سفيان تايه، جريمة إسرائيلية في حق العلم وليست الأخيرة!

نشأة سفيان تايه

وُلد سفيان عبد الرحمن عثمان تايه وكنيته أبو أسامة؛ في أغسطس 1971 في مخيم جباليا شمال قطاع غزة. تلقى تعليمه المدرسي في مدارس وكالة الأونروا بالمخيم. التحق بقسم الفيزياء بالجامعة الإسلامية وتخرج في عام 1994 ليصبح معيدًا في العام نفسه. 

تعليمه

سجل للدكتوراة في عام 2004 وحصل عليها من جامعة عين شمس في مصر عام  2007. عمل أستاذًا مساعدًا في قسم الفيزياء بالجامعة الإسلامية بغزة في الفترة بين 2008 و2013، ثم أصبح أستاذًا مشاركًا في الفيزياء من 2013 إلى 2018، ثم أستاذًا متفرغًا للفيزياء النظرية في تخصص الإلكترونيات الضوئية بالقسم. كما عمل مساعدًا لنائب رئيس الجامعة للشئون الأكاديمية لعدة سنوات. قرر مجلس أمناء الجامعة الإسلامية بقطاع غزة مع مطلع العام الدراسي في 2023 تعيين الأستاذ الدكتور سفيان عبد الرحمن تايه رئيسًا للجامعة الإسلامية خلفًا للأستاذ الدكتور ناصر إسماعيل فرحات.

«أدركت منذ أولى لحظاتي في الجامعة الإسلامية أن مهمة الجامعة لا تقتصر على التدريس وتخريج الأجيال، وإنما تضطلع بثلاث مهام رئيسية وهي البحث العلمي وخدمة المجتمع ثم التدريس. يحل التدريس ثالثًا وليس مهمة أساسية، فالمهمة الرئيسية هي البحث العلمي.»

سفيان تايه

امتنان ورسالة

عزى تايه الفضل في مسيرته إلى الفريق البحثي التابع لقسم الفيزياء في الجامعة الإسلامية. ركزت اهتماماته البحثية على مجالات البصريات المتكاملة لتطبيقات أجهزة الاستشعار، والأدلة الموجية، والقياس الإهليلجي، والصمام الثنائي العضوي الباعث للضوء (OLEDs)، والتقنيات الرقمية، والبصريات غير الخطية، وتطبيقات البلورات الفوتونية. نشر قرابة 150 دراسة في مجلات دولية محكمة. كما شارك في العديد من المؤتمرات الدولية والمحلية. وقد بلغت اقتباسات أبحاث تايه 3721 اقتباسًا وحصل على 33 على مؤشر إتش H index (المستخدم لقياس الانتاجية والتأثير الانتشاري للباحث أو المؤلف) و 116 على مؤشر آي تن. [1][2]

احتفاء دولي

مُنح سفيان تايه جائزة عبد الحميد شومان للباحثين العرب الشبان في الأردن عام 2012. كما مُنح جائزة البنك الإسلامي الفلسطيني للبحث العلمي لعام 2019 و2020. وأعلنت عمادة البحث العلمي والدراسات العليا في الجامعة الإسلامية اسمه، في 3 مارس 2022، ضمن الفائزين بجائزة الجامعة للبحث العلمي للعام 2021.
وقع الاختيار على تايه، الذي ترأس أكبر جامعة في غزة، ليكون ضمن أفضل 2% من الباحثين حول العالم بناءً على دراسة أجرتها دار النشر العالمية إلسفير وجامعة ستانفورد في الولايات المتحدة في أغسطس 2021. كما عُين حاملًا لكرسي منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة «اليونسكو» لعلوم الفلك والفيزياء الفلكية وعلوم الفضاء منذ 28 مارس 2023، بعد تجديد الجامعة الإسلامية في غزة وجامعة الأزهر والأقصى الاتفاقية الموقعة مع المنظمة. [3] 

عطاء لا ينقطع

واصل تايه نشر الأبحاث حتى أثناء القصف المستمر على غزة، إذ نشر عدة أبحاث في خضم الحرب في شهري أكتوبر ونوفمبر:

