من هم المعتزلة وما هي مبادئهم؟

خلال القرن الثامن الميلادي، ناقش علماء الدين المسلمون العديد من المسائل. كالتساؤل حول ما إذا كان القرآن مخلوقًا أم أبديًا. وما إذا كان الله قد خلق الشر، ومسألة الأقدار مقابل الإرادة الحرة. وما إذا كانت صفات الله في القرآن يجب أن تفسّر مجازياً أم حرفيًا. كما تعامل الإسلام أيضًا مع عدد من المذاهب التي اعتبرت فيما بعد بٍدعة مثل المعتزلة. وقد حاول فكر المعتزلة بدرجة كبيرة من المنطق والتفكير معالجة كل هذه القضايا.[1] وهذا ما سنتعرف عليهم في مقالنا هذا.

من هم المعتزلة؟

المعتزلة هي مدرسة فكرية في الإسلام نشأت في القرن الثامن الميلادي وازدهرت في بغداد والبصرة. ويُعتقد أن اسم المعتزلة يأتي من الجذر العربي اعتزل بمعنى “المغادرة”، أو “التخلي”، أو “الهجر”[1]

ونظر العديد من المفكرين الإسلاميين المعاصرين إلى عقلانية المعتزلة ومبادئهم على أنها محاولة لإعطاء حياة متجددة للفكر الإسلامي. سعيًا منهم لتجهيزه لمواجهة التحديات التاريخية.[2]

مفكروا المعتزلة هم أول من استخدم مقولات وأساليب الفلسفة الهلنستية لاستنباط أفكارهم العقائدية.[3] وغلبت عليهم النزعة العقلانية واعتمدوا على العقل في تأسيس عقائدهم وقدموه على النقل.[4]

أسباب وظروف نشأتهم

ظهرت تسمية “المعتزلة” لأول مرة سياسيًا في التاريخ الإسلامي المبكر في الخلاف حول قيادة علي بن أبي طالب للأمة الإسلامية بعد مقتل الخليفة الثالث عثمان بن عفان. واصفة أولئك الذين لم يُدينوا أو يعاقبوا علي أو يناصروا خصومه واتخذوا موقفًا وسطيًا.[3]

ولكن يرجع التأسيس الفعلي لهذه المدرسة فكريًا إلى واصل بن العطاء (699-749)، تلميذ الحسن البصري.

فقد اختلف واصل ابن عطاء مع أستاذه في الحكم على مرتكب الكبيرة والمقصود بذلك مَن يتعمّد ارتكاب الذنب الذي جاء فيه حدٌّ في الدنيا أو وعيد في الآخرة، كالشرك بالله مثلاً، أو قتل النفس ظلماً أو ترك الصلاة.

قائلًا أنّه في (منزلة بين المنزلتين)؛ أي ليس بكافر ولا مؤمن. وانسحب من دائرة معلمه، وكوّن لنفسه حلقة دراسية منفصلة، فقال عنه معلمه (اعتزلنا واصل). ومن هنا جاءت التسمية حسب ما رواه الشهرستاني وآخرون بـ “المعتزلة”. [2]

ويعتقد أنّ دوافع سياسية مهيمنة أدت إلى ولادة هذا الفكر. لذا لا يمكن إنكار أن المعتزلة ظهرت كحركة سياسية.

ومن المؤكد أنه ولأسباب سياسية، حدث نوع من التقارب الطبيعي بين المعتزلة والمصالح السياسية العباسية. سواء تلاقت المصلحة في كون المعتزلة هم الوعاظ الجدد للخليفة، أم أنّ العباسيين وجدوا في آرائهم ما يناسب سياساتهم.[2]

لكنّ رغم ذلك يجب أن تنطوي أي دراسة علمية للمعتزلة على تحليل مقارن للمصادر، بسبب قلّة المراجع والمصادر التي وصلت من أعمال مفكريها الأوائل. لذا فأسباب نشأتهم لا تزال قيد الدراسة فيما عدا النزعة السياسية التي أدت إلى هيمنة فكرهم في العصر العباسي المتفق عليها. وما زال أثر فكرهم على العصر الذهبي الإسلامي غير مدروس بدقة ولم نعرف ما إذا كان وجودهم سبب في العصر الذهبي أم العكس.

