هل يمكن لفيروس كورونا أن يسكّن الألم؟

هل يمكن لفيروس كورونا أن يسكّن الألم؟

«ريف بريتوريوس» رجل أمريكي يبلغ من العمر 49 عام، تعرض لحادث سير في عام 2011 جعله يعاني من عدة كسور في فقرات الرقبة وضرر بالغ في الأعصاب. يعاني «ريف» من آلام مستمرة في ساقيه، وصفها بأنّها تشبه وقوع الماء الساخن على ساقيه باستمرار. لقد كانت شدة الألم توقظه من نومه كل ليلة. في التاسع عشر من يوليو الماضي أصيب ريف بفيروس كورونا في مكان عمله. لقد خفف المرض من شعور «ريف» بالألم وجعله يختفي تمامًا في كثير من الأحيان. ولأول مرة منذ تعرضه لحادث السير كان «ريف» قادرًا على النوم بشكل متواصل، ولكن سرعان ما عاد الألم مجددًا عندما بدأ «ريف» يتعافى من فيروس كورونا. [1]

كيف يمكن لفيروس كورونا أن يسكّن الألم؟

نُشرت دراسة في مجلة «pain» لمجموعة باحثين من جامعة أريزونا للعلوم الصحية تدرس كيف يُسَكّن الألم، عن طريق تثبيط مسار «VEGF-A/neuropilin-1» بواسطة البروتين الشائك الموجود على سطح فيروس كورونا. لفهم نتائج الدراسة دعونا أولًا نذكر بعض المعلومات المهمة:

1. عندما تُصاب أجسادنا بضرر كوخزة الإبرة أو العدوى مثلًا، هناك بروتين يدعى «عامل النمو البطاني الوعائي_ VEGF» هذا البروتين موجود في أجسامنا وله علاقة بتخليق ونمو الأوعية الدموية كذلك له القدرة على الارتباط بمستقبلات «النيوروبيلين-neuropilin receptors» هذا الارتباط يُحدِث سلسلة من التفاعلات التي تحفز «العصبونات-neurons» فنشعُر بالألم.

2. السطح الخارجي لفيروس كورونا يتكون من بروتين رئيسي يدعى «البروتين الشائك» هذا الذي يُعطي الفيروس المظهر التاجي تحت المجهر، يرتبط هذا البروتين بعدة مستقبلات موجودة في جسم الإنسان أهمها «ACE2 receptor» ليسبب المرض. [2]

نعود من جديد لفهم ما فعله باحثو جامعة أريزونا للعلوم الصحية: عمل الباحثون على اختبار صحة فرضية أنّ «البروتين الشائك» لفيروس كورونا يعمل على مسار الألم «1-VEGF-A/Neuropilin»، فأجروا مجموعة تجارب لحيوانات التجارب عن طريق استخدام بروتين«VEGf-A» كمحفز للعصبونات لخلق الإحساس بالألم ومن ثم أضافوا «البروتين الشائك» لتلك الحيوانات. لقد وجد العلماء أن البروتين الشائك يمكنه أن يرتبط بمستقبلات «neuropilin-1» فيحِل محل بروتين «VEGF-A» ويمنعه من الارتباط، وبالتالي يثبط هذا سلسلة التفاعلات التي تسبب الألم. يقول الباحثون أنّ نتائج الدراسة تدل على أنّ فيروس كورونا يُمكنه أن يسكّن الألم، ولكن هذا لا يلغي احتمالية وجود طريقة عمل أخرى للفيروس يمكن أن يسبب بها الألم. [3]

كيف يمكن أن نستفيد من نتائج هذه الدراسة؟

1. يمكن لهذه الدراسة تفسير سبب عدم شعور البعض بفيروس كورونا رغم الإصابة به، فسر ذلك الدكتور «خانا-khanna» أحد المشاركين في هذه الدراسة بأنه يمكن لحاملي الفيروس ممن لا تظهر عليهم أعراض الإصابة ألّا يشعروا بالمرض لأن الفيروس أخفى الألم، إثبات أن هذا التسكين للألم هو ما يساهم في انتشار الفيروس بسرعة ستكون له قيمة عظيمة.

2. كذلك تكمن أهمية هذه الدراسة في أنّه يمكنها فتح الباب لاكتشاف مسكنات جديدة للألم. رغم النتائج المذهلة لهذه الدراسة، إلّا أنّه لا زلنا نحتاج دراسات أخرى تُجرى على الإنسان، بدلًا من حيوانات التجارب للتأكد ممّا يحدث حقًا.

لا شك أنّ جائحة الكورونا أثّرت سلبًا على البشرية أجمع، ولكن من يدري لربّما هذا الفيروس يعلمنا طريقة جديدة نسكّن بها آلامنا.

المصادر

[1] scientificamerican

[2] The University of Arizona

[3] International Association for the Study of Pain

طفرة جديدة تمكن فيروس كورونا من إصابة الدماغ

صارت أعراض الإصابة بفيروس كورونا معلومة لدينا جميعًا، إذ تشمل الأعراض زيادة في الحرارة، الإسهال، السعال الجاف، لكن الأمر أصبح أكثر غرابة عندما حدثت طفرة جديدة

طفرة جديدة لفيروس كورونا

كان أول إبلاغ عن أعراض غريبة متعلقة بالجهاز العصبي في شهر مارس من العام الجاري، حيث تم الإبلاغ عن حالات فقدان مفاجئة للتذوق والشم معًا، حيث يؤثر الفيروس على مستقبلات الشم والتذوق، مانعًا إياها من تمييز الروائح والنكهات المختلفة.

تأثير الفيروس على الدماغ

لكن الأمر يصل إلى درجة أكثر خطورة عندما يتعلق الأمر بالدماغ البشري، فهذا العضو هو أكثر الأعضاء حساسية للتغيرات، وأكثرها مدعاة للقلق حينما يُهدد بأي خطر، إذ أنه هو المتحكم في كافة أعضاء الجسد.

كُتب تقرير في عن امرأة في الخمسينات من عمرها عانت من الهلوسة، أعطت نتائج التحاليل لاختبار فيروس كورونا نتيجة إيجابية، حيث سبب لها الفيروس هلوسات شديدة، فكانت ترى القردة تركض في أنحاء البيت، كما اعتقدت أن زوجها محتال، وسرعان ما تتابعت التقارير والأبحاث المنذرة بخطر كبير، إذ أبلغ العديد من الباحثين في مراكز بحثية مختلفة عن حالات هلوسة، وارتباك، دُوار، فقدان التركيز، تورم في المخ، بل وحتى سكتات دماغية!

بعض الأبحاث

قام بعض الباحثين بتجربة فريدة من نوعها، حيث قاموا بتوصيل الأقطاب الكهربائية بأدمغة المصابين بفيروس كورونا، لقياس نشاط دماغهم، أُجريت التجربة على 620 مريض في 84 دراسة مختلفة، بمتوسط عمر يبلغ ال 61 عامًا، وعن طريق فحص نتائج ال EEG، تبين معاناة بعضهم من تورم في الدماغ نتيجة إصابتهم بالفيروس، علمًا بأن بعض هؤلاء المرضى كانوا قد أبلغوا عن حالات الإغماء، الغيبوبة، التلعثم، بل وحتى نوبات الصرع. كانت أكثر الحالات شيوعًا هي تباطؤ في الموجات الكهربائية للدماغ، مما يعني أن الفيروس يؤثر مباشرة على عمل المخ.

الخلاصة

بتنا نعلم التأثير الواضح لفيروس كورونا على المخ والجهاز العصبي، ولكننا لسنا متأكدين إن كانت الأعراض متعلقة بتأثير الفيروس على الدماغ مباشرة، أم أنه رد فعل مناعي يقوم به الجهاز المناعي أثناء مقاومة الفيروس، وهذا أمر في غاية الأهمية، فهذا هو ما سيحدد طريقة العلاج، فهذان منحيان مختلفان كليًا، وكما يبدو أن المعركة بين الأطباء وبين هذا الفيروس بدأت تأخذ منحًى آخر، حيث أن الفيروس يطوّر من نفسه ليصبح أكثر عنفًا وضراوة عن طريق هذه الطفرة، لكن النصر لنا لا محالة، فقد تغلبنا على الطاعون من قبل، فهي مسألة وقت لا أكثر.

المصادر

sciencealert
technologynetworks
nature

اقرأ أيضًا زيادة حجم دماغ قرد باستخدام جين بشري

التاريخ الكبير: كيف أدى التطور إلى تنوع أشكال الحياة؟

إن أحد أكبر الأسئلة المحيرة هو السؤال عن أصل الأنواع، كيف لكل هذه الأشكال المختلفة من الحياة أن تنشأ؟ كيف يمكن أن يوجد كل هذا التعقيد؟ كيف يمكن لشيء معقد كعين الإنسان أن يكون موجودًا؟ كل هذه الأسئلة التي حيرت الملايين على مر العصور، حتى أننا لجأنا لتفسيرها بالخرافات والأساطير، لكن العلم بات يعرف الإجابة، وهي التطور، ولكن كيف أدى التطور إلى تنوع أشكال الحياة؟

أكبر أمثلة التنوع بين الكائنات الحية

الحوت الأزرق هو أكبر الكائنات الحية على وجه الأرض اليوم، قد يصل طوله إلى 30 مترًا، كما قد يصل وزنه إلى ما يزيد عن ال100 طن!

يستطيع الحوت الأزرق التهام ما يزيد عن نصف مليون سعرة حرارية بمجرد أن يفتح فكيه، إلا أنه ليس بسمكة، فالحوت الأزرق من الثدييات، حيث سيموت اختناقًا إن بقي تحت الماء، فيجب عليه أن يصعد للسطح بين الحين والآخر، ليستنشق بعض الهواء، كما أن إناثها لا تبيض، وإنما تلد صغارها، ومن ثم تشرع في إرضاعها.

لى النقيض، الفيروسات هي أصغر ما يمكن أن نعتبره شكلًا من أشكال الحياة، حيث يبلغ حجمها بضعة نانومترات فقط، كما أنها لا تستطيع التكاثر ذاتيًا، وإنما تحتاج إلى خلية حية لتستولي عليها، وتحولها إلى مصنع للفيروسات المشابهة.

أكبر أمثلة التنوع بين الكائنات الحية

جميعنا نحب الكلاب، أليس كذلك؟ ولكن من منا يحب الذئاب؟ بالضبط، لا أحد.
ولكن ما قد يجهله الكثيرون هو أن الكلاب ما هي إلا سلالة منحدرة من الذئاب الرمادية، إذ استطاع أجدادنا استئناف بعض هذه الذئاب، وقادوا عملية التهجين، وانتقاء السلالات المرغوبة، وعلى مدى عشرات الآلاف من السنين، نتج ما لدينا اليوم من فصائل متنوعة للكلاب، ويمكنك عزيزي القارئ ملاحظة الشبه الكبير بين كل من الذئاب والكلاب.

كيف يعمل التطور

في القرن التاسع عشر، قدم «تشارلز داروين-Charles Darwin»، وصديقه «ألفريد راسل والاس-Alfred Russell Wallace» نظريتهما بشأن التطور، وهي تنص على أن التطور ليس بحاجة إلى العنصر البشري، فالطبيعة تقوم بانتقاء بعض الأجناس دونًا عن الأخرى، لنتخيل معًا هذا السيناريو:

نحن في بيئة ثلجية، ولدينا دببة بنية اللون، وأخرى بيضاء،  تستطيع الفرائس أن تلمح وجود الدببة البنية من على بعد كبير، وذلك للاختلاف الكبير بين اللون البني والأبيض، مما يسمح للفرائس بوقت أكبر للهرب، مما يقلل من فرص حصول الدببة البنية على الطعام، مما يجعل تكاثرها واستمرار نسلها أصعب، إذ ستكون أكثر عرضة للانقراض.

