لقاح فيروس نقص المناعة البشري HIV المسبب للإيدز، عوائق وتحديات تطويره

على الرغم من توافر بعض الأدوية التي تقلل من مشاكله وتطيل عمر مرضاه، إلا أن مجرد ذكر اسمه يثير الذعر في قلب السامع لما يسببه من وفيات ولعدم وجود علاج ناجع ينهي وجوده في جسم المصاب به أو لقاح يقي من الإصابه به حتى الآن. ترى ما هي العوائق التي تحول دون تطوير لقاح ضد الإيدز AIDS ؟ هذا هو محور نقاش هذه المقالة.

مقدمة عن فيروس نقص المناعة البشري HIV المسبب للإيدز

تنتج متلازمة نقص المناعة المكتسب (الإيدز) Acquired Immune Defieciency Syndrome (AIDS) عن الإصابة بفيروس نقص المناعة البشري ( إتش آي في ) (HIV) Human Immunodeficiency Virus.
بشكل عام يتركب فيروس إتش آي في HIV من غلاف خارجي دهني به بروتينات سكرية ويحتوي بداخله قفص به المادة الوراثية للفيروس والتي هي عبارة عن جزيئين متماثلين من الحمض النووي الريبوزي (رنا RNA) والذي يتحول بفعل إنزيم النسخ العكسي Reverse transcriptase إلى جزيء حمض نووي ريبوزي منقوص الأكسجين (دنا DNA). ومن ثم يستخدم هذا الجزيء مكونات خلية العائل في إنتاج نسخ من الفيروس. [2]

رسم يوضح تركيب فيروس نقص المناعة المكتسب البشري [3]


هل توجد علاجات للإيدز؟

في وقتنا الراهن توجد علاجات تقلل من تكاثر الفيروس بالجسم جاعلةً من الإيدز مرضاً مزمناً يحتاج علاج يستمر لفترات طويلة دون أن يبرأ المرء منه. وهو بلا شك وضع أفضل بكثير من كونه مرض بلا علاج. فحالياً يستخدم المريض علاجات تعرف بمضادات الفيروسات الإرتجاعية Antiretroviral agents ويتم متابعة المريض بفحوصات ما بعد العلاج لمتابعة أعداد الفيروس ومن ثم معدلات تكاثره والتي تعبر عن فاعلية الدواء. كما تتوفر أيضاً علاجات تستخدم للوقاية من المرضى لحماية مقدمي الخدمة الطبية والمخالطين من انتقال المرض لهم. [4]

مشاكل علاجات الإيدز

يتميز فيروس إتش آي في HIV بقدرته الشديدة على التحور وإنتاج سلالات مقاومة للعلاج. لذلك غالباً ما يستخدم خليط من هذه المضادات الفيروسية لتجنب تولد مقاومة ضدها. كما أن علاجاته تتسبب في أعراض جانبية مثل: اضطرابات بالقلب والأوعية الدموية والكلى والكبد والعظام وحتى الجهاز العصبي. ومع كل هذا لا تتمكن تخليص الجسم من الفيروس بشكل كامل. بل إن إيقاف العلاج قد ينتج عنه عودة الفيروس بشكل شرس وربما يكون مقاوماً للعلاج؛ كل هذا وغيره يجعل تطوير لقاح للوقاية من الإيدز يبدو هو الحل الأكثر نجاحاً للقضاء على هذا المرض والحيلولة دون انتشاره.

لقاح الإيدز

على الرغم من توفر كل تلك الوسائل العلاجية والوقائية إلا أن ذلك لم يحل دون زيادة أعداد المصابين بالمرض. مما يوحي بأهمية اكتشاف لقاح للوقاية من فيروس نقص المناعة المكتسب.

