كيف نشأ مصطلح غسيل الأموال ومتى ظهرت قوانين مكافحته؟

للأمر قصة غريبة وتحولات درامية تستحق القراءة حقًا. فمن المافيا والمغاسل، وبين الكحوليات وحب المجتمع الأمريكي لها، نشأ مصطلح غسيل الأموال. فكيف بدأ غسيل الأموال ومتى ظهرت قوانين مكافحته؟ وكيف تدرج الأمر ليصل إلى الأمم المتحدة؟

قانون فولستيد وحظر الكحوليات

في ١٩ يناير عام ١٩٢٠، دخل قرار الحكومة الأمريكية الفيدرالية بحظر المشروبات الكحولية حيز التنفيذ في أنحاء الولايات المتحدة تحت عنوان البيت النبيل كما وصفه الرئيس هربرت هوفر. أدى الحظر إلى العديد من العواقب غير المقصودة، بسبب طبيعة القط والفأر في إنفاذ الحظر. ففي حين حظر التعديل ال18 تصنيع وبيع ونقل المشروبات المسكرة، إلا أنه لم يحظر حيازة أو استهلاك الكحول. كما ترك قانون فولستيد، القانون الفيدرالي الذي نص على إنفاذ الحظر، ثغرات كافية أيضًا. إذ فتح الباب أمام مخططات لا تعد ولا تحصى للتهرب. وكان أحد الاستثناءات القانونية للحظر هو السماح للصيادلة بتوزيع الويسكي بوصفة طبية لأي عدد من الأمراض، بدءًا من القلق وحتى الأنفلونزا. [1]

جعل نمو تجارة الخمور ملايين الأمريكيين تحت سيف القانون فجأة.  ومع مرور الزمن والتطبيق، فاضت غرف المحاكم والسجون، وفشل النظام القانوني في مواكبة الأمر. فانتظر العديد من المتهمين في قضايا الحظر ما يزيد على العام لتقديمهم إلى المحاكمة. ومع تزايد عدد القضايا المتراكمة، تحول النظام القضائي إلى “صفقة الإقرار بالذنب” لتصفية مئات القضايا في وقت واحد. مما جعلها ممارسة شائعة في الفقه القانوني الأمريكي لأول مرة.[1]

أثر صفقة الإقرار بالذنب على المجتمع الأمريكي ونشاط المافيا

ومع ذلك، كانت أكبر نتيجة غير مقصودة للحظر هي أوضح ما يمكن رؤيته. فلأكثر من عقد من الزمان، كان القانون الذي يهدف إلى تعزيز الاعتدال، يشجع على التعصب والإفراط بدلاً من ذلك.  إذ أدى الحل الذي ابتكرته الولايات المتحدة لمعالجة مشكلة تعاطي الكحول إلى تفاقم المشكلة. [1]

كما كانت آثار الحظر على إنفاذ القانون سلبية. فكثيرًا ما تم إغراء ضباط الشرطة ووكلاء الحظر على حد سواء بالرشاوى أو الفرص المربحة لممارسة التهريب بأنفسهم. وبين عام ١٩٢٠ وحتى نهاية إنفاذ القانون عام ١٩٣٣، انتعشت السوق السوداء لتهريب المشروبات المحظورة والخمور، تحت سيطرة وإدارة المافيا الإيطالية. واشتهرت شخصية بين أعضاء المافيا الإيطالية تسمى ألفونس غابرييل ألكابوني. وقد كسب ألكابوني مئات الملايين من الدولارات عبر بيع الخمور، لكن كان يواجه السؤال التقليدي لأمثاله من الحكومة الأميركية وهو “من أين لك هذا؟”. لم يبلغ بعد الشاب ألكابوني الثلاثين سنة، والأب الشاب كان يعمل حلاقًا بالأساس، فكيف له بتبرير ثروته؟ [1] [2]

نشأة غسيل الأموال على يد ألفونس ألكابوني

كانت أفكار ألفونس غابرييل ألكابوني الشيطانية لا تتوقف. فاخترع اختراعًا ناجحًا، تمكن من خلاله إخفاء أصول ثروته. فبدأ بشراء متاجر الغسيل، واستغل هذه المغاسل في تحقيق أهدافه، بتزويده بطابع قانوني لأمواله. وأدخل أموال الخمور وسط إيرادات المغاسل من أجل التمويه على مصدر الأموال. وعبر هذه الطريقة، لم تتمكن الحكومة من إثبات فساد مصدر الأموال، فتجارة المغاسل شرعية وقانونية تمامًا وفقًا للأدلة والمستندات. [2]

قيل عن حركة الفونس غارييل ألكابوني أنها سبب تسمية إخفاء الأموال غير المشروعة بغسيل الأموال. ولكن المفاجأة أنه قبض عليه ونال حكم بتهمة التهرب الضريبي من العمل بالغسيل وليس غسيل الأموال ولا الكحول. لأن غسيل الأموال لم يكن جريمة بعد في الولايات المتحدة الأمريكية [2]. كما لفت الأمر انتباه صناع السينما أيضًا لكتابة الأفلام حول المافيا بكثافة.

رحلة قانونية للتغلب على غسيل الأموال

صدور قانون السيطرة على غسيل الأموال

تكمن عملية غسيل الأموال في إخفاء المصدر الحقيقي للأموال غير المشروعة. ولم تعامل كجريمة في الولايات المتحدة الأمريكية إلا في عام ١٩٦٨ بعد صدور قانون “السيطرة على الغسيل الأموال”. لكن لم تكن الفكرة من غسيل الأموال إخفاء مصدر الأموال فقط، وإنما إضفاء شكل من أشكال الشرعية عليها أيضًا. فغسيل الأموال غير المشروعة هدفه بالنهاية إظهار الأموال واستخدامها علنًا. لن يستفيد الشخص شيئًا بإخفاء أمواله، وإنما باعتبارها أموال مشروعة كسبها بعرق جبينه. [4]

اتفاقية فيينا للأمم المتحدة لمكافحة غسيل الأموال

كانت اتفاقية الأمم المتحدة، التي اعتمدت في ديسمبر ١٩٨٨ في مدينة فيينا، أول صك دولي يعالج مشكلة عائدات الجريمة. كما طالبت دول العالم بتجريم غسيل الأموال باعتباره جرمًا جنائيًا. واعتبرتها تشكل تهديدًا خطيرًا لصحة البشر ورفاههم وتلحق الضرر بالأسس الاقتصادية والسياسية والثقافية للمجتمعات. وقد أدرك القانون الروابط الخطيرة بين الاتجار غير المشروع وما يتصل به من الأنشطة الاجرامية الأخرى المنظمة. فتلك الأنشطة الإجرامية تقوض الاقتصاد المشروع وتهدد استقرار الدول وأمنها وسيادتها. [3]

المصادر:

  1. UNDOC.org: Money laundering
  2. Pbs.org: Unintended consequences
  3. Collinsdictionary.com: Money laundering
  4. FBI.gov: Alcapouni
  5. Al Capone Goes to Prison – HISTORY
  6. Anti-Money Laundering Overview | Anti Money Laundering US | Anti Money Laundering | Resources (willkie.com)

حرب الفضاء، هل ستصبح حقيقة؟

هذه المقالة هي الجزء 9 من 10 في سلسلة نبذة عن أقسى الجرائم البشرية، الحروب وأنواعها

لا تنتهي أطماع وطموحات الإنسان على الأرض بل بلغت حد السماء وأكثر. حيث برزت مظاهر صراع بين عدة دول للاستحواذ على الفضاء الخارجي أيضًا. تارةً بالسباق العلمي أو حتى بالوصول إلى النزاع المسلّح. ورغم أنّ الحديث عن حرب الفضاء يبدو ضرب من الخيال أو قصة فيلم من أفلام الخيال العلمي. إلّا أنّ مظاهره المختلفة حقيقية وموجودة بالفعل وهي ما سنتعرف عليه في مقالنا هذا.

مفهوم الحرب الفضائية

حرب الفضاء هي قتال يحدث في الفضاء الخارجي، أي خارج الغلاف الجوي للأرض. وبالتالي، فإن حرب الفضاء تشمل الحروب من الأرض إلى الفضاء، مثل مهاجمة الأقمار الصناعية من الأرض. وكذلك حرب الفضاء إلى الفضاء، مثل الأقمار الصناعية التي تهاجم الأقمار الصناعية الأخرى.[1]

يوجد في مدار الأرض حوالي 4550  قمرًا صناعيًا حتى 1 سبتمبر 2021.[2] وأي تهديد أو اصطدام أو تشويش على أحدها قد ينذر بحرب ما أو صراع. وقد غزا الإنسان الفضاء منذ الـ4 من شهر أكتوبر في 1957. عندما أطلق الاتحاد السوفييتي القمر الاصطناعي “سبوتنيك”. [3] و يُنظر إلى حرب الفضاء التي بدأت لاحقًا على أنها امتداد للحروب النووية في المقام الأول [1]. وذلك بسبب ارتباط بداياتها بسباق التسلح وعصر الأسلحة النووية.

كيف بدأ الصراع في الفضاء؟

لاحقًا مع تزايد حدّة الحرب الباردة بين القطبين العملاقين الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة الأمريكية، انتقلت الدولتان من سباق الوصول إلى الفضاء إلى سباق فرض السيطرة عليه. وكانت القوتان العظمتان تتنافسان لتطوير الصواريخ العابرة للقارات. فطور الاتحاد السوفياتي، عبر مصمم الصواريخ سيرجي كورولييف صاروخ “R7″، وهو أول صاروخ باليستي عابر للقارات.[3]

وتم توجيه الجهود المبكرة لشن حرب فضائية إلى نطاق الفضاء بعيدًا عن الأرض. حيث اعتبرت أنظمة (أرض- فضاء) بطيئة ومعزولة بسبب الغلاف الجوي للأرض والجاذبية، كما لن تكون فعالة.

علمًا أن تاريخ التطور النشط يعود لحرب الفضاء إلى ستينيات القرن الماضي عندما بدأ الاتحاد السوفيتي مشروع ألماز ” Алмаз”. ومن ثمّ تبعتها الولايات المتحدة بإطلاق مشروع “بلو جيميني” ” Blue Gemini”. وكان الغرض من المشروعين آنذاك هو نشر الأسلحة في الفضاء وجمع المعلومات والمراقبة. [1]

أمّا خلال السبعينات فقد طوّر كل من السوفييت والولايات المتحدة أسلحة مضادة للأقمار الصناعية، ومصممة لإسقاطها. وصمم الطرفان واختبرا مجموعة من الأسلحة المصممة خصيصًا لحرب الفضاء. [1]

وتتعلق العمليات العسكرية في الفضاء في الوقت الحالي بشكل أساسي إما بالمزايا التكتيكية الهائلة للمراقبة عبر الأقمار الصناعية وأنظمة الاتصالات وتحديد المواقع، أو الآليات المستخدمة لحرمان الخصم من المزايا التكتيكية السابق ذكرها.

حرب النجوم

مع تعاظم تسليح الطرفين في ثمانينيات القرن الماضي، أطلقت إدارة الرئيس الأمريكي ريجان مبادرة للدفاع الاستراتيجي. وقد بلغت ميزانيتها مليارات الدولارات وعُرفت باسم “حرب النجوم”. [4] ففي عام 1985، استعرضت القوات الأمريكية قدراتها بإخراجها أحد أقمارها الصناعية من مداره المنخفض بواسطة مقذوف أطلقتها طائرة إف 15. [4]

ولو استمرت الحرب الباردة، لشهد سباق التسلح الفضائي ذاك مراحل أكثر تقدمًا. فمع انتهائها والتطور المستمر لتكنولوجيا الأقمار الصناعية والإلكترونيات، تركز الاهتمام على الفضاء كمسرح داعم للحرب التقليدية. فمنذ عام 1985 إلى عام 2002، كانت هناك قيادة فضاء أمريكية. ثم اندمجت لاحقًا في عام 2002 مع القيادة الاستراتيجية للولايات المتحدة. كما توجد قوة فضاء روسية أيضًأ، وتأسست في 10 أغسطس 1992. وقد أصبحت تلك القوة قسمًا مستقلاً من الجيش الروسي في 1 يونيو 2001. [1]

لكنّ طرفي الحرب الباردة ليسا اللاعبين الدوليين الوحيدين في الفضاء. ففي عام 2007، استخدمت جمهورية الصين الشعبية نظامًا صاروخيًا لتدمير أحد أقمارها الصناعية المتقادمة. وقد اختبرت حينها صاروخًا باليستيًا مضادًا للأقمار الصناعية. كل ذلك يشير إلى تعدد الأسلحة المستخدمة في حرب الفضاء.

الأسلحة المستخدمة في حروب الفضاء

توجد طرق عدّة خالية من الخيال والأضواء المبهرة لتعطيل الأقمار الصناعية أو تدميرها دون تفجيرها بشكل استفزازي بواسطة الصواريخ. إذ يمكن لمركبة فضائية أن تقترب من القمر الصناعي وتعطل أجهزته البصرية باستخدام الطلاء. أو يمكنها تدمير هوائيات الاتصال، أو محاولة إخراجه من مداره أو زعزعة استقرار القمر في مداره. [4]

وتراوحت الأنظمة العسكرية المقترحة في الصراع، من تدابير بسيطة كالصواريخ المضادة والصواريخ الأرضية والفضائية إلى المدافع الكهرومغناطيسية وأشعة الليزر الفضائية والألغام المدارية وغيرها من الأسلحة المستقبلية.[1] إذ فجّرت الولايات المتحدة الأمريكية في عام 1962، سلاحًا نوويًا أرضيًا في الفضاء لاختبار تأثيرات النبض الكهرومغناطيسي والذي أدّى لتعطيل العديد من الأقمار الصناعية.[1]

كما حاولت العديد من الدول أيضًا تطوير أقمار صناعية صغيرة  “بحجم ثلاجة تقريبًا”. تهدف تلك الأقمار الصغيرة إلى التشويش على الأقمار الصناعية أو لحماية الأقمار الصديقة. وقد يتم تطويرها لتكون ذكية بما يكفي لتؤدي مهام متعددة للأقمار الصناعية كإصلاحها أو تخريبها أو اختطافها أو ببساطة الاصطدام بها.[1]

ويمكن استخدام الليزر بهدف تعطيل مؤقت للأقمار الصناعية أو تخريب مكوناتها، كتخريب أجهزة الاستشعار الحساسة  بشكل خاص. أو عبر التشويش أو السيطرة على موجات الإرسال القادمة أو الصادرة من محطات التحكم الأرضية. ويمكن تحقيق ذلك باستخدام موجات الراديو أو الموجات الصُّغروية (الميكروويف). [4]

إضافة لذلك، يمكن استخدام القصف الحركي عبر استخدام القمامة الفضائية. حيث يمكن لأي حطام طائش أو توجيه متعمد للحطام أن يحدث ضررًا بالغًا للأقمار الصناعية. [4]

ومع التطور المستمر للأسلحة الفضائية نتيجة التقدم المتسارع في علوم الفضاء والتكنولوجيا وتعاظم قوة الدول على الأرض، يظهر ميل الدول العظمى للحيازة على الفضاء أو الحصول على الجزء الأكبر منه، فلماذا؟

لماذا تلجأ الدول إلى حرب الفضاء؟

تعتمد معظم أنظمة الاتصالات في العالم بشكل كبير على وجود أقمار صناعية في مدار حول الأرض. لذا تسعى الدول بشكل جدي لحماية ما تعتمد عليه من موارد. لا سيما البلدان المتقدمة التي لديها إمكانية الوصول إلى الفضاء.[1]

كما يشكل الخوف من نشوب حروب الفضاء عاملًا حاسمًا يدفع الدول باستمرار إلى تطوير أنظمة دفاعية وهجومية لحمايتها وحماية أقمارها مستقبلًا. وقد يشكل التهديد بحدوث حرب فضائية ضغطًا كبيرًا على النظام السياسي لدولة ما. مما يدفعها لتطوير دفاعاتها أو حتى القيام بمناورات عسكرية من شأنها أن تشكل رادعًا لحروب مستقبلية. [1]

وقد تخوض الدول التي ترتاد الفضاء حربًا من أجل السيطرة على موارد خارج الكواكب. ويمكن لمثل هذا الصراع أن يصل بسهولة لمستوى الحرب داخل وخارج الغلاف الجوي للأرض. وهناك موارد فضائية مهمة ومكتشفة بالفعل، مثل موارد الهليوم في المنطقة القطبية الجنوبية للقمر. حيث أعلنت روسيا عن نيتها في الحصول على هذه المورد. ومن المقرر أن تهبط المهمة القمرية الصينية في تلك المنطقة في عام 2024. [1] لكنّ رغم المزايا التي توفّرها هذه الحروب للدول إلّا أنّ العيوب التي تكتنفها كثيرة.

عيوب حروب الفضاء

  • تشكل المسافات الشاسعة في الفضاء تحدٍ صعب في الاستهداف والتتبع. ويتطلب الضوء بضع ثوانٍ لاجتياز نطاقات تقاس بمئات الآلاف من الكيلومترات.

فإذا حاولت إطلاق النار على هدف على مسافة القمر من الأرض مثلًا، فإن الصورة التي يراها المرء تعكس موقع الهدف قبل أكثر من ثانية بقليل. [1]

  • حرب الفضاء التي تنطوي على نشر البشر في الفضاء لمحاربة بعضهم البعض ليست عملية حاليًا. ذلك بسبب صعوبة وتكلفة الحفاظ على حياة الإنسان في الفضاء. خاصة على مدى فترات طويلة من الزمن. [1]
  • كما أن هناك القليل من الأشياء التي يمكن تحقيقها من خلال حرب الفضاء. والتي يمكن لأي دولة تمويلها وإنجازها بتكلفة أقل بكثير باستخدام الوسائل التقليدية. فدول اليوم تلجأ إلى تكتيكات الحرب الهجينة لأنّها أقل تكلفة. [1]
  • ضعف الأقمار الصناعية -خاصة الموجودة في المدارات الأرضية المتزامنة على ارتفاع 35 ألف كيلومتر أو أكثر. مما يجعل استهدافها أمرًا يسيرًا للدولة المهاجمة وكذلك الدولة المتضررة. [4] لذا فإن الرد على تدمير قمر بتدمير آخر أمر في غاية البساطة.
  • تشكل النفايات الفضائية أكبر تهديد للأقمار الصناعية ككل. وتزداد كمية تلك النفايات بزيادة الهجمات على الأقمار الصناعية وتدميرها. فمن السهل للغاية صناعة نفايات الفضاء ولكن من الصعب أيضًا التخلص منها. [4]
  • وإذا ما استخدمت دولة النفايات الفضائية أو الكتل المعدنية العشوائية لتدمير قمر صناعي للعدو، فقد يكون الحطام الناتج أكثر خطورة عليها. وقد يتسبب ذلك الحطام في سلسلة متتالية من ردود الفعل تحول مدار الأرض إلى كتل من الدمار.[4]

هل ستلجأ الدول إلى حرب الفضاء لحل نزاعاتها؟

احتمال أن تلجأ الدول إلى حروب الفضاء ضئيل جدًا. ليس بسبب التكاليف الباهظة لها فحسب، بل لأن خسائرها غير محدودة وغير معروفة على الطرفين المتصارعين. بل وحتى على الأطراف الأخرى التي تدور أقمارها في مداراتها الفضائية بسلام. فمجرد الاقتراب من الأقمار الصناعية الاستراتيجية للعدو قد يُعَد تهديدًا.

وقد أعلنت روسيا أنها سوف تنسحب من المحطة الفضائية الدولية، بحلول عام 2024، وأنها ستبني محطة فضائية خاصة بها. ولكن ورغم المخاوف من تفاقم الصراع بينها وبين الولايات المتحدة الأمريكية نتيجة ذلك، إلّا أنّ البلدين وقعا اتفاقا يسمح لرواد الفضاء الروس بالسفر على المركبات الأمريكية والعكس.

وتسعى الدول إلى إنشاء معاهدات دولية تحكم الفضاء والتي من شأنها أن تحد أو تنظم النزاعات في الفضاء. كما تأمل الدول أن تحد تلك المعاهدات من تركيب أنظمة الأسلحة، كمعاهدة الفضاء الخارجي لعام 1967. وتمكنت تلك المعاهدة من حظر استخدام أو اختبار أو تخزين الأسلحة النووية خارج الغلاف الجوي للأرض. إضافة لمحاولة إقامة محادثات بشأن مدونة لقواعد السلوك صاغها الاتحاد الأوروبي للدول التي ترتاد الفضاء.

ونأمل في الأكاديمية بوست أن يحد الإنسان من أطماعه، ويدرك أن الفضاء الخارجي ليس ملكًا لأحد. كما لا يحق لأحد السيطرة عليه، اتركوه للبشرية فحسب بلا حدود وصراعات، فهل تتفق معنا؟

المصادر:

1- military-history
2- dewesoft
3- nationalgeographic
4- scientificamerican

رحلة طارق بن زياد: بين الحقائق والخرافات

هذه المقالة هي الجزء 3 من 14 في سلسلة تاريخ مغامرة العرب في بلاد الأندلس

تخيل أن يتم الاستيلاء على مساحة تزيد عن ال 87 ألف كيلومتر، بواسطة 7 آلاف رجل، أيعقل؟ هذا ما حدث في دخول العرب شبه الجزيرة الأيبيرية على يد طارق بن زياد، القائد الأمازيغي المحنك، بتوجيهٍ من موسى بن النصير. ولكن كيف كيف استطاع طارق مواجه القوط في الأندلس؟ وكيف مهد للمسلمين العيش فيها، بل ويحكمها المسلمون ثمانية قرون؟ وقبل كل شيء من هو طارق بن زياد؟

من هو طارق بن زياد؟

رغم بساطة السؤال فإن نشأة طارق بن زياد وشخصيته قبل دخوله الأندلس يملأها الغموض. فقد قدم المؤرخون العرب معلومات متناقضة عن نشأته وأصله، بين أصله العربي إلى الأمازيغي البربري. ولكن ما رجحته المصادر التاريخية أن أصله أمازيغي، عاش في أحضان طبيعة المغرب. حتى أتى موسى بن النصير وولاه على طنجة، نظرًا لما رآه في طارق من حكمة وبسالة ومعرفة بطباع أهلها. قيل كذلك في علاقة طارق بن زياد وموسى بن النصير العديد من الأقاويل، فبين صلح وحقد كُتبت الروايات. وكتب المؤرخ البلاذيري في علاقة طارق بموسى، أن موسى كتب لطارق رسائل شديدة اللهجة، وحدث بينهما خلافات عدة. ولكن فيما بعد تم تسوية تلك الخلافات. ويعتقد أنها كانت بسبب الغيرة من نجاح طارق في ضم الأندلس. [1]

كيف واجه طارق بن زياد القوط في الأندلس؟

كانت الأندلس تحت حكم القوط المسيحيين في بداية القرن الثامن الميلادي. حيث كانت تعاني في ذلك الوقت من التفكك والحروب الأهلية. عانت الأقلية اليهودية في تلك الفترة من الاضطهاد، كما جعل القوط منهم عبيدًا لهم، بعد أن سلبوا ممتلكاتهم. كان هذا نتيجة لمرسوم صدر في عام 694 م، وصف اليهود بالخونة ويجب معاقبتهم من قبل القوط الكاثوليكيين.

