ما هو متحور أوميكرون؟

ما هو متحور أوميكرون؟

تم إبلاغ منظمة الصحة العالمية بالمتحور «B.1.1.529» لأول مرة من دولة جنوب إفريقيا في 24 نوفمبر 2021 وتم تحديده لأول مرة في بوتسوانا في وقت سابق من شهر نوفمبر. ومنذ ذلك الحين، ظهرت الإصابة في مسافر وصل إلى هونغ كونغ من جنوب إفريقيا. تميز الوضع الوبائي في جنوب إفريقيا بثلاث قمم مميزة في الحالات المبلغ عنها، كان آخرها في الغالب متحور دلتا. في الأسابيع الأخيرة، زادت الإصابات بشكل حاد بالتزامن مع اكتشاف المتحور الجديد. كانت أول إصابة مؤكدة ومعروفة بالمتحور من عينة تم جمعها في 9 نوفمبر 2021. فما هو هذا المتحور الجديد؟

في 26 نوفمبر 2021، صنّفت منظمة الصحة العالمية المتحور«B.1.1.529» كمتحور خطير وأسمته «Omicron» بناءً على نصيحة المجموعة الاستشارية الفنية المعنية بتطور فيروس «SARS-CoV-2»، وهي مجموعة مستقلة من الخبراء الذين يراقبون ويقيمون بشكل دوري تطور فيروس «SARS-CoV-2» ويقيّمون ما إذا كانت الطفرات ومجموعات الطفرات الحادثة، تغيّر سلوك الفيروس أم لا.

انضم أوميكرون إلى دلتا وألفا وبيتا وجاما في قائمة منظمة الصحة العالمية الحالية للمتحورات المهمة. واستند هذا القرار إلى الدليل المقدم من الخبراء على أن أوميكرون لديه العديد من الطفرات التي قد يكون لها تأثير على سلوكه. على سبيل المثال، على مدى سهولة انتشاره أو شدة المرض الذي يسببه.

سرعة انتقاله وشدة المرض

لم يتضح بعد ما إذا كان أوميكرون أكثر قابلية للانتقال أو إذا كانت الإصابة بأوميكرون تسبب مرضًا أكثر خطورة أو إن كان ينتقل بسرعة أكبر من شخص لآخر مقارنة بالمتحورات الأخرى، بما في ذلك متحور دلتا. وقد ارتفع عدد الأشخاص الذين ثبتت إصابتهم بفيروس كورونا في مناطق جنوب إفريقيا المتأثرة بهذا المتحور، لكن الدراسات الوبائية جارية لفهم ما إذا كان ذلك بسبب أوميكرون أو عوامل أخرى.

تشير البيانات الأولية إلى أن هناك معدلات متزايدة في دخول المستشفي لتلقي العلاج في جنوب إفريقيا. لكن قد يكون هذا بسبب زيادة الأعداد الإجمالية للأشخاص المصابون بالعدوى، وليس نتيجة للإصابة بأوميكرون. ولا توجد حاليًا معلومات تشير إلى أن الأعراض المرتبطة بأوميكرون تختلف عن تلك الموجودة في المتحورات الأخرى.

كانت الإصابات الأولية المبلغ عنها بين طلاب الجامعات وهم الأفراد الأصغر سنًا، فأجسادهم تميل إلى الإصابة بصورة طفيفة من المرض، لكن فهم مستوى شدة متحور أوميكرون سيستغرق أيامًا إلى عدة أسابيع. يمكن لجميع متحورات كوفيد-19، بما في ذلك متحور دلتا السائد في جميع أنحاء العالم، أن تتسبب في مرض شديد أو الوفاة. لا سيما للأشخاص الأكثر ضعفاً، وبالتالي فإن الوقاية هي المفتاح دائمًا.

قالت الدكتورة ماريا فان كيركوف من برنامج طوارئ بمنظمة الصحة العالمية في بيان بالفيديو أن هذا المتحور له عدد كبير من الطفرات. لهذه الطفرات بعض الخصائص المثيرة للقلق. يقول العلماء إن المتحور يحتوي على عدد من الطفرات المعروفة بتعزيز قابليتها للانتقال وطفرات أخرى يمكن أن تساعد الفيروس في إصابة الخلايا بسهولة أكبر. ومع ذلك، يحذر العلماء من عدم وجود بيانات كافية حتى الآن لمعرفة الحقيقة.

