لمَ ما زال هناك من يقلل أهمية التغير المناخي؟

بالمزامنة مع المؤتمر المناخي الخامس والعشرين، الذي تقوده الأمم المتحدة لحث صناع القرار على الوقوف قولاً وفعلاً في مواجهة التغير المناخي والمقام في مدريد. مازال هناك من يشك بأهمية هذا الموضوع في حياتنا.

الولايات المتحدة و التغير المناخي

بعد “اتفاقية حصرية” وقعها باراك اوباما سنة 2015 على خلفية اتفاقية باريس للتغير المناخي دون الرجوع لمجلس الشيوخ. انتخبت أميركا سنة 2016 رئيساً لا يصدق الأدلة العلمية الداعمة للتغير المناخي. فطالب بإزالة الولايات المتحدة من الاتفاقية. وتطبيقاً للمادة 28 من الاتفاقية التي تنص على أن خروج البلد من الاتفاقية رسمياً لا يتم قبل مضي ثلاث سنوات على الأقل من دخول الاتفاقية حيز التنفيذ في الدولة. جاء الرابع من نوفمبر 2019، لتعلن الولايات المتحدة بشكل رسمي للأمم المتحدة إزالة اسمها من اتفاقية باريس للتغير المناخي. والموقعة من قبل 196 دولة منذ عام 2015.

باختصار: إن هدف اتفاقية باريس هو الحد من ارتفاع درجات الحرارة السطحية أكثر من درجتين سيليسيوس عما كانت عليه قبل الثورة الصناعية، وإن أمكن تقليل الحد حتى 1.5 درجة.

حالياً، تعتبر الولايات المتحدة الاميركية ثاني دولة حول العالم من حيث انبعاثات الغازات الدفيئة. حيث تشكل انبعاثاتها 15% من انبعاثات غاز ثاني اوكسيد الكربون حول العالم. والجدير بالذكر، أن حقيقة استقلال الولايات كل منها بتشريعاتها وقوانينها واستثماراتها في مجالات الطاقة المتجددة وتوجهاتها الاقتصادية. ما زالت الولايات المتحدة عند التزامها بأن تخفف انبعاثاتها للغازات الدفيئة بنسبة 26-28 % بحلول 2025 عمّا كانت عليه سنة 2015. لكن هذا يعد شيئاً بسيطاً نسبة للجهود المطلوب بذلها لتحقيق اقتصاد يعتمد بصورة أقل على الكربون.

الماضي يتنبأ بالحاضر

إن أهم منتقدي قضية التغير المناخي يحتمون بغياب الأدلة العلمية الداعمة لها. لذا نرى التوجه الإعلامي الكبير الذي يرصد تأثير التغير المناخي على حياتنا، والمبادرات الفردية والمجتمعية لحشد الشعوب والحكومات على التصرف بشكل مجدٍ.

إلا أن قصة التغير المناخي ليست وليدة هذا القرن. إذ توجد أدلة ونماذج تتنبأ بأثر التغير المناخي الحالي والتي تعود لقرن من الزمن. وقد أخذ طلاب خريجون من جامعة كاليفورنيا على عاتقهم إثبات فيما إذا تنبأت هذه النماذج بدقة بالوضع الحالي، وذلك بمقارنة درجات الحرارة السطحية المتنبأ بها في 17 نموذجاً نُشروا بين 1970 و2001، وبين درجات الحرارة السطحية الحالية.

بدأ علماء المناخ منذ سنة 1970 باستعمال الحواسيب في حسابات التغير المناخي. وقد أصابت معظم  التوقعات بارتفاع درجة الحرارة السطحية للكرة الأرضية بمقدار 0.9 درجة سيليسيوس ليومنا هذا.

في أحد النماذج المصممة من قبل قبل عالم ناسا جيمس هانسن سنة 1988، كان من المتوقع أن تكون درجة الحرارة -إذا استمرت بالارتفاع بوتيرة واحدة- أعلى مما هي عليه حالياً ب 0.3 درجة. وهذا ما دفع النقاد إلى الاستدلال على غلط هذا النموذج. إلا أن الفريق وجد أن هذه المبالغة لم تأت نتيجة خطأ في التركيبة الفيزيائية للنموذج، بل لأن مستويات التلوث تغيرت بشكل لم يتنبأ به هانسن. فالنموذج بالغ في مستويات الميثان، كما لم يتوقع انخفاض تراكيز مركبات الفريون. التي تسخن كوكب الأرض، وهو من بين المركبات التي أدرجتها اتفاقية مونتريال في بنودها وتم العمل فيها منذ 1989 أي بعد سنة من إطلاق نموذج هانسن.