وبسبب النزاعات التي حدثت في الأندلس على الحكم، شجع جوليان، أحد نبلاء الأندلس، طارق بن زياد للتقدم نحو البلاد. وقرر نبلاء الأندلس الانتقام من لذريق “رودريك” وطلب الدعم من طارق في إحدى رحلاته التجارية في أفريقيا لرد اعتبارهم. وقد ذكر أن لذريق ملك هسبانيا في ذلك الوقت، قد اغتصب ابنة جوليان الشابة. واستولى كذلك على ممتلكات بعض نبلاء الأندلس. لذلك دعوا طارق لدخول الأندلس، حيث أخبروه بضعف حال قادتها، ووعدوا بأن تكون الأندلس مدخلًا لأوروبا. فبعث طارق لقائده موسى بن النصير يبحث معه في ذلك الأمر.

في عام 711 م نزل طارق في منطقة على سواحل جنوب إسبانيا، والتي سميت بعد ذلك باسمه. فكان ذهاب طارق إلى الأندلس بتوجيهٍ من قائده موسى بن النصير. وكانت تلك الحادثة مختلفة من نوعها، فلم يعتد المسلمين على التوسعات التي تضطرهم إلى السفر بحرًا. لذلك اختار موسى بن النصير طارق بن زياد لما امتاز به من حكمة ودهاء، وقدرة على قيادة جيشٍ في مهمة كتلك. وكان الأمر في البداية يسير، عبارة عن استكشاف، قبل أن يقوم طارق بأي حركة تشي بنواياه في ضم الأندلس لبلاد المسلمين. [1،2]

معركة وادي لكة

قبل المعركة نزل طارق بن زياد في منطقة الجزيرة الخضراء، حيث اتخذ منها معسكرًا له ولجنوده. وقام في البداية بالاستكشاف، ومن ثم نشر الشائعات في صفوف أعدائه عن بسالة جيشه. وكانت لديه استراتيجية قوية في إرهاب العدو وزعزعة صفوفه، ليربح جولة قبل بداية المعركة.

بداية المعركة

اختلفت المصادر عن عدد الجنود الذين كانوا مع طارق بن زياد، فمنهم من قال بأن عددهم كان 7 آلاف جندي فقط، والبعض الآخر رجح كونهم 12 ألف جندي. ولكن قيل كذلك بأن طارق سافر ومعه 7 آلاف جندي بالفعل، وبعد أن درس ساحة المعركة طلب الدعم من موسى بن نصير، فأرسل له 5 آلاف جندي بعد ذلك. كان جيش القوط مكون من 100 ألف جندي، بقيادة الملك لذريق. ورغم أن عدد جنود جيش القوط يفوق عدد جيش طارق، إلا أن جيش القوطيين كان معظمهم يدينون بالولاء لأبناء الحاكم غيطشة القوطي. وقد عزل لذريق أبناء غيطشة بوحشية، مما أدى إلى حنق الجنود على لذريق، والتخاذل بعض الشيء عن حمايته.

استهان لذريق بأعداد جنود خصمه، مما أدى إلى موته في النهر هربًا، وقتل العديد من القيادات والجنود إثر تلك المعركة. أدى ذلك إلى زيادة زعزعة الاستقرار في الأندلس، ليزداد الاضطراب الحادث نتيجة النزاع على الحكم، والضغط على الأقليات. فساعد ذلك طارق بن زياد على أن يُخضع قرطبة للاستسلام بدون حرب، بعد أن دخلها ومعه 700 فارس يبدوا عليهم القوة والشجاعة. وبعد أن قتل لذريق، تزوجت أرملته إيجيلونا من ابن موسى بن النصير عبدالعزيز، والذي قيل أن زوجته فرقته عن قومه وأثارت في عقله المؤامرات. فتم قتل عبد العزيز بن النصير نتيجة لانشقاقه عن الخليفة الأموي.

ما بعد المعركة

ولم تنتهي المعارك بمقتل لذريق، بل واجه طارق بن زياد معركة شرسة في طريقه لضم طليطلة وانتصر فيها كذلك. وبذلك استسلمت طليطلة دون قتال لطارق والذي توالت انتصاراته دون حربٍ، بعد دهائه في نشر الخوف من جيشه، خاصة بعد مقتل لذريق. وذكر المؤرخ الكردي الأثير الجزري بأن طليطلة كانت خالية من الناس عندما وصلها طارق بن زياد. وقيل كذلك أن اليهود هم من فتحوا أبوابها، وفي رواية أخرى أن طارق حاصرها. ولكن ما لا شك فيه هو أنه ضمها تحت رايته دون أن يحارب جيشها. لا ينكر التاريخ الإسلامي ولا الغربي بسالة ودهاء طارق بن زياد، ولكن مع الأسف فإن حكايته يسردها المتطرفين بمغالطات لتتماشى مع أغراضهم. كتجاهل المتطرفين كون طارق تحالف مع اليهود مثلًا لمواجهة جيوش لذريق. [3]

كيف انتهت حياة طارق بن زياد؟

وكما كانت نشأته مليئة بالغموض، فإن على وفاته العديد من علامات الاستفهام. وكان لكل مؤرخ رواية لنهاية طارق بن زياد. فقيل أن الخليفة استدعى كلٌّ من موسى وطارق، واتهموا بالاختلاس والجور في الأندلس، وعاشا حياتهما المتبقية فقراء في صمت. وقيل أنهما بعد أن عادا من الأندلس قررا أن يحيوا في زهد ما تبقى لهم من عمر. وفي رواية أخرى، أن موسى وطارق في طريق عودتهم للخليفة الوليد بن عبدالملك سمعوا بمرضه، فحاولوا التعجيل بالعودة حتى يتسنى للوليد بأن يرى ثمار انتصاره في الأندلس. ولكن سليمان بن عبد الملك كان حانقًا من ذلك، فطلب منهما أن يتأخرا في العودة حتى يلفظ الوليد أنفاسه الأخيرة. وقيل أنه طلب منهما أن يؤديا قسم الولاء له. وليحظى هو بغنائم ذلك الانتصار العظيم، ولكن رفض موسى وطارق تنفيذ طلبه ولاءً للوليد. فجردهما من مسؤولياتهما وتركهم يحيوا ما بقى من حياتهما في فقر. [2][3]

المصادر
1- Tariq ibn Ziyad – English Wiki Viewer
2- Ṭāriq ibn Ziyād | Muslim general | Britannica
3- 126.pdf (asu.edu)

من هو هرقل في الأساطير اليونانية؟

ابن زيوس:

هرقل هو الشخصية الأكثر شهرة في الأساطير اليونانية القديمة، كان الرومان يسمونه «Hercules» أما اليونانيين فأطلقوا عليه اسم «Herakles». كان هرقل ابن زيوس، ملك الآلهة، والمرأة الفانية «ألكميني-Alcmene». اتخذ زيوس، الذي كان يطارد دائمًا امرأة أو أخرى، شكل زوج ألكمين المسمى «أمفتريون- Amphitryon»، وزار ألكميني ذات ليلة في سريرها، وهكذا وُلد هرقل كنصف إله يتمتع بقوة هائلة وقدرة على التحمل، حيث قام بأعمال بطولية مذهلة. [1]

حياة عسيرة:

بما في ذلك مصارعة الموت والسفر مرتين إلى العالم السفلي، وقصصه التي تم تداولها في جميع أنحاء اليونان ولاحقًا في روما، ومع ذلك كانت حياته بعيدة كل البعد عن السهولة منذ لحظة ولادته، وكانت علاقاته مع الآخرين في كثير من الأحيان كارثية. كان هذا لأن هيرا، زوجة زيوس، كانت تعلم أن هرقل كان الابن غير الشرعي لزوجها وسعت إلى تدميره. في الواقع ، وُلد باسم «ألكايوس- Alcaeus» واتخذ لاحقًا اسم هرقل، بمعنى “مجد هيرا”، مما يدل على أنه سيصبح مشهورًا من خلال الصعوبات التي واجهها مع الإلهة. [1]

ولادته ونشأته:

حمل ألكميني

أحد العوامل الرئيسية في المآسي المعروفة التي أحاطت بهرقل هي الكراهية التي كانت تحملها له الإلهة هيرا، زوجة زيوس. يجب أن يوضح سرد كامل لهرقل سبب تعذيب هيرا له لهذه الدرجة، في حين أن هناك العديد من الأبناء غير الشرعيين الذين أنجبهم زيوس. كان هرقل ابن علاقة زيوس بالمرأة الفانية ألكميني. مارس زيوس الحب معها بعد أن تنكر في صورة زوجها، أمفتريون، في المنزل في وقت مبكر من الحرب (عاد أمفيتريون في وقت لاحق في نفس الليلة، وحملت ألكمين بابنه في نفس الوقت، وهي حالة من الخصوبة الزائدة حيث تحمل امرأة توأماً من آباء مختلفين). وهكذا، أثبت وجود هرقل نفسه على الأقل واحدة من العديد من العلاقات غير المشروعة لزيوس، وغالبًا ما تآمرت هيرا ضد نسل زيوس البشري، انتقامًا لخيانة زوجها. كان شقيقه التوأم البشري إيفكليس هو والد إيولاس، سائق عربة هرقل. [2]

مكر هيرا

في الليلة التي ولد فيها التوأم هرقل وإيفيكليس، أقنعت هيرا، التي تعلم بزنا زوجها، زيوس أن يُقسم أن الطفل الذي يولد في تلك الليلة لعضو من عائلة «بيرسيوس-Perseus» سيكون «الملك السامي-High King». فعلت هيرا هذا وهي تعلم أنه بينما كان من المقرر أن يولد هرقل من نسل بيرسيوس، كذلك كان «يوريسثيوس-Eurystheus». بمجرد أداء القسم، سارعت هيرا إلى منزل ألكميني وأبطأت ولادة هرقل بإجبار إيليثيا، إلهة الولادة، على جلوس القرفصاء مع ملابسها المربوطة كعقد، مما تسبب في حبس هرقل في الرحم. في هذه الأثناء، تسببت هيرا في ولادة يوريسثيوس قبل الأوان، مما جعله الملك السامي بدلاً من هرقل. كانت ستؤخر ولادة هيراكليس بشكل دائم لو لم تخدعها «جالانتس- Galanthis» ، خادمة ألكميني، التي كذبت على إيليثيا، قائلة أن ألكميني قد أنجبت الطفل بالفعل. عند سماع ذلك، قفزت متفاجأة، ففكت العقد وسمحت لألكميني عن غير قصد بأن تلد توأميها، هرقل وإيفكليس. [2]

مجد هيرا

في الأصل أطلق على الطفل اسم «ألكيديس- Alcides» من قبل والديه؛ فقط في وقت لاحق أصبح يعرف باسم هرقل. تم تغيير اسمه إلى هرقل في محاولة فاشلة لتهدئة هيرا. بعد بضعة أشهر من ولادته، أرسلت هيرا ثعبانين لقتله وهو راقد في سريره. قام هرقل بخنق ثعبان في كل يد ووجدته ممرضته يلعب بأجسادهم الضعيفة كما لو كانت ألعاب أطفال. [2]

شبابه:

اختيار صعب

بعد قتل معلمه الموسيقي لينوس بقيثارة، تم إرساله لرعاية الماشية على جبل من قبل والده بالتبني أمفيتريون. هنا، وفقًا للمثل رمزي، “اختيار هيراكليس” الذي اخترعه السفسطائي «بروديكوس- Prodicus» (حوالي 400 قبل الميلاد)، زارته حوريتان، اللذة والفضيلة، اللتان عرضتا عليه الاختيار بين حياة ممتعة وسهلة أو حياة قاسية لكنها مجيدة، اختار هرقل الاختيار الأخير. سمع هرقل أن جيش طيبة قد هُزم على يد فرقة من الموكيانيين، وشعر أن هذا كان غير عادل، فقد قاد فرقة من محاربي طيبة لهزيمتهم واستعادة النظام في طيبة. أعطى الملك كريون من طيبة هرقل ابنته، ميجارا، للزواج كعلامة على امتنانه. [1] [2]

جنون هرقل

في هذه المرحلة من القصة، كان هرقل بطلاً شابًا وناجحًا ومتزوجًا ولديه ثلاثة أبناء أقوياء. لم تستطع هيرا تحمل الموقف ولذا أصابته بنوبة جنون قتل فيها أطفاله (وفي بعض الإصدارات، ميغارا أيضًا). استمر في جنونه حتى ضربته أثينا بحجر(في رواية أخرى، عالج «أنتيكيروس- Antikyreus»، مؤسس «أنتيكيرا- Antikyra»، جنونه بالخربق)، وعندما عاد لرشده، كان حزينًا على ما فعله. كان سيقتل نفسه لكن ابن عمه ثيسيوس أقنعه بأنه سيكون جبانًا وأنه يجب أن يجد طريقة للتكفير عن خطاياه. استشار هرقل وسيط الوحي في دلفي الذي أخبره أنه يجب أن يخدم ابن عمه يوريسثيوس، ملك تيرينز وموكناي، لمدة 10 سنوات وأداء أي مهمة يحتاجها. كان عدد هذه الأعمال في الأصل عشرة فقط ولكنها نمت لاحقًا إلى اثني عشر. بعد دلفي لم يعد معروفًا باسم ألكايوس واتخذ اسم هرقل. [1] [2]

أعمال هرقل الاثنى عشر:

طُلب من هرقل أن ينفذ عشرة أعمال حددها عدوه اللدود، يوريسثيوس، الذي أصبح ملكًا مكان هرقل. أنجز هرقل هذه المهام، لكن يوريسثيوس لم يقبل تطهير إسطبلات أوجياس لأن هرقل كان سيقبل أجرًا مقابل العمل. كما أنه لم يقبل قتل العدار لأن ابن عم هرقل، إيولاس، ساعده في حرق جذوع الرؤوس. حدد يوريسثيوس مهمتين أخريين (جلب التفاح الذهبي لهيسبيريدس والتقاط سيربيروس) التي قام بها هرقل بنجاح، مما رفع العدد الإجمالي للمهام إلى اثني عشر مهمة. [3]

ذبح الأسد النيمى

في بلدة نيميا، كان هناك أسد لا يقهر تسبب في الدمار والخوف للمدينة. أُمر هرقل بذبح الأسد وإعادة جلده. كان هرقل قادرًا على استخدام قوته الغاشمة وشجاعته لخنق الأسد حتى الموت وجلب الجلد إلى يوريسثيوس. [3]

ذبح «عدار- Hydra» ليرنا

كان يعيش في مستنقع بلدة ليرنا ثعبانًا ذو تسعة رؤوس من شأنه أن يرعب المنطقة. كان العدار سامًا برأس خالدة لا يمكن قتله. انطلق هرقل إلى ليرنا مع ابن أخيه إيولاس. بمساعدة إيولاس، تمكن هرقل من قتل العدار ذو التسعة رؤوس. [3]

القبض على الغزالة الذهبية

في اليونان كانت مدينة سيرينيا حيث عاشت الغزالة. كان لهذا الغزال قرون ذهبية وحوافر برونزية، وكان مقدسًا لأرتميس، إلهة الصيد والحيوانات؛ لذلك، لن يقتله هرقل. بدلاً من ذلك، قام هرقل بمطاردة الغزلان كل يوم لمدة عام. وحانت فرصة لإطلاق النار على الغزلان، واستغلها هرقل. في طريقه إلى المنزل، واجه هرقل أرتميس وأبولو واضطر إلى شرح سبب القبض عليه. أخبرهم هرقل عن خدمته ليوريسثيوس. وافق أرتميس وأبولو على السماح لهرقل بأخذ الغزالة بشرط أن يعيد هرقل الغزالة دون أن تصاب بأذى. [3]

القبض على خنزير إريمانثوس

أمر يوريسثيوس هرقل بإحضار الخنزير البري من جبل إريمانثوس. زار هرقل صديقه القنطور فولوس. أكل الاثنان وشربا النبيذ، مما جذب القناطير الآخرين إلى الكهف. قتل هرقل القناطير بسهامه والتي، للأسف، ستكون نهاية فولوس. التقط فولوس سهماً وتساءل كيف كان مميتًا للغاية عندما أسقط عن غير قصد السهم المسموم على قدمه وقتل نفسه. اكتشف هرقل فولوس ودفنه وبدأ في صيد الخنزير. تمكن هرقل من دفع الخنزير المخيف إلى الثلج حيث أسر الخنزير في شبكة وجلب الخنزير إلى يوريسثيوس. [3]

تنظيف اسطبلات الملك «أوجياس- Augeas»

 كان للملك أوجياس إسطبل يضم أكثر من 1000 رأس من الماشية. اقترب هرقل من الملك أوجياس وعرض عليه تنظيف الاسطبلات في يوم واحد وطلب عُشر ماشيته في المقابل. وافق الملك أوجياس على الشروط، معتقدًا بأن هرقل لن يكون قادرًا على إكمال المهمة. بفضل ذكائه السريع وبراعته، حفر هرقل فتحات في الاسطبلات وأعاد توجيه النهرين الرئيسيين، ألفيوس وبينيوس، للاندفاع عبر الاسطبلات وطرد النفايات. عندما علم أوجياس أن هرقل قد أمر بتنظيف الإسطبلات من قبل يوريسثيوس، رفض الملك أن يدفع لهرقل عُشر ماشيته. أخذ هرقل الأمر إلى القاضي حيث قرر القاضي أنه يجب مكافأة هرقل على إكماله المهمة. عاد هرقل إلى المنزل حيث أخبره يوريسثيوس أن عمله لم يتم احتسابه لأنه استخدم الأنهار لتنظيف الإسطبلات، وكذلك لأنه قَبل مكافأة مقابل هذا العمل. [3]

هزيمة طيور «ستيمفاليان- Stymphalian»

اجتمع قطيع ضخم من الطيور في بلدة ستيمفالوس، لذلك أمر يوريسثيوس هرقل بطرد الطيور. كانت الطيور أكلة بشر شرسة، لذلك كان على هرقل تحديد كيفية إزالة الطيور بأمان من المدينة. زارت أثينا هرقل وأعطته «مصفقًا- clapper» مصدر للضوضاء لمساعدته في تخويف الطيور بعيدًا. وبينما كانت الطيور تطير، أطلق هرقل النار عليها بقوسه وسهمه، بينما طار الباقي بعيدًا عن المدينة. [3]

القبض على الثور الكريتي

زار هرقل مدينة كريت حيث منح الملك مينوس الإذن لهرقل بأخذ هذا الثور بعيدًا. كان هذا الثور يدمر المدينة ويخيف السكان. تمكن هرقل من مصارعة الثور على الأرض وإعادته إلى يوريسثيوس. [3]

إعادة أفراس ديوميديس

قام الملك ديوميديس من تراقيا بتدريب الأفراس في قريته على أكل اللحم البشري. جلب هرقل المساعدة معه للاستيلاء على الأفراس. قُتل رفيق هرقل، «أبديروس- Abderus» على يد أحد الأفراس. قام هرقل بدفنه وإنشاء مدينة أبديرا على شرفه. قتل الملك ديوميديس، واطعمه للخيول لتهدئتها، وأعاد الخيول إلى يوريسثيوس. [3]

الحصول على حزام هيبوليتا

كانت الملكة هيبوليتا زعيمة قبيلة من المحاربات وكان لديها حزام جلدي أعطاها لها آريس، إله الحرب، لأنها كانت أفضل محاربة بين جميع الأمازونيات. أراد يوريسثيوس الحزام كهدية لابنته أدميتي. عندما وصل هرقل إلى أرض الأمازونيات، جاءت هيبوليتا إلى هرقل وسألت عن سبب وجوده هناك. أخبر هرقل هيبوليتا بصدق أنه بحاجة إلى حزامها لأخذها إلى يوريسثيوس. وافقت هيبوليتا على السماح لهرقل بالحصول على الحزام، ولكن قامت هيرا بالتنكر في زي محاربة من الأمازونيات وأخبرت القبيلة أن هرقل كان هناك لأخذ هيبوليتا. أصبحت القبيلة متخوفة وارتدوا الدروع عندما واجهوا هرقل. رأى هرقل دروعهم وأسلحتهم وافترض أن هيبوليتا قد أرسلت قبيلتها لقتله، لذلك قتل هرقل هيبوليتا وعاد بحزامها. [3]

الحصول على ماشية جيريون

كان على هرقل السفر إلى جزيرة إريثيا لاستعادة الماشية. في طريقه، قتل العديد من الوحوش من أجل تحديد مكان الماشية. بمجرد تحديد موقع الماشية وبدأ رحلة العودة إلى المنزل، هربت الثيران الموجودة في الماشية. وتعين على هرقل التخلي عن القطيع للعثور على الثيران التي هربت. جمع هرقل في النهاية القطيع وأخذهم إلى يوريسثيوس الذي ضحى بقطيع الماشية إلى هيرا. [3]

إحضار التفاح الذهبي من «هيسبيريديس- Hesperides»

كان يوريسثيوس قد أعطى في الأصل هرقل عشرة أعمال لإكمالها، ولكن بما أن اثنين منهم تم استبعادهما من قبل يوريسثيوس، فقد أعطى هرقل عملين إضافيين لإكمالهما. في هذا العمل، كان على هرقل أن يسرق التفاح من حديقة هيسبيريديس. سافر هرقل حول العالم بحثًا عن التفاح، وبناءً على نصيحة بروميثيوس، طُلب من هرقل أن يطلب من أطلس سرقة التفاح. حمل هرقل السماء والأرض بينما سرق أطلس التفاح. طلب أطلس أن يأخذ التفاح إلى يوريسثيوس، ووافق هرقل وطلب من أطلس الاحتفاظ بالسماء والأرض أثناء تعديل ملابسه. عندما استعاد أطلس السماء والأرض على كتفيه، غادر هرقل وعاد إلى يوريسثيوس لتسليم التفاح الذهبي. [3]

