طريقك إلى فهم الأبحاث الطبية: أقسام الورقة البحثية

تحدثنا في مقالٍ سابقٍ (هنا) عن الأبجدية المتعلقة بالبحث العلمي، كيف ينطلق الباحث في المجال الطبي من الفكرة مرورًا بإجراء التجارب ووصولًا إلى كتابة الورقة البحثية ونشرها. في هذا المقال سوف نتحدث عن أقسام الورقة البحثية ومكوناتها. فالورقة البحثية وثيقة شديدة التنظيم، هنالك قواعد معينة لكتابتها، مما يعني وجود قواعد لقراءتها أيضًا، وليس الأمر بالصعوبة التي تتخيلها. وهو أمر بالغ الأهمية، فلا يستقيم للمرء قراءة أي ورقةٍ بحثيةٍ دون معرفة الأساسيات والأقسام التي تتألف منها.

العنوان Title

هو أول ما تقع عليه العين في الورقة البحثية، فعدد من يقرأ العنوان فقط أكبر بكثير ممن يقرأ الورقة كلها. لذا يجب انتقاء مفرداته بعناية، وصياغته بشكل جيد ومعبرٍ وواضح، بحيث يصف موضوع الورقة بدقةٍ وإيجاز. إذًا يمكننا تعريف العنوان الجيد بأنه “العنوان الذي يصف محتوى الورقة في أقل عدد ممكن من المفردات في غير إسهاب أو اقتضاب”.

عند قراءة عنوان ورقة ما، على القارئ أن يسأل نفسه، هل ذُكر في العنوان إجراءٌ أو تشخيصٌ ما، أو تعَرّض لمادة أو لممارسة معينة؟ وما هي النتيجة أو المخرجات؟ لا تقلق، أعلم تمامًا أن الكلام هنا غير مفهوم تمامًا وهذا أمر عادي، سنأخذ مثالًا صغيرًا للتوضيح.

لنأخذ العنوان الآتي:

“Gingko Biloba extract improved cognitive and neurological functions of acute ischemic stroke, a randomized controlled trial.”

الإجابة عن السؤال الأول المطروح أعلاه تكمن في الكلمات الثلاث الأولى، Gingko Biloba extract، وتعني خلاصة نبتة الجينكو بيلوبا، وهي ما سيتعرض له المشاركون في التجربة. أما المُخرج أو النتيجة هو تحسن الوظيفة الإدراكية والعصبية cognitive and neurologic function. أما كيف قيست النتائج وقُيمت فغير مهم وجودها في العنوان، لكن المهم هو القدرة على معرفة ماهية الإجراء المتبع (أو ما يسمى التَعرض Exposure) والنتيجة (Outcome) من خلال العنوان.

الملخص Abstract

هو النسخة المصغرة عن الورقة البحثية، يحتوي على الأفكار الأساسية الموجودة في الورقة، مختصرةً وبعيدةً عن التفصيل. الجميل في الأمر أنه يوفر عليكم عناء قراءة الورقة كلها، فكل ما عليكم هو قراءة الملخص، لتقرروا فيما بعد إن كانت هذه الورقة هي ما تبحثون عنه أم لا، بالإضافة إلى كونه مجانيًا ومتوفرًا دون عوائق الدفع أو الاشتراك في المجلات.

يختلف الملخص في شكله ومحتواه باختلاف المجلة، لكنه عمومًا يعطيكم فكرة عن أهمية الموضوع الذي تتطرق له الورقة، بالإضافة إلى المنهجية وتصميم التجارب، والنتائج والاستنتاج الأخير.

المقدمة أو الخلفية Background or Introduction

هذا الجزء فيه إجابةٌ عن أسئلةٍ مهمة، لماذا نجري هذه الدراسة في المقام الأول؟ ما أهمية هذه الورقة وما الذي تضيفه؟ ما هي الفرضية التي تقوم عليها؟ فالمقدمة إذًا تعرض طبيعة المشكلة وأبعادها، توضح أهمية الدراسة وهدفها والغرض منها، تقدم تعريفًا عامًا عن الموضوع المدروس ولمحة عن المحتوى العلمي الحالي، بشكل يدعم الأسئلة التي تطرحها الدراسة.

المنهجيات والمواد Methods & Materials

لأكون صريحًا معكم، هذا هو الجزء الذي اعتدت تجاوزه عند قراءة أي ورقة! ولن أبالغ إن قلت لكم أن معظم الناس تقوم بذلك أيضًا! لكن قسم المنهجيات من أهم أقسام الورقة البحثية ، فهو يوضح لكم طبيعة الأشخاص المشاركين في التجربة وفئاتهم العمرية وحالتهم الصحية، ولماذا ضممناهم إلى التجربة (معايير الاختيار)، ما الأدوات والأجهزة التي استخدمت في القياسات والتحاليل المختلفة، كيف أُخذت العينات (طريقة الاعتيان)، وما الطريقة الإحصائية المتبعة، والاعتبارات الأخلاقية والتصاريح أو الموافقات الرسمية في حال تطبيق التجارب على البشر.

هذا القسم إذًا يتضمن تفصيلًا للإجراءات المتبعة والمنهجية المستخدمة خلال مراحل التجربة. فهو يهدف إلى إعطاء تفاصيل نظرية دقيقة بحيث يتمكن أي شخصٍ مدربٍ بشكل صحيح من إعادة التجارب بنفسه للوصول إلى نفس النتائج. فلا يجب أن يَترك هذا القسم مجالًا للتساؤل عن أي خطوة من الخطوات المجراة.

النتائج Results

تبدو الأمور هنا مثيرة بعض الشيء.. يتضمن هذا القسم عرضًا للأرقام والمشاهدات التي توصلنا إليها من خلال القياسات والإحصائيات المجراة. يجب أن تُعرض النتائج والمخرجات كما هي، بحيادية تامة، بلا تعديل أو تحوير، وبدون تقديم افتراضات حولها أو مناقشتها، فهذا القسم للبيانات الخام فقط. يحتوي هذا القسم أيضًا على المخططات والرسوم البيانية التي تساعد على عرض النتائج.

المناقشة Discussion

وهو القسم الذي يعرض فيه الباحثون تفسيراتهم المحتملة حول النتائج التي وصلوا إليها وتكهناتهم حول ماهيتها ومعناها. لذا يجب الإشارة إلى أكثر النتائج أهمية دون المبالغة في تقدير أهميتها! وعلى الباحث أن يكون حذرًا في انتقاء عباراته واستخدام عبارات متواضعة مثل: “توحي/تدعم نتائج الدراسة إلى…” بدلًا من استخدام “تثبت/تؤكد نتائج الدراسة..” أو استخدام عبارات من قبيل: “من المحتمل” أو “من المرجح” عند الحديث عن نتائج دراسته أو إبداء رأيه فيها.

تعتبر الأقسام الأربعة السابقة مكونات نموذج IMRAD (وهو اختصار لـ Introduction, Methods, Results & Discussion)، وهو النموذج الأكثر شيوعًا واستخداما من قبل الدوريات العلمية. لكن تجدر الإشارة لوجود أقسام أخرى في الورقة البحثية مثل القسم الذي يلي العنوان حيث يُذكر فيه الكُتّاب Authors أي الباحثون المشاركون والمشرفون، وقسم آخر اختياري للشكر والتقديرات Acknowledges، حيث تذكر فيه المساهمات الصغيرة منها الكبيرة، وقسم المصطلحات والكلمات المفتاحية Terms and keywords، اختياري أيضًا. بالإضافة إلى الخاتمة Conclusion، حيث تتكون من بضعة جمل تظهر أهمية الدراسة من خلال ربطها بالأبحاث المستقبلية مثلًا.

يبقى أن نشير إلى أهمية ذكر المراجع References والمصادر التي اعتمد عليها الباحث، وهنالك أكثر من طريقة لإدراجها، إما في النص أو في الحواشي أو في قسم مخصص للمراجع. حيث ترتب وفق تسلسل ورودها في النص أو ترتيبًا أبجديًا، وهنا يطول الحديث عن طريقة توثيق الاقتباسات وقواعدها، مثل نمط الجمعية الأمريكية لعلم النفس (APA)، ونمط شيكاغو (CSE)، والعديد من الأنماط الأخرى التي سنفرد مقالًا آخر للحديث عنها لاحقًا، لما للموضوع من أهمية كبيرة. حيث يفيد التوثيق في اعتراف الباحث والناشر بفضل العمل الأصلي المقتبس منه، وتمكين القارئ من الرجوع إلى المصدر الأصلي. كما يساهم في الإشارة بوضوح إلى مصدر أفكار الباحث وتوثيقها، وبذلك يتجنب سرقة أفكار الآخرين وانتهاك الأخلاقيات العلمية.

لقراءة المقال السابق

طريقك إلى فهم الأبحاث الطبية: كيف تُجرى الأبحاث؟

المصادر

  • How to Write and Publish a Scientific Paper, 7th Edition. from here.
  • Understanding Medical Research Course. Coursera. from here.
  • Barbara J. Hoogenboom, R. (2012). HOW TO WRITE A SCIENTIFIC ARTICLE. International Journal Of Sports Physical Therapy7(5), 512. Retrieved from here.

تاريخ جائزة نوبل للسلام، من يقرر الفائزين؟ ومن فاز بها حتى اليوم؟

جائزة نوبل للسلام

أوصى «ألفرد نوبل- Alfred Nobel » أن تمنح 5 جوائز سنويًا في خمس مجالات مختلفة من ثروته كل عام، وأحدها جائزة نوبل للسلام وكتب في وصيته

« تمنح جائزة السلام للشخص الذي يبذل أفضل وأكثر الجهود الساعية للأخوة بين الدول، من أجل إلغاء أو خفض الجيوش الدائمة وعقد مؤتمرات السلام، ويقرر الفائز لجنة من خمسة أشخاص ينتخبهم البرلمان النرويجي»

ميدالية جائزة نوبل. تصوير: الكسندر محمود 2018

سبب اختيار البرلمان النرويجي لمنح جائزة نوبل للسلام

لم يترك نوبل تفسير حول سبب منح جائزة السلام من قِبل لجنة نرويجية في حين أن باقي اللجان المقررة للجوائز الأربع الأخرى سويدية، إلا أن هناك بعض الاستنتاجات عن ذلك ومنها:

  1. أن نوبل الذي عاش معظم حياته في الخارج وكتب وصيته في «النادي السويدي النرويجي» في باريس ربما يكون تأثر بذلك.
  2. أو أنه حتى عام 1905 كانت النرويج في اتحاد مع السويد وبما أن الجوائز العلمية تمنحها أكثر الهيئات السويدية المتخصصة، ينبغي أن تمنح النرويج الجائزة المتبقية.
  3. وربما كان يعتبر النرويج بلدًا أكثر توجهًا نحو السلام وأكثر ديمقراطية من السويد ولابد أنه أخذ في الاعتبار سعي البرلمان النرويجي نحو إيجاد حل سلمي للنزاعات الدولية في القرن الثامن عشر.
  4. وأخيرًا قد يكون نوبل قد تأثر بإعجابه بالأدب النرويجي ولا سيما المؤلف «بيورنستجيرن بيورنسون- Bjørnstjerne Bjørnson» ، الذي كان ناشطًا في مجال السلام ومعروفًا في نهاية القرن الثامن عشر أو قد يكون مزيجًا من كل هذه العوامل.

قبول النرويج للتكليف

في حين كان هناك قدر كبير من الجدل حول وصية نوبل في السويد، ودور المؤسسات التي تمنح الجائزة. إلا أن النرويج قد قبلت سريعًا دورها كمسؤول عن منح جائزة نوبل للسلام -تحديدًا في 26 أبريل 1897- بعد شهر واحد من تلقيها إخطارًا رسميًا من منفذي الوصية وبعد أن صوّت البرلمان لصالح قبول المسؤولية.

وذلك قبل عام كامل من قبول الهيئات السويدية المعنية بدورها لمنح باقي الجوائز، وتقرر التمهل ثلاث سنوات للانتهاء من الإجراءات القانونية قبل منح جوائز نوبل الأولى.

المُرشحُون المؤهلون

وفقًا للنظام الأساسي لمؤسسة نوبل، يُعتبر ترشيح شخص أو مؤسسة للفوز بجائزة نوبل للسلام صالحًا إذا تم تقديمه من قبل شخص يقع ضمن إحدى الفئات التالية:

  1. أعضاء المجالس الوطنية والحكومات الوطنية (أعضاء مجلس الوزراء / الوزراء) في الدول ذات السيادة وكذلك رؤساء الدول الحاليين.
  2. أعضاء محكمة العدل الدولية في لاهاي المحكمة الدائمة للتحكيم في لاهاي.
  3. أعضاء معهد القانون الدولي.
  4. أعضاء المجلس الدولي للرابطة النسائية الدولية للسلام والحرية.
  5. أساتذة الجامعات والأساتذة الفخريون والأساتذة الفخريون في التاريخ والعلوم الاجتماعية والقانون والفلسفة واللاهوت والدين؛ وعمداء الجامعات ومديري الجامعات (أو من في حكمهم)، ومدراء معاهد أبحاث السلام ومعاهد السياسة الخارجية.
  6. الأشخاص الحاصلون على جائزة نوبل للسلام.
  7. أعضاء مجلس الإدارة أو ما يعادله من المنظمات الحاصلة على جائزة نوبل للسلام.
  8. الأعضاء الحاليون والسابقون في لجنة نوبل النرويجية (تُقدم مقترحات الأعضاء الحاليين في اللجنة في موعد أقصاه الاجتماع الأول للجنة بعد 1 شباط / فبراير).
  9. مستشارون سابقون في لجنة نوبل النرويجية.

السنوات التي لم تمنح فيها الجائزة؟ ولماذا؟

ولم تمنح جائزة السلام في 19 مناسبة: في 1914-1916، 1918، 1923، 1924، 1928، 1932، 1939-1943، 1948، 1955-1956، 1966-1967 و 1972 لأن النظام الأساسي لمؤسسة نوبل ينص أنه :

«إذا لم يتم العثور على أي أعمال أو جهات قيد النظر تستوفي الشروط المشار إليه في الفقرة الأولى، فإن أموال الجائزة سيُحتفظ بها حتى السنة التالية، وإذا لم تُمنح الجائزة حتى ذلك الحين يتم إضافة المبلغ إلى أموال المؤسسة لاستخدامها لاحقًا»

لذا تم منح جوائز نوبل قليلة جدًا خلال الحرب العالمية الأولى والثانية.

قانون سرية الخمسون عامًا

لا تعلن اللجنة المانحة للجوائز أسماء المرشحين بنفسها لا للإعلام ولا للمرشحين أنفسهم، وأي أسماء يعلن عنها كمرشحين محتملين هي محض تخمين أو أعلام من المنظمة التي رفعت اسم المرشح للجنة، ولا يسمح للجنة بإعلان أسماء المرشحين حتى بعد مرور خمسون عامًا على الترشح.

عدد جوائز نوبل للسلام الممنوحة حتى اليوم

منحت جائزة نوبل للسلام 102 مرة ل 137 فائز منذ 1901 منهم 109 فرد و25 منظمة:

  • بما في ذلك أن لجنة الصليب الأحمر الدولية التي منحت جائزة نوبل للسلام ثلاث مرات في 1917 و 1944 و 1963.
  • مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين جائزة نوبل للسلام مرتين في عام 1954 و 1981.
  • و23 منظمة فردية أخرى مُنحت جائزة نوبل للسلام.
  • من بين 137 شخص منحوا جائزة نوبل للسلام هناك 18 امرأة، أولهم عام 1905 «برتا فون سوتنر- Bertha von Suttner» وآخرهم ماريا ريسا عام 2021م.
  • متوسط عمر جميع الحاصلين على جائزة نوبل للسلام بين 1901 و 2017 هو 61 عامًا.
  • أصغر مالكة لجائزة نوبل للسلام هي مالالا يوسفزاي التي كانت تبلغ من العمر 17 عامًا عندما حصلت على جائزة السلام لعام 2014.
  • أكبر فائز بجائزة نوبل للسلام حتى الآن هو جوزيف روتبلات الذي كان يبلغ من العمر 87 عامًا عندما حصل على الجائزة في عام 1995.

