سلسلة العمارة الإسلامية: مسجد ابن طولون في القاهرة

يعد مسجد ابن طولون من أهم وأقدم المساجد في مصر ، ويقع في قلب القاهرة الإسلامية التاريخية. تم بناؤه في القرن التاسع على يد أحمد بن طولون، الحاكم العباسي لمصر، ويشتهر بهندسته المعمارية الفريدة وعناصره الزخرفية وأهميته التاريخية. ستقدم هذه المقالة لمحة عامة عن تاريخ المسجد، وهندسته المعمارية، وأهميته الثقافية.

تاريخ وعمارة مسجد ابن طولون

يعتبر مسجد ابن طولون ثاني أقدم مسجد موجود في مصر. وهو النصب الوحيد المتبقي في مدينة القطائع ، وقد تم إنشاؤه عام 870 م في عاصمة الدولة الطولونية في مصر من قبل حاكم مصر أحمد بن طولون. [3] ويعدّ نموذجاً فريداً للعمارة الإسلامية بمئذنته اللولبية المميزة وفنائه الواسع المفتوح. يغطي المجمع مساحة تزيد عن 26000 متر مربع ويحيط به سور مرتفع له ثلاث بوابات [1]. يقع المدخل الرئيسي في الجهة الشرقية للمسجد ويؤدي إلى قاعة الصلاة التي يدعمها أكثر من 200 عمود مرتبة في 17 صفًا. تم تزيين المسجد من الداخل بأنماط هندسية أنيقة ونقوش بالخط العربي ، وهي سمات مشتركة للفن والتصميم الإسلامي [2]. تم تزيين جدران وأعمدة قاعة الصلاة بنقوش وزخارف معقدة تعكس المفهوم الإسلامي للتناسق والتوازن. [3]

الشكل 1: مسقط الجامع

تتوج الواجهات الخارجية للمبنى بتشكيلات مكونة من أشكال فريدة تعرف باسم ‘العرائس’، والتي تشبه الأشكال البشرية المجردة أو الدمى الورقية. يتخلل النصف العلوي من واجهات المبنى صفٌّ من النوافذ ذات الأقواس المدببة؛ والتي تحاط بأعمدة متراصة تشبه تلك الموجودة في مقياس النيل في جزيرة الروضة في القاهرة. يوجد 19 بابًا مستطيلًا بسيطًا على جدران المسجد، وبعتبر الرواق الشرقي للجامع هو الأكثر زخرفةً ويحتوي على محاريب من العصور الطولونية والفاطمية والمملوكية. ترتكز أقواس الممرات على أرصفة مبنية من الآجر الأحمر ، وفي أركانها أعمدة صغيرة، وهو النمط الذي ظهر من قبل في جامع سامراء الكبير. [3]

مئذنة مسجد ابن طولون

تعتبر مئذنة مسجد ابن طولون أبرز معالمه. يرتفع إلى ارتفاع 26 مترًا وهو مبني على شكل حلزوني فريد من نوعه ، مع درج خارجي يؤدي إلى القمة [3]. تعلو المئذنة قبة صغيرة وهلال، ومن الجدير بالذكر أنها المئذنة الوحيدة خارج العراق التي تماثل في التكوين المئئذنتين الملويّتين لجامعي سامرّاء الكبير وأبي دُلَف.

الشكل 2: مئذنة جامع ابن طولون

فناء المسجد

فناء مسجد ابن طولون هو سمة فريدة أخرى للمسجد، وهو مساحة شاسعة ومفتوحة محاطة برواق مكوّن من أعمدة تعلوها أقواس حدويّة الشكل، كما تم دعم الممرات بأعمدة مصنوعة من أنواع مختلفة من الحجر ، بما في ذلك الرخام والغرانيت، والتي يُرجح أنها مأخوذة من المباني الرومانية والبيزنطية القديمة [2].

الشكل 3: فناء المسجد وتظهر في الصورة قبة الوضوء

الأهمية التاريخية للمسجد

ليس مسجد ابن طولون مكانًا للعبادة فقط؛ ولكنه أيضًا رمز لسلطة وثروة الخلافة العباسية. تم بناء المسجد في فترة ازدهار ثقافي واقتصادي كبير في مصر العباسية، ويعكس تصميمه وبنائه التقنيات المبتكرة والإنجازات الفنية في ذلك الوقت [1]. ما يعدُّ شهادة على الإرث الدائم للحضارة الإسلامية وإسهاماتها في العلوم والتكنولوجيا والثقافة.

المصادر

  1. Mosque of Ahmad ibn Tulun – Encyclopaedia Britannica
  2. Mosque of Ibn Tulun – Archnet
  3. Ibn Tulun Minaret – Museum With No Frontiers

مقياس النيل وجماليات العمارة الإسلامية: الشكل والوظيفة

عُرفت الخلافة العباسية باهتمامها بالعلوم والفنون والعمارة ويعدُّ مقياس النيل أحد أبرز الأمثلة على الإبداع في تلك الفترة. وتم استخدامه لقياس مستوى مياه النيل من أجل التنبؤ بالفيضان السنوي للنهر وتقييم الإنتاج الزراعي للبلاد. سوف نستكشف في هذا المقال تاريخ وأهمية مقياس النيل.

تاريخ وأهمية مقياس النيل

بني مقياس النيل بأمرٍ من الخليفة العبّاسي المتوكّل في عام 861م [1]، ويقع في جزيرة الروضة في مصر، وبالتحديد في القاهرة على نهر النيل، وقد استُخدِم بشكلٍ عام لقياس مستويات الفيضان من أجل إعداد السدود والقنوات ، وتحديد مستويات الضرائب للإنتاجية الزراعية ، والاحتفال بفيضان النيل ، الذي كان حدثًا مهمًا من العصور الوسطى حتى نهاية القرن التاسع عشر [1] [ 3].

الشكل 1: مقياس النيل في جزيرة الروضة

البنية المعمارية لمقياس النيل

إنّ مقياس النيل مبنى موجودٌ تحت الأرض، وهو يتكوّن من جزئين أساسيَّين: الأول هو البئر المكون من ثلاثة طوابق وفي محوره العمود الرخامي ، وهو أداة قياس الفيضان. والثاني القنوات التي تتصل بالنيل من خلال ثلاث فتحات يوجد كلٌّ منها في طابق. يقع البئر في حفرة مربعة عميقة محفورة بعمق 13م وعرض 10م على الأقل، مما استلزَم إزالة ما لا يقل عن 1300متر مربّع من التراب والطين الصلب[2].

وتتدفق مياه النيل إلى البئر عن طريق ثلاثة قنوات تصب مياهها في البئر عن طريق ثلاثة “أفواه”. ,هذه الفتحات ذات أقواس مدببة تدعمها أعمدة مزخرفة ذات قواعد كروية. لا تعتبر هذه الأقواس أقدم الأمثلة المعروفة في مصر الإسلامية وحسب، بل وإنها تسبق تلك المستخدمة في العمارة القوطية في أوروبا بثلاثة قرون [4].

تم بناء المبنى بالكامل من الحجر المقطوع بدقة، وتحيط السلالم القريبة من الجدران بالمساحة الدائرية في الأسفل وحول المربع المكون من مستويين، وفي المحور المركزي يرتفع عمود مثمن من الرخام مقسَّم إلى أذرع، والتي كانت وحدة القياس في زمن بناء هذه المنشأة [2].

وقد نقشت على جدران البئر نصوص قرآنية [1] وأنماط هندسية ونباتية معقدة، وتصوير لعلامات الأبراج السماوية [4]، ويتميز كذلك بوجودِ علاماتٍ على العمود لقياس مستوى الماء، والتي استخدمت لتحديد ارتفاع الفيضان مع ارتفاع المياه في البئر، بالإضافة لوجود سلم حلزوني للنزول إلى الأسفل [1].