  • نشر في أكتوبر 2023 دراسة بعنوان «التحليل العددي للمستشعر الحيوي المبني على ألياف البلورات الفوتونية للكشف عن بكتيريا ضمة الكوليرا والإشريكية القولونية في نظام التيراهرتز» (Numerical Analysis of a Photonic Crystal Fiber‐Based Biosensor for the Detection of Vibrio cholera and Escherichia coli Bacteria in the THz Regime) ودراسة بعنوان «خصائص الامتصاص لبلورة فوتونية ثنائية معيبة تتكون من مادة فائقة وثاني أكسيد السيليكون وورقتين من الجرافين» (Absorption Properties of a Defective Binary Photonic Crystal Consisting of a Metamaterial, SiO2, and Two Graphene Sheets) وأخرى بعنوان «تصميم متعدد الطبقات من التيتانيوم والسيليكون لامتصاص الطاقة الشمسية على أساس مادة التنغستن لتحويل الطاقة الحرارية الشمسية» (Multi-layered Ti–Si solar absorber design based on tungsten material for solar thermal energy conversion)
  • نشر في نوفمبر 2023 دراسة بعنوان «الكشف المباشر عن الدوبامين باستخدام مستشعر رنين البلازمون السطحي المعتمد على أسلاك أكسيد الزنك» (Direct detection of dopamine using zinc oxide nanowire-based surface plasmon resonance sensor)

يبرز من أبحاث تايه انشغاله بتطبيقات الفيزياء في المجالات الطبية للدمج بين المجالين، فيقول معلقًا على اختياره ضمن الباحثين البارزين دوليًا: «أعد تصنيفي وتصنيف أخي الدكتور بسام نقطة إيجابية في سبيل الرقي بجامعتنا»

عائلة علمية مميزة

يعمل بسام تايه -شقيق سفيان- أستاذًا متفرغًا في الجامعة الإسلامية بغزة في فلسطين، ونائبًا لعميد البحث العلمي والدراسات العليا. تتلخص اهتماماته البحثية في مجال البناء والتشييد. صُنف وفقًا لتقرير جامعة ستانفورد لشهر أكتوبر 2021 ضمن أفضل 2% من الباحثين عالميًا في مجال البناء والتشييد. حصل على الدكتوراه من جامعة العلوم الماليزية. وشغل منصب مدير مركز «إيوان» للتراث الثقافي في الجامعة الإسلامية بغزة منذ عام 2015 حتى الآن. اهتم بمجالات الاستفادة من خرسانة الألياف فائقة الأداء (UHPFC) ومواد البناء الصديقة للبيئة. شارك في عدة أبحاث حول إعادة استخدام النفايات الصناعية باستبدال الأسمنت أو غيره من محتويات الخرسانة لإنتاج خرسانة صديقة للبيئة. [4]

مقتل سفيان تايه

صرحت وزارة التعليم العالي الفلسطينية، يوم السبت الموافق 2 ديسمبر، إن هجومًا إسرائيليًا على الفالوجة شمال قطاع غزة، وغرب مخيم جباليا، أسفر عن استشهاد سفيان تايه وعائلته. جاء ذلك في أعقاب الحرب التي شنتها إسرائيل على القطاع ردًا على عملية طوفان الأقصى التي بدأت في 7 أكتوبر 2023. [5]

علماء آخرون قتلهم الاحتلال

لم تفرق القذائف بين امرأة وطفل، فكيف بها أمام علماء القطاع البارزين؟ تسبب القصف الإسرائيلي في العدوان الأخير على غزة في مقتل عدد من العلماء والأكاديميين وهم كالتالي:

