ما هي إنجازات الحائزين على جائزة نوبل في الاقتصاد لعام 2020؟

ما هي إنجازات الحائزين على جائزة نوبل في الاقتصاد لعام 2020؟

قررت الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم منح جائزة «Sveriges Riksbank-البنك الوطني السويدي» في العلوم الاقتصادية لعام 2020 تخليدًا لذكرى ألفريد نوبل إلى كل من بول ر. ميلجروم-Paul R. Milgrom وروبرت ب. ويلسون- Robert B. Wilson لتحسينهما نظرية المزاد واختراعهما أشكالا جديدة للمزادات.

كيف حسنت النظريات التي وضعاها آلية عمل المزادات؟

حقوق الصورة محفوظة للأكاديمية الملكية السويدية للعلوم
The Royal Swedish Academy of sciences


درس فائزا هذا العام بول ميلغروم وروبرت ويلسون آلية عمل المزادات، كما أنهما استخدما رؤيتهما الخاصة لتصميم أشكال جديدة للمزادات فيما يخص السلع والخدمات التي يصعب بيعها بطريقة تقليدية كالترددات اللاسلكية.

كيف أفادت اكتشافاتهما البائعين والمشترين ودافعي الضرائب في جميع أنحاء العالم؟

لقد باع الناس الأشياء دائما لمن يدفع أعلى سعر، أو اشتروها من أي شخص يقدم أرخص عرض.
أما حاليا فتباع أغراض تساوي قيمتها مبالغ خيالية في المزادات يوميا، فليس فقط الأدوات المنزلية والقطع الفنية والأثرية هي التي تباع في تلك المزادات العلنية وإنما يمكن عرض الخدمات الأمنية والمعادن والطاقه وكذلك بضائع تابعة لجهات حكومية فيها.

يحاول الباحثون باستخدام نظرية المزادات فهم النتائج المترتبة على القوانين المختلفه الخاصة بالمزايدة والأسعار النهائية والتي تمثل هيكلية أو شكل المزاد.

إن هذا التحليل لصعب لتصرف المزايدين باستراتيجية مستندة على المعلومات المتوفرة، فهم يأخذون بعين الاعتبار ما يعرفونه هم وما يعتقدون أن المزايدين الاخرين يعلمونه كذلك.

كيف طور روبرت ويلسون المزادات العلنية؟

طور روبرت ويلسون نظرية حول المزادات الخاصة بالأشياء ذات القيمة المشتركة وهي أشياء لم تكن ذات قيمة معروفه مسبقا ولكنها في النهاية ستحمل ذات القيمة للجميع، وكمثال على ذلك القيمة المستقبلية للترددات اللاسلكية أو كمية المعادن في منطقة معينة.

بين ويلسون سبب ميل المزايدين العقلانيين لوضع قيمة أقل من أفضل تقدير لهم عن القيمة المشتركة- يتوقع المزايد أنه سيكون للغرض المعروض قيمة ما ولكنه يعرض سعرا أقل مما توقعه- فذلك بسبب الخوف من لعنة الفائزين أي دفع الكثير من المال والخسارة في النهاية.

ماذا عن الفائز بول ميلغروم؟

صاغ Paul Milgrom نظرية أكثر عمومية للمزادات والتي لا تشمل فقط مزادات الأغراض ذات القيمة المشتركة ، ولكن أيضًا ذات القيمة الخاصة أي التي تختلف من مزاود لأخر.


قام ميلغروم بتحليل استراتيجيات عرض الأسعار في عدد من الأشكال المعروفة للمزادات المختلفة موضحا أن صيغة المزاد يمكن أن تمنح البائع أرباحًا أعلى من المتوقع عند معرفة المزايدين ما يقدره بعضهم البعض من قيمة أثناء المزاد.

مع الوقت، طرحت المجتمعات أغراضا أكثر تعقيدا للتداول بين المستخدمين مثل مدرجات إقلاع الطائرات والترددات الراديوية، وفي هذا المجال ما هي إنجازات الحائزين على جائزة نوبل في الاقتصاد لعام 2020؟

ابتكر ميلغروم وويلسون نماذج جديدة لبيع العديد من الأغراض المترابطة ببعضها في المزادات علنية بوقت واحد، وذلك نيابة عن بائع متحمس للربح الجمعي العام بدلا من الربح الأقصى.