الشكل 2: مقطع طولي في مقياس النيل
الشكل 3: البئر وعمود القياس
الشكل 4: الزخارف التي تزيّن مقياس النيل من الداخل

مؤشر للفيضان

كان من المتعارف عليه أن السنة ستكون جيدة إذا تم تسجيل قياس لمستوى الماء على العمود يبلغ 15 ذراع وسيئة إذا سجلت ما بين 12 و 15 ذراع. وعندما كان مستوى الماء يصل إلى رقمٍ بين 10 و 12 ذراع، كان سعر القمح يبلغ عشرة مثاقيل وكَيلاً واحدًا. وعندما كان المستوى يتجاوز 18 ذراعا ، فكانت المتاجر والمحلات والمنازل والحقول تواجه خطر الفيضانات. [2]

أعمال ترميم مختلفة

أجرى أحمد بن طولون (حكم في الفترة الممتدة بين عامي 868-884م) ترميم المقياس عام 873 م ، واستبدل شريطين من النقوش القديمة بأخرى أكثر حداثة على الجانبين الجنوبي والغربي. وقد قام بوضع اسمه في النقش الجديد ، لكنه أبقى على تاريخ البناء الأصلي كما هو [4].

وعلى مر العصور ، خضع المبنى للعديد من الترميمات والتجديدات (الفاطمية والمملوكية والعثمانية)، وتم تجديده في العصر الحديث عام 1925 عندما تم استبدال القبة المملوكية التي تتوج السطح الخارجي للمبنى بسقف مخروطي الشكل مغطى بألواح من الرصاص [4].

إرث ثقافي وحضاري

تقديراً لأهميته الثقافية والتاريخية، تمت إضافة مقياس النيل إلى قائمة الآثار الوطنية في مصر في عام 1951م. كما تم إدراجه في قائمة اليونسكو للتراث العالمي المؤقت في عام 2001 ، والتي تعترف بالمواقع الثقافية والطبيعية التي لديها الإمكانية في أن تُضاف إلى قائمة التراث العالمي. وإن إدراج مقياس النيل في القائمة يسلط الضوء على قيمته الفريدة كدليل على براعة وإبداع الثقافات المصرية والإسلامية القديمة [2].

اقرأ أيضاُ: مدينة سامراء العباسية وجوامعها ذات المآذن الملويّة

المصادر

  1. Rawda Island Nilometer – Egyptian Monuments
  2. Rawda Island Nilometer – UNESCO World Heritage Centre
  3. Nilometer – Islamic Architectural Heritage
  4. Rawda Island Nilometer – Museum With No Frontiers

كيف تطورت العمارة في الدولة المصرية الحديثة؟

تأسّست الدولة المصرية الحديثة عندما طرد الملك أحمس الأوّل الهكسوس من مصر ووحّدها. واستمرّت من الأسرة 18 إلى الأسرة 20 وتقريبًا منذ 1550-1070 ق.م. وتوسّعت عسكريًا على مساحات واسعة. وأطلق الباحثون لقب الفراعنة على ملوك مصر، وقد استخدمت كلمة فرعون لأوّل مرّة في عهد الدولة الحديثة، وعَنَت آنذاك المنزل الكبير.

ومن اللافت للنظر بروز عدّة ملكات لعبن دورًا مهمًا في حكم مصر، كما أسهمنَ في تطوّر العمارة. وأصلح ملوك الدولة المصرية الحديثة العديد من المعابد القائمة والتي تعود للدولة المصرية الوسطى والدولة المصرية القديمة وأضافوا عليها. وشيّدوا مواقع هامّة مثل وادي الملوك الذي ضمّ المقابر الملكيّة. [1][2]

بيت البهجة ومجمّع القصور

بنى أمنحتب الثالث مجمّع للقصور بمساحة 360 هكتار، ويعرف اليوم باسم ملقطة في مدينة الأقصر. وتشير بعض الأدلّة أنّ سبب بنائه هو حاجة الملك لمكان للاحتفالات عند قدوم ممثّلين من دول معروفة في ذلك الوقت، للمشاركة كضيوف رسميّين. ودُعي قصر الملك الأساسي ببيت البهجة، وقسّموه إلى قطّاعين رئيسيّين. وعلى الرغم من المتاهة المبنيّة، يُظهِر القصر تصميم منظّم ومدروس بعناية. فاقتصر القطّاع الشمالي على الأقسام الرسميّة، في حين ضمّ القطّاع الجنوبي الأقسام السكنيّة والمخازن. واحتوى القصر على نظام ممر معقّد وصل بين جميع الأقسام الأساسيّة.

وضمّ المجمّع معبد لآمون، وقصر للملكة ووليّ العهد، ومنازل كبيرة للنبلاء. ووُجد قصر للحريم والخدم، الذي أطلَق عليه بعض المستكشفين عن طريق الخطأ لقب القصر الشمالي. واحتوى المجمّع قاعة للجمهور وساحة للاحتفال وطلّت عليها نافذة الملك في الأعلى حيث ظهر منها عند مقابلة الزوّار في الساحة أدناه. [3]

كيف صمّم المصريون منازلهم في العصر الحديث؟

ضمّ المنزل المصري عادةً 3 غرف تعاقبت مع ازدياد الخصوصيّة إلى الداخل، إضافةً إلى ممر أدّى إلى المطبخ ومنطقة خلفيّة مفتوحة. واحتوى المنزل التقليدي على:

  • غرفة استقبال أماميّة. فُتحَت مباشرةً من الشارع وتقدّمها درج، حيث بني المنزل تقريبًا 40-45 سم أخفض من الشارع. وسيطر على أحد الجدران ضريح مرتفع على شكل مصطبة مستطيلة ارتفعت غالبًا 75 سم، ووصِل إليها عبر درجات. ويرجّح أنها وضِعت لأغراض العبادة في المنازل. بينما قابل المدخل باب أدّى إلى الفراغ الثاني.
  • غرفة استقبال أعلى بدرجة أو اثنتين من الغرفة الأولى. واحتوت على عمود أو عمودين مركزيّين بارتفاع وصل إلى 4.3 م. ووجِد مذبح صغير في هذه الغرفة مع طاولة تقديم الهبات، وصنعوا تماثيل من الفخّار للآلهة المنزليّة. ووضعوا أريكة عائليّة بارتفاع 20 سم.
  • قبو، حفروه أغلب الأحيان تحت غرفة الاستقبال الثانية، وأغلقوه بسطح خشبي.
  • غرفة صغيرة أو اثنتان. واستُخدمَت كغرفة نوم أو غرفة عمل سيّدة المنزل، مع ممر مؤدّي إلى الخلف.
  • مطبخ ومنطقة خدمة مع فرن مقبّب وحوض للعجن ومرفق لتخزين المياه مع مكان لمزار عائلي آخر.
  • درج للسطح، حيث تستريح العائلة أو تخزّن حاجياتها.
  • قبو خلفي، حفروه لتخزين الطعام أو الحبوب.
  • نوافذ، وضعوها عادةً في أعلى الجدران مع سواكف حجريّة أو شبكات خشبيّة.

مسقط ومقطع لمنزل تقليدي في دير المدينة رسمته Helena jaeschke

ونستطيع رؤية أمثلة من هذا المنزل التقليدي في دير المدينة. [3]

بينما سكن الفقراء في منازل تكوّنت من غرفة واحدة، استخدموها غالبًا للتخزين أو القيلولة خلال النهار. ويرجّح أنّ السكان ناموا على الأسطح في الليل، واحتوت أحيانًا على مظلّات من القصب لتشكيل الظلال. واحتوى المنزل على ساحة خلفيّة، وارتفع في أماكن أخرى بحوالي 1.2 م عن الأرض لمنع الغبار من الدخول.

بينما احتوت منازل الأغنياء أحيانًا على 30 غرفة، استخدموا معظمها لتخزين الأطعمة. وعلى الرغم من وجود أنابيب من الحمّام إلى الحديقة الخلفيّة إلّا أنّه لم تتوفّر مياه جارية في المنازل. [4]

الشكل النهائي للمعابد الدينيّة في الدولة المصرية الحديثة

تطوّرت المعابد الدينيّة في عهد الدولة المصرية الحديثة بشكل ملحوظ، واختلفت عن المعابد في عهد الدولة المصرية القديمة. واتّبعت نهجًا تطوّر على مدى قرون خلال تعاقب ملوك الأسر. فاستمرّوا بإضافة عناصر إلى المعابد في كثير من الأحيان لتصبح أخيرًا مجمّعات هائلة. ويمكن رؤية العناصر الأساسيّة للمعابد الدينيّة في معبد الأقصر الذي بدأه أمنحتب الثالث وخصّصه لآمون.