قائمة تنازلية بجميع الفائزين منذ عام 1935

  1. جائزة 2020 أليس بيالياتسكي من بيلاروسيا، وجمعية ميموريال الروسية لحقوق الإنسان، ومركز الحريات المدنية التابع لمنظمة حقوق الإنسان الأوكرانية. ومثّل الحائزون على الجائزة المجتمع المدني في بلدانهم الأصلية. فقد روجوا لسنوات عديدة للحق في انتقاد السلطة وحماية الحقوق الأساسية للمواطنين. كما قاموا أيضًا ببذل جهود حثيثة لتوثيق جرائم الحرب وانتهاكات حقوق الإنسان وإساءة استخدام السلطة.
  2. جائزة 2021 ماريا ريسا وديمتري موراتوف “لجهودهما في حماية حرية التعبير، وهو شرط مسبق للديمقراطية والسلام الدائم.”
  3. جائزة 2020 برنامج الغذاء العالمي (WFP)؛ لجهوده في القضاء على الجوع، ومساهمته في تحسين الأوضاع من أجل السلام في مناطق النزاع والدور المُحرّك والفاعل في مكافحة استخدام الجوع كسلاح في الحروب والنزاعات.
  4. جائزة 2019 «أبي أحمد علي-Abiy Ahmed Ali» عن جهوده لتحقيق السلام والتعاون الدولي، وخاصةً لمبادرته الحاسمة لحل النزاع الحدودي مع دولة إريتريا المجاورة.
  5. جائزة 2018 «دينيس موكويجي ونادية مراد»؛ لجهودهم لإنهاء استخدام العنف الجنسي كسلاح في الحرب والصراع المسلح.
  6. جائزة 2017 الحملة الدولية لإلغاء الأسلحة النووية (ICAN)؛ لعملهم على لفت الانتباه إلى العواقب الإنسانية الكارثية لأي استخدام للأسلحة النووية ولجهودهم في سبيل التوصل إلى حظر هذه الأسلحة.
  7. جائزة 2016 «Juan Manuel Santos -خوان مانويل سانتوس» لجهوده الحازمة لانهاء الحرب الاهلية المستمرة منذ أكثر من 50 عاما فى بلاده.
  8. جائزة 2015 لجنة الحوار الوطني الرباعي التونسية؛ لمساهمتها الحاسمة في بناء ديمقراطية تعددية في تونس في أعقاب ثورة الياسمين عام 2011 .
  9. جائزة 2014 «Kailash Satyarthi and Malala Yousafzai-كايلاش ساتيارثي وملالا يوسفزاي»؛ لنضالهم ضد قمع الأطفال والشباب وحق جميع الأطفال في التعليم.
  10. جائزة 2013 منظمة حظر الأسلحة الكيميائية (OPCW )؛ لجهودها الواسعة للقضاء على الأسلحة الكيميائية.
  11. جائزة 2012 الاتحاد الأوروبي (EU )؛ لاسهامها في النهوض بالسلام والمصالحة والديمقراطية وحقوق الإنسان في أوروبا لأكثر من ستة عقود.
  12. جائزة 2011«إلين جونسون سيرليف، ليما جبوي وتوكل كرمان-Ellen Johnson Sirleaf, Leymah Gbowee and Tawakkol Karman »؛ لنضالهم السلمي من أجل سلامة وحقوق المرأة والمشاركة في التغيير السلمي في بلادهم.
  13. جائزة 2010«ليو شياوبو-Liu Xiaobo »؛ لنضاله الطويل السلمي من أجل حقوق الإنسان الأساسية في الصين.
  14. جائزة 2009 «باراك هـ. أوباما-Barack H. Obama »؛ لجهوده غير العادية لتعزيز الدبلوماسية الدولية والتعاون بين الشعوب.
  15. جائزة 2008«مارتي أهتيساري-Martti Ahtisaari »؛ لجهودها الهامة في عدة قارات وعلى مدى أكثر من ثلاثة عقود، لحل الصراعات الدولية.
  16. جائزة 2007 «الفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ (IPCC) /وألبرت أرنولد-Albert Arnold/ و ال غور جونيور- Al Gore Jr»؛ على جهودهم لبناء ونشر المعرفة بشأن تغيرات المناخ التي صنعها الإنسان، وإرساء الأسس للتدابير اللازمة لمواجهة هذا التغيير.
  17. جائزة 2006«محمد يونس وبنك غرامين- Muhammad Yunus and Grameen Bank »؛ لجهودهم الرامية إلى خلق التنمية الاقتصادية والاجتماعية من أدنى لأعلى.
  18. جائزة 2005 «الوكالة الدولية للطاقة الذرية (IAEA) ومحمد البرادعي- Mohamed ElBaradei »؛ لجهودهم الرامية إلى منع استخدام الطاقة النووية في الأغراض العسكرية وضمان استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية بأكثر الطرق أمانا.
  19. جائزة 2004 «وانغاري موتا ماثاي- Wangari Muta Maathai »؛ لمساهمتها في التنمية المستدامة والديمقراطية والسلام.
  20. جائزة 2003 «شيرين عبادي-Shirin Ebadi »؛ لجهودها من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان، وقد ركزت بشكل خاص على الكفاح من أجل حقوق المرأة والطفل.
  21. جائزة 2002 «جيمي كارتر-Jimmy Carter »لعقود من الجهود الدؤوبة لإيجاد حلول سلمية للنزاعات الدولية، والنهوض بالديمقراطية وحقوق الإنسان، وتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
  22. جائزة 2001«الأمم المتحدة (U.N) وكوفي عنان- Kofi Annan »؛ لعملهم من أجل عالم أفضل تنظيما وأكثر سلاما.
  23. جائزة 2000«كيم داي – جونغ-Kim Dae-jung »؛ لعمله من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في كوريا الجنوبية وفي شرق آسيا بشكل عام، و لجهوده في السلام والمصالحة مع كوريا الشمالية على وجه الخصوص.
  24. جائزة 1999«منظمة أطباء بلا حدود- Médecins Sans Frontières»؛ تقديرا لعمل المنظمة الرائد في مجال العمل الإنساني في عدة قارات.
  25. جائزة 1998«جون هيوم وديفيد تريمبل-John Hume and David Trimble»؛ لجهودهم لإيجاد حل سلمي للنزاع في أيرلندا الشمالية.
  26. جائزة 1997«الحملة الدولية لحظر الألغام الأرضية(ICBL) وجودي ويليامز- Jody Williams»؛ لعملهم من أجل حظر الألغام المضادة للأفراد وتطهير الأراضي منها.
  27. جائزة 1996«كارلوس فيليب زيمينيس بيلو-Carlos Filipe Ximenes Belo وخوسيه راموس-هورتا – José Ramos-Horta»؛ على عملهم من أجل التوصل إلى حل عادل وسلمي للصراع في تيمور الشرقية.
  28. جائزة 1995«جوزيف روتبلات-Joseph Rot Blat/ ومؤتمرات بوغواش للعلوم والشؤون الدولية»؛ لجهودهم لتقليل الدور الذي تلعبه الأسلحة النووية في السياسة الدولية، و للقضاء على هذه الأسلحة على المدى الطويل.
  29. جائزة 1994«ياسر عرفات-Yasser Arafat /وشيمون بيريز-Shimon Peres/ واسحق رابين- Yitzhak Rabin»لجهودهم الرامية إلى إحلال السلام في الشرق الأوسط.
  30. جائزة 1993«نيلسون مانديلا-Nelson Mandela وفريدريك ويليم دي كليرك-Frederik Willem de Klerk»؛ لعملهم من أجل الإنهاء السلمي لنظام الفصل العنصري، وإرساء الأسس لجنوب افريقيا الديمقراطية الجديدة.
  31. جائزة 1992«ريغوبيرتا مينشو توم-Rigoberta Menchú Tum»؛اعترافا بعملها من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية والمصالحة العرقية – الثقافية القائمة على احترام حقوق الشعوب الأصلية.
  32. جائزة 1991«أونغ سان سو كي-Aung San Suu Kyi» لنضالها السلمي من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان
  33. جائزة 1990«ميخائيل سيرجيفيتش غورباتشوف-Mikhail Sergeyevich Gorbachev»؛ لدوره القيادي في عملية السلام التي تجمع أجزاء هامة من المجتمع الدولي اليوم.
  34. جائزة 1989«الدالاي لاما الرابع عشر تينزين جياتسو – The 14th Dalai Lama Tenzin Gyatso
  35. جائزة 1988 «قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة»
  36. جائزة 1987«أوسكار آرياس سانشيز- Oscar Arias Sánchez»؛ لعمله من أجل السلام فى أمريكا الوسطى، والجهود التى ادت الى توقيع اتفاق غواتيمالا في 7 أغسطس 1987.
  37. جائزة 1986«إيلي ويسل-Elie Wiesel»
  38. جائزة 1985«الأطباء الدوليون لمنع الحرب النووية»
  39. جائزة 1984«ديزموند مبيلو توتو- Desmond Mpilo Tutu»
  40. جائزة 1983«ليخ فاليسا-Lech Walesa».
  41. جائزة 1982«ألفا ميردال-Alva Myrdal و ألفونسو غارسيا روبلز- Alfonso García Robles ».
  42. جائزة 1981«مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR)»
  43. جائزة 1980«أدولفو بيريز إسكيبيل-Adolfo Pérez Esquivel»
  44. جائزة 1979«الأم تريزا -Mother Teresa»
  45. جائزة 1978«محمد أنور السادات-Mohamed Anwar al-Sadat ومناحيم بيغن- Menachem Begin»
  46. جائزة 1977 منظمة العفو الدولية
  47. جائزة 1976«بيتي ويليامز-Betty Williams ميريد كوريجان- Mairead Corrigan»
  48. جائزة 1975«أندريه دمتري فيتش ساخاروف-Andrei Dmitriev Ich Sakharov».
  49. جائزة 1974«شون ماكبرايد-Seán MacBride إيساكو ساتو- Eisaku Sato»-
  50. جائزة 1973«هنري أ. كيسنجر-Henry A. Kissinger ولي دوك ثو- Le Duc Tho»
  51. جائزة 1972 لم تمنح جائزة نوبل هذا العام. وقد خصصت الجائزة المالية لعام 1972 لصندوق التمويل الرئيسي.
  52. جائزة 1971«ويلي برانت-Willy Brandt»
  53. جائزة 1970 «نورمان ي. بورلوغ-Norman E. Borlaug«.
  54. جائزة 1969 منظمة العمل الدولية (I.L.O.)
  55. جائزة 1968«رينيه كاسين-René Casein»
  56. جائزة 1967 لم تمنح جائزة نوبل هذا العام. وخصصت الجائزة النقدية 1/3 للصندوق الرئيسي و 2/3 للصندوق الخاص لقسم جائزة السلام.
  57. جائزة 1966 لم تمنح جائزة نوبل هذا العام. وقد خصصت الجائزة المالية للصندوق الخاص لقسم جائزة السلام.
  58. جائزة 1965 منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)
  59. جائزة 1964 «مارتن لوثر كينغ جونيور-Martin Luther King Jr».
  60. جائزة 1963 اللجنة الدولية للصليب الأحمر، والرابطة الدولية لجمعية الصليب الأحمر (رابطة جمعيات الصليب الأحمر).
  61. جائزة 1962«لينوس كارل بولينغ-Linus Carl Pauling».
  62. جائزة 1961 «داغ هيلمار أغني كارل همرشولد- Dag Hjalmar Agne Carl Hammarskjöld».
  63. جائزة 1960«ألبرت جون لوتولي-Albert John Lutuli»
  64. جائزة 1959 «فيليب ج. نويل بيكر-Philip J. Noel-Baker»
  65. جائزة 1958«جورج بير-Georges Pire»
  66. جائزة 1957«ليستر بولز بيرسون-Lester Bowles Pearson»
  67. جائزة 1956 لم تمنح جائزة نوبل هذا العام. وخصصت الجائزة النقدية 1/3 للصندوق الرئيسي و 2/3 للصندوق الخاص لقسم جائزة السلام.
  68. جائزة 1955 لم تمنح جائزة نوبل هذا العام. وقد خصصت الجائزة المالية للصندوق الخاص لقسم جائزة السلام.
  69. جائزة 1954«مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR)».
  70. جائزة 1953 «جورج كاتليت مارشال-George Catlett Marshall».
  71. جائزة 1952«ألبرت شفايتزر-Albert Schweitzer»
  72. جائزة 1951«ليون جوهو-Léon Journaux»
  73. جائزة 1950«رالف بانش-Ralph Bunche».
  74. جائزة 1949«لورد بريشين/ جون بويد -Lord John Boyd Orr of Brechin».
  75. جائزة 1948 لم تمنح جائزة نوبل هذا العام. وخصصت الجائزة النقدية 1/3 للصندوق الرئيسي و 2/3 للصندوق الخاص لقسم جائزة السلام.
  76. جائزة 1947«لجنة الصداقة الأمريكية (ذي كويكرز)»-جائزة نوبل للسلام لعام 1946«إميلي جرين بالش-Emily Greene Balch – وجون رالي موت- John Raleigh Mott».
  77. جائزة 1945«كورديل هال-Cordell Hull».
  78. جائزة 1944 اللجنة الدولية للصليب الأحمر.
  79. جائزة 1943 إلى 1984 لم تمنح جوائز نوبل . وخصصت الجائزة النقدية 1/3 للصندوق الرئيسي و 2/3 للصندوق الخاص لقسم جائزة السلام.
  80. جائزة 1938«مكتب نانسين الدولي للاجئين».
  81. جائزة 1937«فيكونت تشيلوود (اللورد إدغار ألجيرنون روبرت غاسكوين ) Viscount Lord Edgar Algernon Robert Gascoyne»
  82. جائزة 1936«كارلوس سافيدرا لاماس-Carlos Saavedra Lamas»
  83. جائزة 1935«كارل فون اوسيتسكي-Carl von Ossietzky»

ويكتب على كل ميدالية نوبل للسلام:

«من أجل السلام والأخوة بين البشر»

فوز برنامج الغذاء العالمي (WFP) التابع للأمم المتحدة بجائزة نوبل للسلام لعام 2020

فوز برنامج الغذاء العالمي (WFP) بجائزة نوبل للسلام 2020 

«لجهوده في القضاء على الجوع، ومساهمته في تحسين الأوضاع من أجل السلام في مناطق النزاع والدور المُحرّك والفاعل في مكافحة استخدام الجوع كسلاح في الحروب والنزاعات».

يلتزم المجتمع الدولي بالقضاء على الجوع وتحقيق الأمن الغذائي وتحسين التغذية في العالم بحلول عام 2030، لكن لا يزال هناك واحداً من بين كل تسعة أشخاص في العالم لا يملك ما يكفيه من الغذاء. فيأتي الغذاء وما يتعلق به من مساعدات في صميم الجهود الساعية إلى كسر هذه الحلقة من الجوع والفقر.

ما هو برنامج الغذاء العالمي (WFP)؟

برنامج الغذاء العالمي (برنامج الأغذية العالمي) (WFP) هو فرع المساعدات الغذائية للأمم المتحدة وأكبر منظمة إنسانية في العالم تعالج الجوع وتعزز الأمن الغذائي. 

وفقًا لتصريحات المنظمة فهم يوفرون مساعدات غذائية لما يقارب 91.4 مليون شخص في 83 دولة كل عام. من مقرهم الرئيسي في روما وأكثر من 80 مكتبًا محليًا حول العالم، يعمل برنامج الأغذية العالمي لمساعدة الأشخاص الذين لا يستطيعون إنتاج الطعام أو الحصول على ما يكفي منه لأنفسهم وأسرهم. وهم عضو في مجموعة الأمم المتحدة الإنمائية وجزء من لجنتها التنفيذية. 

مقر برنامج الغذاء العالمي في روما

تاريخ المنظمة

تأسس برنامج الأغذية العالمي عام 1963 بعد مؤتمر منظمة الأغذية والزراعة FAO (الفاو) عام 1960، عندما اقترح «جورج ماكغفرن-George McGovern» مدير برنامج الغذاء من أجل السلام في الولايات المتحدة -وقتها- إنشاء برنامج مساعدات غذائية متعدد الأطراف. 

تم إنشاء برنامج الأغذية العالمي رسميًا عام 1963 من قبل منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة والجمعية العامة للأمم المتحدة على أساس تجريبي لمدة ثلاث سنوات ثم تم تمديد البرنامج بشكل دائم عام 1965.

ما سبب فوز برنامج الغذاء العالمي بالجائزة؟

عام 2015 تم اعتماد القضاء على الجوع كأحد أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة لكن عام 2019  عانى 135 مليون شخص من الجوع الحاد وهو أعلى رقم شهده العالم منذ عقود وجاءت معظم الزيادة بسبب الحرب والنزاع المسلح،  فقدم برنامج الأغذية العالمي المساعدة لما يقرب من 100 مليون شخص في 88 دولة.

 كما ساهمت جائحة الفيروس التاجي (كورونا) في زيادة عدد ضحايا الجوع في العالم في بلدان مثل: اليمن وجمهورية الكونغو الديمقراطية ونيجيريا وجنوب السودان وبوركينا فاسو، أدى الصراع العنيف والوباء إلى ارتفاع كبير في عدد الأشخاص الذين أصبحوا اليوم يعيشون على شفا المجاعة، وفي مواجهة هذا الوباء أظهر برنامج الأغذية العالمي قدرة رائعة على تكثيف جهوده كما صرحت المنظمة نفسها:

 «حتى يوم اكتشاف لقاح طبي، الغذاء هو أفضل لقاح ضد الفوضى».

جهود المنظمة

يوميًا؛ يقوم البرنامج بأرسال 5600 شاحنة، و20 سفينة، و92 طائرة لإيصال الأغذية وغيرها من المساعدات لمن هم في أمس الحاجة إليها. ويقوم سنويًا بتوزيع ما يقرب من 15 مليار حصة غذائية بتكلفة تقديرية تصل إلى 0.31 دولاراً أمريكياً للحصة الواحدة. وتعكس هذه الأرقام دور البرنامج الحيوي في الاستجابة لحالات الطوارئ، فهو قادر على إنجاز المهمة بسرعة كبيرة حتى في أصعب البيئات.

وقد كان برنامج الأغذية العالمي مشاركًا نشطًا في العملية الدبلوماسية التي بلغت ذروتها في مايو 2018 بتبني مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بالإجماع القرار رقم 2417  والذي تناول لأول مرة بشكل صريح الصلة بين الصراع المسلح والجوع. كما شدد مجلس الأمن على التزام الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بالمساعدة في ضمان وصول المساعدات الغذائية إلى المحتاجين، وأدان استخدام التجويع كوسيلة من وسائل الحرب.

مؤتمر الإعلان عن فوز برنامج الغذاء العالمي بالجائزة

اليوم في معهد نوبل في أوسلو صرحت رئيسة لجنة نوبل النرويجية  «بيريت ريس أندرسن-Berit Reiss-Andersen» أن الحائز على جائزة عام 2020  هو برنامج الأغذية العالمي لأنها أرادت 

«تحويل أنظار العالم إلى ملايين الأشخاص الذين يعانون من الجوع أو يوشكون أن يواجهوا هذا الخطر … وأن الجوع يستخدم كسلاح حرب ونزاع».

سيعاني الأطفال في اليمن من الجوع والفقر لمدة 20 عامًا بسبب الحرب

وقالت أندرسون:

«إن الجائزة هي دعوة للمجتمع الدولي لتمويل وكالة الأمم المتحدة بشكل كاف لضمان عدم تجويع البشر. وقالت إن برنامج الأغذية العالمي كان من الممكن أن يحصل على الجائزة من دون تفشي جائحة فيروس كورونا. لكن الفيروس عزز أسباب إعطائه لبرنامج الأغذية العالمي، بما في ذلك الحاجة إلى التعاون الدولي في وقت الأزمة العالمية».

من كان المرشحين هذا العام؟

وصُرح سابقًا بأن هناك 318 مرشحًا قيد الدراسة هذا العام، منهم 211 فردًا و 107 منظمة، ومن بين الشخصيات الأخرى التي تم اعتبارها: الناشطة السويدية في مجال المناخ «جريتا شونبرغ-Greta Thunberg» البالغة من العمر 17 عامًا، والمنشق الروسي وزعيم المعارضة «أليكسي نافالني-Alexei Navalny» الذي تعافى من هجوم بغاز الأعصاب ألقى باللوم فيه على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ومنظمة الصحة العالمية لدورها في التصدي لوباء فيروس كورونا.

دونالد ترامب مرشح لنوبل للسلام!

على صعيد أخر صرح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب  إنه كان يجب أن يفوز بجائزة السلام العام الماضي؛ والتي منحت لرئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد بعد أن أبرم اتفاق سلام مع إريتريا، وقال البيت الأبيض إن ترامب رشح لجائزة 2021 عن الوساطة التي أجراها لتطبيع العلاقات بين الإمارات والبحرين مع إسرائيل.

قيمة الجائزة

مُنحت مائة جائزة نوبل للسلام منذ عام 1901 حتى الآن لأفراد و24 جائزة لمنظمات، بينما يتم الإعلان عن الفائزين بجميع جوائز  نوبل في ستوكهولم، تُمنح جائزة السلام في العاصمة النرويجية أوسلو.

إلى جانب المكانة الأدبية الهائلة للجائزة، تبلغ القيمة المادية للجائزة 10 ملايين كرونة أي أكثر من مليون دولار أمريكي وميدالية ذهبية يتم تسليمها في حفل يقام سنويًا في اوسلو في 10 ديسمبر ذكرى وفاة مؤسس الجائزة ألفريد نوبل، لكن سيتم إلغاء حفل هذا العام بسبب الوباء العالمي.