على النقيض، فالدببة البيضاء مموهة بفضل تشابه لون فرائها مع لون الثلج، مما يجعل ظهورها مفاجئًا للفريسة، وبهذا يستمر نسل الدببة البيضاء، بينما يختفي نسل الدببة البنية من هذه المنطقة الثلجية، وهذا ما يفسر وجود الدببة القطبية في البيئات الثلجية.

كيف يحدث التطور؟

كل الكائنات الحية قادرة على التكاثر، إذ تقوم بنقل جيناتها إلى الأجيال القادمة، لتصنع نسخًا متطابقة منها، لكن الطبيعة ليست بذلك الكمال، إذ قد تحدث بعض الأخطاء، فتحدث الطفرات الجينية، وهنا تكمن المغالطة، فالبعض يربط الطفرات بالتشوهات، ولكن الطفرات ليست كلها سيئة بالضرورة، فما هي إلا تغيرات جينية تعطي صفات جديدة للكائنات الحية.

الخلاصة

ليست نظرية التطور مفسرة لأصل الحياة، ولا هي عن أصل الكون، وإنما هي تشرح أصل الأنواع، فهي تفسر كيف تنوعت الكائنات الحية بعد أن نشأت الحياة للتو، وهي أفضل تفسير لدينا بهذا الشأن.

المصدر:

Coursera

تزايد وجود الشريان الوسيط في الذراع يدلنا على استمرار التطور

غالبًا ما يستدعي تصور مظهر جنسنا البشري في المستقبل البعيد تكهناتٍ جامحة حول ميزات بارزة مثل الطول وحجم الدماغ وبشرة الجلد. ومع ذلك، فإن التحولات الطفيفة في تشريحنا اليوم توضح إلى أي مدى يمكن أن يكون التطور غير متوقع. خذ على سبيل المثال شيئًا عاديًا مثل وعاءٍ دمويٍ إضافيٍ في أذرعنا (مثل الشريان الوسيط)، والذي يمكن أن يكون شائعًا في غضون بضعة أجيال، وفقًا لاتجاهات التطور الحالية.

لاحظ باحثون من جامعة فليندرز وجامعة أديلايد في أستراليا أن الشريان الذي يمتد للأسفل خلال مركز ساعدينا (مؤقتًا) أثناء وجودنا في الرحم لا يختفي تمامًا كما كان مُسبقًا. وهذا يعني أن هنالك عدد متزايد من البالغين الممتلكين لقناة وعائية إضافية تتدفق تحت معصمهم. كان علماء التشريح يدرسون انتشار هذا الشريان عند البالغين منذ القرن الثامن عشر، وأظهرت الدراسة الحديثة أنه يتزايد بشكل واضح. وجد الشريان في حوالي 10% من الأشخاص المولودين في منتصف ثمانينيات القرن التاسع عشر، و في حوالي 30% من المولودين أواخر القرن العشرين. إن هذه زيادة كبيرة في فترة زمنية قصيرة إلى حدٍ ما، عندما يتعلق الأمر بالتطور.

يتشكل «الشريان الوسيط-The median artery» مبكرًا خلال التكون الجنيني في جميع البشر، وينقل الدم مارًا خلال مركز أذرعنا لتزويد أيدينا النامية بالدم.

تمر ثلاثة شرايين رئيسية في الساعد – يكون الشريان الوسيط في المنتصف.

في حوالي الأسبوع الثامن من التكون الجنيني، يضمحل الشريان الوسيط، تاركًا مهمة تزويد الأذرع بالدم لشريانين أخرين – «الشريان الكعبري-radial artery» (الذي نتحسسه خلال قياس النبض قرب المعصم) و «الشريان الزندي-ulnar artery».

عرف علماء التشريح لبعض الوقت أن هذا الاضمحلال في الشريان الوسيط ليس ثابتًا. ففي بعض الحالات، يبقى متواجدًا لمدة شهر تقريبًا. في بعض الأحيان يولد الأفراد حاملين لهذا الشريان، مع وجود تباين في مناطق تغذيته، فقد يغذي الساعد فقط، أو في بعض الحالات اليد أيضًا. لمعرفة مدى انتشار هذا الشريان، قام لوكاس وزملاؤه ماسيج هينبيرج وجاليا كوماراتيلاك من جامعة أديلايد بفحص 80 طرفًا لجثث متبرعين أستراليين من أصل أوروبي.

تراوحت أعمار المتبرعين من 51 إلى 101 عند الوفاة، مما يعني أنهم ولدوا جميعًا تقريبًا في النصف الأول من القرن العشرين. تم ملاحظة عدد المرات التي عثروا فيها على شريان متوسط ​​مكتنز قادر على حمل كمية جيدة من الدم، وقارنوا الأرقام مع السجلات البحثية القديمة، مع الأخذ في الاعتبار التعدادات التي يمكن أن تبالغ في وصف مظهر الشريان.

حقيقة أن الشريان يبدو أكثر شيوعًا بثلاث مرات الآن بين البالغين مما كان قبل أكثر من قرن، هو اكتشاف مذهل يشير إلى أن الانتقاء الطبيعي يفضل أولئك الذين يحتفظون بهذا الإمداد الدموي الإضافي. يمكن أن تكون هذه الزيادة ناتجة عن طفرات في الجينات المرتبطة بتطور الشريان الوسيط ​​أو مشاكل صحية لدى الأمهات أثناء الحمل، أو كليهما.

قد نتخيل أن وجود الشريان المتوسط ​​مستمر يمكن أن يعطينا قدرة أفضل على تحريك الأصابع أو ساعدين قويين. ومع ذلك، فإن وجوده يضعنا أيضًا في خطر أكبر للإصابة بـ «متلازمة النفق الرسغي-Carpal tunnel syndrome (CTS)»، وهي حالة غير مريحة تجعلنا أقل قدرة على استخدام أيدينا. يتطلب تحديد العوامل التي تلعب دورًا رئيسيًا في تواجد الشريان المتوسط ​​دون اضمحلال مزيدًا من الدراسة. من المحتمل أن نرى تزايدًا في أعداد هذا الشريان في السنوات القادمة. وإذا استمر هذا المنوال، فإن غالبية الناس سيحملون الشريان المتوسط ​​في الساعد بحلول عام 2100، كما يقول لوكاس.

هذا الارتفاع السريع للشريان المتوسط ​​عند البالغين لا يختلف عن عودة ظهور عظم الركبة الذي يُطلق عليه اسم «فويلة-fabella»، وهو أيضًا أكثر شيوعًا ثلاث مرات اليوم مما كان عليه قبل قرنٍ من الزمان. على الرغم من صغر هذه الاختلافات، إلّا أن التغييرات الطفيفة في «التطور المجهري-Microevolution» تضيف ما يصل إلى الاختلافات واسعة النطاق التي تحدد نوعًا حيويًا ما.

تم نشر هذا البحث في مجلة «Journal of Anatomy».

المصادر: Science Alert, lintelligencer
إقرأ أيضًا: ما دور الانتقاء الجنسي في عملية التطور؟

التاريخ الكبير: كيف بدأت الحياة على كوكبنا؟

إن أحد أكثر الأسئلة التي تظهر مدى جهلنا بالكون هو كيف بدأت الحياة على كوكبنا؟

كيف لكل هذا التعقيد أن ينشأ؟ العشرات من الآلاف من العمليات الكيميائية الحيوية، التي تحدث بداخلك بينما تقرأ هذا المقال. لكن العلم لديه بعض الآراء والفرضيات بهذا الشأن.

التشابه بين الكائنات الحية وعلاقته بكيفية بداية الحياة

إذا ما تأملت أشكال الحياة من حولك، فستجد تشابهات كثيرة، لنأخذ على سبيل المثال آلية عمل الفيروسات، لا تستطيع الفيروسات التكاثر ذاتيًا، لذا تتكاثر الفيروسات عن طريق زرع مادتها الوراثية بداخل خلية حية، مما يحول تلك الخلية لمصنع ينتج آلاف الفيروسات من نفس النوع، إنه لغريب حقًا كيف تحولت الخلية من كائن قائم بذاته، إلى مصنع لكائن آخر، وكل هذا حدث بمجرد تغيير المادة الوراثية للخلية، فقد قام الRNA الخاص بالفيروس بتغيير وظيفة الخلية كليًا.ولكن ما علاقة هذا بنشأة الحياة؟

هذا يخبرنا أن للحياة أصل مشترك واحد، وأن الحياة نشأت من كائن أولي واحد.على سبيل المثال، نحن تستطيع أن نأكل الموز، فكر بهذا، لماذا نستطيع هضم الموز؟ لأنه وببساطة، حجر الأساس الذي يكون الموز، هو نفسه حجر الأساس الذي يكوننا، بل والذي يكون كل الكائنات الحية.جرب مثلا أن تأكل صخرة، لن تستطيع، لأنه لا يوجد قاسم حيوي مشترك بينك وبين الصخرة، لذا فبما أن بعض الحيوانات تتغذى على النباتات، وبعض الحيوانات تتغذى على آكلات النباتات، فكلهم لديهم أصل واحد.

البحث عن أصل الحياة

ولكن هل يمكننا تتبع هذا السلف المشترك؟ الإجابة هي نعم وبكل تأكيد، فالسجل الأحفوري للنباتات، يخبرنا بوجود حفريات لنباتات بعمر 3 بليون سنة، ولكن هذا لا يمكن أن يكون هو أصل الحياة، إذ أن به الكثير من التعقيد الذي لا يمكن أن ينشأ من كيمياء بسيطة، لذا فأصل الحياة أبسط من هذا.

أين نشأت الحياة؟

هناك العديد من الفرضيات التي تدعي بأن أصل الحياة من خارج الأرض، وأن السماء أمطرت علينا نيازكها محملة بأولى الكائنات الحية، ولكن هذا لا يجيب عن السؤال، هو فقط يلقي بالمشكلة في مكان آخر، لذا فسنركز على ادعاء نشأتها على الأرض.

كيف بدأت الحياة

لنحول المواد الكيميائية الميتة إلى كائنات حية، نحتاج إلى بعض المركبات الكيميائية المعقدة، كالأحماض الأمينية على سبيل المثال، كما نحتاج أيضًا إلى طاقة كبيرة، لتحول هذه المركبات الكيميائية المعقدة، إلى خلية حية غاية في التعقيد، ولحسن الحظ، كل هذا كان موجودًا قبل 3 بليون سنة، فقد كانت البراكين على كوكبنا أكثر نشاطًا، وذلك بسبب زيادة الحرارة، لذا فيمكننا أن نفترض أن الحياة نشأت حول أحد الفوهات البركانية، الموجودة في أعماق المحيطات، حيث توجد الكثير من الحرارة لتحويل الكيمياء الميتة إلى كائن حي، ولكن كما نرى من حولنا، يمكننا رؤية الكائنات الحية الدقيقة في صراع دائم مع بعضها البعض، من أجل البقاء، بل أن بعضها يتغذى على البعض الآخر، لذا فيمكننا القول بوجود العديد من الكائنات الأولية الدقيقة، التي تصارعت في أعماق المحيطات من أجل البقاء، إلى أن نجح نوع واحد بالاستمرار، مما أدى إلى وجودك الآن تقرأ هذا المقال.