تم اكتشاف فيروس إتش أي في HIV في الفترة 1983-1984. وكان يُعتقد أنه في خلال عامين فقط سيتم تطوير لقاح للوقاية منه. لكن بعد ما يقارب الأربعين عاماً بدون لقاح فعّال يتضح لنا صعوبة هذا التحدي. إن الهدف من تطوير لقاح ضد هذا الفيروس هو إما لعلاج الإيدز أو للوقاية منه. وفي الحقيقة هناك عدد هائل من اللقاحات التي تم إجراء بعض التجارب عليها وثبت أنها تحفز إنتاج أجسام مضادة ورد فعل مناعي من الخلايا التائية ضد الفيروس. لكن للأسف كل هذه اللقاحات فشلت في اجتياز اختبارات الكفاءة بشكل كلي. مما يعني أنها فشلت في تقليل الحمل الفيروسي (عدد الفيروسات) بالدم وفي منع الإصابة بشكل فعّال. [5، 6]

بشكل عام مرت أبحاث إبتكار لقاح للإيدز بثلاث مراحل:

المرحلة الأولى: مناعة الأجسام المضادة:

في هذه المرحلة وهي بداية من اكتشاف الفيروس وحتى حوالي عام 2000 ميلادي تركزت معظم الأبحاث حول تحفيز جهاز المناعة نحو إنتاج أجسام مضادة ضد الفيروس. حيث يتم تعريض الجهاز المناعي لقطعة من الفيروس أو الفيروس ميتاً. لكن هذه المحاولات باءت بالفشل بسبب قدرة الفيروس الفائقة على التحور والتغيير في الأهداف التي تستهدفها الأجسام المضادة بشكل يمنع جهاز المناعة من التنبه لها.

المرحلة الثانية: مناعة الخلايا التائية القاتلة:

تتميز المناعة التي تنتج عن الخلايا التائية القاتلة أنها لا تحيد فقط الفيروس وتحول دون انتشاره بإمساكه خارج الخلية؛ وإنما تقتل الخلايا المصابة بالفيروس. لكن هذا النوع من المناعة يحتاج وقت حتى يتكون وبالتالي يتمكن الفيروس من الانتشار. المشكلة ليست أن هذا اللقاح فشل في تكوين حماية فعالة فحسب، وإنما أنه زاد من احتمالية العدوى بالفيروس.

المرحلة الثالثة: مناعة الخلايا البائية غير البالغة Naive B cells :

منذ الألفينات وهذا هو التوجه السائد في تطوير لقاحات ضد فيروس إتش آي في HIV. حيث وجد العلماء أن عدد قليل من البشر قادر على انتاج أجسام مضادة تحمي من سلالات مختلفة من الفيروس. لكن هذه الأجسام المضادة لا يتم انتاجها إلا بعد العدوى بالفيروس. لذا فكر العلماء في اللجوء للخلايا البئية غير البالغة. الخلايا البائية غبر البالغة هي خلايا لم تتعرض لمستضدات. وبالتالي لم تكون اجسام مضادة من قبل. لذا فكر العلما في أن يقوموا بإحداث تحورات في هذه الخلايا تجعلها تنتج تلك الاجسام المضادة النادرة. ومن ثم يمكن استخدامها في تطوير مناعة تحمي من الفيروس وتمنع العدوى. ولا يزال هذا النوع من اللقاحات تحت الدراسة. [6]

تحديات تطوير لقاح الإيدز

يمكننا بالتالي تلخيص التحديات التي تواجه ابتكار لقاح للإيدز فيما يلي:

1-المعدلات المرتفعة في تكوين الطفرات

تحتوي الشفرة الوراثية لفيروس إتش آي في HIV على 9 جينات فقط ترمز ل16 بروتين ويشمل ذلك الجين المسئول عن البروتينات المكونة للغلاف الفيروسي. [4] يعتبر غلاف الفيروس هو الهدف الذي ترتبط به الأجسام المضادة التي ينتجها جهاز المناعة وتوقف تكاثر الفيروس. لذلك فإن أكبر عائق يواجه العلماء ويحول دون تطوير لقاح الإيدز هو أن الفيروس يتطور بمعدلات سريعة جداً تجعل الأجسام المضادة الناتجة عن اللقاح تفقد فاعليتها في الإرتباط بالبروتينات على سطحه، حيث تتسبب تلك الطفرات في تغييرات في تركيب الجليكوبروتين (البروتينات السكرية) المكون لغلاف الفيروس. [4، 5]