وقد أدّى ممر بين تماثيل لأبي الهول برؤوس كباش “طريق الكباش” إلى المدخل الذي شيّدوه على شكل بوّابة مرتفعة أحيط بها برجان عاليان وتدعى «بيلون-Pylon». وقد زوّدوها بسواري للأعلام وتموضعت أمامها زوج من المسلّات وتماثيل ضخمة للملك.

ممشى أبو الهول “طريق الكباش” ويظهر البيلون خلفه في معبد الكرنك

وبعدما عبر المصلّون من البيلون وصلوا إلى ساحة أدّت إلى قاعة أعمدة رئيسيّة وقد تأتي بعدها قاعة أخرى أصغر حجمًا من أجل تقديم الهبات. ووجِد المذبح في قلب المعبد وبنوا بالإضافة إلى ذلك غرف للتخزين وحفروا خارج المعبد الرئيسي بحيرة أو بئر للمياه من أجل الطقوس اللازمة. وبُني في أوقات لاحقة مبنى للاحتفال بالولادة الإلهيّة للملك ويدعى بيت الولادة. وتمّ احتواء كل المباني الخدميّة بواسطة جدار ضخم من الطوب الطيني. [5]

معبد أبو سمبل

أبرز نصب بناه رمسيس الثاني هو بلا شك المعبد المكرّس لآمون رع في أبو سمبل. ويقع على الضفّة الغربيّة للنيل في أسوان حاليًا. وعلى الرغم من أنّ المعبد محفور في الصخر. ولكن يتبع الهيكل عمومًا مخطّط المعبد المصري المعتاد.

وتظهر أربعة تماثيل ضخمة لرمسيس الثاني وهو جالس على وجه الجرف، وكلّ منها بارتفاع 21م، اثنان على كلا جانبي المدخل. ونحتوا شخصيّات صغيرة بينها مَثّلت عائلته. وامتدّ المعبد داخل الصخر حوالي 64 م. وتَلَت المدخل قاعة أعمدة كبيرة تخلّلتها غرف للتخزين. وتمّ الانتقال من القاعة بشكل محوري إلى قاعة أعمدة ثانية، وثمّ إلى قاعة ثالثة. وبعدها حفروا الحرم المقدّس في الصخر.

ووجّهوا المعبد بدقّة بالغة بحيث تعبر أشعة الشمس إلى الحرم المقدّس يومين في السنة (22 فبراير و22 أكتوبر). وتضيء ثلاثة تماثيل جالسة على مقعد. ويعتقد المؤرّخون أنّ هذين التاريخين يمثّلان تتويج الملك وولادته. وبُني معبد آخر أصغر لزوجته نفر تاري شمال المعبد الرئيسي.

ونجا المعبد خلال العصور القديمة ليواجه تحدي الغرق في الستينيات. وذلك بسبب ارتفاع مستوى مياه نهر النيل بعد قرار بناء السد العالي. فنُقل المعبد على هضبة صحراويّة بارتفاع 64م وامتداد 180م غرب موقعها الأصلي. وقد قطّعوا المعبد إلى أجزاء ترواح وزنها بين 20-3 طن، وأعادوا تجميعها في الموقع الجديد. وشارك بالعمل حوالي 3000 شخص من دول متعددة واستغرق الأمر تقريبًا 5 سنوات. [6][7]

مدخل معبد أبو سمبل ويعود للدولة المصرية الحديثة

وادي الملوك

يقع وادي الملوك في مصر العليا على الضفّة الغربيّة للنيل، ويعتبر موقع دفن تقريبًا لكل ملوك الدولة المصرية الحديثة. وضمّ الموقع كذلك قبور للملكات وبعض الأمراء وعدد قليل من المسؤولين ذوي الرتب العالية. واختلفت تصاميم المقابر اختلافًا كبيرًا، ولكنّها تكوّنت بشكل عام من ممر نازل تخلّله فتحات عميقة استُخدمت من أجل تضليل اللصوص. وحفروا غرفة أعمدة وغرفة الدفن وغرفة أخرى للتخزين.

وتعود أطول مقبرة للملكة حتشبسوت، فتبعد غرفة الدفن ما يقارب 215 م عن المدخل، وتنزل 100 م في الصخر. [8]

وقد أخفى البنّاؤون مداخل المقابر بشكل جيّد إلّا أنّه من المرجّح أنّ أغلب المقابر الملكيّة المعروفة قد سُرقت قبل نهاية الأسرة 20. وتشهد السجلّات المصريّة على محاكمات اللصوص والعقوبات القاسية التي صدرت ضدّهم. واعتقد الكثيرون أن المقابر ال 62 التي تمّ اكتشافها قبل عام 1922م مثّلت كلّ ما يمكن العثور عليه في الوادي. حتى اكتشاف قبر توت عنخ آمون الذي نجا من النهب.

وحديثًا عام 2005 عثر المنقّبون على قبر غير معروف وبدون مومياء. رجّح الباحثون بعدها وجود مقابر قريبة لم تكتشف بعد. وخاصّةً أنّه لم يتمّ العثور بعد على قبر رمسيس الثامن. [9]

يمشّط منذ قرون سارقو القبور، وصائدو الكنوز، وعلماء الآثار وادي الملوك. ولكن حتّى الآن لا يزال الموقع يجلب العديد من المفاجآت. فما الذي خبّأته لنا عمارة الدولة المصرية الحديثة أيضًا؟ حسنًا هذا ما سنعرفه مع الزمن.

المصادر

  1. Live science
  2. History
  3. Staffsites.sohag_univ
  4. Ancient Egypt
  5. Britannica
  6. Britannica
  7. Live science
  8. Britannica

9.National geographic

بم تميّزت عمارة الدولة المصرية الوسطى؟

نشأت الدولة المصرية الوسطى عندما نجح الملك منتحوتب الثّاني في استعادة السيطرة على البلاد بأكملها وتوحيدها، بعد انقسام دام طويلًا. ومنتحوتب هو أحد ملوك الأسرة 11، واستمرّت الدولة الوسطى تقريبًا بين 2030-1640ق.م. حتى نهاية الأسرة 13. وقدّمت إسهامات مهمة في العديد من العلوم وخاصّةً في الطب، وطوّرت النصوص الأدبية واللغة الهيروغليفية. ولا يجب أن ننسى إنجازاتها في العمارة. وقد اتّخذت الدولة المصرية الوسطى نهجًا جديدًا في العمارة الجنائزية أثّرت على كل من أتى بعدها وخاصةً عمارة الدولة المصرية الحديثة. [1]

طيبة مدينة الجنوب التي نافست المراكز الشمالية

بدأ تاريخ طيبة الطويل كمركز محافظ، لكنها نَمَت في ظلّ الدولة المصرية الوسطى لتنافس المراكز الشمالية. وتعرف اليوم باسم الأقصر، وقد خدمت كعاصمة خلال فترات من الدولة الوسطى والحديثة.

تقع طيبة في الجنوب، ويبدو أن إجمالي الأراضي المأهولة كانت حوالي 796 هكتار كأقصى تقدير، من دون إضافة مساحة المعابد. فنشأت المدينة على الضفة الشرقية لنهر النيل بمساحة 384 هكتار بالإضافة إلى العديد من المعابد الهامّة مثل مجمّع معابد الكرنك. الذي يُعتبر من أكبر المجمّعات الدينية في العالم بمساحة 1500×800 م. بينما خيَّم الموت على الضفة المقابلة في غرب النيل، إذ بنى المصريون هناك مقابر ملكيّة واسعة بمساحة تقديرية 412 هكتار. [2][3]

مدينة كاهون للعمّال من الدولة المصرية الوسطى

تقع المدينة اليوم في محافظة الفيّوم، وقُسّمَت إلى قسمين غير متساويين فصل بينهما جدار. فشغَلَ القسم الغربي مساحة 3.5 هكتار، أمّا القسم الشرقي 9.5 هكتار، لتصبح مساحة المدينة ككل بعد إضافة المعبد 14 هكتار. أمّا إذا اكتشفت منطقة حضرية جنوب المعبد فستتضاعف مساحة المدينة تقريبًا. وعندما ننظر إلى مخطّط المدينة نلاحظ أنّها صمّمَت ليسهل على شخص واحد فقط حراستها بأكملها.