القبض على «سيربيروس- Cerberus»

كانت المهمة الثانية عشرة والأخيرة هي القبض على الوحش سيربيروس. كان سيربيروس كلبًا ثلاثي الرؤوس يحرس بوابات العالم السفلي لمنع العالم الحي من الدخول. مع العلم أنه لا يستطيع دخول العالم السفلي من خلال هذا المدخل، سافر هرقل عبر كهف عميق ليدخل العالم السفلي. حارب هرقل العديد من الوحوش في جميع أنحاء العالم السفلي حتى وصل إلى هاديس. سأل هرقل هاديس عما إذا كان بإمكانه أخذ سيربيروس إلى السطح. وافق فقط إذا تمكن هرقل من كبح جماح الوحش بيديه العاريتين وبدون أسلحة. كان هرقل قادرًا على إخضاع سيربيروس ونقله إلى يوريسثيوس، الذي طالبه بإعادة سيربيروس إلى العالم السفلي. [3]

مغامرات أخرى:

أصبح هرقل الآن حراً في أن يفعل ما يرضيه في حياته، وبعد كل ما أنجزه، قد يُعتقد أنه سيتمكن الآن من الاستمتاع بأيامه في سلام؛ هذا لن يكون الحال. سواء من خلال خدع هيرا أو مزاجه وعدم ضبط النفس، فإن هرقل سيتحمل المزيد من المشاكل. بعد أن أصابته هيرا مرة أخرى بالجنون، قتل هرقل الأمير إفيتوس من «إيكاليا- Oechalia» وأخبره وسيط الوحي أنه يجب أن يبيع نفسه كعبد للتكفير عن خطيئته. أصبح ملكًا «لأومفالي- Omphale» ملكة ليديا التي جعلت البطل يلبس ملابس النساء ويقوم بأعمال التطريز مع سيدات البلاط الأخريات. أتخذته أومفالي في النهاية كعشيق لها ثم أطلقت سراحه. [2]

ثم ذهب في رحلة استكشافية إلى طروادة التي غزاها بمساعدة أبطال آخرين (قبل حرب طروادة بوقت طويل) ثم انخرط في حرب مع جبابرة صقلية. لقد هزم زيوس الجبابرة قبل ذلك بقرون، لكنهم قاموا مرة أخرى، ووفقًا للنبوءة، لم تتمكن الآلهة من الفوز هذه المرة إلا بمساعدة بطل بشري. ساعد هرقل في هزيمة جبابرة وإنقاذ العالم من الفوضى والآلهة من السجن. ثم أبحر عائداً إلى اليونان للانتقام من أوجياس لرفضه احترام اتفاقه عندما قام بتنظيف الاسطبلات. هُزم هرقل في هذه المعركة لأنه كان لا يزال ضعيفًا من الحرب مع الجبابرة. غادر أرض أوجياس، وبعد مغامرات أخرى، ذهب إلى كاليدون حيث التقى ووقع في حب الأميرة «ديانيرا- Deianira»، أخت «ميلياجر- Meleager». كان عليه أن يصارع إله النهر «أخيلوس- Achelous » من أجل يدها وفاز، وهكذا تزوج. [2]

موت هرقل:

القنطور نيسوس

عاش هرقل وديانيرا بسعادة لبعض الوقت في كاليدون حتى قتل بطريق الخطأ ساقي والد زوجته. على الرغم من أنه كان حادثًا، وقد غفر له الملك، لم يستطع هرقل أن يغفر لنفسه ولذلك قرر مغادرة المدينة مع ديانيرا. وصلوا إلى نهر إيفينوس، وهناك التقوا بالقنطور «نيسوس- Nessus» الذي عرض عليه حمل ديانيرا على ظهره. ومع ذلك، عند وصوله إلى الجانب الآخر، حاول اغتصابها وأطلق عليه هرقل النار بأحد سهامه. كانت هذه هي نفس الأسهم التي غمسها هرقل في دم العدار، وكان القنطور يموت بسرعة عندما أخبر ديانيرا أن دمه يمتلك صفة خاصة كجرعة حب وأنه يجب أن تأخذ بعضًا منه في قنينة. قال إنه إذا شعرت أن هرقل يفقد الاهتمام بها، فعليها أن ترش الدم على قميصه وسيظل في حبها إلى الأبد. لقد فهم نيسوس، بالطبع، أن الدم سيكون مميتًا لأي إنسان وهذا كان انتقامه لسهم هرقل. [2]

الغيرة القاتلة

استقر هرقل وديانيرا في مدينة «تراخيس- Trachis»، وأنشأوا عائلة، ومرة ​​أخرى، كانوا سعداء لبعض الوقت حتى ذهب هرقل إلى الحرب ضد «يوريتوس- Eurytus» ، الذي كان، مثل أوجياس، قد أهانه في وقت سابق من حياته. لقد قتل يوريتوس وأخذ ابنته «يولي- Iole» (التي فاز بها من قبل في مسابقة للرماية ولكن تم رفضه) باعتبارها محظية له. نسخة أخرى من الأسطورة تتعلق كيف ساعد أرتميس في قتل خنزير كان يدمر المملكة وتم إعطائه يولي كهدية. ثم أعد هرقل وليمة نصر وأرسل كلمة إلى ديانيرا لترسل له أفضل قميص يرتديه في المهرجان. ديانيرا، خوفًا من أن يكون هرقل مولعًا بيولي الآن أكثر منها، نقعت القميص في دم نيسوس ثم غسلت البقع، ولم يتبق منه سوى السم. بمجرد أن ارتدى هرقل القميص، سيطر عليه ألم مبرح وبدأ في الاحتراق. مزق القميص من جسده لكن السم كان تغلغل بالفعل على جلده. ولأنه كان نصف إله، لم يستطع الموت بسرعة وعانى لأن السم اخترق جسده وأصبح أضعف وأضعف. بعد أن أدركت ديانيرا أنها تعرضت للخداع من قبل نيسوس وقتلت زوجها، شنقت نفسها. [2]

المصادر:

  1. world history
  2. new world encyclopedia
  3. theoi

من هم المعتزلة وما هي مبادئهم؟

خلال القرن الثامن الميلادي، ناقش علماء الدين المسلمون العديد من المسائل. كالتساؤل حول ما إذا كان القرآن مخلوقًا أم أبديًا. وما إذا كان الله قد خلق الشر، ومسألة الأقدار مقابل الإرادة الحرة. وما إذا كانت صفات الله في القرآن يجب أن تفسّر مجازياً أم حرفيًا. كما تعامل الإسلام أيضًا مع عدد من المذاهب التي اعتبرت فيما بعد بٍدعة مثل المعتزلة. وقد حاول فكر المعتزلة بدرجة كبيرة من المنطق والتفكير معالجة كل هذه القضايا.[1] وهذا ما سنتعرف عليهم في مقالنا هذا.

من هم المعتزلة؟

المعتزلة هي مدرسة فكرية في الإسلام نشأت في القرن الثامن الميلادي وازدهرت في بغداد والبصرة. ويُعتقد أن اسم المعتزلة يأتي من الجذر العربي اعتزل بمعنى “المغادرة”، أو “التخلي”، أو “الهجر”[1]

ونظر العديد من المفكرين الإسلاميين المعاصرين إلى عقلانية المعتزلة ومبادئهم على أنها محاولة لإعطاء حياة متجددة للفكر الإسلامي. سعيًا منهم لتجهيزه لمواجهة التحديات التاريخية.[2]

مفكروا المعتزلة هم أول من استخدم مقولات وأساليب الفلسفة الهلنستية لاستنباط أفكارهم العقائدية.[3] وغلبت عليهم النزعة العقلانية واعتمدوا على العقل في تأسيس عقائدهم وقدموه على النقل.[4]

أسباب وظروف نشأتهم

ظهرت تسمية “المعتزلة” لأول مرة سياسيًا في التاريخ الإسلامي المبكر في الخلاف حول قيادة علي بن أبي طالب للأمة الإسلامية بعد مقتل الخليفة الثالث عثمان بن عفان. واصفة أولئك الذين لم يُدينوا أو يعاقبوا علي أو يناصروا خصومه واتخذوا موقفًا وسطيًا.[3]

ولكن يرجع التأسيس الفعلي لهذه المدرسة فكريًا إلى واصل بن العطاء (699-749)، تلميذ الحسن البصري.

فقد اختلف واصل ابن عطاء مع أستاذه في الحكم على مرتكب الكبيرة والمقصود بذلك مَن يتعمّد ارتكاب الذنب الذي جاء فيه حدٌّ في الدنيا أو وعيد في الآخرة، كالشرك بالله مثلاً، أو قتل النفس ظلماً أو ترك الصلاة.

قائلًا أنّه في (منزلة بين المنزلتين)؛ أي ليس بكافر ولا مؤمن. وانسحب من دائرة معلمه، وكوّن لنفسه حلقة دراسية منفصلة، فقال عنه معلمه (اعتزلنا واصل). ومن هنا جاءت التسمية حسب ما رواه الشهرستاني وآخرون بـ “المعتزلة”. [2]

ويعتقد أنّ دوافع سياسية مهيمنة أدت إلى ولادة هذا الفكر. لذا لا يمكن إنكار أن المعتزلة ظهرت كحركة سياسية.

ومن المؤكد أنه ولأسباب سياسية، حدث نوع من التقارب الطبيعي بين المعتزلة والمصالح السياسية العباسية. سواء تلاقت المصلحة في كون المعتزلة هم الوعاظ الجدد للخليفة، أم أنّ العباسيين وجدوا في آرائهم ما يناسب سياساتهم.[2]

لكنّ رغم ذلك يجب أن تنطوي أي دراسة علمية للمعتزلة على تحليل مقارن للمصادر، بسبب قلّة المراجع والمصادر التي وصلت من أعمال مفكريها الأوائل. لذا فأسباب نشأتهم لا تزال قيد الدراسة فيما عدا النزعة السياسية التي أدت إلى هيمنة فكرهم في العصر العباسي المتفق عليها. وما زال أثر فكرهم على العصر الذهبي الإسلامي غير مدروس بدقة ولم نعرف ما إذا كان وجودهم سبب في العصر الذهبي أم العكس.

لم يكن لفكر المعتزلة مركز أو مؤسس أو زعيم واحد. ففي الواقع، كانت أفكار المفكرين المعتزلة متباينة بشكل كبير في كلٍ من المسائل التفصيلية والمركزية الأكثر أهمية.[2] يرجع ذلك التباين لإعلائهم لقيمة التفكير واستخدام المنطق، إلّا أنهم اتفقوا على خمس مبادئ أساسية لفكرهم.

مبادئ المعتزلة:

التوحيد:

أيّ التمييز الوجودي بين الله وخلقه. بناءً على هذا المبدأ لا توجد مقارنة يمكن إجراؤها بين الاثنين. وقالوا: “أنّ صفاته هي عين ذاته فهو عالم بذاته قادر بذاته، لا بصفات زائدة عن الذات”.

يميز المعتزلة بين صفات الجوهر وصفات الفعل. الأولى هي تلك التي تشكل جزءًا لا يتجزأ من جوهر الله (الحياة، والقوة، والمعرفة، والإرادة، والكلام، والسمع، والبصر). وهذه الأخيرة هي صفات قد يفعلها الله أو لا يفعلها، مثل كونه خالقًا أو حاكمًا، بمعنى أنه يستطيع أن يخلق أو لا يخلق، وفقًا لإرادته.[2]

فأسماء الله الحسنى ال99 الموجودة في القرآن، ليست أجزاء مميزة من الله، ولا يمكن تمييزها عن الله نفسه.[1]

كما رفض المعتزلة فكرة أن عدالة الله عدالة منفصلة عنه، تمامًا كما أن أطراف جسد الإنسان ليست منفصلة عن الجسد ذاته.[1] ورفض المعتزلة، بشكل جذري صفة القِدم، حيث يقولون إن الله أزلي وأن القِدم هو الطبيعة الخاصة لجوهره. وذلك لأنه إذا كانت الصفات جزءًا من القِدم مع الله، فستكون أيضًا جزءًا من ألوهيته.

[2] فنفوا بذلك كل الصفات عن الخالق فيما عدا صفة الوجود.

العدل:

قالوا: “إنّ العباد هم الخالقون لأفعال أنفسهم إن خيرًا أو شرًا، وإن  جميع أفعال العباد من حركاتهم وسكونهم في أقوالهم وأفعالهم وعقودهم لم يخلقها الله عزّ وجل”

فالبشر أحرار تمامًا في أفعالهم وقادرون على الاختيار بين الخير والشر. والخير والشر مفاهيم مجردة لا تعتمد على الوحي، وهي وجهة نظر تتعارض مع الجزء الأكبر من العقيدة الإسلامية التقليدية.[2]

وقالوا: “إنّ الله لا يفعل إلّا الصلاح والخير، ويجب من حيث الحكمة رعاية مصالح العباد.”

الوعد والوعيد:

المقصود به إنفاذ الوعيد في الآخرة على أصحاب الكبائر، وأن الله لا يقبل لهم شفاعة ولا يُخرج أحداً منهم من النار. واتفق المعتزلة أنّ المؤمن التائب يستحق الثواب والعوض. ومن لم يتب عن كبيرة ارتكبها استحق الخلود في النار.

أي اشتملت هذه المسألة على يوم القيامة، حيث يجازي الله من أطاعه بما وعد به، ويعاقب من عصى بالنار.[1]

 المنزلة بين المنزلتين:

حيث يوصف مرتكبوا الكبيرة بأنهم يقفون في منتصف الطريق بين الإيمان والمعصية. حيث لا يمكن اعتبارهم مؤمنين تمام الإيمان ولا كافرين.

بقبولهم هذا المبدأ، كان المعتزلة يعلقون العدالة بشكل أساسي على من كان مخطئًا بين علي ومعاوية.

وبالتالي يتخذون موقفًا مشابهًا في آثاره لموقف المرجئين الذين تركوا مثل هذه الأمور ليقررها الله في الآخرة. وهذا الموقف الهادئ المحتمل لم يضر بشرعية خلافة الأمويين بعد الخلفاء الراشدين، ولا بادعاءات العلويين والعباسيين من ورائهم.[2]

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:

حيث قالوا: “وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع الإمكان والقدرة باللسان والسيف كيف قدروا على ذلك”

وهو مبدأ أخلاقي يتضمن السماح بالتمرد على الحكام الظالمين كوسيلة لتحريم الشر.

وتأثرت هذه الفكرة بالثورة العباسية، التي اعتبروها بمثابة إسقاط عادل للسلالة الأموية الظالمة.[1]

وهو المبدأ المشهور الذي اتفق عليه جميع المسلمين على اختلاف تطبيقهم له فيما بعد بأبعاده السياسية وقصره على البعد الاجتماعي [2].

وكان للمعتزلة أثر كبير في الحياة السياسية والدينية

أثر المعتزلة في الحياة السياسية والدينية

ومن أهم نتائج التوحيد ونفي الصفات إنكار خلود القرآن. على الرغم من أنه كلام الله المباشر، إلا أنه وفقًا للمعتزلة، فإن القرآن مخلوق. وبالتالي يمكن تفسيره وفقًا لقواعد علم الكلام.

وتتجلى الأهمية المركزية للمعتزلة وبلوغهم أوج السلطة من خلال عقيدة خلق القرآن. ظهر ذلك بإعلان الخليفة المأمون، في عام 827، أنّ القرآن مخلوق هي العقيدة الرسمية للدولة الإسلامية.

فإذا كان القرآن مخلوقًا بالفعل، فيمكن أن يخضع للتفسير، وتعديل تفسيراته من قبل المفسر. لكن أساء المأمون استخدام هذه العقيدة وسعى لفرض سلطته ليس فقط على المستوى السياسي ولكن أيضًا على المستوى الديني.

لم يتفق المأمون في جميع معتقداته مع المعتزلة لكنه قرّب منظريها منه ودعاهم إلى بلاطه. وبطش بجميع من خالفه بفكرة خلق القرآن فيما يسمى تاريخيًا بالمحنة.

محنة خلق القرآن

حصلت المحنة عام 833، خلال العام الأخير من حياة المأمون وحكمه. إذ أصدر أوامرًا باستجواب العلماء المسلمين فيما يتعلق بطبيعة القرآن على أنه أزلي ومخلوق أو غير مخلوق. طلب المأمون من العلماء اعتناق موقف المعتزلة، وأولئك الذين رفضوا تعرضوا للتعذيب أو السجن.

وعلى الرغم من أنّ الأمر تم بهدوء وسلاسة في البداية واستجاب أغلب العلماء، إلا أن رفض الإمام أحمد بن حنبل (توفي عام 855)، الاعتراف بهذا الموقف. وأطلق سراح بن حنبل في عهد الخليفة الواثق، فبدا ذلك بمثابة انتصار للمدارس التي أيدت الطبيعة غير المخلوقة للقرآن. وبذلك أصبح موقف السنة منهم واضحًا، إلّا أنّ موقف الشيعة كان متباينًا.[1]

موقف الشيعة من المعتزلة

على الرغم من نقاط الالتقاء بينهما، إلّا أن العديد من المعتزلة الأوائل كانوا معاديين للشيعة بشكل واضح. أو على الأقل معارضين لعقيدة الإمامة الشيعية الأساسية، والتي بموجبها علي ونسله يجب أن يخلفوا النبي محمد كأئمّة أو “مرشدين”.[2]

لاحقَا تبنت بعض الطوائف الشيعية، ولا سيما الاثنا عشرية، مبادئ معينة من معتقدات المعتزلة، ودمجتها في عقيدتهم الدينية. قد يُعزى ذلك إلى حقيقة أن الطائفة الشيعية في جزء كبير منها لم تتأثر بالمحنة. وربما كان ذلك بسبب أن المذهب الشيعي سمح بمرونة أيديولوجية أكثر من الموقف الأشعري الذي تبناه لاحقًا الإسلام السني.[2]

وفي أيامها الأخيرة، استمرت بعض معتقدات المعتزلة بالوجود على ألسنة الأئمة الشيعة (كالإمام المفيد، الذي توفي عام 1022 وأيد العدالة الإلهية والإرادة البشرية الحرة، والزيديين مثل أولئك الموجودين في اليمن). ولكن كانت عوامل اضمحلالها وزوالها عديدة.

أسباب اضمحلال الفرقة

  • كانت عقلانية المعتزلة جذابة لبعض الطبقات الأكثر تحررًا وتعلمًا في ذلك الوقت. كموقفها من الإرادة الحرة، ومعارضتها المتأصلة للتجسيد الإلهي. ومع ذلك، نظرًا لكونها نخبوية بطبيعتها العقلانية، فلم تكتسب مكانة بين الجماهير.
  • قيام الخليفة المأمون بتأسيس المحاكمة في القرن التاسع، وعلاقاته الواضحة بمذهب المعتزلة، وما تلاه من اضطهاد للعلماء، جعل المعتزلة أقل شعبية بين الناس. ونتج عن المحنة وتداعياتها انتقال السلطة الدينية إلى مجتمع العلماء.[1]
  • أظهرت المحنة بوضوح عدم استدامة التفسير الرومانسي للمعتزلة كمدافعين عن الفكر الحر، أو أنهم “متحررين مثقفين” يحاربون ظلامية العقيدة. بل كان المعتزلة رجال دين صارمين، وغير متسامحين بما يكفي. وبمجرد وصولهم إلى السلطة، لم يترددوا في اضطهاد خصومهم الأكثر خطورة.[2]
  • كان فكر المعتزلة هو عقيدة الدولة، مدعومًا من السلطة العليا ودون مشاركة وثيقة مع الجزء الأكبر من المؤمنين. لذا كان من السهل عليها أن تتراجع خلف أبواب المدارس وتدير ظهرها للطموح السياسي.

نهاية الفرقة

كانت هيمنة أفكار المعتزلة قصيرة الأمد، ولكنها عاصرت العصر الذهبي الإسلامي. ثم انخفضت بالتوازي مع أزمة السلطة العباسية. وفي وقت مبكر من فترة المعتصم (833-842)، الذي أحاط نفسه بالمرتزقة الأتراك، وظهور العلامات الأولى لكيفية بدء القوى الفاسدة في التأثير بقوة على قرارات الخليفة، واحتجاز الأسياد كرهائن.

وعندما وصل المتوكل إلى السلطة عام 847، شرع في كسر القبضة التركية الخانقة. وفي محاولة لتعزيز هذه السياسة، قرر الوقوف إلى جانب العلماء المتدينين والمدنيين. في المقابل، كان عليه أن يفرض تحولاً في سياسات الخلافة الدينية. فألغى المحنة واضطهد المعتزلة والعلويين.

ورغم انتهاء عصر المعتزلة إلّا أن الأفكار لا تموت، وبدا وكأن الأحداث السياسية واستغلال الحكام لأفكارهم قد ظلمهم بعض الشيء. كما أنّ متطلبات العصر الحديث اقتضت العودة إلى أفكارهم الأكثر مرونة من سواها. و بُذلت بعض المحاولات الحديثة لإحياء الفكر المعتزلي، لمواجهة المدارس السلفية والوهابية التقليدية. ومن الأمثلة البارزة للمفكرين المعاصرين الداعمين للمذهب المعتزلي هم هارون ناسوتيون ونصر حامد أبو زيد. ومع ذلك، لم تتكلل هذه الجهود بالنجاح ولكن يمكن وصفها كمحاولات. ومن المهم مستقبلًا للثقافة الإسلامية أن تناقش فكر المعتزلة وألا يقتصر ذلك على الدوائر الفكرية الضيقة والأروقة البحثية. وهو هدف يبدو أنّه غير قابل للتحقيق في الوقت الحاضر .