  • قتل الاحتلال الشاعر والأكاديمي رفعت العرعير وهو أبرز الناطقين باسم القضية باللغة الإنجليزية. حصل العرعير على الدكتوراه في الأدب الإنجليزي من جامعة بوترا في ماليزيا. كان أول من أطلق عبارة «نحن لسنا أرقامًا».
  • استهدف الاحتلال محمد شبير، أستاذ الأحياء الدقيقة في الجامعة الإسلامية بغزة. ترأس شبير الجامعة ل12 عامًا، أسس فيها قسم العلوم الطبية المخبرية وأسهم في افتتاح برنامج ماجستير التحاليل الطبية.
  • أودت غارة جوية إسرائيلية بحياة سعيد طلال الدهشان، الخبير في القانون الدولي والشأن الفلسطيني، وارتقى مؤلف كتاب «كيف نقاضي إسرائيل» مع أسرته.
  • قتلت إسرائيل إبراهيم الأسطل، عميد كلية التربية في الجامعة الإسلامية، مع عائلته بالكامل. وقد حصل الأسطل على درجة أستاذ منذ 2015 وله مؤلفات في طرق التدريس.
  • ارتقى تيسير إبراهيم، الذي وُصف بأنه «رئيس القضاء الحركي»، وهو العميد الأسبق لكلية الشريعة والقانون في الجامعة الإسلامية، إثر غارة إسرائيلية على مخيم النصيرات وسط القطاع.
  • قُتل مدحت صيدم، شيخ الجراحين، بغارة جوية استهدفت منزله وارتقت معها العائلة بأكملها. كان جراحًا مخضرمًا في مستشفى الشفاء. وأُطلق عليه لقب «طبيب المهام الصعبة» وتدرب على يديه العديد من الأطباء الشباب.

نرى كيف يستهدف الاحتلال قامات المجتمع الفلسطيني وأعلامه، مغيِّبًا عن المنطقة العربية والعالم أجمع أمهر الباحثين والأكاديميين. ننعي شهداء وُضعوا على قائمة الأهداف غير المعلنة. طالما كانت الاغتيالات ديدن المحتل لوقف الإنتاج العلمي والثقافي للشعب الفلسطيني صاحب الأرض وتبديد روايته.

المصادر

1- ResearchGate

2- Google Scholar

3- UNESCO

4- Google Scholar

5- Reuters

ما مصير البحث العلمي المشترك بعد خروج المملكة المتحدة من الإتحاد الأوروبي؟

ما مصير البحث العلمي المشترك بعد خروج المملكة المتحدة من الإتحاد الأوروبي؟

في الساعة الحادية عشرة من مساء يوم 31 يناير، كان الباحثون بين أولئك الذين يشعلون الشموع بمناسبة خروج المملكة المتحدة من الإتحاد الأوروبي. معظم العلماء لم يوافقوا على خروج بريطانيا من الإتحاد الأوروبي، فقد اشترك العلماء في تأسيس حملة وطنية لإجراء استفتاء ثان على عضوية البلاد في الإتحاد الأوروبي، خشية أن يؤدي هذا الانقسام إلى تدمير الإتحاد الذي عمل على تعزيز التعاون والنهوض بالمعرفة طيلة الأعوام السبعة والأربعين الماضية, لكنها باءت بالفشل بعد تفعيل البريكست.

ما مصير البحث العلمي المشترك بعد خروج المملكة المتحدة من الإتحاد الأوروبي؟

ستكون الأشهر الأحد عشر المقبلة فترة غير مؤكدة مع دخول المملكة المتحدة إلى المرحلة الانتقالية حيث يتعين عليها أن تتفاوض على شروط علاقاتها مع الإتحاد الأوروبي في المستقبل. ولا يعرف الباحثون في المملكة المتحدة بعد ما إذا كانوا سيشاركون في برامج البحوث المشتركة للإتحاد الأوروبي. كما أصبح مستقبل العديد من الباحثين في الإتحاد الأوروبي الذين يريدون أن يعيشوا في بريطانيا بين أيدي وكالة البحوث والإبداع في المملكة المتحدة-UK Research and Innovation، وليس بين أيدي وزارة الداخلية في المملكة المتحدة، أي المؤسسة التي عملت طيلة قسم من العقد الماضي على وضع وتنفيذ السياسات الرامية إلى الحد من الهجرة إلى المملكة المتحدة.