مخطط لمدينة كاهون رسمته Helena jaeschke

احتوى القسم الغربي على شارع رئيسي تقاطع معه 11شارع بعرض 4 م وباتّجاه شرقي-غربي. واتّبعت المنازل ذات التصميم، حيث اجتمعت 6 غرف سويًّا مع مدخل واحد نحو الخارج ودرج أدّى إلى السطح. بينما احتوت منازل المشرفين على غرف أكبر مع تصاميم متنوّعة، وضمّت 12-5غرفة مع ممرّات. وطليت المنازل باللون الأبيض واحتوت بعضها من الداخل على رسومات ونقوش باللون الأحمر والأصفر والأبيض. ولم يهمل كذلك الصرف الصحي، إذ وجِدت أقنية لتصريف المياه القذرة.

أمّا القسم الشّرقي فضمَّ ستّة قصور في الشمال وثلاثة أخرى على جنوبها بالإضافة إلى المخازن. وشيّدت منازل بجانب السور الداخلي، ووجدَت خمسة شوارع متماثلة من منازل العمّال وبعض المباني غير المحدّدة. ونرى منطقة مرتفعة في الشمال بجانب القصور، ويرجّح أنّها كانت قصرًا أيضًا ولكن بنوه على مرتفع ليتناسب مع الطبوغرافيا. وكانت القصور بمساحة 60×42.

يقدّر الباحثون عدد سكان كاهون بحوالي 5000 نسمة، وقد يصل العدد إلى 8000 بحسب تقديرات أخرى. وتبيّن أنّ المنازل في القسم الغربي قد نُفّذت بدقة شديدة. لدرجة أنّه عند رسم مخطّطاتها، ظهر اختلاف بالكاد وصل إلى 5-2.5 سم. ويعتبر هذا الفارق صغير جدًّا ويصعب تكراره حتّى يومنا هذا. [3]

مقابر النبلاء في الدولة المصرية الوسطى

تغيّر شكل المدافن عن عمارة الدولة المصرية القديمة. ونلاحظ عدد من السمات المهمّة لمجمّعات مقابر كبار المسؤولين التي تعود للدولة الوسطى. فأصبحت المقابر في الضفة الغربية للنيل تُرى من مسافات كبيرة. فيمكن رؤية الساحات الواسعة أمام المقابر من الضفة الشرقية للنهر، والتي أحيطت بالجدران، وارتفع منها منحدر(رامب) للوصول إلى مدخل القبر. وأشارت أبعادها إلى مكانة ونفوذ المتوفّى. [6]

يقع موقع بني حسن الأثري على الضفة الشرقية لنهر النيل، جنوب القاهرة حاليًّا. ويشتهر الموقع بسبب المقابر المحفورة في الصخر والتي تعود لزمن الأسرة 11 و12. وعُثِر على 39 قبر، حيث حفر النبلاء وكبار المسؤولين قبور ضخمة في حجرات ضمن الجرف الصخري. وضمّت العديد من الميّزات المعمارية ومنها الأعمدة والأروقة وأسقف على شكل قبوة اسطوانية. ورسموا على بعضها مشاهد من الحياة اليومية وكتبوا نصوص هامّة. [4][5]

معبد منتحوتب الجنائزي

يتميّز مجمّع منتوحوتب الثاني الجنائزي بطابعه المعماري الفريد عمّا سبقه. ويعتبر أوّل تطوّر لما أصبحت عليه المعابد الجنائزية في الدولة المصرية الحديثة. وقد شيّدوه في الدير البحري في طيبة على الضفة الغربية لنهر النيل. وضمَّ المجمّع معبد الوادي وامتدّ منه ممر إلى الغرب بطول 1200 م، وعرض 6م. وقد حاصروه من كلا الجانبين بجدران عالية من الطوب والحجر. وانتهى الممر بفناء كبير حيث بُني المبنى الرئيسي على سفح الجبل.

ودخل المصلّون الفناء الكبير من الشرق، فرأوا مباشرةً أمامهم واجهة المعبد المكوّنة من طابقين من الأعمدة. وقد نما الجمّيز والتمر على طرفي الفناء بين تماثيل للملك، وأدّى منحدر (رامب) في منتصف الفناء بينها إلى الطابق الثاني من الأعمدة حيث وقع المدخل الرئيسي للمعبد.

ووجِد بعد المنحدر صفّان من الأعمدة على ثلاثة جوانب. وأدّى باب محوري إلى القاعة الرئيسية التي احتوت أيضًا على صفوف من الأعمدة في جميع جوانبها. وتمّ اكتشاف قبر الملكة والأمير في هذا القسم من المجمّع. ورسم العلماء تصوّرات مختلفة لشكل سقف القاعة، فالبعض تصوّر السقف على شكل هرم. بينما رجّح الأغلب أنّ السقف كان على شكل مصطبة مستوية.

وأدّت الجهة الخلفية من القاعة إلى صالة أعمدة أصغر محفورة ضمن الصخر. وحفروا منها للأسفل ممر عميق بطول أكثر من 150 م، قاد إلى مدفن الملك. بينما انتهت الصالة بباب قاد إلى صالة أعمدة حيث حفروا الحرم المقدّس في أقصى جزء من المجمّع. ونحتوا تماثيل للإله آمون والملك منتحوتب الثاني، وقدّموا القرابين على مذبح تقدّم هذه التماثيل. [6]

حلقة بناء معابد الكَرنَك

غطّى الكَرنَك مساحة 100 هكتار تقريبًا، ويعتبر أكبر من بعض المدن القديمة. وقد بدأ إنشاء معابد الكرنك حوالي عام 2000ق.م واستمر حتّى زمن الرومان. حيث ترك كل حاكم عمل في الكرنك لمسته المعمارية الخاصة على المنطقة.

وعمل فريق UCLA digital karnak projectمن جامعة كاليفورنيا على إعادة بناء رقمية للكرنك. فيهدف المشروع إلى إظهار مراحل البناء والهدم والتعديلات التي حدثت على مدار 2000 عام. وضمَّ الموقع العديد من المعابد وأهمها معبد آمون الذي شغل القطاع المركزي للموقع، وخصِص له أكبر مساحة.[7]

يوجد ما لا يقل عن10 مداخل على شكل بوابة مرتفعة يحيط بها برجان عاليان، وتدعى «بيلون-pylon» وتفصل بينها ساحات وقاعات.[8]

ويوجد الآن عدد قليل من الآثار التي تعود للدولة الوسطى. وبدأ فريق إعادة الإعمار نموذجهم الرقمي بعهد الملك سنوسرت الأول. وعرضوا معبد من الحجر الجيري مع ساحة في الوسط مخصصة لآمون-رع. واحتوى على 12عمود، وزيّنت قواعده بتماثيل للملك يظهر في وضع أوزوريس (إله العالم السفلي).[7]

وبقيت المنطقة متواضعة حتى بداية الدولة الحديثة. فأغلق تحتمس الأول -ملك من الدولة الحديثة- هذا المعبد بجدار حجري ووضع أمامه بيلون 4 و5 وأقام مسلتين أمام واجهة المعبد الجديدة. كما أضاف ابنه لاحقًا ساحة احتفالات أمام المعبد.[8]

وقامت حتشبسوت ببناء مصلى وعملت بعض التجديدات. ولكن عندما اعتلى تحتمس الثالث العرش أمر بهدم المصلى مع تماثيلها، واستبدلها بواحدة له. وبنى بحيرة مقدسة، ملأها الباحثون بالماء. وقد استخدمها المصريون لطقوس التطهير، ووجِدت بقايا منازل للكهنة بالقرب منها.[9]

البحيرة المقدسة وتظهر وراءها مسلات وبيلون وأجزاء من معابد الكرنك

وأهم ما ميّز المعبد صالة الأعمدة التي شغلت المسافة بين بيلون 2 و3 بمساحة 103×52م. ولاحظ الباحثون وجود 134 عمود فيها، وارتفع 12 عمود في المركز أعلى من باقي الأعمدة. فسمح فرق الارتفاع بوضع نوافذ من الأعلى والتي سمحت بمرور أشعة خفيفة من الضوء، فمنحت الشعور بالرهبة في وسط الظلام.[7][8][9] وتوقف العمل في الكرنك مع سيطرة الرومان، تاركًا لنا إرثًا معماريًا غنيًا. ولم يتوقف فيه عمل الباحثين حتى الآن.