ففي عام 1994 ، استخدمت السلطات الأمريكية لأول مرة أحد نماذجهم الخاصة بالمزادات لبيع الترددات اللاسلكية لمشغلي الاتصالات. منذ ذلك الحين، حذت العديد من الدول الأخرى حذوها.

انطلق الفائزان هذا العام في العلوم الاقتصادية من نظرية أساسية ليوظفا نتائجهما لاحقًا في تطبيقات عملية انتشرت على مستوى العالم.

وحسب بيتر فريدريكسون وهو رئيس لجنة الجائزة فإن “اكتشافاتهما تعود بفائدة كبيرة على المجتمع”.

المصدر:

Nobel Prize press conference

كيف قاد نترات الأمونيوم إلى انفجار بيروت الكارثي؟!

كيف قاد نترات الأمونيوم إلى انفجار بيروت الكارثي؟!

لم تكن أمسية يوم الخميس هادئة كباقي الأمسيات في العاصمة اللبنانية بيروت، حيث طرقت كارثة إنسانية أبوابها لتفجع سكانها وتفطر قلوب الملايين حول العالم. وقع عدد كبير من الضحايا إثر انفجار كبير في مرفأ بيروت والذي كثرت التخمينات والتحليلات عن سببه وخاصة مع ظهور سحابة تشبه الفطر والتي عزاها البعض لانفجار نووي!! إلا أن رئيس الوزراء اللبناني حسان دياب كان قد أعلن أن ما يقارب 2700 طن من نترات الأمونيوم المخزنة في المرفأ هي المسؤولة عن التفجير الكبير الحاصل.

ما هو نترات الأمونيوم؟

يعتبر نترات الأمونيوم NH4NO3 أكثر أنواع الأسمدة استخداما حول العالم، ويتم إنتاج هذه المادة الصلبة البيضاء اللون الشبيهة بالبلورات على شكل حبيبات انطلاقا من مادتين كيميائيتين هما الأمونيا وحمض النتريت. هذا ويستخدم نترات الأمونيوم في صناعة المتفجرات المستخدمة في المناجم بعد مزجه بزيت الوقود.

يعتبر نتريت الأمونيوم آمنا نسبيا، ولكن خطورته تزيد مع التخزين الطويل، حيث تبدأ حبيباته بامتصاص الرطوبة لتتحول تدريجيا إلى صخرة كبيرة تعطي انفجارا شديدا في حال وصول النار إليها.

لا تحترق نترات الأمونيوم من ذاتها، فما الذي يمكن أن يكون سببا لانفجارها؟!

يمكن أن تتفكك نترات الأمونيوم بوجود حرارة عالية جدا إلى غازين هما أكسيد النتروجين وبخار الماء، وهذا الانبعاث السريع للغازات هو ما يسبب الانفجار. ولكن ما هي نقطة البداية؟! من أين يمكن للحرارة العالية بهذا الشكل أن تأتي؟! في حال ظهر مثلا انفجار أو حريق قريب من منطقة التخزين كما حصل سابقا في تياجين سنة 2015 بعد تخزين مواد كيميائية قابلة للاشتعال مع نترات الأمونيوم في مصنع شرقي الصين.

ظهرت سحابة تشبه الفطر Mushroom Like بعد الانفجار، فما هو سببها؟!

يؤدي الانفجار لظهور فقاعات حارة من الغازات والتي تكون كثافتها في البداية أقل من كثافة الهواء المحيط بها، أي أنها تتحرك أسرع منه وتملأ مساحات أكبر. إذا، يتحرك الغاز بسرعة نحو الأعلى بسبب كثافته الأقل ويسحب معه الهواء القريب منه الذي يحاول النزول نحو الأسفل بسبب كثافته الأعلى على شكل عمود مركزي. هذا النمط من الحركة والتوزع هو مايشكل جذع الفطر. وبعد أن يرتفع الغاز عاليا تصبح كثافته قريبة من الهواء المحيط فيبدأ مع بخار الماء والمخلفات الأخرى بتعبئة جميع الزوايا معطيا شكل رأس الفطر.