2-التنوع الجيني بين انواع وتحورات الفيروس

كذلك يضاف إلى تحديات ابتكار لقاح لفيروس إتش آي في HIV أن هناك تنوع جيني رهيب بين تحوراته وأنواعه حيث قد تصل نسب االاختلاف في التركيب االجيني بين الأنواع إلى 40%. وفي أفريقيا وحدها وٌجد أن 10 : 20 % من الإصابات تكون بتحورين أو أكثر من الفيروس. مما يُصعب من فكرة عمل لقاح يحمي من كل التحورات. [4، 5]

3-إعادة التركيب الجيني Genetic recombination:

يضاف إلى خواص فيروس إتش آي في HIV أنه يمكن لخليتين منه أن يتبادلا مواقع الجينات على شفرتيهما الوراثية. مما ينتج عنه تحورات جديدة مختلفة. وبالتالي قد تتمكن هذه المتحورات الجديدة من الهروب من جهاز المناعة وإحداث العدوى. [8]

4-عدوى إتش آي في HIV عدوى مزمنة والفيروس قادر على الاختباء:

بالإضافة إلى كون المرض مزمن مما يتيح فرصة أكبر للتحورات، فإن الفيروس يمتلك أيضاً قدرة على الإختباء داخل الجسم. حيث لدى الفيروس قدرة على دمج شفرته الوراثية بالشفرة الوراثي لخلايا المصاب وحينها لن يتمكن الجهاز المناعي من التعرف عليه ومن ثم قد يظل مختبئاً حتى تتاح له الفرصة للتكاثر. ومن ثم لابد من مناعة مبكرة جدا تتمكن من التعرف على الفيروس ومنعه من الانتشار.[7]

5-قلة النماذج الحيوانية:

ومن التحديات أيضاً قلة النماذج الحيوانية التي يمكن إكثار الفيروس بها ومن ثم تجربة اللقاح عليها. [4، 5] حيث أن الحيوان الوحيد من الرئيسيات الذي يمكن تنمية فيروس إتش آي في HIV فيه هو الشمبانزي وهو مهدد بالانقراض. وخطوة اختبار اللقاحات على الرئيسيات مهمة قبل اختبارها على البشر. لكن تم تطوير فيروس شبيه يصيب قرود المكاك بحيث يكون سطحه مغطى بغلاف فيروس إتش آي في HIV ويمكنه عدوى قرود المكاك كوسيلة للتغلب على هذا النقص في النماذج الحيوانية. من المهم أيضاَ اختبار اللقاحات على نماذج كالفئران و الأرانب او الخنازير ولكن معظم هذه النماذج ليست مناسبة لفيروس إتش آي في. لذا تم تطوير نموذج من الفئران يمكن اختبار هذه اللقاحات عليه إلى حد ما. ومن ثم يتضح أنه رغم وجود نماذج يمكن إجراء اختبارات عليها إلا أن خصائصها تجعلها مكلفة نسبياً ولا تجعلها متوفرة على نطاق واسع يسمح باختبارات أكثر وأوسع. [9]

صورة لشامبنزي.
صورة لقرد مكاك.

6-ضعف تمويل شركات الأدوية العملاقة للأبحاث:

كذلك فإن قليل من شركات الأدوية الكبرى تستثمر في أبحاث لقاحات تحمي من إتش آي في HIV.
[4، 5]

ملخص لعقبات تطوير لقاح الإيدز.

مع اكتشاف لقاحات كوفيد-19 بسرعة غير مسبوقة ونتيجة للتمويل الكثيف وتخفيف القيود والبيروقراطية على الأبحاث، انتشر تفاؤل بين العلماء حول إمكانية السير بشكل أسرع نحو تطوير لقاح الإيدز المنشود.