هل أوميكرون يصيب المتعافين من عدوى كورونا؟

تشير الدلائل الأولية إلى أنه قد يكون هناك خطر متزايد للإصابة مرة أخرى بأوميكرون (على سبيل المثال، يمكن للأشخاص الذين أصيبوا سابقًا بكوفيد-19 أن يصابوا مرة أخرى بسهولة أكبر بأوميكرون). مقارنة بالمتحورات الأخرى المثيرة للقلق، ولكن المعلومات محدودة. ستتوفر المزيد من المعلومات حول هذا الأمر في الأيام والأسابيع القادمة.

تغيرات في المتحور

قال ريتشارد ليسيلز، طبيب الأمراض المعدية بجامعة كوازولو ناتال في ديربان بجنوب إفريقيا، في مؤتمر صحفي نظمته وزارة الصحة بجنوب إفريقيا في 25 نوفمبر 2021 أن هناك الكثير مما لا نفهمه حول هذا المتحور الجديد. كما أن شكل الطفرة يثير القلق لكننا الآن بحاجة إلى العمل لفهم أهمية هذا المتحور وما يعنيه بالنسبة للاستجابة للوباء.

لاحظ الباحثون المتحور في بيانات تسلسل الجينوم من بوتسوانا، وبرز المتحور لاحتوائه على أكثر من 30 طفرة في «البروتين الشوكي-spike protein» وهو بروتين «SARS-CoV-2» الذي يتعرف على الخلايا المضيفة وهو محل الاستهداف الرئيسي لاستجابات الجسم المناعية. تم العثور على العديد من التغييرات في متحورات مثل دلتا وألفا، وهي مرتبطة بزيادة العدوى والقدرة على تجنب الأجسام المضادة التي تمنع العدوى.

كما أن الارتفاع الحاد الواضح في حالات الإصابة بالمتحور في مقاطعة خوتينج بجنوب إفريقيا، يدق أجراس الإنذار أيضًا. وزادت الحالات بشكل سريع في المقاطعة في نوفمبر، لا سيما في المدارس وبين الشباب، وفقا لليسيلز. إذ وجد تسلسل الجينوم والتحليلات الجينية الأخرى من فريق بقيادة توليو دي أوليفيرا، عالم المعلوماتية الحيوية بجامعة كوازولو ناتال، أن متحور أوميكرون كان مسؤولاً عن جميع حالات الفيروس الـ 77 التي تم تحليلها من مقاطعة خوتينج في الفترة بين 12 و20 نوفمبر. ولا زال تحليل مئات العينات الأخرى جاريًا.

يحتوي المتغير على طفرة تسمح باكتشافه عن طريق «اختبارات النمط الجيني- genotyping tests» التي تقدم نتائج أسرع بكثير من «تسلسل الجينوم- genome sequencing». وتشير الأدلة الأولية من هذه الاختبارات إلى أن أوميكرون قد انتشر إلى مناطق أبعد من مقاطعة خوتينج.

فعالية الاختبارات الحالية

تستمر اختبارات «تفاعل البوليمريز المتسلسل-PCR» المستخدمة على نطاق واسع في الكشف عن العدوى، بما في ذلك الإصابة بأوميكرون، كما رأينا مع المتحورات الأخرى أيضًا. الدراسات جارية لتحديد ما إذا كان هناك أي تأثير على الأنواع الأخرى من الاختبارات، بما في ذلك «اختبارات الكشف السريع عن الأجسام المضادة- rapid antigen detection tests».

فعالية اللقاحات

تقول بيني مور، عالمة الفيروسات في جامعة ويتواترسراند في جوهانسبرج  بجنوب إفريقيا، والتي يقيس مختبرها قدرة المتحور على تفادي المناعة من اللقاحات والإصابات السابقة بفيروس كورونا، أن هناك تقارير غير مؤكدة عن الإصابة بعدوى فيروس كورونا من جديد ووجود حالات إصابة بين الأفراد الذين تم تحصينهم. ولكن في هذه المرحلة، من السابق لأوانه أن نقول أي شيء. لفهم التهديد الذي يمثله أوميكرون، سيتتبع الباحثون انتشاره عن كثب في جنوب إفريقيا وخارجها.

