مقدمة في نظرية اللعبة

هذه المقالة هي الجزء 1 من 5 في سلسلة مقدمة في نظرية اللعبة

ما هي نظرية اللّعبة ؟

سيوفر هذا المساق الأساسيات التي تبني عليها نظرية اللّعبة مثل: تمثيل الألعاب والاستراتيجيات، والشكل الواسع (الذي يسميه علماء الكمبيوتر أشجار الألعاب)، “وألعاب بايزي- Bayesian games” (مثل المزادات)، والألعاب المتكررة والعشوائية، وأكثر من ذلك. سنقوم بتضمين مجموعة متنوعة من الأمثلة بما في ذلك الألعاب الكلاسيكية وعدد من التطبيقات. قد ترى تلك المفاهيم معقدة، لكنك ستكون فكرة مُبسطة عنها عند انتهائك من المساق.

تعريف

على عكس ما نعتقد بمصطلح “الألعاب”، مثل الشطرنج والبوكر وكرة القدم، وما إلى ذلك، فإن نظرية اللعبة تتضمن دراسة وتحليل اتخاذ القرارات مع أخذ تحركات الخصوم بعين الاعتبار والتنبؤ بها. وقد تتضمن تحليل الصراعات بين الدول، والحملات السياسية، والمنافسة بين الشركات، والسلوك التجاري في الأسواق مثل البورصات العالمية. ولتوضيح الموضوع بشكل أكبر، نحتاج إلى تخيل لعبة بسيطة وتطبيقها.

لعبة قاسم أو اسرق

سنأخذ مثال بلعبة الثقة، وشرحها كالآتي. تعتمد اللعبة على وجود جائزة مالية كبيرة، وفردان يحاولان الحصول عليها. وطريقة الحصول عليها بسيطة، وهي عن طريق الاختيار بين إذا ما كنت تريد تقاسم الجائزة مع الفرد الآخر أو تريد أخذها لنفسك.

الاحتمالات الممكنة

  • الأول هو أن يختار كلاهما مشاركة الجائزة وبالتالي يتقاسما المال.
  • الثاني هو أن يختار أحدهما سرقة الجائزة، والآخر يختار تقاسم الجائزة، وبالتالي يحصد الشخص الذي اختار سرقة الجائزة كل شيء.
  • الثالث هو أن يختار كلاهما سرقة الجائزة وبالتالي يخسر كلاهما كل شيء.
Split or steal game

تساؤولات مهمة

من خلال تلك اللعبة هنالك بعض الأسئلة التي تحتاج أن تفكر بها وتستكشف إجاباتها خلال السلسلة. وستكتشف أيضًا علاقة تلك التساؤولات بنظرية اللعبة:

  • ما هو القرار الذي يجب أن يتخذه كل فرد من وجهة نظرك؟
  • هل تتوقع أن يتصرف الأفراد بشكل متماثل في هذه اللعبة؟
  • ما هو القرار الذي يجب أن يتخذه كل فرد لضمان الجائزة؟
  • في حال تعديل بعض قوانين اللعبة بحيث تختلف نسبة المكسب أو الخسارة، هل ستختلف القرارات؟
  • إذا تم السماح بالتواصل بين اللاعبين قبل لعب لعبة الثقة، هل سيغير هذا شيئًا من قرارات المباراة؟
  • في حال إذا قام نفس الفردين باللعب عدة مرات أمام بعضهما البعض، هل سيغير ذلك من قراراتهم؟
  • إذا ما كان المنافس شخص عقلاني أو يطمح للفوز بشتى الطرق، هل سيغير ذلك من شيء؟

قد ترى تلك اللّعبة والتساؤولات لا معنى لهم لكنهم الأساس الذي ستبنى عليه نظرية اللّعبة.

المصادر

1- Game Theory | Coursera
2- Oxford University Press’s

هل ستصل الإعلانات إلى أحلامنا؟

هل تتوقع يومًا أن يصل الإعلان الذي تشاهده على وسائل التواصل الاجتماعي أو على شاشات التلفزيون أو في الشارع إلى أحلامك وعن قصدٍ متعمدٍ؟ هذا ما حاولت فيه بعض الشركات المشهورة في العالم. وأصبح هناك بصيصًا من الأمل من قِبل هذه الشركات. على سبيل المثال شركة إكس بوكس الشهيرة وشركة كورز المختصة بتسويق منتجات المشروبات الكحولية. بالإضافة إلى برجر كينج التي حاولت بالفعل التواصل مع عدد من العلماء للوصول إلى أحلام الزبائن من خلال مقاطع الفيديو أو الصوت. ولكن أعلنت مجموعة من ٤٠ عالم أحلام اعتراضهم على مثل هذا الأمر، وأكدوا على عدم التلاعب بالأحلام التجارية. فهل ستصل الإعلانات إلى أحلامنا؟ [3]

الدخول إلى عالم الأحلام قديمًا

درس العلماء طويلًا عن «Dream Incubation – حضانة الحلم». وهي تقنية فكرية تهدف إلى حدوث موضوع أحلام معين، إما للترفيه أو لمحاولة حل مشكلة. فهي تركز الاهتمام ببساطة على قضية محددة عند النوم. يستخدم فيها الأشخاص الصور والأصوات والمنبهات الحسية الأخرى لتغيير مكونات الحلم. 

ابتكر العلماء قديمًا طرقًا عديدة لذلك من خلال التأمل والرسم والصلاة وحتى استخدام العقاقير. وكان يذهب المرضى من اليونانيين القدماء في القرن الرابع قبل الميلاد ليناموا على سرير ترابي في معابد الإله اسكليبيوس على أمل الدخول في حالة من النوم المليء بالهلوسة والتغير في المشاعر بغرض العلاج والراحة النفسية.

عالم الأحلام حديثًا

فتح العلم الحديث إمكانيات كاملة يتعرف من خلالها العلماء على أشهر أوقات للحلم عند البشر، وهي المرحلة الأولى للنوم بين الوعي واللا وعي، ومرحلة حركة العين السريعة عن طريق فحص موجات الدماغ وحركات العين وحتى الشخير. واتضح أن المؤثرات الخارجية مثل الأصوات والروائح وحتى الكلام من الممكن أن تغير من تفاصيل محتوى الحلم. وتواصل الباحثون مع «Lucid dreamers» وهم الأشخاص الذين يستطيعون التحكم في أحلامهم ومعرفة وقت الحلم أن هذا حلم وليس حقيقة، ولهم القدرة أيضًا على تغيير بعض محتوياته. وقد حاول معهم العلماء لإجابة بعض الأسئلة وحل مشاكل الرياضيات أثناء النوم. [2]

قفاز تتبع أنماط النوم

يستجيب الأشخاص بشكل أكبر أثناء النوم. كما يقول عالم الإدراك في (MIT) معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا «Adam Harr – آدم هار» الذي اخترع قفازًا يتتبع أنماط النوم ويرشد مرتديه للحلم عن موضوع معين عن طريق الأصوات عندما يصل إلى مرحلة النوم التي تزداد فيها الأحلام. وقال أنه تواصلت معه ٣ شركات منهم شركة مايكروسوفت وشركتان أخرتان للطيران لمساعدتهم في هذه المشاريع. ولقد ساعد في مشروع مرتبط بذلك ولكنه لا يشعر بالراحة في المشاركة في مثل هذه الحملات الإعلانية. [1]

أبحاث حديثة أكدت على إمكانية دخول الإعلانات إلى عالم الأحلام

جذبت عالمة الأحلام الشهيرة الأمريكية «Deirdre Barrett – ديردري باريت » الانتباه في دراسة سنة ١٩٩٣م  حيث طلبت من ٦٦ طالبًا معها يدرسون الأحلام تحديد مشكلة شخصية أو أكاديمية وكتابتها والتفكير فيها قبل النوم على الأقل لمدة أسبوع، والنتيجة أن تقريبًا نصف المشاركين أبلغوها أنهم حلموا بهذه المشكلة. 

وتم إنجاز عمل مشابه لعمل ديردري باريت ونُشر سنة ٢٠٠٠م في مجلة ساينس المشهورة. حيث طلب علماء الأعصاب في جامعة هارفارد من مجموعة من الأشخاص ممارسة ساعات طويلة من ألعاب الكمبيوتر مثل لعبة «Tetris» لمدة ٣ أيام. فوجدوا أن أكثر من ٦٠٪ من المشاركين حلموا بهذه اللعبة.

مشروع شركة كورز للدخول إلى أحلام الزبائن

وفي مطلع هذا العام  شاركت ديردري باريت مع شركة كورز في العمل على هذا المشروع، حيث  أحضروا ١٨ شخصًا لمشاهدة فيديو ٩٠ ثانيه قبل النوم، والنتيجة أن ٥ منهم أبلغوا القائمين على التجربة أنهم حلموا بالمشروب الكحولي لكورز. ولكن باريت تعتقد أن هذا النوع من الإعلانات سيكون تأثيره ضعيف. وحتى الآن لم يبشر بالتأثير القوي مثل أنواع الإعلانات الأخرى.

https://www.youtube.com/watch?app=desktop&v=tU_0jU0mMLw

أليكسا مستقبل الدخول إلى عالم الأحلام

ومن الممكن أن تستخدم بعض الشركات المتحدث الذكي لأمازون (أليكسا) لتوقع مراحل النوم مثل حركة العين السريعة أو المرحلة الأولى من النوم وتشغيل أصوات تؤثر على الحلم والسلوكيات. وهذا يعتبر سهلًا؛ حيث يمتلك ٤٠ مليون أمريكي تقريبًا أليكسا في غرفة نومهم، ومن المتوقع انتشاره أكثر في باقي البلدان. [1]

فوائد لهذا العمل قد يستفيد منها البشرية بعيدًا عن الإعلانات

عند عمل تجربة على عدد من المدخنين بخلط رائحة السجائر مع رائحة البيض الفاسد عند النوم وتقديمه في مرحلة حركة العين السريعة. أصبح يشتري المدخنون السجائر أقل بنسبة ٣٠٪. بالإضافة إلى ذلك أنه من الممكن أن يعالج بعض الأمراض ويعالج أيضًا اضطرابات ما بعد الصدمات. [2]

مصادر

[1] science
[2] popular mechanics
[3] news san diego
[4] science alert

نظرية البجعة السوداء، كيف يكون المستحيل ممكنًا؟

أحيانًا ما لا نعرفه أهم بكثير مما نعرفه. يتعلم البشر بطبيعتهم من التجارب السابقة ويبنون سلوكهم على أساسها، ويتصرفون وفقًا لخبرتهم. ومع تطور العلم، تطورت قدرات البشر على توقع الأحداث وفقًا للمعطيات. ولكن بالرغم من ذلك، يأتي حدث غير متوقع ذو تأثير مدوي لينسف كل خبراتنا القديمة وتوقعاتنا، وهذا ما وصفه نسيم طالب في نظرية البجعة السوداء.

ما هي نظرية البجعة السوداء؟

المفهوم تاريخيًا

يرجع أصول مصطلح البجعة السوداء لوصف شيء مستحيل الحدوث إلى القرن الثاني، وذلك عندما وصف الشاعر الروماني جوفينال شيء بأنه “طير غريب في الأراضي، كأنه بجعة سوداء”، ولم يكن هناك أي مشاهدة لها حين صياغة هذا المفهوم. وبقي هذا المفهوم مثلًا شائعًا في لندن للتعبير عن استحالة وجود الشيء حتى مشاهدة البجع الأسود عام 1697 في قارة استراليا. وعندها تحول هذا المفهوم من الاستحالة إلى إمكانية دحض فكرة استحالة أي شيء لاحقًا.

نظرية البجعة السوداء

وهو مفهوم طرحه البروفسور والباحث الاقتصادي نسيم نيكولاس طالب لوصف حدث شبه مستحيل الحدوث، وله تأثير قوي جدًا. في البداية صيغ المفهوم لشرح الأحداث نادرة الحدوث في مجال الاقتصاد ولكنه وسع المفهوم عام 2007 ليشمل أحداث أخرى مثل الحروب والمجاعات والكوارث الطبيعية.

صفات الحدث

وصف نسيم طالب هذا الحدث بأنه:
1- الحدث مفاجئ جدًا بالنسبة للمراقب.
2- الحدث له تأثير هائل.
3- بعد تسجيل الحدث المفاجئ، يتم تبرير عدم التنبؤ به وبعواقبه بأنه “إدراك متأخر”، وأنه كان من الممكن توقعه.

أمثلة عن أحداث البجعة السوداء

هناك أمثلة عديدة عن أحداث البجعة السوداء المشهور عالميًا على مر التاريخ، أبرزها الحرب العالمية الأولى، وتفكك الاتحاد السوفييتي، هجوم 11 أيلول في أميركا، الأزمة الاقتصادية العالمية عام 2008.