لم يكن لفكر المعتزلة مركز أو مؤسس أو زعيم واحد. ففي الواقع، كانت أفكار المفكرين المعتزلة متباينة بشكل كبير في كلٍ من المسائل التفصيلية والمركزية الأكثر أهمية.[2] يرجع ذلك التباين لإعلائهم لقيمة التفكير واستخدام المنطق، إلّا أنهم اتفقوا على خمس مبادئ أساسية لفكرهم.

مبادئ المعتزلة:

التوحيد:

أيّ التمييز الوجودي بين الله وخلقه. بناءً على هذا المبدأ لا توجد مقارنة يمكن إجراؤها بين الاثنين. وقالوا: “أنّ صفاته هي عين ذاته فهو عالم بذاته قادر بذاته، لا بصفات زائدة عن الذات”.

يميز المعتزلة بين صفات الجوهر وصفات الفعل. الأولى هي تلك التي تشكل جزءًا لا يتجزأ من جوهر الله (الحياة، والقوة، والمعرفة، والإرادة، والكلام، والسمع، والبصر). وهذه الأخيرة هي صفات قد يفعلها الله أو لا يفعلها، مثل كونه خالقًا أو حاكمًا، بمعنى أنه يستطيع أن يخلق أو لا يخلق، وفقًا لإرادته.[2]

فأسماء الله الحسنى ال99 الموجودة في القرآن، ليست أجزاء مميزة من الله، ولا يمكن تمييزها عن الله نفسه.[1]

كما رفض المعتزلة فكرة أن عدالة الله عدالة منفصلة عنه، تمامًا كما أن أطراف جسد الإنسان ليست منفصلة عن الجسد ذاته.[1] ورفض المعتزلة، بشكل جذري صفة القِدم، حيث يقولون إن الله أزلي وأن القِدم هو الطبيعة الخاصة لجوهره. وذلك لأنه إذا كانت الصفات جزءًا من القِدم مع الله، فستكون أيضًا جزءًا من ألوهيته.

[2] فنفوا بذلك كل الصفات عن الخالق فيما عدا صفة الوجود.

العدل:

قالوا: “إنّ العباد هم الخالقون لأفعال أنفسهم إن خيرًا أو شرًا، وإن  جميع أفعال العباد من حركاتهم وسكونهم في أقوالهم وأفعالهم وعقودهم لم يخلقها الله عزّ وجل”

فالبشر أحرار تمامًا في أفعالهم وقادرون على الاختيار بين الخير والشر. والخير والشر مفاهيم مجردة لا تعتمد على الوحي، وهي وجهة نظر تتعارض مع الجزء الأكبر من العقيدة الإسلامية التقليدية.[2]

وقالوا: “إنّ الله لا يفعل إلّا الصلاح والخير، ويجب من حيث الحكمة رعاية مصالح العباد.”

الوعد والوعيد:

المقصود به إنفاذ الوعيد في الآخرة على أصحاب الكبائر، وأن الله لا يقبل لهم شفاعة ولا يُخرج أحداً منهم من النار. واتفق المعتزلة أنّ المؤمن التائب يستحق الثواب والعوض. ومن لم يتب عن كبيرة ارتكبها استحق الخلود في النار.

أي اشتملت هذه المسألة على يوم القيامة، حيث يجازي الله من أطاعه بما وعد به، ويعاقب من عصى بالنار.[1]

 المنزلة بين المنزلتين:

حيث يوصف مرتكبوا الكبيرة بأنهم يقفون في منتصف الطريق بين الإيمان والمعصية. حيث لا يمكن اعتبارهم مؤمنين تمام الإيمان ولا كافرين.

بقبولهم هذا المبدأ، كان المعتزلة يعلقون العدالة بشكل أساسي على من كان مخطئًا بين علي ومعاوية.

وبالتالي يتخذون موقفًا مشابهًا في آثاره لموقف المرجئين الذين تركوا مثل هذه الأمور ليقررها الله في الآخرة. وهذا الموقف الهادئ المحتمل لم يضر بشرعية خلافة الأمويين بعد الخلفاء الراشدين، ولا بادعاءات العلويين والعباسيين من ورائهم.[2]

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:

حيث قالوا: “وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع الإمكان والقدرة باللسان والسيف كيف قدروا على ذلك”

وهو مبدأ أخلاقي يتضمن السماح بالتمرد على الحكام الظالمين كوسيلة لتحريم الشر.