حشد الباحثون في جنوب إفريقيا الجهود لإجراء دراسة سريعة لمتحور بيتا، الذي تم تحديده هناك في أواخر عام 2020. وبدأت جهود مماثلة في دراسة متحور أوميكرون. بدأ فريق مور، الذي قدم بعض أولى البيانات عن قدرة بيتا على تفادي المناعة، العمل بالفعل على متحور أوميكرون. يخططون لاختبار قدرة الفيروس على تجنب الأجسام المضادة التي تمنع العدوى، بالإضافة إلى الاستجابات المناعية الأخرى.

يحتوي المتغير على عدد كبير من الطفرات في مناطق البروتين الشوكي التي تتعرف عليها الأجسام المضادة، مما قد يضعف قوتها. تقول مور أن هناك العديد من الطفرات التي نعلم أنها ستسبب إشكالية، ولكن يبدو أن الكثير منها قد يساهم على الأرجح في زيادة تفادي المناعة. حتى أن هناك مؤشرات من النمذجة الحاسوبية بأن أوميكرون يمكن أن يتفادى المناعة التي يمنحها مكون آخر هام من جهاز المناعة يسمى «الخلايا التائية-T cells». ويأمل فريق مور أن يصل إلى النتائج الأولى في غضون أسبوعين.

يقول أريس كاتزوراكيس، الذي يدرس تطور الفيروس في جامعة أكسفورد بالمملكة المتحدة أن السؤال الملح هو هل يقلل من فعالية اللقاح لأنه يحتوي على الكثير من التغييرات؟ لكن أجابت مور إنه تم الإبلاغ عن إصابات في جنوب إفريقيا بين الأشخاص الذين تلقوا أيًا من أنواع اللقاحات الثلاثة المستخدمة هناك، وهم« Johnson & Johnson» و« Pfizer–BioNTech» و« Oxford–AstraZeneca». تم تطعيم اثنين من المسافرين الخاضعين للحجر الصحي في هونغ كونغ الذين ثبتت إصابتهم بالمتغير بجرعة فايزر، وفقًا لتقارير إخبارية. سافر شخص واحد من جنوب إفريقيا، وأصيب الآخر أثناء الحجر الصحي بالفندق.

لا يزال العلماء ينتظرون الدراسات المعملية لتحديد مدى قدرة الأجسام المضادة لفيروس كورونا، سواء من الإصابة الطبيعية بالفيروس أو اللقاحات، على مقاومة أوميكرون. كما يراقبون بعناية لمعرفة مدى سرعة انتشار المتحور في جميع أنحاء العالم، لا سيما في البلدان ذات معدلات التطعيم المرتفعة. حيث قامت جنوب إفريقيا بتلقيح 24٪ فقط من سكانها بشكل كامل، مقارنة بـ 59٪ في الولايات المتحدة.

الإجراءات الموصى بها للناس

  1. الحفاظ على مسافة لا تقل عن متر واحد عن الآخرين.
  2. ارتداء كمامة مناسبة.
  3. فتح النوافذ لتحسين التهوية.
  4. تجنب الأماكن سيئة التهوية أو المزدحمة.
  5. الحفاظ على نظافة اليدين.
  6. السعال أو العطس في مرفق مثني أو منديل ورقي.
  7. الحصول على التطعيم عندما يحين دورك.

المصادر

لماذا نسبت الإنفلونزا الإسبانية لبلد إسبانيا؟

لماذا نسبت الإنفلونزا الإسبانية لبلد إسبانيا؟ هل حقا هي البلد الأصلي؟ كيف تخلص العالم من تلك الجائحة؟

من حين لأخر قد تجد نفسك أو أحد معارفك يختفي عن الأنظار لعدة أيام، ولعل السبب الشائع هو الإصابة بالبرد أو الإنفلونزا. حيث ترتبط سيرتها في الأذهان بالخمول وشعور بالألم وعدم الراحة يسري في الجسد، بالإضافة إلى زيادة كمية المخاط بالأنف الذي يسد فوهاتها والتي تدفع صاحبها لاستخدام أوراق المناديل باستمرار؛ وقد يتطور الأمر إلى السعال وضيق بالتنفس. وعندما تظهر مثل تلك الأعراض على صاحبها يحاول أن يفرض على نفسه تباعدا اجتماعيا بقدر الممكن كتعريف مخفف للعزل الذاتي بسبب شيوع الوعي أنه يمكن لمثل تلك الأنفلونزا الخفيفة أن ينتقل مسببها وهو فيرس الإنفلونزا من شخص إلى آخر، وتصيبه مثل تلك الأعراض التي تظهر على صاحبها؛ على الرغم من أن البعض لا يعرف أن مثل تلك الإنفلونزا الموسمية الخفيفة تقتل أكثر من نصف مليون شخص سنويا طبقا لتقارير صادرة عن منظمة الصحة العالمية، وهذا قد يعيد لأذهاننا التحدث عن الجائحة الأكبر في التاريخ الحديث وهي الإنفلونزا الإسبانية.