الانهيار الاقتصادي عام 2008

استخدم طالب الأزمة الاقتصادية العالمية التي حدثت بعد إصداره لكتابه عام 2007 كمثال واضح على نظرية البجعة السوداء، وجادل بأنه إذا سُمح لنظام معطل بالفشل، فإن هذا الفشل سيقويه حكمًا في مواجهة هذه الكوارث لاحقًا، وسيمنحه مناعة في مواجهة حوادث مشابهة.

أما النظام المدعوم والمعزول عن الكوارث بشكل تام فهو معرض أكثر للخسائر ضمن كوارث البجعة السوداء، وكان الانهيار الاقتصادي العالمي وصف مثالي عن النظرية، فكان شبه مستحيل الحدوث، وذو تأثير كارثي عالمي، وتم تبرير عدم ملاحظته مسبقًا بالإدراك المتأخر.

هل يعتبر الوباء العالمي مثالًا عن أحداث البجعة السوداء؟

هناك جدل واسع حول كون الوباء الحالي حدث “بجعة سوداء” فهو كان نادر الحدوث، وذو أثر مدوي على جميع الأصعدة. وهو يفي بالمعايير، لكنه سابق الحدوث فهناك انتشارات للأوبئة عديدة على مر التاريخ، ما قد يجعله بجعة بيضاء، أي حدث طبيعي. ولكن استعداد الحكومات لمواجهة الوباء هو ما جعل هذا الحدث غريبًا، وذو تأثير كارثي.

التكيف مع حدث البجعة السوداء

يؤكد طالب أن حدث البجعة السوداء سيبقى شبه مستحيل التنبؤ، ولم يكن هدفه بناء قدرة على توقع الحدث الغير متوقع. وإنما الهدف هو بناء مناعة ضد الأحداث السلبية مع استمرار استغلال الأحداث الإيجابية.

وضح أن البنوك والشركات التجارية معرضة بشدة لأحداث مشابهة وقد تتعرض لخسائر لا يمكن التنبؤ بها. وفي الطبعة الثانية من كتابه قدم عشرة مبادئ لمجتمع مقاوم للبجعة السوداء.

بالنسبة للتنبؤ بالأحداث نادرة الحدوث يجادل طالب أن الأدوات القياسية للإحصاء والتنبؤ مثل التوزيع الطبيعي، لا تنطبق لأنها تعتمد على عينات كبيرة من السكان وأحجام للعينات قد لا تتوافر لتوقع حدث نادر الحدوث. أي أن الاستقراء عن طريق الإحصائيات السابقة لتجنب الكارثة قد يجعلنا أكثر عرضة لها.

المصادر:

nytimes
ig.com
investopedia
wikipedia

مؤامرة المصباح الكهربائي، وانطلاق فكرة التقادم المخطط

في ركن بعيد في أحد محطات الإطفاء بكاليفورنيا، هناك مصباح كهربائي لا يزال يعمل لأكثر من 120 عامًا[1]. لم يكن الأمر صدفة بحتة! إلا أن العلم وصناعة المصابيح كان قد تطورا بشكل كبير، مما أتاح الفرصة لصناعة مصابيح تدوم لوقت طويل جدًا.

والسؤال هنا، لماذا لم نعد نرى مصابيح بتلك الكفاءة؟ بل إننا نضطر لشراء مصابيح متوهجة كل 3 أشهر تقريبًا. الإجابة هنا تقبع داخل الملفات السرية لكبرى شركات صناعة المصابيح الكهربائية حول العالم. حيث أن إنتاج مصابيح ذات كفاءة عالية وإن كانت تصب في مصلحة المستهلك إلا أنها ضربة موجعة لأصحاب الشركات الكهربائية. خلال هذا المقال، سنتعرف على المؤامرة الكبرى للمصباح الكهربائي وبداية ظهور«التقادم المخطط له –Planned Obsolescence».

المصباح الذي لم ينطفئ

اخترع الفرنسي «أدولف تشايليت-Adolphe Chaillet» مصباحًا كهربائيًا من خيوط الكربون في عام 1897م، وتم تصنيعه في شركة «شيلبي للصناعات الكهربائية-Shelby Electric». وفي عام 1901م تم التبرع بذلك المصباح لمحطة إطفاء «ليفرمور-livermore» في كاليفورنيا. وما زال يعمل إلى يومنا هذا حتى دخل موسوعة جينيس للأرقام القياسية وأُطلق عليه لقب «المصباح المئوي-centennial bulb». لم يكن ذلك المصباح الوحيد ولكنه الأقدم حيث توجد مصابيح أخرى مرّ عليها عقود وما زالت تعمل.[1]
يمكنك متابعة صوره مباشرة للمصباح المئوي عن طريق الرابط التالي: centennialbulb.org

اجتماع جينيف السري «مؤامرة المصباح الكهربائي»

في بداية عشرينيات القرن الماضي استطاعت الشركات الكهربائية إنتاج مصابيحٍ كهربائية تدوم لـ 2500 ساعة أو أكثر، ولكن أدى ذلك لانخفاض مبيعات تلك الشركات لأكثر من النصف، إذ انخفضت مبيعات شركة «osram» الألمانية من 63 مليون مصباح إلى 28 مليون خلال 1922م-1923م. مما اضطر كبرى شركات صناعات المصابيح في العالم مثل شركة «osram» الألمانية و«Philips» الهولندية و«France’s Compagnie des Lampes» الفرنسية و«General Electric» الأمريكية و«Tokyo Electric» اليابانية وغيرها من الشركات لإجراء اجتماع سري في العاصمة السويسرية في ديسمبر عام 1924م، لعقد مباحثات ومناقشات حول مستقبل صناعة المصباح الكهربائي. كونَت تلك الشركات اتحادًا عُرف بـ « اتحاد الفيبيس-Phoebus cartel».

وأسفر ذلك الاجتماع عن تخفيض العمر الافتراضي للمصابيح الكهربائية لـ 1000 ساعة فقط، وبعد إنتاج كل شحنة مصابيح يتم فحص عينة منها بمختبر في سويسرا، ومن يخالف تلك الاتفاقيات يتم توقيع عقوبة عليه من قِبل ذلك الاتحاد.

أدى ذلك الاتفاق لتغيير مسار صناعة المصابيح الكهربائية لعقود طويلة وكان ذلك على حساب المستهلك وعُرف بمؤامرة المصباح الكهربائي، وكانت بداية ظهور ما يعرف بـ «التقادم المخطط له –Planned Obsolescence». ا[4][3][2]

ما هو التقادم المخطط؟

عندما تقوم شركة بإطلاق منتج ما، يكون الهدف هو تحقيق أكبر عائدٍ أو ربحٍ على حساب المستهلك. ومن هنا انطلقت فكرة التقادم المخطط؛ وهو تخفيض العمر الافتراضي للمنتجات لزيادة المبيعات، فكما ذكرنا سابقًا، بعد اجتماع اتحاد الفيبيس زادت مبيعات اليابان من 45 مليون إلى 300 مليون مصباح كهربائي وحدها بين عامي 1922-1933 م، وذلك بإنتاج مصابيح ذات جودةٍ أقل عن عمد بعد مؤامرة المصباح الكهربائي. [2][5]

شركة «canon» واتهامها بالتقادم المخطط

اكتشف بعض المستهلكين تلف «رأس الفرشاة- print head» الخاص بشركة «canon» وكان سعر صيانة تلك القطعة يضاهي سعر شراء طابعة جديدة، مما يدفع المستهلكين لشراء طابعة أخرى. كان الغريب في الأمر هو تلف رأس الفرشاة بعد انتهاء فترة الضمان أو بعد طباعة 5000 ورقة تقريبًا [6]. وبالتالي تم اتهام شركة «Canon» بإنتاج طابعات بها عيب مقصود يظهر بعد انتهاء فترة الضمان. ودُفعت تسويةٌ في هذه القضية تُقارب المليون دولار. [7][4]

شركة «Apple» واتهامها بالتقادم المخطط

أما شركة «Apple» لها تاريخ طويلٌ مع التقادم المخطط له. حيث أنتج شابٌ أمريكي فيلمًا قصيرًا بعنوان « ipod’s dirty secret»، وقد شاهده 6 ملايين شخصٍ خلال شهرٍ واحد من عام 2003. عرض هذا الشاب مشكلته مع الـ «ipod» الخاص به، حيث وجد أن بطاريته تتوقف عن العمل تمامًا بعد 18 شهر أي بعد انتهاء فترة الضمان. وعندما توجهه لأحد فروع «Apple» لإصلاح الـ «ipod» الخاص به، وجد أنه لا يمكن تغيير البطاريات بل عليه شراء واحدة آخرى. وبعد الضجة الكبيرة بسبب هذا الفيديو اضطرت شركة «Apple» لعمل صيانة واستبدال بطاريات أجهزتها.

لم ينتهي الأمر عند هذا الحد بالنسبة لشركة «Apple»،، حيث لاحظت الشركة اهتمام بعض المستهلكين بالمنتجات القديمة، وعدم إقدامهم على شراء منتجات جديدة. فقامت«Apple» في عام 2017م بإصدار تحديثٍ للهواتف القديمة بغرض إضافة بعض المزايا الجديدة، لكنها في الحقيقة كانت تؤثر وبشكل مباشر على أداء البطارية وأدت إلى خفض أداء الهواتف بشكل ملحوظ. إلا أن الخدعة كُشفت، وتم إلزام «Apple» بدفع تعويض 500 مليون دولار تقريبًا. وقدمت أبل اعتذارًا رسميًا عما حدث، وأتاحت للمستخدم التحكم في بعض إعدادات الهاتف.

طرق مختلفة لعمل التقادم المخطط

اختلفت الطرق والأساليب في التقادم المخطط. حيث قامت بعض الشركات بتقليل خامة منتج ما عمدًا لتقل متانة المنتج، وبالتالي زيادة مبيعاته، مثل معظم منتجات ألعاب الأطفال ومنتجات الملابس.

وقد يأتي التقادم المخطط بتغيير شكل المسامير أو بعض البراغي في المنتجات الأحدث وعدم توفير أدوات للبراغي و المسامير القديمة. مما يجعل من الصعب صيانة المنتج القديم والاضطرار لشراء آخر جديد.

ومن جانب آخر تقوم شركات الملابس والإلكترونيات، بضخ المليارات في إعلاناتٍ لعرض موضة جديدة وإصدارات أحدث. مما يضطر البعض لشراء تلك المنتجات حتى وإن لم يكونوا بحاجة لها، وإنما لمواكبة الصيحة الجديدة وحتى لا يشعروا بأنهم من بقايا العصر القديم.[4]

وقد يأتي التقادم المخطط كما لو أنه يصب في مصلحة المستهلك. حيث تقوم بعض شركات الإنترنت مثلًا بزيادة سرعات الإنترنت وعدم زيادة سعر الاشتراك.قد يراه بعض المستهلكين مفيدًا، ولكن كما أشرنا سابقًا أنه لا منفعة لمستهلك على حساب الشركات المنتِجة. إذا أنه عندما تزداد سرعة الإنترنت يستهلك المستخدم باقته بشكل أسرع، مما يضطره لشراء باقة إضافية أخرى والذي يزيد من عائدات الشركة.

كيف نتجنب فخ التقادم المخطط؟

اختلفت الطرق والأساليب في التقادم المخطط، وإن كانت أمرًا مزعجًا للبعض إلا أنه واقع نعيشه ومعظم الدول لا تجرمه. لذا فالمانع الوحيد لتنفيذ بعض أشكال التقادم المخطط هو وعي المستهلك. عندما يدرك هل هو مستفيد حقًا من ذلك المنتج؟ أم أنه أداة لدرّ الأرباح على تلك الشركات دون استفادة حقيقية من المنتج؟

المصادر

  1. Centennialbulb
  2. spectrum.ieee
  3. leagle
  4. bbc
  5. كتاب “Made to Break: Technology and Obsolescence in America
  6. tomshardware
  7. forbes

نظرية الألعاب التطورية

نظرية الألعاب التطورية

ما هي نظرية الألعاب؟

هل بوسعك أن تحلل جميع المشاكل الاجتماعية والاقتصادية مستخدمًا إطار وحيد؟

نظرية الألعاب هي فرع من فروع الرياضيات توفر أدوات لتحليل المواقف التي يتخذ فيها اللاعبين قرارات معينة، إذ تصف النظرية القرارات المُثلى للاعبين الذين قد يكون لديهم اهتمامات متشابهة أو متعارضة أو مختلطة وتصنف نتائج تلك القرارات، وتعتمد على استراتيجيات الأفراد الآخرين، ولا يتحكم أي فرد في قرار الأخر.

طُبقت نظرية الألعاب على علوم عدة من العلوم الاجتماعية الإنسانية وعلوم الهندسة الطبيعية. إذ تهتم نظرية الألعاب بالمشاكل الاجتماعية، إذ أنك لست الوحيد المتخذ لقرار ما لانك تتعامل مع آخرين. كل منهم يعتمد على تصرف الخصم. لذلك فإن نظرية الألعاب تتبنى نماذج رياضية لتتنبأ كيف سيتصرف الناس في مثل هذه المواقف الاستراتيجية، فالنظرية تدرس سلوك الناس في المواقف الاستراتيجية.