المصادر:

  1. الصورة البارزة: https://www.news24.com
    صورة الشمبانزي: Le chimpanzé souriant prend la pose (parismatch.com)
    مصدر صورة قرد المكاك: http://cdn.animalhi.com/
  2. 1. VIROLOGY OF HUMAN IMMUNODEFICIENCY VIRUS
  3. HIV 1: epidemiology, pathophysiology and transmission
  4. Major Scientific Hurdles in HIV Vaccine Development: Historical Perspective and Future Directions
  5. Challenges in the development of an HIV-1 vaccine 
  6. The four-decade quest for an HIV vaccine yields new hope 
  7. After 40 years of AIDS, here’s why we still don’t have an HIV vaccine
  8. 25 Years Later: The AIDS Vaccine Search Goes On
  9. Human immunodeficiency virus antibodies and the vaccine problem – Chiodi – 2014 – Journal of Internal Medicine – Wiley Online Library

سلسلة (التطور) – مقال (3): “هل يمكن للإنسان أن يتأثر بظاهرة الانتقاء الطبيعي ؟”

سلسلة (التطور) – مقال (3): “ههل يمكن للإنسان أن يتأثر بظاهرة الانتقاء الطبيعي ؟”

بعد حديثنا عن الانتقاء الطبيعي، ورأينا بأنفسنا الأدلة على وجوده، وكيف أنه يمكن أن تتطور رقاب الزرافات بواسطة الانتقاء الطبيعي.

ولكن ربما بدأت تتساءل عزيزي القارئ، هل يمكن للانتقاء الطبيعي أن يطور أعضاء وتراكيب معقدة، كالعين مثلًا، هل يمكن لأعيننا أن تكون قد تأثرت عن طريق الانتقاء الطبيعي ؟ أم أن الانتقاء الطبيعي لا يغير إلا تفاصيل بسيطة صغيرة ؟ وهل يمكن للإنسان أن يتأثر بظاهرة الانتقاء الطبيعي ؟

وفي الحقيقة، فإن الأجابة هي نعم !

يجب علينا إدراك أن الانتقاء الطبيعي يحدث دائمًا بخطوات صغيرة وبسيطة، وهذه الخطوات تكون دائمًا في مصلحة الكائن الحي.

كيف تطورت أعين الكائنات البدائية بمرور الزمن ؟

فيمكن مثلًا أن نتخيل نوعًا من الديدان البدائية، والتي لم تكن تتمتع بعيون معقدة ولكنها كانت تمتلك خلايا مسطحة تعمل «مستحثات ضوئية-photoreceptors». وتعرف مستحثات الضوء بأنها خلايا تستجيب لسقوط الضوء عليها، وبالتالي يمكنها التفريق بين الضوء والظلام فقط.

وبالتالي يمكن لهذه الدودة على الأقل أن تفرق بين الضوء والظلام، فيمكنها مثلًا أن تزحف حتى تشعر بالظلام، فمن المحتمل أن تكون الدودة قد زحفت حتى صارت تحت صخرة، وبالتالي فهي في أمان، وبالتالي يمكن لهذه المستحثات الضوئية أن تساعدها ولو بشكل بسيط على النجاة.

وبعد حدوث العديد من الخطوات بواسطة الانتقاء الطبيعي، يمكن لهذه المستحثات الضوئية المسطحة أن تتطور حتى تصبح مقعرة كالكوب الفارغ، وبالتالي عندما يسقط الضوء عليها من اتجاه معين، يمكن للدودة أن تحدد الاتجاه الذي سقط منه الضوء ويمكنها أن تحدد الاتجاه الذي ستزحف إليه. وهكذا تتطور الأمور أكثر وتتحسن لتساهم في نجاة الدودة.

وبالتالي فإنه مع الوقت، وحدوث التغيرات الطفيفة مع الوقت، يمكن أن يؤدي ذلك في النهاية إلى تطوير تراكيب معقدة.