لماذا نسبت الإنفلونزا الإسبانية لبلد إسبانيا؟

التشاؤم يزيد، هل عززت الإنفلونزا الإسبانية من وجوده؟

في العام الذي ظهرت فيه الإنفلونزا الإسبانية، كان العالم قبلها يعاني من حالة تشاؤم وسوداوية شديدة، حيث كانت نسبة الوفيات والقتلى مرتفعة للغاية بسبب آثار الحرب العالمية الأولى، ومن تداعيات تلك الحرب أنها خلفت مجاعات شديدة تسببت في زيادة أعداد الوفيات في البلدان التي حطت عليها. بالإضافة إلى العديد من الأمراض التي ساهمت تلك الحرب في انتشارها مثل مرض السل الذي لم يتسنَ للعلم وقتها أن يجد له علاجا شافيا بسبب تلك الظروف. كل تلك العوامل عززت من ظهور الإنفلونزا الإسبانية والتي كانت سببا في إصابة ثلث الكرة الأرضية.

كيف فرضت الإنفلونزا الإسبانية نفسها؟

لم يستطع العلماء أن يحددوا المكان الذي ظهر فيه ذلك الوباء، لكن تضاربت الآراء ويعزى البعض بداية ظهورها بين ثلاث دول في مقدمتهم الولايات المتحدة الأمريكية ثم فرنسا والصين، وسرعان ما انتشرت بالعالم كله، وبدأت في التفشي بكثرة داخل معسكرات الجنود المشاركين في الحرب نظرا للبيئة غير النظيفة التي خيمت فيها المعسكرات جانب حظائر الطيور والخنازير. ولم يعرف العلماء السبب الرئيسي في ظهور ذلك الوباء وقتها، لكن فيما بعد توصل بعض منهم لإمكانية أنه قد يكون انتقل من أحد سلالات الطيور المصابة بالفيروس المسبب لهذا المرض.

دور الشفافية الصحفية في تسجيل التاريخ؟

كانت إسبانيا من الدول المحايدة التي لم تشارك في الحرب العالمية الأولى، ولم تفرض سلطاتها أي رقابة أو تشديدات على صحافتها، على عكس الدول المشاركة بالحرب التي لم يظهر في صحافتها عنوانا صحفيا إلا ومر على جهات تخص السلطة للبت في نشره. وتلك الحرية الصحفية التي تمتعت بها إسبانيا جعلتها تقترب أكثر من وضع الجائحة في العديد من الدول، فكانت تسجل أخبار ذلك الوباء وتذيع تحديثاته باستمرار.


سجلت شراسة تلك الجائحة التي أصابت ٥٠٠ مليون شخصا على مستوى العالم، وقتلت بين ٣٠ إلى ٥٠ مليونا من المصابين خلال عام واحد، وذلك لتحور المرض داخل جسد المصاب والذي تزداد شدته فتملأ رئتيه بالسوائل الناتجة عن الإلتهاب، فيفشل عن التنفس. وعلى الرغم من أن الصحافة الإسبانية كانت تطلق على ذلك المرض “الإنفلونزا الفرنسية”، لكن لارتباط أخبار هذا المرض في أذهان الناس بالصحافة الإسبانية، تم تسميته بالإنفلونزا الإسبانية.

حلول سريعة، ما عواقبها؟

مع ظهور الجائحة وزيادة أعداد المصابين والوفيات، وضعف وضحالة الخدمات الصحية المقدمة من الحكومات تجاه هذا الوباء، أشار بعض الأطباء على الحكومات في تطبيق العزل الإجتماعي على المواطنين، وهو ما تبنته الحكومات وقت الجائحة الإسبانية، وقامت بفرض حظر التجوال والحجر الصحي المنزلي وعزلت المدن عن بعضها وفرضت غرامات على المخالفين، وهو ما تسبب في تراجع نسب المصابين والوفيات، وعند تخفيف تلك التشديدات ظهرت موجة جديدة للمرض، وارتفعت نسب الإصابات والوفيات من جديد. وتبنى أحد الأطباء فكرة معالجة الأعراض التي تظهر على المصابين بالأسبرين، فكان يعطي للشخص المصاب ٣٠ جراما يوميا من هذا العقار، والذي ثبت بعدها بأيام أن الوضع ازداد سوءا، ومات كثيرا من المصابين الذين تعاطوا الأسبرين، وذلك لأن الجرعة القصوى التي يتحملها الجسم لا تزيد عن ٤ جرامات يوميا.

