصبحت اللعبة تعاونية. ولنظرية اللعبة وسائل ومفاهيم خاصة بالألعاب التعاونية نكتشفها في المقال التالي.

المصادر:

stanford
coursera
stanford

Exit mobile version