أمثلة توضيحية

لكن دعني عزيزي القارئ أوضح موضوع نظرية الألعاب، لذا سأطرح عليك سؤالين في البداية:

السؤال الأول، هناك حملة سياسية بين الديموقراطيين والجمهوريين، فمن الذي سيفوز؟ وكيف ستدار سياسة كل منهما؟

السؤال الثاني: ماذا يحدث لو انشأنا طريق جديد بين س وص كيف سيؤثر ذلك على المرور على الطريق الحالي وكيف توفر وقت السفر بين س و ص؟

نظرية الألعاب تقدم لك طريق موحد لكل المشاكل الاجتماعية، فيمكنك وضع العراك السياسي بين الحزبين عن هيئة نموذج رياضي بسيط.

في المثالين السابقين، ستعتمد على حدسك لتجد الإجابة فبذلك تجد نهج موحد يمكن تطبيقه على جميع المشاكل الاجتماعية، فالمشترك بين كل المسائل الاجتماعية هو أن الافراد يحاولون عمل أفضل ما بوسعهم ضد الاخرين ولكن هناك قواعد واجب الالتزام بها كمثال المعركة بين الديموقراطيين والجمهوريين، يمكنهم نداء الناس من خلال منصتهم ولكن لا يمكنهم رشوتهم! لذا فكل مشكلة اجتماعية لديها قواعد.

المشاكل الاجتماعية في قالب رياضي

لنصيغ الآن المشاكل الاجتماعية في شكل نموذج رياضي للعبة، لماذا سنحتاج برأيك؟

نحتاج أن نحدد ثلاث عناصر:

‏الأول: يجب أن نحدد من سيشارك في المسألة/المشكلة الاجتماعية وهم اللاعبون.

‏الثاني: يجب أن تحدد ما يستطيع كل لاعب أن يفعله في المسألة الاجتماعية وما ستحدده يُسمى “الإستراتيجية”، أي لاعب في مسأله اجتماعية يتخذ استراتيجية معينة.

الثالث: تحدد نتائج كل لاعب.

هذه الإستراتجيات ستوضح لنا ما هي نظرية الألعاب التطورية ولكن دعنا نتعرف على العلاقة بين النظرية وعلم الأحياء التطوري.

الحصول على الغذاء

يستخدم علماء الأحياء نظرية الألعاب لتوضيح النتائج التطورية للتفاعلات، إذ يحاول علماء البيئة التطوريون فهم العلاقات السلوكية المعقدة بين الكائنات الحية أثناء تفاعلها للحصول على الموارد (غذائها). إذ تتراوح هذه التفاعلات من العدائية إلى التعاونية، وتحدث أيضًا حالات استغلال وإيثار.

يستثمر الكائن الحي طاقته في مواجهاته اليومية مع غيره من الحيوانات، كما يسثتمرها أيضًا في التعاون مع أفراد نوعه للحصول على الموارد الغذائية المختلفة، مما يجعله يستهلك طاقة للحصول على الطاقة. كما أن تجنب الكائن الحي لاستهلاك الطاقة يمكن أن يكون مكلفًا إذا فَنيت الطاقة ولم يصل الكائن إلى الموارد التي استثمر فيها طاقته مثل ركضه خلف حيوان أسرع منه أو صعوده شجره صعبة للوصول لثمرة في مكان عال.

الطاقة التي تُستغل هي تكلفة على الكائن الحي، والموارد هي الفوائد. تؤدي استراتيجيات التفاعل المختلفة مثل القتال أو التعاون إلى مكافآت مختلفة بناءً على طبيعة التفاعل.

الأعلى لياقة هو من يفوز!

يتعامل علماء البيئة التطورية مع هذه الاستراتيجيات (ولنرجع هنا لإستراجيات النظرية الموضوعة في قالب رياضي ولاحظ التشابهة) على أنها أنماط ظاهرية. تعمل الكائنات الحية الأكثر نجاحًا على زيادة مواردها وزيادة قدرتها على التكاثر. إذ يتميز الكائن الذي يتمتع بأفضل استراتيجية تفاعل بأعلى لياقة. نظرًا لأن استراتيجية التفاعل (النمط الظاهري) يمكن أن ترتبط ارتباطًا مباشرًا باللياقة، إذ يتم تفضيل الاستراتيجية المُثلى في ظل الانتقاء الطبيعي.

يمكن التعامل مع التفاعلات بين الكائنات الحية ذات الاستراتيجيات المتنافسة أو المتطابقة على أنها ألعاب مع لاعبين متعددين. نظرًا لأن التفاعلات البيولوجية تشمل اثنين أو أكثر من صناع القرار (أي الأفراد الذين لديهم استراتيجيات).

كيف بدأت نظرية الألعاب التطورية؟

تم تطوير نظرية اللعبة التطورية لأول مرة بواسطة «رونالد فيشر_Ronald Fisher». أثناء محاولته لشرح المساواة التقريبية لنسبة الجنسين (نسبة الذكور إلى الإناث) في الثدييات. كان اللغز الذي واجهه فيشر هو لماذا تتساوى نسبة الجنسين تقريبًا في العديد من الأنواع. إذ لا تتزاوج غالبية الذكور مطلقًا؟

في هذه الأنواع، يبدو أن الذكور غير المتزوجين هم عبء زائد يحمله بقية السكان، وليس لهم فائدة حقيقية. أدرك فيشر أنه إذا قمنا بقياس اللياقة الفردية من حيث العدد المتوقع للأحفاد. سنجد أن اللياقة الفردية تعتمد على توزيع الذكور والإناث في السكان. عندما يكون هناك عدد أكبر من الإناث في السكان. يكون لدى الذكور لياقة فردية أعلى، وعندما يكون هناك عدد أكبر من الذكور في السكان، تتمتع الإناث بلياقة فردية أعلى.

أشار فيشر إلى أنه في مثل هذه الحالة، تؤدي الديناميكيات التطورية إلى أن تصبح نسبة الجنس ثابتة عند أعداد متساوية بين الذكور والإناث.

حقيقة أن اللياقة الفردية تعتمد على التكرار النسبي للذكور والإناث في السكان تُقدم عنصرًا استراتيجيًا في التطورات. يمكن فهم حجة فيشر من الناحية النظرية، لكنه لم يذكرها بهذه المصطلحات.

قدم «ريتشارد ليوونتين-Richard Lewontin» عام 1961 أول تطبيق صريح لنظرية اللعبة في علم الأحياء التطوري في “Evolution and the Theory of Games”. حدد «ماينارد سميث-Maynard Smith» في عام 1972 مفهوم الاستراتيجية التطورية المستقرة.

ظهر بحث ماينارد سميث الأساسي “التطور ونظرية الألعاب” في عام 1982، ومن بعده بوقت قصير عمل «روبرت أكسلرود-Robert Axelrod» الشهير “تطور التعاون” في عام 1984. ومنذ ذلك الحين، تزايد اهتمام الاقتصاديين وعلماء الاجتماع بالنظرية.

نهجان لنظرية الألعاب التطورية

النهج الأول مستمد من عمل ماينارد سميث وبرايس ويستخدم مفهوم الاستراتيجية المستقرة تطوريًا كأداة رئيسية للتحليل.

يبني النهج الثاني نموذجًا واضحًا للعملية التي يتغير بها تواتر الاستراتيجيات في السكان ويدرس خصائص الديناميكيات التطورية ضمن هذا النموذج.

وبالتالي يمكن أن يوفر النهج الأول تحليلًا مفاهيميًا ثابتًا للاستقرار التطوري. “ثابت” لأنه على الرغم من تقديم تعريفا ت الاستقرار التطوري، فإن التعريفات المتقدمة لا تشير عادةً إلى العملية الأساسية التي تتغير بها السلوكيات (أو الاستراتيجيات) في السكان. على العكس من ذلك، لا يحاول النهج الثاني تحديد مفهوم الاستقرار التطوري. بمجرد تحديد نموذج لديناميكيات السكان، يمكن تطبيق جميع مفاهيم الاستقرار القياسية المستخدمة في تحليل الأنظمة الديناميكية.

تزداد أهمية نظرية الألعاب التطورية مع مرور الوقت وأصبحت ذات أهمية قصوى لدى الاقتصاديين وعلماء الاجتماع وعلماء الأنثروبولوجيا وكذلك الفلاسفة. اهتمام علماء الاجتماع بها مثلًا مربوط بالتطور الذي عالجته نظرية الألعاب وليس من الضروري أن يكون تطورًا بيولوجيًا.

المصادر
Sciencedirect
Nature
Cousera

مفارقة إيكاروس، كيف يقتلك ما كان السبب في نجاحك؟

بالتأكيد العمل الدؤوب والاجتهاد هو الطريق للنجاح، ولكن ماذا لو كانت مسببات النجاح هي التي ستؤدي للفشل الذريع؟  هذا ما طرحه داني ميلر في كتابه مفارقة إيكاروس، ليوضح سبب سقوط الشركات الناشئة بعد فترة من النجاح والازدهار.

إيكاروس في الميثولوجيا الإغريقية:

تروي الأسطورة أن إيكاروس هو ابن ديدالوس، المعماري الذي بنى المتاهة التي احتوت وحش المينوتور “نصف انسان ونصف ثور” . وكان في جزيرة كريت التي حكمها الملك مينوس، وحُكِم على ديدالوس وابنه بالسجن في برجٍ في جزيرة كريت.

حاول إيكاروس وأبيه الهروب وذلك بصناعة أجنحة وتشكيلها من الشمع والريش. ولكن نبه ديدالوس ابنه بألا يطير عاليًا فيقترب من الشمس ويذوب الشمع في أجنحته، وألا يطير منخفضًا فيبتل الريش بالماء ويغرقه.

ولكن إيكاروس كان مزهوًا بأجنحته وفخورًا بحريته، فحلق عاليًا إلى أن اقترب من الشمس فأذابت الشمع وحرقت أجنحته، وهوى إلى البحر ومات غرقًا فيه.

مفارقة إيكاروس:

طرح داني ميلر في عام 1990 مفهوم مفارقة إيكاروس؛ موضحًا أن الشركات الناشئة التي تبالغ في ثقتها بقدراتها بعد نجاح مزدهر وسريع سيكون مصيرها مماثلًا لمصير إيكاروس، الفشل بسبب نفس العوامل التي أدت لنجاحها الباهر.

تؤدي العوامل المسببة في النجاح السابق؛ مثل استراتيجيات متبعة سابقًا عند استخدامها بشكل زائد عن حده إلى انخفاض المبيعات والأرباح إلى أن تصل للإفلاس.
ويحدث هذا عندما يتخذ المدراء نفس الأساليب أملًا في الحصول على نتائج مشابهة للنجاح القديم. وذلك لثقتهم العمياء فيها، وأحيانًا بسبب الغطرسة والثقة الزائدة بنجاحها.

عوامل فشل الشركات:

يقول ميلر إن انتصارات الماضي هي التي تخدع صناع القرار في الشركات وتدفعهم للإيمان بأنهم وصلوا لبر الأمان وحققوا النصر في مبيعاتهم، ويدفعهم ذلك إلى اتباع طرقهم التقليدية ذاتها، بسبب إيمانهم بأنها الطرق الناجحة كونها طرق مجربة.

عند توقع نتائج المشاريع المحفوفة بالمخاطر يقع المدراء في ما يسميه علماء النفس “مغالطة التخطيط”، ويتخذون قراراتهم بناءً على تفاؤل وهمي بدلًا من الحساب العقلاني للمخاطر والمكاسب المحتملة. ويسعون وراء أهداف غالبًا ما تفشل.

عبر الزمن، تركز الشركات على العامل الوحيد الذي ساعد في نجاحها، ولكن على حساب عوامل أخرى تهملها الشركات ولا تتكيف مع التطورات مثل وجود منافسين جدد، تغير الطلب المحلي، وجود تكنولوجيا جديدة.

أمثلة على مفارقة إيكاروس:

هناك أمثلة على ذلك أهمها شركة تيسكو بمحاولتها دخول السوق الأمريكية عام 2007. بالرغم من نجاحها البالغ في المملكة المتحدة، فشلت في دخول السوق الأمريكية وذلك لتطبيقها نفس الاستراتيجية المتبعة في المملكة المتحدة بدون مراعاة فروق العادات الاستهلاكية للمواطن الأمريكي. ما أدى لخسارات بالغة تقارب 1.8 مليار دولار وانخفاض أرباحها بمعدل 96%.