المصادر:
1- newworldencyclopedia
2- compass
3- britannica
4- wikipedia

من هو يوسف بن تاشفين وكيف استعاد الأندلس في الوقت المناسب؟

هذه المقالة هي الجزء 8 من 14 في سلسلة تاريخ مغامرة العرب في بلاد الأندلس

مر على التاريخ الإسلامي العديد من الشخصيات البارزة والهامة، والتي أثرت في مستقبل العالم الحاضر. كان من أبرز الشخصيات الإسلامية التي لمعت في زمن الحكم العباسي لمعظم الأراض الإسلامية هي شخصية القائد العسكري، والحاكم لجماعة المرابطين يوسف بن تاشفين. كان ليوسف تأثيرًا ملحوظًا على المرابطين، حيث ساهم في توسع رقعة الحكم التابعة لهم. كما أنه وطد العلاقات مع الدولة العباسية. فقد كانت دولة المرابطين دولة إسلامية مستقلة بذاتها، بعيدًا عن الخليفة العباسي، إلا أن يوسف قدّم الولاء للدولة العباسية حتى يأمن جيشها. وضمن بذلك احتفاظه باستقلالية دولته، وتوسيعها إلى أكبر حدٍ، بعدما كانت منطقة صغيرة في المغرب. [1]

جوانب من شخصية يوسف بن تاشفين

كان يوسف بن تاشفين شخصية ورعة متدينة، وحاكم مؤثر في رعيته بالتقوى، وكما عرفت عنه التقوى عرفت عنه القوة. يُنظر إلى يوسف بن تاشفين على أنه شديد البأس في المعارك. وحصل ابن تاشفين على الحكم بعد أن أثبت جدارته في تولي أعباءه، بدلًا عن ابن عمه أبو بكر بن عمر. فقد ذهب أبو بكر في رحلة لإخماد تعصبٍ قبلي حدث في جنوب البلاد، وعند عودته وجد المرابطين قد اجتمعوا تحت راية يوسف. حتى أنه يذكر أن زوجة أبو بكر تركته وذهبت لتتزوج من يوسف بن تاشفين، والذي كان ذو نفوذٍ وشعبية لا تقدّر. [1]

وكان من أشهر ما كتب عنه، هي حكايته مع ملوك الطوائف، الذين تفككوا وتشتتوا. حتى أن الأندلس التي كانت تحت حكمهم، كادت تسقط في أيدي الجيوش المسيحية. فبعد أن تشاوروا فيما بينهم وجدوا أن يوسف هو الشخص القادر على صد العدوان المسيحي، وتوحيد صفوفهم من جديد. حيث نجح بن تاشفين في الأولى، إلا أنه فشل في الثانية، لذلك ذهب ليستشير رجال الدين في ضمّه الأندلس تحت حكمه، ومحاربته لملوك الطوائف. وعاد ليعزل ملوك الطوائف المتخاذلين، وضم الأندلس تحت حكمه، كما استعاد بعض الأراضي التي سلبت من المسلمين. فهزم جيش ألفونسو السادس، والذي كان جيشًا لا يقهر في تللك الفترة في الأندلس. [2]

قيل عن يوسف بن تاشفين أنه عدَل بين رعاياه، وخفض الضرائب التي كان ملوك الطوائف يطلبونها منهم لدفع المال للجيوش المسيحية جزية وليدافعوا عنهم ضد بعضهم البعض. حتى أنه لقب بأمير المسلمين، وكان هذا اللقب مميزًا وحصريًا ليوسف. وكان محافظًا على وعوده، حتى جاء أحفاده من بعده ورفعوا الضرائب مرة لأخرى لأسباب شبيهة بأسباب ملوك الطوائف. وفي قوته وشجاعته، فاقت إنجازاته إنجازات أي مثيلٍ له في زمانه، إلا أن ورثته كذلك لم يحصلوا على ذلك القدر من الشجاعة ليواصلوا أمجاد جدهم. [2]

كيف حكم يوسف بن تاشفين المغرب؟

بعد أن ترك أبو بكر حاكم المرابطين السابق ليوسف الحكم، توسع يوسف في المغرب حتى قيل أنه وصل إلى حدود غانا. أصبحت الصحراء الغربية تحت بسطة حكمه في عام 1062م، وفي ذات العام ضم موريتانيا إلى حكم المرابطين. وبعد ذلك اتخذ من مراكش عاصمة لدولته، وعزز حكمه في المغرب. ثم دخل الجزائر عام 1080م، وامتد فيها حتى شرق وهران. اعترف بحكم الدولة العباسية حتى يأمن الحرب مع دولتهم، واستقل بحكمه للمغرب حتى أنه أصبح كخليفةٍ هناك. [1,2]

وفي عام 1090م دخل يوسف بن تاشفين الأندلس، ولكن أبقى على مراكش عاصمة لدولته. وواصل حكم الأندلس من مراكش. ونقل الكتبة من الأندلس إلى المغرب، حتى يقوي من مقر حكمه في مراكش. وظلت المغرب تحت حكم المرابطين طيلة حياة يوسف بن تاشفين، حتى توفي عن عمر يناهز 100 عام. وبعد ذلك بدأت دولة المرابطين في السقوط، بعد أن رحل عنها يوسف الحكيم، وحلت محلها دولة الموحدين. [1]

دور يوسف بن تاشفين في الأندلس

دخول يوسف بن تاشفين الأندلس للمرة الأولى

عندما دخل يوسف الأندلس في البداية، كان بدعوة من بعض ملوك الطوائف، الذين عجزوا عن توحيد صفوفهم والتصدي للدولة المسيحية. أرسلوا إلى يوسف دعوة لمساندتهم، ولبى يوسف نداءهم في عام 1086م. ودخل ابن تاشفين الأندلس ومعه 15000 رجل، كان منهم 6000 فارسٍ من السنغال لمواجهة جيش ألفونسو السادس الحاكم القشتالي. ارتاد الفرسان خيول عربية أصيلة، واستعان يوسف كذلك بالإبل في معركته تلك. ورغم أن عدد الجيوش المسيحية مجمعة يفوق عدد جيوش المرابطين، إلا أن الفوز كان من نصيب يوسف وجيشه. وعاد يوسف بعد ذلك إلى المغرب، ولكن بعد أن فشل ملوك الطوائف في لم شملهم تحت رايته، فعزم يوسف على العودة ولكن ليس لمحاولة إصلاحهم كأول مرة. [2]

دخول يوسف بن تاشفين الأندلس لضمّها

في عام 1090م عاد يوسف بن تاشفين إلى الأندلس عازمًا على ضمها تحت حكمه ورعايته، مما رآه من إهمالٍ عانت منه الأندلس بسبب ملوك الطوائف. بدأ يوسف بضم ولايات الأندلس واحدة تلو الأخرى، واستطاع كذلك في عام 1100م أن يضم فالينسيا، والتي قد كانت الدولة المسيحية قد استعادتها من ملوك الطوائف، ولكنه لم يستطع استعادة سرقسطة. وأنشأ يوسف أسطولًا بحريًّا، وقام بتوزيع الجنود والفرسان في أرجاء الأندلس ليتمكن من الحفاظ عليها. كما أنه اعتاد على استخدام الطبول في معاركه كنوعٍ من الألاعيب النفسية التي يمارسها ضد أعداءه. وظل يوسف بن تاشفين صامدًا صادقًا في ما وعد به أهل الأندلس، من تخفيض الضرائب وحفظ كرامتهم، وعدم دفعه المال للملوك المسيحين ليدافعوا عن المسلمين. ولكنه لم يستطع أن يجعل ورثته وأحفاده أن يسيروا على خطاه، فانغمسوا كسابقيهم في الترف، ونسوا ما وعد به جدهم في بادئ الأمر. وهذا هو الحال في التاريخ، ودائمًا ما تتبدل الأدوار. [1,2]

المصادر:

1-Yūsuf ibn Tāshufīn | Almoravid ruler | Britannica
2-Yusuf ibn Tashfin – New World Encyclopedia

من هو هيفايستوس في الأساطير اليونانية؟

من هو هيفايستوس في الأساطير اليونانية؟ كان «هيفايستوس -Hephaestus» هو إله النار والتعدين والحرف اليونانية القديمة والحرفيين والصناعات المعدنية والنحت. تم تصويره على أنه رجل ملتح يمسك بمطرقة وكماشة، أدوات حداد، وأحيانًا يركب حمارًا.وكان هو الحداد اللامع للآلهة الأولمبية الذي صنع لهم منازل رائعة ودروع وأدوات مبتكرة. كان لدى هيفايستوس ورشة تحت البراكين حيث كان جبل إتنا في صقلية مكانه مفضلة. كان، بقدمه العرجاء، فريدًا من نوعه باعتباره الإله الوحيد الذي يفتقر للكمال. بالنسبة للرومان، كان يُعرف باسم فولكان أو فولكانوس. [1] [2]

هيفاسيتوس وفكرة الخلق:

في الأساطير اليونانية الكلاسيكية، يمكن اعتبار هيفايستوس دليلاً على إقامة صلة قوية بين فكرة الخلق مع الإله الحداد، الذي ابتكر بنفسه أدوات جديدة للاستخدام الإلهي والبشري. هذا المفهوم العام للخلق (والقوة الخلاقة) مهم للغاية للعديد من الأنظمة الدينية التي ترى أن الرب هو الخالق الأصلي للكون والإنسانية. تسعى بعض التقاليد الدينية إلى فهم كيف تدهورت خليقة الرب الأصلية لاحقًا وإيجاد طريقة لاستعادة فردوس الرب الأصلي. [3]

ولادته وحياته:

أصله

من بين جميع الأولمبيين من الجيل الثاني (أبولو وأرتميس وآريس وأثينا وديونيسوس وهيفايستوس وهيرميس)، كان آريس وهيفايستوس هما أبناء هيرا. علاوة على ذلك، بينما كان آريس بلا شك ابن الزوجين الحاكمين الإلهي، فإن المصادر الأسطورية التي تصف أصول هيفايستوس متضاربة إلى حد ما. في بعض الأساطير، يبدو أن هيفايستوس، مثل شقيقه، كان ابن هيرا وزيوس. لكن الأكثر إثارة للاهتمام هي الروايات التي تصفه على أنه نتاج التكاثر اللاجنسي من جانب والدته لأن هيرا شعرت بالغيرة عندما أنتج زيوس أثينا دون مساعدتها وقررت بحقد أن تجعل نفسها حامل بقوة الإرادة. [3]

أعرج أم سليم

تؤدي هذه الروايات غير المتوافقة إلى تناقض ثانٍ، هذه المرة فيما يتعلق بالمظهر الجسدي لهيفايستوس. في جميع الحالات، يتم وصفه على أنه مشوه أو مشلول أو أعرج (أو مزيج من السمات الثلاث). عندما يصور الإله البائس على أنه ابن هيرا وحده، يُفهم أنه ولد بهذه العيوب الجمالية والوظيفية المختلفة. يلاحظ أن الافتراض الأبوي الفطري في هذه الحكاية، في حقيقة أن زيوس أنجب ابنة كاملة، بينما هيرا، بنفسها، لم تستطع إلا أن تولد هيفايستوس المشلول، يجادل مرة أخرى للدور الأعلى للذكر. [3]

 فزعت هيرا من مشهد نسلها الغريب، وألقت على الفور هيفايستوس من جبل أوليمبوس. سقط عدة أيام وليالٍ وهبط في المحيط، حيث نشأ من قبل «الأوقيانوسيات- Oceanids» وثيتس (والدة أخيل) و«يورينامي- Eurynome». بالمقابل، عندما كان يُنظر إلى الحداد الإلهي على أنه ابن هيرا وزيوس، فقد وُلد بصحة كاملة. ومع ذلك في نسخة أخرى، بعد إغضاب زيوس من قبل هيفايستوس (بإنقاذ هيرا من العقاب الجسدي المؤلم الذي فرضه زيوس)، تم طرده من السماء. في هذا الإصدار، يفسر عرج الإله بواسطة هبوطه العنيف المفاجئ على شواطئ ليمنوس الصخرية. وهكذا، فإن التناقضات بين هاتين الحلقتين المرتبطتين يتم التوفيق بينهما في تفسيرهما المشترك لأطراف هيفايستوس العرجاء. [3]

تسمم بالزرنيخ

لقد حققت الدراسات الحديثة بعض التقدم المثير للاهتمام في استكشاف طبيعة التشوهات الجسدية للإله. في إحدى الحالات، يُنظر إلى المظهر الجسدي للهيفايستوس على أنه يشير إلى التسمم بالزرنيخ مما يؤدي إلى العرج وسرطان الجلد. مثل هذا التشخيص مناسب، لأن معظم الحدادين في العصر البرونزي كانوا سيعانون من تسمم مزمن في مكان العمل بسبب إضافة الزرنيخ إلى البرونز لتقويته. في حالة أخرى، تتم مناقشة مهارة هيفايستوس في الاستجابة لمصيبته الجسدية. [3]

تظهر بعض الأساطير (والتمثيلات الفنية المبنية عليها) أن هيفايستوس يبني لنفسه كرسيًا بعجلات يتحرك به، مما يساعده على التغلب على عرجه بينما يُظهر في نفس الوقت مهارته كصانع للآلهة الأخرى. الخبير الشهير في الأساطير اليونانية، روبرت جريفز، لديه نظرية أخرى ويشير إلى أنه في العديد من القبائل القديمة في كل من غرب إفريقيا والدول الاسكندنافية كان حداد القرية، وهو عضو مهم بشكل خاص وموقر في المجتمع، غالبًا ما يجعل أعرج عمدًا بحيث لم يستطع تقديم خدماته بسهولة إلى قرية منافسة. [3] [2]

صفاته الجسدية

هيفايستوس هو الإله الوحيد الذي يعمل. إنه الأكثر حيوية جسديًا بين جميع الأولمبيين. في الإلياذة، يُصوَّر على أنه حداد قوي في منتصف العمر ذو وجه ملتح وعنق سميك قوي وصدر مشعر وجبين متعرق وذراعان كثيفة العضلات، يرتدي سترة بلا أكمام. تم تصميم ورشته خصيصًا لتلائم إعاقته. في لوحة مزهرية، يُصوَّر هيفايستوس أيضًا وهو يركب عربة مجنحة رائعة تشبه الكرسي المتحرك. [3]

صناعات هيفيستوس

اشتهر هيفايستوس (وهو الأكثر تمثيلًا في المجموعة الأسطورية) باعتباره صانع الكثير من المعدات الرائعة للآلهة، لدرجة أن أي أعمال معدنية سحرية مصنوعة بدقة والتي تظهر في الأساطير اليونانية يقال إن هيفايستوس صنعها مثل خوذة وصنادل هيرمس المجنحة وصدرية إيجيس (يرتديها زيوس أو أثينا) وحزام أفروديت الشهير ودرع أخيل ومطرقة هرقل البرونزية (المستخدم في معركته مع طيور ستيمفاليان) وعربة هيليوس وكتف بيلوبس وقوس وسهام إيروس. لبناء هذه الأعاجيب، عمل هيفايستوس بمساعدة «صقاليب العالم السفلي- chthonic Cyclopes»، مساعديه في الصياغة. والأكثر إثارة للإعجاب، أنه بنى أيضًا آلات معدنية للعمل معه، وشيد باندورا من الأرض (بناءً على إلحاح زيوس) وقام بتجميع تالوس (المدافع الآلي لجزيرة كريت). [3]

الزواج بأفروديت والخيانة:

الانتقام من والدته

في الحكايات الأسطورية، لم يُقبل هيفايستوس إلا على مضض كعضو في البانثيون (وهي حقيقة قد تسلط الضوء على الصراع بين الحرفيين والأرستقراطيين في المجتمع الهيليني). للانتقام من معاملة هيرا السيئة له، قرر احتجاز الإلهة رهينة حتى يحصل على التقدير الذي شعر أنه يستحقه. ولتحقيق ذلك، بنى لها عرشًا ذهبيًا وقدمه لها كهدية. لم تكن والدته تعلم أنه بمجرد جلوسها عليه، فإن المقعد السحري سوف يلتصق بجسدها ويمنعها من النهوض. [3]

بعد أن انطلق آريس لمساعدة والدته، عرض إجبار هيفايستوس على إطلاق سراحها، لكن تم إبعاده من منزل هيفيستوس بواسطه سهام الإله الماهر المشتعلة. بقيت هيرا سجينة حتى قام ديونيسوس بجعل هيفايستوس ثملًا وأعاده إلى أوليمبوس. حتى عندما كان مخموراً، قاد هيفايستوس صفقة صعبة للإفراج عن والدته، بحجة أنه يجب قبوله في البانتيون وأنه (على الأقل في بعض الروايات) يجب أن يُمنح أفروديت، إلهة الجمال والحب، كزوجته. [3]

أفروديت الخائنة

في تلك المصادر التي تصف هيفايستوس وأفروديت كزوجين، لا يُنظر إلى الاتحاد على أنه اتحاد متناغم. وبشكل أكثر تحديدًا بدأت إلهة الجمال، التي لا تحب فكرة الزواج من هيفايستوس القبيح، علاقة مع آريس، إله الحرب. في النهاية، اكتشف هيفايستوس خيانة أفروديت من هيليوس، الشمس التي ترى كل شيء وخطط لمصيدة لهم خلال إحدى لقائاتهم. بينما كان أفروديت وآريس مستلقين معًا في السرير، أوقعهم هيفايستوس في شبكة غير قابلة للكسر، وسحبهم إلى جبل أوليمبوس لإحراجهم أمام الآلهة الأخرى. [3]

ومع ذلك، ضحكت الآلهة على مرأى من هؤلاء العشاق العراة وأقنع بوسيدون هيفايستوس بإطلاق سراحهم مقابل ضمان أن آريس سيدفع غرامة الزاني. بالنظر إلى الخيانة التي تعرض لها الحداد، من المفهوم أن بعض الروايات تصف الزوجين على أنهما مطلقان، كما هو مقترح في تصريح هيفايستوس في رواية هوميروس بأنه سيعيد أفروديت إلى والدها ويطلب مهر عروسه. [3]

هيفايستوس وأثينا:

في الفكر اليوناني، ارتبط مصير إلهة الحكمة والحرب (أثينا) والإله الحداد (الذي صنع أسلحة الحرب). بشكل عام، كان لهيفايستوس الفضل في إنشاء الكثير من أسلحة أثينا، وكان الإلهان يعبدان معًا في بعض الأحيان. وبشكل أكثر تحديدًا، لعب هيفايستوس دورًا حاسمًا في أساطير مهمة تركزت على الإلهة الحكيمة. في البداية، يُنسب إلى هيفايستوس أحيانًا الفضل في فتح جمجمة زيوس التي سمحت لأثينا بالظهور إلى العالم. في الثانية، تم وصف الإله المكبوت جنسياً أنه حاول اغتصاب الإلهة الجميلة، رغم أنه نجح فقط في القذف على ساقها. عندما سقط منيه على الأرض، أنتج بأعجوبة إريكثونيوس (أحد الأبطال المؤسسين لأثينا). تساعد هذه الأساطير في تعزيز العلاقة المعقدة بين هذين الإلهين. [3]

عبادة هيفايستوس:

كان هيفايستوس يعبد بشكل خاص في أثينا و ليمنوس في شمال شرق بحر إيجة. كان في أثينا معبدًا مشهورًا مكرسًا بشكل مشترك للإله وأثينا (أيضًا الإلهة الراعية للحرف اليدوية وممثليها)؛ لا يزال قائماً على ارتفاع في أجورا القديمة التي تم التنقيب عنها، وهو أحد أفضل المعابد المحفوظة في العالم اليوناني. تم بناء معبد دوريك 449 قبل الميلاد، والمعروف أحيانًا باسم هيفايستيون أو ثيسيوم، يحتوي على 13 عمودًا على الجوانب الطويلة وستة في الواجهات. احتوى المعبد في الأصل على تماثيل برونزية كبيرة لأثينا وهيفايستوس. وفقًا لسوفوكليس، كان الحدادين يسيرون في أرجاء المدينة حاملين أدواتهم خلال مهرجان تشالكيا السنوي الذي يكرم زوج الآلهة. أقيم مهرجان هيفاستيا الأكثر إثارة في أثينا مرة واحدة فقط كل خمس سنوات وشمل مسيرات بالشعلة وتضحيات باهظة لتكريم أثينا وهيفايستوس. [2]

في هذه الأثناء، في ليمنوس، حيث كما رأينا، تم إلقاء الإله على الأرض في بعض الروايات، أعطى هيفايستوس اسمه لمدينة هيفايستيا، التي كان لها معبد مخصص له. ارتبطت معالم معينة في الجزيرة بالإله وحرفته مثل خليج مودروس (الذي يعني “كتلة المعدن المنصهر”). حتى تراب الجزيرة تم تصديره في العصور القديمة حيث اعتقد الناس أن لها صفات كعلاج وسم. المواقع الأخرى حيث كان هيفايستوس يوقر وغالبا ما يرتبط بالحرائق التي تحدث بشكل طبيعي تشمل كاريا وليسيا. كان لدى أغريجنتو في صقلية معبد مهم مخصص للإله (حوالي 430 قبل الميلاد)، على الرغم من وجود القليل من بقايا هذا المعبد اليوم. أخيرًا، نظرًا للاعتقاد بأن الإله لديه ورشته تحت البراكين ، فقد ارتبط بالعديد من البراكين، وخاصة جبل إتنا في صقلية. [2]

المصادر:

  1. theoi
  2. world history
  3. new world encyclopedia

شبح الحروب الاقتصادية أشدّ فتكًا على الإنسان من القذائف

هذه المقالة هي الجزء 6 من 10 في سلسلة نبذة عن أقسى الجرائم البشرية، الحروب وأنواعها

مع تصاعد أزمة الغاز العالمية وزيادة المخاوف من احتدام الصراع بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين، يمكننا القول أننا ندرك جميعًا مساوئ الحروب على الاقتصاد. فلطالما كانت المجاعات الناجمة عن الحروب أكثر فتكًا من الحروب نفسها. فالحصار ونقص المؤن وتردي الأوضاع المعيشية هي أكثر ما قد يسعد الخصم الدولي لأي بلد اليوم. وجميعها جزء من أدوات الحرب الاقتصادية وهي ما سنتعرف عليه في مقالنا هذا.