عندما قام الفريق بتصحيح البيانات كما تتوافق مع التراكيز المسجلة تاريخياً للمركبات، كانت النتيجة هي تنبؤ النموذج بارتفاع الحرارة كما هي عليه الآن.

إذن، إن إثبات أن النماذج الماضية كانت صحيحة سيدل على أن نماذج التغير المناخي التي توضع حالياً ستكون صحيحة في المستقبل؛ حتى ولو كانت هناك نسبة قليلة لعدم ضمان نتائجها. لكننا اليوم نستخدم حواسيب بقدرات خارقة قادرة على إنجاز أدق الحسابات بشكل أفضل مما كانت عليه سنة 1970. والحق يقال، فإن النماذج الحالية تجمع على التنبؤ بأن الحرارة السطحية للكرة الأرضية ستسمر بالارتفاع. إلا أن الوقت الآن هو الوقت الحرج الذي على الجميع  فيه أن يأخذ بقرارات فريدة وجديدة ولكن مجدية في سبيل إنقاذ كوكبنا.

البحث العلمي كوسيلة لحل احتجاجات تشيلي

دور البحث العلمي في حل احتجاجات تشيلي

بعد ثوان قليلة من انفجار قنبلة الغاز المسيل للدموع بجانب مارسيلو جاك، أصبح التنفس عصيّاً وبدأت الجموع بالاختناق، فبدأ جاك – عالم فلك في جامعة لا سيرينا في تشيلي، بالركض مع زميله سعياً للأمان بعد أن سادت حالة الاختناق والإقياء أو الإغماء بين صفوف المحتجين. الاحتجاج الذي كان مخططاً أن يكون سلمياُ سرعان ما تم تفرقته بالقنابل المسيلة للدموع ورشاشات المياه من قبل الشرطة.

القشة التي قصمت ظهر البعير

في الثامن عشر من اكتوبر، اندلعت الاحتجاجات في مفترق مدن تشيلي تعبيراً عن الاحتجاج عن ارتفاع سعر تذكرة المترو في سانتياغو العاصمة بمقدار 30 بيزو، ما يعادل 0.04 دولاراً. ورغم سحب رئيس الجمهورية لهذا القرار بعد ثورة الشعب إلا أنها كانت القشة التي أنهكت الناس بعد عقود من عدم التساوي الاقتصادي-الاجتماعي والفساد الحكومي. كما كشف المحتجون عن فضائح بالرشاوي، وزيادة تكلفة التعليم والعناية الصحية، وعبروا أن الذل الذي يتعرض له المتظاهرون كأمثلة مصغرة عن قلة كرامة الشعب لدى حكومته الديكتاتورية التي استلمت السلطة في التسعينات.

إن سياسات الحكومة ساهمت في توسيع الفجوة بين التشيليين منذ 1990، إذ ما نسبته 1% من أثرياء البلد تكسب 33% من الدخل الوطني بينما يكسب %70 من العاملين شهرياً ما يعادل 500 دولار أو أقل ورواتب تقاعدية لا تتجاوز 150 دولار.
أن مسار الثورة أخذ طابعاً عنيفاً، وذلك لم يوقف المتظاهرين إلا أنه عزز الخوف بينهم. ومع إغلاق الجامعات ومشاركة الطلاب في الاحتجاج، نشر عالم فيزياء فلكية من جامعة لا سيرينا، فاكوندو غوميز، ورقة الكترونية احتجاجية مع زملائه بسبب احتجاز ثلاثة طلاب من جامعتهم وتعذيبهم وإهانتهم بالإضافة لتهديدهم بالرمي في النهر.

قوية علمياً، ضعيفة سياسياً

انضم الباحثون والعلماء أيضاً لثورة الشعب، ومن ناحية ثانية، أدركوا أن المجتمع العلمي في تشيلي لديه ميزة تغيير مجريات الأمور، ويتحمل بعض المسؤولية للمساعدة في حل الموقف الاجتماعي والسياسي الحالي. كان هذا حافزاً لبعض الباحثين بتنظيم لقاءات مع ممثلي الحكومة لحل القضايا الاجتماعية والاقتصادية في تشيلي. خصوصاُ وأن الشارع يطالب بتغييرات عميقة وشاملة تصل إلى تغيير الدستور الذي أقرته الحكومة منذ تأسيسها.