مقترحات ميلر:

يرى ميلر بضرورة تطوير المديرين لما يسميه “المرايا” أو القدرة على الوعي بالسلوك والتفكير الذاتي. ويؤكد على أهمية التطوير ومراجعة الاستراتيجيات خصيصًا التي مرّ زمن على العمل بها. بالإضافة لضرورة استخدام عدة مصادر من المعلومات عن المنافسين ومتطلبات السوق المحليّ، ومتابعة المنتجات المنافسة. حتى تتمكن الشركة من الصمود أمام تغيرات السوق يتوجب التغيير المستمر في الاستراتيجيات المتبعة للنجاح، حتى لا ينتهي بها الأمر مثل إيكاروس.

المصادر:






نموذج العوالم الثلاثة، ما سر اختفاء العالم الثاني؟

نموذج العوالم الثلاثة، ما سر اختفاء العالم الثاني؟


العالم الثالث مصطلح شائع التداول للإشارة للبلدان النامية، أو البلدان الأقل تطور. بالرغم من أن هذه المفاهيم تندرج تحتها فئة كبيرة من البلدان معظمها غير متجانسة لا من ناحية الثقافة ولا الاقتصاد.

تُعد هذه البلدان متخلفة بالقياس ببلدان العالم الأول. أو البلدان التي تتضمن الدول المتطورة ثقافيًا واقتصاديًا وتكنولوجيًا. وتتمثل في بلدان الغرب عمومًا، ولكن بالإضافة إلى إشكالات حصر عدد هائل من الدول تحت تصنيف واحد، نلاحظ غياب مفهوم “العالم الثاني”، فما سر اختفائه؟

نموذج العوالم الثلاثة:

أول من أشار لمفهوم العالم الثالث هو المؤرخ والديمغرافي الفرنسي “ألفريد سوفيه” في مقالٍ نشره عام 1952، وهي الحقبة التي تلت الحرب العالمية الثانية وظهرت فيها الحرب الباردة وهي حرب جيوسياسية نشبت عقب الحرب العالمية الثانية بين القطبين الأقوى وهما الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي، أو ما يعرف بالمعسكر الغربي “الرأسمالي”، والمعسكر الشرقي “الاشتراكي“.

وضح سوفيه أن دول العالم يمكن تقسيمها إلى ثلاث مجموعات كل منها يتميز بخصائص معينة، وهذه المجموعات هي:

– العالم الأول:

وهي الدول الرأسمالية، أو ما يشار إليه بالمعسكر الغربي، وتشمل الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها، وتتضمن دول أميركا الشمالية وأوروبا الغربية واليابان واستراليا. وتتميز هذه الدول باقتصاد رأسمالي.

 – العالم الثاني:

وتضمن هذا العالم الدول الاشتراكية متمثلة بالاتحاد السوفيتي وحلفائه. وتميزت باقتصاد مسبق التخطيط، وهي القوة الثانية الجبارة في الاقتصاد العالمي في مواجهة دول العالم الأول.

– العالم الثالث:

أشار سوفيه إلى الدول التي لم تنطبق عليها صفات دول العالم الأول أو الثاني اسم دول العالم الثالث. وجمع بذلك جميع الدول التي لم تتحالف مع المعسكر الشرقي أو الغربي وبقيت على الحياد. ووصف حالة هذه الدول بأنها شبيهة بحالة عامة الشعب قبيل الثورة الفرنسية.

بين النموذج والنظرية:

طور ماو زيدونغ نظرية “العوالم الثلاثة” بشكل مخالف لنموذج سوفيه في سبعينيات القرن العشرين. فتصنيفه لم يقسم العالم لدول تتبع المعسكر الغربي أو الشرقي فقط وإنما نظريته اقتصادية-سياسية.

العالم الأول في نظرية العوالم الثلاثة:

تضمنت الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد السوفيتي، كونها حسب مفهومه الدول الأكثر ثراءً والدول التي تملك السلاح النووي، وهي الدول الإمبريالية، والإمبريالية-الاشتراكية.

العالم الثاني:

ويشمل اليابان، وكندا، وأستراليا، وأوروبا، وهي بلدان لا تملك أسلحة نووية، لكنها تبقى أثرى من دول العالم الثالث، أي هي في الوسط بين الدول الأقوى والأضعف.

العالم الثالث ” الماويّ”:

يتضمن بلدان قارة أفريقيا، وأميركا اللاتينية، ومعظم قارة آسيا، وهي بلدان فقيرة مُستعمرة من قبل البلدان الأكثر قوةً وثراءًا.

انهيار الاتحاد السوفيتي واندثار مفهوم “العالم الثاني”

مع انهيار منظومة الاتحاد السوفيتي عام 1991 وانتهاء الحرب الباردة، أخذ مفهوم العالم الثاني بالتلاشي. بالرغم من أن مفهوم العالم الثاني يشير أحيانًا إلى بلدان مستقرة اقتصاديًا مقارنًة ببلدان العالم الثالث شديدة الفقر، وهنا نرى خلطًا في المفاهيم بين نظرية ماو زيدونغ ونموذج سوفيه. وفي الواقع ما زالت مصطلحات العالم الأول والثالث مستخدمة وشائعة جدًا بالرغم من اختفاء العالم الثاني.

ما وراء العالم الثالث:

لم ينتهِ العد عند العالم الثالث، إذ نشأت دول أكثر تخلفًا وشكلت هذه الدول العالم الرابع والخامس. وتشمل هاتين المجموعتين حسب الأمم المتحدة، البلدان الأقل تطورً والأشد فقرًا. وتتضمن المجتمعات البدائية أو القبائل التي تعيش بمعزل عن الحضر. بالإضافة إلى البلدان الأشد فقرًا والتي تتميز بنمو سكاني مرتفع وانخفاض في معدل الدخل القومي وارتفاع شديد في عدد الوفيات.

لنا أن نتساءل الآن، أين عالمنا العربي من هذه التصنيفات؟ في الوقع لا يوجد تصنيف واحد يوضح مجموعة غير متجانسة من البلدان، فكل بلد معين يتميز بخصائص جغرافية وسكانية واقتصادية واجتماعية وثقافية. وبالرغم من تشابه بلدين في جانب أو آخر إلا أنهما لا يتطابقان تمامًا. ونموذج العوالم أو حتى النظرية الماويّة تعجزان عن توضيح الفروقات بين بلدان العالم عن طريق حجزها في نطاقٍ ضيقٍ من الصفات والخصائص.

المصادر:

mometrix
tandfonline
investopedia
maoistwikia
investopedia
nationsonline
fifthworld

لماذا تزداد أعداد المتابعين على حسابات المؤثرين- influencers؟

لماذا تزداد أعداد المتابعين على حسابات المؤثرين

على مدار العقد الماضي شهد البشر أهمية وسائل التواصل الاجتماعي. ففي عام 2020 استخدم أكثر من 3.6 بليون شخص وسائل التواصل الاجتماعي في جميع أنحاء العالم، ومن المتوقع أن يرتفع هذا العدد إلى ما يقرب من 4.41 بليون شخص في عام 2025. ونتيجة هذا ظهر مؤخرًا فئة تُدعى ” المؤثرين- influencers”.

المؤثرون هم أشخاص قاموا بإنشاء حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي وعملوا على زيادة المتابعين لديهم حتى أصبح لديهم جمهور ضخم متحمس لمعرفة أخبارهم وحياتهم اليومية. وأصبح لديهم القدرة على التأثير في القرارات الخاصة بالمتابعين بسبب علاقتهم بهم، وفي بعض الأحيان يقلدهم العامة بشكل هستيري!
بالمقال التالي سنفهم سر هذا التقليد وما تأثير هؤلاء المؤثرون على الواقع:

ما هو التسويق عبر المؤثر- influencer marketing؟

التسويق عبر المؤثرين هو عبارة عن تعاون علامة تجارية معينة مع مؤثر عبر الإنترنت لتسويق أحد منتجاتها أو خدماتها.
ونرى هذا النوع من التسويق يوميًا بمقاطع فيديو أو قصص المشاهير ليسوقوا لمنتجات للبشرة أو الشعر أو أيًا كان المنتج. ومن الأمثلة المعروفة على التسويق عبر المؤثرين هو تعاون أحد مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي YouTube PewDiePie مع صانعي فيلم رعب تم تصويره في سراديب الموتى، حيث أنشأ سلسلة من مقاطع الفيديو التي خضع فيها لتحديات في سراديب الموتى. لقد كان محتوى مثاليًا لمتابعي PewDiePie والبالغ عددهم 27 مليونًا وحصل بعدها على ضعف عدد المشاهدات تقريبًا وأيضًا تم التسويق للفيلم بحرفية كبيرة وربح الجميع!

مواقع التواصل الاجتماعي الأكثر شهرة!

من المثير للاهتمام أن لكل فئة بشرية موقع تواصل اجتماعي معين تفضله عن الآخر، فمثلًا الإناث كن أكثر استخدامًا لموقع” Instagram” لمتابعة المؤثرين، بينما كان الذكور أكثر استخدامًا لموقع YouTube.
وباستطلاع رأي أجري عن عمر أغلب المتابعين للمؤثرين وجد أن: أغلب الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و 34 عامًا يفضلوا متابعة المؤثرين على “Facebook”. ويتابع الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 19 و 24 عامًا المؤثرين على “Instagram”. أما الأكبر سنًا من 35-61 عامًا لا يتبعون أي مؤثر.
وعند السؤال عن نوع المحتوى الذي يفضل المستخدمون تلقيه من المؤثرين. أجاب 33٪ ممن شملهم الاستطلاع “مقاطع فيديو اليومية التي تكون في قصص المؤثرين”. ويأتي ذلك نظرًا للنمو الهائل للقنوات سريعة الزوال مثل Snapchat و Instagram Stories.

ما الذي يجعل المستهلكين يثقون في المؤثرين؟

على عكس المشاهير، يمكن أن يكون المؤثر أي شخص بأي مكان، وما يجعلهم مشاهير هي كثرة المتابعين لا أكثر.
يمكن أن يكون المؤثر مصور أزياء شهيرًا على Instagram. أو مدونًا يقوم بالتغريد على موقع تويتر، أو مدير تسويق على LinkedIn. في أي صناعة هناك أشخاص مؤثرون سيكون لدى البعض مئات الآلاف (إن لم يكن الملايين) من المتابعين.

شئ بديهي أن ما يشد الشخص هو الشئ الذي يحبه، فتنجذب النساء بشكل أساسي إلى منتجات الملابس والعناية بالبشرة، وينجذب الرجال إلى الألعاب عبر الإنترنت، “الاهتمامات” هي السبب الرئيسي وراء متابعة المستهلكين للمؤثرين عبر الإنترنت.
لذا يعد التخصص في المحتوى أمر مهم لنجاحه. وباستطلاع رأي أشار 66٪ من المستجيبين إلى الحاجة بأن يكون المحتوى ذو صلة باهتماماتهم. وبالنسبة للنساء، أشار 44٪ من المستجيبين إلى أن رؤية المنتج / الخدمة قيد الاستخدام كسبب للثقة في مشاركة المؤثر، بينما استشهد الذكور بـ “الخبرة” على أنها الأكثر أهمية.
بالإضافة إلى ذلك يثق الشخص بالمؤثرين الذين لديهم متابعون أكثر، بالفطرة يثق البشر بالشئ الذي عليه إقبال أكبر، فكلما زاد المتابعون زادت ثقة الناس بالشخص.

اقرأ أيضًا: أشهر حيل تسوقية

لماذا تزداد أعداد المتابعين على حسابات المؤثرين- influencers؟

لدى المؤثرين بعض الحيل المستخدمة لجذب المتابعين والتي منها:

استخدام بعض الهاشتاغات– hashtags بصفة مستمرة للوصول إلى أشخاص جدد
تحسين صياغة السيرة الذاتية والملف الشخصي: يحرص المؤثرون بأن يكون الملف الشخصي والسيرة الذاتية واضحة وجذابة حتى يضغط المتابع على زر المتابعة
مشاركة محتوى جذاب: يمكن أن يشارك المؤثرين محتوى غريب أو شخصي لجذب المتابعين، حيث ينجذب بعض المتابعون لحياة الأشخاص الشخصية كنوع من الفضول أو المحتوى الغريب الغير مألوف. وهذا لا ينفي وجود محتوى هادف ومؤثر.
كتابة كلمات تزيد التفاعل مثل طرح الأسئلة والتي يقوم المتابعون بالإجابة عنها ومن ثم تزداد التفاعلات.
ترويج الحسابات
نشر المحتوى القابل لإعادة النشر والمشاركة
استخدام كلمات منتشرة في أسماء الحسابات للظهور في عمليات البحث بشكل أكبر

أما بالنسبة للعامة فيقلد الشباب والصغار أصدقائهم ويتابعون المؤثرين لأن صديقه رشح له ذلك، وقد يصل متابعة البعض المؤثرين إلى الهوس والإدمان! وذلك لحبهم الشديد للمؤثرين فنهجهم نهج المشاهير من الممثلين أو الفنانين لديهم متابعين ومعجبين.