تعريف الحروب الاقتصادية

الحرب الاقتصادية، هي استخدام، أو التهديد باستخدام الوسائل الاقتصادية ضد بلد ما بغية إضعاف اقتصادها وبالتالي الحد من قوتها السياسية والعسكرية. وتشمل الحرب الاقتصادية أيضًا استخدام الوسائل الاقتصادية لإجبار الخصم على تغيير سياساته أو سلوكه أو تقويض قدرته على إدارة علاقات طبيعية مع الدول الأخرى.[1]

أدرك الإنسان منذ فجر التاريخ أنّ إضعاف الخصم ووهن عزيمته يحقق نصرًا حاسمًا واستراتيجيًا. ويخلق لدى العدو هالة رعب من تكرار ما حدث في الماضي. ورغم أنّ الحروب البيولوجية كانت أكثر الحروب دموية وفتكًا على مرّ التاريخ، إلّا أن آثار الحروب الاقتصادية مدمّرة أكثر على الصعيد الإنساني وقادرة على إضعاف الإنسان وإعادته إلى أصوله الهمجية الأولى مفقدةً إيّاه البعد الحضاري الذي يتغنى به دائمًا ويتسامى به عن بقية الكائنات الحيّة الأخرى.

“إن ممارسة ضغط الحرب على جميع السكان، وليس فقط على الجيوش في الميدان، هي روح الحرب الحديثة.”

ألفريد ثاير ماهان، نوفمبر ١٩١٠ [2]

فمع ازدياد ترابط اقتصاديات الدول ببعضها البعض، وخاصة أننا نعيش في عصر العولمة وتشابك الاقتصادات الوطنية مع الاقتصاد الدولي، وصل التبادل التجاري أوجه مع استخدام الفضاء السيبراني كمجال لتبادل المنتجات والخدمات، وأصبحت تحديّات هذه الحرب أكثر تعقيدًا وتأثيرًا.

نشأة الحروب الاقتصادية

تسعى البلدان المنخرطة في الحروب الاقتصادية إلى إضعاف اقتصاد الخصم. عن طريق حرمانه من الوصول إلى الموارد المادية والمالية والتكنولوجية الضرورية. أو منع قدرته على الاستفادة من التبادل التجاري والمالي والتكنولوجي مع البلدان الأخرى.[1]

ويعد الحصار أكثر الأدوات شيوعًا. حيث يمارس حصار واعتراض البضائع المهربة بين المتحاربين منذ ما قبل الحرب البيلوبونيسية (431-404 قبل الميلاد) في اليونان القديمة.

أما في العصر الحديث، فقد توسعت استخدامات الحروب الاقتصادية لتشمل الضغط على الدول المحايدة. إذ يمكن للدول المعادية الحصول من تلك الدول المحايدة على الإمدادات. وبالتالي، حرمان الأعداء المحتملين من السلع التي قد تساهم في قدرتهم على شن الحرب.[1]

ومن المسلم به أنه يتم تطوير أسلحة إلكترونية لاستخدامها مع القوات القتالية كحروب سيبرانية. وبالمثل فإن إمكانية مهاجمة البنية التحتية الاقتصادية الحيوية للعدو لتقويض قدراته العسكرية أو المدنية أصبحت معروفة الآن على نطاق واسع[2]، ولها أدواتها المختلفة.

أدوات الحروب الاقتصادية

أدى التحول في النظام الاقتصادي العالمي إلى إحداث تغييرات في طبيعة الحرب نفسها.[2] وبالتالي تغيير في الأدوات المستخدمة، كحظر سلاسل التوريد العالمية أو الحظر التجاري. وقد لا يشمل مقاطعة كليّة وإنّما محاولة التأثير على حركة التجارة عبر التمييز الجمركي.

ويُعد استهداف البنية التحتية الاقتصادية الحيوية هجومًا دقيقًا على الأصول المادية. ويحدث ذلك باستعمال أدوات معينة، كالمقاطعة الاقتصادية أو العقوبات أو تجميد الأصول الرأسمالية أو وقف المساعدات أو حظر الاستثمار وتدفقات رأس المال الأخرى أو مصادرة الممتلكات. [1]

ومن الأدوات المفصلية حديثًا محاولة التأثير على شبكة الاتصالات. فيمكن أن يؤثر قطع الشبكة على المدنيين أيضًا وليس حكوماتهم أو قواتهم المسلحة فحسب، وبتأثير مباشر وسريع أكثر مما كان ممكنًا في السابق.[2] فاستقرار الاقتصادات الوطنية والاقتصاد الدولي حديثًا لا يعتمد على حرية حركة السلع والمال فحسب. بل يعتمد أيضًا على حرية تبادل المعرفة والمعلومات حول العالم.[2]

إضافة إلى ما سبق، تستهدف الحرب الاقتصادية أيضًا مجتمع العدو من خلال تشويش اقتصاده الوطني بهدف تقويض شرعية الدولة المعادية ودعمها الداخلي. مستهدفة الأنظمة التي تدعم أسلوب حياة المجتمع لا المجتمع نفسه. حيث أصبح المدنيون هم الهدف في الحرب الاقتصادية لا الجيوش. [2] وتهدف جميع الأدوات الحديثة والقديمة إلى توجيه ضربة قاضية معطلة من شأنها أن تجنّب الحاجة إلى أنواع حروب أكثر حدّة وتكلفة وأطول أمدًا. ولكن من المهم أن نعرف أن استخدام استراتيجية الحرب الاقتصادية أسهل قولًا من فعلها [2] لذا على الدول أن تستخدمها بحكمة.

كيف تضمن الدول استخدام هذه الاستراتيجية بفعالية أكبر؟

تعتمد فعالية الحرب الاقتصادية على عدد من العوامل، كقدرة الخصم على إنتاج السلع المقيدة داخليًا أو الحصول عليها من دول أخرى. فعلى سبيل المثال، أُحبِطت الجهود التي بذلتها الولايات المتحدة للإطاحة بفيدل كاسترو من السلطة في كوبا من خلال الإبقاء على حظر دام عقودًا بسبب زيادة التجارة بين كوبا والمكسيك وكندا وأوروبا الغربية.[1]

فعلى الرغم من أن الحرب الاقتصادية غالبًا ما تُعتبر مكملاً أو بديلًا غير مكلف نسبيًا للمشاركة العسكرية. إلا أنها تفرض تكاليف على الدولة التي تبادر بالبدء، من خلال حرمانها من الوصول إلى التبادل الاقتصادي مع الدولة المستهدفة. على سبيل المثال، دفع المستهلكون في الولايات المتحدة تكاليف أعلى للسلع التي كان من الممكن استيرادها بتكلفة أقل من كوبا أو من البلدان المستهدفة الأخرى، مثل إيران. وحُرمت الشركات الأمريكية من الوصول إلى سلعها وأسواقها أيضًا.[1] لذا يجب أن تعمل الدولة على إحداث خرق اقتصادي يسبب أذى للخصم، لا لها. ويضمن إيجاد البدائل الأقل تكلفة.

إنّ فعالية الحرب الاقتصادية محدودة أيضًا بقدرة حكومة الخصم على إعادة توزيع ثروة محلية كافية نحو الجيش أو المؤسسات الأخرى للتعويض عن التخفيضات في القدرات الناجمة عن فقدان السلع المقيدة. في التسعينيات، على سبيل المثال، لم تقلل الحرب الاقتصادية ضد العراق وضد كوريا الشمالية بشكل كبير من التهديد العسكري الذي تشكله هاتان الدولتان لأنهما كانتا قادرتين على توجيه مواردهما الاقتصادية المحدودة نحو جيوشهما. [1] ويزخر التاريخ بأمثلة كثيرة أخرى عن الحروب الاقتصادية وهي قائمة في وقتنا الحاضر أيضًا.

أمثلة عن الحروب الاقتصادية

يوجد في التاريخ الكثير من الأمثلة على الحروب الاقتصادية. فهي مرتبطة بالحروب الشاملة وأكثر فعالية في الحروب الهجينة جنبًا إلى جنب مع الحروب السيبرانية.

حاولت الولايات المتحدة وحلفاؤها خلال الحرب الباردة منع الاتحاد السوفيتي وحلفائه من الوصول إلى أجهزة الكمبيوتر ومعدات الاتصالات السلكية واللا سلكية وغيرها من التقنيات ذات القيمة الاقتصادية والعسكرية العالية.

وفي الوقت الحالي، إضافة إلى تصاعد الخلافات الاقتصادية بين الولايات المتحدة الأمريكية والتنين الصيني، تلوح في الأفق مخاوف من تصاعد أزمة الوقود العالمية. حدثت الأزمة كنتيجة للمقاطعة الاقتصادية المفروضة على روسيا بعد الحرب الروسية الأوكرانية الأخيرة. ولكن قد يرتد الأمر على المبادرين مرة أخرى. إذ يمكن أن تحول روسيا شتاء أوروبا القادم إلى جحيم بارد وخاصة أنّ دولًا كثيرة تعتمد على الغاز الروسي بدرجة كبيرة. فعلي سبيل المثال، تمثل روسيا 35٪ من إمدادات الغاز الألمانية. و تعتمد بولندا على روسيا لنحو نصف احتياجاتها من الغاز الطبيعي. [3]

أمثلة أخرى مثل الحصار والعقوبات الاقتصادية المفروضة على دول مثل إيران وسوريا أو على مناطق محددة كقطاع غزة. أو مخاوف نقص القمح بعد الحرب الأوكرانية.

على الرغم من أنّ حلم الاكتفاء الذاتي أصبح بعيد المنال منذ الثورة الصناعية إلى اليوم. إلّا أنّ دول اليوم مضطرة لإيجاد حلول لتقليل الاعتمادية على اقتصادات دول أخرى. فتعرض أي دولة في الوقت الحالي لحرب اقتصادية سيكون بالغ التأثير عليها. وخاصة أنّها تؤثر على المدنيين الأبرياء بدرجة كبيرة جدًا وتحمل الدولة خسائر قد تحتاج عقودًا لتداركها.

المصادر:

1- britannica
2- carnegieendowment
3- bloomberg

من هي أرتميس في الأساطير اليونانية؟

من هي أرتميس في الأساطير اليونانية؟ كانت أرتميس هي الإلهة اليونانية للصيد والطبيعة البرية والعفة. كانت أرتميس ابنة زيوس وشقيقة أبولو، وراعية للفتيات والشابات والحامية أثناء الولادة. كما ارتبطت بالولادة والحصاد والقمر واعتبرت أرتميس الوصية على العذارى والأطفال الصغار. عبدها الرومان باسم ديانا. كانت تُعبد على نطاق واسع، لكن أشهر موقع عبادة لها كان معبد أرتميس في أفسس، أحد عجائب الدنيا السبع في العالم القديم. اختلفت شخصيتها ووظيفتها اختلافًا كبيرًا من مكان إلى آخر، ولكن على ما يبدو، وراء كل أشكالها المختلفة كانت تكمن إلهة الطبيعة البرية التي تكون عادةً مصحوبة بالحوريات في الجبال والغابات والمستنقعات. [1] [3] [4]

الألقاب:

عُرفت أرتميس بأسماء مختلفة في جميع أنحاء العالم الهيليني، على الأرجح لأن عبادةها كانت توفيقية مزجت العديد من الآلهة والاحتفالات في شكل واحد. بعض هذه الصفات تشمل:

  • «أجروتيرا- Agrotera» إلهة الصيادين
  • «أمارينثيا- Amarynthia» من مهرجان على شرفها أقيم في الأصل في أمارينثاس في يوبويا
  • «أفايا- Aphaea» شكل عبادة أثيني (مرتبط بجزيرة إيجينا)
  • «سينثيا- Cynthia» مرجع جغرافي آخر، هذه المرة إلى مسقط رأسها على جبل سينثوس في ديلوس
  • «كوروتروفوس- Kourotrophos» ممرضة الشباب
  • «لميانا- Limnaia» اسمها في الطائفة الأكادية
  • «لوتشيا- Locheia» إلهة الولادة والقابلات
  • «أورثيا- Orthia» الاسم المرتبط بطائفتها في إسبرطة
  • «بارثينيا- Parthenia» “العذراء”
  • «فيبي- Phoebe» الشكل الأنثوي للقب أخيها أبولو فيبوس
  • «بوتنيا ثيرون- Potnia Theron» راعية الحيوانات البرية [2]

نشأة أرتميس:

ولادتها

بعد واحدة من علاقات زيوس العديدة خارج إطار الزواج، وجدت ليتو نفسها حاملًا. لسوء حظها، نُقلت أخبار هذا الحمل إلى هيرا، التي أعلنت بشكل انتقامي أن العشيقة المريضة ممنوعة من الولادة في التيرا فيرما (أو في نسخة أخرى، في أي مكان تشرق فيه الشمس) وأمرت إحدى خادماتها بالتأكد من التزام ليتو بهذا المرسوم القاسي. عثرت ليتو على جزيرة ديلوس الصخرية، والتي لم تكن راسية في البر الرئيسي. ولأنها قدمت ثغرة للعنة هيرا الانتقامية، فقد أنجبت ليتو توأميها هناك. [2]

من المثير للاهتمام أن بعض الروايات المبكرة تشير إلى أن أرتميس ولدت أولاً ثم ساعدت في ولادة أبولو، أو أن أرتميس ولدت قبل يوم واحد من أبولو في جزيرة أورتيجيا، وأنها ساعدت والدتها في عبور البحر إلى ديلوس في اليوم التالي. لتلد توأمها. هذا الافتراض جدير بالملاحظة حيث تتوافق كلتا الصفات مع الدور الطائفي لـ “الصيادة الإلهية” كمساعد في الولادة. في رواية أخرى، يُقترح أن هيرا اختطفت إليثيا (إلهة الولادة) من أجل منع ليتو من الدخول في المخاض. قامت الآلهة الأخرى، متعاطفة مع محنة ليتو، بإقناع هيرا بإطلاق سراح إلهة الولادة من خلال تقديم عقد ضخم من الكهرمان لها. [2]

طفولتها

على عكس توأمها، الذي تم تصوير مآثره الشبابية في مصادر عديدة، فإن طفولة أرتميس ممثلة تمثيلاً ناقصًا نسبيًا (خاصة في المواد الكلاسيكية القديمة). ومع ذلك، فقد نجت إحدى الروايات التي تصور هذه الفترة في قصيدة كتبها « كاليماخوس- Callimachus » (حوالي 305 قبل الميلاد – 240 قبل الميلاد)، الذي يصف بطريقة خيالية محادثة بين الإلهة (التي كانت آنذاك “لا تزال فتاة صغيرة”) وزيوس. [2]

قالت هذه الكلمات لأبيها: “أعطني لأحافظ على عذريتي، أبي، إلى الأبد: وامنحني أسماء كثيرة، حتى لا يتنافس «فيباس- Phoebus» معي. وأعطيني سهامًا وقوسًا وأعطيني سترة ذات حافة مطرزة تصل إلى الركبة، لأذبح الوحوش البرية. وأعطيني ستين فتاة من بنات « أوقيانوس- Oceanus» من أجل حاشيتي، كلهن في التاسعة من العمر، كلهن عذارى لكن غير مشيدات ؛ وأعطيني عشرين حورية من «أمنيسوس- Amnisus» ليكن خادمات ويهتممن بشكل جيد «بالبَسْكِن- buskin» (جزمة يصل طولها إلى الركبة مصنوعة من الجلد أو القماش). [2]

وعندما لا أطلق النار على الوشق أو الأيل، سوف يعتنين بكلاب الصيد السريعة. وأعطيني كل الجبال. وللمدينة، خصص لي أي شيء، حتى أيًا كان ما تريده لأنه نادرًا ما تنزل أرتميس إلى المدينة. سوف أسكن الجبال ولن أزور مدن الرجال إلا عندما تستدعيني النساء اللواتي ينزعجن من آلام الولادة الحادة لمساعدتهن. حتى في الساعة التي ولدت فيها، أمرتني الأقدار أن أساعدهم. أمي لم تعاني من أي ألم سواء عندما أنجبتني أو عندما حملتني في رحمها ، لكن دون معاناة أخرجتني من جسدها “. [2]

الإلهة الحاقدة:

في العديد من الروايات الأسطورية، توصف أرتميس بأنها كائن لا يرحم تمامًا وينتقم، ويزور الموت أي بشري يسيء إليها. ومع ذلك، تجدر الإشارة إلى أن العديد من عمليات الإعدام هذه التي تبدو قاسية تتبع أنماطًا راسخة ضمن الإطار الأخلاقي العام الذي قدمته التراتيل والنصوص اليونانية. على سبيل المثال، كانت جريمة الغطرسة، التي قتلت فيها أرتميس «إيكتيان- Actaeon» و«كيون- Chione»، وعاقبت أجاممنون ونيوبي بقسوة، كانت أيضًا الدافع وراء قتل أبولو لمارسياس ومنافسة أثينا مع أراكني. [2]

إيكتيان

في بعض إصدارات الحكاية، كانت الإلهة العذراء تستحم في نبع منعزل على جبل «كيثاريون- Cithaeron»، عندما عثر عليها صياد طيبة إيكتيان. غاضبة من أن رجلاً قد شاهدها عارية، فقد حولته إلى أيل، ثم شرعت كلاب الصيد الخاصة به في مطاردته وتمزيقه. في نسخة سابقة من القصة، كان سبب عقابه هو التفاخر بأن براعته في الصيد تنافس الإلهة. في هذا النسخة، تتوج القصة بتحول وموت الصياد المؤسف. [2]

إيفيجينيا وأرتميس

في الأشهر التي سبقت حرب طروادة ، تمكن أجاممنون من الإساءة إلى أرتميس، إما من خلال التباهي بقدراته كرامي سهام أو بذبح حيوان من بستان مقدس. بغض النظر عن السبب، قررت أرتميس أنها ستربك جهود الجيش الغازي للوصول إلى طروادة من خلال توجيه الرياح ضدهم، وبالتالي جعل أسطولهم الضخم عديم الفائدة. [2]

قال «كالكاس- Calchas» (عراف يوناني) إنهم لا يستطيعون الإبحار ما لم يتم تقديم أجمل ابنة لأجاممنون لأرتميس كذبيحة. كانت الإلهة غاضبة من أجاممنون لأنه عندما أطلق النار على غزال قال إنه حتى أرتميس لم يكن بإمكانها فعل ذلك. بعد أن سمع هذه النبوءة أرسل أجاممنون أوديسيوس وتالثيبيوس إلى «كليتيمنيسترا- Clytemnestra» ليطلبوا إيفيجينيا، قائلاً إنه وعد بإعطائها لأخيل لتكون زوجته كمكافأة على الذهاب في الرحلة الاستكشافية. أرسلتها كلتمنسترا، وكان أجاممنون، الذي وضعها بجانب المذبح، على وشك ذبحها عندما حملها أرتميس إلى توريس. هناك جعلتها كاهنة واستبدلتها بغزال في المذبح. ومع ذلك، يقول البعض أن أرتميس جعلها خالدة. [2]

نيوبي

في حالة أخرى من الغطرسة المميتة، تفاخرت نيوب، ملكة طيبة وزوجة الملك أمفيون، بأنها كانت متفوقة على ليتو لأنها أنجبت 14 طفلاً، في حين أن ليتو لديها طفلان فقط. عند سماع هذه الشماتة الشريرة، شرع التوأمان في قتل جميع نسلها، حيث قامت أرتميس بقتل بناتها بسهام مسمومة وذبح أبولو أولادها أثناء ممارستهم لألعاب القوى. على مرأى من نسله المتوفى، أصيب أمفيون بالجنون وقتل نفسه (أو قتل على يد أبولو). وبالمثل، انتحرت الملكة المدمرة نيوبي أو تحولت إلى حجر بواسطة أرتميس وهي تبكي. [2]

أوريون

قصة «أوريون- Orion» لها العديد من الإصدارات المختلفة. يُعتبر من المولودين في بيوتيا. بعض الأساطير تعتبره ابن بوسيدون. إنه مرتبط بجزيرة خيوس، التي يقال إنه طرد منها الوحوش البرية. هناك وقع في حب ميروبي، ابنة ملك خيوس، «إينوبيان- Oenopion». الملك، الذي لم يوافق على أوريون وأرجأ باستمرار الأعراس، أعمى أوريون في النهاية. [5]

استعاد بصره بواسطة أشعة الشمس، ويقال أن أوريون ذهب إلى جزيرة كريت ليعيش مع أرتميس كصياد. تختلف روايات وفاته على نطاق واسع، بعض الأساطير تقول أنه قتل على يد أرتميس لمحاولته اغتصابها، والبعض الآخر بسبب غيرة أبولو على حب أرتميس لأوريون. لا تزال هناك أساطير أخرى تقول أنه قتل على يد عقرب وحشي. بعد وفاته، تم وضعه بين النجوم. يقدم الإصدار الأخير تفسيرًا مسببًا للتخطيط الخاص للكون، حيث لا تزال كوكبة الجبار (الذي تم تحويله الآن إلى كوكبة) يحاول البقاء بعيدًا قدر الإمكان عن كوكبة العقرب. [5]

كاليستو

واحدة من أشهر الحكايات التي تصور أرتميس هي قصة كاليستو، ابنة لايكون، ملك أركاديا. هذه الشابة، التي عملت كواحدة من مرافقات الصيادة الإلهية، كانت مكرسة تمامًا للإلهة، وبالتالي وجدت أنه من الضروري أن تأخذ نذرًا بالعفة. لسوء حظها، كانت خادمة شابة مرغوبة وجميلة، ولفتت انتباه زيوس الفاسد. لعدم رغبته في أن تفر منه، ظهر لها الإله الماكر متنكرًا في زي أرتميس، واكتسب ثقتها ثم استغلها. [2]

بعد أشهر، عندما اكتشفت أرتميس أن إحدى مرافقاتها كانت حاملاً، غضبت أرتميس ونُفت كاليستو من صحبتها. علاوة على ذلك، تحولت كاليستو التي طالت معاناتها إلى دب، إما بواسطة أرتميس أو من قبل هيرا، التي ردت بغضب على خيانة زوجها الأخيرة. ولدت كاليستو ابن اسمه أركاس الذي قتل والدته عن طريق الخطأ أثناء الصيد بعد سنوات. لحسن الحظ، شهد زيوس هذا المشهد الكئيب وتدخل في الوقت المناسب. من باب الشفقة، وضع إله السماء كاليستو في السماء، وهو ما يفسر أصل كوكبة الدب الأكبر. [2]

معبد أرتميس في أفسس:

كإلهة للخصوبة، كانت «أرتميس إيفيسيا- Artemis Ephesia» تحظى بالاحترام بشكل خاص في أفسس، بالقرب من أورتيجيا التي يعتقد الكثيرون أنه مسقط رأسها. هنا، تضمنت طقوسها عناصر شرقية (مستعارة من آلهة مثل إيزيس وسيبيل و “سيدة الحيوانات”) وكانت رموزها الرئيسية هي النحل والنخلة والأيل. كان معبد أرتميس الشهير في المدينة (الذي بدأ عام 550 قبل الميلاد) ضعف حجم معبد البارثينون في أثينا عندما تم الانتهاء منه أخيرًا بعد قرن من العمل. [1]

كانت تعتبر واحدة من عجائب الدنيا السبع في العالم القديم. كان المعبد يضم 127 عمودًا وكانت الكتل العمودية فوقها ثقيلة جدًا، حيث تزن كل منها حوالي 24 طنًا، حتى أن أهل أفسس نسبوا الفضل إلى أرتميس نفسها لمساعدتها في البناء. كان داخل المعبد تمثال عبادة عملاق للإلهة مصنوع من خشب الأرز. كل ما تبقى من المعبد اليوم هو أساساته وعمود واحد تم تشييده من بقايا مركبة. [1]

المصادر:

  1. world history
  2. new world encyclopedia
  3. britannica
  4. encyclopedia
  5. britannica

الحروب السيبرانية، وجهٌ جديد للعنف الدولي

هذه المقالة هي الجزء 8 من 10 في سلسلة نبذة عن أقسى الجرائم البشرية، الحروب وأنواعها

لم يعد الأذى مقتصرًا على التدمير المادي أو الشامل في الحروب، حيث أصبح العدو يتكبد أكبر الخسائر بدون قطرة دم واحدة أو تدمير متر مربع واحد. وباتت أقوى الأسلحة في بعض الأوقات غير قادرة على تحقيق الأذى الذي قد تسببه نقرة زر في هجمة من هجمات الحروب السيبرانية. فما هي الحروب السيبرانية؟ هذا ما سنتعرف عليه في مقالنا.