الخلاصة

لا يمكننا الجزم بشأن أصل الحياة، فليس بمقدورنا التأكد من هذا بآليات العلم التجريبي، ولكن يمكننا الخروج ببعض الافتراضات والسيناريوهات وفقًا لما نراه من حولنا، ومن يدري؟ أليس من الممكن أن يكون من يكتشف أصل الحياة هو أحد قُرّاء هذا المقال؟

من كورس ل Coursera مقدم من «جامعة أمستردام-Amsterdam

coursera

لقراءة سلسلة التاريخ الكبير ج6 من هنا

ما دور الانتقاء الجنسي في عملية التطور؟

ما دور الانتقاء الجنسي في عملية التطور؟
هل يمكن اعتبار الأمر انتقاءًا طبيعيًا إن اختارت الأنثى ذكرًا لأن به صفات شكلية مناسبة لها فقط؟
إن هذا الشكل من الانتقاء الطبيعي يعرف باسم “الانتقاء الجنسي” أو “الانتخاب الجنسي”. ويعد الانتخاب الجنسي آلية مهمة من آليات الانتقاء الطبيعي، ولكن ماذا يعني بالضبط الانتخاب الجنسي ؟!

ماهو الانتخاب/ الانتقاء الجنسي ؟

هل انتبهنا يومًا إلى مدى الاختلاف الموجود بين الذكر والأنثى؟ لا أتحدث هنا عزيزي القارئ عن الانسان فقط، بل أقصد جميع الكائنات الحية. فإن نظرنا مثلًا إلى بعض أنواع الغزلان، ستجد أن الذكور تتمتع بجسد ضخم وقرون كبيرة الحجم.

وعلى العكس، نجد أن الإناث أصغر حجمًا، ولا تتمتع بقرون على الإطلاق. ويمكن للفرق أن يكون عظيمًا أكثر من ذلك؛ كبعض أنواع الرنة المنقرضة والتي تمتعت الذكور فيها بقرون عظيمة الحجم على عكس الإناث.

كذلك توجد بعض أنواع الطيور، على سبيل المثال الفصيلة المعروفة باسم «Long Tailed Widow birds»، والتي يتمتع فيها الذكور بمزيج رائع وملفت من الألوان. حيث يمتلك الذكور أكتافًا ملونة باللونين البرتقالي والأبيض. ومنقارًا أبيض مائل للزرقة، وذيل طويل جدًا لدرجة أنها لم تعد تستطيع الطيران بسببه.
بينما تتمتع الإناث بأجساد تتلون باللون الأسود فقط، ومنقارًا باللون الأبيض وذيل قصير.

ولكن، لماذا يحدث ذلك؟

ألا يجب أن تنجو الكائنات التي لا تتمتع بصفات ملفتة؟

لأنه ببساطة هذا الذيل الطويل جدًا والألوان الزاهية من الممكن أن تجذب الحيوانات المفترسة بسهولة. وبالتالي يصبح هذا خطرًا على الذكور من تلك الفصيلة. أليس من المفترض أن تكون هذه الصفات قد أدت إلى انقراض تلك الفصيلة منذ وقت طويل مضى؟ ألا يفترض أن توجد فقط الطيور التي تتمتع بألوان غير زاهية وذيول قصيرة (صفات غير ملفتة) على قيد الحياة اليوم؟ ببساطة، هذا هو الانتخاب الجنسي.

ما هي أنواع الانتخاب الجنسي ؟

يحدث الانتخاب الجنسي عندما تختار الإناث من فصيلة ما أن تتزاوج مع الذكور التي تتمتع بصفات ملفتة للنظر من نفس الفصيلة، لأن الإناث تميل إلى الظن أن هؤلاء الذكور يتمتعون بصفات أقوى وأكثر صحة، فإن استطاع هؤلاء الذكور النجاة مع تلك الصفات الملفتة للنظر، فلا بد أنهم يتمتعون بصحة وصفات قوية ومناسبة.
ويمكننا تطبيق تلك القاعدة على الغزال، فإناث الغزلان تختار الذكور التي تتمتع بقرون عظيمة الحجم، ولكن يمكن للأمر أن يتعقد أكثر من ذلك، فللانتخاب الجنسي نوعان:

النوع الأول يعرف باسم «الانتخاب الجنسي بين نفس أفراد النوع-Intersexual Selection»، وفي هذا النوع، تختار الإناث الذكور التي تتمتع بصفات ملفتة.

النوع الثاني كما في حالة الغزلان التي تحدثنا عنها، يمكن للذكور أن تستخدم القرون التي تتمتع بها في القتال حتى يفوز واحد منهم بالأنثى، وفي تلك الحالة يعرف الانتخاب الجنسي بــ«الانتخاب الجنسي بين نفس أفراد الجنسIntrasexual-Selection».
كما يظهر لنا، فيمكن في كثير من الأحيان أن يتداخل النوعان من الانتخاب الجنسي في نفس العملية.

يمكن مثلًا أن تختار أنثى في فصيلة ما أن تتزاوج مع ذكر معين وتحدث تلك العملية في إطار النوع الأول من الانتخاب الجنسي. أو أن تنتظر الذكور حتى تتشاجر بين بعضها البعض ثم ينتصر واحد منهم ويتحقق النوع الثاني.

يمكن أيضًا أن تختار الأنثى ذكرًا يتشاجر مع ذويه للفوز بها، ويتحقق النوعان معًا في نفس العملية.

في الحقيقة، فإن ذكور الزراف كذلك تتقاتل مع بعضها البعض باستخدام رقابها الطويلة. أفلا يمكن إذًا أن تكون رقاب الزراف الطويلة مجرد تكيف لعملية «Intrasexual Selection» ؟
ولكن لماذا يسري الأمر بتلك الطريقة؟

لم يجب على الذكور أن تتقاتل فيما بينها وأن تقوم الإناث بالاختيار بينهم فقط؟

يرجع ذلك إلى الوقت الذي يجب أن تستثمره الإناث وعدد الأبناء التي يمكنها أن تنجبه، فبما أن عدد الأجيال التي يمكن أن تربيها الأنثى محدود، وكذلك الوقت الذي تحتاجه الإناث للحمل والرضاعة، والمجهود الذي تضيعه في ذلك، كل ذلك محدود، وبالتالي تحاول الأنثى القيام بالاستثمار الأفضل واختيار الذكر الأصلح.
أما بالنسبة للذكور، فالوضع مختلف، فيمكن للذكر أن يتزاوج مع العديد من الإناث، وأن ينجب من كل أنثى العديد من الأبناء، وبالتالي تحاول الذكور الوصول إلى العدد الأكبر من الإناث، بينما تحاول الإناث الوصول إلى الى الذكر الأفضل والأصلح.

حسنًا، الأمور تسري هكذا طوال الوقت إذًا، صحيح؟

في الحقيقة لا، فهناك بعض الحالات التي يختار فيها الذكور الأنثى الأصلح للتزاوج. فعلى سبيل المثال، إن نظرنا إلى فصيلة “العنكبوت الأرملة”، فالذكور هم الذين يختارون الأنثى الأصلح للتزاوج. لأنه من الممكن أن يتم أكلهم أثناء عملية التزاوج، وبالتالي يقومون باختيار الأنثى الأكبر ذات البيض الأكبر حجمًا، لأن الإناث ذات البيض الأكبر تكون أقل جوعًا من غيرها.

وإن نظرنا لأنثى فصيلة “العنكبوت الأرملة“، سنجد أن الأنثى مميزة جدًا، ذات حجم كبير وتمتلك ألوان زاهية، بينما يكون الذكر بني اللون، صغير الحجم ويمكن ملاحظته بصعوبة. فبالتالي نجد أن الأمر صار العكس تمامًا عندما تحدثنا عن العناكب بدلًا من فصيلة الطيور السابق الحديث عنها.

وبالتالي، ومع ملاحظة درجة الغرابة والتعقيد التي قد تصل إليها. إلا أن «الانتخاب الجنسي-Sexual Selection» هو عملية مهمة وأساسية من عمليات التطور البيولوجي. وتظل طريقة قوية يمكنها إنتاج العديد من الصفات الرائعة كطول الذيل المبهر في بعض فصائل الطيور، أو الحجم الكبير للعنكبوت الأرملة.

لماذا يجب علينا فهم سلوك الحيوانات؟

لماذا يجب علينا فهم سلوك الحيوانات؟

يعد الإنسان تصنيفيًا من الحيوانات، لذلك يمكننا فهم أنفسنا بمستوى أعمق بالتعرف على سلوك الحيوان، وقبل التعمق في معرفة سلوك الحيوان يجب علينا فهم تطورهم أولًا.

تنتقل الصفات من الأنواع إلى ذريتهم بفعل التطور، والتي تتغير من جيل عبر جيل، فيؤدي إلى ظهور أنواع جديدة تعيش معنا على الأرض.

4 أسئلة عن سلوك الحيوان

بمجرد البحث عن معرفة سلوك الحيوان سيتبادر في ذهنك العديد من الأسئلة، فقد سبقنا (نيكولاس تينبرغن) عالم السلوك الحيواني ووضع عدة أسئلة مختلفة لدراسة السلوك.

  • ما الذي يدفع الفرد للإتيان بسلوك معين؟
  • كيف طور الفرد القدرة على تنمية هذا السلوك؟
  • كيف تطور هذا السلوك؟
  • ما هي وظيفة السلوك؟

نسنتج من الأسئلة السابقة أهمية فهم التطور والانتقاء الطبيعي للإجابة على تلك الأسئلة، فعلى سبيل المثال لماذا يعيش حيوان ما مع آخرين بدلًا أن يكون منعزلًا، ولماذا يختار أن يعيش مع رفقاء ذوي ألوان زاهية، ولماذا يشدو لمناداة قطيعه؟

يمكننا متابعة تلك السلوكيات من جيل إلى جيل مع النظر في التطور البيولوجي المؤدي  لنقل الصفات الوراثية إلى الأنسال عبر الجينات مع ملاحظة التغييرات التي ينتج منها على المدى البعيد ظهور أنواع جديدة، يعتمد التطور البيولوجي أن كل أشكال الحياة على الأرض تتشارك في سلف مشترك أدى إلى التنوع الهائل بين الحيوانات والنباتات التي نراها اليوم، فتضم الحيوانات وحدها عددًا كبيرًا يُقدر بأكثر من 67000 نوع من الفقاريات، مع وجود 1.3 مليون نوع من اللافقاريات منذ أن ظهر البشر، ومن المؤكد وجود العديد من غيرهم غير المكتشف.

تعتبر أشكال الحياة مرتبطة ببعضها، فيعتبر والدك سلفًا مشتركًا بينك وبين أخواتك، وأجدادك هم سلف مشترك بينك وبين أبناء عمومتك.

طبقًا لبعض الأنواع مثل الشامبانزي فقد عاش هذا السلف المشترك المنقرض وقت قصير يقدر بملايين السنين مقارنة بتاريخ الحياة.

للعثور على سلفنا المشترك مع بقية الرئيسيات يتطلب الأمر الرجوع عشرات الملايين من السنين، ومن المرجح عيش آخر سلف مشترك لجميع الثدييات منذ حوالي 160 مليون سنة.

نستنتج من تلك المصطلحات أن أبناء عمومتنا يشبهون أنواع من الكلاب والقطط مثل التي تعيش الآن، ولكنها ترتبط بعضها لبعض ارتباطًا وثيقًا أكثر من ارتباط أي منهما معنا. فيجب أن تتشابه الكائنات التي تتشارك في تاريخها التطوري، لذلك مع دراسة الخصائص الموروثة عبر الأنواع يمكننا إعادة بناء علاقتهم التطورية.