الخاتمة


هناك جانب آخر لا يظهر على مواقع التواصل الاجتماعي من المؤثرين وهو عدم قول الحقيقة كاملة. مثلًا قد تشتري بعض الفتيات في منتجات عناية بالبشرة سوقتها مؤثرة لأن بشرة هذه المؤثرة تبدو جيدة، ولكن الحقيقة أن هذه المؤثرة تستخدم المكياج أو الإضاءة الجيدة لتكسب ثقة الفتيات وإغرائهم.


وينتج عن هذا تشويه لاحترام الذات بين الشابات فتشعر بعض الفتيات أن بعدم جاذبيتهم. الآن، أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي تجعل أكثر من نصف المستخدمين يشعرون بعدم كفاية. وفقًا لمسح شمل 1500 شخص من قبل مؤسسة Scope، يقول نصف الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و 34 عامًا إن ذلك يجعلهم يشعرون بعدم الجاذبية. اقترحت دراسة أجراها باحثون في جامعة ولاية بنسلفانيا عام 2016 أن مشاهدة صور السيلفي لأشخاص آخرين يقلل من احترام الذات لأن المستخدمين يقارنون أنفسهم بصور الأشخاص الذين يبدون أسعدهم. كما وجد بحث من جامعة ستراثكلايد وجامعة أوهايو وجامعة أيوا أن النساء يقارن أنفسهن سلبًا بالصور الذاتية لنساء أخريات.

مصادر لماذا تزداد أعداد المتابعين على حسابات المؤثرين:

1- psychology today

2- BBC

3- INSIDER

4- childmind

علم نفس التسويق | تعرف على أشهر 3 حيل تسويقية!

علم نفس التسويق مجال شيق وواسع. وهناك عدد من الأحداث في التاريخ التي أخفقت فيها طرق التسويق المعتادة، وأفلح فقط استخدام علم النفس لمعرفة ما يريده المستهلك حقًا. ربما تتساءل الآن، إذًا كيف بدأ الأمر؟

والإجابة هي: صندوق خليط الكعك الجاهز!

قصة خليط الكعك الجاهز

هل تساءلت يومًا عن تاريخ «خليط الكعك الجاهز-cake mix»؟ يبدو أن هذا الصندوق الصغير مر بالكثير من الأحداث المشوقة قبل أن يصل إلينا.

ظهرت فكرة خليط الكعك الجاهز خلال فترة الكساد الكبير في الولايات المتحدة. حيث توقف الناس عن خبز كعكاتهم لكثرة المكونات والخطوات، ولقلة الموارد بالطبع. نتيجة لنقص الطلب زادت كميات الطحين وفاضت، مما دفع أصحاب المطاحن إلى التفكير في وسيلة مبتكرة لبيعه. وهنا ظهرت فكرة خليط الكعك الجاهز.

ابتكر المصنعون وصفة من الطحين والدبس المجفف والبيض المجفف، وما على ربة المنزل سوى إضافة بعض الماء والاستمتاع بكعكة لذيذة. توقع المصنعون نجاحًا باهرًا، لأن الخطوات بسيطة وغير مكلفة أبدًا. زادت المبيعات بالفعل واشترى الناس خليط الكعك الجاهز، لكن استقرت الأرقام بعد فترة ولم يصل المنتج لأي شخص جديد.

قرر أصحاب المصانع تقصي الأمر، لما لم تحب المزيد من ربات البيوت هذا المنتج؟ ما العائق؟ وكيف نتخطاه؟

حل عبقري

هنا جاء دور علم النفس. ظهر عالم النفس النمساوي «إرنست ديكتر-ernest dichter» لينقذ خليط الكعك الجاهز. توصل ديكتر إلى العائق الذي منع ربات البيوت من استخدام الخليط الجاهز، وهو “الشعور بالذنب”. توقفت السيدات عن استخدام الخليط الجاهز لأنهن شعرن بالذنب، لقلة المجهود الذي يتطلبه الأمر. فلم يشعرن أنه خَبزٌ حقيقي من أجل العائلة، ولم يشعرن باستحقاق المديح.

هنا جاء ديكتر بفكرة عبقرية وهي: إضافة البيض!

كان الشعور بالذنب هو العائق الذي يقف في طريق هذا المنتج، لذا استخدم ديكتر حيلة نفسية بارعة. تسمح للسيدات بالشعور بالمزيد من المشاركة الحقيقية، على عكس خليط الكعك الأصلي، شعرت ربات البيوت أنهن يقمن بطهو حقيقي عند كسر البيض وصنع الخليط وبالتالي قل شعورهن بالذنب.

تضاعفت المبيعات بعد هذا التعديل البسيط، ومثّل نقطة الانطلاق في تاريخ خليط الكعك الجاهز. حتى صار منتجًا معتادًا في أغلب بيوت العالم اليوم.

شهرة علم نفس التسويق

لماذا أقص هذه القصة؟

أقص هذه القصة لأن تعديل ديكتر البسيط لم يؤثر على مبيعات المنتج وحسب، وإنما فتح بابًا جديدًا يُوظَف فيه علم النفس في استراتيجيات التسويق، توظيفًا يلعب على تحيزاتنا ومشاعرنا وأفكارنا لتحقيق أعلى المبيعات. لذا إن كنت صاحب مشروع أو متسوق متهور توشك بطاقته الائتمانية على الإفلاس، دعنا نتعرف على بعض مفاهيم علم النفس المستخدمة في عالم التسويق اليوم.

تأثير الشَرّك

التسويق علم واسع وكبير، ولا داعي لذكر الهدف الأهم المرجو منه وهو تحقيق أعلى المبيعات. لا يمكن تحقيق هذه المبيعات المرتفعة دون التلاعب بالأسعار، ودفع المشترين بشتى الطرق إلى شراء المنتج المستهدف.

«تأثير الشرك-Decoy Effect» أحد الوسائل التي يستخدمها المسوقون للتلاعب بالأسعار. ويحدث عندما يُعرِض المستهلك عن اختيار ما ويختار الآخر، ذلك عند مقارنتهما باختيار ثالث مختلف. هذا الاختيار الثالث هو “الفخ” أو الشرك الذي يضعه خبراء التسويق ليدفع المستهلكون في اتجاه المنتج المستهدف.

مثال: عرضت إحدى الصحف خيارين لباقات الاشتراك الشهرية بها.

  1. اشتراك إلكتروني: 59$
  2. اشتراك إلكتروني ومطبوع: 125$

أسفرت النتائج عن اختيار النسبة الأكبر من المشاركين الخيار الالكتروني الأقل تكلفة. أما عند القيام بتعديل بسيط ومنح المشاركين ثلاثة خيارت:

  1. اشترك إلكتروني: 59$
  2. اشتراك مطبوع: 125$
  3. اشتراك إلكتروني ومطبوع: 125$

اختارت النسبة الأكبر من المشاركين الخيار الثالث الأعلى تكلفة. ونلاحظ أنه كان الخيار المستهدف منذ البداية لأنه يعود بالفائدة الأعلى على الصحيفة.

يمثل الخيار الأوسط هنا الفخ أو الشرك، الذي يجعل الخيار الثالث يبدو أكثر فائدة ومنطقية. ويجعل المستهلك يتساءل لماذا يختار الخيار الثاني بينما يمكنه دفع نفس السعر والحصول على نسخة مطبوعة؟

يلعب هذا التأثير بشكل أساسي على مشاعر المستهلك. يشعر المستهلك بالقلق وعدم القدرة على اتخاذ القرار عند عرض عدة خيارات (الظاهرة التي عرفها علماء النفس بإشكالية اتخاذ القرار). ويلجأ إلى تبسيط خياراته وعقد مقارنة بينها تبعًا لعوامل أساسية مثل السعر والجودة على سبيل المثال.

هنا يأتي دور تأثير الشرك، حيث يستخدمه المسوق الماهر لدفع المستهلك في اتجاه المنتج المستهدف (المنتج الذي يبدو للمستهلك أنه الأجود والأفضل سعرًا).

كره الخسارة

يخبرنا علم النفس أن مشاعر الخسارة السلبية أشد بأضعاف من مشاعر الكسب الإيجابية. من هنا يأتي مفهوم «كره الخسارة-Loss Aversion» وهو تحيز معرفي يشير إلى تفضيل البشر الخيار الآمن، فيفضلون تجنب الخسارة على احتمالية الكسب.

مثال: المشاعر السلبية المرتبطة بخسارة 20$ أشد من المشاعر الإيجابية المرتبطة بكسب 20$!

يعد هذا المفهوم إحدى حيل علم النفس المنتشرة في عالم التسويق. ويستغله المسوقون عن طريق عرض منتجاتهم بالشكل الذي يدفع المستهلك لشرائها، الشكل الذي يُشعر المستهلك أنه يخسر/يضيع فرصة ما إذا أعرض عن الشراء. ذلك باستخدام عبارات مثل:

  • اشترِ الآن
  • اشترك الآن
  • جرب الآن
  • احصل عليه الآن

يرتبط بتلك الوسيلة التسويقية مبدأ آخر، هو مبدأ النُدرة الذي يغذي شعور كره الخسارة ويساهم في اتخاذ قرارات شراء متسرعة. ويظهر في: الحسومات لفترة محدودة، أو المنتجات محدودة الإصدار.

تأثير الألفة

“البعيد عن العين بعيد عن القلب”

يخفي هذا المثل الشعبي الشهير أحد مفاهيم علم النفس وهو تأثير الألفة. كلما رأيت شيئًا ما مرارًا وتكرارًا، اعتدته وازداد تعلقك به.

يستخدم خبراء التسويق هذا المفهوم لزيادة شعبية منتجاتهم، عن طريق الدعاية المتكررة، واستخدام المنصات الالكترونية المختلفة لخلق حملة ترويج مستمر. يخلق هذا التعرض المنتظم لنفس المنتج نوعًا من الاعتياد والألفة الذي سرعان ما يتحول إلى إعجاب بالمنتج.

مثال: تأتي شركات الملابس أحيانًا بأغرب الصيحات التي ينفر منها الكثير. لكن بمرور الوقت وزيادة الانتشار تجد أغلب الناس يعتادونها ويبدأون بشرائها. هنا يظهر تأثير الألفة.

خاتمة

تعرفنا اليوم على ثلاث من مفاهيم علم النفس التسويق. وبالطبع لا يقتصر الأمر عليهم وحسب، بل يستخدم خبراء التسويق وعلماء النفس عشرات المفاهيم يوميًا لدفعنا بطرق بسيطة وخفية إلى المزيد من الشراء. أنت تقرر إذا كان هذا الأمر نافعًا أم ضارًا. لكن ما لا يمكننا الاختلاف عليه هو أنه ذكي للغاية ومثير للاهتمام!

المصادر

ريادة الأعمال موضة أم مجال!

لمسايرة الموجة الصاخبة، يتجه معظم الشباب اليوم ليكون رائدًا. فكل من جاءته فكرة مشروع؛ يعتقد أنه من السهل تنفيذها !
ولكن ريادة الأعمال ليست بهذه السهولة كما يعتقد البعض؛ فلذلك دعنا نخوض في بعض التفاصيل المتعلقة بهذا مجال.

مفهوم ريادة الأعمال

ريادة الأعمال: هي تأسيس عمل تجاري قائمًا على فكرة مدروسة، والقدرة على إدارته وتنظيمه مع تحمل مخاطره؛ لسد الفجوة في متطلبات السوق عن طريق إيجاد حل مبتكر مما يساعد في تغيير المجتمع وتطوره.

أنواعها

  • ريادة الأعمال الصغيرة: هي أكثر الأنواع انتشارًا ولا تحقق أرباحًا هائلة؛ لأنها بالكاد تلبي احتياجات الأسرة ومصروفاتها. بالإضافة إلى أنه يقوم بتعيين معظم الموظفين من الأقارب وأفراد العائلة.
  • ريادة الأعمال الكبيرة: ذلك النوع الأكثر كفاءة، حيث يسعى رائدها لابتكار الحلول التي تحتاج للتطوير دائمًا؛ فيبذل قصارى جهده ليعاصر ذلك التطور. وقد تتحول للأعمال الصغيرة إلى لأعمال كبيرة.
  • الريادة الاجتماعية: ذلك النوع الذي لا يركض رائده وراء الثروة، بل يسعى لتطوير المجتمع؛ فيحاول أن يجد حلول للمشاكل الموجودة في البيئة والمجتمع. وقد تكون منظمات غير ربحية أو شركات، ولكن في النهاية هدف كليهما جعل العالم أفضل.