يقترح الباحثون أن إعادة هيكلة تمويل الأبحاث العلمية قد يساعد في حل المشكلة، تناولت أحد الافكار تقييم العلماء للحصول على التمويل الحكومي، إذ تكون الأولوية للأبحاث التي يمكن أن تحسن المستوى المعيشي على المستوى المحلي والوطني، وهذا سيحفز الباحثين لتوجيه العمل على قضايا تهم السكان، كحل مشكلة أزمة المياه الحالية ودراسة فقر التجمعات السكانية المحيطة بالمدن الكبيرة من أجل مساعدتها.

تفتقر تشيلي للتكامل بالتخطيط على المستويين العلمي والسياسي، رجوعاً لعام 2015، مع موجة احتجاجات بين الباحثين إثر استقالة مسؤول التمويل لأكبر مؤسسة علمية في البلاد، وهي اللجنة الوطنية للبحث العلمي والتقني. صرح المسؤول المستقيل فرانسيسكو بريفا أن خططه لإنعاش الاستثمار المحلي في العلم باءت بالإحباط، بسبب البيروقراطية الخانقة على حد تعبيره. تعتبر تشيلي مصدراً لمخازن متنوعة للثروات الطبيعية واقتصادها قوي وثابت إلا أنها لا تعطي شأناً للموارد النافذة، وعلمياً، تركز على الفوائد القصيرة الأمد بدلاً من تطوير مناهج علمية تحسن إمكانيات البلاد بمجرد نفاذ النحاس والذهب ومنتجات الأسماك. تستثمر تشيلي أقل من 0.4% من ناتجها المحلي الإجمالي في العلوم، مقارنة مع 2.8% للولايات المتحدة و1.7% في البرازيل، عموماً، إن دولة البرازيل هي الوحيدة بين دول امريكا اللاتينية التي تستثمر أكثر من 1% من ناتجها المحلي الإجمالي في البحث العلمي.

إلى الآن، تحدث أكثر من خمسين عالماً إلى أعضاء مجلس الشيوخ حول مناقشة المشاكل الاقتصادية الاجتماعية، والبعض الآخر يتساءل عن الميزانية الكافية للأبحاث، وهل هذا سيدفع فقط بعض المراكز العلمية للعمل بالدعم المحلي والدولي وماذا سيحلّ بالمراكز الأخرى.

هل تحقق التدخلات الإنسانية من قبل المنظمات الدولية النتائج المرجوّة منها؟

هل تحقق التدخلات الإنسانية للمنظمات الدولية النتائج المرجوّة منها؟

في ظل نشاط المنظمات الدولية بمناطق النزاع، يجيب العلم عمّا إذا كانت التدخلات الإنسانية لبعض المنظمات بتقديم برامج التكيّف لليافعين واليافعات، تجدي نفعها أم لا.

التدخل«Intervention» التي سنسلّط الضوء عليها اليوم هي من قبل منظمة «Mercy Corps»، وهي منظمة غير ربحية يقع مقرها الرئيسي في بورتلاند-أوريغون وتتبع لها مبادرة “Youth Take” أو بالعربيّة برنامج “نبادر”، الذي يأخذ على عاتقه تعليم إدارة الضغوط ومهارات العلاقات بين الفئات العمرية الحساسة من 11 وحتى 18عاماً ويستهدف على نحو خاصّ الأطفال المتضرّرين من النزاعات والحروب والكوارث الأخرى.

التدخلات الإنسانية مع اللاجئين

في سنة 2015، قُدّمت تسريحات معاصرة لما يقارب 800 يافع ويافعة في مخيّم شمال الأردن بغرض أخذ 100 خصلة شعر من رؤوسهم، نصفُهم كان لاجئون سوريون والنصفُ الآخر من سكان المنطقة الأردنيين. الغرض من الخصل هو الاستفادة منها مخبرياً لدراسة جدوى برنامج من تنسيق «نبادر»، صُمّم لزيادة تكيّف اليافعين في مرحلة ما بعد النزوح.

إنّ إيجاد الطرق لمساعدة هؤلاء الأطفال في الوقت الحالي أبدى من أي وقت مضى، فمن بين مئات ملايين الشباب الذين يعيشون في بلاد مزّقها النزاع المسلّح، تقريباً من  15 وحتى 20 بالمئة منهم قد تصيبهم اضطرابات ما بعد الصدمة (PTSD) واضطرابات نفسية وعقلية أخرى.