نطلق على تلك العلاقات (تطور السلالات)، وعند إعادة بناء الأنساب يجب توخي الحذر في النظر إلى الصفات الصحيحة، فليست كل الصفات المشتركة ناتجة من الوراثة، فمثلًا تبدو أسماك القرش والدلافين والإكتيوصورات المنقرضة متشابة جدًا، ولكنها ليست ناتجة من علاقة تطورية وثيقة، بل مجرد تكيفات مع البيئة البحرية.

تسمى الصفات المشتركة الناتجة من الوراثة بالمتجانسة، والصفات التي تطورت مستقلة بالمتشابهة. لذلك نحن نعلم أن الأنواع مرتبطة ببعضها بدرجات مختلفة، ولكن ما الذي يجعل الأنواع تتغير وتتباعد؟

عمليات التطور الرئيسية

هناك ثلاث عمليات رئسية تؤدي للتطور: الطفرة والإنحراف الوراثي والانتقاء الطبيعي.

الطفرة

تحدث الطفرات عندما تُنسخ المواد الجينية على نحو خاطىء أو تُتلف من العوامل البيئية، تكون الطفرات عشوائية ومعظمها لا يفعل شيئًا أو يؤثر سلبًا على الكائن الحي بتعطيل وظيفة بيولوجية هامة، لكن بعض الطفرات مفيدة، فتنتج منها صفات جديدة أو تُعدّل الصفات الموجودة، وهذا يخلق تباينًا في الأنواع حيث تُنقل الطفرات صفاتها. ويعتبر الطاووس أحد الأمثلة لأحدى الطفرات الضارة المسببة لفقدان التصبغ المعروفة باسم (اللوسية).

طفرة فقدان التصبغ

الانحراف الوراثي

عملية عشوائية تحدوث لوجود عنصر الحظ في التكاثر دائمًا، فإذا كان الفرد محظوظًا وترك الكثير من الأحفاد، فسيتشارك الجيل القادم في صفات غير متكافئة. يعد الإنحراف الوراثي مهمًا في الجماعات الصغيرة، فيمكن أن يؤدي الحظ الجيد أو السيء إلى انقراض الصفات، دون حملها أو إصلاحها.

الانتقاء الطبيعي

العملية النهائية للتطور هي الانتقاء الطبيعي، فعلى عكس الطفرات أو الانحراف الوراثي فهو عملية غير عشوائية تمامًا تعتمد على أن الصفات المختلفة تؤدي إلى نجاح تناسلي مختلف.

يشرح لنا الانتقاء الطبيعي كيفية تغير صفات مجموعة من الحيوانات لتناسب بيئتها وهو ما يسمى بالتكيف.

يسير منطق الانتقاء الطبيعى كالنحو التالي: يوجد تباين بين الأنواع وهذا يعني أن الأفراد تختلف في وظائف الأعضاء، والبنية، والسلوك. بعض من الاختلافات قابلة للوراثة، فالنسل يميل إلى أن يكون أكثر تشابهًا مع آبائهم عن غيرهم من أفراد المجتمع، يوجد تنافس بين الأفراد على الموارد، مثل الطعام أو المكان، وتكن بعض المتغيرات أفضل في المنافسة عن غيرها لذلك بمرور الوقت تزداد نسبة المتغيرات الناجحة بين الكائنات، تتغير البيئات ولذلك تتأثر الصفات بتغييرها فتميل نحو البقاء والتكاثر في البيئة الحالية.

إذا عُزلت مجموعتان من نفس النوع عن بعضهما لبعض، فستتباعد صفاتهما تدريجيًا، خاصة إذا كانت بيئتهما مختلفة.

اللياقة في سلوك الحيوان

وننتقل من العوامل الرئيسية في التطور إلى مصطلح اللياقة، تستخدم كلمة لياقة في التطور لوصف مدى جودة صفات فرد معين في توريثها لأحفاده، مقارنة بالآخرين، فهي تُعد نمط وراثي يُقاس بالمساهمة النسبية للفرد العادي في الجيل التالي.

ماذا يعني كل هذا بدراسة سلوك الحيوان؟ باختصار بفعل الانتقاء الطبيعي ستتصرف الحيوانات عامة لتحسين لياقتها، وإذا أرادنا فهمهم، فنحن بحاجة إلى التركيز على فهم  سلوكهم  لمساعدتهم في البقاء وترك أجيالًا منهم. وإذا أرادنا التأثير على سلوكهم، فنحن بحاجة إلى فهم بيئتهم الطبيعية وكيف يتفاعلون معها.

المصدر:
edx

اقرأ أيضًا: هل يتأثر الإنسان بظاهرة الانتقاء الطبيعي؟

التاريخ الكبير: الانفجار العظيم

التاريخ الكبير: الانفجار العظيم

بعد أن أعددت مشروبك المفضل في سلام، وجلست في شرفة بيتك الهادئة بعد منتصف الليل، تنظر إلى السماء بعجب، فإذا القمر يتوسط المشهد بنوره الفضي الساحر، محاطًا بمجموعة بالكثير والكثير من النجوم، ووسط هذا الجو الشاعري الجميل تتساءل: “كيف بدأ كل هذا؟”.

الحقيقة أننا نعرف كيف بدأ كوننا الجميل، لقد بدأ بداية عنيفة، بدأ ب «انفجار عظيم-Big bang»، ولكن كيف نعرف هذا؟ وما هي الأدلة على هذا الادعاء؟ تابع معنا سلسلة التاريخ الكبير ج١: الانفجار العظيم

1- توسع الكون

بدأ الأمر في بدايات القرن العشرين حينما وجه العلماء تليسكوباتهم نحو السماء، كان الاعتقاد السائد آنذاك أن الكون هو عبارة عن تجمع نجمي يحوي جوالي 400 بليون نجم، له أربعة أذرع، ويدعى ب«مجرة درب التبانة-Milky way galaxy»، لكن هؤلاء العلماء اكتشفوا اكتشافًا قد مثل ثورة علمية في ذلك الوقت، اكتشفوا أن مجرتنا ليست وحيدة!

بل أن هناك العديد من المجرات الأخرى، لم تكن تلك المجرات موجودة فقط، بل أنها كانت تبتعد عنّا، وأنه كلما كانت المجرة أبعد، كلما تحركت أسرع، فيما يعرف باسم «قانون هابل-Hubble’s law» نسبةً إلى العالم «إدوين هابل-Edwin Hubble».

لذا فإن كانت المجرات تبتعد عنا، فهي غدًا ستكون أبعد، كما أنها كانت أقرب إلينا في البارحة، فلنرجع الشريط إذًا للخلف، وسنرى أن المجرات تصبح أقرب مع التراجع في الزمن أكثر وأكثر، حتى يصبح الكون كله كتلة غازية ساخنة.

ومع بعض الحسابات يمكننا حساب عُمر كوننا، وبالفعل أطلق العلماء لأياديهم العنان لصياغة حسابات رياضية لحساب عمر الكون، ألا وهو 13.8 بليون سنة.

2- «الخلفية الكونية الميكرووية-Cosmic microwave background»

في بدايات الكون، كانت درجة الحرارة عالية جدا، عالية بشكل لا يسمح للنجوم أو المجرات أو الكواكب بالتكون، بل حتى أنها لا تسمح بوجود الذرات نفسها!

كانت الغازات ساخنة للغاية حتى بدأت في عملية «التأين-Ionizing»، كانت كل المادة في الكون منصهرة في حساء كوني من البلازما، حيث تندمج نوى الذرات، وتخرج الالكترونات عن مساراتها، والبلازما تنتج الكثير من الضوء والاشعاع لكنها تحتبسهم بداخلها، ولكن بعد أن أتم الكون 300 ألف سنة من عمره، هبطت درجة حرارته إلى 3000 درجة نتيجة للتوسع، رغم أنها درجة عالية نسبيًا، إلا أنها تسمح بتكون الذرات، لذا أصبح هناك مجال للإشعاع بأن يتحرك بحُرية أكثر، وكلما زاد عمر الكون كلما زاد الطول الموجي لهذا الإشعاع، فأصبحت هذه الموجات كانت موجات ميكروويف.

ثم رصدها العلماء وكونوا صورة لخلفية كوننا الميكرووية، فقد رصدوا إشعاعًا قادمًا من أولى سنوات الكون، فهذا أيضًا دليل على أن لكوننا بداية.

3- نسبة الهيليوم:

في نواة شمسنا الدافئة، تؤدي قوى الجاذبية الشمسية إلى التحام نوى ذرات الهيدروجين، حيث تتحد ذرتا هيدروجين لتكوين ذرة هيليوم واحدة، وهذا ما يحدث في النجوم فيما يعرف بعملية «الاندماج النووي-Nuclear fusion»، فإذا قمنا ببعض الحسابات استنادًا إلى عمر الكون، وإلى قوانيننا الفيزيائية المعروفة، فنستطيع التنبؤ بأن في ظروف كهذه، ستكون نسبة الهيليوم في يومنا هذا هي 1:10 من المادة الموجودة في الكون، ثم نأتي على أرض الواقع لنقيس نسبة الهيليوم وتكون المفاجأة، نسبة الهيليوم مطابقة لحساباتنا في ظروف كون بانفجار عظيم!

وهذا أيضًا يعتبر دليلًا قويًا على صحة نظرية الانفجار العظيم. لكن قد يسأل سائل: “هل نعلم كل شيء عن الكون الآن؟”

و الإجابة هي: “لا وبكل تأكيد”

إذ أن كل ما نعلمه عن كوننا كميًا هو 5% فقط من الكون. كل المادة التي نحن مصنوعون منها نحن والنجوم، لا تحظى إلا بنصيب 5% فقط من الكون.

فنحن لا نعلم ما يجعل المجرات متماسكة بهذا الشكل، فأطلقنا عليها اسم «المادة المظلمة-Dark matter»، كما أننا لا نعرف طبيعة القوة التي تتسبب في توسع الكون من الأساس، ونسميها «الطاقة المظلمة-Dark energy»، كما أننا أيضًا لا نعرف ما تسبب ببداية الكون، لا نعلم ما هو سبب الانفجار العظيم، إذ أن الكون كان كثيفًا وساخنًا للغاية بدرجة لا تسمح لقوانيننا الفيزيائية المعهودة بالعمل.

فهناك الكثير والكثير الذي لا نعلمه عن الكون وعنّا، في الواقع نحن نجهل عن الكون أكثر مما نعلم، وكما ترى عزيزي القارئ، هناك الكثير من جوائز نوبل في انتظار من يجيب عن هذه الأسئلة، ومن يدري؟ أليس من الممكن أن يكون أنت من يفعل؟

من كورس تابع لCoursera، مقدم من «جامعة أمستردام-Amsterdam university».

اقرأ المزيد حول: داروين لم يكن أول من وضع نظرية التطور

سلسلة (التطور) – مقال (3): “هل يمكن للإنسان أن يتأثر بظاهرة الانتقاء الطبيعي ؟”

سلسلة (التطور) – مقال (3): “ههل يمكن للإنسان أن يتأثر بظاهرة الانتقاء الطبيعي ؟”

بعد حديثنا عن الانتقاء الطبيعي، ورأينا بأنفسنا الأدلة على وجوده، وكيف أنه يمكن أن تتطور رقاب الزرافات بواسطة الانتقاء الطبيعي.

ولكن ربما بدأت تتساءل عزيزي القارئ، هل يمكن للانتقاء الطبيعي أن يطور أعضاء وتراكيب معقدة، كالعين مثلًا، هل يمكن لأعيننا أن تكون قد تأثرت عن طريق الانتقاء الطبيعي ؟ أم أن الانتقاء الطبيعي لا يغير إلا تفاصيل بسيطة صغيرة ؟ وهل يمكن للإنسان أن يتأثر بظاهرة الانتقاء الطبيعي ؟

وفي الحقيقة، فإن الأجابة هي نعم !