5 فوائد لريادة الأعمال

  1. تحسين النمو الاقتصادي: إضافة عمل جديد -وإن كان صغيرًا- يؤثر على النمو الاقتصادي للدولة؛ حيث يوفر فرص عمل مما يقلل نسبة البطالة، يساهم مستثمرين من جميع أنحاء العالم مما يساعد على تبادل العملات، ويعمل على ارتفاع مستوى المعيشة للأفراد.
  2. إلهام الآخرين: بسبب بصمة المميزة التي يصنعها رواد الأعمال المميزة في إيجاد حلول مبتكرة للمشكلات؛ يجعل الأمر لامعًا في أعين الآخرين. فعندما يتم نشر قصة نجاح رائد أعمال يشجع المترددين على التقدم وأخذ الخطوة للبدء في مشاريعهم الخاصة.
  3. إضافة الابتكار: لكل رائد أعمال بصمته الخاصة في ابتكار حلول مختلفة لسد فجوات السوق، والذي يرسخ فكرة الابتكار. فيساعد على تقدم الدولة وتطورها.
  4. إحداث الثورة: غالبًا يكون للتكنولوجيا دور فعال في إحداث تلك الثورات، مما يساعد رواد الأعمال على الابتكار. وعلى سبيل المثال: ثورة الهواتف المحمولة التي أحدثت ضجة؛ مكنتنا من التواصل عن بعد بتلك السرعة والسهولة.
  5. تنمية المجتمع: بالإضافة لتوفير فرص العمل وبالتالي يحسن من مستوى المعيشة، أيضًا تبرعات وإساهامات رواد العمل تساعد على زيادة الرقي ورفع مستوى المعيشة؛ مما يؤدي إلى تقليل الفرق بين المستويات الاجتماعية.

وبعد عرض بعض التفاصيل عن ريادة الأعمال، تأكد قبل البدء في تأسيس عملك بأن ذلك يحقق لك ذاتك. فتحقيق الذات من أكبر دوافع الاستمرار التي تساعد لتجديد الشغف عند وجود بعض العقبات في الرحلة.


ولمزيد من المعلومات يمكنك قراءة: هل الشركات الناشئة والشركات الصغيرة وجهان لعملة واحدة.

المصادر:

هل الشركات الناشئة والشركات الصغيرة وجهان لعملة واحدة؟

يوجد تضارب مفاهيم لدى معظم الأشخاص بأن الشركات الناشئة -“startup”- بداية الشركات الصغيرة والمتوسطة؛ لذلك دعنا نتعرف على حقيقة الأمر.

ماهي الشركات الناشئة؟

الشركة الناشئة: هي شركة حديثة يؤسسها شخص أو أكثر، تعمل على إيجاد حل لمشكلة، وتتميز بالنمو وتطور نموذج العمل.[1]

الفرق بين الشركات الناشئة والصغيرة

  • الشركات الناشئة هي شركات مؤقتة؛ فتسعى للتطوير من نموذج العمل لتتمكن من السيطرة على السوق. بينما الشركات الصغيرة تسعى للبقاء في منافسة السوق.
  • الشركات الناشئة لا تصل إلى الربح بشكل سريع؛ لأنها تبحث عن نموذج عمل مثالي لتحقيق هدفها. بينما الشركات الصغيرة لا تسعى للسيطرة، إنما تسعى للربح بكفاءة.
  • احتمال نجاح نموذج عمل الشركة الناشئة ليس مؤكد؛ فيلجأ مؤسسو الشركات الناشئة للتمويل عن طريق المستثمرين أو شركات الاستثمار. بينما الشركات الصغيرة تلجأ للقروض؛ لأنها تعتمد على نموذج عمل مؤكد.[2]،[3]

كيفية البدء في إنشاء شركة ناشئة

يعتمد الأمر على بعض الخطوات لتقليل نسبة الوقوع في أخطاء، وهي:

  • حدد مشكلة عملائك: ليست الصعوبة في إيجاد حل، إنما بفهم عميق للمشكلة مما يسهل عليك إيجاد حلول مبتكرة.
  • عمل بحث: لا يكون البحث عن المنافسين فقط، بل البحث عن آراء العملاء في حلول المنافسين، وعن قصور تلك الحلول؛ مما يساعدك لخلق ميزة تنافسية.
  • الاستفسار من الخبراء: الاستعانة بالخبراء يساعدك على إيجاد أجوبة على كل الاستفهامات التي تدور في رأسك؛ مما يجعلك تتفادى بعض الأخطاء بسبب فهم خاطئ.
  • وضوح فكرة المنتج: قبل العمل على إنشاء المنتج يجب أن تكون فكرته واضحة؛ لأنك سوف تخبرعملائك كيف سيصبح المنتج عندما يتم طرحه فعليًا.
  • إيجاد العملاء المختبرين: هم عملائك المتبنيين الذين يسعون لتجربة منتجك قبل طرحه بشكل فعلي؛ والذين يساعدونك في تحسين الجودة.
  • طرح نماذج من المنتج: والذي يُسمى بالحد الأدنى من المنتج القابل للتطبيق؛ فيقوم العملاء المختبرين بتجربته. فإذا كنت تقوم بإنتاج الكعك، قم بطرح نماذج مصغرة من الكعكات لمعرفة انطباع الجمهور؛ وعلى أساسه ستحسن المكونات ليصبح بالمذاق الأمثل.
  • اكتساب عملاء جدد: يتم تجربة نماذج المنتج على العملاء المختبرين الذين في الغالب يكونون من دائرة الأقارب أو الأصدقاء، ولكن الرأي الأكثر نفعًا يكون رأي العملاء الغرباء(جدد). ويمكنك اكتساب العملاء الجدد من خلال:
    1. تنظيم إعلان بشكل منسق على الفيسبوك.
    2. التأكد من نجاح التحويل عند الضغط على الإعلان إلى الموقع الإلكتروني.
    3. اختيار السعر المناسب.
  • تحديد وعد العلامة التجارية: هي القيمة أو الفائدة التي ستضاف للعملاء من المنتج، وإذا لم يتم تحقيق هذه القيمة وإيصالها بالشكل الأمثل سوف تفقد ثقة العملاء.
  • الاهتمام برأي العملاء: خدمة العملاء لا تقتصر على إتمام عملية البيع وحسب، إنما بمعرفة رأي العملاء الذي يساعد في تحسين الجودة وتطوير المنتج بشكل أفضل.
  • المراجعة والتقييم: بعد هذه العملية الطويلة يلزم مراجعة وتقييم النتائج؛ لتقرر إذا كان المنتج ونموذج العمل يحتاجان للتطوير أم لا.[4]

بعض الأخطاء الشائعة التي تواجه الشركات الناشئة

يوجد أخطاء شائعة يقع فيها مؤسسو الشركات الناشئة؛ والتي بدورها السلبي تؤدي إلى فشل الشركة الناشئة أو تحقيق نتائج أقل من المطلوبة، منها:

  • تعيين أشخاص غير مناسبين: بسبب تطور وسائل التواصل؛ التقدم للوظائف عبر الانترنت أصبح سريعًا، يعتمد البعض على كفاءة الأشخاص من خلال استمارة التقديم دون إجراء مقابلة شخصية للتأكد من كفائتهم.
  • اختيار الفئة المستهدفة بشكل غير دقيق: لا يمكنك إرضاء جميع الفئات؛ لذلك يجب توجيه المنتج أو الخدمة لفئة محددة؛ لتفادي التشتت وعدم تحقيق النتائج المطلوبة.
  • البحث غير عميق: الكثير من رواد الأعمال لا يهتمون بالبحث العميق؛ مما يسبب عدم معرفة الاحتياجات الحقيقية أو تحديد ميزة تنافسية موجودة بالفعل لدى أحد المنافسين.
  • عدم وجود خبرة: الكثير من الشباب اليوم يسعى ليكون لقبه “رائد أعمال”، مع تجاهل أهمية وجود خبرة كافية للإدارة وفهم احتياجات السوق.
  • التسويق غير فعال: يرجع ذلك لاعتقاد البعض أنه كلما زادت ميزانية التسويق والإعلانات كلما زاد الربح؛ مع تجاهل أهمية كفاءة وتأثير تلك الإعلانات.
  • كثرة المنافسين: هناك الكثير من أصحاب الأفكار للمشاريع، وفي ازدياد كل يوم بسبب الابتكار والتطور؛ فيجب أن تكون فكرة مشروعك مدروسة جيدًا حتى تتمكن من التواجد ضمن هذه المنافسة.[5]،[6]

وفي النهاية قبل اتخاذ خطواتك نحو إنشاء مشروعك تأكد من قدرتك الإدارية، وأنك على قدر كافٍ من المسئولية لتحمل عواقب الأخطاء.

المصادر

ما هي الميزة النسبية ؟

حانت فترة نهاية الدورة الدراسية، ما يعني فتره مشاريع نهاية الدورة، بينما أنت مشغول (ة) بالمذاكرة للامتحانات النهائية، تذكر(ي) أنه تبقى يومان لمشروع نهائي لأحد المواد. نظرا لضيق الوقت، عليكما تبني استراتيجية تمكنكما من الخروج من هذا المأزق، يتكون المشروع من جزأين. الجزء الأول يتضمن كتابة خمس مقالات، و جزء آخر يتضمن صنع فيديوهات. تستطيع انت كتابة مقال واحد في ساعتين بينما صنع الفيديو يأخذ أربع ساعات من وقتك. أما صديقك فتستغرق كتابة المقال منه 12 ساعة، بينما يستغرق صنع الفيديو ساعات. كيف ستقسمان العمل بينكما لإكمال المشروع في الوقت المحدد؟ يمكن حل هذه المشكلة بالتعرف على نظرية الميزة النسبية.

مبدأ التخصص 

ينص مبدأ التخصص في علم الاقتصاد على أنه من المفيد لطرف أن يتخصص ويتاجر في منتج محدد أكثر من تعميم وتوزيع مجهوداته لإنتاج منتوجات أخرى حتى وان كان الأفضل في إنتاج كل هذه المنتجات بين الأطراف الأخرى.

لنأخذ على سبيل المثال الولايات المتحدة و الصين. نفترض أن الولايات المتحدة تستطيع إنتاج 50 كيلوغراما من القمح أو 100 كيلوغرام من الذرة في اليوم الواحد. نفترض أيضا أن الصين تستطيع إنتاج 25 كيلوغرام من القمح أو 5 كيلوغرامات من الذرة. سيكون أفضل للولايات المتحدة التخصص في إنتاج القمح. بينما من الأفضل للصين التخصص في إنتاج الذرة على الرغم من كون الولايات المتحدة الأفضل في إنتاج الاثنين. هذا راجع إلى مفهوم الميزة النسبية.

الميزة النسبية

يعتمد هذا المبدأ على مبدأ تكلفة الفرصة الذي يمكن الاطلاع عليه في هذا المقال. نتكلم عن الميزة النسبية حين يكون لطرف ما (شركة، بلد) مصلحة أكثر في إنتاج (المنتوج أ) من (المنتوج ب). تقوم هذه المقارنة بين المنتجات على مبدأ تكلفة الفرصة. كما ذكر في المقال المشار إليه أعلاه، تمثل تكلفة فرصة (المنتوج أ) في عدد المنتوجات ب التي يمكن صنعها باستعمال نفس الموارد المستعملة لإنتاج المنتوج أ. بطريقة أخرى، تمثل ما سيتم التضحية به من المنتوج ب لصنع المنتوج أ.

إذا عدنا إلى مثال الولايات المتحدة و الصين، إذا قامت الولايات المتحدة بإنتاج القمح فقط، تكون تكلفة الفرصة لإنتاج كيلوغرام من القمح هي كيلوغرامين من الذرة. و من أجل كيلوغرام من الذرة، على الولايات المتحدة التضحية بنصف كيلو من القمح.

بالنسبة للصين، تكون تكلفة الفرصة لإنتاج كيلوغرام واحد من الذرة 5 كيلوغرام من القمح. إذن للولايات المتحدة ميزة نسبية في إنتاج الذرة لأن تكلفة فرصتها أقل من تكلفة الفرصة للقمح. على نفس المنوال، تكون للصين ميزة نسبية في إنتاج القمح.

لنطبق نفس المنهاج على مثال مشروع نهاية السنة. تكون تكلفة الفرصة لعملك على فيديو واحد هي مقالين، بينما تكلفة الفرصة لعمل صديقك على مقال واحد هي اثنين من الفيديوهات. بالتالي، لك ميزة نسبية في العمل على المقالات، و لصديقك ميزة نسبية في العمل على الفيديوهات.

المصادر:

Econport

Crash Course

ما هو التحليل الهامشي؟

قمت بشراء دراجه نارية لكنك ندمت على شرائها بعد وقت جد قصير ولن تستعملها أبداً، فهي لا تناسبك. هل ستقوم ببيع الدراجة النارية بثمن أقل بكثير من الذي اشتريتها به؟ أم ستقوم بإبقائها في المرآب بحجة أنك قد أخطأت مرة واحده فلا داعي لارتكاب خطأ آخروبيعها بسعر أقل بكثير؟ من وجهه نظر علم الاقتصاد تعد الحجة الأخيرة واهية لأنها لا تحترم مبدأ الفائدة والتكلفة. للإشارة إلى نقطه ضعف هذه الحجة يستعمل علم الاقتصاد «التحليل الهامشي-Marginal Analysis»، و هو موضوع هذا المقال.