بمَ ستفيد الخصلات؟

شرحت دكتورة البيولوجيا الجزيئية «رنا دجاني» من جامعة الهاشمية في محافظة الزرقا للأطفال، أن هذه الخصل من الشعر تتصرف كموثّق بيولوجيّ لأيامهم، فالمواد الكيميائية المفرَزة داخل الشعر وأهمها الكورتيزول، توثّق مستويات الإجهاد الذي يعاني منه اليافعين، وسيتمّ قياس هذه المواد قبل وبعد مشاركتهم في برنامج صمّم لزيادة التأقلم لليافعين.

نقلت الخصلات التي أخذت من شعر اليافعين إلى مختبر في جامعة ويسترن اونتاريو في لندن، كندا. قام العلماء هناك بفحص العيّنات وقياس مستويات هرمون الإجهاد “الكورتيزول”، في حين قام علماء مساعدون في الأردن بمقابلة اليافعين والتحدّث معهم عن الصدمات السابقة التي تعرّضوا لها وعن الضغوط الحالية.

وخلال ذلك، أدلى السوريّون من اليافعين وسطياً ستة تجارب صادمة من مشاهد الحرب التي اختبروها، أغلبها مشاهدة إلقاء القنابل والتعرّض لتفتيش منازلهم عنوةً أو تدميرها.

كانت الدكتورة دجاني جزءاً من هذا الفريق المساعد واستمعت إلى قصص الأطقال المهولة، وتساءلت عندها عمّا إن كانت جلسات “نبادر”، المدعومة من قبل Mercy Corps والملخّصة بستّة عشر جلسة من التدريب النفسي لديها القدرة للتوصّل إلى هدف للمنظّمة وهو زيادة التكيف عن طريق تخفيف وطء الإجهاد على اليافعين، وتقوية العلاقات، وشفاء ندوب خلّفها النزاع.

مدى فعالية التدخلات الإنسانية

وهذا يضعنا أمام السؤال، هل العلاجات التي تسعى لتسهيل التأقلم للأطفال والمطوّرة منذ سبعينات القرن الماضي، تهدف لتعزيز الصحّة النفسيّة والعقليّة للأطفال بمساعدتهم على التماشي مع ظروف الحرب والتهجير؟ أم  أنّها تسعى لمنع مضاعفات أعنف للصحّة العقليّة للأطفال؟

إن نتائج برامج التأقلم القليلة التي قيّمها العلماء تدلي بنتائج مختلطة، ففي عام 2016 نُشر مقال في «Current Psychiatry Reports» يظهر معلومات عن تطبيق 24 من برامج الصحة النفسيّة والعقليّة في تسع بلدان، من ضمنها البوسنة والهرسك، أوغندا ونيبال.على الرغم أن وجد الباحثون أثراً إيجابياً على الصحة النفسيّة إلا أن أقل من نصف هذه البرامج حقّقت الهدف المبتغى منها.

فكان من المثير أن بعض البرامج نجحت في دولة بينما لم تنجح في أخرى؛ كما يحدّث «Wiestse Tol»  وهو أحد الناشرين لهذا المقال وباحث في الصحة العقليّة في جامعة جون هوبكنز:

“فعلى سبيل المثال، إنّ تعليم الضبط العاطفي لأطفال مجنّدين سابقاً في سييرا ليون حسّن من علاقاتهم الاجتماعيّة، بينما تطبيق برنامج مماثل على أطفال فلسطينيّين زاد من أعراض اضطرابات ما بعد الصدمة.”

وفي دراسة أقيمت في نيبال، ظهر أنّ الانخراط في حركة سياسيّة تحمي الحالة النفسيّة العقليّة بين أطفال مجنّدين سابقاً. وعلى النقيض من ذلك، ظهر أن الانخراط السياسي لأطفال البوسنة يعطي نتائج مناقضة.

فما هو السبب إذن وراء هذه النتائج المتنافرة؟

يجيب Tol، إن العوامل التي تدعم الصحة النفسية العقليّة في أحد المواقف قد تكون غير مفيدة بل قد تكون خطرة في موقفٍ آخر. ورغم هذه النتائج، إلّا أنّ منحى التعلّم مطمئِن، فالباحثون يظهرون لنا أنّ غرز التكيف بين اليافعين المتأثرين بالنزاعات هو ممكنٌ.

تقدّم لنا عالمة الانثروبولجي الطبيّة من جامعة ييل، كاثرين بانتر بريك، ثلاثة أبعاد للتأقلم هم: الشجاعة الذاتية، العلاقات مع الأسرة والأقران، و الدعم المجتمعيّ.