يجب علينا إدراك أن الانتقاء الطبيعي يحدث دائمًا بخطوات صغيرة وبسيطة، وهذه الخطوات تكون دائمًا في مصلحة الكائن الحي.

كيف تطورت أعين الكائنات البدائية بمرور الزمن ؟

فيمكن مثلًا أن نتخيل نوعًا من الديدان البدائية، والتي لم تكن تتمتع بعيون معقدة ولكنها كانت تمتلك خلايا مسطحة تعمل «مستحثات ضوئية-photoreceptors». وتعرف مستحثات الضوء بأنها خلايا تستجيب لسقوط الضوء عليها، وبالتالي يمكنها التفريق بين الضوء والظلام فقط.

وبالتالي يمكن لهذه الدودة على الأقل أن تفرق بين الضوء والظلام، فيمكنها مثلًا أن تزحف حتى تشعر بالظلام، فمن المحتمل أن تكون الدودة قد زحفت حتى صارت تحت صخرة، وبالتالي فهي في أمان، وبالتالي يمكن لهذه المستحثات الضوئية أن تساعدها ولو بشكل بسيط على النجاة.

وبعد حدوث العديد من الخطوات بواسطة الانتقاء الطبيعي، يمكن لهذه المستحثات الضوئية المسطحة أن تتطور حتى تصبح مقعرة كالكوب الفارغ، وبالتالي عندما يسقط الضوء عليها من اتجاه معين، يمكن للدودة أن تحدد الاتجاه الذي سقط منه الضوء ويمكنها أن تحدد الاتجاه الذي ستزحف إليه. وهكذا تتطور الأمور أكثر وتتحسن لتساهم في نجاة الدودة.

وبالتالي فإنه مع الوقت، وحدوث التغيرات الطفيفة مع الوقت، يمكن أن يؤدي ذلك في النهاية إلى تطوير تراكيب معقدة.

هل تطورت عين الانسان بنفس الطريقة ؟

ولكن ماذا عنا ؟ هل نتطور ؟ هل يتعرض بنو الانسان إلى الانتقاء الطبيعي ؟ لأنه بمراقبة التقدم والرقي الذي وصل إليه الانسان، يصعب تصور أنه لا يزال هناك صراع على الحياة يمتد لأجيال ويمكن من خلاله حدوث الانتقاء الطبيعي.

حسنًا، لنتحاور معًا، هل يمكن لموضوع العين الذي تكلمنا عنه سابقًا أن تنطبق عليه كل شروط الانتقاء الطبيعي وبالتالي يمكننا إثبات أن الانسان لا زال يتعرض للانتقاء الطبيعي.

هل هناك تنوع ؟ نعم بالطبع. على سبيل المثال، إذا نظرت حولك، حتمًا ستجد أحدهم يضع نظارات. يمكن لهذا على الأقل أن يعد تنوعًا.

هل هناك توارث لتلك الصفة ؟ ضعف النظر الذي يستدعي بالضرورة ارتداء نظارة يكون متوارثًا، فتجد أشخاصًا يضعون النظارات وكان آباؤهم كذلك من واضعين النظارات.

ولكن هل هناك صفة الاختيار ؟ هل يعتبر ضعف النظر أو قوته بشكل ما ضروري أو مهم للنجاة في عصرنا الحالي ؟

ربما كانت صفة قوة النظر ضرورية ومهمة للبشر الذين عاشوا في مجتمعات تعتمد على الصيد بشكل أساسي في الحياة، فإن كنت تمتلك نظرًا أقوى زادت فرصتك في إتقان الصيد وبالتالي تزداد فرصتك في النجاة. ولكن في عصرنا الحالي، نحن لا نعتمد بشكل أساسي على الصيد في مجتمعاتنا هذه. وبالتالي لا يمكن أن تساهم صفة قوة النظر في النجاة في وقتنا هذا، ولكن في النهاية، “الانتقاء الطبيعي” هو قانون طبيعي، كالجاذبية الأرضية مثلًأ، يمكننا أن نتحايل عليه أو نمنعه في بعض الحالات، ولكن لا يمكننا أن نمنع حدوثه بشكل كامل، وفي الحقيقة فنحن لا زلنا في صراع على النجاة.

صراعنا الخاص على النجاة!

يمكننا أن نتحدث على سبيل المثال عن الأمراض، كالمالاريا مثلًا، فقد تسبب هذا المرض في حصد العديد من الأرواح في أفريقيا، وفي أوروبا والولايات المتحدة، تسبب بعض الأمراض في قتل الملايين من البشر، والإيدز مثلًا، يمكننا الحديث قليلًا عن الايدز.

يصاب الناس بالعديد من الفيروسات والبكتيريا، ولكن بعضهم يشتد عليه المرض أكثر من غيره، فهل تساهم جيناتنا في ذلك ؟ وهل للانتقاء الطبيعي دور في حدوث ذلك ؟

الإجابة هي نعم، يمكن لأنواع مختلفة من الجينات أن تغير قابلية تعرض الأفراد إلى الإصابة بالإيدز أكثر من غيرهم، ودراسة هذه الجينات يمكنها في المستقبل أن تمكننا من ابتكار أدوية لوقف أو الإبطاء من حدوث العدوى.

منذ الثمانينات، أصيب العديد من البشر بفيروس الايدز، ولكن لم يصب به كل من تعرض له، وقد حير ذلك الأمر العلماء لفترة من الزمن، وبدأوا يراقبون تلك الحالات، هل يمكن أن يمتلك البعض مناعة طبيعية تجاه الإيدز ؟

يمكننا فهم ذلك بسهولة إن فهمنا الطريقة التي يتعامل بها فيروس الإيدز مع خلايانا. وككل الفيروسات، لا يمكن لفيروس الإيدز أن يصنع نسخًا من نفسه بدون مساعدة من خلايا الإنسان، وبالتالي فهي تدخل إلى خلايا الإنسان وتستخدم الآلية الخاصة بها في الانقسام وتصنع نسخًا عديدة من نفسها وتنتشر في الجسم كله.

ولكن يمكن لفيروسات الإيدز أن تدخل إلى خلايا معينة فقط، فكيف يمكنها إذًا أن تجد الخلايا المناسبة ؟

يمكنها أن تفعل ذلك عن طريق بروتينات مخصصة لذلك تدعى المستقبلات، وهذه المستقبلات تكون موجودة على سطح الخلية لتتلقى المعلومات وتقوم بنقلها إلى داخل الخلية. ويقوم فيروس الإيدز بالإمساك بسطح الخلايا التي تحتوي على مستقبل يدعى CD4.

تعد الخلايا التي تحتوي على مستقبل CD4 جزءًا مهمًا من مناعة الجسم ضد كل الأمراض، وعندما يمسك فيروس الإيدز بها فإنه يدمرها تدريجيًا ويعيق الجهاز المناعي، ولذا سمي بمرض نقص المناعة.

ويتضح أيضًا أن مستقبلات CD4 ليست كافية، فهناك بروتين آخر يدعى CCR5 يعتبر مساعدًا للمستقبل CD 4 لأنه يعمل معه، ويعد هو الباب الذي يتيح دخول فيروس الإيدز لداخل الخلية.

اتضح أن الكثير ممن يمتلكون مناعة طبيعية ضد فيروس الإيدز توجد بداخلهم طفرة في بروتين CCR5 تدعى هذه الطفرة CCR5-delta32 ، وتؤدي هذه الطفرة إلى تكوين بروتين أصغر لا يصمد فوق سطح الخلية، وبالتالي لا تستطيع معظم أشكال فيروس الإيدز أن تصيب الخلايا بالعدوى إن لم يكن هناك بروتين CCR5 على سطح الخلية.

يمتلك الأفراد الذين عندهم نسختان من هذه الطفرة (حيث قاموا بتوارثها من الوالدين) مناعة كبيرة تجاه الإصابة بالإيدز. ويحدث ذلك الأمر لحوالي 1 بالمئة من القوقازيين( السلالة القوقازية من البشر).

بينما إذا امتلك الفرد نسخة واحدة من هذه الطفرة فإنها تعطيه بعض المناعة تجاه المرض، وتقوم بتخفيف آثار المرض إذا ما أصيب الفرد بالإيدز بالفعل. وهذا الأمر منتشر بنسبة أكبر عن سابقه حيث يمكن ملاحظته في عشرين بالمئة من السلالة القوقازية من البشر.

حسنًا، هناك أناس إذًا يتمتعون عن غيرهم بمقاومة ومناعة طبيعية ضد هذا المرض، ولكن هذه الطفرة توجد بنسبة كبيرة في شمالي أوروبا. على الرغم من انتشار الإيدز بشكل أكبر في أفريقيا، فإنه لا تزال الطفرة المسئولة عن المناعة ضد هذا الفيروس قليلة جدًا في أفريقيا، ويعتبر ذلك بسبب حداثة فيروس الإيدز نسبيًا بالنسبة للبشر، فالفيروس لم ينتقل للإنسان من القرود إلا قبل ثمانين عامًا فقط.

لماذا زاد متوسط طول قامة الانسان مؤخرًا ؟

ولكن ماذا عن صفاتنا الطبيعية الفسيولوجية بعيدًا عن الأمراض وغيره ؟ هل تأثرت هي الأخرى بالانتقاء الطبيعي ؟هل يمكن للإنسان أن يتأثر بظاهرة الانتقاء الطبيعي ؟ في صفاته الطبيعية؟ كطول قامة الإنسان مثلًا ؟ فما نعلمه أن الإنسان كان أقصر قامة قبل ألف عام، كيف يمكن لطول الإنسان أن يزداد في تلك الفترة ؟

حسنًا، لنراجع شروط الانتقاء الطبيعي مرة أخرى، هل هناك تنوع ؟ نعم بالطبع، هل هناك توارث لتلك الصفة ؟ نعم هناك توارث، ولكن هل يفيد ذلك نوعًا ما في بقاء الأفراد الأطول قامة؟

أذهل العلماء السرعة التي ازدادت بها أطوال قامات الهولنديين، فكان الهولنديون يتمتعون بقامة قصيرة نسبيًا قبل قرن من الزمان، ولكن ما لبثوا أن ازدادت أطوال قامتهم بشكل كبير.

افترض الباحثون في البداية أن السبب قد يرجع ربما إلى تحسن ظروف المعيشة، فالطعام الغني بالبروتينات والكربوهيدرات من الممكن أن يساهم في بنية أقوى وقامة أطول، ولكن من المستحيل أن يكون ذلك هو السبب الوحيد، فقد ارتفع مستوى المعيشة نسبيًا بالنسبة لأغلب سكان قارة أوروبا، فلما يزداد متوسط أطوال الهولنديين وحدهم ؟

بالإضافة إلى ذلك، فقد أثبتت دراسة أجريت عام 2000 ونشرت في مجلة Nature أن أصحاب القامة الأطول يميلون إلى إنجاب أبناء أكثر من ذوي القامات الأقصر، ما السر إذًا ؟

حسنًا، ربما يعود السبب إلى النساء، فربما تفضل النساء الرجل الأطول. لأنهن يعتقدن أنه أكثر صحة وقوة، وبالتالي يملك الرجال الأطول فرصة أكبر في الزواج والإنجاب أكثر من ذوي القامات القصيرة. ألا يمكن لهذا أن يكون السبب الحقيقي ؟ لو كان ذلك السبب حقًا، فإن هذا النوع من الانتقاء يطلق عليه الانتقاء الجنسي، وهو نوع خاص جدًا من الانتقاء الطبيعي، وسنتحدث عنه لاحقًا في المقال التالي.