هل توجد مخاطر صحية للغازات المنبعثة؟!

ينجم عن الانفجار غازات سامة مثل أكسيد النتروجين والأمونيا، أما عن اللون المائل للأحمر الظاهر في التفجير فسببه غاز ثاني أكسيد النتروجين ذو الرائحة الكريهة والذي يعتبر أهم ملوثات الهواء، وهو مخرش ومهيج للجهاز التنفسي.

ويسيء ارتفاع نسبة الغازات الملوثة في الجو للناس ذوي المشاكل التنفسية خاصة، وقد يستهلك اختفاء هذه الغازات من الجو أياما عدة تبعا لطبيعة المناخ والرياح.

هل تم استخدام نترات الأمونيوم في الصناعات الحربية سابقا؟!

في الحقيقة تم استخدامه من قبل الجيوش لصناعة القنابل، وأيضا في أعمال إرهابية مثل التفجير الذي حصل في ولاية اوكلاهوما الأمريكية.

من القلب سلام لبيروت..

المصادر:

BBC

The conversation

The Sun

ما هو العلاج بالبلازما؟ وهل يفيد مع الكورونا؟

لا يدخر العلم أي جهد في سبيل محاربة فيروس كورونا المستجد- COVID-19 الذي ينتشر في أرجاء المعمورة انتشار النار في الهشيم، فقد وصل عدد الحالات المصابة إلى 7,674,859 والوفيات إلى 426,108 في مقابل 3,886,740 حالة شفاء. وحتى الآن لا يوجد علاج معترف به خاص بالفيروس. في ظل كل تلك الظروف تظهر العديد من الأخبار عن فاعلية، وأمان علاج فيروس كورونا المستجد بالبلازما. وبدأت الكثير من دول العالم مثل الولايات المتحدة الأمريكية في جمع تبرعات البلازما من المتعافين وحدث المثل على صعيد عدد من الدول العربية مثل مصر المشاركة في دراسة حول فاعلية وأمان علاج فيروس كورنا باستخدام البلازما. لكن مع الأسف تظهر الكثير الإشاعات والأخبار الغير مدعمة بالأسس البحثية العلمية؛ لذلك دعنا نتعرف سوياً على تاريخ والأساس العلمي حول استخدام العلاج بالبلازما، والحقائق البحثية الموجودة حتى الآن حول ذلك الموضوع وكذلك آراء المنظمات العالمية.

وزيرة الصحة المصرية تتحدث علاج فيروس كورونا باستخدام البلازما.

الأساس العلمي والتاريخ خلف العلاج بالبلازما:

عند تعرض جسم الأنسان لجسمٍ مسبب للمرض سواء كان كائن ممرض مثل البكتيريا والفيروسات، أو كان مادة غير حية مثل السموم. تكافحه المناعة عن طريق المناعة الأولية أو الفطرية Innate immunity المتمثلة في الحواجز الكيميائية والفيزيائية مثل المخاط، وكذلك نشاط بعض الخلايا المناعية. وإذا استطاع الجسم الممرض التغلب على ذلك النوع تلجأ المناعة لتطوير المناعة التكيفية-adaptive immunity والتي من ضمن أساليبها تصنيع الأجسام المضادة عن طريق الخلايا البائية-B cells. تلك الأجسام المضادة ما هي إلا مركبات بروتينية شبيهة لحرف Y تقوم بالارتباط ببعض المركبات على سطح الجسم الممرض تمنعه من اقتحام الخلايا فبذلك تعطل نشاطه، وتساعد في القضاء عليه بالاستعانة بالخلايا المناعية مثل الخلايا البلعمية، وغيرها من الطرق المختلفة. وبعد أن يُقضى على الجسم الممرض قد يستمر تواجد الأجسام المضادة لفترة من الزمن وذلك للقضاء على الجسم المسبب للممرض حال دخوله للجسم فوراً، وتتواجد تلك الأجسام المضادة في الدم تحديداً في بلازما الدم.