وفي النهاية اختتم بيان نوبل بقول:

«إن عمل برنامج الأغذية العالمي لصالح البشرية هو مسعى ينبغي لجميع دول العالم أن تؤيده وتدعمه».

من هي لويز جليك الفائزة بجائزة نوبل للأدب عام 2020؟

أصبحت الشاعرة لويز جليك الفائزة بجائزة نوبل للأدب عام 2020 أول امرأة أمريكية تفوز بالجائزة منذ 27 عامًا بعد فوزها اليوم لما وصفه الحكام بأنه:

«حس شعري لا لبس فيه، يجعل الوجود الفردي عالميًا بجمال بسيط»

من هي لويز جليك الفائزة بجائزة نوبل للأدب عام 2020؟

ولدت «لويز غليُك-Louise Glück» في مدينة نيويورك بتاريخ 22 أبريل 1943، وهي الإبنة الكبرى لرجل الأعمال «دانيال جليك» وزوجته «بياتريس جليك» كان والدي السيد دانيال جليك من اليهود المجريون المهاجرون إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وامتلكت العائلة فيما بعد متجر للبقالة في مدينة نيويورك. 

أصبح والد لويز أول فرد في عائلته يولد في الولايات المتحدة، وكان طموحه أن يصبح كاتبًا، كما كانت والدة لويز خريجة كلية ويلسلي المرموقة؛ لذا تلقت من والديها تعليمًا عن الأساطير اليونانية والقصص الكلاسيكية منذ الصغر وتأثرت بها فبدأت كتابة الشعر في سن مبكرة للغاية.

عندما كانت مراهقة أصيبت لويز بمرض «فقدان الشهية العصبي» والذي كان تحدي حاسم في أواخر سنوات المراهقة والشباب، وقد وصفت المرض في أحد مقالاتها بأنه نتيجة جهدها للاستقلال عن والدتها.

وخلال خريف عامها الأخير في المدرسة الثانوية بدأت العلاج النفسي، وبعد بضعة أشهر تم إخراجها من المدرسة للتركيز على إعادة تأهيلها على الرغم من تخرجها في عام 1961، إلا أنها أمضت السنوات السبع التالية في العلاج، حتى تغلبت على المرض وتعلمت كيفية التفكير طريقة صحية بعيدة عن حالتها المرضية. 

نتيجة لحالتها لم تلتحق لويز بالكلية كطالبة بدوام كامل وقد وصفت قرارها بالتخلي عن التعليم العالي لصالح العلاج بأنه ضروري، وبدلاً من ذلك التحقت بدورة تعليمية في الشعر في كلية «سارة لورانس» من عام 1963 إلى عام 1965، والتحقت بورش لتعليم الشعر في كلية التعليم العام بجامعة كولومبيا، والتي كانت تقدم برامج للطلاب المميزين.

الديوان الأول

خلال مسيرتها المهنية  استكشفت السيدة جلوك موضوعات الصدمة والفقدان بالإضافة إلى الشفاء والولادة بلغة رقيقة مجردة وغير مزخرفة، ويرى النقاد الأدبيين إنها من خلال القيام بذلك تمكنت من تحويل الحياة اليومية إلى تمثيل أوسع ومؤثر للوحدة والألم مع تقديم الأمل في التجديد في نفس الوقت.

ونشرت ديوانها الأول «المولود الأول-Firstborn» عام 1968 وسرعان ما رسخت نفسها كواحدة من أبرز الشعراء المعاصرين في الولايات المتحدة، حتى حصلت بالفعل على العديد من الجوائز بما في ذلك:

  • «جائزة بوليتزر» عام 1993 .
  • جائزة الكتاب الوطني عام 2014.
  • شاعرة الولايات المتحدة الأولى من 2003 إلى 2004.
  • وتعمل حاليًا أستاذة للغة الإنجليزية في جامعة ييل، بمدينة نيو هيفن، بولاية كونيتيكت الأمريكية.

ووجدت جمهورًا كبيرًا في كل من الولايات المتحدة والعالم بمجموعاتها الشعرية التي وجدت نجاحًآ بارزًآ مثل: «انتصار أخيل-The Triumph of Achilles» عام 1985، و«أرارات-Ararat التي أثنى عليها «أندرس أولسون – Anders Olsson» رئيس لجنة نوبل قائلا عن اللهجة الطبيعية المخادعة لهذه الأعمال.

«إنه صريح ولا هوادة فيه، ولا أثر للزخرفة الشعرية».

لويز غليك ليست فقط منخرطة في مغامرات وظروف الحياة المتغيرة، بل هي أيضًا شاعرة التغيير الجذري والولادة الجديدة، حيث تأتى الانتصارات في أْعمالها من إحساس عميق بالخسارة. في واحدة من أكثر مجموعاتها انتشارًا «السوسن البري -The Wild Iris» والتي حصلت على جائزة بوليتزر عنها ، تصف عودة الحياة المعجزة بعد الشتاء في قصيدة «قطرات الثلج-Snowdrops»:

لم أكن أتوقع النجاة

فاجأتني الأرض، فلم أكن أتوقع…

أن استيقظ مرة أخرى، أن أحس..

جسدي في الأرض الرطبة

قادر على التحرك مرة أخرى، والتذكر

كيفية التفتح مرة أخرى بعد ذلك الوقت الطويل

في الضوء البارد

من أوائل الربيع

خائف، نعم، ولكني بينكم مرة أخرى

أبكي، نعم، بالمخاطرة والفرح

في رياح العالم الجديد.

صعوبة فوزها بالجائزة

آخر شاعر فاز بجائزة نوبل هو الكاتب السويدي توماس ترانسترومر، الذي نال الجائزة عام 2011، بالإضافة لصعوبة فوز شاعر بالجائزة؛ تضاءلت أيضًا آمال الكتاب الأمريكيين في الفوز منذ عام 2008 عندما قال السكرتير الدائم للأكاديمية السويدية «هوراس انغدال» إن الكتاب الأمريكيين «حساسون للغاية تجاه الاتجاهات السائدة في ثقافتهم الجماهيرية».

«الولايات المتحدة معزولة للغاية ومحدودة فهم لا يترجمون أدبهم بشكل كاف ولا يشاركون حقًا في الحوار الأدبي العالمي، وهذا الجهل مقيد؛ بالطبع هناك أدب قوي في جميع الثقافات الكبرى لكن لا يمكنك الابتعاد عن حقيقة أن أوروبا لا تزال مركز العالم الأدبي … وليس الولايات المتحدة».

هل تمحو السيدة جليك الفضائح السابقة؟

وقد يساعد قرار منح جائزة نوبل للآداب إلى السيدة جلوك الأكاديمية السويدية على النأي عن الفضائح التي ابتليت بها في السنوات الثلاث الأخيرة فقد توقع المراقبون أن الأكاديمية السويدية ستذهب إلى «خيار آمن» هذا العام مثل:

الشاعرة الكندية «آن كارسون» أو الروائي الصيني «يان ليانك»، أو الروائي الياباني الأكثر مبيعًا «هاروكي موراكامي»، فمن بين الحائزين السابقين على جائزة نوبل في الأدب وعددهم 116 فائز هناك 15 امرأة فقط! كما أن آخر كاتب أفريقي أسود فاز بها هو «وول سوينكا» في عام 1986.

كما اهتزت الهيئة المهيبة بسبب مزاعم الاعتداء الجنسي وسوء السلوك المالي عام 2017 التي بلغت ذروتها في بإدانة جان كلود أرنو زوج عضو الأكاديمية كاتارينا فروستنسون بتهمة الاغتصاب في عام 2018، واكتشاف تسريبها أسماء الفائزين السابقين وتلا ذلك سلسلة من الاستقالات من أعضاء الأكاديمية مما أدى لتأجيل جائزة 2018.

عند الإعلان عن الفائزين لعامي 2018 و 2019 في العام الماضي كانت الأكاديمية تأمل في وضع حد للنقد ووعدت بأن لجنة التحكيم كانت «تبحث في جميع أنحاء العالم» عن الفائزين وتبتعد عن التركيز الأوروبي الموجه نحو الذكور لكن بدلاً من ذلك اختاروا كاتبين أوروبيين:

الكاتبة البولندية الشهيرة« أولغا توكارتشوك»، والكاتب النمساوي «بيتر هاندكه» الذي تعرض لانتقادات واسعة النطاق لدعمه الزعيم الصربي السابق سلوبودان ميلوسيفيتش الذي توفي في السجن عام 2006 بعد محاكمة دولية بتهمة الإرهاب وارتكاب جرائم ضد الإنسانية.

قيمة الجائزة

بالإضافة لشهادة الفوز المميزة والتي ترسم بشكل فردي يدويًا لكل فائز والميدالية الذهبية المميزة للفائزين بفئة الأدب القائلة: «لمن حسن حياة البشر باكتشاف الفنون»، قيمة الجائزة المادية هذا العام 10 ملايين كرونة سويدية أي أكثر من مليون دولار أمريكي تُمنح من قبل الأكاديمية السويدية المكونة من 18 حكمًا للكاتب الذي يرونه استوفى الشرط المنصوص عليه في وصية ألفريد نوبل:

«أنتج في مجال الأدب العمل الأكثر تميزًا في اتجاه مثالي».

كيف ستغيّر تقنية كريسبر-كاس 9 للتعديل الجيني حياتنا؟

أُعلن اليوم فوز العالمتين «ايمانويل شاربنتيير-Emmanuelle Charpentier» و«جينيفير دودنا-Jennifer Doudna» بجائزة نوبل للكيمياء لعام ٢٠٢٠، وذلك لمساهمتهما في اكتشاف تقنية «كريسبر-CRISPR» للتعديل الجيني الدقيق، وهي التقنية التي غيّرت علم الجينات والوراثة، وقد تغيّر عالمنا للأبد. إذن، كيف ستغيّر تقنية كريسبر-كاس 9 للتعديل الجيني حياتنا؟

سنتعرف في هذا المقال التفصيلي على كيفية عمل تقنية «كريسبر-CRISPR» وأهمية التعديل الجيني في حياتنا.

ما هو التعديل الجيني؟

التعديل الجيني يُعرف أيضًا بالهندسة الجينية، وهو مجموعة من التقنيات المتقدمة التي تسمح للإنسان بتعديل المعلومات الجينية بطريقة دقيقة جدًا، سواء من خلال إضافة أو إزالة أو تغيير المادة الوراثية في مواقع محدّدة من التتابعات الچينية.

وتُطبق تقنيات التعديل الجيني على عدد كبير من الكائنات، من البكتيريا إلى النبات وصولًا إلى الحيوان والإنسان. لذلك فإن استخدام هذه التقنيات أثر في العديد من المجالات العلمية.

سمحت التقنية بتغيير سمات النباتات والمزروعات لتصبح أكثر إنتاجية، ومن جهة أخرى أعطت الأمل في العلاج الجيني لكل أنواع الأمراض الوراثية.

كما قد تتخطى الحدود، لتسمح باختيار السمات الخارجية الوراثية للمولود (مثل لون العيون أو جنس المولود مثلًا)، وهنا طبعًا يبدأ الحديث عن الجانب الأخلاقي الذي يلازم كل تكنولوجيا جديدة أو تقنية متقدمة ذات تأثير ضخم على البشرية.

كيف اكتُشفت تقنية كريسبر؟

عام 1953، اكتشف العالمان «جايمس واتسون- James Watson» و«فرانسيس كريك-Francis Crick » تركيبة الحمض النووي على شكل «الحلز المزوج-Double Helix»، وقد نالا جائزة نوبل في الطب للعام 1962.

منذ ذلك الحين، انكبّ العلماء على تطوير تقنيات تخوّلهم التحكم بالمادة الوراثية الموجودة في الحمض النووي وتعديلها.

جاءت تقنية كريسبر لتجعل هذا الحلم حقيقيًا، بل سهلًا وقليل الكلفة أيضًا، ولكن كيف وصلنا إلى تقنية كريسبر؟

من واطسون وكريك إلى كريسبر، كيف وصلنا إلى التعديل الچيني؟

لوحظ عام 1987 وجود تركيبة مكرّرة في جينوم البكتيريا «اشيرشيا كولي- Escherichia Coli»، كذلك وُجدت تركيبة متكررة في واحدة من ال«العتائق-Archaea » التي تسمى «هالوفيراكس ميديتيراني-Haloferax mediterranei»، وتتكرر هذه التركيبة على مسافات متساوية.

تبيّن فيما بعد أن هذه التراكيب المتكرّرة موجودة في جميع أنواع الكائنات الأحادية الخلية (Prokaryotes)، وتحمل هذه التراكيب صفات مشتركة، فهي تراكيب قصيرة متكررة على مسافات متساوية. لذلك سُمِّيت:

 Clustered Regularly Interspaced Short Palindromic Repeats واختصرًا سميت ب CRISPR.

إذن، متى تحول اسمه من كريسبر إلى كريسبر كاس ٩؟

عام 2002، نُشر للمرة الأولى اسم CRISPR-cas9، بعد اكتشاف مجموعة من الجينات (cas) المُلازمة للكائنات الأحادية الخلية، ويكون موقعها دائمًا مجاور لتركيبة CRISPR. كما تبيّن أن دور هذه المجموعة من الجينات يتعلّق بالتعبير الجيني لتراكيب CRISPR.

في العام 2005، بدأ الباحثون بفهم أهمية تركيب كريسبر، فاكتشفوا أن الكائنات أحادية الخلية التي تملك تركيبة كريسبر تصبح أكثر مقاومةً للفيروسات، ممّا يرجح دور تركيب كريسبر في الحماية من الحمض النووي الغريب عنها (أي الحمض النووي الذي يأتي من العدوى الفيروسية).

كيف عرفنا دور كريسبر كاس ٩ المناعي في البكتيريا؟

أُثبتت هذه النظرية للمرة الأولى في عام 2007 من خلال مجموعة من الاختبارات، قام فيها الباحثون بالتسبب بإصابة البكتيريا العقدية أو «ستربتوكوكوس تيرموفيلوس- Streptococcus thermophilus» بالعاثيات (Bacteriophage).

أبدت البكتيريا المجهزة بتركيبة كريسبر مقاومة واضحة للعدوى، أما البكتيريا المُزال منها تركيبة كريسبر، فقدت قدرتها على المقاومة ونجح الفيروس في إصابتها.

في عام 2008، أثبتت مجموعة من الاختبارات أن تركيبة كريسبر غالبًا ما تستهدف الحمض النووي DNA بدلًا من الحمض النووي RNA.

تستهدف تركيبة كريسبر تحديدًا الحمض النووي المشابه لها، والذي يكون محمولًا من قبل الفيروسات أو الكائنات الغزوية الأخرى، ممّا يفترض أن هذه التراكيب يأتي أصلها من فيروسات غزت البكتيريا سابقًا، فتمكنت البكتيريا من مقاومتها واحتفظت ببقاياها من الحمض النووي كالذاكرة المناعية، بل واستخدمت تلك الذاكرة سلاحًا بوجه الهجمات القادمة.

ولكن هذه المعلومة تستوجب طرح سؤال مهم وهو: إذا كانت تراكيب كريسبر تهاجم التراكيب التي تحمل حمضًا نوويًا يشبهها، وهي تراكيب متكررة، فما الذي يمنعها من تدمير بعضها البعض؟

ما الذي يمنع تراكيب كريسبر من مهاجمة بعضها البعض؟

هذا ما أُجيب عنه من خلال اكتشاف تراكيب صغيرة مجاورة لتركيب كريسبر، تسمى ب”Protospacer Adjacent Motifs” PAM . وتبين فيما بعد أن دور هذه التراكيب الصغيرة لا يقتصر على حماية تراكيب كريسبر من بعضها البعض، بل أيضًا تلعب دورًا في استهداف الحمض النووي المهاجم.

في عام 2011، أصبح واضحًا دور تركيبة كرسيبر-كاس9 في حماية الكائنات الأحادية الخلية من الكائنات المهاجمة.

بدأ تقصي نظام عمل هذه التركيبة. وهنا بدا فهم دور بروتينات كاس (Cas) مهمًا، فتبين أنها تعمل على مستويات ثلاثة: دمج الحمض النووي للكائن المهاجم في تركيبة كريسبر، ونشأة الcrRNA، وتعطيل الحمض النووي للكائن المهاجم.

ما دور إيمانويل شاربينتير في اكتشاف تقنية كريسبر كاس ٩؟

في العام نفسه، عملت الباحثة «إيمانويل شاربنتيير-Emmanuelle Charpentier» مع عدد من زملائها على تفسير نظام عمل الcrRNA، وهو ما يقوم بالبحث عن الحمض النووي المشابه للذي يحمله تركيب كريسبر.

لكن عمل الcrRNA لا يكتمل دون عمل (tracrRNA (Trans-activating CRISPR RNA. فالtracrRNA يقترن مع تراكيب pre-crRNA التي تتحول فيما بعد لcrRNA . وتشكّل الRNA المُرشد (Guide RNA) سويًا.

متى وكيف سهمت جينيفر دودنا في التقنية إذن؟

قررت الباحثتان شاربنتيير ودودنا التعاون لدرس إمكانية استخدام الcrRNA لإرشاد مقصات كريسبر للتسلسلات المرغوبة وبالتالي القدرة على التعديل الجيني.

بالفعل أعلنت الباحثتان في عام 2012 عن إمكانية برمجة بروتينات كاس9 مع الRNA المُرشد لتعديل أي تسلسل من الحمض النووي DNA.

شكّل اكتشافهما ثورة في عالم الكيمياء الحيوية وفي التكنولوجيا الطبية، وأعطيا الإنسان، ولأول مرة في التاريخ، القدرة على التحكم الدقيق بصفات كل الكائنات الحية، ممّا قد يوفر الملايين من سنين التطور، ويجعل التطور قابلًا للتطبيق من خلال تقنية سهلة وعالية الدقة وقليلة الكلفة.

عبّرت لجنة نوبل عن أهمية الاكتشاف بقولها أن الباحثتان قد أعادا كتابة شفرة الحياة!

كريسبر؛ المقصات الجينية التي حازت على نوبل الكيمياء لعام 2020

الوجه الآخر للتعديل الجيني، مخاوف وتحديات

على الرغم أن التعديل الجيني يُعد ثورة علمية قادرة على تخليص البشرية من آلاف الأمراض الوراثية، وقادرة على جعل الكائنات الحية أقوى أو أذكى أو أكثر فعالية وفي خدمة الإنسان، إلا أنه يمكن أن تتحول إلى سلاح فتّاك، قد يقضي على التنوع البشري أو يعزز الفروقات العنصرية والطبقية في العالم.

لذلك يعتبر علم الوراثة والجينات من أكثر العلوم تعقيدًا على الصعيد الإنساني والأخلاقي، ويطرح إشكاليات عديدة.

السلامة كتهديد مباشر تطرحه تقنيات التعديل الچيني

الإشكالية الأولى تتعلّق بالسلامة، فعملية التعديل الجيني يمكن أن تصبح خطيرة، إذا عُدلت جينات غير مرغوبة، أو إذا لم تتم عملية التعديل بشكل سليم، وقد يكون لهذه الأخطاء التقنية نتائج مرعبة على صحة وسلامة المريض أو المولود.