المصدر

Coursera
genetics.thetech
Theguardian
انظر أيضًا الأدلة العملية على التطور

داروين لم يكن أول من تحدّث في التطور

داروين لم يكن أول من تحدّث في التطور

إذا ذُكرت نظرية التطور تبادرت لذهنك صورة العالم الشهير «تشارلز داروين-Charles Darwin»، ظنًا منك أنه هو من أسّس النظرية، لكن على ما يبدو أن النظرية لها تاريخ طويل جدًا، فما من عمل بشري عظيم كان ثمرة إبداعات شخص واحد، فماذا عن نظرية بحجم نظرية التطور؟ فجميعنا نعلم أنها إحدى أروع وأعظم الأعمال البشرية على الإطلاق، لذا وجب استعراض قبسات من تاريخها الطويل، وستجد عزيزي القارئ أن داروين لم يكن أول من وضع نظرية التطور

1- «أناكسيمندر-Anaximander»:

وُلد الفيلسوف اليوناني أناكسيمندر عام 610 ق.م، في مدينة «ميليتوس-Miletus» (في تركيا حاليًا)، ويُعد مؤسس «علم الكونيات-Cosmology»، إلا أنه امتلك نظرته الخاصة عن الحياة أيضًا، وكيف ارتقت لمرحلة تكوين الإنسان، فقد كان يعتقد أن الإنسان هو أكثر أشكال الحياة تعقيدًا وكمالًا، فقد رأي أن الحياة تكونت من العناصر الرطبة، كان يرى أن الحياة بدأت في البحار، وأن الإنسان تطور من كائنات أبسط مثل السمك، حيث اعتقد أن الإنسان يحتاج لفترة طويلة من التنشئة، إذ أنه لم يكن لينجو في الظروف البيئية القاسية التي مرت على الأرض إن كانت هذه هي صورته الأولى (صورة الإنسان الحالية).

2- «إمبيدوكلس-Empedocles»:

جاء إمبيدوكلس بعد أناكسيمندر بحوالي قرن من الزمان، اعتقد إمبيدوكلس أن الكون يتكون من أربعة عناصر: الماء، والهواء، والأرض، والنار، اعتقد أن هذه العناصر تفاعلت مع بعضها البعض، نتيجة التأثر بصراع قوتي الجذب والتنافر، صانعين مسوخًا ووحوشًا كنتيجة عرضية لهذا التفاعل، وبسبب استمرار الصراع بين قوتي الجذب والتنافر تطورت هذه المسوخ إلى الكائنات التي نراها اليوم.
وهي أغرب نظرية فيهم، لكنها تبدو قريبة من نظرية التطور بالانتخاب الطبيعي، التي تخبرنا بوجود كائنات فشلت في اختبار الطبيعة لها، سامحةً لأجناس أخرى أكثر نجاحًا بالاستمرار.

3- «لوكريتيوس-Lucretius»:

ظنّ لوكريتيوس أن القوة التي تسبب في نشأة الحياة على الأرض هي الصدفة، وأن وحوش إمبيدوكلس تعرضت لنوع من أنواع الانتقاء الطبيعي، الذي فضّل الأفراد الأقوى، والأذكى، والأسرع، واختارهم للاستمرار، إلا أنه اعترض على نظرية أناكسيمندر، واعتقد باستحالة تطور كائنات اليابسة من كائنات بحرية.

4- الجاحظ:

وُلد أبو عثمان عمرو بن بحر الكناني البصري -المعروف باسم الجاحظ- في مدينة البصرة جنوبي العراق عام 776م.، وهي فترة زاد فيها نفوذ المعتزلة، وهي طائفة مسلمة تنادي بإعمال العقل وتحكيمه، وتشجيع البحث العلمي والفلسفي.
ألّف كتابه “الحيوان”، وهو كتاب موسوعي يدرس فيه الجاحظ 350 حيوانًا، وقدم في هذا الكتاب أفكارًا مشابهة لأفكار داروين، حيث قال فيه أن الكائنات تتصارع على البقاء ولأجل الموارد، ويرى فيه أيضًا أن العوامل البيئية تؤدي إلى تطور صفات جديدة، ومع مرور الزمن تتحول إلى أنواع أخرى.

5- الطوسي:

رأى نصير الدين الطوسي في كتاباته أن الكون في البدء تكون من عناصر متشابهة ومتساوية، ثم طرأت بعض التغيرات على بعض العناصر مكونةً مواد مختلفة، ثم يشرح كيف تحولت هذه المواد إلى أملاح، ثم نباتات، ثم حيوانات، انتهاء بالإنسان.
ثم تطرق لشرح كيف حدث هذا التنوع الحيوي الذي نراه، حيث رأى أن الأنواع التي كانت أسرع في اكتساب الصفات وتوريثها كانت أكثر تنوعًا.

6- ابن خلدون:

تأثر عبدالرحمن بن خلدون مؤسس علم الاجتماع بكتابات الجاحظ حيث رأى أن الإنسان تطور مما سماه ب “عالم القرود”، وذكر في الفصل الأول من كتابه “المقدمة” أن عالم الأحياء بدأ من الأملاح التي تطورت فأصبحت نباتات، ثم حيوانات، في تراتبية وتدرج على مر الزمن.

7- «جان باتيست لامارك-Jean Baptiste Lamarc»:

ظنّ لامارك أن الصفات المكتسبة في حياة الكائن يرثها نسله، وبالتالي يحدث التطور.

مثال: إذا قُطع ذيل زاحف ما فسيولد نسله بدون ذيول وفقًا لنظرية لامارك.

وهي فرضية خاطئة وفق علومنا الحالية، فالصفات المكتسبة تختلف عن الصفات الموروثة.

كما رأى أيضًا أن العوامل البيئية تغير من تصرفات الحيوانات، ومن ثم تغير الطبيعة صفات الكائنات لما يتوافق مع هذه العوامل.

مثال: أدّى علو الأشجار إلى أن الزرافات صارت تمد أعناقها لتصل إلى الثمار، فصارت أعناق الزرافات أطول.

وهذه أيضًا فرضية خاطئة وفق نظرية داروين للانتخاب الطبيعي، التي رأت أن الزرافات ذات الأعناق الطويلة كانت تنعم بفرصة أكبر للغذاء وبالتالي التناسل، فاستمر نوعها.

الخلاصة:

التطور حقيقة علمية يدركها الأعمى والبصير على حد سواء، والتاريخ مليء بالمحاولات الساعية بجهد لتفسيره وشرح كيفية حدوثه، وأكثر ما يميز هذه النظريات هو تعديل بعضها بعضًا، بحيث تستمر حركة العلم، فقد أُضيفت تعديلات على نظرية داروين بعد وفاته، فالعلم دائم التطور، تمامًا كالكائنات الحية!

المصادر:

bbc
interestingengineering
amazon
britannica
pbs
classicawesdom

اقرأ المزيد: هل حقًا سقطت نظرية التطور كما يزعمون

أشهر 5 ادعاءات يروجها معارضو نظرية التطور

أشهر 5 ادعاءات يروجها معارضو نظرية التطور

أحدثت نظرية التطور ثورة غير مسبوقة في علم الأحياء، حيث ادعت النظرية معرفة سبب التنوع البيولوجي الكبير بين الكائنات الحية، ولكن ما لبث «تشارلز داروين-Charles Darwin» أن أخرج نظريته إلى الناس حتى بدأت حملة الهجوم عليها بشراسة، وما زالت النظرية تُهاجم و تكذّب إلى يومنا هذا، فهل حقًا سقطت نظرية التطور وأثبتت استحالتها كما يزعمون؟

إليكم أشهر 5 ادعاءات يروجها معارضو نظرية التطور وتفنيدها علميا بالدليل:

1- التطور مجرد نظرية وليست حقيقة

  • يعتمد هذا الادعاء على مغالطة «رجل القش-Straw Man Fallacy»، وهو رسم صورة خيالية غير واقعية عن شيء ما ومن ثَم مهاجمة وانتقاد هذه الصورة، والمغالطة هنا في فهم مفهوم النظرية العلمية.
  • يختلف مفهوم النظرية العلمية عن مفهوم النظرية في اللغة الدارجة، فالنظرية في اللغة الدارجة تعني رأيًا لم يثبُت بالأدلة، ولكن النظرية في لغة العلم هي صرح من الأدلة والإثباتات لتفسير ظاهرة طبيعية ما.
  • النظرية العلمية هي أفضل تفسير نملكه، وهي قائمة إلى أن يثبُت خطأها أو استبدالها بنظرية أخرى، ومن أمثلة النظريات العلمية المُثبتة والمُستخدمة «نظرية فيثاغورس-Pythagoras Theorem»، فلماذا إذًا من وجهة نظركم ما زالت تستخدم في البناء وتُدرس في الجامعات والمدراس إن كانت مجرد نظرية كما تقولون؟

2- توجد العديد من الحفريات التي تتعارض مع التطور مثل العثور على آثار أقدام بشرية في تنزانيا تعود لأكثر من 3 مليون سنة

يظن معارضو التطور أن النظرية تحدد عمرًا معينًا لجنس ما، فعمر الجنس البشري الحالي وفقًا للأحافير المُكتشفة حديثًا هو 300 ألف سنة فيتساءلون كيف إذا يمكن أن يوجد إنسان قبل 3 مليون سنة؟

ولكن في الواقع عاش في هذه الفترة العديد من الكائنات الشبيهة بالبشر الحاليين مثل «هومو إريكتوس-Homo Erectus»، فمجرد آثار الأقدام لا تكفي لتحديد النوع بدقة، فلا نملك أدلة كافية لتحديد الكائن الذي تعود إليه هذه الآثار، ولكن لنفترض أنها تعود إلى «هومو سابيان-Homo Sapien»، (البشر الحاليين) فما المانع على أية حال؟ يُحدد عمر جنس ما عن طريق قياس عمر أقدم حفرية له، وهذا لا يعارض التطور في شيء.

منذ أربع سنوات كان الاعتقاد السائد أن أقدم هومو سابيان عاش منذ قرابة ال200 ألف عام، و لكن في عام 2017 اكتُشفت حفرية لهومو سابيان أضافت مئة ألف عام أخرى إلى تاريخ الهومو سابيانز ليصير 300 ألف سنة، ولم ولن يضر هذا التطور في شيء؛ إذ أن النظرية معنية بدراسة تنوع الأجناس وكيف حدث هذا التنوع، وليس بأعمارها.

3- إذا كان الإنسان تطور من القردة، فلماذا ما زالت القرود موجودة؟

يعتقد معظم معارضي التطور أن النظرية تدّعي أن الإنسان انحدر من القرود، فيتساءلون لماذا ما زالت توجد القرود و لم تتطور إلى بشر؟
وهذا السؤال يشير إلى ضحالة المعرفة عن النظرية، فالتطور لم يقل أن البشر انحدروا من قرود، ولكنه قال أن الإنسان و القرد (وكل الكائنات الحية) لها سلف مشترك و تنحدر كلها من كائن واحد بسيط، ولكن لنفرض جدلًا أنه قال ذلك، فهذا السؤال يشبه سؤال: “إذا كان الأمريكيون البيض من أصول بريطانية، فلماذا ما زال هناك بريطانيون؟”

4- لم يتم اكتشاف الحفريات الانتقالية التي ذكرها داروين.