وتأثرت هذه الفكرة بالثورة العباسية، التي اعتبروها بمثابة إسقاط عادل للسلالة الأموية الظالمة.[1]

وهو المبدأ المشهور الذي اتفق عليه جميع المسلمين على اختلاف تطبيقهم له فيما بعد بأبعاده السياسية وقصره على البعد الاجتماعي [2].

وكان للمعتزلة أثر كبير في الحياة السياسية والدينية

أثر المعتزلة في الحياة السياسية والدينية

ومن أهم نتائج التوحيد ونفي الصفات إنكار خلود القرآن. على الرغم من أنه كلام الله المباشر، إلا أنه وفقًا للمعتزلة، فإن القرآن مخلوق. وبالتالي يمكن تفسيره وفقًا لقواعد علم الكلام.

وتتجلى الأهمية المركزية للمعتزلة وبلوغهم أوج السلطة من خلال عقيدة خلق القرآن. ظهر ذلك بإعلان الخليفة المأمون، في عام 827، أنّ القرآن مخلوق هي العقيدة الرسمية للدولة الإسلامية.

فإذا كان القرآن مخلوقًا بالفعل، فيمكن أن يخضع للتفسير، وتعديل تفسيراته من قبل المفسر. لكن أساء المأمون استخدام هذه العقيدة وسعى لفرض سلطته ليس فقط على المستوى السياسي ولكن أيضًا على المستوى الديني.

لم يتفق المأمون في جميع معتقداته مع المعتزلة لكنه قرّب منظريها منه ودعاهم إلى بلاطه. وبطش بجميع من خالفه بفكرة خلق القرآن فيما يسمى تاريخيًا بالمحنة.

محنة خلق القرآن

حصلت المحنة عام 833، خلال العام الأخير من حياة المأمون وحكمه. إذ أصدر أوامرًا باستجواب العلماء المسلمين فيما يتعلق بطبيعة القرآن على أنه أزلي ومخلوق أو غير مخلوق. طلب المأمون من العلماء اعتناق موقف المعتزلة، وأولئك الذين رفضوا تعرضوا للتعذيب أو السجن.

وعلى الرغم من أنّ الأمر تم بهدوء وسلاسة في البداية واستجاب أغلب العلماء، إلا أن رفض الإمام أحمد بن حنبل (توفي عام 855)، الاعتراف بهذا الموقف. وأطلق سراح بن حنبل في عهد الخليفة الواثق، فبدا ذلك بمثابة انتصار للمدارس التي أيدت الطبيعة غير المخلوقة للقرآن. وبذلك أصبح موقف السنة منهم واضحًا، إلّا أنّ موقف الشيعة كان متباينًا.[1]

موقف الشيعة من المعتزلة

على الرغم من نقاط الالتقاء بينهما، إلّا أن العديد من المعتزلة الأوائل كانوا معاديين للشيعة بشكل واضح. أو على الأقل معارضين لعقيدة الإمامة الشيعية الأساسية، والتي بموجبها علي ونسله يجب أن يخلفوا النبي محمد كأئمّة أو “مرشدين”.[2]

لاحقَا تبنت بعض الطوائف الشيعية، ولا سيما الاثنا عشرية، مبادئ معينة من معتقدات المعتزلة، ودمجتها في عقيدتهم الدينية. قد يُعزى ذلك إلى حقيقة أن الطائفة الشيعية في جزء كبير منها لم تتأثر بالمحنة. وربما كان ذلك بسبب أن المذهب الشيعي سمح بمرونة أيديولوجية أكثر من الموقف الأشعري الذي تبناه لاحقًا الإسلام السني.[2]

وفي أيامها الأخيرة، استمرت بعض معتقدات المعتزلة بالوجود على ألسنة الأئمة الشيعة (كالإمام المفيد، الذي توفي عام 1022 وأيد العدالة الإلهية والإرادة البشرية الحرة، والزيديين مثل أولئك الموجودين في اليمن). ولكن كانت عوامل اضمحلالها وزوالها عديدة.