المصادر

Live science
National geographic
Staffsites.sohag-univ
Britannica
Britannica
Research gate
Live science
Britannica
Ancient Egypt

كيف تطورت عمارة الأهرامات عبر الزمن؟

ليس من المبالغة القول بأن المصريين القدماء انشغلوا بالموت، وعلى وجه الخصوص بحياة الآخرة. ويبرز هذا الاعتقاد في معظم العمارة المصرية، فبذلوا جهد هائل لبناء المقابر، لاعتقادهم بأن الروح لا يمكن أن تعيش في الآخرة إذا لم يحافظوا على الجسد خاليًا من الفساد على الأرض. ولذلك عملوا على تطوير أساليب أفضل وأكثر تعقيدًا لدفن موتاهم. وتعتبر عمارة الأهرامات تطورًا مذهلًا وفريدًا للمصاطب في العمارة الجنائزية والتي تعود للدولة المصرية القديمة. [1]

توقع الملوك أنهم سيصبحون آلهة بعد موتهم. فلذلك طوروا لأنفسهم مقابر مليئة بما سيحتاجوه لتوجيه أنفسهم والحفاظ عليها في العالم الآخر. [2]

المصاطب

دُفن الملوك والمسؤولون رفيعو المستوى فقط في المصطبة في أوائل الدولة القديمة. واستخدم المصريون الطوب الطيني حصرًا في البداية لبناء المصاطب. وشكّل معظم البناء حتى عندما استخدموا الحجر، فوضعوه في المناطق الهامة فقط. ويشبه شكل المصطبة المكعب مع سقف مسطح وجوانب مائلة. ووصل ارتفاعها عادةً إلى 9م وتمتد أربعة أضعاف عرضها. كما بنى المصريون المصاطب بتوجيه شمالي-جنوبي للتأكد من أن الروح ستدخل الآخرة. [1]

واحتوت المصطبة على مصلى لتقديم القرابين وباب مزيف والعديد من مخازن الغذاء والمعدات للمتوفى. حيث واصلَت أسرة المتوفى جلب الطعام لاعتقادهم بأن الروح تستخدم الأشياء التي يجلبونها. وغالبًا ما يتكوّن الجزء الداخلي من المصطبة من حجرة تحت الأرض معززة بالحجر والطوب، واحتوت أشياء المتوفى، وتمثال له. كما حفروا الحجرة التي تحوي الجثة عميقًا قدر الإمكان. ووجِدَت فتحات في الغرفة المخفية في الأعلى، فتسمح للروح بأن تأتي وتذهب وكانت ضرورية لاستمرار وجودها. [1] [2]

وشهدت الأسرة الأولى بناء المصاطب بشكل مشابه لمخطط المنزل الأساسي. وتكوّنت من العديد من الغرف والمخازن وغرف تقديم القرابين وغرفة مركزية تضم التابوت. وبنوا الهيكل بأكمله في حفرة ضحلة بينما امتد الهيكل الفوقي على مسافة أكبر. [1]

هرم زوسر المدرج أول خطوة نحو عمارة الأهرامات

وصل السارقون إلى غرف المصاطب بسهولة بعد الحفر من الأعلى. لذا، اعتقد الباحثون أن اللصوص هم أحد أسباب الانتقال لبناء الأهرامات. واستطاع سكان الدولة المصرية الحديثة لاحقًا الوصول إليها أيضًا. [4]

طلب ملك الأسرة الثالثة زوسر من إمحوتب بناء قبر له، وجاءت النتيجة بهرم زوسر المدرج في سقارة. وقد بدأ كمصطبة تقليدية ثم تطوّر إلى شكله الحالي. [3]

بدأ الهرم كمصطبة مربعة مبنية بالحجر المحلي m1. وتوسعت بعدها 4 م من كل اتجاه m2، ولكن هذا التوسع كان أخفض بحوالي نصف متر من المصطبة الأولى. وتشبه بذلك مصطبة تعود للأسرة الأولى في سقارة. ثمّ توسعت المصطبة إلى الشرق فقط بحوالي 8.5 م m3، وبنوها أيضًا أخفض من m2. وتغيّر التصميم مرة أخرى، ومددوها بنحو 3م من جميع الجوانب وحوّلوها إلى مصطبة منتظمة مستطيلة. ثم بنوا فوقها ثلاث مصاطب متدرجة ممّا أدى لتشكل هرم من أربع مصاطب بلغ ارتفاعه 40 م p1. ثمّ توسع وأضافوا مصطبتين p2 واكتمل الهرم بارتفاع 62 م، وغلفوه بالكامل بالحجر الجيري. [5]

مقطع في هرم زوسر المدرج يوضح مراحل بنائه

وبنوا البنية التحتية أيضًا على مراحل، وتكوّنت من ممر مركزي 7×7 بعمق 28م أتاح الوصول إلى متاهة من الممرات. وامتدت البنية التحتية بحوالي 5.5 كم وتعتبر لا مثيل لها من حيث الحجم والتعقيد بين أهرامات الدولة القديمة. ووجِد أسفل الممر المركزي قبر من الجرانيت بفتحة واحدة من الأعلى. وعُثر على ممران تحت الأرض، وتبيّن أن الممر الأول أصبح غير صالح بعد توسيع الهرم. لذلك أنشأوا الممر الثاني كمدخل جديد للبنية التحتية من إحدى غرف المعبد الشمالي. وبدأت من هذا الممر رحلة من السلالم في متاهة البنية التحتية. فيتفرع إلى 3 اتجاهات وانتهت بمخازن ونفق خاص لتقديم القرابين وغرفة غير مكتملة.  [4][5]

أهرامات دهشور

تقع دهشور جنوب سقارة وتحوي 5 أهرامات، وتعد مرحلة مهمة في تطور عمارة الأهرامات. وقد بنى الملك سنفرو اثنين منها. ويُعرف الهرم الأول باسم الهرم المنحني بسبب ميله الغريب المزدوج، ويمثل محاولة مبكرة لبناء هرم حقيقي. ويعتبر الأفضل حفظًا، إذ تبين أن الزاوية الأولية للميل 54° شديدة الانحدار، فخفضوها إلى 43.5°. وهو الهرم الوحيد المبني بمدخلين. [6][7]

هرم سنفرو المنحني في دهشور

كما بنى سنفرو هرمه الثاني في الشمال بزاوية ميل قليلة 43° بالتالي فهو الأقصر. ويعتبر أول هرم حقيقي مكتمل (ذو جانب أملس وليس مدرج). ويسمى بالهرم الأحمر بسبب لونه الناجم عن استخدام القرميد. [6][8]

وتنتمي الأهرامات المتبقية إلى الأسرة الـ 12ولم تَصِل لنا بشكل جيد، بسبب بناء نواتها إلى حد كبير من الطوب الطيني. [6][7]

هرم خوفو قمة تطور عمارة الأهرامات عام 2550 ق.م

يعتبَر هرم خوفو أشهر أهرامات الجيزة وأكبرها بمساحة قاعدة تزيد عن 5.3 هكتار وطول القاعدة تقريبًا 230 م. [3] ولم يبن البشر أي شيء أطول منه حتى سنة 1221م. ويُقدر أكبر فرق في الطول بين الجوانب الأربعة للهرم بحوالي 4.4 سم والقاعدة في حدود 2.1 سم. ويصعب تكرار هذا الانجاز المذهل حتى اليوم وباستخدام المعدات الحديثة. وتكاد تكون اتجاهاته متطابقة تمامًا مع الاتجاهات السماوية (الشمال والجنوب والشرق والغرب)، وقد بُني بزاوية ميل 51°. وتتكون النواة من الحجر، وأُزيلَ منذ زمن كسوته الخارجية البيضاء التي وضعوها بدقة بالغة، فأعطوا الهرم سطحًا أملسًا مشرقًا وعاكسًا. ويعتقد بأنه انتهى من الأعلى بهرم صغير ربما غطّوه بالذهب. فيمكن رؤية هذه النقطة التي تلمع في ضوء الشمس من مسافات بعيدة. [9][10]

وتشمل البنية الداخلية عددًا من السمات الغامضة، فتوجد غرفة غير مكتملة تحت الأرض وظيفتها غير معروفة. وكذلك 5 مّما يسمى الأنفاق الهوائية في الأعلى ويقع المدخل على ارتفاع 18 م. [3]

وعندما ندخل إلى الهرم، فعلينا أن نزحف إلى غرفة صاعدة ضيقة. وتُفتح فجأة إلى مساحة مذهلة تعرف باسم المعرض الكبير، والتي تتيح الوصول إلى حجرة دفن الملكة. ويرتفع المعرض الكبير إلى حوالي 8.74 م، ويؤدي ممر ضيق إلى حجرة دفن الملك. شيّد المصريون حجرة دفن الملك بالكامل من الجرانيت الأحمر، وتوجد فوقها 5 غرف لتخفيف الضغط، تفصل بينها ألواح أفقية ضخمة من الجرانيت. ونحتوا تابوت الملك من الجرانيت الأحمر ووضعوه في المحور المركزي للهرم. [9][10]

مقطع في هرم خوفو في الجيزة

وبُني بجوار الهرم 3 أهرامات صغيرة لملكاته وعثر على قبر قريب لوالدته. وأحيط الهرم بصفوف من المصاطب حيث دفن أقارب الملك ومسؤولين لمرافقته في حياة الآخرة. [8]

هرم خفرع عام 2520 ق.م.