هل فهمنا الدرس؟

الجدير بالذكر أن العلماء لم يضعوا أسبابا واضحة عن كيفية تخلص العالم من تلك الجائحة، لكن السبب الوحيد والذي يراه البعض منطقيا هو اكتساب سكان الكرة الأرضية مناعة القطيع ضد هذا المرض، فتمكنت مناعتهم من التعامل معه؛ لكن تلك الجائحة نبهت إلى أهمية تبني الحكومات إنشاء المستشفيات والمستوصفات الطبية، وتولية الاهتمام لتمويل الأبحاث العلمية المتعلقة بدارسة الفيروسات وفهم جيناتها حتى يستطيع العلماء اختراع اللقاحات والأدوية المناسبة لمحاربتها. وعلى الرغم أن حالة المجتمعات في عصر الإنفلونزا الإسبانية لم تكن بمقدار التحضر أو التمدن الحالي من حيث وسائل المواصلات البسيطة والقليلة أو عدد السكان والذي كان يفترض أن تستغل تلك النقطة في تخفيف آثار تلك الجائحة! لكن هذا يدفعنا إلى المزيد من التفكير والبحث في الكيفية التي تنتقل بها مثل تلك الأوبئة.

والدرس المهم الذي نتعلمه، أن البشرية طوال سجلها التاريخي لم تسلم من شيوع مثل تلك الجوائح والأوبئة، وهذا يعني بالضرورة أن مثل تلك الأمراض سوف تستمر في الظهور بين الحين والآخر، فيجب أن نعد له العدة ونستعد لتلقي جوائح جديدة، نحن بصدد مواجهة واحدة منها الآن، وهي جائحة فيروس كورونا المستجد (covid 19 – كوفيد ١٩).

المصادر:

Stanford.Edu, World Economic Forum, National Geographic, CDC USA, History.

مواضيع قد تهمك:

مواضيع الأكاديمية بوست عن فيروس كورونا
حوار مع بيل غيتس حول سياق تنبؤاته لفيروس كورونا قبل 5 سنوات ومستلزمات اللقاح
هل العدوى الفيروسية مسبب محتمل لمرض الألزهايمر؟

حوار مع بيل غيتس حول سياق تنبؤاته لفيروس كورونا قبل 5 سنوات ومستلزمات اللقاح

حوار مع بيل غيتس حول سياق تنبؤاته لفيروس كورونا قبل 5 سنوات ومستلزمات اللقاح: فيما يلي تأتي بعض النقاط المهمة لحوار بيل غيتس وتريفر نواه حول تنبؤات بيل غيتس لفيروس كورونا المستجد سنة 2015 وكيفية السيطرة على الجائحة في انتظار التوصل للقاح كامل.

تريفر نواه: بيل غيتس، قمت بالتنبؤ سنة 2015 من خلال حديث لك في TEDx بالكثير مما يحدث اليوم ما تسبب في اندلاع الكثير من العنواين لنظريات المؤامرة مثل “اختراع بيل غيتس فيروس كورونا المستجد لإثبات صحة كلامه”. هل كان حديثك عن فيروس كورونا المستجد بالذات أم مجرد فرضية تحققت؟

بيل غيتس: لم تكن لدي أدنى فكرة في ذلك الوقت أن الأمر يتعلق بفيروس كورونا المستجد أو أنه سيضرب في أواخر سنة 2019، بل كان حديثي يستهدف تشجيع الحكومات على الإستثمار في المجال الصحي للتصدي للفيروسات والتحكم في عدد الإصابات. لست في موقف لأقول “أترون لقد أخبرتكم!”. للأسف كان من الواضح أن الفيروسات هي أكبر مهدد للبشرية وقد تتسبب في مقتل الملايين لكن لم يتم استخدام طوال هذه المدة للإستعداد لتجهيز مراكز للكشف ومصانع للقاحات. لقد قامت مجلة New England Journal Of Medicine بتنبؤات أكثر دقة من تلك التي أفدت بها في حديثي لكن لم يتم أخد ذلك بعين الاعتبار، لذلك نعاني حاليا ويستغرقنا الأمر الكثير من الوقت للتصدي للفيروس.