أسباب اضمحلال الفرقة

  • كانت عقلانية المعتزلة جذابة لبعض الطبقات الأكثر تحررًا وتعلمًا في ذلك الوقت. كموقفها من الإرادة الحرة، ومعارضتها المتأصلة للتجسيد الإلهي. ومع ذلك، نظرًا لكونها نخبوية بطبيعتها العقلانية، فلم تكتسب مكانة بين الجماهير.
  • قيام الخليفة المأمون بتأسيس المحاكمة في القرن التاسع، وعلاقاته الواضحة بمذهب المعتزلة، وما تلاه من اضطهاد للعلماء، جعل المعتزلة أقل شعبية بين الناس. ونتج عن المحنة وتداعياتها انتقال السلطة الدينية إلى مجتمع العلماء.[1]
  • أظهرت المحنة بوضوح عدم استدامة التفسير الرومانسي للمعتزلة كمدافعين عن الفكر الحر، أو أنهم “متحررين مثقفين” يحاربون ظلامية العقيدة. بل كان المعتزلة رجال دين صارمين، وغير متسامحين بما يكفي. وبمجرد وصولهم إلى السلطة، لم يترددوا في اضطهاد خصومهم الأكثر خطورة.[2]
  • كان فكر المعتزلة هو عقيدة الدولة، مدعومًا من السلطة العليا ودون مشاركة وثيقة مع الجزء الأكبر من المؤمنين. لذا كان من السهل عليها أن تتراجع خلف أبواب المدارس وتدير ظهرها للطموح السياسي.

نهاية الفرقة

كانت هيمنة أفكار المعتزلة قصيرة الأمد، ولكنها عاصرت العصر الذهبي الإسلامي. ثم انخفضت بالتوازي مع أزمة السلطة العباسية. وفي وقت مبكر من فترة المعتصم (833-842)، الذي أحاط نفسه بالمرتزقة الأتراك، وظهور العلامات الأولى لكيفية بدء القوى الفاسدة في التأثير بقوة على قرارات الخليفة، واحتجاز الأسياد كرهائن.

وعندما وصل المتوكل إلى السلطة عام 847، شرع في كسر القبضة التركية الخانقة. وفي محاولة لتعزيز هذه السياسة، قرر الوقوف إلى جانب العلماء المتدينين والمدنيين. في المقابل، كان عليه أن يفرض تحولاً في سياسات الخلافة الدينية. فألغى المحنة واضطهد المعتزلة والعلويين.

ورغم انتهاء عصر المعتزلة إلّا أن الأفكار لا تموت، وبدا وكأن الأحداث السياسية واستغلال الحكام لأفكارهم قد ظلمهم بعض الشيء. كما أنّ متطلبات العصر الحديث اقتضت العودة إلى أفكارهم الأكثر مرونة من سواها. و بُذلت بعض المحاولات الحديثة لإحياء الفكر المعتزلي، لمواجهة المدارس السلفية والوهابية التقليدية. ومن الأمثلة البارزة للمفكرين المعاصرين الداعمين للمذهب المعتزلي هم هارون ناسوتيون ونصر حامد أبو زيد. ومع ذلك، لم تتكلل هذه الجهود بالنجاح ولكن يمكن وصفها كمحاولات. ومن المهم مستقبلًا للثقافة الإسلامية أن تناقش فكر المعتزلة وألا يقتصر ذلك على الدوائر الفكرية الضيقة والأروقة البحثية. وهو هدف يبدو أنّه غير قابل للتحقيق في الوقت الحاضر .

المصادر:
1- newworldencyclopedia
2- compass
3- britannica
4- wikipedia

الأنفاس الأخيرة لبني أمية وسقوط الدولة الأموية

هذه المقالة هي الجزء 1 من 14 في سلسلة تاريخ مغامرة العرب في بلاد الأندلس

تخيل عزيزي القارئ دولة ذات شأن كبير، دولة تمتد من حدود الصين إلى جنوب إسبانيا، تحكم شبه الجزيرة العربية وشبه الجزيرة الإيبيرية. اتخذ حكّامها لقب خليفة الله، وعاش المسلمون فيها أزهى العصور من حيث الرخاء والثراء. ولكن ما طار طيرٌ وارتفع إلا كما طار وقع. فكيف حدث سقوط الدولة الأموية ؟ [1]،[2]