بنى الملك خفرع هرمه في الجيزة، ويظهر هذا الهرم أكبر من هرم خوفو ولكنهُ أصغر قليلًا. ويعود سبب ذلك إلى بنائه على ارتفاع 10 م من الهضبة. [11]

وتقاس طول قاعدته بحوالي 216 م ويرتفع إلى 143م. [10] ويعتبر هرم خفرع أبسط بكثير من هرم خوفو من حيث البنية الداخلية. فبُني مع غرفة دفن واحدة وغرفة فرعية صغيرة وممرين. [11]

هرم منقرع عام 2490 ق.م

شيّد الملك منقرع ثالث أهرامات الجيزة الرئيسية وهو الهرم الأصغر بطول قاعدة 109 م وبارتفاع 66 م. [10] وتعد غرفهُ أكثر تعقيدًا من غرف هرم خفرع. وتشمل غرفتين إحداهما منحوتة والأخرى غير منحوتة مع ستة محاريب كبيرة، وكسوا غرفة الدفن بكتل من الجرانيت. واكتُشف التابوت الحجري الأسود في الداخل، ولكنه فُقد في البحر عام 1838 م أثناء نقله إلى إنجلترا. [12]

توضيح لمراحل تطور عمارة الأهرامات عبر الزمن.

قوارب حياة الآخرة

ظهرت قوارب حياة الآخرة مع الأسرة الأولى. فاكتُشف أسطول من 14 حفرة تحوي قوارب خشبية في أبيدوس، وهي مقبرة ملوك مصر الأوائل. وخصصوا هذه القوارب لنقل الملك في الآخرة إلى أبعاد نجمية. واحتوى مجمع خوفو الجنائزي على سبع حفر كبيرة للقوارب وكانت مجرد نماذج ولم تحتوِ على قوارب فعلية. ووجِدت حفرتان ضخمتان مستطيلتان بطّنوها بالحجر واحتوت على قوارب مفكّكة. ويبدو أنها استُخدمت في الرحلة الأرضية الأخيرة للملك (المشية الجنائزية) قبل تفكيكها ودفنها. [9]

تراجع أهمية الأهرامات

تمتعت الأسرة 3و4 بعصر ذهبي من السلام والازدهار بينما استُنزفت ثروات الأسرة 5و 6ويرجع ذلك جزئيًا إلى نفقات بناء الأهرامات. [13]

وانخفضت بذلك جودة وحجم عمارة الأهرامات. ويعد هرم أوناس أول هرم يحتوى كتابات ونصوص على جدران غرف الدفن وبقية مداخله، وتعرف باسم نصوص الأهرام. ووجِد أقصر هرم في سقارة بارتفاع تقريبي 52.2 م وهو آخر هرم من الدولة القديمة. وعاد ملوك الأسرة 12 لبناء الأهرامات ولكنها لم تبنَ بنفس مقياس الأهرامات القديمة. [8]

من بنى الأهرامات؟

لطالما تساءل الناس حول بناة الأهرامات، وطُرحت عدة اقتراحات ومنها العبيد والمزارعين. واستبعد الخبراء العبيد اليهود حيث لم يعثروا على بقايا أثرية يمكن ربطها مباشرةً باليهود في تلك الفترة. ولم توجد نقوش تذكرهم حتى اليوم. [14]

وتؤكد الاكتشافات أن المصريين القدماء هم بناة الأهرامات. ورجح الباحثون أن المزارعين عملوا في البناء في غير مواسم الزراعة مع مجموعة من المتخصصين. وقد طُلب توفير عامل من كل أسرة كشكل من أشكال الضرائب، ويمكن للأثرياء الدفع كبديل للعمل. وكتب المؤرخ هيرودوتس بأنه عمل 100,000 شخص لبناء هرم خوفو. وأشارت الأدلة لاحقًا بأن القوة العاملة تقدّر ب 20,000 شخص. [8][15]

اكتُشفت أوراق بردي عام 2013 في وادي الجرف تشير إلى مجموعة من العمال حوالي 200 شخص يرأسهم مفتش يدعى ميرير. ساعدت تلك المجموعة في نقل الحجر الجيري عن طريق القوارب في نهر النيل. ولا تزال البرديات في طور الدراسة والتحليل ولكن تشير النتائج الحالية بأن مجموعة ميرير قامت بأكثر من مجرد المساعدة. ويبدوا أنهم سافروا في معظم أنحاء مصر لينفذوا مشاريع البناء. وتثير هذه البرديات العديد من الأسئلة حول إذا ما كانت هذه المجموعة جزء من قوة مهنية أكثر ديمومة وليست مجرد مجموعة من العمال المزارعين. [14]

كيف بُنيت الأهرامات؟

لا نملك حتى الآن تصورًا حقيقيًا حول طريقة بناء الأهرامات. لكن هناك آثار لميناء بجانب بلدة قرب هرم منقرع وضمّت هذه البلدة منازل لكبار المسؤولين وثكنات للجنود. ويعتقد بأن لها دور في عمارة الأهرامات. ويرجح أن العمال العاديين ناموا بمساكن بسيطة بالقرب من موقع الأهرامات. كما جلبوا حجر الكسوة من الميناء، واستخدموا المقالع الحجرية القريبة من الأهرامات لبنائها. [16]

ويعتقد الخبراء أن المصريين استخدموا منحدرات اصطناعية (رامبات) من الطوب والرمل والحجر، وتغيرت أطوالها وارتفاعاتها مع ارتفاع الهرم. واستخدموها لرفع الأحجار أثناء البناء. بينما استخدموا الزلاجات الضخمة التي يمكن سحبها أو دفعها وبلّلوا الرمال أمامها لتقليل الاحتكاك، فسهلت الحركة كما تظهر بالرسومات. [10][16]

ضمّت مصر حوالي 100 هرم ويعتبرها الكثيرون مجرد مقبرة بالمعنى العصري. ولكن يشير أحد الباحثين بأن المقابر احتوت رسومات ومشاهد لكل جانب من جوانب الحياة في مصر القديمة. ولذلك فهي لا تتعلق فقط بكيفية موت المصريين بل بكيفية حياتهم أيضًا.

المصادر

1-Ancient Egypt

2-National geographic

3-Britannica

4-Live science

5-Ancient Egypt site

6-Britannica

7-The ancient Egypt site

8-History

9-Khan academy

10-Britannica

11-Khan academy

12-Khan academy

13-History

14-Live science

15-Khan academy

16-Live science

 

كيف أبهر تاريخ عمارة الدولة المصرية القديمة العالم؟

بداية الاستيطان في مصر

برزت عمارة الدولة المصرية القديمة بين حضارات البحر الأبيض المتوسط بدءًا من بناء الأهرامات في الدولة القديمة إلى الدولة الحديثة. وعكست آثار عمارة الدولة القديمة في مصر صورة لا نظير لها في جمال فنها، وإنجاز هندستها المعمارية. [1] وتطورت الحضارة المصرية على طول نهر النيل لأن الفيضانات السنوية كونت تربة خصبة لزراعة المحاصيل.