هل تطورت عين الانسان بنفس الطريقة ؟

ولكن ماذا عنا ؟ هل نتطور ؟ هل يتعرض بنو الانسان إلى الانتقاء الطبيعي ؟ لأنه بمراقبة التقدم والرقي الذي وصل إليه الانسان، يصعب تصور أنه لا يزال هناك صراع على الحياة يمتد لأجيال ويمكن من خلاله حدوث الانتقاء الطبيعي.

حسنًا، لنتحاور معًا، هل يمكن لموضوع العين الذي تكلمنا عنه سابقًا أن تنطبق عليه كل شروط الانتقاء الطبيعي وبالتالي يمكننا إثبات أن الانسان لا زال يتعرض للانتقاء الطبيعي.

هل هناك تنوع ؟ نعم بالطبع. على سبيل المثال، إذا نظرت حولك، حتمًا ستجد أحدهم يضع نظارات. يمكن لهذا على الأقل أن يعد تنوعًا.

هل هناك توارث لتلك الصفة ؟ ضعف النظر الذي يستدعي بالضرورة ارتداء نظارة يكون متوارثًا، فتجد أشخاصًا يضعون النظارات وكان آباؤهم كذلك من واضعين النظارات.

ولكن هل هناك صفة الاختيار ؟ هل يعتبر ضعف النظر أو قوته بشكل ما ضروري أو مهم للنجاة في عصرنا الحالي ؟

ربما كانت صفة قوة النظر ضرورية ومهمة للبشر الذين عاشوا في مجتمعات تعتمد على الصيد بشكل أساسي في الحياة، فإن كنت تمتلك نظرًا أقوى زادت فرصتك في إتقان الصيد وبالتالي تزداد فرصتك في النجاة. ولكن في عصرنا الحالي، نحن لا نعتمد بشكل أساسي على الصيد في مجتمعاتنا هذه. وبالتالي لا يمكن أن تساهم صفة قوة النظر في النجاة في وقتنا هذا، ولكن في النهاية، “الانتقاء الطبيعي” هو قانون طبيعي، كالجاذبية الأرضية مثلًأ، يمكننا أن نتحايل عليه أو نمنعه في بعض الحالات، ولكن لا يمكننا أن نمنع حدوثه بشكل كامل، وفي الحقيقة فنحن لا زلنا في صراع على النجاة.

صراعنا الخاص على النجاة!

يمكننا أن نتحدث على سبيل المثال عن الأمراض، كالمالاريا مثلًا، فقد تسبب هذا المرض في حصد العديد من الأرواح في أفريقيا، وفي أوروبا والولايات المتحدة، تسبب بعض الأمراض في قتل الملايين من البشر، والإيدز مثلًا، يمكننا الحديث قليلًا عن الايدز.

يصاب الناس بالعديد من الفيروسات والبكتيريا، ولكن بعضهم يشتد عليه المرض أكثر من غيره، فهل تساهم جيناتنا في ذلك ؟ وهل للانتقاء الطبيعي دور في حدوث ذلك ؟

الإجابة هي نعم، يمكن لأنواع مختلفة من الجينات أن تغير قابلية تعرض الأفراد إلى الإصابة بالإيدز أكثر من غيرهم، ودراسة هذه الجينات يمكنها في المستقبل أن تمكننا من ابتكار أدوية لوقف أو الإبطاء من حدوث العدوى.

منذ الثمانينات، أصيب العديد من البشر بفيروس الايدز، ولكن لم يصب به كل من تعرض له، وقد حير ذلك الأمر العلماء لفترة من الزمن، وبدأوا يراقبون تلك الحالات، هل يمكن أن يمتلك البعض مناعة طبيعية تجاه الإيدز ؟

يمكننا فهم ذلك بسهولة إن فهمنا الطريقة التي يتعامل بها فيروس الإيدز مع خلايانا. وككل الفيروسات، لا يمكن لفيروس الإيدز أن يصنع نسخًا من نفسه بدون مساعدة من خلايا الإنسان، وبالتالي فهي تدخل إلى خلايا الإنسان وتستخدم الآلية الخاصة بها في الانقسام وتصنع نسخًا عديدة من نفسها وتنتشر في الجسم كله.