نواه: كيف يعقل أنك شخص غير حكومي وكنت على علم بما قد يحصل، في حين أن المنظمات والحكومات التي من واجبها حماية الأشخاص لم تقم بالكثير؟ هل كانوا على علم بالأمر أم قاموا بتجاهله؟ أعلم أنك تتواصل مع مجموعة من المنظمات كمركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) ومنظمة الصحة العالمية (WHO)، فمالذي حصل؟

بيل: هنالك الكثير من الأفراد الذين كانوا قلقين أيضا كالدكتور أنتوني فاوتشي والذي شاهد العديد من الأوبئة. لقد حالفنا الحظ في عدة أوبئة مثل إيبولا، زيكا، سارس، وميرس لأنها لا تتناقل بسرعة ولا تستهدف الجهاز التنفسي. خلال حديثي في TED Talk، أكدت في ذلك الوقت على هذا النوع من الفيروسات التي تصيب الجهاز التنفسي وتتناقل بسرعة في ظل إمكانيات التنقل والسفر بين بلدان العالم. وقلت في حديثي “هذا ما يبقيني مستيقظا في الليل، ويقلقني أكثر من اندلاع الحرب”. كان من اللازم إجراء تجارب ومحاكاة لمثل هذه السيناريوهات لمعرفة كيف يمكن التواصل مع القطاع الخاص للحصول على الأجهزة التنفسية وأجهزة الكشف وأي شكل من أشكال الحجر الصحي يجدر بنا تطبيقه. أما في حالنا اليوم فقد أصبحنا فجأة نواجه فيروسا على أرض الواقع دون إجراء تجارب وتحضيرات سابقة. كما ترى فالأمر مختلف عما يحدث في حالة اندلاع حرب حيث يتم إجراء سابقا 20 محاكاة لعدة أنواع من التهديدات الممكنة إلى جانب التداريب العسكرية وتوفير الخدمات اللوجستية.

(الدكتور أنتوني فاوتشي: مختص في علم المناعة، ومدير المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية، وعضو في فريق عمل البيت الأبيض المعني بجائحة فيروس كورونا.)

نواه: أنت في مركز مثير للإهتمام ويمكن اعتبارك مختص في هذا المجال بفضل أعمالك الخيرية حيث أحد أهدافك القضاء على الملاريا في العالم بشكل عام وفي افريقيا بشكل خاص كما أنك تعمل مع مختصين في الأمراض المعدية. نحن الآن في عز جائحة فيروس كورونا المستجد، في نظرك مالذي يجب القيام به للمضي قدما في ظل الإستجابة المتأخرة من طرف القادة؟

بيل غيتس: في الوقت الراهن فالآليات الأساسية هي تغيير سلوكاتنا، التباعد الإجتماعي (والذي يقصد به البقاء في المنزل قدر المستطاع) والتشخيص على نطاق واسع لعزل المختلطين بحاملي الفيروس والتحكم في أعداد المصابين. تقوم مؤسستنا (مؤسسة بيل وميلندا غيتس) بنمدجة الوضع الحالي ووضع توقعات للمستقبل، كما نعمل على إيجاد علاج (عقار) فعال في الوقت الحالي بغية تقليص عدد الوفيات ونأمل أن ترخص بعض العقارات في الستة شهور القادمة لكن الحل الوحيد الذي سيمكننا من العودة لممارسة حياتنا الطبيعية والجلوس في الملاعب إلى جانب العديد من الأشخاص دون قلق هو إيجاد لقاح فعال وتوزيعه على جميع بلدان العالم وليس احتكاره من أجل مواطني دولة واحدة، هكذا سنحصل على مناعة واسعة ومنع الفيروس من الانتشار بأعداد كبيرة.