تعريف الحروب السيبرانية

تم استخدام هذا المصطلح لأول مرّة في عام 1993 في مقال نشرته مؤسسة RAND، وكتبه الباحثان جون أركيلا وديفيد رونفيلدت. [2] والحروب السيبرانية أو الإلكترونية هي الحروب التي تحدث عبر الفضاء السيبراني؛ أي أجهزة الحاسوب والشبكات التي تربط بينها. حيث تشنّها الدول أو وكلاؤها ضد دول أخرى.

وتشنّ عادةً هذه الحروب ضدّ الشبكات العسكرية والحكومية، بهدف تعطيلها  أو تدميرها أو حجب استخدامها. [1] وتكمن خطورة هذه الحروب في ازدياد استخدام الفضاء السيبراني في الدول المتطورة أو النامية على حدٍّ سواء. حيث أنّ كل ما يحتاجه المجتمع الحديث ليعمل من البنى التحتية الحيوية والمؤسسات المالية إلى أنماط التجارة وأدوات الأمن القومي، يعتمد إلى حد ما على الفضاء السيبراني. [1] مما يعني أنّ تزايد استخدام الفضاء السيبراني المتسارع يزيد من خطورة هذه الحرب عن ذي قبل، التي أصبحت قلقًا مستقبليًا للحكومات والجيوش

ما هو الفضاء السيبراني؟

يستخدم مصطلح الفضاء السيبراني للإشارة إلى عالم الحاسوب الافتراضي، وهو بيئة تفاعلية وافتراضية للمشتركين فيه. [3] ويتكون الفضاء السيبراني من ثلاث طبقات، يمكن لهجمات الحروب السيبرانية أن تشنّ على أي من الطبقات الثلاث وهي: [1]

  • الطبقة المادية التي تشمل أجهزة الحاسوب والكابلات والأقمار الصناعية وغيرها من المعدّات. والتي يتم مهاجمتها باستخدام الأسلحة والهجمات التقليدية عبر تدميرها بشكل مباشر.
  • الطبقة البنيوية وتتضمن البرنامج الذي يوفر تعليمات التشغيل للمعدّات المادية. و يمكن شنّ هجمات ضدها باستخدام الأسلحة الإلكترونية التي تدمر أو تتداخل أو تفسد أو تراقب أو تلحق الضرر بالبرامج التي تعمل بأنظمة الحواسيب. كهجمات حجب الخدمة الموزعة، أو هجمات “DDoS”، و هي هجمات تتم عن طريق إغراق المواقع بسيل من البيانات غير الضرورية، يتم إرسالها عن طريق أجهزة مصابة.
  • الطبقة الاجتماعية وتتضمن التفاعل البشري مع المعلومات التي توّلدها أجهزة الحاسوب، وطريقة استخدامهم وتفسيرهم لهذه المعلومات. وتتم مهاجمتها عبر إخضاع مستخدميها أو خداعهم أو قتلهم.

ورغم حداثة هذا النوع من الحروب إلّا أنّ التاريخ الحديث لا يخلو من أمثلة عليها.

أمثلة عن الحروب السيبرانية

  • قامت الولايات المتحدة بهجمات إلكترونية مباشرة في العراق في عام 2003. حيث تسببت بضرر في شبكات الاتصالات ومنشآت الحواسيب والاتصالات السلكية واللاسلكية أو دمرتها.[1]
  • الهجمات الإلكترونية ضد أستونيا في 2007 والتي استمرت لأسابيع. حيث تم القضاء على الخدمات عبر الإنترنت للبنوك الأستونية، ووسائل الإعلام والهيئات الحكومية بسبب مستويات غير مسبوقة من حركة الإنترنت.[7]
  • اكتشفت الدودة الحاسوبية ستوكسنت ” Stuxnet” في عام 2010، حيث استخدمتها المخابرات الأمريكية والإسرائيلية ضدّ المفاعل النووي الإيراني. [4] ويعتقد أنّها تسببت في تخريب 20% من الترسانة النووية الإيرانية.[5]
  • في عام 2015 تسبب المخترقون الروس في أول انقطاع للتيار الكهربائي ناجم عن هجوم إلكتروني ضد أوكرانيا. ونجحوا في التسبب بانقطاع التيار الكهربائي عن عدد كبير من الأوكرانيين في كييف وفي مدن أخرى.[6]
  • في عام 2017، أعلنت وزارة الأمن الداخلي في الولايات المتحدة الأمريكية، استهداف 21 ولاية من قبل الجهود الروسية لاختراق أنظمتها الانتخابية في عام 2016. وتمكن المتسللون الروس من الوصول إلى الأنظمة التي منحت القدرة على تغيير بيانات تسجيل الناخبين وحذفها في سبعٍ من هذه الولايات.[8]

تختلف الأساليب المتبعة في الحروب السيبرانية، والتي يزداد نطاق استخدامها وخاصة مع بزوغ عصر الحروب الهجينة والتي تعتبر الهجمات السيبرانية أحد أهم أدواتها. وتتمتع الحروب السيبرانية بالعديد من الخصائص التي زادت من جاذبيتها كوسيلة فعّالة في الحروب.

خصائص الحروب السيبرانية

تتمتع الحروب السيبرانية بالعديد من الخصائص ومنها:

  • التكلفة المنخفضة وهو خاصية مهمة، حيث تميل الدول المعاصرة إلى اللجوء إلى التكتيكات والاستراتيجيات منخفضة التكلفة والفعّالة في آن معًا.
  • يمكن استخدامها من قبل أي شخص متقن لأدواتها.
  • عدم وضوح الوضع القانوني للمهاجم مما يمثل صعوبة إيجاد الوسائل الفعّالة لمعاقبتهم.
  • إمكانية إخفاء هوية المعتدي، أي أن الدول التي تستعمل هذه الهجمات قد تضمن عدم الرد عليها بسبب عدم القدرة على إثبات تورطها أو تسببها فيها.
  • تحافظ العمليات السيبرانية الهجومية على ميزة تفوق العمليات الدفاعية (إلى حد كبير)، بسبب عنصر المفاجأة ووتيرة التحديث التكنولوجي الذي يستمر في إنشاء مداخل جديدة للهجوم.[8]
  • تهيمن الجريمة على الفضاء الإلكتروني لأن أي دفاع يجب أن يتصدى للهجمات على الشبكات الكبيرة المعرضة للخطر والتي يديرها مستخدمون بشريون غير معصومون. وبينما يجب أن ينجح الجاني مرة واحدة فقط، يجب على المدافع أن يكون ناجحًا مرارًا وتكرارًا.[1]

تمثل الثغرات الأمنية بابًا مفتوحًا للهجمات الإلكترونية على البنية التحتية الحكومية والوطنية. ويعني عدم وجود معايير دولية لمواجهة تلك الهجمات وجود الدولة في المنطقة الرمادية وعلى أعتاب حرب شاملة. لذا يجب أن تتبع الدول معايير لحماية أمنها السيبرانية لا تقل أهمية عن تشييد الحدود وتعزيز الجيوش.

ماذا يجب على الدول أن تفعل لمواجهة الهجمات السيبرانية؟

تمثل حداثة هذا التهديد وتطوره المستمر قلقًا مستمرًا للدولة الحديثة، وخاصة أنّ كل شيء في عالم اليوم قابل للعمل عبر الشبكة الإلكترونية. فقد أصبحت محطات توليد الطاقة أو توليد المياه أو حتى الانتخابات المحلية عرضة للتهديد والاختراق في أيّة لحظة. لذا يجب على الدول أن تسارع لاتخاذ إجراءات فعّالة لمواجهة هذا الخطر.

على الحكومات أن تسعى لبناء شراكات أعمق مع الدول الأخرى والشركات الرائدة وحتى الأشخاص المبدعون في هذا المجال لتعزيز نظام الأمن السيبراني. فربما تتمكن هذه الشراكات من إتاحة المزيد من التعاون الفعّال وتبادل المعلومات.[8]

إضافة إلى الاستخدام السريع للتقنيات المبتكرة والناشئة مثل الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي، مع التركيز على حماية الذكاء الاصطناعي.[8]

إنشاء كتيبات إرشادات شاملة لتوحيد الإجراءات الحكومية عبر الدفاع والأمن الداخلي وتطبيق القانون والاستخبارات ووكالات الدولة. يمكن أن يؤدي هذا إلى توحيد إيجاد صيغة مشتركة وفعّالة لتوحيد الجهود القومية. [8]

وتشمل الميزات الرئيسية لأي هيكل رئيسي للدفاع الإلكتروني، جدران الحماية لتصفية حركة مرور الشبكة، وتشفير البيانات، وأدوات لمنع وكشف المتطفلين على الشبكة، والأمن المادي للمعدات والمرافق، وتدريب مستخدمي الشبكة ومراقبتهم.[1]

مما سبق يتضح أن الحرب الإلكترونية قدمت وستقدم بُعدًا جديدًا للحرب، قادرًا على تجاوز الخطوط الأمامية وإحداث الخراب في البنية التحتية التكنولوجية للعدو. لكنّها لا تفقد الحرب سمتها العنيفة، وإنما تظهر وجهًا جديدًا مختلفًا لحروب اليوم، والذي يثبت قدرة الإنسان على ابتداع واستخدام شتّى الوسائل للوصول إلى أهدافه.

المصادر:
1- britannica
2- rand
3- techopedia
4- britannica
5- fortinet
6- nordpass
7- bbc

8- rand

كيف تأثر الغرب بعمارة الحضارة الإسلامية؟

هذه المقالة هي الجزء 14 من 14 في سلسلة تاريخ مغامرة العرب في بلاد الأندلس

طوال القرون الماضية ظل اتهام المسلمين بسرقة الحضارة الغربية، وبالسرقة عمومًا. حتى أنهم لقبوا قديمًا من قبل الأوروبيين بـ “Saracenes”، وهي كلمة لم تعد مستخدمة في عصرنا الحالي، رجح البعض اشتقاق تلك الكلمة من السارقين. وظل المسلمون ينادون بذلك اللقب بدلًا من أن ينادوا فقط بالمسلمين “Muslims”. ولكن ماذا لو كان العكس صحيحًا، وكانت الحضارة الغربية هي من سرقت بالفعل من الحضارة الإسلامية. فهل تأثر الغرب بعمارة الحضارة الإسلامية؟

ربما قد سمعت عن العصور المظلمة التي عانت منها الدول الأوروبية. ولكن هل سمعت بأن العصور الأوروبية المظلمة هي ذاتها العصور الذهبية الإسلامية. خاصة في كلٍّ من إسبانيا وصقلية، كما ذكر المهندس المعماري الإنجليزي كرستوفر رن. قد كان العالم الإسلامي رائدًا في كافة المجالات، مثل الأدب، والطب، والهندسة، والعمارة، ومجالات أخرى لا عد لها ولا حصر. وكانت العمارة في الشرق في غاية التميز والإبداع، وكانت كذلك دقيقة في التفاصيل، ثابتة في التشييد. ولذلك أثبتت العمارة في الشرق جدارتها حتى يومنا الحالي في العديد من البنايات الشهيرة حول العالم.

كيف انتقلت الحضارة الإسلامية إلى الغرب؟

وصول الحضارة الإسلامية إلى أوروبا

تميزت العمارة العربية والإسلامية بدقة الأشكال الهندسية المكوّنة لمبانيها، وكذلك تعقيد تركيبها وتشكيلها لأسطح كنائسها ومسجادها. وأثرت العمارة العربية قديمًا في القوط ومن ثم الأوروبيين والأمريكيين، ولكن كيف انتقلت العمارة من الشرق إلى الغرب؟ لا شك أن الأمويين كانوا بوابة الغرب على الشرق بداية من إسبانيا، حيث نقل المعماريين والعلماء، وكذلك الأدباء ثقافتهم إلى الأندلس. إذ كانت الأندلس تحت الحكم الإسلامي لمدة 800 عام. لم تكن تلك القرون بالبسيطة، ولم تمر مرور الكرام، بل أثرت وتأثرت، مما أدى إلى تناغم بين الشرق والغرب في العديد من المجالات. وكان أحد أبرز مظاهر التأثر والتي لازالت قائمة حتى يومنا هذا هي العمارة.

نقل المعماريون العرب الأشكال المختلفة للأقواس، كالقوس المدبب المستخدم في مسجد قبة الصخرة، والذي تأسس في عهد عبدالملك بن مروان في الدولة الأموية. ولم يكن القوس المدبب وحده ما تم نسخه، بل العديد من الأقواس وأشكال القباب وتركيبات الأسقف. وكان التأثير الأكبر في عهد دولة عبدالرحمن الداخل، والتي حظت فيها الأندلس بلقب العصر الذهبي. إذ انتقلت أساليب العمارة من إسبانيا إلى جنوب فرنسا، كما في بعض الكنائس الكاثوليكية والأضرحة. ويذكر كذلك في التاريخ أن الملوك الإسبان ذاتهم، كانوا يستعملون البنائيين المسلمين والمعماريين لتشييد قصورهم، مما أبقى على المدجنين حتى بعد أن انتهى الحكم الإسلامي لإسبانيا. وكان لاستعانتهم بالبنائيين المسلمين دليلًا واضحًا على تأثر الغرب بالحضارة والعمارة الإسلامية. وكذلك ثقتهم في جودة صنيعهم.

دور مدينة طليطلة في نشر الحضارة الإسلامية

وكانت طليطلة هي أول مدينة إسبانية يقوم القشتاليين باستعادتها عام 1085م، وأصبحت تستقطب العلماء والفلاسفة من كل مكان. حيث اشتهرت طليطلة في تلك الفترة بترجمة العديد من المخطوطات الإغريقية التي ترجمها وحافظ عليها المسلمون في عصرهم الذهبي إلى العربية ترجمةً إلى الإسبانية واللاتينية. فكانت طليطلة سبيل لاستعادة العلم، وتطوير أوروبا بعد ما عانته من عصور مظلمة. كما تُرجمت المخطوطات والابتكارات الإسلامية والتي توصل إليها العلماء المسلمين في مجالات مختلفة.

دور الحروب الصليبية في انتقال الحضارة الإسلامية

كان كذلك للحروب الصليبية دورٌ في نقل أساليب العمارة والبناء إلى أوروبا بعد عودة الحملات الصليبية، وما كان مثيرًا للسخرية. هو تسميتهم للمسلمين في تلك الفترة بـ “Saracenes”، وهي وصف ساخر مشتق من الكلمة العربية سارقين. ولم تكن الحروب فقط هي من نشرت أساليب العمارة الإسلامية والعربية في أوروبا، ولكن كان للتجارة أثرٌ في تبادل الثقافات. فكانت الموانئ بين مصر وبلاد الشام والعراق وإيطاليا شاهدة على نقل الحضارة العربية والإسلامية إلى بلاد الغرب.

كيف وصلت العمارة الإسلامية إلى أمريكا الشمالية؟

وبعد أن انتقلت الأساليب المعمارية إلى دول أوروبا، وخاصةً إلى إسبانيا، انتقلت إلى أمريكا الشمالية عن طريق الإسبان المهاجرين إلى المكسيك في نهاية القرن 15. وبعد ذلك في القرن 18 و19 إلى كاليفورنيا وأريزونا، ولكن تلك المرة عن طريق البعثات الكاثوليكية التي أرسلت من إسبانيا. وحتى يومنا الحالي فإن أسس العمارة الإسلامية التي سميت بشكلٍ خاطئ ومضلل باسم الأساليب القوطية، مؤثرة في العمارة الغربية. ليس فقط في المنشآت الدينية والأضرحة، بل كذلك في الجامعات العالمية المرموقة. ومن الجدير بالذكر أن العديد من المعماريين في الغرب لا زالوا يعترفون بفضل العمارة الإسلامية القديمة على العمارة في الماضي والحاضر.

ما هي أشهر المعالم التي تأثرت بأساليب العمارة الإسلامية؟

تميزت العمارة القوطية الحديثة ببعض السمات التي كانت نشأتها الشرق في الأساس، وكان من أبرز تلك السمات هي القوس المدبب. والذي ظهر لأول مرة في مسجد قبة الصخرة قبل أن يتم نقل ذلك الأسلوب إلى أوروبا. وهناك القوس الثلاثي، والذي تبنته القوطية كدلالة على الثالوث المقدس في كنائسها وأضرحتها. وعلى النقيض كانت كنيسة آيا صوفيا في تركيا ذات أقواس مستديرة، وتحولت بعد ذلك لمسجد في العهد العثماني. مما يؤكد على أن الأقواس المدببة ذات أصل عربي إسلامي.

ولا ينكر مهندسو أوروبا في يومنا الحالي أن الأقواس المدببة الظاهرة في الكنائس والأضرحة والعديد من الأبنية الأوروبية اليوم، ذات أصل إسلامي. كما تميزت كذلك بارتفاع أبنيتها وقبابها، وأعمدتها الشاهقة صغيرة القطر، على خلاف الأساليب القوطية القديمة، فهل يحق للعالم نسب تلك الأساليب للقوط. مع العلم أنها ظهرت في منشآتهم في القرن 10 الميلادي، أي بعد أن استخدمها العالم الإسلامي أولًا؟

القوس الدائري – القوس المدبب
القوس المدبب – قبة الصخرة

كتب كرستوفر رن في محاولته لإثبات أصل العمارة الإسلامية خلفًا لوالده رن، حيث كان رأيه أن تلك التسمية الخاطئة تظلم العمارة الإسلامية، والتي يرى أنها أتت نتيجة لابتكار المسلمين مثلًا للأشكال الدائرية للأعمدة والأسقف، مخالفة لشكل الصليب المسيحي، والأساليب اليونانية التي اعتبرها المسلمون وثنية. كما اهتموا بالتزيين عن طريق الخطوط والأشكال الهندسية، لا الرسومات والمنحوتات التي كانت تميز الكنائس مثلًا. فكان من وجهة نظره أن قيام المسلمين بالمبادرة بإنشاء المساجد في كل مدينة يحكمونها قد ساهم في وضع بصمتهم المعمارية المميزة والمخالفة. وقد استعملها القوط بعدهم في أعمدتهم المتماثلة وأسقفهم الدائرية.

الأسقف والقباب

استلهمت أوروبا طرق بناء الأسقف والقباب من مصر وسوريا، حيث كانت المواد المستخدمة للأسقف كالرخام مثلًا شحيحة بسبب الحرب. فاستخدموا مواد أقل في الوزن لتساعد في تصميم الأسقف المرتفعة. وبعد أن انتهت الحروب الصليبية، أخذوا معهم ذلك الأسلوب الذي وجدوه فعالًا في بناء أسقف للكنائس بإتقانٍ وكفاءة عالية. وكان رأي رن في الأقواس المدببة، أنها أكثر ثبات عن تلك المدورة، وأنها تحتاج لأحجار أقل لتثبيت البناية، كما أنها تستطيع تحمل طبقة أخرى من الحجارة. فكان من أشهر الأماكن المبنية على الطراز الإسلامي هي تلك في فيينا وسانت ستيفن، وكاتدرائية ستراسبورغ بارتفاع عمودي. والتي بنيت بسرعة وارتفاع أشهق من تلك التي بنيت على الطراز الروماني الأفقي، والثقيل في تركيبه وبناءه.

القوس المدبب – كاتدرائية ستراسبورغ

مسجد قبة الصخرة و العمارة الغربية

ويعتبر مسجد قبة الصخرة رمز للهيمنة الإسلامية في القدس، حيث كان تصميم المسجد مختلفًا عن باقي تصاميم المنشآت الدينية. فكان القوس المدبب والقوس الثلاثي من أهم السمات الملحوظة في هندسة المسجد، والتي أثرت بشكلٍ كبير في العمارة حول العالم. ومن ثم أنشئت العديد من الكنائس والأضرحة على تلك الشاكلة، بل وبالعكس قامت الحضارة المسيحية بالتطوير والابتكار باستخدام تلك الأسس المستقاة من الحضارة الإسلامية. وأبدع المعماريون في استخدام أساليب وأنماط الهندسة التي تعلموها في الشرق الأوسط، وشيّدوا كاتدرائيات في غاية الجمال. ومن الأمثلة على ذلك كاتدرائية نوتردام في باريس.