كشفت الأدلة أن البشر سكنوا مصر منذ القدم في مجموعات سكنية صغيرة. ثم بدأت مستوطنة واسعة النطاق في التشكل حوالي عام 6000 ق.م. وكثيرًا ما يحدث التباس عن مصر السفلى والعليا. فإذا نظرنا إلى خريطة المنطقة، نرى أن مصطلح مصر السفلى يطلق على منطقة الدلتا في الشمال. بينما مصطلح مصر العليا يطلق على صعيد مصر والجزء الجنوبي. ويعود سبب ذلك إلى اتجاه سريان نهر النيل. [2]

فترة الأسر ونشأة عمارة الدولة المصرية القديمة

ينقسم جزء كبير من تاريخ مصر إلى ثلاث فترات، الدولة القديمة والوسطى والحديثة. يتخللها فترات انتقالية أقصر بينهم، حيث لم تكن مصر حينها قوة سياسية موحدة. وتشكّلت معظم المستوطنات في وادي النيل وفي حدود بضعة أميال من النهر نفسه. [2]

ونشأت مملكتان منفصلتان حوالي عام 3400 ق.م في المنطقة. ويعتقد الباحثون أنه في حوالي عام 3100 ق.م أخضع ملك الجنوب مينا أو نارمر -وربما كانوا الشخص نفسه- منطقة الشمال، ووحد مصر سياسيًا ليصبح أول ملك من الأسرة الأولى. [2] [1]

وترسخت بعد الوحدة فكرة أن الملك مُنح سلطته من الإله. وعندما أصبح الحكّام أكثر قوة أصبحوا أكثر قدرة على تنسيق العمل والموارد لبناء المشاريع الكبرى. واحتاج المزيد من الناس لإمدادات أكثر من الغذاء، وازدادت أهمية مشاريع تحسين الإنتاج الزراعي كالقنوات والسدود. فبنى المصريون القدماء سدود طينية وجّهت الفيضانات السنوية إلى الأراضي الزراعية وأبقتها بعيدة قدر المستطاع عن المناطق المعيشية. وحفروا القنوات لتوجيه المياه إلى الحقول.

بدأت الدولة المصرية القديمة مع الأسرة الثالثة وحتى نهاية الأسرة السادسة 2686-2181 ق.م. وخلال هذه الفترة كانت مصر موحدة إلى حد كبير وازدادت ازدهارًا. [2]

مواد البناء المستخدمة في الدولة القديمة

اعتمد السكان على ما توفر في محيطهم كمواد بناء حيث وجِدت بعض الأخشاب كالقصب والبردي والنخيل. واستوردوا الأخشاب في أوقات لاحقة عندما احتاجوا إلى عوارض كبيرة لتسقيف القصور أو لصنع الأعمدة.

واستخدموا الطين وبعدها القرميد. كما استخدموا قوالب خشبية لصناعة الطوب، وخلطوا التراب مع القش المفروم وتركوه عادةً ليجف تحت الشمس. بينما اعتمدوا على الوحل لصنع المونة (المادة اللاصقة في البناء). [3]

وشكّل الحجر المادة الرئيسية الثالثة من مواد البناء وازداد الاعتماد عليه بدايةً من الدولة القديمة في بناء المقابر والمعابد. بينما اقتصر الحجر في السكن على سواكف الأبواب والنوافذ، وقواعد الأعمدة. إذ قد تتلف القواعد الخشبية بسبب العفن والرطوبة والحشرات. [4] [3]

عمارة التجمعات الحضرية الطبيعية

لا يوجد أدلة كافية عن القرى قبل العصر الحجري الحديث. ولم يبق من المستوطنات الأولى سوى القليل من الآثار لأنها تألّفت من مساكن قصبية ضعيفة. ومنذ تلك الفترة، فصل المصريون المقابر عن القرى. وعثر المنقبون على مخازن تكوّنت من حفر دائرية في الأرض وبُطّنت بالسلال والطين.

وبنيت الأكواخ في حوالي عام 3600 ق.م من القصب والطين بقطر دائري داخلي حوالي 1-1.2 م وبسمك جدار37 سم. بينما تطوّرت مساقطها فيما بعد لتصبح مستطيلة وبقيت تقنية البناء ذاتها.

و في حضارة العمري، سكن الناس أكواخ بيضاوية الشكل بجدران خشبية. وارتكزت على قواعد حجرية نصفها مستدير حفرت في الأرض، وعلاها هيكل فوقي خفيف. كما دفنوا الموتى في القرية وتحت المنازل.

وعثِر على نموذج لمنزل في مدينة جرزة شمال مصر بقياس 7x 5.5 م مع أرضية خشبية. ووضعوا نافذتان صغيرتان عاليًا في الجدار، وضم المنزل ساحة مسورة. وشمل هذا المسقط البسيط المتطلبات الأساسية للمنزل المصري متعدد الغرف. [3]

رسم تخيلي لمنزل في فترة جرزة. رسمها john kirby

العمارة الجنائزية في الدولة المصرية القديمة

المصاطب

دفن المصريون الأوائل موتاهم في حفر بسيطة في الرمال. ووضعوا الجثة في القبر مع الممتلكات الشخصية وأشياء مفيدة في حياة الآخرة. وبعدها سرعان ما بدأت المقابر بالتطور. [5]

وتألفت معظم المقابر الأولية من جزئين رئيسين وهما غرفة الدفن والمصلى حيث تقدم القرابين للمتوفى. [4]

ودلَّ مصطلح المصطبة بالهيروغليفية على البيت الأبدي إشارة إلى مثوى الموتى الأخير. وبنى المصريون المصطبة بشكل مستطيل مع سقف مستوي وجوانب مائلة وزيّنوها بنقوش متقنة وطلوها باللون الأبيض. وبدأت وظيفتها كمواقع لدفن الملوك في العصور المبكرة من الأسر. إذ بدأ الملوك من الدولة القديمة في الدفن في الأهرامات، بينما استمر العامة في استخدام المصاطب للدفن لأكثر من ألف سنة. [5]

الأهرامات

طلب ملك الأسرة الثالثة زوسر من المعماري إمحوتب تصميم قبر جنائزي خاص به فكان الهرم المدرّج في سقارة. [1]
وتكوّن الهرم من 6 مصاطب متدرجة، ووصل ارتفاعه إلى 62 م. وبنى حول الهرم المدرج ساحات ومعابد، كما أحيط بسياج ضخم.

وبلغت الأهرامات الثلاث الشهيرة ذروة العمارة الجنائزية في الجيزة. ويعد هرم خوفو أكبرها وأهمها وهو المبنى الوحيد المتبقي من عجائب الدنيا السبع القديمة. كما بُنيت 3 أهراماتٍ صغيرة لملكات خوفو. [6] وبنى خفرع ثاني أكبر هرم في الجيزة وصُمّم من الداخل بشكل أبسط من هرم خوفو. بينما يعتبر المعبد المرتبط به أكثر تعقيدًا. [7]

وارتبط بهرم خفرع أكبر تمثال منحوت في العالم القديم ويعرف باسم أبو الهول. يرتفع أبو الهول تقريبا 20 م وبطول 73 م. ونحته المصريون من الصخر الأساسي المكون لهضبة الجيزة على شكل أسد مع رأس إنسان. [1]

دمج المصريون الأسد رمزًا للقوة مع رمز الملك على مر التاريخ المصري. ونستطيع ملاحظة

أن رأس الملك بمقياس أصغر من الجسم ويرجح سبب ذلك إلى عيب في الحجر. ويقع أمام أبو الهول مباشرة معبد منفصل كرسوه لعبادته ولكننا لا نعرف عنه سوى القليل بسبب عدم توافر نصوص تشير إليه. [7]

ويعد هرم منقرع ثالث الأهرامات الرئيسية وهو الأصغر بارتفاع 65 م. ويعتبر مقدمة الأهرامات الأصغر التي بنوها في فترة الأسرة الخامسة والسادسة. [1]

المعابد

يمكن تمييز نوعين من المعابد وهما المعابد الدينية التقليدية والمعابد الجنائزية. وضمت الأولى تماثيل للآلهة المتلقين للعبادة اليومية بينما شيّدت المعابد الجنائزية للطقوس الجنائزية للملوك الموتى. ويعتقد الباحثون أن الفترة الأولى من الأسرة الخامسة ركّزوا فيها على عبادة إله الشمس رع بشكل قوي وغير معتاد. وذكرت النقوش بناء 6 معابد للشمس في تلك الفترة، وشيّدوها بمسقط مفتوح وضم كل منها مسلة.