العدالة والإنصاف والمساواة قد تهتز بشدة مع تطور تقنيات التعديل الچيني

الإشكالية الثانية تتعلق بالعدالة والمساواة بين البشر، فلنتخيل مثلًا أن هذه التقنية أصبحت متاحة فقط بيد طبقة غنية من البشر، ستظهر الفروقات أكبر في الرعاية الصحية، خصوصًا أن التقنية تمكّن من تجنب الأمراض الوراثية، بل من الممكن أن تستخدم في اختيار سمات جسدية وعقلية (مثلًا اختيار جنس المولود مما قد يعزز التمييز الچندري، أو لون البشرة مما يزيد التمييز العنصري).

من الإشكاليات التي يخلقها موضوع الهندسة الجينية عند البشر، هي التجربة العلمية الممكن إجراؤها على الأجنّة البشرية، مما يتعارض مع القواعد الأخلاقية (وأحيانًا الدينية) ويطرح مخاوف عديدة.

لا شك أن التعديل الجيني من خلال تقنية كريسبر-كاس 9 هو واحد من أهم الاكتشافات العلمية الحديثة، والتي بدأت بالفعل بتغيير عالمنا. ولهذا تُعد جائزة نوبل للكيمياء للعالمتين شاربنتيير ودودنا مُستحقة. على أمل أن يستخدم هذا النوع من التطور العلمي العظيم لمصلحة البشر، كل البشر، دونما تمييز.

مصدر:

NobelPrize.org

تطبيقات كريسبر تطال مقاومة المضادات الحيوية وتطوير مضادات حيوية جديدة !

تطبيقات كريسبر تطال مقاومة المضادات الحيوية وتطوير مضادات حيوية جديدة! تمثّل مقاومة الجراثيم للمضادات الحيوية مشكلةً جديةً في العالم، حيث تعرّض ملايين الأرواح للخطر.

في سبيل معالجة هذه المشكلة؛ تمكن باحثون في جامعة «ويسكونسن ماديسون» من إعادة توظيف أداة تعديل الجينات «CRISPR» لدراسة الجينات التي تستهدفها بعض المضادات الحيوية، مما يوفر أدلةً حول كيفية تحسين المضادات الحيوية الموجودة، أو تطوير مضاداتٍ حيويةٍ جديدة.

إنّ التعديل الجيني «CRISPR» ليس حديثًا نسبيًا، وهو يعمل على قطع الحمض النووي لجزئين، ثم إجراء التعديل عليه.

ما هي تقنية كريسبر- كاس9 ؟

كريسبر هو نوع تسلسلات DNA توجد في أوليات النواة كالبكتيريا القديمة، تضم قطع جينية من بقايا الحمض النووي للفيروسات التي سبق أن هاجمت الكائن بدائي النواة. يحتفظ الكائن بدائي النواة بهذه البقايا في حمضه النووي كفواصل حتى يستخدمها لاحقاً في الكشف عن ال DNA الخاص بتلك الفيروسات في هجماتها اللاحقة، ومن ثم تدميره بمساعدة انزيم cas9.

توصف تقنية “كريسبر- كاس9” منذ ظهورها في ثمانينات القرن الماضي بأنها ستقلب كل شيء رأسا على عقب. ويكمن الفرق بين “كريسبر-كاس9” وباقي أدوات التعديل الجيني المستخدمة سابقا كإنزيمات القطع هو أن كل إنزيم قطع يمكنه القص عند تتابع محدد واحد، مما يقيد التعديل الوراثي. بينما يمكن باستخدام تقنية كريسبرالقطع عند أي منطقة مرغوبة من الجينوم، وذلك لأن الـ RNA الذي يستخدمه إنزيم cas9 للتعرف على منطقة القطع قابل للتعديل والتركيب.

استخدمت تقنية كريسبر لتعديل الخلايا الدموية “خارج الجسم”؛ وذلك لعلاج السرطان والزهايمر وغيرهما من الحالات. لكن لم يحدث تطوير مشابه لمضادات حيوية.

ما هو Mobile-CRISPRi ؟

قام الباحثون في هذه الدراسة بالتعديل بأسلوبٍ مختلف، باستخدام نظام يسمّى «Mobile-CRISPRi»، يعمل من خلال الارتباط بأحد الجينات، ويمنع وصول البروتينات إليه، فينخفض التعبير عن الجين، وتكون النتيجة انخفاض كمية البروتين التي يصنعها هذا الجين.

أظهر الباحثون أنه عند تقليل كمية البروتين التي يستهدفها المضاد الحيوي، تصبح الجراثيم أكثر حساسية لكمياتٍ أقل من هذا المضاد، أي أنّ هناك ارتباطًا بين الجين المُستهدَف والدواء.

يتميّز هذا النظام بإمكانية فحص آلاف الجينات في وقت واحد، مما يساعد العلماء على تعلّم كيفية عمل المضادات الحيوية وطرق تحسينها.

دور الاقتران في تطوير المضاد الحيوي

استخدم الباحثون «Mobile-CRISPRi» على نوع من الجراثيم المخبرية المعروفة، وهي «الإشريكية الكولونية E-Coli»، ولكن بقي الهدف الأساسي كما هو، أي دراسة الجراثيم الأكثر تعقيدًا والمسببة للأمراض، ولنقل الأداة إلى هذه الجراثيم؛ استخدم العلماء واحدةً من الطرق الطبيعية التي ترتبط الجراثيم بها وتتبادل الحمض النووي، وهي عمليةٌ تسمى الاقتران.

استطاع الباحثون من خلال الاقتران نقل «Mobile-CRISPRi» إلى أهم الجراثيم المسببة للمرض، مثل: الزوائف، والسالمونيلا، والعنقوديات، والليستيريا، وغيرها.

اختُبر «Mobile-CRISPRi» على نوع من الجراثيم التي تعيش على سطح الجبن، وتدعى «V. casei»، وهي نوعٌ من الجراثيم المفيدة التي تنمو على سطح الجُبن الفرنسي، مما ساعد على دراسة هذة السلالة الجرثومية، ومعرفة كيفية نموه.

ماذا الذي وصلت إليه هذه الدراسة؟

ما يعنيه ذلك هو أنه أصبح بإمكان العلماء إجراء دراساتٍ حول كيفية عمل المضادات الحيوية بشكلٍ مباشرٍ في الجراثيم الممرضة. كما يعطيهم فكرةً أفضل عن كيفية عمل هذه الأدوية في الكائنات الحية المختلفة، ويفتح آفاقًا واسعةً لدراسة مختلف أنواع الجراثيم سواء كانت ممرضةً أو مفيدة.

مصادر:
Sciencedaily

Neurosciencenews

futurism

كريسبر؛ المقصات الجينية التي حازت على نوبل الكيمياء لعام 2020

قررت الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم منح جائزة نوبل في الكيمياء لعام 2020 مناصفة بين جينيفر دودنا (الأمريكية) وإيمانويل شاربنتر (فرنسية) لتطويرهم تقنيات التعديل الجيني «كريسبر» والمعروفة علميًا باسم CRISPR Cas 9 لقدرات التقنية المذهلة وإمكاناتها المستقبلية على تعديل الطفرات المسببة للأمراض الجينية المختلفة. كريسبر؛ المقصات الجينية التي حازت على نوبل الكيمياء لعام 2020 ، ما هي؟

كريسبر؛ أداة قوية ستغير من حياتنا

منذ اكتشافهما المُلهم، تغيرت علوم الحياة للأبد، إذ تمكن علماء الكيمياء الجزيئية وعلماء الأحياء الخلوية من معرفة وظائف الجينات المختلفة بسهولة أكبر مما سبق، ومعرفة أدوارها المختلفة في تطور الأمراض.

تمكن علماء النباتات الآن من منح بعض النباتات صفات جديدة شديدة الأهمية للبقاء، مثل تحمل الجفاف في البيئات الجافة مثل الصحاري.

في مجال الطب، يمكن استخدام هذه التقنية لاكتشاف طرق جديدة لعلاج السرطانات، بالإضافة إلى بعض الاستخدامات غير الأخلاقية بالطبع، مثل أي تكنولوجيا قوية.

في عام 2011، لم يكن أي من إيمانويل أو جينيفر يدركان أن لقاءهما الأول في أحد المقاهي في باريس سيغير حياتهما للأبد.

هوّس شاربنتير بالبكتيريا المسببة للأمراض

حصلت شاربنتير على الدكتوراة من معهد باستور المرموق في باريس، كما عاشت في خمس بلاد مختلفة وسبع مدن. عملت كذلك في عشر معاهد مختلفة. في عام 2002، عندما أسست شاربنتير مجموعتها البحثية الخاصة، في «جامعة فيينا –Vienna University»، كانت تبدي اهتمامًا شديدًا بأكثر أنواع البكتيريا ضررًا للبشر، «البكتيريا العقدية- Streptococcus pyogens ».

تتسبب «البكتيريا العقدية- Streptococcus pyogens» في العدوى لملايين البشر سنويًا، مما يسبب بعض الأعراض الطفيفة، لكنها في بعض الأحيان تسبب أعراضًا قاتلة، مثل تآكل الأنسجة، مما أعطاها اسم « آكلة اللحم البشري-Flesh eater».

لفهم طريقة عمل البكتيريا العقدية، قررت شاربنتير تتبع طريقة تنظيم جينات هذه البكتيريا، والتي كانت أول خطوة في اتجاه مشروعها مع دودنا.

العلم، مغامرة تعادل القصص البوليسية

نشأت دودنا في هاواي كطفلة فضولية تحب تعلّم كيفية عمل الأشياء. في أحد الأيام ترك والدها كتابًا لـ «جيمس واتسون-James Watson » مكتشف الشكل الحلزوني للـ DNA على سريرها، والذي كان خطوتها الأولى في معرفتها للجينات وكيفية عملها.

تابعت جينيفر في الكتاب عمل واتسون إلى جوار زميله «فرانسيس كريك- Francis Crick» ورحلتهم لفك شيفرة الحمض النووي، أُسرت دودنا بعملية البحث العلمي، حيث لم يكن العلم مجرد حقائق.

على الرغم من ذلك، عندما بدأت بحل الألغاز العلمية لم يكن اهتمامها موجهًا صوب الـ DNA، ولكنها كانت قريبة بشكل ما، فكانت تعمل على الـ RNA.

في عام 2006، كانت دودنا تقود مجموعة بحثية في جامعة كاليفورنيا في بيركلي، ولديها 20 عامًا من الخبرة في العمل مع الـ RNA.

لسنوات كان يعتقد المجتمع العلمي أنه ملم بوظائف الـ RNA، لكنهم اكتشفوا فجأة الكثير من جزيئات الـ RNA الصغيرة التي تلعب دورًا هامًا في تنظيم عمل الجينات داخل الخلية، فاكتشاف دودنا عام 2006، كان سببًا في تلقيها لمكالمة من زميلة لها في جامعة مختلفة، لتبدأ قصة نوبل!

محاكاة العالمتان للجهاز المناعي القديم للبكتيريا

أخبرتها زميلتها، والتي هي عالمة أحياء جزيئية، باكتشاف جديد أثار انتباهها، فعندما تحرى الباحثون التسلسل الجيني لأنواع مختلفة من البكتيريا، وجدوا نمطًا متطابقًا في جميع أنواعها، على الرغم من اختلاف تسلسلاتها الجينية عن بعضها البعض، فالأمر أشبه بنفس الكلمة تتكرر في كل جملة مختلفة.

تدعى هذه الأنماط بـ Clustered Regularly Interspaced Short Palindromic Repeates التي اختُصرت لاحقا بـ “CRISPR”.

الغريب بحق، هو أن الأنماط غير المكررة، وغير المتشابهة، تُبدي تطابقًا مع جينات بعض الفيروسات، لذا فالاعتقاد السائد حينها هو أن هذه أجزاء من جهاز مناعي قديم، فالفرضية تقول أنه في حالة نجاة البكتيريا من الفيروسات، فإنها تحتفظ بجزء من مادتها الوراثية كذكرى.

أخبرتها زميلتها أن الباحثين يعتقدون أن هذا يحدث بطريقة مشابهة لما كانت تقوم دودنا بدراسته في ذاك الوقت، وهو الـ RNA interference.

دودنا ترسم آلية معقدة

كانت هذه أخبارًا مذهلة لباحثة متقدة الذهن وشغوفة كشاربنتر، فقد اتضح أنه بالإضافة إلى CRISPR، اكتشف الباحثون جينات أسموها بـ CRISPR-associated  بمعنى «المصاحبة لكريسبر»، التي اختصرت لتصبح cas، والذي أبهر دودنا في هذا الأمر هو أن هذه الجينات تبدو مشابهة لوظائف بعض البروتينات المعروفة، والمسئولة عن تقطيع الشريط الوراثي، وتفكيكه.

أمرت دودنا فريقها بالعمل، وبعد بضع سنوات، تمكن فريقها من معرفة العديد من الوظائف لبروتينات cas.

القطعة الجديدة غير المعروفة في أحجية نظام كريسبر

نعود إلى إيمانويل من جديد، انتقلت إيمانويل للعمل في مشروع بحثي، في جامعة Umeå شمال السويد، وبالعمل مع بعض الباحثين، تمكنت إيمانويل من وضع خارطة للـ RNA  الخاص بالبكتيريا العقدية.

كانت النتائج محيرة بالنسبة لإيمانويل، حيث أن واحدًا من هذه الجزيئات متنوع وغير معروف حينها، كما أن الخارطة الجينية تظهر تماثلًا كبيرًا مع نماذج  CRISPR، فهل هما مرتبطان؟

بعد بحث وتجارب مكثفة، نشرت إيمانويل نتائج أبحاثها. علمت شاربنتير جيدًا أنها على أعتاب شيء مختلف كليًا، فلديها العديد من سنوات الخبرة في مجال الأحياء الجزيئية، ولكن مع استمرار بحثها المتعلق ب CRISPR cas-9، تحتاج شاربنتير إلى مساعدة عالم كيمياء حيوية، وكانت جينيفر دودنا بالطبع.

في ذاك الربيع، عندما دعيت شاربنتير لمؤتمر في «بورتو ريكو-Puerto Rico» لمناقشة اكتشافاتها، كانت تسعى هي لمقابلة باحثة من بيركلي.

مقابلة غيرت حياتهما للأبد

تقابلا بالصدفة في إحدى المقاهي، حيث قدمتهما زميلة مشتركة لبعضهما البعض، وأخبرتها شاربنتير بأنهما عليهما أن يتعرفا على شوارع المدينة القديمة.

بينما تتمشى الباحثتان في شوارع المدينة، تسأل شاربنتير دودنا ما إن كانت مهتمة بشأن التعاون في بحث مشترك عن البكتيريا العقدية، فتوافق دودنا على الفور، ليتحقق لشاربنتير مبتغاها في الحصول على مساعدة باحثة في مجال الكيمياء الحيوية.

بدأ الفريقان بإجراء المقابلات الرقمية للتخطيط للأبحاث، كانتا تعتقدان أنهما تحتاجان الـ RNA المتعلق بـ CRISPR للتعرف على الـ DNA الفيروسي، وأن cas-9 هو المقص المسئول عن قطع الـ DNA، على الرغم من هذا، لم ينجحا عند إجراء التجارب، فقد ظلت جزيئات الـ DNA متماسكة، ولكن لماذا؟

بعد فترة طويلة من العصف الذهني، والتجارب التي باءت جميعها بالفشل، قرر الباحثون أخيرًا إضافة الـ tracrRNA الذي كانت قد اكتشفته إيمانويل مسبقًا إلى بحثهم، وعندما أضافوه إلى cas-9، حدث ما كان متوقعًا، فانقسم جزيء الـ DNA إلى قسمين أخيرًا.

كان اكتشافًا ثوريًا، فقد كشفتا عن آلية دفاعية طورتها البكتيريا ضد الفيروسات.

تجربة أعلنت بدء عصر جديد

قرر الباحثون تبسيط وتشذيب مقصات الـ DNA باستخدام معرفتهم عن الـ tracrRNA، والـ CRISPR-RNA، فقررا دمجهما معًا، وسموا الناتج باسم «الرنا المرشد-Guide RNA»، لتدرك الباحثتان أنهما أمام تجربة ستغير مجرى التاريخ.

قاما بأخذ جين مجمد كان موجود في معمل دودنا، وقاموا باختيار خمس مناطق مختلفة، حيث يجب أن يُقطع الجين، ثم قاما بقص جزء CRISPR من المقصات، لتتطابق شيفرته مع شيفرة الجزء المطلوب إزالته.

كانت النتائج مذهلة، حيث قُطع الجين في الأجزاء المُحددة بالضبط.

كريسبر؛ المقصات الجينية التي غيرت علوم الأحياء الجزيئية

بعد نشر بحثهما بفترة وجيزة، أعلنت العديد من المجموعات البحثية عن إمكانية استخدام تقنيتهما للتعديل في خلايا الفئران والبشر، مؤديًا بذلك إلى ثورة علمية، فقد كان تعديل الخلايا في الماضي أمرًا بالغ التعقيد، ومستهلكًا للكثير من الوقت، بل وأحياناً مستحيل.

باستخدام المقصات الجينية يمكن للباحثين الآن قطع أي جزء من الشريط الوراثي، ولسهولة هذه التقنية، تم تعميمها في المشروعات البحثية المختلفة، كما أنها أصبحت تستخدم في تهجين النباتات.

أمل علاج الأمراض الوراثية

في مجال الطب، تُعد تقنية كريسبر أملًا واعدًا في مجال العلاج المناعي. يقوم الباحثون بالفعل بإجراء التجارب لمعرفة ما إن كانت مقصات CRISPR cas-9 فعالة في محاربة السرطان أم لا. كما يطمح الباحثون لاستخدامها في إعادة إصلاح الأنسجة الكبيرة التالفة مثل المخ.

يجب استخدام تقنية المقصات الجينية بحرص

بالرغم من فوائدها العديدة، يمكن لهذه التقنية أن تستخدم بشكل خاطئ، حيث يمكن استخدامها لخلق أجنة معدلة وراثيًا. لكن يعتقد بعض المتخصيين بأنه لا داعي للقلق، لطالما كانت هناك العديد من القوانين التي تقيد استخدامات الهندسة الوراثية، كما أن التجارب المجراة على البشر والحيوانات يجب أن تخضع أولًا لموافقة اللجان الأخلاقية. وفي هذا الصدد يمكنك القراءة أكثر عن المخاوف المحيطة بالتقنية من هنا.