القوس الثلاثي – حرم الأقصى
القوس الثلاثي – كاتيدرائية نوتردام

كما كان القوس المدبب في جامع ابن طولون في مصر من أبرز سماته الهندسية، والذي تأثر به أحد الأساقفة البندكتيين عند زيارته لمصر. كما حاز تصميم مسجد بن طولون على إعجاب رئيس دير كلوني الفرنسي، لذلك أمرا ببناء أديرتهم وكنائسهم على نفس الشاكلة، بل واستقدموا العمالة ذاتها، لضمان دقة التصميم. وإثر ذلك، تحولت الأقواس في الطراز الإسلامي إلى صيحةٍ في تلك الفترة، حتى أن الكنائس أصبحت ذات نوافذ بأقواسً مدببة وثلاثية. ومن أبرز تلك الكنائس هي كاتدرائية كانتربري في إنجلترا. حيث استخدم المهندسون الأقواس الثلاثية في واجهة تلك الأيقونة المعمارية.

ويعتبر المسلمون هم أول من استعمل الأضلاع المنحنية في أسقف مساجدهم وقصورهم، وهي إحدى الأساليب الهندسية المعقدة. وبعد أن انتقل ذلك الأسلوب المعقد إلى البنائين المسيحيين، طوروه حتى وصل لأقصى درجات نضجه في سقف كنيسة كينجز كوليج شابيل في كامبردج. وأبدع المعماري كرستوفر رن في استخدام ذلك الأسلوب لبناء كاتيدرائية سانت بول.

تشكيل الأسقف بالمنحنيات

القوس الخماسي

طور المسلمون بعد ذلك القوس الثلاثي إلى القوس الخماسي، كما هو في جامع قرطبة بالأندلس. ومن ثم طور إلى الأقواس المتعددة في القوس ذاته. والتي أضافت الجمال على المساجد والقلاع الإسلامية. والتي استخدمها بعد ذلك المعماريون في الكناس والأضرحة، وكانت تلك الأساليب البسيطة ديليل على تأثر الغرب بالحضارة الإسلامية في الأندلس والعمارة التي أثبتت صلابتها على مر العصور.

القوس الخماسي – مسجد قرطبة

ولا يمكننا اعتبار ما حدث سابقًا سرقة للحضارة، وإنما هي تبادل ثقافي وتأثر بالغير، وما لا يمكن إنكاره كذلك هو أن أساليب العمارة الإسلامية لم تنشأ من العدم. ولكنّها تأثرت بالحضارات السابقة كالحضارة البيزنطية، والفارسية، والحضارة اليونانية التي سبقت الإسلام. وقد قام المسلمون بتطويرها وتحديث أساليبها.

وسواءً تبادلت الحضارات التأثير نتيجة لحرب، أو تجارة، أو هجرةٍ واستيطان، فإن تبادل الثقافات هو ما يساعد على تطورها والإبداع فيها. ولو كان إحدى اشتقاقات كلمة Saracenes قد يكون مشتقًا كذلك من كلمة شرقيين، فمن غير العدل وصف ما حدث بالسرقة، ولكن بالتأكيد ساهمت الحضارة الإسلامية في تشكيل الحضارة الغربية. ولا يمكن إنكار تأثر الغرب بالحضارة والعمارة الإسلامية. وأن تبادل الحضارات والانفتاح الثقافي ووضع الهوية هو ما يصنع الحضارة ذاتها.

المصادر:

1-stealing from the saracens: How Islamic Architecture Shaped Europe Book

من هو أبولو في الأساطير اليونانية؟

 من هو أبولو في الأساطير اليونانية؟ «أبولو-Apollo» كان إله النبوة والوحي والموسيقى والأغاني والشعر والرماية والشفاء والطاعون والمرض وحماية الشباب. تم تصويره على أنه شاب وسيم بلا لحية وله شعر طويل ورموز مثل إكليل الزهور وفرع الغار والقوس وجعبة السهام والغراب والقيثارة. كان أبولو ابن زيوس وليتو، وكان الأخ التوأم لأرتميس (إلهة القمر). الأهم من ذلك هو أنه تم التعرف عليه في النهاية مع إله الشمس هيليوس الذي اغتصب مكان الإله الأخير في البانتيون اليوناني. ومع ذلك، ظل أبولو وهيليوس كائنين منفصلين في النصوص الأدبية والأسطورية. [1] [4]

منذ زمن هوميروس وما بعده كان إله المسافة الإلهية، بمعنى أنه أرسل أو هدد من بعيد، فهو الإله الذي جعل الناس يدركون ذنبهم ويطهرهم منه. كما أنه ترأس القانون الديني ودساتير المدن، وتواصل مع البشر من خلال الأنبياء و«وسطاء الوحي-oracles» ليوصل للبشر معرفته بالمستقبل وإرادة والده زيوس. حتى الآلهة كانت تخاف منه، ولم يكن بإمكان سوى والده ووالدته ليتو تحمل وجوده بسهولة. كان لقبه الرئيسي هو «فيباس-Phoebus» ويعني “مشرق” أو “نقي”، وأصبح الرأي السائد أنه متصل بالشمس. [2]

الأساطير:

ولادته

بعد إحدى المغامرات الجنسية المتكررة لزيوس، وجدت ليتو نفسها حاملًا. عندما علمت هيرا الغيورة بحالتها، منعت بشدة ليتو من الولادة في “تيرا فيرما” أو البر الرئيسي أو أي جزيرة. بعد إدانتها من قبل ملكة الآلهة للتجول في الأرض، وجدت ليتو بالصدفة جزيرة ديلوس العائمة المنشأة حديثًا، والتي لم تكن برًا رئيسيًا ولا جزيرة حقيقية، مما سمح لها بالتحايل على أمر هيرا والولادة هناك. بعد ذلك، قام زيوس، الذي ربما يكون قد شارك في تنسيق مثل هذه الاحتمالية الجيولوجية، بتثبيت ديلوس إلى قاع المحيط. أصبحت هذه الجزيرة فيما بعد مقدسة لأبولو. [4]

في رواية أخرى، يُقترح أن هيرا اختطفت إليثيا (إلهة الولادة) من أجل منع ليتو من الدخول في المخاض. خدعت الآلهة الأخرى، المتعاطفين مع محنتها، هيرا لإطلاق سراح إله الولادة من خلال تقديم عقد ضخم من الكهرمان. يفترض كتاب الأساطير أن أرتميس ولدت أولاً ثم ساعدت في ولادة أبولو، أو أن أرتميس ولدت قبل يوم واحد من أبولو في جزيرة أورتيجيا، وأنها ساعدت والدتها في عبور البحر إلى ديلوس في اليوم التالي لولادة توأمها. وُلد أبولو في اليوم السابع من شهر ثارجليون، وفقًا لتقليد جزيرة ديلوس، أو من شهر بيسيوس، وفقًا لتقليد دلفي. كان اليوم السابع واليوم العشرون، أيام القمر الجديد والمكتمل، مقدسين له بعد ذلك. [4]

غضب أبولو

على الرغم من ارتباطه بالموسيقى والسحر والطب، إلا أن شبابه كان مليئًا بالعنف وسفك الدماء. على سبيل المثال، بينما كان أبولو لا يزال شابًا، قتل التنين بايثون الذي عاش في دلفي بجانب نبع كاستاليان. كان الدافع وراء الإله الشاب هو محاولة فريسته اغتصاب ليتو وهي حامل. على الرغم من نجاحه في القتال، كان لابد من معاقبة أبولو على انتصاره، لأن بايثون كان أحد أبناء جايا. [4]

اشتهر أبولو الشاب أحيانًا بقسوته الوحشية. في إحدى الحالات، أمر اللحم بأن ينسلخ من جسد مارسياس، وهو ساتير تجرأ على تحديه في مسابقة موسيقية. كما أصاب الناس بسهامه من الطاعون، وأصاب الإغريق (الذين أهانوا كاهنه كريسيس)، وعلى وجه الخصوص، «نيوبي- Niobe»، التي استهزأت بوالدة أبولو لأن لديها طفلين فقط (أبولو وأرتميس) مقارنة بأطفالها الكثيرين. في الحالة الأخيرة، قتل أبولو وأخته بدم بارد جميع أطفالها. [4]

أدميتوس وأبولو

لعب أبولو عمومًا دور الابن المطيع لزيوس، ولم يحاول أبدًا اغتصاب منصبه (على عكس زيوس الذي أطاح بوالده كرونوس). ولكن حصل بينهما خلاف خطير عندما قتل زيوس «أسكليبيوس- Asclepius»، ابن أبولو، بعد أن استخدم مهاراته الطبية الرائعة لإعادة بشري إلى الحياة. من أجل الانتقام، قتل أبولو الصقاليب،وهم  العمالقة الذين صنعوا صواعق زيوس. تم تهديد أبولو بالإبعاد الدائم لظلام تارتاروس. لحسن حظه، تدخلت والدته نيابة عنه، وأقنعت ملك الآلهة بقبول سنة من الأشغال الشاقة كعقاب بديل. خلال هذا الوقت، خدم أبولو كراعٍ للملك «لأدميتوس- Admetus». عامل أدميتوس أبولو جيدًا، وفي المقابل ، منحه زيوس فوائد عظيمة. على وجه التحديد، ساعد أبولو أدميتوس في الفوز «بألكيستيس- Alcestis»، ابنة الملك بيلياس وأقنع الأقدار لاحقًا بالسماح لأدميتوس بالعيش بعد وقته إذا حل آخر مكانه. [3] [4]

حرب طروادة

على الرغم من أن أبولو لم يكن لاعبًا مركزيًا في الأحداث المحيطة بحرب طروادة، إلا أن تدخله كان حاسمًا في قلب دفة المعركة في أكثر من مناسبة. في إحدى الحالات، أسر اليونانيون الغزاة «كريسياس- Chryseis» (ابنة «كريسيس- Chryses»، كاهن أبولو) ورفضوا إطلاق سراحها. صلى الكاهن المصاب بالحزن إلى أبولو، الذي رد بإطلاق وابل على وابل من سهام الطاعون في المعسكر اليوناني، مما أدى إلى القضاء على العديد من الغزاة. رداً على ذلك، وافق أجاممنون على إعادة الفتاة إلى والدها ، لكنه صادر بعد ذلك «بريسيس- Briseis» (جائزة أخيل) لتكون ملكه. ولّد هذا الفعل الفريد غضب المحارب المستهتر، الذي رفض بعد ذلك القتال في صفوف الجيش اليوناني، مما أسفر عن أحد الأحداث المركزية للإلياذة. [4]

كما قدم مساعدة خاصة لأبطال طروادة هيكتور وأينيس وجلاوكوس، لإنقاذ حياتهم في أكثر من مناسبة بتدخله الإلهي. وقاد جيش طروادة بأكمله في هجوم دمر الجدران الدفاعية للمعسكرات اليونانية، وكان أيضًا مسؤولاً عن توجيه سهم باريس إلى كعب أخيل، مما أسفر عن مقتله. [3]

غراميات أبولو:

على الرغم من جمال أبولو الجسدي، غالبًا ما كان يُصوَّر على أنه سيئ الحظ للغاية في الحب. [4]

عاشقاته

في سرد ​​نموذجي، تم رفض محاولات أبولو للتقرب من الحورية دافني ، ابنة «بينياس- Peneus». على الرغم من أن الإله لم يكن يعلم ذلك، فقد كان سبب افتتانه هو سهم من إيروس، الذي انزعج من أبولو لأنه سخر من مهاراته في الرماية. وليزيد من مرارة انتقامه، أطلق أيضًا سهمًا يسبب الكراهية على دافني، مما تسبب في شعورها بالنفور الشديد. بعد مطاردة حماسية، صلت دافني إلى أمنا الأرض (أو بدلاً من ذلك إلى والدها، إله النهر) لمساعدتها، وتحولت إلى شجرة غار، والتي أصبحت بعد ذلك مقدسة لأبولو. [4]

يستمر فهرس الرومانسيات الفاشلة مع «ماربيسا- Marpessa»، التي اختارت إيداس البشري على أبولو. «كيستاليا- Castilia»، حورية هربت إلى نبع جبلي بدلاً من قبول محاولاته الغرامية. كاساندرا، الذي قدم لها هدية النبوة، رفضته على أي حال وبالتالي لعنت. «كورونيس- Coronis»، الأميرة البشرية التي أنجبت نجل الإله أسكليبيوس، قامت بخيانته مع أمير بشري. ومع ذلك، وعلى الرغم من كوارثه الرومانسية العديدة، فقد نجح الإله في إنجاب العديد من الأطفال، بما في ذلك «تروليوس- Troilius» و«أسكليبيوس- Asclepius» و«أريستايوس- Aristaeus » (الإله الراعي للماشية) و«إيون- Ion»ز. [4]

عشاقه

كانت العلاقات الذكورية لدى أبولو هي الأكثر بروزًا بين جميع الآلهة اليونانية. لقد كان إله «الباليسترا- palaestra»، مكان التجمع الرياضي للشباب (الذي، ليس بالمصادفة، يتنافس فيه الشباب عاريًا)، وكان عشاقه الذكور جميعهم أصغر منه. كان «هياكينثيوس- Hyacinthus»، وهو أمير من إسبرطة، أحد هؤلاء العاشقين الذكور. يقال إن الثنائي كانا يتدربان على رمي القرص عندما أصيب هياكينثيوس في رأسه من قبل «زيفيروس- Zephyrus»، الذي كان يشعر بالغيرة من أبولو وأحب هياكينثيوس أيضًا. عندما مات هياكينثيوس، قيل أن أبولو كان مليئًا بالحزن لدرجة أنه لعن خلوده، راغبًا في الانضمام إلى حبيبه في الموت الأبدي. علاوة على ذلك ، قام بتحويل زيفيروس إلى الريح حتى لا يتمكن أبدًا من لمس أي شخص أو التحدث إليه مرة أخرى. من دماء حبيبه المقتول، يُقال إن أبولو خلق زهرة الياقوتية كذكرى لوفاته. كان مهرجان هياكينثيوس، الذي احتفل بهذه المناسبة، احتفالًا مهمًا في الحياة الدينية الإسبرطية. [4]

عاشق ذكر آخر كان «كيباريسوس- Cyparissus»، سليل هرقل. أعطى أبولو للصبي غزالًا مروضًا كرفيق له، لكن كيباريسوس قتلها بطريق الخطأ برمي الرمح بينما كانت نائمة في الشجيرات. طلب كيباريسوس من أبولو أن يدع دموعه تسقط إلى الأبد. حوَّل أبولو الصبي اليائس إلى شجرة سرو، وهو ما يرتبط بالحزن لأن قطرات النسغ التي تتشكل على الجذع تبدو وكأنها دموع العنبر. [4]

أبولو وولادة هيرميس:

كان أبولو أيضًا أول ضحية لهيرميس، إله اللصوص والمحتالين. عندما ولد الإله الأخير على جبل سيلين في أركاديا، أخفته والدته مايا في كهف، التي كانت تخشى غضب هيرا إذا اكتشفت من هو والد الإله المولود. وهكذا، قامت بلف الرضيع في بطانيات وخبأته بعيدًا، لكن هيرميس الذكي هرب بينما كانت نائمة. بعد ذلك، ركض هيرميس إلى ثيساليا، حيث كان أبولو يرعى ماشيته. سرق الرضيع هيرميس عددًا من أبقاره وأخذها إلى كهف في الغابة بالقرب من بيلوس، ليغطي آثارها. في الكهف، وجد سلحفاة فقتلها، ثم أزال الأحشاء. استخدم أمعاء البقرة وصدفة السلحفاة لصنع القيثارة الأولى. [4]

اشتكى أبولو إلى مايا من أن ابنها قد سرق ماشيته، لكن هيرميس استبدل نفسه بالفعل بالبطانيات التي كانت قد لفته بها، لذلك رفضت مايا تصديق اتهام الإله. تدخل زيوس وزعم أنه شاهد الأحداث وانحاز إلى أبولو. قبل أن يطالب إله الموسيقى بالتعويض، بدأ هيرمس في عزف الموسيقى على القيثارة التي اخترعها. وقع أبولو على الفور في حب الآلة وعرض مبادلة: الماشية بالقيثارة، وشرع في مسامحة الإله الشاب على تجاوزه. ومن ثم، أصبح أبولو سيد القيثارة وابتكر هيرميس «مصفار- syrinx» وهو نوع من الآلات النفخية. [4]

معابد وأماكن مقدسة:

تم بناء معابد تكريماً لأبولو في جميع أنحاء العالم اليوناني، ولا سيما في جزر ديلوس ورودس وفي بتويون وكلاروس. تشمل المواقع التي لا تزال تحتوي على بعض بقايا المعابد العظيمة والمخصصة لأبولو تلك الموجودة في ناكسوس (القرن السادس قبل الميلاد)، حيث لا يزال المدخل الهائل موجود، في كورينث (550-530 قبل الميلاد)، حيث تعطي سبعة أعمدة مبنية «بالنظام الدوري- Doric order» انطباعًا عن ما كان هيكلًا مثيرًا للإعجاب، في ديديما بتركيا (القرن الرابع قبل الميلاد)، والذي كان معبده رابع أكبر معبد في العالم اليوناني، وفي «سيداي- Side» أيضًا في تركيا (القرن الثاني الميلادي) حيث تم ترميم زاوية من واجهته الأنيقة ذات الأعمدة. [3]

على الرغم من ذلك، تجلى حضور أبولو المباشر بين الإغريق في هيكل الوحي في دلفي، والذين تمت استشارتهم لقواهم الخاصة بالتنبؤ والذي كان الأكثر أهمية في العالم اليوناني. وفقًا للأسطورة، أبولو الذي يرغب في الكشف للإنسانية عن نوايا والده زيوس، أنشأ هيكل الوحي في الموقع حيث قتل التنين بيثون. بدأت الألعاب البيثينية اليونانية في الموقع لإحياء ذكرى موت هذا المخلوق الإلهي. تم منح حوامل ثلاثية القوائم وأكاليل الغار كجوائز للفائزين في هذه الألعاب. تشير الثلاثين خزينة التي بنتها مدن مختلفة في دلفي إلى شعبية الإله والملاذ في العالم اليوناني الأوسع مثل آسيا الصغرى. [3]

المصادر:

  1. theoi
  2. britannica
  3. world history
  4. new world encyclopedia

كيف ظهرت قوانين الملكية الفكرية ولماذا؟

يسعى قانون الملكية الفكرية لتشكيل ضمان يحمي حقوق المؤلف أو المخترع لمنع أي شخص آخر من استغلال عمله دون الحصول على إذن مسبق منه. وله دور هام في التحفيز على الابتكار في شتى المجالات. وتكون حقوق الملكية مؤقتة في أغلب الأحيان، وتنقسم إلى فئتين:

  1. الحقوق المتعلقة بالملكية الأدبية والفنية.
  2. الحقوق المتعلقة بالملكية الصناعية.

نشأة الملكية الفكرية وتطورها عبر التاريخ

إن أول ظهور لقانون الملكية الفكرية حسب الاعتقاد الشائع كان مرتبطاً باختراع الأحرف المطبعية والآلة الطابعة في العام 1440 على يد المخترع «يوهانس جوتنبيرج-Johannes Gutenberg». وقد ساهم هذا الاختراع في انتشار الكتب والمؤلفات المطبوعة بشكل كبير. وأصبح من السهل على الناس نشر الكتب إن كانت من تأليفهم أو تأليف غيرهم. مما جعل الكثير من المؤلفين يفكرون بطريقة تحمي حقوقهم من الضياع وتمكنهم من الاستفادة المادية منها، فظهرت فكرة المؤلف بمعناها المحدود. [1]

ثم بدأ نظام الملكية الفكرية بالتطور، وفي العام 1624 بدأت إنجلترا بالانطلاق نحو حماية الملكية الفكرية بما يسمى «التشريع الإنجليزي للاحتكار». حيث كان الهدف منه تشجيع الحرفيين الأجانب على إقامة مشاريع لهم في بريطانيا.

استمر هذا التشريع حتى 1977، عندما تبنت بريطانيا معايير اتفاقية البراءات الأوروبية. ومن القوانين البارزة التي صدرت أيضاً في بريطانيا قانون المؤلف البريطاني والذي صدر في عام 1710، وسمى آنذاك بتشريع (الملكة آن). هذا التشريع منع طباعة الكتب أو إعادة نشرها دون إذن أصحابها وذلك لتشجيعهم على التأليف. [2]

أنواع الملكية الفكرية

هناك أنواع مختلفة من الملكية الفكرية مثل:

  • حق المؤلف: هو المفهوم القانوني المستخدم في وصف الحقوق الخاصة بالمبدعين، والمرتبطة مع مصنفاتهم ومؤلفاتهم الفنية والأدبية. وتقسم إلى عدة انواع وهي: الأفلام، وأعمال النحت، واللوحات، والأعمال الموسيقية، والكتب، كما تتضمن الرسوم التقنية، والبرامج الحاسوبية، وقواعد البيانات.
  • البراءات: هي حقوق تمنح ضمن اختراعات معينة، وتكفل لأصحابها البت في كيفية استخدام الأشخاص الآخرين لها. ومقابل الحصول على هذه الحقوق يوفر صاحب براءة الاختراع للأفراد معلومات ذات طبيعة تقنية عن اختراعه.
  • العلامات التجارية: هي إشارات أو رموز تستخدم لتمييز الخدمات أو السلع الخاصة بمنشأة معينة عن غيرها من الخدمات أو السلع الأخرى التي تتبع لمنشآت ذات طبيعة عمل مشابهة. ويعود استخدام مصطلح العلامات التجارية إلى العصور القديمة لأن الأفراد العاملين في الحرف كانوا يكتبون العلامات الخاصة بهم أو توقيعاتهم على منتجاتهم الحرفية. [3]
  • التصاميم الصناعية: هي المظهر أو الشكل أو الزخرفي المستخدم مع قطعة مصنوعة من شيء ما. ومن الممكن أن يكون التصميم الصناعي عبارة عن مجسم (عنصر ثلاثي الأبعاد كأشكال القطع، أو عنصر ثنائية الأبعاد مثل الألوان أو الخطوط أو الرسومات).
  • المؤشرات الجغرافية: هي نوع من أنواع الإشارات التي تشمل أيضاً ما يعرف بتسميات المنشأ، أو خصائص من الممكن ربطها أساساً مع مكان إنشائها، أو نظم المعلومات الجغرافية (GIS) وهي أنظمة تقوم بإنشاء وإدارة وتحليل ورسم الخرائط لجميع أنواع البيانات. [4]

أهم الاتفاقيات والمنظمات العالمية الحامية للملكية الفكرية

  • اتفاقية باريس لحماية الملكية الصناعية:
    بدأت هذه الاتفاقية بانضمام 14 دولة في عام 1883. وقد تم تعديلها عدة مرات في سنوات مختلفة كان آخرها عام 1967. تحول لاحقاً اسمها إلى اتحاد باريس، وقد بلغ عدد أعضائها 169 دولة في عام 2005. وكان الهدف الرئيسي منها هو منح الحماية والحقوق بخصوص الملكية الصناعية لجميع أفراد الدول الأعضاء ودون تمييز وهو ما سمي بمبدأ الحماية الوطنية. [5]
  • اتفاقية بيرن لحماية الأعمال الأدبية والفنية:
    أقرت هذه الاتفاقية عام 1886. وقد عدلت عدة مرات وتحول اسمها أيضاً إلى اتحاد بيرن. وبلغ عدد أعضائها في عام 2005 (160) دولة. وتعتبر العمود الأساس في حماية الأعمال الفنية والأدبية مثل الأعمال الموسيقية والمنحوتات والصور الفوتوغرافية والروايات والقصائد. وقد عملت هذه الاتفاقية بمبدأ المعاملة الوطنية وهو نفس المبدأ في اتفاقية باريس. كما لديها مبدأ الحماية الآلية أيضًا حيث تعتبر الأعمال محمية مباشرة بعد ظهورها ولا تحتاج إلى تسجيل. ولقد حددت الاتفاقية فترة الحماية بـ 50 عام من تاريخ وفاة صاحب العمل. إلا إذا كان صاحب العمل مجهول الهوية، فإنها تحظى بحماية لمدة 25 عاماً من تاريخ نشرها.