ولكن يمكن لفيروسات الإيدز أن تدخل إلى خلايا معينة فقط، فكيف يمكنها إذًا أن تجد الخلايا المناسبة ؟

يمكنها أن تفعل ذلك عن طريق بروتينات مخصصة لذلك تدعى المستقبلات، وهذه المستقبلات تكون موجودة على سطح الخلية لتتلقى المعلومات وتقوم بنقلها إلى داخل الخلية. ويقوم فيروس الإيدز بالإمساك بسطح الخلايا التي تحتوي على مستقبل يدعى CD4.

تعد الخلايا التي تحتوي على مستقبل CD4 جزءًا مهمًا من مناعة الجسم ضد كل الأمراض، وعندما يمسك فيروس الإيدز بها فإنه يدمرها تدريجيًا ويعيق الجهاز المناعي، ولذا سمي بمرض نقص المناعة.

ويتضح أيضًا أن مستقبلات CD4 ليست كافية، فهناك بروتين آخر يدعى CCR5 يعتبر مساعدًا للمستقبل CD 4 لأنه يعمل معه، ويعد هو الباب الذي يتيح دخول فيروس الإيدز لداخل الخلية.

اتضح أن الكثير ممن يمتلكون مناعة طبيعية ضد فيروس الإيدز توجد بداخلهم طفرة في بروتين CCR5 تدعى هذه الطفرة CCR5-delta32 ، وتؤدي هذه الطفرة إلى تكوين بروتين أصغر لا يصمد فوق سطح الخلية، وبالتالي لا تستطيع معظم أشكال فيروس الإيدز أن تصيب الخلايا بالعدوى إن لم يكن هناك بروتين CCR5 على سطح الخلية.

يمتلك الأفراد الذين عندهم نسختان من هذه الطفرة (حيث قاموا بتوارثها من الوالدين) مناعة كبيرة تجاه الإصابة بالإيدز. ويحدث ذلك الأمر لحوالي 1 بالمئة من القوقازيين( السلالة القوقازية من البشر).

بينما إذا امتلك الفرد نسخة واحدة من هذه الطفرة فإنها تعطيه بعض المناعة تجاه المرض، وتقوم بتخفيف آثار المرض إذا ما أصيب الفرد بالإيدز بالفعل. وهذا الأمر منتشر بنسبة أكبر عن سابقه حيث يمكن ملاحظته في عشرين بالمئة من السلالة القوقازية من البشر.

حسنًا، هناك أناس إذًا يتمتعون عن غيرهم بمقاومة ومناعة طبيعية ضد هذا المرض، ولكن هذه الطفرة توجد بنسبة كبيرة في شمالي أوروبا. على الرغم من انتشار الإيدز بشكل أكبر في أفريقيا، فإنه لا تزال الطفرة المسئولة عن المناعة ضد هذا الفيروس قليلة جدًا في أفريقيا، ويعتبر ذلك بسبب حداثة فيروس الإيدز نسبيًا بالنسبة للبشر، فالفيروس لم ينتقل للإنسان من القرود إلا قبل ثمانين عامًا فقط.

لماذا زاد متوسط طول قامة الانسان مؤخرًا ؟

ولكن ماذا عن صفاتنا الطبيعية الفسيولوجية بعيدًا عن الأمراض وغيره ؟ هل تأثرت هي الأخرى بالانتقاء الطبيعي ؟هل يمكن للإنسان أن يتأثر بظاهرة الانتقاء الطبيعي ؟ في صفاته الطبيعية؟ كطول قامة الإنسان مثلًا ؟ فما نعلمه أن الإنسان كان أقصر قامة قبل ألف عام، كيف يمكن لطول الإنسان أن يزداد في تلك الفترة ؟

حسنًا، لنراجع شروط الانتقاء الطبيعي مرة أخرى، هل هناك تنوع ؟ نعم بالطبع، هل هناك توارث لتلك الصفة ؟ نعم هناك توارث، ولكن هل يفيد ذلك نوعًا ما في بقاء الأفراد الأطول قامة؟

أذهل العلماء السرعة التي ازدادت بها أطوال قامات الهولنديين، فكان الهولنديون يتمتعون بقامة قصيرة نسبيًا قبل قرن من الزمان، ولكن ما لبثوا أن ازدادت أطوال قامتهم بشكل كبير.