بمرور الوقت أراد الطب الانتفاع بتلك الأجسام المضادة في القضاء على الأمراض المستعصية، وتُعد أول محاولة مسجلة في ذلك الصدد منذ أكثر من قرن تقريبا وكانت على يد الألماني « أدولف فون بهرنغ-Emil Adolf von Behring» الذي حصل على البلازما من الحيوانات -خاصة الأحصنة- المتعافية من مرض «الخناق-Diphtheria» لعلاج المرضى واستحق على ذلك جائز نوبل في الطب عام1901، أيضا استُخدم ذلك العلاج في الحرب على الإنفلونزا الأسبانية عام 1918-1920 واستخدامه في علاج « الحمى قرمزية-scarlet fever» -التي تتطور لدى بعض الأطفال المصابين بالتهاب الحلق- في عام 1920. وكان لها دور في علاج إحدى أنواع عدوى الجهاز التنفسي: السعال الديكي- pertussis حتى عام 1970. وفي العصر الحديث تم استخدامها في علاج انفلونزا الطيور، والخنازير، وكذلك الإيبولا، وفي عام 2015 تم الاعتراف به كعلاج لأحد أنواع فيروس كورونا المتواجد في الخليج العربي وهو MERS. وغيره العديد والعديد من الأمراض. ويُعد فيروس SARS-أحد أنواع عائلة كورونا- من أكثر الفيروسات التي تهم المجتمع العلمي في تلك الأيام؛ ذلك للتشابه بينه وبين فيروس كورونا المستجد. فهل ثبت استخدام العلاج بالبلازما معه؟

في دراسة صينية نُشرت في عام 2004 تضمنت 80 مريض في هونج كونج تمت معالجتهم بالبلازما، تحسنت حالة عدد جيد منهم بشكلٍ ملحوظ مقارنةً بغيرهم من الحالات، وكذلك قلت نسبة الوفاة مقارنة بغيرهم، وكان التحسن الأكبر من نصيب المرضي الذين أعطوا العلاج بالبلازما قبل اليوم الرابع عشر من بداية الأعراض مما يلفت النظر للتوقيت الأمثل لذلك النوع من العلاج، ولكن لماذا تحديداً قبل اليوم الرابع عشر؟

حسناً، في دورة حياة الفيروس SARS -نفس الكلام ينطبق على قرينه كورونا المستجد- يقوم الفيروس بالانتشار في الدم (viremia) بشكلٍ كبيرٍ خلال الأسبوع الأول، وتتطور المناعة خلال الأسبوع الثاني ضد الفيروس، وفي الأسبوع الثالث قد يموت المريض؛ ذلك نتيجة لرد الفعل المناعي بالغ العنف الذي يقوم بتدمير نسيج الرئة فتسوأ حالة المريض بشدة ليس بسبب الفيروس إنما بسبب رد فعل المناعة المبالغ فيه. وهذا يسلط الضوء أن زيادة الأجسام المضادة في مرضى SARS زاد من خطورة المرض في الأسبوع الثالث؛ لذلك اختيار التوقيت لهو أمر بالغ الأهمية. والآن عزيزي القارئ بعد أن عرفنا سوياً تاريخ العلاج بالبلازما والأساس العلمي المنوط به، وجب معرفة الوضع الحالي في مواجهة فيروس كورونا المستجد COVID-19.

علاج فيروس كورونا المستجد بالبلازما

ما سنستعرضه الآن سوياً هي مجموعة من الدراسات، أو التجارب السريرية التي تمت حول ذلك الموضوع حتي نستخلص معاً الحقائق في الوقت الحالي.

