التاريخ الكبير: لماذا يهتم العلماء بدراسة النجوم؟

لم تتوقف السماء عن سحرنا يومًا، حتى أننا نجد القمر، والنجوم مذكورين في كثير من أغانينا، فالسماء بنجومها كانت وما زالت مصدر إلهام لنا نحن البشر، لكن ما هي النجوم وكيف تتكون؟ ولماذا يهتم العلماء بدراسة النجوم؟

أكثر النجوم في كوننا هي نجوم صغيرة ذات كتلة قليلة، بحجم شمسنا أو أصغر، وهي أبرد بكثير من يا النجوم، لذا فلونها أحمر وتُدعى بال «أقزام حمراء-Red dwarfs»، ولكنها ليست مشوقة للحد الكافي، فنحن نتحدث هنا عن النجوم العملاقة، التي هي أكبر من شمسنا على الأقل ب 8 مرات، وقد تسطع أكثر بمليون مرة من سطوع الشمس!

تعيش هذه النجوم حياة مغايرة تمامًا لحياة شمسنا، ففي نهاية حياتها تنفجر في إنفجار خلاب مهيب يدعى بال«سوبرنوفا-Supernova»، تاركة خلفها لوحة جميلة من أجمل وأبهى الألوان، مثل التي نراها في السدم التي يعج كوننا بها، كما لعبت هذه النجوم دورًا حيويًا في تشكيل كوننا بشكله الحالي، فبعد الانفجار العظيم بفترة وجيزة، لم يكن هناك أي مصدر للضوء، كان الظلام والصمت يخيمان على كوننا بأسره، فيما يعرف باسم «العصور الكونية المظلمة-Cosmic dark ages»، ولكن بعد حوالي 100 مليون سنة، تكونت هذه النجوم العملاقة، التي عاشت حياة قصيرة، ثم انفجرت في حدث السوبرنوفا العظيم، وتوالت الأجيال النجمية، جيلًا بعد جيل بمرور الزمن، وأثناء فترة حياة تلك النجوم كان إشعاعها ورياحها النجمي يزيدان من حرارة الغازات من حولهم، مؤديين إلى حدوث عملية «التأين-Ionization»، محدثة ثقوبًا وفقاعات في تلك الغازات من حولها، وعلى مدار الوقت، تقوم تلك النجوم بتغيير شكل المجرات التي تحتويهم، مؤدية إلى شكل كوننا الحالي الذي نعيش فيه.

لماذا يهتم العلماء بدراسة النجوم من الأساس؟

أحد أكثر الأشياء إثارة للدهشة في كوننا هو التنوع الكبير للعناصر، تلك العناصر التي نحن وكل ما حولنا مصنوعون منها، ومن أمثلة هذه العناصر هو عنصر الأوكسجين الذي نتنفسه، وأيضًا عنصر الكربون، الذي هو حجر الأساس لجميع المركبات العضوية، ويلعب دورًا محوريًا في تكوين أنسجتنا وعضلاتنا، كذلك عنصر الكالسيوم، الموجود في أسناننا وعظامنا، وكذلك عنصر الحديد الذي يجري في دمنا.

على الرغم من ذلك التنوع، فالعناصر التي كانت موجودة بعد الانفجار العظيم هي الهيدروجين، والهيليوم، وقليل من الليثيوم، إذا من أين أتت كل تلك العناصر؟

يعتقد المجتمع العلمي أن الفضل في ذلك يرجع إلى النجوم، ولكن كيف ذلك؟

كيف تُشكّل النجوم العناصر؟

يبدأ الأمر بقوة الجاذبية، حيث تضغط الجاذبية الغازات سويًا، مؤدية إلى زيادة حرارتها، حتى تصل درجة الحرارة في المركز إلى ما يزيد عن المليون درجة، هذه الدرجة عالية بما يكفي للسماح بعملية الاندماج النووي، حيث تندمج ذرتان من ذرات الهيدروجين لتكوين ذرة من الهيليوم، ولكن هذا في النجوم التي هي بحجم شمسنا أو أكبر قليلًا، حيث أن النجوم العملاقة لا تتوقف عند هذا الحد، وإنما تستمر بدمج ذرات الهيليوم لتكوين الكربون والأوكسجين.