ما رأي القارئ بهذا الكشف؟ وكيف يمكن أن يغير من حياتنا كبشر في المستقبل؟ وهل أنت مع أم ضد اتاحة استخدام التعديل الجيني على البشر؟

المصدر:
البيان الرسمي لموقع جائزة نوبل

مخاوف أخلاقية متصاعدة تجاه جائزة نوبل في الكيمياء 2020 وتقنية كريسبر

لم يكن الجدل حول التعديل الجيني بالجديد، ولكنه عاد للواجهة بعد تسليط نوبل الكيمياء عام 2020 الضوء على تقنية كريسبر للتعديل الجيني واكتشاف قدرتها على جعل هذا التعديل أكثر دقة وسهولة مقارنة بالتقنيات القديمة. مخاوف أخلاقية متصاعدة تجاه جائزة نوبل في الكيمياء 2020 وتقنية كريسبر .

يعتقد علماء الأخلاقيات الحيوية والباحثون عمومًا أنه لا ينبغي محاولة تعديل الجينوم البشري للأغراض الإنجابية حتى اليوم، ولكن يجب أن تستمر الدراسات التي من شأنها جعل العلاج الجيني آمنًا وفعالًا. [1،2]

يتفق معظم المهتمون بالتعديل الجيني على أهمية مواصلة المداولات العامة والنقاش للسماح للجمهور بتقرير ما إذا كان تعديل الجراثيم مسموحًا أم لا.

اعتبارًا من عام 2014، حظرت حوالي 40 دولة أبحاث تعديل جينات الخلايا الجنسية، منها 15 دولة في أوروبا الغربية بسبب المخاوف الأخلاقية والمتعلقة بالسلامة. [3]

هناك أيضًا جهد دولي بقيادة الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والصين للتنسيق وتنظيم تطبيق تقنيات التعديل الجيني. بدأت تلك الجهود رسميًا في ديسمبر 2015 مع القمة الدولية لتعديل الجينات البشرية في واشنطن.

مخاوف السلامة

نظرًا لاحتمال حدوث تأثيرات جانبية لعمليات تعديل جيني في المكان الخطأ أو تعديل بعض الخلايا دون أخرى، فإن السلامة هي الشغل الشاغل للباحثين حاليًا.

يتفق الباحثون وعلماء الأخلاق المتخصصون ممن كتبوا وتحدثوا عن تعديل الجينوم، على أنه لا ينبغي استخدام التعديل الجيني لأغراض الإنجاب السريري حتى تثبت سلامة وأمان تعديل جينوم الخلايا الجنسية.

يُرجّح البعض فوائد التعديل الجيني على مخاطره بهدف للدفع تجاه رفع الحظر المفروض عليه، إلا أن البعض الآخر يعتقد بأنه لا يمكن تبرير المخاطر بالفائدة المحتملة.

يشكك بعض الباحثين بنبوءات التعديل الجيني للأجنة البشرية أو اعتبارها ذات فائدة أكبر من التقنيات الحالية، مثل التشخيص الجيني قبل الزرع (PGD) والتخصيب في المختبر (IVF). ومع ذلك، يقر العلماء وأخصائيي الأخلاقيات الحيوية أنه في بعض الحالات، يمكن أن يعالج تعديل الخلايا الجنسية الاحتياجات التي لا يلبيها التشخيص الوراثي قبل الزرع. [4]

مقترحات التعديل الجيني الحالية تشمل:

1. حالات تماثل كلا الأبوين المحتملين بالنسبة لمسبب للمرض (أي حمل كلاهما نسختان من جينات الإصابة، وهو ما يشير إلى إصابة جميع أطفالهم بالمرض).

2. حالات الاضطرابات متعددة الجينات التي تتأثر بأكثر من جين واحد.

3. العائلات التي تعترض على بعض عناصر عملية التشخيص الوراثي قبل الزرع. [5،6]

يشعر بعض الباحثين وأخصائيي الأخلاقيات الحيوية بالقلق من أن أي تعديل للجينوم – حتى للاستخدامات العلاجية – سيضعنا على منحدر زلق قد يقود بنا مباشرة لاستخدامه لأغراض غير علاجية وإجراء تحسينات على البشر، وهو ما يعتبره الكثيرون مثيرًا للجدل.

يجادل آخرون بوجوب السماح بتعديل الجينوم المُثبت آمانه وفعاليته لعلاج الأمراض الوراثية باعتباره واجب أخلاقي تجاه أولئك المرضى. 6 ويقترحون إدارة المخاوف بشأن التحسين والتلاعب من خلال السياسة والقوانين والتنظيم.

يشعر المعلقون على هذه القضية بالقلق أيضًا إزاء سوء استخدام تعديل الجينوم للأغراض الإنجابية وتباين القدرات الرقابية بين داخل الولايات المتحدة وخارجها، مما قد يؤدي إلى استخدامات يعتبرها البعض مرفوضة.

تستشهد هذه الحجج بالبيئات ذاتية التنظيم إلى حد كبير في العيادات الإنجابية التي تقدم التشخيص الوراثي قبل الزرع والتلقيح الصناعي، والاختلافات القائمة في اللوائح بين مختلف البلدان.

موافقة مسبقة

يشعر البعض بالقلق من استحالة الحصول على موافقة حقيقية واعية لعلاج الخلايا الجنسية لأن المرضى المتأثرين بالتعديلات هم الجنين والأجيال القادمة. ويواجه هذا الطرح بحجة مضادة تقول بأن الآباء يتخذون بالفعل العديد من القرارات التي تؤثر على أطفالهم في المستقبل، بما في ذلك القرارات المُعقّدة مثل التشخيص الوراثي قبل الزرع مع التلقيح الاصطناعي.

عبّر الباحثون وخبراء الأخلاقيات الحيوية عن قلقهم أيضًا بشأن إمكانية الحصول على موافقة واعية حقًا من الآباء المحتملين طالما أن مخاطر علاج الخلايا الجنسية غير معروفة.

العدل والإنصاف

كما هو الحال مع العديد من التقنيات الجديدة، يتزايد القلق من إتاحة تقنيات التعديل الجيني للأثرياء فقط بارتفاع أسعارها مما سيزيد التفاوتات الحالية وسيعيق الوصول إلى الرعاية الصحية المناسبة والتدخلات الأخرى.

يشعر البعض بالقلق من التفاوت المجتمعي الذي قد ينتج عن تعديل الخلايا الجنسية بجودة هندسية متباينة، مما قد يخلق معدّلين مميزين ومعدلين عاديين ومعدلين ضعفاء وهكذا.

أبحاث تعديل الجينوم الأجنة

كثير ممن لديهم اعتراضات أخلاقية ودينية يقفو في مواجهة استخدام الأجنة البشرية لإجراء المزيد من الأبحاث. مما جعل استخدام الأموال الفيدرالية في أي بحث ينتج الأجنة أو يدمرها أمر غير ممكن. بالإضافة إلى عدم قدرة المعاهد الوطنية للصحة على تمويل أي استخدام لتحرير وتعديل الجينات في الأجنة البشرية. وفقًا للوائح المعاهد الوطنية للصحة في الولايات المتحدة.

بالرغم من عدم قدرة المعاهد الوطنية للصحة على تمويل تحرير أو تعديل الجينات في الأجنة البشرية حاليًا، تعتقد العديد من مجموعات الأخلاقيات الحيوية والبحثية أن البحث باستخدام تعديل الجينات في الأجنة مهم لأسباب لا تعد ولا تحصى مثل معالجة الأسئلة العلمية حول البيولوجيا البشرية، طالما لم تُستخدم لأغراض إنجابية.

بشكل عام، يمكن استخدام بقايا أجنة قابلة أو غير قابلة للحياة باستخدام تقنيات التلقيح الاصطناعي في أبحاث الأجنة، أو أجنة تم إنشاؤها خصيصًا للبحث، ولكل حالة اعتباراتها الأخلاقية.

ما رأيك عزيزنا القارئ؟ هل تتفق أم تختلف مع لجنة نوبل عن مدى استحقاق تلك الجائزة لتقنيات التعديل الجيني بالرغم من تلك المخاوف؟

مصادر:

[1] National Academies of Sciences, E., Medicine,. (2017). Human Genome Editing: Science, Ethics, and Governance. Washington, DC: The National Academies Press.

[2] The Hinxton Group. (2015). Statement on Genome Editing Technologies and Human Germline Genetic Modification. Retrieved from http://www.hinxtongroup.org/Hinxton2015_Statement.pdf

[3] Araki, M., & Ishii, T. (2014). International regulatory landscape and integration of corrective genome editing into in vitro fertilization. Reprod Biol Endocrinol, 12, 108. doi:10.1186/1477-7827-12-108

[4] Lanphier, E., Urnov, F., Haecker, S. E., Werner, M., & Smolenski, J. (2015). Don’t edit the human germ line. Nature News, 519(7544), 410. doi:10.1038/519410a

[5] Hampton, T. (2016). Ethical and Societal Questions Loom Large as Gene Editing Moves Closer to the Clinic. JAMA, 315(6), 546-548. doi:10.1001/jama.2015.19150

[6] Savulescu, J., Pugh, J., Douglas, T., & Gyngell, C. (2015). The moral imperative to continue gene editing research on human embryos. Protein Cell, 6(7), 476-479. doi:10.1007/s13238-015-0184-y

[7] Ishii, T. (2017). Germ line genome editing in clinics: the approaches, objectives and global society. Brief Funct Genomics, 16(1), 46-56. doi:10.1093/bfgp/elv053

[8] Park, A. (2016). UK Approves First Studies Using New Gene Editing Technique. Time Health.

[9] Araki, M., & Ishii, T. (2014). International regulatory landscape and integration of corrective genome editing into in vitro fertilization. Reprod Biol Endocrinol, 12, 108. doi:10.1186/1477-7827-12-108

[10] Lanphier, E., Urnov, F., Haecker, S. E., Werner, M., & Smolenski, J. (2015). Don’t edit the human germ line. Nature News, 519(7544), 410. doi:doi:10.1038/519410a

[11] The Hinxton Group. (2015). Statement on Genome Editing Technologies and Human Germline Genetic Modification. Retrieved from http://www.hinxtongroup.org/Hinxton2015_Statement.pdf

[12] National Academies of Sciences, E., Medicine,. (2017). Human Genome Editing: Science, Ethics, and Governance. Washington, DC: The National Academies Press.

[13] Callaway, E. (2016). UK scientists gain licence to edit genes in human embryos. Nature News, 530(7588), 18. doi:doi:10.1038/nature.2016.19270

[14] Cyranoski, D., & Reardon, S. (2017). Chinese scientists genetically modify human embryos. Nature News. doi:doi:10.1038/nature.2015.17378

جائزة نوبل في الفيزياء 2020 تُثبت نظرية النسبية العامة

جائزة نوبل في الفيزياء 2020 تُثبت نظرية النسبية العامة، أخذ مفهوم “الثقب الأسود” معانٍ جديدةً في العديد من أشكال التعبير الثقافي ولكن بالنسبة لعلماء الفيزياء، فإن الثقوب السوداء هي نقطة النهاية الطبيعية لتطور النجوم العملاقة. أُجري  أول حساب للانهيار الدراماتيكي لنجم هائل في نهاية الثلاثينيات من قبل الفيزيائي “روبرت أوبنهايمر” الذي قاد فيما بعد مشروع مانهاتن الذي بنى أول قنبلة ذرية. عندما ينفد الوقود من النجوم العملاقة التي تبلغ كتلتها أكبر من الشمس عدة مرات، فإنها تنفجر أولاً على شكل مستعرات أعظمية ثم تنهار إلى بقايا شديدة الكثافة ثقيلة للغاية لدرجة أن الجاذبية تسحب كل شيء  إلى داخلها حتى الضوء. أُخذت فكرة “النجوم المظلمة”  بالاعتبار منذ زمن بعيد حتى نهاية القرن الثامن عشر كما هو موضح في أعمال الفيلسوف وعالم الرياضيات البريطاني “جون ميشيل” والعالم الفرنسي الشهير “لابلاس”. كلاهما استنتج أن الأجرام السماوية يمكن أن تصبح كثيفة لدرجة أنها ستكون غير مرئية – وحتى سرعة الضوء الهائلة لن تُسعفها من الهروب من جاذبيتها. بعد أكثر من قرن بقليل-عندما نشر ألبرت أينشتاين نظريته العامة عن النسبية-، وصفت بعض الحلول لمعادلات النظرية الصعبة مثل هذه النجوم المظلمة. حتى مطلع ستينيات القرن الماضي، كانت هذه الحلول تعتبر تكهنات نظرية بحتة تصف المواقف المثالية التي تكون فيها النجوم وثقوبها السوداء مستديرة ومتماثلة تمامًا. ولكن لا يوجد شيء مثالي في الكون وقد كان “روجر بنروز” الحائز على جائزة نوبل في الفيزياء 2020 أول من نجح في إيجاد حل واقعي لجميع المواد المنهارة بما فيها من نتوءات وعيوب طبيعية.

لغز  الكوازارات «quasars»

عادت مسألة وجود الثقوب السوداء إلى الظهور في عام 1963 مع اكتشاف الكوازارات وهي ألمع الأجسام في الكون. منذ ما يقرب من عقد من الزمان، كان علماء الفلك في حيرة من أمرهم بسبب الأشعة الراديوية من مصادر غامضة، مثل 3C273 في كوكبة العذراء. وأخيرًا  كشف الإشعاع الواقع ضمن طيف الضوء المرئي عن الموقع الحقيقي للكوازار- 3C273 والذ اتضح أنه بعيد جدًا لدرجة أن الأشعة  الصادرة منه يستغرق وصولها  إلى الأرض أكثر من مليار سنة. وكما هو معروف، إذا كان مصدر الضوء بعيدًا جدًا، فلا بد أن يكون له شدة تساوي ضوء عدة مئات من المجرات وقد أطلق العلماء على مصادر الضوء تلك اسم “كوازار”. سرعان ما وجد علماء الفلك الكوازارات التي كانت بعيدة جدًا لدرجة أنها أطلقت إشعاعها في الطفولة المبكرة للكون.  السؤال الذي يطرأ الآن؟ من أين يأتي هذا الإشعاع المذهل؟ هناك طريقة واحدة فقط للحصول على هذا القدر من الطاقة ضمن الحجم المحدود للكوازار أي من سقوط المادة في ثقب أسود فائق الكتلة.

الحل في مفهوم الأسطح المحاصرة

هل يمكن للثقوب السوداء أن تتشكل في ظل ظروف واقعية ؟ حيّر هذا السؤال الفائز بجائزة نوبل هذا العام “روجر بنروز”. الجواب، كما يتذكره لاحقًا، أثناء نزهة مع زميل له في لندن في خريف عام 1964، حيث كان “بنروز” أستاذًا للرياضيات في كلية “بيركبيك”. عندما توقفوا عن الحديث لوهلةٍ لعبور الشارع، ظهرت فكرة في ذهنه. في وقت لاحق من ظهر ذلك اليوم، بحث عنه في ذاكرته وكانت هذه الفكرة -التي أسماها الأسطح المحاصرة – هي المفتاح الذي كان يبحث عنه دون وعي، وهي أداة رياضية ضرورية لوصف الثقب الأسود. يجبر السطح المحاصر جميع الأشعة على التوجه نحو المركز وذلك بغض النظر عما إذا كان السطح منحنيًا للخارج أو للداخل. باستخدام الأسطح المحاصرة ، تمكّن “روجر بنزور” من إثبات أن الثقب الأسود يخفي دائمًا “التفرد”، وهو الحد الذي ينتهي فيه الزمان والمكان وكثافته لا حصر لها وحتى الآن لا توجد نظرية لكيفية التعامل مع هذه الظاهرة الغريبة في الفيزياء. أصبحت الأسطح المحاصرة مفهومًا مركزيًا في إكمال إثبات بنروز لنظرية التفرد إذ أن الأساليب الطوبولوجية التي قدمها تُعد من أفضل الأدوات لدراسة كوننا المُنحني.

طريق ذو اتجاه واحد حتى نهاية الزمان

 بمجرد أن تبدأ المادة في الانهيار ويتشكل سطح محاصر، لا شيء يمكن أن يوقف الانهيار من الاستمرار. لا مجال للعودة ، كما في القصة التي رواها الفيزيائي والحائز على جائزة نوبل “سوبراهمانيان شاندراسيخار”  في  طفولته في الهند. تدور القصة حول اليعسوب ويرقاتها التي تعيش تحت الماء. عندما تكون اليرقة جاهزة لفتح أجنحتها ، فإنها تَعِدُ بأنها ستخبر أصدقاءها كيف تبدو الحياة على الجانب الآخر من سطح الماء. ولكن بمجرد أن تمر اليرقة عبر السطح وتطير بعيدًا مثل اليعسوب لا تعود. ونتيجةً لذلك، لن تسمع اليرقات الموجودة في الماء قصة الحياة على الجانب الآخر.

وبالمثل، يمكن لكل مادة أن تعبر أفق حدث الثقب الأسود في اتجاه واحد فقط. ثم يحل الوقت محل المكان وتتجه جميع المسارات المحتملة إلى الداخل ، حيث يحمل تدفق الوقت كل شيء نحو نهاية لا مفر منها عند التفرد كما هو موضح في الصورة أدناه. لن تشعر بأي شيء إذا سقطت في أفق الحدث لثقب أسود فائق الكتلة  ومن الخارج، لا أحد يستطيع رؤيتك تسقط، وتستمر رحلتك نحو الأفق إلى الأبد. إن التحديق في ثقب أسود غير ممكن ضمن قوانين الفيزياء المعروفة؛ إذ أن الثقوب السوداء تخفي كل أسرارها وراء آفاق أحداثها.

عندما ينهار نجم ضخم بفعل جاذبيته، فإنه يشكل ثقبًا أسودًا ثقيلًا لدرجة أنه يلتقط كل شيء يمر عبر أفق الحدث. حتى الضوء لا يستطيع الهروب. في أفق الحدث، يحل الزمان محل المكان ويشير إلى الأمام فقط. يحمل دفق الزمان كل شيء نحو «التفرد-singularity» الأبعد داخل الثقب الأسود حيث تكون الكثافة لانهائية وينتهي عندها الزمان. يُظهر مخروط الضوء مسارات أشعة الضوء للأمام وللخلف بمرور الوقت. عندما تنهار المادة وتشكل ثقبًا أسود فإن المخاريط الضوئية التي تعبر أفق الحدث للثقب الأسود ستتحول إلى الداخل، باتجاه التفرد. وبذلك لن يرى المراقب الخارجي أبدًا أن أشعة الضوء تصل إلى أفق الحدث ، بل تدفعه فقط. ولا أحد يستطيع رؤية أزيد من ذلك

الثقوب السوداء تتحكم في مسارات النجوم

على الرغم من أننا لا نستطيع رؤية الثقب الأسود، إلا أنه من الممكن تحديد خصائصه من خلال مراقبة كيفية توجيه جاذبيته الهائلة لحركات النجوم المحيطة. يقود العالمان الحائزان على نوبل في الفيزياء 2020 “راينهارد جينزل” و”أندريا غيز” مجموعات بحثية منفصلة تستكشف مركز مجرتنا- درب التبانة- والتي تبدو من المسقط العمودي مشكل قرص مسطح يبلغ عرضه حوالي 100000 سنة ضوئية كما هو موضح في الصورة أدناه، ويتكون من الغازات والغبار ومئات المليارات من النجوم وأحد هذه النجوم هو شمسنا. من وجهة نظرنا على الأرض ، تحجب السحب الهائلة من الغاز والغبار بين النجوم معظم الضوء المرئي القادم من مركز المجرة. كانت التلسكوبات التي تعمل بالأشعة تحت الحمراء وتكنولوجيا الراديو هي أول ما سمح لعلماء الفلك برؤية قرص المجرة وتصوير النجوم في المركز. باستخدام مدارات النجوم كمرشدين ، توصل جينزل و غيز إلى الدليل الأكثر إقناعًا حتى الآن على وجود جسم فائق الكتلة مختبئ في مركز مجرتنا ويُعد الثقب الأسود هو التفسير الوحيد الممكن.