  1. خمس دراسات في الصين وكوريا: تم عمل خمس دراسات حول استخدام العلاج بالبلازما أربعة منهم في الصين، والخامسة في كوريا الجنوبية. كان إجمالي عدد المشاركين 27 مشارك ما بين 15 ذكر، و12 أنثى. تتراوح أعمارهم ما بين 28 إلى 75 عام يعاني بعضهم من أمراض مزمنة في الجهاز التنفسي وكذلك في القلب والأوعية الدموية بالإضافة لأمراض الكلية. وتفاوتت حالاتهم، إلا أن كلهم تقريباً كانوا في إطار الحالة الحرجة، وخمسة من بينهم كانوا على جهاز تنفس صناعي. تم تعريضهم للعلاج بالبلازما بالإضافة إلى بعض الأدوية المضادة للعدوى البكتيرية والفيروسية ومضادات الاتهابات. كان مصير كل تلك الحالات الشفاء، أو على الأقل تحسن جيد جداً. حيث قل تركيز الفيروس وكذلك زادت نسبة الأجسام المضادة بطريقة ملحوظة في خلال 30 يوم من العلاج، وانخفضت درجة حرارتهم وقلة الاستعانة بجهاز التنفس الصناعي. وكانت الأعراض الجانبية قليلة جدا لا تُذكر. لكن لاحظ معي أن المرضى جميعاً تعاطوا أدوية مساعدة في رحلة العلاج مما يرفع الشكوك لدى الباحثين حول نسبة تلك النتائج للعلاج بالبلازما أم للأدوية أم كلاهما؟! وكذلك قد تلاحظ ما تواجهه تلك الدراسات الخمس من قلة في العدد، وبعض المشاكل في التحيز حيث أن الحالات لم تكن عشوائية، وغيرها من المشاكل. لكن بصفة عامة قد تعتبر عامل لا بأس به نحو عمل دراسات أكبر حول فاعلية استخدام العلاج بالبلازما.
  2. دراسة أمريكية بتكساس: تضمنت 25 مريض في حالة حرجة تتراوح أعمارهم من 19 إلى 77 عام، وكان نسبة 64% منهم يعاني من أمراض مزمنة مختلفة. تم علاجهم باستخدام البلازما بالإضافة لمضادات الفيروسات والاتهابات. تحسن منهم على مدار 14 يوم 19 حالة، وأكدت تلك الدراسة على كونه علاج آمن ومن الممكن أن يكون ذو فاعلية. ولكن تلك الدراسة أيضاً كانت تعاني من بعض العيوب مثل قلة عدد العينة.
  3. دراسة صينية تحذر بشأن توقيت العلاج غير الملائم: في إحدى الدراسات الصينية التي تضمنت 6 مرضى تعرضوا للعلاج بالبلازما بعد ما يقارب متوسط 21.5 يوم من الكشف عن العدوى، تُوفي 5 منهم وظل ناجي وحيد الذي أُعطي العلاج في اليوم الحادي عشر فتقول تلك الدراسة أن العلاج بالبلازما قد يكون جيد، ولكن علينا مراعاة التوقيت فكما ذكرنا عزيزي القارئ سابقاً دورة حياة الفيروس SARS تتشابه معها كثيراً دورة حياة كورونا المستجد حيث يرتفع رد الفعل المناعي لأعلى درجاته في الأسبوع الثالث الذي قد يحمل خطر الهجوم على الرئة، وتدميرها بواسطة الجهاز المناعي وليس الفيروس؛ لذلك نحن في أمس الحاجة لتحديد التوقيت المناسب للعلاج.

ولكن كيف يعمل ذلك العلاج ضد فيروس كورونا المستجد؟ بالطبع ستكون إجابتك: كما تعمل الأجسام المضادة ضد أي جسم ممرض تقريباً مثل ما وضحنا معاً من قبل، حسناً هذا حقيقي. ويزيد على ذلك أمر غاية في الأهمية وهو يعتمد على خصائص فيروس كورونا المستجد المرضية حيث أنه يوجد مركب كيميائي على سطحه يقوم بالارتباط بإحدى المستقبلات على أسطح الخلايا وهو ACE-2 Receptor، وأيضاً يرتبط الجسم المضاد بنفس ذلك المركب على سطح الفيروس فبهذا الشكل يمارس الجسم المضاد نوعاً من المنافسة مع ACE-2 يمنع الفيروس من الارتباط بالمستقبِل، وبداية رحلته المرضية في خلايا الرئة. والآن في ظل كل تلك الدارسات بالغة الأهمية ما موقف المنظمات العالمية منها هل حركت ساكن أم لا ؟