نشأت الدولة الأموية على يد معاوية بن أبي سفيان وجعل من دمشق عاصمةً لها، واستمرت قرابة قرنٍ من الزمان (661-750م). حكمت الدولة الأموية بشكل فعّال بعد وفاة علي بن أبي طالب، واستمرت حتى آخر خلفاءها مروان بن محمد. لم يكن الوضع مستقرًا طوال تلك الفترة، بل عاشت الدولة الأموية اضطرابات سياسية عدة. ما بين الثورات والحروب الأهلية إلى التهديدات الخارجية، ومع الصراعات اللا نهائية على الحكم وبروز العبّاسيين، سقطت الدولة الأموية. [1]،[2]

بداية الاضطرابات في الدولة الأموية

لم يعتد العرب على نظام الحكم القائم على التوريث، لذلك عندما أعلن معاوية ابنه يزيد خلفًا له حدث غضب شديد. كان الحسين بن علي وعبدالله بن الزبير أبرز المعارضين لذلك، فقد بدى اختيار اليزيد مرتكزًا على أساس التوريث لا الخبرة.  كما استندت بعض المصادر التاريخية على أنّ من شروط مبايعة الحسن بن علي لمعاوية هو أن تعود الخلافة للحسن بعد معاوية. لكن ذلك لم يحدث، فكانت فترة حكم اليزيد (680-683م) شديدة الاضطراب منذ بدايتها. [1]،[3]

عانت الدولة الأموية من العديد من الفتن والحروب الأهلية في عهد اليزيد بن معاوية. بداية من حادثة كربلاء عام 680م التي انتهت بمقتل الحسين بن علي. إلى وقعة الحرة عام 683م التي عانت فيها المدينة المنورة من الفوضى وانتهت بنقض عهدهم مع اليزيد. [1]،[4]

 اضطربت الدولة بعد تنازل معاوية الابن الأكبر ليزيد عن الحكم، أدى ذلك إلى انقسامات كادت أن تكلف الأمويين خسارة دولتهم. أنشأ عبدالله بن الزبير خلافة مستقلة عن الأمويين جعل من مكة عاصمة لها، وبايعته على الخلافة العديد من الولايات الإسلامية. كان من المفترض أن يتولى خالد، الابن الأصغر ليزيد بن معاوية، الحكم بعد أخيه. لكن لصغر سنّ خالد، تولى ابن عم أبيه مروان بن الحَكم الخلافة بدلًا عنه لإعادة توحيد الدولة الأموية. كان من المفترض أن يعود الحكم بعد ذلك لخالد بن يزيد بعد وفاة مروان، ولكن ذلك لم يحدث. [1]

تولي بنو مروان الحكم

استطاع مروان بن الحكم أن يستعيد الولايات التي بايعت عبدالله بن الزبير، ولكن وافته المنية قبل أن يأتي بمكة تحت ولايته. لم تخمد نار الفتنة التي تبعت مقتل الحسين، ففي عام 685م ثار المختار الثقفي لقتل قتلة الحسين. بالإضافة إلى الصراعات بين قبيلتي قيس وكلاب التي زادت من توتر الوضع. [1] ،[4]

 استعاد عبدالملك بن مروان المدينة المنورة، ثم مكة المكرمة بمساعدة الحجاج الثقفي. وتابع الوليد بن عبدالملك مسيرة آبائه في التوسعات حتى وصل إلى إسبانيا. حاول الوليد أن يغير من وصية والده ويضع الحكم بعد مماته في يد ابنه، ولكن تصدى له أخوه سليمان وتولى الحكم بعد وفاته. [1]

لم تدم فترة حكم سليمان بن عبدالملك إلا سنتين وثمانية أشهر، قام فيها بإخلاء السجون والتصدي للمتمردين على الدولة الأموية. وبسبب انشغال سليمان بذلك، لم تكد تتوسع الدولة الأموية في عهده مثل ما توسعت في عهد من سبقوه. وصّى سليمان بالخلافة من بعده لابن عمه عمر بن عبدالعزيز. [1]