إذا كان النجم كبيرًا كفاية، فإنه سيستمر في دمج العناصر وصولًا إلى عنصر الحديد، ومن ثم تنفجر تلك النجوم العملاقة، في مشهد مهيب، مطلقة ما بجعبتها من مادة إلى الفضاء الشاسع، مضيفة عناصر جديدة إلى جدولنا الدوري.

يبدو غريبًا أليس كذلك؟ فالأوكسجين الذي تتنفسه بينما تقرأ هذا المقال الآن مصنوع في نواة أحد النجوم كتلك التي تراها في سماء الليل، أضف إلى ذلك أنك أنت نفسك تتكون من ذرات صنعت في نواة أحد النجوم أيضًا!

إنه لشيء مبهر بحق، ولا يسعنا إلا أن نقول أكثر من قول عالم الفيزياء الفلكية الشهير «كارل ساجان-Carl Sagan»: “أنت مصنوع من غبار النجوم”.

من كورس ل Coursera مقدم من «جامعة أمستردام-Amsterdam university».

التاريخ الكبير: الانفجار العظيم

التاريخ الكبير: الانفجار العظيم

بعد أن أعددت مشروبك المفضل في سلام، وجلست في شرفة بيتك الهادئة بعد منتصف الليل، تنظر إلى السماء بعجب، فإذا القمر يتوسط المشهد بنوره الفضي الساحر، محاطًا بمجموعة بالكثير والكثير من النجوم، ووسط هذا الجو الشاعري الجميل تتساءل: “كيف بدأ كل هذا؟”.

الحقيقة أننا نعرف كيف بدأ كوننا الجميل، لقد بدأ بداية عنيفة، بدأ ب «انفجار عظيم-Big bang»، ولكن كيف نعرف هذا؟ وما هي الأدلة على هذا الادعاء؟ تابع معنا سلسلة التاريخ الكبير ج١: الانفجار العظيم

1- توسع الكون

بدأ الأمر في بدايات القرن العشرين حينما وجه العلماء تليسكوباتهم نحو السماء، كان الاعتقاد السائد آنذاك أن الكون هو عبارة عن تجمع نجمي يحوي جوالي 400 بليون نجم، له أربعة أذرع، ويدعى ب«مجرة درب التبانة-Milky way galaxy»، لكن هؤلاء العلماء اكتشفوا اكتشافًا قد مثل ثورة علمية في ذلك الوقت، اكتشفوا أن مجرتنا ليست وحيدة!

بل أن هناك العديد من المجرات الأخرى، لم تكن تلك المجرات موجودة فقط، بل أنها كانت تبتعد عنّا، وأنه كلما كانت المجرة أبعد، كلما تحركت أسرع، فيما يعرف باسم «قانون هابل-Hubble’s law» نسبةً إلى العالم «إدوين هابل-Edwin Hubble».

لذا فإن كانت المجرات تبتعد عنا، فهي غدًا ستكون أبعد، كما أنها كانت أقرب إلينا في البارحة، فلنرجع الشريط إذًا للخلف، وسنرى أن المجرات تصبح أقرب مع التراجع في الزمن أكثر وأكثر، حتى يصبح الكون كله كتلة غازية ساخنة.

ومع بعض الحسابات يمكننا حساب عُمر كوننا، وبالفعل أطلق العلماء لأياديهم العنان لصياغة حسابات رياضية لحساب عمر الكون، ألا وهو 13.8 بليون سنة.