منافسة الأجسام المضادة للمُستقبِل ACE2

ماذا عن رأي المنظمات العالمية؟

  1. منظمة الغذاء والدواء الأمريكية-FDA: في يوم 24 مايو الماضي صرحت منظمة FDA أنه ليس هناك ما يمنع استخدام العلاج بالبلازما في علاج فيروس كورونا ولكنه أيضاً ليس هناك دليل قاطع على أنه ناجح، وعليه صرحت باستخدام ذلك النوع من العلاج مع الحالات الحرجة التي تعاني من فشل في التنفس أو فشل في أكثر من عضو وغيرها من الأعراض الخطيرة، فيقوم الطبيب بالتواصل مع المنظمة لتزويدهم بالمعلومات والحصول على الموافقة في غضون 4 إلى 8 ساعات. ولابد أن يكون المتبرع المعافى من المرض لم يظهر عليه أعراض على الأقل لمدة 14 يوم ونتيجة تحاليله بخصوص الفيروس سلبية.لاحظ معي أن ذلك التصريح بهدف استكشاف العلاج بشكل أكبر.
  2. المعاهد الوطنية للصحة-NIH: لم تختلف كثيراً عن سابقتها فقد أكدت أن المعلومات المملوكة محدودة، ونحن إذاً بحاجة للمزيد من الدراسات لمعرفة مدى فاعليته والتأكد من أنه آمن حيث أنه ما بين أيدينا من دراسات محدود جداً، ويعيبه قلة الأعداد المشاركة، وغياب الكثير من التفاصيل. لكن في الوقت ذاته أكدت أنه هناك احتمالية لفائدته، وقد يساعد في التماثل للشفاء، ويصحح من رد الفعل المناعي.

بعض التحديات والاحتياطات:

بالطبع أكبر تحدي نواجهه هو نقص المعلومات وهذا ما نواجهه منذ بداية الأزمة. فنحن مثلاً لا نعرف الجرعة المثالية على وجه التحديد فكل ما هو موجود نتيجة لتجارب قليلة الأعداد، وكثيرة العيوب. كذلك نجهل عن التوقيت المثالي للتعرض لذلك العلاج، أو ما زال الأطباء محاولة معرفة أفضل توقيت. على الرغم من ارتفاع عدد الحالات التي تماثلت للشفاء إلى أن جمع البلازما منهم ليس بالأمر السهل ويأخذ وقتاً ليس بالقليل على الإطلاق. ويحتاج العلاج كذلك عدداً من التحاليل لتفادي الأعراض الجانبية الناتجة عن اختلاف فصائل الدم، وكذلك إذا ما كان الشخص مصاب ببعض الفيروسات الخطيرة مثل فيروس C مثلاً، مثل تلك التحاليل معتادة وتحدث في أي تبرع بالدم أو بلازما.

الخلاصة:

على الرغم من أن ذلك العلاج متعارف عليه منذ ما يزيد عن المائة عام، إلا أنه دائماً ما يظهر من المواقف الطارئة حيث الأوبئة. فبالتالي رغم عراقته إلا أن معلوماتنا حوله ليست كثيرة بما فيه الكفاية. أما عن صلاحية استخدام علاج فيروس كورونا المستجد بالبلازما فالإجابة تتلخص في كلمة واحدة: (ربما) فنحن نعاني من نقص في المعلومات، ونحتاج لدراسات أقوى أكثر عدداً، وما نملكه الآن ما هو إلا مجرد توجيه لاستخدام العلاج بالبلازما لاستكشافه بشكل أكبر، وقد يدعو للتفاؤل بخصوص كونه علاج آمن. ونأمل جميعاً أن يتم التوصل لطريقة للقضاء على الوباء في أقرب وقت ممكن.