مجرة درب التبانة والتي تبدو من المسقط العمودي كقرصٍ مسطح يبلغ عرضه حوالي 100000 سنة ضوئية كما هو موضح في الصورة أعلاه، ويتكون من الغازات والغبار ومئات المليارات من النجوم وأحد هذه النجوم هو شمسنا

للتعرف على مساهمات الفائزين في جائزة نوبل في الفيزياء 2020 اضغط هنا.

المصادر

Nobelprize

اكتشاف الثقب الأسود الفائق يحوز على جائزة نوبل في الفيزياء لعام 2020

مُنحت جائزة نوبل في الفيزياء لعام 2020 للعلماء، “روجر بنروز” و” راينهارد جينزل” و”أندريا غيز” وذلك لاكتشافاتهم لواحدة من أكثر ظواهر الكون غرابةً وهي الثقوب السوداء.

أثبت “روجر بنروز” أن الثقوب السوداء ما هي إلا نتيجة مباشرة للنظرية النسبية العامة لصاحبها العالم “أينشتاين”، بينما اكتشف كل من رينهارد جينزل وأندريا غيز أن جسمًا ثقيلًا وغير مرئي يتحكم في مدارات النجوم في مركز مجرتنا-مجرة درب التبانة-.

هذا ويُعد الثقب الأسود الفائق التفسير الوحيد المعروف حاليًا. في هذا المقال سنتعرف معًا على تفاصيل جائزة نوبل في الفيزياء لهذا العام.

من هم العلماء الثلاثة الذين حازوا على جائزة نوبل في الفيزياء لعام 2020؟

روجر بنروز

وُلد عام 1931 في كولشيستر في المملكة المتحدة. نال شهادة الدكتوراة في عام 1957 من جامعة كامبريدج في المملكة المتحدة، ويعمل حاليًا أستاذًا بجامعة أكسفورد بالمملكة المتحدة.

رينهارد جينزل

وُلد عام 1952 في “باد هومبورغ” في ألمانيا. نال شهادة الدكتوراة عام 1978 من جامعة بون بألمانيا، ويعمل حاليًا مديرًا لمعهد ماكس بلانك للفيزياء في ألمانيا وأستاذًا بجامعة كاليفورنيا، بيركلي، الولايات المتحدة الأمريكية

أندريا جيز

من مواليد 1965 في مدينة نيويورك، الولايات المتحدة الأمريكية. نالت شهادة الدكتوراة في 1992 من معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا، باسادينا، الولايات المتحدة الأمريكية، وتعمل أستاذًا في جامعة كاليفورنيا، لوس أنجلوس، الولايات المتحدة الأمريكية.

ما هي إسهامات العلماء الثلاثة الذين حازوا على جائزة نوبل في الفيزياء لعام 2020؟

روجر بنروز

استخدم روجر بنروز أساليب رياضية بارعة لإثبات أن الثقوب السوداء هي نتيجة مباشرة لنظرية النسبية العامة لألبرت أينشتاين.

لم يكن أينشتاين نفسه يعتقد أن الثقوب السوداء موجودة بالفعل، تلك الوحوش ذات الوزن الهائل التي تَلقفُ كل ما يلِجُ إليها ولا شيء يستطيع الهروب منها حتى الضوء.

في شهر يناير من العام 1965 –أي بعد عشر سنوات من وفاة أينشتاين- أثبت روجر بنروز أن الثقوب السوداء يمكن حقًا تكوينها ووصفها بالتفصيل!

تخفي الثقوب السوداء في نواتها حالة تفرّد تتوقف فيها كل قوانين الطبيعة المعروفة، ولا تزال مقالته العلمية الرائدة أهم مساهمةً في نظرية النسبية العامة منذ أينشتاين.

راينهارد جينزل وأندريا غيز

قاد كل من راينهارد جينزل وأندريا جيز فريقًا من علماء الفلك الذين ركزوا اهتمامهم منذ أوائل التسعينيات على منطقة تسمى “القوس A” في مركز مجرتنا.

تمكّن هذا الفريق من تعيين مدارات ألمع النجوم الأقرب إلى منتصف مجرة ​​درب التبانة بدقة عالية. وجدت كلتا المجموعتين شيئًا غير مرئي وثقيل، مما أجبر هذا الخليط من النجوم على الدوران حوله.

تحتوي هذه الكتلة غير المرئية على حوالي أربعة ملايين كتلة شمسية مضغوطة معًا في منطقة ليست أكبر من نظامنا الشمسي. ومن هنا يطرأ السؤال التالي: ما الذي يجعل النجوم في مركز مجرة درب التبانة تتأرجح بمثل هذه السرعات المذهلة؟

وفقًا لنظرية الجاذبية الحالية، هناك مُرشح واحد فقط قادر على فعل هذا الشيء – ثقب أسود فائق الكتلة-. طور “جينزل” و”غيز” طرقًا للرصد بمساعدة أكبر التلسكوبات في العالم عبر السحب الضخمة لغازات النجوم والغبار الكوني وحتى مركز مجرة ​​درب التبانة.

مع تقدم تقنيات الرصد، ابتكر العالمان تقنيات جديدة للتعويض عن التشوهات التي يسببها الغلاف الجوي للأرض، وعملوا على بناء أدوات فريدة والتزموا بأبحاث طويلة المدى، فأعطانا عملهم الرائد الدليل الأكثر إقناعًا حتى الآن على وجود ثقب أسود هائل في مركز مجرة ​​درب التبانة.

فتحت اكتشافات الفائزين على جائزة نوبل في الفيزياء هذا العام آفاقًا جديدةً لدراسة الأجسام المدمجة وفائقة الكتلة. لكن هذه الأشياء الغريبة لا تزال تطرح العديد من الأسئلة في أذهان العلماء وتتطلب إجابات وتحفز عجلة البحث في المستقبل.

لا تنحصر الأسئلة فقط حول الهيكل الداخلي لهذه الأجسام، ولكن أيضًا تدور حول كيفية اختبار نظريتنا عن الجاذبية في ظل الظروف القاسية في المنطقة المجاورة مباشرة للثقب الأسود.

الجاذبية تمسك الكون في قبضتها

ربما تكون الثقوب السوداء هي أغرب نتيجة لنظرية النسبية العامة، فعندما قدم ألبرت أينشتاين نظريته في تشرين الثاني (نوفمبر) 1915، قلبت هذه النظرية جميع المفاهيم السابقة عن المكان والزمان رأسًا على عقب.

قدمت النظرية أساسًا جديدًا تمامًا لفهم الجاذبية التي تشكّل الكون على نطاق واسع. منذ ذلك الحين، وضعت هذه النظرية حجر الأساس لجميع الدراسات  والأبحاث المتعلقة بالكون ولها أيضًا استخدام عملي في واحدة من أكثر أدوات التنقل شيوعًا لدينا وهي أنظمة ال “GPS”.

تصف نظرية أينشتاين كيف أن كل شيء وكل شخص في الكون يقع في قبضة الجاذبية. تربطنا الجاذبية بالأرض، وتحكم مدارات الكواكب حول الشمس ومدار الشمس حول مركز مجرة ​​درب التبانة، وتؤدي الجاذبية إلى ولادة النجوم من السحب النجمية، كما تتسبب في موت النجوم عند انهيارها  وتعطي الجاذبيةُ الفضاءَ شكله المعروف وتؤثر على مرور الوقت؛ إذ أن الكتلة الثقيلة تعمل على إنحناء الفضاء وتبطئ الوقت.

يمكن لكتلة ثقيلة للغاية أن تقطع وتغلف جزء من الفضاء مُكوِنةً ما يُعرف باسم الثقب الأسود. جاء أول وصف نظري لما نسميه الآن بالثقب الأسود بعد أسابيع قليلة من نشر النظرية العامة للنسبية.

على الرغم من المعادلات الرياضية المعقدة للغاية للنظرية، كان عالم الفيزياء الفلكية الألماني “كارل شوارزشيلد” قادرًا على تزويد أينشتاين بحل يصف كيفية ثني الكتل الثقيلة للزمان والمكان.

أظهرت دراسات لاحقة أنه بمجرد تكوين الثقب الأسود، فهو يحيط به “أفق حدث” يدور حول الكتلة في مركزه مثل الحجاب. يظل الثقب الأسود مختبئًا إلى الأبد داخل أفق الحدث. كلما زادت الكتلة، زاد حجم الثقب الأسود وأفقه.

بالنسبة لكتلة تعادل الشمس، قد يبلغ قطر أفق الحدث ثلاثة كيلومترات تقريبًا، أما بالنسبة لكتلة مثل الأرض، فلن يبلغ قطره أكثر من تسعة ملليمترات فقط!

المصادر

nobelprize

الفن التجريدي: سلسلة الفن الحديث

هذه المقالة هي الجزء 9 من 11 في سلسلة مقدمة في تاريخ الفن الحديث

عندما طرحت المدرسة الرومانسية أفكارًا جديدة حول الفن معارضة لتركيز الكلاسيكية على التقليد والمثالية، وشددت على دور الخيال واللا وعي كعوامل إبداعية أساسية، أدت بدون قصد إلى ظهور العديد من المذاهب الفنية الفريدة لاحقًا، وهو ما أدى إلى ظهور الفن التجريدي.

تعود أصول الفن التجريدي إلى القرن التاسع عشر، وبدأ على إثر ذلك قبول العديد في عالم الفن من الفنانين الحرية الفكرية الجديدة تدريجياً. فكما صرّح “موريس دينيس: عام 1890 قائلًا:  “يجب أن نتذكر أن اللوحة قبل أن تكون حصانًا حربيًا أو امرأة عارية أو حكاية من نوع ما، هي أساسًا عبارة عن سطح مستوٍ مغطى بألوان بترتيب معين.”

Composition V, By: Wassily Kandinsky, 1911

الفن التجريدي

يعتبر الفن التجريدي الفن الرافض لتقديم تصوير دقيق للواقع، بل يستخدم بدلاً من ذلك الأشكال والألوان والرموز لتحقيق هدفه. ويعتمد أيضًا على تبسيط الأشكال لتكوين ما أو لمنظر طبيعي، ويعد أيضًا مصطلحًا للفن الذي يستخدم أشكالًا ليس لها أي مصدر على الإطلاق. وغالبًا ما يحمل الفن التجريدي بُعدًا أخلاقيًا؛ حيث يقوم بتمثيل الفضائل المختلفة كالنظام والنقاء والبساطة والروحانية. ويعد “كاندينسكي” عمومًا أول فنان ينتج لوحات تجريدية بحتة تحتوي أشياء لا يمكن التعرف عليها.

وقد أدى ظهور عدة حركات إلى توسيع نطاق الفن التجريدي من أهمها حركة الفن التجريدي الهولندي (de Stijl) في هولندا، الحركة الدادية (Dada) في زيورخ. وقد قاد الأولى بيت موندريان “Piet Mondrian” والذي كان من أهم رموز تطوير الفن التجريدي الحديث والقائد الرئيسي للحركة التجريدية الهولندية بلوحاته الناضجة، وقد استخدم موندريان مجموعات بسيطة للغاية من الخطوط المستقيمة والزوايا القائمة والألوان الأساسية والأسود والأبيض والرمادي.

Composition with Red, Blue and Yellow, By: Piet Mondrian, 1930

فمنذ خمسينيات من القرن الماضي، كان الفن التجريدي منتشرًا في نطاق واسع في التصوير والنحت الأوروبي والأمريكي. وعلى الرغم من إرباكه العديد من الناس، لكنه حمل قيمة وإنجازًا عظيمًا لأولئك الذين قبلوا لغته الفريدة.

وبالرغم من تلقى التجريدية القليل من الاهتمام في بدايتها وعدم حظيها بالازدهار كالحركات الفنية التي ركزت على الصور الحقيقية كالسريالية والواقعية، ظهرت بعدها مدرسة أمريكية للفن التجريدي تسمى التعبيرية التجريدية أثرت تأثيرًا كبيرًا وعلى نطاق واسع في عالم الفن.

التعبيرية التجريدية

أصبحت تلك الحركة الأمريكية اتجاهًا سائدًا في الفن الغربي. وكان من أبرز الفنانين التعبيريين التجريديين الأمريكيين “Jackson Pollock – جاكسون بولوك” و”ويليام دي كونينج” و”فرانز كلاين” و”مارك روثكو”. وقد عاش وعرض معظمهم في مدينة نيويورك.

Seated Women, By: Willem de Kooning, 1940

وقد بدأت الحركة التعبيرية التجريدية مع اللوحات التي رسمها “جاكسون بولوك” و”ويليم دي كونينج” في أواخر الأربعينيات وأوائل الخمسينيات من القرن الماضي. وقد تألفت الحركة من عدة أساليب فنية تختلف في كل من التقنية وجودة التعبير، وعلى الرغم من هذا التنوع، فإنها تشترك في عديد من الخصائص العامة.

فغالبًا ما تصور أشكالًا غير واقعية وغير مستمدة من العالم المرئي، وتؤكد على التعبير العاطفي الحر والعفوي. ويمارس فنانوها حرية كبيرة في الأسلوب والتنفيذ لتحقيق أهدافهم، مع التركيز بشكل خاص على استغلال طبيعة الألوان العفوية لاستحضار صفات تعبيرية: كالديناميكية والعنف والغموض والتناغم. وقد قاموا بالتركيز على التطبيق الغير مدروس لتلك الألوان كشكل من أشكال الارتجال النفسي الشبيه بالسرياليين في التعبير عن قوة اللاوعي في الفن، فقد استلهموا الفكرة السريالية القائلة بأن الفن يجب أن يأتي من اللاوعي.

Convergence, By: Jackson Pollock, 1952

وعلى الرغم من تنوع الحركة التعبيرية التجريدية، يمكن التمييز بين نوعين رئيسيين منها:

أولًا الرسم الحركي، وهو يتميز بمعالجة فضفاضة وسريعة أو ديناميكية للألوان بضربات الفرشاة وبتقنيات تمليها المصادفة جزئيًا، مثل تقطير الألوان أو سكبها مباشرة على القماش بطريقة ارتجالية! وقد مارس بولوك الرسم الحركي واشتهر بوضع قماشه على الأرض والرقص حوله وهو يسكب الألوان من العلب أو بالفرشاة أو العصا.

فقد وضع رسامو الحركة بهذه الطريقة نغماتهم الداخلية مباشرة على اللوحة القماشية وقاموا ببناء أشكال معقدة ومتشابكة من الألوان، بالإضافة للأنماط الخطية المثيرة.

أما النوع الثاني فتكون من نهج الفنانين “روثكو” و”نيومان” و”رينهاردت” و”كليفورد ستيل”. فقد استخدم هؤلاء الرسامون مساحات كبيرة من الألوان المسطحة الواحدة، بالإضافة للألوان الشفافة لتحقيق تأثيرات هادئة وتأملية. وقد تكونت معظم أعمال “روثكو” من مجموعات واسعة من مناطق مستطيلة ذات الحواف الناعمة والألوان المائلة للوميض والصدى والانتشار.

White Center (Yellow, Pink and Lavender on Rose), By: Mark Rothko, 1950

وقد اهتموا بشدة بشدة بالدين والأساطير وقاموا بإنشاء تراكيب بسيطة في مساحات كبيرة من الألوان تهدف إلى إنتاج استجابة تأملية أو تأملية لدى المشاهد. وقد أدى هذا النهج للرسم إلى تطور ما يعرف بـ (الفن الميداني الملون) والذي يتميز بإنشاء الفنانين لمساحات كبيرة من لون واحد أو أكثر.

مصادر:
Tate
Tate
Britannica
Britannica

نوبل في الطب 2020: ما هو فيروس التهاب الكبد الوبائي سي؟ وكيف تم اكتشافه؟

نوبل في الطب 2020: ما هو فيروس التهاب الكبد الوبائي سي؟ وكيف تم اكتشافه؟

في صباح اليوم الإثنين الموافق 5-10-2020، أعلنت الأكاديمية السويدية الملكية للعلوم فوز كلاً هارفي ألتر، وتشارلز رايز، ومايكل هاوتون بجائزة نوبل في الطب لعام 2020 عن اكتشافهم فيروس التهاب الكبد الوبائي سي (HCV). فذلك الفيروس الذي ظل لغزاً مجهولاً لعقودٍ طويلة، ونتيجة للجهل بوجوده استطاع أن ينتشر في أرجاء المعمورة شرقاً وغرباً مما جعله واحد من أهم أمراض العصر؛ فطبقاً لمنظمة الصحة العالمية (WHO) هناك أكثر من 71 مليون مريض مزمن بفيروس التهاب الكبد الوبائي سي، يموت منهم نسبة كبيرة جداً نتيجة لتليف وسرطان الكبد. إلا أنه مع المعرفة الصحيحة للفيروس، وتطوير العلاجات المتسمر تنحصر تلك النسبة المتوفية بشدة. ولكن ما هو فيروس التهاب الكبد الوبائي سي؟ وكيف تم اكتشافه؟ هذا ما ستناوله بالتفصيل في الأسطر القادمة.