تنبأ داروين بوجود «حفريات انتقالية-Transitional Fossils» بين الأجناس، فعلى سبيل المثال تعتقد النظرية أن الطيور انحدرت من الزواحف، فيجب إذا أن نجد حفريات لكائنات بين الطيور والزواحف، وها هي مغالطة رجل القش ثانية، اكتشف العلماء أنواع عديدة مثل «الاركيوبتريكس-Archaeopteryx»، (أحد الكائنات الانتقالية بين الزواحف و الطيور) و غيرها الكثير من الحفريات الانتقالية.

5- يمنع القانون الثاني للديناميكا الحرارية التطور من الحدوث حيث ينص على أن «الانتروبي-Entropy» (الفوضى) تزيد في نظام مغلق وهذا يمنع الكائنات الحية من التطور إلى كائنات أكثر تعقيدًا.

النظام المغلق وفقًا للديناميكا الحرارية هو النظام الذي لا يسمح بتلقي الطاقة من الخارج المحيط به أو خروج الطاقة منه إلى المحيط، وكما أنكر معارضو التطور نظرية واضحة وضوح الشمس، فقد أنكروا وجود الشمس نفسها!

فالأرض ليست نظامًا مغلقًا حيث أنها تستقبل الطاقة الحرارية والضوئية من الشمس، ناهيك عن سقوط آلاف النيازك، في المرة القادمة التي يسألك أحدهم عن قانون الديناميكا الحرارية الثاني قم بسؤاله عن باقي قوانين الديناميكا الحرارية، حينها فقط ستعرف مدى معرفته بهذا الشأن.

الخلاصة

نظرية التطور هي أفضل ما نملك لتفسير التنوع الخلّاب للكائنات الحية ومع ذلك ينكرها الكثير من الناس لكن هذا لن يضر النظرية في شيء، فكما قال عالم الفيزياء الفلكية «نيل ديجراس تايسون-Neil Degrasse Teison»: “الجميل في العلم هو أنه صحيح سواء صدقت ذلك أو لم تصدق”.

المصادر:
livescience
الأرض ليست نظاما مغلقا
لماذا لم تتطور القرود إلى بشر ؟
حفريات المغرب
حفرية الاركيوبتريكس
بعض الحفريات الانتقالية التي وُجدت

اقرأ أيضًا حول: آخرون سبقوا دارون بالحديث عن التطور منهم عرب

كيف تم اكتشاف الأشعة السينية ؟

كيف اكتشفت الأشعة السينية ؟

قبل أكثر من خمسين عامًا فتحت الأشعة السينية (X-ray) الباب أمام عالم جديد تمامًا، كما نعلم يمر الضوء العادي من خلال الزجاج، ولكن عندما أعلن «فيلهلم كونراد رونتجن-Wilhelm Conrad Röntgen» اكتشاف طريقة لرؤية المواد المعتمة مثل الخشب والمعادن والجسد البشري أحدث ثورة في الطب التشخيصي وبشر بعصر الفيزياء الحديثة.

في نوفمبر عام 1895، أثناء تجربة تدفق التيار الكهربائي في أنبوب زجاجي مفرغ جزئيًا (أنبوب أشعة الكاثود)، وكان أنبوب الكاثود الخاص به مغطى بورق أسود كثيف. لاحظ رونتجن أن قطعة قريبة من البلاتينوسيانيد الباريوم أعطت الضوء عندما كان الأنبوب قيد التشغيل. افترض أنه عندما ضربت أشعة الكاثود (الإلكترونات) الجدار الزجاجي للأنبوب، تسببت في تشكيل أشعاعاً غير معروف ارتطم بالمادة الكيميائية وسبب التوهج. رغم عدم معرفته بصحة ملاحضاته إلا انه كان مقتنعًا بالفعل بأنه اكتشف شيئًا مذهلًا واستمر بإجراء بعض التجارب الأخرى.
حيث وضع كتابًا وألواحًا معدنية بين الأنبوب والشاشة، ومرت هذه الأشعة الجديدة بسهولة من خلالهم. المعادن الوحيدة التي أوقفت تلك الأشعة كانت البلاتين والرصاص، ولمعرفته البسيطة عن هذا الضوء الغامض، فقد أطلق عليه رونتجن اسم الأشعة السينية (أشعة اكس).

التطور الأكثر روعة حدث عندما وضع يده بين الأنبوب والشاشة، حيث استوعبت العظام كمية أكثر من هذه الأشعة مقارنة باللحم في يده، وعلى الشاشة الفلورسنت رأى مخططًا ليده بالعظام التي بداخلها بشكل واضح كظلٍ أكثر كثافة.
وفي 22 ديسمبر عام 1895، استبدل الشاشة بلوحة فوتوجرافية، وطلب من زوجته وضع يدها بين اللوحة والأنبوب، ثم شرع في تطوير هذه اللوحة ليخرج أول صورة شعاعية في العالم، صورة يد زوجته تظهر فيها بوضوح العظام والخاتم في إصبعها.

ترك اكتشاف رونتجن انطباعًا مذهلًا لدى عامة الناس وسرعان ما انتشرت قصة الأشعة التي كشفت العظام في جسم الإنسان في الصحف والمجلات.

وفي أمريكا، بنى «توماس إديسون-Thomas Edison» جهاز فلوروسكوب، وهو جهاز يشبه إلى حد ما جهاز المنظار المجسم، إلا أنه كان مزودًا بشاشة يمكن أن تتوهج في وجود الأشعة السينية. الآن أي شيء يوضع بين الفلوروسكوب والأنبوب سيظهر كظل للأشعة السينية على الشاشة.

في مايو 1896، ذهب إديسون مع «دالي-Dally» إلى معرض الرابطة الوطنية للضوء الكهربائي في مدينة نيويورك لإظهار منظار الفلوروسكوب. اصطفَ المئات للحصول على فرصة الوقوف أمام شاشة الفلورسنت لرؤية عظامهم، ووصفها البعض بصورة “الأشباح” وكانت الأكثر جاذبية في المعرض.
أدرك الأطباء أهمية هذه الصورة فلم يستغرقوا وقتًا طويلًا حتى وجدوا أنها يمكن أن تكون أحد أهم وسائل التشخيص التي تم ابتكارها على الإطلاق. أعطتهم صور اليد فكرة عبقرية تمكنهم من رؤية الأشياء التي كانوا يلجأوا إلى تخمينها سابقًا.

ومثل العديد من العلماء العظماء الآخرين، فتح رونتجن الباب أمام عالم النشاط الإشعاعي. فقد حفز هذا الاكتشاف الفرنسي «هنري بيكوريل-Henri Becquerel» للتحقيق في الخصائص الإشعاعية للمواد المختلفة، عندما بحث هنري بيكريل في الأشعة السينية المكتشفة حديثًا في عام 1896، أدى إلى دراسات حول كيفية تأثر أملاح اليورانيوم بالضوء. بالصدفة، اكتشف أن أملاح اليورانيوم تبعث تلقائيًا إشعاعًا يمكن تسجيله على لوحة فوتوغرافية. أوضحت دراسات أخرى أن هذا الإشعاع كان شيئًا جديدًا وليس إشعاعًا بالأشعة السينية لقد اكتشف ظاهرة جديدة، النشاط الإشعاعي.
ولا ننسى دور مدام ماري كوري، حيث نجحت ماري وبيير كوري في عزل أملاح الراديوم المشعة في مختبرهما في باريس. في عام 1898، اكتشفوا وجود عناصر الراديوم والبولونيوم، وبذلك تم منحهم جائزة نوبل مع العالم هنري لتحقيقاتهم الرائدة في النشاط الإشعاعي.

وقد قام الدكتور «ويليام كوليدج-William Coolidge» وغيره الكثير بتطوير أنابيب الأشعة السينية. في عام 1916، حصل كوليدج على براءة اختراع لأنبوب الأشعة السينية القادر على إنتاج كميات عالية من الإشعاع وأصبح أنبوب Coolidge النموذج الأولي لأنبوب الأشعة السينية الحديثة.

تعتبر الأشعة السينية جزء مهم من علم المعادن، كما تستخدم في المصانع لفحص المسبوكات، وكذلك في المستشفيات للمساعدة في إنقاذ الأرواح.

الآفاق العلمية الجديدة التي سببتها هذه الاكتشافات جعلت من المستحيل ممكناً وقادتنا إلى اختراعات عظيمة وعوالم علمية لم يتم اكتشافها بعد فالوقت وأبحاثنا المضنية فقط ما يمكّننا من الوصول إليها.

المصادر:

todayinsci

NASA

Nobel Prize 

Nobel Prize

اقرأ ايضاً: ما هي ظاهرة تعذيب الحيوانات وما أسبابها ؟

ما هو أصغر ديناصور مُكتَشَفٍ حتى الآن؟

قبل مئة مليون سنة، في منتصف «حقبة الحياة الوسطى-Mesozoic era»، كانت الأرض موطن ديناصور متباين الحجم، مثل الصَرَاعِيد طويلة العنق، وحتى الطائر الطنان.

وبالرغم من غرابة الأمر، فإن علماء الحفريات يعتقدون الآن أن أصغر ديناصور في تلك الحقبة كان أصغر بكثيرٍ من أصغر طائرٍ على قيد الحياة اليوم، طائر النحلة الطنان.

وجدت الحفريات داخل قطعة من الكهرمان البالغ من العمر 99 مليون سنة من شمال ميانمار، ويبلغ طول جمجمة الديناصور الذي تم تعريفه حديثًا 7.1 ملم فقط.

تحدثت جينغماي أوكونور عن البحث في مقطع فيديو على يوتيوب:

“عندما رأيت هذه العينة لأول مرة، أصابتني الدهشة كليًا. بالنسبة لعالم الحفريات، هذا أمرٌ غريب. إذ لم نشهد شيئًا مثل هذا من قبل.”

قام الفريق بتسمية اكتشافهم «Oculudentavis khaungraae»، والذي يعني “طائر أسنان العين”. مظهر هذا الطائر غريبٌ تمامًا مثل اسمه.

يصطف هذا الديناصور الصغير بأسنان مدببة صغيرة، والمُستدل عليها بالمحاجر الّتي تشبه الملعقة. لهذا الحيوان عينان كبيرتان مقارنةً بالرأس.

يبدو هذا الحيوان غريبًا- إذ أنه ليس تمامًا مثل الطيور، ولا يشبه تمامًا الديناصورات. ولكن هناك بعض الملاحظات الّتي يمكن أن تخبرنا قليلاً عن أسلوب حياته.

الأسنان، على سبيل المثال، هي دليلٌ لا شك فيه على أن الديناصور الصغير مفترس. والفتحات الموجودة في تجويف العين ضيقة للغاية، مما يعني أن الضوء ربما كان محدودًا، مما يعني أن الحيوان نشطٌ في النهار.

بالإضافة إلى ذلك، على الرغم من أن هذا الديناصور صغير جدًا، إلا أن عظامه قوية، بل وقوية بشكل مدهش!

يقول أوكونور:

“بالنسبة لنا، حقيقة أن أجزاء الجمجمة ملتحمة بقوة، وحقيقة أن لديها الكثير من الأسنان، وأنها تحتوي على محجري عينين كبيرين حقًا، كلها تشير إلى أنه على الرغم من حجمه الصغير للغاية، فقد كان مفترسًا وربما كان يتغذى على الحشرات الصغيرة.”

كل هذا يشير إلى انتماء هذا الحيوان إلى فئته الخاصة، بدلاً من كونه مرتبطًا بالطيور الطنانة الحديثة- لأن الطيور الطنانة الحالية تتغذى على الرحيق. وهكذا، يعتقد الباحثون أن مخلوقات مثل الطائر الطنان اتخذت مسارًا مختلفًا للتصغير.