«الفائض الاقتصادي-Economic Surplus»

قبل التعرف على التحليل الهامشي، لا بد من التعرف على الفائض الاقتصادي.

الفائض الاقتصادي هو طرح «التكلفة الإضافية -Incremental Cost» سواء كانت «صريحة-Explicit» أو «ضمنية-Implicit» من «الفائدة الإضافية -Incremental Benefit». لكن ما معنى التكلفة الإضافية الصريحة والتكلفة الإضافية الضمنية؟ التكلفة الإضافية الصريحة هي أي تكلفه يمكن التعبيرعن قيمتها مالياً، أي يكون مصدر هذه التكلفة عبارة عن عملية تجارية يتم فيها دفع المال. من جهه أخرى تعبر التكلفة الصريحة عن الشيء الذي يُضحى به، ولكن لا يدفع من أجله المال، كالوقت مثلاً.

يجب على القرارات الاقتصادية أن تسعى إلى إكثار الفائض وذلك بإكثار الفوائد وتقليل التكاليف. أي يجب تقليل تكلفة الفرصة. إذاً يُمكننا الفائض الاقتصادي من ملاحظة مساهمة تكلفة الفرصة في تحديد ما إذا تم استغلال الموارد بطريقه فعالة.

كمثال على الفائض الاقتصادي: تم عرض فرصه عمل عليك في مدينه أخرى براتب شهري يقدر بـ $250، بينما يبلغ راتبك الحالي$200. من جهه أخرى، تبلغ تكلفه السكن $100 في مدينتك الحالية بينما تبلغ $120 في المدينة الجديدة. ما هو الاختيار العقلاني؟ في هذه الحالة نستعمل صيغه الفائدة الاقتصادية مع اعتبار أن الراتب هو الفائدة الإضافية وأن تكلفة السكن هي التكلفة الإضافية. إذاً يكون الفائض الاقتصادي للعمل في المدينة الأخرى $130 = $120 – $250, بينما الفائض الاقتصادي في العمل الحالي هو: $100=$100-$200. بذلك ستوفر $30 إضافية.

لكن تصور أنك توفر فقط $5 إذا انتقلت إلى للمدينة الأخرى؟ هل ستذهب للمدينة الأخرى؟ حسب الفائض الاقتصادي نعم رغم أنك تتقاضى $200 في الأصل. فعند الاعتماد على الفائض الاقتصادي، يجب الانتباه إلى القيم المطلقة فقط و هي $5 الزائدة، و ليس نسبة $5 ل $200.

التحليل الهامشي

يعتبر التحليل الهامشي واحد من أهم التقنيات لتحديد مدى فعاليه قرار ما. من بين مفاهيم تحليل الهامشي نجد مفهوم هامش الربح و الذي يشير إلى قيمة التغيير في الربح الكلي إثر القيام بخطوة إضافية. على سبيل المثال تصور أنك تبيع 15 قلماً بـ $29 ، بينما تبيع 17 قلماً ب $33، إذن هامش الربح لبيع قلم واحد هو 2 /(29 – 33) و هي دولارين.

تصور أن تكلفة صنع 15 قلماً تقدر ب $25 دولار، بينما تقدر تكلفة 17 قلماً ب $18.إذاً هامش التكلفة يقدر ب 2 / (15 – 17) وهو دولار واحد للقلم الواحد. إذن هل يعتبر بيع 17 قلما عوض 15 قرارا صائبا؟ باستعمال مبدأ الفائدة والتكلفة سيكون القرار صائباً إذا كان هامش الربح أكبر من هامش التكلفة. في هذه الحالة يكون صنع وبيع 17 قلم هو القرار الأمثل.

إذا عدنا إلى المثال الأول للدراجه النارية، نرى أن الربح الهامشي لبيع الدراجة النارية هو سعر بيعها مهما كان هذا الثمن، بينما تكون التكلفة الهامشية صفراً. من جهة أخرى، نرى أن الربح الهامشي لإبقاء الدرجة النارية هو صفر لأنك ندمت على شراءها فلن تستعملها، بينما تتجلى التكلفة الهامشية لإبقائها على المكان الذي تأخذه في المرآب (لاحظ هنا أن التكلفة ضمنية و غير صريحة)، باستعمال مبدأ الفائدة و التكلفة، يكون بيع الدراجة النارية هو القرار الصائب.

المصادر:

Edx

Oxy

ما هو الاقتصاد الجزئي؟

لابد انك مررت بموقف عجزت فيه عن اتخاذ القرار الأنسب. من الأمثلة على هذه المواقف الحيرة عند شراء هاتف جديد نظرا لتعدد الهواتف بشتى الأنواع والأشكال. تبقى حائرا في اختيار النوع المناسب لك، لاحتياجاتك ولمصروفك. في الحقيقة، يوجد علم اجتماعي يهتم فقط بدراسه اتخاذ القرارات ألا وهو علم الاقتصاد والذي سنتطرق إليه بالتفصيل.

من بين فروع الاقتصاد نجد «الاقتصاد الجزئي-Microeconomics» الذي يمثل محل اهتمام هذا المقال.

ما هو الاقتصاد الجزئي وما الفرق بينه وبين «الاقتصاد الكلي-Macroeconomics»؟

يدرس الاقتصاد الجزئي أساسيات اتخاذ القرار أو القرارات المثلى مع الحرص على استغلال الموارد المتوفرة قدر المستطاع. كما يدرس الاقتصاد الجزئي مدى تأثير السياسة العامه على الأسواق إيجابيا أو سلبيا.

يتمثل الاختلاف بين الاقتصاد الجزئي والكلي في كون الكلي مهتم اكثر بتدخل الاقتصاد بشؤون الدولة و السياسة، كما يستعمل مفاهيم الاقتصاد لدراسة نطاقات واسعة كالشعوب والدول بدلا من الشركات و الأسواق، من بين المفاهيم المرتبطة بالاقتصاد الكلي نجد الناتج المحلي الإجمالي وسعر الفائدة.

«مبدأ الندرة-Scarcity Principle»

أول مبدأ سنتطرق إليه هو مبدأ الندرة، تكون الموارد نادرة حين يكون الطلب عليها اكثر من عرضها. ينص مبدأ الندرة على أن الموارد تكون غالبا نادرة بالمقارنة مع احتياجنا لهذه الموارد. بما أن الموارد نادرة علينا أن نختار بين هذه الموارد فليس بالإمكان الحيازة عليها كلها. إذن في غالب الأحيان يكون علينا التضحية بشيء من أجل الحصول على شيء آخر. تكمن أهمية هذا المبدأ في تطبيقاته في الحياة العامة. فعلى المستهلك من جهه الاختيار بين ما سيشتري من المنتوجات، وذلك لندرة المال الذي يملكه على سبيل المثال، وتتمثل التضحية التي يقوم بها في عدم اشتراء بعض المنتوجات الأخرى رغم رغبته فيها. نجد هذا المبدأ أيضا في طريقة تدبير الحكومات للأموال، وكيفيه توزيعها على مختلف القطاعات.

«تكلفه الفرصة-Opportunity Cost»

تعتبر تكلفه الفرصة مفهوما اقتصاديا يساعد على اتخاذ القرار الأمثل، ويقوم على مبدأ “ما لم يتم اختياره”. بطريقه أخرى لمعرفه تكلفه الفرصة لقرار ما، يكفي أن تسأل/ي نفسك/ي ما هي قيمه القرار الآخر الذي لم أتخده؟ وما قيمه التضحيات التي قمت بها عند اتخاذ هذا القرار؟ على سبيل المثال، تخيل انك في محل لبيع الكعك، ومعك دولار واحد. بالدولار الواحد قد تشتري ثلاث فطائر أو كعكة الجبن. ما هي تكلفه الفرصة لشراء كعكه الجبن؟ لنطرح السؤال بطريقه أخرى، بماذا ستضحي إن اخترت كعكة الجبن؟ إذن تكلفة فرصه كعكه الجبن هي الفطائر الثلاث.

«مبدأ التكلفة و الفائدة-Cost-Benefit Principle»

حين اتخاذ أي قرار لابد من ذكر التكلفة الإضافية والفائدة الإضافية لهذا القرار. يقوم مبدأ التكلفة والفائدة على اختيار القرارات التي تؤدي إلى فائدة إضافيه أكثر من أو تساوي التكلفة الإضافية. وهذا راجع إلى ندرة الموارد التي تطرقنا إليها في مبدأ الندرة

وأخيرا لابد انك بدأت التفكير في استعمال هذه المبادئ في حياتك العامه فالحياه مليئه بالمواقف التي تتطلب اتخاذ القرارات: شراء هاتف جديد، اختيار الشعبة الدراسية بداية مشروع ما وغيرها. ترقب/ي المزيد عن الاقتصاد الجزئي في المقال القادم.

المصادر:

Edx

أحد أشهر تطبيقات نظرية الألعاب، لم حازت مساهمات تطوير نظرية المزاد على نوبل للاقتصاد 2020؟

أحد أشهر تطبيقات نظرية الألعاب، لم حازت مساهمات تطوير نظرية المزاد على نوبل للاقتصاد 2020؟

من المشاهد المألوفة لدينا، هي المعارض الانجليزية أو الأوروبية عموماً التي يحضرها رجال أنيقون ونساء ارستقراطيات بقبعات مائلة، لتعرض لوحة لفنان شهير أو أحد مقتنيات المشاهير أو تحف. وتبدأ المزايدة بسعر وتتبعه صيحات بأسعار أعلى حتى يربح العرض صاحب أعلى سعر وذلك بعد أن يختتم المسؤول عن المزاد ب “1، 2، 3” وإن لم يقاطعه أحد بسعر أعلى، يُقفل المزاد.

من جهة ثانية، إن كان في الدولة بعض الفاسدين والمرتشين من أصحاب المهن العليا كالقضاة، فإن الرشاوي يمكن أن تغير مسار العدالة وتتبع صاحب الرشوة الأعلى، فبوجود طرفين في المحكمة، قد يرشي كلاهما القاضي ولكن لا علم لأي منهما بالمبلغ الذي سيدفعه الآخر، وفي النهاية، سينهي القاضي القضية لصاحب الرشوة الأعلى.

كيف يرتبط المشهدان السابقان المألوفان، وكثير من الخطوط العريضة الأخرى في حياتنا اليومية، بنظرية المزادات، التي منح لتحسينها وابتكار أشكال جديدة لها بول ميلجروم وروبرت ويلسون جائزة نوبل للاقتصاد لسنة 2020. لنر معاً أهمية تلك النظرية وأسباب منحهما الجائزة.

نظرية المزاد في سطور

لمعرفة لم حظيت مساهمات ميلجروم وويلسون في نظرية المزاد بجائزة نوبل للاقتصاد 2020، يجب أولاً فهم ما نعني بهذه النظرية وما مدى تأثيرها على حياتنا.

عند عرض مادة/سلعة ما (an object) للمزاد، يكون ناتج هذا المزاد معتمداً على ثلاثة عوامل رئيسية:

الأول هو قوانين المزاد، ونعني بذلك هل عرض المزاد بالظروف المفتوحة (أسعار مكشوفة) أم المغلقة؟ وهل يسمح أن يتقدم المشاركون بأكثر من مرة للمزاد أم مرة واحدة؟ وما السعر الذي يدفعه الفائز – هل يدفع السعر الذي فاز به أم ثاني أعلى سعر؟ يجب هنا ألا يختلط عليك الأمر بين كلمتي “مزاد” و”مناقصة”، إذ أن المناقصة هي أحد أشكال المزاد.

العامل الثاني يتمثل في ما هو المعروض للمزاد، فهل تختلف قيمته بين المزايدين أم أنه ذو قيمة واحدة؟

والعامل الثالث هو عدم اليقين، أو مدى معرفة المزايدين بقيمة الشيء المعروض للمزاد.

إن استيفاء المزاد وتحديده للعوامل الثلاث السابقة تحدده نظرية المزاد، وهذا ما يؤثر على استراتيجية المزايدة وبالتالي على ناتج هذا المزاد. كما تعرض النظرية لنا كيفية تصميم المزاد وتحقيق أثر كبير على قيمة المادة المعروضة للمزاد. ويصبح الموضوع معقداً عندما تتم المزايدة في الوقت ذاته على أكثر من قطعة مرتبطة ببعضها البعض. وهنا يأتي دور الحائزين على الجائزة، إذ طورا أشكالاً لجعل الموضوع أكثر تخصصًا وعملي بدرجة أكبر.