وإن مبادرة “نبادر” تركّز على تطبيق البعد الأوّل، فبين 2014 و 2016،  اشترك أكثر من 4000 يافع يعاني من مضاعفات في الصحة العقليّة و تواصل ضعيف مع المجتمع في برامج مُدارة من قبل أفرع منظّمة Mercy Corps في الشرق الأوسط.

البرنامج المكثّف الذي طبّقتاه بانتر بريك ودجاني في الأردن استمرّ لشهرين، اجتمع خلالهما اليافعين مرتين أسبوعياً في مركز للشباب وساهموا بأنشطة جماعيّة من اختيارهم، منها ممارسة كرة القدم، الحياكة، وتصليح معدّات الحواسيب، تشجّع هذه الأنشطة الروابط الاجتماعيّة وتبني الثقة وتعزّز روح المنافسة.

كما تعلّم الأطفال على مدار الشهرين كيف للجهد المزمن أن يؤثّر على الدماغ، كضعف التحكّم في المشاعر. كما مارس المدربون مهارات تنمية العلاقات مع اليافعين، كالتعبير عن الوجدان والتعاطف.

نتائج معدّلات الكورتيزول المرتقبة

إذن ماحدث لمعدلات الكورتيزول قبل الاشتراك في علاجات التأقلم وبعدها؟

انخفضت معدلات الكورتيزول لمجموعة العلاجات لنحو الثلث، وفي مجموعة فرعية التي لديها إحصائياً مستويات أخف من الكورتيزول – وهي ظاهرة مرتبطة بارتفاع خطر الإصابة باضطراب ما بعد الصدمة- فإن إفراز الكورتيزول زاد بحوالي 60% وهو مؤشر إيجابي وصحّي. مما يظهر أن المشاركة في البرنامج كان أفضل من عدمه.

لقد احتفت Mercy Corps بهذه النتائج واعتبرتها نجاحاً، إلا أنّ دجاني وبانتر بريك كان لهما رأياً آخر، إذ لاحظوا فروقات على أرض الواقع:

رغم أن اليافعين أصبح لديهم مخاوف وضغوط أقل، لكن الدراسة لم تحقق تعريف التأقلم بشكله الدقيق، كما لم يظهر أن البرنامج قد مكّن من الدعم المجتمعي لدى اليافعين. أحد شكوك دجاني وبانتر بريك حول الموضوع أنّه من أسباب حدوث ذلك هو استمرار العلاجات لثمانية أسابيع فقط وتخصيصها لتحقيق بُعدٍ واحدٍ من أبعاد التأقلم وهو الشجاعة الذاتية، فكما تقول الدكتور دجاني: “تستطيع الذهاب كلّ يوم إلى مركز يقدّم برامج ممتازة لضمان التأقلم، لكن إن عدت وأمضيت بقية يومك مع ظروف حياة رهيبة لك ولعائلتك، فبمَ ينفع ذلك؟”

تقوم منظمات غير ربحية أخرى بتطبيق العلوم على علاجات التأقلم، ففي لبنان، قام فرع من المنظمة غير الربحية «War Child Holland» -الذي يساعد الأطفال الموجودين ضمن نطاقات النزاع- بتطوير ثلاثة مساعي تهدف للتأقلم وهي: برنامج للمهارات الحياتيّة، وبرنامج لتخفيف الضغط على الأهالي، وعلاجات للصحة النفسية من منظمة الصحة العالمية للاجئين السوريين.

الهدف الأسمى لهذه المنظمة هو إيجاد الطريقة الفضلى لدعم التأقلم في الأفراد، العائلة، والمجتمع دفعةً واحدة، وفق كلام مدير War Child Holland في امستردام، مارك جوردانز.

ثمّة عِبرٌ كثيرةٌ تتجلّى جرّاء العمل في مناطق النزاع، تختصرها الدكتور بريك-بانتر بقولها:” ليس الغرض من علاجات التأقلم هو إنقاذ الضحايا من العشواء التي يعيشون بها، بل إنّه عن إيجاد وتحديد مراكز القوة في اليافعين، التي بإطلاقها تقودهم إلى النجاة، وحتى إلى الازدهار، نحن نتكلّم عن إعادة تشكيل العدسات التي ترى بها العالم، لتخلق للناس شعوراً باحترامك لكراماتهم”.

المصدر

Science

Exit mobile version