2- «الخلفية الكونية الميكرووية-Cosmic microwave background»

في بدايات الكون، كانت درجة الحرارة عالية جدا، عالية بشكل لا يسمح للنجوم أو المجرات أو الكواكب بالتكون، بل حتى أنها لا تسمح بوجود الذرات نفسها!

كانت الغازات ساخنة للغاية حتى بدأت في عملية «التأين-Ionizing»، كانت كل المادة في الكون منصهرة في حساء كوني من البلازما، حيث تندمج نوى الذرات، وتخرج الالكترونات عن مساراتها، والبلازما تنتج الكثير من الضوء والاشعاع لكنها تحتبسهم بداخلها، ولكن بعد أن أتم الكون 300 ألف سنة من عمره، هبطت درجة حرارته إلى 3000 درجة نتيجة للتوسع، رغم أنها درجة عالية نسبيًا، إلا أنها تسمح بتكون الذرات، لذا أصبح هناك مجال للإشعاع بأن يتحرك بحُرية أكثر، وكلما زاد عمر الكون كلما زاد الطول الموجي لهذا الإشعاع، فأصبحت هذه الموجات كانت موجات ميكروويف.

ثم رصدها العلماء وكونوا صورة لخلفية كوننا الميكرووية، فقد رصدوا إشعاعًا قادمًا من أولى سنوات الكون، فهذا أيضًا دليل على أن لكوننا بداية.

3- نسبة الهيليوم:

في نواة شمسنا الدافئة، تؤدي قوى الجاذبية الشمسية إلى التحام نوى ذرات الهيدروجين، حيث تتحد ذرتا هيدروجين لتكوين ذرة هيليوم واحدة، وهذا ما يحدث في النجوم فيما يعرف بعملية «الاندماج النووي-Nuclear fusion»، فإذا قمنا ببعض الحسابات استنادًا إلى عمر الكون، وإلى قوانيننا الفيزيائية المعروفة، فنستطيع التنبؤ بأن في ظروف كهذه، ستكون نسبة الهيليوم في يومنا هذا هي 1:10 من المادة الموجودة في الكون، ثم نأتي على أرض الواقع لنقيس نسبة الهيليوم وتكون المفاجأة، نسبة الهيليوم مطابقة لحساباتنا في ظروف كون بانفجار عظيم!

وهذا أيضًا يعتبر دليلًا قويًا على صحة نظرية الانفجار العظيم. لكن قد يسأل سائل: “هل نعلم كل شيء عن الكون الآن؟”

و الإجابة هي: “لا وبكل تأكيد”

إذ أن كل ما نعلمه عن كوننا كميًا هو 5% فقط من الكون. كل المادة التي نحن مصنوعون منها نحن والنجوم، لا تحظى إلا بنصيب 5% فقط من الكون.

فنحن لا نعلم ما يجعل المجرات متماسكة بهذا الشكل، فأطلقنا عليها اسم «المادة المظلمة-Dark matter»، كما أننا لا نعرف طبيعة القوة التي تتسبب في توسع الكون من الأساس، ونسميها «الطاقة المظلمة-Dark energy»، كما أننا أيضًا لا نعرف ما تسبب ببداية الكون، لا نعلم ما هو سبب الانفجار العظيم، إذ أن الكون كان كثيفًا وساخنًا للغاية بدرجة لا تسمح لقوانيننا الفيزيائية المعهودة بالعمل.

فهناك الكثير والكثير الذي لا نعلمه عن الكون وعنّا، في الواقع نحن نجهل عن الكون أكثر مما نعلم، وكما ترى عزيزي القارئ، هناك الكثير من جوائز نوبل في انتظار من يجيب عن هذه الأسئلة، ومن يدري؟ أليس من الممكن أن يكون أنت من يفعل؟

من كورس تابع لCoursera، مقدم من «جامعة أمستردام-Amsterdam university».

اقرأ المزيد حول: داروين لم يكن أول من وضع نظرية التطور

Exit mobile version