افترض الباحثون في البداية أن السبب قد يرجع ربما إلى تحسن ظروف المعيشة، فالطعام الغني بالبروتينات والكربوهيدرات من الممكن أن يساهم في بنية أقوى وقامة أطول، ولكن من المستحيل أن يكون ذلك هو السبب الوحيد، فقد ارتفع مستوى المعيشة نسبيًا بالنسبة لأغلب سكان قارة أوروبا، فلما يزداد متوسط أطوال الهولنديين وحدهم ؟

بالإضافة إلى ذلك، فقد أثبتت دراسة أجريت عام 2000 ونشرت في مجلة Nature أن أصحاب القامة الأطول يميلون إلى إنجاب أبناء أكثر من ذوي القامات الأقصر، ما السر إذًا ؟

حسنًا، ربما يعود السبب إلى النساء، فربما تفضل النساء الرجل الأطول. لأنهن يعتقدن أنه أكثر صحة وقوة، وبالتالي يملك الرجال الأطول فرصة أكبر في الزواج والإنجاب أكثر من ذوي القامات القصيرة. ألا يمكن لهذا أن يكون السبب الحقيقي ؟ لو كان ذلك السبب حقًا، فإن هذا النوع من الانتقاء يطلق عليه الانتقاء الجنسي، وهو نوع خاص جدًا من الانتقاء الطبيعي، وسنتحدث عنه لاحقًا في المقال التالي.

المصدر

Coursera
genetics.thetech
Theguardian
انظر أيضًا الأدلة العملية على التطور

قم بتشخيص الإصابة بفيروس الكورونا بنفسك الأن : مختبر محمول يمكنه تشخيص الأمراض مثل فيروس الكورونا و الإيدز بإستخدام الهاتف الذكي !

ما هو هذا المختبر؟

 

شخص الإصابة بفيروس الكورونا بنفسك الأن !

قام مهندسون في جامعة سينسيناتي بإنشاء مختبر محمول صغير يربط بهاتفك، وربطه تلقائيًا بمكتب الطبيب من خلال تطبيق مخصص تم تطويره في جامعة كاليفورنيا.

يمكن للمختبر، وهو في حجم بطاقة الائتمان، تشخيص الأمراض المعدية مثل فيروس الكورونا أو الملاريا أو فيروس نقص المناعة البشرية أو مرض لايم أو عدد لا يحصى من الحالات الصحية مثل الاكتئاب والقلق.

أنشأ أستاذ الهندسة الحيوية بجامعة سينسيناتي، تشونغ آن، طالب الدراسات العليا في اليسار واليمين ستثودي غوش، مختبرًا متنقلًا يتصل بهاتفك الذكي لتوفير اختبار الرعاية. يتم نقل النتائج إلى طبيبك عبر تطبيق مخصص

 

طريقة إستخدامه :

يقوم المريض ببساطة بوضع رقاقة مختبر بلاستيكي للاستخدام مرة واحدة في فمه أو فمها ثم يقوم بتوصيلها في فتحة في المربع لاختبار اللعاب،يقوم الجهاز تلقائيًا بنقل النتائج إلى طبيب المريض من خلال تطبيق مخصص تم إنشاؤه للحصول على نتائج فورية تقريبًا.

 

أنشأ أستاذ الهندسة بجامعة سينسيناتي ، تشونغ آن ، طالب الدراسات العليا في اليسار واليمين ستثودي غوش ، مختبرًا متنقلًا يتصل بهاتفك الذكي لتوفير اختبار الرعاية. يتم نقل النتائج إلى طبيبك عبر تطبيق مخصص.