بعض أنواع المزادات التي لا بد من معرفتها

المزاد على الطريقة الانجليزية: تعتمد دور المزادات حول العالم لبيع القطع فرادى على الطريقة الانجليزية في المزايدات، إذ يبدأ المزاد بسعر منخفض ليتم تدريجياً اقتراح أسعار أعلى وأعلى من قبل مقدمي العطاوات الراغبين بالفوز بالقطعة المعروضة، وفي النهاية يفوز مقدّم العطاء صاحب أعلى سعر ويدفع السعر الذي زايد فيه. بينما هذا الموضوع يختلف كلياً في المزاد الهولندي، إذ يبدأ بعرض أعلى سعر ثم تنقص الأسعار تدريجياً إلى أن تباع القطعة المعروضة. 

تحليل بول ميلجروم وبالمشاركة مع روبرت ويبر للشكلين السابقين: سيلاحظ المشاركون في المزاد الانجليزي انسحاب بعض المشاركين الآخرين عن المزايدة عند وصول القطعة إلى سعر معين وهذا يعطيهم معلومات عن تقدير الآخرين لقيمة القطعة، بينما في المزاد الهولندي لن يضفي تقليل قيمة القطعة أي معلومات عن مدى تقييم المشاركين لها. وهذا ما سنرى أثره على “لعنة الفائز” لاحقاً.

من الواضح أن شكل المزاد في الطريقتين الانجليزية والهولندية هو المزاد المكشوف، إذ أن الأسعار مكشوفة للمزايدين، بينما في نطاق الأعمال والتوظيف، فالشكل المتبع هي المزادات المغلقة (المظاريف المغلقة)، إذ يرسل أصحاب العطاءات عروضهم المالية بظروف مغلقة، وغالباً ما يتم الإرساء على العطاء الذي يلتزم بتقديم الخدمة بأقل سعر، بفرض أنه يستوفي شروط الجودة المطلوبة. في بعض المناقصات المغلقة يكون السعر النهائي هو السعر الأعلى (مناقصات السعر الأعلى)، فيما بعضها الآخر يرسي على ثاني أعلى سعر (مناقصات ثاني أعلى سعر).

هل يمكن تحديد أي شكل هو الأفضل؟ كما نرى، إن الأسلوب الأفضل يعتمد على صاحب المزاد، فبينما يهتم البائع الخاص بالبيع لأعلى سعر، يقوم البائعون العامة بالبيع لمن يضمن أكبر فائدة لأطول فترة. لذا فإن مهمة البحث على أفضل شكل مزاد شغلت الاقتصاديين لمدة طويلة. يمكن تخصيص مشكلة تحليل المزادات في تقييم كل من أصحاب العطاءات للمادة المعروضة للمزاد، وهل تعكس العطاءات المختلفة مدى العلم الكافي لمقدمي العطاوات بخصائص المادة المعروضة أو قيمتها؟ وهل يمكن لأصجاب العطاءات التلاعب فيما بينهم والتعاون ليبقى سعر المناقصة النهائي أدنى؟

القيم الخاصة والقيم المشتركة

سنوضح مفاهيم القيمة الخاصة والقيمة المشتركة بمثالين:

لنقل أن جمعية أعلنت عن عشاء خيري باستضافة أحد حائزي جائزة نوبل (أو أي شخصية مرموقة أخرى)، إن المبلغ الذي ستدفعه لقاء حضورك لهذا العشاء هو أمر شخصي، ولا يتأثر بقيمة هذا العشاء لأصحاب العطاءات الآخرين. هنا لا يجب أن تقدم عطاء بأكثر مما يمكن أن يعنيه هذا العشاء لك، ولكن هل ستقدم أقلّ عرض مقابل هذا العشاء؟ هذا ما نعنيه بالقيمة الخاصة، وهي محدودة بحالات معينة.

بينما على الجانب الآخر، معظم المزايدات تكون لديها أيضاً قيم مشتركة، وسنبسط ذلك بالمثال التالي:

لنفرض أنك تاجر للألماس، وتعتزم – مع تجار آخرين- بالتقدم لشراء قطعة ألماس خام في سبيل تقطيعها وبيع القطع الناتجة على حدى. إن جاهزيتك للدفع لقطعة الألماس الخام تعتمد فقط على سعر قطع الألماس التي ستبيعها منها، وهذا السعر يرتبط بدوره بعدد القطع وجودتها. إن لتجار الألماس آراء مختلفة حول هذه القيمة المشتركة لقطعة الألماس، وذلك حسب مهارتهم وخبرتهم والوقت الذي قضوه بفحص الالماس، سيكون من السهل لو علمت تقديرات تقييم باقي التجار لقطعة الألماس ولكنها معلومات سرية يفضلون الاحتفاظ بها.

إن الخطر الذي يقدم عليه مقدم العطاء لمزاد بالقيمة المشتركة محكوم بإن كان مقدمو العطاءات الآخرين ذو معلومات أوفر وأفضل عن السلعة/القطعة المعروضة وبالتالي تحديد قيمتها الصحيحة. فلنفرض أنك في المثال السابق قدمت سعراُ أعلى من الباقي وحصلت على قطعة الألماس، فأنت هنا معرّض لما يعرف بلعنة الفائز، إذ أنك دفعت سعراً كبيراً لم يكن ليدفعه أقرانك وهذه تعد صفقة خاسرة ولكنك ربحت القطعة على أية حال.

يصف روبرت ويلسون، الحائز على نوبل للاقتصاد 2020، الاستراتيجية عروض الأسعار الأمثل (حالة السعر الأعلى) عندما تكون القيمة المشتركة الحقيقية غير يقينة. وسنبين تحليله فيما يلي:

سيعرض المشاركون سعراً أدنى من أفضل سعر يقدرونه للقطعة، لتجنب عقد صفقة خاسرة وتعريض أنفسهم للعنة الفائز،  ومع زيادة عدم اليقين من القيمة الحقيقية للقطعة سوف يزيد حذر مقدمي العروض وتقل عروض الأسعار المحلية. يوضح ويلسون أن المشاكل التي تسببها لعنة الفائز تكون أعظم عندما يكون لدى بعض مقدمي العروض معلومات أفضل من غيرهم. أولئك من هم في وضع غير موات للمعلومات سوف يقدمون عروض أسعار أقل أو يمتنعون عن المشاركة أساساً تجنباً للمخاطر.

لنتفق على أن معظم المزادات تشمل كلا عنصري القيمة الخاصة والقيمة المشتركة، بالعودة إلى تحليل ميلجروم للمزايدات الانكليزية والهولندية، فإن المشاكل المتعلقة بلعنة الفائز في الطريقة الهولندية ذات أثر أكبر لأنها تؤدي إلى انخفاض الأسعار.

إن نتيجة اختلاف جودة شكل المزادات بالتعامل مع لعنة الفائز تعكس مبدأ عاماً: كلما قدم شكل المزاد عائدات أعلى كلما ازداد الرابط بين العطاءات والمعلومات الخاصة لأصحاب العطاءات عن المعروض في المزاد. كما رأينا في طريقتي المزاد الانجليزي والهولندي تماماً، لذا يكون من مصلحة البائع أن  يكون لأصحاب العطاءات أكبر قدر من المعلومات عن قيمة القطعة المعروضة قبل بدء المزاد.

أفضل المزادات المستخدمة عملياً، مساهمات ميلجروم وويلسون المبتكرة

لنستعرض قصة الرابحين بول ميلجروم وروبرت ويلسون بابتكار أشكال مزادات جديدة لمشاكل لم تكن أشكال المزادات المعروفة آنذاك قادرة على حلّها، ولعلّ أشهر قصة لهما هي مساهمتهما في تصميم مزاد لصالح اسلكات الأميركية لبيع ترددات الراديو لمشغلي الاتصالات.

الترددات الراديوية التي تسمح بالاتصالات اللاسلكية (الاتصالات الخلوية ودفوعات الانترنت ولقاءات الفيديو) هي ملك للحكومة، ولكن القطاع الخاص قادر على توظيفها واستعمالها بشكل أكفأ. لذا على الحكومة تخصيص بعض الباقات الترددية لهذه الجهات.

لقد مر سوق الاتصالات بتجارب غير مسرة بالنسبة للمستثمرين وشركات الاتصالات، فقد اعتمدت لجنة الاتصالات الفيدرالية لتوزيع النطاقات الترددية مرة على طريقة جلسات الاستماع أو “beauty contest”  إذ تقوم كل شركة بتقديم حجج لما هي بالتحديد تستحق الرخصة للوصول للنطاقات الترددية.وهذا ما أدى إلى إنفاق أموال الشركات في الضغط للحصول على الرخصة.  ومع توسع قطاع الاتصالات والموبايلات الخلوية في التسعينات، غيرت لجنة الاتصالات الفيدرالية -بعد أن استنزفت أسباب الدفاع عنها- طريقة جلسات الاستماع واتجهت لبطاقات اليانصيب لتخصيص نطاقات التردد لشركات الاتصالات. وبهذا استبدلت جلسات الاستماع بطريقة عشوائية تماماً لتخصيص النطاقات التي كما سابقتها عادت بخسائر كبيرة وأرباح محدودة جداً. 

إلى أن تقرر بسنة 1993 أن تباع النطاقات الترددية عن طريق المزادات، والتحدي هنا يكمن بتصميم مزاد يضمن التخصيص الفعال لرخص الاتصالات وتفيد بنفس الوقت دافعي الضرائب لأعلى حد ممكن. كما أن تعدد المواد المرتبطة (ترددات راديوية في مختلف المناطق) زاد من تعقيد التصميمات لمزادات تناسب هذا الغرض.

حقوق الصورة محفوظة للأكاديمية الملكية السويدية للعلوم
The Royal Swedish Academy of Sciences

هنا نشهد أول تصميم للمزاد المتزامن متعدد الجوالات (SMRA) الذي صممه بول ميلجروم وروبرت ويلسون بمشاركة من بريستون مكافي، يقدم هذا المزاد جميع العروض (وهي هنا نطاقات الترددات الراديوية في مختلف المناطق) في وقت واحد. تمكن هذا المزاد عن طريق البدء بأسعار منخفضة والسماح بعطاءات مكررة، من تقليل المشاكل المرتبطة بعدم اليقين ولعنة الفائز. وعند استخدام لجنة الاتصالات الفيدرالية مزاد SMRA لأول مرة في يوليو 1994،  باعت 10 تراخيص في 47 جولة مزايدات بإجمالي مبيعات بلغ 617 مليون دولار أميركي. هذه العوائد جاءت من مخصصات كانت الحكومة الأميركية توزعها تقريباً بشكل مجاني بطريقة اليانصيب!

لقد اعتبرت التجربة الأميركية لمزاد SMRA لأطياف الراديو ذو نجاح باهر وبدأت دول العالم بتطبيق نفس التصميم لمزادات الطيف الخاصة بها أيضاً. بلغة الأرباح والأموال، فقد عاد هذا التصميم على الحكومة الأميركية خلال عشرين سنة 1994-2014 بما يزيد عن عشرين مليار دولار، وعالمياً عاد بيع الطيف ب 200 مليار كما لم يقتصر استخدامه في سوق الاتصالات فقط بل في نطاق الكهرباء والغاز الطبيعي أيضاً.

وكما يقول جوزيف ستيجليتز، الحائز جائزةَ نوبل، عن البروفيسور ميلجروم: «إن من بين الثورات الحديثة في عالم الاقتصاد إدراك أن الأسواق لا تعمل بشكل ٍجيد من تلقاء نفسها؛ فالتصميم مهم، وتصميم مزاد لجنَة الاتصالات الفيدرالية للطيف الراديوي الذي أبدعه ميلوجروم إنما كان انطلاقاً  لعهد ٍ جديد لتصميم السوق باستخدام النظرية الاقتصادية لجعل الأسواق الحقيقية تعمل بشكل أفضل.» (كتاب قوة الاقتصاد)

خاتمة

يجب اعتبار أعمال ميلجروم وويلسون بمثابة أبحاث أساسية، فهما قاما بتطوير نظرية الألعاب (باعتبار المزادات قسم من نظرية الألعاب) لتحليل كيف تتصرف الجهات المختلفة استراتيجياً عندما كل منعم لديه وصول لمعلومات مختلفة. وشكلت المزادات –مع أدوارها الواضحة في التحكم بالتصرف الاستراتيجي- مساحة طبيعية لأعمالهما. قدمت الرؤى الأساسية من نظرية المزاد الأساس الواجب التطوير عليه أشكال جديدة للتغلب على التحديات الجديدة. وإن جائزة نوبل للاقتصاد لسنة 2020 تذكرنا كيف تؤثر الأبحاث الأساسية بابتكار أفكار تفيد المجتمع، الميزة الفريدة التي تمتع بها ميلجروم وويلسون أنهما عملا على الصعيد النظري والعملي لبحثهما مما عاد بالفائدة على الباعة والشراة والمجتمع ككل.

المصادر:

كتاب قوة الاقتصاد
كتاب نظرية الألعاب
Nobel Prize

اقرأ المزيد: ما هي إنجازات الحائزين على جائزة نوبل في الاقتصاد لعام 2020؟

Exit mobile version