ولم يبقَ الآن سوى القليل من المعابد التي تعود لتلك الفترة. كما بنى ملوك الأسرة الخامسة معبدين في أبي غراب بين سقارة والجيزة. وبنوا أحدهما كليًا بالحجر على حافة الصحراء، ولذلك بقي جزء من آثاره حتى الآن. ويصل إليه من وادي نهر النيل عبر ممر مغطى على جسر وزينوه بنقوش ورسومات ملونة. كما يؤدى إلى ساحة مفتوحة أحيطَت بها مخازن وغرف عبادة ومذبح ضخم من المرمر، ووضِعت مسلة في الغرب على أساس مستطيل. [8] [4]

المعابد الجنائزية في الدولة القديمة

تعتبر معابد خفرع من أشهر المعابد الجنائزية. ويقع المعبد الجنائزي مجاورًا للهرم والمدخل من الجهة الشرقية. ويتألف من قسم مستعرض وقاعة مستطيلة خلفه، ودعموا القسمين بالأعمدة. وتفتح القاعة الثانية على فناء مركزي محاط بالدعامات ويفتح عليه 5 غرف مقدسة تحوي تماثيل الملك، وخلف كل منها مخزن. ويقع الحرم الداخلي في الجزء الخلفي من المعبد وفيه باب مزيف وطاولة تقديم القرابين. حيث أدى الكهنة الشعائر اليومية وقدموا القرابين لروح الملك، وجمع الملك قرابينه بعد مروره من الباب المزيف.

وربط ممر بين فناء المعبد وساحة الهرم في الخارج. وعثر هناك على 6 حفر للقوارب، فآوت هذه الحفر القوارب التي نقلت رفات الملك إلى مثواه الأخير.

وبني معبد الوادي من كتل ضخمة من الحجر بمدخلين ارتبط كل منهما بدهليز، يؤدى إلى باب قاعة كبيرة على شكل حرف T مقلوب. وغطّوا الجدران بالجرانيت الأحمر بينما كسوا الأرضية بالمرمر ودعّموا السقف بواسطة دعامات صنعوها من قطعة واحدة من الجرانيت. وعثر المنقبون على 23 حفرة وضِعت بها تماثيل الملك وأدى الكهنة الطقوس أمام أحد التماثيل. وقاد ممر وُجِد في الجهة الشمالية الغربية إلى الممر المغلق الذي ربط بين المعبد الجنائزي ومعبد الوادي وطوله 494.6 م. [4] [9]

أما بالنسبة لمعابد منقرع فلم يكتمل أي منها قبل وفاته. وكشفت الحفريات عن سلسلة من تماثيل الملك التي وضعوها حول الفناء. وأعيد بناؤه بالكامل تقريبًا في نهاية الأسرة السادسة بعد أن تعرض إلى أضرار كبيرة بسبب الفيضان. [10]

ويشبه معبد أبو الهول معبد خفرع وتألف من فناء مركزي أحيط بأعمدة من الجرانيت. ويعتبر المعبد فريد لاحتوائه على ملجآن أحدهما في الشرق والآخر في الغرب، ويرجح أن لهما رمزية بشروق الشمس وغروبها. [7]

المدن في عمارة الدولة المصرية القديمة

تل بسطة مدينة نمت طبيعيًا

نمت تل بسطة في مصر السفلى (محافظة الشرقية حاليًا) واعتُبرت مركز هام في الدولة القديمة وغطّت حوالي 75 هكتار. واحتوت على مبانٍ تعود للأسرة السادسة وحتى زمن الرومان. وشيّد المصريون أسوار داخلية أحاطت المعابد وربما المساكن الملكية. وضمت معبدًا صغيرًا من الطوب على شكل مربع. وأضافوا سلسلة من الوحدات الملكية إلى مركز المدينة القائم، فيما يشبه المدن المصرية الأخرى. [3]

مدن للكهنة الجنائزيين

أنشأ ملوك المملكة القديمة مجتمعات حضرية لخدمة احتياجاتهم في الآخرة وبُنيت لأول مرة في نهاية الأسرة الرابعة واستمرت حتى نهاية الأسرة السادسة. وعثر على مدينة صغيرة للملكة خنتكاوس بالقرب من أهرامات الجيزة وبشكل حرف L  وبطول 148م  للضلع الشمالي و48م للضلع الشرقي. وبنيت على منسوبين وغطّيت بالرمال. ويؤكد الخبراء بأنها لم تسكن بعدها. ويرجح بأن المنازل شيّدت بطابق واحد لأن الأسوار لم تكن عالية ولم يوجد آثار للأدراج.

مخطط مدينة خنتكاوس. رسمه selim hassan ونُشر عام 1943

وتظهر الآثار أن المصريين صمّموا المدينة لمتطلبات محددة فالشوارع مستقيمة، والتقاطعات منتظمة. ووجدوا مجموعات سكنية لكل منها مخازنها وخزاناتها الخاصة.

ينقسم السكن إلى ثلاثة أقسام بحسب المساحة. ويأتي في الشمال أول صف منازل للكهنة وعددها 6 في الجهة الغربية وأكبرها مساحة 17x 15م ولها مدخلين في الجنوب والشمال. وتطابقت المنازل وصمّمت لتضم مكتب بواب، وغرفة استقبال، وغرفة المعيشة، وغرفتا نوم متصلتين. وأتاح بعدها فناء للوصول إلى المطبخ وغرفة تخزين المياه. وراعوا في التصميم المناخ واتجاه الرياح وخاصةً بتوجيه المطبخ. ووقعت في الجهة الشرقية منازل أصغر وعددها 4 ومدخلها من الشمال فقط. وبنوا قصران في القطاع الجنوبي، على المنسوب الأخفض من المدينة.

ويأتي بعد صف المنازل ممر بين جدارين سميكين من الطوب. أتاح الوصول المباشر بين الجهة الشرقية ومنطقة المقبرة في الغرب. ووجد في المدينة خزان مياه كبير 8x 29 م ويعتقد الخبراء أن المدينة سكنها 200 شخص على مساحة 0.65 هكتار. وهي نسبة قليلة إذا قارنوها مع الكثافة السكانية المقترحة لمصر القديمة والتي تقدر ب 250 شخص لكل 0.4 هكتار. [3] [11]

المراكز الإدارية وممفيس

احتاج المصريون مركزين إداريين لمصر العليا والسفلى، واختلفت المراكز من عصر لعصر. وتواجدت الإدارة في الدولة القديمة حيث يوجد الملك ولكن هذا لا يلغي العاصمة. وتُعتبر التصنيفات صعبة بشكل عام بسبب وجود العديد من المدن التي خدمت كمراكز إدارية لفترات قصيرة.

و شهدت أغلب المدن نموًا طبيعيًا على مدى قرون، ثم خضعت لتخطيط مكثف وإعادة تنظيم. ويروي المؤرخ هيرودوتس أن الملك مينا حوّل مجرى النهر نحو الشرق ليبني مدينة ممفيس على الأراضي المستصلحة أو على تل طبيعي. وربما يكون قوله صحيحًا، فقد أظهرت الأبحاث أن الجزء السابق يقع على أرض أعلى من غرب الموقع.

ويلاحظ عند دراسة ممفيس بأن تصميمها لم يكن فريدًا. ويرجح بأن المصريون تذكروها كأهم المدن لأن الأسرة الأولى قامت بالمهمة الأصعب وهي السيطرة على الفيضانات من خلال بناء السدود الضخمة والأحواض المائية. ووقعت في نقطة مهمة عند انقسام النيل إلى عدة أفرع، واستمرت كعاصمة خلال ثمان أسر. [3]

وأخيرًا لا يسعنا إلّا أن نقف مبهورين أمام عظمة عمارة الدولة المصرية القديمة عبر التاريخ.

المصادر

1-History
2-Khan Academy
3-Staffsites.sohag-univ
4-Britannica
5-Ancient egypt
6-History
7-Khan academy
8-Britannica
9-The ancient Egypt site
10-Khan academy
11- u.chicago.edu

 

Exit mobile version