مصادر (علاج فيروس كورونا المستجد بالبلازما):

Worldometer

Medical news today

History of Convalescent Plasma Therapy

The Nobel Prize in Physiology or Medicine 1901

Convalescent plasma therapy in the treatment of COVID-19: Practical considerations: Correspondence

Convalescent plasma transfusion for the treatment of COVID‐19: Systematic review Wiley

Treatment of COVID-19 Patients with Convalescent Plasma

Effect of Convalescent Plasma Therapy on Viral Shedding and Survival in Patients With Coronavirus Disease 2019

FDA Approval

NIH

Battle against COVID-19: Efficacy of Convalescent Plasma as an emergency therapy

Treatment for emerging viruses: Convalescent plasma and COVID-19

Challenges of Convalescent Plasma Therapy on COVID-19

بين العلم والتاريخ..لماذا تعد الأبراج خرافة؟

لطالما ألهمت سماء الليل الإنسان ودفعته إلى التفكر وطرح الأسئلة. فراح يتحرى عن أجرامها ويدرس خصائصها وحركاتها تارة، ممارسًا ما نسميه اليوم علم الفلك (astronomy)، ومحاولًا استخدام تلك الخصائص في تكهن أحداث حياته الشخصية ومعرفة صفاته تارة أخرى، وهذا ما يعرف بالتنجيم (astrology)، وهو علم زائف لأسباب سنبينها في هذا المقال.

في علم الفلك، تسمى مجموعة النجوم ذات الشكل المعين، الكوكبة، وقد حاولت الشعوب منذ القدم إعطاء معنى لأشكال هذه المجموعات، فعندما لاحظ قدماء المصريين أن النجوم موزعة توزيعًا غير متساو، وأنها مجموعات ذوات أشكال معينة، توهموا في إحدى أقدم أساطيرهم أن الآلهة (نوت) تحيط بالسماء وتحمل جسمها على يديها وقدميها، ولتسهيل الوصول إلى مجموعات النجوم التي عرفوها، قسموا منطقة واسعة على طول خط الاستواء إلى ستة وثلاثين قسمًا، يحوي كل منها ما يمكن رصده من النجوم والمجموعات الساطعة كل عشرة أيام، وسموا كل منها (الديكان).

لكن ما يهمنا هو أن قدماء الفلكيين من البابليين، ومن بعدهم الرومان والأغريق، اختاروا اثنتي عشرة مجموعة (كوكبة) من النجوم وأطلقوا عليها أسماء من وحي ثقافاتهم. ولم تكن تلك المجموعات إلا الكوكبات التي تظهر الشمس وسط كل منها في رحلتها خلال السنة الشمسية المكونة من اثني عشر شهرًا (الأرض في الواقع هي من يدور حول الشمس لذا تبدو لنا الشمس تتنقل شهريًا بين المجموعات)، وسميت هذه المجموعات الاثنتي عشرة بالأبراج. ولعل الإسم قد أتى من علو ارتفاعها في السماء.
ومن هنا رسمت دائرة افتراضية تضم هذه المجموعات، تسمى دائرة البروج (zodiac)، ويفترض أن هذه الدائرة تحيط بالدائرة الافتراضية الأخرى التي ترسمها الأرض بالدوران حول الشمس، والتي تنقسم بدورها إلى اثني عشر شهرًا يقابل كل شهر منها برجًا من دائرة البروج.

دائرة البروج تحيط بمدار الأرض.

وبذلك وحسب هذا الاعتقاد، فإننا حين ننظر إلى موضع الشمس في شهر ما، نجدها مستقرة في الكوكبة المقابلة لذلك الشهر. ومن هنا جاء الاعتقاد الآخر القائل إن ولادة مولود في شهر معين، تجعل مجموعة النجوم المقابلة لشهر ولادته (برجه) تؤثر في مجريات حياة هذا الطفل وصفاته.

ولكن هذا غير صحيح لأسباب عدة، نذكر منها:

  • قبل أن نضع ادعاء ارتباط الأبراج في حياة البشر تحت التجربة، دعنا نتساءل، هل تقابل الأبراج الاثنتا عشرة الأشهر التي يفترض لها أن تقابلها؟

الإجابة إنها لم تعد كذلك.