لطالما كانت البحوث من الإهتمامات المحورية بالنسبة للوحدة الأوروبية. ففي عام 1973، انضمت بريطانيا إلى ما هو أسمى من “الجماعة الإقتصادية الأوروبية”، والتي أصبحت فيما بعد الإتحاد الأوروبي. لقد انضمت إلى منظمة أُسست لتعزيز عدد من المبادئ التي تتمحور بالأساس على حل النزاعات عن طريق التفاوض والتسوية، أهمية اتخاد الأمم المتجاورة قراراتها معا وتحقيق مصالح جميع الأعضاء مادام بوسع الدول الغنية مساعدة الدول الفقيرة.

وضعت جميع هذه المبادئ من أجل هدف واحد وهو تجنب تكرار الحرب الوحشية التي خرج منها مؤسسو الإتحاد الأوروبي. وكان علماء القارة الأوروبية جزءاً كبيراً من الحرب العالمية الثانية، وهذا هو السبب الذي جعل مهندسي الكتلة يخططون لكي تصبح البحوث المشتركة (خاصة في التكنولوجيا) جزءاً من وحدة التكتل الأوروبي. وقد ألهمت فكرة “التعاون البحثي وأهميته في بناء السلام” تكتلات إقليمية أخرى في أفريقيا وأمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي.

ومع تبلور الإتحاد الأوروبي، كان بعض القادة العلميين البريطانيين متشككين في التعاون مع زملائهم الأوروبيين. ولكن الشكوك تلاشت مع وضوح الفوائد المترتبة على إنشاء منطقة أبحاث أوروبية (لا تختلف عن تلك المتواجدة في الولايات المتحدة) والتمويل وحرية التنقل في التكتل.

فقد حصل الباحثون البريطانيون على ثاني أكبر حصة من أموال الإتحاد الأوروبي في بلادهم (بعد المزارعين). ولغاية يونيو 2019، كان التمويل يتعدى مليار يورو سنويا (1,1 مليار دولار أميركي). وخصص جزء كبير من هذا المبلغ للمشاريع التعاونية ذات الأثر المجتمعي، مثل الدراسة الاستقصائية الاجتماعية الأوروبية European Social Survey التي تتتبع المواقف الإجتماعية المتغيرة في 38 بلد أوروبي، وبرنامج السماء النظيفة (Clean Sky Programme)، الذي يعمل فيه باحثون من 27 بلدا للحد من انبعاثات الكربون في الطائرات والضوضاء، ومبادرة الأدوية المبتكرة Innovative Medicines Initiative، حيث يتعاون الباحثون لتطوير أدوية للحالات التي تعاني من نقص الخدمات مثل السل.

حرية التنقل

وإدراكا من الحكومة لما قد تخسره، فإنها تجري تحقيقا بشأن ما إذا كان بوسع بريطانيا أن تدفع للإنضمام إلى برامج الإتحاد الأوروبي. ولكن في الوقت نفسه، كان الوزراء يستعدون لإحتمال عدم حدوث ذلك. وذلك لأن عضوية المملكة المتحدة في برامج البحوث في الإتحاد الأوروبي ستتطلب شكلاً من أشكال حرية التنقل. ولحد الوقت الحالي، قالت حكومة المملكة المتحدة إن حرية التنقل يجب أن تنتهي. ويتوقف الإنضمام إلى برامج الاتحاد الأوروبي أيضا على شروط علاقة المملكة المتحدة مع الإتحاد الأوروبي في المستقبل. فهناك وجهات نظر متباينة داخل الحكومة بشأن مدى قرب بريطانيا من قوانين وأنظمة شركائها السابقين في الإتحاد الأوروبي. ولكن من منظور الباحثين والمجتمع ككل، تعد الفوائد المترتبة عن هذا النظام أكبر من تلك المترتبة على الانتقال في الإتحاد الأوروبي، على الأقل في الوقت الراهن.