نواه: أصيبت العديد من الدول بالفيروس وتعاملت معه في أوقات مختلفة، فحتى داخل الولايات المتحدة لم تطبق جميع الولايات التباعد الاجتماعي والحجر الصحي في نفس الوقت، بل وأن بعض الولايات لم تطبقه إطلاقا. فالوقت الذي سينجح بلد ما في احتواء الفيروس والسيطرة عليه، قد يكون بلد آخر لم يأخد الأمر على محمل الجد ولم يطبق الإجراءات الصحية على نطاق واسع كالبرازيل، بيلاروس (روسيا البيضاء)، وهنغاريا. حيث قد يسافر شخص ما من البرازيل إلى أحد البلدان الآمنة مثلا، هل من شأن هذا أن يتسبب في تقويض جهود البلدان التي قامت بالإجراءات اللازمة؟

بيل غيتس: للأسف فالبلدان الغنية التي سيطرت على الفيروس لن تسمح للأشخاص من هذه البلدان لدخول أراضيها إلا إذا تم تشخيصهم أو أثبتوا مناعتهم. وهذا سيمنع الكثير من الأفراد من عبور الحدود بشكل كبير خلال السنوات القادمة إلى حين التوصل للقاح كامل وفعال.

نواه: لقد كنت من بين الأوائل الذين تبرعوا بمبلغ كبير لمكافحة الفيروس ومساعدة المتواجدين في الصفوف الأمامية من المجال الطبي للحصول على المعدات اللازمة. وأتذكر أنك في آخر مرة تبرعت أنت وزوجتك مليندا بمبلغ 100 مليون دولار، لكن على ما يبدو فالمبالغ المالية ليست قادرة على تسوية الوضع الحالي، مالذي تأمل تحقيقه في هذه الفترة؟

بيل غيتس: إن نجحنا في إجراء العدد المطلوب من التشخيصات فسيتغير الكثير. تملك مؤسستنا خبرة عميقة في مجال الأوبئة المعدية والكثير من المتخصصين في هذا المجال، لذلك توصلنا لما يجب فعله فيما يخص اللقاح، ومن شأن تبرعاتنا المبكرة أن تسرع شتى العمليات والقرارات. فمثلا خلال عملية تركيب العديد من اللقاحات، يستوجب تمويل سبع لقاحات واعدة مثلا بالرغم من أننا سنختار إثنين في نهاية المطاف وذلك لتفادي ضياع الوقت في مرحلة اختيار اللقاح الوحيد المناسب. وسنعمل على تشييد مصانع ومستلزمات تصنيع جميع اللقاحات السبعة. حسب رأيي ورأي الدكتور فاوتشي فالتوصل للقاح كامل يتطلب 18 شهرا، لذلك فمن الأفضل بدء عمليات تصنيع مختلف اللقاحات. سيكلفنا الأمر هدر بضع مليارات دولار على تصنيع لقاحات لن تستعمل في نهاية الأمر لأن لقاح آخر ربما أثبتت فعاليته.

ويمكن رفع الحضر والحجر الصحي في الصيف وإعادة فتح مقرات العمل…إلخ, لكن سيزال الوضع بعيدا على ما اعتدنا عليه، لأن الجميع سيراوده القلق وقد يتم فرض ارتداء الكمامات. عموما هنالك الكثير من الإجراءات التي يستوجب اتخاذها لتقليل الأضرار قبل تلقيح ساكنة العالم ضد الفيروس. يعد 7 مليار شخص عدد كبير من الطلبات إلا أنه الحل الوحيد والأمثل الذي يجب الوصول إليه لإعادة الأمور لمجاريها.

نواه: بيل غيتس، لقد تنبأت بهذه الجائحة تقريبا قبل 5 سنوات، هل هناك شيء آخر تود أن تحذرنا منه؟ أو هل هناك موضوع آخر يقلقك ويبقيك مستيقظا خلال الليل؟

بيل غيتس: إن فيروس كورونا المستجد وباء تشكل بشكل طبيعي وبالرغم من أنه ليس هينا على الإطلاق إلا أنه يمكن أن تكون أوبئة أخرى أخطر منه ويشمل الأمر فيروسات مصنعة للإرهاب البيولوجي. عموما، أرى أن هذه الجائحة ستغير العالم كثيرا وستمكننا للإستعداد لمختلف الأوبئة مستقبلا.

حوار مع بيل غيتس حول سياق تنبؤاته لفيروس كورونا قبل 5 سنوات ومستلزمات اللقاح

المصدر: Trevor Noah’s interview on The Daily Social Distancing Show

تصفح أيضا مقالات أخرى عن فيروس كورونا المستجد من هنا

Exit mobile version