ما هو فيروس التهاب الكبد الوبائي سي؟

هو أحد أهم الفيروسات التي تصيب الكبد، وسر أهميته يكمن في صمته؛ حيث أنه لا يبدأ في إظهار أي علامات على وجوده إلا بعد فترة طويلة جداً من الزمن يكون الكبد قد تأثر بشكلٍ بالغ. ينتقل الفيروس عن طريق الدم مثله مثل فيروس ب ويتوجه للكبد ليبدأ دورة حياته:

  1. الارتباط : وفيها ترتبط مستقبلات على سطح الفيروس بمستقبلات على سطح خلية الكبد.
  2. دخول: بعد أن يتم الارتباط يتحرك الفيروس بما يحيطه من غلافه على سطح الخلايا مثل الكورة حتى يصل لنقطة معينة، تحديداً نقطة التصاق خليتي كبد متجاورتين، وهنا يدخل الفيروس الخلية مغلفاً بغلاف خلوي مصدره الغشاء الخلوي لخلية الكبد.
  3. التحرر: عند دخول الفيروس مغلفاً لا تلبث المادة الوراثية للفيروس أن تتحرر من الغلاف بفعل من درجة الأس الهيدروجيني للسيتوبلازم. وبذلك تكون المادة الوراثية للفيروس (وهي من النوع RNA) حرة.
  4. الترجمة: يتم ترجة المادة الوراثية للفيروس إلى مركب من البروتينات متلاصقة مع بعضها، يبلغ طولها حوالى 3000 حمض أميني.
  5. هنا يأتي دور إنزيمات من الخلية المضيفة حتى تشترك مع إنزيمات الفيروس في تقطيع ذلك المركب الضخم إلى البروتينات المنفردة التي تكون الفيروس، وعددها عشرة بروتينات.
  6. التكاثر: لاتزال الخلية المضيفة تقدم خدماتها لمراحل حياة الفيروس حيث في تلك المرحلة أيضاً تتعاون مع بعض بروتيات الفيروس حتى تكون ما يشبه بالحويصلة تصلح لتكاثر المادة الوراثية للفيروس، وزيادة أعدادها حتى تنتج أعداد غفيرة من الفيروس.
  7. التجميع: تجتمع البروتينات في ترتيبها الطبيعي محيطةً بالمادة الوراثية للفيروس ويضاف إليها بعض جزيئات من البروتينات الدهنية للخلية حتى يتكون التركيب الطبيعي للفيروس.
  8. الخروج والانتشار: بعد أن يكون الفيروس مكتمل النضج، يتحرر من الغشاء الخلوي لخلية الكبد للبيئة الخارجية للنسيج حتى يصيب المزيد من الخلايا.

تصاحب دورة حياة فيروس الكبد الوبائي سي العديد من الأعراض المرضية تُقسم حسب فترة ظهورها إلى أعراض حادة وأعراض مزمنة. أما عن الأعراض الحادة فتلك التي تظهر خلال ستة أشهر من الإصابة وتكون غير مميزة، ولا تستدعي الذهاب للمستشفى، وقد يستطيع جسم المُصاب أن يقضي على الفيروس في تلك المرحلة في قرابة 20% من الحالات فقط. في حالة نجاة الفيروس من تلك المرحلة يدخل المريض في الإصابة المزمنة التي غالباً ما يفشل جسم المريض فيها في التخلص من الفيروس وتتمثل خطورة تلك المرحلة في أنها قد تؤدي للإصابة بالتليف الكبدى وفشله عن أداء وظيفته بالإضافة للإصابة بسرطان الكبد المرتبط بشدة بالفيروس. وهنا يجب الإشارة أن السبب في كل ذلك هو رد الفعل المناعي تجاه الفيروس وليس الفيروس نفسه؛ فتواجد الفيروس داخل الخلية وتكاثره بها يتسبب في بعض التغيرات على سطح الخلية المضيفة تجعل الخلايا المناعية تتعرف عليها كجسم مريض يجب قتله، وبالفعل يتم قتل عدد كبير من خلايا الكبد المُصابة بسرعة تفوق قدرة الكبد على التعويض، وبالتالي يتم الشفاء عن طريق التليف، وكنتيجة لذلك لا يستطيع الكبد أداء وظيفته بشكلٍ مناسب ويكون معرض بشكل ضخم للفشل. والآن أصبح لدينا صورة كاملة ملخصة عن كيفية تفاعل الفيروس مع الجسم، تبقى لنا أن نعرف كيف استطاع علماؤنا الثلاثة الكشف عن ذلك العدو اللدود في الثلث الأخير من القرن الماضي

هارفي ألتر وفكرة وجود الفيروس:

كان كلاً من فيروس التهاب الكبد الوبائي أ و ب HBV&HAV متعارف عليه في أربعينيات القرن الماضي. وتم تطوير آليات للكشف عنهما في الدم بمرور الوقت؛ لتقليل الإصابة بإلتهاب في الكبد بعد عملية نقل الدم. وبالفعل قلة الإصابة بالاتهابات الكبد بشكل ملحوظ، ولكن ظلت هناك نسبة كبيرة من التهابات الكبد مجهولة المصدر والذي استطاع هارفي ألتر الكشف عنها في العديد من أوراقه البحثية سنتابع منهم ثلاثه أمثلة:

1. الدراسة الأولى:

قام ألتر بجمع عينات دم ل 22 حالة قبل وبعد اسقبالهم للدم وكشف فيها عن: أجسام مضادة للفيروس التهاب الكبد ب و أ، بالأضافة لأنتيجن فيروس ب (الأنتيجن هو مركب مميز على سطح الكائنات الممرضة تتعرف عليها خلايا المناعة)، وكذلك أجسام مضادة لفيروسات EBV و cytomegalovirus وجميعها تُصيب الكبد بالتهاب. وعلى الرغم من أن الحالات جميعاً كانت مصابة بالتهاب في الكبد ألا أن النتائج كانت كما يلي:

  1. فيروس أ: سالب قبل وبعد استقبال الدم.
  2. فيروس ب: سبع حالات كان لديها أجسام مضادة قبل استقبال الدم مما يعني إصابتها به من قبل، و 15 حالة لم تعبر عن أجسام مضادة سواء قبل أو بعد استقبال الدم فقط حالة واحدة ظهر فيها أجسام مضادة بعد عملية نقل الدم، إلا أن جميع الحالات لم يتواجد في عيناتها أنتيجين فيروس ب سواء قبل أو بعد نقل الدم.
  3. EBV: جميعهم تواجدت في أجسامهم الأجسام المضادة لذلك الفيروس قبل عملية نقل الدم، ولم يزداد تركيزها بعده مما يعني عدم الإصابة.
  4. cytomegalovirus: فقط تسع حالات من عبرت عن أجسام مضادة بعد نقل الدم إلا أنه يُستبعد أن يكون ذلك الفيروس السبب لالتهاب الكبد لديهم لعدم توافق أعراضه الإكلينيكية مع أعراض الحالات المُصابة.

2. الدراسة الثانية:

كانت هدف هذا الدراسة بشكل رئيسي تحسين الاختبارات المُستخدمة في عملية نقل الدم. وقد استعان فيها ألتر وفريقه بعينه مكون من 108 شخص استقبلوا الدم، واتضح أن منهم 12 شخصاَ أصيب بالتهاب في الكبد ولكن ما السبب؟! بعد عمل تحاليل الدم المناسبة اتضح أن أربع حالات فقط هي من أصيبت بفيروس التهاب الكبد الوبائي ب، أما الثماني حالات الباقية فلم تظهر تحاليلهم نتائج إيجابية للإصابة بكلٍ من فيروس ب وأ وEBV و cytomegalovirus. فبذلك جائت تلك الدراسة مؤكدة لسابقتها.

3. الدراسة الثالثة:

هنا أكد في تلك الدراسة على وجود فيروس مجهول يُسبب المرض وأكد أنه قبال للانتشار مثله مثل قرينه فيروس ب. في تلك الدراسة استعان فيها بحيوان الشمبانزي، ولكن لماذا الشمبانزي تحديداً؟ لإن الشمبانزي مثله مثل الإنسان يُصاب بفيروس التهاب الكبد الوبائي ب وأ. قام ألتر وزملائة بجمع عينات دم من أربعة مصابين بالتهاب كبد ثبت أنه ليس نتيجة لفيروس ب أو أ وحقنوها في خمسة حيوانات شمبانزي وعزلوهم عن بعضهم العض، وبعد فترة قاموا بمتابعة تحاليل الدم خاصتهم وأخذ عينات من الكبد التي أظهرت إصابة ثلاثة من الشمبانزي بالمرض حيث الارتفاع في إنزيمات الكبد، وكذلك أظهرت العينات تحت الميكرسكوب مظهراً مشابه بشدة لمظهر التهاب فيروس الكبد الوبائي ب مما يؤكد أن ما يتسبب في ذلك الاتهاب هو أيضاً فيروس، والأمر الآخر الذي يؤكد ذلك أنهم استطاعوا تحديد مدى معين لفترة الحضانة.

بذلك لن نكون مخطئين إذا قولنا أن هارفي ألتر نجح في توجيه الأبصر، والمجهودات ناحية فيروس جديد مجهول ممكن أن يكون أكثر خطورة من فيروس التهاب الكبد الوبائي ب.

مايكل هاوتون وعبقرية اكتشاف الفيروس:

إذا أردت أن تعرف أني موجود عليك أن تراني بعينيك، ولكن هل تلك الطريقة الوحيدة التي تتأكد فيها من وجودي؟ في الحقيقة لا فقط تدرك وجودي من آثار أقدامي مثلاً. ونحن أمامنا مثال حي يدعم تلك الإجابة وهو مايكل هاوتون؛ فهاوتون لم يكن تقليدياً في بحثه فلم يضيع وقته في محاولة عزل الفيروس ورؤيته بشكل مباشر. فاتبع افتراض أنه لطالما أن المسبب في ذلك المرض قد يكون بنسبة كبير فيروس فمؤكد سيسبب ذلك الفيروس رد فعل مناعي ويتواجد ضده أجسام مضاده في الدم، فلم لا نستغل النتيجة أو الأثر للوصول للسبب؟ هذا ما فعله هاوتون. حيث أنه قام بحقن عينة من مصابي التهاب كبد مجهول السبب في حيوانات الشمبانزي حتى تكون بمثابة بيئة لتكاثر المادة الوراثية للفيروس، بعدها تم الحصول على عينات من تلك الحيوانات وعزل المادة الوراثية التي تتكون من المادة الوراثية للشمبانزي والفيروس، وقام بتقسيمها وزراعتها في بكتيريا حتى تعبر تلك الأحماض النووية عن نفسها وتصنع بروتيناتها والجدير بالذكر أنه حصل على عدد ضخم جداً من تلك الأحماض النووية تُعد بالملايين. وبعد ذلك عرضها على بلازما مصدرها المرضى من البشر، ولك أن تتخيل عزيزي القارئ أن عينة واحدة فقط من الأحماض النووية كانت صحيحة أي ارتبطت بها الأجسام المضادة. تم عزل تلك العينة والإكثار منها للحصول على الترتيب الجيني للفيروس، وقد استغرق ذلك العمل قرابة السبع أعوام ونتج عنه التعرف على الفيروس وتسميته بفيروس سي.

تشارلز رايز وآخر قطع الأحجية:

هل يكفي فيروس سي وحده للتتسبب بالمرض؟ الإجابة كانت من عند تشارلز رايز الذي نجح في مقارنة الأحماض النووية لعينات من فيروس سي. حيث أن المادة الوراثية لفيروس سي هي من النوع RNA، ونتيجة لذلك يزداد معدل الطفرات بشكل قوي عن الطبيعي فبتالي ليست جميع جزيئات فيروس سي تمتلك نسخة مطابقة للمادة الوارثية بل إن الكثير منها قد يمتلك في طيات مادته الوراثية ما يعرقل تكاثره وتسبيبه للمرض وهذا ما اكتشفه تشارلز رايز. وقد اكتشف أيضا تتابع مميز من القواعد النيتروجينة في إحدى نهايات جزيئ ال RNA افتراض أنها مهمة جدا في دورة حياة الفيروس. وعليه قام تشارلز بعزل تلك التتابعات التي اعتقد أنها قد تعرقل تكاثر الفيروس، وحافظ على ذلك التتابع المهم، حتى يتكون لديه الفيروس المثالي ومن ثم قام بحقنه في الشمبانزي الذي تسبب فعلا في المرض والتدمير المزمن للكبد.

النتائج:

استطاعت تلك الأبحاث سالفه الذكر أن تغير من موقف البشرية أمام ذلك الفيروس المخادع؛ فبعد الوصول الدقيق لتركيبه الشكلي والجيني والبروتينات الموجودة على سطحه أصبح من الممكن توفير الإمكانيات المناسبة للتعرف على وجوده في الدم حتى يقل بذلك الإصابة بالتهاب الكبد الوبائي المرتبط بعمليات نقل الدم، وتتوفر الطرق المناسبة للتشخيص. والأهم أيضاً أن بالمعرفة الدقيقة للفيروس استطعنا تطوير علاجات مناسبه منها ما يمنع تكاثر الفيروس مثل Ribavirin عن طريق منع تصنيع مادته الوراثيه RNA. ومنها من يعمل على قتل واستهداف الفيروس بشكل مباشر. ومنها من يسهتدف خطوة تقطيع مركب البروتين الذي يتم تكوينة بعد خطوة الترجمة وبذلك يمنع تكوين الفيروس وانتشاره. وبالطبع هناك عقار Sovaldi المشهور الذي يمنع تكاثر الفيروس. ولا يزال التطور قائم باكتشاف عقارات جديدة أو بالدمج بين أكثر من عقار.

مصادر (نوبل في الطب 2020: ما هو فيروس التهاب الكبد الوبائي سي؟ وكيف تم اكتشافه؟):

WHO report

HCV life cycle-Hepatitis online

Us san diego health

nobel in medicine

NEJM

Lancet

Hepatology

Lancet

Science

Health line

تاريخ اكتشاف فيروسات التهاب الكبد الوبائي

في القرن الثامن عشر انتشر عدد من الأوبئة خلال الحملات العسكرية ومنها التهاب الكبد الفيروسي، وخلال الحرب الأهلية الأميركية بين العامين ١٨٦١ و ١٨٦٥، أصاب التهاب الكبد الفيروسي حوالي ال٥٢ ألف حالة، أما في الحرب العالمية الثانية، فسبب التهاب الكبد وفاة حوالي ١٦ مليون شخص. انطلاقا من أهمية هذا الموضوع سنتكلم في هذا المقال عن تاريخ اكتشاف فيروسات التهاب الكبد الوبائي.

التهاب الكبد الفيروسي:

التهاب في الكبد، ينتج عن عدوى فيروسية، وهو يُعد مرض خطير، وقد يؤدي إلى الوفاة. هناك ٥ أنواع من فيروسات التهاب الكبد هي: A و B و C وD وE، وتختلف هذه الأنواع من الفيروسات في طريقة انتقالها وفي خطورتها و أعراضها، إلا أنه يعد التهاب الكبد B وC الاكثر انتشارًا، وهما السبب الأكثر شيوعًا لتشمع الكبد وسرطان الكبد.

رحلة التهاب الكبد في قديم الزمان:

منذ ٥٠٠٠ عام، تم وصف اليرقان الناتج عن التهاب الكبد في الحضارة السومرية على أنه شيطان يغزو الكبد، أما في العصور الوسطى، كان مرض اليرقان (أي الصفرة) معروفًا ولكنه كان يُعتبر كعقاب إلهي، فكان مرضى اليرقان يُعزلون كونهم “غير طاهرين”.

في القرن الثالث قبل الميلاد، وصف ابوقراط اليرقان الوبائي الذي سبب فشل الكبد لعدد من المرضى، وكان ذلك في القرن الثالث قبل الميلاد، أما في القرن الرابع عشر، بدأ الحديث عن الأمراض المُعدية يزداد، وبدأت فكرة العزل لهذه الأمراض أكثر شيوعًا.

تاريخ اكتشاف الفيروسات المختلفة المسببة لالتهاب الكبد:

بعد انتشار التهاب الكبد بشكل كبير ووصف الحالات التفصيلي بدأت ملامح المرض وأسبابه تبدو أوضح للعلماء، في عام ١٨٨٥، لاحظ لوهرمان الذي كان يتابع انتشار الأوبئة في سفينة حربية، أن الأشخاص الذين أصيبوا بالتهاب الكبد هم الذين حصلوا على لقاح الجدري، اما الاشخاص الذين لم يحصلوا على اللقاح فلم يصابوا بالمرض، مما جعله يتأكد أنه ينتقل عبر بلازما الدم.

بعد الانفجار الوبائي في قوات البحرية الأميركية، حيث أصاب أكثر من ٥٦ ألف شخص منهم عام ١٩٤٢، اكتُشف أن سبب الانتشار الوبائي كان أيضا اللقاح ضد الحمة الصفراء، وكان اللقاح يحمل فيروسات التهاب الكبد.

عام ١٩٤٧، اكتشف ماك كالوم البريطاني وهو أخصائي بأمراض الكبد، لاول مرة وجود نوعين من التهاب الكبد،
و تم تأكيد هذه النظرية من خلال مجموعة من الاختبارات، وأهمها بين العامين ١٩٦٤ و ١٩٦٧ التي أُجريت من قِبل “سول كروغمان- Saul Krugman” والتي ميزت بين نوعين من التهاب الكبد، الأول ذو فترة حضانة قصيرة (30 إلى 45 يوم) و الثاني ذو فترة حضانة طويلة (60 إلى 90 يوم).

تاريخ اكتشاف فيروسات التهاب الكبد الوبائي:

رغم أن التهاب الكبد الفيروسي يُعد من أقدم الأمراض، إلا أن تحديد الفيروسات المختلفة المسؤولة عنه لم يحصل إلا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، ويُعتبر اكتشاف فيروسات التهاب الكبد واحد من اهم الانجازات العلمية و الطبية في الخمسين سنة الفائتة، حيث اُكتشف فيروس التهاب الكبد B عام ١٩٦٥ من قبل العالم باروتش بلومبرغ وهو طيبب و عالم اميركي الذي فاز بجائزة نوبل لهذا الاكتشاف في عام ١٩٧٦، وقد شكل ثورة في عالم الطب الوبائي.

أما فيروس التهاب الكبد A، فقد تم اكتشافه من حوالي الخمسين عامًا في ابحاث تشبه التي استخدمت في اكتشاف الفيروس B.

بالنسبة لاكتشاف الفيروس C حدث من خلال جهود علماء عدة وهم هارفي ألتر وتشارلز رايز (أمريكيان) ومايكل هاوتون (البريطاني) وقد فاز هذا الاكتشاف، بعد سنوات عديدة، بجائزة نوبل في هذا العام.

اكتشف فيروس التهاب D في منتصف السبعينات في ايطاليا. اما فيروس التهاب E، فاكتُشف عام ١٩٧٨ في الهند.

الأنواع الخمسة لالتهاب الكبد الفيروسي:

التهاب الكبد A:

ينتج عن فيروس التهاب الكبد (HAV)، وهو شديد العدوى، إذ تنتقل العدوى عن طريق الطعام والشراب الملوثين، وتم الكشف عن الفيروس في براز ودماء الأشخاص المصابين.
تشمل الأعراض التي يعاني منها المرضى: تعب وغثيان وآلام في المعدة ويرقان، وقد تستمر هذه الأعراض لمدة تصل إلى شهرين، والجدير بالذكر أن هذا النوع من التهاب الكبد لا يتطور لمرض مزمن.

التهاب الكبد B:

يسببه فيروس التهاب الكبد (HBV)، وتنتقل هذه العدوى عن طريق الدم وسوائل الجسم، ليس كل الأشخاص المصابين حديثًا بالفيروس لديهم أعراض، إذ قد يصاب المريض بمضاعفات خطيرة بصمت ودون ظهور أعراض، ويمكن أن تشمل الأعراض في حال ظهرت: التعب وفقدان الشهية وآلام في المعدة وغثيان ويرقان.
هذا النوع من التهاب الكبد يمكن أن يصبح عدوى مزمنة طويلة الأمد وقد تؤدي إلى مشاكل صحية خطيرة، بل ومهددة للحياة مثل تليف الكبد أو سرطان الكبد، وأفضل طريقة للوقاية من التهاب الكبد B هي التطعيم.