فمن مصلحة الجميع أن تستمر بريطانيا في التوافق مع أطر صنع القرار في القارة بشأن البيئة، البيانات، سلامة الأغذية، وعلوم الحياة الواسعة. إن القضايا البيئية دولية بطبيعتها، لذلك ليس هناك معنى أو منطق إذا باشرت بريطانيا في خلق معاييرها الخاصة، أو التوافق مع أقلية من البلدان. وينطبق الشيء نفسه على اللوائح التنظيمية المتعلقة بالتكنولوجيات مثل تلك المعنية بتحرير الجينات والذكاء الإصطناعي. ويتعين على الباحثين في المملكة المتحدة أن يشاركوا في الجهود العالمية.

أمنية رالف داهرندورف

الفيلسوف الألماني البريطاني رالف داهرندورف

كتب الفيلسوف الألماني البريطاني رالف داهرندورف الكلمات التالية بسبب إحباطه سنة 1995 عندما وجدت حكومة محافظة سابقة في المملكة المتحدة نفسها في حالة من الاضطراب بسبب علاقة بريطانيا بالإتحاد الأوروبي:

“يرى الكثيرون أن الإتحاد الأوروبي نموذج يحتذى به، ويجب أن تكون بريطانيا جزء منه”

كان داهرندورف في وضع حيث كان بوسعه أن يرى العلاقة بين بريطانيا والإتحاد الأوروبي من جوانب عدة. فقد كان بوسعه أن يرى كيف فسر البعض عضوية الإتحاد الأوروبي باعتبارها خسارة للسيادة في دولة ما بعد الإمبريالية. ولكن بوصفه لاجئاً من ألمانيا النازية، رحبت به بريطانيا، لذلك أدرك أيضاً الأهمية التي يتمتع بها الإتحاد الأوروبي الرافض لعودة الحكم الاستبدادي في أوروبا.

سيتم رفض رغبة داهرندورف، ولكن من الضروري ألا تسمح كل من المملكة المتحدة والدول الأعضاء الـ 27 المتبقية ومؤسسات الإتحاد الأوروبي بالتقليل من أهمية تلك المهمة بسبب البركست.

إن الإتحاد الأوروبي موجود لحماية الديمقراطية وسيادة القانون. ويكفل استمرار السلام والرخاء عن طريق التفاوض والتسوية، وحرية السفر والتجارة، وعن طريق مساعدة القوي للضعيف. وتحفز جميع هذه المبادئ بالمعرفة والبحث والابتكار. وهذه قيم يتعين على كل دولة أن تتطلع إليها، بما في ذلك المملكة المتحدة حتى لو لم تعد جزءاً من الإتحاد الأوروبي.

المصدر: هنا

البحث العلمي كوسيلة لحل احتجاجات تشيلي

دور البحث العلمي في حل احتجاجات تشيلي

بعد ثوان قليلة من انفجار قنبلة الغاز المسيل للدموع بجانب مارسيلو جاك، أصبح التنفس عصيّاً وبدأت الجموع بالاختناق، فبدأ جاك – عالم فلك في جامعة لا سيرينا في تشيلي، بالركض مع زميله سعياً للأمان بعد أن سادت حالة الاختناق والإقياء أو الإغماء بين صفوف المحتجين. الاحتجاج الذي كان مخططاً أن يكون سلمياُ سرعان ما تم تفرقته بالقنابل المسيلة للدموع ورشاشات المياه من قبل الشرطة.

القشة التي قصمت ظهر البعير

في الثامن عشر من اكتوبر، اندلعت الاحتجاجات في مفترق مدن تشيلي تعبيراً عن الاحتجاج عن ارتفاع سعر تذكرة المترو في سانتياغو العاصمة بمقدار 30 بيزو، ما يعادل 0.04 دولاراً. ورغم سحب رئيس الجمهورية لهذا القرار بعد ثورة الشعب إلا أنها كانت القشة التي أنهكت الناس بعد عقود من عدم التساوي الاقتصادي-الاجتماعي والفساد الحكومي. كما كشف المحتجون عن فضائح بالرشاوي، وزيادة تكلفة التعليم والعناية الصحية، وعبروا أن الذل الذي يتعرض له المتظاهرون كأمثلة مصغرة عن قلة كرامة الشعب لدى حكومته الديكتاتورية التي استلمت السلطة في التسعينات.