إن أماكن الأبراج حسبما نراها اليوم لم تعد حيث كانت قبل ٢٥٠٠ عام، فبفضل ظاهرة تدعى المبادرة المحورية، وهي تغير زاوية المحور الذي تدور به الأرض حول نفسها عبر الزمن (أنظر الصورة في الأسفل)، قد تحركت نقطة تقاطع دائرة البروج مع خط الاستواء السماوي (وهو امتداد فلكي لخط الاستواء الأرضي ليشكل دائرة واسعة حول الأرض في الفضاء) بمقدار ٣٦ درجة، أي عُشر دورة كاملة. ما يعني أن الأبراج قد انتقل موضعها بنحو شهر كامل،فمن كان برجه حسبماوضعت الأبراج قديمًا برج الثور، فإن برجه الآن ما هو إلا الحمل، وهذا يتطلب تغيير ترتيب الأبراج بالكامل، ويغير من الأساس الذي وضعت عليه الأبراج وهو ارتباط الولادة في شهر ما بصفة معينة تخص كوكبة محددة، ولهذا السبب انتشرت أقاويل عام ٢٠١٩ قبل شهور من كتابة هذا المقال عن توزيع جديد للأبراج. لم تكن هذه إلا محاولة لموائمة الأبراج مع علم الفلك وإضفاء الطابع العلمي عليها.

دوران الأرض حول نفسها بزاوية ٢٣.٥ درجة
  • الحقيقة الثانية هي أن عدد المجموعات النجمية التي تمر خلاها الشمس ليس في واقع الأمر اثنا عشر، بل ثمة مجموعة ثالثة عشر تدعى (الحواء)، يتجاهلها المنجمون لأن باعتبار عدد المجموعات ١٣ لن يعود عدد الأبراج يناسب عدد الشهور الشمسية.
  • أما التجارب العلمية حول ارتباط موعد ولادة الإنسان بصفاته وشؤون حياته ليست في صف قراءة الطالع كذلك، ذلك أن الدراسات التي قارنت بين مجموعات الأشخاص ممن ولدوا في مواعيد متشابهة لم تظهر أية ارتباط بين صفاتهم بعد المقارنة على المدى البعيد، ولا حتى التوائم منهم. ومن أشهر التجارب المجراة عن علاقة الأبراج بالصفات الشخصية تجربة العالم (شون كارلسون) سنة ٢٠٠٨ المنشورة في مجلة (nature)، التي حددت بدقة مواعيد ولادة ١٠٠ شخص اختيروا للتجربة، وأشكال النجوم في أوقات ولادتهم، وقارنتها بنبؤات التنجيم عن شخصياتهم. والتجربة المنشورة في مجلة personality and individual differences عام ٢٠٠٦، وكلتاهما لم تخرج بأي ارتباط بين الصفات ومواعيد الولادة.

ولكن، لماذا أجد توقعات المنجمين صادقة فيما يخص حياتي؟

يلجأ المنجمون عادة إلى توقعات فضفاضة يمكن تطببقها بشكل ما على غالبية الناس، ويتجنبون ذكر التفاصيل أو ما يزيد من قابلية النبؤة للتكذيب. ويساعدهم في إقناعنا على تقبل هذا عوامل نفسية عند الإنسان تجعله يميل إلى إسقاط قول المنجمين على نفسه، رغم أن الكلام قد يكون عامًا وينطبق على الكثيرين، وهذا ما يعرف بتأثير فورير، نسبة إلى عالم النفس الأمريكي بيرتام فورير الذي أجرى تجربة على طلابه لاختبارهذا التأثير، فوزع على كل منهم بطاقة تحمل ١٤ نقطة من المفترض أنها تحاول وصف شخصية كل منهم، ثم طلب منهم تقييم دقة هذا الوصف، فكان متوسط التقييم ٤.٣/٥، أي أن أغلبهم شعر أن النقاط المكتوبة تصفه تمامًا..لكن المفاجأة كانت أنهم تلقوا جميعًا نفس البطاقة!

يعرف هذا التأثير كذلك بتأثير بارنوم، نسبة إلى الاستعراضي الأمريكي الشهير (ب. ت. بارنوم).

“لدينا شيء ما، لكل واحد من الأشخاص”

-ب. ت بارنوم

مصادر:

تاريخ العلوم-جورج سارتون

live science https://www.livescience.com/4667-astrological-sign.html

historyworld http://historyworld.net/wrldhis/PlainTextHistoriesResponsive.asp?historyid=ac32

https://www.nature.com/articles/318419a0 nature

http://personalpages.to.infn.it personality and individual differences study

Exit mobile version