التهاب الكبد C:

يسببه فيروس التهاب الكبد (HCV)، وتنتقل العدوى عن طريق الدم أو سوائل الجسم كما هو الخال في التهاب الكبد B.
قد يتطور التهاب الكبد C إلى عدوى مزمنة طويلة الأمد، ويسبب مشاكل صحية خطيرة، بل ومهددة للحياة مثل تليف الكبد وسرطان الكبد.
غالبًا لا يعاني الأشخاص المصابون من أعراض ولا يشعرون بالمرض، وعندما تظهر الأعراض، فإنها غالبًا ما تكون علامة على مرض الكبد المتقدم، أما بالنسبة للوقاية فأفضل ما يمكن فعله تجنب السلوكيات التي من الممكن أن تسبب المرض، إذ لا يوجد لقاح، ويعد إجراء اختبار التهاب الكبد C أمرًا مهمًا، لأنه في غضون 8 إلى 12 أسبوعًا قد يُعالج معظم المصابين به.

التهاب الكبد D:

تحدث عدوى فيروس التهاب الكبد D (HDV) فقط في الأشخاص المصابين بفيروس HBV، يمكن أن تؤدي العدوى المزدوجة لـ HDV و HBV إلى مرض أكثر خطورة ونتائج أسوأ، توفر لقاحات التهاب الكبد B الحماية من عدوى HDV.

التهاب الكبد E:

يسببه فيروس التهاب الكبد (HEV)، وتنتقل العدوى في الغالب عن طريق المياه أو الطعام الملوث، فيروس التهاب الكبد الوبائي هو سبب شائع لتفشي التهاب الكبد في البلدان النامية من العالم ويتم التعرف عليه بشكل متزايد كسبب مهم للمرض، ولقد تم تطوير لقاحات آمنة وفعالة للوقاية من عدوى هذا الفيروس ولكنها غير متوفرة على نطاق واسع.

أخيرًا

كان للعلماء دور عظيم في رحلة الاكتشافات هذه، والتي قادت لعدد إصابات أقل ووفيات أقل، وكما وضحت بعض الأسباب لباقي حالات التهاب الكبد المزمنة، وأُتيح أيضًا إجراء فحوصات دم وأدوية جديدة أنقذت حياة الملايين من المرضى.

المصادر:

who
cdc
onlinelibrary
hepb

للمزيد حول: اكتشاف فيروس التهاب الكبد الوبائي سي

جائزة نوبل للطب لعام 2020

اكتشاف فيروس التهاب الكبد الوبائي سي يفوز بجائزة نوبل لعام 2020

اكتشاف فيروس التهاب الكبد الوبائي سي يفوز بجائزة نوبل لعام 2020، لماذا؟

هدد التهاب الكبد الوبائي سي عالميًا صحة الإنسان، وهو ناتج بشكل رئيسي عن العدوى الفيروسية. وبالرغم من أن المرض فيروسي إلا أن تعاطي الكحول والسموم البيئية وأمراض المناعة الذاتية هي أيضًا عوامل مهمة تزيد من احتمالات الإصابة بالمرض.

في الأربعينيات من القرن الماضي، أصبح من الواضح أن هناك نوعين رئيسيين من التهاب الكبد المعدي، الأول التهاب الكبد A؛ وهو ينتقل عن طريق الماء أو الطعام الملوث، وعادة ما يكون له تأثير ضئيل على المدى الطويل على المريض، بينما ينتقل النوع الثاني التهاب الكبد B عن طريق الدم وسوائل الجسم.

تأتي نوبل 2020 لتتوج جهود ثلاثة علماء ممن كان لهم الفضل في اكتشاف فيروس التهاب الكبد الوبائي C أو سي، فسنستعرض نبذة مبسّطة عن هذا الاكتشاف الذي أنجزوه.

جائزة نوبل للطب والفيسيولوجي لعام 2020

أعلنت الأكاديمية السويدية الملكية للعلوم فوز الثلاثي «هارفي ألتر-Harvey J. Alter» و«تشارلز رايز-Charles M. Rice» (أمريكيان) و«مايكل هاوتون- Michael Houghton» (البريطاني) بجائزة نوبل في الطب والفسيولوجي عن اكتشافهم لالتهاب الكبد الوبائي سي.

رغم معرفة فيروسات المسببة لالتهاب الكبد الوبائي منذ فترة طويلة، إلا أن ما قام به العلماء الثلاثة استمد أهميته من كونه اكتشاف أساسي أدى إلى التعرف على فيروس مُختلف وهو فيروس التهاب الكبد C أو سي، وكان لاكتشاف وتمييز الفيروس سي من فيروسات التهاب الكبد الوبائي أ أو A وب أو B أهمية حاسمة لمحاربته، إذ وضحت بعض الأسباب لباقي حالات التهاب الكبد المزمنة، كما أُتيح إجراء فحوصات دم وأدوية جديدة أنقذت حياة الملايين من المرضى.

التهاب الكبد سي أو C:

غالبًا ما يكون هذا النوع من التهاب الكبد المنقول بالدم مرضًا مزمنًا قد يتطور إلى تليف الكبد أو سرطان الخلايا الكبدية.

هذا النوع من الفيروسات يبدو ماكرًا، حيث يُصاب الأفراد الأصحاء بالعدوى دون ظهور أعراض لسنوات عديدة قبل حدوث مضاعفات خطيرة، فانتشاره عالميًا وصل لما هو أكثر من مليون حالة وفاة سنويًا، مما يجعله مصدر قلق صحي عالمي على نطاق خطير ومماثل لأخطر الأمراض المعدية مثل الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية والسل.


من هم العلماء الثلاثة الذين حصلوا على جائزة نوبل لهذا العام؟

هارفي ألتر

طبيب وباحث أمريكي، وُلد في نيويورك عام 1935، وحصل على شهادته في الطب من جامعة روتشستر. انضم في عام 1961 لمعاهد الصحة الوطنية في الولايات المتحدة الأميركية. وقد اشتهر باكتشافه لفيروس التهاب الكبد سي في عام 1988.

مايكل هويتون

باحث بريطاني، حصل على شهادة الدكتوراة عام 1977 من جامعة «كنجز كوليدج لندن-King’s College London”. انضم إلى «شركة ج.د.سيرل-G.D Searle & Company» للأدوية قبل أن ينتقل إلى «شركة شيرون كوربورايشن- Chiron Corporation» للتكنولوجيا الطبية في كاليفورنيا. يشغل هوتون حاليًا منصب مدير معهد لي كا شنغ لعلم الفيروسات، الموجود في هونغ كونغ.

تشارلز رايس

عالم وباحث أميركي، وُلد في كاليفورنيا عام 1952. تخرج بشهادة دكتوراه من معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا عام 1981.أسس فريق بحث في جامعة واشنطن الطبية وأصبح بروفيسورًا في العام 1995. شغل منصب مدير مركز بحث فيروس التهاب الكبد سي في جامعة روكفيلير بين العامين 2001 و 2018.

ما دور العلماء الثلاثة في اكتشاف التهاب الكبد الوبائي سي الجديد؟

هارفي ألتر

بينما كان هارفي يدرس في المعهد الصحي القومي الأمريكي أسباب إصابة المرضى الحاصلين على نقل دم بالتهاب الكبد الوبائي، لاحظ هو ورفاقه وجود بعض الحالات التي لم تعان من التهاب الكبد الوبائي أ أو ب رغم مرورها بأعراض مشابهة.

ساعد هارفي ورفاقه ابتكار اختبارات دم دقيقة وقتها تكشف المصابين بالمرضين، فلاحظوا أن بعض ممن تناقلوا الدماء السليمة -كما هو مفترض- أصيبوا بأمراض التهاب الكبد الوبائي وطوروا أعراض مزمنة!

رفعت تلك الملاحظات من اهتمام هارفي بالأمر، فأثبت هو ورفاقه أن دماء هؤلاء المرضى يمكنها نقل المرض للشمبانزي، وأثبتت الدراسات اللاحقة أن ذلك العامل المعدي المتواجد في دماء هؤلاء يسلك سلوك الفيروس، فأجرى ألتر وفريقه تحقيقات علمية منهجية للتعرف على شكل جديد مختلف من الفيروسات المسببة لالتهاب الكبد الوبائي وعرف باسم التهاب الكبد الوبائي المغاير للنوع أ و ب.

مايكل هويتون

أصبح تحديد الفيروس الجديد أولوية قصوى بعد جهود ألتر هارفي. استُخدمت جميع التقنيات التقليدية للبحث عن الفيروسات، ولكن على الرغم من ذلك، فقد استعصى عزل الفيروس لأكثر من عقد من الزمان. وهنا يأتي دور مايكل هوتون.

عمل مايكل هويتون في شركة Chiron للأدوية، فبذل جهد شاق لعزل التسلسل الجيني للفيروس. صنع هوتون وزملاؤه مجموعة من قطع الحمض النووي من الأحماض النووية الموجودة في دم الشمبانزي المصاب. جاءت غالبية هذه القطع من جينوم الشمبانزي نفسه، لكن توقع الباحثين أن بعضها مشتق من الفيروس المجهول.

استخدم الباحثون أمصال المريض لتحديد قطع الحمض النووي الفيروسي المستنسخة التي تشفر البروتينات الفيروسية، على افتراض أن الأجسام المضادة ضد الفيروس ستكون موجودة في الدم المأخوذ من مرضى التهاب الكبد. وبعد بحث شامل ومضني، عثروا على نسخة إيجابية واحدة.

أظهر المزيد من العمل أن هذا الاستنساخ مشتق من فيروس RNA جديد ينتمي إلى عائلة Flavivirus فأسموه فيروس التهاب الكبد الوبائي سي أو C. أشار وجود الأجسام المضادة في مرضى التهاب الكبد المزمن بقوة إلى أن هذا الفيروس هو العامل المفقود الذي بحث العلماء عنه.

تشارلز رايس

أظهرت الدراسات المنهجية لالتهاب الكبد المرتبط بنقل الدم التي أجراها هارفي ألتر أن فيروسًا غير معروف كان سببًا شائعًا لالتهاب الكبد المزمن، وبالإضافة لاستخدم مايكل هويتون استراتيجية لعزل جينوم الفيروس الجديد المسمى فيروس التهاب الكبد الوبائي C، يأتي دور العالم تشارلز رايس، والذي قدم الدليل الحاسم الذي يُظهر أن فيروس التهاب الكبد الوبائي C وحده يمكن أن يسبب التهاب الكبد.

كانت أعمال هارفي وهويتون قوية، ولكن كان هناك جزء أساسي مفقود من اللغز وهو هل يمكن للفيروس وحده أن يسبب التهاب الكبد الوبائي سي؟

للإجابة على هذا السؤال، كان على العلماء التحقق مما إذا كان الفيروس المستنسخ قادرًا على التكاثر والإصابة بالمرض. لاحظ تشارلز الباحث في جامعة واشنطن في سانت لويس -مع مجموعات أخرى تعمل على الحمض النووي الريبي (RNA) للفيروس- جزء في نهاية جينوم فيروس التهاب الكبد الوبائي سي أو C، فاشتبهوا في أنها قد تكون مهمة لتكاثر الفيروس!

لوحظ أيضًا الاختلافات الجينية في عينات الفيروس المعزولة، وافترض رايس أن بعضها قد يعيق تكاثر الفيروس. بعد ذلك ومن خلال الهندسة الوراثية، أنتج تشارلز رايس نوعًا مختلفًا من الحمض النووي الريبي لفيروس التهاب الكبد الوبائي سي أو C شمل المنطقة المحددة حديثًا من الجينوم الفيروسي وكان خاليًا من الاختلافات الجينية المعطلة.

عند حقن هذا الحمض النووي الريبي في كبد الشمبانزي، اكتشف الفريق وجود الفيروس في الدم ولوحظ حدوث تغيرات مرضية تشبه تلك التي شوهدت في البشر المصابين بهذا المرض المزمن، فكان هذا هو الدليل النهائي على أن فيروس التهاب الكبد الوبائي سي أو C قادر وحده أن يتسبب في حالات التهاب الكبد غير المبررة أو المفهومة بوساطة نقل الدم والتي لاحظها هارفي ألتر كما ذكرنا سابقًا.

اتخذت لجنة نوبل قرارها بناءًا على تلك الجهود والأبحاث المرموقة في منح هؤلاء الثلاثة جائزة نوبل في الطب وعلوم وظائف الأعضاء (الفسيولوجي) لعام 2020 عن جهودهم في اكتشاف مرض التهاب الكبد الوبائي ومسبباته وهي جزء أساسي في اكتشاف العلاجات الحالية.

المصادر:

nobelprize

اقرأ المزيد حول:

جائزة نوبل للطب لعام 2019

كيف تعمل ذاكرة الإنسان ؟

في لقاء مع إخصائية علم النفس الإدراكي والخبيرة في مجال ذاكرة الإنسان الدكتورة اليزابيث لوفتس Elizabeth Loftus على منصة edx التعليمية تحدثت فيه عن خصائص وميزات الذاكرة و بشيء من التفصيل قدمت لك عزيزي القاريء إجابة لسؤال كيف تعمل ذاكرة الإنسان ؟

هل يعمل دماغنا ككاميرا فيديو؟

بالطبع لا يعمل الدماغ ككاميرا او أي نوع جهاز تسجيل، نحن لا نأخذ المعلومة ونعيد تكرارها مجددا، العملية بأكملها هي أعقد بكثير، ذاكرتنا قابلة لإعادة البناء، فنحن نجمع قضمات وقطع من خبراتنا التي اكتسبناها من أحداث حدثت في اوقات وأماكن مختلفة ونبني بها ذاكرتنا، فنحن عندما نتذكر شيء نقوم بعملية تشبه الى حد كبير عملية إعادة البناء.

هل هي عملية مثالية؟ هل هي قابلة للخطأ؟ كيف تعمل ذاكرة الإنسان ؟

في غمار خوضك لتفاصيل حياتك فأنت تكسب وتمتلك خبرات وتحتفظ بقطع من المعلومات، سيتحدث اليك آخرون، ستخبر غيرهم عن تجاربك، ربما تتغذى بمعلومات خاطئة حول هذه الخبرات والنشاطات قد تغير ذاكرتك او قد تنقل وتعيد ترتيبها، ولذلك عندما تتذكر حادثة من الماضي فأنت تعيد بناءها وسيكون هناك الكثير من الأخطاء. من الممكن ان تكون ذكرياتك دقيقة بعض الشيء اذا كنت واثقا من صحتها، لكن الثقة لا تعد مؤشر جيد للذاكرة الدقيقة لأن الذكريات الخاطئة يعبرعنها بالكثير من الثقة والكثير من التفاصيل وايضا من الممكن ان يعبر عنها بالكثير من المشاعر، كما أنها تملك مواصفات مطابقة للذكريات الصحيحة، والاعتماد على هذه الصفات وحدها سيقود للإعتقاد بصدق ذكرى غير موجودة.

هل من الممكن غرس ذكرى غير صحيحة تجعل صاحبها يؤمن بأنها قد حدثت بالفعل في حين أنه لا وجود لها؟

بالطبع، لقد غيرنا ذكريات العديد حول تفاصيل احداث قد حدثت معهم، لقد جعلناهم يؤمنون ان السيارة قد تجاوزت اشارة التوقف او أن الشخص الهارب كان يملك شعر مجعد بدلا من الناعم، انه امر سهل القيام ويمكننا ايضا غرس ذكرى مزيفة لا أساس لحدوثها.

هل لأبحاثك أثر على الساحة القضائية؟

نعم، معظم الوقت الأخطاء الصغيرة في ذاكرتنا ليس له ذات الأهمية، لكن عندما يتعلق الأمر بالقضاء فالمعلومات الدقيقة لها كل الأهمية والدلائل المبنية على الذاكرة مهمة وتحتاج للحفظ والحماية لكن وللأسف في معظم الأوقات تتداخل الظروف والأشخاص وتلوث بقايا هذه الذكريات وقد تؤدي لنتائج قضائية مغلوطة.

هلا اخبرتينا عن حالات مشهورة تتعلق بالذكريات الخاطئة؟

واحدة من أشهر الحالات، حديث هيلاري كلينتون عن رحلتها الى البوسنة، حيث تحدثت عن هبوط طائرتها تحت نيران القناصة ، لكن الصور الفوتوغرافية أوضحت أن الهبوط كان مسالما للغاية، وكان هناك العديد من الأطفال حتى أن ابنة هيلاري قد تواجدت هناك. ما الذي حدث ؟ هي امتلكت ذاكرة مشوشة خاطئة، وهذه الحالة توضح أن الذكاء والتعليم ودرجة الحقوق من جامعة يال لا تحمي من الوقوع في فخ الذكريات الخاطئة.


هل بإمكاننا كتم ذكرياتنا؟ اذا حدث ما يزعجنا في طفولتنا ونرغب بنسيانه هل يمكننا كتمه ونسيانه؟

في بعض الاوقات نحن لا نفكر بأشياء لفترة طويلة ونستطيع بعد هذه الفترة تذكرها، هذا هو النسيان والتذكر الطبيعين، مفهوم الكتم انك تأخذ سنوات من الوحشية وتخفيها في اللاواعي وتفصلها بجدار عن باقي ذكرياتك، وبعد ذلك تعالجها جميعها، لا يوجد دعم علمي لهذا النوع من الإدعاءات، وحتى الان العديد يلاحقون قضائيا بسبب ادعائهم القدرة على كتم الذكريات.

هل من الممكن التمييز بين الذكريات الصحيحة والخاطئة؟

لم يحالفنا كثيرا من الحظ في الوصول لذلك، لقد تناولنا التقييم العاطفي، واظهر العديد مشاعرا كبيرة حول ذكرياتهم الحقيقية، لكن هذا لم يكن ذا فارق عندما قارننا الأمر مع الذكريات المزيفة، ربما تلاحظ صور دماغ مختلفة بين الذكريات الحقيقية والمزيفة لكن هذه الاختلافات غير واضحة، ربما تكون الذكريات الحقيقية تستمر لفترة أطول لكن لا دليل على ذلك للآن.

أخصائية علم النفس الإدراكي والخبيرة في مجال ذاكرة الإنسان الدكتورة اليزابيث لوفتس Elizabeth Loftus
أجرت أبحاث متعددة حول مطواعية الذاكرة البشرية وعُرفت بعملها حول تأثير المعلومات الخاطئة وذاكرة شهود العيان، تكوين وطبيعة الذكريات الزائفة، كما طبقت أبحاثها في ساحات القضاء. صنفت عام ٢٠٠٢ بالمرتبة ٥٨ في Review of General Psychology بين أكثر ١٠٠ باحث مؤثر في علم النفس، وحظيت بالتقييم الأعلى بين النساء.

مصدر:

منصة edx التعليمية

Exit mobile version