إن سياسات الحكومة ساهمت في توسيع الفجوة بين التشيليين منذ 1990، إذ ما نسبته 1% من أثرياء البلد تكسب 33% من الدخل الوطني بينما يكسب %70 من العاملين شهرياً ما يعادل 500 دولار أو أقل ورواتب تقاعدية لا تتجاوز 150 دولار.
أن مسار الثورة أخذ طابعاً عنيفاً، وذلك لم يوقف المتظاهرين إلا أنه عزز الخوف بينهم. ومع إغلاق الجامعات ومشاركة الطلاب في الاحتجاج، نشر عالم فيزياء فلكية من جامعة لا سيرينا، فاكوندو غوميز، ورقة الكترونية احتجاجية مع زملائه بسبب احتجاز ثلاثة طلاب من جامعتهم وتعذيبهم وإهانتهم بالإضافة لتهديدهم بالرمي في النهر.

قوية علمياً، ضعيفة سياسياً

انضم الباحثون والعلماء أيضاً لثورة الشعب، ومن ناحية ثانية، أدركوا أن المجتمع العلمي في تشيلي لديه ميزة تغيير مجريات الأمور، ويتحمل بعض المسؤولية للمساعدة في حل الموقف الاجتماعي والسياسي الحالي. كان هذا حافزاً لبعض الباحثين بتنظيم لقاءات مع ممثلي الحكومة لحل القضايا الاجتماعية والاقتصادية في تشيلي. خصوصاُ وأن الشارع يطالب بتغييرات عميقة وشاملة تصل إلى تغيير الدستور الذي أقرته الحكومة منذ تأسيسها.

يقترح الباحثون أن إعادة هيكلة تمويل الأبحاث العلمية قد يساعد في حل المشكلة، تناولت أحد الافكار تقييم العلماء للحصول على التمويل الحكومي، إذ تكون الأولوية للأبحاث التي يمكن أن تحسن المستوى المعيشي على المستوى المحلي والوطني، وهذا سيحفز الباحثين لتوجيه العمل على قضايا تهم السكان، كحل مشكلة أزمة المياه الحالية ودراسة فقر التجمعات السكانية المحيطة بالمدن الكبيرة من أجل مساعدتها.

تفتقر تشيلي للتكامل بالتخطيط على المستويين العلمي والسياسي، رجوعاً لعام 2015، مع موجة احتجاجات بين الباحثين إثر استقالة مسؤول التمويل لأكبر مؤسسة علمية في البلاد، وهي اللجنة الوطنية للبحث العلمي والتقني. صرح المسؤول المستقيل فرانسيسكو بريفا أن خططه لإنعاش الاستثمار المحلي في العلم باءت بالإحباط، بسبب البيروقراطية الخانقة على حد تعبيره. تعتبر تشيلي مصدراً لمخازن متنوعة للثروات الطبيعية واقتصادها قوي وثابت إلا أنها لا تعطي شأناً للموارد النافذة، وعلمياً، تركز على الفوائد القصيرة الأمد بدلاً من تطوير مناهج علمية تحسن إمكانيات البلاد بمجرد نفاذ النحاس والذهب ومنتجات الأسماك. تستثمر تشيلي أقل من 0.4% من ناتجها المحلي الإجمالي في العلوم، مقارنة مع 2.8% للولايات المتحدة و1.7% في البرازيل، عموماً، إن دولة البرازيل هي الوحيدة بين دول امريكا اللاتينية التي تستثمر أكثر من 1% من ناتجها المحلي الإجمالي في البحث العلمي.

إلى الآن، تحدث أكثر من خمسين عالماً إلى أعضاء مجلس الشيوخ حول مناقشة المشاكل الاقتصادية الاجتماعية، والبعض الآخر يتساءل عن الميزانية الكافية للأبحاث، وهل هذا سيدفع فقط بعض المراكز العلمية للعمل بالدعم المحلي والدولي وماذا سيحلّ بالمراكز الأخرى.

Exit mobile version