مختبر الهاتف الذكي :

استخدم أستاذ جامعة كاليفورنيا تشونغ آن وفريقه البحثي جهاز الهاتف الذكي لاختبار الملاريا. ولكن يمكن استخدام الجهاز لاختبار نقاط الرعاية الذكية لعدد لا يحصى من الأمراض المزمنة أو المعدية أو لقياس الهرمونات المرتبطة بالإجهاد.

الآن ، يستغرق الأمر عدة ساعات أو حتى أيام للتشخيص في المختبر ، حتى عند ظهور الأعراض لدى الأشخاص. يمكن أن ينتشر المرض “.

تم نشر الدراسة في مجلة Nature Microsystems & Nanoengineering.

ابتكر فريق البحث التابع له رقاقة مختبر جديدة تستخدم الحركة الشعرية الطبيعية ، وهي ميل السائل إلى الالتصاق بالسطح ، لرسم عينة أسفل قناتين تدعى “فحص تدفق الشعيرات الدقيقة”.

تمزج إحدى القنوات العينة مع التجميد المجفف كاشف الأجسام المضادة. يحتوي الآخر على مادة إنارة مجففة بالتجميد لقراءة النتائج عندما تجتمع عينات الانقسام مرة أخرى على ثلاثة أجهزة استشعار.

يناقش أستاذ الهندسة بجامعة سينسيناتي ، تشونغ آهن ، اليمين ، وطالب الدراسات العليا في جامعة كاليفورنيا ، سيتودودي غوش ، المختبر المحمول الذي قاموا بإنشائه ويتصل بهاتف ذكي لاختبار الأمراض المعدية أو لتتبع الهرمونات المرتبطة بالقلق أو الاكتئاب. يرسل الجهاز نتائج الاختبار إلى طبيبك عبر تطبيق مخصص تم تطويره في جامعة كاليفورنيا

سبب اختراعه و فوائده؟

  • شخص الإصابة بفيروس الكورونا بنفسك الأن !

قال آهن إن الجهاز دقيق وسهل الاستخدام وغير مكلف.يناقش أستاذ الهندسة بجامعة سينسيناتي، تشونغ آهن ، اليمين، وطالب الدراسات العليا في جامعة كاليفورنيا ، سيتودودي غوش ، المختبر المحمول الذي قاموا بإنشائه ويتصل بهاتف ذكي لاختبار الأمراض المعدية أو لتتبع الهرمونات المرتبطة بالقلق أو الاكتئاب. يرسل الجهاز نتائج الاختبار إلى طبيبك عبر تطبيق مخصص تم تطويره في جامعة كاليفورنيا. الائتمان: جوزيف فوكوا الثاني / UC الخدمات الإبداعية

وقال طالب الدكتوراه في جامعة كاليفورنيا، سيتودودي غوش، المؤلف الرئيسي للدراسة، إن التقدم الأكبر في الجهاز هو في التصميم الجديد لقنواته الصغيرة التي تجذب العينة بشكل طبيعي من خلال صفيفات الاستشعار باستخدام التدفق الشعري. آن هو دكتوراه غوش مستشار.”يتم إجراء الاختبار بالكامل على الشريحة تلقائيًا. ليس عليك أن تفعل أي شيء، الأداء مشابه للاختبارات المعملية. التكلفة أرخص. وقال انه سهل الاستخدام، أردنا أن نجعل الأمر بسيطًا حتى يتمكن أي شخص من استخدامه دون تدريب أو دعم”.

في حين أن الجهاز يحتوي على تطبيقات لتشخيص أو رصد الفيروسات أو غيرها من الأمراض، قال إنه يرى إمكانات في مجال الصحة العقلية، حيث يستخدم الأطباء بالفعل الهواتف الذكية للمساعدة في تتبع صحة المرضى.

 

المصدر : Nature Microsystems & Nanoengineering.

41378-019-0108-8\DOI: 10.1038

Exit mobile version