قيل عن عمر بن عبدالعزيز أنه من أكثر الخلفاء عدلًا وتقوى، حتى أطلق عليه خامس الخلفاء الراشدين. اختلفت الروايات في سبب موت عمر بن عبدالعزيز، ذكر بعض المؤرخون أنه سُقي السم على أيدي أشراف الأمويين. فقد كان عمر بن عبدالعزيز حسب معتقدهم يضيق عليهم الحال، ويساوي بينهم وبين عامة الناس في الثواب والعقاب. [1] ،[4]

وصّى عمر بن عبدالعزيز قبل وفاته بالخلافة إلى اليزيد بن عبد الملك. لم تكن فترة حكم اليزيد مستقرة، وانتقل الحكم من بعده إلى أخيه هشام. أعاد هشام بن عبدالملك الدولة الأموية إلى سابق عهدها من قوة، بعد أن تسلّمها ممزقة. وذلك لكثرة النزاعات والحروب الأهلية والثورات على الدولة الأموية في عهد أخيه اليزيد بن عبدالملك. [1]

وما بين عامي 724-743م كان لهشام بن عبدالملك نصيبًا في تهدئة جموع المسلمين وإكمال مسيرة الخليفة عمر بن عبدالعزيز. فبعد أن قضى على التمرد الآتي من بلاد السند، اندلعت ثورة أمازيغية ضد الحكم الأموي في شمال أفريقيا. انتهت بخسارة الدولة الأموية للمغرب. [1] ،[4]

تدهور الوضع السياسي لبني أمية

بعد وفاة الخليفة هشام في عام 743م شهدت الدولة الأموية تدهورًا ونزاعات غير مسبوقة على الحكم. اندلعت الحروب الأهلية داخل الدولة الأموية، وقتل الخليفة الوليد بن يزيد على يد ابن عمه يزيد بن الوليد. وكانت تلك الحادثة هي بداية سقوط الدولة الأموية. [1] ،[4]

تلا ذلك اضطرابات في الحكم، حكم يزيد بن الوليد الدولة لستة أشهر فقط ثم تولى أخوه إبراهيم الحكم لمدة شهرين. زادت في تلك الفترة الفوضى والحروب الأهلية والنزاعات القبلية. حتى استلمها آخر خلفاء الدولة الأموية الخليفة مروان بن محمد. [1]

 انتهت تلك الفوضى بالقوة على يد مروان بن محمد في عام 747م. رغم كون مروان بن محمد قائد عسكري ماهر، إلا أنه افتقر إلى المهارات الدبلوماسية. وبسبب تدهور الوضع الاقتصادي وبروز المعارضة ضد الأمويين بقيادة العباسيين، تشتت الدولة بسبب الحروب الأهلية. [1] ،[4]

حرب الزاب وبروز الدولة العباسية

ثار المعارضون في خرسان بقيادة أبو مسلم الخرساني على الدولة الأموية مستنكرين سياستها في الفصل والتفرقة بين الرعيّة. وبرز العباسيون في ذلك الوقت، حيث لقوا تأييدًا واسعًا من معارضي السياسة الأموية، أدى ذلك إلى حرب الزاب. [4] ،[2]

قاد مروان بن محمد جيشه ضد الجيش العبّاسي بقيادة عبدالله بن علي بالقرب من نهر الزاب عام 750م. ولقوة الجيش العباسي ودهاء قادته وسقوط الدولة الأموية ماديًّا ومعنويًّا، استطاعت جيوش العباسيين أن تنجح في الإطاحة بالجيش الأموي. [1]،[4]

اضطر مروان بن محمد إلى الفرار إلى مصر، حيث تم قتله هناك. بعد فوز الجيش العباسيّ في معركة الزاب، وقيام الدولة العباسية، لقى من تبقى من الأسرة الأموية حتفه على أيدي الدولة الصاعدة. [1]

كتب المؤرخون عن النهاية المأساوية للأمويين، فحتى من نجى من الحرب، دُعي إلى فخّ في البلاط العباسي وقتل دون رحمة. قٌتل كلّ من تبقى من رجال الدولة الأموية، إلا عبدالرحمن الداخل الذي لاذ بالفرار، باحثًا عن وطنٍ جديد. [1]،[2]

المصادر:
1-World History
2-World History
3- Britannica
4-Britannica

Exit mobile version