المصادر:

  1. www.greelane.com
  2. www.ar.celeb-true.com
  3. www.bel3arabi.me
  4. www.fdiintelligence.com
  5. www.wipo.int

ما هي الحرب الهجينة وخصائصها ولماذا هي مهمة اليوم؟

هذه المقالة هي الجزء 10 من 10 في سلسلة نبذة عن أقسى الجرائم البشرية، الحروب وأنواعها

تُظهر الدراسات الحديثة حول الحروب في أفغانستان والعراق مدى تكلفة الحروب الشاملة من حيث الخسائر البشرية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية بغض النظر عن مدى تفاوت قدرات الأطراف المتصارعة أو الخصوم. بسبب التقدم التكنولوجي السريع وظهور الحرب غير المتكافئة، يمكن أن تكون الحروب الشاملة غير فعّالة حتى في مواجهة القوى التي لديها موارد ونفوذ أقل نسبيًا. وبالتالي، قد يصبح النصر احتمالًا صعبًا للغاية.

لكن هذا لا ينذر بتلاشي الصراعات، بل بتغير ديناميكيات الحرب. وظهور استراتيجيات جديدة كاستراتيجية الحرب الهجينة وهي ما سنتعرف عليه في مقالنا هذا.

مفهوم الحرب الهجينة

لا يعد مفهوم الحرب الهجينة مفهومًا جديدًا، فهو قديم قدم الحرب، ولطالما لجأ الإنسان إلى أساليب الخداع والمناورة.

“إخضاع العدو دون قتال هو ذروة المهارة”.

صن تزو في كتابه “فن الحرب” [1]

شاع المفهوم الحديث للحرب الهجينة من قبل فرانك هوفمان في عام 2007، وهو جندي سابق في مشاة البحرية الأمريكية وباحث دفاعي. وعرّفها قائلًا “تتضمن الحروب الهجينة مجموعة من أنماط الحرب المختلفة، بما في ذلك القدرات التقليدية والتكتيكات والتشكيلات غير النظامية والأعمال الإرهابية، والعنف العشوائي والإكراه والفوضى الإجرامية.” [1]

ويمكن القول إن تكامل الأساليب التقليدية وغير النظامية للحرب ميّز هذه الحروب الهجينة عن أشكالها التاريخية. [3] ويحاول مصطلح الحرب الهجينة فهم التعقيد الذي تتسم به حروب القرن الـ21، والتي تتضمن تعدد الفاعلين، ويطمس الفروق التقليدية بين أنواع النزاع المسلح، وحتى بين الحرب والسلام.

كما يُستخدم أيضًا لوصف الطابع المتغير للحرب المعاصرة، لأسباب ليس أقلها التعقيد والفتك المتزايدين للجهات الفاعلة العنيفة غير الحكومية، والإمكانات المتزايدة للحرب السيبرانية.[3] لكن على الرغم من التعريفات الكثيرة لها، إلّا أنّ مفهومها متنازع عليه ولا يوجد لها تعريف متفق عليه عالميًا. وتعرضت للكثير من الانتقادات بسبب افتقارها إلى الوضوح المفاهيمي. [2] لذا، فمن المهم إيجاد تعريف واضح ومحدد لها، لتتمكن الدول من إدراك التهديدات الهجينة وتفعيل آليات للاستجابة لها ولأدواتها.

أدوات الحرب الهجينة

تستلزم الحرب الهجينة تفاعلًا أو اندماجًا بين أدوات القوة التقليدية وغير التقليدية وأدوات التخريب. ويتم مزج هذه الأدوات والوسائل بطريقة متزامنة لاستغلال نقاط ضعف الخصم. وتشمل مجموعة متنوعة من الأنشطة وتستخدم الأدوات المختلفة لزعزعة استقرار المجتمع من خلال التأثير على صنع القرار فيه. وتشمل الأدوات التالية:

  • التدخل في الانتخابات.
  • التضليل ونشر الأخبار الكاذبة.
  • الهجمات السيبرانية.
  • هجمات الطائرات بدون طيار.
  • التأثير المالي والضغط الاقتصادي. [4]
  • التدريبات العسكرية على الحدود وواسعة النطاق، والاستعراضات العسكرية والإكراه والتخويف.[2]
  • زعزعة الثقة بين الحكومات والشعوب، وإفقاد السلطة للشرعية.[2]
  • استخدام وسائل التواصل الاجتماعي الرقمية للتأثير على الشعوب.[2]

وتمنح هذه الأدوات الحروب الهجينة القدرة على تحقيق النصر بدون قتال. وتميزها بخصائص تجعلها حروب قادرة على تغيير موازين القوى لصالح الطرف الأضعف في الحروب غير المتكافئة.

خصائص الحرب الهجينة

ما يميّز الحرب الهجينة هي قدرتها على دمج عدّة أساليب في وقت واحد وتحقيق الأهداف بأرخص السبل وبأفضل النتائج. فبخلطها بين الأدوات الحركية وغير الحركية تلحق الضرر بالدولة الخصم بالطريقة المثلى. ومع غياب الحد الفاصل بين الحرب والسلم أو ما يسمى بالمنطقة الرمادية يصبح من الصعب تفعيل الحرب أو المواجهة المباشرة.

تكاليفها ومخاطرها منخفضة بشكل ملحوظ. فبدلًا من إرسال الدبابات والطائرات وخوض معارك دامية، تكتفي هذه الاستراتيجية بتمويل نشر المعلومات المضللة أو التعاون مع أطراف أخرى غير حكومية كحرب بالوكالة. محققة بذلك إخضاعاً للعدو بدون قتال. [2]

من خصائص الحرب الهجينة المميزة أيضًا هو جانب الغموض والإسناد. حيث تنشئ الجهات الفاعلة جانب الغموض بحكمة وتعمل على توسيعه ونشره. بعبارة أخرى، تصبح الدولة المستهدفة إما غير قادرة على اكتشاف هجوم مختلط أو غير قادرة على نسبته إلى دولة قد تكون هي من تقوم به أو ترعاه. ويصبح من الصعب على الدولة المستهدفة تطوير استراتيجية دفاعية مناسبة.

كما تسمح هذه الحرب بتقويض الخصم على جبهتين، الأولى وهي جبهته المادية؛ العسكرية والبنية التحتية والاقتصادية. أمّا الجبهة الأخرى فهو شرعية سلطة وثقة الشعب بها.[2] وبذلك تدمّر العدو المستهدف من الداخل وتجعله مشتتًا بين صراعاته الداخلية ومواجهة هجمات العدو الهجينة. ويسمح تأثير تكنولوجيا المعلومات الناشئة للجهات الفاعلة الحكومية وغير الحكومية باستهداف صانعي القرار والجمهور من خلال وسائل الإعلام المعولمة والمتشابكة والإنترنت. [4] وتستخدم الحرب الهجينة عدّة تكتيكات عسكرية، فإضافة إلى استخدام الوكلاء قد تلجأ إلى حرب العصابات أوالمتمردين أوالإرهابيين. [3]

ما الذي يجعل هذا الاستراتيجية تحوّلا مهمًا في الصراعات اليوم؟

غيّرت هذه الاستراتيجية الشكل التقليدي للصراع. فقد تمّكن الاتحاد الروسي من ضم شبه جزيرة القرم، مستخدمًا أسلوب التضليل الإعلامي. حيث أنّه في الـ13 من مارس عام 2014، ظهر في شبه الجزيرة مجموعات مسلحة ترتدي الزي العسكري الروسي وتحمل سلاحه ولكن بدون شارات أو دلالات تدل على انتمائه إلى أي طرف، وقامت باحتلال مطار ومجموعة قواعد عسكرية أوكرانية، وأطلق عليهم “الرجال الخضر الصغار”. أظهرهم الإعلام الروسي كدليل على الرضا الشعبي من المدنيين الأوكران فيها. ودعوة منهم للتدخل الروسي والدخول إلى شبه الجزيرة وذلك ما حصل بالفعل.[6]

كما استخدموها في حربهم الحالية ضدّ أوكرانية فمن الهجمات السيبرانية إلى استخدام الطائرات من دون طيّار وغيرها من التكتيكات التي تشير إلى حرب هجينة فيها. وفي المقابل استخدم الأمريكان استراتيجيات مضّادة كحجب المواقع الروسية عن الشبكة أو تدخل شركات عملاقة ك”ميتا” أو نشر الإنترنت الفضائي من قبل المليادير الأمريكي إيلون ماسك. [5]

يمكن لهذا الاستراتيجية تحقيق مكاسب صفرية في مواجهة الخصوم. كضم مناطق كاملة بلا إراقة دماء أو توجيه ضربات موجعة للخصوم قادرة على شلّ حركتهم لفترات طويلة بأرخص السبل وأبسطها.

وفي الختام لا تغيّر الحرب الهجينة طبيعة الحرب. حيث يظل الإكراه في صميم الحرب الهجينة كما هو الحال مع أي شكل من أشكال الحرب. ويبقى الهدف هو نفسه، وهو اكتساب ميزة جسدية أو نفسية ليخسر الخصم. ومما لا شك فيه أنها تمثل تحديًا لمؤسسات الأمن القومي لمواجهة مجموعة واسعة من التهديدات التي يمكن وصفها بالحرب الهجينة. وخاصة أنّها قد تؤذن بصعود قوى عالمية جديدة قد تلقي بعصر القطبية الواحدة في غياهب النسيان.

المصادر:

1- Economist
2- Nato.int
3- marshallcenter
4- carnegieeurope
5- orfonline
6- e-ir.info

كيف تطورت العمارة في الدولة المصرية الحديثة؟

تأسّست الدولة المصرية الحديثة عندما طرد الملك أحمس الأوّل الهكسوس من مصر ووحّدها. واستمرّت من الأسرة 18 إلى الأسرة 20 وتقريبًا منذ 1550-1070 ق.م. وتوسّعت عسكريًا على مساحات واسعة. وأطلق الباحثون لقب الفراعنة على ملوك مصر، وقد استخدمت كلمة فرعون لأوّل مرّة في عهد الدولة الحديثة، وعَنَت آنذاك المنزل الكبير.

ومن اللافت للنظر بروز عدّة ملكات لعبن دورًا مهمًا في حكم مصر، كما أسهمنَ في تطوّر العمارة. وأصلح ملوك الدولة المصرية الحديثة العديد من المعابد القائمة والتي تعود للدولة المصرية الوسطى والدولة المصرية القديمة وأضافوا عليها. وشيّدوا مواقع هامّة مثل وادي الملوك الذي ضمّ المقابر الملكيّة. [1][2]

بيت البهجة ومجمّع القصور

بنى أمنحتب الثالث مجمّع للقصور بمساحة 360 هكتار، ويعرف اليوم باسم ملقطة في مدينة الأقصر. وتشير بعض الأدلّة أنّ سبب بنائه هو حاجة الملك لمكان للاحتفالات عند قدوم ممثّلين من دول معروفة في ذلك الوقت، للمشاركة كضيوف رسميّين. ودُعي قصر الملك الأساسي ببيت البهجة، وقسّموه إلى قطّاعين رئيسيّين. وعلى الرغم من المتاهة المبنيّة، يُظهِر القصر تصميم منظّم ومدروس بعناية. فاقتصر القطّاع الشمالي على الأقسام الرسميّة، في حين ضمّ القطّاع الجنوبي الأقسام السكنيّة والمخازن. واحتوى القصر على نظام ممر معقّد وصل بين جميع الأقسام الأساسيّة.

وضمّ المجمّع معبد لآمون، وقصر للملكة ووليّ العهد، ومنازل كبيرة للنبلاء. ووُجد قصر للحريم والخدم، الذي أطلَق عليه بعض المستكشفين عن طريق الخطأ لقب القصر الشمالي. واحتوى المجمّع قاعة للجمهور وساحة للاحتفال وطلّت عليها نافذة الملك في الأعلى حيث ظهر منها عند مقابلة الزوّار في الساحة أدناه. [3]

كيف صمّم المصريون منازلهم في العصر الحديث؟

ضمّ المنزل المصري عادةً 3 غرف تعاقبت مع ازدياد الخصوصيّة إلى الداخل، إضافةً إلى ممر أدّى إلى المطبخ ومنطقة خلفيّة مفتوحة. واحتوى المنزل التقليدي على:

  • غرفة استقبال أماميّة. فُتحَت مباشرةً من الشارع وتقدّمها درج، حيث بني المنزل تقريبًا 40-45 سم أخفض من الشارع. وسيطر على أحد الجدران ضريح مرتفع على شكل مصطبة مستطيلة ارتفعت غالبًا 75 سم، ووصِل إليها عبر درجات. ويرجّح أنها وضِعت لأغراض العبادة في المنازل. بينما قابل المدخل باب أدّى إلى الفراغ الثاني.
  • غرفة استقبال أعلى بدرجة أو اثنتين من الغرفة الأولى. واحتوت على عمود أو عمودين مركزيّين بارتفاع وصل إلى 4.3 م. ووجِد مذبح صغير في هذه الغرفة مع طاولة تقديم الهبات، وصنعوا تماثيل من الفخّار للآلهة المنزليّة. ووضعوا أريكة عائليّة بارتفاع 20 سم.
  • قبو، حفروه أغلب الأحيان تحت غرفة الاستقبال الثانية، وأغلقوه بسطح خشبي.
  • غرفة صغيرة أو اثنتان. واستُخدمَت كغرفة نوم أو غرفة عمل سيّدة المنزل، مع ممر مؤدّي إلى الخلف.
  • مطبخ ومنطقة خدمة مع فرن مقبّب وحوض للعجن ومرفق لتخزين المياه مع مكان لمزار عائلي آخر.
  • درج للسطح، حيث تستريح العائلة أو تخزّن حاجياتها.
  • قبو خلفي، حفروه لتخزين الطعام أو الحبوب.
  • نوافذ، وضعوها عادةً في أعلى الجدران مع سواكف حجريّة أو شبكات خشبيّة.

مسقط ومقطع لمنزل تقليدي في دير المدينة رسمته Helena jaeschke

ونستطيع رؤية أمثلة من هذا المنزل التقليدي في دير المدينة. [3]

بينما سكن الفقراء في منازل تكوّنت من غرفة واحدة، استخدموها غالبًا للتخزين أو القيلولة خلال النهار. ويرجّح أنّ السكان ناموا على الأسطح في الليل، واحتوت أحيانًا على مظلّات من القصب لتشكيل الظلال. واحتوى المنزل على ساحة خلفيّة، وارتفع في أماكن أخرى بحوالي 1.2 م عن الأرض لمنع الغبار من الدخول.

بينما احتوت منازل الأغنياء أحيانًا على 30 غرفة، استخدموا معظمها لتخزين الأطعمة. وعلى الرغم من وجود أنابيب من الحمّام إلى الحديقة الخلفيّة إلّا أنّه لم تتوفّر مياه جارية في المنازل. [4]

الشكل النهائي للمعابد الدينيّة في الدولة المصرية الحديثة

تطوّرت المعابد الدينيّة في عهد الدولة المصرية الحديثة بشكل ملحوظ، واختلفت عن المعابد في عهد الدولة المصرية القديمة. واتّبعت نهجًا تطوّر على مدى قرون خلال تعاقب ملوك الأسر. فاستمرّوا بإضافة عناصر إلى المعابد في كثير من الأحيان لتصبح أخيرًا مجمّعات هائلة. ويمكن رؤية العناصر الأساسيّة للمعابد الدينيّة في معبد الأقصر الذي بدأه أمنحتب الثالث وخصّصه لآمون.

وقد أدّى ممر بين تماثيل لأبي الهول برؤوس كباش “طريق الكباش” إلى المدخل الذي شيّدوه على شكل بوّابة مرتفعة أحيط بها برجان عاليان وتدعى «بيلون-Pylon». وقد زوّدوها بسواري للأعلام وتموضعت أمامها زوج من المسلّات وتماثيل ضخمة للملك.

ممشى أبو الهول “طريق الكباش” ويظهر البيلون خلفه في معبد الكرنك

وبعدما عبر المصلّون من البيلون وصلوا إلى ساحة أدّت إلى قاعة أعمدة رئيسيّة وقد تأتي بعدها قاعة أخرى أصغر حجمًا من أجل تقديم الهبات. ووجِد المذبح في قلب المعبد وبنوا بالإضافة إلى ذلك غرف للتخزين وحفروا خارج المعبد الرئيسي بحيرة أو بئر للمياه من أجل الطقوس اللازمة. وبُني في أوقات لاحقة مبنى للاحتفال بالولادة الإلهيّة للملك ويدعى بيت الولادة. وتمّ احتواء كل المباني الخدميّة بواسطة جدار ضخم من الطوب الطيني. [5]

معبد أبو سمبل

أبرز نصب بناه رمسيس الثاني هو بلا شك المعبد المكرّس لآمون رع في أبو سمبل. ويقع على الضفّة الغربيّة للنيل في أسوان حاليًا. وعلى الرغم من أنّ المعبد محفور في الصخر. ولكن يتبع الهيكل عمومًا مخطّط المعبد المصري المعتاد.

وتظهر أربعة تماثيل ضخمة لرمسيس الثاني وهو جالس على وجه الجرف، وكلّ منها بارتفاع 21م، اثنان على كلا جانبي المدخل. ونحتوا شخصيّات صغيرة بينها مَثّلت عائلته. وامتدّ المعبد داخل الصخر حوالي 64 م. وتَلَت المدخل قاعة أعمدة كبيرة تخلّلتها غرف للتخزين. وتمّ الانتقال من القاعة بشكل محوري إلى قاعة أعمدة ثانية، وثمّ إلى قاعة ثالثة. وبعدها حفروا الحرم المقدّس في الصخر.

ووجّهوا المعبد بدقّة بالغة بحيث تعبر أشعة الشمس إلى الحرم المقدّس يومين في السنة (22 فبراير و22 أكتوبر). وتضيء ثلاثة تماثيل جالسة على مقعد. ويعتقد المؤرّخون أنّ هذين التاريخين يمثّلان تتويج الملك وولادته. وبُني معبد آخر أصغر لزوجته نفر تاري شمال المعبد الرئيسي.

ونجا المعبد خلال العصور القديمة ليواجه تحدي الغرق في الستينيات. وذلك بسبب ارتفاع مستوى مياه نهر النيل بعد قرار بناء السد العالي. فنُقل المعبد على هضبة صحراويّة بارتفاع 64م وامتداد 180م غرب موقعها الأصلي. وقد قطّعوا المعبد إلى أجزاء ترواح وزنها بين 20-3 طن، وأعادوا تجميعها في الموقع الجديد. وشارك بالعمل حوالي 3000 شخص من دول متعددة واستغرق الأمر تقريبًا 5 سنوات. [6][7]

مدخل معبد أبو سمبل ويعود للدولة المصرية الحديثة

وادي الملوك

يقع وادي الملوك في مصر العليا على الضفّة الغربيّة للنيل، ويعتبر موقع دفن تقريبًا لكل ملوك الدولة المصرية الحديثة. وضمّ الموقع كذلك قبور للملكات وبعض الأمراء وعدد قليل من المسؤولين ذوي الرتب العالية. واختلفت تصاميم المقابر اختلافًا كبيرًا، ولكنّها تكوّنت بشكل عام من ممر نازل تخلّله فتحات عميقة استُخدمت من أجل تضليل اللصوص. وحفروا غرفة أعمدة وغرفة الدفن وغرفة أخرى للتخزين.

وتعود أطول مقبرة للملكة حتشبسوت، فتبعد غرفة الدفن ما يقارب 215 م عن المدخل، وتنزل 100 م في الصخر. [8]

وقد أخفى البنّاؤون مداخل المقابر بشكل جيّد إلّا أنّه من المرجّح أنّ أغلب المقابر الملكيّة المعروفة قد سُرقت قبل نهاية الأسرة 20. وتشهد السجلّات المصريّة على محاكمات اللصوص والعقوبات القاسية التي صدرت ضدّهم. واعتقد الكثيرون أن المقابر ال 62 التي تمّ اكتشافها قبل عام 1922م مثّلت كلّ ما يمكن العثور عليه في الوادي. حتى اكتشاف قبر توت عنخ آمون الذي نجا من النهب.

وحديثًا عام 2005 عثر المنقّبون على قبر غير معروف وبدون مومياء. رجّح الباحثون بعدها وجود مقابر قريبة لم تكتشف بعد. وخاصّةً أنّه لم يتمّ العثور بعد على قبر رمسيس الثامن. [9]

يمشّط منذ قرون سارقو القبور، وصائدو الكنوز، وعلماء الآثار وادي الملوك. ولكن حتّى الآن لا يزال الموقع يجلب العديد من المفاجآت. فما الذي خبّأته لنا عمارة الدولة المصرية الحديثة أيضًا؟ حسنًا هذا ما سنعرفه مع الزمن.

المصادر

  1. Live science
  2. History
  3. Staffsites.sohag_univ
  4. Ancient Egypt
  5. Britannica
  6. Britannica
  7. Live science
  8. Britannica

9.National geographic

Exit mobile version