يقدر الفريق وزن الطائر غرامين تقريبًا، ويلاحظ أن حجمه يبلغ سدس حجم أصغر الطيور الأحفورية القديمة المعروفة- كثيرٌ منها لديه أسنان، تمامًا مثل هذا الطائر الصغير.

يقول روجر بنسون، عالم الحفريات من جامعة أكسفورد:

“وهذا يشير إلى أنه بعد فترةٍ وجيزةٍ فقط من أصولها في العصر الجوراسي (والّذي استمر من حوالي 201 مليون إلى 145 مليون سنة مضت)، بلغت الطيور بالفعل الحد الأدنى من أحجام أجسامها. في حين أن أصغر الديناصورات وقتها كانت تزن مئات أضعاف هذا الوزن.”

يبدو أن هذا الطائر هو واحدًا من تلك الحيوانات الّتي تقف على النقطة الرابطة بين الديناصورات والطيور، ولكن المكان الذي يناسبها في الصورة الأكبر لا يزال غير واضح.

يمكن أن يك ن انتماء هذا المخلوق ذو الريش أقرؤ إلى سلالة الطيور أو، كما يوضح بنسون، يمكن أن ينتمي أكثر إلى الديناصورات:

“تقع في منتصف الطريق تقريبًا على الشجرة التطورية. بين الطيور الطباشيرية والأركيوبتركس (الديناصور المجنح الشهير من العصر الجوراسي).”

هناك أيضًا بعض الميزات الغريبة، مثل شكل وحجم الأسنان ومحجري العينين، الّتي لم نشهدها في أي من الديناصورات أو الطيور. في الواقع، هذه الصفة تميل إلى السحالي!

وكتب المؤلفون:

“يمكن تفسير كل هذه الأشكال غير العادية إذا صح التعبير على أنها آثار التصغير.”

خذ العينين المنتفختين على جانبي رأس على سبيل المثال. ربما يمثل موقعهما وحجمهما “استراتيجية بديلة لزيادة حجم العين دون زيادة حجم المحجر.”

لسوء الحظ، هذا يعني أن هذا الديناصور الصغير يفتقر إلى الرؤية الثنائية. وهي خاصية فريدة للمفترس. البوم والطيور الحية الأخرى الجارحة، على سبيل المثال، لديها عيون موجهة للأمام. ولكن ربما لا يوجد شيء مثل هذا الطائر اليوم

نُشرت الدراسة في مجلة Nature.

المصادر:

إقرأ أيضاً: الديناصورات كانت تصاب بسرطان العظام ايضا مثل البشر!

ما علاقة نظرية التطور بانتشار الأوبئة والتنبؤ بها؟

عندما يحاول العلماء التنبؤ بانتشار شيء ما بين البشر، مثل فيروس كورونا أو المعلومات المضللة، فإنهم يستخدمون النماذج الرياضية المعقدة. وعادة يدرسون الخطوات الأولى التي ينتشر بها الشيء، ويستخدمون هذا المعدل لتوضيح مدى سرعة الانتشار. لكن ماذا يحدث إذا تطور مسبب المرض أو عُدلت المعلومات بشكلٍ يغير من سرعة انتشارها؟

ما علاقة نظرية التطور بانتشار الأوبئة ؟

أظهرت دراسة جديدة نُشرت في مجلة الأكاديمية الوطنية للعلوم مدى أهمية هذه الاعتبارات، حيث يقول عضو هيئة التدريس عثمان ياغان، وهو أستاذ الهندسة الكهربائية والحاسوب، أنَّ هذه التغيرات التطورية لها تأثير كبير، فإذا لم يتم اعتبار التغيرات المحتملة عبر الزمن، فسيكون التنبؤ بعدد المرضى أو عدد الأشخاص الذين سيتعرضون لجزء من المعلومات خاطئاً؛ فالتنبؤ بإمكانية انتشار جزء من المعلومات يعتمد على كيفية تعديل الرسالة الأصلية.

يقول الأستاذ ياغان : إنَّ بعض المعلومات الخاطئة تكون متعمدة، لكن قد ينشأ بعضها بشكل عفوي عندما يقوم الناس بتغييرات صغيرة متسلسلة كما في لعبة الهاتف؛ حيث يمكن أن تتطور المعلومات المملة إلى تغريدة سامة، ولا بد أن نكون قادرين على التنبؤ بكيفية انتشارها.

نظرية رياضية جديدة

طور الباحثون في الدراسة الجديدة نظرية رياضية تأخذ بعين الاعتبار التغيرات التطورية، ثم قارنوا نظريتهم الجديدة مع نماذج محاكاة الأوبئة المحوسبة في الشبكات مثل تويتر في ما يتعلق بانتشار المعلومات والمستشفيات في انتشار المرض.

لدراسة انتشار الأمراض المعدية أجرى الفريق الآلاف من نماذج المحاكاة باستخدام بيانات من شبكتين في العالم الحقيقي: شبكة تواصل بين الطلاب والمعلمين والموظفين في مدرسة ثانوية في الولايات المتحدة، وشبكة تواصل بين الموظفين والمرضى في مستشفى بمدينة ليون الفرنسية.

تعمل نماذج المحاكاة كسرير اختبار النظرية التي تطابق الملاحظات من نماذج المحاكاة التي تُعتبر أكثر دقة. يقول الباحث رشاد إيتربي: “لقد أظهرنا أنَّ نظريتنا تعمل على شبكات العالم الحقيقي، فالنماذج التقليدية التي لا يتم اعتبارها في التكيف التطوري تفشل في التنبؤ باحتمالية نشوء الوباء”

لا يمكن اعتبار الدراسة قادرة على التنبؤ بانتشار فيروس كورونا اليوم أو انتشار المعلومات المزيفة في البيئة السياسية المضطربة بدقة تصل للمئة في المائة، حيث يحتاج الباحث إلى بيانات حقيقية تتبع تطور مسبب المرض، ورغم ذلك يعتبر الباحثون الدراسة خطوة كبيرة للاقتراب من الواقع في ما يتعلق بانتشار الأوبئة أو المعلومات الخاطئة على حد سواء.

المصادر:
Science Daily

Engineering, Carnegie Mellon University.

New Study

علميا، لماذا نحلم بالكوابيس؟!

علميا، لماذا نحلم بالكوابيس؟!

بالتأكيد تتذكر تلك اللحظة المرعبة التي فقدت فيها قدرتك على الجري بسرعة كافية للهروب من خطر أو سقوطك من ارتفاع كبير، وربما أيضا تتذكر فرحك عند ادراكك أنك كنت تحلم ليس الا! عندما تستيقظ مرعوبا من كابوس مزعج، قد تعتقد أنك الشخص الوحيد الذي جرب هذا وتبدأ في محاولة تفسير ما يحدث لك، لكن لا داعي للقلق فهي حادثة عفوية ولا أحد يقصد ايذائك!

تعتبر الأحلام جزء من الشبكة الافتراضية للمخ والتي تشمل نظام المناطق المترابطة، والذي يشمل بدوره ثلاث مناطق:

  • المهاد. “the thalamus”
  • قشرة الفص الجبهي الإنسي. “medial prefrontal cortex”
  • القشرة الحزامية الخلفية. “posterior cingulate cortex”

 والتي تكون نشطة خلال فترات هادئة نسبيا كالنوم. فالأحلام هي ذاكرة حديثة تتحول إلى ذاكرة قديمة يمكن الرجوع إليها لاحقًا، أما الكوابيس فهي ببساطة أحلام تتسبب في استجابة عاطفية قوية ولكنها غير سارة.

مرحلة “Rapid eye movement sleep – REM”

مرحلة من المراحل الأربعة للنوم، تتميز بعدم انتظام ضربات القلب، وزيادة معدلات التنفس، تقسم المرحلة إلى أربع أو خمس فترات تشكل معًا حوالي 20٪ من سباتنا. تميل الكوابيس إلى الحدوث أثناء فترة النوم تلك عندما تطول فواصل حركة العين السريعة. بينما نستعد للاستيقاظ، تبدأ الذكريات في الاندماج والتوحد، وينتج بعض الصور المتخيلة، بما في ذلك الصور الحية المرعبة التي نراها أثناء الكوابيس.

لماذا نحلم بالكوابيس؟!

في حين أن الكوابيس الحقيقية أكثر شيوعًا بين الأطفال، إلا أن واحدًا من بين كل شخصين بالغين لديه كوابيس. وبين 2 – 8 ٪ من البالغين يعانون من الكوابيس. فماذا يسبب الكوابيس عند البالغين؟

الكوابيس عند البالغين غالبًا ما تكون عفوية، ولكن يمكن أن يكون سببها أيضًا مجموعة متنوعة من العوامل والاضطرابات الكامنة.

بعض الناس لديهم كوابيس بعد تناول وجبة خفيفة في وقت متأخر من الليل، والتي يمكن أن تزيد من التمثيل الغذائي “الأيض” وبالتالي الطاقة مما يجعل الدماغ أكثر نشاطا. من المعروف أيضًا أن هناك عددًا من الأدوية تسهم في تكرار الكابوس، وغالبا ما ترتبط الأدوية التي تعمل على المواد الكيميائية في الدماغ، مثل مضادات الاكتئاب والمخدرات.

يمكن أن تسبب الأدوية غير النفسية بما في ذلك بعض أدوية ضغط الدم مثلا، كوابيس لدى البالغين. وقد يسهم الحرمان من النوم في كوابيس البالغين، على الرغم من إمكانية حدوث ذلك، لم يتم التأكد مما إذا كانت هذه الدورة قد تؤدي إلى كوابيس فعلا.

كما أن هناك عدد من الدوافع النفسية التي تسبب الكوابيس في البالغين. على سبيل المثال، يمكن أن يسبب القلق والاكتئاب وعادة اضطرابات ما بعد الصدمة (PTSD) في حدوث كوابيس للأشخاص البالغين. كما يحدث ذلك غالبا عند حدوث حوادث لأشخاص مقربين أو الشخص نفسه، فيتكرر حدوث كوابيس مختلفة أو متماثلة لدى الشخص.

الكابوس سلاح ذو حدين.

بين الأشخاص الذين يعانون من الكوابيس، فإن أولئك الذين يشعرون بالقلق أو الاكتئاب يعانون من المزيد من الآثار النفسية السيئة، كما ارتبطت الكوابيس بالانتحار في علاقة غير مفهومة. نظرًا لأن الكوابيس قد يكون لها تأثير كبير على نوعية حياتك ، فمن المهم استشارة طبيب مختص إذا كنت تواجهها بانتظام. أما عن الجانب الجيد فيعتبرها البعض تنبيها جيدا لشئ ما يجب عمله وبالتالي فانها تجعلك واعيا دائما لتنجز ما تأخر! والا ان كانت غير مفيدة اطلاقا، فلماذا لم تختفي بتطورنا بمرور الزمن؟!

علاج الكوابيس في البالغين!

لحسن الحظ هناك خطوات يمكنك اتباعها مع طبيبك لتقليل تكرار كوابيسك والتأثير الذي تحدثه على حياتك، فطرق العلاج تأتي من تفادي أسبابها:

  • مثلا إذا كانت كوابيسك ناتجة عن دواء معين، تحدث اللى طبيبك لتغيير الجرعة أو الوصفة الطبية للتخلص من هذا التأثير الجانبي غير المرغوب فيه.
  • أما عن الاضطرابات المرضية المسببة لها فإن علاج الاضطراب الأساسي قد يساعد في تخفيف الأعراض.
  • كما يمكنك ممارسة التمارين الرياضية بانتظام، مما سيساعد في تخفيف القلق والإجهاد الناجم عن الكابوس. قد تجد أن اليوغا والتأمل مفيدان أيضًا.

 

المصادر:

 

Exit mobile version